ضامن بن شدقم بن علي الحسيني المدني
المحقق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المحقّق
الطبعة: ١
الصفحات: ١٦٧
وظهرت به الرِّعْشة في اعضائه ، فلما رأى ذلك منه اقوامٌ لم يكن لهم عنده موضعاً للامامةِ والامانة ، وتقليل الولاية ، وثبوا إليه وألَّبوا عليه ، فكان اعظم ما نقموا عليه وأعابوه به ، ولايتُك اليمن ، وطول مدّتك عليها ، ثمّ ترامى بهم الامر حالاً بعد حال ، حتى ذبحوه ذَبْحَ النَّطيحةِ مبادراً بها الموتُ (١) ، وهو مع ذلك صائم ، معانقٌ المصحفَ ، يتلو كتاب الله تعالى ، فقد عظُمت مصيبةُ الاسلام باستشهاد صهر (٢) الرسول ، والامام المقتول على غير جُرْمٍ سفكوا دمه ، وانتهكوا حُرْمته ، وانت تعلم ان بَيعتَهُ في أَعناقِنا ، وطلب ثأرهِ لازمٌ علينا ، فلا خيرَ في امرئٍ يعدلُ عن الحقِّ ، ويميلُ الى البَاطل ، عن نهج الصّدق ، النارُ ولا العار ، الا واِنّ الله جل ثناؤه لا يرضى بالتَّعذيرِ في دينه ، فشمِّر أطرافَكَ لدخولِ العراقين (٣) ، فأنّي قد كفيتُك الشام واهلها ، واحكمْتُ امرها ، واعلم اني كتبتُ الى طلحة بن عبيدالله ان يَلقاك بمكة لاجتماع رأيكما لاظهار الدعوة لطلب دمِ عثمان ، وكتبتُ أيضاً الى عبدالله بن عامر ، يمهد لكم اهل العراقين ويسهِّل لكم حُزُونة عِتابها واعلم ان القوم فاصدُوك بادئَ بَدْءٍ ، لاستنزاف (٤) ما حوتهُ يداك من المال ، فأعلم ذلك واعمل على حَسَبِه ، ايدك الله تعالى بمشيئتهِ والسلام ، وكتب في اسفله هذه
__________________
(١) في الاصل : الفوت وهو تصحيف وصوابه كما جاء في جمهرة رسائل العرب.
(٢) سقطت من الاصل.
(٣) في الاصل : العراقيين وهو تصحيف وصوابه كما جاء في الجمهرة.
(٤) في الاصل : الاستضاف وهو تصحيف وصوابه كما جاء في الجمهرة.
الابيات شعراً (١) :
ظَلَّ الخليفةُ محصوراً يناشِدُهم |
|
بالله طوراً ، وبالقرآن احيانا |
وقد تألَّقَ اقوامٌ على حَنق |
|
عن غير جُرْم ، وقالوا فيه بُهتانا |
فقامَ يُذْكرهم وَعْدَ الرسول لهُ |
|
وقولهُ فيه إِسراراً وإِعلانا |
فقال : كُفُّوا فإِنّي مُعْتبٌ لكم |
|
وصارِفٌ عنكُم يَعْلَى ومَرْوانَا |
فكذبوا ذاك منه ، ثمّ سَاوَرَهُ |
|
مَنْ حَاضَ لبتَّهُ ظُلماً وعُدْوانَا |
في اجوبتهم لمعاوية ، قال :
فكتب مروان بن الحكم الى معاوية : اما بعدُ ، فقد وَصَلَ اليّ كتابك ، فنعمَ كتابُ زعيم العشيرة ، وحامي الذِّمارِ (٢) ، فأخْبرك أَن القوم على سننِ استقامةٍ [ إلا شظايا شُعب ] (٣) شننت بينهم مَقْوَلي (٤) على غير مجابهةٍ ، حسب ما تقدَّم من أمرك ، فأنما كان ذلك دَسيس (٥) العُصاة ورَمْيَ الجذر من اغصان الدَّوْحة ، ولقد طويْتُ أَدِيمهم على نَغَلِ (٦) يَحلَمُ منه الجلُدِ ، كذبت نَفسُ الضانّ بنا تَرْكَ المظِلمةِ ، وحُبَّ الهُجوع الا تهويمة (٧) الراكب العَجل ، حتى تُجَذَّ الجماجمُ جذّ [ العراجين
__________________
(١) جمهرة رسائل العرب ١ : ٣٠٥ ـ ٣٠٦.
(٢) الذمار : ما يلزمك حفظه وحمايته.
(٤) سقطت من الاصل واثبتناها من جمهرة رسائل العرب.
(٤) المقول : اللسان.
(٥) دسيس : إخفاء المكر.
(٦) الاديم : الجلد المدبوغ ، ونغلَ الاديم : فسد في الدباغ.
(٧) التهويم : هز الرأس من النعاس.
