طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها - ج ١

أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن جعفر بن حيّان [ أبي الشيخ الأنصاري ]

طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها - ج ١

المؤلف:

أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن جعفر بن حيّان [ أبي الشيخ الأنصاري ]


المحقق: عبدالغفور عبدالحقّ الحسين البلوشي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٨

حدثنا محمد بن عمر بن حفص ، قال : ثنا اسحاق بن إبراهيم شاذان ، قال : ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال : ثني النهاس بن قهم القيسي ، عن القاسم بن عوف ، عن أبيه (١) ، أو عن رجل ، عن السائب (٢) بن الأقرع ، قال : نبّىء عمر بن الخطاب (٣) بزحف لم يزحف بمثله قط ، زحف لهم أهل أصبهان ، وأهل ماه ، وأهل همذان ، وأهل الري ، وأهل قومس ، وأهل آذربيجان ، وأهل نهاوند ، قال : فجاء الخبر إلى عمر بن الخطاب ، فجمع الناس ، وحمد الله ، وأثنى عليه ، وقال : إنه قد زحف للمسلمين زحف لم يزحف لهم بمثله قط ، فقوموا فتكلموا وأوجزوا ولا تطنبوا ، فتفشغ (٤) بنا الأمور ، فلا ندري بأيها نأخذ.

(قال) (٥) : فقام طلحة (٦) بن عبيد الله ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فهذا يوم له ما بعده من الأيام ، وأنت يا أمير المؤمنين أفضلنا رأيا ، وأعلمنا ، ثم سكت. ثم قام الزبير (٧) بن العوام ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، وتكلم بنحو من كلام صاحبه ، ثم جلس. ثم قام عثمان (٨) بن عفان ،

__________________

(١) جاء عند خليفة بن خياط العصفري بدون ـ أو ـ الشك : يعني : عن أبيه ، عن رجل ، وجاء عند البلاذري بدون عن رجل ، ولكن أتى بالشك في السائب بن الأقرع ، أو عمر بن السائب ، فقال : «عن القاسم بن عوف ، عن أبيه عن السائب بن الأقرع ، أو عن عمر بن السائب ، عن أبيه». فورد الشك من محمد بن الأنصاري في السائب أو عمر بن السائب عن أبيه. انظر «تاريخ خليفة بن خياط» ص ١٤٧ ، «وفتوح البلدان» ص ٣٠٢.

(٢) السائب بن الأقرع بن عوف الثقفي : مسح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأسه. ترجم له المؤلف. انظر (ت ١٧).

(٣) في الأصل (زحف) بدون الباء الموحدة ، والتصويب من أ ـ ه.

(٤) ذكر ابن فارس بأن الفاء والشين والغين : أصل. يدل على الانتشار. يقال : انفشغ الشيء وتفشغ ، إذا انتشر ، انظر «معجم مقاييس اللغة» ٤ / ٥٠٥.

(٥) بين الحاجزين من «أخبار أصبهان» ١ / ١٩.

(٦) هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن معد يكرب ... التيمي أبو محمد المدني ، أحد العشرة ، مشهور ، واستشهد يوم الجمل سنة ست وثلاثين وهو ابن ثلاث وستين. انظر «الإصابة» ٢ / ٢٢٩ ، «والتهذيب» ٥ / ٢٠ ، «والتقريب» ص ١٥٧.

(٧) تقدم قريبا.

(٨) هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ... الأموي أمير المؤمنين ، ذو النورين ، أحد السابقين ـ

١٨١

فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن هذا يوم له ما بعده من الأيام ، وإني أرى من الرأي يا أمير المؤمنين أن تسير بنفسك. وبأهل الحجاز ، وبأهل الشام ، وأهل العراق ، حتى تلقاهم بنفسك ، فإنك أبعد العرب صوتا ، وأعظمهم منزلة. ثم قام علي (١) بن أبي طالب ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، وقال : أما بعد ، فهذا يوم له ما بعده من الأيام ، وإني لا أرى يا أمير المؤمنين ما رأى هؤلاء أن تسير بنفسك ، ولا بأهل الحجاز ، ولا بأهل الشام ، ولا بأهل العراق ، فإن القوم إنما جاءوا بعبادة الشيطان ، والله أشد تغييرا لما أنكر ، ولكن أرى أن تبعث إلى أهل الكوفة ، فتسير ثلثيهم (٢) ، وتدع في حفظ ذراريهم ، وجمع جزيتهم ، وتبعث إلى أهل البصرة فيوروا ببعث ، فإن القوم إنما جاءوا بعبادة الشيطان ، والله أشد تغييرا لما أنكر. فقال : أشيروا علي من أستعمل عليهم؟ قالوا : يا أمير المؤمنين ، أنت أفضلنا رأيا وأعلمنا بأهلك. قال : لأستعملن عليهم رجلا يكون أول (٣) أسنة يلقاها ، اذهب بكتابي هذا يا سائب بن الأقرع إلى النعمان (٤) بن مقرن ، فليسر (٥) بثلثي أهل الكوفة ويدع ثلثا في حفظ ذراريهم

__________________

ـ الأولين ، وثالث الخلفاء الراشدين ، وأحد العشرة المبشرين ، استشهد في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة ، وعمره ثمانون ، وقيل : أكثر ، وقيل : أقل. انظر «التقريب» ص ٢٣٥ ، «والكاشف» للذهبي ٢ / ٢٥٤ ، «والإصابة» لابن حجر ٢ / ٤٦٢.

(١) هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي ، ابن عم رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وزوج ابنته ، (وهو رابع الخلفاء الراشدين). من السابقين الأولين ، أحد العشرة المبشرة ، وأول من أسلم من الصبيان ، مات في رمضان سنة أربعين وله ثلاث وستون سنة على الراجح.

(٢) في الأصل : ثلثاهم ، والصواب ما أثبته.

انظر : «الإصابة» ٢ / ٥٠٧ ، لابن حجر ، «الكاشف» للذهبي ٢ / ٢٨٧ ، «وتقريب التهذيب» ص ٢٤٦.

(٣) عند خليفة بن خياط لأول أسنة وعند البلاذري هكذا (لأستعملن رجلا يكون لأول ما يلقاه من الأسنة).

انظر «تاريخ خليفة» ص ١٤٨ «وفتوح البلدان» ص ٣٠٠.

(٤) عند البلاذري أنه كتب إل النعمان بن عمرو بن مقرن ، والصحيح أنه كتب إلى النعمان بن مقرن ، وهو الذي استشهد بنهاوند ، وهو صحابي مشهور ، لا نعمان بن عمرو ، فإنه تابعي وهو ابن أخيه كما في «التقريب» ص ٣٥٩ ، «والتهذيب» ١٠ / ٤٥٦. انظر المصدر السابق للبلاذري ، وقال ابن عبد

(٥) في الأصل : أثبتت الياء ، والصواب بدونها كما أثبته. ـ

١٨٢

وجمع جزيتهم ، وليبعث إلى أهل البصرة فليوروا ببعث ، فإن قتل النعمان فحذيفة ، فإن قتل حذيفة فجرير (١) ، فإن قتل ذلك الجيش فلا أزيد (٢) ، وأنت على ما أصابوا من الغنيمة ، فلا يرفعن إلي باطلا ولا يحبسن حقا عن أحد هو له قال : فأقبلت بكتاب عمر إلى النعمان بن مقرن ، فسار بثلثي أهل الكوفة وترك ثلثا في حفظ ذراريهم وجمع جزيتهم ، وبعث إلى أهل البصرة (٣) ، فوروا ببعثهم ، ثم سار حتى التقوا بنهاوند ، فالتقوا يوم الأربعاء ، فكان في المجنبة اليمنى انكشاف ، وثبتت المجنبة اليسرى ، وثبت الصف ، ثم التقوا يوم الخميس ، فكان في المجنبة اليسرى انكشاف ، وثبتت المجنبة اليمنى ، وثبت الصف ، ثم التقوا يوم الجمعة ، فأقبل النعمان بن مقرن على بريذين (٤) له ، أحوى (٥) قريب من الأرض ، يقف على (٦) كل أهل راية فيخطبهم ويحضهم (٧) ، ويقول : إن هؤلاء القوم قد أخطروا لكم خطرا ، وأخطرتم لهم خطرا عظيما :

__________________

ـ البر : السائب بن الأقرع : هو الذي شهد فتح نهاوند مع النعمان بن مقرن ، وكان بعثه عمر بكتابه إلى النعمان بن مقرن ، ثم استعمله عمر على المدائن ، وقال ابن حجر : أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح في قصته. انظر «الاستيعاب» ٢ / ١٠٤ بهامش «الإصابة». والإصابة» ٢ / ٨.

