المختصر من كتاب السياق لتاريخ نيسابور

الإمام الحافظ أبو الحسن الفارسي

المختصر من كتاب السياق لتاريخ نيسابور

المؤلف:

الإمام الحافظ أبو الحسن الفارسي


المحقق: محمّد كاظم المحمودي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: ميراث مكتوب
المطبعة: رويداد
الطبعة: ١
ISBN: 964-8700-02-8
الصفحات: ٥٥٦

من اسمه عبد الجبّار

من الطبقة الثانية

ـ ٢٠٢٠ ـ (١)

[أبو الحسن المولقاباذي]

عبد الجبار بن محمد بن أحمد بن جعفر أبو الحسن ابن الشيخ أبي حسّان المزكّي الملقاباذي ، شيخ فاضل ثقة من بيت العلم والتزكية والعدالة.

حدّث هو وأبوه وجدّه وكلّهم ثقات أثبات ، وقد مضى ذكر أبيه في المحمّدين.

وهذا سمع من أبيه والمخلدي والخفاف وطبقتهم ، ولم يرو الكثير لأنه مات فجأة في حدّ الكهوله سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة.

ـ ٢٠٢١ ـ (٢)

[أبو القاسم الاسكاف الاسفرايني]

ومنهم عبد الجبار بن علي بن محمد بن حسكان الاستاذ الإمام أبو القاسم المتكلم الاسفرايني

__________________

(١) منتخب السياق ١١٢٨.

(٢) منتخب السياق ١١٢٩ ، تبيين كذب المفتري ٢٦٥ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ١١٧ / ٥٧ ، طبقات السبكي ٤٤٥ ، وابن الصلاح ٥٥ / ب ، والاسنوي ١ / ٩١.

٢٤١

الأصم المعروف بالاسكاف إمام دويرة البيهقي ، شيخ جليل كبير ، من أفاضل العصر ورؤوس الفقهاء والمتكلمين من أصحاب الأشعري ، من تلامذة الاستاذ الإمام أبي إسحاق الاسفرايني ، ومن المدرسين في الفنون المحققين ، له اللسان في النظر والتدريس والفتوى ، مع لزوم طريقة السلف من الزهد والفقر (١) والورع. كان عديم النظير في وقته ما رئي مثله.

قرأ عليه إمام الحرمين الأصول ، وتخرّج بطريقته ، وسمع الحديث من أصحاب الأصم وعبد الله بن يوسف وطبقتهم ولم يرو إلّا القليل.

وتوفّي يوم الاثنين الثامن والعشرين من صفر سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة وصلّى عليه الشيخ الفقيه أبو بكر ودفن بشاهنبر.

ومن الطبقة الثالثة

ـ ٢٠٢٢ ـ (٢)

[أبو الفتح الرازي]

عبد الجبار بن عبد الله بن إبراهيم بن برزة الرازي أبو الفتح نزيل اصفهان شيخ صائن مستور من التجار. قدم نيسابور قديما وسمع من أصحاب الأصم ومن الاستاذ أبي طاهر الزيادي وطبقتهم.

__________________

(١) م : الفقه.

(٢) منتخب السياق ١١٣٠ ، الأنساب : الأردستاني ، العبر (وفيات ٤٦٨).

٢٤٢

من اسمه عبد الحميد

من الطبقة الثالثة

ـ ٢٠٢٣ ـ (١)

[أبو محمد البحيري]

عبد الحميد بن عبد الرحمان بن محمد بن أحمد بن جعفر البحيري [٦١ ب] أبو المزكي الفقيه ، شيخ عشيرته في وقته ، المقدّم منهم ، والأفضل فيما بينهم ، وكان عفيفا ورعا كثير العبادة ، ضعف بصره في آخر عمره ولم يخرج من بيته ، وكان يعيش في ثروة وعفاف وكفاف.

سمع الحديث الكثير من الحاكم أبي عبد الله والمسند من أبي نعيم عن أبي عوانة ، وسمع منه الأئمة والكبار ، وسمع أيضا من أصحاب الأصم.

وكان ثقة في الرواية صدوقا حسن الإسماع فاضلا ، سمعنا منه معرفة علوم الحديث من تصنيف الحاكم أبي عبد الله وغيره. وله أسلاف مضى ذكر بعضهم وسيأتي ذكر الباقين (٢).

