زبدة الحلب من تاريخ حلب - ج ٢

كمال الدّين عمر بن أحمد بن أبي جرادة الحلبي [ ابن العديم ]

زبدة الحلب من تاريخ حلب - ج ٢

المؤلف:

كمال الدّين عمر بن أحمد بن أبي جرادة الحلبي [ ابن العديم ]


المحقق: الدكتور سهيل زكار
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩١
الجزء ١ الجزء ٢

وسار سيف الدّين سوار في سنة ثلاثين وخمسمائة في جمع من التركمان يبلغ ثلاثة آلاف إلى بلد الّلاذقيّة ، وأغار على الفرنج على غرّة وقلّة احتراز ، فعادوا ومعهم ما يزيد على سبعة آلاف أسير ، ما بين رجل وامرأة وصبي وصبيّة ومائة ألف رأس من البقر والغنم والخيل والحمير ، والّذي نهبوه ـ على ما ذكر ـ مائة قرية وامتلأت حلب من الأسارى والدّواب ، واستغنى المسلمون بما حصل لهم من الغنائم.

ووصل أتابك زنكي من الموصل إلى حلب ، في رابع وعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين ، وسيّر صلاح الدّين في مقدمته ، فنزل حمص ، وسار أتابك إلى حماة ، وعيّد عيد الفطر في الطّريق ، وأخذ من حلب معه خمسمائة راجل لحصار حمص.

ورحل أتابك من حماة إلى حمص في شوال وبها أنر (١) من قبل صاحب دمشق ، فحصرها مدّة.

وخرج الفرنج نجدة لحمص وغيلة لزنكي ، فرحل عن حمص ، ولقيهم تحت قلعة بارين ، فكسرتهم طلائع زنكي مع سوار ، فأفنوا عامّتهم قتلا وأسرا ، وقتل أكثر من ألفين من الفرنج ، ونجا القليل منهم ، فدخل إلى بارين مع ملكهم كندياجور (٢) صاحب القدس ؛ وأقام الحصار على بارين

__________________

(١) المعلومات لدى ابن القلانسي أوسع ص ٣٩٧ ـ ٣٩٨ ، وسيكون لمعين الدين أنر دور السيادة في دمشق حتى وفاته فبعد وفاته بقليل سقطت ـ كما سنرى ـ لنور الدين محمود بن زنكي. انظر تاريخ ابن القلانسي ص ٤١٥.

(٢) هو فولك أوف آنجو. انظر تاريخ وليم الصوري ص ٦٨٦ ـ ٦٨٩.

٢١

بعشر مجانيق ليلا ونهارا ، ثمّ تقرّر الصلح في العشر الأواخر من ذي القعدة على التّسليم بعد خراب القلعة.

وخلع على الملك وأطلق ، وخرج الفرنج منها ، وتسلّمها زنكي ، وعاد إلى حلب.

واستقرّ الصلح بين أتابك وصاحب دمشق ، وتزوّج أتابك خاتون بنت جناح الدّولة حسين ، على يد الإمام برهان الدّين البلخي ، ودخل عليها بحلب في هذه السّنة.

ووصل في هذه السّنة ملك الروم كالياني (١) من القسطنطينية في جموعه ، ووصل إلى أنطاكية فخالفه الفرنج ـ لطفا من الله تعالى ـ وأقام إلى أن وصلته مراكبه البحريّة بالأثقال والميرة والمال ، فاعتمد لاون بن دوبال (٢) صاحب الثّغور في حقّه فتحا عظيما.

وتخوّف أهل حلب منه فشرعوا في تحصينها وحفر خنادقها ، فعاد إلى بلاد لاون فافتتحها جميعها ، فدخل إليه لاون متطارحا ، فقال : «أنت بين الفرنج والأتراك لا يصلح لك المقام» ، فسيّره إلى القسطنطينية ، وأقام في عين زربة وأذنه والثّغور ، مدّة الشتاء.

وكان في عوده عن أنطاكية إلى ناحية بغراس (٣) في الثّاني والعشرين من

__________________

(١) هو يوحنا بن ألكسيوس كومنين. انظر تاريخ وليم الصوري ص ٦٨٤ ـ ٦٨٦.

(٢) ملك دولة أرمينية في كليكية.

(٣) وصف ابن العديم كل من عين زربه والمصيصة وبغراس ومدن الثغور الأخرى في كتابه بغية الطلب ص ١٥١ ـ ١٧٢.

٢٢

ذي الحجة من سنة إحدى وثلاثين ، أنفذ رسوله إلى زنكي ، وظفر سوار بسريّة وافرة العدد من عسكره ، فقتل وأسر ، ودخل بهم إلى حلب.