(١) عدّد النعمان بن مقرن سبعة أنفار آخرهم المغيرة بن شعبة عند خطبته التحريضية لجيشه ، كما في «الكامل» ٣ / ٥ لابن الأثير. وجرير : هو ابن عبد الله بن جابر البجلي ، صحابي مشهور ، مات سنة إحدى وخمسين ، وقيل بعدها. انظر «التقريب» ص ٥٤ ، و «الإصابة» ١ / ٣٣٢.

(٢) زاد ابن جرير الطبري (إن هذا الجيش أصيب ، فاذهب في سواد الأرض ، فبطن الأرض خير من ظهرها).

انظر «الكامل في التاريخ» ٤ / ١١٦.

(٣) ورى تورية : أي أخفاه وستره. انظر «مختار الصحاح» ص ١٤٨.

(٤) في أ ـ ه (برذون) ، وما في الأصل تصغيره ، وكذا في «تاريخ خليفة» ص ١٤٨ ، و «الكامل» ٣ / ٥ لابن الأثير على فرس له.

(٥) أي : أسود. يقال للبعير الذي خالط خضرته سواد وصفرة : بعير أحوى ، وهكذا الفرس ، «مختار الصحاح» ص ١٦٤.

(٦) عند أبي نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٢٠ : عند ، وما أثبته من الأصل أنسب ، وهكذا ذكره خليفة ابن خياط في «تاريخه» ص ١٤٨.

(٧) في الأصل : يحضضهم ، وفي أ ـ ه يخفضهم ، وهو تصحيف والصواب ما أثبته ، وكذا في المصدر السابق ص ١٤٨.

١٨٣

أخطروا لكم (١) جواليق (٢) ورثة ، وأخطرتم (٣) لهم الإسلام وذراريكم ، فلا أعرفن رجلا (منكم) (٤) وكل قرنه (٥) إلى قرن صاحبه ، فإن ذلك لؤم ، ولكن شغل كل رجل منكم قرنه ، ثم إني هاز الدابة ، فيرم (كل) (٦) رجل من ضيعته وتيسر ، ثم هاز الثانية ، فليقف كل رجل منكم موقفه ، ثم هازها الثالثة ، فأحمل (٧) ، فاحملوا على بركة الله ، ولا يلتفتن منكم أحد ، قال : فحملوا ، فكان النعمان أول مقتول ، قال : وأخذ حذيفة الراية ، ففتح الله (٨) لهم ، قال : (٩) وجمعت تلك المغانم ، فقسمتها بين المسلمين ، فلم أرفع باطلا ، ولم أحبس عن أحد حقا هو له (١٠). قال : ثم أتاني ذو العينين (١١) ، فقال : إن كنز

__________________

(١) الجوالق بكسر الجيم واللام ، وبضم الجيم ، وفتح اللام وكسرها : وعاء. انظر «القاموس» ٣ / ٢١٨.

(٢) في «أخبار أصبهان» ١ / ٢٠ بدون الواو (جوالق رثة) أي بالية. الرث : البالي ، والسقط من المتاع. انظر «القاموس» ١ / ١٦٧.

(٣) الخطر والخاطر ، الهاجس ، وتخاطروا ، تراهنوا ، وأخطر جعل نفسه خطرا لقرنه فبارزه.

المقصود : أنهم أعدوا لكم وأعددتم لهم الإسلام. انظر المصدر السابق ٢ / ٢٢.

(٤) بين الحاجزين من «أخبار أصبهان» ١ / ٢٠.

(٥) القرن : بكسر القاف والتخفيف ، الكفؤ ، والنظير في الحرب ، والشجاعة. انظر المصدر السابق ٤ / ٢٥٨.

(٦) بين الحاجزين من «تاريخ خليفة بن خياط» ص ١٤٨.

(٧) عند أبي نعيم / محامل ، وكذا عند خليفة ص ١٤٩ ، وانظر «أخبار أصبهان» ١ / ٢٠.

(٨) في «أخبار أصبهان» ١ / ٢٠ ، (عليه).

(٩) أي السائب بن الأقرع.

(١٠) ذكره أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ١٩ من أوله إلى هنا ، وكذا خليفة في «تاريخه» ص ١٤٧ ، ولكن إلى قوله : (ففتح الله عليهم) ، ولم يذكر الجزء الأخير ، كما أن أبا نعيم ذكره عن القاسم ، عن أبيه ، عن السائب ، يعني : بدون عن رجل ، كما عند خليفة ، وبدون (أو) الموجود في الأصل المخطوط ، حيث قال : عن القاسم عن أبيه أو عن رجل ، وذكره ابن الأثير في «الكامل» ٣ / ٢ ـ ٦ بالتفصيل مع اختلاف في اللفظ ولكن بدون ذكر السند.

(١١) في «الكامل» : فأتاهم الهربذ صاحب بيت النار على أمان ، فأبلغ حذيفة ، فقال : أتؤمنني ومن شئت ، على أن أخرج لك ذخيرة لكسرى تركت عندي لنوائب الزمان؟ قال : نعم ، فأحضر جوهرا نفيسا في سفطين ... قال السائب : فلما فتح الله على المسلمين ، وأحضر الفارس السفطين اللذين أودعهما عنده النخيرجان ، فإذا فيهما اللؤلؤ والزبرجد والياقوت ، فلما فرغت من القسمة ـ

١٨٤

النخيرجان (١) في القلعة ، قال : فصعدت ، فإذا بسفطين (٢) من جوهر لم أر مثلهما قط ، فلم أرهما فيئا فأقسمهما بينهم ، ولم أجدهما بجزية ، قال : ثم أقبلت إلى عمر بن الخطاب وقد راث (٣) عليه الخبر ، وهو يتطوف المدينة (٤) يسأل ، قال : فأقبلت على راحلتي ، فلما رآني ، قال لي : ويلك يا ابن مليكة ، ما وراءك؟ ويلك يا ابن مليكة ، ما عندك؟ ويلك يا ابن مليكة ، ماذا جئتني به؟ قلت : يا أمير المؤمنين ، الذي تحب ، قال : فلله الحمد (قال : (٥) والله ما أتت علي ليلة منذ اندفعت من عندي أطول علي من هذه الليلة ، وما جعلت النوم فيها إلا تقديرا) قال : قلت : يا أمير المؤمنين انطلقت بكتابك (٦) إلى النعمان بن مقرن ، فسار بثلثي أهل الكوفة ، وترك ثلثا في حفظ ذراريهم وجمع جزيتهم ، وبعث إلى أهل البصرة فورّوا ببعث ، ثم سار حتى التقوا بنهاوند ، فالتقوا يوم الأربعاء ، فكان في المجنبة اليمنى انكشاف ، وثبتت المجنبة اليسرى ، وثبت الصف ، ثم التقوا يوم الخميس ، فكان في المجنبة اليسرى انكشاف ، وثبتت المجنبة اليمنى ، وثبت الصف ، ثم التقوا يوم الجمعة ، فسار النعمان بن مقرن على برذون له أحوى قريب من الأرض يخطبهم ويحضهم (٧) ويقول لهم ما فعل ، وقصصته فكان النعمان أول مقتول ، فقال :

__________________

ـ احتملتهما معي وقدمت على عمر ـ الخ. وانظر التفصيل في «الكامل» لابن الأثير ٣ / ٢ ـ ٧.

(١) في أ ـ ه : الجرجان ، الصواب : ما في الأصل ، وهكذا في «الكامل» ٣ / ٦ لابن الأثير.

(٢) السفط محركة : كالجوالق ، أو كالقفة ، جمع أسفاط ، انظر «القاموس» ٢ / ٣٦٤.

(٣) في «فتوح البلدان» ص ٣٠٢ : عنه بدل عليه ، يصح كلاهما. ومعنى راث : أبطأ ، انظر «مختار الصحاح» ص ٢٦٥.

(٤) في أ ـ ه : بسك ، والصواب ما في الأصل.

