المختصر من كتاب السياق لتاريخ نيسابور

الإمام الحافظ أبو الحسن الفارسي

المختصر من كتاب السياق لتاريخ نيسابور

المؤلف:

الإمام الحافظ أبو الحسن الفارسي


المحقق: محمّد كاظم المحمودي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: ميراث مكتوب
المطبعة: رويداد
الطبعة: ١
ISBN: 964-8700-02-8
الصفحات: ٥٥٦

الأصم وأقرانهم.

ـ ١٨٥٢ (١) ـ

[أبو سعد البستيغي]

ومنهم شبيب بن أحمد بن [محمد بن] خشنام البستيغي الخبّاز أبو سعد ، شيخ صالح [صحيح السماع] عفيف ثقة ، يشتغل بكسبه ويقعد على حانوته برأس سكّة المسيب ، وكان يبرع! في القراءة إلى بعض المحدثين المعروفين ، فسمع الحديث العالي معه عن السيّد أبي الحسن محمد بن الحسين العلوي ، وأبي نعيم الأسفرايني والطبقة ، وكان يقرأ عليه [في حانوته] ، وسمعنا منه الكثير.

ـ ١٨٥٣ (٢) ـ

[أبو نصر الاصبهاني]

ومنهم شادي بن الفرج بن عبد الله الاصبهاني أبو نصر ، شيخ سديد ثقة من التجار المعروفين ، هنديّ الأصل ، إسلاميّ المولد والمنشأ. سمع الحديث الكثير وسمّع أولاده بنيسابور.

ـ ١٨٥٤ (٣) ـ

[أبو مظفر الاسفرايني]

ومنهم شاهفور : طاهر بن محمد الاسفرايني أبو المظفر الامام الكامل الفقيه الأصولي المفسّر ، شيخ بهيّ [٣١ أ] المنظر ، جامع بارع ، صنف التفسير الكبير المشهور به ، وصنّف في الاصول ، وسافر

__________________

(١) البستيغي : منتخب السياق ٨١٥ ، الأنساب واللباب ومعجم البلدان (بستيغ) ، التوضيح ، الاستدراك لابن نقطة ، لسان الميزان ٤٧٩ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٠٦ / ٢٠٣ ، تبصير المنتبه ٢ / ٢٠٦ ، وما بين المعقوفين الأول من منتخب السياق وغيره ، أما الثاني فمن سير أعلام النبلاء نقلا عن السياق ، أما الثالث فمن منتخب السياق.

(٢) منتخب السياق ٨١٦.

(٣) منتخب السياق ٨١٧ و ٨٢٦ ، طبقات السبكي ٤٢٠ ، سير أعلام النبلاء ١٩ / ٤١٠ / ١٩٩ ، تبيين كذب المفتري ٢٧٦ ، طبقات المفسرين للداودي ١ / ٢١٢ ، وسعيد ترجمته باسم شاهفور بن محمد والظاهر وقوع الخلط من قبل المؤلف نفسه حيث كان في النسخة هنا وفي المنتخب : شاهفور بن طاهر ، خيّل إليه أنهما اثنان ولم يعرف أن (طاهر) اسم المترجم أيضا.

١٢١

في طلب العلم ، وحصّل الكثير.

وارتبطه نظام الملك بطوس ، فأقام بها سنين ودرس بها في العلوم ، وأفاد الكثير ، واستفاد الناس منه.

وسمع الحديث عن أصحاب الأصم ، وأصحاب أبي علي الرفّاء والطبقة.

وكان له اتصال مصاهرة بالاستاذ أبي منصور البغدادي الامام [عبد القاهر] وولد له منها النسل المبارك ومن غيرها.

وهم كانوا وجوه أهل بلخ المشهورين المعروفين بها والمقدّمين من علمائها وأئمتها.

توفي الامام شاهفور بطوس سنة إحدى وسبعين وأربع مئة.