ووصل الرّسول إلى زنكي ، وهو متوجّه إلى القبلة فردّه ومعه هدية إلى ملك الروم : فهود وبزاة وصقور ، على يد الحاجب حسن ، فعاد إليه ومعه رسول منه وأخبره بأنّه يحاصر بلاد لاون ، فسار إلى حماة ، ورحل إلى حمص فقاتلها.

ثم سار في نصف المحرّم من سنة اثنتين وثلاثين فنزل بعلبك ، وأخذ منها مالا ، وسار إلى ناحية البقاع فملك حصن المجدل (١) من أيدي الدمشقيين ، ودخل في طاعته ابراهيم بن طرغت والي بانياس.

وشتى أتابك زنكي بأرض دمشق ، وورد عليه رسول الخليفة المقتفي والسلطان مسعود بالتّشريف ، ثمّ رحل أتابك عن دمشق في شهر ربيع الآخر ، وعاد إلى حماة ، ثمّ رحل عنها إلى حمص ، فخيّم عليها ، وجرّد من حلب رجالا لحصارها ، وجمع عليها جموعا كثيرة ، وهجم المدينة ، وكسر أهلها ونال منهم منالا عظيما.

ونقض الفرنج الهدنة الّتي كانت بينهم وبين زنكي على حلب ، وأظهروا العناد ، وقبضوا على التّجار بأنطاكية والسّفار من أهل حلب ، في جمادى الأولى من السّنة ، بعد إحسانه إليهم واصطناعه لمقدّميهم ، حين

__________________

(١) في تقويم البلدان ص ٢٣٠. وبالقرب من عين الجرضيعة تعرف بالمجدل وهي على الطريق الآخذ من بعلبك على وادي التيم. هذا وتعني كلمة مجدل : حصن.

٢٣

أظفره الله بهم ، وانضافوا إلى ملك الرّوم كالياني.

وظهر ملك الرّوم بغتة من طريق مدينة البلاط ، يوم الخميس الكبير من صومهم ؛ ونزل يوم الأحد يوم عيد النّصارى ، وهو الحادي والعشرون من شهر رجب ، على حصن بزاعا.

وانتشرت الخيل بغتة فلطف الله بالمسلمين ، فرأوا رجلا من كافر ترك (١) ومعه جماعة منهم ، قد تاهوا عن عسكر الروم ، وأظهروا أنّهم مستأمنة وأنذروا من بحلب بالرّوم.

فتحزّر النّاس وتحفّظوا ، وكاتبوا أتابك زنكي بذلك ، فوصله الخبر وهو على حمص ، فسيّر في الحال الأمير سيف الدّين سوار والرّجالة الحلبّيين وخمسمائة فارس ، في أربعة من الأمراء الاصفهسلاريّة (٢) منهم زين الدّين علي كوچك ، فقويت قلوب أهل حلب بهم ، ووصلوا في سابع وعشرين من رجب.

وأمّا الرّوم فإنّهم حصروا حصن بزاعا ، وقاتلوه سبعة أيّام ، فضعفت قلوب المسلمين ، وكان الحصن في يد امرأة فسلّموه إلى الرّوم بالأمان ، بعد أن توثّقوا منهم بالعهود والأيمان ، فغدروا بهم ، وأسروا من بزاعا ستة آلاف مسلم أو يزيدون ؛ وأقام الملك بالوادي يدخّن على مغاير الباب عشرة أيّام ، فهلكوا بالدخان.

__________________

(١) استخدمت بيزنطة أعدادا كبيرة من العناصر التركية الوثنية بمثابة مرتزقة في جيوشها.

(٢) القادة الكبار.

٢٤

ثم رحل فنزل يوم الأربعاء الخامس من شعبان ، بأرض الناعورة ، ثمّ رحل يوم الخميس سادس شعبان ، ومعه ريمند صاحب أنطاكية وابن جوسلين ، فنزل على حلب ونصب خيمته من قبليّها على نهر قويق ، وأرض السعدي ، وقاتل حلب يوم الثّلاثاء من ناحية برج الغنم (١) وخرج إليهم أحداث حلب ، فقاتلوهم وظهروا عليهم ، وقتل من الرّوم مقدّم كبير ورجعوا إلى خيمهم خائبين.

ورحل يوم الأربعاء ثامن شعبان مقتبلا إلى صلدي (٢) فخاف من بقلعة الأثارب من الجند المسلمين ، فهربوا منها يوم الخميس تاسع شعبان ، وطرحوا النّار في خزائنهم.

وعرف الرّوم ذلك فخفّت منهم سرّية وجماعة من الفرنج ، ومعهم سبي بزاعا والوادي ، فملكوا القلعة ، وألجأوا السّبي إلى خنادقها وأحواشها ، فهرب جماعة منهم إلى حلب ، وأعلموا الأمير سيف الدّين سوار بن أيتكين بذلك ، وأنّ الروم انعزلوا عنها.

