المختصر من كتاب السياق لتاريخ نيسابور

الإمام الحافظ أبو الحسن الفارسي

المختصر من كتاب السياق لتاريخ نيسابور

المؤلف:

الإمام الحافظ أبو الحسن الفارسي


المحقق: محمّد كاظم المحمودي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: ميراث مكتوب
المطبعة: رويداد
الطبعة: ١
ISBN: 964-8700-02-8
الصفحات: ٥٥٦

سمع الحديث من الأصم ، ولم يوجد سماعه منه إلّا بعد وفاته ، حدّث عن أبيه ، وعن يحيى بن منصور القاضي ، وأبي علي الرفاء وأبي أحمد محمد بن محمد الشيباني ، وسمع الحديث بالعراق والحجاز ومكة ومصر والشام ، وعقد له مجلس الاملاء بنيسابور فأملى سنين.

توفي في جمادى الأولى سنة سبع وأربع مئة ودفن في الخانكاه المنسوب إليه في سكة خركوش ، يستسقى بقبره ، وصلّى عليه القاضي أبي عمر البسطامي [محمد بن الحسين بن محمد] وقصد لعزائه المسلمون في الآفاق حتّى أهل الذمّة لما كان عليه من جميل السيرة وحسن الطريقة والسعي في أحوال العالم بالخير.

سمعت الشيخ أبا الفضل محمد بن عبيد الله الصرّام الزاهد يقول : رأيت الاستاذ الزاهد أبا سعد حضر المصلّى بنيسابور للاستسقاء [٥٥ ب] في أيام أمسك المطر ، وجاء القحط ، والناس يتضرّعون ويبكون ، فصلّى صلاة الاستسقاء على رأس الملأ ودعا وسمعته يصيح ويقول :

إليك جئنا وأنت جئت بنا

وليس ربّ ، سواك يغنينا

بابك رحب ، فناؤه كرم

تؤوي إلى بابك المساكينا

ثمّ قال : اللهم اسقنا. فما أتم ثلاثا حتى سقينا كأفواه القرب.

ـ ١٩٩٨ ـ (١)

[أبو سهل الشروطي]

ومنهم عبد الملك بن عبد الرحمان بن محمد بن العباس بن زكريا بن الحارث بن عبد الله الشروطي الحنيفي النيسابوري أبو سهل شيخ مستور ثقة كثير السماع والحديث.

حدّث عن أبي عمرو ابن نجيد ، وأبي محمد السمذي ، وأبي الحسين الحجاجي ، وأبي حامد الصائغ ، وبشر بن أحمد الأسفرايني ، وأبي سعيد بن حمدويه وطبقتهم.

توفي في ذي الحجة سنة تسع عشرة وأربع مئة.

ـ ١٩٩٩ ـ (٢)

[أبو صالح السالار]

ومنهم عبد الملك بن عبد الرحمان السالار أبو صالح مقدّم الغزاة يقيم موكبهم! بنيسابور ، ولهم

__________________

(١) منتخب السياق ١٠٧٩.

(٢) منتخب السياق ١٠٨٠.

٢٢١

مجلس ومقام عنده يستعملون الأسلحة ويتعلمون فيه ، وكان من صالحي العباد والمشايخ وذوي المروءة.

سمع الحديث عن مشايخ نيسابور والعراق عن الدارقطني وأقرانه. وخرّج له الفوائد وقرئ عليه.

قال الحسكاني : ليس له راو في البلد غيري.

توفي بسجستان في الغربة [و] حمل تابوته إلى نيسابور في شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة [وأربع مئة] ودفن في داره.

ومن الطبقة الثانية

ـ ٢٠٠٠ ـ (١)

[أبو الحسن الكرابيسي]

عبد الملك بن الحسين بن أحمد بن محمد بن علي بن خزيمة الشافعي الكرابيسي الوكيل أبو الحسن ابن أبي محمد ، شيخ معروف ثقة.

سمع الحديث الكثير وسمع كتاب مسلم بن الحجاج عن أبي بكر ابن المتكلم الأشقر عن القلانسي عن مسلم. وحدّث عن أبيه أبي محمد الحسين [بن أحمد الكرابيسي وأبي الحسن محمد] بن [عبد الله بن إبراهيم بن] عبدة السليطي ، وأبي الحسن السرّاج ، وأبي سهل بشر بن أحمد الأسفرايني وطبقتهم.

ـ ٢٠٠١ ـ (٢)

[أبو عقيل السمرقندي]

ومنهم عبد الملك بن محمد السمرقندي أبو عقيل شيخ من بيت الحديث ثقة. قدم حاجا نيسابور.

__________________

(١) منتخب السياق ١٠٨٣.

(٢) منتخب السياق ١٠٨٤.

٢٢٢

ـ ٢٠٠٢ ـ (١)

[أبو محمد الخلقاني]

ومنهم عبد الملك بن محمد بن علي بن أحمد الخلقاني البياباذي أبو محمد ابن أبي حفص [٥٦ أ] شيخ مستور صالح. سمع الحديث الكثير عن أبي عمرو ابن مطر ، وأبي محمد الدهّان وبشر بن أحمد وقرئ عليه.

