أسماء وألقاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

علي أصغر شكوهي قوچاني

أسماء وألقاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

علي أصغر شكوهي قوچاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: زيبا نگار
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-949-9
الصفحات: ٣٩٢

أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين وقاتل النّاكثين والقاسطين والمارقين، والمجاهد أعداءه النّاصبين، وأفخر من مشى من قريش أجمعين، وأوّل من أجاب واستجاب لله من المؤمنين، وأقدم السّابقين، وقاصم المعتدين، ومبير المشركين...١

مبير الشّرك

ينظر : مبير المشركين.

المثل الأعلى

ينظر : الفاروق، النبأ العظيم.

محدّث هذه الأمّة

ينظر : باب حطّة، سفينة نجاة الأمّة.

مجاهد الناكثين والقاسطين والمارقين

ينظر : مبير المشركين، مقاتل الناكثين.

المحسن٢

عن عليّ عليه‌السلام قال : أنا المحسن، إنّ الله مع المحسنين.٣

_______________________

١ ـ المقتل للخوارزميّ ٢ / ٧٧.

٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٣٤.

٣ ـ اللّوامع النورانيّة ٥.

٣٠١

المختار

سمّي عليه‌السلام مختاراً١ لأنّ الله تعالى اختاره، واختاره من ذرّيّة الأنبياء، ليكون وصيّاً لخاتم الأنبياء صلى‌الله‌عليه‌وآله.

عن موفّق بن أحمد بسنده عن أمّ سلمة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله اختاره مِن كلّ أمّة نبيّاً، واختار لكلّ نبيّ وصيّاً، فأنا نَبيُّ هذه الأمّة وعليّ وصيّي في عترتي وأهل بيتي وأمّتي من بعدي.٢

وعنه أيضاً بسنده عن أبي أيوب الأنصاريّ قال : إنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مَرض مرضة فأتته فاطمة تعوده، فلمّا رأت ما برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الجَهد والضعف استعبرت فبكت حتّى سالت الدّموع على خدّيها، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة، إنّ لكرامة الله تعالى إيّاك زوّجك من أقدمهم سلماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً. إنّ الله تعالى اطّلع إلى أهل الأرض اطّلاعة فاختارني منهم فبعثني نبيّاً مرسلاً، ثمّ اطّلع اطّلاعة فاختار منهم بعلك، فأوحىٰ إليّ أن أزّوجه إيّاك واتّخذه وصيّاً.٣

المرتضى

واعلم أنّ ألقاب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام كثيرة، ولكلّ لقب سبب أو وجه يخصّصه به، وإن لم نعلمه إلّا جملة.

منها : المرتضى،٤ وهو أشهر ألقابه؛ لأنّ الله عزّ وجلّ ارتضى عقيدته وأفعاله

_______________________

١ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٢٦.

٢ ـ المناقب للخوارزميّ ١٤٧ رقم ١٧١، في حديث طويل؛ فرائد السمطين ١ / ٢٧٢.

٣ ـ المناقب للخوارزميّ ١١٢ رقم ١٢٢؛ المناقب لابن المغازليّ ١٠١؛ الفصول المهمّة ٢٩٦؛ كفاية الطالب ٤٥٤، من كتاب البيان؛ ذخائر العقبى ١٣٥؛ مجمع الزوائد ٩ / ١٤٤؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٩ / ١٧٤ خ ١٥٤.

٤ ـ مطالب السؤول ٦٦، المناقب للخوارزميّ ٤٠؛ معجم الآداب في معجم الألقاب

٣٠٢

وأقواله وأخلاقه، وارتضاها له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورضي الله تعالى أن يكون وزيراً لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخليفة له بعده ووصيّاً له، ورضيه رسول الله لنفسه وارتضاه إماماً، ورضوا به وعنه.

ولقّب المرتضى لأنّ جبرئيل عليه‌السلام قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله تعالى يقول : رَضِيتُ فاطمة لعليّ، وعليّاً لها. والرضيّ : المَرضيّ أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته، أو عليّ ذو الرّضا عن الله تعالى.١

عن أمّ سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : سُميّ النّاسُ «المؤمنين» من أجل عليّ، ومن لم يؤمن بعليّ لم يكن مؤمناً في أمّتي، وسُمّي مختاراً لأنّ الله اختاره، وسمّي المرتضى لأنّ الله ارتضاه، وسمّي عليّاً لَم يُسمّ أحد قبله باسمه.٢

الأذن الواعية٣

قال ابن المغازليّ الفقيه الشافعيّ بإسناده عن ابن بُرَيْدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليه‌السلام : أُمِرْتُ أن أُدينك ولا أُقصيك، وأن تَعي وحقّ لك أن تَعي، فأنزلت (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ)٤

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ : أُمرتُ أن أُدينك ولا أقصيك وأن تعي وحقٌ لك

_______________________

٢ / ٤٨٦؛ نزل الأبرار ١١٥؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٣٤.

