سامرّاء دراسة في النشاة والبنية السكانية

د. صالح أحمد العلي

سامرّاء دراسة في النشاة والبنية السكانية

المؤلف:

د. صالح أحمد العلي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٠٠

لما ولي المتوكل كان إيتاخ على رتبته جعل إليه الجيش والمغاربة والأتراك والموالي والبريد والحجابة ودار الخلافة (١).

وذكر الطبري أيضا ديوان العامة وأنه أسند توقيعه إلى عبد الله بن يحيى (٢) ، ومما يؤيد ذلك قول اليعقوبي الذي ذكرناه أعلاه.

كان في دار العامة بيت المال الذي نقبه اللصوص في سنة ٢٣١ ، وهو «في جوف القصر» وأخذوا اثنين وأربعين ألف درهم وشيئا من الدنانير (٣) ، وهو مبلغ غير كبير قد يدل على أنه لم يكن بيت المال الرئيسي.

وذكر اليعقوبي أن ديوان الخراج الأعظم كان يقع في الشارع الكبير (٤) ، وكذلك خزائن العامة والخاصة (٥).

وذكر اليعقوبي أن دار العامة تقع عندها دار هارون بن المعتصم وهو الواثق ، وهي في الشارع الأعظم الذي فيه القطائع وفيه ديوان الخراج الأعظم (٦).

تردّد في الأخبار ذكر «باب العامة» الذي تدل تسميته على صلته بدار العامة ، ولعل إفراده في الأخبار عن هذه الدار يرجع إلى أنه الباب الوحيد لها ، وأن أهميته هي سبب شهرته ، وأنه سمّي بذلك اختصارا. وعند باب العامة صلب الأفشين «ليراه الناس» (٧) ، وصلب أيضا يحيى بن عمر (٨) ، وصالح بن وصيف (٩) ، وضرب كاتب منكجور (١٠) ، وضربت أعناق أربعة عشر رجلا من

__________________

(١) الطبري ٣ / ١٤٨٢.

(٢) م. ن ٣ / ١٤٤٦.

(٣) م. ن ٣ / ١٣٥٠.

(٤) البلدان ٢٦١.

(٥) م. ن ٢٧٣.

(٦) م. ن ٢٦١.

(٧) الطبري ٣ / ١٣١٨ : تجارب الأمم لمسكويه ٥٢٥ (طبعة نحوية).

(٨) م. ن ٣ / ١٥٣٢.

(٩) م. ن ٣ / ١٨١١.

(١٠) م. ن ٣ / ١٨٧٤.

١٢١

ثوار الزّنج (١) ، وطرح كل من أحمد بن إسرائيل وأبو نوح عيسى بن إبراهيم (٢) ، ونصب رأس المستعين بباب العامة (٣) ، وكل هذا يدل على أنه كانت أمام باب العامة ساحة واسعة.

وردت في المصادر معلومات توضح باب العامة والمعالم العمرانية القريبة منه ، فذكر اليعقوبي أن الشارع الأعظم «وفيه قطائع عامة إلى دار هارون بن المعتصم ، وهو الواثق ، عند دار العامة .. ثم الخزائن ، وخزائن الخاصة والعامة (٤). وذكر الطبري أن واجن الأشروسني وافى «باب العامة من طريق الشارع على بيت المال» (٥). وذكر أيضا أن المهتدي خرج من الدار من باب المصاف ، حتى خرج من الباب المعروف بإيتاخ ، ثم إلى سويقة مسرور ثم درب الواثق حتى خرج إلى باب العامّة ثم صار إلى باب السجن (٦).

ويبدو أن باب العامة كان في الوجهة الجنوبية من القصر ويواجه المطيرة ، فلما جيء بابك إلى سامرّاء اصطف الناس من باب العامة إلى المطيرة (٧).

الهاروني : قصر الواثق

أقام الواثق عند تولّيه الخلافة في أحد قصور المعتصم ثم بنى له على شط دجلة قصرا يقال له الهاروني (٨) ، تسمّى القصر به ، إذ إن اسمه هارون الواثق بالله وهو على دجلة بينه وبين سامرّاء ميل ، وبإزائه بالجانب الغربي المعشوق ، (٩) وفوق هذا القصر كان قصر الجص الذي بناه المعتصم (١٠).

__________________

(١) الطبري ٣ / ١٨٦٠.

(٢) م. ن ٣ / ١٧٢٣.

(٣) م. ن ٣ / ١٥٢٢.

(٤) البلدان ٢٦٢.

(٥) الطبري ٣ / ١٥٠٣.

(٦) م. ن ٣ / ١٨٢١.

(٧) م. ن ٣ / ١٢٣٠.

(٨) مروج الذهب ٤ / ٤٠.

(٩) البلدان ٤ / ٩٤٦.

(١٠) المصدر نفسه ٤ / ١١٦.

