طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها - ج ١

أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن جعفر بن حيّان [ أبي الشيخ الأنصاري ]

طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها - ج ١

المؤلف:

أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن جعفر بن حيّان [ أبي الشيخ الأنصاري ]


المحقق: عبدالغفور عبدالحقّ الحسين البلوشي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٨

(٢٨) وأخبرنا حامد بن شعيب ، قال : ثنا سريج بن يونس ، قال : ثنا ابن عليه ، عن ابن عون عن أبي رملة ، عن مخنف بن سليم أنّ النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال بعرفة :

«يا أيّها النّاس ، إن على كل أهل بيت أضحية وعتيرة».

__________________

ـ والعتيرة» ، وقال أيضا تحت ترجمة حبيب بن مخنف : حديثه عند عبد الكريم بن أبي المخارق لا يصح ، وذكر أيضا عن عبد الرزاق أنّه قال : لا أدري أعن أبيه أم لا؟ قلت : رجح ابن حجر في «الإصابة» ١ / ٣٠٩ عن أبيه بقوله : «والصواب ما رواه عبد الرزاق وغيره عن حبيب بن مخنف عن أبيه» ، وهكذا ذكره في «أخبار أصبهان» ١ / ٧٣ ، وحديث مخنف هذا ذكره ابن حجر في «الفتح» ١٢ / ١٥ ط ـ ح وقال : ضعفه الخطابي ، ولكنه حسنّه الترمذي ، وجاء من وجه آخر عن عبد الكريم عن حبيب بن مخنف عن أبيه نحوه. «قلت : طريق حبيب عن أبيه أيضا ضعيف ، فيه عبد الكريم بن أبي المخارق ، وهو ضعيف كما في «التقريب» ص ٢١٧.

فالخلاصة : أنّ الحديث ضعيف. ضعفه الخطابي ، كما تقدم قوله ، وقول ابن عبد البر أنه لا يصح. وذكر الزيلعي أيضا في «نصب الراية» ٤ / ٢٠٨ قول عبد الحق فيه أنه قال : إسناده ضعيف ، وقال : علته الجهل بحال أبي رملة ، وقال ابن الجوزي : «وهذا متروك الظاهر ، إذ لا يسن العتيرة أصلا» انتهى.

وذكر الشوكاني في «نيل الأوطار» ٥ / ١٥٧ قول أبي بكر المعافري أن حديث مخنف بن سليم لا يحتج به «وله شاهد عند البيهقي في «سننه» ٩ / ٣٦٠ عن وفد قدموا على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ نحوه ، ولكن في «مسنده» مبهمان» والله أعلم.

تراجم الرواة :

حامد بن شعيب : هو حامد بن محمد بن شعيب بن زهير أبو العباس البلخي ، ثقة ، روى عن سريج بن يونس ، مات سنة تسع وثلاثمائة.

انظر «تاريخ بغداد» ٨ / ١٦٩.

سريج بن يونس : هو ابن إبراهيم البغدادي أبو الحارث العابد. ثقة ، مات سنة ٢٣٥ ه‍.

انظر «التهذيب» ٣ / ٤٥٧ ، «والتقريب» ص ١١٧.

ابن علية : هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي ، مولاهم أبو بشر البصري المعروف بابن علية ، ريحانة الفقهاء ، وسيد المحدثين ، ثقة حافظ. توفي سنة ١٩٤ ه‍.

انظر المصدرين السابقين ١ / ٢٧٩ و ٣٢.

بقية الرواة تقدموا في السند قبله. تقدم تخريجه.

٢٨١

(٢٩) حدثنا محمد بن عبد الله بن رستة ، قال : ثنا سعيد بن عنبسه ، قال : ثنا ابن علية ومعاذ بن معاذ ، عن ابن عون ، قال : ثنا أبو رملة ، عن مخنف بن سليم ، قال : سمعت النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقول : إنّ على كلّ مسلم في كل عام أضحية وعتيرة.

__________________

تراجم الرواة :

محمد بن عبد الله بن رستة : تقدم في ت ٣ ح ٨.

سعيد بن عنبسة : ترجم في «الميزان» لثلاثة أشخاص ، وزاد في «اللسان» شخصا آخر بهذا الاسم ، ولم يتبين لي من هو منهم. ولكن اثنان منهم من المجاهيل ، والثالث ضعيف جدا ، والرابع لم يطعن فيه بشيء. انظر «الميزان» ٢ / ١٥٤ ، «واللسان» ٣ / ٣٩.

معاذ بن معاذ : هو ابن نصر العنبري أبو المثنى البصري القاضي. ثقة متقن. مات سنة ست وتسعين ومائة.

انظر «التهذيب» ١٠ / ١٩٣ ، «والتقريب» ص ٣٤٠.

بقية الرواة تقدموا.

مرتبة الإسنادين :

كلاهما ضعيفان في الإسنادين. أبو رملة عامر وهو مجهول ، تقدم تخريجه في ح رقم ٢٧.

٢٨٢

١٣ ١ / ١٣ وخالد بن غلاب الطائفي القرشي (*) :

من عمّال عثمان (١) على أصبهان ، وهو جد الغلابيين الذين هم بالبصرة. وفيما كتب إليّ محمد بن عبدان إجازة (٢) ، قال : ثنا الأحوص بن المفضل بن غسان ، بن خالد بن معاوية بن عمرو بن خالد بن غلاب ، قال : ثني محمد بن غسان ، قال : ثني خالد بن عمرو ، عن أبيه عمرو بن معاوية ، عن أبيه معاوية

__________________

(*) خالد بن غلاب ـ بفتح الغين المعجمة ، وتخفيف اللام ، وآخره موحدة ، كذا في «الإصابة» ١ / ٤١١ ، وزاد في «تبصير المنتبه» ٣ / ١٠٤٨ أن غلاب اسم أمه ، وضبطه ابن الأثير في «اللباب» ٢ / ٣٩٥ أنه بفتح المعجمة ، وتشديد اللام ، وأنه اسم والد خالد ، ثم قال : قد ذكر في هذه الترجمة غلاب بالتشديد اسم امرأة ، ولا يعرف إلّا بالتخفيف والبناء على الكسر ، مثل «قطام». قلت : فلا منافاة بين ضبطيهما ، فضبطه ابن الأثير على أنه اسم والده ، والحافظ ابن حجر على أنه اسم أمه ، أو اسم امرأة ، كذا ذكره أبو نعيم أنه اسم امرأة يقال : إنها أمه ، وأبوه الحارث. وقال المؤلف ـ كما سيأتي ـ : إنّ غلاب اسم امرأة.