فنهض إليهم سوار في لمّة من العسكر ، فصابحهم وقد انتشروا بعد طلوع الشّمس ، فوقع عليهم واستخلص السّبي جميعه إلّا اليسير منهم ، وأركب الضّعفاء منهم خلف الخيّالة حتّى أنّه أخذ بنفسه جماعة من الصّبيان ، وأركبهم بين يديه ومن خلفه ، ووصل بهم إلى حلب ، ولم يبق من السّبي إلّا

__________________

(١) كان هذا البرج من أشد أبراج سور حلب مناعة.

(٢) قرية قريبة من حلب على نهر قويق.

٢٥

القليل ، ووصل بهم إلى حلب في يوم السّبت الحادي عشر من شعبان ، فسرّ أهل حلب سرورا عظيما.

وكان أتابك قد رحل من حمص إلى حماة ثم رحل إلى سلمية ، ورحل ملك الرّوم إلى بلد معرّة النّعمان ، ورحل عنها يوم الاثنين ثالث عشر شعبان إلى جهة شيزر ، ونزلوا كفر طاب ورموها بالمجانيق ، فسلّمها أهلها في نصف شعبان.

وهرب أهل الجسر (١) ، وتركوه خاليا فوصله الرّوم ، وجلسوا فيه ورحلوا عنه إلى شيزر ، يوم الخميس سادس عشر شعبان ، فوصلوها في مائة ألف راكب ومائة ألف راجل ، ومعهم من الكراع والسّلاح ما لا يحصيه إلّا الله ، فنزلوا الرّابية المشرفة على بلدة شيزر ، وأقاموا يومهم ويوم الجمعة إلى آخر النّهار.

وركبوا وهجموا البلد ، فقاتلهم النّاس وجرح أبو المرهف نصر بن منقذ ، ومات في رمضان من جرحه ذلك.

ثمّ انهزم الرّوم ، وخرجوا ، ونزل صاحب أنطاكية في مسجد سمّون ، وجوسلين في المصّلى ، وركب الملك يوم السّبت ، وطلع إلى الجبل المقابل لقلعة شيزر المعروف بجريجس ، ونصب على القلعة ثمانية عشر منجنيقا وأربع لعب تمنع النّاس من الماء.

__________________

(١) جسر شيزر وكان عليه موقع حصين غير بعيد عن شيزر نفسها.

٢٦

ودام القتال عشرة أيام ، ولقي أهل قلعة شيزر بلاء عظيما ، ثمّ اقتصروا في القتال على المجانيق ، وأقاموا إلى يوم السّبت تاسع شهر رمضان.

وبلغهم أنّ قرا أرسلان بن داود بن سكمان بن أرتق عبر الفرات في جموع عظيمة تزيد عن خمسين ألفا من التّركمان وغيرهم ، فأحرقوا آلات الحصار ، ورحلوا عن شيزر ، وتركوا مجانيق عظاما رفعها أتابك إلى قلعة حلب بعد رحيلهم ، وساروا بعد أن هجموا ربض شيزر دفعات عدة ، ويخرجهم المسلمون منها (١).

فوصل صلاح الدّين من حماة يوم السّبت تاسع الشّهر ، وبلغه أنّ الفرنج هربوا من كفرطاب فسار إليها ، وملكها ، ووصل أتابك يوم الأحد عاشر الشّهر ، وسار إلى الجسر يوم الاثنين ، فوجد الفرنج قد هربوا منه نصف اللّيل ونزل أهله من «أبي قبيس» (٢) ، فمنعوهم.

ودخل الرّوم مضيق أفامية إلى أنطاكية ، وطلبها من الفرنج فلم يعطوه إيّاها ، فرحل عنها إلى بلاده ، وسيّر أتابك خلفهم سرّية من العسكر تتخطّفهم. هذا كلّه وأتابك لم يستحضر قرا أرسلان بن داود ، ولم يجتمع به ؛ بل بعث إليه يأمره بالعود إلى أبيه ، وأنّه مستغن عنه وانحاز عنهم فنزل

__________________

(١) لمزيد من المعلومات انظر ابن القلانسي ص ٤١٥ ـ ٤١٨. وليم الصوري ص ٦٩٥ ـ ٦٩٧.

(٢) ما تزال قلعة أبي قبيس قائمة ، وتبعد عن مدينة حماه مسافة ٥٤ كم.

٢٧

أرض حمص ، وكتب إلى شهاب الدّين محمود بن بوري يطلبها.

وتردّدت الرّسل بينهم على أن يسلّم إلى أتابك حمص ، ويعوّض أنر واليها ببارين ، واللكمة (١) والحصن الشرقيّ ، وأن يتزوّج أتابك أمه زمرّد خاتون بنت جاولي ، ويتزوّج محمود ابنة أتابك ؛ ويسلّم أتابك حمص ، ويسلّم الدمشقيون المواضع المذكورة.