وتوفي في المحرّم سنة ست وعشرين وأربع مئة.

ـ ٢٠٠٣ ـ (٢)

[أبو الحسن الصيرفي]

ومنهم عبد الملك بن الحسين بن علي بن بندار الصيرفي الأديب الصوفي أبو الحسن المحدّث ابن المحدّث ، شيخ عديم النظير في الدين والصلاح وأدب النفس وحسن السيرة والطريقة وحفظ المروة والجمع بين العلم والعمل ، ورث الفتوّة والتصوّف عن أبيه وجدّه ، وقد أكثر الحاكم أبو عبد الله الرواية عن جدّه أبي الحسن علي بن بندار الصيرفي.

وهذا الشيخ حدّث عن الشيخ أبي بكر [الجوزقي] وأبي محمد المخلدي.

وتوفي في المحرّم سنة خمس وأربع مئة.

ـ ٢٠٠٤ ـ (٣)

[الكازروني]

ومنهم عبد الملك بن الحسين سياوش [ظ] الكازروني أبو الحسن التاجر ، ورد نيسابور ، رجل أمين معروف مشهور محترم ، من أبناء التجار ، والذين يعتمد عليهم في الديانة. سمع الحديث ببلده وبالعراق وخراسان وما وراء النهر وطاف في البلاد ، وكان له معاملة ومداخلة مع الأسلاف الفارسية.

__________________

(١) منتخب السياق ١٠٨٥.

(٢) منتخب السياق ١٠٨٦ ، ولجده ترجمة في طبقات الصوفية وسير أعلام النبلاء وطبقات الشعراني وطبقات الأولياء والمنتظم والبداية والنهاية وفيه أبو الحسين وتقدم تحت الرقم ٣٤٠ مثل ما في المنتخب ، غرق سنة ٣٥٧ ، وثقه الحاكم.

(٣) منتخب السياق ١٠٨٨.

٢٢٣

ـ ٢٠٠٥ ـ (١)

[أبو القاسم ابن موسى]

ومنهم عبد الملك بن علي بن محمد بن موسى أبو القاسم العدل رجل معروف مشهور محترم ، من وجوه المزكين في مجلس القضاء من أصحاب أبي حنيفة. سمع الحديث وسمّع أولاده وسيأتي ذكرهم في مواضع من هذا الكتاب ، وقد انتخب عليه الحسكاني من مسموعاته بالعراق ونيسابور وأفاد أولاده منه.

توفي في ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة.

ومن الطبقة الثالثة

ـ ٢٠٠٦ ـ (٢)

[أبو سهل الدشتي]

عبد الملك بن عبد الله بن محمد [بن أحمد بن محمد بن دشت] الدشتي أبو سهل شيخ مشهور ، من أهل بيت العلم والصلاح والتصوّف والمروة والثروة.

سمع الحديث الكثير من مشايخ الطبقة الأولى مثل الإمام أبي طاهر [محمد بن محمد بن محمش] الزيادي ، وعبد الله بن يوسف [الأصبهاني] ، والشيخ أبي عبد الرحمان محمد بن الحسين السلمي ، وأصحاب الأصم ، وروى الكثير وسمعنا مع الأصحاب منه.

وخرج من نيسابور مع حمل السلطان إلى الري خازنا ومشرفا وكان ممن يعتمد عليه.

ولد سنة ست وأربعمئة وتوفي في شوّال سنة ثمان وثمانين وأربع مئة. وقد تقدم ذكر أبيه فيما قبل [تحت الرقم ٩٢٨].

__________________

(١) منتخب السياق ١٠٩٠ ، ولابنه عبد الصمد ترجمة في الكتاب.

(٢) منتخب السياق ١٠٩٢ ، الانساب واللباب : الدشتي.

٢٢٤

ـ ٢٠٠٧ ـ (١)

[أبو المعالي الجويني]

ومنهم عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني أبو المعالي [٥٦ ب] ابن ركن الإسلام أبي محمد الجويني ، [إمام الحرمين فخر الإسلام] إمام الأئمة [على الاطلاق] ، حبر الشريعة ، المجمع على إمامته شرقا وغربا ، المقرّ بفضله السراة والحداة عجما وعربا [من لم تر العيون مثله قبله ولا ترى بعده] ، ربّاه [حجر الإمامة] وأرضعه ثدي العلم والورع إلى أن ترعرع فيه [ويفع].

ثم أخذ من العربية وما يتعلق بها أوفر حظ ونصيب فزاد فيها على كلّ أديب ، ورزق من التوسع في العبارة وعلوّها ما لم نعهده من غيره حتى أنسى ذكر سحبان وفاق فيها الأقران (٢).

وقرأ القرآن وتفقّه في صباه على والده إمام الحرمين [ركن الإسلام] فكان يزهي بطبعه وتحصيله وجودة قريحته وكياسة [غريزته لما يرى فيه من المخايل] فخلفه فيه من بعد وفاته وأتى على جميع مصنّفاته ف [قلبها ظهرا لبطن و] تصرّف فيها وجمع المسايل ودر [س] سنين.