١ ـ كتاب ألقاب الرسول وعترته ٢٤ (مجموعة نفيسة ١٨٠).

٢ ـ ينابيع المودّة ٢ / ٣٠٥.

٣ ـ المناقب للخوارزميّ ٤٠؛ ذخائر العقبى ٥٧؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٢٨، ٣٣٣؛ الرياض النّضرة ٢ / ١٠٧؛ كتاب ألقاب الرسول وعترته ٣٦ «مجموعة نفيسة ١٩٢».

٤ ـ المناقب لابن المغازليّ ٣١٨، ٣١٩؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٩٥، ٣٣٣، وفيه : ومن أسمائه الأمير والأمين والاُذُن.

٣٠٣

أن تعي، فأنزلت (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ)، فأنت الأذن الواعية لعلمي يا عليّ، وأنا المدينة وأنت الباب ولا تؤتى المدينة إلّا مِن بابها.١

وعن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : يا عليّ، إنّ الله أمرني أن أُدنيك ولا أقصيك، وأن أحبّك وأحبّ مَن يحبّك، وأن أعلّمك وتعي وحقّ على الله أن تعي، فأنزل الله تعالى (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ). فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سألت ربّي أن يجعلها أُذنك يا عليّ. قال عليّ عليه‌السلام : فمنذ نزلت هذة الآية ما سَمِعَت أُذناي شيئاً من الخير والعلم والقرآن إلّا وَعَيته وحفظته.٢

ومن قصيدة أبي القاسم الزاهي المتوفّى سنة ٣٥٢ هـ :

وهو لكلّ الأوصياء آخرٌ

بضبطه التوحيدُ في الخلق انضَبَطْ

والنبأُ الأعظمُ والحجّةُ والـ

محنةُ والمصباح في الخَطْبِ الورطْ

_______________________

١ ـ حلية الأولياء ١ / ٦١، ٦٢؛ تاريخ دمشق ٢٣ / ٢٧٦؛ تفسير الطبريّ ٢٩ / ٣١، ٥٦؛ مطالب السؤول ٩٣؛ تفسير ابن كثير الدمشقيّ ٤ / ٤١٣؛ تفسير الكشّاف ٤ / ٦٠٠؛ نظم درر السمطين ٧٧، ٩٢؛ كفاية الطالب ٩٤ / ٢٠٧؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١١٠؛ أسباب النزول للواحديّ ٣٣٩؛ تأويل ما نزل من القرآن الكريم ٤٠١؛ مناقب الطّاهرين ١ / ٣٧٣؛ تنبيه الغافلين ١٩٣؛ سعد السّعود ٢١٨؛ كشف الغمّة ١ / ٣٢٢؛ كشف اليقين ٣٨٩.

٢ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٣٦١ ـ ٣٨٠؛ فردوس الأخبار ٥ / ٣٢٩ رقم ٨٣٣٧؛ تفسير الثعلبيّ ١٠ / ٢٨؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٤ / ٣١٩؛ النور المشتعل ٢٦٦ ـ ٢٧٢؛ المناقب للخوارزميّ ٢٨٢، ٢٨٣؛ أنساب الأشراف ٢ / ١٢١؛ الدرّ المنثور ٦ / ٣٦٠؛ شرح المواقف ٨ / ٣٧٠؛ مجمع البيان ٥ / ٣٤٥؛ منهاج الكرامة ١٣١؛ خصائص الوحي المبين ٩٨؛ نهج الإيمان ٥٥١.

٣٠٤

حبلٌ إلى الله وباب الحطّة الـ

ـفاتحُ بالرشد مَغاليقَ الخُطَطْ

والأُذُنُ الواعية الصمّاء عن

كلٌّ خَناً يَغلطُ فيه من غَلَطْ١

مستودع مواريث الأنبياء

ينظر : الأمين، الصراط المستقيم.

مشاطير النيران

ينظر : سيف الله.

مصباح الدجى

ينظر : الأمين، الصراط المستقيم.

المضطهد

ينظر : السيّد المظلوم

المظلوم بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

ينظر : السيّد المظلوم.

_______________________

١ ـ الغدير ٣ / ٣٩٤.

٣٠٥

المُصلّي

قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ)،١ فوصف بأحسن عمله عليه‌السلام وهو الصلاة، وأنّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أوّل من صلّى بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.٢

عن زيد بن أرقم قال : أوّل من صلّى مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.٣

وعن أبي رافع قال : صلّى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاثنين، وصلّت خديجة آخر يوم الاثنين، وصلّى علّي عليه‌السلام يوم الثلاثاء من الغد، وصلّى مستخفياً قبل أن يصلّي مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أحد سبع سنين وأشهراً.٤

وعن يحيى بن عفيف الكِنديّ، عن عفيف قال : جئتُ في الجاهليّة إلى مكّة، فنزلت على العبّاس بن عبد المطّلب، فلمّا ارتفعت الشمس وحلّقت في السّماء وأنا أنظر إلى الكعبة، أقبل شابّ فرمى ببصره إلى السّماء ثمّ استقبل القبلة، فقام مستقبلَها، فلم يلبث حتّى جاء غلام فقام عن يمينه، فلم يلبث حتّى جاءت امرأة فقامت خلفهما، فركع الشابّ، فركع الغلام والمرأة، فرفع الشابّ فرفع الغلام والمرأة، فخرّ الشّاب ساجداً فسجدا معه، فقلت : يا عبّاس، أمرُ عظيم! فقال لي :

_______________________

١ ـ المعارج / ١٩ ـ ٢٢.