وترجم له في «أخبار أصبهان» ١ / ٦٩ ، وفي «أسد الغابة» ٢ / ٩٠ ـ ٩١ ، وفي «اللباب» ٢ / ٣٩٥ ، وفي «الإصابة» ١ / ٤١١.

(١) عثمان : هو ابن عفان الخليفة الثالث. تقدم في ت ٣ ح ١٤.

(٢) الإجازة : هي أن يأذن الشيخ لغيره أن يروي عنه مروياته أو مؤلفاته ، وفيها خلاف ، والمؤلف ممن يبطل العمل بها كما هو منقول عنه في كتب المصطلح ، ولا أدري كيف سوغه هنا ، وقد بيّنت ذلك في المقدمة ص ٧٤ من هذا الجزء في مبحث «أبو الشّيخ والمصطلح». انظر «الكفاية» ٣١١ ـ ٣٢٥ للخطيب ، «واختصار علوم الحديث» ١١٩ ـ ١٢٦ لابن كثير ، «وتوضيح الأفكار» ٢ / ٣١٠ للصنعاني.

تراجم الرواة :

محمد بن عبدان بن أحمد.

الأحوص بن المفضل : هو أبو أمية ، يروي عن أبيه «كتاب التاريخ» ، ولي قضاء البصرة ، وكان تاجرا ، ومات محبوسا في سجن البصرة سنة ثلاثمائة ، انظر «اللباب» ٢ / ٢٩٦. ـ

٢٨٣

ابن عمرو ، عن أبيه عمرو بن خالد ، قال :

لما حصر الناس عثمان بن عفان ، خرج أبي يريد نصره ، وكان يتولى أصبهان ، فخرج من أصبهان ، فاتصل به قتله ، فانصرف إلى منزله بالطائف ، وقدمت في ثقل (١) أبي ، فصادفت وقعة الجمل (٢) ، فسمعت قوما من أهل الكوفة يقولون : إن أمير المؤمنين يقسم فينا نساءهم ، فأتيت الأحنف (٣) ، فقلت :

يا أعرابي سمعت كذا وكذا ، فقال : امض بنا إلى أمير المؤمنين ، فدخلنا على علي بن أبي طالب ، فقال : إن ابن أخي أخبرني كذا وكذا ، فقال : معاذ الله يا أحنف! ثم قال : من هذا؟ قال : عمرو بن خالد. قال : ابن غلاب؟ قال : نعم ، قال : أشهد ، لرأيت أباه بين يدي رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وذكر الفتن ، فقال : يا رسول الله .. أدع الله أن يكفيني الفتن ، فقال :

«اللهم اكفه الفتن ، ما ظهر منها وما بطن».

وقيل في ذلك :

كفي فتن الدنيا بدعوة أحمد

ففاز بها في الناس ما ناله خسر

__________________

ـ محمد بن غسان : ذكره الحافظ ابن حجر في «تبصيره المنتبه» ٣ / ١٠٣٦ ، ولم يزد على قوله : روى عنه أخوه المفضل.

خالد بن عمرو : لم أعثر له على ترجمة.

عمرو بن معاوية : لم أعثر له على ترجمة.

معاوية بن عمرو : وقد ينسب إلى جدّ أبيه ، يعني غلاب ، وهكذا نسبه في «التبصير» ٣ / ١٠٤٨ ثقة. انظر «التهذيب» ١٠ / ٢١٥ ، «والتقريب» ص ٣٤٢.

عمرو بن خالد بن غلاب : لم أعثر له على ترجمة.

(١) ثقل بفتحتين ، متاع المسافر وحشمه. انظر «مختار الصحاح» ص ٨٥.

(٢) وقعة الجمل : معركة وقعت بين علي وعائشة سنة ٣٦ ه‍ ، بالبصرة. انظر التفصيل ـ إن شئت ـ في «تاريخ خليفة» ١٨١ ـ ١٨٣ ، و «تاريخ الطبري» ٥ / ١٩٩ ـ ٢٢٢.

(٣) الأحنف : هو ابن قيس ، سيأتي بترجمة رقم ١٦ ، وهو ثقة مخضرم.

٢٨٤

ظواهرها جمعا وباطنها معا

فصح له في أمره السر والجهر

رواه علي المرتضى عن محمد

ففي مثل هذا ما يطيب (١) به النشر

ومن ولده معاوية بن عمرو بن غلاب ـ وغلاب امرأة ـ ومحمد بن غسان ، وغسان بن الفضل ، والمفضل بن غسان الغلابي (٢)(٣).

__________________

(١) في «أخبار أصبهان» ١ / ٦٩ : (له).

(٢) في المصدر السابق : (الغلابيون).

مرتبة الإسناد والحديث وتخريجه : أخرجه أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٦٩ من طريق المؤلف مثله ، وأورده ابن الأثير في «أسد الغابة» ٢ / ٩٠ من طريق أولاد خالد بن غلاب بلفظه ، وقال : هذا الحديث غريب تفرد به أولاده ، وكذا أورده ابن حجر في «الإصابة» ١ / ٤١١ بإسناد ابن منده بمثل لفظ المذكور هنا ، ونقل عنه أنه قال : «غريب تفرد به أولاده».

(٣) والخبر عند أبي نعيم في المصدر السابق.

٢٨٥

١٤ ١ / ١٤ وحممة الدوسي (*) :

من أصحاب النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ مات بأصبهان مبطونا.