١٢٢

أشرف على بناء الهاروني إبراهيم بن رباح (١) الملقب ب (الجوهري) وكان على الضياع (٢) ، ويبدو أنه كان يجني من عمله أرباحا فلما غضب الواثق على كتّابه وصادرهم كان منهم ابراهيم بن رباح ، فأخذ الواثق منه ومن كتابه مائة ألف دينار (٣) ، ولا بدّ أنه القصر الذي ذكر اليعقوبي في كلامه عن شارع السريجة الأعظم أنه يمتد إلى دار هارون بن المعتصم وهو الواثق ، عند دار العامة (٤).

وكان في الهاروني في بنائه الأول رواق أوسط وفي أحد شقّي ذلك الرواق قبة مرتفعة في السماء بيضاء ، وكأنها بيضة إلا قدر ذراع ، فيما ترى العين ، حولها في وسطها ساج منقوش مغشّى باللازورد والذهب ، وكانت تسمّى قبة المنطقة ، وكان ذلك الرواق يسمى رواق قبة المنطقة (٥).

وفي بنائه جعل له دكّتين : دكة غريبة ودكة شرقية ، وهي من أحسن القصور ، وكان على دجلة (٦) ، ويتردد في مصادر ذكر الهاروني دون تحديد بقصره أو الراجح أن أكثرها عن القصر الأول (٧).

ذكر المسعودي أن المتوكل يقال إنه أنفق على الهاروني والجوسق الجعفري أكثر من مائة ألف ألف (٨). فإن صح هذا الخبر فإنه يدل على أن المتوكل جدّد بناءه ، أو أضاف إليه.

لم تذكر المصادر أن الواثق بنى غير هذا القصر الذي يبدو أنه جعل فيه مقامه ، وقد دفن فيه (٩) وأقام فيه المتوكل أول ما ولّي الخلافة.

__________________

(١) الطبري ٣ / ١٣٣١.

(٢) المصدر نفسه ٣ / ١٤٤٠.

(٣) البلدان ٢٦١.

(٤) الطبري ٣ / ١٣٣٢.

(٥) تاريخ اليعقوبي ٣ / ٢٠٨ ، البلدان ٢٦٤.

(٦) مروج الذهب ٤ / ٤٠.

(٧) فتوح البلدان ٢٩٦ ، معجم البلدان ٣ / ١٧.

(٨) معجم البلدان ١٧ ، فتوح.

(٩) الطبري ٣ / ١٣٣١.

١٢٣

١٢٤

وانتقل إليه من البرج ورجّحه على سائر قصوره بنى به البنية كثيرة (١). ولما قبض المتوكل على محمد بن عبد الملك الزيات قبض ما في منزله من متاع ودواب وجوار وغلمان ، فصيّر ذلك كله في الهاروني.

وكان الهاروني مسرحا لبعض حوادث الاضطراب في سامرّاء (٢) ، فقد اجتمع فيه الموالي بعد مقتل المتوكل (٣).

فلما حدث الشغب على المستعين خرج «من باب العامة منصرفا إلى الهاروني ، فبات هناك ، ومضى الأشروسنية إلى الهاروني (٤)».

وفي الاضطراب الذي رافق هذه الأحداث بلغ ذلك الأتراك في الهاروني والدور فوثبوا على اصطبل السلطان فأخذوا ما كان فيه من الدواب وانتهبوها ، وحضروا الجوسق بالسلاح (٥).

ويقول ابن الجوزي إن المتوكل عندما بنى الجامع حملت القفة والحجارة التي في العوارة من باب الحجرة في الهاروني على عجل ومر بها الفيلة التي كانت للمتوكل (٦). وفي الطبري إشارة الى أهمية النشاط في منطقة الهاروني حيث ذكر أن الفتح بن خاقان كان يتولى للمتوكل أعمالا ، (٧) منها أخبار الخاصة والعامة بسامرّاء والهاروني وما يليهما (٨).

__________________

(١) الطبري ٣ / ١٥٠٣.

(٢) المصدر نفسه ٣ / ١٥٠١.

(٣) تاريخ اليعقوبي ٣ / ٢٠٨ ، البلدان ٢٦٤.

(٤) الطبري ٣ / ١٥٣١.

(٥) المصدر نفسه ٣ / ١٣٦٤ ؛ تاريخ بغداد للخطيب ١٤ / ٢.

(٦) المعتصم حوادث سنة ٢٣٧.

(٧) الطبري ٣ / ١٤٠١.

(٨) تاريخ اليعقوبي ٣ / ٢١٨.

١٢٥
١٢٦

الفصل الثامن

قصور المتوكل ومنشآته

كان المتوكل أكثر الخلفاء العباسيين كلفا بالعمارة وبناء القصور ؛ فأما العمارة فإنه أدخل أو عمّم طراز البناء المعروف ب «الحيري ذي الكمين» ؛ وأوسع الإشارات العديدة في المصادر ما ذكره المسعودي في كتاب مروج الذهب إذ كان «أحدث المتوكل في أيامه بناء لم يكن الناس يعرفونه ، وهو المعروف بالحيري والكمين والأروقة».