وسارت زمرّد خاتون من دارها إلى عسكر زنكي مع أصحابه المندوبين لإيصالها إليه في أواخر شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين ، وقد اجتمع عنده رسول الخليفة المقتفي ، وألبسه التّشريف الواصل إليه ، ورسول السّلطان ، ورسول مصر ، والرّوم ، ودمشق.

ورحل أتابك عن حمص ، وسار إلى حلب ، ثمّ خرج منها إلى بزاعا وفتحها بالسّيف ، يوم الثلاثاء تاسع عشر محرّم من سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ؛ وقتل كلّ من كان بها على قبر شرف الدّولة مسلم بن قريش ، وكان ضرب عليها بسهم في عينه فمات.

وعاد منها إلى حلب ، وسار إلى الأثارب ، ففتحها ، في ثالث صفر.

وفي يوم الخميس ثالث عشر صفر ، حدثت زلزلة شديدة ثمّ اتبعها أخرى ، وتواصلت الزّلازل ، فهرب النّاس من حلب إلى ظاهر البلد وخرجت الأحجار من الحيطان إلى الطّريق ، وسمع النّاس دويا عظيما ،

__________________

(١) اللكمة : حصن بالساحل قرب عرقة. معجم البلدان.

٢٨

وانقلبت الأثارب فهلك فيها ستّمائة من المسلمين ، وسلم الوالي ومعه نفر يسير ، وهلك أكثر البلاد من شيح ، وتلّ عمار (١) ، وتلّ خالد ، وزردنا (٢) ؛ وشوهدت الأرض تموج ، والأحجار عليها تضطّرب كالحنطة في الغربال.

وانهدم في حلب دور كثيرة ، وتشّعث السّور ، واضطّربت جدران القلعة ، وسار أتابك مشرّقا فنزل القلعة فأخذها ، وسار منها إلى القلعة (٣) ، ثمّ إلى الموصل.

وتواترت الزّلازل إلى شوّال ، وقيل : إنّ عدّتها كانت ثمانين زلزلة.

وكان في سنة اثنتين وثلاثين قد عولّ أتابك على قبض أملاك الحلبيين الّتي استحدثوها من أيّام رضوان إلى آخر أيّام إيلغازي ، ثمّ قرر عليهم عشرة آلاف دينار ، فأدّوا من ذلك ألف دينار ؛ وجاءت هذه الزّلازل ، فهرب أتابك من القلعة إلى ميدانها حافيا ، وأطلق القطيعة.

وفي هذه السّنة ، نهض سوار إلى الفرنج فغنم من بلادهم ، ولحقوه فاستخلصوا ما غنم ، وانهزم المسلمون فغنم الفرنج ، وأخذوا منهم ألفا ومائتي فارس ، وأسروا صاحب الكهف ابن عمرون ، وكان قد سلّمها إلى الباطنية (٤).

__________________

(١) تل عمار في منطقة أعزاز محافظة حلب ويبعد عن حلب مسافة ٣٣ كم.

(٢) زردنا في جوار مدينة أدلب وتبعد عنها مسافة ٢٥ كم.

(٣) عند العظيمي في تاريخ حلب ص ٣٩٤ : «وفتح دارا ورأس العين».

(٤) الكهف إحدى قلاع الدعوة في جبال بهراء.

٢٩

وفي شهر رمضان منها ، استحكم الفساد بين أتابك وتمرتاش ، فنزل أتابك زنكي (١) دارا ، وحصرها وافتتحها في شوّال ، وأخذ رأس عين (٢) وجبل جور (٣) وذا القرنين (٤) ومات سوتكين الكرجي بحّران ، فأنفذ أتابك زنكي وأخذها.

وقتل شهاب الدّين محمود بن تاج الملوك على فراشه ، ليلة الجمعة الثالثة والعشرين من شوّال من السنة ، قتله البغش ويوسف الخادم ، وفرّاش ، وكان قد قرّبهم واصطفاهم (٥).

وسير أنر إلى محمّد أخيه صاحب بعلبك ، فأجلسه في منصب أخيه وأخرج أخاه بهرام شاه فمضى إلى حلب وشرّق إلى أتابك زنكي.

وعلمت والدته زمرّد خاتون ، فأرسلت إلى زوجها زنكي ، وهو بالموصل تستدعيه لطلب الثأر بولدها ، وتحثّه على الوصول ، فأقبل وفي مقدّمته الأمير الحاجب صلاح الدّين ، فسار إلى حماة.

ووصل زنكي حتّى عبر الفرات ، ونزل بالناعورة ، ودخل حلب ،

__________________

(١) دارا مدينة بين نصيبين وماردين. معجم البلدان.

(٢) رأس العين إحدى المدن السورية على نهر الخابور مقابل الحدود التركية.

(٣) جبل جور أحد حصون ديار بكر قريب من أرمينية. الأعلاق الخطيرة ـ قسم الجزيرة ـ ج ٢ ص ٧٧٦.

