تراثنا ـ العدد [ 2 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 2 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٧٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

(١٥) فمن بعده مستصعب الأمر ماارتخى

لديك ولو ضاهيت في الملك مصعبا

ولو كنت لقماناً فأمسيت في الوري

حكيماً لأنواع البلاء مطبّبا

وفي الحكم داوداً وفي الحلم أحنفاً

وفي النظم سحباناً وفي النثر يعربا

وفي المال قاروناً واُعطيت قوّة

تنوف لما أعطاه ربّك مرحبا

وشابهت قسّ الساعديّ فصاحة

وضارعت يعقوب الأديب تأدّبا

(٢٠) فياويح نفسي كم تقاسي من الدنا

بلايا أعادت ليل فودي أشيبا

وذلك من فعل الزمان فكم رمى

بزاوية الهجران شهماً مجرّبا

وسكّن أهل الجهل مرتفع البنا

و وطّن أهل الفضل منخفض الرُّبا

بكلكله ألقى على كلّ ذي حجىً

فحمّله عبئاً من الخطب متعبا

وبثّ على أهل المعالي صروفه

فأبدع في سبط النبيّ وأغربا

(٢٥) أناخ به في عرصة الطفّ بعدما

أضاقت عليه الأرض شرقاً ومغربا

وقد كان في ربع المدينة آمناً

فاُخرج منها خائفاً مترقّبا

فياليت لا أمّته كتب اُميّة

وياليته لا كان فارق يثربا

كأنّي به يفلي الفلاة بعيسه

إذا سبسباً وافاه جاوز سبسبا

فمذ طاف ربع الطفّ ملّ جوادُه

فياليت لاملّ الجواد ولاكبا

(٣٠) فحطّ على تلك السباسب رحلَه

وخطّ على تلك المضارب مضربا

وأقبل يسعى نجل سعد لنحسه

يحثّ لديه مقنباً ثم مقنبا

وأمسى على جمع البغاة مؤمّراً

وأضحى على شاطي الفرات مطنبا

حماه عن الغزّ الحماة فأصبحت

ذراري رسول الله عُطشاً وسغّبا

وشبّ لظى الهيجا ودارت رحى الفنا

وكلٌّ إلى كلّ دنا وتقربا

(٣٥) فثارت لأخذ الثأر من عصبة الهدى

كماة يرون الموت أحلى واعذبا

فمن كل قمر لوذعيّ شمردل

هزبر بنادي الكر مارام مهربا

لقد ثبتوا حتى اُسيلت نفوسهم

لمرضاته صبراً على شفر الظُّبا

وآب فريد العصر في مجمع العدى

وحيداً عليه كلّ وغد تألّبا

له خاطر ما انفكّ عن لوعة الأسى

وقلب على شوك القتاد تقلّبا

(٤٠) فيعدو بطرف في الكريهة ما كبا

ويسطو بعضب في الضريبة ما نبا

تخال متى مدّت أكفّ مبارز

لديه وفوداً منه تلتمس الحبا

إلى أن رُمي سهماً بلبّة قلبه

فخرّ وعن ظهر الجواد تنكّبا

١٠١

وشمّر شمر في احتزاز كريمه

فأغمد في أوداجه ماضي الشبا

وأجرى على أعضائه نجل حبوة

عتاقاً فرضت منه صدراً ومنكبا

(٤٥) وظلّ ثلاثاً عارياً جانب العرى

عفيراً بقاني نحره متخضّبا

فلهفاً وقد مرّ الجواد بندبه

خليّاً من الندب الجواد إلى الخبا

فأبصرنه تلك العقائل فاغتدت

على حرّ وجهٍ في الفدافد شعّبا

وعاثت بها أرجاس حرب فأصبحت

أيادي سَبا في ذلّة الأسر والسِبا

فذا سالب درعاً وذا ناهب رداً

وذا لاطم خدّاً وذا شاتم أبا

(٥٠) ومن بينهم ذات المفاخر زينب

وحشو حشاها قدح زند تلهّبا

تحنّ على القتل وتندب صنوها

وحقّ عليها أن تحنّ وتندبا

تنادي به يابدر تمّ فمذ بدا

باُفق ربوع الطفّ في تربه خبا

ويا شمس سعد قد تكامل نورها

دهاه غمام الكسف حت تغيّبا

ويابحر جود لا نضاب لمدّه

فأردى به ريب الزمان فنضّبا

(٥٥) يا منهلًا صافي الورود تواردت

عليه يد البأسا فماطاب مشربا

ويامنزلًا بين المنازل لم يزل