(٥) العبارة بين القوسين مكررة ، تأتي بعد ثلاث صفحات ، وأرى أن وقوعها هنا في غير محلها أيضا ؛ لأن هذا الكلام حصل عند عودته مرة ثانية بإرسال عمر البريد وراءه ، فبعد ما وصل جرى بينهما هذا الكلام ، لا في البداية وهو يسأله عما جرى ، فقص السائب ما جرى من الأول إلى الآخر.

أنظر للتأكد ـ «البداية والنهاية» لابن كثير ٧ / ١١١ ـ ١١٢ ، و «الكامل» لابن الأثير ٣ / ٤ ـ ٥ ، «وفتوح البلدان» للبلاذري ٣٠١ ـ ٣٠٢.

(٦) في أ ـ ه : بكتاب عمر ، والأولى ما في الأصل كما أثبته.

(٧) في أ ـ ه : يحفضهم ، وفي الأصل : يحضضهم ، والصواب : يحضهم بمعنى يحرضهم.

١٨٥

ـ رحمه‌الله ـ هي له الشهادة التي ساقه الله إليها وأكرمه بها ، قال : ثم مه؟ قلت : ثم أخذ حذيفة الراية ، ففتح الله لهم ، ثم لم (١) يقتل أحد من المسلمين (أحد) (٢) تعرفه. قال : لا أم لك! ما تصنعون بمعرفة ابن أم عمر؟ لكن يعرفهم من هو خير لهم منه ، معرفة من ساق إليهم الشهادة وأكرمهم بها. قال : وجعل يبكي ويكررها ، ويحادر الدموع على خديه ولحيته حتى وددت أن الأرض انشقت عني فسخت (٣) فيها ، ثم أقلع ولم يكد ، فقلت : يا أمير المؤمنين : قد قسمت الفيء بينهم ، فلم أرفع باطلا ولم أحبس حقا عن أحد هو له. قال : فقام ، فقلت : يا أمير المؤمنين رويدك. إن لي إليك حاجة. قال : وما هي؟ أليس قد قسمت كما زعمت؟ قلت : بلى ولكن حاجة لا بد من أن تنظر فيها. قال : فقعد ، فقلت : إنه أتاني ذو العينين فأخبرني أن كنز النخيرجان (٤) في القلعة ، (٥) فصعدت فوجدت هذين السفطين ، فلم أجدهما فيئا فأقسمهما بينهم ، ولم أجدهما بجزية. قال : فبعث (٦) إلى علي بن أبي طالب وعثمان

__________________

(١) وجاء في «البداية والنهاية» لابن كثير ٧ / ١١١ : أن عمر لما أخبر بمقتل النعمان بكى ، وسأل السائب عمن قتل من المسلمين ، فقال : فلان وفلان وفلان ، لأعيان الناس وأشرافهم ، ثم قال : وآخرون من أفناد الناس ممن لا يعرفهم أمير المؤمنين ، فجعل يبكي ويقول : ما ضرهم أن لا يعرفهم أمير المؤمنين؟ ولكن الله يعرفهم ، وقد أكرمهم بالشهادة ، وما يصنعون بمعرفة عمر ..؟

(٢) ما بين الحاجزين غير موجود في أ ـ ه ، وهو أولى لما فيه من التكرار.

(٣) ساخ سيخا وسيخانا : وسخ الأرض بهم سيوخا وسؤوخا وسوخانا : انخسفت ، انظر «القاموس» ١ / ٢٦٢.

(٤) في أ ـ ه : الجرجان ، والصواب ما في الأصل ، وهكذا ذكره الآخرون من أهل التاريخ كما تقدم قريبا.

(٥) في أ ـ ه : بدون هذه الكلمة ، وفي «البداية» ٧ / ١١ أن الرجل المخبر بالسفطين «جاء بسفطين مملوءتين جوهرا ثمينا» يجوز أن يذهبا معه.

(٦) في «البداية» بدون ذكر الأسماء والختم ، بل فيها : أنه حملت ذانك السفطان إلى منزل عمر (يجوز أن يوضعا في بيته ، ثم ختم عليهما وأدخلا في بيت الخزانة) ، ولكن هنا ملاحظة أخرى ، وهي أنه جاء في فتوح البلدان ص ٣٠٢ ، ونسبه المعلق على «الكامل» لابن الأثير إلى الطبري أيضا ، فوجدته مخالفا كما نسبه إليه : أن عمر رد السفطين من أول الأمر بعد أن أخبره السائب بشأنهما ، فقال : اذهب بهما فبعهما ثم اقسم ثمنهما بين المسلمين ، فباعهما بالكوفة بألفي ألف ، ثم بيعا بأربعة آلاف ألف ، والذي معنا في المخطوطة وكذا ما ورد فى «الكامل» ٣ / ٥ ، وفي «البداية» ٧ / ١١٣ ، ـ

١٨٦

وزيد ، فختموا عليه ثم وضعه في بيت الخزانة ، ثم ردني إلى الكوفة ، فلما قدمتها إذا راكب قد أقبل يصوت (١) : كتاب من عمر. إن كنت قاعدا ، فقم ولا (٢) تقعد حتى تشد الراحلة بكورها (٣) ، ثم تقبل ، وإن كنت قائما فلا تقعد حتى تشد الراحلة بكورها ، ثم تقبل. قال : ففعلت ، ثم أقبلت إليه ، فلما رآني ، قال لي : ويلك يا ابن مليكة : ماذا جئتني به؟ يا ابن مليكة ما صنعت بي؟ ويلك يا ابن مليكة ماذا أوقعتني فيه؟ قال : قلت يا أمير المؤمنين : إن مثلك لا يقتل مثلي غما (٤) ، فما هو؟ قال : أخبرني خبر هذين السفطين. قلت : والله ما أنا بزائدك على ما قلت (٥) لك شيئا ، ولا منقصك منه شيئا ، وإن الحديث لكما حدثتك ، قال : فويلك ، فو الله ما هو إلا أن اندفعت من عندي فأوقد عليهما (٦) حتى صارا نارا ، فأخذت لأكوى بهما حتى عاهدتهم أن أردهما من حيث جيء بهما ، فاذهب بهما إلى الكوفة فبعهما ، إن جاءنا بدرهم أو أقل من ذلك أو أكثر ، واقسمه بينهم. قال : فأقبلت بهما إلى الكوفة فأتاني شاب من قريش يقال له : عمرو (٧) بن حريث ، فاشتراهما مني ، فأعطيته (٨) الذرية

__________________

ـ وفي «تاريخ الطبري» ٤ / ١١٦ ، أنه أمره ببيعهما في المرة الثانية بعد أن طلبه من الكوفة ، وجرى بينهما الكلام ، ثم قال له : فخذهما عني .. فبعهما في أعطية المسلمين وأرزاقهم. ويمكن أن البلاذري لخصه وأوجز الكلام وذكر ما تم في شأنهما ، والله أعلم.

(١) في أ ـ ه : يصوب ، وكذا في الأصل غير واضح ، لعله يصوت ، والله أعلم.

(٢) في أ ـ ه : بدون لا ، والصواب معها ، كما أثبته من الأصل.

(٣) الكور بالضم الرحل أو بأداته ، جمعه (أكوار وأكور وكيران ...) انظر «القاموس» ٢ / ١٢٩.

(٤) هكذا في أ ـ ه.

(٥) في أ ـ ه : (تلك). والصواب ما أثبته من الأصل.

(٦) في أ ـ ه : (فاقد عليهما) ، والصواب ما في الأصل كما أثبته.

(٧) في أ ـ ه. خربث بالخاء المعجمة ، والباء الموحدة ، وهو تصحيف ، والصواب بالحاء المهملة ، والياء المثناة من تحت ، هكذا ذكره البلاذري في «فتوح البلدان» ص ٣٠٢ ، وابن كثير في «البداية» ٧ / ١١٢ ، وهو عمرو بن حريث المخزومي ، صحابي صغير ، مات سنة خمس وثمانين ، هذا ما ذكره الحافظ في «التقريب» ص ٢٥٨ ، وذكر الخليفة أنه توفي سنة ثمان وسبعين. انظر «تاريخ خليفة» ص ٢٧٧. وولاه عبد الملك الكوفة والبصرة مدة ، المراجع المذكورة.

(٨) في ن ـ أ ـ ه : فأعقبه ، الذرية والمقابلة. وهذا تصحيف ، والصواب ما في الأصل ، وفي ـ

١٨٧

والمقاتلة ، ثم انطلق بأحديهما إلى الحيرة ، فباعه بما اشتراها مني ، وكانت أول لهوة (١) مال أصابها (٢).

