البحر المحيط في التّفسير - ج ٦

محمّد بن يوسف [ أبي حيّان الأندلسي الغرناطي ]

البحر المحيط في التّفسير - ج ٦

المؤلف:

محمّد بن يوسف [ أبي حيّان الأندلسي الغرناطي ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦١٩

لا عدوهم وخاذلهم كما يكون الملك للرجل : لا عليه ، فيكون محميا منفوعا غير مضرور انتهى. وقوله : منفوعا اسم مفعول من نفع ، وهو قياسه لأنه متعد ثلاثي. وزعم الأهوازي النحوي أنه لا يستعمل من نفع اسم مفعول ، فلا يقال منفوع وقفت له عليه في شرحه موجز الرماني. وقال أبو البقاء : خبر إن الأولى قوله : إن ربك لغفور ، وإن الثانية واسمها تكرير للتوكيد انتهى. وإذا كانت إنّ الثانية واسمها تكريرا للتوكيد كما ذكر ، فالذي يقتضيه صناعة العربية أن يكون خبر إنّ الأولى هو قوله : لغفور ، ويكون للذين متعلقا بقوله : لغفور ، أو برحيم على الأعمال ، لأنّ إن ربك الثانية لا يكون لها طلب لما بعدها من حيث الإعراب. كما أنك إذا قلت : قام قام زيد ، فزيد إنما هو مرفوع بقام الأولى ، لأن الثانية ذكرت على سبيل التوكيد للأولى. وقيل : لا خبر لأن الأولى في اللفظ لأن خبر الثانية أغنى عنه انتهى. وهذا ليس بجيد ، لأنه ألغى حكم الأولى وجعل الحكم للثانية ، وهو عكس ما تقدم ، ولا يجوز. وقيل : للذين متعلق بمحذوف على جهة البيان كأنه قيل : أعني للذين ، أي الغفران للذين. وقرأ الجمهور : فتنوا مبنيا للمفعول أي : بالعذاب والإكراه على كلمة الكفر. وقرأ ابن عامر : فتنوا مبنيا للفاعل ، والظاهر أن الضمير عائد على الذين هاجروا ، فالمعنى : فتنوا أنفسهم بما أعطوا المشركين من القول كما فعل عمار. أو لما كانوا صابرين على الإسلام وعذبوا بسبب ذلك صاروا كأنهم هم المعذبون أنفسهم ، ويجوز أن يكون عائدا على المشركين أي : من بعد ما عذبوا المؤمنين كالحضرمي وأشباهه. والضمير في من بعدها عائد على المصادر المفهومة من الأفعال السابقة أي : من بعد الفتنة والهجرة والجهاد والصبر. وقال ابن عطية : والضمير في بعدها عائد على الفتنة ، أو الهجرة ، أو التوبة ، والكلام يعطيها وإن لم يجر لها ذكر صريح.

يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ * فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : يوم منصوب على الظرف ، وناصبه رحيم ، أو على المفعول به ، وناصبه اذكر. والظاهر عموم كل نفس ، فيجادل المؤمن والكافر ، وجداله بالكذب والجحد ، فيشهد عليهم الرسل والجوارح ، فحينئذ لا ينطقون. وقالت فرقة :

٦٠١

الجدال قول كل أحد من الأنبياء وغيرهم : نفسي نفسي. قال ابن عطية : وهذا ليس بجدال ولا احتجاج ، إنما هو مجرد رغبة. واختار الزمخشري هذا القول ، وركب معه ما قبله فقال : كأنه قيل يوم يأتي كل إنسان يجادل عن ذاته لا يهمه شأن غيره ، كل يقول : نفسي نفسي. ومعنى المجادلة الاعتذار عنها كقولهم : (هؤُلاءِ أَضَلُّونا) (١) و (ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) ونحو ذلك. وقال : يقال لعين الشيء وذاته نفسه ، وفي نقيضه غيره ، والنفس الجملة كما هي ، فالنفس الأولى هي الجملة ، والثانية عينها وذاتها. وقال ابن عطية : أي كل ذي نفس ، ثم أجرى الفعل على المضاف إليه المذكور ، فأثبت العلامة. ونفس الأولى هي النفس المعروفة ، والثانية هي بمعنى البدن كما تقول : نفس الشيء وعينه أي ذاته. وقال العسكري : الإنسان يسمى نفسا تقول العرب : ما جاءني إلا نفس واحدة أي : إنسان واحد. والنفس في الحقيقة لا تأتي ، لأنها هي الشيء الذي يعيش به الإنسان انتهى.

(فإن قلت) : لم لم يتعد الفعل إلى الضمير ، لا إلى لفظ النفس؟ (قلت) : منع من ذلك أنّ الفعل إذا لم يكن من باب ظن ، وفقد لا يتعدى فعل ظاهر فاعله ، ولا مضمره إلى مضمره المتصل ، فلذلك لم يجىء التركيب تجادل عنها ، ولذلك لا يجوز : ضربتها هند ولا هند ضربتها ، وإنما تقول : ضربت نفسها هند ، وضربت هند نفسها ، ما عملت أي : جزاء ما عملت من إحسان أو إساءة ، وأنث الفعل في تأتي ، والضمير في تجادل وفي عن نفسها ، وفي توفي ، وفي عملت ، حملا على معنى كل ، ولو روعي اللفظ لذكر. وقال الشاعر :

جادت عليها كل عين ثرة

فتركن كل حديقة كالدرهم

فأنث على المعنى. وما ذكر عن ابن عباس : أنّ الجدال هنا هو جدال الجسد للروح ، والروح للجسد لا يظهر قال : يقول الجسد : رب جاء الروح بأمرك به نطق لساني وأبصرت عيني ومشت رجلي ، فتقول الرّوح : أنت كسبت وعصيت لا أنا ، وأنت كنت الحامل وأنا المحمول ، فيقول الله عزوجل : أضرب لكما مثل أعمى حمل مقعدا إلى بستان فأصابا من ثماره ، فالعذاب عليكما. وعن ابن عباس ، ومجاهد ، وابن زيد ، وقتادة : أن القرية المضروب بها المثل مكة ، كانت لا تغزي ولا يغار عليها ، والأرزاق تجلب إليها ، وأنعم الله عليها بالرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكفرت ، فأصابها السنون والخوف. وسرايا الرسول وغزواته ضربت مثلا لغيرها مما يأتي بعدها. وهذا وإن كانت الآية مدنية ، وإن كانت مكية فجوع السنين وخوف

__________________

(١) سورة الأعراف : ٧ / ٣٨.