٢ ـ المنافب للخوارزميّ ٤٥، ٥٦، ٥٧؛ فردوس الأخبار ١ / ٢٧، رقم ٣٩؛ تاريخ بغداد ٤ / ٢٣٣؛ خصائص النّسائيّ ٢٣ ـ ٢٨؛ شواهد التنزيل ٢ / ١٨٥؛ المعجم الكبير للطبرانيّ ١٨ / ١٠٠، رقم ١٨١؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١٨٣؛ تهذيب الكمال ٢٠ / ١٨٤؛ تاريخ الطبريّ ٢ / ٣١٠؛ المعارف لابن قتيبة ١٦٩؛ العسل المصفّى ٢ / ٤٢٢؛ كفاية الطالب ١٠٨؛ مسند أحمد بن حنبل ١ / ٩٩.

٣ ـ المناقب للخوارزميّ ٥٦.

٤ ـ المناقب للخوارزميّ ٥٧؛ صحيح الترمذيّ ٥ / ٦٤، باختلاف يسير؛ شواهد التنزيل ٢ / ١٨٥؛ فضائل الصحابة ح ١١٦٥، وح ١١٦٦.

٣٠٦

أمر عظيم، فقال؛ أتدري مَن هذا الشابّ؟ فقلت : لا. فقال : هذا محمّد بن عبد الله ابن عبد المطّلب، هذا ابن أخي. وقال : تدري من هذا الغلام؟ فقلت : لا، قال : عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلّب، هذا ابن أخي، هل تدري من هذه المرأة الّتي خلفهما؟ قلت : لا. قال : هذه خديجة ابنة خويلد زوجة ابن أخي هذا، حدّثني أنّ ربّه ربّ السّماوات والأرض أمره بهذا الدّين الّذي هو عليه، ولا والله ما على ظهر الأرض كلّها أحد على هذا الدّين غير هؤلاء الثّلاثة.١

وقد اتّفقت الأسانيد والأحاديث وأجمعت الأمّة على أنّ أول من صلّى مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.٢

معدن نفائس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

ينظر : الأنزع البطين.

المفارق

ينظر : السيّد المظلوم.

مفرِّج الكروب

ينظر : سيف الله، شيخ المهاجرين والأنصار.

_______________________

١ ـ خصائص النّسائيّ ٢٧ ـ ٢٩؛ شواهد التنزيل ١ / ١١٣، ٢ / ٣٠٢؛ المناقب للخوارزميّ ٥٦؛ تاريخ الطبريّ ٢ / ٣١١؛ المعجم الكبير للطبرانيّ ١٨ / ١٠١، رقم ١٨٢؛ دلائل النبوّة للبيهقيّ ٢ / ١٦٢؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٣ / ٢٢٦؛ السيرة لابن إسحاق ١٣٧؛ التاريخ الكبير للبخاريّ ٧ / ٧٤.

٢ ـ المستدرك للحاكم ٣ / ١١١، وبسط الشرح والتفصيل العلّامة الأمينيّ رحمه الله في كتابه الغدير ٣ / ٢١٩ ـ ٢٤٣.

٣٠٧

ملجأ كلّ ضعيف

ينظر : حبل الله المتين.

المُلقي في جهنّم أعداءه١

في المناقب، عن جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام في تفسير قوله تعالى : (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ)٢، قال : إذا كان يوم القيامة وقف محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ عليه‌السلام على الصّراط وينادي منادٍ : يا محمّد يا عليّ، ألقِيا في جهنّم كلّ كفّار بنبوّتك يا محمّد، وعنيد بولايتك يا عليّ.٣

روى أبو حنيفة في مسنده رواية عن الأعمش، عن أبي سعيد الخدريّ أنّه قال : إذا كان يوم القيامة قال الله تعالىٰ يا محمّد يا عليّ، قِفا بين الجنّة والنّار وألقيا في جهنّم كلّ كفّار عنيد. أي من أبغضكما وخالفكما وكذبكما كافر مكبر في النّبوّة، معاند للولاية.٤

المُناجي٥

قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً).٦

عن مجاهد قال : نُهوا عن مناجاة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى يتصدّقوا، فلم يُناجِه إلّا

_______________________

١ ـ مجموعة نفيسة ١٩٣.