ذكر أحمد بن الحسن الأنصاري ، عن أحمد بن سعيد ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا غياث بن إبراهيم ، قال : ثنا مجالد (٣) ، عن الشعبي (٤) ، قال : كتب عمر بن الخطاب إلى عبد الله بن بديل (٥) بن ورقاء الخزاعي ، أن يسر إلى فارس بأهل البصرة إلى أصبهان ، وفيها يومئذ ملك من ملوك العجم ، يقال له : فاذوسبان (٦). (الشيخ) (٧) ، فسار ، فحاصره حصارا شديدا ، وخذل أهل أصبهان ملكهم ، فلما رأى تخاذلهم ، قال الملك : إني خارج ، ولا حق بكرمان ، وبكرمان يومئذ خورد بن شيرويه ، فخرج إلى كرمان في ثلاثين فارسا

__________________

ـ «الثقات» ٢ / ٢٣٣ (بعطية) ، وفي «فتوح البلدان» ص ٣٠٢ ، (بأعطية الذرية والمقاتلة) ، وكلها صحيحة.

(١) في ن ـ أ ـ ه : بهوة : هو تصحيف ، والصواب ما في الأصل. واللهوة بالضم : العطية دراهم كانت أو غيرها ، والجمع : اللها. انظر «مختار الصحاح» ص ٦٠٧.

(٢) انظر المصادر السابقة ، «والكامل» لابن الأثير ٣ / ٢ ـ ٦ ، «وتاريخ الطبري» ٤ / ١١٤ ، وكتاب «الثقات» لابن حبان ٢ / ٢٢٤ ـ ٢٣٣ ، وانظر «الأموال» لأبي عبيد ص ٢٥٢ ، إنما أتى المؤلف وقعة نهاوند ، لما حصل المشورة لفتح أصبهان بعد نهاوند.

(٣) مجالد : هو ابن سعيد بن عمير الهمداني أبو عمرو ، ويقال : أبو سعيد الكوفي. انظر ترجمته في «التهذيب» ١٠ / ٣٩.

(٤) هو عامر بن شراحيل الحميري ، تابعي جليل. انظر ترجمته في «التهذيب» ٥ / ٦٥.

(٥) في النسختين : عبد الله بن يزيد بن ورقاء. لم أجد أحدا بهذا الاسم ، فتبين لي بعد البحث ، أن هذا تصحيف من عبد الله بن بديل بن ورقاء كما سيأتي بعد السطور ، وترجم له أبو نعيم في ١ / ٦٢ من «أخبار أصبهان».

قد جعل المؤلف بديل بن ورقاء ممن اشترك في فتح أصبهان ، كما سيأتي في طبقة الصحابة عندما جعل أبو نعيم عبد الله بن بديل بن ورقاء ـ كما في هذه الرواية عند المؤلف ـ بدل بديل بن ورقاء ، وبينت الراجح ، هناك في ت ٨.

(٦) في أ ـ ه : فادوسفان ، وهكذا في «أخبار أصبهان» ١ / ٢٥.

(٧) جاء في النسختين هكذا ، والصواب عدمه ؛ لأن الشيخ كان لقب شهر برازجاذويه الذي قتله المسلمون ، وسموا الرستاق باسمه بعد فتحه واشتهر برستاق الشيخ ، راجع «أخبار أصبهان» ١ / ٢٥.

١٨٨

من أهل المدينة ، فأخبر عبد الله بن بديل (١) ، فخرج في طلبهم ، فلحق (٢) شيخا كبيرا ، فلما رآهم الفادوسبان قال : يا هذا لا تقتل أصحابي ، فإن أصحابي لا يقع لهم سهم ، ولكن ابرز إلي ، فقال عبد الله بن بديل : قد أنصفت ، فبرز له الشيخ فحمل ، فقال له الملك : هل لك في المعاودة؟ فقال عبد الله : نعم فقال له الملك : ما أحب أن أقاتلك. إني أراك رجلا كاملا ، ولكن هل لك في خير. أن أرجع معك فأصالحك وأفتح لك المدينة على أن أعطيك الخراج وتحل عني. فقال : نعم. ففتح له المدينة على صلح ، فلم يزل عبد الله بن بديل أميرا عليها ، عاملا لعمر حتى قتل ، واستخلف عثمان بن عفان ، وعزله عثمان لأنه ضرب أخوين من بني حنيفة في الخمر فماتا ، فبلغ ذلك خبرهما ، فكبر عليه خبرهم ، فكتب إليه عثمان : إن أصحاب رسول الله كانوا أعلم بالحدود منك. لا تلي لي عملا أبدا ، ثم عزله وأسلم إلى عبد الله (٣) بن علي بن يزيد.

__________________

(١) والذي في المراجع ، وهكذا عند أبي نعيم ١ / ٢٥ ـ ٢٦ أن الذي أخبروا برز إلى الشيخ فقتله هو عبد الله بن ورقاء الرياحي ، وسأبينه في محله ـ إن شاء الله ـ وإن هذا هو الصحيح.

(٢) في «أخبار أصبهان» ١ / ٢٤ ـ ٢٥» وخرج عبد الله من نهاوند فيمن كان معه ومن انصرف من جند النعمان نحو جند قد اجتمع له من أهل أصبهان عليهم الاستندار ، وعلى مقدمته شهر برازجاذويه ، شيخ كبير في جمع ، فالتقى المسلمون ومقدمة المشركين برستاق من رساتيق أصبهان ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فدعا الشيخ إلى البراز ، فبرز له عبد الله بن ورقاء ، فقتله وانهزم أهل أصبهان ، وسمى المسلمون ذلك الرستاق ، رستاق الشيخ ، فهو اسمه إلى اليوم ، ودعا عبد الله بن عبد الله من يليه ، فسارع الاستندار إلى الصلح ، فصالحهم. فهذا أول رستاق أخذ وصالح ، ثم سار عبد الله من رستاق الشيخ نحو جيّ لا يجد فيها أحدا ، حتى انتهى إلى جيّ ، والملك بأصبهان يومئذ الفادوسبان ، وقد أخذ بها ، فنزل بالناس على جيّ ، فحاصرهم فخرجوا إليه .. ، فلما التقوا قال الفادوسفان لعبد الله : لا تقتل أصحابي ، ولا أقتل أصحابك ، ولكن ابرز ، فإن قتلتك رجع أصحابك ... الخ. فتبين أن أول لقائهم كان مع شهر براز الشيخ ، وبعد قتله ، فقدم إلى جي ، وبرز عبد الله بن عبد الله بفادوسبان ، وحصل ما حصل.

راجع «أخبار أصبهان» ١ / ٢٥ ، «والكامل في التاريخ» لابن الأثير ٣ / ٨ ـ ٩.

(٣) لعله عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة ، وربما نسب إلى جده. روى عن أبيه ، عن جده ، وعنه الزبير بن سعيد الهاشمي. ذكره ابن حبان في «ثقات التابعين» ، ولم أجد في الصحابة أحدا بهذا الاسم.

انظر «التهذيب» ٥ / ٣٢٥ ، «والتاريخ الكبير» للبخاري ٥ / ١٤٧.

١٨٩

ثم نذكر أسامي من قدم بلدنا من الصحابة ـ رضي‌الله‌عنهم ـ و (من) التابعين (١) طبقة طبقة. نسأل الله السداد والرشاد ، وحسن التوفيق برحمته.

__________________

(١) في النسختين : بالواو ، والصواب : التابعين.

١٩٠

الطبقة الأولى (١)

ذكر أسامي الصحابة رضوان الله عليهم

الذين قدموا أصبهان

(١ ١ / ١ خت ٤ الحسن بن علي بن أبي طالب) (*) :

فممّن دخله (٢) فيما ثنا أبو بشر (٣) عن بعض مشايخه (٤) أن الحسن بن علي (ابن أبي طالب ، وابن الزبير (٥) قدما غازيين إلى جرجان ، ويكنى الحسن (٦) بن علي) أبا محمد. ولد في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث (٧) من الهجرة ،

__________________

(١) العنوان الأول من هامش أ ـ ه ـ لعله ـ من الناسخ ـ والثاني من عندي مع الأقام والرموز وقد بينتها في المقدمة.

