تراثنا ـ العدد [ 1 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 1 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: نمونه
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٢٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

نقد الرجال (للتفريشي)

الشيخ أحمد علي مدرس (شيخزاده)

لاشبهة بعدم إمكان استنباط الاحكام من دون مراجعة الاحاديث والروايات، ومن البداهة بمكان عدم تمييز الاحاديث الصحيحة من السقيمة من دون الرجوع الى علم الرجال.

وقد ألّف علماؤنا العظام في هذا الحقل تصانيف كثيرة، جزاهم الله عن الاسلام وأهله خير الجزاء.

ومن الكتب القيمة في هذا المجال، كتاب «نقد الرجال» للعلّامة الفقيه السيد ميرمصطفى الحسيني التفريشي، الذي لايسعنا في هذه العجالة المختصرة التطرق الىٰ ترجمته بالتفصيل.

فرغ مؤلفه الكبير من تأليفه عام ١٠١٥ هجرية، وله مزايا كثيرة أشار اليها في مقدمة كتابه بقوله: (... ولما نظرت في كتب الرجال رأيت بعضها لم ترتب ترتيباً يسهل منه فهم المراد، ومع هذا لايخلو من تكرار وسهو، وبعضها وان كان حسن الترتيب، إلّا انه فيه أغلاطاً كثيرة، مع أن كل واحد منها لايشتمل على جميع أسماء الرجال، أردت أن اكتب كتاباً يشتمل على جميع أسماء الرجال من الممدوحين والمذمومين والمهملين، يخلو من تكرار وغلط، ينطوي على حسن الترتيب، يحتوي على جميع أقوال القوم قدس الله أرواحهم، من المدح والذم، إلّا شاذاً شديد الشذوذ، وهذا وان كان بعيداً من مثلي ولكن الواهب غير متناهي القوة...).

واضافة لطريقة عمله والمميزات الخاصة به، اعتمد على كتب الاصحاب: كالكشي، والفهرست، ورجال الشيخ، وفهرست النجاشي، والخلاصة، وايضاح الاشتباه للعلامة، ورجال ابن داود، ومعالم العلماء لابن شهرآشوب، وكما هو الظاهر من اسم الكتاب فهو نقد للكتب السالفة الذكر.

واشار فيها الى اشتباهات اولئك الاعلام وهفواتهم، من تكرار الراوي او اتحاده...

ومع أن الكتاب قد طبع في عام ١٣١٨ طبعة حجرية، لكن لم يعلم به إلّا الأوحدي من الفضلاء.

٦١

وقد سعت مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث، في ضمن خطتها المبرمجة، لتصحيح و تحقيق هذا الأثر المهم، و ابرازه للوجود بثوب جيد جديد.

وشرعت بالمباشرة في تحقيقه، وقد تركز عملي على النقاط التالية:

١ ـ الاعتماد على النسخة الخطية، التي كتبها فضل الله بن حسين النائيني في عام ١٠٦٣، من نسخة المولى محمد تقي المجلسي المكتوبة عام ١٠٣٢، المقابلة مع نسخة المؤلف، وفيها حواش من العلّامة المجلسي على الكتاب.

والنسخة الثانية بخط محمد بن محمد مهدي الحسيني المطابقة مع نسخة العلّامة المجلسي عام ١٢٣٩.

والنسخة الثالثه بخط براتعلي عام ١٢٥٥ من نسخة مقابلة مع نسخة العلّامة المجلسي.

ونسخة اخرى اُفست مطابقة على الطبعة الحجرية، وقد ذكرت الاختلافات في هامشها.

٢ ـ إرجاع الرموز وأسماء الأئمة عليهم السلام، وكتب الرجال، الى أسمائها الكاملة، وذكر صفحات الكتب التي استخرجها بين قوسين.

٣ ـ واكتفى المؤلف الفقيد رضوان الله عليه، بذكر الراوي أحياناً من الكتب المذكورة، التى أشار المصحح في الهامش الى الجرح والتعديل من الكتب المذكورة الاخرى مع أرقام الصفحات.

وذكرت أيضاً ترجمة باختصار من كتب: نضد الايضاح، والرسالة في معرفة الصحابة، ورجال بحر العلوم، والرواشح، و روضات الجنات، والكنى والالقاب، وغيرها.

