طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها - ج ١

أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن جعفر بن حيّان [ أبي الشيخ الأنصاري ]

طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها - ج ١

المؤلف:

أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن جعفر بن حيّان [ أبي الشيخ الأنصاري ]


المحقق: عبدالغفور عبدالحقّ الحسين البلوشي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٨

صد ـ لمن أخرج له أبو داود في «فضائل الأنصار».

خد ـ لمن أخرج له أبو داود في «الناسخ».

قد ـ لمن أخرج له أبو داود في «القدر».

ف ـ لمن أخرج له أبو داود في «التفرد».

ل ـ لمن أخرج له أبو داود في «المسائل».

كد ـ لمن أخرج له أبو داود في «مسند مالك».

ت ـ لمن أخرج له الترمذي في «السنن».

تم ـ لمن أخرج له الترمذي في «الشمائل».

س ـ لمن أخرج له النسائي في «السنن».

عس ـ لمن أخرج له النسائي في «مسند علي».

كن ـ لمن أخرج له النسائي في «مسند مالك».

ق ـ لمن أخرج له ابن ماجه القزويني في «السنن».

فق ـ لمن أخرج له ابن ماجه القزويني في «التفسير».

ع ـ لمن أخرج له الجماعة ـ أصحاب الستة.

٤ ـ لمن أخرج له الأربعة سوى الشيخين.

وقد استعملت في خلال التحقيق بعض الرموز والمصطلحات ، وهي كالتالي :

«الأصل» أعني نسخة الظاهرية التي اعتمدت عليها في النسخ.

«ن ـ أ ـ ه» أعني بها الآصفية الهندية.

واختصرت «فتح الباري» لابن حجر «بالفتح» ، وقد تجد أحيانا بعده

١٤١

حرف «ط ـ ح ـ أو ط ـ س» ، أعني بالأول طبع الحلبي ، وبالثاني السلفي ، و «تقريب التهذيب» «بالتقريب» ، «وتهذيب التهذيب» «بالتهذيب» ، و «شرح النووي» بالنووي أحيانا ، فأقول : «صحيح مسلم مع النووي» ، «ومجمع الزوائد» للهيثمي «بالمجمع» ، و «ميزان الاعتدال» «بالميزان» ، وهكذا ، وتجد في تراجم الرواة قولي : لم أعرفه ، أقصد جهالة حاله.

ولتمييز المخطوطات من المطبوعات ، جعلت رقم الجزء في المخطوطات على اليسار ، ورقم الصفحة على اليمين ، عكس ما فعلته في المطبوعات.

وهذا ما أحببت أن أنبه عليه ، والله الموفق ...

وكذا في المترجمين ، استعملت اصطلاح ابن حجر في طبقات الرّواة في «التقريب».

١٤٢

رواية أبي القاسم بن أبي بكر بن أبي علي الذكواني عنه ، رواية أبي طاهر إسحاق بن أحمد بن جعفر الراشتيناني وأبي الفضل جعفر بن عبد الواحد بن محمد الثقفي كليهما عنه.

رواية أبي عبد الله محمد بن أبي زيد بن حمد الكراني ، عن أبي طاهر الراشتيناني.

ورواية أبي المحاسن محمد بن الحسن بن الحسين بن الأصفهبد عن جعفر الثقفي.

رواية شيخنا أبي الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي عنهما سماع الفقير إلى الله تعالى عبيد الله بن عمر بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن ابن العجمي.

١٤٣
١٤٤

الجزء الأوّل

١٤٥
١٤٦

الحمد لله حق حمده ، وصلّى الله على محمّد النّبيّ ، وعلى آله وسلّم كثيرا.

أخبرنا شيخنا أبو الحجاج يوسف (١) بن خليل بن عبد الله الدمشقي ، قال : أبنا أبو عبد الله محمد بن أبي زيد الكراني ، قال : أبنا أبو طاهر إسحاق (٢) ابن أحمد بن جعفر الراشتيناتي ، قال شيخنا : وأبنا أبو المحاسن محمد بن الحسن بن الحسين بن الأصفهبد (٣) ، وقال : أبنا أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي ، قالا : أبنا أبو القاسم بن أبي بكر ابن أبي علي الذكواني قال : أبنا الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ ـ رحمه‌الله ـ قال : هذا كتاب «طبقات أسماء المحدثين ممن قدم أصبهان» (٤) ،

__________________

(١) انظر المقدمة ص ١٢٨ لرواة سند الكتاب.

(٢) إسحاق غير واضحة في الأصل ، واستدركتها من السند الموجود على الغلاف ، ومن ن ـ أ ـ ه.

(٣) هو لقب حافظ الجيوش عند الفرس ، وذكر ياقوت عند كلامه على طبرستان ، فقال : «وكانت ملوك الفرس يولونها ـ أي طبرستان ـ رجلا ، ويسمونه الأصبهبد ، فإذا عقدوا له عليها : لم يعزلوه عنها حتى يموت ، فإذا مات أقاموا مكانه ولده إن كان له ولد ، وإلا وجهوا أصبهبدا آخر». انظر «معجم البلدان» ٤ / ١٥. ويستعمل هذا اللقب حتى اليوم ، المحقق.

(٤) انظر مقدمتي لتعريف أصبهان وتحديدها ، وسيذكر المؤلف بعد قليل من أسّسها ومن فتحها في الإسلام ومتى فتحت. وهي بفتح الهمزة وهو الأكثر وبكسرها ـ قلت : وبالكسر ينطقها أهل إيران اليوم ـ وبالفاء بدل الباء ـ «انظر «معجم البلدان» ١ / ٢٠٦.

١٤٧

من الصحابة والتابعين ، ومن كان بها وقت فتحها إلى زماننا هذا ، مع ذكر كل من تفرّد به واحد منهم بذلك الحديث ولم يروه غيره بذلك الإسناد ، أو حديث من حديثه ، وذكر أنسابهم (١) وأساميهم وموتهم على ما روي لنا وذكر. والله الموفق ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وأول ما نذكر في كتابنا هذا : ما روي لنا في فضل بلدنا من دعوة إبراهيم (٢) الخليل عليه‌السلام ، وما قيل في ذلك.