المهَدَّلة حين ] (١) انبياعها ، وانا على صحة نيَّتَي ، وقوة عزيمتي ، لتحريك الرحم لي وغليان الدم مني. غير سابقك بقولٍ ، ولا متقدّمك بفعلٍ ، وانت ابنُ حرب وطلابُ التِّراتِ (٢) ، وابي الضّيم ، وكتابي إليك وانا كحَرْباء السَّبْسَب (٣) في الهجير ترقُب عين الغزالة (٤) ، وكالسَّبُع المُفلِت من الشرك يَفْرَق (٥) من صوت نفسه ، منتظراً لِمَا تَصِحُّ به عزيمتك ، ويَرِدُ به امرك فيكون العمل به والمحتذى عليه.
وكتب في اسفل الكتاب هذه الابيات شعراً (٦) :
أيُقْتلُ عُثمان وتَرْقا دموعُنا |
|
وَنرْقُدُ هذا الليل لا تتنزَّعُ |
ونشرب بَرْد الماء ريّاً وقد مَضَى |
|
على ضمأٍ يتلو القُران ويَركعُ |
فأنّي ومَن حَجَّ المُلَبُّون بيتهُ |
|
وطافوا به سعياً وذو العرش يسمعُ |
سأمنع نفسي كلّ ما فيه لذَّةٌ |
|
من العيش حتى لا يُرى فيه مَطمَعُ |
وأَقْتُلُ بالمظلوم مَن كان ظالماً |
|
وذلك حكمُ الله ما عنه مَدْفَعُ |
وكتب عبدُالله بن عامر الى معاوية :
اما بعدُ ، فإنّ امير المؤمنين كان لنا الجَناح الحاضِنةَ تأوي إليها
__________________
(١) سقطت من الاصل ، وتجذ : تقطع ، والعراجين : جمع عرجون وهو اصل العذق.
(٢) الترات : جمع ترة ، وهي الثأر.
(٣) السبسب : المفازة.
(٤) الغزالة : الشمس.
(٥) يفرق : يخاف.
(٦) جمهرة رسائل العرب ١ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧.
فِراخها تحتها ، فلما أقصده السهمُ صرنا كالنعام الشاردِ ، ولقد كنتُ مشرَّد (١) الفكر ، ضال الفهم ، التمِسُ [ دريّة ] (٢) استجنُّ بها من خَطَأ الحوادث ، حتى وقعَ اليَّ كتابُك ، فأنتبهت من غفلة طار فيها رُقادي ، فأنا كواجد المحجةِ (٣) كان الى جانبها حائراً ، وكأني اُعاينُ ما وصفت من تصرُّف الاحوال ، فالذي أخبرك به ان الناس في هذا الامر : تسعةٌ لك ، وواحد عليك ، ووالله ان الموت في طلب العزِّ احسن من الحياة في الذلِّة.
وانت ابنُ حَرْب فَتَى الحروب ، ونصَّار بني عبد شمس ، والهِمَمُ بك منوطةٌ لأنّك مُنهضُها ، فإذا نهضتُ فليس لنا التخلف عنك ، بل ولا لأحدٍ من الناس القُعود حين نهوضك ، وانا اليوم على خِلاف ما كانت عليه عزيمتي :
من طلب العاقبة ، وحُبِّ السلامة قبل قرعِك سُويداء (٤) القلب بسَوْط الملام ، ولنعْمَ مؤدِّب العشيرة انت ، وإنّا لنرجوك بعد عثمان كهفاً لنا ، نتوقع لوعدك ، نترقب لامرك وما يكون منك لأمتثله واعمل عليه ، إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) سقطت من الاصل.
(٢) سقطت من الاصل واثبتناها من جمهرة رسائل العرب. الدريئة : كل ما استتر به الصيد ليختل. واستجن : استتر.
(٣) المحجة : الطريق الواضح.
(٤) سويداء القلب : حبته.
وكتب في اسفله هذه الابيات شعراً :
لا خيرَ في العيشِ في ذلٍّ ومَنْقصةٍ |
|
فالموتُ أحسنُ من ضيْم ومن عارِ |
إنّا بنو عبد شمس معشرٌ أنُفٌ |
|
غُرٌّ جحاجحةٌ طُلابُ اوتارِ |
واللهِ لو كان ذَميُّ مُجاورنا |
|
ليطلب العَزّ لم نقعد عن الجارِ |
فكيف عثمان إذ يدفنُ بمزبلةٍ |
|
على القُمامةِ مطروحاً بها عارِ |
فازحف اليّ فاني زاحفٌ لهمُ |
|
بكلِّ ابيض ماضِ الحدِّ بتّارِ (١) |
وكتب الوليد بن عقبة بن ابي معيط الى معاوية :
اما بعدُ ، فإنّك ابنُ حرب (٢) وسيدُ قريش ، واكملهم عَقْلاً ، واحسنهم فَهْماً ، واصوبهم رأياً ، واعرفهم لحُسن السياسة (٣) ، إذ انت معدن الرِّياسة (٤) ، تُورِد بمعرفةٍ ، وتُصْدر عن مَنْهَلٍ رويّ ، مُنَاويك كالمنقلب من العيون ، تهوي به عواصف الشِّمال في لُجَّةِ البحر.