(٣١) حدثنا أبو بكر الجارودي وأبو عبد الرحمن المقرىء ، قال : ثنا يونس بن حبيب ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن داود الأودي ،

__________________

(*) حممة : هو ابن أبي حممة الدوسي ـ بفتح المهملة ، وسكون الواو. نسبة إلى دوس بن عدنان ، بطن من الازد ـ مات بأصبهان مبطونا وقبره بباب المدىينة باب تيره ، فشهد له ابو موسى أنه سمع الني ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن حممة يموت شهيدا ، وذكر له الامام أحمد في «الزهد» ص ٢٣١ قصة مع تلميذه هرم بن حيان من طريق مطر الوراق ، قال : بات هرم بن حيان العبدي عند حممة صاحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : فبات حممة يبكي ليلة كلها ، حتى أصبح ، فلما أصبح ، قال له هرم : يا حممة ما أبكاك؟ قال : ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور ، فيخرج من فيها. قال : وبات حممة عند هرم : فبات ليلته حتى أصبح ، فسأله حين أصبح : ما الذي أبكاك؟ قال : ذكرت ليله صبيحتها تناثر النجوم السماء ، فأبكاني ذلك. قال : وكانا يصطحبان أحيانا بالنهار ، فيأتيان سوق الريحان ، فيسألان الله الجنة ويدعوان ، ثم يأتيان الحدادين ، فيعوذان من النار ، ثم يتفرقان الى منازلهما. وترجم له في «أخبار أصبهان» ١ / ٧١ ، وفي «الاستيعاب» ١ / ٣٩٢ ، وفي «أسد الغابة «٢ / ٥٣ ، وفي «تجريد أسماء الصحابة «٣ / ٩٧ ، وفي «المجتمع» ٢ / ٣١٧ و ٩ / ٤٠٠ ، وفي «الإصابة» ١ / ٣٥٥.

تراجم الرواة :

أبو بكر الجارودي : هو محمد بن علي بن الجارود ، ثقة. توفي سنة ٣٢٥ هـ. ترجم له المؤلف في «٢٤٧ / ٣ ، وانظر «أخبار أصبهان» ٢ / ٢٤٩.

أبو عبد الرحمن المقري : هوعبدالله بن محمد بن عيسى ، كثير الحديث ، حسن المعرفة ، توفي سنة ست وثلاثمائة ، انظر «أخبارأصبهان» ٢ / ٦٧.

يونس بن حبيب : سيأتي بترجمة رقم ٢٤٩ ، وهو ثقة.

وأبو داود : هو الطيالسي ، سيأتي بترجمة رقم ٩٣ ، وهو حافظ ثقة.

أبو عوانة : هو الوضاح بن عبدالله اليشكري ، تقدم في ت ٤ ح ١٨ ، وهو ثقة ثبت. ـ

٢٨٦

عن حميد بن عبد الرحمن الحميري ، عن حممة رجل من أصحاب النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ غزا أصبهان مع الأشعري ، وفتحت أصبهان في زمن عمر ، فقال : أللهم إن حممة يزعم أنه يحب لقاءك ، أللهم إن كان صادقا فاعزم له بصدقه ، وإن كان كاذبا فاحمل عليه ، وإن كره ، أللهم لا ترجع حممة من سفره هذا (١). فمات بأصبهان ، فقام الأشعري ، فقال : يا أيها الناس ، إنّا والله ما

__________________

ـ داود الأودي : هو داود بن عبدالله ابو العلاء الكوفي. قال أحمد : شيخ ثقة قديم ، وهو غير عم ابن إدريس ، وعن يحيى ، ثقة ، وروى عباس الدوري عن يحيى : ليس بشيء. قال : فيحرر هذا لأن هذا في ـ داود بن يزيد ـ وهو ضعيف ـ هذا ما ذكره الذهبي في «الميزان» ٢ / ١٠ ، ووافقه ابن حجر ، حيث قال : (إن قول ابن معين «ليس بشيء في حق ابن يزيد لا في حق داوود الأودي). وقال : إن أبا العلاء الأودي ثقة ، انظر «التهذيب» ٣ / ١٩١ ،» والتقريب» ص ٩٦.

(١) في «أخبار أصبهان» ١ / ٧١ : (فأخذه الموت) ، وفي «كتاب الجهاد» ص ١١٤ : (فأخذه بطنه) ، وعند أحمد والطبراني فأخذه البطن ، فمات بأصبهان.

مرتبة الإسناد والحديث وتخريجه :

فقد أخرجه ابن المبارك في «كتاب الجهاد» ص ١١٤ ، وأبو داود الطيالسي في «مسنده» ٢ / ١٤٢ ، بترتيب الساعاتي ، وأحمد في «مسنده» ٤ / ٤٠٨ ، والطبراني في «الكبير» (٤ / ٦١) حديث ٣٦١٠ ، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٧١ ، وابن عبد البر في «الاستيعاب» ١ / ٣٩٢ ، وابن الأثير في «أسد الغاية» ٢ / ٥٣ ، وابن حجر في «الإصابة» ١ / ٣٥٥ ، وقال : رواه أبو داود ومسدد والحارث في «مسانيدهم» قلت : كلهم من طريق أبي عوانة ، عن داود الأودي ، عن حميد بن عبد الرحمن به.

وقال الهيثمي في «المجمع» ٩ / ٤٠٠ بعد أن عزاه إلى أحمد : رجاله رجال الصحيح ، غير داود بن عبد الله الأودي ، وهو ثقة ، فيه خلاف ، وقال ٢ / ٣١٧ بعد أن عزاه إلى «الكبير» : رجاله رجال الصحيح ، وفيه داود الأودي ، وثّقه ابن معين في رواية وضعّفه في أخرى.

قلت : قد أشرت في ترجمة الأودي أن الذهبي وابن حجر قد صرّحا أن قول ابن معين في تضعيف داود ـ بأنه ليس بشيء ـ ليس في حق داود الأودي ، إنما هو في داود بن يزيد ، فالأودي ثقة بلا خلاف كما تقدم ، فالحديث صحيح. ـ

٢٨٧

سمعنا ، فما سمعنا من نبيكم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ولا مبلغ علمنا ، إلّا أن حممة شهيد.

__________________

ـ فائدة :

جاء في رواية ابن المبارك : داود بن عبد الرحمن ، وهو خطأ ، إنما هو عبد الله كما تقدم ، وثانيا : لأنه هو الذي روى عنه أبو عوانة ، ويروي عنه حميد بن عبد الرحمن.

وجاء عند ابن عبد البر : داود بن عبد الله الأزدي ، وهو خطأ ، وإنما هو الأودي كما تقدم في مصادر ترجمته ، والله أعلم ...

٢٨٨

١٥ ١ / ١٥ عبد الله بن عبد الله بن عتبان الأنصاري (*) :

من عمال عمر (١).