٦٠٢

العذاب بسبب التكذيب. ويؤيد كونها مكية قوله : ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه ، ويجوز أن يكون قرية من قرى الأولين. وعن حفصة : أنها المدينة. وقال ابن عطية : يتوجه عندي أنها قصد بها قرية غير معينة ، جعلت مثلا لمكة على معنى التحذير لأهلها ولغيرها من القرى إلى يوم القيامة. وقال الزمخشري : يجوز أن يراد قرية مقدرة على هذه الصفة ، وأن يكون في قرى الأولين قرية كانت هذه حالها ، فضربها الله مثلا لمكة إنذارا من مثل عاقبتها انتهى. ولا يجوز أن يراد قرية مقدرة على هذه الصفة ، بل لا بد من وجودها لقوله : ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون. كانت آمنة ابتدأ بصفة الأمن ، لأنه لا يقيم لخائف. والاطمئنان زيادة في الأمن ، فلا يزعجها خوف. يأتيها رزقها أقواتها واسعة من جميع جهاتها ، لا يتعذر منها جهة. وأنعم جمع نعمة ، كشدّة وأشد. وقال قطرب : جمع نعم بمعنى النعيم ، يقال : هذه أيام طعم ونعم انتهى. فيكون كبؤس وأبؤس. وقال الزمخشري : جمع نعمة على ترك التاء ، والاعتداد بالتاء كدرع وأدرع. وقال العقلاء : ثلاثة ليس لها نهاية : الأمن ، والصحة والكفاية. قال أبو عبد الله الرازي : أمنة إشارة إلى الأمن ، مطمئنة إشارة إلى الصحة ، لأن هواء ذلك لما كان ملازما لأمزجتهم اطمأنوا إليها واستقروا ، يأتيها رزقها السبب في ذلك دعوة إبراهيم عليه‌السلام : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ) (١) وقال : الأنعم جمع نعمة وجمع قلة ، ولم يأت بنعم الله وذلك أنه قصد التنبيه بالأدنى على الأعلى بمعنى أنّ كفران النعم القليلة أوجب العذاب ، فكفران الكثيرة أولى بإيجابه. قال ابن عطية : لما باشرهم ذلك صار كاللباس ، وهذا كقول الأعشى :

إذا ما الضجيع ثنى جيدها

تثنت فكانت عليه لباسا

ونحو قوله تعالى : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ) (٢) ومنه قول الشاعر :

وقد لبست بعد الزبير مجاشع

ثياب التي حاضت ولم تغسل الدما

كأن العار لما باشرهم ولصق بهم جعلهم لبسوه. وقوله : فأذاقها الله ، نظير قوله : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) (٣) ونظير قول الشاعر :

__________________

(١) سورة ابراهيم : ١٤ / ٣٧.

(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٨٧.

(٣) سورة الدخان : ٤٤ / ٤٩.

٦٠٣

دونك ما جنيته فاحس وذق

وقال الزمخشري : الإذاقة واللباس استعارتان ، فما وجه صحتهما؟ والإذاقة المستعارة موقعة على اللباس فما وجه صحة إيقاعها؟ (قلت) : أما الإذاقة فقد جرت عندهم مجرى الحقيقة لشيوعها في البلايا والشدائد وما يمس الناس منها فيقولون : ذاق فلان البؤس والضر ، وإذاقة العذاب شبه ما يدرك من أثر الضرر والألم بما يدرك من طعم المر والبشع. وأما اللباس فقد شبه به لاشتماله على اللابس ما غشي الإنسان والتبس به من بعض الحوادث. وأما إيقاع الإذاقة على لباس الجوع والخوف فلأنه لما وقع عبارة : عما يغشى منهما وبلابس ، فكأنه قيل : فأذاقهم ما غشيهم من الجوع والخوف ، ولهم في نحو هذا طريقان : أحدهما : أن ينظروا فيه إلى المستعار له ، كما نظر إليه هاهنا ، ونحوه قول كثير :

غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا

غلقت لضحكته رقاب المال

استعار الرداء للمعروف ، لأنه يصون عرض صاحبه ، صون الرداء لما يلقى عليه. ووصفه بالغمر الذي هو وصف المعروف والنوال ، لا صفة الرداء ، نظرا إلى المستعار له. والثاني : أن ينظروا فيه إلى المستعار كقوله :

ينازعني ردائي عبد عمرو

رويدك يا أخا عمرو بن بكر

لي الشطر الذي ملكت يميني

ودونك فاعتجر منه بشطر

أراد بردائه سيفه ثم قال : فاعتجر منه بشطر ، فنظر إلى المستعار في لفظ : الاعتجار ، ولو نظر إليه فيما نحن فيه لقيل : فكساهم لبس الجوع والخوف ، ولقال كثير : ضافي الرداء إذا تبسم ضاحكا انتهى. وهو كلام حسن. ولما تقدم ذكر الأمن وإتيان الرزق ، قابلهما بالجوع الناشئ عن انقطاع الرزق وبالخوف. وقدم الجوع ليلي المتأخر وهو إتيان الرزق كقوله : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ) (١) وأما قوله : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) (٢) فأما الذين شقوا ففي النار فقدم ما بدىء به وهما طريقان. وقرأ الجمهور : والخوف بالجرّ عطفا على الجوع. وروى العباس عن أبي عمرو : والخوف بالنصب عطفا على لباس. قال صاحب اللوامح : ويجوز أن يكون نصبه بإضمار فعل. وقال الزمخشري : يجوز أن يكون على تقدير حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، أصله ولباس

__________________

(١) سورة آل عمران : ٣ / ١٠٦.

(٢) سورة هود : ١١ / ١٠٥.

