فرائد الأصول - ج ٤

الشيخ مرتضى الأنصاري

فرائد الأصول - ج ٤

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: خاتم الأنبياء
الطبعة: ٩
ISBN: 964-5662-05-2
الصفحات: ٣٥٢

بعد الاحتمال الموجود في ذيها بالنسبة إلى الاحتمال الموجود في الآخر ، كالأعدليّة والأوثقيّة (١). والمرجّح الخارجيّ من هذا القبيل ، غاية الأمر عدم العلم تفصيلا بالاحتمال القريب في أحدهما البعيد في الآخر ، بل ذو المزيّة داخل في الأوثق المنصوص عليه في الأخبار.

ومن هنا ، يمكن أن يستدلّ على المطلب : بالإجماع المدّعى في كلام جماعة (٢) على وجوب العمل بأقوى الدليلين ، بناء على عدم شموله للمقام ؛ من حيث إنّ الظاهر من الأقوى أقواهما في نفسه ومن حيث هو ، لا مجرّد كون مضمونه أقرب إلى الواقع لموافقة أمارة خارجيّة. فيقال في تقريب الاستدلال : إنّ الأمارة موجبة لظنّ خلل في المرجوح مفقود في الراجح ، فيكون الراجح أقوى احتمالا (٣) من حيث نفسه.

فإن قلت : إنّ المتيقّن من النصّ ومعاقد الإجماع اعتبار المزيّة الداخليّة القائمة بنفس الدليل ، وأمّا الحاصلة من الأمارة الخارجيّة التي دلّ الدليل على عدم العبرة بها من حيث دخولها في ما لا يعلم ، فلا اعتبار بكشفها عن الخلل في المرجوح ، ولا فرق بينها وبين القياس في عدم العبرة بها في مقام الترجيح كمقام الحجّية. هذا ، مع أنّه لا معنى لكشف الأمارة عن خلل في المرجوح ؛ لأنّ الخلل في الدليل من حيث

__________________

(١) في (ظ) بدل «الأوثقيّة» : «الأفقهيّة».

(٢) انظر نهاية الوصول (مخطوط) : ٤٥١ ، ومبادئ الوصول : ٢٣٢ ، وغاية البادئ (مخطوط) : ٢٧٦ ، وغاية المأمول (مخطوط) : الورقة ٢١٨ ، ومفاتيح الاصول : ٦٨٦.

(٣) في (ر) بدل «احتمالا» : «إجمالا».

١٤١

إنّه دليل قصور في طريقيّته ، والمفروض تساويهما في جميع ما له دخل (١) في الطريقيّة ، ومجرّد الظنّ بمخالفة خبر للواقع لا يوجب خللا (٢) في ذلك ؛ لأنّ الطريقيّة ليست منوطة بمطابقة الواقع.

قلت : أمّا النصّ ، فلا ريب في عموم التعليل في قوله عليه‌السلام : «لأنّ المجمع عليه لا ريب فيه» (٣) ، وقوله عليه‌السلام : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (٤) لما نحن فيه ، بل قوله عليه‌السلام : «فإنّ الرشد فيما خالفهم» (٥) ، وكذا التعليل في رواية الأرجائيّ (٦) : «لم امرتم بالأخذ بخلاف ما عليه العامّة» وارد في المرجّح الخارجيّ ؛ لأنّ مخالفة العامّة نظير موافقة المشهور.

وأمّا معقد الإجماعات ، فالظاهر أنّ المراد (٧) منه : الأقرب إلى الواقع (٨) والأرجح مدلولا ، ولو بقرينة ما يظهر من العلماء ـ قديما وحديثا (٩) ـ من إناطة الترجيح بمجرّد الأقربيّة إلى الواقع ، كاستدلالهم

__________________

(١) في غير (ظ) بدل «دخل» : «مدخل».

(٢) في (ظ) زيادة : «في الواقع».

(٣) الوارد في مقبولة ابن حنظلة المتقدّمة في الصفحة ٥٧.

(٤) الوسائل ١٨ : ١٢٢ و ١٢٧ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٨ و ٥٦.

(٥) الوسائل ١٨ : ٨٠ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ضمن الحديث ١٩.

(٦) المتقدّمة في الصفحة ١٢١.

(٧) لم ترد «أنّ المراد» في (ظ).

(٨) كتب في (ص) على «إلى الواقع» : «نسخة».

(٩) لم ترد «من العلماء قديما وحديثا» في (ظ).

١٤٢

على الترجيحات بمجرّد الأقربيّة إلى الواقع (١) ، مثل ما سيجيء (٢) من كلماتهم في الترجيح بالقياس ، ومثل الاستدلال على الترجيح بموافقة الأصل بأنّ الظنّ في الخبر الموافق له أقوى ، وعلى الترجيح بمخالفة الأصل بأنّ الغالب تعرّض الشارع لبيان ما يحتاج إلى البيان ، واستدلال المحقّق على ترجيح أحد المتعارضين بعمل أكثر الطائفة : «بأنّ الكثرة أمارة الرجحان والعمل بالراجح واجب» (٣) ، وغير ذلك ممّا يجده المتتبّع في كلماتهم.