ورجعت في نقل الأقوال الى كتب أهل السنّة أيضاً، من الاستيعاب، اُسد الغابة، الاصابة، الجرح والتعديل، ميزان الاعتدال، المجروحين، لسان الميزان، تهذيب التهذيب، تقريب التهذيب، المعارف، شذرات الذهب، تاريخ الخلفاء، ومعجم الادباء، وغيرها من الكتب، والاشارة الى بعض موارد الجرح والتعديل.

٤ ـ وقد ذكرت مصادر الاحاديث التي جاءت في المتن قدر الضرورة.

٥ ـ الاهتمام قدر الامكان في التحقيق لضبط الانساب والالقاب وحتى الاسماء وتوضيح الصحيح من الباطل ونقلها والاستفادة في ذلك من اللباب والقاموس والتهذيب وغيرها.

٦ ـ بيّنت قدر وسعي تاريخ ولادة الراو.

٧ ـ عرّفت البقاع والمدن حتى الامكان، عند ذكرها بمناسبة الراوى.

٨ ـ وعند اللزوم ذكرت نظريات الكتب حول الراوى كمعجم رجال الحديث، تنقيح المقال، وسماء المقال.

٦٢

٩ ـ نقلت في الهامش بعض الحواشى المفيدة التي جاءت في نسخة المتن من العلامة المجلسي او النسخة الثانية من الاخرين.

وهناك بضعة اعمال مفيدة اخرى تستوجب تطويل الكلام، وفي كل حال نعترف بالقصور والعجز وعدم كمال هذه الاعمال، وانما سعينا لاحياء هذا الكتاب الثمين فقط، ونرجو من العلماء العظام ان ينظروا اليها باغماض.

والآن بلطف الله تعالى، وفي ظل توجيهات و عنايات مولانا الحجة بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه الشريف، واستمداداً من نفس المؤلف ـ رضوان الله عليه ـ الطاهرة، فان المجلد الاول لهذا الكتاب تحت الطبع، ونرجو ان تدوّن باقي المجلدات بعناية الله تعالى، وتوجيهات صاحب الامر عجل الله تعالى فرجه الشريف، ومن الله التوفيق و عليه التكلان.

٦٣

٦٤

نظرات سريعة في فن التحقيق

أسد مولوي

الحمدلله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

يسرني أن اُقدم ـ بين يدي القارىء العزيز ـ بحثاً موجزاً عن فن التحقيق، هذا الفن العريق تاريخاً، العظيم أهمية، الكثير شعباً و فنوناً.

وأعتذر عن الاختصار، فلكل مقام مقال.

ما هو فن التحقيق ؟

التحقيق لغة: التصديق، واثبات الحق، والرصانة، والتزيين، واحكام الشيء و صحته (١)...

وهو ـ كما ترى ـ فيه ماينطبق على الفن المعروف حالياً بهذا الاسم، فالتحقيق: إحكام النصوص، والتثبت من صحتها، وتزيينها بما يفك مغلقها، ويوضح غامضها، ويضيء معالمها... وهو ـ بعد ـ فن يستلزم الرصانة، واثبات الحق من النصوص ونفي غيره.

لكنّ سلفنا لم يستعملوا هذه الكلمة للدلالة عليه، بل استعملوا بدلها كلمة (التحرير)، جاء في القاموس المحيط وغيره: تحرير الكتاب: خلوصه وتقويمه (٢)، وقال أبوبكر الصولي في (أدب الكتاب): تحرير الكتاب خلوصه كأنه خلص من النسخ التي حرر عليها وصفا عن كدرها (٣).

وعلى أي حال فقد شاعت ـ في هذه الأواخر ـ لفظة التحقيق و ذاعت، وأصبحت مصطلحاً ينصرف الذهن عند ذكرها الى مانحن بصدده.. ومعلوم أن لامشاحة في الاصطلاح.

______________________________

(١) انظر لسان العرب (حقق)، معجم مقاييس اللغة (حق).

(٢) القاموس المحيط (حرر).

(٣) أدب الكتاب: ٢٦.

٦٥

هذا بعض ما يتعلق باللفظ لغة...