ولم يرض في شبابه بتقليد والده وأصحابه حتّى أخذ في التحقيق وجدّ واجتهد في المذهب والخلاف [ومجالس النظر] حتى ظهرت نجابته [ولاح على أيامه همة أبيه وفراسته] وسلك طريق المباحثة [وجمع الطرق بالمطالعة] والمناظرة والمناقشة حتى أربى على المتقدّمين وأنسى تصرّفات الأولين وسعى في دين الله سعيا يبقى أثره إلى يوم الدين.

ومن ابتداء أمره أنه لما توفي أبوه كان سنّه دون العشرين ، فأقعد مكانه للتدريس فكان يقيم الرسم [في درسه] ويقوم [منه] ويخرج إلى مدرسة البيهقي حتى حصّل على الفقيه الاستاذ الإمام

__________________

(١) الجويني : دمية القصر ٣٦٥ ، منتخب السياق ١٠٩٣ ، الأنساب واللباب : الجويني ، العبر ٣ / ٢٩١ ، المنتظم ٩ / ١٨ ، تبيين كذب المفتري ٢٨٧ ، طبقات السبكي ٤٧٥ ، الوفيات ٣٧٨ ، طبقات ابن هداية الله ٦١ ، العقد الثمين ٥ / ٥٠٧.

(٢) وبعده في الطبقات نقلا عن هذا الكتاب : وحمل القرآن فأعجز الفصحاء اللد وجاوز الوصف والحد ، وكل من سمع خبره ، ورأى أثره فاذا شاهد أقربأن خبره يزيد كثيرا على الخبر ، ويبز على ما عهد من الأثر ، وكان يذكر دروسا يقع كل واحد منها في أطباق وأوراق لا يتلعثم في كلمة ولا يحتاج إلى استدراك غيره مراقبة ، كالبرق الخاطف بصوت مطابق كالرعد القاصف ، يعترف له المبرزون ولا يدرك شأوه المتشدقون المتعمقون ، وما يوجد منه في كتبه من العبارات البالغة كنه الفصاحة غيض من فيض ما كان على لسانه وغرفة من أمواج ما كان يعهد من بيانه ، تفقه في صباه ...

٢٢٥

أبي القاسم الاسكاف الأسفرايني فكان يواظب على مجلسه (١) ويواظب على المناظرة إلى أن ظهر التعصّب بين الفريقين [واضطربت الأحوال والأمور] فاضطر إلى السفر [والخروج عن البلد ، فخرج مع المشايخ إلى المعسكر] فتجهّز إلى بغداد [يطوف في [ظ] المعسكر ويلتقي بالأكابر من العلماء ويدارسهم ويناظرهم حتى تهذب في النظر وشاع ذكره] وصحب عميد الملك أبا نصر الكندري مدّة وخرج إلى الحجاز وحجّ وجاور بمكّة أربع سنين يدرّس ويفتي ويجمع طرق المذهب [ويقبل على التحصيل إلى أن اتفق رجوعه بعد مضي نوبة التعصب].

ثمّ عاد إلى نيسابور في ولاية السلطان ألب أرسلان ، تزيّن وجه الملك باشارة نظام الملك [واستقرت أمور الفريقين وانقطع التعصب] وعاد إلى التدريس [وكان بالغا في العلم ذا مهابة مستجمعا أسبابه] ، وبنيت المدرسة الميمونة النظامية وأقعد فيها مدرسا ، واستقامت أمور الطلبة ، وبقي ذلك قريبا من ثلاثين سنة [غير مزاحم ولا مدافع ، مسلّم [ا] له المحراب والمنبر والخطابة والتدريس ومجلس التذكير والمناظرة وهجرت له المجالس وانغمر غيره من الفقهاء بعلمه وبسطته وكسدت الاسواق في جنبه ونفق سوق المحققين من خواصه وتلامذته وظهرت تصانيفه وحضر درسه الأكابر والجم الغفير العظيم من الطلبة وتخرج به جماعة من الأئمة والفحول وأولاد الصدور حتى بلغوا محلّ التدريس في زمانه وانتظم بإقباله على العلم ومواظبته على التدريس والمناظرة والمباحثة أسباب ومحافل ومجامع وامعان في طلب العلم وسوق نافقة لأهله لم تعهد قبله واتصل به ما يليق بمنصبه من القبول عند السلطان والوزير والأركان ووفور الحشمة عندهم بحيث لا يذكر غيره فكان المخاطب والمشار إليه والمقبول من قبله والمهجور من هجره والصدر في المجالس من ينتمي إلى خدمته والمنظور إليه من يغترف في الأصول والفروع من طريقته ، واتفق منه تصانيف برسم الحضرة النظامية قبل النظامي والغياثي وإنفاذها الى الحضرة ووقوعها موقع القبول ومقابلتها بما يليق بها من الشكر والرضا والخلع الفائقة والمراكب المثمنة والهدايا والرسومات وكذلك إلى أن

__________________

(١) وبعده في الطبقات : وقد سمعته يقول في أثناء كلامه : كنت علقت عليه في الأصول أجزاء معدودة وطالعت في نفسي مئة مجلدة ، وكان يصل الليل بالنهار في التحصيل حتى فرغ منه ، ويبكر كل يوم قبل الاشتغال بدرس نفسه إلى مجلس الاستاذ أبي عبد الله الخبازي يقرأ عليه القرآن ويقتبس من كل نوع من العلوم ما يمكنه مع مواظبته على التدريس وينفق ما ورثه وما كان له من الدخل على المتفقهة ويجتهد في ذلك ويواظب على المناظرة ...