مع أنّه يمكن دعوى حكم العقل بوجوب العمل بالأقرب إلى الواقع في ما كان حجّيّتهما من حيث الطريقيّة ، فتأمّل.

بقي في المقام أمران :

الترجيح بما ورد المنع عن العمل به كالقياس

أحدهما : أنّ الأمارة التي قام الدليل على المنع عنها بالخصوص ـ كالقياس ـ هل هي من المرجّحات أم لا؟ ظاهر المعظم العدم ، كما يظهر من طريقتهم في كتبهم الاستدلاليّة في الفقه.

وحكى المحقّق في المعارج عن بعض القول بكون القياس مرجّحا ، حيث (٤) قال :

ذهب ذاهب (٥) إلى أنّ الخبرين إذا تعارضا وكان القياس موافقا

__________________

(١) لم ترد «إلى الواقع» في (ظ) ، وشطب عليها في (ه) و (ت).

(٢) سيجيء بعد سطور.

(٣) المعارج : ١٥٥.

(٤) «حيث» من (ت) و (ه).

(٥) يمكن أن يريد به ابن الجنيد قدس‌سره ، فإنّ العمل بالقياس منسوب إليه.

١٤٣

لما تضمّنه أحدهما ، كان ذلك وجها يقتضي ترجيح ذلك الخبر. ويمكن أن يحتجّ لذلك : بأنّ الحقّ في أحد الخبرين ، فلا يمكن العمل بهما ولا طرحهما ، فتعيّن العمل بأحدهما ، وإذا كان التقدير تقدير التعارض ، فلا بدّ في العمل بأحدهما من مرجّح ، والقياس يصلح أن يكون مرجّحا ؛ لحصول الظنّ به ، فتعيّن العمل بما طابقه.

لا يقال : أجمعنا على أنّ القياس مطروح في الشريعة.

لأنّا نقول : بمعنى أنّه ليس بدليل ، لا بمعنى أنّه لا يكون مرجّحا لأحد الخبرين ؛ وهذا لأنّ فائدة كونه مرجّحا كونه رافعا للعمل بالخبر المرجوح ، فيعود الراجح كالخبر السليم عن المعارض ، فيكون العمل به ، لا بذلك القياس. وفيه نظر (١) ، انتهى.

ومال إلى ذلك بعض سادة مشايخنا المعاصرين (٢).

والحقّ خلافه ؛ لأنّ رفع الخبر المرجوح بالقياس عمل به حقيقة ، كرفع العمل بالخبر السليم عن المعارض به (٣) ، والرجوع معه إلى الاصول. وأيّ فرق بين رفع القياس لوجوب العمل بالخبر السليم عن المعارض وجعله كالمعدوم حتّى يرجع إلى الأصل ، وبين رفعه لجواز العمل بالخبر المكافئ (٤) لخبر آخر وجعله كالمعدوم حتّى يتعيّن العمل بالخبر الآخر؟!

__________________

(١) المعارج : ١٨٦ ـ ١٨٧.

(٢) هو السيّد المجاهد في مفاتيح الاصول : ٧١٦.

(٣) «به» من (ص).

(٤) في غير (ص) : «للتكافؤ».

١٤٤

ثمّ إنّ الممنوع هو الاعتناء بالقياس مطلقا ؛ ولذا استقرّت طريقة أصحابنا على هجره في باب الترجيح ، ولم نجد منهم موضعا يرجّحونه به ، ولو لا ذلك لوجب تدوين شروط القياس في الاصول ليرجّح به في الفروع.

مرتبة هذا المرجّح

الثاني : في مرتبة هذا المرجّح بالنسبة إلى المرجّحات السابقة.

فنقول : أمّا الرجحان من حيث الدلالة ، فقد عرفت غير مرّة تقدّمه على جميع المرجّحات. نعم ، لو بلغ المرجّح الخارجيّ إلى حيث يوهن الأرجح دلالة ، فهو يسقطه عن الحجّيّة ويخرج الفرض عن تعارض الدليلين ؛ ومن هنا قد (١) يقدّم العامّ المشهور أو (٢) المعتضد بالامور الخارجيّة الأخر على الخاصّ.

وأمّا الترجيح من حيث السند ، فظاهر مقبولة ابن حنظلة (٣) تقديمه على المرجّح الخارجيّ. لكنّ الظاهر أنّ الأمر بالعكس ؛ لأنّ رجحان السند إنّما اعتبر لتحصيل الأقرب إلى الواقع ، فإنّ الأعدل أقرب إلى الصدق من غيره ، بمعنى أنّه لو فرض العلم بكذب أحد الخبرين كان المظنون صدق الأعدل وكذب العادل ، فإذا فرض كون خبر العادل مظنون المطابقة للواقع وخبر الأعدل مظنون المخالفة ، فلا وجه لترجيحه بالأعدليّة. وكذا الكلام في الترجيح بمخالفة العامّة ، بناء على أنّ الوجه فيه هو نفي احتمال التقيّة.