«إن بعض ملوك الحيرة من النعمانية من بني نصر أحدث بنيانا من دار قراره ، وهي الحيرة ، على صورة الحرب وهيئتها للهجه بها وميله نحوها ؛ فكان الرواق فيه مجلس الملك وهو الصدر ، والكمان ميمنة وميسرة ، من يقرب منه من خواصه ، وفي اليمين منهما خزانة الكسوة ، وفي الشمال ما احتيج إليه من الشراب ، والرواق قد عم فضاؤه الصدر ، والكمين والأبواب الثلاثة على الرواق ، فسمّي هذا البنيان إلى هذا الوقت بالحيري والكمين ، إضافة إلى الحيرة ، واتبع الناس المتوكل في ذلك ائتماما بفعله ، واشتهر إلى هذه الغاية (١)». ولا نعلم مدى استعماله في أبنيته وقصوره ، وإنما نقتصر بالإشارة إلى أن هذا الطراز هو من تفاصيل عمارة القصور ، وليس في طراز قصور.

__________________

(١) مروج الذهب ٤ / ٤ ـ ٥ ؛ وانظر : اليعقوبي «مشاكلة الناس زمانهم» وذكر المسعودي أن المتوكل عمم لباس الملحمة وقال «إن الناس تابعوه في ذلك ، ومنها نوع فاخر يسمى «المتوكلية» هي نهاية في الحسن والصبغ وجودة الصنعة» ، مروج الذهب ٤ / ٣.

١٢٧

ذكر اليعقوبي في النص الذي كتبه عن سامرّاء بعض المنشآت العمرانية للمتوكل من الشارع والقصور والجامع والمنارة والحير ؛ ولم يذكر من القصور غير المحمدية والمتوكلية.

ووردت إشارات عن بعض هذه القصور والمنشآت في قصائد بعض الشعراء وكتابات الأدباء وذكرت بعض الكتب أسماء هذه القصور أو أكثرها ، ومن أبرزهم اليعقوبي في كتابه «التاريخ» والشابشتي في كتابه «الديارات» والغزولي في كتابه «مطالع البدور».

وذكر كل من ابن الفقيه في كتابه البلدان (١٤٧ ـ ١٤٤) مخطوطة مشهد وياقوت الحموي في كتابه «معجم البلدان» أسماء هذه القصور وكلفة كل منها ، وذكر الشابشتي وابن الفقيه كلفتها الإجمالية وأجريت تنقيبات واسعة كشفت عما بقي من معالم الجوسق الخاقاني ودار العامة وقصر بلكوارا والمتوكلية ؛ كما كشفت التنقيبات عن قصور ومعالم عمرانية لم تحدد أسماؤها.

ندرج أدناه قائمة بأسماء ما ذكرته المصادر من هذه القصور وكلفتها ونرمز لهذه المصادر ف : البلدان لابن الفقيه ١٤٣ ـ ١٤٤ (مخطوطة مشهد) ، ق : معجم البلدان لياقوت الحموي ٣ / ١٧ ـ ١٨ ، ش : الديارات للشابشتي ١٥٩ ، غ : مطالع البدور للغزولي ٢ / ١٧٧ ، ي : التاريخ لليعقوبي ٣ / ١٥.

ورتبنا القائمة تبعا لكلفة بناء كل قصر ، مقدرة بالدراهم ، عدا القليل المقدر بالدينار. وهي تعطي فكرة تقريبية عن ضخامته.

وذكرنا في سجل خاص ما ورد عنها من إشارات إضافية في المصادر الأخرى ؛ علما بأن كلا من هرزفيل وأحمد عبد الباقي ذكر معاني كثير من الإشارات إليها.

١٢٨

القصر بالمتوكلية

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٥٠ ف ق

ش. غ

الماحوزة ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٢ المنتظم حوادث سنة ٢٣٧ عن الجعفري قال أبو العيناء : أنت بنيت في دارك. مروج الذهب ٤ / ١٤٧.

اللؤلؤة

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٥٠ ف ق

 ش

العروس

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٣٠ ف ق

 ش

الشاة ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٢٠ العروس ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٣٠ ياقوت ٣ / ٣٤٦. ذكر الأصفهاني الأغاني ٩ / ٣٣

البهو

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٢٥ ف ق

بركوارا

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٢٠ ف ق

ش غ

الإيوان فيه ١٠٠ ٥٠ ذراع الذخائر والتحف ١١٨

المسناة

٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٢٠ ف ق

ش

المليح

٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٢٠ ف ق

ش غ

الشاة

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٢٠ ق

المسجد الجامع

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ١٥ ف ق

ش

لم يرد ذكر لطفة الملوية التي ذكر الثعالبي أن أساسها جريب من الأرض وطولها حانة ذراع لطائف المعارف ١٦١