٢٢٦

قلد زعامة الاصحاب ورياسة الطائفة وفوّض أمور الأوقاف إليه وصارت حشمته وزر العلماء الأئمة والقضاة وقوله في الفتوى مرجع العظماء والأكابر والولاة.

واتّفقت له نهضة في أعلى ما كان من أيّامه إلى إصبهان بسبب مخالفة بعض من الأصحاب ، فلقي بها من المجلس النظامي ما كان اللائق بمنصبه من الاستبشار والاعزاز والاكرام بأنواع المبارّ وأجيب بما كان فوق مطلوبه وعاد مكرما إلى نيسابور].

ثمّ انصرفت همّته إلى تصنيف المذهب الكبير المسمّى بنهاية المطلب في دراية المذهب حتى حرّره وأملاه (١).

توفي ليلة الأربعاء بعد صلاة العتمة الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربع مئة ، وغلّقت أبواب المدينة بموته [٥٧ أ] وصلّى عليه ابنه والعالم جميعا ودفن في داره ثمّ نقل بعد سنين إلى مقبرة الحسين إلى جنب والده. وكان مولده ثامن عشر المحرّم سنة تسع عشرة وأربع مئة.

سمع الكثير من الحديث في صباه من مشايخ الطبقة الثانية مثل الشيخ أبي حسّان ، وأبي سعد النصروي ، وأبي سعد ابن عليك ، ومنصور بن رامش ، وأبي عبد الله المزكي ، ثمّ من بعدهم.

وجمع له كتاب الاربعين فسمعناه بقراءتي وسمع سنن الدار قطني من الشيخ أبي سعد ابن عليك.

وقرأت من شعره في خطبة كتاب الغياثي الذي صنّفه باسم نظام الملك :

فلا زال ركب المعتنين منيخة

بذروتك العليا ولا زلت مقصدا

يدين لك الشيخ الأنوف تخضعا

ولو أن زهو الأنف أبدت تمرّدا

لحابك (٢) أقطار السماء تجرها

إليك لتعفو أو لتوردها الردى

__________________

(١) وبعده في الطبقات : وأتى فيه من البحث والتقرير والسبك والتنقير والتدقيق والتحقيق بما يشفي الغليل وأوضح السبيل ونبّه على قدره ومحله في علم الشريعة ودرس ذلك للخواص من التلامذة وفرغ منه ومن إتمامه فعقد مجلسا لتتمّة الكتاب حضره الأئمة والكبار وختم الكتاب على رسم الاملاء والاستملاء وتبجح الجماعة بذلك ودعوا له وأثنوا عليه ، وكان من المعتدين باتمام ذلك الشاكرين لله عليه فما صنف في الإسلام قبله مثله ولا اتفق لأحد ما اتفق له ، ومن قاس طريقته بطريقة المتقدمين في الأصول والفروع وأنصف أقرّ بعلوّ منصبه ووفور تعبه ونصبه في الدين وكثرة سهره في استنباط الغوامض وتحقيق المسائل وترتيب الدلائل ، هذا ونقل السبكي بعد هذا كلاما مطولا عن المصنف.

وسيأتي تحت الرقم ٢١٥٤ قصيدة لأبي الحسن الجوري في رثائه.

(٢) ولعله (الحقك) ، والخط مشوش جدا.

٢٢٧

وما أنا إلّا دوحة قد غرستها

و [أ] سقيتها حتى تمادى بك المدى

فلما اقشعر العود منها وصوّحت

اتتك بأغصان لها تطلب الندى

 ـ ٢٠٠٨ ـ (١)

[أبو الفتح الصاعدي]

ومنهم عبد الملك بن عبيد الله بن صاعد أبو الفتح القاضي ابن القاضي أبي محمد ابن صاعد شيخ فاضل فقيه مفت مدرس ، من وجوه الصاعدية والدرجة القربى من درجة الأحفاد.

شذا شيئا من العربية واشتغل بالتفقّه فتخرّج فيه وتفقه ، وتوجّه في بيته بفضله. سمع الحديث من مشايخ الطبقة الثانية ولم يرو الكثير.

توفي كهلا ليلة الأربعاء السادس من جمادى الآخرة سنة إحدى وخمس مئة وصلّى عليه القاضي الإمام أبو سعيد محمد بن أحمد بن صاعد ودفن في مدرستهم.