__________________

(١) لم ترد «قد» في (ت).

(٢) في غير (ظ) بدل «أو» : «و».

(٣) المتقدّمة في الصفحة ٥٧.

١٤٥

[القسم الثاني](١)

ما يكون معتبرا في نفسه :

وأمّا القسم الثاني ، وهو ما كان مستقلا بالاعتبار ولو خلا المورد عن الخبرين (٢) ، فقد أشرنا إلى أنّه على قسمين :

الأوّل : ما يكون معاضدا لمضمون أحد الخبرين.

والثاني : ما لا يكون كذلك.

١ ـ الترجيح بموافقة الكتاب والسنّة والدليل عليه

فمن القسم الأوّل : الكتاب والسنّة ، والترجيح بموافقتهما ممّا تواتر به الأخبار.

واستدلّ في المعارج على ذلك بوجهين :

أحدهما : أنّ الكتاب دليل مستقلّ ، فيكون دليلا على صدق مضمون الخبر.

ثانيهما : أنّ الخبر المنافي لا يعمل به لو انفرد عن المعارض ، فما ظنّك به معه؟! (٣) انتهى.

وغرضه الاستدلال على طرح الخبر المنافي ، سواء قلنا بحجّيّته مع معارضته لظاهر الكتاب أم قلنا بعدم حجّيّته ، فلا يتوهّم التنافي بين دليليه.

__________________

(١) العنوان منّا.

(٢) في (ت) : «الخبر».

(٣) المعارج : ١٥٤.

١٤٦

ثمّ إنّ توضيح الأمر في هذا المقام يحتاج إلى تفصيل أقسام ظاهر الكتاب و (١) السنّة المطابق لأحد المتعارضين. فنقول :

صور مخالفة ظاهر الكتاب

إنّ ظاهر الكتاب إذا لوحظ مع الخبر المخالف فلا يخلو عن صور ثلاث :

الصورة الأولى

الاولى : أن يكون على وجه لو خلا الخبر المخالف له عن معارضة المطابق له كان مقدّما عليه ؛ لكونه نصّا بالنسبة إليه ؛ لكونه اخصّ منه أو غير ذلك ـ بناء على تخصيص الكتاب بخبر الواحد ـ فالمانع عن التخصيص حينئذ ابتلاؤه (٢) بمعارضة مثله ، كما إذا تعارض «أكرم زيدا العالم» و «لا تكرم زيدا العالم» ، وكان في الكتاب عموم يدلّ على وجوب إكرام العلماء.

ومقتضى القاعدة في هذا المقام :

أن يلاحظ أوّلا جميع ما يمكن أن يرجّح به الخبر المخالف للكتاب على المطابق له ، فإن وجد شيء منها رجّح المخالف به وخصّص به الكتاب ؛ لأنّ المفروض انحصار المانع عن تخصيصه به في ابتلائه بمزاحمة الخبر المطابق للكتاب ؛ لأنّه مع الكتاب من قبيل النصّ والظاهر ، وقد عرفت أنّ العمل بالنصّ ليس من باب الترجيح ، بل من باب العمل بالدليل والقرينة في مقابلة أصالة الحقيقة ، حتّى لو قلنا بكونها من باب الظهور النوعيّ. فإذا عولجت المزاحمة بالترجيح صار المخالف كالسليم عن المعارض ، فيصرف ظاهر الكتاب بقرينة الخبر السليم.

__________________

(١) في غير (ظ) : «أو».

(٢) في غير (ظ) بدل «ابتلاؤه» : «ابتلاء الخاصّ».

١٤٧

ولو لم يكن هناك مرجّح :

فإن حكمنا في الخبرين المتكافئين بالتخيير ـ إمّا لأنّه الأصل في المتعارضين ، وإمّا لورود الأخبار بالتخيير ـ كان اللازم التخيير ، وأنّ له أن يأخذ بالمطابق وأن يأخذ بالمخالف ، فيخصّص به عموم الكتاب ؛ لما سيجيء : من أنّ موافقة أحد الخبرين للأصل لا يوجب رفع التخيير.

وإن قلنا بالتساقط أو التوقّف ، كان المرجع هو ظاهر الكتاب.

فتلخّص : أنّ الترجيح بظاهر الكتاب لا يتحقّق بمقتضى القاعدة (١) في شيء من فروض هذه الصورة.

الثانية : أن يكون على وجه لو خلا الخبر المخالف له عن معارضه لكان مطروحا ؛ لمخالفته الكتاب (٢) ، كما إذا تباين مضمونهما كلّيّة. كما لو كان ظاهر الكتاب في المثال المتقدّم وجوب إكرام زيد العالم.

