أسماء وألقاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

علي أصغر شكوهي قوچاني

أسماء وألقاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

علي أصغر شكوهي قوچاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: زيبا نگار
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-949-9
الصفحات: ٣٩٢

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو عليه‌السلام شاهد على ضربتها، ولا تجد مانعاً، وتطرح ما في بطنها من الضرب وتموت من ذلك الضرب. قال الشّهرستانيّ في الملل والنحل : قال إبراهيم بن سيّار النظّام : إنّ فلاناً ضرب بطن فاطمة عليها‌السلام يوم البيعة، حتّى ألقت الجنين من بطنها، وكان يصيح : أحرقوا دارها بمن فيها! وما كان في الدّار غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين.١

وكفى في مظلوميّته عليه‌السلام وصيّته بإخفاء قبره عن المسلمين حذراً من هتك بني أميّة والخوارج له، فأوهموا النّاس في موضع قبره تلك اللّيلة ـ وهي ليلة دفنه ـ إبهامات مختلفة، فشدّوا على جمل تابوتاً موثقاً بالحبال يفوح منه روائح الكافور، وأخرجوه من الكوفة في سواد اللّيل، صَحِبه ثقاتهم يوهمون أنّهم يحملونه إلى المدينة فيدفنونه عند فاطمة عليها‌السلام، وأخرجوا بغلاً وعليه جنازة مغطّاة يوهمون أنّهم يدفنونه بالحِيرة. وحفروا حفائر عدّة، منها بالمسجد، ومنها يرُحْبة القصر، قصر الإمارة. ومنها في حُجرة من دور آل جعدة بن هُبيرة المخزوميّ. ومنها في أصل دار عبد الله بن يزيد القسريّ بحذاء باب الورّاقين ممّا يلي قبلة المسجد. ومنها في الكُناسة٢، ومنها في الثنويّة، فعُمِّي على النّاس موضع قبره، ولم يعلم دفنه على الحقيقة إلّا بنوه والخواصّ المخلصون من أصحابه، فإنّهم خرجوا به عليه‌السلام وقت السّحر في اللّيلة الحادية والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين، فدفنوه في النجف بالموضع المعروف بالغَريّ بوصاة منه إليهم في ذلك وعهد، وكان عهد إليهم وعمّي موضع قبره على النّاس.٣ ومع كونه عليه‌السلام أمير المؤمنين، وسيّد المسلمين، وأوّلهم وأقدمهم إيماناً، دفن ليلاً، ولا

_______________________

١ ـ الملل والنحل ١ / ٥٩؛ العقد الفريد ٥ / ١٣؛ إثبات الإمامة ١٢٤.

٢ ـ الكناسة : محلّة في الكوفة.

٣ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٤ / ٨١، ٨٢.

١٨١

يزال مخفيّاً إلى زمان هارون العبّاسيّ١، والقصّة المشهورة.

وهو مظلوم بحيث كان لا يتمكّن من التكلّم، ويطلع على البئر إلى نصفه، ويخاطب البئر ويقول :

وفي الصدر لباناتٌ

إذا ضاق لها صدري

نَكتُّ الأرضَ بالكفِّ

وأبديتُ لها سرّي

فمهما تُنبت الأرضُ

فذاك النبتُ من بذري٢

عن ياسر الخادم عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه صلوات الله عليهم أجمعين، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليه‌السلام : يا عليّ، أنت حجّة الله، وأنت المظلوم بعدي، أنت المُفارَق بعدي، يا عليّ أنت المهجور بعدي.٣

وعن أبي عثمان النهديّ عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قال : مررت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحديقة، فقلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله، ما أحسَنَها! قال : لك في الجنّة خير منها، حتّى مررت بسبع حدائق كلّ ذلك أقوله له، ويقول : لك في الجنّة خير منها. قال : ثمّ جذبني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبكى، فقلت : يا رسول الله، ما يبكيك؟ قال : ضغائن في صدور رجال عليك لن يُبدوها لك إلّا من بعدي، فقلت : بسلامةٍ من ديني؟ قال : نعم، في سلامة من دينك.٤

_______________________

١ ـ تاريخ دمشق الكبير ٢٣ / ٤٤٠؛ الفصول المهمّة ١٣٦؛ الرياض النّضرة ٢ / ٢٣٦؛ كتاب الأنباء بأبناء الأنبياء ١٩٠.

٢ ـ بحار الأنوار ٤٠ / ٢٠٠ و ٩٧ / ٤٥٢.

٣ ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ / ٦؛ غاية المرام ١/٩٢.

٤ ـ تاريخ بغداد ١٢ / ٣٩٨؛ تذكرة الخواصّ ٤٥؛ مجمع الزوائد ٩ / ١١٨؛ تاريخ دمشق الكبير ٢٣ / ٢٤٥؛ المعجم الكبير ٣ / ، رقم ١١٠٨٤؛ المناقب للخوارزميّ ٦٥؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١٣٩.