خصيباً ومن صرف المعاطب أجدبا

وياكهف عزّلا يذلّ نزيله

فهدّمه وقع البلا واغتدى هبا

ويا أسداً ماضمّه الغاب خيفة

تحامى عليه الوحش حتى تغيّبا

وياخير طرف ماكبا في كريهة

فمذ أدركته العاديات تنكّبا

(٦٠) ويا عضب حتف ما نبا في كتيبة

فعاوره قرع الكتائب فانتبا

أخي بعدك الدين الحنيفيّ قد غدا

على رغم آناف الهدى متشعّبا

أخي كيف تلتذّ الكرى مقلتي وقد

رأت رأسك السامي برمح مركّبا

وأهنا بلذّات المعاش وأنت في

ربىٰ كربلا ناء المزار مغربا

طريحاً تطاك العاديات عداوة

فأمسيت من فوق التراب مترّبا

(٦٥) سليباً فلولا ما أثارت يد الصبا

غريباً ولولا زائر الوحش والظبا

أخي قد قضى الباري وسبّب ذلّتي

فصبراً على ما قد قضاه وسبّبا

أخي مَن مغيثي في الزمان ومن يكن

معيني إذا خصمي عليَّ تغلّبا

أخي ما جرى في خاطري أنني اُرى

أسيرة أرجاس ولا دار لي ببا

ولا صار في وهمي بنات محمّد

يساربها قهراً عطاشاً ولغّبا

١٠٢

(٧٠) أخي يا أخي ما كان أحلى اجتماعنا

بمنزلنا يوماً وماكان أطيبا

ويا وقتنا ماكان أزهى وأطربا

وياربعنا ما كان أبهى وأعجبا

أخي لو ترى نور المحاريب في الدجى

أسيراً بأصفاد الحديد ملبّبا

إذا ما ترءىٰ في الفلا ربّ جسرة

ينادى به مهلًا لكي يعلم النبا

أياراكباً علباء حرف متى سرى

بها مدلج قدّت بأخفافها الربٰ

(٧٥) رويداً ولو لوت الازار وأصِغ ما

عليك سأتلو شاكياً متعتّبا

متى شمت أطلال الغريّ فعج به

ولاتك عن سمت به متنكّبا

فإنّ بمثواه ابن عمران خير من

سما وعلى هام المجرة طنبا

علي أمير المؤمنين وإنّه

أجلّ الورى قدراً وأرفع منصبا

فإن لزمت كفّاك سامي ضريحه

فقل بعدما تقري السلام تقرّبا

(٨٠) ألا ياوليّ الله جئتك مخبراً

وعمّا رأى طرفي أتيتك معربا

تركت حسيناً في ثرى الطفّ ضارعاً

له كبد حرّى تزيد تلهّبا

تلبّس سافي عثير العفر إذ غدا

عفيراً ومن أثوابه قد تسلّبا

وقد صار للبيض الصفاح ضريبة

وللصافنات الجرد أصبح ملعبا

وأصحابه من حوله وبناته

أيادي سَبا تعنو إلى من لها سبٰ

(٨٥) يُسار بها رغماً على معطس الهدى

وسجّادها فوق الحدائج ركّبا

فسرعان واستنجد بني غالب فلن

تذلّ متى جالت بحرب وتغلبا

هلمّ إلى ربع الطفوف عسى بها

يسهّل من أمر السبا ماتصعّبا

وخذ ثار من أمسىٰ بساحة ربعها

قتيلًا فأضحى في ثراها مغيّبا

وخلّص بنيك الغرّ من قبضة العدى

وكن طالباً يوماً لها من تطلبا

مخافة أن يُسرى بها لمضلّل

غويّ كفور بالرسالة كذّبا

(٩٠) فيغدو بشرب الراح يلهو شماتة

ويهفو بصفق الراح بشراً تطرّبا

وينشد إذ يدعو مشائخه التي

غدت في مضامير الهزاهز رعّبا

أياليت أشياخي حضور ولم تكن

ينادي سروري وابتهاجي غيّبا

فلازال منهل اللعائن واكفاً

بصوب عليه إذ له اللعن صوّبا

ودونك يارب الفخار فريدة

إذا ما تلاها منشد القول أطربا

(٩٥) قلائد درّ في رثاك نقبتها

وتأبى لغيري في الرثا أن تنقّبا

بها قد سخت نفسي فصارت كريمة

عليك وإن كنت اللئيم المسبّبا

١٠٣

تجرّ على سحبان ذيل افتخارها

وحقّ عليها أن تجرّ وتسحبا

وتعرب في التبيان عن عجز يعرب

وتغلب في حسن الفصاحة تغلبا

بديع المعاني من بيان حماسها

تفوق على تثليث منظوم قطربا (١)