__________________

(١) منتخب السياق ١٠٩٤ ، ولابنه يحيى ترجمة في الكتاب.

٢٢٨

من اسمه عبد الكريم

من الطبقة الثالثة

ـ ٢٠٠٩ ـ (١)

[أبو القاسم القشيري]

عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد القشيري أبو القاسم الإمام الفقيه المتكلم الأصولي المفسر الأديب النحوي الكاتب الشاعر ، لسان عصره ، وسيّد وقته ، وسرّ الله بين خلقه ، شيخ المشايخ ، وأستاذ الجماعة ، ومقدّم الطائفة ، ومقصود سالكي الطريقة ، وبندار الحقيقة [٥٧ ب] وعين السعادة ، وقطب السيادة ، لم ير مثل نفسه ولا رأى الراؤون مثله في كماله وبراعته ، جمع بين علم الشريعة وعلم الحقيقة.

أصله من ناحية أستوا ، من العرب الذين وردوا خراسان وسكنوا النواحي ، قشيري الأب ، سلميّ الأم ، وخاله أبو عقيل السلمي المايقي.

توفي أبوه وهو طفل ، فتولّاه الله تعالى بفضله.

__________________

(١) القشيري : دمية القصر ٣٦٣ ، منتخب السياق ١١٠٧ ، سير أعلام النبلاء ١٠٩ ، تاريخ بغداد ١١ / ٨٣ ، تبيين كذب المفتري ٢٧١ ، اللباب والأنساب : القشيري ، وغيرها فلاحظ تعليقة المنتخب.

٢٢٩

قرأ الأدب والعربية على أبي القاسم الألهاني [ظ] وتعلّم العربية.

ثمّ قدم نيسابور لأمر كان يتعلّق به واتفق حضوره مجلس الاستاذ الشهيد أبي علي الحسن بن علي الدقاق ، وكان لسان وقته حالا ومقالا فاستحسن كلامه ووقع منه موقع القبول لمعرفته بالعربية. واتفق من سرّ التقدير أنّه عرفه على أمر أراده وأراد الله به غيره فوقع في شبكة الدقّاق وسلك طريق الارادة ، فقبله الاستاذ وأقبل عليه يجذبه همّته ، ولم يزل يزقّه ويرشده ويهديه ، وأشار عليه بتعلّم العلم ، فقرأ على الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن بكر الطوسي وتفقّه عليه ، ثمّ قرأ الأصول على الإمام أبي بكر ابن فورك.

وخرج إلى الحج في رفقة منها الإمام أبو محمد الجويني والشيخ أحمد البيهقي ، وسمع معهم الحديث ببغداد والحجاز من مشايخ عصره مثل أبي الحسين ابن بشران وطبقته ، وأبي الحسين ابن الفضل ، وأبي محمد جناح بن نذير بالكوفة وابن نظيف بمكة. وعاد إلى نيسابور.

وقد سمع قبل خروجه من أبي الحسين الخفاف عن السرّاج ، وسمع مسند أبي عوانة عن أبي نعيم ، وسمع مسند أبي داود عن ابن فورك ، وسمع من السيّد أبي الحسن العلوي ثمّ عن أصحاب الأصم وطبقتهم.

وكان تعلّم شيئا من علم الفروسيّة. وبالجملة كان عديم النظير في عصره ووقته في الطريقة والحقيقة.

صنّف التفسير الكبير المعروف به إلى غير ذلك من الكتب والتصانيف التي سارت شرقا وغربا.

وكان لما ورد بغداد إلى حضرة أمير المؤمنين القائم بأمر الله لقي فيها قبولا وإقبالا ، ووجد [٥٨ أ] إكراما وتعظيما وتشريفا وعقد له مجلس وحضره أمير المؤمنين القائم بأمر الله ووقع كلامه منه بموقع ، وبرز الأمر بتشريفه وإكرامه فامتثل ، ولم يزل معظّما مكرّما إلى آخر عمره.

وقد زاد الجامع لهذا الكتاب في الحديث فحذف الأكثر منه إذ لم تكن إليه [به] حاجة.

فممّا أنشدني من شعره لنفسه :

خليليّ كفّا عن قيادي إلى الهوى

فما بي عدول عن مراودة العلى

وما نيل مأمول لهمّي قبله

وما قصد قلبي صيد شيء من المنى

تحررت عن زفّ المطالب كلّها

وأصبحت أرضى بالذي خالقي قضى

٢٣٠

ومن ذلك ما أنشدناه لنفسه :

العقد والفصد والورود

والفرق والجمع والشهود

والسكر والصحو والوجود

والهجر والطمس والخمود

هذي جميعا صفات قوم

أضحوا ملوكا وهم عبيد

ومنه ما أنشدناه :

هي النوائب والأحداث والعبر

والدهر كالنحل فيه الشهد والإبر

عدات دهرك بالتأييد كاذبة

يرى الشراب شرابا من به وحر

مستك نفسك إن تبقى على أمل

من الخبير بما يأتي به القدر

والليل حبلى وللميلاد آذنة

وما سيولد لا يدري به البشر

فرب ليل بطيب الأنس مفتتح

بضدّ أوّله يأتي به السحر

ومن أشعاره قوله :