(بيان ما ورد في فضل أصبهان) (٣) :

سمعت (٤) من حكى عن إبراهيم بن محمد النحوي قال : خرج قوم من أهل أصبهان إلى ذي الرياستين (٥) في حوائج لهم ، فقال ذو الرياستين : من أين أنتم؟ قالوا : من أهل أصبهان ، قال : أنتم من الذين لا يزال فيهم ثلاثون رجلا مستجابي الدعاء ، قالوا : وكيف ذلك؟ قال :

__________________

(١) في أ ـ ه ـ : (أنبائهم).

(٢) هو أبو الانبياء ، وخليل الله ، وأحد أولو العزم «من الرسل عليهم‌السلام ، وقد عرّفه القرآن لنا تعريفا وافيا ، وهو في غنى عن التعريف».

انظر «الكامل لابن الأثير» ١ / ٥٣ إن شئت.

(٣) العنوان غير موجود في نسختي المخطوطة ، وقد اخترت ذكره بين الحاجزين ، مع التنبيه عليه وعلى ما يأتي من العناوين ، تسهيلا للقارىء والتزاما بأصول التحقيق.

(٤) لا صحة لهذا الخبر من ناحية الصناعة الحديثية ، لأنّ فيه راويا مبهما ، ولم أعرف النحوي ، وهو يرويه بالقول المحتمل للسماع وغيره ، فمثله لا يقبل عند المحدّثين.

(٥) هذا لقب وزير المأمون ، سمّاه به المأمون لأنّه دبّر له أمر السيف والقلم ، وولي رياسة الجيوش والدواوين ، واسمه الفضل بن سهل ، وكان نصرانيا أسلم على يده ، وذكر السمعاني «أن اسمه الحسن بن سهل ، فنقم عليه المأمون وقتله بسرخس في توجهه إلى العراق. «قلت : الصواب أن اسمه الفضل ، وهو الذي قتله المأمون ، وأما الحسن بن سهل ، فإنه عاش بعد المأمون كثيرا ، ويؤيد ما ذكرته : ما ذكره ابن الأثير الجرزي في «اللباب» ١ / ٥٣٣ ، والبيهقي في «تاريخه» ص ١٤٩ ، واليعقوبي في «تاريخه» ، والثعالبي في «ثمار القلوب» ص ٢٩٢ ، وقال : «إن ذا الرياستين وزير المأمون اسمه الفضل بن سهل ، وهو الذي قتله المأمون ، والله أعلم».

١٤٨

إن نمروذ (١) بن كنعان لما أراد أن يصعد إلى السماء ، كتب في البلدان يدعوهم إلى محاربة رب العالمين ، فأجابوه كلهم إلّا أهل أصبهان ، فحمل منهم ثلاثين رجلا مقيدين ، فلما أن نظروا في وجه إبراهيم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ آمنوا به ، فقال إبراهيم :

اللهم اجعل أبدا بأصبهان ثلاثين رجلا تستجيب دعاءهم ، فلا يزال أبدا بأصبهان ثلاثون (٢) رجلا يستجاب دعاؤهم (٣).

وحدثنا إسحاق بن أحمد الفارسي ، ثني أبو صالح محمد بن إسماعيل ، قال : ثنا محمد بن أيوب الضراب الأصبهاني ، قال : ثنا نعيم بن حماد ، عن رجل ذكره ، عن خصيب بن جحدر ، عن وهب بن منبه (٤) ، قال :

لما تأبى (٥) نمروذ ، وجحد قدرة الرب عزوجل ، بعث إلى أهل النواحي

__________________

(١) هو الملك الجبار الذي حاجّ إبراهيم الخليل ـ عليه‌السلام ـ في ربه ، وهو الذي ألقاه في النار.

وقيل : إنه هو أول من ملك من الملوك الذين ملكوا الدنيا شرقا وغربا ، والله أعلم.

انظر : «الكامل» ١ / ٦٥ و ٦٦ لابن الأثير. و «أخبار أصبهان» ١ / ٤٠.

(٢) في الأصل (ثلاثين) ، والصواب ما أثبتّه من أ ـ ه ، «وأخبار أصبهان» ١ / ٤٠.

(٣) كذا ذكره أبو نعيم في المصدر السابق من طريقه مثله ، وقد تقدم في بداية السند الكلام عليه.

(٤) تراجم الرواة :

إسحاق بن أحمد الفارسي : لم أقف عليه. وأبو صالح محمد بن إسماعيل : لم أهتد إليه.

ومحمد بن أيوب الضراب : ترجم له أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ٢ / ١٩٨ ، وقال : روى عن نعيم بن حماد ... وسكت عنه.

ونعيم بن حماد بن معاوية الخزاعي أبو عبد الله المروزي ، نزيل مصر ، صدوق ، يخطىء كثيرا. مات سنة ثمان وعشرين ومائتين. انظر «التهذيب» ١٠ / ٤٥٨ ، و «التقريب» ص ٣٥٩.

وخصيب بن جحدر : كذّبه شعبة والقطان وابن معين والبخاري. انظر «الميزان» ١ / ٦٥٣.

ووهب بن منبه : هو أبو عبد الله أخو همام بن منبه الأبنادي ـ بفتح الهمزة وسكون الموحدة بعدها نون ـ التابعي الجليل ، المشهور بمعرفة الكتب الماضية ، ثقة بالاتفاق ، توفي سنة ١١٤ ه‍.

انظر «التقريب» ص ٣٧٢ ، «وتهذيب الأسماء» ٢ / ١٤٩ للنووي.

(٥) في الأصل غير واضحة ، وما أثبتّه من «أخبار أصبهان» ١ / ٣٩ ، وفي أ ـ ه (تاه) ، والأول أنسب بالمقام ، لأن معناه استعصى عليه وامتنع وأنكر ، انظر «لسان العرب» ١٤ / ٤ ، «ومختار الصحاح» ص ٣ ، «ومعجم الوسيط» ١ / ٤.