(١٠٠) ومذ صار نظمي في علاك بضاعتي

رجعت بربح لايمازجه الربا

جعلتك في الدارين ذخري ومن تكن

ذخيرته عن مطلب لن يخيّبا

فكن لي معيناً في زماني فإنني

وحقّك قد أمسيت في الدهر متعبا

وجد لي ببسط من ندى كفك التي

إذا ما همى في مجدب أب مخصبا

وخذ بيدي ذات اليمين بمحشري

وكن شافعي فيه وإن كنت مذنبا

(١٠٥) وسكّن به روعي إذا جئت خائفاً

بقولك لي أهلًا وسهلًا ومرحبا

(شويكيّ) لاتخشى حساباً ولاتخف

عقاباً وفي كسب الخطا لن تؤنّبا

فدونك والجنّات وانزل بها وخذ

صحابك والأهلين والاُمّ والأبا

وسامعها والحاضرين ومن سخا

عليّ ببذل في العزا وتقرّبا

(١٠٩) عليك سلام الله ما هطل الحيا

فأحيا رياض الممحلات وأعشبا

...............

______________________

(١) قطرب: أبوعلي محمد بن المستنير، لغويّ نحويّ له كتاب (المثلث) في الألفاظ التي يختلف معنى لفظها باختلاف حركاتها.

١٠٤

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUETurathona-part002imagesimage003.gif

١٠٥

١٠٦

المهذّب البارع لابن فهد الحلّي

الشيخ مجتبى العراقي

كثيراً مانرى اسم ابن فهد ومهذّبه البارع دائراً سائراً على ألسنة كبار أهل الفضل و فحول الفقاهة، ورجال الفلسفة والكلام و أصحاب التراجم، ومحدّثي آثار أهل بيت العصمة عليهم السلام.

وكثيراً مانرى هذا الاسم الكريم في ميادين الفتاوى، و عرصة الإستدلالات، وقد وصفوه بالصفات السامية و المراقي العالية، وقالوا في حقّه أنّه: عظيم الشأن، جليل القدر، رفيع المنزلة، جمع بين الفقه و الزهد والكلام والفلسفة والمعقول والمنقول والفروع والاُصول.

قال في تنقيح المقال تحت رقم (٥١٠): أحمد بن شمس الدين فهد الأسدي الحلّي، ولقبه جمال الدين، وكنيته أبوالعبّاس.

من سكنة الحلّة السيفيّة والحائر الشريف، حيّاً وميّتاً، وقد جمع بين المنقول والمعقول والفروع والاُصول واللفظ والمعنى والحديث والفقاهة والظاهر والباطن والعلم والعمل، بأحسن ماكان يجمع ـ إلى أن قال: ـ وله مصنّفات نفيسة، «كالمهذّب البارع»... إلى آخره.

وقال في روضات الجنّات تحت رقم (١٧): له من الإشتهار بالفضل والإتقان والذوق والعرفان، والزهد والأخلاق والخوف والإشفاق، غير اُولئك من جميل السياق، مايكفينا مؤنة التعريف ويغنينا عن مرارة التوصيف، وقد جمع بين المعقول و المنقول والفروع والاُصول والقشر واللب واللفظ والمعنى والظاهر والباطن، والعلم والعمل، بأحسن ماكان يجمع ويكمل، وصنّف في الفقه كتاب «المهذب البارع الى شرح النافع».

وفي «الفوائد الرضوية» ـ ماترجمته ـ: كان أصحاب التقوى يعظّمون مرقده إذا مرّوا عليه، ويستمدّون من روح ذاك الشيخ العظيم، وينقل عن الثقات أنّ السيد الأجلّ ـ صاحب الرياض ـ كان يزوره كراراً ويتبرّك به، و ذكر مؤلّف كتاب نامه دانشوران أنّه تروى كرامات متعدّدة عن ذلك المزار الشريف.

١٠٧

منهج تحقيق الكتاب:

١ ـ مقابلة نسخ الكتاب المخطوطة إحداها بالاُخرى، وهي خمس مخطوطات، ولم تسلم أيّة نسخة منها من الخطأ ونقص بعض العبارات.

٢ ـ الإعتماد على الاُصول المعتبرة في نقل الروايات والأحاديث.

٣ ـ ذكر المصادر الاُمّ للفتاوى المنقولة في الكتاب، وقد نذكر ـ في الهامش ـ عبارة المصدر إذا دعت الضرورة.

٤ ـ عمدنا ـ قدر الإمكان ـ إلى مطابقة الأصل مع الشرح في كلّ صفحة.

٥ ـ أوردنا متن «المختصر النافع» في صدر الصفحة.

٦ ـ جعلنا الروايات ورؤوس المواضيع في أوائل السطور.