البرج

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ١٠ ف ق

ش ي

الشابشتي ١٦٠ تاريخ اليعقوبي ٣ / ٦٠ ، ابن الجوزي ٥٥

الجعفري المحدث

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ١٠ ف ق

ذكره الطبري ٣ / ١٤٨٦

السندان

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ١٠ ف ق

 ش

اليعقوبي الشيداء ٣ / ٢١٥ ؛ اعطيت

الفرد في دجلة

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ١٠ ف ق

ش ي

الغريب

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ١٠ ف ق

غ

المختار

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٥ ف ق

ش غ

الصبح

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٥ ف ق

المليح

٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٥ ف ق

ش

القصر في الإيتاخية

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٥ ف ق

ش

تحمل علوه وسفله

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٥ ف ق

اللؤلؤة

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٥ ف ق

لؤلؤة الجوسق في ارتفاعه الطبري ٣ / ١٨٣٧ بنى الواثق مروج الذهب ٤ / ٤٧٧. نقضه المستعين ياقوت ٢ / ٣٧٥

١٢٩

الحير

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٤

الوحيد

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٢ ف ق

فرشه الواثق ياقوت ٤ / ٤١ هدمه المتوكل الطبري ٣ / ١٢٣٨

الجوسق الإبراهيمي

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٢ ف

ش

صرف على الهاروني في الجوسق الجعفري أكثر من مائة ألف. مروج الذهب ٤ / ٤٠

الفرد

 ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ١ ف ق

ش

على دجلة الطبري ٣ / ١٣٨٤

الجوسق في ميدان العجز

 ٠٠٠ ، ٥٠٠ ف ق

غ

القلايد

 ٠٠٠ ، ٥٥ دينار ف ق

ش

البديع

غ

المسناة

ف ش

المجموع الكلي للكلفة

ش ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ١٧٠ درهم : ٠٠٠ ، ١٠٥ دينار

ف ٠٠٠ ، ٥٢٥ ، ١٣٠

ق ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٢٩٤

س ٠٠٠ ، ٧٠٠ ، ١

غ ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٢٧٤ : ٠٠٠ ، ٥٢٥ ، ١٣

الذخائر والتحف ٠٠٠ ، ١٠٠ ، ٢

للرشيدة ٢١٨

الجعفرية :

لا ريب في أن أوسع منشآت المتوكل في سامرّاء هو بناؤه وسكنه الجعفرية.

خص الطبري بناء الجعفرية ببضعة أسطر ذكر أنها بنيت بها الماحوزة وسمّاها الجعفري (١). وقال إن المتوكل أقطع القواد وأصحابه فيها ، وجدّ في بنائها ، وأقام في المحمدية ليشرف على إتمام بنائها. وأمر بنقض قصري

__________________

(١) الطبري ٣ / ١٤٣٨.

١٣٠

المختار والبديع وحمل ساجهما إلى الجعفري ، وأنه أنفق عليها فيما قيل أكثر من ألفي ألف دينار ، وهي تعادل خمسين ألف ألف درهم ، وكان يسميها المتوكلية ، وأنه بنى فيها قصرا سمّاه لؤلؤة ، لم ير مثله في علوّه وأمر بحفر نهر يأخذ رأسه خمسة فراسخ فوق الماحوزة ، وقد ذكرنا هذا النهر عند كلامنا عن الماء.

تفرّد الطبري بنصه القصير بذكر إقامته في المحمدية ، ونقضه المختار والبديع ، وبنائه لؤلؤة ، وذكره مأخذ النهر من كرمى ، وأخذه منازل وأراضي أهل جبلتا والخصاصتين وكرمى وإخراج أهلها منها. ولم يذكر مصائر أهل هذه القرى الذين لا بدّ أنهم استاؤوا ، ولا ذكر من صار يعمل في أراضيهم بعد إخراجهم.

وذكر اليعقوبي في كتابه التاريخ (١) أن المتوكل انتقل إلى موضع يقال له الماحوزة ، على ثلاثة فراسخ من قصر سرّ من رأى وبنى هناك مدينة سمّاها الجعفرية ، وحفر فيها نهرا من القاطول ، فنقل الكتّاب والدواوين والناس كافة إليها ، وبنى فيها قصرا لم يسمع بمثله ، وأنه لما قتل دفن في قصره بالجعفري الذي كان سماه الماحوزة. ثم ذكر أن المستعين لما انصرف من الجعفري إلى سرّ من رأى ، أمر بتخريب تلك القصور فنقل الناس عنها ، وعطلت تلك المدينة فصارت خرابا ، ورجع الناس إلى منازلهم بسرعة (٢).

قدم اليعقوبي وصفا واسعا للجعفرية فقال : وعزم المتوكل أن يبني مدينة ينتقل إليها وتنسب إليه ويكون له بها الذكر فأمر محمد بن موسى المنجم ومن يحضر ببابه من المهندسين أن يختاروا موضعا ، فوقع اختيارهم على موقع يقال له الماحوزة ، وقيل له إن المعتصم قد كان على أن يبني ها هنا ويحفر نهرا قد كان في الدهر القديم ، فاعتزم على ذلك ، وابتدأ النظر فيه سنة ٢٤٥ ، وجدّ في حفر ذلك النهر ليكون في وسط المدينة ، فقدّر النفقة على ذلك النهر بألف ألف دينار ، فطاب نفسا في ذلك ورضي به ، وابتدأ الحفر وأنفقت الأموال الجليلة على ذلك النهر.