وإذا سقيت من المحبّة مصّة

القيت من فرط الخمار خماري

كم سب فصدا ثمّ لاح عذاره

فخلعت من ذاك العذار عذاري

ومن أفراد قوله :

ما خضابي بياض شعري إلّا

حذرا أن يقال : شيخ خليع

[٥٨ ب] وله أيضا :

ولي همّة فوق السماك مطارها

وإن كان نفسي في الحضيض قرارها

بلباكوى ملى! الناس عرف مطامع

إذا ما اشتهت نفسي الذي فيه عارها

طلع الصباح فلات حين سراح

واتى اليقين فلات حين حجاج

حصل الذي كنّا نؤمل نيله

من عقد ألوية وحلّ رتاج

فالبعد موض بالدموع حنامه

والرحل الد سحله بعباج!

قد حان أيّام السرور فحيهلا

لهواكم الاحزاب بالازعاج

حل المدام فخلّ نسكك جانبا

واستوص في الرقباء بالاحراج

وله :

عندي مقيم وعند الناس منقرض

والاسر في العبد لا في العبد مفترض

٢٣١

شهود حيّ حبوه لي اعيش به

ورؤية الغير فيما بينها مرض

للناس في الدهر أغراض تهمّهم

وحق وجهك ما لي دونكم غرض

وله :

جنّباني المدام يا صاحبيّا

واتلوا سورة الصلاح عليّا

استجبنا لزاجر الشرع طوعا

وتركنا حديث سلمى وريّا

وأنخنا لموجب الشرع بشرا

ومنحنا لموجب اللهو طيّا

ووجدنا إلى القناعة بابا

فوضعنا على المطامع كيّا

إن من تاب نفسه عن هواها

أصبح القلب منه بالله حيّا

نلت روح الحياة بعد زمان

قد تعنيت بالتي واللتيّا

كنت في حرّ وحشتي باختياري

فتعوضت بالرضا منه فيّا

وتجردت بعد رقّ وذلّ

حين لم أدخر لنفسي شيّا

سمح الوقت بالّذي رمت منه

بعد ما قد أطال مطلا وليّا

والّذي يهتدي لقطع هواه

فهو في العزّ حاز حدّ الثريّا

والّذين ارتووا بكأس مناهم

فعلى الضدّ سوف يلقون غيّا

وأنشدنا في آخر مجلس جرى له في المدرسة كالوداع ، وتوفّي بعد ذلك بأيّام قلايل :

يا غريبا وجدت منّا نسيما

حان أن تلقي العصا وتقيما

فارق السفر والصحاب وعرّج

عندنا الآن واتخدنا نديما

واشرب الخمر حيث نسقيك صرفا

واحتسب خال خدّه ونعيما

نحن نصفيك سامعا ومطيعا

ونواليك جانبا ومليما

وإذا ما اجتهدتمو لثواب

أو خشيتم جهنّما وجحيما

فابتغوا عندي الوسيلة صدقا

تجدوني لكم ودودا رحيما

[توفّي الاستاذ أبو القاسم صبيحة يوم الأحد السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة خمس وستّين وأربع مئة](١)

__________________

(١) من سير أعلام النبلاء نقلا عن السياق.

٢٣٢

ـ ٢٠١٠ ـ (١)

[ابو سعد الورّان]

ـ ٢٠١١ ـ (٢)

[أبو نصر الخشنامي]

ومنهم عبد الكريم بن عليّ بن أحمد بن محمّد بن خشنام الخشنامي أبو نصر الأديب رجل سليم الجانب من المختلفة إلى الإمام عليّ الواحدي وكتب تصانيفه وقرأها عليه ، وكان يورّق ويقعد للتأديب ويتعيّش به.

سمع الحديث من أصحاب الأصمّ وما روى الكثير.

وتوفّي ليلة الأحد الثالث عشر من ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة.

__________________

(١) منتخب السياق ١١٠٨ ، الأنساب واللباب : الوزّان ، المنتظم (وفيات ٤٦٩) طبقات السبكي ٤٦٩.

(٢) منتخب السياق ١١٠٩.

٢٣٣
٢٣٤

من اسمه عبد الواحد

من الطبقة الأولى

ـ ٢٠١٢ ـ (١)

[أبو نصر اللباد]

عبد الواحد بن محمد اللبّاد السنجوري أبو نصر شيخ ثقة أمين ، من أصحاب الإمام أبي الطيب سهل بن محمد الصعلوكي وصاحب مجلسه.

سمع الحديث الكثير بنيسابور وبغداد وساير البلاد. روى عن أبي سعيد الخلّالي ، وأبي إسحاق البزاري ، وأبي بكر محمد بن اسماعيل بن العباس الوراق ومحمد بن الخضر بن عثمان الدقاق (٢).