٧ ـ لاحظنا في بعض الموارد إختلاف الفتاوى المنقولة عن فقيه، كابن إدريس مع ما هو موجود في المصادر، فمثلًا ينقل الوجوب عن فقيه والمنقول عنه في المصدر هو الإستحباب.

ومنشأ الإختلاف إمّا من الاشتباه في النقل وإمّا من سهو القلم، ولذا نقلنا نصّ الفتوى ـ في هذه الحالة ـ من المصدر.

ومن الجدير بالذكر أنّ تحقيق هذا السفر الكريم جاء تلبية لنداء الإمام الخمينى ـ مدّ ظلّه ـ بإحياء التراث العلمي، فإنّه ـ دام ظلّه وأطال الله عمره ـ كثيراً ما وصىّ ويوصي أهل العلم وفضلاء الحوزات العلمية باتّباع قيادة أهل الفقه و متابعة آثارهم، و استخراج الدقائق العلميّه من مخازن الأخبار والأحاديث.

نسأل الله الجليل أن يجعله ذخراً ليوم لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم.

١٠٨

تذكرة الفقهاء

للعلّامة الحسن بن المطهّر الحلّي

(٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ)

السيد جواد الشهرستاني

بسمه تعالى شأنه

كان الفقه الإسلامي منذ البدء مظهراً من مظاهر عناية الله بشريعته الغرّاء، ومصدراً مهماً من مصادر التقنين والتشريع في مختلف العصور والأزمنة.

اعترضته خلال هذه المدة مئات السبل الوعرة وعشرات الطرق الملتوية فجاوزها بسهولة ليشهد تطوّراً ملحوظاً.

فكثرت المدوّنات الفقهية الجامعة والمصنفات النافعة التي تحوي آراء العلماء وأقوال العظماء، ولتؤكّد بأنّ المكتبة الإسلامية غنية بتراثها العلمي الهائل.

واتّجهت الأنظار ـ فيما اتّجهت ـ لدارسة اختلاف الفقهاء وجمعه وتدوينه، فألّف أبو جعفر الطحاوي موسوعة بلغت مائة وثلاثين جزءاً ونيفاً، اختصرها فيما بعد الجصّاص.

وأمّا النيسابوري الشافعي فقد ألّف كتاب الانتصاف في اختلاف العلماء، وأبو جرير الطبري في اختلاف الفقهاء.

وهناك آخرون دوّنوا في اختلاف المذاهب الأربعة كالإفصاح لابن هبيرة، والينابيع للأسفراييني، والميزان للشعراني، وغيرهم كثيرون.

* * *

وكان الفقه الشيعي يخطو بالركب سريعاً وعاجلًا في المقدمة ليصل إلى القمّة، فمرّ بأدوار متعدّدة و مراحل متفاوتة كانت السبب في تفوّقه، للعمق الفقهي والإستدلال المنطقي الذي يملكه.

١٠٩

فألّف الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي كتاب «الخلاف» الذي يعدّ من الكتب الخلافية المهمّة عند عامّة المسلمين، ناهيك عن «الناصريات» و «الانتصار» لعلم الهدى السيد المرتضى، ورسالة الشيخ المفيد، وغيرها.

وما «تذكرة الفقهاء» للعلّامة الحلّي ـ الذي نحن في صدد تعريفه ـ إلّا اُنموذجاً حيّاً من الكتب المدوّنة المهمّة في هذا الباب، وإنّه يمثل فكر مدرسة لها مميّزاتها الخاصة وطابعها الثقافي المرتبط بها.

فمدرسة الحلّة التي قد أغدقت هذا السفر العظيم كانت قد أروت الجامعات العلمية بالعشرات من أمثالها كقواعد الاحكام للمؤلف نفسه، الذي صار فيما بعد القانون الذي يبتن عليه النظام الأساسي في إيران.

فتذكرة الفقهاء كتاب فقهي إستدلالي خلافي، ناقش فيه مؤلّفه آراء علماء العامّة وفنّدها باستدلال جيد واُسلوب متين، ومن ثم ذكر الرأي الفصل، وسوف يطبع في أكثر من عشرة مجلّدات إن شاء الله تعالى.

وإنّه لشيخ فقهاء المذهب، نادرة الزمان، ويتيمة الأوان، العالم العلّامة، والحبر الذي أمره في العلم والفضل، وجلالة القدر، وغزارة العلم، وفصاحة البيان، وطلاقة اللسان وكثرة التحقيق، أشهر من أن يذكر، آية الله على الإطلاق في العالمين، الشيخ الحسن بن المطهّر الحلّي، والذي بلغ رتبة عالية من الإجتهاد وهو لم يبلغ الحلم.