١٤٩

يحشرهم لمحاربة رب العزة ، فتفرقوا وصاروا في جبال أصبهان ، وقالوا : كلا ، لا نجحد قدرة الربّ ، ربّ السماء ، فأنبت الله في تربتها الزعفران وألقى في جبالها الشهد (١) ، فبها سمّي «أصبهان» (٢) أي : وأصبه آن نه كه (٣) كافربند (٤).

قال إسحاق (٥) : وحدثنا ما ربين يوشع بن نون ، وذلك أنه يقال : كان يجول في الدنيا ، فدخل أصبهان ، فنزل الموضع الذي يدعي ماربين ، وإنما سمّي «ماربين» ، لأنهم بصروا بحية ارتفعت من الأرض ، فقيل ليوشع : ماربين ، أي : انظر إلى الحية ، فسمّي ماربين بها (٦).

حدثنا محمد بن محمد بن فورك ، قال : ثنا علي بن عاصم ، قال : ثنا شاذة بن المسور ، قال : ثنا نصير بن الأزهر ، قال : ثنا أبو عبيد محمد بن أحمد ، قال : ثنا محمد بن يحيى الناجي (٧) ، قال : وجدت في بعض الكتب عن وهب بن منبه : «زعم بأن نمروذ بن كنعان كتب في البلاد يستمدهم لمحاربة ربه تبارك وتعالى ، فأجابوه كلهم إلّا أهل أصبهان ، فإنّهم قالوا : نحن لا طاقة لنا

__________________

(١) الشهد : العسل. انظر : «القاموس» ١ / ٣٠٦.

(٢) اختلف العلماء في وجه تسمية أصبهان بأصبهان. ذكر ياقوت الحموي في «معجم البلدان» ١ / ٢٠٦ أن هناك خلافا في وجه تسميتها ، وذكر عدة أقوال في وجه تسميتها ، منها : أن أصبهان اسم رجل سمّي البلد باسمه ، ومنها أنه اسم مركب «الأصب» : بمعنى البلد بلغة الفرس ، و «هان» اسم الفارس ، فإذا ، معناه بلد الفرسان ، قلت : المعروف أن الأصب بلغة الفرس : «الفرس» ، وهان دليل الجمع ، ومعناه : «مجمع الفرسان» ، وقيل غير ذلك. انظر التفصيل في مقدمة المحقق.

(٣) في الأصل : «أي أصبه». العبارة فيها نقص ، والصحيح ما أثبته واستدركته من «القاموس» ٢ / ٢٩٤ ، حيث ذكر هذا الوجه في تسميتها ، ومعناه أن هذا الجند ليس ممن يحارب الله. انظر عبارة «القاموس» الفارسية في القاموس.

(٤) في إسناده رجل لم يسم ، ونعيم بن حماد صدوق يخطيء كثيرا. وخصيب بن جحدر متروك ، كذّبه جمع من العلماء. وأيضا فيه انقطاع ، حيث لم يذكر وهب من روى له هذه القصة ، وهي من الإسرائيليات ، فلا يعتمد عليه ، وكذا هو في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٩ به مثله.

(٥) هو إسحاق بن أحمد الفارسي المتقدم سابقا.

(٦) كذا في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٩ ، ومار بين قرية في شرق أصبهان ، ولم تزل بهذا الاسم. انظر خريطة أصبهان في كتاب «أصبهان» ص ٨ للدكتور لطف الله هنرفر.

(٧) في الأصل غير واضح ، وما أثبتّه من أ ـ ه.

١٥٠

بمحاربة رب العالمين ، أو قال : رب السماء ، قال : فشكر الله ذلك لهم ، فطيب ماءهم وطيب فواكههم وطيب هواءهم» (١).

حدثنا علي بن رستم ، قال : ثنا محمد بن برعورسته (٢) ، قال : ثنا أبو علي بن أخت خالد بن الحارث الهجيمي (٣) ، قال : ثنا إسحاق بن حميد بن أخي عروة ، فذكر نحوه.

سمعت بعض أهل العلم يقول : سار ذو القرنين (٤) في طلب ماء الحيوان ، فطاف الدنيا بشرقها وغربها ، فأخذ على البر ، ثم رجع على البحر ، فبلغنا ـ والله أعلم ـ أنه لم يدع مدينة إلا دخلها عنوة أو صلحا ، حتى انتهى إلى أصبهان ، ودخل مدينتها ، فلم ينزل فيها ، وخرج عنها حتى بلغ بابها الشرقي ثم دعا الفعلة (٥) ، فقال : احفروا في هذا الموضع حفرة ، حتى تبلغوا (إلى) (٦) الماء. فحفروا خارج الباب حفرة حتى بلغوا الماء في ساعة ، وهو واقف على دابته ، فقالوا : قد بلغنا الماء. فقال : اكبسوها ، وردّوا ما أخرجتم منها في موضعه حتى تعيدوها كما كان ، ففعلوا ذلك فلم يرم (٧) ما أخرج ، واحتاج إلى

__________________

(١) كذا في «أخبار أصبهان» ١ / ٤٠ لأبي نعيم.

(٢) هكذا في النسختين لعلّ الصواب محمد بن عمر رسته ، وهو سيأتي.

(٣) الهجيمي ، بضم الهاء وفتح الجيم والياء الساكنة وفي آخرها الميم ، هذه النسبة إلى محلة بالبصرة نزلها بنو هجيم ، فنسب المحلة إليهم ، انظر «الأنساب» ١ / ٥٨٨ للسمعاني.