(٤) حصن ذي القرنين حصن يقع تحته رأس دجلة شمالي ميافا فارقين ـ الأعلاق الخطيرة ـ قسم الجزيرة ـ ج ٢ ص ٧٨٣.

(٥) لمزيد من التفاصيل انظر ابن القلانسي ص ٤٢١ ـ ٤٢٢. مرآة الزمان ج ١ ص ١٧١.

٣٠

ورحل إلى حماة في سابع ذي الحجة ، ورحل إلى حمص ، ثم إلى بعلبك ، فحصرها أوّل محّرم من سنة أربع وثلاثين وخمسمائة ، وضربها بالمجانيق إلى أن فتحها يوم الاثنين رابع عشر صفر.

وفتح القلعة يوم الخميس خامس وعشرين منه ، وأقام بها إلى منتصف شهر ربيع الآخر ، وكان قد حلف لأهل القلعة بالأيمان المغّلظة والمصحف والطلاق ، فلمّا نزلوا غدر بهم ، وسلخ واليها ، وشنق الباقين ، وكانوا سبعة وثلاثين رجلا ، وغدر بالنّساء ، وأخذهم.

وسار في نصف ربيع الآخر إلى دمشق لمضايقتها فنزل على داريّا ، وزحف إلى البلد ، وراسل محمّد بن بوري في تسليمها ، وأخذ بعلبك وحمص ، وما يقترح معهما عوضا عنها ، وأراد إجابته إلى ذلك فمنعه أصحابه ، وخوّفوه الغدر به ، فمات محمّد بن بوري ، في ثامن شعبان ، ونصب ولده عضب الدولة أبق مكانه.

وكاتب أنر الفرنج في نجدته ، وتسليم بانياس من ابراهيم بن طرغت إليهم ، فتجمّعوا لذلك ، فرحل أتابك عن دمشق ، في خامس شهر رمضان ، للقاء الفرنج إن قربوا منه إلى ناحية بصرى وصرخد من حوران ، وأقام مدّة ، ثم عاد إلى الغوطة فنزل عذراء وأحرق عدة ضياع من الغوطة.

ووصل الفرنج فنزلوا بالميدان ، فرحل أتابك إلى ناحية حمص. وأسر ريمند صاحب أنطاكية ابراهيم بن طرغت صاحب بانياس ، وقتله ، ونزل

٣١

معين الدّين أنر عليها فحصرها وتسلّمها ، وسلّمها إلى الفرنج ، وعادت خاتون إلى حلب في عشرين من ربيع الأول.

وعاد أتابك إلى حلب في الرّابع والعشرين من جمادى الأولى ، واستقرّ الحال بين زنكي وأبق على أن خطب زنكي بدمشق.

ومات قاضي حلب أبو غانم محمّد بن أبي جرادة في شهر ربيع الآخر من سنة أربع وثلاثين وخمسمائة ، فولّى أتابك قضاء حلب ولده أبا الفضل هبة الله بن محمد بن أبي جرادة ، ولمّا استحضره وولّاه القضاء قال له : «هذا الأمر قد نزعته من عنقي ، وقلّدتك إيّاه ، فينبغي أن تتقي الله وأن تساوي بين الخصمين ، هكذا» ؛ وجمع بين أصابعه.

وكثر عيث التّركمان وفسادهم ، وامتدث أيديهم إلى بلاد الفرنج ، فأرسلوا رسولا إلى أتابك يشكونهم ، فعاد الرّسول متنصّلا ، فلقيه قوم من التّركمان فقتلوه ، فأغار الفرنج على حلب ، فأخذوا من العرب والتّركمان ما لا يحصى.

وعاد أتابك في سنة ستّ وثلاثين على الحلبيّين بالقطيعة الّتي كان قرّرها على الأملاك ، وأرسل إليهم عليّ الفوتي العجمي ، فعسف النّاس في استخراج القطيعة ، وأخرق بهم ، ومات ابن شقارة بحلب ، وصارت أملاكه إلى بيت المال فردّ على النّاس ما كان وظّف على أملاكه من القطيعة وأخذه منهم.

وأغار الفرنج في سنة ست وثلاثين وخمسمائة على بلد سرمين ، وأخربوا

٣٢

ونهبوا ، ثمّ تحوّلوا إلى جبل السّمّاق ، وكذلك فعلوا بكفرطاب ، وتفرّقوا فأغار علم الدّين بن سيف الدّين سوار مع التّركمان إلى باب أنطاكية ، وعادوا بالغنائم والوسيق العظيم.

وأغار لجة التركي وكان قد نزح عن دمشق إلى خدمة زنكي على بلد الفرنج ، في جمادى ، فساق وسبى وقتل ، وذكر أن عدّة المقتولين سبعمائة رجل.