٦٠٤

الخوف. وقرأ عبد الله فأذاقها الله الخوف والجوع ، ولا يذكر لباس. والذي أقوله : إنّ هذا تفسير المعنى لا قراءة ، لأن المنقول عنه مستفيضا مثل ما في سواد المصحف. وفي مصحف أبي بن كعب لباس الخوف والجوع ، بدأ بمقابل ما بدأ به في قوله : كانت آمنة ، وهذا عندي إنما كان في مصحفه قبل أن يجمعوا ما في سواد المصحف الموجود الآن شرقا وغربا ، ولذلك المستفيض عن أبي في القراءة إنما هو كقراءة الجماعة بما كانوا يصنعون من كفران نعم الله ، ومنها تكذيب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم الذي جاءهم. والضمير في بما كانوا يصنعون عائد على المحذوف في قوله : وضرب الله مثلا قرية ، أي : قصة أهل قرية ، أعاد الضمير أولا على لفظ قرية ، ثم على المضاف المحذوف كقوله : (فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً) (١) (أَوْ هُمْ قائِلُونَ). والظاهر أن الضمير في ولقد جاءهم ، عائد على ما عاد عليه في قوله : بما كانوا يصنعون. وقال ابن عطية : يحتمل أن يكون الضمير في جاءهم لأهل تلك المدينة ، يكون هذا بما جرى فيها كمدينة شعيب عليه‌السلام وغيره ، ويحتمل أن يكون لأهل مكة. وقال أبو عبد الله الرازي : لما ذكر المثل قال : ولقد جاءهم ـ يعني أهل مكة ـ رسول منهم يعني ـ من أنفسهم ـ يعرفونه بأصله ونسبه ، ولما وعظ تعالى بضرب ذلك المثل وصل هذا الأمر للمؤمنين بالفاء ، فأمر المؤمنين بأكل ما رزقهم وشكر نعمته ليباينوا تلك القرية التي كفرت بنعم الله. ولما تقدم فكفرت بأنعم الله جاء هنا : واشكروا نعمة الله. وفي البقرة جاء : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) (٢) لم يذكر من كفر نعمته فقال : (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) (٣) ولما أمرهم بالأكل مما رزقهم ، عدد عليهم محرماته تعالى ونهاهم عن تحريمهم وتحليلهم بأهوائهم دون اتباع ما شرع الله على لسان أنبيائه. وكذا جاء في البقرة ذكر ما حرم إثر قوله : كلوا مما رزقناكم. وقوله : إنما حرم الآية تقدّم تفسير مثلها في البقرة (٤).

(وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ * مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ * وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) : لما بين تعالى ما حرم ، بالغ في تأكيد ذلك بالنهي عن الزيادة فيما حرم

__________________

(١) سورة الأعراف : ٧ / ٤.

(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٧٢.

(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٧٢.

(٤) سورة البقرة : ٢ / ١٧٣.

٦٠٥

كالبحيرة ، والسائبة ، وفيما أحل كالميتة والدم ، وذكر تعالى تحريم هؤلاء الأربع في سورة الأنعام. وهذه السورة وهما مكيتان بأداة الحصر ، ثم كذلك في سورة البقرة والمائدة بقوله : (أُحِلَّتْ لَكُمْ) (١) الآية وأجمعوا على أن المراد : من (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) (٢) هو قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ) (٣) الآية وهما مدنيتان فكان هذا التحريم لهذه الأربع مشرعا ثانيا في أول مكة وآخرها ، وأول المدينة وآخرها. فنهى تعالى أن يحرموا ويحلوا من عند أنفسهم ، ويفترون بذلك على الله حيث ينسبون ذلك إليه. وقرأ الجمهور الكذب بفتح الكاف والباء وكسر الذال ، وجوزوا في ما في هذه القراءة أن تكون بمعنى الذي ، والعائد محذوف تقديره : للذي تصفه ألسنتكم. وانتصب الكذب على أنه معمول لتقولوا أي : ولا تقولوا الكذب للذي تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة ، من غير استناد ذلك الوصف إلى الوحي. وهذا حلال وهذا حرام بدل من الكذب ، أو على إضمار فعل أي : فتقولوا هذا حلال وهذا حرام. وأجاز الحوفي وأبو البقاء أن يكون انتصاب الكذب على أنه بدل من الضمير المحذوف العائد على ما ، كما تقول : جاءني الذي ضربت أخاك ، أي ضربته أخاك. وأجاز أبو البقاء أن يكون منصوبا بإضمار أعني. وقال الكسائي والزجاج : ما مصدرية ، وانتصب الكذب على المفعول به أي : لوصف ألسنتكم الكذب. ومعمول : ولا تقولوا ، الجملة من قوله : هذا حلال وهذا حرام ، والمعنى : ولا تحللوا ولا تحرموا لأجل قول تنطق به ألسنتكم كذبا ، لا بحجة وبينة. وهذا معنى بديع ، جعل قولهم : كأنه عين الكذب ومحضه ، فإذا نطقت به ألسنتهم فقد جلت الكذب بحليته وصورته بصورته كقولهم : وجهه يصف الجمال ، وعينها تصف السحر. وقرأ الحسن ، وابن يعمر ، وطلحة ، والأعرج ، وابن أبي إسحاق ، وابن عبيد ، ونعيم بن ميسرة : بكسر الباء ، وخرج على أن يكون بدلا من ما ، والمعنى الذي : تصفه ألسنتكم الكذب. وأجاز الزمخشري وغيره أن يكون الكذب بالجر صفة لما المصدرية. قال الزمخشري : كأنه قيل : لوصفها الكذب بمعنى الكاذب كقوله تعالى : (بِدَمٍ كَذِبٍ) (٤) والمراد بالوصف وصفها البهائم بالحل والحرمة انتهى. وهذا عندي لا يجوز ، وذلك أنهم نصوا على أنّ أن المصدرية لا ينعت المصدر المنسبك منها ومن الفعل ، ولا يوجد من كلامهم : يعجبني أن قمت السريع ، يريد قيامك السريع ، ولا عجبت من أن تخرج السريع أي : من خروجك السريع. وحكم باقي

__________________

(١) سورة المائدة : ٥ / ١.

(٢) سورة المائدة : ٥ / ١.

(٣) سورة المائدة : ٥ / ٣.

(٤) سورة يوسف : ١٢ / ١٨.

٦٠٦

الحروف المصدرية حكم أنّ فلا يوجد من كلامهم وصف المصدر المنسبك من أن ولا ، من ما ولا ، من كي ، بخلاف صريح المصدر فإنه يجوز أن ينعت ، وليس لكل مقدر حكم المنطوق به وإنما يتبع في ذلك ما تكلمت به العرب.