(٤) هذا لقب الإسكندر الرومي ، وقيل : اليوناني ، لقب به لأنه بلغ الشرق والغرب ، وقيل : لأنه كان له في رأسه شبه القرنين ، وقال وهب بن منبه : كان له قرنان من نحاس في رأسه ـ وهذا ضعيف ـ وقيل : لأنه ملك فارس والروم ، وقيل غير ذلك. اختلف في اسمه ، قيل : عبد الله بن الضحاك ابن معد ، وقيل : مصعب بن عبد الله ، قيل : كان نبيا ، وقيل : كان رسولا ، قال ابن كثير : الصحيح أنه كان ملكا من الملوك العادلين ، انظر «البداية» ٢ / ١٠٣ و ١٠٤ لابن كثير ، و «اللباب» للجزري ١ / ٥٣٣.

(٥) الفعلة : صفة غالبة على عملة الطين والحفرة ونحوهما ، انظر «لسان العرب» ١١ / ٥٢٨ لابن منظور الإفريقي المصري.

(٦) بين الحاجزين من أ ـ ه.

(٧) في الأصل (يرمي). الصحيح بدون الياء حسب مقتضى القواعد.

وجاء في «أخبار أصبهان» ١ / ٤٢ (فلم يبق) ، وهو صحيح أيضا.

١٥١

زيادة ، فقالوا : أيها الملك ، قد رددنا ما حفرنا منه إلى الموضع ، فلم تستو (١) الحفرة ، ولا رجعت إلى ما كانت عليه ، فقال :

هذه مدينة قحطية لا تخلو من قحط المطر والسعر (الغالي) (٢) ، ثم ارتحل عنها من ساعته ومضى (٣).

وسمعت الطحان (٤) يحكي (مرارا كثيرة) (٥) ، قال : «قال لي ابن زغبه (٦) (بمصر) (٧) ، بلغني يا أهل أصبهان أن سهلكم (٨) زعفران ، وجبلكم عسل ، ولكم في كل دار (٩) ، عين ماء عذب. فقلت : كذلك بلدنا ، فقال : لا أصدّق هذا. هذه الجنة بعينها» (١٠).

وذكر أن الحجاج (١١) بن يوسف ولّى على أصبهان وهزاذ بن يزداد

__________________

(١) اثبتت الياء في الأصل ، وهو خطأ ، والتصحيح من المصدر السابق.

(٢) بين الحاجزين من المصدر السابق لأبي نعيم.

(٣) كذا في المصدر السابق.

(٤) الطحان : هو محمد بن عبدوس الفقيه ترجم له أبو الشيخ في «الطبقات» ٣ / ٢٢٧ من أ ـ ه ، وقال : «كان يتفقه ، دخل مصر ، وجالس المزني ، وسمع ابن زغبة».

(٥) بين الحاجزين ليس في أ ـ ه.

(٦) هو عيسى بن حماد بن مسلم أبو موسى المصري ، ثقة ، مات سنة ٢٤٨ ه‍. انظر «التهذيب» ٨ / ٢٠٩.

(٧) بين الحاجزين من «أخبار أصبهان».

(٨) في أ ـ ه (سمطكم) ، والصواب ما في الأصل ، والسهل من الأرض نقيض الحزن ، ويقال : أرض سهلة ، انظر «لسان العرب» ١١ / ٣٤٩.

(٩) في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٨ في كل ذراعين كلاهما لا يخلو من المبالغة.

(١٠) كذا ذكر أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٨.

(١١) هو الحجاج بن يوسف بن أبي عقيل الثقفي ، الأمير الشهير ، الظالم المبير ، ولي إمرة العراق عشرين سنة ، وقال ابن حجر : ليس بأهل أن يروى عنه. مات سنة خمس وتسعين ، انظر «الكامل» ٤ / ١٣٢ لابن الأثير ، «والتهذيب» ٢ / ٢١٠ ، «والتقريب» ص ٦٥. كلاهما لابن حجر.

١٥٢

الأنباري وكان ابن عم لكاتبه (١) ، فكتب في بعض أوقات مقامه بأصبهان إلى الحجاج كتابا وصف فيه اختلال حال أصبهان ، ويسأله ... نظرا لهم (٢) ببعض خراجهم. فكتب إليه الحجاج : «بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد : فإنّي استعملتك يا وهزاذ على أصبهان ، أوسع المملكة رقعة (٣) وعملا ، وأكثرها خراجا بعد فارس (٤) والأهواز ، وأزكاها أرضا ، حشيشها الزعفران والورد (٥) ، وجبالها الإثمد والفضة ، وأشجارها الجوز واللوز والكروم الكريمة والفواكه العذبة ، طيرها عوامل العسل ، وماؤها فرات ، وخيلها الماذيانات الجياد ، أنظف بلاد الله طعاما ، وألطفها شرابا ، وأصحّها ترابا ، وأوفقها هواء وأرخصها لحما ، وأطوعها أهلا ، وأكثرها صيدا. فأنخت يا وهزاذ عليها بكلكل (٦) اضطر أهلها إلى مسألتك ما سألت لهم لتفوز بما يوضع عنهم ، فإن كان ذلك باطلا ـ ولا أبعدك عن ظن السوء ـ فسترد فتعلم ، وإن صدقت في بعضه ، فقد أخربت البلد. أتظن يا وهزاذ أنا ننفذ لك ما موهت وسحرت من القول ، وقعدت تشير علينا (٧) به. فعض يا وهزاذ ، على (غرلة) (٨) أير أبيك ، ومص بظر أمك ، فأيم الله ، لتبعثن إليّ بخراج أصبهان كله ، أو لأجعلنك طوابيق على أبواب مدينتها. فاختر لنفسك أوفق الأمرين لها ، أو ذر (والسلام) (٩)(١٠).

__________________

(١) هو زاذان فروخ المجوسي ، كذا في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٧.

(٢) كذا في الأصل ، وفي «أخبار أصبهان» ١ / ٣٧ وفي ن ـ أ ـ ه تغيرا.

(٣) في الأصل (وقعة) والتصحيح من المصدر السابق.

(٤) سيأتي بيانهما فيما بعد إن شاء الله تعالى ، وتقدم في مقدمتي في الباب الأول مقدار خراج أصفهان. راجعه إن شئت.

(٥) في ن ـ أ ـ ه : الأترج بدل الورد.