* * *

منهجية التحقيق:

عنت المؤسسة منذ البداية في ضمن خطّتها المبرمجة بتشكيل لجان مختصّة في كل حقل من حقول التحقيق يوافق الكتاب المحقق، فالكتاب الروائي يحتاج إلى لجان غير ما تحتاجها الكتب الفقهية، وأمّا الكتب الاُصولية فتختلف طريقة عملها عن الكتب الرجالية، وهكذا.

ولذلك فإنّ اللجان التي عملت في تذكرة الفقهاء أربعة لجان هي كالآتي:

١ ـ لجنة استخراج أقوال الفقهاء من مظانّها المعتبرة التي نقل عنها صاحب التذكرة، ككتب القديمين والشيخ والمفيد والصدوق، وغيرهم.

واهتمّت كذلك باستخراج الأحاديث والروايات المذكورة من الكتب الأربعة ومقابلتها، و ذكر موارد الإختلاف الحاصل بينهما.

١١٠

٢ ـ لجنة متابعة أقوال علماء العامّة واستخراج أقوالهم من المظانّ الأساسية عندهم.

فأقوال الشافعية من كتاب الاُمّ للشافعي، والمجموع للنووي، ومغني المحتاج و...

وأقوال الحنفية من المبسوط لشمس الأئمة السرخسي، والهداية للمرغيناني، وبدائع الصنائع للكاساني، وشرح فتح القدير لابن همام، وغيره.

وأقوال الحنابلة من كتاب المغني لابن قدامة، والإنصاف والاقناع، وغيره.

وأقوال المالكية من المدونة الكبرى، ومقدمات ابن رشد، وبداية المجتهد، والاستذكار للقرطبي، وغيره.

وأقوال الظاهرية من المحلّى لابن حزم.

وأقوال الزيدية من نيل الأوطار للشوكاني، والبحر الزخار.

وأمّا أقوال بقيّة الفقهاء، فمن المصادر المتوفّرة الموجودة لدينا.

٣ ـ لجنة المقابلة والتصحيح، مهمّتها مقابلة النسخة الحجرية مع النسخ الخطّية المعتبرة التي بأيدينا، من ضبط النصّ وتقويمه وتوزيعه.

٤ ـ لجنة التنسيق بين اللجان الثلاث الاُول، وهي لجنة الإشراف وعملها ذكر ماهو الصالح في الهامش و ترك ما يستدعي تركه من تعاليق.

نسأل الله الإتمام والله من وراء القصد.

وآخر دعوانا أن الحمدلله ربّ العالمين.

١١١

بناء المقالة العلويّة في نقض الرسالة العثمانيّة

السيد علي العدناني

بناء رصين، وردّ متين، وجواب مفحم، من يراعة سيّالة، وذهن وقّاد، ونفس عالمة تحمل في أعماقها ولاءاً محضاً غير مشوب بدرن الأوهام والشكوك لأهل البيت عليهم السلام، تنحدر من أصل سنيّ، ونجار زكيّ، شمخت عالياً تباري الريح العاصف، ولاتحوم على اقصر من أعالي القمم، تأنف من التسافل إلى مهابط المجاراة مع الزعانف، لكن رأت ضباباً رام حجب محيّا الحقيقة الناصع، ودخاناً نفخ به فم أدرد بأنفاس متكسّرة لاهثة، أثاره من رماد حقده الدفين ليؤجّج نار البغض والشنآن على العترة الطاهرة عليهم السلام، فتنازلت من مقامها المرموق، وهوت على الباطل تبدّد شمله بقواضب الحقّ القواطع.

الكتاب:

هو ردّ على كتاب الجاحظ (المتوفّى سنة ٢٥٥ هـ) الذي أسماه «العثمانيّة» ـ مطبوع بمصر سنة ١٣٧٤ هـ ـ والذي خبط فيه خبط عشواء، أو كان كحاطب ليل، انتقد ـ بزعمه ـ الشيعة وإمامهم الأول علي بن أبي طالب عليه السلام، وأورد أوهاماً حسبها إشكالات، وقد رام التنقّص من أميرالمؤمنين عليه السلام، فلفّق ترّهات، وأنكر حقائق مسلّمات، فقام مصنّف المقالة العلويّة (قدّس سرّه) بالردّ عليه ردّاً مشفوعاً بالدليل، مؤيداً بالأحاديث الواردة من طرق العامّة.

وامتاز الكتاب بالردّ اللاذع، والجواب القارص، والإستدلال المتين بالإضافة إلى تبيين التهافت الواقع في كلام الجاحظ، والكشف عن جهله بالكتاب والسنّة والتاريخ.