وتوفي في سنيّ نيف وستين وأربع مئة.

__________________

(١) منتخب السياق ١١٣٨ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٤٣ / ١٦٢ ، الاستدراك ، الورقة ١ / ٥٠.

(٢) فلاحظ عنوان (البحيري) في الفهرس.

٢٤٣

ـ ٢٠٢٤ ـ (١)

[أبو حنيفة القصّاب]

ومنهم عبد الحميد بن [يحيى بن](٢) أحمد بن محمد بن زيد الحيري الحاكم أبو حنيفة المعروف بالقصّاب المذكّر ، شيخ صالح سليم الجانب ، من أصحاب أبي حنيفة. كان يذكّر في الجامع يوم الجمعة ، ويشتغل بنفسه. سمع الحديث من مشايخ العصر الأول ، وروى القليل.

وتوفي في شعبان سنة تسع وسبعين وأربع مئة.

__________________

(١) منتخب السياق ١١٣٩.

(٢) من ترجمته وترجمة ابيه من م.

٢٤٤

من اسمه عبد العزيز

ومن الطبقة الثالثة

ـ ٢٠٢٥ ـ (١)

[أبو محمد النخشبي]

عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عاصم النخشبي الحافظ أبو محمد رجل فاضل نبيل محدث حافظ. سمع الحديث الكثير بالبلاد ، وحصّل النسخ ، وكان ثقة ورعا مجتهدا طاف البلاد وحجّ.

__________________

(١) منتخب السياق ١١٥٣ ، الأنساب واللباب : الاستغداديزي ، معجم البلدان ١ / ١٧٥ ، و ٥ / ٢٧٦ ، تذكرة الحفاظ ١٠١٨ ، العبر ٣ / ٢٣٧ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٦٧ وغيرها.

٢٤٥
٢٤٦

من اسمه عبد الصمد

من الطبقة الثانية

ـ ٢٠٢٦ ـ (١)

[أبو الحسن البوزجاني]

عبد الصمد بن محمد بن عبد الله الكرماني البوزجاني أبو الحسن العدل الثقة ، سمع الحديث. قال الحسكاني : قرأت عليه في أصل نسخة المهاجرين.

توفي في شهر ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.

ـ ٢٠٢٧ ـ (٢)

[أبو سعد العدل]

عبد الصمد بن عبد الملك بن علي بن [محمد بن](٣) موسى العدل النيسابوري الشيخ أبو سعد رجل مشهور نبيل ثقة من أهل التزكية والتعديل ، بهيّ المنظر ، طريف الصحبة ، مرضيّ الطريقة ،

__________________

(١) منتخب السياق ١١٦١.

(٢) منتخب السياق ١١٦٥ ، وتقدمت ترجمة أبيه.

(٣) هذه الزيادة من ترجمة والده في الكتابين.

٢٤٧

مائل إلى مداخلة أصحاب الحديث ، مواظب على حضور مجلس إمام الحرمين [٦٢ أ] خرج إلى الحج ، ووصل إلى بغداد ، مرض وتوفي تاسع عشر شوّال سنة خمس وثمانين وأربع مئة.

حدّث عن السرّاج والقاضي أبي بكر [الحيري] والصيرفي وجماعة من أصحاب الأصم ، وسمع الكثير من مشايخ الطبقة الثانية.

ـ ٢٠٢٨ ـ (١)

[أبو مسعود الجرجاني الكحّال]

عبد الصمد بن أبي حرب أحمد الجرجاني الكحّال أبو مسعود ، شيخ صالح مستور ، من أولاد التجار والمياسير. سمع الحديث من اصحاب الأصم وعن السرّاج والنصراباذي. وكان عفيفا سليم النفس والحال.

توفي في أول شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة.

__________________

(١) منتخب السياق ١١٦٧ ولأخيه الفضل بن أحمد بن محمد ترجمة في الكتاب.

٢٤٨

من اسمه عبد الوهاب

الطبقة الأولى

ـ ٢٠٢٩ ـ (١)

[أبو طلحة البوشنجي]

عبد الوهاب بن محمد بن طاهر الشافعي البوشنجي أبو طلحة شيخ ثقة مشهور ، كثير الحديث والشيوخ.