كتبت اليّ تذكر كنَّ الجَيش ، ولينَ العيش ، [ فملأتُ بطني على حِمام ] (٥) الى مُسكةَ الرَّحق (٦) ، حتى اَفْرِي أوْداجَ قَتلةِ عُثمان رضياللهعنه
__________________
(١) جمهرة رسائل العرب : ١ : ٣٠٧ ـ ٣٠٨.
(٢) في جمهرة رسائل العرب : اسدُ قريش عقلاً.
(٣) في الجمهرة : معك حسن السياسة.
(٤) في الجمهرة : وانت موضع الرِّياسة.
(٥) سقطت من الاصل واثبتناها من الجمهرة.
(٦) رحق : الرحيق وهو الخالص من الخمر ، وتقول : يا شارب الرحيق ابشر بعذاب الحريق ، ومن المجاز : مسك الرحيق ، لا غش فيه.
انظر : اساس البلاغة : ١٥٧.
فرْيَ الأهُبَ (١) بشبا الشفار (٢) ، واما اللّينُ فهيهاتَ ، إلا خُفيةَ الموت إذ يرتقبُ غفلة الطالب ، فإنا على مُداجاةٍ (٣) ولم نُبدِ صَفَحاتنا بعدُ ، وليس دون الدَّم بالدم مَزْحَل (٤) إذ لا يخفى عند ذوي المعرفة والمروءة ان العار منقصة والضعفَ ذلّ ، أيَخْبطُ قتلة عثمان زهوة الحياة الدنيا ، ويسقون برد العين ، وكما يمتطوا الخوف ، ويستحلسوا (٥) الحذر مع بعدُ مسافة الطَّرد (٦) ، وامتطاء العقبة الكئود (٧) وفي الرحلة ؟
لا دُعيتُ لعقبة ! ان كان ذلك ، حتى انصب لهم حرباً ، تضع الحوامل لها اطفالها ، فقد ألْوَت (٨) بنا المسافة ، ووردنا حياض المنايا ، وقد عَقلتُ نفسي على الموت عقل البعير ، واحتسبتُ اني قتيل ثاني بعد عثمان أو أقتل قاتله ، فعجِّل عليّ بما تتوقاه من رأيك الحسن (٩) ، فإنا منوطون بِكَ منتظرون لوعدك متبعون لعقبك ، [ ليس لنا من مخالفٍ لامرك ] (١٠) ، ولم احسب الحالَ يتراخى بك الى هذه الغاية لما انا خائف
__________________
(١) الاهب : اخذ للسفر أَهبته وتأهب له.
(٢) شبا الشفار : الشفرة الحادة.
(٣) المداجاة : المداراة.
(٤) مزحل : مَبْعَد ، من زحل مال عنه ، ودخل عليه فزحل له عن مكانه.
(٥) استحلس فلان الخوف : إذا لم يفارقه الخوف.
(٦) طرد : طرده طَرْداً وطَرَداً ، وطرّده وأطرده : ابعده ونحاه.
(٧) العقبة الكئود : الصعبة.
(٨) ألوى بهم الدهر : أهلكهم.
(٩) في الجمهرة : فعجل عليَّ ما يكون من رأيك.
(١٠) لم ترد في الجمهرة.
من احكام القوم لأمورهم ، كما لا يخفى عليك ، والسلام عليك.
وكتب في اسفل الكتاب هذه الابيات شعراً (١) :
نومي عَليَّ محرّمٌ ان لم أقُمْ |
|
بدم اِبنِ أمِّي من بني العَلاتِ |
قامت عليّ إذ قعدتُ ولم أقُمْ |
|
بطلابِ ذاك مناحةُ الامواتِ |
عذُبتْ حياضُ الموت عندي بعدما |
|
كانت كريهة مَوْرِد النّهلاتِ |
وكتب يعلى بنُ اميّة الى معاوية :
اما بعدُ ، فانا وانتم بني اميّة كالحَجر ، الذي لا يُبْنَى بغير مَدَر (٢) ، وكالسّيفِ لا يقطع الا بضاربه. وصلَ اليّ كتابك يخبرنا بخبر القوم وحالهم ، فلئن كانوا ذبحوه ذبحَ النطيحة بُودِرَ بها الموتُ ، فاِنّا بني اميّة ، والله لنخرجنّ ذابحه ، ولننحرنه نحر البدنه (٣) وافى بها الهَدْيُ الاجل !!
ثكلتني (٤) من انا ابنها ان نمتُ عن طلب وتر عثمان رضياللهعنه ، من ان اذبح القوم ، واني مدلج (٥) وان كان قصدهم ما حوته يداي من المال ، فالمال أيسرُ مفقود ان دفعوا الينا القاتل ، وان منعوا عن تسليمه ، أنفقنا المال على قتالِهِم ، وانّ لنا واياهم لمعركةً [ نتناحر فيها نحر الجزَّار
__________________
(١) جمهرة رسائل العرب ١ : ٣٠٨ ـ ٣٠٩.