واتّفق في هذه السّنة خلف شديد بين أتابك زنكي وقرا أرسلان بن داود بن سكمان بناحية بهمرد (١) ، فالتقيا فكسره أتابك ، وفتح بهمرد ، وعاد إلى الجزيرة ، ثم إلى الموصل فشتّى بها.

وفي هذه السّنة تقرّر الصّلح بين أتابك والأرتقيّة ووصل أولادهم إلى الخدمة ثمّ عادوا.

وفي خامس شعبان مات وزير أتابك ضياء الدّين بن الكفرتوثي ووزّر موضعه أبا الرضا بن صدقة ، ثمّ عزله في سنة ثمان وثلاثين.

ونهض سوار في شهر رمضان إلى بلد أنطاكية ، وعند الجسر جمع عظيم وخيم مضروبة من الفرنج ، فخاض التّركمان إليهم العاصي ، وكسروا الجميع هناك ، وقتلوا كلّ من كان بالخيم ، ونهبوا وسبوا ، وعادوا إلى حلب بالوسيق العظيم ، والأسرى والرؤوس.

__________________

(١) احدى قلاع ديار بكر. الأعلاق الخطيرة ـ قسم الجزيرة ـ ج ٢ ص ٨٢٠.

٣٣

وفتح أتابك قلعة آشب المشهورة بالحصانة (١) في ثالث وعشرين من شهر رمضان من سنة سبع وثلاثين.

وخرج ملك أنطاكية إلى وادي بزاعا ، فخرج سوار فردّهم إلى بلد الشّمال واجتمع سوار وجوسلين بين العسكرين فاتّفق الصّلح بينهما.

وفي سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ، فتح أتابك قلعة انيرون (٢) ، وبعدها قلعة حيزان (٣) ، وممّا كان أيضا بيد الفرنج جملين ، والموزر (٤) ، وتل موزن (٥) ، وغيرهما.

وخرج عسكر حلب فظفروا بفرقة كبيرة من التّجار والأجناد وغيرهم خرجت من أنطاكية تريد بلاد الفرنج ، ومعها مال كثير ودوابّ ومتاع ، فأوقعوا بهم ، وقتلوا جميع الخيّالة من الفرنج الخارجين لحمايتهم ، وأخذوا ما كان معهم ، وعادوا إلى حلب ، وذلك في جمادى الأولى من السّنة.

وفي يوم الأربعاء خامس وعشرين من ذي القعدة ، وقعت خيل تركمان نهضت من بلد حلب ، فأوقعت بخيل خارجة من باسوطا (٦)

__________________

(١) هدم عماد الدين هذه القلعة وعمر مكانها واحدة جديدة حملت اسمه «العمادية». معجم البلدان.

(٢) من قلاع ديار بكر.

(٣) بلدة من ديار بكر قرب أسعرد. معجم البلدان.

(٤) هما في اقليم نصيبين.

(٥) بلد بين ماردين والرها اسمها اليوم ويران شهر. اللؤلؤ المنثور ص ٥٠٥.

(٦) باسوطا الآن في منطقة عفرين محافظة حلب وتبعد عن حلب مسافة ٦٩ كم.

٣٤

فقتلوهم ، وأسروا صاحب باسوطا وجاءوا به إلى حلب ، فسلّموه إلى سوار فقيّده.

وعزل أتابك وزيره جلال الدّين أبا الرّضا بالموصل ، واستوزر أبا الغنائم حبشي بن محمّد الحلّي.

وكان أتابك زنكي لا يزال يفكّر في فتح الرّها ، ونفسه في كل حين تطالبه بذلك ، إلى أن عرف أنّ جوسلين صاحبها قد خرج منها في معظم عسكره ، في سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ، لأمر اقتضاه ، فسارع أتابك إلى النّزول عليها في عسكر عظيم ؛ وكاتب التّركمان بالوصول إليه ، فوصل خلق عظيم.

وأحاط المسلمون بها من كلّ الجهات ، وحالوا بينها وبين من يدخل إليها بميرة أو غيرها ، ونصب عليها المجانيق ؛ وشرع الحلبيّون فنقبوا عدّة مواضع عرفوا أمرها إلى أن وصلوا تحت أساس أبراج السّور ، فعلقوه بالأخشاب ، واستأذنوا أتابك في إطلاق النّار فيه ، فدخل إلى النّقب نفسه وشاهده ثم أذن لهم ، فألقوا النّار فيه ، فوقع السّور في الحال (١).

وهجم المسلمون البلد ، وملكوه بالسّيف يوم السّبت سادس عشر جمادى الآخرة ، وشرعوا في النّهب والقتل والأسر والسّبي ، حتّى امتلأت أيديهم من الغنائم ، ثمّ أمر أتابك برفع السّيف عن أهلها ، ومنع السّبي ،

__________________

(١) كان النقابون يفتحون ثغرة بأسفل السور تملأ أثناء العمل بالخشب ثم تحرق الأخشاب فينهار السور.