وأنشدنا الامام شاهفور لنفسه :

ليس الجواد هو البذول لماله

إنّ الجواد هو المحقر للندى

من غير شكر يبتغيه بجوده

كلّا ولا منّ لذاك ولا أذى

وأنشدنا الامام شاهفور يقول : أنشدنا هلال بن العلاء (١) :

أتعجب أن يقال : عليّ دين

وقد ذهب الطريف مع التلاد

ملأت يدي من الدنيا مرارا

فما طمع العواذل في اقتصاد

ولا وجبت عليّ زكاة مال

وهل تجب الزكاة على جواد

 ـ ١٨٥٥ (٢) ـ

[أبو الفضل الطريثيثي]

ومنهم شافع بن علي بن أبي الفضل الطريثيثي الصوفي أبو الفضل ، شيخ ظريف نظيف ، مقبول المشاهدة ، كثير المجاهدة ، من أفراد مشايخ الصوفية المحققين منهم ، المواظبين على حفظ أوقاتهم وجمع همهم وأسرارهم ، له المقامات الرضيّة ، والاحوال السنيّة ، صحب المشايخ ولقيهم واستضاء بأنوارهم واقتدى بآثارهم ، وكان من سكّان دويرة الشيخ أبي عبد الرحمان السلمى وأركان المشايخ فيه ، وله

__________________

(١) لم أجد في كتب الرجال أحدا بهذا الاسم سوى هلال بن العلاء البرقي الباهلي الأديب المتوفى سنة ٢٨٠ والمترجم في مصادر كثيرة وعليه فينبغي أن يكون بين المترجم وهلال وسائط.

(٢) منتخب السياق ٨١٨ ، معجم البلدان والأنساب واللباب : طريثيث ، ولابنه علي ترجمة في الكتاب.

١٢٢

اتصال مصاهرة بالدوحة الصابونية.

سمع الحديث في سفره بمكة وغيرها ، وسمع بنيسابور من مشايخ الطبقة الثانية.

وتوفي يوم الأحد السابع من ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربع مئة ودفن في مشهد الامام أبي (١) خزيمة ، وكان مولده سنة أربع مئة [٣١ ب].

ـ ١٨٥٦ (٢) ـ

[أبو بكر الأبيوردي]

ومنهم شافع بن محمد بن شافع الأبيوردي أبو بكر ، شيخ فاضل عالم ثقة.

قدم نيسابور قديما مع أقاربه ، وسمع الحديث عن مشايخ الطبقة الثانية مثل أبي حفص ، والشاذياخي ، والنصروي ، والشيخ أبي الحسين عبد الغافر وطبقتهم.

ولد سنة اربع عشرة ومات [سنة] تسع وسبعين وأربع مئة.

ـ ١٨٥٧ (٣) ـ

[أبو بكر الطوسي الأثري]

ومنهم شعبة بن عبد الله بن علي الفقيه الأثري الطوسي أبو بكر ، رجل سني معروف ، خفيف المعاشرة ، حسن النطق.

سمع الحديث الكثير من مشايخ الطبقة الثانية ، وخرّج له الامام أبو الفتح القشيري فوائد من مسموعاته ، وكان مواظبا على العبادات وحضور مجالس الذكر ، مع غلبة مطايبة [ظ] وفكاهة عليه ، في عفاف وصلاح.

ولد سنة ثلاث عشرة وأربع مئة ، وأصابته سقطة في آخر أيامه فاختل بعض مشيه مؤدّيا بالعرج ، وتوفّي في رجب سنة تسعين وأربع مئة.

__________________

(١) كذا ولعل الصواب (ابن) وهو أبو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة.

(٢) منتخب السياق ٨٢٠ ، ولاحظ تعليقة المنتخب ، وربما يقرأ سنة وفاته (سبع) بدل تسع ، لكن المثبت لا يأباه رسم الخط ويتفق مع المنتخب.

(٣) منتخب السياق ٨٢١.

١٢٣

ـ ١٨٥٨ (١) ـ

[أبو بكر الشاذياخي]

ومنهم شاه بن أحمد بن عبد الله الشاذياخي الصوفي أبو بكر ، رجل مستور من المختصين بخدمة الامام زين الاسلام وخدمة السفرة في المدرسة والمتصرفين في بعض أشغالهم ، وكان حسن الخياطة ماهرا في تلك الصنعة.

زار المشاهد وحجّ ، وكان حسن الاعتقاد ، عنده شيء من الأصول ، وكان قد سمع الحديث عن أبي حفص ابن مسرور وطبقته ، وبقي على ذلك على سيرة الفقراء من أهل التصوّف ملازما للخدمة والطريقة إلى ان مات في شهر ربيع الاول سنة أربع وسبعين وأربع مئة.