(٢) المدر : قطع الطين اليابس.
(٣) البدنة : من الابل والبقر ، كالاضحية من الغنم تهدي الى مكّة وتنحر بها ، والهدي : ما يهدي الى مكة.
(٤) ثكلته امه : فقدته.
(٥) أدلج : سار من أوّل الليل.
النقائِع عن قليل تصلُّ لحومها ] (١). وكتب في اسفل الكتاب (٢) :
لِمثْلِ هذا اليوم اُوصي الناسُ |
|
لا يعط ضَيْماً أو يحزَّ الراسُ |
وأمّا سعيد بن العاص فأنه كتب الى معاوية بخلاف ماكبت إليه القوم فهذه صورة كتابهِ إليه :
اما بعدُ ، فإنّ الحزمَ في التثبّت ، والخَطأ في العَجلة ، والشُّؤم في البِدار ، واسهم سَهْمك ما لم يَنْبض به الوَترُ ، وان يردَّ الحالَبُ في الضَّرع اللبَنَ ، قد ذَكرتَ ما لعُثمان علينا من الحقوقِ والقرابة فيه ، وانه قُتل فينا ، فهنا خَصلتان ذكْرُهما نقصٌ ، والثالثة تكَذُّبُ (٣) ، وامرتنا بطلب دمه ، فأيُّ جهة تسلُك فيها ابا عبد الرحمن ؟ رُدِمَت الفجاج (٤) ، واُحْكِم الامرُ عليك ، وَوَلِي زِمامَهُ غيرك ، فدعْ مناوأة من لو كانَ افترش فِراشه صدر الامر لم يعْدل به غيره ، وقلت : كأنّا عن قليل لا نتعارف ، فهل نحن الا حيٌّ من قريش ، ان لم تنلنا الولاية لم يفتئ عن الحقّ ؟ انها خلافة منافية (٥) ، وبالله أقسِمُ قسماً باراً لئن أصبَحت عزيمتك على ما ورد به
__________________
(١) سقطت عن الاصل واثبتناها من جمهرة رسائل العرب. النقائع : جمع نقيعة ، وهي كل جزور جزرت للضيافة.
(٢) جمهرة رسائل العرب ١ : ٢١٠ ، مع اختلاف يسير.
(٣) تكذب : تكلف الكذب.
(٤) الفجاج : جمع فج ( بالفتح ) وهو الطريق الواسع. وردم : سدَّ.
(٥) سقطت من الاصل واثبتناها من جمهرة رسائل العرب ، ومنافية نسبة الى عبد مناف جد الامام عليّ عليهالسلام ومعاوية ، يعني بذلك ان الخلافة ان صارت في البيت العلوي ، فهي لن تخرج من بني عبد مناف.
كتابك لأَلفَيتكَ في الحالتين طليحا (١) ، وهبني اخالُك بعد خَوْضَ الدماء تنالُ الظفر ، هل في ذلك عوَض من ركوب المآثم ونقص في الدين.
اما انا فلا علي بني اميّة ولا لهم عليّ ان اجعل الحزم داري والبيت سجني واتوسد الاسلام ، واستشعر العاقبة ، فأعدل ابا عبد الرحمن زمام راحلتك الى محجة الحقّ ، واستَوْهب العافية لاهلك وعشيرتك ، واسعطف الناس على قول الصدق قبل ان تهلك ] (٢).
[ وهيهات من قبولك ما اقول حتى يفجِّر مروانُ ينابيعَ الفتن وأجّجُ في البلاد ، وكأني بكما عند ملاقاة الاقران تعتذران بالعذر ، ولبئس العاقبةُ الندامةُ عمّا قليل يَضَحُ الامر لك والسلام ] (٣).
كتاب محمد بن ابي بكر الى معاوية بن ابي سفيان
قال أبو عليّ أحمد بن الحسين بن احمد بن عمران في كتاب « الاختصاص » (٤) : ان محمد بن ابي بكر رضياللهعنه كتب الى معاوية بن ابي سفيان :
اما بعدُ ، فانّ الله بجلالته وعظمته وسلطانه وقدرته على كافة خلقه
__________________
(١) طلِحَ فهو طليح كقولهم هُزِلَ فهو هَزِيل.
(٢) في جمهرة رسائل العرب : واستعطف الناس على قومك.
(٣) سقطت من الاصل واثبتناها من جمهرة رسائل العرب. انظر : جمهرة رسائل العرب ١ : ٣١١ مع بعض الاختلاف اليسير وصححت بعض الكلمات الغامضة أو الساقطة.
(٤) الاختصاص : ١١٩.