واللازم في هذه الصورة خروج الخبر المخالف عن الحجّيّة رأسا ؛ لتواتر الأخبار ببطلان الخبر المخالف للكتاب والسنّة (٣) ، والمتيقّن من المخالفة هذا الفرد ، فيخرج الفرض عن تعارض الخبرين ، فلا مورد للترجيح في هذه الصورة أيضا ؛ لأنّ المراد به تقديم أحد الخبرين لمزيّة فيه ، لا لما يسقط الآخر عن الحجّيّة. وهذه الصورة عديمة المورد فيما بأيدينا من الأخبار المتعارضة.

الثالثة : أن يكون على وجه لو خلا المخالف له عن المعارض

__________________

(١) لم ترد «بمقتضى القاعدة» في (ظ).

(٢) لم ترد «لمخالفته الكتاب» في (ر).

(٣) لم ترد «والسنّة» في (ر) و (ص).

١٤٨

لخالف الكتاب ، لكن لا على وجه التباين الكلّيّ ، بل يمكن الجمع بينهما بصرف أحدهما عن ظاهره.

وحينئذ ، فإن قلنا بسقوط الخبر المخالف بهذه المخالفة عن الحجّيّة كان حكمها حكم الصورة الثانية ، وإلاّ كان الكتاب مع الخبر المطابق بمنزلة دليل واحد عارض الخبر المخالف ، والترجيح حينئذ بالتعاضد وقطعيّة سند الكتاب.

فالترجيح بموافقة الكتاب منحصر في هذه الصورة الأخيرة.

مرتبة هذا المرجّح

لكن هذا الترجيح مقدّم :

على الترجيح بالسند ؛ لأنّ أعدليّة الراوي في الخبر المخالف لا تقاوم قطعيّة سند الكتاب الموافق للخبر الآخر.

وعلى الترجيح بمخالفة العامّة ؛ لأنّ التقيّة غير متصوّرة في الكتاب الموافق للخبر الموافق للعامّة.

وعلى المرجّحات الخارجيّة ؛ لأنّ الأمارة المستقلّة المطابقة للخبر الغير المعتبرة لا تقاوم الكتاب المقطوع الاعتبار ، ولو فرضنا الأمارة المذكورة مسقطة لدلالة الخبر والكتاب المخالفين لها عن الحجّيّة ـ لأجل القول بتقييد اعتبار الظواهر بصورة عدم قيام الظنّ الشخصيّ على خلافها ـ خرج المورد عن فرض التعارض.

ولعلّ ما ذكرناه هو الداعي للشيخ قدس‌سره في تقديم الترجيح بهذا المرجّح على جميع ما سواه من المرجّحات ، وذكر الترجيح بها بعد فقد هذا المرجّح (١).

__________________

(١) راجع العدّة ١ : ١٤٤ ـ ١٤٦.

١٤٩

الإشكال في مقبولة ابن حنظلة

إذا عرفت ما ذكرنا ، علمت توجّه (١) الإشكال فيما دلّ من الأخبار العلاجيّة على تقديم بعض المرجّحات على موافقة الكتاب كمقبولة ابن حنظلة (٢) ، بل وفي غيرها ممّا اطلق فيها الترجيح بموافقة الكتاب والسنّة ؛ من حيث إنّ الصورة الثالثة قليلة الوجود في الأخبار المتعارضة ، والصورة الثانية أقلّ وجودا بل معدومة ، فلا يتوهّم حمل تلك الأخبار عليها وإن لم تكن من باب ترجيح أحد المتعارضين ؛ لسقوط المخالف عن الحجّيّة مع قطع النظر عن التعارض.

ويمكن التزام دخول الصورة الاولى في الأخبار التي اطلق فيها الترجيح بموافقة الكتاب ، فلا يقلّ موردها ، وما ذكر ـ من ملاحظة الترجيح بين الخبرين المخصّص أحدهما لظاهر الكتاب ـ ممنوع. بل نقول : إنّ ظاهر تلك الأخبار ـ ولو بقرينة لزوم قلّة المورد بل عدمه ، وبقرينة بعض الروايات الدالّة على ردّ بعض ما ورد في الجبر والتفويض بمخالفة الكتاب (٣) مع كونه ظاهرا في نفيهما ـ : أنّ الخبر المعتضد بظاهر الكتاب لا يعارضه الخبر الآخر وإن كان لو انفرد رفع اليد به عن ظاهر الكتاب.

الجواب عن الإشكال

وأمّا الإشكال المختصّ بالمقبولة من حيث تقديم بعض المرجّحات على موافقة الكتاب ، فيندفع بما أشرنا إليه سابقا : من أنّ الترجيح بصفات الراوي فيها من حيث كونه حاكما ، وأوّل المرجّحات الخبريّة فيها هي شهرة إحدى الروايتين وشذوذ الاخرى ، ولا بعد في تقديمها على موافقة الكتاب.

__________________

(١) في (ص) : «توجيه».

(٢) المتقدّمة في الصفحة ٥٧.