١٨٢

وصُبّت عليه صلوات الله علي مظالم ومصائب من أصحابه الكوفيّين وغيرهم، واشتدّت مظلوميّته بحيث قال في ذلك : إن كانت الرَّعايا قبلي لتَشكو حَيفَ رُعاتها، وإنّني اليوم لأشكو حيف رعيّتي.١

وكان يبكي عليه‌السلام حينما يتذكّر بعض هذه المظالم ويقول عليه‌السلام ما لَقِي أهل نبيّ من أمّته ما لَقِينا من أمّة نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله واللهُ المستعان على مَن ظلمنا، ولاحول ولاقوّة إلّا بالله العليّ العظيم.٢

نعم، كانت لهم أحقاد بدريّة وخيبريّة وغيرها، وابن أبي الحديد المعتزليّ عندما وصل إلى هنا، ذكر أسباباً وعللاً لتلك المظالم، قال :

واعلم أنّ كلّ دم أراقه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بسيف عليّ عليه‌السلام وبسيف غيره، فإنّ العرب بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله عصبت تلك الدّماء بعليّ عليه‌السلام وحده، لأنّه لم يكن في رهطه من يستحقّ في شرعهم وسنّتهم وعادتهم أن يعصب به تلك الدّماء إلّا بعليّ عليه‌السلام وحده، وهذه عادة إذا قتل منها قتلىٰ طالبت بتلك الدماء القاتلَ، فإن مات أو تعذّرت عليها مطالبته طالبت بها أمثَل الناس من أهله.٣

عن المسيّب بن نجبة، قال : بينما عليّ يخطب، إذ قام أعرابيّ فصاح : وامَظْلَمَتاه! فاستَدناه عليّ عليه‌السلام، فلمّا دنا قال له : إنّما لك مَظلَمة واحدة وأنا قد ظُلمت عدد المَدَر والوَبَر.٤

وروي أنّ عليّاً عليه‌السلام وقد سمع صارخاً ينادي : أنا مظلوم! فقال عليه‌السلام : هَلُمّ

_______________________

١ ـ نهج البلاغة، صبحي الصالح ٥٢٠.

٢ ـ روضة الكافي ٥٩ ـ ٦٣؛ الوافي ١٣ / ١٤.

٣ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٣ / ٣٠٠.

٤ ـ نفس المصدر ٤ / ١٠٦؛ الشافي في الإمامة ٣ / ٢٢٣ ـ ٢٢٦.

١٨٣

فلنصرخ معاً، فإنّي ما زِلت مظلوماً.١

قال موفّق بن أحمد الخوارزميّ بإسناده : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، إتّقِ الضغائن الّتي لك في صدور مَن لا يُظهرها إلّا بعد موتي، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. ثمّ بكى صلى‌الله‌عليه‌وآله، فقيل : ممّ بكاؤك يا رسول الله؟ فقال : أخبرني جبرئيل عليه‌السلام أنّهم يظلمونه ويمنعونه حقّه ويقاتلونه ويقتلون ولده ويظلمونهم بعده، وأخبرني جبرئيل عليه‌السلام عن الله تعالى أنّ ذلك الظلم يزول إذا قام قائمهم، وعَلَت كلمتهم، واجتمعت الأمّة على محبّتهم، وكان الشانئ لهم قليلاً، والكاره لهم ذليلاً، وكَثُر المادح لهم، وذلك حين تغيّر البلاد، وضعف العباد، واليأس من الفرج، فعند ذلك، يظهر القائم فيهم.٢

عن أبي الحسن الهادي عليه‌السلام أنّه كان يقول عند قبر أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام : السّلام عليك يا وليّ الله، أشهد أنّك أوّل مظلوم.٣

وفي خبرٍ طويل قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، أنت المظلوم بعدي، وأنا خصم لمن خصمك يوم القيامة.٤

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، أنت وصيّي من بعدي، وأنت المظلوم والمقتول المُضطَهد بعدي.٥

إنّه عليه‌السلام قال للحسن عليه‌السلام : وأيم الله يا بُنيّ، ما زلتُ مظلوماً مَبغيّاً عَليَّ منذ هلك جدّك صلى‌الله‌عليه‌وآله.٦

_______________________

١ ـ نفس المصدر ٩ / ٣٠٧؛ الاحتجاج للطبرسيّ ١ / ١٨٩.

٢ ـ المناقب للخوارزميّ ٦٢ رقم ٣١؛ الأمالي للشيخ الطوسيّ ٣٥١ رقم ٧٢٦.

٣ ـ بحار الأنوار ١٠٠ / ٢٦٥.

٤ ـ نفس المصدر ٢٨ / ٧٦؛ الاعتقادات للصدوق ١٠٤.

٥ ـ المائة منقبة ٦٠، غاية المرام ١ / ٩٢.

٦ ـ الإمامة والسياسة ١ / ٦٨؛ بحار الأنوار ٢٩ / ٦٢٨.

١٨٤

وعن عليّ بن مهديّ الطبريّ قال : رُوي عن أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام أنّه قال : لم أزل مظلوماً في صِغَري وفي كِبَري، فقيل له : قد عَرَفنا يا أمير المؤمنين ظُلمَ النّاس إيّاك في كبرك، فما ظلمهم في صغرك؟ فقال : إنّ عقيلا ً كان في عينه وَجعٌ، فإذا ارادتِ الأمّ أن تَذُرَّ في عينه ذَروراً امتنع عليها وقال : إبدأوا بعليّ أوّلاً، فكانت تَذُرّ في عيني ذَرُوراً مِن غير وجع بها.١

سيف الله

ينظر : أسد الله

الشّاهد٢

قال الحاكم أبو سعد محسن بن كرامة البيهقيّ : عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم‌السلام في قوله تعالى : (أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ)٣، قال : فمحمّد (عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ) وعليٌّ (شَاهِدٌ) من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله٤.