٢ ـ سورة ق / ٢٤.

٣ ـ ينابيع المودّة ١ / ٢٥١، ٢٥٢؛ بحار الأنوار ٣٦ / ٧٢ ح ٢٣.

٤ ـ جمع مسانيد أبي حنيفة ٢ / ٦، ٢٨٤؛ شواهد التنزيل ٢ / ٢٦١ ـ ٢٦٥.

٥ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٣٤؛ مجموعة نفيسة ١٩٣.

٦ ـ المجادلة / ١٢.

٣٠٨

عليّ بن أبي طالب، قدّم ديناراً فتصدّق به. ثمّ نزلت الرخصة، فكانت الصدقة عند النجوى فريضة من الله، فهذه آية من كتاب الله لم يَعمل بها غير عليّ عليه‌السلام. وقال ابن جرير الطبريّ : أجمع المفسّرون على أنّه لم يعمل بها غير عليّ بن أبي طالب.١

وعن ابن علقمة قال : قال عليّ بن أبي طالب : لمّا نزلت : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ ...) الآية، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ : مُرْهُم أن يتصدّقوا، قال : بِكَم، يا رسول الله؟ قال : بدينار، قال : لا يطيقون. قال : فنصف دينار، قال : لا يطيقون. قال : فبكَم؟ قال : بعشيرة، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّكَ لَزهيد فأنزل الله تعالى : (أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ)، الآية. وكان عليّ يقول : بي خُفّف عن هذه الأمّة.٢

منار الهدى

ينظر : الأمين، الصراط المستقيم.

منجز وعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

ينظر : الخليل، الصراط المستقيم.

منار الإيمان

ينظر : صاحب اللّواء، الأمين.

_______________________

١ ـ كفاية الطالب ١١٧ ـ ١١٨؛ تفسير الطبريّ ٢٨ / ١٣ ـ ١٥؛ أسباب النزول ٣٠٨؛ المناقب للخوارزميّ ٢٧٦.

٢ ـ خصائص النسائيّ ٢١٠ ح ١٥٢؛ سنن الترمذيّ ٥ / ٤٠٦ كتاب التفسير؛ المناقب لابن المغازليّ ٣٢٤؛ ذخائر العقبى ١٠٩.

٣٠٩

المُنفِق١

من فضائله عليه‌السلام في الكرم والسّخاء والجود والعطاء أنّه بلغ في هذه الصّفة ما لم يبلغه أحدٌ، جاد حتّى بنفسه والجود بالنّفس أقصى غاية الجود.

عن ابن عبّاس قال : كان عند الله عليّ عليه‌السلام أربعة دراهم، فتصدّق بواحد ليلاً وبواحد نهاراً وبواحد سرّاً وبواحد علانية، فأنزل الله عزّ وجلّ : (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً).٢

وبات عليّ على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة خروجه من مكة، ونزلت في حقّه : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ).٣ وشرى عليّ عليه‌السلام نفسه، لبس ثوب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله، ثمّ نام مكانه.

وأجمع العلماء على أنّ نوم عليّ عليه‌السلام على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل من خروجه معه، وذلك أنه وطّن نفسه على مفاداته لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله، وآثر حياته على حياته.

مميّز المنافقين

ينظر : مبير المشركين.

_______________________

١ ـ مجموعة نفيسة ١٩٤؛ مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٤.

٢ ـ أسباب النزول ٦٤؛ الصواعق المحرقة ٧٨؛ الرياض النضرة ٢ / ٢٠٦؛ تفسير الحبريّ ٢٤٣؛ تفسير الثعلبيّ ٢ / ٢٧٩. والآية في سورة البقرة / ٢٧٤.

٣ ـ تفسير الثعلبيّ ٢ / ١٢٦؛ المعجم الكبير ١١ / ٨٠ ح ١١١٦٤؛ مناقب للخوارزميّ ٢٨١؛ تاريخ الطبريّ ٢ / ٩٩؛ إحياء علوم الدين ٣ / ٢٣٨؛ شواهد التنزيل ١ / ١١٣؛ الفصول المهمّة ١٢٣؛ تاريخ اليعقوبيّ ٢ / ٢٦. والآية في سورة البقرة / ٢٨١.

٣١٠

الموت

من أسمائه عليه‌السلام : الموت، والموت الأحمر.١

إنّ قريشاً سَمَّته الموت يوم بدر، فنزلت (وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ).٢

موضع سرّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

ينظر : الأنزع البطين.

مولى البريّة

ينظر : إمام المؤمنين.

مولى الله

ينظر : الصاحب.

مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

ينظر : الصاحب، وليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

_______________________

١ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٢٠، وفيه : يسمّيه المشركون الموت الأحمر.

٢ ـ آل عمران ١٤٣.