(٣) البحار ٥ : ٢٠ و ٦٨ ، الحديث ٣ و ١.

١٥٠

ثمّ إنّ الدليل المستقلّ المعاضد لأحد الخبرين حكمه حكم الكتاب والسنّة في الصورة الاولى. وأمّا في الصورتين الأخيرتين ، فالخبر المخالف له يعارض مجموع الخبر الآخر والدليل المطابق له ، والترجيح هنا بالتعاضد لا غير.

٢ ـ بما لا يكون معاضدا لأحد الخبرين

وأمّا القسم الثاني ـ وهو ما لا يكون معاضدا لأحد الخبرين ـ فهي عدّة امور :

الترجيح بموافقة الأصل

منها : الأصل ، بناء على كون مضمونه حكم الله الظاهريّ ؛ إذ لو بني على إفادته الظنّ بحكم الله الواقعيّ كان من القسم الأوّل. ولا فرق في ذلك بين الاصول الثلاثة ، أعني : أصالة البراءة ، والاحتياط ، والاستصحاب.

الإشكال في الترجيح بالاصول

لكن يشكل الترجيح بها ؛ من حيث إنّ مورد الاصول ما إذا فقد الدليل الاجتهاديّ المطابق أو المخالف ، فلا مورد لها إلاّ بعد فرض تساقط المتعارضين لأجل التكافؤ ، والمفروض أنّ الأخبار المستفيضة دلّت على التخيير مع فقد المرجّح ، فلا مورد للأصل في تعارض الخبرين رأسا.

فلا بدّ من التزام عدم الترجيح بها ، وأنّ الفقهاء إنّما رجّحوا بأصالة البراءة والاستصحاب في الكتب الاستدلاليّة ؛ من حيث بنائهم على حصول الظنّ النوعيّ بمطابقة الأصل. وأمّا الاحتياط ، فلم يعلم منهم الاعتماد عليه ، لا في مقام الاستناد (١) ، ولا في مقام الترجيح (٢).

__________________

(١) في (ه) : «الإسناد».

(٢) في (ر) : «إلاّ في مقام الاستناد ، لا في مقام الترجيح».

١٥١

وقد يتوهّم (١) : أنّ ما دلّ على التخيير مع تكافؤ الخبرين معارض بما دلّ على الاصول الثلاثة ، فإنّ مورد الاستصحاب عدم اليقين بخلاف الحالة السابقة ، وهو حاصل مع تكافؤ الخبرين.

ويندفع : بأنّ ما دلّ على التخيير حاكم على الأصل ؛ فإنّ مؤدّاه جواز العمل بالخبر المخالف للحالة السابقة والالتزام بارتفاعها ، فكما أنّ ما دلّ على تعيين (٢) العمل بالخبر المخالف للحالة السابقة مع سلامته عن المعارض حاكم على دليل الاستصحاب ، كذلك يكون الدليل الدالّ على جواز العمل بالخبر المخالف للحالة السابقة المكافئ لمعارضه حاكما عليه من غير فرق أصلا.

مع أنّه لو فرض التعارض المتوهّم كان أخبار التخيير أولى بالترجيح وإن كانت النسبة عموما من وجه ؛ لأنّها أقلّ موردا ، فتعيّن تخصيص أدلّة الاصول.

مع أنّ التخصيص في أخبار التخيير يوجب إخراج كثير من مواردها بل أكثرها ، بخلاف تخصيص أدلّة الاصول.

مع أنّ بعض أخبار التخيير ورد في مورد جريان الاصول ، مثل : مكاتبة عبد الله بن محمّد الواردة في فعل ركعتي الفجر في المحمل (٣) ، ومكاتبة الحميريّ ـ المرويّة في الاحتجاج ـ الواردة في التكبير في كلّ انتقال (٤)

__________________

(١) قاله السيّد المجاهد في مفاتيح الاصول : ٧٠٨.

(٢) في (ر) : «تعيّن».

(٣) الوسائل ١٨ : ٨٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٤.

(٤) في (ت) بدل «كلّ انتقال» : «الانتقال».

١٥٢

من حال إلى حال من أحوال الصلاة (١).

ما استدلّ به على تقديم الموافق للأصل ومناقشته

وممّا ذكرنا ظهر فساد ما ذكره بعض من عاصرناه (٢) في تقديم الموافق للأصل على المخالف ، من :

أنّ العمل بالموافق موجب للتخصيص فيما دلّ على حجّية المخالف ، والعمل بالمخالف مستلزم للتخصيص فيما دلّ على حجّية الموافق وتخصيص آخر فيما دلّ على حجّية الاصول.

وأنّ الخبر الموافق يفيد ظنّا بالحكم الواقعيّ ، والعمل بالأصل يفيد الظنّ بالحكم الظاهريّ ، فيتقوّى به الخبر الموافق.

وأنّ الخبرين يتعارضان ويتساقطان ، فيبقى الأصل سليما عن المعارض (٣).