ـ ١٨٥٩ (٢) ـ

[أبو الحسن الشجاعي]

ومنهم شجاع بن طاهر بن علي الشجاعي أبو الحسن شيخ مستور.

حدّث عن عبد الله بن يوسف الاصبهاني وطبقته.

توفّي في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين واربع مئة.

ـ ١٨٦٠ (٣) ـ

[الجد]

ومنهم شاه بن عبد الله بن أحمد المعروف بجد ، شيخ ظريف المنظر نظيف ، من أهل السوق ، ينتمي إلى بيت معروف ، وكان مخلا. سمع الأحاديث.

وتوفي ليلة الجمعة الرابع والعشرين من رجب سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة.

__________________

(١) منتخب السياق ٨٢٣ ، الأنساب واللباب : الشاذياخي وفيه : توفي سنة ٤٩٤.

(٢) منتخب السياق ٨٢٤ ، ولأبيه ترجمة في الكتاب.

(٣) منتخب السياق ٨٢٥ ، وفيه بدل (وكان مخلا) : وكان بفرد عين.

١٢٤

ـ ١٨٦١ (١) ـ

[أبو المظفر الاسفرايني]

ومنهم شاهفور بن محمد بن أحمد بن شاهفور الاسفرايني أبو المظفّر الامام من وجوه العلماء [٣٢ أ] من أصحاب الشافعي.

تفقه بنيسابور ، وتخرّج في درس إمام الحرمين ، ثمّ بعده أخذ في التحصيل وجمع المذهب والخلاف ، وسافر إلى خراسان ، وأخذ في الوعظ والتذكير ، وظهر له قبول ، وسكن مدرسة الاستاذ أبي سعد الزاهد الخركوشي بعد الجاجرمي ، وبقي على سيرة مرضيّة وطريقة محمودة ، وظهر له أعقاب نجباء مواظبون على التحصيل وسماع الحديث ، وسمع الحديث من مشايخ الطبقة الثالثة (٢).

__________________

(١) قدم المصنف ترجمته باسم شاهفور بن طاهر خطأ فحذفنا (بن) من المورد المتقدم فاسمه طاهر ويعرف بشاهفور.

(٢) م : الثانية.

١٢٥
١٢٦

حرف الصاد

١٢٧
١٢٨

الطبقة الثانية

ـ ١٨٦٢ (١) ـ

[أبو العلاء الصاعدي]

صاعد بن محمد بن أحمد بن عبد الله أبو العلاء الامام عماد الاسلام أحد أفراد أئمّة الدين ، الذين بهم يقتدى ، وبسيرتهم يهتدى ، برز على الأقران فضلا ، وطرّز نيسابور من جملة خراسان علما وورعا ونبلا ، وشاع ذكره في الآفاق ، وكان إمام المسلمين على الاطلاق.

ولد بناحية أستوا يوم الأحد بكرة لخمس بقين من شهر ربيع الاول سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة.

وتأدب على أبيه أبي سعيد ثم قدم نيسابور واختلف إلى أبي بكر محمد بن العباس الطبري الخوارزمي في الأدب وتخرّج به ، ودرس الفقه على شيخ الاسلام أبي نصر ابن سهل القاضي مدّة ، ثم فارقه إلى القاضي أبي الهيثم عتبة بن خيثمة ولازمه حتى تقدّم في الفقه.

__________________

(١) منتخب السياق ٨٣٣ ، تاريخ بغداد ٤٨٩٤ ، الأنساب واللباب (الاستوائي) ، العبر ، تذكرة الحفاظ ص ١١٠٢ ، سير أعلام النبلاء ١٧ / ٥٠٧ / ٣٢٩ ، المنتظم ، مجمع الآداب (عماد) نقلا عن السياق ، الجواهر المضية ، النجوم الزاهرة ، الشذرات ، طبقات الفقهاء ، تاريخ التراجم ، الطبقات السنية.

١٢٩

وحجّ سنة خمس وسبعين وثلاث مئة ، ولما ورد بغداد عوتب من دار الخلافة في منعه من اتخاذ صندوق على قبر هارون الرشيد في مشهد طوس ، وصوّر للخليفة أن السبب في منع ذلك فتواه وقبّح صورة حاله ، فاعتذر عن ذلك بأن قال : كنت مفتيا فأفتيت بما وافق الشرع والمصلحة ، وعلمت أنه لو نصب الصندوق ، فانه يقلع منه لاستيلاء المتشيّعة ، ويصير ذلك سبب وقوع الفتنة والتعصب والاضطراب ، ويؤدّي ذلك في فساد الممالك. فارتضاه الخليفة ولم ينجح ما سبق من التخليط ، وخلع عليه.