٣١١

المُؤيَّد من عند الله١

عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : إنّ الله تبارك وتعالى أيّد هذا الدّين بعليّ بن أبي طالب وإنّه منّي وأنا منه، وفيه أنزل : (أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ).٢

وعن عليّ عليه‌السلام قال : بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اليمن فقلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله، بعثني وأنا شابّ أقضي بينهم ولا أدري ما القضاء. فضرب صدري بيده ثمّ قال : اللّهمّ اهدِ قلبه وثبّت لسانه، فوالّذي فلق الحبّة ما شككتُ في قضاء بين اثنين.٣

وقال عليّ بن الحسين عليه‌السلام في خطبته المشهورة بالمسجد الجامع في دمشق : أنا ابن المؤيّد بجبرئيل، المنصور بميكائيل... ذاك جدّي عليّ بن أبي طالب.

ينظر : الخليل

مؤيِّد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

عن ابن عبّاس قال : جاع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله جوعاً شديداً، فنزل جبرئيل عليه‌السلام وفي يده لوزة فناوله إيّاها، ففكّها فإذا فيها خريطة خضراء وعليها مكتوب بالنّور : لا إلٰه إلّا الله، محمّد رسول الله، أيّدته بعليّ ونصرته به، ما آمن بي من اتّهمني في قضائي واستبطأني في رزقي.٤

وعن أبي الحمراء خادم النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : سمعت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لمّا أُسري

_______________________

١ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٢٥.

٢ ـ كنز العمّال ٢ / ٤٣٩. والآية في سورة هود / ١٧.

٣ ـ الصواعق المحرقة ١٢٣؛ الاستعياب ٢ / ٤٦٠.

٤ ـ ميزان الاعتدال ٣ / ٥٤٩، ٢ / ٣٨١، ٤ / ٤١٠.

٣١٢

بي إلى السّماء دخلت الجنّة فرأيت في ساقَي العرش مكتوباً : لا إله إلّا الله، محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أيّدته بعليّ ونصرته.١

وعن أبي نعيم بإسناده قال : وممّا نزلت في مناعة مقام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وهو قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ).٢ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مكتوب على العرش : لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، محمّد عبدي ورسولي أيّدته بعليّ بن أبي طالب، وذلك قوله تعالى : (أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) يعني بعليّ عليه‌السلام.٣

المهجور

ينظر : السيّد المظلوم.

الميزان

ينظر : الصراط المستقيم.

النّبأ العظيم٤

كَثُر إطلاق النّبأ العظيم على عليّ عليه‌السلام إلى أن صار كأنّه من ألقابه الخاصّة

_______________________

١ ـ مجمع الزوائد ٩ / ١٦١، ١٤٣؛ المعجم الكبير ٢٢ / ٢٠٠؛ حلية الأولياء ٣ / ٢٧؛ شواهد التنزيل ١ / ٢٩، ٢٣٣ رقم ٢٩٩؛ خصائص الوحي المبين ١٧٨.

٢ ـ الأنفال / ٦٣.

٣ ـ النور المشتعل ٨٩؛ كفاية الطالب ٢٠٥؛ الرياض النضرة ٢ / ١٧٢؛ تفسير الدرّ المنثور ٣ / ١٩٩؛ تاريخ بغداد ١١ / ١٧٣؛ ذخائر العقبى ٦٩؛ المناقب للخوارزميّ ٣٢٠، ٣٢١؛ المناقب لابن المغازليّ ٣٩؛ فرائد السمطين ١ / ٢٣٥.

٤ ـ نظم درر السمطين ٧٨؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٣١.

٣١٣

وعناوينه المخصوصة في السنّة العامّة والخاصّة.

وروى الشيخ الصّدوق رحمة الله عليه بإسناده عن عليّ بن موسى الرّضا عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليه‌السلام : يا عليّ، أنت حجّة الله، وأنت باب الله، وأنت الطّريق إلى الله، وأنت النّبأ العظيم، وأنت الصّراط المستقيم، وأنت المَثَل الأعلىٰ.١

وعن أبي حمزة الثماليّ قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله تعالى : (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ)،٢ فقال : كان عليّ عليه‌السلام يقول لأصحابه : أنا واللهِ النّبأ العظيم، اختلف فِيّ جميع الأمم بألسنتها، واللهِ ما لله نبأ أعظم منّي، ولا لله آية أعظم منّي.٣

ومن ذلك ما رواه محمّد بن مؤمن الشيرازيّ في كتابه في تفسير قوله تعالى : (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) بإسناده إلى السدّيّ، قال : أقبل صخر بن حرب حتّى جلس إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله، فقال : يا محمّد، هذا الأمر من بعدك لنا أم لمن؟ قال : يا صخر، الأمر مِن بعدي لمَن هو منّي بمنزلة هارون مِن موسى، فأنزل الله تعالى (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ)، يعني : يسألك أهل مكّة عن خلافة عليّ بن أبي طالب (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ)، منهم المصدّق بولايته وخلافته، قال : (كَلَّا) ـ وهو ردّ عليهم ـ (سَيَعْلَمُونَ) سيعرفون خلافته بعدك أنّها حقّ يكون، (ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) يقول يعرفون خلافته وولايته، إذ يتساءلون منها في قبورهم، فلا يبقى ميّت في شرقٍ

_______________________

١ ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ / ٦.

