طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها - ج ١

أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن جعفر بن حيّان [ أبي الشيخ الأنصاري ]

طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها - ج ١

المؤلف:

أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن جعفر بن حيّان [ أبي الشيخ الأنصاري ]


المحقق: عبدالغفور عبدالحقّ الحسين البلوشي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٨

نشاط العلماء بأصبهان

فلا عجب إذا أن تصبح أصبهان دار السنة فيما بعد ومهاجر العلماء ومحطّ رحلهم ، وكان المساجد والمدارس محل نشاط العلماء ، وقد بنى نظام الملك في القرن الخامس عدة مدارس في عدة مدن ، منها : أصفهان ، وبغداد ، وبصرة ، وهراة ، ونيسابور (١).

يقول السيد مصلح الدين مهدوي : «إنّ أصبهان كانت من القرون الأولية الإسلامية مركز العلم والعرفان ، ونبغ فيها جماعة من العلماء والعرفاء والحكماء والشعراء والمحدثين والخطباء والوعاظ ، وكانوا يرحلون لأخذ العلم وطلب الحديث من بلد إلى بلد ، ويحضرون مجلس العلماء والمحدثين» (٢).

وقد نبغ منها العلماء في كل فن ، فكم من مهاجر إليها ، وكم من قادم عليها لطلب العلم وأخذ الحديث بالأخص.

عناية العلماء بتاريخ أصفهان

واهتمام العلماء بتاريخ أصبهان ورجالها العلماء والمحدثين والشعراء دليل على ذلك نحو «التاريخ الكبير» لحمزة بن الحسين الأصبهاني (ت ٣٦٠ ه‍) ، و «الطبقات» للمؤلف ، الذي تضمن التعريف المطول لنحو ستمائة وستين علما ، و «ذكر أخبار أصبهان» الذي تضمن التعريف لنحو ألفي شخص من محدثي أصبهان والقادمين عليها ، وغير ذلك من المؤلفات خير شاهد على نشاط الحركة الفكرية فيها.

يقول السمعاني : «خرج منها جماعة من العلماء في كل فن قديما وحديثا ، وصنف في تاريخها كتب عدة قديما وحديثا» (٣).

__________________

(١) انظر «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ٥٩ ، ٦٢ «وتاريخ أصفهان» ص ٢١٦ ، و «وتاريخچه أوقاف أصفهان» ص ٣٣.

(٢) انظر «تذكرة القبور أو دانشمندان وبرزكان أصفهان» / المقدمة ، والمأخوذ مترجم عن الفارسية.

(٣) انظر «الأنساب» ١ / ٢٨٤ ، وانظر قائمة المؤلفات في أصبهان.

٤١

يقول ياقوت الحموي : «خرج من أصبهان من العلماء والأئمة في كل فنّ ما لم يخرج من مدينة من المدن ، وعلى الخصوص علو الإسناد ، فإن أعمار أهلها تطول ، ولهم مع ذلك عناية وافرة بسماع الحديث ، وبها من الحفاظ خلق لا يحصون ، ولها عدة تواريخ .. ومن نسب إلى أصبهان من العلماء لا يحصون» (١).

قال القزويني : «أما أرباب العلوم كالفقهاء والأدباء والمنجمين والأطباء ، فأكثر من أهل كل مدينة ، سيّما فحول الشعراء وأصحاب الدواوين فاقوا غيرهم بلطافة الكلام وحسن المعاني وعجيب التشبيه وبديع الاقتراح» (٢).

بلغ نشاط العلماء بأصبهان إلى حد يتفاخر به أهلها وينكر وجود العلماء في غيرها.

ولنستمع إلى أبي عبد الله المقرىء محمد بن عيسى (ت ٢٤١ ه‍) هو أصله من أصبهان ونشأ في الريّ ، ومع ذلك يخاطب أهل الري فيقول : «يا أهل الري من الذي أفلح منكم؟.

إن كان ابن الأصبهاني فمنّا ، وإن كان إبراهيم بن موسى فمنّا ، وإن كان جرير فمنّا ، وإن كان الخط فجدي علمكم ، ما أفلح منكم إلا رجل واحد ، ولن أقول لكم حتى تموتوا كمدا» (٣).

نشاط التحديث في قرى أصفهان

لا شكّ أن الحركة العلمية في أصبهان أثرت على المدن والقرى المجاورة التابعة لها ، حيث لم تجد قرية من قرى أصبهان في القرن الثالث وما بعدها إلا

__________________

(١) انظر «معجم البلدان» ١ / ٢٠٩ ، ٢١٠.

(٢) انظر «آثار البلاد وأخبار العباد» ص ٢٩٧ ، وعد أسماء عدد من أصحاب الدواوين ، ثم قال :فهؤلاء أصحاب الدواوين الكبار لا نظير لهم في غير أصبهان.

(٣) انظر «طبقات المحدثين» ١٠٥ / ٢ لأبي الشيخ ابن حيان.

٤٢

وخرج منها جماعة من العلماء والمحدثين ، يقول ياقوت الحموي : «وكذلك الأمر في رساتيقها وقراها التي كل واحدة منها كالمدينة» (١).

وإليك ذكر بعض المدن والقرى التابعة لها ، وقس الباقية عليها مما ذكرها السمعاني والحموي والقزويني ، فقال السمعاني في قرية الأسواري : إنها قرية من قرى أصبهان ، خرج منها جماعة من العلماء والمحدثين ، منهم أبو علي الحسين بن زيد الأسواري ، ثم ذكر أسماء عدة منهم (٢) ، وهكذا ذكر ياقوت الحموي أسماء عدد من المحدثين ، ثم قال : «فهؤلاء منسوبون إلى قرية بأصبهان كما ذكرنا» (٣).