وذكر محمد بن عاصم عن أبي الحسن بن حمويه قال : حدثني أبي ، قال : ثنا عبد الله بن مصعب بن الزبير ، قال : لما قدم عمار (٢) الكوفة ، كتب عمر بن الخطاب إلى عبد الله بن عبد الله بن عتبان أن سر إلى أصبهان ، فخرج حتى لحق بأصبهان ، وكان أول من لقي الاستندار (٣) فقتله وسمي ذلك الرستاق : رستاق الشيخ.

__________________

(*) له ترجمة في «أخبار أصبهان» ١ / ٦٤ ، وفي «أسد الغابة» ٣ / ١٩٩ ، وفي «تجريد أسماء الصحابة» ١ / ٣٢١ ، وفي «الإصابة» ٢ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧.

(١) هو ابن الخطاب الخليفة الثاني ، تقدم في المقدمة في بداية فتوح أصبهان.

(٢) في «أخبار أصبهان» : بزيادة (أميرا).

(٣) والاستندار : وهو أمير المحافظة والمنطقة ، ولم يزل يستعمل إلى الآن في إيران بهذا المعنى.

والرستاق : يطلق على كل موضع ذات قرى دون المدن.

انظر «معجم البلدان» ١ / ٣٨. قلت : متروك استعماله الآن.

تراجم الرواة :

محمد بن عاصم : سيأتي بترجمة رقم ١٦٩ ، وهو صاحب الجزء العالي. أبو الحسن بن حمويه : لم أعثر عليه ، وكذا أبوه.

عبد الله بن مصعب : هو ابن ثابت بن عبد الله بن الزبير ، تقدم في ت ٣ ح ١٤.

عمار : هو ابن ياسر ، تقدم أيضا في ترجمة ٣ ح ١٤.

مرتبة الإسناد وتخريجه :

في إسناده من لم أعرفه. وانظر «تاريخ الأمم والملوك» ٤ / ٢٤٧ ، «وأخبار أصبهان» ١ / ٢٤ ، و ٦٤ «والكامل» لابن الأثير ٣ / ٨ ، «ومعجم البلدان» ١ / ٢٠٩ ، و «البداية» ٧ / ١٠٦.

٢٨٩

قال أهل التاريخ : عبد الله بن عبد الله بن عتبان : أنصاري من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو الذي كتب الصلح بينه وبين أهل مدينة جيّ (١).

قال محمد بن عاصم : حدثني ابن أخي هناد ، عن شعيب بن إبراهيم ، عن سيف ، عن محمد (٢) والمهلب وطلحة وعمر وسعد (٣) ، قال : لما رأى عمر ابن الخطاب (٤) يبعث عليه في كل عام حربا (٥) ، وجه الأمراء من أهل البصرة بعد فتح نهاوند.

وكان بين عمل عمار بن ياسر أميران ، أحدهما عبد الله بن عبد الله بن

__________________

(١) النص في «أسد الغابة» ٣ / ١٩٩ نقلا عن المؤلف ، وكذا في «الإصابة» ٢ / ٣٣٦ ، وانظر «البداية» ٧ / ١١٢ ، وفيه : والصحيح أنه هو الذي فتح أصبهان وصالح أهلها ، وقيل : النعمان ابن مقرن». قلت : هو مرجوح ؛ لأنه استشهد على الصحيح بنهاوند.

(٢) في النسختين : بزيادة (بن) بين محمد والمهلب ، وهو خطأ ، والتصويب : من «تاريخ الطبري» ٤ / ٢٤٨ ، «وأخبار أصبهان» ١ / ٦٤ ، ومحمد : هو ابن عبد الله بن سوادة ، والمهلب : هو ابن عقبة ، كما في المصدر السابق لأبي نعيم.

(٣) في النسختين هكذا ـ سعد ـ وجاء عند الطبري وأبي نعيم في المصدرين السابقين (سعيد). لم يتبين لي الصواب.

(٤) زاد أبو نعيم في المصدر السابق (أن يزدجرد) يبعث. انظر ١ / ٢٣.

(٥) وزاد أبو نعيم بعد «حربا». «وقيل له : لا يزال هذا الدأب حتى يخرج من مملكته إذن للناس في الانسياح في أرض العجم حتى يغلبوا يزدجرد على ما كان في يد كسرى ، فوجه الأمراء ..».

تراجم الرواة :

ابن أخي هناد : لم أعرفه.

شعيب بن إبراهيم : هو راوية كتب سيف عنه ، وهو كوفي فيه جهالة. انظر «الميزان» ٢ / ٢٧٥.

سيف : هو ابن عمر التميمي الكوفي ، صاحب كتاب «الردة والفتوح» ، ضعيف في الحديث ، عمدة في التاريخ. انظر «التقريب» ص ١٤٢.

ومحمد : هو ابن إسحاق بن يسار. تقدم في ت ٣ ح ٩.

محمد والمهلب : تقدما.

وطلحة : هو ابن الأعلم. وعمر : هو ابن محمد بن تمام ، كما في «أخبار أصبهان» ١ / ٦٤.

٢٩٠

عتبان ، وفي زمانه كانت وقعة نهاوند ، وزياد بن حنظلة ، وكان من المهاجرين ، فعمل قليلا واستعفى فأعفي ، وولي عمار بن ياسر بعد زياد ، وكان مكانه ، وأمدّ أهل البصرة بعبد (١) الله بن عبد الله ، وأمدّ أهل الكوفة بأبي موسى ، وبعث إلى عبد الله بلواء ، وأمره أن يسير إلى أصبهان ، وكان شجاعا بطلا من وجوه الصحابة من وجوه الأنصار (٢) ، فخرج ومعه من جند النعمان (٣) نحو جند قد اجتمع له من أصبهان ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، ودعا الشيخ (٤) إلى البراز ، فبرز له عبد الله بن ورقاء ، فقتله وانهزم أهل أصبهان ، فسار الاستندار إلى الصلح (٥) ، ودخل أبو موسى وعبد الله مدينة جيّ ، وكتب بذلك إلى عمر واغتبط ، وقدم كتاب عمر إلى عبد الله ، أن سر حتى تقدم على سهل بن عدي ، فتجامعه على قتال من بكرمان ، فخرج واستخلف على أصبهان السائب بن الأقرع (٦) ، وهذا كتاب الصلح :

«بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من عبد الله للفاذوسفان وأهل (٧) أصبهان وحواليها :

أنكم آمنون ما أديتم الجزية ، وعليكم الجزية على قدر طاقتكم ، في كل سنة تؤدونها إلى الذي (٨) يلي بلادكم على كل حالم ، ودلالة المسلم ، وإصلاح

__________________

(١) في أ ـ ه : (بعد عبد الله ..) ، وهو خطأ ، والتصويب من الأصل.