تعارض المقرّر والناقل

بقي هنا شيء :

وهو أنّهم اختلفوا في تقديم المقرّر ـ وهو الموافق للأصل ـ على الناقل ، وهو الخبر المخالف له.

والأكثر من الاصوليّين ـ منهم العلاّمة (٤) قدس‌سره وغيره (٥) ـ على تقديم

__________________

(١) الوسائل ١٨ : ٨٧ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٩ ، والاحتجاج ٢ : ٣٠٤.

(٢) هو السيّد المجاهد قدس‌سره.

(٣) مفاتيح الاصول : ٧٠٧.

(٤) انظر مبادئ الوصول : ٢٣٧ ، وتهذيب الوصول : ٩٩.

(٥) مثل الشيخ الجرجاني في غاية البادئ (مخطوط) : ٢٨٩ ، والسيّد العميدي في منية اللبيب (مخطوط) : الورقة ١٧٣.

١٥٣

الناقل ، بل حكي هذا القول عن جمهور الاصوليّين (١) ، معلّلين ذلك : بأنّ الغالب فيما يصدر من الشارع الحكم بما يحتاج إلى البيان ولا يستغنى عنه بحكم العقل ، مع أنّ الذي عثرنا عليه في الكتب الاستدلاليّة الفرعيّة الترجيح بالاعتضاد بالأصل ، لكن لا يحضرني الآن مورد لما نحن فيه ـ أعني المتعارضين الموافق أحدهما للأصل ـ فلا بدّ من التتبّع.

تعارض المبيح والحاظر

ومن ذلك : كون أحد الخبرين متضمّنا للإباحة والآخر مفيدا للحظر ، فإنّ المشهور تقديم الحاظر على المبيح (٢) ، بل يظهر من المحكيّ عن بعضهم عدم الخلاف فيه (٣).

وذكروا في وجهه ما لا يبلغ حدّ الوجوب ، ككونه متيقّنا في العمل ؛ استنادا إلى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (٤) ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما اجتمع الحلال والحرام إلاّ غلب الحرام الحلال» (٥).

وفيه : أنّه لو تمّ هذا الترجيح لزم الحكم بأصالة الحرمة عند دوران الأمر بينها وبين الإباحة ؛ لأنّ وجود الخبرين لا مدخل له في هذا الترجيح ؛ فإنّه من مرجّحات أحد الاحتمالين ، مع أنّ المشهور تقديم

__________________

(١) حكاه في غاية البادئ (مخطوط) : ٢٨٩ ، وانظر مفاتيح الاصول : ٧٠٥.

(٢) انظر مفاتيح الاصول : ٧٠٨.

(٣) حكاه في مفاتيح الاصول عن الفاضل الجواد ، راجع المفاتيح : ٧٠٨ ، وغاية المأمول (مخطوط) : الورقة ٢٢٠.

(٤) الوسائل ١٨ : ١٢٢ و ١٢٧ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٨ و ٥٦.

(٥) مستدرك الوسائل ١٣ : ٦٨ ، الحديث ٥.

١٥٤

الإباحة على الحظرئ

ابتناء المسألة على أصالة الحظر أو الإباحة؟

فالمتّجه ما ذكره الشيخ قدس‌سره ـ في العدّة ـ : من ابتناء المسألة على أنّ الأصل في الأشياء الإباحة أو الحظر أو التوقّف ، حيث قال :

كلام الشيخ الطوسي في ذلك

وأمّا ترجيح أحد الخبرين على الآخر من حيث إنّ أحدهما يتضمّن الحظر والآخر الإباحة ، والأخذ بما يقتضي الحظر (١) أو الإباحة ، فلا يمكن الاعتماد عليه على ما نذهب إليه من الوقف ؛ لأنّ الحظر والإباحة جميعا عندنا مستفادان من الشرع ، ولا ترجيح بذلك ، وينبغي لنا التوقّف فيهما جميعا ، أو يكون الإنسان مخيّرا في العمل بأيّهما شاء (٢) ، انتهى.

الاستدلال لترجيح الحظر

ويمكن الاستدلال لترجيح الحظر بما دلّ (٣) على وجوب الأخذ بما فيه (٤) الاحتياط من الخبرين ، وإرجاع ما ذكروه من الدليل إلى ذلك ، فالاحتياط وإن لم يجب الأخذ به في الاحتمالين المجرّدين عن الخبر ، إلاّ أنّه يجب الترجيح به عند تعارض الخبرين (٥).

رجوعُ الى كلام الشيخ الطوسي

وما ذكره الشيخ قدس‌سره إنّما يتمّ لو أراد الترجيح بما يقتضيه الأصل ، لا بما ورد التعبّد به من الأخذ بالأحوط من (٦) الخبرين ، مع أنّ ما

__________________

(١) في المصدر زيادة : «أولى».

(٢) العدّة ١ : ١٥٢.

(٣) هي مرفوعة زرارة المتقدّمة في الصفحة ٦٢.