وذكر السمعاني تحت كلمة جورجير ـ بضم الجيم والراء الساكنة بعد الواو ـ أنها محلة كبيرة معروفة بأصبهان ، بها الجامع الحسن ويعرف بها ، وكان بها جماعة من المحدثين قديما وحديثا ، وقال السمعاني : وسمعت من جماعة منهم ، ثم ذكر مترجما أسماء عدد من المحدثين (٤) من أهلها.

وكذا ذكر ياقوت الحموي أنه كان بها جماعة من الأئمة قديما وحديثا (٥).

وهكذا ذكر الحموي في محلة جوباره : أنها محلة بأصبهان ، قال أبو الفضل المقدسي : «حدثنا من أهلها جماعة ، ونسب بعضهم إلى المحلة ، ثم ترجم لعدد كبير منهم» (٦).

وذكر السمعاني في نسبة الجوزداني ـ بضم الجيم ـ نسبة إلى جوزدان ويقال لها كوزدان ، وهي قرية على باب أصبهان كبيرة وكثيرة الخير ، بتّ بها ليلة وسمعت بها الحديث ، ثم ذكر أسماء عدد من المحدثين المنسوبين إليها ، وذكر

__________________

(١) انظر «معجم البلدان» ١ / ١١٠.

(٢) انظر «الأنساب» ١ / ٢٤٧.

(٣) انظر «معجم البلدان» ١ / ١٩٠ ـ ١٩١.

(٤) انظر «الأنساب» ٢ / ٣٩٣.

(٥) انظر «معجم البلدان» ٢ / ١٨٠.

(٦) نفس المصدر السابق ٢ / ١٧٥ ـ ١٧٦.

٤٣

من جملتهم أبا عبد الله محمد بن هارون بن عبد الله الجوزداني ، وقال : «وذكر أبو الشيخ (١) أنه كان يختلف معه إلى البزار» (٢).

وكذا قال ياقوت : «إنه ينسب إليها جماعة من الرواة» (٣).

وأيضا ذكر السمعاني والحموي في نسبة الجيراني ـ بفتح الجيم ـ : هي نسبة إلى جيران ، وهي من قرى أصبهان على فرسخين منها فيما أظن ، ثم ذكر أسماء المشهورين منها(٤).

فكيف لا تبقى أصبهان خلال التاريخ الإسلامي مورد عناية العلماء ، وهي مركز أهل الحديث ومبعث نشاط الرواة ، حيث بلغ إلى حد كان العلماء يرحلون إليها ويستوطنونها ، وكتاب المؤلف ـ «طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها» ـ وكذا «ذكر أخبار أصبهان» أكبر شاهد على ما تقدم.

فمن مشاهير المحدثين الحفاظ الذين قدموا إلى أصبهان واستوطنوها : أبو مسعود الرازي الذي أقام بأصبهان ٤٥ سنة ، ثم ارتحل إلى العراق ، ورجع منها إلى أصفهان واستوطنها ، وقد صنف المسند والكتب (٥).

وأحمد بن مهدي بن رستم أبو جعفر المديني ، توفي ٢٧٢ ه‍ ولم يحدث في وقته من الأصبهانيين أوثق منه وأكثر حديثا ، صنف المسند ، كتب بالشام ومصر والعراق (٦).

وقد أقام الطبراني بأصبهان ستين سنة يحدث بها واستوطنها أخيرا ، وتوفي

__________________

(١) أبو الشيخ هو عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان صاحب «الطبقات» هذا. والنص موجود فيه ٢١٦ / ٢.

(٢) انظر «الأنساب» ٢ / ٤٠٢.

(٣) انظر «معجم البلدان» ٢ / ١٨٣.

(٤) نفس المصدر ٢ / ١٩٧ ـ ١٩٨.

(٥) انظر ترجمة رقم ١٦٨ من «الطبقات» للمؤلف «وأخبار أصبهان» ١ / ٨٢.

(٦) انظر ترجمة رقم ٢٥٣ من «الطبقات» للمؤلف و «أخبار أصبهان» ١ / ٨٥.

٤٤

بها ، ودفن سنة ٣٦٠ عند قبر حممة بن أبي حممة الصحابي عند باب مدينة جيّ (١).

وكذا الحافظ أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني ، قدم أصبهان فقال : «حدثت من حفظي بأصبهان ستة وثلاثين ألفا ألزموني الوهم فيها في سبعة أحاديث ، فلما انصرفت ، وجدت في كتابي خمسة منها على ما كنت حدثتهم به» (٢). وتوفي سنة ٣١٦ ه‍. فهذا يدل على اهتمام الأصفهانيين بالحديث.

وكذا أبو داود الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود مولى قريش قدم أصبهان ، وحدث بها مرات (٣) وهو صاحب المسند وغيرهم كثير.

الحركة الفكرية في مدن المشرق

ومما يدل على نشاط الحركة الفكرية في مدن المشرق ، وخاصة أصبهان : عناية العلماء واهتمامهم الفائق بالتصنيف لتعريف رجالها ، حيث صنفوا كتبا كثيرة لم يصنف لبلد مّا بهذا المقدار ، فهذا أبو أحمد الحاكم يقول : «اعلم بأن خراسان وما وراء النهر لكل بلد تاريخ صنفه عالم منها» (٤).

ويقول الأستاذ الدكتور أكرم العمري : «وقد أحصيت لمدن المشرق ٢٨ مؤلفا من مجموع ٤٨ مؤلفا ألّفها علماء المسلمين في تاريخ الرجال المحلية حتى نهاية عصر الخطيب البغدادي ـ أي القرن الخامس ـ ويأتي نصيب العراق بالمرتبة الثانية ، حيث يبلغ عدد المؤلفات الخاصة برجال مدنه ٧ مؤلفات ..» (٥).

