رحلة الكابتن فلوير

المؤلف:

بن دغار


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٥

جسران قويان مبنيان من الطين والحجارة. وبينما نحن هنا قام واحد من أهالي المنطقة بضيافتنا ، وذكر لنا أنه شقيق (الأمير حاجي) وهو حاكم (جاري دراب) وهناك أيضا عائلتان أو أربعة من العلائلات المهمة في البلدة أما بقية المنازل فيسكنها الخدم والعبيد.

لقد عبرنا فوق قاع النهر وكان على يسارنا قرية (واسكير) وعلى يميننا (راح قودار) وأمامنا (ترامبوك). كان النهر في تلك المنطقة يجري سريعا وعرضه ٥٠ قدما وعمقه قدم واحد ومنبعه من (باندينيلاج). خلال عبورنا النهر مشينا بين قريتي (لترامبوك) و (رينداج) وقد كان حولنا أشجار النخيل وأشجار أخرى وخلفنا جبالا قاحلة.

وعلى بعد ٢ ميل بعد خروجنا من النهر كان الطريق إلى (نبوج) مليئا على يميننا بأشجار النخيل وكانت تدعى (أمكان). جميع أشجار التمر هنا كانت بشكل غير منتظم ، وقد قال لي صلاح وهو مزارع لتلك المنطقة بأنه يلوم صاحب هذه النخيل إذ كان عليه من البداية أن يهتم بطريقة الزراعة بالشكل الصحيح حيث «أنه قد أكد لي أن أشجار النخيل عند ما تزرع بنظام سوف تعطي محصولا أكثر». نحن الآن في أعلى جبل مخروطي الشكل فخم اسمه (سي بورج).

وبعد أن تركنا الطريق المؤدية إلى (نبوج) بعد ٥ ، ١ ميل ، عبرنا مجرا صغيرا صخريا يدعى (دانجوتان) يصب في الشرق وكان ذو قاع عميق ، وعرضه حوالي ٣٠٠ ياردة. وقد قيل بأنه نهر صغير ومستمر خلال الفصول. عند ما عبرنا النهر خيّمنا تحت الجبل حتى الساعة الرابعة وكان الجو مظلما. كنت مقتنعا بأن بلدة (بنت) قريبة جدا من هنا ، ولكن المرشد كالعادة قد أنكر ذلك ، ولكننا بمحض الصدفة رأينا مجموعة من الحمير تحمل علف الجمال إلى بلدة (بنت).

٦١

لقد راق لنا أن نخيّم في ذلك المكان الواسع وأثناء الليل هطل المطر بانتظام وعند ما أشرقت الشمس كانت هناك سحب قاتمة أدت إلى هطول مطرا غزيرا متواصلا وكأنها تشير بذلك إلى عدم توقف سقوط الأمطار.

ـ الوصول إلى بنت :

كانت (بنت) تبعد حوالي ٣ أميال. وقد ظهر لنا هذا المكان فسيحا جدا غير ما كنا نتوقع. يحتوي هذا المكان من الرؤية الأولى على جبال عالية يحيط بها مساكن من الطين والعديد من المساكن الأخرى. وعلى كل جانب في المكان حوالي ١ أو ٢ ميل من أشجار النخيل وقد انتشرت أمامها الحشائش الملساء وعلى الجانب الأيمن كان هناك جبل مخروطي وغريب الشكل يدعى (سي بورج). وما أن تقدمنا وكان المطر يسقط وجدنا أن على أسقف المنازل أناس كثيرون بينما أعدادا كبيرة أخرى من السكان يخرجون من المدينة نحونا. وقد قمنا بعدّ ١٤٠ شخصا قبل وصولهم. و «كريم داد» الرجل الذي أخذنا الى (سارتاي) قد أخطر الأمير مما نتج عنه تأخير الرحلة إلى (جيه). والآن وقبل أن نقوم بنصب الخيمة قد أرسل إليّ لمقابلتي. لقد قمنا بنصب الخيمة تحت صعوبات كبيرة نظرا لأن الأرض قوية ومطاطية ، ووجدنا صعوبة جديدة في تثبيت أوتاد الخيمة ، إذ صادف أن وقعت المطرقة على الأرض فلم نتمكن من العثور عليها إلا بعد مرور نصف ساعة لابتلال الأرض من المطر بشكل كثيف.

لقد تزوج صيادنا «جلال» ابنة «الأمير شوش» ونشأت صداقة بين الرجلين ، أما «كريم شاه» فقد كان مهتما جدا بأن يخرج من الخيمة المزدحمة عند ما تثبت. إنني لم أكن مهتما من هو «الأمير» في موكب المسيرة التي وصلت الخيمة الآن ، ولكن من الطبيعي أنني قد خاطبت الرجل ذا الشخصية القوية المتحكم قليلا ، وما أن أصّر أحد قادته على

٦٢

الجلوس معه في سريري المتنقل ، حتى شعر الرجل بافتقاد كرامته أمامهم عند ما وقع على الأرض فجأة.