وقد اختلف المعنيون بالمراد من التحقيق:

فمنهم من اقتصر على أنه ضبط النص فحسب.

ومنهم من زاد عليه توضيح الغوامض، وتخريج النصوص من مصادرها، وصنع الفهارس... ومتابعة الكتاب تصحيحاً و تنقيحاً حتى يخرج من المطبعة ويصل الى يد القارىء.

ومنهم من زاد ـ على هذا كله ـ متابعة المحقق لكتابه بعد الطبعة الاولى صقلًا وتجميلًا و تهذيباً...

والجميع مصيبون، وكل منهم عبّر عن رؤية خاصة.

والحق أن للتحقيق درجات: أولها ضبط النص... ثم يرتقي المحقق صعداً في سلم هذا الفن.

أما التخريج، وتوضيح الغوامض، وصنع الفهارس، ومتابعة الكتاب... فهي من لوازم التحقيق و مكملاته.

ولايظن القارىء العزيز أن ضبط النص أمر هين، فهو من أعضل المعضلات، ودون الوصول إليه خرط القتاد... فهو يتطلب من المحقق موسوعية تراثية، وسليقة لغوية، ودقة ملاحظة، وفضل ذكاء، وحافظة سليمة، وذوقاً جميلاً... وصبراً وجَلَداً...

وقديماً قيل: تأليف كتاب أهون من إصلاحه.

وبكلمة مختصرة: التحقيق هو فن إحياء الكتاب المخطوط.

والحياة ـ كما هو معلوم ـ درجات بعضها أعلىٰ من بعض، فحياة مريضة عاجزة، وحياة سليمة تتمتع بالصحة والعافية، وحياة فيها ـ مع هذا ـ رواء وجمال.

قدم هذا الفن عندنا:

الاُمة المسلمة هي الاُمة الوسط، و هي اُمة الخير وخير الاُمم... ذلك من فضل الله علينا... وبفضل الهداة المعصومين، محمد وآله الميامين، صلوات الله عليهم أجمعين.

فالاُمة العربية اُمة اُمّيّة، تعتمد الرواية والحافظة في نقل علومها من جيل الى جيل... وجاءت الرحمة المهداة للعالمين متمثلة في الرسول الأعظم صلّى الله عليه و آله فأخرج هذه الاُمة من الظلمات الى النور، من ظلمات الجهل الى نور العلم.

ولايزال التاريخ يذكر حادثة أسرى بدر، وأن الأسير كان يحصل حريته بتعليمه عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة.

٦٦

ولايزال التاريخ يذكر أمر النبيّ صلّى الله عليه وآله أحد الصحابة أن يتعلم لسان يهود، فتعلّمه في بضعة عشر يوماً...

وكان القرآن الكريم فاتحة الخير لتدوين العلوم، وجاء حثه على طلب العلم وأمره به، محفزاً للمسلمين كي يقتحموا لجج المعارف و يغوصوا في أعماقها طلباً للحقائق.

وكان صنو رسول الله و وصيه، أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما باباً لمدينة العلم... دوّن القرآن الكريم، والصحيفة الجامعة، وغيرها.

وتبعه شيعته من أول العهد، فالكتب المعنية تذكر كتاباً لأبي ذرّ رحمه الله، وكتاباً لعبيد الله بن أبي رافع...

ولم يعيروا اهتماما للردة العلمية التي قادها أحد حكام المسلمين بنهيه عن الكتابة والتدوين وعقابه عليها، بل استمروا على الخط الصحيح... وذهب الزبد جفاء، ومكث ماينفع الناس في الارض.

فكانت للمسلمين ـ بفضل استقامة هذه الصفوة الطاهرة ـ هذه المكتبة العظيمة، التي لم تصل الى غناها وثرائها مكتبة اُخرى لأية اُمّة.

وجاءت أقوال أئمة الهدى عليهم السلام مؤكدة للأمر الإلهي العزيز:

(وقل ربّ زدني علماً) (١).

(إقرأ باسم ربك..) (٢)

فقد ورد عن أهل البيت عليهم السلام:

اكتب وبثّ علمك في إخوانك، فان متّ فأورث كتبك بنيك، فانه يأتي على الناس زمان هرج لايأنسون فيه إلّا بكتبهم (٣).