والمؤلفات المذكورة في مدن المشرق تناولت عشر مدن فقط ، وفاقت

__________________

(١) انظر «أخبار أصبهان» ١ / ٣٣٥ وانظر «تذكرة الحفاظ» ٣ / ٩١٥.

(٢) انظر «تذكرة الحفاظ» ٣ / ٩١٥.

(٣) انظر ترجمة رقم ٩٣ من «الطبقات» للمؤلف و «أخبار أصبهان» ١ / ٣٣٢.

(٤) الذهبي في «تذكرة الحفاظ» ٣ / ١٠٤١.

(٥) انظر «موارد الخطيب» / ٢٦١ له.

٤٥

أصبهان في حظها على جميع المدن كما يذكر لنا الأستاذ أكرم ضياء العمري بعد أن ذكر خمسة مؤلفات لتاريخ أصبهان في الموارد ، وزاد مؤلفا آخر في البحوث ، فقال : «هكذا فإن حظ أصبهان من التواريخ كبير ، مما يوضح نشاط الحركة الفكرية فيها في القرنين الرابع والخامس الهجريين» (١).

قلت لقد عني علماء المسلمين بأصبهان واهتموا اهتماما تامّا في التصنيف والتأليف في جوانب شتى في خلال التاريخ الإسلامي ، فمنهم من اهتم بتاريخ أصبهان كمدينة ، ومنهم من اهتم بتاريخها باعتبار سكانها أكثر ، ومنهم من خصها باعتبار محدثيها والواردين عليها ، ومنهم من أفرد تأليفه لشعراء أصفهان ، ومنهم من قصره على الناحية الجغرافية ، وعرج على بقية النواحي وخص بعضهم الناحية الاقتصادية بالإضافة إلى اختصاص بعض تصانيفهم بمحاسن أصفهان ، وأغمضوا بقية النواحي ، وهكذا.

ولا نغفل أن هناك عددا من الباحثين الأجانب ، والسائحين والسياسيين الأوروبيين ممن اهتموا ، فجمعوا معلومات عن مدن إيران ، وألفوا فيها ، وخصوا أصبهان بمزيد من العناية (٢).

إليكم الكتب المؤلفة في أصبهان قديما وحديثا عبر القرون الإسلامية ، حسبما وقفت عليه ، أو ذكرته المصادر.

لقد أرخ لأصفهان عدد كبير من علمائها وغيرها ، فأول من وقفت عليه أنه أرخ لها : هو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن منده الأصبهاني (ت ٣١٠ ه‍) ، باسم :

١ ـ «تاريخ أصبهان» (٣).

ثم أبو بكر محمد بن علي بن الجارود الأصبهاني (ت ٣٢٥ ه‍) ، باسم :

__________________

(١) انظر «موارد الخطيب» ص ٢٧٩ و «بحوث في تاريخ السنة المشرفة» ١٤٠ ـ ١٤٢.

(٢) كما سيأتي في مبحث الكتب المؤلفة في أصبهان.

(٣) ذكره ابن خلكان في «وفيات الأعيان» ٤ / ٢٨٩ وأكثر عنه الرواية أبو الشيخ في «الطبقات» ، ولم يذكر اسم كتابه ، ويبدو أنه مفقود ، والله أعلم.

٤٦

٢ ـ «فوائد الأصبهانيين» (١).

ثم أبو عبد الله حمزة بن الحسين المؤدب الأصبهاني المعروف بحمزة الأصبهاني (ت قبل ٣٦٠ ه‍) ، قال السمعاني : كان صاحب.

٣ ـ «التاريخ الكبير لأصفهان» (٢) ، وكذا ذكر له المافروخي كتابا باسم :

٤ ـ «رسالة أصفهان» في مصادر كتابه «محاسن أصفهان» (٣) ، فلعله اختصرها من كتابه السابق ، والله أعلم.

وخص حمزة تأليفا مستقلا باسم :

٥ ـ «شعراء أصفهان» (٤) ، مفقود ، أفاد منه الحموي.

ثم أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري (ت ٣٦٩ ه‍) ألّف :

٦ ـ كتابه «طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها» (٥) وهو كتابنا هذا ،

٧ ـ وكتابه «فوائد الأصبهانيين» ، يوجد منه ٤ أوراق بالظاهرية (٦).

__________________

(١) ذكره أبو الشيخ في «طبقات المحدثين» ٢٢١ / ٣. لم يصل إلينا.

(٢) انظر «الأنساب» ١ / ٢٨٤ وكذا ذكره أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٠٠ ، وابن النديم في «الفهرست» ص ١٩٩ ، وياقوت في «إرشاد الأريب» ، وأفاد منه في ١ / ١٢٩ ، ١٣١ ومواضع ، وذكره السخاوي في «الإعلان» ص ١٢٢ وذكر بعض الاقتباسات بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣ / ٦١ ـ ٦٢ ، وروزنتال في «علم التاريخ عند المسلمين» ص ٦١٦ ، وفؤاد سزكين في «تاريخ التراث» ص ٥٤١.

(٣) انظر «نصف جهان في تعريف أصفهان» ص ٥ لمحمد مهدي.

(٤) ياقوت الحموي في «إرشاد الأريب» ٦ / ٢٨٩ ـ ٢٩٢ ، وفؤاد سزكين في «تاريخ التراث» / ٥٤١.

(٥) سيأتي الكلام عليه في الباب الثاني ، إن شاء الله تعالى.