لقد وجدت أن حديثي مفيدا أكثر مع الرجل الذي يجلس بجانبه والذي كان يتكلم الفارسية بطلاقة بدون أية رسميات. وكان يتكلم بشكل مباشرة بكل وضوح في صميم الموضوع ، هذا هو الأمير «حاجي» الحاكم. لقد جاوب على جميع أسئلتي بدون تردد وبدون تقيد وسألني عن أي شيء يريد معرفته.

أما الرجل ذا الشخصية القوية الذي وجدته كان «عبد القادر» الشقيق الأكبر الذي لم يأخذ أي مكان في الحكومة وما هو إلا فلّاح أو ريفي من (جاري داراب).

الخراف في بلدة (بنت) هزيلة الصحة وغالية الثمن ، وعلف الجمال والحيوانات وخشب الوقود يجلب من مسافة ٤ أميال ، أما مهمة جمع الحطب فقد طلبتها من «الأمير حاجي» فقد كلفت بها «الأمير حاجي» ، كذلك كان هناك حمير لحمل هذا الحطب الذي كانوا يقضون نصف اليوم في جمعه. أكثر الملابس هنا يتم صنعها في البيت وكان صانعي الملابس يجلسون في حدائقهم أمام ماكينة النسيج وينتجون قماشا قطنيا خشنا وشاشا خشنا أيضا ويصبغ باللون الأحمر ، والأخضر ، والأزرق ويزخرف بالحرير الأحمر والأخضر ، بينما تقوم النساء بتطريز غطاء الرأس بزخرفة دقيقة جدا.

إن الملابس الطويلة من (ديزاك) (١) أكثر ثمنا من أي مكان آخر ، والقطن في المقاطعة هو من النوع الجيّد وطويل التيلة ، ولا ترسل تلك المنتوجات إلى خارج البلدة سوى طواقي الرأس (قلنسوة الرأس) ، والتي اشترى منها

__________________

(١) ديزاك : بلدة كبيرة في أطراف بلوشستان ولها تاريخ كبير ليس في الاختصاص هنا.

٦٣

رجالنا كمية كبيرة لبيعها وكان سعر الواحدة دولارا واحدا. أما الأحذية والأحزمة والمحافظ كانت أسعارها معقولة وفريدة الصنع. كذلك كانت قرب الماء زهيدة الثمن.

إن «الأمير حاجي» قد أعطى لي وبكل بساطة تعريفا شاملا لأسماء كثير من الأماكن التي مررنا بها. فقد ذكر بأن كلمة (بنت) تعني بالعربية (بيت) ، وقد أختير هذا الاسم عند ما بنى جده الأكبر قلعة (سارتابي) (١) بينما أعطيت (ماسكوتان) كسكن لقبيلة الهوت («مسكن» ويعني بذلك «سكن»). وبعد وصول «الأمير» جاء بعض وجهاء الإمارة المتواضعين ، وكانوا يقدمون اعتذاراتهم لمضايقتنا. بعد ذلك تركوا الخيمة وبدأنا أنا و «جلال» و «صلاح» نمشي في الحدائق في هذا الفصل من السنة. وكان هذا ممتعا حقا فلأرض كانت مرويّة مع الخضرة والنضارة ، كما كان هناك البرسيم وزهور السوسن ، وأكثر من مائة صنف من الحبوب كالفول الإنجليزي ، والقمح ، والأرز ، وقليل من التبغ ، والتمر ، وقد ذكر المزارع في تلك الحديقة تسعة عشر نوعا منها فقط واحد أو اثنين من أصناف هذه التمور معروف باللغة العربية ، والأرض التي خصصت لزراعة الأرز ما زالت فيها سيقان النباتات حتى العام الماضي (٢).

إن هذه الزراعة تسقى بالري من القناة التي قام بشقها والد «الأمير حاجي» وكان يأخذ عليها ضريبة عند استعمالها. إن توزيع الماء على الزرع كان سيئا ، فبعض من المحصول لم يسقى وبعضه يسقى من جدول الماء الذي كان يتفرع ليسقي أربعة حقول أيضا ، فمالكي الأرض من الوجهاء

__________________

(١) الأكيد قلعة (سرتابي) أي (سرد آب) أو (نهر الماء البارد).

(٢) بنت : معروفة بزراعتها والوديان التي تجري بها والأرز «البنتي» مشهور لدى قدماء أهالي المنطقة لجودته.