من مات وميراثه المحابر والدويّ فله الجنّة.

..............................

أما حول فن التحقيق، فقد جاء عن الصادق عليه السلام:

«عن عبدالله بن سنان قال: قال الصادق عليه السلام: ستصيبكم شبهة فتبقون بلاعلم يرى ولاإمام هدى، لاينجو منها إلّا من دعا بدعاء الغريق، قلت: وكيف دعاء الغريق؟ قال: تقول: ياالله يارحمن يارحيم يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.

فقلت: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك.

______________________________

(١) الكهف ٢٠: ١١٤

(٢) العلق ٩٦: ١

(٣) الكافي ١: ٤٢/١١، منية المريد: ١٧٣، البحار ٢: ١٥٠/٢٧ عن كشف المحجة: ٣٥.

٦٧

فقال: إن الله عزوجلّ مقلّب القلوب و الابصار، ولكن قل كما أقول: يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (١).

وهذا ـ كما ترى ـ منتهى الأمانة في النقل، وغاية الحيطة في ضبط النص فالإمام عليه السلام لم يرض باضافة كلمة واحدة يقبلها السياق، وليس فيها محذور.

والحال أن ضبط النص من مهمات الاُمور، ومن مقتضيات الأمانة العلمية، فربّ لفظة حذفت أو زيدت أو حرّفت، فكانت النتيجة إباحة دماء، واستحلال محارم... (٢).

فالنص أمانة بين يدي محققه، وليعلم ان الكتاب عند مؤلفه كولده وفلذة كبده... فهل تراه يرضى بتحريفه و تصحيفه، أو تبديله وتغييره؟!

وكان علم الحديث الشريف أهم حافز لعلمائنا رحمهم الله على ممارسة هذا الفن ـ وان لم يسمّوه باسمه المعروف الآن ـ وعلى البلوغ به مستوى عالياً دونه كل الاعمال التي ظهرت عند الآخرين بعد فترة طويلة من الزمان.

فكان التحقيق في ضبط نصوص الأحاديث، والحيطة فيها وعليها، بحيث شاعت مصطلحات خاصة... سماع، إجازة، مقابلة، بلاغ... وشاع إثبات ما في النسخ الاُخرى أو الروايات الاخرى في هامش الحديث الشريف إن اختلفت في لفظه ولو كانت تلك اللفظة (واو) العطف أو (أو) التخيير، أو كانت زيادة نقطة على الحرف أو إهمالها.

وانتقل هذا الفن الى العلوم الاُخرى، فكان لضبط النص ـ أدبياً كان أم علمياً ـ أهمية ـ عند علمائنا ـ بالغة.

..............................

واُودعك أخي القارىء على أمل اللقاء في حلقة اُخرى من هذا البحث تطرق جوانب اُخرى من هذا الفن الواسع الممتع...

للبحث صلة...

______________________________

(١) إكمال الدين للشيخ الصدوق ٢: ٣٥١ باب ٣٣ ح ٤٩ وعنه في البحار ٥٢: ١٤٨/٧٣

(٢) انظر حوادث الردة: واقعة خالد بن الوليد بمالك بن نويرة (ره).

٦٨



كتب قيد التحقيق

١ ـ غنية النزوع

٢ ـ جامع المقاصد

٣ ـ الاربعين

٦٩

٧٠

غنية النزوع

الى علمي الاصول والفرع

السيد علي الخراساني

من المتون الكلامية والفقهية الغنية عن كل إطراء، والمشتهرة بين الفقهاء من القديم ولحد الآن من دون حاجة الى تعريف و بما أني أخّرت العمل في القسمين الأولين الى أجل قريب جداً فأترك الكلام عنهما لحينه إن شاء الله.

يحتوي القسم الثالث ـ الفروع ـ على دورة فقهية تامة بعبارة موجزة من دون إخلال وقد سلك المؤلف في كتابه هذا طريقة جديدة ونحا منحى آخر يختلف عن باقي المتون الفقهية حيث حاول ـ موفّقاً ـ إثبات آرائه بما روي من طرق الخصوم عن رسول الله صلّى الله عليه وآله بعد أن يقدم ما يخص الموضوع من الآيات الكريمة، وبعد كل هذا يعرّج على ما ورد عن أهل بيت العصمة والنبوة عليهم السلام.