(٢) كذا في «أخبار أصبهان» ١ / ٦٤ ، مع تفاوت ، وفي ٢٤ و ١٥ أيضا ، «وتاريخ الطبري» ٤ / ٢٤٦ و ٢٤٧ ، وجاء عندهم مفصلا.

(٣) هو النعمان بن مقرن ، تقدم في المقدمة في بداية فتوح أصبهان.

(٤) وهو شهر براز جاذويه ، شيخ كبير لهم ، كما في «أخبار أصبهان» ١ / ٢٥.

(٥) في أ ـ ه : (في) بدل (إلى) ، وما أثبته من الأصل هو الصواب.

(٦) انظر «أخبار أصبهان» ١ / ٢٥ ، «وتاريخ الطبري» ٤ / ٢٤٦ ـ ٢٤٨ ، و «الكامل» لابن الأثير ٣ / ٨ ـ ٩ بإيجاز. ولكن إسنادهم ضعيف من حيث الصناعة الحديثية ؛ لأنه من طريق شعيب بن إبراهيم ، وهو راويه. كتب سيف بن عمر عنه ، قال الذهبي : فيه جهالة ، انظر «الميزان» ٢ / ٢٧٥ ، وكذلك شيخه سيف بن عمر الضبي التميمي. ضعيف في الحديث إلّا أنه عمدة في التاريخ ، كما قال الحافظ في «التقريب» ص ١٤٢.

(٧) في النسختين ، (من) ، والتصحيح من «تاريخ الطبري» ٤ / ٢٤٨ ، و «أخبار أصبهان» ١ / ٢٦.

(٨) في النسختين : (في) ، وما أثبته من المصدرين السابقين.

٢٩١

طريقه ، وقراه يومه وليلته ، وحملان الراجل إلى مرحلة. لا تستطيلوا (١) على مسلم للمسلمين نصحكم وأداء ما عليكم ، ولكم الأمان ما فعلتم. فإن غيرتم (٢) شيئا ، أو غيره مغير منكم لم تسلموه ، فلا أمان لكم ، ومن سب مسلما بلغ منه ، ومن ضربه (٢) قتلناه. وكتب شهد عبد الله (٣) بن قيس ، وعصمة بن عبد الله ، وعبد الله بن ورقاء (٤).

عدد من دخل من الصحابة أصبهان.

عدد من دخل أصبهان من أصحاب النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ثمانية عشر رجلا (٥) : ١ ـ الحسن بن علي ، ٢ ـ وابن الزبير ـ ٣ ـ وسلمان ، ٤ ـ وأبو موسى ، ٥ ـ وابنه موسى ، ٦ ـ وعبد الله بن عامر ، ٧ ـ وعبد الله بن بديل بن ورقاء ، ٨ ـ وبديل بن ورقاء (٦) ، ٩ ـ وعبد الله بن عبد الله بن عتبان ، ١٠ ـ وخالد بن غلاب ، ١١ ـ ومخنف بن سليم ، ١٢ ـ والنابغة ، ١٣ ـ وعايذ بن عمرو ، ١٤ ـ وحممة ١٥ ـ ومجاشع بن مسعود ، ١٦ ـ ورجل من بني سلم ،

__________________

(١) هكذا في النسختين ، وجاء في المصدرين السابقين ، «ومعجم البلدان» ١ / ٢١٠ (لا تسلطوا).

(٢) في «تاريخ الطبري» ٤ / ٢٤٨ ، (فإذا غيرتم) وفيه (فإن ضربه) بدل (من ضربه).

(٢) في «تاريخ الطبري» ٤ / ٢٤٨ ، (فإذا غيرتم) وفيه (فإن ضربه) بدل (من ضربه).

(٣) عبد الله بن قيس : هو أبو موسى الأشعري ، وعصمة هو ابن عبد الله بن عبيدة بن سيف بن الحارث. من «أخبار أصبهان» ١ / ٢٤. وعبد الله بن ورقاء : هو الرياحى.

(٤) ذكره الطبري في «تاريخ الأمم» ٤ / ٢٤٨ ، عن شعيب ، عن سيف ، عن محمد وطلحة والمهلب وعمرو وسعيد ، قالوا : كتاب صلح أصبهان بسم الله .. الخ ، وبه مثله أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٢٦ وذكره الحموي في «معجم البلدان» ١ / ٢٠٩ و ٢١٠ مثله ، وذكر ابن كثير في «البداية» ٧ / ١١٢ أن عبد الله بن عبد الله كتب لهم كتاب أمان وصلح ، ولم يذكر نص الصلح ، وساقه الجميع من طريق شعيب بن إبراهيم ، وهو فيه جهالة كما تقدم ..

(٥) في أ ـ ه بزيادة : حدثنيه موسى ، وهكذا في هامش الأصل.

(٦) الراجح كما ذكرت سابقا أنه توفي قبل النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهكذا ذكره ابن الأثير (قولا واحدا) في «أسد الغابة» ١ / ١٧٠ أنه توفي قبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٢٩٢

١٧ ـ وعبد الله بن يزيد الخطمي ، ١٨ ـ ورافع بن خديج (١).

ما ذكر من أمر أصبهان الصلح منها.

حدثنا أبو علي بن إبراهيم ، قال : ثنا أسيد ، قال : سمعت أبا سفيان ، يقول : سمعت عصام بن يزيد ، قال : سمعت سفيان ، يقول : أصبهان صلح.

قال أبو الحسين : حدثني ابن ممكان ، وقال لي : أحمل إليك حط جدي يعني أبا سفيان ، فحمله إلي وإذا فيه مكتوب سمعت جبرا يقول : سمعت سفيان الثوري يقول : أصبهان صلح. أخذ صلحها عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب (٢).

حدثنا محمد بن محمد بن فورك ، قال : ثنا علي بن عاصم أخو محمد بن عاصم ، قال : سألنا الأنصاري عن أصبهان صلحا أو عنوة؟ فقال : ما أراها إلا عنوة. قال أبو الحسين : وسئل أبو عمرو الضرير عنه ، فقال : عنوة إلا قلاعا منها.