ثم عاد إلى نيسابور ثمّ بعد ذلك خرج إلى الحضرة ببخارى في صحبة الأمير أبي نصر أحمد بن علي الميكالي ، فحكي أنه حضر درس الامام أبي بكر محمد بن الفضل متنكّرا في مرقعة فجرت مسألة فتكلم فيها وجرى بينهما نوب فاستقبلوا كلامه لفظا ومعنى ، فقال أبو بكر : لعلّك صاعد بن محمد من أصحاب ... [٣٢ ب] فقال : بلى ، فجاء الحاجب وأخذ بضبعه وأجلسه عن يمين الامام أبي بكر ، ثم زاره الامام كرامة له بعد ذلك مرّات وقال : ما عبر جيحون مثله ، وكان ذلك سبب توليته قضاء نيسابور سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.

ويحكى أن نوح بن منصور كتب إلى ابن سيمجور! تعجبنا من تهديك ووفور عقلك أن يكون بنيسابور مثل صاعد ولا تطلعنا على أحواله. ثم قلّده القضاء (١) فسعى فيه أحسن سعي ، ثم لمّا انتهت نوبة الولاية إلى السلطان محمود استعفى القاضي عن القضاء فولّى القاضي أبا الهيثم وكان فيه دعابة وبسط في الكلام فشاع ذلك منه ، ولما انتهى إلى مجلس السلطان كثرت ممازحته عزله وأكره القاضي الامام أبا العلاء على تقلد القضاء فلم يجد بدّا منه ، فأنشأ فيه الحاكم أبو سعد ابن دوست :

اليوم أعطي قوس الحكم باريها

وصار أفضل نيسابور قاضيها

واستقر أمره في التدريس ، ودار عليه الفتوى فكان يحضر مجلسه الأئمة والفقهاء والعلماء ، وقلّ ما يخلو يوم من مئتين أو ثلاث مئة من الفتاوى تأتيه من البلاد فيفتي بها على ما يرتضيه الأئمة ، وتجمع فتاواه لإصابته فيها.

وتخرّج به جماعة من الأئمة الذين كل واحد منهم مشتغل [ظ] بالامامة مثل : أبي بكر المفسّر ، والفقيه أبي سليمان ، والحاكم علي بن رافع ، والقاضي أبي علي الزوزني ، وأبي العباس البسطامي ،

__________________

(١) وكان قبله في القضاء : القاضي أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد كما في ترجمته.

١٣٠

وابن الحامدي ، وعلي الولوالجي وغيرهم من مشاهير العلماء والأئمة.

وكانت له الحشمة البالغة والأمر المطاع في أيّامه.

ومن المنتابين اليه الاستاذ أبو المظفر محمد بن أدم بن كمال الهروي فريع عصره وبارع وقته ، لقوّة فضله في العربيّة وحسن إيراده.

وممّا خصّه الله ـ تعالى ـ به حسن العبادة وطول القنوت والخشوع التام في الصلاة ، والمداومة على قيام الليل وصحبة الصالحين ، والمبالغة في الورع الصادق ، حتّى كان الله يخلصه ببركته ممّا كان ينسب إليه ويرمى به.

ومن جملة ذلك ما شبّ به المعاندون وسعى فيه المخلّطون من نسبته إلى الاعتزال واعتقاده مذهب القدر ، وكانت النوبة في الدولة لأصحاب أبي عبد الله فورد الأمر [٣٣ أ] من الحضرة إلى علماء العصر بعقد مجمع ومشهد يحضره الفرق ثمّ يدعى على القاضي الامام ، ويشنّع عليه ويستتاب منه ، فاجتمعت الأئمة ، وتكلّموا فيه على رأس الملأ ، وصرف الله بمنّه كيد الكائدين وظهرت براءة ساحته ، وأثنى عليه الأئمة مثل الامام أبي اسحاق الاسفرايني وأقرانه ، ولم يثبت عليه ما رمي به ، وارتضت الأئمة ما أثبته من أشعاره ولذلك قطعة مشهورة مدوّنة نستغني عن ذكرها لشهرتها وبقي عزيزا مرجوعا إلى قوله في الوقائع ، مبارك النفس والعلم ، مواظبا على الاعمال الصالحة.