وقد يتمسك المؤلف و كثيراً ما بالإجماع وبما ورد في كتب التفسير واللغة المتقدمه ومن المعلوم مالها من الأهمية.

وعلى كل حال فان أدل دليل على أهمية كتابنا هذا هو أنه لازال حيّاً بين الفقهاء من زمن مؤلفه ولحدّ الآن.

المؤلف:

الفقيه الاُصولي الثقة الجليل أبو المكارم السيد عزالدين حمزة بن علي بن زهرة الحلبي الحسيني ينتهي نسبه الشريف الى الإمام الصادق عليه السلام بوسائط قليلة، من أجلّاء الطائفة وعظمائها، ولد المترجم سنة ٥١١ (هجـ) في بيت علم ومعرفة وأدب نبغ منه علماء مبرزين خلدهم التاريخ بمآثرهم العلمية الخالدة

٧١

وخدماتهم، منهم صاحب الأربعين حديثاً، وعلي بن محمد وولده الحسين بن علي، وغيرهم.

كفاهم وصفاً وتعريفاً ما أنشأه العلّامة الحلي في الإجازة الكبيرة المعروفة باجازة العلّامة لبني زهرة.

وبالجملة فهم بيت جليل من أجلاء بيوتات الأصحاب وحسب اشتهار أمرهم الرشيد بين قاطبة أهل الإسلام بالفضيلة والكمال أن صاحب القاموس يقول في مادتهم: وبنو زهرة شيعة حلب.

وتوفي المؤلف سنة ٥٨٥ هـ بحلب واُقبر في مقبرتهم عند جبل الجوشن. له مؤلفات عدة منها (قبس الأنوار في نصرة العترة الأخيار)، و (النكت في النحو)، و (الشافية)، و (رسالة في تحريم الفقاع)، وغيرها كثير.

وأكثرها شهرة وإشارة اليه في كتب الأصحاب و كلماتهم هو كتابنا هذا:

(غنية النزوع الى علمي الاُصول والفروع)

ومع الأسف أنّه لم ينل العناية اللازمة له في مجال التحقيق والطباعة والإخراج حيث طبع على الحجر سنة ١٢٧٦ هـ طباعة سقيمة مليئة بالأغلاط والسقط حتى ليصل لحد الصفحة بل أكثر.

ومن هنا فقد سعيت للحصول على نسخة خطية تامة تصلح كي تكون أساساً للعمل وأصلًا يعتمد عليه فحصلت ـ وله الحمد والمنّة ـ على نسخة إليك أوصافها:

النسخة المعتمدة:

اعتمدت في عملي على نسخة مصححة على نسخة الأصل، وهذه نسخة نفيسة خزائنية تامة محفوظة في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي تحت رقم ٨٦٣٢١/و١٠٥٦٤ ـ مخطوط، وتمتاز بما يلي:

١ ـ النسخة الوحيدة الكاملة حيث تضم الأقسام الثلاثة للكتاب ـ اُصول الدين، اُصول الفقة، الفقه ـ ولم أعثر لحد الآن وبحسب تتبعي على نسخة كاملة إلّا هذه.

٢ ـ تاريخ كتابتها سنة ٦١٤ هـ، أي بعد وفاة المصنف بحدود الثلاثين سنة.

٣ ـ عليها إجازة تلميذ المصنف الشيخ المازني المصري برواية الكتاب عن مؤلّفه للمحقق الخواجة نصيرالدين الطوسي تاريخها ٦٢٩.

٧٢

٤ ـ مقابلة الخواجة وتصحيحه النسخة وقراءته لها على شيخه المصري.

٥ ـ بلاغ المقابلة في آخر القسم الثالث منه بخط الشيخ الخواجة الطوسي.

هذا وتوجد بعض النسخ الاُخرى للكتاب لكنها ليست بهذه الدرجة من الأهمية والاعتبار منها:

١ ـ نسختان في مكتبة آية الله العظمى سيدنا الاُستاذ السيد المرعشي النجفي دام ظله الوارف، غير كاملة.