وعز برهانه ، [ خلق خلقه ] (١) بلا عبثٍ منه ولا ضعفٍ في قوةٍ ولا من حاجة له إليهم ، ولكنّه سبحانه خلقهم عبيداً فجعل منهم غويّاً ورشيداً (٢) وشقياً وسعيداً ، ثمّ اختار على علم فأصطفى وانتخب (٣) محمداً صلىاللهعليهوآله فاصطفاه نجيباً وانتجبه خليلاً فبعثه برسالته امينا وأرسله بوحيه وائتمنه على أمرهِ رسولاً مصدّقاً وهادياً ودليلاً ومبشراً ونذيراً ، فكان اوّل من أجاب وصدّق وأناب وآمن واسلم ، وسلم اخوه وابن عمه وصفيّه ووصيّه ووارث علمه ، وخليفته من بعده بوحي من الله عزّوجلّ لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فنصّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على أمير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليهالسلام فصدقه بالغيب المكتوم ، وآثره على كل حميم ، ووقاه كل هول ، وواساه بنفسه في كل خوف ، فحارب من حاربه وسالم من سالمه ، ولم يزل باذلاً نفسه بين يديه في ساعةِ الخوف والجوع والجدّ والهزل ، حتى اظهر الله تعالى دعوته ، وافلج حجته.
وقد رأيتك ايّها الغاوي (٤) تساميه وانتَ انتَ ، وهو هو المبرز (٥) السبّاق في كل حين ، اصدق الناس نيّةً وافضلهم سجيةً واخصّهم زوجة وارفعهم منزلة ، الباذل رُوحه حينَ مهاجرته عن اعدائه ، والنائم على
__________________
(١) في النسخة العبارة غير واضحة وقد اثبتناها من الاختصاص.
(٢) سقطت من النسخة.
(٣) سقطت من النسخة.
(٣) في النسخة : العاري والصواب كما جاء في الاختصاص.
(٥) في النسخة : الهزير والصواب كما في الاختصاص.
فراشه والشاري بنفسه يوم موته ، وعمه سيد الشهداء يوم احدٍ ، وابوه الذابُّ اعداء الله عن وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن حوزته ، وانتَ انتَ لم تزل انت وابوك تبتغيان عليهما الغوائل ، وتجتهدان على اطفاءِ نور الله باجتماعكما الجموع ، وتؤلبان (١) عليهما القبائل ببذل الاموال ، وقد هلك على ذلك ابوك وعليه خلفك ، والشاهد عليك بفعلك من يأوي (٢) ويلجأ اليك من بقية الاحزاب ورؤوس النفاق والشقاق لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته ، والشاهد لعلي عليهالسلام بفضله المبين وسبقهالقديم ، انصاره والذين معه وهُم الذين ذكرهم الله تعالى وفضلهم في القرآن المجيد واثنى على المهاجرين والانصار ، منهم معه كتائب وعصائب [ من حوله يجادلون بأسيافهم ويهرقون دماءهم دونه ] (٣) يرون الفضل في اتباعه والشقاء في خلافة أمره ، فلك الويل ثمّ الويل ، كيف تعدل نفسك بعلي عليهالسلام وهو أخو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وابو ولديه ، وشريكه في امره بخيره وشرّه ، وانت عدوُّهُ وابن عدوّهِ ، فتمتع بباطلك إذ يمدّك ابن العاص في غوايتك ، وكأنّ اجلك قد انقضى وكيدك قد وهى ، واعلم أنّك قد كايدت ربّكَ الذي أمنت كيده في نفسك ، وآيست من روحِهِ وهو لك لبالمرصاد وانت منه في غرور وعناد ، [ وبالله ورسوله واهل رسوله عنك الغنى ، والسلام على من اتبع الهدى ] (٤).
__________________
(١) في النسخة [ تؤنيان ].
(٢) سقطت من النسخة.
(٣) سقطت من النسخة.
(٤) سقطت من النسخة واثبتناها من الاختصاص.
وكتب في اسفل الكتاب هذه الابيات شعراً (١) :
معاوي ما أمسى هوى يستقيدني |
|
إليك ولا أخفي الذي لا اعالنِ |
ولا أنا في الاخرى إذا ما شهدتها |
|
بنكسٍ ولا هيابة في المواطنِ |
حللت عقال الحرب جبناً وانّما |
|
يطيبُ المنايا خائناً وابن خائنِ |
فحسبك من احدى ثلاث رأيتها |
|
بعينك أو تلك التي لم تعاينِ |
ركوبك بعد الامن حرباً مشارفاً |
|
وقد ذميت اضلافها والسناسنِ |
وقدحك بالكفين توري ضريمة |
|
من الجهل ادتها اليك الكهائنِ |
ومسحُك اقراب الشموس كأنها |
|
تبس بأحدى الداحيات الحواضنِ |
تنازع اسباب المروءة اهلها |
|
وفي الصدر داء من جوى الغلِ كامنِ |
جواب معاوية بن ابي سفيان لمحمد بن ابي بكر رضياللهعنه
فأجابه معاوية بهذا الكتاب (٢) :
بسم الله الرحمن الرحيم
من معاوية بن ابي سفيان الى محمد بن ابي بكر الزاري على أبيه [ خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ] (٣) .. ، اما بعدُ ، وصَلَ (٤) اليّ كتابُك وما ذكرت فيه [ من أنّ الله ] (٥) بعظمته وسلطانه وقدرته قد اصطفى رسوله مع كلام ألفته
__________________
(١) الاختصاص : ١٢١.