(٦) الكلكل : الصدر من كل شيء ، وقيل : هو ما بين الترقوتين.

راجع «لسان العرب» ١١ / ٥٩٦.

(٧) كذا في الأصل ، وفي «أخبار أصبهان» ١ / ٣٧ وفي أ ـ ه : عليها بدل علينا ، والصواب ما أثبتّه.

(٨) الزيادة بين الحاجزين من المصدر السابق ، ومن أ ـ ه.

(٩) هكذا عند أبي نعيم «أخبار أصبهان» ١ / ٣٧.

(١٠) ذكره أبو نعيم بقوله : روى صاحب كتاب «أصبهان» : وحدثينه أبو محمد بن حيان ، ولم يذكر إسناده عن بعض أهل السير. راجع ١ / ٣٦ ـ ٣٧.

١٥٣

ووجد في كتاب الأوائل ، قال : فانتفضوا بلاد المملكة وبقاعها ، فلم يجدوا تحت أديم السماء بلدا أجمع لما طلبوا من الفنون التي يختارونها من الأشياء من بقاع الأرض وبلدان الإقليم ، أصحها تربة ، وأقلها عفونة وأبعدها من الزلازل والخسوف ، وأعلكها طينا ، وأبقاها على الدهر بناء ، فلم يجدوا تحت أديم السماء بلدا أجمع لهذه الأوصاف من أصبهان ، ثم فتشوا عن بقاع هذا البلد ، فلم يجدوا فيها أفضل من رستاق (١) جي (٢) ، ولا وجدوا في رستاق جي أجمع لما راموه من مدينة جيّ (٣).

أخبرنا أبو خليفة (٤) ، قال : حدثنا أبو الوليد (٤) ، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن أسامة بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ـ رحمه‌الله ـ قال :

لو لم أكن رجلا من قريش ، لأحببت أن أكون من أهل فارس ، أو من أصبهان (٥). سمعت عبد الله بن عمر المذكر (٦) قال : سمعت أبا العباس الدقاق (٧) قال : سمعت بعض المحدثين يقول : دخل أيوب (٨) بن زياد

__________________

(١) يجمع على رساتيق. فارسي معرب ، أصله (رسته) ، ويعني السطر من النخيل ، والصف من الناس ، ويقال : رزداق ورسداق : وتعني ، القرية أو السواد ، أو البيوت المجتمعة. انظر «لسان العرب» ١٠ / ١١٦.

(٢) جي بالفتح ثم التشديد : وهي كانت محلة أصبهان القديمة بإيران ، وهي بلد سلمان الفارسي ، وسيأتي بعض الكلام هناك إن شاء الله. انظر «معجم البلدان» ٢ / ٢٠٢.

(٣) كذا في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٧ و ٣٩.

(٤) أبو خليفة : هو الفضل بن الحباب الجمحي ، وأبو الوليد : هو الطيالسي هشام بن عبد الملك الباهلي ، كلاهما ثقتان ، تأخر الاول إلى ٣٠٥ ه‍ ، والثاني توفي سنة ٢٢٧ ه‍ ، وله ٩٤ سنة.

انظر «الميزان» ٣ / ٣٥٠ ، «والتهذيب» ١١ / ٤٥.

(٤) أبو خليفة : هو الفضل بن الحباب الجمحي ، وأبو الوليد : هو الطيالسي هشام بن عبد الملك الباهلي ، كلاهما ثقتان ، تأخر الاول إلى ٣٠٥ ه‍ ، والثاني توفي سنة ٢٢٧ ه‍ ، وله ٩٤ سنة.

انظر «الميزان» ٣ / ٣٥٠ ، «والتهذيب» ١١ / ٤٥.

(٥) كذا في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٧ و ٣٩ ، من طريق أبي الشيخ وأبي معشر وغيره ، وسنده جيد.

(٦) بضم الميم وفتح الذال وكسر الكاف المشددة ، يقال هذا للواعظ الذي يذكر الناس. انظر «اللباب» ٣ / ١٨٧ ، «ولب اللباب» للأسيوطي ١ / ٢٤٠.

(٧) الدقاق : بفتح الدال المهملة ، وتشديد القاف ، وبعدها ألف ، ثم قاف أخرى ، نسبة إلى الدقيق وعمله ، واشتهر بهذه النسبة جماعة. انظر «اللباب» ١ / ٥٠٤.

(٨) وكان واليا على أصبهان من قبل أبي جعفر المنصور سنة ١٥١ ه‍ ، وهو الذي بنى المسجد والسوق ، ويعرف المسجد بمسجد أيوب بن زياد انظر «أخبار أصبهان» ١ / ٣٨.

١٥٤

الأصبهاني على المأمون ، أمير المؤمنين (١) ، فقال : يا أيوب صف لي أصبهان وأوجز ، فقال : يا أمير المؤمنين : هواؤها طيب ، وماؤها عذب ، وحشيشها الزعفران ، وجبالها العسل ، غير أنها لا تخلو (٢) من خلال أربع : جور سلطان (٣) ، وغلاء السعر (٤) ، وقلة المطر (٥) ، وفقد مياه ، فأطرق المأمون ساعة وبيده قضيب ينكت (٦) به الأرض ، فرفع رأسه ، فقال : يا أيوب : لعل قراءها منافقون ثنّاءها (٧) شربة خمور ، وتجارها مربون ، وفي أطرافها لا يصلون (٨).

ذكر الأشياء التي خصت بها أصبهان (٩) :

ذكروا أن بوادي أصبهان زرنروذ (١٠) مفيض ، يسمى هنام ، ليس في الأرض

__________________

(١) هو عبد الله المأمون بن هارون الرشيد ، بويع سنة ١٩٨ ، وقيل قبله في ١٩٦ ه‍. بايع عامة أهل البلد ، وتولى الخلافة ٢٢ سنة ، وتوفي في رجب سنة ٢١٨ ه‍ ، وله ثمان وأربعون سنة وبضعة أشهر. انظر «تاريخ بغداد» ١٠ / ١٨٣ ، «وتاريخ اليعقوبي» ٢ / ٤٧٠.