(*) له ترجمة في «تاريخ اليعقوبي» ٢ / ٢١٤ ، وفي «الثقات» لابن حبان ٣ / ٦٧ وفي «أخبار أصبهان» ، ١ / ٤٤ وفي «الحلية» ٢ / ٣٥ ، وفي «الاستيعاب» ١ / ٣٦٩ وفي «تاريخ بغداد» ١ / ١٣٨ وفي «صفة الصفوة» ١ / ٧٥٨ وفي «أسد الغابة» ٢ / ٩ وفي «تهذيب الأسماء واللغات» ١ / ١٥٨ للنووي وفي «النبلاء» ٣ / ١٦٤ للذهبي وفي «الإصابة» ١ / ٣٢٨ وفي «التهذيب» ٢ / ٢٩٥ وفي «الأعلام» ٢ / ٢١٤ للزركلي.

(٢) في أ ـ ه (فمن) والصواب ما أثبته من الأصل.

(٣) أبو البشر هو أحمد بن محمد المروزي. ترجم له المؤلف في «الطبقات» ٢٨٠ / ٣ من أ ـ ه وقال أبو الشيخ : ثم بعد ذلك رأينا من رآه بخراسان ينكر أمره ويقع فيه. في سنده انقطاع مع من لم يسمّ.

(٤) في أ ـ ه (أصحابه).

(٥) هو عبد الله بن الزبير. سيأتي قريبا في ت ٢ بعد الحسن بن علي.

(٦) ما بين الحاجزين من الأصل سقط من أ ـ ه.

(٧) وقال أبو نعيم الأصبهاني ، مولده سنة خمس ، وقيل : .. ثلاث من الهجرة ، وتوفي وهو ابن ثمان وخمسين بالمدينة. انظر «أخبار أصبهان» ١ / ٤٤.

١٩١

وتوفي سنة تسع وأربعين ، ودفن بالبقيع (١) ، وصلى عليه سعيد (٢) بن العاص.

قال أبو نعيم (٣) : مات الحسن سنة ثمان وخمسين.

__________________

(١) البقيع : مقبرة أهل المدينة.

(٢) هو سعيد بن العاص بن أمية الأموي ، قتل أبوه ببدر وكان لسعيد عند موت النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ تسع سنين .. مات سنة ثمان وخمسين ، وقيل : غير ذلك. انظر «التقريب» : ١٢٣.

(٣) أبو نعيم هو الفضل بن دكين الملائي ، كما ذكره الذهبي في «سير النبلاء» ٣ / ١٨٦ وقال : وغلط أبو نعيم الملائي ـ حيث ـ قال : مات الحسن سنة ثمان وخمسين ، إنّما مات سنة تسع وأربعين» كما ذكر المؤلف ، وذكر الحافظ بن حجر «أنّه توفي على الأصح في حدود الخمسين. أمّا قول من قال : توفي سنة تسع وخمسين ، فليس بجيد ، لأنّ أبا هريرة حضر موت الحسن. وأبو هريرة توفي قبل السنة المذكورة ، وأمّا قول بعض الحفاظ إن قول ثمان وخمسين غلط فغير جيد لأن له مخرجا حيث ورد أنه مات وله ثمان وخمسون سنة. انظر «التهذيب» ٢ / ٣٠١.

تراجم الرواة ؛

هو محمد بن إبراهيم بن عامر بن إبراهيم ، لم أقف عليه.

وأبوه إبراهيم بن عامر بن إبراهيم أبو إسحاق المؤذّن الأشعري كان خيرا فاضلا ترجم له المؤلف ، انظر (ت ١٧٢).

وعمه هو محمد بن عامر بن إبراهيم ترجم له المؤلف ، انظر (ت ١٩٦) ، وكان عنده فنون العلم.

وأبوهما هو عامر بن إبراهيم بن واقد ترجم له المؤلف كما سيأتي في رقم ت ١٠٣ ، وهو ثقة.

وأبو غالب الأصبهاني كذا ترجم له المؤلف انظر ت ٣٤ وهو مجهول.

ومحمد بن عبد الوهاب لم يتبين لي وترجم ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٨ / ١٢ ـ ١٣ ، لعدة أشخاص بهذا الاسم ، وليس فيهم ما يجزم به أنه هو. والله أعلم.

تخريجه : فيه من لم أعرفه وكذا أبو غالب النضر بن عبد الله الأزدي نزيل أصبهان. قال الذهبي : هذا شيخ ليس بعمدة. وقال ابن حجر مجهول ، انظر «الميزان» ٤ / ٢٦١ «والتقريب» ص ٣٥٧ والحديث صحيح من غير هذا الطريق ، فقد أخرجه أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٤٤ و ٤٥ من طريق المؤلف به مثله وبسنده عن يزيد بن أبي مريم ، عن أبي الحوراء ، عن الحسن بن علي مرفوعا ، ورجاله ثقات ، ومن هذا الطريق الترمذي في «سننه» ٤ / ٦٦٨ بطريقين ح ٢٥١٨ مع زيادة في آخره ، وهي : «فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة» وقال عقب كل : «هذا حديث حسن صحيح» والدارمي في «سننه» ٢ / ٢٤٥ ـ قلت : ورجاله ثقات. والحاكم في «المستدرك» ٢ / ١٣ بطريقين ، وصححه ووافقه الذهبي ، وبطريق آخر في ٤ / ٩٩ وقال الذهبي : سنده قوي. ـ

١٩٢

(١) وحدثنا محمد بن إبراهيم بن عامر قال : ثنا أبي وعمي قالا : ثنا أبي قال : ثنا أبو غالب النضر بن عبد الله الأزدي ـ كوفي قدم أصبهان ـ قال : ثنا محمد بن عبد الوهاب ، عن الحسن بن علي بن أبي طالب قال : قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».

وأخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال : ثنا زياد بن أيوب قال : ثنا محمد بن ربيعة ، عن المغيرة بن زياد ، عن ابن (أبي) (١) نجيح ، أن الحسن بن علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ حجّ خمسا وعشرين حجّة ماشيا ، وقد قاسم الله ماله مرتين (٢).

__________________

ـ قلت : وقع عند الدارمي والحاكم يزيد بن أبي مريم عن أبي الجوزاء الأول بالياء المثناة والثاني بالجيم والزاي المعجمتين ، وإنما الصواب : بريد ، بباء موحدة ، عن أبي الحوراء ، بالحاء والراء المهملتين ، كما تقدم ، وهكذا ضبطه ابن ماكولا في «الإكمال» ١ / ٢٢٧ و ٣ / ١٦٦.

شواهده : وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه البخاري في «صحيحه» ٥ / ١٩٦ مع «الفتح» ط ـ ح تعليقا بصيغة الجزم عن حسان بن أبي حسان ، وقال الحافظ بن حجر : وصله أحمد في «الزهد» وهو عنده في ص ١٩٢ ورجاله ثقات ، والطبراني في «الصغير» كما في «المجمع» ١٠ / ٢٩٤ وقال الهيثمي : فيه عبد الله بن أبي رومان وهو ضعيف. وأبو نعيم في «الحلية» ١ / ٤٥ و ٢٢٣ و ٦ / ٣٥٢ و ٨ / ٢٨٤ ، بطرق مع تفاوت في اللفظ في بعض الطرق.

ومن حديث ابن مسعود أخرجه النسائي في «سننه» ٨ / ٢٣٠ في القضاء في حديث طويل قال : «هذا الحديث جيد جيد».

ومن حديث أنس عند أحمد في «مسنده» ٣ / ١٥٣ ومن حديث وابصة بن معبد عند الطبراني في «الكبير» كما في «المجمع» ١٠ / ٢٩٤ وقال الهيثمي : «رجال أحد إسنادي الطبراني ثقات وقد أورد الذهبي في «سير النبلاء» ٣ / ١٦٥ بعدة طرق.

(١) في النسختين «ابن نجيح» والتصويب من «الحلية» ٢ / ٣٧ لأبي نعيم وهو عبد الله بن أبي نجيح يسار المكي أبو يسار الثقفي مولاهم ، ثقة رمي بالقدر وربما دلس ، مات سنة ١٣١ ه‍. انظر «التقريب» ص ١٩١.