قدم نيسابور سنة ثمان أو تسع وأربع مئة وعاد إلى وطنه. ثمّ قدم ثانيا فسمع المشايخ منه.

حدّث عن أبي علي الرفاء الهروي ، وأبي القاسم منصور بن العباس الفقيه البوشنجي ، وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد القراب ، وأبي حامد أحمد بن محمد الشاركي وطبقتهم.

ـ ٢٠٣٠ ـ (٢)

[أبو عمرو المايقي]

عبد الوهاب بن عبد الرحمان بن محمد بن سليمان [بن أحمد بن محمد بن سليمان](٣) الشيخ أبو

__________________

(١) منتخب السياق ١١٧٣.

(٢) منتخب السياق ١١٧٨.

(٣) بين المعقوفين تكرر في ن.

٢٤٩

عمرو ابن أبي عقيل السلمي المايقي ابن خال الإمام زين الإسلام وختنه ، شيخ كبير مشهور جليل ثقة ، من شيوخ الطريقة ووجوه المتصوّفة ، له الكلمات السنيّة والاشعار بالفارسية.

حج مع الاستاذ زين الإسلام ، فسمع الحديث ببغداد والكوفة والحجاز ، وسمع بنيسابور من الاستاذ أبي طاهر الزيادي ، والشيخ عبد الله بن يوسف الاصفهاني وعن أصحاب الأصم ، واكثر عن القاضي [أبي بكر الحيري] و [أبي سعيد] الصيرفي وقرئ عليه.

وكان لطيف الصحبة ، طريف المعاشرة ، سخيّ النفس ، بذولا بما يملكه ، بنى دويرة بناحية استوا من مايق الدشت للصوفية المجتازين بها ، ووقف عليها ضيعة [٦٢ ب].

ـ ٢٠٣١ ـ (١)

[أبو منصور الأطروش]

ومنهم عبد الوهّاب بن أحمد بن محمد بن زكريا الثقفي الأطروش أبو منصور شيخ ظريف خفيف أصمّ أصلع من المتصوفة. سافر الكثير ولقي المشايخ [و] تبرّع بأنواع القرب من عمارة القبور وإصلاحها واتخاذ الأواني والكيزان من النحاس في الخوانكاهات في بلاد خراسان ، سمع الحديث في الغربة والبلد ، وكان يقرأ الأحاديث فيسمع منه لصممه.

توفي ليلة الجمعة الخامس من رجب سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة.

حدّث عن القاضي [الحيري] والطرازي والسجستاني [ظ].

وكان مولده سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.

__________________

(١) منتخب السياق ١١٨١ ، سير اعلام النبلاء ، (وفيات ٤٨٢) ج ١٨ ص ٥٠١.

٢٥٠

من اسمه عبد الرزاق

من الطبقة الثالثة

ـ ٢٠٣٢ ـ (١)

[أبو الفتح المنيعي]

عبد الرزاق بن حسّان بن سعيد أبو الفتح الإمام الرئيس العابد الزاهد الحاج العامل المجتهد الخطيب الديّن الورع ، شيخ من وجوه كبار عصره وأفراد دهره ، نشأ في حجر الرياسة ، وتربّى في الحشمة والثروة والنعمة.

تفقّه على القاضي الإمام أبي علي الحسين بن محمد المروروذي إمام عصره ، وتخرّج به وعلق عنه المذهب الذي طالعه القاضي وأصلحه وصححه واعتمد عليه ، وكان يحفظ ذلك و [يذ] اكره (٢) ويفتي منه ويدرّس فيه ، ويعقد مجلس التذكير ويخطب خطبا بليغة.

ثمّ خرج قاصدا للحج وحجّ وعاد إلى الحضرة الملكشاهية فسمّي لرياسة نيسابور ودخل نيسابور رئيس الرؤساء ، وقعد للتدريس في الجامع ، واجتمع عليه في درس جماعة من الفقهاء ،

__________________

(١) منتخب السياق ١١٨٦ ، سير أعلام النبلاء ١٩ / ١٨٤ : (وفيات ٤٩١).

(٢) ن : وأكثره ، والتصويب منا.

٢٥١

وعقد مجلس المناظرة وحضره إمام الحرمين ، وكان ... من الأصحاب ومن عميد خراسان.