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٣ / ٣١٦ ـ ٧١٧.

(٢) التنبيه والإشراف ٣١٣.

١٣١

واختط موضع قصره ومنزله ، وأقطع ولاة عهوده وسائر أولاده وقواده وكتابه وجنده والناس كافة ، ومد الشارع الأعظم من دار أشناس التي بالكرخ والتي صارت للفتح بن خاقان مقدار ثلاثة فراسخ إلى قصوره ، وجعل دون قصوره ثلاثة أبواب عظام جليلة يدخل منها الفارس برمحه. وأقطع الناس يمنة الشارع الأعظم ويسرته ، وجعل عرض الشارع الأعظم مائتي ذراع ، وقدر أن يحفر في جانبي الشارع نهرين يجري فيهما الماء من النهر الذي يحفره.

وبنيت القصور وشيدت القصور ، وارتفع البناء ، وكان يدور بنفسه ، ومن رآه قد جد في البناء أجاره وأعطاه. فجدّ الناس. وسمّى المتوكل هذه المدينة الجعفرية ، واتصل البناء من الجعفرية إلى الموضع المعروف بالدور. ثم بالكرخ وسرّ من رأى مادّا إلى الموضع الذي كان ينزله ابنه أبو عبد الله المعتز ليس بين شيء من ذلك فضاء ولا فرج ولا موضع لا عمارة فيه ، فيكون مقدار ذلك سبعة فراسخ. وارتفع البنيان في مقدار سنة ، وجعلت الأسواق في موضع معتزل ، وجعل في كل مربعة وناحية سوقا. وبنى المسجد الجامع.

وانتقل المتوكل إلى قصور هذه المدينة أول يوم من المحرم سنة ٢٤٧ ، فلما جلس أجاز الناس بالجوائز ووصلهم ، وأعطى جميع القواد والكتّاب ومن تولّى عملا من الأعمال. وتكامل له السرور وقال الآن علمت أني ملك ، إذ بنيت لنفسي مدينة سكنتها. ونقلت الدواوين : ديوان الخراج وديوان الضياع وديوان الجند والشاكرية وديوان الموالي والغلمان وديوان البريد وجميع الدواوين. إلا أن النهر لم يتم أمره ، ولم يجر الماء فيه إلا جريا خفيفا ثم لم يكن له اتصال ولا استقامة على أنه قد أنفق عليه شبيها بألف ألف دينار ، ولكن كان حفره صعبا جدا إنما كانوا يحفرون حصى وأفهارا لا يعمل فيها المعاول. وأقام المتوكل نازلا في قصوره بالجعفرية تسعة أشهر وثلاثة أيام ، وقتل لثلاث خلون من شوال ٢٤٧ في قصره الجعفري أعظم القصور.

وولّي محمد المنتصر بن المتوكل فانتقل إلى سرّ من رأى وأمر الناس جميعا بالانتقال عن الماحوزة وأن يهدموا المنازل ويحملوا نقض المنازل إلى سرّ من رأى ، فانتقل الناس ، وحملوا نقض المنازل لسرّ من رأى ، وخربت قصور

١٣٢

الجعفري ومنازله ومساكنه وأسواقه في أسرع مدة ، وصار الموضع موحشا لا أنيس به ولا ساكن فيه ، والديار بلاقع كأنها لم تعمّر ولم تسكن (١).

قصور المعتمد : المعشوق والأحمدي

يقول اليعقوبي إن المعتمد عندما بويع بالخلافة أقام بسرّ من رأى ، بنى قصرا موصوفا بالحسن سماه المعشوق ، فنزله فأقام به حتى اضطربت الأحوال فانتقل إلى بغداد ثم المدائن من العراق (٢).

وقال ياقوت : المعشوق اسم لقصر عظيم بالجانب الغربي من دجلة قبالة سامرّاء في وسط البرية باق إلى الآن ، ليس حوله شيء من العمران ، يسكنه قوم من الفلاحين ، إلا أنه محكم عظيم لم يبين في تلك البقاع على كثرة ما كان هناك من القصور غيره ، بينه وبين تكريت مرحلة (٣).

وذكر الفيروزابادي أن المعشوق قصر بسرّ من رأى (٤) ، وذكر الصابي أن محمد بن عبد الله بن خاقان تقلد نفقات بنائه (٥).

وفي سنة ٣٥٠ هدم معز الدولة المعشوق بسرّ من رأى ، وحمل آجرّه لبناء قصره بالشماسية ، إلا أن الهدم لم يكن تاما ، فقد بقيت أطلال القصر حتى هذا اليوم (٦).

ذكر ياقوت أن قصر المعشوق في غرب سامرّاء قرية بينها وبين تكريت مرحلة (٧) ، وذكر ياقوت أن الأحمدي قصر كان في سامرّاء لابن العباس أحمد

__________________

(١) البلدان ٢٦٦ ، وانظر الروض المعطار ١٧٧.