٣٥

وردّه من أيدي المسلمين ، وأوصى بأهلها خيرا ، وشرع في عمارة ما انهدم منها وترميمه.

وكان جمال الدّين أبو المعالي فضل الله بن ماهان رئيس حرّان هو الّذي يحثّ أتابك في جميع الأوقات على أخذها ، ويسهّل عليه أمرها فوجد على عضادة محرابها مكتوب :

أصبحت صفرا من «بني الأصفر»

أختال بالأعلام والمنبر

دان من المعروف حال به

ناء عن الفحشاء والمنكر

مطهّر الرّحب على أنّني

لو لا «جمال الدّين» لم أطهر

فبلغ ذلك رئيس حران ، فقال : «امحوا جمال الدّين ، واكتبوا عماد الدّين» ، فبلغ ذلك زنكي ، فقال : «صدق الشّاعر لولاك ما طمعنا فيها» ، وأمر عمّاله بتخفيف الوطأة عليهم في الخراج ، وأن يأخذوه على قدر مغلّاتها (١).

ثمّ رحل إلى سروج ففتحها ، وهرب الفرنج منها ، ثمّ رحل فنزل على البيرة ، في هذه السنة فحاصرها في هذه السّنة.

وجاءه الخبر من الموصل أن نصير الدّين جقر نائبه بالموصل قتل ، فخاف عليها ، وترك البيرة بعد أن قارب أخذها (٢) ، وسار حتّى دخل

__________________

(١) لمزيد من المعلومات انظر بغية الطلب ٣٨٥٠ ـ ٣٨٥١. وانظر ما جاء عند المؤرخ السرياني المجهول.

(٢) لمزيد من التفاصيل انظر الباهر ص ٧٠ ـ ٧٢.

٣٦

الموصل ، وأخذ فرخانشاه ابن السّلطان الّذي قتل جقر ، وعزم على تملّك الموصل ، فقتله بدم جقر ، وولّى الموصل مكانه الأمير زين الدّين علي كوچك.

ثمّ شرع زنكي في الجمع والاحتشاد ، والاستكثار من عمل المجانيق ، وآلة الحرب ، في أوائل سنة أربعين وخمسائة ؛ ويظهر للنّاس أنّ ذلك لقصد الجهاد ، وبعض النّاس يقول : إنّه لقصد دمشق ومنازلتها ، وكان ببعلبكّ مجانيق فحملت إلى حمص ، في شعبان من هذه السّنة.

وقيل : إنّ عزمه انثنى عن الجهاد في هذه السّنة ، وأنّ جماعة من الأرمن بالرّها عاملوا عليها ، وأرادوا الإيقاع بمن كان فيها من المسلمين واطّلع على حالهم ؛ وتوجه أتابك من الموصل نحوها ، وقوبل من عزم على الفساد بالقتل والصلب.

وسار ونزل على قلعة جعبر بالمرج الشّرقي تحت القلعة ، يوم الثلاثاء ثالث ذي الحجّة ، فأقام عليها إلى ليلة الأحد سادس شهر ربيع الآخر نصف اللّيل من سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ، فقتله يرنقش الخادم ؛ كان تهدّده في النّهار ، فخاف منه فقتله في اللّيل في فراشه.

وقيل : إنّه شرب ونام ، فانتبه فوجد يرنقش الخادم وجماعة من غلمانه يشربون فضل شرابه ، فتوعّدهم ، ونام فأجمعوا على قتله ، وجاء يرنقش إلى تحت القلعة ، فنادى أهل القلعة : «شيلوني فقد قتلت أتابك». فقالوا له :

٣٧

«اذهب إلى لعنة الله ، فقد قتلت المسلمين كلّهم بقتله» (١).

وقد كان أتابك ضايق القلعة ، فقلّ الماء فيها جدّا ، والرّسل من صاحبها عليّ بن مالك تتردّد بينه وبين أتابك ، فبذل عليّ بن مالك له ثلاثين ألف دينار ليرحل عنها ، فأجابه إلى ذلك.

ونزل الرّسول ، وقد جمع الذّهب حتّى قلع الحلق من آذان أخواته ، وأحضر الرّسول ، وقال لبعض خواصّه : «امض بفرسه وقرّبه إلى قدر اليخني فإن شرب منه فأعلمني». ففعل ذلك ، فشرب الفرس مرقة اليخني ، فعلم أنّ الماء قد قلّ عندهم ، فغالط الرّسول ودافعه ، ولم يجبه إلى ملتمسه ، فأسقط في يد عليّ بن مالك.