ثمّ خرج إلى مرو الروذ وعاد ، ولم يتمش له ما كان ... من الرياسة فاستعفى ، ولزم بيته مشتغلا بالعبادة والإفادة.

ثمّ عاد إلى نيسابور في سني تسعين أو إحدى وتسعين ، وكان شيخ الشيوخ في عصره فأقام مدة ثمّ عاد إلى وطنه.

سمع الحديث على كبر سنّه من متأخري مشايخ نيسابور ، وسمع في السفر بالعراق والجبال والحجاز ومن أبيه ومن أستاذه القاضي الإمام حسين ، وروى الكثير وسمع منه.

توفي يوم الأحد الثامن عشر من ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وأربع مئة وجاء نعيه إلى نيسابور بعد [٦٣ أ] خمسة عشر يوما وقعدوا الأئمة! له في العزاء الخامس من ذي الحجة سنة إحدى وتسعين.

٢٥٢

ومن الاسماء المتفردة

المبتدأ فيها بعبد

من الطبقة الأولى

ـ ٢٠٣٣ ـ (١)

[أبو القاسم المحتسب]

عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق بن إسحاق المؤذن المحتسب أبو القاسم الشافعي النيسابوري ، شيخ مشهور ثقة ، كثير الحديث والرواية ، مبارك الاسناد ، سديد الطريقة ، آمر بالمعروف ، شديد النهي عن المنكر.

حدّث عن أبي أحمد بكر بن محمد بن حمدان الدخمسيني ، وأبي بكر محمد بن أحمد بن خنب ، وعلي بن محتاج بن حمويه الكشاني ، وأبي القاسم علي بن المؤمل ، وأبي العباس الصبغي ، وأبي الفضل محمد بن إبراهيم [بن الفضل] المزكي (٢) وأبي بكر الصواف [وأبي بكر] القطيعي وطبقتهم.

توفي يوم الأحد لثمان بقين من ذي الحجة سنة خمس وأربع مئة قريبا من وفاة الاستاذ أبي علي

__________________

(١) منتخب السياق ١١٩١.

(٢) لأبي الفضل ترجمة في سير أعلام النبلاء ، ولابن المؤمل ترجمة في الانساب في (الماسرجسي).

٢٥٣

الدقّاق.

ـ ٢٠٣٤ ـ (١)

[أبو الحسن الفارسي الجرجاني]

ومنهم عبد الواسع بن محمد بن الحسن الفارسي الجرجاني التاجر الشافعي أبو الحسن المقيم بجرجان من رؤساء التجّار وثقاتهم ، وهو ابن بنت الإمام أبي بكر الاسماعيلي شيخ جليل ثقة معتمد. سمع الحديث الكثير بجرجان ونيسابور.

حدّث عن جدّه [لأمه] الإمام أبي بكر [الاسماعيلي] ، وعن أبي الحسن السرّاج ، وأبي محمد القاسم بن غانم المهلّبي ، وأبي عبد الله العصمي ، وأبي الحسين ابن حزن القرار! ، وأبي محمد ابن عبيد الله بن علي بن زياد (٢) ، وأبي العباس المضري ، وأبي القاسم إبراهيم بن محمد النصراباذي ، وأبي سعيد ابن حمدويه الفامي ، ثمّ عن أبي أحمد التميمي ، وأبي عمرو ابن حمدان ، وأبي حامد الصائغ وطبقتهم.

ومن الطبقة الثانية

ـ ٢٠٣٥ ـ (٣)

[أبو منصور البغداذي]

عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغداذي أبو منصور الاستاذ الإمام الكامل ، ذو الفنون ، الفقيه الأصولي الأديب الشاعر النحوي ، الماهر في علم الحساب ، العارف بالعروض.

ورد نيسابور مع أبيه أبي عبد الله طاهر بن محمد البغداذي التاجر ، وكان [الأب] ذا مال وثروة ، تفقه على أهل العلم والحديث. وهذا ابنه أنفق ماله على العلم حتّى افتقر ، ولم يكتسب بعلمه مالا ، وكان سخيّ النفس طيّب القلب حسن الأخلاق.

__________________

(١) منتخب السياق ١١٩٢ ، تاريخ جرجان ٤٢٨٩

روى عن أبي أحمد ابن عدي وجماعة من أهل نيسابور وبغداد ، كتب بها سنة ٣٧٤ مات سنة ٤٢٣.