٦٤

كانوا يأخذون دورتهم من ماء القناة حسب مكانتهم وليست حسب الملكية الجماعية ، أما الأرض فقد كانت من الطين الجاف وتصلح لبناء القلاع وليست من أجل الزراعة لأنها تحتاج الى السماد باستمرار. جميع القطن مزروع من (دشت) ، وهذه التسمية لم أتأكد من معناها ما إذا كانت اسم المكان الذي نحن فيه أم أنها تعني (البلاد المفتوحة) (١) عموما ، على كل حال من الواضح أن زراعة مثمرة في (جاري دراب). وعند عودتنا وجدنا أن «الأمير حاجي» قد أرسل لنا شاة وكيسا به تسعين رطلا من التمر وأرز وجبن ، وما أن سمع أننا بحاجة إلى حصائر لعمل مطبخ حتى أرسل لنا قبة كاملة من مجموع أكواخه. وبعد تناول وجبة خفيفة معهم حضرت إلينا وفود من الملا أي فقهاء المدينة.

تعد الديانة شيئا أساسيا في هذه المناطق ، فقد كان فقهاء بلدة (بنت) يقدمون أنفسهم على أنهم سنة من المذهب الحنفي ، ولا يعد أحد يملك المقدرة الأدبية في (بنت) سوى الشباب الذين يسعون للحفاظ على دينهم حتى يصلوا إلى سن الزواج ، وتمت مقاطعتنا عدة مرات ليذهبوا للصلاة. إن مواضيع الأحاديث الرئيسية التي دارت كانت كالمعتاد عن الحكم الاستبدادي (للقاجار) أو (الفرس) ، وكان البلوش يرغبون أن يأخذ الإنجليز بلادهم وهو شيء هم يتوقعونه بالتأكيد بأنه سيحدث قريبا (٢). وقد سألوا بتلهف عن «حافظ» (٣) ولم يستطيعوا أن يقرأوا الكتب التي بحوزتي مثل «الشيكاستا» و «نموليستان» للمؤلف «هيرفورد» أو كتاب النحو للغة الفارسية والتي تهامسوا على نهايته فيما بينهم بصوت منخفض. اثنان أو ثلاثة فقط

__________________

(١) دشت : تعني المنطقة المسطحة أو المنطقة بين البسطاء والصحراء.

(٢) هذه من الدلالات التي توضح أحد أهداف زيارة «فلوير» للمنطقة على حسب أوامر رؤسائه وهو النظر في إمكانية التوسع البريطاني في هذه المناطق.

(٣) هو حافظ الشيرازي.

٦٥

متخصصون في اللغة العربية ، ولكنهم لم يستطيعوا قراءة أي كتاب عربي إلا كتاب القرآن. لقد حيرنا آخر اثنان منهم حيث كانا يحوزان على نسخة مكتوبة من الشعر التركي الذي فشلوا في اكتشاف اللغة المكتوب بها.

هنا في (بنت) وفي (بمبور) المكانين الوحيدين الذين كنت أسأل فيهما عن أي شيء بخصوص ديانتي المسيحية ، كان هناك رجلا مسنا قويا قد أحضر ابنه معه ، إستهل حديثه معي باللّكز بعصاه الغليظة ، فسألني أن أقرأ وبينما كنت أقرأ بعض القصائد لحافظ الشيرازي بين جمع من الناس غيّر الموضوع وطلب مني أن أقرأ له القرآن كنوع من الامتحان ولاعتقادي في ذلك الوقت بأن الناس كانوا يدعون أنفسهم بالمحافظين من أهل السنة ، التفت إليه أسأله بغضب كيف يجرؤ أن يطلب مني أن أقرأ في نفس الوقت عددا من أشعار الحب وكلام الله. فما كان منه إلا أن تركني في الحال ، وكنت أهنئ نفسي على نجاحي في توبيخه ، وأخبرني «صلاح» لا حقا أن لهجتي هي سبب مغادرته وليس منطق الكلام الذي قلته.

إن شمس المغرب الآن تتجه نحو الخيمة ، فذهبت للتنزه في الحدائق نزولا نحو النهر العريض. كانت الحدائق بعرض حوالي نصف ميل ممتدة إلى الأمام نحو الجنوب ، وقد بلغت حافة النهر العريض ولكن لم أتمكن من الوصول للقناة نفسها بسبب الكثير من الحصى المتحرك ، وعند ما عدت إلى الخيمة بدأنا نحضّر لنحمي أنفسنا من ظلام الليل ، وأرسل «الأمير حاجي» أن نتوخى الحذر من الأمن في هذه المنطقة.