وحدّثني من أثق به عن ابنه ـ وكان من تلامذته ـ أن القاضي الامام كان يدرّس يوما ، فدخل رجل وقال : رأيت في المنام كأنّ على أهل المقابر عجله احسره أخرجوا رؤوسهم من قبورهم ، ففزعت لذلك فقلت لهم : لعلّ القيامة قد قامت؟ فقالوا : لا ، نحن ننتظر عبور القاضي صاعد بنا ، فانه إذا مرّ بنا دعا لنا. وكانت عادته إذا مرّ بالمقبرة يقف ويدعو للموتى وكان ـ رحمه‌الله ـ بعد ذلك يزيد في الدعاء ، ويقف سويعة ثم يروح.

وأنشدني الأديب علي بن أحمد الفنجكردي لنفسه فيما جمعه من مناقب الصاعدية :

إمام الدّين صاعدنا المعلى

براه الله للاسلام صدرا

لأمّة أحمد أضحى سراجا

وفي علم الشريعة كان بحرا

أئمة عصره كانوا نجوما

هداة راشدين وكان بدرا

وقد سمع الحديث من مشايخ الطبقة الثانية بعد الأصم وأقرانه مثل أبي عمرو ابن نجيد ، وبشر

١٣١

الاسفرايني ، وأبي عمرو ابن حمدان ، وأ [بي] محمد السمذي ، وأبي الحسن البكائي ، وسمع من مشايخ ما وراء النهر ، وأكثر الرواية ، وسمع منه الكبار وحضر مجلسه الحفاظ مدّة ، وعقد مجلس الاملاء سنين.

وتوفي في ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة ودفن في المشهد المعروف به في السكّة.

ـ ١٨٦٣ (١) ـ

[أبو عبيد الطوسي]

ومنهم صخر بن محمد بن محمد بن أحمد بن صخر (٢) الطوسي الحاكم أبو عبيد ، شيخ معروف فقيه فاضل من وجوه مشايخ طوس [٣٣ ب] ومقدّميهم ومن دهاة الرجال والعارفين بالرسوم.

قدم نيسابور متفقّها ومستفيدا وسمع من المشايخ الحديث وعاد إلى وطنه ، وعقد له مجلس الاملاء وروى الحديث.

وتوفي في صفر سنة ستّ وخمسين وأربع مئة.

ومن الطبقة الثالثة

ـ ١٨٦٤ (٣) ـ

[أبو العلاء الهروي]

صاعد بن سيّار بن يحيى بن محمد بن إدريس أبو العلاء الهروي القاضي بها شيخ رفيع بهيّ مشهور ، من كبار مشايخ خراسان ومحتشميها ومن الرؤوس ، له البيت المشهور في العلم والرياسة والقتدّم والقضاء والمعرفة بالسلطان.

أقام على قضاء هراة سنين وأجراه أحسن مجرى ، مطاعا محترما ، وكان له مجلس النظر ومجلس الحديث ، وإليه الحلّ والعقد.

__________________

(١) منتخب السياق ٨٣٥ ، ولابنه الفضل ترجمة في الكتاب.

(٢) م : أبي صخر.

(٣) منتخب السياق ٨٣٧ ، العبر ٣ / ٣٤١ ، سير أعلام النبلاء ١٩ / ١٨٢ / ١٠٣ ، عيون التواريخ ١٣ / ١١٥ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٦٩ ، ولابنه يحيى ترجمة في الكتاب.

١٣٢

دخل نيسابور مرّات في أيام الشباب ، وسمع الحديث من أصحاب الأصم ، وسمع بهراة من مشايخهم مثل أبي عثمان القرشي وأبيه وجدّه وطبقتهم وروى الحديث وعاد إلى هراة.

وتوفي سنة خمس وتسعين وأربع مئة.

ـ ١٨٦٥ (١) ـ

[أبو سعيد البيشكي]

ومنهم صديق بن عبد الرحمان بن محمد بن محمد البيشكي أبو سعيد رجل مشهور جليل ، من وجوه الأئمة ومن أصحاب أبي عبد الله ، [محمد بن كرام] وبيته بيت العلم.