٢ ـ النّبأ / ١ ـ ٢.

٣ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٤١٧؛ تفسير فرات الكوفيّ ٢٠٢؛ الأصول من الكافي ١ / ٢٠٧؛ اليقين لابن طاووس ١٥١؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٧٩؛ اللّوامع النورانيّة ٤٨٧.

٣١٤

ولا غرب ولا بَرّ ولا بحر، إلّا ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام بعد الموت، يقولان للميّت؛ مَن ربّك؟ وما دِينك؟ ومَن نبيّك؟ ومَن إمامك؟١

فهذا أدلّ على وجوب ولايته واتّباعه والاقتداء والتمسّك به، لأنّ مِن المحال أنّ يسأل الله تعالى عبدَه بعد الموت عن ولاية إمامٍ لم يكن أمَرَه باتّباعه والاقتداء به، ونصب له علماً ظاهراً مكشوفاً في الدّلالة على ذلك الإمام، ومولانا عليّ عليه‌السلام عَلَمُ ولايته ظاهرٌ مكشوف بدليل الكتاب العزيز والأخبار الواردة مِنَ الفريقين.٢

وعن عبد الرحمٰن بن كثير، قال : سألت جعفر الصادق عليه‌السلام عن قوله تعالى : (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ). وسألته عن قوله تعالى : (هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ)٣، قال عليه‌السلام : ولاية أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام، كان يقول : ما لله نبأ هو أعظم منّي، ولا لله آية أكبر منّي.٤

وعن أبان بن تغلب قال : سألت أبا جعفر الباقر عليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ : (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ)، فقال : هو عليّ عليه‌السلام : لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس فيه خلاف.٥

وقال أبو عبد الله الحسين بن حَمْدان في «الهداية الكبرى» : وقوله عزّ وجلّ :

_______________________

١ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٤١٨؛ نهج الإيمان ٥٠٧، ٥٥٣؛ دلائل الصدق ٢ / ٣٢١؛ تأويل الآيات الظاهرة ٧٣٤.

٢ ـ نهج الإيمان ٥٥٤.

٣ ـ الكهف / ٤٤.

٤ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٤٠٢؛ تفسير القمّيّ ٢ / ٤٠١؛ غاية المرام ٣٤٣.

٥ ـ تأويل ما نزل من القرآن الكريم ٤٢٣؛ بصائر الدّرجات ٧٧، ٩٦؛ تأويل الآيات الظاهرة ٧٣٤.

٣١٥

(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) وقول أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام لعليّ بن دراع الأسديّ، وقد دخل عليه وهو ممحتَبٍ في جامع الكوفة، فوقف بين يديه، فقال : أرقتَ مدىٰ ليلتك، فقال له : ما أعلَمَك يا أمير المؤمنين بأرقي؟ فقال : ذَكَرتَني والله في أرقك، فإن شئتَ ذَكَّرتُك وأخبرتُك به، فقال عليّ بن دراع : أنْعِم علَيَّ يا أمير المؤمنين بذلك، فقال له : ذكرتَ في ليلتك هذه قول الله عزّ وجلّ : (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) فأرَقُك وفِكرك فيه، وتاللهِ يا عليّ بن دراع، ما اختلف الملأ إلّا بي، وما اللهِ نبأ هو أعظم منّي، ولي ثلاث مائة اسم لا يمكن التصريح بها، لئلّا يكبر على قوم لا يؤمنون بفضل الله عزّ وجلّ علىٰ رسوله وعلىٰ أمير المؤمنين والأئمّة الراشدين.١

النّسب والصّهر

من أسمائه وألقابه ممّا هو مذكور في القرآن : النّسب والصّهر٢، في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا)٣، عن السدّيّ قال : نزلت في النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ عليه‌السلام، زوّج فاطمة عليّاً عليهما‌السلام وهو ابن عمّه وزوجُ ابنته، كان نسباً وكان صهراً.٤

وقال الموفّق بن أحمد الخوارزميّ بإسناده عن أنس بن مالك قال : كنت عند النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فَغِشيَه الوحي، فلمّا أفاق قال لي : يا أنس، أتدري ما جاءني به

_______________________

١ ـ الهداية الكبرى ٩٢.

٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٢٨؛ مجموعة نفيسة ١٢٩.

٣ ـ الفرقان / ٢٥.

٤ ـ تذكرة الخواصّ ٨٦؛ معاني الأخبار ٥٩.