والآية الكريمة تعضدها الأخبار المستفيضة عن الخاصّة والعامّة في هذا الحقل، بل إنّ الأحاديث الّتي نقلها العامّة بأسانيدهم تفوق أحاديث الخاصّة.

والشاهد هنا هو الّذي أقرّ بأحقّيّة رسالة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ودعم رسالته ببصيرته الإلٰهيّة وآمن به، لأنّ شهادة الإنسان صاحب اليقين والبصيرة تكتسح كلّ شك وشبهة، وتُذهب كلّ خوف من الوحدة والوحشة، ولعلّ الأشخاص الّذين

_______________________

١ ـ تيسير المطالب ١١٧.

٢ ـ المناقب للخوارزميّ ٤٠؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٢٥؛ اللّوامع النورانيّة ١٥٧ ـ ١٥٩.

٣ ـ هود / ١٧.

٤ ـ تنبيه الغافلين ٩٧؛ تفسير الثعلبيّ ٥ / ١٦٢؛ المناقب للخوارزميّ ٢٧٨.

١٨٥

يُتركون وحدهم في أمر أو جانب يضعفون أمام المحن الصعبة والأحداث المؤلمة، على عكس ما لو أعانهم أحد وأسندهم ولم يتركهم وحدهم في الميدان، فإنّ الوحشة تزول والقلب ينشط في مثل هذه الحالة، وهنا أيضاً يقول تعالى حيال تهجّم المشركين ومواجهتهم العنيفة : يا أيّها النّبيّ، إنّ من كانت له بيّنة إلٰهيّة، وأعانه شاهد خارجيّ، فهو يؤمن بالقرآن، ولا يشك ولا يتضعضع. ولا ريب أنّ هذا الشخص هو عليّ بن أبي طالب الّذي أسلم منذ اليوم الأوّل للنبوّة، وأعان النّبيّ في تحمّل أعباء الرسالة، ومواجهة الصعوبات الّتي كانت تعترض طريقها.

ولاحظ كلام الفخر الرازيّ ونظرائه من العامّة، حيث قال في تفسيره : وثالثها : (أي من الأقوال) أنّ المراد من (شَاهِدٌ مِّنْهُ) هو عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.١

وقال الآلوسيّ البغداديّ في تفسيره : وأخرج ابن مردويه بوجه آخر، عن عليّ ـ كرّم الله وجهه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ) أنا، (وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ) عليّ، (وَيَتْلُوهُ) أي يتبعه (شَاهِدٌ) عظيم يشهد بكونه من عند الله تعالى شأنه، ومعنى كونه (مِّنْهُ) أنّه غير خارج عنه.٢

وعن الحسن بن عليّ عليه‌السلام في خطبة طويلة، قال : إنّا أهلَ البيت أكرمنا الله بالإسلام واختارنا واصطفانا واجتبانا، فأذهَب عنّا الرجس وطهّرنا تطهيراً، والرجس هو الشّكّ، فلانشكّ في الله الحقّ ودينه أبداً، وطهّرنا من كلّ أفن وغيّة مخلصين إلى آدم نعمة منه، لم يفترق النّاس قطّ فرقَتَين إلّا جَعَلنا الله في خيرهما، فأدّت الأمور وأفضت الدهور إلى أن بعث الله محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله للنبوّة ،

_______________________

١ ـ تفسير الكبير ١٧ / ٢٠٠.

٢ ـ تفسير روح المعاني ١٢ / ٢٥.

١٨٦

واختاره للرسالة، وأنزل عليه كتابه، ثمّ أمره بالدعاء إلى الله عزّ وجلّ، فكان أبي عليه‌السلام أوّل من استجاب لله تعالى ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأوّل من آمن وصدّق الله ورسوله، وقد قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيّه المرسل : (أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ...)١، فرسول الله الذي على بيّنة، وأبي الّذي يتلوه، وهو شاهد منه.٢

وعن عبّاد بن عبد الله الأسديّ، قال : سمعت عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : ما أحد من قريش إلّا وقد نزلت فيه آية وآيتان. فقال له رجل : وما نزل فيك يا أمير المؤمنين؟ قال : فغضب، ثمّ قال : أمَا واللهِ لو لم تِسألني على رؤوس القوم ما حدّثتك به. ثمّ قال له : هل تقرأ سورة هود؟ ثمّ قرأ (أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على بيّنة مِن ربّه، وأنا الشاهد منه.٣

وقال الحاكم الحسكانيّ بإسناده : وكان عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام في الرُّحبة، فقام إليه رجل، فقال : يا أمير المؤمنين، أرأيت قول الله تعالى : (أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ) ؟ فقال عليّ عليه‌السلام : والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة، ما جَرَت المَواسي على رجل من قريش إلّا وقد نزلت فيه من كتاب الله آية أو آيتان، ولَأن تعلموا ما فرض الله لنا على لسان النّبيّ الأمّيّ أحبّ إليّ مِن ملء الأرض فضّة، وإنّي لَأعلم أنّ القلم قد جرى بما هو كائن، أما والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة إنّ فيكم كمثل سفينة نوح في قومه، ومثل باب حِطّة في بني

_______________________

١ ـ هود / ١٧.