وثنا محمد ، قال : ثنا علي ، قال : ثنا أبو سفيان في إسناد له ، قال : إذا

__________________

(١) وفاته أسماء بعض الصحابة الذين دخلوا أصبهان. انظر مبحث المؤاخذات على المؤلف في مقدمة المحقق ص ١٢٢.

(٢) قلت : الثابت أن الذي أخذ الصلح ، هو عبد الله بن عبد الله الأنصاري كما تقدم ، ويمكن أن يقال : نسب إليهم لموافقتهم إياه بعد أن كتب الصلح وأخبرهم به ، والله أعلم.

تراجم الرواة :

أبو علي : هو أحمد بن محمد بن إبراهيم. ترجم له المؤلف في «الطبقات» ٣١٢ / ٣ ، وقال : شيخ ثقة.

وأسيد : هو ابن عاصم بن عبد الله ، سيأتي بترجمة رقم ٢٤٣ ، وهو ثقة.

أبو سفيان : هو صالح بن مهران ، سيأتي بترجمة رقم ١٥٥ ، وهو ثقة.

عصام بن يزيد : هو ابن عجلان ، سيأتي بترجمة رقم ١٢٠.

سفيان : هو الثوري ، تقدم في ترجمة ٣.

أبو الحسين وابن ممكان : لم أعرفهما.

وجبر : هو عصام بن يزيد المذكور ، يعرف بجبر. ـ

٢٩٣

اختلط الصلح بالعنوة كان صلحا كله.

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يحيى ، قال : ثنا محمد بن عصام بن يزيد ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان الثوري ، قال : أصبهان صلح.

حدثنا محمد بن يحيى ، قال : ثنا محمد بن عصام (١) ، قال : ثنا أبو سفيان ، ثنا النعمان ، عن سفيان الثوري ، قال : أصبهان صلح (٢).

وحدثنا أبو صالح بن المهلب ، قال : سمعت أحمد بن مهدي يقول : مما يدل على أن أصبهان صلح ، أن بيوت النيران حين تركت على حالتها ، فلم تؤخذ ، ولم تهدم دليل على أنها صلح ، ولو كانت عنوة لاختاروا لأنفسهم ، ولم

__________________

تراجم الرواة :

محمد بن محمد بن فورك بن عطاء بن سمرة أبو عبد الله راوية عن الأصبهانيين عن محمد بن جبر وغيره. وقد تقدّمت ترجمته.

علي بن عاصم : ترجم له المؤلف وسيأتي بترجمة رقم ٢٤٧.

الأنصاري يبدو أنه محمد بن عبد الله بن المثنى أبو عبد الله البصري القاضي ثقة روى عنه سمويه الأصبهاني وغيره. مات سنة ٢١٥ ه‍. انظر التهذيب ٩ / ٢٧٤.

أبو الحسن : لم يتبين لي.

أبو عمر الضرير هو حفص بن عمر الأكبر البصري صدوق عالم بالحساب وأيام الناس ، قيل ولد أعمى. مات سنة ٢٢٠ ه‍ ، وقد جاوز السبعين وذكر آخرون بهذا اللقب والكنية. انظر «التقريب ٧٨.

محمد بن يحيى هو ابن مندة. تقدم في ت ١٠ ، وهو ثقة حافظ.

محمد بن عصام هو ابن يزيد ، سيأتي بترجمة ١٢٢.

وبقية الرواة تقدموا في السند قبله. والنعمان هو ابن عبد السلام ، سيأتي بترجمة رقم ٨١ وهو ثقة فقيه زاهد.

(١) في النسختين «بن عاصم» وهو خطأ والتصويب مما تقدم وهو الذي يروى عن أبي سفيان لا ابن عاصم.

(٢) وذكر أبو نعيم بسنده من طريق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الفايزاني العقيلي (قال) : سمعت عمي إسحاق بن إبراهيم يقول : سألت أحمد بن حنبل عن أصبهان ، فقال : هي صلح.

٢٩٤

يتركوها ليعصوا الله فيها ويعبدون من دون الله ما قد روينا مع ساير الآثار صلح (١).

__________________

(١) قلت : الراجح أن بعضها فتح عنوة ، وبعضها صلحا ، ومما فتح صلحا مدينة جيّ (أصبهان) وشقها ، ومما فتح عنوة : شق التيمرة من أصبهان ورستاق الشيخ ورستاق بزخوار ورستاق جرم قاشان ، وسيأتي في بداية الطبقة الثانية رواية تؤيد ما قلت.

وذكرها أبو نعيم أيضا من طريق سعيد بن عبيد وعبد الله بن الوليد المري عن أشياخهم ... إلخ. انظر «أخبار أصبهان» ١ / ٢٩. اللهم إلا أن يقال : ـ حسب ما روى أبو سفيان صالح بن مهران ـ إذا اختلط الصلح بالعنوة كان صلحا كله ، وهذا الذي رجحه أبو الشيخ ، فاعتبره صلحا. والله أعلم.

تراجم الرواة :

أبو صالح بن مهلب : هو محمد بن الحسن بن المهلب ، سيأتي في ت ١٦٨.

أحمد بن مهدي : هو أبو جعفر ، سيأتي بترجمة رقم ٢٥٣ ، وهو ثقة.

٢٩٥

الطبقة الثانية

١٦ ٢ / ١ ع الأحنف بن قيس (*) :

من بني تميم ، ثم من مضر.

روى عن عمر ، وعثمان ، وعلي ، والعباس بن عبد المطلب. يقال : صخر بن قيس أبو بحر ، ويقال : الضحاك بن قيس ، أدرك زمان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ولم يلقه.

حكى أبو عبد الله محمد بن يحيى ، عن محمد بن نصر بن عبدة ، عن يحيى بن أبي بكير (١) ، عن سعيد بن عبيد ، قال : ثنا أشياخنا أن التيمرة وجرم قاشان افتتحهما الأحنف بن قيس عنوة ، ومنه سبى وثاب مولى ابن عباس.

__________________

(*) الأحنف بن قيس : هو ابن معاوية بن حصين بن عباد بن النزال السعدي التميمي ، الأحنف لقبه ، واختلف في اسمه. فقال البخاري في «التاريخ الكبير» ٢ / ٥٠ : اسمه «الضّحّاك» ، وفي «أخبار أصبهان» ١ / ٢٢٤ مختلف في اسمه ، فقيل : صخر ، وقيل : الضّحّاك ، وهو مخضرم ، ولذا ذكره ابن حجر في القسم الثالث.