(٢) أثبتت الألف في الأصل ، والصواب بدونها ، وكذا عند أبي نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٨.

(٣) في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٨ : (السلطان).

(٤) في المصدر السابق : وغلاء الاسعار.

(٥) في المصدر السابق : الأمطار.

(٦) في المصدر السابق : بزيادة (في).

(٧) تنّاؤها : أي مقيموها ، يقال : تنأ فهو تانىء ، إذا أقام في البلد وغيره ، ومنه حديث (ليس للتانئة شيء) انظر «النهاية» ١ / ١٩٨ ، لابن الأثير ، «ولسان العرب» ١ / ٤٠. لابن منظور الأفريقي.

(٨) كذا هو عند أبي نعيم بطريق المؤلف ، ولكن وهم فيه عبد الله بن عمر المذكر ، أو بعض المحدثين الذين رواه عنهم الدقاق في هذا الخبر ، وذلك لأن أيوب بن زياد الذي كان عاملا على أصبهان ، إنما كان واليا على أصبهان من قبل أبي جعفر المنصور سنة ١٥١ ه‍ كما تقدم قريبا ، ولم يدرك خلافة المأمون على أن في السند من لم يسمّ ، وقد نبه عليه أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٨.

(٩) في أ ـ ه (هيام) ، والصواب ما أثبته كما في الأصل ، و «أخبار أصبهان» ١ / ٣٠.

(١٠) بفتح أوله وثانيه ، ونون ساكنة ، ثم راء مهملة ، وآخره ذال المعجمة ، قلت : ويسمى الآن زائنده رود ، وهكذا ينطقونها أهل البلد ـ وهو اسم لنهر أصبهان الموصوف بعذوبة الماء والصحة ولطافته ، مخرجه من قرية يقال لها : بناكان ، انظر «معجم البلدان» ٣ / ١٣٩ لياقوت ، و «آثار البلاد» ص ٢٩٩ للقزويني.

١٥٥

مفيض أعجب منه.

وذلك أن الأودية الكبار مصبها إلى البحار ، ووادي زرنروذ ينصب في هذا المفيض ، وهو ثمانية عشر فرسخا في فرسخين ، لا يرتفع الماء في حافاته عن المقدار المعهود ، ولا ينقص ، أسرف المدّ أم قصد ، ويفرخ فيه طير الماء ، فأما غير الطير فلا يقدر أن يقربه ؛ لأنه يغوص فيه حتى لا يرى منه شيء ، وبين يدي هذا المفيض ميدان ممتد إلى كرمان (١) ، كسطر (٢) ممدود لا يزيد عرضه على عرض الميدان ، ينبت (٣) القلام (٤) والطّرفاء ، في جانب منه جبل من طين ممدود ، فزيادة مياه كرمان في أيام الربيع يكون من وادي زرنروذ ، وبقرية (٥) دزيه (٦) من رستاق رويدشت (٧) رمال كأنها جبال لا تتحرك أصلا ، ولو دام هبوب الرياح العاصفة عليها أياما ، ولا يدخل الزروع منها شيء ، وبقاشان (٨) في شق دارم قرية يقال لها : هذا سكان من آبرون ، على نصف فرسخ ، فيها حصن ،

__________________

(١) كرمان : بفتح أوله وسكون ثانيه كما ذكر ياقوت ، وقال : وربما كسرت ، والفتح أشهر بالصحة.

قلت : أهل البلد ينطقونها بكسر أوله وهو المعروف الآن ، وهي مدينة كبيرة مشهورة في جنوب إيران ، تبعد عن العاصمة تهران ١١١٧ كم. شرقها مكران ، وغربها فارس ، وشمالها خراسان ، تنسب إلى كرمان بن فارس بن طهمورث. انظر «معجم البلدان» ٤ / ٤٥٤ ، «وآثار البلاد» ص ٢٤٧.

(٢) في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٠ : (كخط).

(٣) في المصدر السابق : لا يزيد نباته الطرفاء والقلام.

(٤) القلام : بالتشديد ، ضرب من الحمض ، يذكر ويؤنث ، وقيل : هي القاقلي ، والطرفاء : من الحمض ، والحمض كل نبات مالح أو حامض تقوم على سوق ولا أصل له. انظر «لسان العرب» ٩ / ٢٢٠ و ٧ / ١٣٨ و ١٢ / ٤٩١.

(٥) في أ ـ ه : (تفرد ربه) ، وهو خطأ ، والصواب ما أثبته كما في الأصل والمصدر السابق.

(٦) دزيه : اسم قرية برستاق رويدشت بأصبهان كما ذكر أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٣١.

(٧) رويدشت : بضم أوله وفتح ثانيه ، ثم ياء مثناة ، قلت : هي رود دشت ، يعني وادي الفلاة ، قرية من قرى أصبهان ، وتغير هذا الاسم.

انظر «نصف جهان في تعريف أصبهان» ص ٢١ ، و «معجم البلدان» ٣ / ١٠٥.

(٨) قاشان ـ بالشين المعجمة وآخره نون. قلت : هي مدينة كبيرة في شمال أصبهان تبعد ثلاث مراحل. ينطق بالكاف (كاشان) عند أهل البلد ومعروف به ، انظر «معجم البلدان» ٤ / ٢٩٦ ، و «كتاب أصفهان» ص ٨ للدكتور لطف الله.