(٢) لعل الصواب : وأبي محمد عبد الله بن محمد بن علي بن زياد.

(٣) منتخب السياق ١١٩٣ ، ولاحظ ما بهامشه من ذكر للمصادر.

٢٥٤

صنّف في العلوم ، وأربى على أقرانه في الفنون ، ودرّس في سبعة عشر نوعا من العلوم. وكان قد درس على الاستاذ الإمام أبي إسحاق الاسفرايني وأقعد بعده للاملاء [٦٣ ب] فأملى سنين واختلفت إليه الأئمة فقرأوا عليه مثل الإمام ناصر المروزي وزين الإسلام القشيري وغيرهما وتلمذوا له واستفادوا منه.

حدّث عن الإمام أبي بكر الاسماعيلي ، وأبي أحمد بن عدي ، وأبي عمرو ابن نجيد ، وأبي عمرو ابن مطر ، وأبي الحسن السرّاج وطبقتهم ، وكان كثير الحديث كثير الشيوخ.

خرج من نيسابور في أيّام التركمان وفتنتهم إلى أسفراين فمات بها سنة تسع وعشرين (١) وأربع مئة ودفن بجنب الأستاذ أبي اسحاق.

ـ ٢٠٣٦ ـ (٢)

[أبو محمّد ابن الهيصم]

ومنهم عبد السلام بن محمد بن الهيصم الاستاذ الإمام البارع أبو محمد من كبار الأئمة من أصحاب أبي عبد الله [محمد بن كرام] ، رجل نسيب من بيت الإمامة جليل القدر ، بالغ في الفضل ، من مشاهير أصحابهم ، أخذ الطريقة والعلوم عن أبيه ، وتخرّج في الفنون ، وخلفه في التدريس والتصنيف والإمامة.

خرج إلى العراق والحجاز وحجّ وزار (٣) المشاهد ، ولقي الأئمة والمشايخ ، وسمع الأحاديث وأدرك الأسانيد ، وناظر بالري صاحب المغني القاضي عبد الجبّار الهمذاني ، وأهل المذهب ، وكان محترما مبجّلا بينهم ، مرضي الكلام.

وقرأت في كتاب اليمينى لأبي النضر العتبي : أنه دخل مع الأئمة والكبار على أمير المؤمنين القادر بالله ، في ربيع الأول سنة خمس وتسعين وثلاث مئة ، وكان المجلس غاصّا بمشايخ بغداد ورؤسائها وأعيانها والكبار من غرباء الحجيج ورؤسائهم فأشير عليه بذكر فصل فقال :

الحمد لله ذي العزّة القاهرة ، والحجّة الباهرة ، والنعم المتظاهرة ، الذي عمّ إحسانه ودام سلطانه ولطف شأنه فلا رادّ لقضائه ولا مانع لعطائه ولا معقب لحكمه. بعث محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم من

__________________

(١) ن : سبع عشرة.

(٢) منتخب السياق ١١٩٤.

(٣) ن : ورأى.

٢٥٥

خير أرومة العرب مولدا ، وأفضل جراثيمها محتدا ، وأطولها نجادا ، وأرسخها في المكرمات أوتادا.

فأيّده بأحسن التأييد ، وأكّد أمره بأفضل التأكيد ، حتّى استقلّ به الدين ناهضا ، وانخذل الاشراك داحضا ، وظهر أمر الله والمشركون كارهون ، صلّى الله عليه وعلى آله عدد الرمل والحصى وما طلعت شمس الضحى ، ثمّ قيّض الله من بعده الخلفاء الراشدين لتمهيد الدين وتوهين كيد الملحدين ، فبسطوا للإسلام بساطه ، وأنهجوا لأهل الآفاق صراطه ، إلى أن تأدّى الأمر إلى ذويه من آل؟

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبني صنو أبيه ، صادعين بأمر الله ، معظّمين حرمات الله هلمّ جرّا ، إلى أن تاكدت بيعة الخلافة بأمير المؤمنين القادر بأمر الله ، فبهر نوره العالمين ، وشفا ذكره صدور المخلصين ، بعد التواء عليه من بعض ذوي العناد ، وانزو [ى] عنه من قصد الفساد ، ولكن الله سبحانه أبى إلّا نصرة الحقّ وإدالته وقمع الباطل وإزالته ولو كره المشركون.