(٢) البلدان لليعقوبي ٢٦٨ ، الروض المعطار ١٨٢. وذكر المسعودي أن المهتدي بنى قبة لها أربعة أبواب «قبة المعالم» وجلس فيها العام والخاص للمظالم «مروج الذهب».

(٣) معجم البلدان ٤ / ٥٧٦.

(٤) القاموس المحيط ٣ / ٢٥٦.

(٥) تحفة الوزراء ٢٨٤.

(٦) المنتظم ٧ / ٢.

(٧) معجم البلدان ٢ / ٣٣٣.

١٣٣

١٣٤

ابن المعتمد على الله ابن المتوكل فسمّي به ، وأنه قد خرب وذكره ابن المعتز في شعره. والأحمدي إليه منتسب من قبل والمعشوق عشقه (١).

إن قصور الخلفاء ، التي عرضنا أعلاه المعلومات التي استطعنا جمعها عنها من المصادر الأدبية ، يمكن أن تضاف إليها قصور عدد كبير من الأفراد ذوي المكانة والثروة ، تميزت بأنها بنيت في السنوات القليلة الأولى من عصر الخلافة العباسية في سامرّاء ، ولم يستمر استخدامها أو نموّها ، وإنما أخلي كثير منها بعد عودة الخلفاء إلى بغداد وما تبعها من انتقال المتصلين بهم ، فقلّ السكان وأخليت القصور واتسع الخراب.

وكانت هذه القصور في أيام عز ازدهارها منتشرة في رقعة واسعة من الأرض بصورة غير منتظمة أو منسقة ؛ ثم اندثرت فلم يبق منها إلا أطلال قصور ضخمة قليلة هي القصر الخاقاني وملحقاته بلكوارا ، والمسجد الجامع ، ومنارته الشاهقة ، ومنارة جامع أبي دلف في مكان المتوكلية والعاشق ، والقبة الصليبية في الجانب الشرقي ؛ وتشير المصادر الأدبية إلى فخامة بعضها فيروي التنوخي أن أحمد بن الخطيب في أيام الواثق استعمل في سقف داره سبعين قارية ساج ، والقارية ساجة عظيمة تستعمل صحيحة (٢) ، ووصف التنوخي في أحد كتبه حبس المعتصم (٣).

غير أن هذه الأوصاف القليلة لا تكفي لتقديم صورة واضحة لعظمة هذه القصور ، ووصف أثاثها ، وما يضمه كلّ منها من العاملين فيها والحشم والجواري ، ووصف البحتري في قصيدة بركة المتوكل ، وذكر التنوخي أنه كانت عليها قبة منصوبة على بركة يجري فيها الماء ، فأمر (المتوكل) أن يجمل في

__________________

(١) معجم البلدان ٤ / ٥٧٦.

(٢) نشوار المحاضرة ٨ / ٤٩.

(٣) الفرج بعد الشدة ٢ / ١٧٦.

١٣٥

مجاري الماء إليها الزعفران على قدر ليحفر ويجري في البركة (١). وذكر الفيروزابادي بركة في جوسق دار الخلافة للمقتدر (٢) ، غير بركة المتوكل ، علما بأن المصادر لم تذكر جوسقا في دار الخلافة ببغداد.

وتجدر الإشارة إلى أن الخلفاء العباسيين في سامرّاء لم يعنوا بتشييد مدافن فخمة لهم ؛ وذكرت المصادر أماكن دفن الخلفاء في سامرّاء ، فالمعتصم دفن في الجوسق حيث توفي في قصره المعروف بالخاقاني (٣) ، والمتوكل دفن في قصره بالجعفرية (٤) ، ولكن لم تقم على مدافنهم مشيدات. ويذكر المسعودي أن المنتصر أول خلفاء بني العباس أظهر قبره ولكن لم يذكر مكان هذا القبر أو مظاهر إظهاره. ويذكر المسعودي أن المعتز دفن في داره ١٨ ، أما الطبري فيقول إن المعتز دفن مع المنتصر في ناحية قصر الصوامع. جرت حفريات غير قليلة في أطلال سامرّاء أبرزها ما قامت به البعثة الألمانية قبل الحرب العالمية الأولى ، ونشرت ثمار أبحاثها في مجلدات ضخمة عرضت فيه ما وجدته في الأنقاض من زخارف ، وبقايا أسس عدد من الأبنية التي أجريت فيها الحفريات ، وتلت ذلك حفريات قامت بها مديرية الآثار العامة ، وفحوص معزّز بعضها بالصور الجوية لبعض هذه المعالم ، قام نورثج بدراسة بعضها.

وأبرز ما تتميز به هذه اللّقى هو الزخارف الحصية الملونة ، ولعل كثيرا من البيوت العامة كانت مزخرفة ومبنية بالجص ، ومسقفة بالأخشاب ؛ وقد انتزع أكثرها بعد أن انتقل الخلفاء من سامرّاء. غير أن النمو السريع لسامرّاء يسّر لرواج عمل عمال البناء والمزوّقين والنجارين ما يتصل بأعمال البناء.