٢ ـ كتاب الولاية لابن عقدة الكوفيّ ١٨٣.

٣ ـ النور المشتعل ١٠٦ ـ ١١١؛ تفسير الطبريّ ١٥ / ٢٧٢، ١٢ / ١١؛ تفسير الدرّ المنثور ٣ / ٣٢٤؛ كفاية الطالب ٢٠٥؛ الجامع لأحكام القرآن ٩ / ١٦ تفسير البحر المحيط ٥/٢١١.

١٨٧

إسرائيل، أتقرأ سورة هود؟ (أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ)، فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على بيّنة من ربّه، وأنا أتلوه والشّاهد منه.١

وكتب عمرو بن العاص إلى معاوية بن أبي سفيان... وقد علمتَ يا معاوية ما أنزل الله تعالى في كتابه من الآيات المتلوّات في فضائله الّتي لا يشركه فيها أحد كقوله تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ)٢، وقوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)٣.

وقوله تعالى : (أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ)٤ وقوله تعالى : (رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ)٥، وقد قال تعالى لرسوله : (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ).٦

شاهنشاه عرب

عن داود بن سليمان ـ صاحب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ـ قال : كنت مع أبي في كُناسة الكوفة، فإذا شيخ أصلع على بغلةٍ له وَردَةٍ يقال لها دُلدُل، قد احتوشه النّاس، فقلت : يا أبه، مَن هذا؟ هذا شاهنشاه عرب، هذا عليّ بن أبي

_______________________

١ ـ شواهد التنزيل ١ / ٣٥٩ ـ ٣٦٩؛ المناقب لابن المغازليّ ٢٧٠؛ كتاب الأمالي للمفيد ١٤٥؛ نهج الإيمان ٥٦٣.

٢ ـ الإنسان / ٧.

٣ ـ المائدة / ٥٥.

٤ ـ هود / ١٧.

٥ ـ الأحزاب / ٢٣.

٦ ـ المنااقب للخوارزميّ ١٩٩ ـ ٢٠٢؛ وقعة صفّين ٣٤ وما بعدها، والآية الأخيرة في سورة الشورى / ٢٣.

١٨٨

طالب عليه‌السلام. (١)

شبيه هارون (٢)

بدليل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا عليّ، أنت منّي بمنزلة هارون من وموسى، غير أنّه لا نبيّ بعدي. (٣)

وقال العلّامة الحلّيّ في المستجاد من كتاب الإرشاد، فأوحى الله عزّ اسمه إلى نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله، في غزوة تبوك أن يسير إليها بنفسه ويستنفر النّاس للخروج معه، وأعلمه أنّه لا يحتاج فيها إلى حرب، ولا يُبلى يقتالِ عدوّ، وأنّ الأمور تنقاد له بغير سيف. فلمّا أراد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الخروج استخلف أمير المؤمنين عليّاً عليه‌السلام في أهله وولده وأزواجه ومهاجره، وقال له : يا عليّ، إنّ المدينة لا تصلح إلّا بي أوبك، فاستَخلَفَه استخلافاً ظاهراً، ونصّ عليه بالإمامة من بعده نصّاً جليّاً، وذلك فيما تظاهرت به الرواية أنّ أهل النّفاق لمّا علموا باستخلاف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، عليّاً عليه‌السلام على المدينة حسدوه لذلك، وعَظُم عليهم مقامُه فيها بعد خروج النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله، وعلموا أنّها تتحرّس به ولا يكون فيها للعدوّ ومطمع فساءهم ذلك ،

_______________________

١ ـ ذكر أخبار إصبهان ٢ / ١٨٣؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ١٣٥.

٢ ـ المناقب للخوارزميّ ٤٠؛ تذكرة الخواصّ ٥؛ كشف الغمّة ١ / ٩٣؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٣٢.

٣ ـ خصائص النسائيّ ٣٤، ٥٣، ٧٦ ـ ٩٥؛ المناقب لابن مغازليّ ٢٧ ـ ٣٧؛ نظم درر السمطين ١٠٧؛ المناقب للخوازميّ ٥٥، ١٣٣؛ فردوس الأخبار ٣ / ٨٨ رقم ٣٩٩٢؛ ذيل تاريخ البغداد ٢ / ١١٣؛ مصابيح السنّة ٢ / ٤٥٠؛ مسند أحمد بن حنبل ١ / ٣٣١، ١٧٥؛ صحيح البخاريّ ٤ / ٢٠٨، ٥ / ١٢٩، باب غزوة تبوك، سنن الترمذيّ ٥ / ٣٠٤؛ صحيح مسلم ٧ / ١١٩ ـ ١٢١؛ المعيار والموازنة ٧، ٢١٩؛ مروج الذهب ٢ / ٤٢٥؛ مطالب السؤول ٨٢؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١٢١؛ مجمع الزوائد ٩ / ١٣٨.