١٥٦

عليها خندق (١) ، ويطيف بهذا الخندق رمال كالجبال سائلة تنتقل حوالي الخندق من بقعة إلى بقعة ، ولا يدخل الخندق منها شيء ولا حبة واحدة ، فإن ذهب إنسان فأخذ من هذا الرمل قبضة ، فرمى بها في هذا الخندق ، هبت من وقتها ريح فرفعت ذلك الرمل في الهواء إلى فوق ، حتى تكسح (٢) أرض الخندق منه ، وعلى هذه القرية صحراء يقال له : (فأس) (٣) ، مسافتها فرسخ في فرسخ ، هي بين هذه الرمال ، ومزدرع (٤) هذه القرية فيها سبيل هذا الصحراء في نتو (٥) الرمل (و) فيها سبيل الخندق ، وفي هذا الصحراء أعجوبة أخرى ، وهي أن مواشي هذه القرية تخرج إليها للرعي ، فتختلط السباع بها مقبلة من البر ، ولا تتعرض لشيء منها ، ويدعي أهل هذه القرية ـ ويشهد لهم بصدق دعواهم أهل القرى المجاورة لهم ـ أن ديكا في قريتهم استوحش منذ سنيات ، فعدل إلى هذا الصحراء فبقي بها أربع سنين لا يتعرض له ثعلب ولا غيره ، فيدّعي أهل هذه القرية أنها مطلسمة (٦) وبقاشان (٧) من جانب أردها (٨) على عشرة (٩) فراسخ من آبرون ، قرية يقال لها : قالهر (١٠) ، وفيها جبل جانب منه عين يرشح الماء رشحا

__________________

(١) عند أبي نعيم في المصدر السابق : (يحوط).

(٢) الكسح : الكنس : كسح البيت ، كنسه ، انظر «لسان العرب» ٢ / ٥٧١.

(٣) في أ ـ ه (أفاس) : بالهمزة ، والصحيح بدونها كما في الأصل ، وفي «أخبار أصبهان» ص ٣١.

(٤) في أ ـ ه : (من درع) بدل مزدرع.

(٥) في ن ـ أ ـ ه : متو بدل نتو ، وما في الأصل هو المناسب ، لأن معنى النتو الورم ، فالرمل على ظهر الأرض كالورم في العضو ، وأما المتو : فمعناه : المطو : وهي الجد والنجاء في السير ، وكذلك يأتي بمعنى مدّ ، يقال : متوت في ارض ، أي : مطوت. انظر «لسان العرب» ١٥ / ٣٠٣ ، ٢٧١ ، ٢٨٤.

(٦) الطلسم : هي الرموز التي يستعملها السحرة ، ويقال : طلسم الرجل ، أي كره وجهه وقطبه ، انظر «لسان العرب» ١٢ / ٣٦٩ وفرهنك فارسي كاوه.

(٧) قاشان : تقدم تحديده قريبا.

(٨) في ن ـ أ ـ ه : أزركان ، والصواب ما في الأصل ، وهكذا ذكره أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٣١. قلت : تغير هذا الاسم الآن.

(٩) في الأصل : بدون الهاء المربوطة ، وما أثبتّه بين الحاجزين من أ ـ ه ، ومن «أخبار أصبهان» ١ / ٣١.

(١٠) في أ ـ ه : قالهم ، والصواب ما في الأصل كما أثبتّه ، وكذا في المصدر السابق لأبي نعيم. لم تبق بهذا الاسم الآن.

١٥٧

كرشح الأبدان للعرق ، من غير أن يسيل ذلك الندى أو يسقط إلى القرار ، فإذا كان ماه (١) تير روز تير منه من كل سنة ، اجتمع هناك أهل الرستاق وسائر الرساتيق المصافية (٢) له ، ومع كل انسان آنية ، فيدنو الواحد بعد الواحد من ذلك الجبل الندي ، ويقرعه بفهر (٣) في يده ، ويقول بالفارسية كلاما معناه (٤) : بيدخت (٥) أسقني من مائك ، فإني أريده لكذا وكذا ، ويذكر في خطابه العلة التي يريد مداواتها ، فيجتمع ذلك الرشح من تلك الأماكن المتفرقة إلى مكان واحد ، فيسيل قطرا في آنية (٦) المستشفى ، وكذلك من إلى جنبه ومن هو بالبعد منه ، فتمتليء تلك الأواني فيستشفون بذلك الماء طول سنتهم ، فيشفون.

وبقاشان (٧) ثمّ قرية آبرون قناتها التي تسمى أسفذاب. منها شرب أهل آبرون ، وصحاريها والقرى التي حولها ومفيضها بقرية فين (٨).

__________________

(١) هذه جملة فارسية ، ماه بمعنى الشهر ، وتير اسم للشهر الرابع ، وروز : هو اليوم ، فمعناه : إذا كان يوم تير من شهر تير ... اجتمع هناك.

(٢) في أ ـ ه : صافية.

(٣) الفهر : الحجر ملء الكف ، وقيل : الحجر مطلقا ، انظر «النهاية» ٣ / ٤٨١ لابن الأثير.

(٤) بين الحاجزين من أ ـ ه : والمصدر السابق لأبي نعيم.

(٥) بيدخت ، معناه بالفارسية : من لا بنت له ، وأيضا اسم للكوكب المعروف (بزهرة) ، والمراد هنا المكان الذي يجتمع فيه الماء ، ولم تزل قرية بهذا الاسم حتى الآن في إيران ، وانظر «فرهنك فارسي كاوه» ص ٧٠.

(٦) عند أبي نعيم في «ذكر أخبار أصبهان» ١ / ٣١ المستسقى ، وما أثبته هو المناسب بدليل آخر القصة. والله أعلم.

(٧) في أ ـ ه : بالشين المعجمة ، وهكذا ينطق الآن ، وعند أبي نعيم في «أخبار أصبهان» بالسين المهملة ١ / ٣١ ، والصحيح أنه بالشين كما ذكر ياقوت الحموي في «معجم البلدان» ٤ / ٢٩٦ ، أن «قاشان» : بالشين المعجمة ، وآخره نون ، مدينة قرب أصبهان.

(٨) في أ ـ ه : قين بالقاف ، والصواب ما أثبته كما في الأصل ، وفي «أخبار أصبهان» ١ / ٣١ ، وهكذا ذكره الحموي في «معجم البلدان» ٤ / ٢٨٦ ، فقال : فين بالكسر وآخره نون ، من قرى قاشان قلت : تقع في غرب قاشان ، قريب منها جدا ، وهي من نواحي أصفهان ، تقع في شمالها ، وما زالت حتى الآن بهذا الاسم.