حسب مقياس الضغط الجوي تقريبا كان ارتفاع سطح البحر حوالي ٢٠٠٠ قدما تقريبا ، وكان المناخ كمناخ بريطانيا عدا الشمس كانت ساخنة وقت الظهر. خلال النهار ذكرت «جلال» رغبتي العاجلة للذهاب إلى (بمبور) ، وعليه فقد بذل جهده لشراء ثلاثة جمال جيدة لتحمله وتحملني ومعهم جمّالين. وفي اليوم التالي اقترحنا أن نرد زيارة «الأمير حاجي»

٦٦

أولا. بعد ذلك سنذكر له حاجتنا والصعوبات التي تواجهنا. في صباح اليوم التالي سرنا على الطريق الرئيسي وعبرنا فجوة في الحائط وصعدنا الانحدار وشوارع قذرة ، وكنا أثناء سيرنا نشاهد يوميا حميرا تسير نحو البلدة محمّلة بجذور الحشائش ، والآن نجد أن في كل شارع أو ركن في البلدة ينتشر تبن الأرز وجذور الحشائش أيضا.

إن المنازل في بلدة (بنت) ، و (فانوش) ، و (ماسكوتان) ، وبلاد أخرى للبلوش قد بنيت بشكل بدائي حيث تشبه حظائر المواشي في الشتاء ، وهذا يعطيها رائحة سيئة في بعض شهور السنة. أما تبن الأرز فقد كان قوتا لعصافير الدوري وكان قذرا ومكدسا خلف المنازل بإهمال ، ولم يكن هناك أي ممرّ معتمد ولكننا صعدنا بحرص إلى منزل «الأمير حاجي» الذي كان على قمة الجبل ، في منطقة رياح شديدة ، زلقة بسبب هطول الأمطار مؤخرا. وعند وصولنا إلى غرفة مستطيلة الشكل كان «عبد القادر» و «الأمير حاجي» ورؤساء آخرون في البلدة يجلسون على الأرض في الغرفة ، وكان هناك سرير طفل يهتز بحبل مصنوع من شعر الغنم ومزخرف تستلقي به ابنه «الأمير» المحبب ووريثه ، بينما في الجانب الثاني من الغرفة كان يوجد ما يسمى (بشهارباي) أو مقعد سرير وهذا الذي جلست أنا فيه.

لقد تجمع رجال «الأمير» ورجالي عند الباب يتكلمون عن عدة أشياء وبكل حرية ، وقد لا حظت الجدران ذات الحائط الطيني يتدلى منها زجاجات إنجليزية معلقة في شبكة من شعر الجمال ومزخرفة ، وكان هناك أيضا زهريات من النحاس مليئة بماء الورد من صنع روسيا على ما يبدو لي. ثم كان لنا حديثا سريعا عن الطرق والتجارة والتعليم وعن الروس والأفغانيين الذين صنعوا لأنفسهم اسم فظيع هنا. وكنت دائما أسأل لأتنبأ إلى متى سيعيش الشاه. ثم لا حظت وجود غليون متواضع كان قد وضع على إناء إنجليزي للخمر وكنت أستعمله بغير أن يراه أحد حتى لا أوقع

٦٧

«الأمير» في حرج لاستعمال (المبسم) من بعدي ، وكان رجاله فخورين به لأنه يعرف جيدا كيف يستخدم الغليون كرجال فارس المتحضرين ، وخلال جولاتي الأخرى كنت أسمع من يعلق بأنني دخنت الغليون مع «الأمير حاجي».

بدون شك إنه خلال المقابلة لم نقم بذكر أعمالنا ، كما أن «الأمير» أصرّ على أن بلاده ، ومنازله وجماله ، ورجاله جميعهم في خدمتي ، وإنني بدون شك قد أكّدت بأن الشيء الوحيد الذي لعلاج قلقي هو يقيني أنه وعائلته لم يقصّروا في حقي. وبعد أن استرجعت خيمتي أرسلت صلاح إلى «الأمير» لإبلاغه بطلبي ثلاثة جمال جيدة لإرسالها في نفس الليلة.

بعد أن أصبح «صالح» معتزا بنفسه لأنه قد وجد الفرصة لإبراز تفوّقه وذكائه لنجاح المهمة التي كلف بها وبدأ يفكر في اللغة الدبلوماسية التي يجب أن يتكلم بها مع «الأمير» للموافقة على طلبنا. عموما حرص «جلال» بأن يذهب معه كمترجم ، وعند وصوله إلى «الأمير» وفي جمع الحاكم بدأ يصيح بحزم : «إن «صاحب» ـ أي الرجل الإنجليزي ـ يريد ثلاثة جمال فورا» ، وطريقة المفاوضة هذه التي قام بها جلال كانت صحيحة لأنها تبين نوعا من ادعاء التفوق والسيطرة من جانبنا. وهذا كان جزء من التفاخر بين الأهالي الذين يدعون التواضع هو ضعف في هذه الحالات. إن أسلوب البلوش مع أميرهم لا يختلف عن أسلوب البدو العرب عند ما يدخلون على حاكمهم حيث يتجهون مباشرة إليه ويلوّحون بعصاهم الطويلة ويصيحون «سلام يا محفوظ».