(٤) في (ص) بدل «بما فيه الاحتياط» : «بما وافق الاحتياط».

(٥) في (ظ) بدل «تعارض الخبرين» : «التعارض».

(٦) في غير (ظ) بدل «بالأحوط من» : «بأحوط».

١٥٥

ذكره من استفادة الحظر أو الإباحة من الشرع لا ينافي ترجيح أحد الخبرين بما دلّ من الشرع على أصالة الإباحة ، مثل قوله عليه‌السلام : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» (١) ، أو على أصالة الحظر ، مثل قوله : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (٢) ، مع أنّ مقتضى التوقّف على ما اختاره لمّا كان وجوب الكفّ عن الفعل ـ على ما صرّح به هو وغيره ـ كان اللازم بناء على التوقّف العمل بما يقتضيه الحظر. ولو ادّعي ورود أخبار التخيير على ما يقتضيه التوقّف من الحظر (٣) جرى مثله على القول بأصالة الحظر.

الإشكال في الفرق بين مسألتي الناقل والمقرّر ، والحاظر والمبيح

ثم إنّه يشكل الفرق بين ما ذكروه : من الخلاف في تقديم (٤) المقرّر على الناقل ـ وإن حكي عن الأكثر تقديم (٥) الناقل (٦) ـ وبين (٧) عدم ظهور الخلاف في تقديم (٨) الحاظر على المبيح.

ويمكن الفرق بتخصيص المسألة الاولى بدوران الأمر بين الوجوب

__________________

(١) الوسائل ١٨ : ١٢٧ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦٠.

(٢) الوسائل ١٨ : ١٢٢ و ١٢٧ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٨ و ٥٦.

(٣) لم ترد «من الحظر» في (ر) و (ص).

(٤) في غير (ظ) : «تقدّم».

(٥) في غير (ظ) : «تقدّم».

(٦) حكاه العلاّمة في النهاية (مخطوط) : ٤٥٨ ، والسيّد العميدي في منية اللبيب (مخطوط) : الورقة ١٧٣.

(٧) «بين» من (ظ).

(٨) فى غير (ظ) : «تقدّم».

١٥٦

وعدمه ؛ ولذا رجّح بعضهم (١) الوجوب على الإباحة والندب لأجل الاحتياط.

لكن فيه ـ مع جريان بعض أدلّة تقديم الحظر فيها ـ : إطلاق كلامهم فيها ، وعدم ظهور التخصيص في كلماتهم ؛ ولذا اختار بعض سادة مشايخنا المعاصرين (٢) تقديم الإباحة على الحظر ؛ لرجوعه إلى تقديم المقرّر على الناقل الذي اختاره في تلك المسألة (٣).

هذا ، مع أنّ الاتفاق على تقديم الحظر غير ثابت وإن ادّعاه بعضهم (٤).

والتحقيق : هو ذهاب الأكثر ، وقد ذهبوا إلى تقديم الناقل أيضا في المسألة الاولى ، بل حكي عن بعضهم (٥) تفريع تقديم الحاظر على تقديم الناقل.

لو تعارض دليل الحرمة ودليل الوجوب

ومن جملة هذه المرجّحات : تقديم دليل الحرمة على دليل الوجوب عند تعارضهما. واستدلّوا عليه بما ذكرناه مفصّلا في مسائل أصالة البراءة عند تعارض احتمالي الوجوب والتحريم (٦).

__________________

(١) مثل شارح المختصر كما في المفاتيح : ٧١٠ ، وراجع شرح مختصر الاصول ٢ : ٤٨٩.

(٢) هو السيّد المجاهد في مفاتيح الاصول : ٧٠٩.

(٣) نفس المصدر : ٧٠٨.

(٤) هو الفاضل الجواد قدس‌سره ، كما تقدّم في الصفحة ١٥٤.

(٥) حكاه السيد المجاهد في مفاتيح الاصول : ٧٠٩.

(٦) راجع مبحث البراءة ٢ : ١٨٥ ـ ١٨٦.

١٥٧

الحقّ هو التخيير في هذا المورد

والحقّ هنا : التخيير ، وإن لم نقل به في الاحتمالين ؛ لأنّ المستفاد من الروايات الواردة في تعارض الأخبار على وجه لا يرتاب فيه هو لزوم التخيير مع تكافؤ الخبرين وتساويهما من جميع الوجوه التي لها مدخل في رجحان أحد الخبرين ، خصوصا مع عدم التمكّن من الرجوع إلى الإمام عليه‌السلام الذي يحمل عليه أخبار التوقّف والإرجاء ، بل لو بنينا على طرح أخبار التخيير في هذا المقام أيضا بعد الترجيح بموافقة الأصل لم يبق لها مورد يصلح لحمل الأخبار الكثيرة الدالّة على التخيير عليه ، كما لا يخفى على المتأمّل الدقيق.