(٢) كذا ذكره أبو نعيم في «الحلية» ٢ / ٣٧ من طريق شيخه به وفي «أخبار أصبهان» ١ / ٤٤ بطريق آخر وأيضا من طريق خليفة بن خياط ، والذهبي في «سير النبلاء» ٣ / ١٧٦ ـ ١٧٧ قريبا منه وابن كثير أيضا في «البداية» ٨ / ٣٤ ـ ٣٥ ولكن عندهم جميعا : حج عشرين حجة. ـ

١٩٣

(٢) حدثنا أبو القاسم البغوي قال : ثنا علي بن الجعد قال : ثنا فضيل بن مرزوق ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء ، أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال للحسن بن علي : «اللهم إني أحبّه فأحبّه وأحبّ من يحبّه».

__________________

ـ تراجم الرواة :

ـ أبو القاسم البغوي هو عبد الله بن محمد بن عبد العزيز وكان محدث العراق في عصره. ولد سنة ٢١٣ ه‍ ، وتوفي سنة ٣١٧ ه‍ وكان ثقة ، وقال الذهبي : الحافظ الثقة مسند العالم ، سمع علي بن جعد. انظر «اللباب» ١ / ١٦٤ لابن الأثير ، «وتذكرة الحفاظ» للذهبي ٢ / ٧٣٧.

ـ علي بن الجعد هو ابن عبيد الجوهري أبو الحسن البغدادي ثقة مات سنة ٢٣٠ ه‍. وقال الذهبي : الحافظ الثبت المسند شيخ بغداد. انظر «تذكرة الحفاظ» ١ / ٣٩٩ «والتهذيب» ٧ / ٢٨٩.

ـ فضيل بن مرزوق هو الأغر الرقاشي ، وثقه الثوري وابن عيينة وابن معين ، وقال الذهبي : ثقة ، وقال ابن حجر : صدوق رمي بالتشيع مات في حدود مئة وستين ه ، انظر «الكاشف» ٢ / ٣٨٦ «والتهذيب» ٨ / ٢٩٩ «والتقريب» ص ٢٧٧.

عدي بن ثابت هو الأنصاري الكوفي ثقة رمي بالتشيع ، مات سنة ١١٦ ه‍ ، انظر «التهذيب» ٧ / ١٦٥ «والتقريب» ص ٢٣٧.

والبراء هو ابن عازب بن الحارث الأنصاري الأوسي صحابي بن صحابي ، مات سنة ٧٢ ه‍ ، انظر المصدرين السابقين ١ / ٤٢٥ و ٤٢.

تخريجه : رجاله كلهم ثقات إلا فضيل ، ورجح الذهبي توثيقه كما تقدم أقوال العلماء فيه.

والحديث صحيح ، بل متفق عليه من غير هذا الطريق.

فقد أخرجه البخاري في «صحيحه» ٨ / ٩٥ مع «الفتح» ـ ط ـ ح ، ومسلم في «صحيحه» ١٥ / ١٩٢ ـ ١٩٣ مع شرح النووي كلاهما من طريق عدي بن ثابت به ، ومسلم بسنده عن أبي هريرة أيضا ، والترمذي في «سننه» ١٠ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ، المناقب مع «تحفة الأحوذي» بطريقين أحدهما من طريق فضيل بن مرزوق به ، والثاني من طريق شعبة عن عدي به ، ولكن بدون الجزء الأخير «وأحبّ من يحبّه» وقال الترمذي : في الموضعين «هذا حديث حسن صحيح».

وأبو نعيم في «الحلية» ٢ / ٣٥ قلت : ورجاله ثقات ، والخطيب في «تاريخ بغداد» ١ / ١٣٩ و ١٢ / ٩ كلاهما من طريق عدي به مع تفاوت يسير.

وله شاهد صحيح من حديث أبي هريرة أخرجه مسلم كما تقدم وابن ماجه في «سننه» ١ / ٥١ المقدمة ، والحميدي في «مسنده» ٢ / ٤٥١ ، وأبو نعيم في المصدر السابق في نفس الموضع.

وأورده الذهبي بطرق عن البراء وأبي هريرة ، وأسامة بن زيد في «سير النبلاء» ٣ / ١٦٧ و ١٦٨ وابن كثير في «البداية» ٨ / ٣٤ ـ ٣٥ بطرق عن البراء وأبي هريرة وعائشة رضي‌الله‌عنهم.

١٩٤

(٢ ٢ / ١ ع عبد الله بن الزبير بن العوام (١)(*) :

وعبد الله بن الزبير يكنى أبا خبيب ، ويقال : أبو بكر (٢) ، وأمه أسماء بنت أبي بكر ، قتل بمكة سنة ثلاث وسبعين.

وحدثنا الحسين بن عمر بن أبي الأحوص ، قال : ثنا أحمد بن عبد الله

__________________

(١) العنوان من عندي لذا جعلته بين الحاجزين.

(*) له ترجمة في «تاريخ الطبري» ٧ / ٢٥٢ ، وفي «الثقات» ٣ / ٣١٢ لابن حبان ، وفي «أخبار أصبهان» ١ / ٤٦ ـ ٤٧ ، وفي «الحلية» ١ / ٣٢٩ لأبي نعيم ، وفي «جمهرة أنساب العرب» ص ١١٣ ، وفي «الاستيعاب» ٢ / ٣٠٠ بهامش «الإصابة» وفي «أسد الغابة» ٣ / ١٦١ ، وفي «الجمع بين رجال الصحيحين» ص ٢٤٠ ، «وتهذيب تاريخ ابن عساكر» ٧ / ٣٩٦ ، وفي «صفة الصفوة» ١ / ٧٦٤ ـ ٧٧٢ ، وفي «تهذيب الأسماء واللغات» ١ / ٢٦٦ للنووي ، وفي «سير النبلاء» ٣ / ٢٤٤ ـ ٢٥٦ ، وفي «فوات الوفيات» ٢ / ١٧١ ـ ١٧٥ للكتبي ، وفي «البداية» ٨ / ٣٣٢ لابن كثير ، وفي «الإصابة» ٢ / ٣٠٩ وفي «التهذيب» ٥ / ٢١٣ وفي «الاعلام» للزركلي ٤ / ٢١٨.

(٢) رجح ابن عبد البر في المصدر السابق هذا فقال : الجمهور من أهل السير وأهل الأثر على أن كنيته أبو بكر.

تراجم الرواة :

الحسين بن عمر بن أبي الأحوص ، واسم أبي الأحوص إبراهيم مولى عروة بن مسعود الثقفي أبو عبد الله الكوفي ، نزيل بغداد ، وكان ثقة مات في رمضان سنة ثلاثمائة. انظر «تاريخ بغداد» ٨ / ٨١ ، وأحمد بن عبد الله بن يونس ثقة حافظ مات سنة ٢٢٧ ه‍ عن أربع وتسعين سنة. انظر «التهذيب» ١ / ٥٠ «والتقريب» ص ١٤.

ومندل : مثلث الميم ساكن الثاني هو ابن علي العنزي أبو عبد الله الكوفي ، ويقال : اسمه عمرو ، ومندل لقبه ، ضعيف من السابعة. انظر «التهذيب» ١٠ / ٢٩٨ «والتقريب» ص ٣٤٧.

وسيف أبو الهذيل روى عن ابن عمر وأبي وائل ، وقال البخاري : «رأى عمر توضأ ومسح أصبعيه» انظر «التاريخ الكبير» ٤ / ١٧٠ ، «والجرح والتعديل» ٤ / ٢٧٤.

١٩٥

ابن يونس ، قال : ثنا مندل (١) ، عن سيف أبي (٢) الهذيل ، قال : أقبلت مع عبد الله بن عمر (٣) حتى إذ دنوت من جذع ابن الزبير حدث (٤) (به) عنه فقال لي : ما هذا؟ قلت : جذع ابن الزبير قال : فأدنني منه قال : فأدنيته فقال : رحمك الله ـ فو الله ما علمت إن كنت لصواما قواما وإن أمّة أنت أشرهم لأمة (٥) صدق (٦).

(٣) وحدثنا الحسين ، قال : ثنا أحمد بن يونس ، قال : ثنا أبو المحياة (٧) ، عن أبيه ، قال : دخلت مكة بعد ما قتل ابن الزبير بثلاثة أيام وهو

__________________

(١) في الأصل «مبدل» بالباء الموحدة من تحت والتصويب من أ ـ ه ومن مصادر ترجمته.

(٢) في الأصل «أبو» التصويب من أ ـ ه.

(٣) تقدم في مقدمة المؤلف عند فتوح أصبهان.

(٤) بين الحاجزين من الأصل ليس في أ ـ ه.