انظر كتاب «أصفهان» / ٨ د. لطف الله.

١٥٨

فمن الخواص التي في هذه القناة ، أن من يلقى (١) فيها الماء أمكنه السير إلى أن ينتهي إلى موضع فيها محدود معروف عند أهل الناحية ، فإن رام تجاوز ذلك الموضع لم يمكنه لانبهار (٢) يقع عليه ، وانتظام نفس يعتريه ، فإن لم يرجع القهقري ، وقع صريعا.

ومن خواصها أيضا : أنه لم ينفق عليها (في عمارتها) (٣) قط درهم ، ولا دخل إليها مذ كانت قنّاء (٤) ، فإن انهار فيها من جوانبها شيء قل أم كثر ، زاد ماؤها.

ولما ورد عمرو (٥) بن الليث أصبهان رام أن يطمّها (٦) ، فجمع عليها أهل الرستاق ، وكانوا يطرحون الكبس (٧) فيها أياما ، وكان الماء كل يوم يزيد ويصير إلى الزيادة ، حتى رجعوا عنها عجزا منهم بها.

ومن الخواص التي بأصبهان : خرزات في قرى بعينها (٨) برستاقي قاشان (٩) ورويدشت ، فإذا غشيت تلك القرى سحابة فيها برد ، أبرزوا تلك

__________________

(١) في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٢ «أن المتلقي».

(٢) والبهر : انقطاع النفس من الإعياء ـ لانبهار ، أي لغلبة تقع عليه. راجع «لسان العرب» ٤ / ٨٢.

(٣) الزيادة بين الحاجزين من «أخبار أصبهان» ١ / ٣٢.

(٤) قناء : هو الخبير بحفر آبار القناة التي تحفر في الأرض متتابعة ليستخرج ماؤها. راجع «لسان العرب» ١٥ / ٢٠٤.

(٥) هو عمرو بن الليث الصفار الذي تولى الحكم في خراسان ، وفارس وكرمان ، وخوزستان ، وبعض العراق ، بعد أخيه يعقوب. فوقعت بينه وبين إسماعيل الساماني حرب أسر فيها عمرو ، فلم يفلح بعد ذلك ، وحمل إلى بغداد ، وطيف به على فالج ، ومات.

راجع «معجم البلدان» ٤ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤.

(٦) الطم : هو طم البئر بالتراب ، وهو الكبس. طم البئر : أي كبسها. راجع ص ١٨١ وغيره.

المرجع المذكور ٦ / ١٩٠.

(٧) الكبس : طمسك حفرة بتراب ، كبس الحفرة كبسا : طواها بالتراب وغيره. المرجع المذكور ٦ / ١٩٠.

(٨) في المصدر السابق (معنية).

(٩) تقدم تحديد قاشان ورود دشت قريبا.

١٥٩

الخرز ، وعلقوها من شرف (١) الحصن ، فتنقشع (٢) السحابة عن القرية وعن صحرائها من ساعتها ، وتسمى هذه الخرزة بالفارسية : «مهره بزرك (٣)».

ومن خواص أصبهان : أن قرية من قرى أصبهان من رستاق قاشان (٤) يقال لها قهروزذ (٥) ، (بها) (٦) نبات يبسط على وجه الأرض ، فيصير زجاجا أبيض صافيا براقا ، وقد حمل (٧) ذلك الزجاج إلى كثير من الناس أقطاع مشكلة على هيئات ضروب من النبات ، وأهل (٨) تلك الناحية يستعملون ذلك الزجاج في ألوان من الأدوية (٩).

ومن خواص أصبهان : مرج (١٠) بقريتي جكاذه (١١) ، وجورجرد (١٢) من رستاق قهستان (١٣) ، فيها حيات تنتشر في حافات ذلك المرج وعلى الطريق الشارع ، طول الواحد منها ما بين الذراع إلى خمس (١٤) (ة) أذرع ، فيتلاعب الصبيان بها ، ويلوونها على أيديهم وأبدانهم ، فلا تلسع (١٥).

__________________

(١) شرف : جمع شرفة ، وهي أعلى الشيء ، وما يوضع على أعالي القصور والمدن ، انظر «لسان العرب» ٩ / ١٧٠ ، ١٧١.

(٢) أي تنكشف القشع ، والقشع : السحاب الذاهب المتقشع عن وجه السماء. انظر «لسان العرب» ٨ / ٢٧٤.

(٣) في الأصل : (أندزك) ، والتصحيح من المصدر السابق ، ومن أ ـ ه.

(٤) في النسختين : بزيادة (قرية) ، أسقطته لما فيه من التكرار.

(٥) هي قرية بين أصبهان وطهران ، تقع في شمالي أصبهان وجنوب طهران (من خريطة إيران).

(٦) بين الحاجزين : زدته لإتمام النص.

(٧) في أ ـ ه (يحمل).

(٨) في الأصل : (أهلك) ، والتصحيح من أ ـ ه «وأخبار أصبهان» ١ / ٣٢.

(٩) في الأصل : (الأودية) ، والتصحيح من المصدرين السابقين.

(١٠) المرج : مرعى الدواب. انظر «مختار الصحاح» ص ٦٢٠.

(١١) لم أقف على اسم هذه القرية ، فيبدو أنها تغير اسمها. والله أعلم.

(١٢) فلعلها محرفة عن جور كبير ، وهي محلة لم تزل بهذا الاسم في أصبهان ، والله أعلم.

(١٣) هي مدينة كبيرة في شرق إيران وجنوب خراسان.

(١٤) في الأصل : (خمس) ، والتصحيح من مقتضى القواعد ، وكذا في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٢.

(١٥) أي لا تلدغهم ، كذا في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٢ ، وهو الأنسب ، لأنّ اللدغ بالفم واللسع لذوات الإبر ، فتناسب الحية اللدغ. انظر «القاموس» ٣ / ٨١.

١٦٠