ـ ٢٠١٣ ـ (٣)

[أبو محمد البزاز الجرجاني]

ومنهم عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن منير المنيري أبو محمد البزاز الجرجاني العدل

__________________

(١) منتخب السياق ١١١٦.

(٢) لم أجد له ترجمة.

(٣) تاريخ جرجان ٤١١ ، منتخب السياق ١١١٧ ، وفي النسخة عبد الواحد بن أحمد بن محمد توفي سنة ٤٢٠ ، روى عن أبي عمرو البحيري.

٢٣٥

الثقة الأمين. شيخ مشهور من جرجان.

قدم نيسابور وكتب الحديث الكثير بها وببلده وببغداد والري. وحدّث عن الإمام أبي بكر الاسماعيلي ، وأبي احمد ابن عدي الحافظ ، وأحمد بن أبي عمر البخاري ، وأبي علي ابن المغيرة ، وأبي طاهر الصايغ ، والغطريفي وجماعة من أهل جرجان. وحدّث عن أبي الحسين ابن المظفر ، وأبي بكر ابن شاذان ، وأبي الفضل الزيادي ، وأبي القاسم ابن فناكي وابن شاهين. وعن الحاكم أبي أحمد الحافظ ، وابراهيم بن عبد الله الاصبهاني ، وأبي يعلى الزبيري ، وأبي نصر الدوري وطبقتهم.

ـ ٢٠١٤ ـ (١)

[أبو عاصم السجستاني]

ومنهم عبد الواحد بن محمد بن محمد بن يعقوب السجستاني أبو عاصم الواعظ شيخ نبيل فاضل. قدم نيسابور قديما في شهور سنة عشر وأربعمئة.

حدّث عن أبي منصور النضروي ، وأبي الفضل ابن خميرويه ، وأبي النضر محمد بن الحسن (٢) بن سليمان السمسار ، وبشر بن محمد المزني ، وأبي الحسن محمد بن المظفر الجارودي ، وعبد الله بن حمويه (٣) السرخسي ، والقاضي أبي سعيد الخليل بن أحمد ، وعن والده أبي عصمة محمد بن محمد بن يعقوب ، وأبي هريرة نوفل بن المختار الأنصاري. وروى الكثير هو وأخوه أبو الفضل ابن أبي عصمة بنيسابور وغيرها.

ومن الطبقة الثانية

ـ ٢٠١٥ ـ (٤)

[أبو سهل الخشّاب]

عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن الحسين أبو سهل الخشّاب الصوفي

__________________

(١) منتخب السياق ١١١٨ ، وتقدمت ترجمة أخيه عبد الملك.

(٢) مترجم في تاريخ الإسلام ص ٥٤٨ و ٦٧٥ توفي سنة ٣٧٣.

(٣) ولد سنة ٢٩٣ ، وتوفي سنة ٣٨١ مترجم في سير أعلام النبلاء.

(٤) منتخب السياق ١١١٩.

٢٣٦

اللحياني الزاهد ، شيخ جليل كبير ، من المشايخ ، مؤثر للفقر ، مرضي الأخلاق ، حميد السيرة ، قليل الادخار ، سخيّ النفس من مشايخ الصوفية والمحققين [٦٠ أ] في الطريقة ، العارفين بدقايق المعاملة.

سمع الحديث الكثير وكتب وحدّث عن أبي عمرو (١) ابن حمدان ، وأبي الحسين ابن المظفر ، وأبي اسحاق الاصبهاني ، والحاكم أبي أحمد ، وأبي يعلى الزبيري ، وأبي طاهر ابن خزيمة ، والمخلدي ، وأبي الحسين ابن البواب ، وابي بكر [محمد] بن إسماعيل الوراق ، وأبي الحسين علي بن محمد بن سعيد ، وأبي أحمد الحسين بن علي التميمي وطبقتهم. وخرّج له الفلكي الحافظ الفوائد وسمع منه.

ـ ٢٠١٦ ـ (٢)

[أبو علي الكازروني]

ومنهم عبد الواحد بن محمد بن روزبه الكازروني أبو علي شيخ صاين معروف من التجّار. ورد نيسابور وسمع من مشايخ الوقت وروى الحديث.

ومن الطبقة الثالثة

ـ ٢٠١٧ ـ (٣)

[أبو سعيد القشيري]

عبد الواحد بن عبد الكريم بن هوازن القشيري أبو سعيد الإمام الخطيب ناصر السنّة ، أوحد عصره فضلا ونفسا وحالا ، الثاني من ذكور أولاد زين الإسلام (٤) ، بقيّة مشايخ العصر في الشريعة والطريقة والحقيقة.

نشأ صبيّا في عبادة الله وفي التعلم ، قرأ العربية ، وضرب في الكتابة والشعر سهما وافرا ، وكان ذا عبارة جارية [ظ] وفطنة كاملة ، سلّمت إليه الخطابة نحوا من خمس عشرة سنة ينشئ في كلّ جمعة خطبة جديدة جامعة للفوائد ، معدودة من الفرائد ، لقدرته على النظم والنثر وكان يواظب على قراءة

__________________

(١) ن : أبي بكر.