(٥) في «صحيح مسلم» ١٦ / ٩٨ (الأمة خير).

(٦) في إسناده مندل وهو ضعيف ، وبقية رجاله ثقات ، والأثر صحيح بغير هذا الإسناد بمعناه فقد أخرجه مسلم في «صحيحه» ١٦ / ٩٨ بسنده عن أبي نوفل ، والطبراني كما في «المجتمع» ٧ / ٢٥٦ فذكر فيه قصة مرور بن عمرو ما قاله في ابن الزبير ، وقصة مجيء أسماء أمه ، وما قالت في ابنها ، وفي حقّ الحجاج ـ وذكره المؤلف في الرواية الثانية ـ وقال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح ، وكذا أورده ابن كثير في «البداية» ٨ / ٣٣٢ و ٣٤١.

(٧) في الأصل «المحناة» بالنون والتصويب من أ ـ ه ، ومن مصادر ترجمته كما سيأتي.

تراجم الرواة :

الحسين : هو ابن عمر بن أبي الأحوص.

وأحمد بن يونس ، هو أحمد بن عبد الله بن يونس ، تقدما في السند قبله ، وهما ثقتان.

وأبو المحيّاة : بضم الميم وفتح المهملة وتشديد التحتانية وآخرها هاء ـ هو يحيى بن يعلى بن الحرملة ثقة مات سنة ثمانين ومئة وهو ابن ست وتسعين سنة. انظر «التاريخ الكبير» ٨ / ٣١١ للبخاري ، «والتهذيب» ١١ / ٣٠٣ «والتقريب» ص ٣٨٠ ، «والجرح والتعديل» ٩ / ١٩٦ ، وأبوه هو يعلى بن حرملة التيمي ، وترجم له البخاري في المصدر السابق ٤ / ٤١٦ ، وسكت عنه كعادته.

١٩٦

مصلوب ، فجاءت أمّه (١) عوراء (٢) طويلة مكفوفة فقالت للحجاج (٣) : أما آن (٤) (ل) (٤) هذا الراكب أن يبرك (٥)؟ فقال الحجاج : المنافق. فقالت : لا ، والله ما كان منافقا ، إن كان لصواما قواما برا ، فقال : انصرفي فقد خرفت. فقالت : لا ، والله ما خرفت مذ سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقول : «إنّ في ثقيف (٦) كذابا (٧) ومبيرا (٨)» فأمّا الكذاب فقد رأيته ـ يعني المختار ـ (٩) وأما المبير فأنت.

__________________

(١) في أ ـ ه ، والصواب ما أثبته من الأصل.

(٢) في «الاستيعاب» ٢ / ٣٠٥ لابن عبد البر فجاءت أمه امرأة عجوز طويلة مكفوفة ، (أمه هي أسماء بنت أبي بكر). انظر ترجمتها في الإصابة ، ٤ / ٢٢٩ عاشت إلى أوائل سنة ٧٤ ه‍ ، وقيل عاشت بعد ابنها عشرين يوما ، وقيل غير ذلك.

(٣) حجاج هو ابن يوسف بن أبي عقيل الثقفي الأمير الشهير الظالم المبير ـ تقدم في صفحة ١٥٢.

(٤) في الأصل (بال) ، والتصويب من أ ـ ه ، وزيادة اللام بين الحاجزين من أ ـ ه ، ومن مصادر التخريج.

(٤) في الأصل (بال) ، والتصويب من أ ـ ه ، وزيادة اللام بين الحاجزين من أ ـ ه ، ومن مصادر التخريج.

(٥) في «الاستيعاب» ٢ / ٣٠٥ لابن عبد البر بهامش «الإصابة» «والمجمع» ٧ / ٢٥٦ للهيثمي «أن ينزل».

(٦) ثقيف : كأمير وهو أبو قبيلة من هوازن ، واسمه قسي بن منبه بن بكر نزلوا الطائف ، وانتشروا في البلاد في الإسلام ، انظر «اللباب» ١ / ٢٤٠ لابن الأثير.

(٧) في الأصل «كذاب» والتصويب من أ ـ ه.

(٨) مبير : أي مهلك يسرف في إهلاك الناس يقال : بار الرجل يبور بورا فهو بائر ، وأبار غيره فهو مبير.

انظر «النهاية» ١ / ١٦١ لابن الأثير.

(٩) والمختار هو ابن أبي عبيد الثقفي الكذاب ، قال الذهبي : لا ينبغي أن يروى عنه شيء لأنه ضال مضلّ ، كان يزعم أن جبريل ينزل عليه وهو شر من الحجاج ، أو مثله. انظر «الميزان» ٤ / ٨٠.

مرتبة الإسناد والحديث وتخريجه : رجاله ثقات سوى يعلى بن حرملة ، وترجم له البخاري ، وسكت عنه كما تقدم ، والحديث صحيح رواه الطبراني بسند آخر ، ورجاله رجال الصحيح كما سيأتي تخريجه.

تخريجه :

أخرجه الحميدي في «مسنده» ، ١ / ١٥٦ ـ ١٥٧ والبخاري في «التاريخ الكبير» ٤ / ٤١٦ ، تحت ترجمة يعلى بن حرملة ، والطبراني بطريقين كما في «المجمع» للهيثمي ٧ / ٢٥٦ ، كلهم من طريق أبي المحياة يحيى بن يعلى ، عن أبيه به ، سوى طريق الطبراني. غير أنه وقع عند الحميدي عن أبي المحياة ، عن أمه ـ وقد نبه المحقق على أنه خطأ ـ ولفظهم متقارب ولفظ ـ

١٩٧

وحدثنا ابن أبي الأحوص ، قال : ثنا أحمد بن يونس ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن وهب بن كيسان ، قال : كان أهل الشام يعيرون (١) ابن الزبير ، يقولون له : يا ابن ذات النطاقين ، فقالت له أسماء : يا بني إنهم ليعيرونك بالنطاقين ، وإنما كانت نطاقي شققته بنصفين فجعلته في سفرة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أحدهما ، وأوكيت قربته بالأخرى. قال : وكانوا بعد إذا عيّروه بالنطاقين قال : إنّها وربّ الكعبة.

تلك شكاة ظاهر عنك عارها (٢)

__________________

ـ الحميدي (قال : لما قتل الحجاج بن يوسف عبد الله بن الزبير دخل الحجاج على أسماء بنت أبي بكر فقال لها : يا أمه ، إن أمير المؤمنين أوصاني بك فهل لك من حاجة؟ قالت : ما لي من حاجة ولست لك بأم ، ولكني أم المصلوب على رأس الثنية ، ولكن انتظر أحدثك ما سمعت من رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقول : «يخرج من ثقيف ...» الحديث.

وقال الهيثمي في إحدى إسنادي الطبراني : رجاله رجال الصحيحي ، وقال في الثاني : فيه أبو المحياة وأبوه لم أعرفهما ، قلت : العجب منه ، وقد ذكرهما البخاري كما تقدما وابن أبي حاتم ، وأبو المحيّاة ترجم له ابن حجر في «التقريب» ص ٣٨٠ وقال : ثقة وذكر القصة ابن عبد البر تعليقا بقوله قال : يعلى بن حرملة ... إلخ .. انظر «الاستيعاب» ٢ / ٣٠٥ ، وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه الترمذي في «سننه» ٦ / ٢٧٤ ، وفي ٨ / ٤٤٣ بطرق قال في الموضع الأول : «هذا حديث حسن غريب» من حديث ابن عمر لا نعرفه إلا من حديث شريك ، وقال في الثاني : حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك. وقال : وفي الباب عن أسماء بنت أبي بكر.

وذكر بسنده في ٤٦٨ عن هشام بن حسان أنّه قال : «أحصوا ما قتل الحجاج صبرا فبلغ مئة ألف وعشرين ألف قتيل. والله أعلم.

(١) في أ ـ ه ، ويعبرون ، وهو تصحيف ، والصواب ما في الأصل. وانظر مصادر تخريجه.

(٢) في أ ـ ه ، شقاة ، وهو تصحيف ، والصواب ما أثبته من الأصل ومن مصادر تخريجه ، وصدره.

«عيرني الواشون أني أحبها ـ وتلك شكاة. وانطر «البداية» ٨ / ٣٤٥ و «الكامل» ٤ / ٢٤.