(٦) وذكره أبو الشيخ نفسه في «الطبقات» (انظر ت رقم ١٠٢) ، وتلميذه أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٦ يوجد ٤ أوراق في مجموعة ٣٨ من ٥٥ ـ ٥٩ برقم ٥٤٦ بالمكتبة الظاهرية وتصويرها موجود بقسم المخطوطات بالجامعة الإسلامية ، وكذا ذكره ابن حجر بسنده في معجم المفهرس ٥٦ / ٢ أن أبا الشيخ أخبره الجزء الثالث من «فوائد الأصم» ... وكذا الجزء الثاني بنفس السند ، وقال : أخبرنا الأصم بالفوائد له في اثني عشر مجلدا.

٤٧

يبدو مما ذكره ابن حجر أنه جمع فيه بعض مرويات محدثي أصفهان ، فإنّه قال : «أول الجزء الثالث : حديث تميم الداري في النهي عن خمس وآخره : أغروا النساء يلزمن الحجاب» (١). وقال أبو الشيخ نفسه بعد أن ذكر في الطبقات أحاديث خرجتها في فوائد الأصبهانيين (٢).

ثم أبو الفتح عثمان بن جني النحوي المشهور بابن جني (ت ٣٩٢ ه‍) ألف كتابه المسمى :

٨ ـ «بالتذكرة الأصبهانية». «لم أقف عليه ، فلعله في النحو (٣) ، والله أعلم».

ثم أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي الحافظ (ت ٣٩٦ ه‍) ، ألف كتابا باسم :

٩ ـ «تاريخ أصفهان» (٤).

ثم أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه (ت ٤١٠ ه‍) ، ألّف :

١٠ ـ كتابه «تاريخ أصفهان» (٥).

ثم أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق الأصبهاني (ت ٤٣٠ ه‍) ألّف كتابه :

__________________

(١) انظر المصدر الأخير السابق لابن حجر.

(٢) انظر ت ١٠٢ من «الطبقات».

(٣) ابن خلكان في «وفيات الأعيان» ٣ / ٢٤٧.

(٤) السخاوي في «الإعلان» ص / ١٢٢ ، والكتاني في «الرسالة المستطرفة» ص ١٣١ ، وهو مفقود ، نسب «تاريخ أصبهان» لعدد من آل مندة ، ورجحت أن كل من ذكرته ألف في تاريخها ، وإلى هذا مال الكتاني.

(٥) اقتبس منه السمعاني في «الأنساب» ١ / ٦٨ ، ١٦٠ ، ١٦٤ ، ٢٥٩ ، ومواضع.

وذكره ياقوت في «معجم البلدان» ٢ / ١٥٥.

وابن الأثير في «اللباب» ١ / ٢٨٧ ، ٢ / ٣٥٩.

واقتبس منه الذهبي في «تذكرة الحفاظ» ٢ / ٨٨٦ ، ٨٨٧ ، ٩٤٦ ، ٩٧٤ وذكره الداودي في «طبقات المفسرين» ١ / ٩٣.

وكذا السخاوي في «الإعلان» / ١٢٢ ، وابن حجر في «اللسان» ١ / ١١٧ والكتاني في «الرسالة المستطرفة» / ١٣١.

٤٨

١١ ـ «ذكر أخبار أصفهان» ، وهو كتاب جامع ، استدرك ما فات المؤلفين السابقين ، حتى بلغ عدد المترجمين فيه حوالي ألفي علم (١).

ثم أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن مندة (ت ٤٧٠ ه‍) ألّف :

١٢ ـ كتابه «تاريخ أصبهان» (٢).

١٣ ـ ثم علي بن حمزة بن عمارة في كتابه «قلائد الشرف» ألفه في محاسن أصفهان (٣).

ثم مفضل بن سعد بن الحسين المافروخي الأصبهاني (ت في آخر القرن الخامس) ألف :

١٤ ـ كتابه «محاسن أصفهان» (٤).

وقد ترجمه إلى الفارسية حسين بن محمد الأصفهاني العلوي في القرن الثامن الهجري مع إضافات كثيرة بذيله (٥).

ثم أبو بكر محمد بن أبي علي أحمد بن عبد الرحيم المعدل (ت) ، ألّف كتابه :

__________________

(١) طبع في ليدن في مجلدين طبعة جيدة استدركت بعض الأخطاء في قائمة آخر الجزء الثاني ، وقد اعتمدت عليه كثيرا في مقابلة النصوص وتخريجها.

(٢) الكتاني في «الرسالة المستطرفة» / ١٣١ ، مفقود ولم يصل إلينا.

(٣) ذكره محمد مهدي في «نصف جهان» ص ٤ من جملة مصادر مافروخي في كتابه «محاسن أصفهان» لم أقف عليه.

(٤) طبع في إيران ـ طهران ـ سنة ١٣٥٢ ه‍.

(٥) انظر كتاب «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ص ٤٣ للدكتور لطف الله هنرفر «ونصف جهان» ص ٥ ، وذكر مؤلفه محمد مهدي أن الأصل والمترجم عنه كلاهما عنده وطبعا في طهران ، وقد بحثت عن هذا الكتاب في سفري إلى إيران في هذا العام (١٤٠٠ ه‍) وبقيت أسبوعا في طهران وأربعة أيام في أصفهان ، ولكن لم أوفق في الحصول عليهما.

٤٩

١٥ ـ «تاريخ أصبهان» (١).

ثم أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن منده (ت ٥١١ ه‍) ألف.

١٦ ـ كتابه «تاريخ أصفهان» (٢). يوجد منه قطعة من (ق ٢٢٨ ـ ٢٣٥) بالظاهرية (٣).

وأبو طاهر السلفي أحمد بن محمد بن أحمد الأصفهاني الجرواني (ت ٥٧٦ ه‍) ، له كتاب ألفه في مشيخته الأصفهانية في مجلد سماه :

١٧ ـ «مشيخة أصبهان» أو «السفينة الأصبهانية» (٤).