١١٢

مصنّفه:

هو فخر الشيعة وعماد الشريعة، الغنيّ عن التعريف والتوصيف، السيد جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن موسى بن طاووس الحسني الحلّي (قدّس سرّه) المتوفّى سنة ٦٧٣ هـ، صاحب التصانيف القيمة والتآليف الثمينة، سليل البيت الشريف الذي حمل على عاتقه مسؤولية الذبّ عن حريم أهل البيت عليهم السلام و نشر علومهم وفضائلهم، وهو بيت معروف في الأوساط الشيعيّة ولايحتاج إلى مزيد تعريف.

العمل في الكتاب:

١ ـ اعتمدت في تحقيقي للكتاب المذكور على نسخة مقروءة على المصنّف، وهي بخطّ تلميذه الشيخ تقيّ الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي، صاحب كتاب الرجال المعروف برجال ابن داود، و تاريخ كتابتها سنة ٦٥٥ هـ وقد جعلتها أصلًا، وهذه النسخة موجودة في مكتبة جامعة طهران ـ كليّة الحقوق، ولكن هذه النسخة ناقصة الأول بمقدار قليل من مقدّمة الكتاب.

٢ ـ نسخة ثانية بخطّ حسين الخادم الكتابدار، قد استنسخها من النسخة الأصلية، ويعود تاريخ كتابتها إلى سنة ١٠٩١ هـ، وهي نسخة كاملة.

٣ ـ نسخة متأخّرة بقلم السيد مرتضى النجومي الكرمانشاهي، وقد استنسخها عن نسخة للشيخ جواد بن عبدالحميد الذي هو بدوره كتبها عن نسخة يعود تاريخ استنساخها إلى سنة ١٣٣٦ هـ، وهي التي كانت ـ ظاهراً ـ عند الشيخ محمد السماوي رحمه الله تعالى، وهي أيضاً كاملة.

وعمدت في تحقيق الكتاب إلى مايلي:

١ ـ مقابلة النسخ الموجودة لإثبات المتن الصحيح وإبرازه بشكل عار من الأغلاط، والإشارة إلى اختلاف النسخ في الهامش.

٢ ـ تخريج مصادره، وترقيم الآيات الواردة فيه مع الإشارة إلى الزيادة أو النقيصة الواقعة في المصدر أو الأصل، بالإضافة إلى شرح بعض الكلمات الواردة في المتن.

٣ ـ إضافة مصادر اُخرى للأحاديث المذكورة تتميماً للفائدة وتدعيماً للغاية، بشكل

١١٣

لا تتجاوز الإطناب المملّ ولا الإيجاز المخلّ.

هذا وقد بقي القليل من العمل فيه، نسأل الله تعالى أن يمدّنا بالتوفيق لإكماله، إنّه وليّ ذلك.

١١٤

الإجازة الكبيرة

للسيّد عبدالله الجزائري

الشيخ محمد السمامي الحائري

اشتهرت هذه الإجازة لكثرة فوائدها، وأصبحت من المصادر لد المحقّقين وأصحاب التراجم، ونقل عنها جمّ من المؤلّفين في كتب التراجم، منهم العلّامة الشيخ علي كاشف الغطاء في «الحصون المنيعة»، و شيخنا الطهراني في «الذريعة» و «طبقات أعلام الشيعة» و السيّد الأمين في «أعيان الشيعة»، والشيخ محمدباقر محبوبة في «ماضي النجف وحاضرها» و شيخنا محمد المهدوي اللاهيجي في «دانشمندان گيلان» و غيرهم، ولأهميّة هذه الإجازة صمّمت على تحقيقها و نشرها.

المجيز هو السيّد عبدالله بن نورالدين بن نعمة الله الموسوي الجزائري التستري، ولد في سابع شعبان سنة ١١١٢، تعلّم القراءة والكتابة ثم بدأ بقراءة العلوم الدينيّة عند أبيه وعلماء آخرين، وفي سنة ١١٢٨ ذهب إلى إصفهان ثم شيراز و منها إل خراسان و آذربايجان، وأكمل دراسته واهتمّ بتعلّم الرياضة والحكمة والنجوم، ونال درجة عالية من الكمال، وبعد ذلك عاد إلى موطنه تستر وأخذ يدرس تلك العلوم، واختصّ بتدريس النجوم والهيئة والرياضة.

له مناظرات جميلة مع علماء المذاهب الأربعة عند سفره إلى الحجّ، وله مؤلّفات عديدة في فنون شتّى باللغتين الفارسيّة والعربيّة، تبلغ ثلاثين كتاباً ورسالة، وكان ينظم الشعر باللغتين العربيّة والفارسيّة، توفّي في سنة ١١٧٣ بمدينة تستر ودفن في مقبرة والده الملاصقة للمسجد الجامع.