هذه كانت آخر ليلة لي في بلدة (بنت) وإنني هنا سأقتبس ملخصا من مفكرتي التي احتفظت بها في (بنت) عند ما كنت أنا في (بمبور) هذه المذكرات تقول : ـ

٦٨

«إن المدرسة كانت ببساطة جانب من غرفة تمتد حتى المسجد والتي كانت حوالي ٦٠ قدما مربعا ، وقد بنيت ببراعة من الطين ومسقوفة بالحصير أو القش ، وإمام المسجد كان ناظرا للمدرسة ، وكان يعرف قليلا من اللغة العربية ، وقد ذكر أنه قد تعلمها في مكة. كذلك كان يلم بشيء من اللغة الفارسية ، أما الدروس فكانت بالبلوشية. وكان معدل حضور الطلبة عشرة طلاب فقط بعضهم كان يقرأ القرآن. وبناء على طلبي قام أحد الطلبة بقراءة الجزء السابع عشر منه ، فكانت قراءته جيدة ، ولكنه كالعادة في هذه البلدة كما هو واضح فإنهم لا يستطيعون إدراك المعنى. وقد قال الإمام : «إذا ما أكمل أحد طلابه حفظ القرآن فإنه يستلم من والده مبلغ عشرة ريالات. وفي وقت جمع التمر تكون الهدية عبارة عن تمر».

بعد ذلك دخلت المسجد ورأيت في تجويف الحائط أجزاء من ورق القرآن. كذلك رأيت كتابا مغلفا بقماش أخضر اللون مطرّزا بالذهب ، وعند ما سألت أحدهم ما هذا؟ قال إنه كتاب «حافظ الشيرازي» وعند ما طلبت منه أن أراه أخذه بيديه بوقار وأعطاه إلىّ ، وعند ما تاكدت أنه فعلا «حافظ» قلت له : «لماذا تضع هذا الكتاب الذي يتكلم عن مشروب الخمر ، والحب والفجور هنا» فبرّر ذلك بلهجة عنيفة وأجاب لا تقل هذا إن هذا الكتاب نظيف من كل هذه الأمور ، فأين نضعه الآن في غير هذا المكان؟ فأجبت «هذا مسجد بيت الله ويجب ألا يكون به شيء غير كلام الله وسنة رسوله. هذا الكتاب للشباب والجاهل ، وليس بكتاب ديني. ثم أجاب بالعكس إن أصل هذا الكتاب كان أصل الدين نفسه وهو غير ما تتصوره. «فالخمر» هو مشروب لحب الله والحب يدوم من أجل الله». وأخذ يعدّ لي كلمات مختلفة كما رتبت في كتاب «قاموس ومعاني الكلمات». وسكت لأنه قد يطول الوقت حتى يترك القرآن ويضع «حافظا» مكانة النبي «محمد».

٦٩

لذا فقد استخلصت الآتي : ـ

«إنني قد سألته عن يوم صلاة الجمعة وإن كان يحضر الناس للخطبة ، وعند ما أجاب نافيا ، فبلا شك كنت استفسرت لماذا؟ فقال إنه لا يوجد قانون لحماية الدين أو قانون ضد الكفر والشرك ، وقد أضاف أنه من وجهة نظره عن الدين أن صلاة الجمعة يجب أن تقام فقط في المناطق التي لا توجد بها قوانين الشرع الإسلامي ويوجد الحاكم العادل» (١).

وقد ذكر أن المواطنين هم على مذهب أبو حنيفة ، ديانتهم هي الإسلام وهم أهل السنة ، ولا يطيقون الفارسيين الذين ينعتونهم ب (الخارجين عن الملة) ويسيئون للهاربين من دينهم.

أيضا لا توجد تجارة نظامية هنا ، وعند ما تكون البضائع زائدة عن الحاجة ، يباع التمر إلى البلوش المقيمين ، والسمن والماشية ترسل إلى مسقط وبندر عباس وذلك مقابل القطن والملابس والحرير للتطريز. وفي ذلك الوقت لم تكن هناك عملة للتداول أقل من نصف «الكران».

سنويا يقوم «الأمير حاجي» بدفع مبلغ ٥٠٠ ، ٢ تومان إلى «الأمير حسين» في (قصر قند) (٢). وعند المغرب حضر «الأمير» ليودعنا ، حيث أنه غادر إلى (كيه) في صباح اليوم التالي وكان يصحب معه ابنه الصغير المفضّل الذي داويته بمادة الكينا أثناء مرضه. وقد كان طوله ٣ أقدام تقريبا ولكنه كان على مقدرة من قراءة القرآن بأكمله. ثم أعطيناه لفة من الخيط

__________________

(١) بلا شك يقصد الإمام ظلم حكام القاجار وعدم إقامة الشرع في بلادهم ، وكلها أسباب جعلته ألا يقيم خطبة الجمعة أو يدعو فيها للحاكم المسلم خلالها كما هو المتبع دائما.