(٢) الاختصاص : ١٢١.
(٣) سقطت من الاختصاص : ١٢١ ـ ١٢٢.
(٤) في كتاب صفين : فقد أتاني ، وفي الاختصاص : فقد بلغني.
(٥) في صفين والاختصاص : ما الله أهله.
ووضعته (١) ، فيه لرأيك تضعيف ، ولابيك فيه تعنيف وتفضيل (٢) لابن ابي طالب وقديم سوابقه وقرابته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونصرته له ومواساته اياه في كل خوف وهول (٣) ، فكان احتجاجك عليّ وعيبك لي بفضل غيرك لا بفضلك ، فأحمد ربّك (٤) الذي صرف ذلك الفضل عنك وجعله لغيرك. وقد كنا وابوك معاً في حياة نبينا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم نرى حقّ عليّ بن ابي طالب لازماً لنا ، وفضله مبرزاً علينا ، حتى اختار الله لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما اختار الله إليه ، وقد اتمّ له وعده ، واظهر له دعوته ، وافلج له حجته ، ثمّ قبضه الله إليه ، فكان أوّل من أبتز حقه ابوك وفاروقه (٥) وخالفاه في امره ، على ذلك [ اتفقا واتسقا ] (٦) بينهما ، ثمّ انهما دعواه ليبايعهما [ فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما ] (٧) فلم يأتهما ، فهما به الهموم ، وأرادا به العظيم ، فعند ذلك بايع لهما وسلم (٨) ، فلم يشركاه في امرهما ، ولم يطلعاه قط على سريرتهما ، حتى قبضا على ذلك ، ثمّ قام بعدها عثمان رضياللهعنه فأقتدى بهديهما ، [ حتى طمع فيه الاقاصي من اهل المعاصي
__________________
(١) في الاصل : ووضعك.
(٢) في صفين : ذكرت حقّ ، وفي الاختصاص : ذكرت فضل.
(٣) سقطت من الاصل واثبتت من كتاب صفين والاختصاص.
(٤) في صفين والاختصاص [ الهاً ].
(٥) في الاصل : وفاروقه الاعظم ، ولم ترد الاعظم في صفين ولا في الاختصاص.
(٦) في الاصل : اتفاقاً واتساقاً ، وصوابه كما في الاختصاص وصفين.
(٧) سقطت من الاصل.
(٨) في الاصل : بايعهما قهراً عليه ، وسلم لهما القيادة جبراً عليه لعدم اتفاق المسلمين معه.
وبطنتما له ] (١) واظهرتما العداوة له حتى بلغتما فيه مجهودكما ، ونلتما منه مناكما ، فخذ حذرك يا ابن ابي بكر ، وقس شبرك بفترك ، فكيف توازي من يوازي الجبال حلمه ، ولا تعب من مهد [ له ابوك ] (٢) مهاده ، وطرح لملكه وسادة ، فإن يكن ما نحن فيه صواباً فأبوك فيه أوّل من اسس بناءه ، فنحن بهديهم اقتدينا وبفعلهم احتذينا ، ولولا ما سبق إليه ابوك وفاروقه لما خالفنا الكتاب ونصّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل فأسلمنا إليه ، واجتمعنا لديه ، فليكن عيبك لابيك ، فعبه بما شئت أو دع ، والسلام.
خروج الزبير وطلحة بعائشة الى البصرة
قال المسعودي :
ولمّا ورد كتاب معاوية الى طلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام ، لم يشكا في صدقه بالنصيحة لهما فأجتمعا على خلاف امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليهالسلام فهمّا إليه وقالا : يا امير المؤمنين لقد علمنا (٣) ما نحن فيه من الجفوة في زمن خلافة عثمان (٤) [ واختصاصه عنّا ببني اميّة ] (٥)
__________________
(١) سقطت من الاصل.
(٢) في الاصل : اليك.
(٣) ورد في البحار : قد رأيت.
(٤) في البحار : ولاية عثمان.
(٥) في البحار : كان في بني امية.
دوننا ، وقد منَّ الله تعالى عليك بالخلافة من بعده ، فولّنا بعض عمّالِك.
فقال عليهالسلام : ارضيا بما قسم الله تعالى لكما حتى أرى رأيي ، واعلما اني لا اُشرك في امانتي الا من أرضى بدينه وأمانته من اصحابي ومن عرفت دخيلته.
فداخلهما اليأس فاستأذناه للعمرة فخوفهما من الله ومن التسرع في الفتنة ، فأنصرفا عنه وتوجها الى مكّة ، فلم يلقيا أحداً من الناس إلا استحثاه على الخروج معهما ، فيسألهما عن خروجهما على أمير المؤمنين عليهالسلام.