٢ ـ نسخة مكتبة المدرسة الفيضية العامرة مشتملة على الاُصول فقط.

٣ ـ ذكر شيخ الذريعة قدس الله روحه في ذريعته ١٦: ٦٩/٣٤٦ وجود نسخة في مكتبة سپهسالار، واُخرى عند الميرزا شيخ الاسلام الزنجاني والظاهر أنها هي نسختنا المعتمد عليها.

وبناء على ما تقدم فقد جعلت النسخة المعتمدة أصلاً للعمل لما عرفت من مزاياها.

وأما عملي في تحقيق الكتاب فكان كما يلي:

١ ـ استنساخ النص ومقابلته مع النسخة المعتمدة وغيرها.

٢ ـ تخريج الآيات الكريمة.

٣ ـ ترجمة من ورد اسمه في الكتاب من الأعلام.

٤ ـ تخريج الروايات الشيعية والعامّية منها على مصادرها الامّ ما أمكن.

٥ ـ شرح الألفاظ اللغوية والأماكن.

٦ ـ ذكر أكبر عدد ممكن لمصادر التخريج والترجمة و شرح اللغات الواردة.

وأخيراً أسأل الله التوفيق لإنجاز جميع أقسام الكتاب بأسرع وقت إنه سميع مجيب.

٧٣

٧٤

جامع المقاصد

السيد علي العدناني

كتاب فقهي استدلالي مبسوط، و شرح على كتاب قواعد الأحكام للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلي «قدس سره».

وهو سفر مهم في عالم الفقه والاجتهاد ويعدّ بحق من الكتب الجليلة القيّمة في الفقه الجعفري، وكان ومازال مصدر اهتمام وعناية من قبل فقهاء الامامية، ومورداً عذباً ينهل من نميره الفضلاء، ومشكاة يقتبس من نورها طلاب العلم ورواد الفضيلة في الحوزات العلمية الجعفرية على مرّ حقبة مديدة من الزمن.

تعرّض مؤلفه ـ وهو المحقق الفذ والعلّامة النحرير آية الله الشيخ علي الكركي «قدس سره» الذي هو من العلماء المبرزين عند الامامية ـ لشرح كلام العلّامة «قدس سره» في القواعد مستعرضاً أقوال العلماء في المسائل المختلفة وناقشهم فيها بشكل مفصل وبطريقة استدلالية.

ويحتوي الكتاب المذكور على كتاب الطهارة و كتاب الصلاة حتى كتاب النكاح ولم يكمله، وقد تمم شرح كتاب القواعد المحقق الهندي في كتابه «كشف اللثام».

وهذا الكتاب ـ وللأسف الشديد ـ لم ير النور إلّا من خلال كوّة صغيرة قد نفذ منها متكسراً قاتماً، فقد طبع بالطباعة الحجرية وهي مشحونة بالاغلاط مع سطور معوجّة ربما انزوت عن المتن وصارت الى الحاشية مما تسبب التعب الشديد للقارىء الراغب.

وقد شاء الله تبارك و تعالى أن يمد «مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث» بالعون ويشملها بالعناية والتوفيق كي تلبس هذا السفر الجليل حلّة قشيبة لائقةً ومقامه المرموق ومكانته الشامخة، فتمهّد الطريق الوعر وتسهّل السبيل لسالكي درب الفضيلة للوصول الى الغاية المنشودة.

ومن الاعمال التي قامت بها لجنة التحقيق التابعة لمؤسسة آل البيت عليهم السلام مايلي:

أولاً: مقابلة النسخ المخطوطة المتعددة ومطابقتها والنسخة الحجرية، وبذلك

٧٥

تمكنت من إبراز متن صحيح للقارىء مع الاشارة في الهامش الى الاختلافات الموجودة في النسخ.

ثانيا: عمدت هذه اللجنة الى استخراج الاحاديث الواردة ضمن هذا الكتاب وارجاعها الى مصادرها والاشارة الى ذلك.

وثالثاً: عملت كذلك على استخراج أقوال الفقهاء التي نقلها المؤلف «قدس سره» ضمن مناقشاته للمسائل الفقهية المذكورة مع مطابقة النقل للمصادر والاشارة إليها والى موارد الاختلاف إن وجدت.