ولقد حدّثني محمد بن الفضل الحلواني [قال حدثنى الصولى] عن المبرّد أبي العباس حدّثه [عن] أبي سعيد الخطيب [أنه] لما بايع الفضل بن مروان المعتصم قام في القائمين فقال :

بايعت منبسطا ولو لم تنبسط

كفّي لبيعته قطعت بنانها (١)

من ذا إليه لا يمدّ يمينه

قطع الإله يمينه فأبانها

ولوالدي في سابق خدمة أمير المؤمنين ما يقارب هذا ويشاكله وذلك أنّه أظهر بيعته لوارد كتابه على طاهر بن درست نام حيث التوى فيه من التوى ببلخ فقال :

سبقت يميني حيث بيعة قادر

بالله لما بايعته يد القدر

ماضر بيعته التواء من التوى

والله يكرمها بمكنون الزبر

ولقد أراه أحق من وطأ الحصا

لوراثة الشم البهاليل الغرر

ولأخلعنّ القلب منّي إن أبى

ولأقلعن العين إن زاغ البصر

وها أنا قد أسعدني الله بتوفيقه ، وبلغني من أقصى خراسان إلى أن وطأت بساط أمير المؤمنين نايبا في الخدمة مناب أبي ، شاكرا لما أنعم الله تعالى عليه عند ولي أمير المؤمنين محمود ابن سبكتكين فانه في رسمه كاسمه ، وأن أسأل الله أن يديم سلامة أمير المؤمنين [٦٤ ب] وأن يبلغه أمله في الأمير أبي الفضل ولي عهده الغالب بأمر الله ، ويجعل عاقبة أمره مع آبائه الطاهرين.

فلما فرغ منها ارتضاها أمير المؤمنين ، وأمر بنسخها لتخلد في الخزانة ، وأمر بانصرافه إلى

__________________

(١) فى الاصل يمينها. ما أوردت اخذت من اليميني للعبتي.

٢٥٦

خراسان مكرما ، (١) ولما وصل إلى نيسابور التقاه الأئمة من الفرق وعقد له مجلس التذكير وحضره العلماء والأئمة ، ثمّ غاب مدّة وعاد في آخر عمره.

توفي سنة اثنتين وأربعين وأربع مئة.

ـ ٢٠٣٧ ـ (٢)

[أبو الحسين الفارسي]

ومنهم عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر بن أحمد بن محمد بن سعيد أبو الحسين الفارسي الشيخ الثقة الأمين الصالح الصاين الديّن ، المحظوظ من الدين والدنيا ، الملحوظ من الحق تعالى بكلّ نعمى.

كان في صباه من أولاد المياسير والنعمة والثروة [و] قد تقدّم ذكر أبيه أبي عبد الله محمّد وأخيه أبي بكر أحمد ، وهذا كان أتقاهم وأورعهم ، وكان أمين أهل بيته ، وصاحب وصاياهم لأمانته وديانته. ثمّ إنه حج وتاجر وكسب وربح من التجارة.

وسمع صحيح مسلم هو وأخوه من الجلودي في صباهما ، وسمع من الأمير أبي العبّاس الميكالي ، ومن أبي عمرو ابن حمدان ، وكان يذكر أيام الاستاذ أبي سهل الصعلوكي ولم يرزق السماع منه [وسمع من الخطابي بسبب نزوله عندهم حين قدم نيسابور ، ولم تكن مسموعاته إلّا ملء كمّين من الصحيح والغريب وأعداد قليلة من المتفرقات من الأجزاء ولكنه كان محظوظا في الرواية] وسمع الكثير من الحديث ، وروى قريبا من خمسين سنة في نيسابور إملاء وقراءة ، منفردا عن أقرانه ، مذكورا مشهورا في الدنيا ، مقصودا من الآفاق.