فيقولان : ليس له في اعناقنا بيعة برضى مِنّا وإنما صدرت منّا مبايعتنا له كُرهاً منّا وجبراً علينا ، فبلغه قولهما ، فقال عليهالسلام : أبعدهما الله تعالى ، والله لقد علمت انهما سيقتلان انفسهما [ أخبث مقتل ويأتيان من وردا عليه بأشأم يوم ] (١) والله ما العمرة يريدان ، ولقد أتياني بوَجهين فاجرين ورجعا بوجهين غادرين ناكثين ، والله لا يلقيان بعد اليوم إلا كتيبة خشناء يقتلان فيها انفسهما فبُعداً لهما وسحقاً (٢).
فلما بلغ أمير المؤمنين عليهالسلام مسير طلحة والزبير بعائشة الى البصرة ، قال :
ان كل واحدٍ منهما يريد الخلافة لنفسه دون صاحبه ، فادعاء طلحة
__________________
(١) سقطت من الاصل.
(٢) انظر بحار الانوار ٣٢ : ٦.
للخلافة لانه ابن عبيدالله عمّ عائشة ، وادعاء الزبير لانه صهر ابيها ، والله ، لئن ظفر الزبير بطلحة ليضربن عنقه ! وان ظفر طلحة بالزبير ليضربن عنقه ! فلا بد من تنازعهما على هذا الملك.
والله ، انها الراكبةُ الجمل ! لا تحلُّ عقدة ، ولا تسير عقبةً ، ولا تنزل منزلاً إلا ولله فيه معصية ، حتى تورد نفسها ومن معها مورداً يُقتَل وليُّهم ، ويهرب تليّهم ، ويرجع عليهم غيهم.
والله ، إنّ طلحة والزبير ليعلمان انهما يخطيان ويجهلان ولربّ عالم قتله جهله ومحله معه لا ينفعه ، والله ، لتنبحها كلاب الحوأب !! فهل يعتبر معتبراً ويتفكر متفكراً ، لقد قامت الفئة الطاغية فأين المحسنون ؟
خطبة أمير المؤمنين عليهالسلام
حين بلغه مسير طلحة والزبير الى البصرة
قال الشيخ المفيد رحمهالله في أرشاده (١) :
لما بلغ أمير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليهالسلام مسير طلحة والزبير بعائشة الى البصرة ، صعد المنبر ، فحمد الله واثنى عليه ، وصلى على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ قال :
اما بعدُ ، ايّها الناس (٢) : إنّ الله عزّوجلّ بعث نبيه محمداً صلى الله
__________________
(١) الارشاد : ١٣٠ ، بحار الانوار ٣٢ : ٩٨ ح ٦٩.
(٢) سقطت من الارشاد.
عليه وآله الى الناس كافةً ، وجعله رحمةً للعالمين (١) ، فصدع بما امره بهِ ، وبلغ رسالاته ، فلّم به الصدع ، ورتق به الفتق ، وأمن به السبل ، وحقن به الدماء ، وألف به ذوي الاحن والعداوة ، والوغر في الصدور ، والضغائن الراسخة في القلوب ، ثمّ [ قبضه الله إليه ] (٢) حميداً لم يقصر في الغاية التي إليها ادى الرسالة ، ولا بلغ شيئاً كان في التقصير عنه وكان من بعده ما كان من التنازع في الامر ، فتولى أبو بكر وبعده عمر ، ثمّ تولى عثمان ، [ فلما كان ] (٣) من امره [ ما ] (٤) عرفتموه ، وأتيتموني (٥) ، فقلتم : بايعنا (٦) ، فقلت : لا افعل ، فقلتم : بلى (٧).
فقلت : لا (٨) ، وقبضتم على يدي فبسطتموها وانا كاره فنازعتكم ، فجذبتموها !! ، وقد تداككتم علي تداك الابل الهيم على حياضها يوم ورودها حتى ظننت انكم قاتلي ، وان بعضكم قاتل بعضاً ، فبسطت يدي فبايعتموني مختارين ، [ وبايعني في اولكم ] (٩) طلحة والزبير
__________________
(١) في النسخة : وجعله رحمة للعالمين بشيراً ونذيراً وسراجاً منيراً.
(٢) في النسخة : قبضه الله.
(٣) في النسخة : فكان.
(٤) في النسخة : ما قد.
(٥) في النسخة : فأتيتموني طائعين مختارين.
(٦) في النسخة : بايعناك.
(٧) في النسخة الخطية : لا بد لك من ذلك.
(٨) كذا في الاصل : لا يكون ذلك.
(٩) في الاصل [ فأولكم مبايع لي ].
طائعين [ غير مكرهين ] !!.
ثم لم يلبثا حتى استأذناني في العمرة ، والله يعلم انهما أرادا الغدرة ، فجددتُ عليهما العهد في الطاعة ، وان لا يبغيا في الامة (١) الغوائل ، فعاهداني ثمّ لم يفيا لي (٢) ، فنكثا بيعتي ونقضا عهدي (٣) فعجباً لهما من انقيادهما [ لابي بكر وعمر وخلافهما لي ] (٤) ، ولستُ بدون احد الرجلين ، ولو شئت ان اقول اللهم احكم عليهما بما صنعا [ في حقي وصغرا من امري ] وظفرني بهما.