٣١٦

جبرئيل من عند صاحب العرش؟ قال : قلت : الله ورسوله أعلم. قال : أمرني أن أُزوّج فاطمة من عليّ، فانطَلِق فادعُ لي عليّاً وأبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وبعددهم من الأنصار. قال : فانطلقتُ فدعوتهم له، فلمّا ان أخذوا مجالسهم، قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المُطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه، المرغوب إليه فيما عنده، النافذ أمرُه في أرضه وسمائه، الّذي خلق الخلق بقدرته وميّزهم بأحكامه، وأعزّهم بدينه، وأكرمهم بنبيّه محمّد. ثمّ إنّ الله جعل المصاهرة نسباً لاحقاً وأمراً مفترضاً، وشّج بها الأرحام وألزمها الأنام، فقال تبارك اسمه وتعالى جَدُّه : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا)، فأمرُ الله يجري إلى قضائه، وقضاؤه إلى قدره، فلكلّ قضاء قدر، ولكلّ قد أجل، ولكلّ أجل كتاب (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ). ثمّ إنّي أُشهدكم أنّي زوّجت فاطمة عن عليّ على أربع مائة مثقال فضّة، إن رضي بذلك عليّ. وكان غائباً بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حاجة، ثمّ أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بطبق فيه بُسر، فوُضع فيما بين أيدينا، فقال : انتهبوا، فبينا نحن كذلك إذ أقبل عليّ عليه‌السلام، فتبسّم إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ قال : يا عليّ، إن الله أمرني أن أزوّجك فاطمة وقد زوّجتُكَها على أربع مائة مثقال فضّة، أرضيت؟ فقال : قد رضيت يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. ثمّ قام عليّ عليه‌السلام فخرّ لله ساجداً شكراً، فقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : جعل الله فيكما الكثير الطيّب، وبارك الله فيكما. قال أنس : فواللهِ لقد أخرج الله منهما الكثيرَ الطيّب.١

_______________________

١ ـ المناقب للخوارزميّ ٣٣٦؛ نظم درر السمطين ١٨٥، ١٨٦؛ ذخائر العقبى ٣٠؛ الرياض النضرة ٢ / ١٤٥؛ تفسير الثعلبيّ ٧ / ١٤٢؛ تفسير ابن كثير ٨ / ٢٠؛ سير أعلام النبلاء ٢ / ٤١٥؛ الفصول المهمّة ٢٨؛ الصّواعق المحرقة ١٦٢؛ فرائد السمطين ١ / ٣٧٠، رقم ٣٠١؛ شواهد التنزيل ١ / ٥٣٨، رقم ٥٧٣.

٣١٧

النّعمة١

عن الأصبغ بن نباتة قال : قال عليّ عليه‌السلام : ما بالُ أقوامٍ غَيَّروا سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله، وعَدَلوا عن وصيّه، لا يتخوّفون أن ينزل بهم العذاب، ثمّ تلا : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا).٢ ثمّ قال : نحن النِّعمة الّتي أنعم الله بها على عباده، وبنا يفوز مَن فاز يوم القيامة.٣

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الله أكبر بإكمال الدّين، وإتمام النّعمة، ورضى الربّ برسالتي والولاية لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.٤

نفس الرّسول٥

المراد بنفس الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : التّساوي في الولاية إلّا النبوّة، أي في جميع الصّفات كالعصمة، والأعلميّة، والشّجاعة، والتقوى وغير ذلك. وكان عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام نفس الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بدليل آية المباهلة، واتّفق الفريقان وجمهور المفسّرين بطرق مستفيضة أنّ هذه الآية (نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ)٦ أنّها نزلت في أهل البيت عليهما‌السلام. وأنّ (أَبْنَاءَنَا) إشارة إلى الحسن والحسين عليهما‌السلام. (نِسَاءَنَا) إشارة إلى فاطمة الزهراء عليها‌السلام، (وَأَنفُسَنَا) إشارة إلى عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام، فجعله الله تعالى

_______________________

١ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٣٣، مجموعة نفيسة ١٩١.

٢ ـ سورة إبراهيم / ٢٨.

٣ ـ الكافي ١ / ٢١٧؛ تأويل الآيات الظاهرة ٢٥٠.

٤ ـ فرائد السمطين ١ / ٣١٢.

٥ ـ المناقب للخوارزميّ ٤٠؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٣٠.

٦ ـ آل عمران / ٦١.

٣١٨

نفس محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله.١ وتسالموا على أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يَدْعُ للمباهلة إلّا هؤلاء. ولو كان غير هؤلاء من أصحابه بمنزلتهم عند الله وعنده لأخذ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله معهم للمباهلة، ولمّا لم يأخذ غيرهم تعيّنت أفضليّتهم. وكما بيّنّا، ثبتت عصمة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من قوله تعالى : (وَأَنفُسَنَا)، وقد ادّعى الخلافةَ لنفسه، والمعصوم يكون صادقاً.