وقرأ معاذ ، وابن أبي عبلة ، وبعض أهل الشام : الكذب بضم الثلاثة صفة للألسنة ، جمع كذوب. قال صاحب اللوامح : أو جمع كاذب أو كذاب انتهى. فيكون كشارف وشرف ، أو مثل كتاب وكتب ، ونسب هذه القراءة صاحب اللوامح لمسلمة بن محارب. وقال ابن عطية : وقرأ مسلمة بن محارب الكذب بفتح الياء على أنه جمع كذاب ، ككتب في جمع كتاب. وقال صاحب اللوامح : وجاء عن يعقوب الكذب بضمتين والنصب ، فأما الضمتان فلأنه جمع كذاب وهو مصدر ، ومثله كتاب وكتب. وقال الزمخشري : بالنصب على الشتم ، أو بمعنى الكلم الكواذب ، أو هو جمع الكذاب من قولك : كذب كذابا ذكره ابن جني انتهى. والخطاب على قول الجمهور بقوله : ولا تقولوا ، للكفار في شأن ما أحلوا وما حرموا من أمور الجاهلية ، وعلى ذلك الزمخشري وابن عطية. وقال العسكري : الخطاب للمكلفين كلهم أي : لا تسموا ما لم يأتكم حظره ولا إباحته عن الله ورسوله حلالا ولا حراما ، فتكونوا كاذبين على الله في إخباركم بأنه حلله وحرمه انتهى. وهذا هو الظاهر ، لأنه خطاب معطوف على خطاب وهو : فكلوا إنما حرم عليكم ، فهو شامل لجميع المكلفين. واللام في لتفتروا لام التعليل الذي لا يتضمن معنى الغرض ، قاله الزمخشري ، وهي التي تسمى لام العاقبة ولام الصيرورة. قيل : ذلك الافتراء ما كان غرضا لهم ، والظاهر أنها لام التعليل وأنهم قصدوا الافتراء كما قالوا : (وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا) (١) والله أمرنا بها ، ولا يكون ذلك على سبيل التوكيد لما تقدم لتضمنه الكذب ، لأنّ هذا التعليل فيه التنبيه على من افتروه عليه ، وهو الله تعالى. وقال الواحدي : لتفتروا على الله الكذب يدل من قوله : لما تصف ألسنتكم الكذب ، لأنّ وصفهم الكذب هو افتراء على الله ، ففسر وصفهم بالافتراء على الله انتهى. وهو على تقدير ما مصدرية ، وأما إذا كانت بمعنى الذي فاللام في لما ليست للتعليل ، فيبدل منها ما يقتضي التعليل ، بل اللام متعلقة بلا تقولوا على حد تعلقها في قولك : لا تقولوا ، لما أحل الله هذا حرام أي : لا تسموا الحلال حراما ، وكما تقول لزيد عمرو أي لا تطلق على زيد هذا الاسم. والظاهر أنهم افتروا على الله حقيقة ،

__________________

(١) سورة الأعراف : ٧ / ٢٨.

٦٠٧

وهو ظاهر الافتراء الوارد في آي القرآن. وقال ابن عطية : ويحتمل أن يريد أنه كان شرعهم لاتباعهم سننا لا يرضاها الله افتراء عليه ، لأنّ من شرع أمرا فكأنه قال لتابعه : هذا هو الحق ، وهذا مراد الله. ثم أخبر تعالى عن الذين يفترون على الله الكذب بانتفاء الفلاح.

والفلاح : الظفر بما يؤمل ، فتارة يكون في البقاء كما قال الشاعر :

والمسى والصبح لا فلاح معه

وتارة في نجح المساعي كما قال عبيد بن الأبرص :

أفلح بما شئت فقد يب

لغ بالضعف وقد يخدع الأريب

وارتفاع متاع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، فقدر الزمخشري منفعتهم فيما هم عليه من أفعال الجاهلية منفعة قليلة وعقابها عظيم. وقال ابن عطية : عيشهم في الدنيا. وقال العسكري : يجوز أن يكون المتاع هنا ما حللوه لأنفسهم مما حرمه الله تعالى. وقال أبو البقاء : بقاؤهم متاع قليل. وقال الحوفي : متاع قليل ابتداء وخبر انتهى. ولا يصح إلا بتقدير الإضافة أي : متاعهم قليل. ولما بيّن تعالى ما يحل وما يحرم لأهل الإسلام ، أتبعه بما كان خص به اليهود محالا على ما تقدم ذكره في سورة الأنعام ، وهذا يدل على أنّ سورة الأنعام نزلت قبل هذه السورة ، إذ لا تصح الحوالة إلا بذلك. ويتعلق من قبل بقصصنا ، وهو الظاهر. وقيل : بحرمنا ، والمحذوف الذي في من قبل تقديره من قبل تحريمنا على أهل ملتك. والسوء هنا قال ابن عباس : الشرك قبل المعرفة بالله انتهى. ما يسوء صاحبه من كفر ومعصية غيره. والكلام في للذين عملوا وما يتعلق به تقدم نظيره في قوله : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا) (١) فأغنى عن إعادته. وقال قوم : بجهالة تعمد. وقال ابن عطية : ليست هنا ضد العلم ، بل تعدى الطور وركوب الرأس منه : أو أجهل أو يجهل عليّ. وقول الشاعر :

ألا لا يجهلنّ أحد علينا

فنجهل فوق جهل الجاهلينا

والتي هي ضد العلم ، تصحب هذه كثيرا ، ولكن يخرج منها المتعمد وهو الأكثر. وقلّ ما يوجد في العصاة من لم يتقدم له علم بخطر المعصية التي يواقع انتهى. ملخصا. وقال الزمخشري : بجهالة في موضع الحال أي : عملوا السوء جاهلين غير عارفين بالله وبعقابه ، أو غير متدبرين للعاقبة لغلبة الشهوة عليهم. وقال سفيان : جهالته أن يلتذ بهواه ، ولا يبالي

__________________

(١) سورة النحل : ١٦ / ١١٠.

٦٠٨

بمعصية مولاه. وقال الضحاك : باغترار الحال عن المآل. وقال العسكري : ليس المعنى أنه يغفر لمن يعمل السوء بجهالة ، ولا يغفر لمن عمله بغير جهالة ، بل المراد أن جميع من تاب فهذا سبيله ، وإنما خص من يعمل السوء بجهالة ، لأنّ أكثر من يأتي الذنوب يأتيها بقلة فكر في عاقبة ، أو عند غلبة شهوة ، أو في جهالة شباب ، فذكر الأكثر على عادة العرب في مثل ذلك. والإشارة بذلك إلى عمل السوء ، وأصلحوا : استمروا على الإقلاع عن تلك المعصية. وقيل : أصلحوا آمنوا وأطاعوا ، والضمير في من بعدها عائد على المصادر المفهومة من الأفعال السابقة أي : من بعد عمل السوء والتوبة والإصلاح. وقيل : يعود على الجهالة. وقيل : على السوء على معنى المعصية.

(إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) : لما أبطل تعالى مذاهب المشركين في هذه السورة من إثبات الشركاء لله ، والطعن في نبوّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وتحليل ما حرّم ، وتحريم ما أحل ، وكانوا مفتخرين بجدهم إبراهيم عليه‌السلام مقرين بحسن طريقته ووجوب الاقتداء به ، ذكره في آخر السورة وأوضح منهاجه ، وما كان عليه من توحيد الله تعالى ورفض الأصنام ، ليكون ذلك حاملا لهم على الاقتداء به. وأيضا فلما جرى ذكر اليهود بيّن طريقة إبراهيم ليظهر الفرق بين حاله وحالهم ، وحال قريش. وقال مجاهد : سمي أمّة لانفراده بالإيمان في وقته مدّة ما. وفي البخاري أنه قال لسارة : ليس على الأرض اليوم مؤمن غيري وغيرك. والأمة لفظ مشترك بين معان منها : الجمع الكثير من الناس ، ثم يشبه به الرجل الصائم ، أو الملك ، أو المنفرد بطريقة وحده عن الناس فسمي أمة ، وقاله ابن مسعود والفراء وابن قتيبة. وقال ابن عباس : كان عنده من الخير ما كان عنده أمة ، ومن هنا أخذ الحسن بن هانىء قوله :

وليس على الله بمستنكر

أن يجمع العالم في واحد

وعن ابن مسعود : إنه معلم الخير ، وأطلق هو وعمر ذلك على معاذ فقال : كان أمة قانتا. وقال ابن الأنباري : هذا مثل قول العرب : فلان رحمة ، وعلامة ، ونسابة ، يقصدون بالتأنيث التناهي في المعنى الموصوف به. وقيل : الأمة الإمام الذي يقتدي به من أم يؤم ،

٦٠٩

والمفعول قد يبنى للكثرة على فعلة وتقدم تفسير القانت ، والحنيف : شاكرا لأنعمه. روي أنه كان لا يتغدى إلا مع ضيف ، فلم يجد ذات يوم ضيفا فأخر غداه ، فإذا هو بفوج من الملائكة في صورة البشر ، فدعاهم إلى الطعام ، فخيلوا أنّ بهم جذاما فقال : الآن وجبت مؤاكلتكم ، شكر الله على أنه عافاني وابتلاكم. ورتيناه في الدنيا حسنة ، قال قتادة : حببه الله تعالى إلى كل الخلق ، فكل أهل الأديان يتولونه اليهود والنصارى والمسلمون ، وخصوصا كفار قريش ، فإنّ فخرهم إنما هو به ، وذلك بإجابة دعوته : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (١) وقيل : الحسنة قول المصلي منا : كما صليت على إبراهيم. وقال ابن عباس : الذكر الحسن. وقال الحسن : النبوة. وقال مجاهد : لسان صدق. وقال قتادة : القبول ، وعنه تنويه الله بذكره. وقيل : الأولاد الأبرار على الكبر. وقيل : المال يصرفه في الخير والبر. وإنه لمن المصلحين ، تقدم الكلام على هذه الجملة في البقرة ، ولما وصف إبراهيم عليه‌السلام بتلك الأوصاف الشريفة أمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يتبع ملته ، وهذا الأمر من جملة الحسنة التي آتاها الله إبراهيم في الدنيا. قال ابن فورك : وأمر الفاضل باتباع المفضول ، لما كان سابقا إلى قول الصواب والعمل به. وقال الزمخشري : ثم أوحينا في ثم هذه ما فيها من تعظيم منزلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإجلال محله ، والإيذان بأنّ أشرف ما أوتي خليل الله إبراهيم عليه‌السلام من الكرامة ، وأجل ما أوتي من النعمة اتباع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ملته ، من قبل أنها على تباعد هذا النعت في المرتبة من بين سائر النعوت التي أثنى الله عليها بها انتهى. وأن تفسيرية ، أو في موضع المفعول. واتباع ملته قال قتادة : في الإسلام ، وعنه أيضا : جميع ملته إلا ما أمر بتركه. وعن عمرو بن العاص : مناسك الحج. وقال القرطبي : الصحيح عقائد الشرع دون الفروع لقوله : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) (٢) وقيل : في التبري من الأوثان. وقال قوم كان على شريعة ابراهيم ، وليس له شرع ينفرد به ، وإنما المقصود من بعثته إحياء شرع ابراهيم عليه‌السلام. قال أبو عبد الله الرازي : وهذا القول ضعيف ، لأنه وصف إبراهيم في هذه الآية بأنه ما كان من المشركين ، فلما قال : اتبع ملة ابراهيم ، كان المراد ذلك. فإن قيل : النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنما نفى الشرك وأثبت التوحيد بناء على الدلائل القطعية ، وإذا كان كذلك لم يكن متابعا له ، فيمتنع حمل قوله : أن اتبع ، على هذا المعنى ، فوجب حمله على الشرائع التي يصح حصول المتابعة فيها.

__________________

(١) سورة الشعراء : ٢٦ / ٨٤.

(٢) سورة المائدة : ٥ / ٤٨.

٦١٠

(قلت) : يحتمل أن يكون المراد متابعته في كيفية الدعوة إلى التوحيد ، وهي أن يدعو إليه بطريق الرفق والسهولة ، وإيراد الدلائل مرة بعد أخرى بأنواع كثيرة على ما هو الطريقة المألوفة في القرآن انتهى. ولا يحتاج إلى هذا ، لأنّ المعتقد الذي تقتضيه دلائل العقول لا يمتنع أن يوحي لتظافر المعقول والمنقول على اعتقاده. ألا ترى إلى قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) (١) فليس اعتقاد الوحدانية بمجرد الوحي فقط ، وإنما تظافر المنقول عن الله في ذلك مع دليل العقل. وكذلك هنا أخبر تعالى أنّ ابراهيم لم يكن مشركا ، وأمر الرسول باتباعه في ذلك ، وإن كان انتفاء الشرك ليس مستنده مجرد الوحي ، بل الدليل العقلي والدليل الشرعي تظافرا على ذلك. وقال ابن عطية : قال مكي : ولا يكون ـ يعني حنيفا ـ حالا من ابراهيم لأنه مضاف إليه ، وليس كما قال لأنّ الحال قد تعمل فيها حروف الخفض إذا عملت في ذي الحال كقولك : مررت بزيد قائما انتهى. أما ما حكى عن مكي وتعليله امتناع ذلك بكونه مضافا إليه ، فليس على إطلاق هذا التعليل لأنه إذا كان المضاف إليه في محل رفع أو نصب ، جازت الحال منه نحو : يعجبني قيام زيد مسرعا ، وشرب السويق ملتوتا. وقال بعض النحاة : ويجوز أيضا ذلك إذا كان المضاف جزءا من المضاف إليه كقوله : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) (٢) إخوانا أو كالجزء منه كقوله : (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) (٣) وقد بينا الصحيح في ذلك فيما كتبناه على التسهيل ، وعلى الألفية لابن مالك. وأما قول ابن عطية في رده على مكي بقوله : وليس كما قال ، لأنّ الحال إلى آخره فقول بعيد عن قول أهل الصنعة ، لأن الباء في بزيد ليست هي العاملة في قائما ، وإنما العامل في الحال مررت ، والباء وإن عملت الجر في زيد فإنّ زيدا في موضع نصب بمررت ، وكذلك إذا حذف حرف الجر حيث يجوز حذفه نصب الفعل ذلك الاسم الذي كان مجرورا بالحرف. ولما أمر الله رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم باتباع ملة ابراهيم عليه‌السلام ، وكان الرسول قد اختار يوم الجمعة ، فدل ذلك على أنه كان في شرع ابراهيم ، بين أنّ يوم السبت لم يكن تعظيمه ، واتخاذه للعبادة من شرع ابراهيم ولا دينه ، والسبت مصدر ، وبه سمي اليوم. وتقدم الكلام في هذا اللفظ في الأعراف. قال الزمخشري : سبتت اليهود إذا عظمت سبتها والمعنى : إنما جعل وبال السبت وهو المسخ على الذين اختلفوا فيه ، واختلافهم