فالمعتمد : وجوب الحكم بالتخيير إذا تساوى الخبران من حيث القوّة ولم يرجح أحدهما بما يوجب أقربيّته إلى الواقع ، ولا يلتفت إلى المرجّحات (١) الثلاث الأخيرة الراجعة إلى ترجيح مضمون أحد الخبرين مع قطع النظر عن كونه مدلولا له ؛ لحكومة أخبار التخيير على جميعها ، وإن قلنا بها في تكافؤ الاحتمالين.

تعارض غير الخبرين من الأدلّة الظنّية

نعم ، يجب الرجوع إليها في تعارض غير الخبرين (٢) من الأدلّة الظنّيّة إذا قلنا بحجّيّتها من حيث الطريقيّة المستلزمة للتوقّف عند التعارض ، لكن ليس هذا من الترجيح في شيء.

نعم ، لو قيل (٣) بالتخيير في تعارضها من باب تنقيح المناط كان

__________________

(١) في (ه) بدل «ولا يلتفت إلى المرجّحات» : «ولا مصبّ للمرجّحات».

(٢) في (ظ) و (ه) ونسخة بدل (ص) بدل «غير الخبرين» : «غير الحديث» ، وفي نسخة بدل (ه) كما أثبتناه.

(٣) في (ر) ونسخة بدل (ص) : «قلنا».

١٥٨

حكمها (١) حكم الخبرين. لكن فيه تأمّل ، كما في إجراء التراجيح المتقدّمة في تعارض الأخبار ، وإن كان الظاهر من بعضهم (٢) عدم التأمّل في جريان جميع أحكام الخبرين من الترجيح فيها بأقسام المرجّحات مستظهرا عدم الخلاف في ذلك.

فإن ثبت الإجماع على ذلك أو أجرينا ذلك في الإجماع المنقول من حيث إنّه خبر فيشمله حكمه فهو (٣) ، وإلاّ ففيه تأمّل.

لكنّ التكلّم في ذلك قليل الفائدة ؛ لأنّ الطرق الظنّيّة غير الخبر ليس فيها ما يصحّ للفقيه دعوى حجّيّته من حيث إنّه ظنّ مخصوص ، سوى الإجماع المنقول بخبر الواحد ، فإن قيل بحجّيّتها فإنّما هي من باب مطلق الظنّ ، ولا ريب أنّ المرجع (٤) في تعارض الأمارات المعتبرة على هذا الوجه إلى (٥) تساقط المتعارضين إن ارتفع الظنّ من كليهما ، أو سقوط أحدهما عن الحجّيّة وبقاء الآخر بلا معارض إن ارتفع الظنّ عنه.

وأمّا الإجماع المنقول ، فالترجيح بحسب الدلالة من حيث الظهور أو النصوصيّة جار فيه لا محالة ، وأمّا الترجيح من حيث الصدور أو جهة الصدور (٦) ، فالظاهر أنّه كذلك ـ وإن قلنا بخروجه عن الخبر عرفا ،

__________________

(١) في (ه) : «حكمهما».

(٢) هو السيّد المجاهد في مفاتيح الاصول : ٧١٩.

(٣) لم ترد «فهو» في (ظ).

(٤) في (ص) بدل «المرجع» : «الوجه».

(٥) لم ترد «إلى» في (ص) و (ظ).

(٦) لم ترد «أو جهة الصدور» في (ص).

١٥٩

فلا يشمله أخبار علاج تعارض الأخبار وإن شمله لفظ «النبأ» في آية النبأ ـ لعموم التعليل المستفاد من قوله عليه‌السلام : «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» (١) ، وقوله : «لأنّ الرشد في خلافهم» (٢) ؛ فإنّ خصوص المورد لا يخصّصه.

ومن هنا يصحّ إجراء جميع التراجيح المقرّرة في الخبرين في الإجماعين المنقولين ، بل غيرهما من الأمارات التي يفرض حجّيّتها من باب الظنّ الخاصّ.

وممّا ذكرنا يظهر حال الخبر (٣) مع الإجماع المنقول أو غيره من الظنون الخاصّة لو وجد.

والحمد لله على ما تيسّر لنا من تحرير ما استفدناه بالفهم القاصر من الأخبار وكلمات علمائنا الأبرار في باب التراجيح. رجّح الله ما نرجو التوفيق له من الحسنات على ما مضى من السيّئات ، بجاه محمّد وآله سادة السادات ، عليهم أفضل الصلوات وأكمل التحيّات ، وعلى أعدائهم أشدّ اللعنات (٤) وأسوأ العقوبات ، آمين آمين آمين ، يا ربّ العالمين.

__________________

(١) هذه الفقرة وردت ضمن مقبولة ابن حنظلة المتقدّمة في الصفحة ٥٧.

(٢) الوسائل ١٨ : ٨٠ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ضمن الحديث ١٩.

(٣) في غير (ظ) بدل «حال الخبر» : «الحال».

(٤) في غير (ظ) بدل «اللعنات» : «العتاب».

١٦٠