وقال الفخر الرازيّ : ذيل الآية الكريمة (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ)٢ : أجمعت الأمّة على أنّ بعض الأنبياء عليه‌السلام أفضل من بعض، وعلى أنّ محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل من الكلّ. ويدلّ عليه من وجوه أحدها، قوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)،٣ فلمّا كان رحمة لكلّ العالمين لزم أن يكون أفضل من كلّ العالمين.٤ وهذا الدليل بعينه يدلّ على أنّ عليّاً عليه‌السلام أفضل من الكلّ : لأنّه عديل النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ونفسه بنصّ آية المباهلة، وأذعن الفخر الرازيّ٥

_______________________

١ ـ شواهد التنزيل ١ / ١٥٥ ـ ١٦٧؛ تنبيه الغافلين ٢١ ـ ٢٦؛ تفسير الثعلبيّ ٣ / ٨٤، ٨٥ : المناقب لابن المغازليّ ٢٦٣؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١٥٠؛ تفسير الكشّاف ١ / ٣٦٨؛ تفسير الدرّ المنثور ٣ / ٢١٢؛ تاريخ اليعقوبيّ ٢ / ٦٦؛ الكامل في تاريخ ٢ / ١١٢؛ تفسير الطبريّ ٣ / ٢١٢؛ أسباب النزول للواحديّ ٧٤؛ نظم درر السمطين ١٠٨؛ تذكرة الخواصّ ١٨؛ مسند أحمد بن حنبل ١ / ١٨٥؛ البداية والنهاية ٥ / ٥٤؛ سنن الترمذيّ ٥ / ٦٣٨؛ الصواعق المحرقة ١٤٥؛ الرياض النضرة ٢ / ١٥٢؛ صحيح مسلم ٧ / ١٢٠؛ السيرة النبويّة لابن هشام ٢ / ٢٢٢؛ السيرة الحلبيّة ٣ / ٢٤٠؛ اُسد الغابة ٤ / ٢٦؛ فتوح البلدان ٧٥؛ ذخائر العقبى ٢٥؛ تفسير ابن كثير ١ / ٣٧٠؛ تفسير الحبريّ ٢٤٧؛ تأويل الآيات الظاهرة ١١٦ ـ ١١٨؛ تفسير مجمع البيان ٢ / ٤٥٣؛ الطّرائف ٤٢؛ فضائل أمير المؤمنين لابن عقدة الكوفيّ ١٨٤.

٢ ـ البقرة / ٢٥٢.

٣ ـ الأنبياء / ١٥٨.

٤ ـ التفسير الكبير للرازيّ ٦ / ٢٠٨.

٥ ـ نفس المصدر ٨ / ٨٦.

٣١٩

عند تفسيره آية المباهلة أنّ هذه الآية دلّت على أنّ نفس عليّ هي نفس محمّد، ولمّا دلّ الإجماع على أنّ محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل من سائر الأنبياء عليهم‌السلام فيلزم أن يكون عليّ أفضل من سائر الأنبياء باستثناء رسول الله. ثمّ قال : ويؤيّد الاستدلال بهذه الآية الحديث المقبول عند الموافق والمخالف، وهو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن أراد أن يرى آدم في علمه، ونوحاً في طاعته، وإبراهيم في خُلّته، وموسى في هيبته، وعيسى في صفوته، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب. ثمّ قال : فالحديث دلّ على أنّه اجتمع فيه ما كان متفرّقاً فيهم، وذلك يدلّ على أنّ عليّاً أفضل من جميع الأنبياء، وأمّا الشيعة فقد كانوا قديماً وحديثاً يستدلّون بهذه الآية على أنّ عليّاً عليه‌السلام مثل نفس محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا فيما خصّة الدليل، وكانت نفس محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل من الصحابة، فوجب أن تكون نفس عليّ أفضل من سائر الصّحابة.١

وعن عبد الرحمٰن بن عوف قال : لمّا افتتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مكّة، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أيّها النّاس، إنّي لكم فَرَطٌ، أوصيكم بعترتي خيراً، فإنّ موعدكم الحوض. والّذي نفسي بيده لَتقيمُنّ الصّلاة ولتؤتُنّ الزكاة أو لأبعثنّ إليكم رجلاً منّي ـ أو كنفسي ـ فليضربَنّ أعناق مُقاتِلتكم، وليسبينّ ذراريكم. قال : فرأى النّاس أنّه أبو بكر وعمر، فأخذ بيد عليّ عليه‌السلام فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : هذا٢.

وقال كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعيّ : في آية المباهلة، (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ)٣، والمراد نفس عليّ عليه‌السلام، فإنّ الله جلّ وعلا لمّا قرن بين نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين نفس عليّ

_______________________

١ ـ التفسير الكبير للرازيّ ٦ / ٢٠٨.

٢ ـ المعرفة والتاريخ ١ / ١٢١؛ مسند أحمد ١ / ٢٥٧، ٣٧٤، ٢ / ٤٠٨، ٣ / ١٨، ٦٢، ٤ / ٣١٣.

٣ ـ آل عمران / ٦١.

٣٢٠