١٨٩

وكانوا يؤثرون خروجه معه لِما يرجونه من وقوع الفساد والاختلاط عند نأي النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن المدينة وخُلوِّها من مرهوب مخوف يحرسها، وغبطوه عليه‌السلام على الرّفاهية والدِّعَة بمقامه في أهله، وتكلّف من خرج منهم المشاقَّ بالسّفر بالخطر، فأرجفوا به عليهم‌السلام وقالوا : لم يستخلفه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إكراماً وإجلالاً ومودّة، وإنّما خلّفه استثقالاً له! فبهتوا بهذا الإرجاف كبهت قريش للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بالجِنّة تارةً، وبالشِّعر أخرى وبالسِّحر مرّةً، وبالكهانة أخرى، وهم يعلمون ضدّ ذلك ونقيضه، كما علم المنافقون ضدّ ما أرجفوا به على عليّ صلوات الله عليه وخلافه، وأنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أخصّ النّاس بأمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام، وكان هو أحبّ النّاس إليه وأسعدهم عنده وأفضلهم لديه، فلمّا بلغ عليّاً عليه‌السلام إرجاف المنافقين أراد تكذيبهم وإظهار فضيحتهم، فلحقّ بالنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : يا رسول الله، إنّ المنافقين يزعمون أنّك إنّما خلّفتني استثقالاً ومقتاً! فقال له النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ارجِع يا أخي إلى مكانك، فإنّ المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك، فأنت خليفتي في أهلي ودار هجرتي وقومي، أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.

فتضمّن هذا القول من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نصّه عليه بالإمامة، وإبانته من الكافّة بالخلافة، ودلّ به على فضل لم يشركه فيه أحد سواه، وأوجب له عليه‌السلام به جميع منازل هارون من موسى إلّا ما خصّه العرف من الأُخوّة، واستثناه هو من النبوّة. وهذه فضيلة لم يشرك فيها أحد من الخلق عليّاً عليه‌السلام ولا سواه في معناها ولا قاربه فيها على حال.١

وقال كمال الدّين محمّد بن طلحة الشافعيّ : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت منّي بمنزلة

_______________________

١ ـ المستجاد من كتاب الإرشاد للعلّامة الحلّيّ ٩٣ ـ ٩٧؛ (مجموعة نفيسة ٣٣٧).

١٩٠

هارون من موسى. إعلَم بصّرك الله بخفايا الأسرار وغوامض الحكم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا وصف عليّاً عليه‌السلام بكونه منه بمنزلة هارون من موسى عليه‌السلام، فلابدّ في كشف سرّه من بيان المنزلة الّتي كانت لهارون من موسى.

فأقول : قد نطق القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بأنّ موسى دعا ربّه عزّ وجلّ فقال : (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)١. وإنّ الله عزّ وجلّ أجابه إلى مسؤوله وأجناه من شجرة دعائه ثمرة سؤله فقال : (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ).

وقال في سورة اخرى (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا)٢. وقال سورة أخرى (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ)٣. فظهر أنّ منزلة هارون من موسى كونه وزيراً له.

والوزير مشتقّ من أحد معان ثلاثة : أحدها : من الوِزْر، بكسر الواو وإسكان الزاي، وهو الثقل. فكونه وزيراً له يحمل عنه أثقاله ويخفّفها عنه.

والمعنى الثاني : من الوَزَر، بفتح الواو والزاي. وهو المرجع والملجأ، ومنه قوله تعالى : (كَلَّا لَا وَزَرَ)٤، فكأنّ الوزير مرجوع إلى رأيه ومعرفته وإسعاده، ويلجأ إليه في الاستعانة به.

والمعنى الثالث : من الأزْر، وهو الظَّهر، ومنه قوله تعالى : عن موسى (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي)، فيحصل بالوزير قوّة الأمر واشتداد الظهر، كما يقوى البدن ويشتدّ به ،

_______________________

١ ـ طه / ٢٩ ـ ٣٢.

٢ ـ الفرقان / ٣٥.

٣ ـ القصص / ٣٥.

٤ ـ القيامة / ١١.

١٩١

فكان من منزله هارون من موسى أنّه يشدّ أزره ويعاضده، ويحمل عنه أثقال بني إسرائيل بقدر ما تصل إليه يد مكنته واستطاعته، هذا من كونه وزيره. وأمّا كونه شريكه في أمره، فكان شريكه في النبوّة على ما نطق به القرآن الكريم، وكان قد استخلفه على بني إسرائيل عند توجّهه وسفره إلى المناجاة. فتلخيص منزلة هارون من موسى عليه‌السلام أنّه كان أخاه ووزيره وعضده وشريكه في النبوّة وخليفته على قومه عند سفره، وقد جعل رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً منه بهذه المنزلة وأثبتها له إلّا النبوّة، فإنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله استثناها في آخر الحديث بقوله : «غير أنّه لا نبيّ بعدي»، فبقي ما عدا النبوّة المستثناة ثابتاً لعليّ عليه‌السلام من كونه أخاه ووزيره وعضده وخليفته على أهله عند سفره إلى تبوك. وهذه من المعارج الشراف ومدارج الإزلاف، فقد دلّ الحديث بمنطوقه ومفهومه على ثبوت هذه المزيّة العليّة لعليّ عليه‌السلام، وهو حديث متّفق على صحّته.١