له ترجمة في «الطبقات» ٧ / ٩٣ ـ ٩٧ لابن سعد ، وفي «طبقات خليفة» ص ١٩٥ ، وفي «الزهد» ٢٣٤ ـ ٢٣٥ لأحمد ، وفي «التاريخ الكبير» ٢ / ٥٠ ، وفي «أخبار أصبهان» ١ / ٢٢٤ ، وفي «المستدرك» ٣ / ٦١٤ ، وفي «الاستيعاب» ١ / ١٢٦ ، وفي «أسد الغابة» ١ / ٥٥ ، وفي «المجمع» ١٠ / ٢ ، وفي «البداية» ٧ / ١٢٧ ، لابن كثير ، وفي «الإصابة» ١ / ١٠٠ ، وفي «التهذيب» ١ / ١٩١.

(١) في النسختين : «بكر» ، والتصويب : من «أخبار أصبهان» ١ / ٢٢٥.

٢٩٦

(٣٢) دعا له النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فيما كتب إلينا محمد بن عبدان ، وأجازه لنا ، قال : ثنا إسماعيل بن إسحاق ، قال : ثنا حجاج ، عن حماد بإسناد له (١) أن كتاب النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ جاء إلى بني تميم ، فقال الأحنف : إلى ما يدعو؟ فقيل : إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقال : قول حسن ، قال : فأخبر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فدعا له.

__________________

تراجم الرواة :

أبو عبد الله محمد بن يحيى بن مندة. تقدم في ت ١٠ ، وهو ثقة حافظ.

محمد بن نصر بن عبده : سيأتي بترجمة رقم ٢٧٣ ، وهو ثقة.

ويحيى بن أبي بكير ، واسمه نسر ـ بفتح النون وسكون المهملة ـ.

الكرماني : كوفي الأصل ، نزل بغداد ، ثقة ، مات سنة ثمان أو تسع ومائتين. انظر «التهذيب» ١١ / ١٩٠.

سعيد بن عبيد : يبدو أنه أبو الهذيل الكوفي ـ والله أعلم ـ ثقة.

روى عنه الثوري وابن المبارك وغيرهما. انظر «التهذيب» ٤ / ٦٢.

مرتبة الإسناد وتخريج الخبر :

في إسناده من لم يسمّ. كذا أخرجه أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٢٩ بسنده من طريق سعيد بن عبيد ، وعبد الله بن الوليد المري ، ومن طريق المؤلف في ١ / ٢٢٥ ، وزاد بعد قوله : مولى ابن عباس «والد يحيى» ، وفي الجميع راو لم يسمّ.

وثاب وابنه يحيى سيأتيان بترجمة رقم ٣٧ ، ٣٨.

(١) في أ ـ ه : «بإسناده» وسيأتي ذكر إسناده عند تخريج الحديث.

تراجم الرواة :

محمد بن عبدان : تقدم في ت ١٣ ح ٣٠.

إسماعيل بن إسحاق : ترجم في «الميزان» لشخصين بهذا الاسم :

أحدهما : كوفي ، والثاني : جرجاني. الكوفي منكر الحديث ، والجرجاني كان يضع الحديث. قاله أبو زرعة : انظر «الميزان» ١ / ٢٢١.

حجاج : هو ابن المنهال الأنماطي أبو محمد السلمي ، مولاهم البصري. ثقة ، مات سنة ٢١٦ أو ٢١٧ ه‍. انظر «التقريب» ص ٦٥.

حماد : هو ابن سلمة بن دينار ، تقدم في بداية المقدمة ، وهو ثقة. ورواه حماد عن علي ابن زيد ، عن الحسن ، عن الأحنف ، وعلي بن زيد ضعيف ، وسيأتي التفصيل في موضعه إن شاء الله.

٢٩٧

حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر ، قال : ثنا عمرو بن علي ، قال : الأحنف بن قيس أبو بحر : اسمه صخر بن قيس (١).

حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر ، قال : ثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا معتمر ، قال : حدثني بعض أصحابي (عن أبي) (٢) ، عن

__________________

مرتبة الإسناد والحديث وتخريجه :

في إسناده محمد بن عبدان : لم أعرفه ، وإسماعيل بن إسحاق ، وعلي بن زيد : فيه ضعف ، وقد حسّن بعض العلماء حديثه ، وله شاهد عند أحمد في «الزهد» كما سيأتي ، ورجاله ثقات سوى ، جبير بن حبيب ، لم أعثر له على ترجمة.

فقد أخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٧ / ٩٣ ، والبخاري في «التاريخ الكبير» ١ / ٥٠ ، وأحمد في «مسنده» ٥ / ٣٧٢ ، والطبراني ، كما في «المجمع» ١٠ / ٢ ، وعزاه إلى أحمد أيضا ، وقال الهيثمي : «ورجال أحمد رجال الصحيح غير علي بن زيد ، وهو حسن الحديث».

والحاكم في «المستدرك» ٣ / ٦١٤ ، وسكت عنه الذهبي ، وابن عبد البر في «الاستيعاب» ١ / ١٢٧ ، وقال : «كان قد أدرك النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ولم يره ، ودعا له ، فمن هناك ذكرناه في الصحابة» ، ثم ساق الحديث بسنده عن حماد. وأخرجه ابن الأثير في «أسد الغابة» ١ / ٥٥ ، وأورده الحافظ ابن حجر في «الإصابة» ١ / ١٠٠ ، وابن كثير في «البداية» ٨ / ٣٢٦.

كلهم من طريق حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن الحسن ، عن الأحنف ، ولفظهم متقارب ، وهي : «قال الأحنف : بينما أنا أطوف بالبيت في زمن عثمان ، إذ أخذ رجل من بني ليث بيدي ، فقال : ألا أبشّرك؟ قلت : بلى. قال : أتذكر إذ بعثني رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إلى قومك ، فجعلت أعرض عليهم الإسلام وأدعو إليه ، وقلت أنت : إنك لتدعونا إلى خير ، وتأمر به ، وإنه ليدعو إلى الخير ، فبلغ ذلك النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال : اللهم اغفر للأحنف. فكان الأحنف يقول : فما شيء من عملي أرجى عندي من ذلك.

قال ابن حجر في المصدر السابق : تفرد به علي بن زيد ، وفيه ضعف ، وكذا أورده في «التهذيب» ١ / ١٩١ ، فقال : ويروى بسند لين أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ دعا له.