وأبوه الاستاذ أبو منصور من أكابر الفضلاء في الأدب وعلم الأصول له مدرسة وأصحاب.

سمع الحديث من أصحاب الأصم ، ومن الاستاذ أبي بكر محمد بن إسحاق بن محمشاذ وطبقتهم. وكان له مجلس التذكير.

وتوفي في الرابع عشر من ذي القعدة سنة ستّ وثمانين وأربع مئة.

ـ ١٨٦٦ (٢) ـ

[أبو العلاء الصاعدي]

ومنهم صاعد بن منصور بن اسماعيل بن صاعد بن محمد أبو العلاء قاضي القضاة الخطيب المذكّر المدرّس ، أحد (٣) وجوه الدوحة الصاعدية في عصره ، عهدناه شابّا محبوبا مقبولا ، رضيّ الأخلاق ، متودّدا ، حسن المعاشرة ، لطيف الصحبة ، عزيزا في قومه ، في تجمّل ظاهر ، وفضل وافر.

كان يحضر المجالس والمحافل والمجامع مع أبيه وعمّه [حسن] ، وينوب عن والده في الخطابة ، وأقعد في المدرسة ، ودرّس ، حضر درسه [٣٤ أ] الأئمة والكبار ، ورأيت إمام الحرمين يثني عليه وعلى كياسته وجودة طبعه ، ثم خلف أباه بعد وفاته في الخطابة والتدريس والتذكير مستقلا ، وواظب على العلم ، وعمّر المدرسة من وقفها ، وأحسن السيرة حتى مهّد الأسباب وسلّم إلى الكهولة الشباب.

__________________

(١) منتخب السياق ٨٣٩ وتقدمت ترجمة ابنه سعد وكان هنا في الأصل صديق بن عبد الرحمان فصوبناه وفقا للمنتخب وترجمة أبيه وابنه سعد.

(٢) منتخب السياق ٨٤١ ، المنتظم (وفيات ٥٠٦).

(٣) م : أوحد.

١٣٣

ثم وشح بقضاء خوارزم بعد ما خرج رسولا من السلطان ملكشاه مع الأمير والعميد إلى حضرة غزنة ، ولقي بها الاكرام والايجاب ، وعاد ثم خرج إلى خوارزم وأقام بها مدّة ، ثم عاد وخرج إلى الحج وحضر دار الخلافة ببغداد ، وأكرم وقوبل بالبرّ والانعام.

وعاد إلى نيسابور وعقد لنفسه مجلس الاملاء ، وأملى في الجامع القديم ، واستملى عليه نجله السّريّ وولده المرضيّ أبو المعالي [أسعد] بمشهد من الكبار والأئمة ، وكان قد سمع الحديث من مشايخ الطبقة الثانية ، ومن أبيه وجدّه وأقاربه ، وكان والده سمّعه الكثير من الأصول والمسانيد والصحيحين والمتفق وكان من المكثرين سماعا المقلّين رواية.

أدركته المنية في أيام الكهولة ، وخرّج له صالح المؤذن الأربعين في مناقب الامام أبي حنيفة وأحاديثه ، وأصابته حرارة في آخر عمره إلى أن توفي في شهر رمضان سنة ست وخمس مئة.

ـ ١٨٦٧ (١) ـ

[أبو الفضل المؤذن]

ومنهم صالح بن أحمد بن عبد الملك بن علي المؤذن أبو الفضل ابن الشيخ أبي صالح ، الحافظ ابن الحافظ ، شاب ظريف نظيف سنّيّ فاضل محصّل.

سمّعه أبوه في صباه الكثير ، ولم يفته أسناد المخلدي والخفاف وأصحاب السيّد والأصميّات ، وكتب الكثير ،. [و] قام مقام والده في حفظ الكتب ورسوم مدرسة البيهقي التي كانت لوالده.

وكان يتأهب لتصنيف التاريخ فعاجلته المنيّة ولم يرزق الرواية وبلوغ الغاية.

توفّي عصر يوم الجمعة السابع من شعبان سنة أربع وسبعين وأربع مئة ، وصلّى عليه الشيخ أبو القاسم الأنصاري [سلمان بن ناصر] في مصلى شاهنبر ودفن بقرب أبي العباس الأصم.