المجازون هم أربعة من العلماء:

(١) الشيخ محمد بن الشيخ كرم الله الحويزي.

(٢) الشيخ إبراهيم بن الخواجا عبدالله بن كرم الله الحويزي.

(٣) الشيخ ابراهيم بن عبدالله بن ناصر الحويزي الهميلي.

(٤) الشيخ محمد بن الشيخ محمد مقيم بن الشيخ درويش محمد الإصبهاني

١١٥

الغروي.

ورتّب الإجازة في سبعة عشر فصلًا.

١ ـ في معنى الإجازة.

٢ ـ في تجويز الرواية بالإجازة.

٣ ـ في طرق الإجازة.

٤ ـ في ذكر بعض من يصحّ له الوقف.

٥ ـ ذكر بعض مصنّفات المجيز.

٦ ـ ترجمة والده.

٧ ـ طرق والده و ترجمة جدّه وأساتيذ جدّه (السيّد نعمة الله الجزائري)

٨ ـ في طرق جدّه ومشايخه.

٩ ـ ترجمة الشهيد السيّد نصرالله الحائري.

١٠ ـ مشايخ السيّد نصرالله الحائري.

١١ ـ إجازته بالأحاديث العامّة.

١٢ ـ طريقه إلى الشيخ الطوسي.

١٣ ـ ذكر بعض المشايخ.

١٤ ـ ترجمة ٦٥ شخصاً من العلماء المعاصرين له

١٥ ـ إهتمام جميع الطبقات باحترام العلماء في القرون السالفة.

١٦ ـ توصيف الشيخ عبدالله البحراني المعاصر له.

١٧ ـ في شروطه على رواة الحديث.

والإجازة مؤرّخة في يوم الأحد الثاني من جمادى الثانية سنة ١١٦٨.

تعريف النسخ ومنهج التحقيق:

توجد للإجازة المذكورة نسخ متعددة استنسخت في القرن الرابع عشر، حصلت على صورة نسختين من الإجازة:

الاُولى: بخط العلّامة المحقّق الحاج السيّد محمد علي الروضاتي الإصفهاني، استنسخها من مجموع إجازات العلّامة المرحوم الحاج الشيخ محمد باقر اُلفت النجفي الإصفهاني في شهر رمضان سنة ١٣٦٧، جاء في خاتمتها: (وجدت هذه الإجازة الشريفة

١١٦

بخطّ تلميذ المجيز محمد بن الحاج مير علي بن الحسين بن مقصود علي التستري، وكان تاريخ كتابتها شهر رجب من السنة المذكورة).

الثانية: بخطّ الفاضل الجليل السيّد مرتضى بن سيّد محمد الموسوي الجزائري، من أحفاد المجيز في ٢٠ رجب سنة ١٣٩٤ بمدينة قم المقدسة.

لم يذكر الناسخ من أين نقل الاجازة؟!

في كلا النسختين بعض الأغلاط، لذا صحّحناها على قدر الإمكان، وشرحنا بعض العبارات والإصطلاحات الواردة في الاجازة، وترجمنا المشايخ المذكورين في الإجازة، وذكرنا بعض المصادر.

نسأل الله العون والتوفيق للإتمام.

١١٧

فتح الأبواب بن ذوي الألباب وبن ربّ الأرباب

حامد الخفّاف

سفر ثمين، وكتاب قيّم، نادر في موضوعه، قويّ في إسلوبه، خطّه يراع العرفان بمداد اليقين، يبحث موضوع الإستخارة.. أنواعها، كيفيّتها.. في أربعة وعشرين باباً تشتمل على فصول،

اعتمده جمع من أصحاب الموسوعات الروائيّة، كشيخ الإسلام المجلسي في «بحار الأنوار»، والحرّ العاملي في «وسائل الشيعة»، وخاتمة المحدّثين الشيخ النوري في «مستدرك الوسائل».

بدأ مصنّفه الهمام في تأليفه يوم الثلاثاء رابع عشرين شهر رجب سنة ٦٤٢ هـ، وهو يوم فتح الله أبواب النصرة في حرب البصرة على مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، وفرغ من كتابته يوم الأحد خامس شهر جمادى الاُولى سنة ٦٤٨ هـ.

أوّله: أحمد الله جلّ جلاله الذي عطف على أوليائه و خاصّته، ولطف لهم بما أراهم من أسرار ملكوته و مملكته.

آخره: «فبشّر عباد، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه اُولئك الذين هداهم الله واُولئك هم اُولو الألباب» (١) و هذا آخر ما أردنا ذكره في هذا الباب.