وقد أضاف حسين بن محمد أبي الرضا العلوي الذي ترجم «محاسن أصفهان» للمافروخي سنة ٧٢٩ ه‍ إلى ذيل الكتاب المذكور ـ وهو أصفهاني ـ معلومات كثيرة ومن جملة ما ذكره :

١٨ ـ وصف مدرسة نظام الملك بأصبهان (٥) فيعد هذا تأليفا مستقلا.

ثم في مطلع القرن التاسع ، ألف محمد مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي (ت ٨١٧ ه‍) صاحب «القاموس المحيط» كتابا في تاريخ أصفهان ، وسماه :

__________________

(١) السخاوي في «الإعلان بالتوبيخ» ص ١٢٢ مفقود.

(٢) السمعاني في «الأنساب» ق / ٦٠٣ ، وياقوت الحموي في «معجم البلدان» ٢ / ٥٤٥ ، وابن خلكان في «وفيات الأعيان» ٤ / ٤٤٥ ، والسخاوي في «الإعلان بالتوبيخ» / ١٢٢ ، والكتاني في «الرسالة المستطرفة» ص ١٣١.

(٣) انظر «فهرس المخطوطات الظاهرية» ١ / ١١٩ وهو برقم ٢٣٦ حديث.

(٤) السخاوي في «الإعلان بالتوبيخ» ص ١١٩ باسم «معجم أصفهان» ـ والكتاني في «الرسالة المستطرفة» ص ١٣٧ باسم «مشيخة اصفهان» ـ في مجلد ، والزركلي في «الأعلام» ١ / ٢٠٩ ، وانظر مقدمة «سؤالات السلفي» ص ١٤ ـ لم أقف عليه.

(٥) انظر «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ص ٦٢.

٥٠

١٩ ـ «نزهة الأذهان في تاريخ أصفهان» (١).

وقد اهتم عدد كبير بعد الألف من الهجرة في القرون الثلاثة بالتأليف في أصفهان ، فألّف حاكم أصفهان ميرزا حسين خان بن محمد إبراهيم خان في سنة ١٢٩٤ ه‍ :

٢٠ ـ كتابه «جغرافيا أصفهان» (٢).

٢١ ـ ومحمد مهدي أرباب ، ألف كتابه «نصف جهان في تعريف أصفهان» ، في سنة ١٣٠٣ ه‍ (٣).

وكذا ألف المفكر الفريد السيد جلال الدين طهراني كتابه :

٢٢ ـ «أصفهان نصف جهان» يقصد أن أصفهان نصف العالم (٤).

٢٣ ـ ألّف ملا عبد الكريم آخوند جزي كتابه «رجال أصفهان» ، ولكنّه لم يذكر من علماء أهل السنة إلا عددا ضئيلا جدا ، وترجم للمتأخرين من علماء الشيعة ، ثم زاد عليه واستدرك السيد المفكر مصلح الدين المهدوي ، فألف عليه

٢٤ ـ وسماه : «تذكرة القبور أو دانشمندان وبرزكان أصفهان» ، تضمن أكثر من ألفي شخص كلهم من رجال الشيعة ، اللهم إلا رجلا من أهل السنة ، حسبه شيعيا أو نادرا(٥).

٢٥ ـ «تاريخ أصفهان وريّ» ألفه الحاج ميرزا حسن خان الأنصاري ، وجعله في

__________________

(١) كذا ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ٢ / ١٩٣٩ ، وروزنتال في «علم التاريخ عند المسلمين» ص ٥١٦ ، والزركلي في «الأعلام» ٨ / ١٩ ، وميرزا حسن الأنصاري في «تاريخ أصفهان» ص ٩. لم أقف عليه ، يبدو أنه مفقود.

(٢) انظر «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ص ٤٣ ، لم يتيسر لي الحصول عليه.

(٣) وهو موجود عندي ، واستفدت منه في المقدمة. طبع في طهران بتحقيق الدكتور منوجهر ستوده سنة ١٣٤٠ ش ه.

(٤) انظر «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ص ٤٤.

(٥) هذا الكتاب موجود عندي ، استفدت منه في المقدمة.

٥١

قسمين : قسم لتاريخ أصبهان ، وهو في ثلاثة أجزاء ، وطبع الجزء الأول من قسم أصفهان فقط (١). ولم يطبع بقية الكتاب.

٢٦ ـ «تاريخ أصفهان» المعروف «بالأصفهان» تأليف الحاج مير سيد علي جناب ابن مير محمد باقر ، وهو كتاب كبير في عشرة مجلدات ، لم يطبع إلا الجزء الأول سنة ١٣٤٩ ه‍ (٢).

٢٧ ـ «تذكرة شعراء أصفهان» ، تأليف الشيخ الفاضل السيد مصلح الدين المهدوي (٣).

٢٨ ـ «تاريخ مقابر أصفهان» ، تأليف المفكر السيد عبد الحجة بلاغي (٤).

٢٩ ـ «أصفهان» تأليف الشيخ حسين نور صادقي ، وهو يتضمن على ذكر تاريخ أصفهان وموقعها وآثارها وكتّابها وشعرائها (٥).

٣٠ ـ «آثار تاريخي أصفهان» في مجلدين ، تأليف آندره كذار ، ألفه المؤلف بالفرنسية ، ثم ترجمه السيد محمد تقي مصطفوي مدير الآثار التاريخية بأصفهان ، ونشرته الإدارة العلمية لمعرفة الآثار (٦).

٣١ ـ «رهبر مسافر أصفهان» ، ألفه السيد محمد تقي مصطفوي مدير الآثار التاريخية بأصفهان.

٣٢ ـ «تاريخچة أبنية تاريخي أصفهان» ، تأليف كريم نيكزاد أمير حسني.