قلت : له شاهد ، وذكره ابن حجر أيضا ، أخرجه أحمد في «الزهد» ص ٢٣٤ قال : ثنا أبو عبيدة الحداد ، ثنا عبد الملك بن معن ، عن جبير بن حبيب أن الأحنف بلغه رجلان دعاء النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فسجد. رجاله ثقات سوى جبير لم أعرفه.

تراجم الرواة :

تقدموا في ت ٥.

(١) وقد ذكرت الاختلاف في اسمه في بداية ذكر مصادر ترجمته.

(٢) بين الحاجزين من الأصل سقط من أ ـ ه.

٢٩٨

الأحنف بن قيس ، قال : فيّ خلال ثلاث ، ما أذكرها (١) إلّا أن يعتبر رجل بخلق صالح :

ما أتيت باب سلطان قطّ إلا أن دعا ، ولا دخلت بين اثنين قطّ إلا أن يأمرانّي ، ولا خلفت (٢) أحدا بعده بسوء قطّ.

حدثنا أبو العبّاس الجمّال ، قال : ثنا الهيثم بن خالد ، قال : ثنا أبو السكيّن ، سمعته من أبي الحسن المدائني بفم (٣) الصلح في عسكر الحسن بن سهل سنة اثنتين ومئتين ، قال : قال الأحنف بن قيس : ثمانية إن أهينوا ، فلا يلوموا إلّا أنفسهم :

الآتي طعاما لم يدع (٤) إليه ، والمتآمر على ربّ البيت في بيته ، وطالب الفضل من أعدائه ، وراجي الخير من اللئام ، والمقبل بحديثه على من لا

__________________

(١) في أ ـ ه : (ذكرها) ، وهو خطأ.

(٢) في أ ـ ه : (خلقت) ، والصواب ما أثبته من الأصل.

تراجم الرواة :

محمد بن عبد الأعلى : لم أعثر له على ترجمة.

معتمر : هو ابن سليمان بن طرخان ، تقدم في ترجمة ٣ ، ثقة.

وأبوه سليمان أيضا. تقدم في ترجمة ٣ ، ثقة.

في إسناده راو لم يسمّ ومن لم أعرفه ، وذكر ابن كثير في «البداية» ٨ / ٣٢٧ الخلتين الأوليين بتفاوت يسير في اللفظ.

تراجم الرواة :

أبو العباس الجمال : هو أحمد بن محمد بن عبد الله ، تقدم في ت ٢ والهيثم بن خالد.

أبو السكّين : ـ بضم المهملة ـ مصغرا ـ : هو زكريا بن يحيى بن عمر الطائي الكوفي ، صدوق ، له أوهام ، وبها ليّنه الدارقطني. مات سنة ٢٥١ ه‍. انظر «التهذيب» ٣ / ٣٣٧ ، «والتقريب» ص ١٠٨.

أبو الحسن المدائني.

(٣) فم الصلح : هو اسم لنهر كبير فوق واسط ، بينها وبين جبل عليه عدة قرى ، وفيه كانت دار الحسن ابن سهل وزير المأمون. انظر «معجم البلدان» ٤ / ٢٧٦ ، «ومراصد الاطلاع» ٣ / ١٠٤٤.

(٤) في الأصل : «لم يدعى» والتصويب من أ ـ ه : ومن مقتضى القواعد.

٢٩٩

يسمعه ، والجالس في المجلس الذي لا يستأهله ، والداخل بين اثنين في حديثهما من غير أن يدخلاه ، والمتقدم بالدّالة (١) على السلطان (٢).

حدثنا أبو العباس الجمال ، قال : ثنا أبو صالح الطائي ، قال : ثنا إسماعيل بن عليّة ، عن أيوب ، عن محمد ، قال : نبّئت أن عمر ذكر بني تميم ، فذمّهم ، فقام الأحنف ، فقال : يا أمير المؤمنين ائذن لي فلأتكلم ، قال : إنك ذكرت بني تميم بالذّم ، وإنما هم من الناس ، فيهم (٣) الصالح والطالح. فقال : صدقت ، فقفا بقول حسن ، فقام (٤) رجل كان يناوىء الأحنف ، فقال : يا أمير المؤمنين : ائذن لي فلأتكلم ، فقال : اجلس ، فقد كفاكم سيدكم الأحنف.

حدثنا أبو العباس ، قال ثنا أبو غسان ، قال : ثنا الأصمعي ، قال : فاخر

__________________

(١) أي المتقدم بالوسطاء ، والدلّ عبارة عن الحالة التي يكون عليها الإنسان من السكينة والوقار ، وحسن السيرة والطريقة ، واستقامة المنظر والهيئة ، انظر «النهاية» ٢ / ١٣١ لابن الأثير.

(٢) ذكر ابن عبد البر وابن الأثير أن الأحنف : كان أحد الجلّة الحلماء الدهاة الحكماء العقلاء. انظر «الاستيعاب» ١ / ١٢٨ ، «وأسد الغابة» ١ / ٥٥.

(٣) في «طبقات ابن سعد» ٧ / ٩٤ : فمنهم .. فعفا بقول حسن.

(٤) في المصدر السابق : فقام الحتات ، وكان يناوئه.

تراجم الرواة :

أبو العباس : تقدم قريبا.

أبو صالح الطائي : تقدم في ترجمة رقم ٢.

إسماعيل : هو ابن إبراهيم بن مقسم ، المعروف بابن عليّة : تقدم في ت ١٢ ح ٢٨.

وأيوب : هو ابن أبي تميمة السّختياني ـ بفتح المهملة ـ ثقة ثبت. مات سنة ١٣١ ه‍ ، انظر «التقريب» ص ٤١.

محمد : لعله ابن إسحاق بن يسار. تقدم في ت ٣ ح ٩ ، وهو صدوق ، إلّا أنه مدلس ، أو ابن سيرين ، وهو ثقة يروي عنه أيوب ، والله أعلم.

في إسناده انقطاع. أخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٧ / ٩٤ من طريق أيوب ، عن محمد ، قال : نبئت فذكره مثله ، فهو منقطع أيضا.

تراجم الرواة :

أبو غسان : لم يتبين لي.

الأصمعي : هو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك أبو سعيد الباهلي الأصمعي البصري ، ـ

٣٠٠