وله عليهالسلام خطبة أخرى
وقال عليهالسلام في مقامٍ آخر في هذا المعنى ، بَعد أنْ حَمِد اللهَ وأثنى عليهِ ، وصلّى على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٥) :
أمّا بعدُ ، أيّها الناس (٦) فانّ اللهَ عزّوجلّ لمّا قَبضَ نبيَّهُ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قُلنا نحنُ أَهل بيتهِ وعصبتُهُ وَوَرثتُهُ وأولياؤهُ وأحقُّ [ الناسُ بالامرِ
__________________
(١) في الاصل [ في الامة ].
(٢) سقطت من الاصل.
(٣) في الاصل [ حتى وثبا على الماضيين قبلهما ، ليذهبا بحقي ، ويفرقا جماعة المسلمين على تعجبٍ ] والصواب كما ورد في الارشاد.
(٤) في الاصل : الى من سبقها وخلافهما والصواب كما في الارشاد.
(٥) الارشاد ١ : ٢٤٥ ، بحار الانوار ٣٣ : ١١١ ح ٨٦.
(٦) لم ترد في الارشاد.
والخلافةِ ] (١) ، لا نُنازع في حقّهِ وسُلطانهُ ، فبينا نحن [ كذلك ] (٢) إذ نفر قومٌ من المنافقين حتى انتزعوا سُلطانَ نبينا منّا ، وَوَلّوهُ غيرنا ، فَبكتْ ـ والله ـ لذلك العُيونُ والقُلوبُ منَّا جميعاً معا ، [ وخشنت ] له الصُّدورُ ، وجَزعَت النَّفوسُ منَّا جزعاً أرغمَ ، وايمُ الله [ لولا ] مخافتي الفرق بين المسلمين وأن يقود أكثرهم الى الكفرِ ويعَور الدْينُ ، لكُنّا قد غيّرنا ذلك بما استطعْنا. وقد بايعتموني الآن وبايعني هذان الرجلان طلحةُ والزّبيرُ على الطَّوْعِ منهما ومنكم [ الايثار ] (٣) ، ثمّ نهضا يُريدان ببغيهما (٤) البصرة ، ليُفرّقا جماعتكم ويُلقيا بأسَكم [ بينكم ] ، اللّهم فخُذهما [ بغشّهما ] ، لهذه الامة واخذل بيعتهما لهذه الامة وبسوء نظرهما للعامة (٥).
ثم قال عليهالسلام : انفروا (٦) رحمكم الله لطلب الناكثين القاسطين الباغين قبل ان يفوتا ، [ فتداركوا ما خبياه ] (٧).
ومن كلامه عليهالسلام
فخرجا يجران (٨) حرمة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما تجرُّ الأَمَةُ عندَ
__________________
(١) في الارشاد : وأحقّ الخلق به.
(٢) سقطت من الاصل.
(٣) في الاصل : الاثر.
(٤) سقطت من الارشاد.
(٥) في الاصل : واخذل بيعتهما لهذه لتنظرهما العامة.
(٦) في الاصل : تفرقوا والصواب في الارشاد.
(٧) في الارشاد : قبل ان يفوت تدارك ما خبياه.
(٨) في نهج البلاغة : فخرجوا يجرون.
شرائِها مُتَوَجّهين بها الى البَصْرة ، [ فحَبَسا نساءهم في بيوتهم ] (١) ، وابرزا حبيس (٢) رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لهما ولغيرهما في جيش ، فما منهم رجلٌ إلا وقد اعطاني الطاعة ، وسمح لي بالبيعة طائعا غير مكره (٣).
فَقدموا عَلى عَامِلي بهَا وخُزّان بيت مالِ المُسلمِينَ الذي في يدي ، وعلى اهل مصر كلهم في طاعتي وعلى بيعتي ، فشتَتوا شملهم وفرقوا كلمتهم ، وأفسدوا جَماعتهمْ ، وَوَثبُوا على شِيعتي (٤) فقتلوا طائفة منهم غدراً ، [ وطائفةً عَضّوا على أسْيافهِم فَضَارَبوا بِها حَتى لَقوا الله صادِقينَ ] (٥).
فوَالله لَوْ لَمْ يصيبوا من المُسْلمين الا رَجُلاً واحِداً مُتعمِدِين لِقَتْلِهِ ، بلا جُرْمٍ لحلَّ قتلُ ذَلِكَ الجيش كله ، إذ حضروه ، فلم ينكروا ولم يدفعوا عنه بلسانٍ ولا بيد ، دع ما انهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا عليهم ، [ وقَتَلوا من السبابجة أَربعمائة رجل ، وعَزَرتا بِولاتِها ] (٦).
__________________
(١) في نهج البلاغة : نساءَهُما في بيوتهما.
(٢) في نهج البلاغة : جيش ، ويظهر من تصحيفات الناسخ.
(٣) في الاصل : طائعاً مختاراً غير مكره.
(٤) لم ترد في نهج البلاغة.
(٥) لم ترد في نهج البلاغة.
(٦) لم ترد في كتاب نهج البلاغة.