__________________

(١) سورة الأنبياء : ٢١ / ١٠٨.

(٢) سورة الأعراف : ٧ / ٤٣.

(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٣٥.

٦١١

فيه : أنهم أحلوا الصيد فيه تارة وحرموه تارة ، وكان الواجب عليهم أن يتفقوا في تحريمه على كلمة واحدة بعد ما حتم الله عليهم الصبر عن الصيد فيه ، والمعنى في ذكر ذلك نحو المعنى في ضرب القرية التي كفرت بأنعم الله مثلا ، وغير ما ذكر وهو الإنذار من سخط الله على العصاة والمخالفين لأوامره والخالعين ربقة طاعته.

(فإن قلت) : فما معنى الحكم بينهم إذا كانوا جميعا محلين أو محرمين؟ (قلت) : معناه أنه يجازيهم جزاء اختلاف فعلهم في كونهم محلين تارة ومحرمين أخرى ، ووجه آخر وهو أنّ موسى عليه‌السلام أمرهم أن يجعلوا في الأسبوع يوما للعبادة ، وأن يكون يوم الجمعة ، فأبوا عليه وقالوا : نريد اليوم الذي فرغ الله فيه من خلق السموات والأرض وهو السبت ، إلا شرذمة منهم قد رضوا بالجمعة ، فهذا اختلافهم في السبت ، لأنّ بعضهم اختاره ، وبعضهم اختار عليه الجمعة ، فأذن الله لهم في السبت ، وابتلاهم بتحريم الصيد فيه ، فأطاع أمر الله الراضون بالجمعة فكانوا لا يصيدون ، وأعقابهم لم يصبروا عن الصيد فمسخهم الله دون أولئك. وهو يحكم بينهم يوم القيامة ، فيجازي كل واحد من الفريقين بما يستوجبه. ومعنى جعل السبت : فرض عليهم تعظيمه ، وترك الاصطياد فيه انتهى. وهو كلام ملفق من كلام المفسرين قبله. وقال الكرماني : عدى جعل بعلى ، لأن اليوم صار عليهم لا لهم ، لارتكابهم المعاصي فيه انتهى. ولهذا قدره الزمخشري : إنما جعل وبال السبت. وقال الحسن : جعل السبت لعنة عليهم بأن جعل منهم القردة. وقال ابن عباس : إن الله سبحانه قال : ذروا الأعمال في يوم الجمعة وتفرغوا فيه لعبادتي ، فقالوا : نريد السبت ، لأن الله تعالى فرغ فيه من خلق السموات والأرض ، فهو أولى بالراحة. وقرأ أبو حيوة : جعل بفتح الجيم والعين مبنيا للفاعل ، وعن ابن مسعود والأعمش : أنهما قرآ إنما أنزلنا السبت ، وهي تفسير معنى لا قراءة ، لأنها مخالفة لسواد المصحف المجمع عليه ، ولما استفاض عن الأعمش وابن مسعود أنهما قرآ كالجماعة.

(ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ * وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) : أمر الله تعالى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يدعو إلى دين الله وشرعه بتلطف ، وهو أن يسمع المدعو حكمة ، وهو الكلام الصواب

٦١٢

القريب الواقع من النفس أجمل موقع. وعن ابن عباس : أنّ الحكمة القرآن ، وعنه : الفقه. وقيل : النبوّة. وقيل : ما يمنع من الفساد من آيات ربك المرغبة والمرهبة. والموعظة الحسنة مواعظ القرآن عن ابن عباس ، وعنه أيضا : الأدب الجميل الذي يعرفونه. وقال ابن جرير : هي العبر المعدودة في هذه السورة. وقال ابن عيسى : الحكمة المعروفة بمراتب الأفعال والموعظة الحسنة أن تختلط الرغبة بالرهبة ، والإنذار بالبشارة. وقال الزمخشري : إلى سبيل ربك الإسلام ، بالحكمة بالمقالة المحكمة الصحيحة ، وهي الدليل الموضح للحق المزيل للشبهة ، والموعظة الحسنة وهي التي لا تخفى عليهم إنك تناصحهم بها وتقصد ما ينفعهم فيها ، ويجوز أن يريد القرآن أي : ادعهم بالكتاب الذي هو حكمة وموعظة حسنة ، وجادلهم بالتي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين من غير فظاظة ولا تعنيف. وقال ابن عطية : الموعظة الحسنة التخويف والترجئة والتلطف بالإنسان بأن تجله وتنشطه ، وتجعله بصورة من قبل الفضائل ونحو هذا. وقالت فرقة : هذه الآية منسوخة بآية القتال ، وقالت فرقة : هي محكمة.