وممّا سمعناه ممّا أخبر به ، أنشدنا أبو محمد الروياني الحبر الرباني [٣٤ ب] أنشدنا علي بن ابراهيم بن مهدي العلوي ، أنشدنا أبو العباس محمد بن عبد الله الملقّب بالمبرّد :

لا تعجبنّ فكل وال يعزل

وكما عزلت فعن قليل تعزل

إنّ الولاية لا تدوم لواحد

إن تنكرن هذا فأين الأوّل

وكذا الزمان بما يسرّك مدة

وبما يسوءك مرّة تتنقّل

__________________

(١) منتخب السياق ٨٤٣ ، وتقدمت ترجمة أبيه وأخيه إسماعيل.

١٣٤

ـ ١٨٦٨ (١) ـ

[أبو سعيد الحسكاني]

ومنهم صاعد بن عبيد الله بن عبد الله بن أحمد الحسكاني أبو سعيد رجل مستور ، من بيت العلم والحديث.

أبوه الحاكم محدّث أصحاب الرأي في عصره ، والجامع للأبواب والمصنّف في كلّ فنّ بحسان الكتب ، وقد سمّع أولاده الكثير من الأحاديث ، وأفادهم من المشايخ ، وسماهم بالأسامي المستغربة في المحدثين ، وهذا سمع من مشايخ الطبقة الثانية.

ـ ١٨٦٩ (٢) ـ

[أبو العلاء الهروي]

ومنهم صاعد بن سيّار بن محمد بن محمد الهروي الحافظ أبو العلاء ، رجل فاضل معروف ، من أهل هراة ، أنفق عمره في التحصيل ، وكتب الكثير ، وجمع الأبواب ، وعرف الرجال ، وسمع الحديث والمسانيد بهراة من مشايخ عصره ، وقدم نيسابور فأملى مجالس ، وسمع منه الطلبة ، وأفاد الكثير ، وأدرك المسانيد من أصحاب الأصم والسيّد أبي الحسن ، وخرج إلى الحج وسمع في الطريق من مشايخ العراق والحجاز ، وعاد إلى هراة ينشر بها علمه وما جمعه.

فممّا حدّثناه : أنشدنا صاعد ، أنشدنا أبو محمد الموفق بن أبي الحسن بن عبد الله العبدي مؤدّبي لنفسه :

يا فاعلا ما ظلت فيه نادما

اودى بنفسك فعلك المذموم

أوكت يداك وفوك أضحى نافحا

فمن الذي فيما دهاك تلوم

__________________

(١) منتخب السياق ٨٤٤ ، ولأخويه محمد ووهب ولأبيه وسائر أفراد اسرته ترجمة في الكتاب ، لاحظ عنوان الحسكاني في الفهرس.

(٢) الأنساب واللباب (الإسحاقي) ، المنتظم والعبر ومرآة الجنان (وفيات ٥٢٠) ، تذكرة الحفاظ ومنتخب السياق ٨٤٥ ، سير أعلام النبلاء ١٩ / / ٥٩٠ / ٣٣٩ ، التقييد ١١٣ / أ، تاريخ الاسلام ٤ / ١٤١ ، عيون التواريخ ١٣ / ٤٦٨ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٩٧ ، الجواهر المضية ٢ / ٢٦١ ، طبقات الحفاظ ٤٦٨ ، الطبقات السنيّة ٩٨٣ ، الشذرات ٤ / ٦١ ، وفي عامة المصادر : صاعد بن سيار بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الدهّان الاسحاقي.

١٣٥
١٣٦

حرف الضاد

١٣٧
١٣٨

الطبقة الثانية

ـ ١٨٧٠ (١) ـ

[أبو عبد الله الخيّاط]

ومنهم ضياء بن أحمد بن محمد بن يعقوب الخيّاط المزني الهروي ثم البغدادي مقيما بها [أبو عبد الله ، مستور صالح ، قدم نيسابور من هراة مجتازا بها] [٣٥ أ] ورحل إلى بغداد ، وأقام بها.

حدّث عن عمر بن أحمد بن شاذان القرميسيني ونحوه.

__________________

(١) منتخب السياق ٨٥١ ، وما بين المعقوفين سقط من أصلي وأخذناه من المنتخب.

١٣٩
١٤٠