__________________

(١) نشوار المحاضرة ١ / ٣٠١.

(٢) القاموس المحيط. مادة جوسق.

(٣) تاريخ اليعقوبي ٣ / ٢٠ ، مروج الذهب ٣ / ٤٧٤ ـ ٤٩٩.

(٤) المصدر نفسه ٨ / ٧١٥.

١٣٦

الفصل التاسع

العباسيون والعلويون

الأسرة العباسية

لما عاد المأمون إلى بغداد سنة ٢٠٤ اتّبع سياسة التسامح ، فلم يحاسب أحدا على تأييده الأمين أو التمرد على خلافته ؛ وحاول جلب رضى الأسرة العباسية وأنصارها ، وكانت تقيم في بغداد ، ولم ينتقل منهم أحد إلى خراسان مع المأمون.

غير أن الحرب بين الأمين والمأمون وما تلاها من أحداث أضعفت هيبة السلطة العليا في النفوس ، وشجّعت روح التمرد عند ذوي الطموح ، وبخاصة من أبناء الأسرة العباسية ، وكان من أبرز الحركات التي واجهها المأمون حركة ابن عائشة ، ونشاط إبراهيم بن المهدي.

فأما ابن عائشة فهو إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام ، وكان يدعو إلى إبراهيم بن المهدي ، وجمع حوله جماعة منهم محمد بن إبراهيم الأفريقي ، ومالك بن شاهي وعدد من القواد والشطار ودسوا من أحرق بعض الأسواق ، ولكن المأمون بتأييد المعتصم وبعض من معه من القادة ومنهم الأفشين وأشناس ، قضوا على الحركة وزجوا كثيرا من أنصارها في السجون ، وأعدم منهم ابن عائشة والأفريقي (١).

__________________

(١) بغداد لطيفور ٦٩ ، ٩٩.

١٣٧

أما إبراهيم بن المهدي فكان قد نودي به خليفة عندما كان المأمون في خراسان ، ولكن لم تدم خلافته ، فلما قدم المأمون بغداد استتر إلى سنة ٢١٦ ، فقبض عليه المأمون ثم عفا عنه ، وقرّبه ، وكان يطرب لغنائه (١). ويبدو أنه لم يكف عن طموحاته ، فكان ممن طلب المأمون في كتابه لعبد الله بن طاهر في المحنة ، محاسبتهم لأنهم ممن أغرى الجمهور الأعظم والسواد الأكبر (٢).

يقول ابن الداية إن المعتصم عندما انتقل إلى سامرّاء لم يخرج معه من أهل بيته إلا العباس بن المأمون ، وعبد الوهاب بن علي (٣). فأما العباس فكان أبرز أولاد المأمون ، وقد أحدث استياء لديه تفضيل المأمون المعتصم عليه بالخلافة ، ولكنه احتفظ بولائه الظاهري للمعتصم ، ولكن المعتصم قتله في طريق عودته من عمروية سنة ٢٢٣ مع عدد من القادة لاتهامه بمؤامرة ؛ وأما عبد الوهاب بن علي فكانت له ولأختيه قطيعتان في شارع السريجة الذي كانت فيه قطائع راشد ومبارك للمغربين وقطيعة لكلّ من جعفر الخياط وأبي الوزير ، وقطائع لعامة الناس إلى دار هارون الواثق (٤).

إن خطط سامرّاء تظهر أن عددا من بارزي الأسرة العباسية انتقلوا معه ، فقد سمّي شارعان من الشوارع الخمسة الكبيرة التي خطها بأسماء رجال من الأسرة العباسية ، وهما شارع أبي أحمد ، وهو الشارع الثاني بعد السريجة ، الشارع الأعظم ، وشارع صالح العباسي وهو شارع الأسكر وكان الشارع الخامس.

وكانت في شارع أبي أحمد قطائع قواد خراسان وأسبابهم من العرب ومن أهل قم وأصفهان وقزوين والجبال وأذربيجان يمنة في الجنوب مما يلي القبلة ، فهو نافذ إلى شارع السريجة الأعظم ، أما شارع صالح العباسي ، وهو شارع الأسكر ، ففيه قطائع الأتراك والفراغنة ، ودار صالح على رأس الوادي ، وتتصل بذلك قطائع القواد والكتاب وأبي أحمد الذي سمّي الشارع الثاني باسمه هو ،

__________________

(١) بغداد لطيفور ـ ١٠٠ ؛ وانظر إبراهيم بن المهدي لبدري محمد فهد.

(٢) الطبري ٣ /

(٣) عيون الأنباء لابن أبي أصيبعة ٣٦.

(٤) البلدان لليعقوبي ١٦٧.