وإن عاقبتم أطبق أهل التفسير أن هذه الآية مدنية نزلت في شأن التمثيل بحمزة وغيره في يوم أحد ، ووقع ذلك في صحيح البخاري ، وفي كتاب السير. وذهب النحاس إلى أنها مكية ، والمعنى متصل بما قبلها اتصالا حسنا ، لأنها تتدرج الذنب من الذي يدعي ، وتوعظ إلى الذي يجادل ، إلى الذي يجازى على فعله ، ولكن ما روى الجمهور أثبت انتهى. وذهبت فرقة منهم ابن سيرين ومجاهد : إلى أنها نزلت فيمن أصيب بظلامة أن لا ينال من ظالمه إذا تمكن الأمثل ظلامته لا يتعداها إلى غيرها ، وسمى المجازاة على الذنب معاقبة لأجل المقابلة ، والمعنى : قابلوا من صنع بكم صنيع سوء بمثله ، وهو عكس : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) (١). المجاز في الثاني وفي : وإن عاقبتم في الأول. وقرأ ابن سيرين : وإن عقبتم فعقبوا بتشديد القافين أي : وإن قفيتم بالانتصار فقفوا بمثل ما فعل بكم. والظاهر عود الضمير إلى المصدر الدال عليه الفعل مبتدأ بالإضافة إليهم أي : لصبركم وللصابرين أي : لكم أيها المخاطبون ، فوضع الصابرين موضع الضمير ثناء من الله عليهم بصبرهم على الشدائد ، وبصبرهم على المعاقبة. وقيل : يعود إلى جنس الصبر ، ويراد بالصابرين جنسهم ، فكأنه قيل : والصبر خير للصابرين ، فيندرج صبر المخاطبين في الصبر ،

__________________

(١) سورة آل عمران : ٣ / ٥٤.

٦١٣

ويندرجون هم في الصابرين. ونحوه : (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ) (١) (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) (٢) ولما خير المخاطبون في المعاقبة والصبر عنها عزم على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الذي هو خير وهو الصبر ، فأمر هو وحده بالصبر. ومعنى بالله : بتوفيقه وتيسيره وإرادته. والضمير في عليهم يعود على الكفار ، وكذلك في يمكرون كما قال : (فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (٣) وقيل : يعود على القتلى الممثل بهم حمزة ، ومن مثل به يوم أحد. وقرأ الجمهور : في ضيق بفتح الضاد. وقرأ ابن كثير : بكسرها ، ورويت عن نافع ، ولا يصح عنه ، وهما مصدران كالقيل والقول عند بعض اللغويين. وقال أبو عبيدة : بفتح الضاد مخفف من ضيق أي : ولا تك في أمر ضيق كلين في لين. وقال أبو علي : الصواب أن يكون الضيق لغة في المصدر ، لأنه إن كان مخففا من ضيق لزم أن تقام الصفة مقام الموصوف إذا تخصص الموصوف ، وليس هذا موضع ذلك ، والصفة إنما تقوم مقام الموصوف إذا تخصص الموصوف من نفس الصفة كما تقول : رأيت ضاحكا ، فإنما تخصص الإنسان. ولو قلت : رأيت باردا لم يحسن ، وببارد مثل سيبويه وضيق لا يخصص الموصوف. وقال ابن عباس ، وابن زيد : إنّ ما في هذه الآيات من الأمر بالصبر منسوخ ، ومعنى المعية هنا بالنصرة والتأييد والإعانة.

__________________

(١) سورة الشورى : ٤٢ / ٤٠.

(٢) سورة البقرة : ٢ / ٢٣٧.

(٣) سورة المائدة : ٥ / ٦٨.

٦١٤

فهرس الجزء السادس

أول سورة يونس

في تفسير قوله : (الر تِلْكَ) الآيتين

٧

في تفسير قوله : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ) الآية

٧٤

في تفسير قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً) الآية

١٤

في تفسير قوله : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ) الآية.

٧٨

سبب نزول وتفسير قوله : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) الآية

٢٣

في تفسير قوله : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) الآية

٨١

في تفسير قوله : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ) الآية

٣٠

في تفسير قوله : (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ) الآيتين

٨٢

في تفسير قوله : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ) الآية.

٣١

في تفسير قوله : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ) الآية

٨٦

في تفسير قوله تعالى : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا) الآية

٣٦

في تفسير قوله : (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى) الآيتين

٩٠

في تفسير قوله : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ) الآية

٤٤

في تفسير قوله تعالى : (قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا) الآيات

٩١

في تفسير قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا) الآية وما يتعلق بها من الاعراب

٤٨

في تفسير قوله : (فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ) الآيات

٩٣

في تفسير قوله تعالى : (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى) الآية

٥٧

في تفسير قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ) الآيتين

٩٦

في تفسير قوله : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) الآية

٥٩

في تفسير قوله : (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ) الآيات

١٠١

في تفسير (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا) الآية وما يتعلق بها من الإعراب

٦٤

في تفسير قوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ) الآية وما المراد من الشك والخطاب لمن؟

١٠٥

في تفسير قوله : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ) الآية

٦٨

في تفسير قوله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ) الآية

١٠٧

في تفسير (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ) الآية

٧١

في تفسير قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) وسبب نزولها

١٠٨

٦١٥

في تفسير قوله : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي

شَكٍّ مِنْ دِينِي) الآيات

١١١

أول سورة هود

في تفسير قوله : (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ) الآيات

١١٨

شأن ابن سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام وما يتعلق بذلك

١٥٩

سبب نزول وتفسير قوله : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) الآية

١٢١

إباء قوم سيدنا هود عليه الصلاة والسلام عن الإيمان به ورده عليهم

١٦٧

في تفسير قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) الآيتين

١٢٥

إهلاكهم ونجاة سيدنا هود ومن معه

١٧٠

سبب نزول وتفسير قوله : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) الآية

١٢٨

دعاء سيدنا صالح عليه الصلاة والسلام لقومه وتكذيبهم إياه

١٧٥

تفسير قوله : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) الآيتين

١٣٠

إهلاكهم بالصيحة ونجاة سيدنا صالح ومن معه

١٧٨

في تفسير قوله : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) والاختلاف في تفسير الشاهد

١٣٤

مجيء الملائكة لسيدنا إبراهيم بالبشرى وقصتهم معه

١٧٨

في تفسير قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى) الآيات والاختلاف في لا جرم معنى وأعرابا

١٣٦

مجيء الرسل لسيدنا لوط عليه الصلاة والسلام وما فعله قومه معه لأجل الرسل يحسبونهم ضيوفا وما كان يقوله لهم

١٨٦

كلام الملأ من قوم سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام معه حين دعاهم إلى التوحيد وتكذيبهم إياه

١٣٩

كلام الرسل مع سيدنا لوط وإعلامهم إياه ان قومه موعد هلاكهم الصبح وذكر إهلاكهم بقلب مدائنهم عليهم

١٨٨

رده عليهم

١٤١

إرسال سيدنا شعيب عليه‌السلام إلى قومه ووعظه لهم

١٩٥

تمام رده عليهم مع التلطف في الخطاب

١٤٤

ردهم عليه واستهزاؤهم به وما قاله لهم عليه الصلاة والسلام

١٩٦

صنع سيدنا نوح عليه‌السلام السفينة وسخرية قومه منه حين ذلك وما يتعلق بذلك

١٤٨

ذكر استضعافهم له ورده عليهم وذكره إهلاكهم بالصيحة ونجاته ومن معه

٢٠٠

تفسير قوله (وَقالَ ارْكَبُوا فِيها) الآيات وما حصل من المحاورة بين سيدنا نوح وابنه ووصف الموج حين الركوب في السفينة.