وقال أبو نعيم الإصبهانيّ بإسناده عن ابن عبّاس، قال : أخذ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ـ ونحن بمكّة ـ وبيدي وصلّى أربع ركعات، ثمّ رفع يده إلى السّماء، فقال : اللّهمّ، إنّ موسى بن عمران سألك، وأنا محمّد نبيُّك أسالك أن تشرح لي صدري، وتحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي عليّ بن أبي طالب أخي، أشدد به أزري، وأشركه في أمري. قال ابن عبّاس : فسمعت منادياً ينادي : يا أحمد، قد أوتيتَ ما سألت.٢

وقال : زين الدّين عليّ بن يوسف بن جبير : وثبت لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام جميع المنازل الّتي كانت لهارون من موسى عليهما‌السلام إلّا ما استثناه من النبوّة

_______________________

١ ـ مطالب السؤول ٨٨ ـ ٩٠؛ الفصول المهمّة ٤٣ ـ ٤٤.

٢ ـ النور المشتعل ١٣٨ ـ ١٤١؛ انظر : المناقب لابن مغازليّ ٣٢ شواهد التنزيل ١ / ٤٧٨ ـ ٤٩٠.

١٩٢

وأخرجه العرف من الأخوّة، ومنازل هارون من موسى أشياء :

منها أنّه كان أخاه لأبيه وأمّه، وهي منتفية بالعرف.

ومنها : أنّه كان شريكه في النّبوّة.

ومنها : أنّه كان أحبّ قومه إليه.

ومنها : أنّه كان ممّن شدّ الله به أزره.

ومنها : أنّه كان مفترض الطاعة على أمّته وخليفته على قومه.

ومنها : أنّه كان وزيره من أهله.

وأمّا السّبب والخلافة بقوله تعالى : (وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ).١

وأمّا كونه شريكاً في النبوّة وغيرها بقوله تعالى : حاكياً عن موسى عليه‌السلام (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)٢ فأجابه الله تعالى (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ)٣. والسلطان هو الحجّة بدليل قوله تعالى في سورة الرحمٰن (لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ)٤ يعني بحجّة. وقد وصفهما الله تعالى أنّهما ومن اتّبعهما الغالبون، وأجابه أيضاً سبحانه وتعالى بقوله عزّ وجلّ : (قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ * وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ).٥

وإذا كانت هذه المنازل ثابتة لهارون من أخيه موسى بمحكم الكتاب العزيز

_______________________

١ ـ الأعراف / ١٤٢.

٢ ـ طه / ٢٩ ـ ٣٢.

٣ ـ القصص / ٣٥.

٤ ـ الرحمٰن / ٣٣.

٥ ـ طه / ٣٦ ـ ٣٧.

١٩٣

ـ وقد جعلها النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليهم‌السلام، إلّا ما استنثاه لفظاً وعرفاً ـ فوجب ثبوتها أجمع إلّا ما استُثني.١

وحديث المنزلة ـ مضافاً إلى أنّه متواتر عند الإماميّة ـ من الأحاديث الصحيحة المعروفة المشهورة عند أهل السنّة، بل هو من الأحاديث المتواترة عندهم كذلك. قال ابن عبد البرّ : هو من أثبت الأخبار وأصحّها، وقال : طرق حديث سعد بن أبي وقّاص كثيرة جدّاً، فذكر عدّة من الصّحابة الذّين رووا هذا الحديث، ثمّ قال : وجماعة يطول ذكرهم.٢

وذكر الحافظ بن عساكر، بترجمة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق كثيراً، من طرق هذا الحديث وأسانيده من عشرين من الصّحابة تقريباً.٣

وقال الكنجيّ الشّافعيّ : يقول الحاكم النيسابوريّ : هذا حديث دخل في حدّ التّواتر.٤

وقال أيضاً بإسناده : وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله، خُلقتُ أنا وهارون بن عمران، ويحيي بن زكريّا، وعليّ بن أبي طالب من طينة واحدة.٥

هر دو يك قبله وخردشان دو

هر دو يك روح وكالبدشان دو

هر دو يك دُر ز يك صدف بودند

هر دو پيرايهء شرف بودند

دو رونده جو اختر وگردون

دو برادر چو موس وهارون٦

_______________________

١ ـ نهج الإيمان ٤٠٣، ٤٠٤.

٢ ـ الاستيعاب ٣ / ١٠٩٠، ١٠٩٧؛ البداية والنّهاية ٧٦ / ٣٤٠.

٣ ـ ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب ١ / ٣٠٦ ـ ٣٩٣.

٤ ـ كفاية الطالب ٢٥٠.

٥ ـ نفس المصدر باب ٢٨٤.

٦ ـ حديقة الحقيقة ٢٥٠.

١٩٤

الشديد على الكافرين

ينظر : أرأف المؤمنين.

الشريف

ينظر : الأمين.

شعر الرسول وبشره

ينظر : شيخ المهاجرين والأنصار.

شمعون هذه الأمّة

ينظر : باب حطّة، سيف نجاة الأمّة.