المؤلّف:

رضيّ الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد الطاووس العلوي الحسني، من عظماء الطائفة وثقاتها، حاله في العبادة والزهد أشهر من أن يذكر، ولد قبل ظهر يوم الخميس منتصف المحرم سنة ٥٨٩ هـ بالحلّة، ونشأ وترعرع في بيت الفضيلة

______________________

(١) الزمر ٣٩: ١٧ ـ ١٨.

١١٨

والمعرفة والعلم آل طاووس، تلكم الاُسرة العراقيّة الجليلة، التي أنجبت للطائفة ثلّة طاهرة من مفاخرها، وأعلام ثقاتها، له مؤلّفات كثيرة تربو على أربعين كتاباً (١).

تولّى المترجم له نقابة الطالبيّين سنة ٦٦١ هـ، وبقي نقيباً إلى أن توفّي يوم الاثنين خامس ذي القعدة سنة ٦٦٤ هـ رحمة الله و رضوانه عليه.

قالوا في الكتاب:

١ ـ السيد ابن طاووس في مقدمة كتابه المذكور (٢): «... عرفت أنّه من جانب العناية الإلٰهيّة عليّ أن اُصنّف في المشاورة لله جلّ جلاله كتاباً ما أعلم أنّ أحداً سبقني إلى مثله، يعرف قدر هذا الكتاب من نظره بعين إنصافه وفضله».

٢ ـ السيد ابن طاووس في كشف المحجّة (٣): «فإننّي قد ذكرت في كتاب «فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين ربّ الأرباب» مالم أعرف أحداً سبقني إلى مثله».

٣ ـ وفيه ايضاً (٢) بعد أن عدّ مجموعة من تصانيفه: «ومنها كتاب «فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين ربّ الأرباب» في الإستخارة، ما عرفت أنّ أحداً سبقني إلى مثل الذي اشتمل عليه من البشارة».

٤ ـ الشيهد الأوّل في ذكرى الشيعة (٥): «وقد صنف السيد العالم صاحب الكرامات الظاهرة والمآثر الباهرة رضيّ الدين علي بن طاووس كتاباً ضخماً في الإستخارات».

٥ ـ السيد عبدالله شبر في إرشاد المستبصر (٦): «ولم أعثر على من كتب في ذلك (٧) ما يروي الغليل ويشفي العليل سوى العلم العلّامة الربّاني، والفريد الوحيد الذي ليس له ثاني السيد علي بن طاووس في رسالته: فتح الغيب».

______________________

(١) اُنظر أعيان الشيعة ٣٦١:٨.

(٢) فتح الابواب: ٣.

(٣) كشف المحجة: ١٠١.

(٤) نفس المصدر: ١٣٨.

(٥) ذكرى الشيعة: ٢٥٢.

(٦) إرشاد المستبصر: ٢٠.

(٧) أي في الاستخارة.

١١٩

النسخ المعتمدة في التحقيق:

١ ـ نسخة مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي مدّ ظلّه العالي، ضمن المجموعة المرقمة (٢٢٥٥) من ص ٩٧ الى ص ١٦٦.

٢ ـ نسخة من مكتبة (استان قدس رضوي) تحت رقم ١٧٥٧، صححها محمد الحرّ، جدّ صاحب الوسائل، سنة ٩٤٥ هـ.

٣ ـ نسخة مكتبة (دانشگاه) تحت رقم ٢٣١٩.

٤ ـ الجوامع الحديثيّة المتأخّرة الناقلة من الكتاب، كـ «بحار الأنوار»، و «وسائل الشيعة»، و«مستدرك الوسائل».

وأمّا منهج تحقيق الكتاب فهو كالآتي:

١ ـ إستنساخ نصّ الكتاب و مقابلته.

٢ ـ إستقصاء ما نقل عن الكتاب في الجوامع الروائيّة المتأخّرة كـ «بحار الأنوار» و «وسائل الشيعة» و «مستدرك الوسائل».

٣ ـ شرح الألفاظ اللغويّة، وفكّ مغلقاتها.

٤ ـ تخريج الروايات الواردة من أكبر عدد ممكن من المصادر.

٥ ـ ضبط وترجمة رواة أحاديث الكتاب.

٦ ـ شرح حال الطوائف و الفرق الواردة أسماؤها في الكتاب.

٧ ـ تخريج الآيات القرآنية الكريمة.

وفي الختام أسأله تبارك و تعالى أن يوفقني لإتمام تحقيق الكتاب وإخراجه بالصورة التي تتناسب وقيمته العلميّة والتراثيّة، انّه وليّ التوفيق.

١٢٠