٣٣ ـ «آثار تاريخي أصفهان» في ضمن كتاب آخر بمديريت محمد باقر نجفي.

__________________

(١) وهذا الجزء موجود عندي ، واستفدت منه.

(٢) انظر «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ص ٤٥.

(٣) طبع بأصبهان سنة ١٣٣٤ ش ه.

(٤) انظر «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ص ٤٥.

(٥) نفس المصدر السابق.

(٦) انظر «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ص ٤٥.

٥٢

٣٤ ـ «راهنما مختصر آثار تاريخي أصفهان» تأليف جواد مجد زاده بالإنجليزية.

٣٥ ـ «راهنما أصفهان» تأليف ـ رضا عطاء پور ـ.

٣٦ ـ «از أصفهان ديدن كنيد» أي : «زوروا أصفهان» ـ تأليف الدكتور لطف الله هنرفر ، نشرته إدارة بلدية مدينة أصفهان.

٣٧ ـ «أبنية تاريخي أصفهان» للمؤلف المذكور بالفارسية.

٣٨ ـ «آثار تاريخي أصفهان» للمؤلف المذكور بالإنجليزية.

٣٩ ـ «تاريخ أصفهان الكبير» ، في سبع مجلدات ، صنفه الأستاذ المفكر المحقق جلال الدين همائي ، الأستاذ بجامعة طهران ، وترجم فيه لأكثر من عشرة آلاف شخص ، ولم يطبع حتى الآن (١).

٤٠ ـ «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ، تأليف الدكتور لطف الله هنرفر. كتاب في غاية الدقة في معلوماته ، وهو أوسع وأكبر كتاب في موضوعه ، ونال به شهادة الدكتوراه مع حيازه بجائزة من سلطنة إيران (٢).

٤١ ـ «أصفهان» ، للمؤلف المذكور. اختصره من كتابه السابق.

٤٢ ـ «اقتصاد شهر أصفهان» (٣) ، رسالة دكتوراه قدمها علي كلباسي لكلية الاقتصاد بجامعة طهران (٤).

٤٣ ـ «تاريخية مسجد جمعة أصفهان» (٥).

__________________

(١) كذا وصفه الدكتور لطف الله هنرفر في «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ص ٤٥.

(٢) هذا الكتاب نادر جدا ، وقد هيّأه لي أحد الإخوان الأصبهانيين ، وقد تعارفت معه بالمدينة المنورة ، وهو موجود عندي واستفدت منه كثيرا.

(٣) وهو موجود عندي وهيأه لي الشخص المذكور ، وأرسله لي بالبريد.

(٤) وهو موجود عندي أهدانيه شخص آخر بأصفهان عند سفري إليها.

(٥) ذكره ميرزا حسن خان الأنصاري صاحب كتاب «تاريخ أصفهان وريّ» ص ١٤.

٥٣

٤٤ ـ «معماري مسجد جامع أصفهان» ، رسالة ماجستير قدمها الطالب حسن صدر الدّين حاج سيد جوادي بجامعة الملك عبد العزيز بمكة في العام الماضي (١٤٠٠ ه‍).

٤٥ ـ Isfahan Real Of Persia «أصفهان درة إيران» تأليف ديل فريد بلانت بالإنجليزية.

٤٦ ـ «جغرافيا تاريخي أصفهان» تأليف سرلشكر علي رزم آراء (١).

٤٧ ـ «أصفهان برزك» أي : أصفهان عظيم ، في ١١ مجلد من مركز آمار إيران(٢).

٤٨ ـ «أصفهان از لحاظ اقتصادي واجتماعي» أي الأصفهان من الناحية الاقتصادية والاجتماعية ، تأليف السيد مهندس حسن عابدي.

٤٩ ـ «تاريخچه أوقاف أصفهان» تأليف عبد الحسين سپنتا (٣).

بالإضافة إلى ذلك ، فقد حصل في القرن الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر رحلات عديدة من السائحين الأجانب الأوربيين والسياسيين ، حتى أقام بعض منهم بأصبهان سنين ، نحو شاردن الفرنسي وتاورنيه الفرنسي وغيرهما ، فسجلوا في رحلاتهم دواوين ، وترجم هذه الدواوين إلى الفارسية.

وإليكم بيان هذه الرحلات :

٥٠ ـ «رحلة تاورينه» السياح الفرنسي سنة (١٠٤١ ـ ١٠٧٨ ه‍) (٤).

__________________

(١) ذكره الدكتور لطف الله هنرفر في مصادر كتابه (أصفهان).

(٢) ذكره علي كلباسي في مصادر كتابه «اقتصاد شهر أصفهان».

(٣) وهو موجود عندي ، واستفدت منه. نشرته إدارة أوقاف أصفهان سنة ١٣٤٦ ش ه.

(٤) انظر «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ص ٨٤٣ ـ ٨٤٤ ، وترجمه إلى الفارسية أبو تراب نوري ، وطبع مرتين والثاني بأصفهان سنة ١٣٣٦ ش ه.

٥٤

٥١ ـ «رحلة شاردن» سنة ١٠٧٤ ه‍. المترجم إلى الفارسية (١).

٥٢ ـ «رحلة أوزن فلاند» السياح الفرنسي الرسام سنة ١٢٥٥ ه‍ ، وترجمت إلى الفارسية ، وعاش مدة بأصبهان (٢).

٥٣ ـ «رحلة مارسل ومادام ديولافوا» سنة ١٢٩٨ ه‍ ، ومكث مدة بأصبهان(٣).

٥٤ ـ «رحلة هانري رنه دالماني» سنة ١٣٢٤ ه‍ ، المترجم إلى الفارسية باسم «أز خراسان تا بختياري» (٤).

٥٥ ـ «رحلة يبير لوتي» سنة ١٣٢١ ه‍ ، باسم «بسوي أصفهان» المترجم إلى الفارسية (٥).