شيخ المهاجرين والأنصار

قال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : معاشر المسلمين، هذا عليّ بن أبي طالب، هذا شيخ المهاجرين والأنصار، هذا أخي وابن عمّي وختني، هذا لحمي ودمي وشَعري وبشري، هذا زوج ابنتي فاطمة سيّدة النّسوان يوم القيامة، هذا أسد الله وسيفه في أرضه على أعدائه، فَعلىٰ مبغضيه لعنة الله ولعنة اللّاعنين، والله منه بريء وأنا منه بريء، فمن أحبّ أن يتبرّأ من الله ومنّي فليتبرّأ من عليّ بن أبي طالب، وليبلّغ الشاهدُ منكم الغائب، ثمّ قال : إجلس يا أبا احسن، فقد عرف الله ذلك

١٩٥

لك.١

الصاحب

قال الحافظ العاصميّ : أمّا الأسماء الّتي كان المرتضى عليه‌السلام فيها سَميّ المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله فهي : الصّاحب، وعبد الله...٢

أمّا الصّاحب فإنّ الله سبحانه سمّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صاحباً في قوله عزّ وجلّ : (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ)،٣ وقال عزّ وجلّ : (وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ)،٤ وكذلك المرتضى عليه‌السلام سمّاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صاحباً في قوله : يا عليّ، أنت مولى الله ومولى رسوله، يا عليّ، أنت منّي وأنا منك، وأنت أخي وصاحبي.٥

وقال البحرانيّ في اللّوامع النورانيّة : ومن ألقاب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : الصّاحب قال الله تعالى : (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ)،٦ والصّاحب هو عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.٧

وقال الخطيب الخوارزميّ بإسناده في حديث طويل : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ياعليّ هبط علَيَّ جبرئيل عليه‌السلام فقال لي : يا محمّد، إنّ الله اطّلع إلى الأرض اطّلاعة، فاختارك من خلقه وابتعثك برسالاته، ثمّ اطّلع إلى الأرض ثانية ،

_______________________

١ ـ العسل المصفّى ٢ / ٣٨٨.

٢ ـ العسل مصفّى ٢ / ٣٦٥؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٢٤.

٣ ـ النجم / ١ ـ ٢.

٤ ـ التكوير / ٢٢.

٥ ـ العسل المصفّى ٢ / ٣٦٥؛ المناقب لابن المغازليّ ٣١٠؛ تاريخ بغداد ١٢ / ٢٦٨.

٦ ـ الكهف / ٣٧.

٧ ـ اللوامع النورانيّة ٢٠٣ ـ ٢٠٦؛ مائة منقبة ٣٤.

١٩٦

فأختار لك منها أخاً ووزيراً وصاحباً وختناً ...١

وقال الحاكم الحسكانيّ معنعناً عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا هبط نجم من السّماء في دار رجل من أصحابي، فانظروا مَن هو، فهو خليفتي عليكم بعدي، والقائم فيكم لأمري. فلمّا كان من الغد انقضّ نجم من السّماء قد غلب ضوؤه على ضوء الدنيا، حتّى وقع في حِجر عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام، فهاج القوم وقالوا : والله ِ لقد ضلّ هذا الرجل وغوى! فأنزل الله عزّ وجلّ : (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ).٢

ينظر : الحبيب.

صاحب الآيات

ينظر : مبير الجبّارين.

صاحب حوض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

ينظر : الأمين، صاحب حوض الكوثر.

صاحب الدعوات

ينظر : مبير الجبّارين.

صاحب راية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

ينظر : إمام الأولياء.

_______________________

١ ـ المناقب للخوارزميّ ٣٤٦.

٢ ـ شواهد التّنزيل ٢ / ٢٧٥ ـ ٢٨٢؛ تاريخ دمشق الكبير ٢٣ / ٢٩٩.

١٩٧

صاحب الرسول

ينظر : الرفيق، الصاحب، الصراط المستقيم.

صاحب اللّواء

سمّاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صاحب اللّواء.١

وحديث اللّواء والرّاية لاخفاء به عند الفريقين، وذكر المؤرّخون والمحدّثون أنّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام كان حامل لواء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الحروب والغزوات الّتي حضرها، وكما كان أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام حامل لواء الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في الدّنيا، فهو كذلك حامل لوائه في الآخرة.

عن أبي خالد الواسطيّ، عن زيد بن عليّ، عن أبيه عن جدّه عليهم‌السلام قال : كُسِرَت زَنْد عليّ عليه‌السلام يوم أُحد وفي يده لواء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فتحاماهُ المسلمون أن يأخذوه، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ضَعُوه في يده الشّمال، فإنّه صاحب لوائي في الدّنيا والآخرة.٢

وعن ابن عبّاس قال : كان المهاجرون يوم بدر سبعة وسبعين رجلاً، وذكر الحديث، وقال في آخرة : وكان صاحب راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.٣

وقال : الكنجيّ الشّافعيّ : إنّ راية المهاجرين كانت مع عليّ عليه‌السلام في المواقف كلّها يوم بدر، ويوم أُحد، ويوم حُنين، ويوم الأحزاب، ويوم فتح مكّة، ولم تزل

_______________________

١ ـ تنبيه الغافلين ١٤٦؛ المناقب للخوارزميّ ٤٠؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٢٢؛ الهداية الكبرى ٩٣.