(٢) هذا هو الترتيب في جمع الضرائب المالية الذي اعتمدته حكومة القاجاريين في نظام حكام القبائل والمقاطعات ، وكان «الأمير حسين» في (بمبور) مسئولا عن (بنت) من ضمن مجموعة أخرى من المقاطعات ، وكان يجمع مالياتها ونرسل لدفع ديون حكومة شاه فارس القاجاري.

٧٠

والحرير ، وكان صالح يتباهى بذلك. وقيل أن «الأمير» سيترك المكان ممتطيا جواده الرمادي اللون ووعدنا بأن الجمال سوف تصلنا في خلال ساعة.

٧١
٧٢

الجزء الثالث :

كان في بلدة (ماسكوتان) عناصر قليلة من الفارسيين وسكانها ينقسمون إلى ثلاث فئات : «الفرس» ذو الشعر الطويل ، و «اللاشاريون» بنظراتهم المتوحشة ، و «البلوش» الذين يبدو عليهم القلق. إن الفرس حقيقة قد دخلوا هنا بواسطة «الأمير هوتي». والبلوش هنا هم من قبيلة (الهوت) وهم نشيطون ولهم قدرة على التحمّل.

٧٣
٧٤

بدء الرحلة إلى بمبور :

بالرغم من وعده لنا بإعطائي الجمال وبدون أي شك في المساء ، إلا أنه بعكس ما توقعنا ، فقد ظهرت ثلاثة جمال رائعة في الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي ، حيث كانت هناك ريحا عاصفة باردة قادمة من جهة الشمال. كان أكبر هذه الجمال هائجا ممّا جعل فمه مليئا بالزبد ، وبعد المناقشة وعدنا الرجال إذا أمكن ، بأن تكون الرحلة إلى (بمبور) (١) في خلال ستة عشر يوما ، ولكن الآن لديّ فقط عشرة أيام باقية بمعنى أنهم سيمنحونني ستة أيام فقط للرحلة من (بنت) إلى (جاسك) والتي قررت أن أقوم بها سالكا طريقا جديدا. على كل حال ، إنني قد عزمت على أن أنهض مبكرا في الصباح للسير مع الرجلين اللذين أرسلهما صاحب الجمال معي ، واللذين ليس من المتوقع أن يراعيا الجمال كصاحبهما.

__________________

(١) بمبور : بلدة مشهورة في شمال بنت من أهم قبائلها (الركشانيون والناروئبين) من قبائل البلوش الشماليين ـ وبها قلعة مشهورة.

٧٥

رفقاؤنا الجدد في الرحلة :

ربما نحتاج إلى بعض الشرح مع رفقاء الرحلة في الطريق ، أولا فيما يتعلق بتأجير الجمال ، إن الرجل المتكلم في هذه الصفقة اسمه «شوكاري» تلفظ هنا كاللغة الإنجليزية «شوجاري» وقد أنكر أية فوائد في الجمال ، وذكر لنا أن سبب حضوره هو تكليف من «الواجه» (١) له بهذه المهمة ، وقد زودنا بثلاثة جمال ممتازة ، وقد حصل عليها بعد جهد ، كذلك الموافقة على مصاحبتهم مع مالكي الجمال لعمل صفقة معي ؛ لأن الرجلان صاحبي الجمال كانا خائفين من «الفرنجي» أي الأجنبي ، وقد ذكر بأن الرجلين هما أشقاءه ، وهو يفضل أن تنطق الكلمة الفارسية (سرد) ك (سوارت) وتعني خفير.

إن «عبد الله» هو صاحب الجملين المذكورين. كان رجلا قصيرا ممتلأ شجاعا وقويا ذو أنف صغير وعينان سوداوان لامعتان ، وطريقة حديثه كانت متحمسة وعنيفة. أما صاحب الجمل الصغير الذي كان عمره ٣ سنوات اسمه «بارجة» ، رجل طويل قوي ووسيم ، ذو لحية بنيّة. وكلمة «بارجة» باللغة الفارسية تعني وسيم .. «بارجة» هو الأخ الأكبر ل «عبد الله» ، وإنه لمن الممتع أن ترى «عبد الله» وهو ملتف حول نفسه بغطاء رأسه ويرقد أرضا وهو ينادي على «بارجة» ليغطيه من جميع الأطراف ببطانية.

رياح الشمال :

بدأنا السير ضد رياح الشمال القاسية ، «عبد الله» و «بارجة» يمتطيان الجمل الكبير ويتبعاني و «جلال» ، وكانت رائحة الجمل الذي أمتطيه عفنة ،

__________________

(١) الواجه : وتنطق لكبار القوم من قبائل البلوش في هذه المناطق ، ويقال أن أصلها قدمت مع قبائل الرند من الشام وتعني (الوجيه).