مذهب أهل أصبهان قديما وحديثا

ذكر مؤرخو المذاهب والأديان أن أهل أصفهان في القديم انقسموا إلى ثلاث فرق :

فرقة اتبعت الزرتشتية المجوسية ، وفرقة اتبعت الديانة النصرانية المسيحية ، كما هو مصرح في قصة إسلام سلمان الفارسي (٦).

وفرقة اتبعت الديانة اليهودية ، وهم بقايا اليهود الذين أتى بهم بختنصر بعد استيلائه على بيت المقدس ، فاختاروا أصبهان لمشابهتها لبلادهم في المناخ والهواء والماء ، فاستقروا بها ، وسميت المحلة التي استوطنوها في أصبهان

__________________

(١) ترجمه السيد حسين عريضي ، وطبع ، وشاردن السياح الفرنسي زار أصفهان في رحلته سنة ١٠٧٤ ـ ١٠٨٠ ه‍ ، ثم عاد مرة أخرى سنة ١٠٨١ ه‍ ، وبقي في أصفهان أكثر من ٢٦ سنة ، كما ذكره الدكتور لطف الله هنرفر في كتابه «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ص ٨٤٣.

(٢) انظر المصدر السابق ص ٨٤٤ وطبع في فرنسا.

(٣) انظر نفس المصدر ، وترجمت إلى الفارسية.

(٤) انظر نفس المصدر ، وترجمه إلى الفارسية همايون.

(٥) نفس المصدر السابق ٨٤٠ وترجمه إلى الفارسية السيد بدر الدين كتابي. طبع أكثر من مرة.

(٦) انظر حديث رقم ٩ و ١٠ ، وذكرت مصادر هذه القصة هناك.

٥٥

باليهودية (١) ، وانتشروا في جهات أخرى ، منها : محلة جوبارة ، ودردشت ، الواقعتان في طرفي المدينة الشرقي والغربي (٢).

والمجوسية كانت المذهب الرسمي للأصبهانيين ، فعبدوا النار ، وقدموها ، وبنوا لها البيوت في أماكن بارزة ومتعددة ، ويعد أبو الشيخ وأبو نعيم سلمان الفارسي الأصبهاني من مفاخر أصبهان ويذكران أن والديه كانا من عباد النار (٣) ، ولم تزل بعض آثار بيوت النار باقية حتى اليوم (٤).

وفتح المسلمون أصبهان ، وحولوا بعض بيوت النار إلى مساجد فيما بعد (٥) ، وما بقي منها غيّرها الإسماعيليون إلى قلاع في فترة استيلائهم على أصبهان (٦).

وانتشر الدين الإسلامي بأصبهان وما حولها ، وسارع المسلمون فأسّسوا المساجد بها. وأول مسجد أسّس بها : هو مسجد خشينان (٧).

__________________

(١ ، ٢) انظر «أخبار أصبهان» ١ / ١٦ ، و «معجم البلدان» ١ / ٢٠٨ ، و «آثار البلاد وأخبار العباد» ص ٢٩٦ ، و «تاريخ أصبهان» ص ١٢ لميرزا حسن الأنصاري ، و «اقتصاد شهر أصفهان» ص ١٩٩ ، و «نصف جهان» ص ١٢٦.

(١ ، ٢) انظر «أخبار أصبهان» ١ / ١٦ ، و «معجم البلدان» ١ / ٢٠٨ ، و «آثار البلاد وأخبار العباد» ص ٢٩٦ ، و «تاريخ أصبهان» ص ١٢ لميرزا حسن الأنصاري ، و «اقتصاد شهر أصفهان» ص ١٩٩ ، و «نصف جهان» ص ١٢٦.

(٣) انظر ترجمة ٣ من «طبقات أبي الشيخ» ، و «أخبار أصبهان» ١ / ٤٩ ، وفيهما يقول سلمان في قصة إسلامه : وكنت قد اجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار ، أوقدها ولا أتركها تخبو ساعة ، اجتهادا في ديني «وذكر حمزة الأصفهاني أن كي أردشير ، وهو يهمن اسفنديار كشتاسب» بنى بأصفهان في يوم واحد ثلاث بيوت النار انظر «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ص ٧ للدكتور لطف الله هنرفر.

(٤) انظر «اقتصاد شهر أصفهان» ص ٢٠٠ ، و «كنجينه آثار تاريخي أصفهان» ص ٦ ، وصور في المصدر الأخير واحدة منها ، والمأخوذ مترجم عن الفارسية في الجميع.

(٥) انظر «اقتصاد شهر أصفهان» ص ٢٠٠ ، «وتاريخ أصفهان وريّ» ص ١٤.

(٦) انظر نفس المصادر.

(٧) هناك خلاف حول أول مسجد أسس بأصبهان ، فمنهم من يقول : مسجد محلة باذانة بيهودية أصبهان ، الذي ينسب إلى الوليد بن ثمامة الذي كان أميرا على أصبهان أول مسجد أسّس بها ، والصحيح ما ذكرته ، وقد أسسه أبو خناس مولى عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، في خلافة علي ابن أبي طالب ، وهذا ما رجحه أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ١٧ ، وانظر «مجمل التواريخ» ص ٥٢٤.

٥٦

واستمر الحال على هذا إلى أن استقام أمر أهل السنة فيها ، وقوي أمرهم واشتد ، إلى أن لجأ إليها الخوارج في عهد بني أمية ، ولكن عتّاب بن ورقاء واليها من قبل مصعب بن الزبير أخرجهم منها ، فلجأوا إلى الأهواز ، وعادت القوة فيها لأهل السنة ، ويغلب عليهم المذهب الشافعي والحنفي ، ويتولى زعامة الشافعية فيها أسرة الخجنديين ، وزعامة الأحناف أسرة الصاعديين ، واستمر الأمر على هذا ، سوى ما كان من ظهور الشيعة والزيدية بين الفينة والفينة (١) ، لكن الصبغة العامة كانت غلبة أهل السنة والجماعة.