وسمع منه الأئمة والصدور والأمراء ، وعقد له مجلس الاملاء قديما فأملى ، وقرأ عليه من المشاهير مثل زين الإسلام أبي القاسم وركن الإسلام أبي محمد [عبد الله بن يوسف] وشاهفور طاهر بن محمد الأسفرايني والواحدي والمطوّعي وأبي سعيد المستملي. [وقد قرأ عليه الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ (صحيح مسلم) نيفا وثلاثين مرة وقرأه عليه أبو سعد البحيري نيفا

__________________

(١) ادورد اليميني هذه الحكاية بتمامها في كتابه اليميني فى شرح أخبار السلطان يمين الدوله وأمين الملة محمود الغزنوى ، شرح وتحقيق إحسان ذنون الثامري (بيروت ١٤٢٤ ق). ص ٣٠٨ ـ ٣١١ وصرح بأخذه عن ابن هيصم بهذة العبارة : «وحكى لى أبو محمد عبد السلام بن محمد بن الهيمم.»

(٢) منتخب السياق ١١٩٥ ، العبر ٣ / ٢١٦ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٩ : ١٣ ، التقييد ، الورقة ١٤٣ ، الشذرات ٣ / ٢٧٧ ، وما بين المعقوفات من سير أعلام النبلاء نقلا عن السياق وهو جد المصنف.

٢٥٧

وعشرين مرة ، هذا سوى ما قرأه عليه المشاهير من الأئمة].

عاش (١) خمسا وتسعين سنة [وطعن في السادسة والتسعين وألحق الأحفاد بالاجداد وعاش في النعمة عزيزا مكرما في مروءة وحشمة إلى أن] توفي [رحمه‌الله تعالى] يوم الثلاثاء وقت العصر ودفن يوم الأربعاء السادس من شوّال سنة ثمان وأربعين وأربع مئة وصلّى عليه شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني ودفن في الدار ، ثمّ نقل إلى مقبرة باب معمر.

ـ ٢٠٣٨ ـ (٢)

[أبو روح الأصبهاني]

ومنهم عبد المجيد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحارث الاصبهاني أبو روح شيخ معروف نبيل ثقة ، سبط أبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ الاصبهاني حدّث عنه وعن أقرانه.

قال المؤذن : كتبت عنه بنيسابور وإصبهان.

توفي في نيف وثلاثين وأربع مئة.

ومن الطبقة الثالثة

ـ ٢٠٣٩ ـ (٣)

[أبو محمد]

عبد الغني بن الحاج الهوشمي أبو محمد الشيخ الزاهد العفيف الورع الفقيه الديّن.

دخل نيسابور [٦٥ أ] قديما وسمع الحديث من مشايخ الطبقة الأولى ، وتفقه وحصل شيئا من العلم ، ثمّ ترهّب وتزهّد وترك المخالطة ، وتحوّل إلى صومعة فأقام أكثر من ثلاثين سنة بقرية اندرزن

__________________

(١) سير أعلام النبلاء : استكمل.

وقال فيه الفنجكردي كما في الرقم ٢١٥٧ :

أحاديث النبي لها رجال

كعبد الغافر الشيخ الإمام

يرتبها باسناد صحيح

معنعنة همام عن همام

(٢) منتخب السياق ١١٩٧.

(٣) منتخب السياق ١١٩٨ ، وفيه الهومشي ، هذا ولعل الصواب الهوسمي بالسين نسبة إلى مدينة بجيلان.

٢٥٨

من أعالي قرى نيسابور ، ولزم العبادة ، وكان يحضر الجمعة ما دام يجد قوّة إلى أن شاخ ... وعجز عن الحضور ، وكان يزار ويتبرّك به ، وكان عنده حنطة من بذر إبراهيم الخليل عليه‌السلام ، وكان يزرع تلك الحنطة ومنها قوته ، وكان طريف المعاشرة حسن الصحبة.

توفي يوم الأحد الرابع والعشرين من شهر رمضان سنة ... وستين وأربعمئة ، وحضر العلماء والأئمة وحمل إلى نيسابور وصلّي عليه ودفن في مشهد بناه عميد خراسان مؤيّد الملك أبو سعد محمد بن منصور.

ـ ٢٠٤٠ ـ (١)

[أبو محمد الألواحي المصري]

ومنهم عبد الغني بن بازل الألواحي المصري أبو محمد ، رجل فقيه سديد ثقة محتاط.

دخل نيسابور وسمع من مشايخ الطبقة الثانية ، ثمّ عن المتأخرين سمع الحديث ، وبقي بنيسابور سنين ثمّ خرج وعاد إلى بغداد وأقام بها إلى أن توفي ، وكان مالكي المذهب.