٧٦

فقد قطعنا مسافة كبيرة من النهر واتجهنا إلى أعلى حتى مجرى النهر ، حيث كانت جوانبه مزروعة بالأشجار ، التي كان يقوم بجمع أوراقها المواطنون لتخزينها كسماد حيواني. وقتها كانت الرياح باردة تلفح وجوهنا ببرودة شديدة مصحوبة بقطرات من المطر.

وحوالي الساعة الثالثة توقف الرجال وقالوا إنه من غير الممكن أن نسير أكثر من ذلك في هذا الجو ، فخيمنّا على شاطئ صخري للقناة التي تصب في النهر. وكان المكان الذي نجلس عليه موحل بالكامل. كما أننا ولأول مرة نرى نبات (الطرفاء) هنا والذي ترى منه حزاما من أشجاره في (بمبور). إن الفواكه تجمع وتباع بالكران أو المّن (١) (وزن من ٦ أرطال) أما الزيت الذي يستخرج منه يباع بثمن ٣ كران «للمن».

الساعة الآن هي الثامنة مساء ، وكان هناك مشكلة تدبير أكل الجمل الذي أظهر العصيان على صاحبه وبدأ يدور في الأرض ساحقا الشجيرات الصغيرة. ليس هذا الجمل فحسب بل إن البقية من الجمال لم تأكل ، فما كان من كل واحد من الجمّالة إلا أن يضع الطعام في فمها بالقوة ودفعه داخل حلقها لمضغها رغما عنها.

وفي حوالي العاشرة مساء جلس «برجا» بجانب النار وهو يلف اثنين من عنان اللجامين حول خصره ، كذلك «عبد الله» كان يرقد في الجانب الآخر من النار وحوله يلتف لجام آخر كبير. حتى الآن لم يصب أحد بأذى ؛ حيث أن الجمل الكبير كان مربوطا من سيقانه الأربعة وهو بارك على ركبتيه وفخذيه.

وفي الساعة الحادية عشرة والنصف كان الجمل الكبير يرقد على بعد

__________________

(١) المن : وحدة وزن لا زالت تستخدم إلى اليوم وهي عبارة عن ٤ كيلو غرام أو ٦ أرطال تقريبا.

٧٧

ياردة من قدمي وهو يمدّ رقبته على الأرض مستسلما للنوم. وكانت الدماء تسيل من أنفه مكان عقدة اللجام ، والحبل يمر من فتحة أنفه ؛ لذلك لم يتمكن من النهوض بغير أن يرفع أنفه لثلاث بوصات ، أما «الواجه» فقد ذهب للنوم ثانية ، أما «جلال» فقد رقد تحت ظل شجرة خضراء كبيرة. وقد كان الرجال يقولون أنهم ليسوا خائفين على أنفسهم ولكنهم خائفين على الجمال الصغيرة ، إلا أنه لم يراودني هذا الشعور حينها.

في صباح اليوم التالي كان الجوّ غائما شديد البرودة ، والريح قوية تهب من الجهة الشمالية. فقد أكّد الرجال أنه من المستحيل أن نتقدم ، إلا أنهم بدأوا بالمسير بعد أن وزعت الأغطية عليهم وحثيتهم على النهوض. وبعد خمسة أميال قضينا بعض الوقت نمشي في الماء وبعض الأحيان على الضفاف الرملية. الآن وصلنا تقريبا إلى مدخل جيري وكانت هناك صخرة حمراء ضخمة وبركة كبيرة وعميقة. وبعد حوالي ثلاثة أميال إلى الأمام من (كيلات ايذانجي) كانت هناك جبال وصخور غاية في الجمال من كل حجم وقياس ولون يمكن أن تتصوره.

إنه من الصحيح بهذه المناسبة إذا ذكرت بأن كل شيء كان رطبا من المطر وليس هناك سوى اللون الأسود ، إلا أنني قد اكتشفت أن الألوان الرئيسية في هذا المدخل العجيب كانت الأحمر اللامع ، والقرمزي ، والأبيض ، والأرجواني والفولاذي. كما أن جميع درجات اللون الأخضر من الغامق إلى الزمردي وأكسيد الحديد تعطي جميع ألوان الأحمر من اللون الفاتح إلى القرمزي ، والرصاص يعطي جميع ألوان الأصفر ، والنحاس يعطي جميع ألوان الأخضر ، والحجر الجيري عديم اللون يعطي لون الثلج الأبيض.