وحاول الإسماعيليون إثارة الفتن عدة مرات لتنغيص هدوء المدينة واستقرارها ، وكاد يستفحل أمرهم ، لكن فتوى قتلهم التي أصدرها الفقيه الشافعي أبو القاسم الخجندي ، ساعدت على القضاء عليهم وإخراجهم منها ، وعادت الغلبة إلى أهل السنة ، إلى أن جاءت فتنة المغول ، فاستغلوا الخلاف بين الشافعية والحنفية الذي أضعف أهلها ، وجعلهم لقمة سائغة لخصومهم ، سهلت احتلالهم واختلال أحوالهم (٢).

وفي سنة ٩٠٨ ه‍ ، استولى الشاه إسماعيل الصفوي ، أول داع متعصب ومروج لمذهب التشيع على أصبهان وغيرها من المدن الإيرانية ، فأجبر أهل السنة على اتباع مذهب الشيعة ، مستعملا أسلوب الرغبة والرهبة ، وحل محل الشافعية والحنفية ، اختلاف الشيعة الحيدرية والنعمتية (٣).

يقول الدكتور علي كلباسي : «ففي عهد الصفوية ، صار مذهب الشيعة المذهب الرسمي لأهم المدن الإيرانية ، ومنها أصفهان ، وهذا البلد الذي كان

__________________

(١) انظر «اقتصاد شهر أصفهان» ص ٢٠٠ ، ومنها ظهور البويهيين في القرن الرابع الهجري.

(٢) علي كلباسي في : «اقتصاد شهر أصفهان» ص ٢٠١.

(٣) انظر كتاب «أصفهان» ص ٩٨ للدكتور لطف الله ، والمصدر السابق لعلي كلباسي ، «وتاريخ أصفهان» ص ٣٨ لميرزا حسن الأنصاري. والحيدرية والنعمتية : فرقتان من سلسلة التصوف عند الشيعة ، إحداهما تنسب إلى الشيخ الكبير ـ عندهم ـ السيد حيدر. والثانية تنسب إلى الشاه نعمة الله ولي ماهاني. كذا في المصدر السابق الأخير.

٥٧

مركزا مهما لأهل السنة والجماعة ، صار الآن مركزا مهما للتشيع ، ومن أواسط دور الصفوية إلى الآن لا يوجد من أهل السنة بأصفهان وتوابعها حتى الآن ولا شخص واحد (١).

وأترك للقارىء الكريم حرية المقارنة ، ليرى موقف الشيعة من بلد انتشر فيه مذهب أهل السنة والجماعة ، وعم واستقر ، كيف عاشوه وما هو موقفهم منه.

بلد أنجب عددا كبيرا من الأئمة الفقهاء والمحدثين واللغويين وغيرهم ، وارتفعت فيه راية أهل السنة ، وكان في يوم من الأيام قاعدة من قواعد أهل السنة ليرى كيف أحالوه بالقهر والغلبة والتسلط إلى بلد شيعي ، ونسخوا وجود أي مسلم سني ، وقضوا على حضارتهم وآثارهم.

وقد اعترف بهذا الدكتور علي كلباسي ، كما تقدم ، وكاتبهم ومؤرخهم ميرزا حسن الأنصاري (٢) فقال :

«إن مذهب أهل السنة والجماعة كان هو المذهب الرسمي السائد في أصفهان إلى بداية القرن العاشر الهجري سنة ٩١٠ ه‍ ، وإن كان البويهيون قد ادّعوا مذهب التشيع ، فإن بعضهم كانوا من الزيدية ، فقد حكموا باسم الخلفاء العباسيين والإسماعيليون في زمن السلاجقة نفّروا الناس عن مذهب التشيع ، وهاتان الفترتان لم تؤثرا على الكلمة التي كانت لأهل السنة ، فسيطرة أهل السنة على أصبهان كانت هي الغالبة في جميع هذه الفترة.

ثم قال : «في سنة ٩٠٦ ه‍ ، فتح الشاه إسماعيل الصفوي العراق ، وجعل أهل السنة شيعة علنا ، وارتفع اختلاف الشافعية والحنفية منذ ذلك التاريخ ، ولكن حل محله اختلاف الفرقة الحيدرية والنعمتية ، كما تقدم» (٣).

__________________

(١) انظر «اقتصاد شهر أصفهان» ص ٢٠١.

(٢) في كتابه «تاريخ أصفهان» ١ / ٣٨.

(٣) من المصدر السابق ، وأصل عبارته بالفارسية ، وما ذكرته مترجم عنها.

٥٨

فأهل أصفهان اليوم كلهم شيعة اثنا عشرية ، وقليل من اليهود والنصارى ، ويسكن النصارى على بعد نصف فرسخ من المدينة ، ويقال لهم : جماعة الحاكة (١).

وذكر الدكتور لطف الله هنرفر أن أصفهان اليوم تضم ٩٥% من الشيعة الاثنا عشرية ، و ٢% من اليهود ، و ٢% من النصارى (٢).

__________________

(١) انظر «نصف جهان في تعريف أصفهان» ص ١٢٦.

(٢) انظر كتاب «أصفهان» ص ٦ ، وفيه أن المسيحيين أتوا أصفهان في سنة ١٠١٣ ه‍ ، بأمر من الشاه عباس الأول من جلفاي أذربيجان ، وعددهم لا يزيد عن خمسة آلاف شخص ، وعدد اليهود بأصفهان نحو ٣٥٠٠ شخص.

٥٩
٦٠