٢ ـ تيسير المطالب في أمالي أبي طالب ١١٦.

٣ ـ فضائل الصحابة ١١٥٩، وح ١١٣٥؛ التهذيب ٢ / ٢٦٠؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١١١.

١٩٨

معه في المواقف كلّها. وروى عن قتادة أنّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام كان صاحب لواء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في كلّ مشهد.

وقال أيضاً : قال ابن عبّاس : لعليّ عليه‌السلام أربع خصال : أوّل عربيّ وعجميّ صلّى مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله، وهو الّذي كان لواؤه معه في كلّ زحف، وهو الّذي صبر يوم مِهراس انهزم النّاس كلّهم غيره، وهو الذّي غسله وهو الّذي أدخله في قبره.١

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أمّ سلمة، اسمعي واشهدي : هذا عليّ أخي في الدّنيا والآخرة، وحامل لوائي في الدّنيا، وحامل لواء الحمد غداً يوم القيامة، وهذا عليّ وصيّي وقاضي عداتي، والذائد عن حوضي المنافقين.٢

وقال المحبّ الطبريّ : عن جابر بن سمرة أنّهم قالوا : يا رسول الله، من يحمل رايتك يوم القيامة؟ قال : مَن عَسىٰ أن يحملها يوم القيامة إلّا من كان يحملها في الدّنيا؟ عليّ بن أبي طالب.٣

وقال الذيّال بن حرملة : سمعت صعصعة بن صوحان يقول : لمّا عقد عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أخرج لواء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله، ولم ير ذلك اللّواء مذ قُبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله، فعقده ودعا قيس بن سعد بن عُبادة فدفعه إليه، واجتمعت الأنصار وأهل بدر، فلمّا نظروا إلى لواء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بَكَوا فأنشأ قيس بن سعد بن عبادة :

_______________________

١ ـ كفاية الطالب ٣٠٠، ٣٠١؛ المناقب للخوارزميّ ٥٨؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١١١؛ شواهد التنزيل ١ / ١١٨، رقم ١٢٨؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٤ / ١١٧. المهراس : صخرة منقورة تسع كثيراً من الماء، وقد يعمل منها حياض للماء وقيل : المهراس في هذا الحديث اسم ماء بـ (أُحد).

٢ ـ شرف النّبيّ ٢٩٢؛ أمالي الصدوق ٣١١؛ ينابيع المودّة ١/٢٤٢.

٣ ـ الرياض النّضرة ٢/١٧٢؛ كنز العمّال ٦/٢٩٨، وقال أخرجه الطبرانيّ؛ كفاية الطالب ٣٠١؛ المناقب لابن المغازليّ ٢٠٠.

١٩٩

هذا اللّواءُ الّذي كُنّا نحفُّ بهِ

دونَ النّبيِّ وجِبرئيلٌ لنا مَدَدُ

ما ضَرّ من كانت الأنصارُ عَيبَتَهُ

أن لا يكون لهم من غيرِهم عَضُدُ١

وفي حديث طويل أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله آخىٰ بين المسلمين، ثمّ قال : يا عليّ، أنت أخي وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيّ بعدي...

يا عليّ، إنّ أمّتي أوّل الأمم يحاسبون يوم القيامة، ثمّ أنت أوّل من يدعى لقرابتك منّي ومنزلتك عندي، ويدفع إليك لوائي وهو لواء الحمد، فتنشره بين السِّماطَين، آدم عليه‌السلام وجميع خلق الله تعالى يستظلّون وبظلّ لوائي يوم القيامة، وطوله مسيرة ألف سنة...٢

وعن أبي سعيد الخُدريّ وأنس بن مالك قالا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، أنت تبيّن لأمّتي ما اختلفوا فيه من بعدي. يا عليّ، أنت تغسل جثّتي، وتؤدّي دَيني، وتواريني في حفرتي، وتّفي بذمّتي، وأنت صاحب لوائي في الدّنيا والآخرة.٣

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا برزة، إنّ الله عهد إليّ في عليّ بن أبي طالب أنّه راية الهدى ومنار الإيمان وإمام أوليائي، ونور جميع من أطاعني. يا أبا برزة، عليّ بن أبي طالب صاحب رايتي غداً في القيامة، وأميني على مفاتيح خزائن

_______________________

١ ـ المناقب للخوارزميّ ١٩٥؛ وقعة صفّين ٣٠٠، ٤٤٧.

٢ ـ الناقب للخوارزميّ ١٤٠؛ المقتل للخوارزميّ ١ / ٤٩؛ المناقب لابن مغازليّ ٤٢؛ ذخائر العقبى ٧٥؛ الرّياض النّضرة ٢ / ١٧١؛ ينابيع المودّة ١ / ١٧٩؛ نهج الإيمان ٤٠٢.

٣ ـ المناقب للخوارزميّ ٣٩٢، وانظر مؤدّاه في : حلية الأولياء ١ / ٦٦؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١٣٨؛ التدوين في أخبار قزوين ٢ / ١٢٦؛ تاريخ بغداد ١٢ / ٩٩؛ كنز العمّال ٦ / ٤٠٢.

٢٠٠