(٢) منتخب السياق ١١٢١.

(٣) منتخب السياق ١١٢٢ ، الأنساب : القشيري ، العبر ٣ / ٣٣٩ ، طبقات السبكي ٤٧٩.

(٤) والأول عبد الله أبو سعد والثالث أبو منصور عبد الرحمان.

٢٣٧

القرآن والتدريس والوعظ ، وكانت أوقاته مستغرقة بالفوائد.

وحجّ إلى بيت الله الحرام ولقي الاعزاز والاكرام.

ثمّ عاد إلى نيسابور وعقد مجلس التذكير فكان يجري في كلماته الاشارات المستطابة المبكية والكلمات المونسة إلى أن مرض.

وتوفّي يوم الأحد وقت الظهر الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة أربع وتسعين وأربع مئة ، وكانت ولادته في شهور سنة ثماني عشرة وأربع مئة ، وصلّوا عليه في المدرسة ـ وكانت السنة سنة الغلاء والقحط ـ صلّى عليه أخوه الإمام أبو نصر [عبد الرحيم] ، ودفن إلى جنب أخيه [عبد الله] ووالديه وجدّه في المدرسة.

سمع الحديث من أواخر أصحاب الأصم [٦٠ ب] كالطرازي وأبي نصر المفسّر ثمّ عن مشايخ الطبقة الثانية كالنصروي وأبي حسّان [المزكي] والخطيب البلخي والشاذياخي وطبقتهم ، ثمّ من بعدهم مثل شيخ الإسلام الصابوني وأبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي والكنجروذي والمشايخ البحيريّة والقضاة الصاعديّة.

وممّا أنشدنا من أشعاره :

ظننت انك في التحقيق مبتدئ

وان حبّك حب ليس ينقطع

فأظهرت غير الأيام لي عجبا

حتى علمت يقينا أن ذا خدع

 ـ ٢٠١٨ ـ (١)

[أبو المحاسن الروياني]

ومنهم عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد أبو المحاسن الروياني الطبري القاضي الإمام ، من وجوه الأئمة الشافعية في عصره ، ورؤوس الأفاضل في أيامه في الفقه مذهبا وخلافا ولسانا وبيانا ، له الجاه العريض والقبول التام في تلك الديار ، وحميد المساعي والآثار ، والتصلب في المذهب والصيت المشهور.

__________________

(١) منتخب السياق ١١٢٣ ، الأنساب واللباب : الروياني ، المنتظم ٩ / ١٦٠ ، معجم البلدان ٣ / ١٠٤ ، سير أعلام النبلاء ١١ / ٢٦٠ ، وغيرها فلاحظ تعليقة المنتخب.

٢٣٨

ورد نيسابور في الأيام القديمة ، وسمع من مشايخ الطبقة الثانية وأدرك الأسانيد وحصل الأصول ، وجمع وخرج. ثمّ وردها في سنيّ نيف وسبعين وأربع مئة ، ورأيته حضر المجالس وسئل عن المسايل فأحسن إيرادها وارتضاه الأئمة ، وروى الحديث وخرج.

وكان من المحترمين المعظمين عند نظام الملك لكمال فضله وحسن سيرته وطريقته.

عاش عيشا حميدا ووجئ فمات شهيدا يوم الجمعة في المسجد الجامع وذلك بسبب التعصب في شهر رمضان سنة إحدى وخمسمئة ، وجاءنا نعيه سنة اثنتين وخمس مئة وصلوا عليه صلاة الغائب.

ـ ٢٠١٩ ـ (١)

[أبو القاسم البوشنجي]

ومنهم عبد الواحد بن إسماعيل بن البوشنجي أبو القاسم الفقيه الفاضل الورع الديّن من وجوه الفقهاء والمدرّسين والمناظرين والعاملين [بعلمهم] الجارين على منهاج السلف الصالح في وفور الفضل والاشتغال بالعلم ولزوم الفقر والقناعة.

تفقّه على أبي إبراهيم الضرير الفقيه وتخرّج به ، وأقعده الفقيه ناصح الدولة في مدرسته ، فكان يدرّس فيها.

سمع الحديث على كبر السن وسمعنا [معا] حلية الأولياء لأبي نعيم الاصفهاني بتمامه [٦١ أ] من الشيخ أبي صالح المؤذن ، وكان البوشنجي حسن الاستماع صحيح الاعتقاد كثير البكاء ، عاش عيش الاتقياء ، ورأيته يحضر درس إمام الحرمين ، وكان الإمام يراعي جانبه ويرتضي كلامه ويصغي إليه.

توفي كهلا يوم الاثنين السابع والعشرين من المحرّم سنة ثمانين وأربع مئة وما أظن أنه روى شيئا من الحديث.

__________________

(١) منتخب السياق ١١٢٤ ، طبقات السبكي ٤٧٨ ، نقلا عن السياق ، وبتلخيص : وفيه توفي في سابع عشر المحرم.

٢٣٩
٢٤٠