ـ ٢٠٤١ ـ (٢)

[أبو تراب المراغي]

ومنهم عبد الباقي بن يوسف بن علي المراغي أبو تراب الإمام عديم النظير في فنّه ، رجل بهيّ المنظر ، عامل بعلمه ، حسن الخلق ، فقيه النفس.

تفقّه ببغداد على القاضي الإمام أبي الطيب الطبري وتخرّج به ، واشتهر بالعراق.

ودخل نيسابور قديما في أيّام الشيخ [هبة بن محمد] الإمام الموفّق وأقام عنده وحضر المجامع وسئل ، وكان يتكلّم على طريقة العراقيين.

وسمعته يقول : قدمت نيسابور وأنا أحفظ أربعة آلاف مسألة في الخلاف. وكان يحفظ أشعارا وحكايات لطيفة ، ولم ير ألطف ولا أظرف محاورة ومعاشرة منه.

ثمّ اختصّ بصحبة الموفقية وكان يعدّ من جملتهم ، سافر مع الإمام أبي سهل [محمد بن هبة الله]

__________________

(١) منتخب السياق ١١٩٩ ، الأنساب واللباب ومعجم البلدان : الألواحي ، طبقات السبكي ٤٦٦.

(٢) منتخب السياق ١٢٠٠ ، الأنساب واللباب : المراغي ، سير أعلام النبلاء ١٩ / ١٧٠ / ٩٣ ، العبر ٣ / ٢٣٣ ، طبقات السبكي ٤٤٢ ، معجم البلدان : نريز ، وغيرها فلاحظ تعليقة المنتخب.

٢٥٩

إلى الري والمعسكر وأقام ، واتّفق أنه خفّ عقله بعد وفاة الإمام أبي سهل ، واعتراه جنون من الحزن عليه ، ثمّ عولج وبرئ.

ورجع إلى نيسابور ، فنصب لإمامة مسجد عقيل فبقي فيه سنين مواظبا على الصلاة والتدريس.

حدّث عن أحمد المحاملي وأبي طالب ابن غيلان والطبقة ببغداد ، وعقد له مجلس الاملاء بنيسابور فأملى ، ثمّ تركه لضعف [ظ] بصره.

توفّي ليلة الاثنين الرابع من ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة ، [٦٥ ب] وولد سنة ثلاث وأربع مئة.

ـ ٢٠٤٢ ـ (١)

[أبو بكر الشيرويي الجنابذي]

ومنهم عبد الغفّار بن محمد بن الحسين بن علي بن شيرويه بن علي بن الحسن الشيرويي التاجر الجنابذي

أبو بكر ابن أبي الحسن ، رجل سديد نبيل صالح ثقة عفيف ، من بيت الصلاح والحديث والتجارة والعفاف.

أبوه أبو الحسن من أهل الحديث.

سمع من أصحاب الأصم من القاضي أبي بكر وأبي سعيد الصيرفي والسرّاج ، ثمّ عن مشايخ الطبقة الثانية من المتقدّمين مثل النصراباذي والنصروي وأبي حسان.

روى سنين وسمع منه كل من دبّ ودرج.

ولد سنة أربع عشرة وأربع مئة ، وتوفي يوم الأحد السابع عشر من ذي الحجة سنة عشر وخمس مئة.

ـ ٢٠٤٣ ـ (٢)

[أبو نصر المطرّز]

ومنهم عبد الفتاح بن عبد الرحمان بن محمد المطرّز الصوفي أبو نصر شيخ مشهور صالح.

__________________

(١) منتخب السياق ١٢٠٤ ، الأنساب : الجنابذي والشيرويي ، التحبير ١ / ٤٦٤ ، معجم البلدان ٢ / ١٢١ ، العبر ، سير أعلام النبلاء ١٩ / ٢٤٦ ، تاريخ الإسلام ٤ / ١٩٧ ، التقييد ١٦١ / ب ، دول الإسلام ٢ / ٣٧ ، عيون التواريخ ١٣ / ٣٣٣ ، النجوم الزاهرة ٥ / ٢١٣ ، مرآة الجنان ٣ / ١٩٩.

(٢) منتخب السياق ١٢٠٩ ، وتقدمت ترجمة أبيه.

٢٦٠