هذا وقد خطت اللجنة المذكورة خطوات كبيرة بشأن تحقيقه وبعد الفراغ منه سوف يقدم الى الطبع في المستقبل القريب إن شاء الله تعالى.

٧٦

الاربعين

الشيخ نبيل رضا علوان

من الكتب الاخلاقية التي لم تر النور بعد وهو كتاب جليل جمع فيه مؤلفه اربعين حديثا في حقوق الاخوان ومن اهمها رسالة الامام أبي عبدالله الصادق عليه السلام الى عبدالله النجاشي والى الاهواز المعروفة بالاهوازية وقد اخرجها الشهيد الثاني فى كشف الريبة عن هذا الكتاب وهو سفر مهم في التعرف على حقوق الاخوان المؤمنين مما لهم و عليهم تجاه بعضهم البعض وقد اعتمده جمع من اصحاب الموسوعات الحديثية كالشيخ المجلسي في البحار والحر العاملي في الوسائل والمحدث النوري في مستدركه، قدس الله اسرارهم.

تأليف العالم الفاضل الجليل السيد محيي الدين ابوحامد محمد بن أبي القاسم عبدالله بن علي بن زهرة الحلبي ابن أخ صاحب الغنية ينتهي نسبه الى الامام الصادق عليه السلام كانت ولادته سنة ٥٦٤ هـ و وفاته سنة ٦٣٤ هـ‏ـ.

النسخ المعتمدة:

بعد البحث المضني عثرت على ثلاث نسخ مخطوطة اقدمها نسخة كتبت في القرن الثامن الهجري وقد جعلتها اصلا اعتمدت عليه في تصحيح وتثبيت الاختلافات وهي محفوظة في مكتبة ملك بطهران تحت رقم ٥٤٢٩.

الثانية: النسخة المحفوظة في مكتبة اية الله العظمى السيد النجفي المرعشي العامة الرسالة الخامسة من المجموعة المرقمة ٢٨٢٥ يعود تاريخ نسخها لسنة ١٢٨٠ بيد السيد محمد بن سيد زين العابدين الموسوي الخونساري.

واما الثالثة: فهي النسخة المحفوظة في مكتبة الامام الرضا عليه السلام في المشهد المقدس برقم ٧٥٤٨.

ومما يجدر الاشارة اليه ان النسخة الاولى والثانية سقط منها اربعة احاديث واما نسخة الرضوية فهى تامة عدا الحديث الخامس والعشرين فقد ذكر فيها السند دون المتن.

٧٧

منهج التحقيق:

١ ـ مقابلة النسخ المخطوطة الثلاث مع اثبات الاختلاف بينها.

٢ ـ تخريج الايات الكريمة.

٣ ـ تخريج الاحاديث الشريفة، منها وارجاعها الى بعض المصادر الاولية.

٤ ـ شرح الالفاظ اللغوية.

٥ ـ التعريف ببعض الاعلام من رجال الاسناد.

واسأل الله تعالى ان يوفقنى لاخراجه بما يليق وشأنه ان شاء الله.

٧٨

نظرة في بعض النصوص التأريخية

حامد شاكر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد و آله الطيبين الطاهرين، قادة الخلق، وأرباب الحق، ولسان الصدق.

وبعد: أضع بين يديك قارئي العزيز قطعة من رواية تتعلّق بمقتل الحسين عليه السلام وسير السبايا، ذكرها ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب (١) نقلًا عن أبي مخنف، وأخرجها عنه شيخ الاسلام المجلسي في بحار الأنوار (٢)، وتبعه الشيخ البحراني في عوالم العلوم ـ حياة الامام الحسين عليه السلام ـ والنص كما يلي:

(قال أبومخنف:... وجاؤا بالحرم اُسارى إلّا شهربانويه فانّها أتلفت نفسها في الفرات).