١٣٨

ابن هارون الرشيد ، وقد رافق المتوكل في ارتحاله إلى دمشق ، وعمّر حتى أدرك خلافة المعتز (١) ، وكانت له قطيعة في وسط الشارع المسمّى به والذي فيه ديوان الخراج (٢). أما صالح العباسي فلم تحدد المصادر هويته ، إذ ورد في المصادر ذكر صالح بن هارون الرشيد (٣) ، وصالح بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس (٤) ولعله هو صاحب مصر (٥).

وكان ممن حضر احتفال المتوكل بقصر بلكوارا كلّ من المنتصر ، وإبراهيم وأبو أحمد وأبو سليمان أبناء الرشيد ، وأحمد والعباس ابنا المنتصر ، والقاسم ابن الرشيد وعلي بن المعتصم (٦).

والجدير بالذكر أن الخلفاء العباسيين في سامرّاء أنجبوا عددا من الأولاد ، فكان للمعتصم تسعة أولاد ، ولي منهم الواثق ثم المتوكل الخلافة ، وكان للواثق ستة أولاد ، ولي الخلافة من أولاده المهتدي ؛ وكان للمتوكل عشرة أولاد ولي منهم الخلافة كلّ من المنتصر والمعتضد ، ويذكر الثعالبي أن المتوكل كان له خمسون ولدا من الذكور وعشرون من الإناث ، وكان للمنتصر ولدان وخمس بنات وللمهتدي ثمانية أولاد ، وللمعتمد عشرة أولاد.

ذكرت المصادر قصورا لكل أو بعض هؤلاء : فأحمد بن المعتصم سكن قصر الجص ، والواثق بن المعتصم كان يسكن الهاروني قرب دار العامة قبل انتقاله إلى قصره الذي شيده على دجلة ، وأسكن المتوكل ثلاثة من أولاده قصورا. وذكر اليعقوبي أن المتوكل سلم عليه أولاد ستة خلفاؤهم منصور بن المهدي ، والعباس بن الهادي ، وأبو أحمد بن الرشيد ، وعبد الله بن الأمين وموسى بن المأمون ، وأحمد بن المعتصم وإخوته والواثق ؛ ولعلّ كثيرا منهم

__________________

(١) البلدان لابن الفقيه.

(٢) الأنساب لابن حزم ٢٢.

(٣) البلدان لليعقوبي ٢٦٢.

(٤) بغداد لطيفور ٧١ ، ١٧٩ ، ١٨٠.

(٥) الأنساب لابن حزم ٢٥.

(٦) الذخائر والتحف للرشيدي ١١٣.

١٣٩

كان يقيم في سامرّاء (١) ، ولعل معظم إن لم يكن كل من هؤلاء الأولاد كان له مسكن خاص لم تذكر المصادر موقعه. وكانت لبعض هؤلاء الخلفاء زوجات من الأسرة العباسية ، فقد تزوج الواثق إحدى بنات المأمون ، وتزوج المتوكل ابنة المأمون وابنة العباس بن علي بن المهدي (٢). وكان بعض الخلفاء يجرون على زوجاتهم وأولادهم مبالغ ضخمة (٣) ، وذكرت علاقة بعض الخلفاء برجال من نسل الخلفاء العباسيين الأول فكان صالح بن علي بن يعقوب بن أبي جعفر صاحبا للمهتدي ؛ وهبة الله بن إبراهيم المهدي ممن يجالس المعتمد والفضل ابن العباس أثيرا عند المعتز (٤) ، وذكر ابن حزم أن كلا من هارون بن محمد (ت ٣٢٧) من أحفاد عيسى بن موسى ، وسليمان بن علي الذي ألّف كتابا عن نسب العباسيين (٥).

ولما ذهب المتوكل إلى الشام صحبه بعض الهاشميين (٦) ؛ وكان المقدمون في زمن المهتدي الهاشميين والقضاة وأصحاب المراتب (٧). ووردت إشارات إلى ما كان يجري في سامرّاء للهاشميين ، ويقصد بهم العباسيون ، فقد أقطع المتوكل جماعة من الكتّاب والقواد ، ودفع المعتصم لإبراهيم بن المهدي خمسين ألف دينار (٨) ، وذكر اليعقوبي أن المعتصم أقطع عند الحير جماعة منهم الهاشميون ، وذكر الصابي أنه كانت لهم أرزاق قطعها محمد بن عبد الله بن طاهر تأولا وكان الجاري لهم ثلاثين دينارا في الشهر ، وكان عددهم في زمن المستعين أربعة آلاف (٩).

__________________

(١) التاريخ لليعقوبي ٣ / ٢٠٩.

(٢) جمهرة النسب لابن حزم ١٧٢.

(٣) نفقات الدولة العباسية للزهراني ١٧٢.

(٤) جمهرة النسب لابن حزم ٢٤.

(٥) المصدر نفسه ٣٣.

(٦) بغية الطلب لابن العديم ١٠ / ٤٦.

(٧) الطبري ٣ / ١٣٩٤.

(٨) البلدان لليعقوبي ٢٦٦.

(٩) الوزراء للصابي ٦٥.

١٤٠