وكان في القلعة عنده بقرة وحش ، وقد أجهدها العطش ، فصعدت في درجة المئذنة حتّى علت عليها ، ورفعت رأسها إلى السّماء ، وصاحت صيحة عظيمة ، فأرسل الله سحابة ظلّلت القلعة ، وأمطروا حتى رووا ، فتقدّم حسّان البعلبكيّ صاحب منبج إلى تحت القلعة ، ونادى عليّ بن مالك ، وقال له : «يا أمير عليّ ، ايش بقي يخلّصك من أتابك» فقال له» «يا عاقل ، يخلّصني الذي خلصك من حبس بلك». يعني حين قتل ، بلك على منبج وخلص حسّان ، فصدق فأله ـ وكان ما ذكرناه ـ.

وأخبرني والدي ـ رحمه‌الله ـ أنّ حارس أتابك كان يحرسه في اللّيلة التي

__________________

(١) عزا وليم الصوري ص ٧٤٢ مقتل زنكي إلى مؤامرة دبرها صاحب قلعة جعبر.

٣٨

قتل فيها بهذين البيتين :

يا راقد اللّيل مسرورا بأوّله ،

إنّ الحوادث قد يطرقن أسحارا!

لا تأمننّ بليل طاب أوّله

فربّ آخر ليل أجّج النّارا!

وكان أتابك جبارا عظيما ذا هيبة وسطوة ، وقيل : إنّ الشاووش (١) كان يصيح خارج باب العراق ، وهو نازل من القلعة ، وكان إذا ركب مشى العسكر خلفه كأنّهم بين حيطين مخافة أن يدوس العسكر شيئا من الزّرع ، ولا يجسر أحد على هيبته أن يدوس عرقا منه ، ولا يمشي فرسه فيه ، ولا يجسر أحد من أجناده أن يأخذ لفلّاح علاقة تبن إلّا بثمنها أو بخط من الدّيوان إلى رئيس القرية ؛ وإن تعدّى أحد صلبه.

وكان يقول : «ما يتّفق أن يكون أكثر من ظالم واحد» ـ يعني نفسه ـ فعمرت البلاد في أيّامه بعد خرابها وأمنت بعد خوفها ، وكان لا يبقي على مفسد ، وأوصى ولاته وعمّاله بأهل حرّان ، ونهي عن الكلف والسّخر والتثقيل على الرّعية ، هذا ما حكاه أهل حرّان عنه.

وأما فلّاحو حلب فإنّهم يذكرون عنه ضدّ ذلك (٢).

__________________

(١) يكتب أيضا «الجاووش» وهو المنادي الذي يتولى استنفار العساكر لتخرج إلى القتال ، وقرأنا في النوادر السلطانية لابن شداد ص ٦٦ ، ١٠٨ «فركب السلطان وصاح الجاووش فركب العسكر».

(٢) كانوا يذكرون «أنه كان عليهم منه جور وظلم في أيام ولايته ، وأكثر ما كان يذكر عنه من الظلم ما يلزم الناس به من جمع الرجالة للقتال والحصار». بغية الطلب : ٢٨٥٢.

٣٩

وكانت الأسعار في السّنة الّتي توّفي فيها رخية جدّا ، الحنطة ستّ مكايك بدينار ؛ والشّعير أثنا عشر مكّوكا بدينار ؛ والعدس أربع مكايك بدينار ؛ والجلبان خمسة مكايك بدينار ؛ والقطن ستّون رطلا بدينار ؛ والدّينار هو الّذي جعله أتابك دينار الغلّة ؛ وقدره خمسون قرطيسا برسا (١) وذلك لقلّة العالم.

ولمّا قتل افترقت عساكره فأخذ عسكر حلب ولده نور الدّين أبا القاسم محمود بن زنكي ، وطلبوا حلب فملّكوه إيّاها ، وأخذ نور الدّين خاتمه من إصبعه قبل مسيره إلى حلب ، وسار أجناد الموصل بسيف الدّين غازي إلى الموصل وملكها.

وبقي أتابك وحده ، فخرج أهل الرّافقة فغسّلوه بقحف جرّة ، ودفنوه على باب مشهد عليّ ـ عليه‌السلام ـ في جوار الشهّداء من الصّحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وبنى بنوه عليه قبة ، فهي باقية إلى الآن (٢).

وملك الملك العادل نور الدّين أبو القاسم محمود بن زنكي بن أق سنقر حلب ، عند ذلك في شهر ربيع الآخر يوم الثّلاثاء عاشر الشهر ، سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.

ووصل إليه صلاح الدّين الياغيسياني يدبّر أموره ويقوم بحفظ دولته

__________________

(١) من أنواع الدراهم النحاسية قد يوازي كل / ١٣ / منها درهما فضيا.

(٢) انظر بغية الطلب ص ٣٨٥٥ ـ ٣٨٥٧. وزالت معالم القبة الآن ، وكانت قرب ما يعرف الآن بباب بغداد ، ودللت بعض الحفريات الأثرية على مكان القبر.

٤٠