تراجم الرواة :

ابن أبي الأحوص هو الحسين بن عمر بن أبي الأحوص ، تقدم هو وأحمد بن يونس قبل ح ٣ قريبا في هذه الترجمة ، وأبو معاوية هو محمد بن خازم ـ بالمعجمتين ـ الضرير الكوفي ، عمي وهو صغير ، ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش ، وقد يهم في حديث غيره ، مات سنة ١٩٥ ه‍ ، انظر «التهذيب» ٩ / ١٣٧ ، «والتقريب» ص ٢٩٥.

هشام بن عروة هو ابن الزبير بن العوام الأسدي ، ثقة فقيه ، ربما دلّس ، مات سنة ١٢٥ ه‍ ، ـ

١٩٨

(٤) (١) أنبأنا أبو القاسم البغوي ، قال : ثنا علي بن الجعد ، قال : أنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عمّن حدّثه ، عن أبي بكر الصدّيق : أنّه طاف بعبد الله بن الزبير في خرقة ، وهو أول مولود ولد في الإسلام.

__________________

ـ أو ١٢٦ ه‍. انظر المصدرين السابقين ١١ / ٤٨ ، و «التقريب» ص ٣٦٤.

وهب بن كيسان هو القرشي مولاهم أبو نعيم المدني المعلم ، ثقة ، مات سنة سبع وعشرين ومئة. نفس المصدرين ١١ / ١٦٦ و ٣٧٢.

مرتبة الإسناد وحكم الحديث وتخريجه : رجال الإسناد كلهم ثقات ، والحديث صحيح ، فقد أخرجه أبو نعيم في «الحلية» من طريق أحمد بن يونس به ، مثله ، والبخاري في «صحيحه» ٥ / ٧٨ في هجرة النبي ، وفي ٧ / ٩١ مع «الفتح» عن وهب بن كيسان به ، نحوه ، ومسلم في «صحيحه» ١٦ / ٩٨ ـ ١٠٠ مع النووي ، مع تفاوت ، في ضمن حديث طويل ، والطبراني كما في «المجمع» ٧ / ٢٥٦ ، وقال الهيثمي : رجاله ثقات ، وأبو نعيم في «الحلية» ٢ / ٥٥ قصة النطاقين ، وانظر «الكامل» ٤ / ٢٤ ، «والبداية» ٨ / ٣٤٥ ، و «الإصابة» ٤ / ٢٢٩ ، مع تفاوت في ألفاظهم.

(١) إنّما رقمت له في المرفوع ، لأنه جاء في بعض طرقه : أنه أتي به النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فحنكه ، وبرك عليه ، انظر مصادر تخريجه.

تراجم الرواة :

أبو القاسم البغوي : هو عبد الله بن محمد بن عبد العزيز تقدم في رجال «ح» ٢ تحت ت ١ ، وهو الحافظ الثقة.

وعلي بن الجعد هو أبو الحسن الهاشمي تقدم في ح ٢ تحت ت ١ وهو ثقة حافظ ، وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق الهمداني ، أبو يوسف الكوفي ، ثقة ، تكلم فيه بلا حجة ، مات سنة ١٦٠ ه‍ ، وقيل بعدها ، انظر «التهذيب» ١ / ٢٦١ ، «والتقريب» ص ٣١.

أبو إسحاق : هو عمرو بن عبد الله السبيعي ـ بفتح المهملة ، وكسر الموحدة ـ ترجم له المؤلف كما سيأتي في ت ٢٨ ، وهو ثقة عابد ولكنه اختلط بآخره ، وسمع إسرائيل عنه بآخرة ، وفي حديثه عنه لين ، انظر «الجرح والتعديل» ٢ / ٣٣١.

وأبو بكر الصديق : هو عبد الله بن عثمان بن عامر التيمي ، أفضل الأمة بعد نبيّها ، خليفة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ مات سنة ١٣ ه‍ ، وله ٦٣ سنة ، انظر «التقريب» ص ١٨١.

مرتبة الإسناد : في إسناده من لم يسمّ وبقية رجاله ثقات ، إلا أنّ إسرائيل في حديثه عن أبي إسحاق لين ، إنما سمع منه بآخرة.

فالحديث ضعيف بهذا السند واللفظ ، وصحيح بغير هذا الإسناد واللفظ ، فقد أورده ابن حجر في «الإصابة» ٢ / ٣٠٩ ، وقال : رواه البغوي في «الجعديات» ـ وهي ما جمعه أبو القاسم ـ

١٩٩

حدثنا حاجب بن أبي بكر ، قال : ثنا أحمد الدورقي ، قال : ثنا بهز بن أسد ، عن يزيد بن إبراهيم عن عمرو بن دينار ، قال :

__________________

ـ البغوي في اثني عشر جزءا لشيخ بغداد علي بن الجعد ـ وتقدم ترجمتهما ـ عن شيوخه مع تراجمهم وتراجم شيوخهم ، وهو المعروف بالجعديات ـ ، من طريق إسرائيل به ، وظاهر لفظه أيضا يدل على عدم صحته.

ولذا أنكره الواقدي ، وجعل ابن حجر إنكاره وجيها ، كما سأذكر بعد قليل :

والحديث بغير هذا الإسناد ، واللفظ أخرجه البخاري في «صحيحه» ٥ / ٩٧ مع «الفتح» في هجرة النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، وفي العقيقة ٧ / ١٠٨ عن أسماء بنت أبي بكر ، أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة قالت : فخرجت وأنا متم ، فأتيت المدينة فنزلت بقباء ، فولدته ، ثم أتيت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إلى قولها : ثم حنكه بالتمرة ، ثم دعا له وبرك عليه ، وكان أول مولود ولد في الإسلام ففرحوا به فرحا شديدا ، لأنهم قيل لهم : إن اليهود قد سحرتكم فلا يولد لكم. وأيضا أخرجه عن عائشة بدون ذكر أول القصة في ٥ / ٧٩ مع «الفتح» في هجرة النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، ومسلم في «صحيحه» ١٤ / ١٢٦ مع النووي ، بلفظ : أول مولود ولد في الإسلام عبد الله بن الزبير ، أتوا به النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، الحديث. قلت : المقصود منه بعد الهجرة بالمدينة ، كما روى ابن عبد البر بسنده في «الاستيعاب» ٢ / ١٠٨ بهامش «الإصابة» عن أسماء نحو ما تقدم وزاد بعد قوله : أول مولود ولد في الإسلام «للمهاجرين بالمدينة» ، ولأنه قد ثبت أن عبد الله بن عمر أول مولود في الإسلام قبل الهجرة ، كما ذكر العسكري في «الأوائل» ص ١٧٧ ـ ١٧٨ ، وعبد الله بن الزبير أول مولود ولد بعد الهجرة بالمدينة.

أما الرواية التي ذكرها المؤلف مع ضعف سنده فإن طرفه الأول يعني «طاف به أبو بكر» لا يستقيم مع ما ذكرنا ، ولذلك نقل ابن حجر في «الإصابة» ٢ / ٣١٠ قول ابن سعد عن الواقدي أنه أنكره وقال : هذا غلط بين فلا اختلاف بين المسلمين أنه أول مولود ولد بعد الهجرة ، ومكة يومئذ حرب لم يدخلها النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ولا أحد من المسلمين. انتهى. اللهم إلا أن يقال : إنه طاف به ، مشى به من مكان إلى مكان ، وكذا علّق ابن حجر على كلام الواقدي بعد أن سلم أن قوله متجه : إلا أن يحمل قوله طاف به : مشى به ... لأن أبا بكر لم يدخل مكة من حين هاجر إلا مع النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في عمرة القضية ، ولم يكن ابن الزبير معه.

وكذا قال ابن كثير : إن من قال : إن الصديق طاف به حول الكعبة وهو في خرقة فهو واهم ، وإنما طاف الصديق به في المدينة ليشتهر أمر ميلاده على خلاف ما زعمت اليهود. انظر «البداية» ٨ / ٣٣٣ قلت : هذا التأويل موقوف على صحة هذه الرواية.

تراجم الرواة :

هو حاجب بن أبي بكر مالك بن أركين الفرغاني ، كان ثقة مات سنة ست وثلاثمائة. انظر «أخبار اصبهان» ١ / ٢. «وتاريخ بغداد» ٨ / ٢٧١ ، «والطبقات» ٢٣٣ / ٣ ، من أ ـ ه ، المؤلف.

٢٠٠