وفي قبال هذا النص ـ الذي يتعلق بوالدة إمام معصوم، هو الامام زين العابدين عليه السلام ـ يجد القارىء اللبيب نفسه ملزماً بمتابعة النص من ناحية عقائدية باعتباره يمسّ ركناً أساسياً في عقيدته، وعلى هذا الاساس نذكر بعض الحقائق التي ترتبط بالموضوع:

١ ـ إنّ لاُمّ المعصوم درجة رفيعة في مجال التكامل النفسي والطهارة الروحية بحيث تجعلها أهلا لحمل السر الإلهي الذي لولاه لساخت الأرض بأهلها، والنور الربّاني الذي اُودع في الاصلاب الشامخة والأرحام المطهرة، ذاك هو المعصوم، فهي إذن درجة ترتفع بصاحبها عن مرديات الهوى، ومهلكات النفس، وتسمو به عالياً نحو المقصود الكلي والوجود الأزلي،

من هنا كان اختيار اُمّ المعصوم محفوفاً بألطاف جلية، ورعاية إلٰهية، ومعاجز ربانية، كما يحدّثنا تأريخنا عبر الروايات والاخبار، فالمتتبع لقصة أسر شهربانويه،

______________________________

١ ـ مناقب آل أبي طالب ٤: ١١٢

٢ ـ بحار الأنوار ٤٥: ٦٢

٧٩

واختيارها للامام الحسين عليه السلام من دون الرجال، وتقريظ أمير المؤمنين عليه السلام لها بقوله للحسين عليه السلام: «ليلدنّ لك منها خير أهل الأرض» (١)، لايخفى عليه عمق التسديد الإلهي، والإعداد الرباني للحادثة،

وذكر أبوعبد الله الصادق عليه السلام جدّته اُم أبيه فقال: «كانت صدّيقة لم تدرك في آل الحسن عليه السلام امرأة مثلها» (٢).

ويحدّثنا الصادق عليه السلام عن حميدة اُم الامام الكاظم عليه السلام فيقول: «حميدة مصفّاة من الأدناس، كسبيكة الذهب، مازالت الأملاك تحرسها حتى اُديت إليّ، كرامة من الله لي والحجّة من بعدي» (٣).

وهكذا كل اُمهات الأئمة طاهرات مطهّرات مصطفيات، لجليل مايحملن، وعظيم مااختير لهن.

وبعد هذه الحقائق فنحن نجلّ شهربانويه أن تتلف نفسها في الفرات ـ وهي المصطفاة المختارة ـ مع تعارض هذا الفعل مع صريح الشرع المقدس.

٢ ـ إنّ النسخة المطبوعة من مقتل أبي مخنف خالية من هذه الرواية.

٣ ـ روى الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام (٤) بسنده عن سهل بن القاسم النوشجاني قال: قال لي الرضا عليه السلام بخراسان: إن بيننا وبينكم نسباً، قلت: وماهو أيها الأمير، قال: إن عبدالله بن عامر بن كريز لمّا افتتح خراسان أصاب ابنتين ليزدجرد بن شهريار ملك الأعاجم، فبعث بهما الى عثمان بن عفان، فوهب احديهما للحسن والاُخرى للحسين عليهما السلام، فماتتا عندهما نفساوين، وكانت صاحبة الحسين عليه السلام نفست بعلي بن الحسين عليه السلام، فكفل علياً بعض اُمهات ولد أبيه، فنشأ وهو لايعرف اُمّاً غيرها، ثم علم أنها مولاته، وكان الناس يسمونها اُمّه، الخبر.

وذكر الراوندي في الخرائج والجرائح (٥) قدومها الى المدينة واختيارها للامام الحسين وكلام أمير المؤمنين عليه السلام معها، الى أن قال: «ثم التفت الى الحسين فقال له: احتفظ بها، وأحسن اليها، فستلد لك خير أهل الأرض في زمانه بعدك، وهي اُمّ الأوصياء الذرية الطيّبة فولدت علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام، ويروى أنها ماتت في نفاسها به» الخبر.

______________________________

١ ـ الكافي ١: ٣٨٨/١

٢ ـ الكافي ١: ٣٩٠/٢

٣ ـ الكافي ١: ٣٩٨/٢

٤ ـ عيون اخبار الرضا ٣: ١٢٨/٦ وعنه في البحار ٦٤: ٨/١٩

٥ ـ الخرائج والجرائح: ١٩٦، وعنه في البحار ٤٦: ١٠/٢١

٨٠