نجلس الآن في أحد المنازل ؛ حيث أعرف تماما بأن درجة الحرارة سترتفع بعد قليل إلى ١١٠ درجة. وإنه لمن المستغرب بأنني لم أحضر معي عيّنات ولا حتى خرائط لاستكمال مذكراتي ، وقد شعرت بأن يداي

٧٨

مخدّرتان لا تقويان على كتابة رسالة ، وأن السرج سوف يبتل إذا نزلت من عليه ولو لخمس دقائق ، وهذه كانت من الصعاب التي لم أتغلب عليها ولم يكن لديّ أية فكرة كم يتبقى من هذه المرحلة ، وعليّ أن أقدّر كم من الوقت يمكن أن أوفّره. ثم قال الرجال : «إن الرحلة طويلة ، والطريق طويل» وهم يحدّقون بي بلهفة ؛ لأنه لم يسبق لهم أن قاموا برحلة مدخلها مثل هذا المدخل وفي جو كهذا. وإذا تقدّمنا أكثر فسيكون هناك مياه كثيرة وعندها سيتحتّم علينا رجوع الطريق بأكمله إلى المكان الذي خيّمنا فيه الليلة الماضية لايجاد مأوى آمن ومريح.

شاطئ النهر هنا صخري وعمقه حوالي ثلاثة أقدام ، وهناك كثير من الدوّامات المائية. ترتفع مياه النهر من حوالي ١٢ إلى ١٥ قدما فوق سطح الماء لحدّ يفوق الوصف من حيث بالحجم والعمق ويصعب اجتياز هذا النهر بسبب وجود الكثير من الطحالب البرية ، كما أن هدير المياه المرتفعة كاد أن يصدم رأس جملي ، وبعد جهود قوية بدأ باستعادة توازنه لبضع ثوان فتقدم على حجر أملس وبعد ثباته بدأ يدور ويدور وهو يثير الشفقة. وقد فهم الرجال وضعه وعدم قدرته على الحركة. وقد جاهدنا حوالي أربعة أميال حتى رأينا سلسلة جبال (باندي نيلاج). في هذا المكان بلغنا تقريبا آخر الممّر وقد سمعنا أنه لا يوجد خشب للوقود في (بنوج) ، فتوقفنا لجمع بعض فروع الزرع اليابس. في نفس المكان رأينا نوعا من السمك طوله حوالي ست بوصات وقد لفت انتباهي (سرطان البحر) ذو اللون البني ، طوله حوالي بوصة ونصف. وعرفنا بعد ذلك أن أهل (بنت) يتباهون بسمكهم الذي يتفوق بكثير على الأسماك (١) التي تأتي في البحر لأنها

__________________

(١) هذه الأسماك كما هو واضح أسماك مياه الأنهار الموسمية في المنطقة أو الوديان ـ ونادرا أن توجد هذه الأيام.

٧٩

طويلة ونحيفة وذات لون رمادي على ظهرها.

ثم أكملنا سيرنا تحت حائط عال من الصخور الأرجوانية وهو جزء من العمود الفقري ل (باندي نيلاج) وتظهر للعيان من خلال الممر. وعند ما اتجهنا إلى اليمين نحو الضفة ، كانت هناك أشجار النخيل في (بنوج). وبعد أن قطعنا ميلا كانت هناك على الجانب الأيمن بقايا قلعة ، وقد ذكر لنا بأنها قد هدمت من قبل الأفغان. وفي مقابل الشمال كان على يسارنا رافدا لنهر (بنت) بحوالي ربع حجمه وضفة شديدة الانحدار فيها قلعة من الطين ، وعلى الجبل أكواخ من القش تشبه مخازن القمح الإنجليزية. وكان كل قدم بين الأكواخ فيه عيدان الأرز ، وجذور الحشائش لاستعماله كسماد للحيوانات. وبسبب غياب «شاكر خان» دلّنا خادم «الأمير حاجي» على أحد منازل سيّده الذي كان خاليا ودافئا وبكل معنى الكلمة كان نظيفا. وبعد أن شعرنا بالاستقرار فرشنا السجاد وكنا باستقبال حوالي مائة شخص من الأرستقراطيين ، بعضهم يتمتع بأخلاق جيدة وبعضهم لا ..

«أدوين بيرس» الذي يدرس لغة البلوش ، كان دائما يذكر الصعوبات التي واجهته لاقناع السكان بأنه يفهم ويتكلم لغتهم. إنني أيضا قد مررت بتلك الصعوبات ولكن كان هذا في بداية رحلتي عند إبداء الرأي الذي كان يجبرني عند شرحه أن أعززه بلغة البلوش.

ومع ذلك فإن الحالة الآن تختلف بالنسبة ل «جلال» الذي قال : «إنه لا يرغب في أن يوجهوا أية كلمة لي فيما يخص ملاحظاتهم عني التي أبدوها بحرّية». وعند ما كنت أظهر لهم أي إعجاب من جانبي كانوا يتهامسون بكلمات .. «هو يفهم ذلك الآن» ، أيضا هم لا يصدقون أن ملابسي وحذائي الكبير الحجم قد اشتريته من (كرمان) المكان الذي يتكلم عنه السكان كثيرا كما يتكلم الإنجليز عن لندن.

٨٠