١٥٥

سبب نزول وتفسير قوله : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ) الآيتين وذكر الاختلاف في طرفي النهار وزلف الليل

٢٢١

في تفسير قوله : (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ) الآيات وما حصل من السؤال والجواب فِي

٦١٦

أول سورة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام

تفسير قوله تعالى : (الر) الآية وسبب نزول هذه السورة

٢٣٤

قصة سيدنا يوسف مع اخوته حين جاؤوا للميرة

٢٩٢

تفسير قوله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ) الآيات

٢٣٥

اخبارهم والدهم حين رجعوا بمنع الكيل منهم بسبب عدم وجود أخيهم بنيامين واستدعائهم له من أبيهم ليسافر معهم وما قاله لهم

٢٩٤

تفسير قوله : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ) الآيات

٢٤٠

أخذ سيدنا يعقوب عليهم العهد حتى أعطاه لهم ووصيته لهم ومدح الله له عليه الصلاة والسلام

٢٩٥

طلب اخوة سيدنا يوسف من أبيهم أن يرسله معهم وما قاله لهم أبوهم

٢٤٤

ما عمله سيدنا يوسف حين دخلوا عليه من تعريفه أخاه نفسه وجعله الصاع في رحله وما يتعلق بذلك

٣٠١

ما فعلوه معه وما قالوه لأبيهم حين رجعوا وأخذ السيارة له

٢٤٧

تفتيش أوعيتهم لأجل الصاع واستخراجه من رحل أخيه وما يتعلق بذلك

٣٠٦

شراؤه بثمن بخس وذكر ما اشتري به تحديدا

٢٥٢

تعارفهم واعترافهم بخطئهم ودعاؤه لهم وعدم عتبه عليهم وأمره لهم بأن يذهبوا بقميصه لوالده وما يتعلق بذلك

٣١٩

مراودة امرأة العزيز له وما يتعلق بها

٢٥٦

وجدان سيدنا يعقوب ريح القميص من مدة بعيدة ورد بصره إليه حين جاءه به البشير وما يتعلق بذلك

٣٢٢

استباقهم الباب ورميها له بأنه أراد بها سوء ورده عليها واستدعاؤه شاهدا من أهلها فشهد عليها وما يتعلق بذلك

٢٥٩

دخول سيدنا يعقوب وأولاده جميعا مصر وتأويل رؤيا سيدنا يوسف وما يتعلق بذلك

٣٢٥

ما فعلته امرأة العزيز مع النسوة اللاتي كن يعذلنها في حبه وما قلنه حين رأين سيدنا يوسف

٢٦٦

في تفسير قوله تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي) الآيات والكلام على قوله حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا وإشباع ذلك حق الإشباع

٣٣٢

ما قصه عليه الفتيان اللذان كانا معه في السجن من الرؤيا

٢٧٥

ما قاله لهم عقب ذلك

٢٧٦

تفسيره لهما الرؤيا

٢٨٠

رؤية الملك وطلبه من ملئه تفسيرها وما ردوا به عليه

٢٨٠

ما قاله أحد الفتيين اللذين كانا معه في السجن وذهابه إلى سيدنا يوسف وتفسيره له الرؤيا

٢٨٤

استدعاء الملك وامتناعه حتى تظهر براءته وظهورها بالفعل

٢٨٧

٦١٧

أول سورة الرعد

في تفسير قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ) الآيات

٣٤٦

الكلام على قوله (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ) الآيات

٣٧٢

الكلام على قوله تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) الآية

٣٤٨

الكلام على قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ) الآيات

٣٧٨

الكلام على قوله تعالى : (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) الآيات

٣٥٦

الكلام على قوله : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ... الْأَرْضِ) الآيات

٣٨٨

الكلام على قوله عزوجل : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) الآيات

٣٦٣

الكلام على قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً) الآيات

٣٩٧

أول سورة إبراهيم

عليه الصلاة والسلام

الكلام على قوله : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) الآيات

٤١١

الكلام على قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً) الآيات

٤٣١

الكلام على قوله تعالى : (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) الآيات

٤١٥

الكلام على قوله تعالى : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) الآيات

٤٣٧

تفسير قوله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ) الآيتين

٤٢٤

في تفسير قوله عزوجل : (رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) الآيات

٤٤٨

خطبة إبليس للأشقياء في الآخرة

٤٢٧

الكلام على قوله تعالى : (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ) الآيات

٤٥٣

أول سورة الحجر

الكلام على قوله : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) الآيات ومناسبتها لما قبلها وإشباع الكلام على رب

٤٦٣

في قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) الآيات

٤٨٢

في تفسير قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) الآيات

٤٦٨

قصة سيدنا إبراهيم مع الملائكة

٤٨٤

الكلام على قوله : (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) الآيات

٤٧٢

تتمة قصة سيدنا إبراهيم مع بعض من قصة سيدنا لوط

٤٨٦

الكلام على قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) الآيات

٤٧٥

تمام قصة سيدنا لوط مع قومه

٤٨٩

الكلام على أصحاب الحجر

٤٩٢

الكلام على قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) إلى آخر السورة

٤٩٢

٦١٨

أول سورة النحل

الكلام على قوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ) الآيات

٥٠٢

الكلام على قوله تعالى : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً) الآيات

٥٧٦

الكلام على قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) الآيات

٥١٦

الكلام على قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) الآيات

٥٧٩

الكلام على قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) الآيات

٥١٩

في تفسير قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) الآيات

٥٨٥

في تفسير قوله : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) الآيات

٥٢٥

الكلام على تفسير قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) الآيات

٥٨٩

الكلام على قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ) الآيات

٥٣٥

الكلام على قوله تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) الآيات

٥٩٢

الكلام على قوله تعالى : (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا) الآيات

٥٤٣

الكلام على تفسير قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ) الآيات

٥٩٦

الكلام على قوله تعالى : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ) الآيات

٥٥٠

في تفسير قوله عزوجل : (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها) الآيات

٦٠١

الكلام على قوله تعالى : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ) الآيات

٥٥٣

الكلام على قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ) الآيات

٦٠٥

الكلام على قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ) الآيات

٥٦٢

الكلام على قوله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً) الآيات

٦٠٩

الكلام على قوله تعالى : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً) الآيات

٥٦٩

الكلام على قوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ) إلى آخر السورة

٦١٢

٦١٩