كتاب الأزمنة والأمكنة

الشيخ أبي علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الاصفهاني

كتاب الأزمنة والأمكنة

المؤلف:

الشيخ أبي علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الاصفهاني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٦

وألمى ـ وأحمر ـ وأحوى قال في ظلّ أحوى الظّل رفاف الورق ـ ويحموم وأدهم ـ وأدلم شديد السّواد ـ وأتيته في دلمة اللّيل وظلمته أي في شدّة سواده.

ويقال : ظل يقق ـ رقق ـ وازغاز ـ وناضب غائب ـ ومنسرق منحمق ـ ومخنق مدنق ـ وحاسر ـ وقاصر ـ وعادل مائل ـ وزائل حائل ـ وناحل ضاهل ـ وجانح ـ أو ماضح ومنتقل ـ أو معتقل ـ وماكد راكد ـ ومشفش ـ وناسم ـ أو جاسم ـ وساه واه وعائذ لايذ ـ ومعاوذ ـ ملاوذ ـ ومعافر ـ أو منافر ـ ومضمحل ـ ومسمئل ـ ووالق دالق ـ وملس محلس ـ وهفهف ـ شفشف ـ وهف شف ـ وهفهاف شفشاف ـ وهفهف أو رفرف وساج داج ـ ومتجارف متأزف ـ وصايم قائم ـ وثخين رصين ـ وناحل ـ أو زاحل ووحف ـ نغف ـ وأمم ـ أو عمم ـ وزائل آفل ـ وناشل واشل ـ ومكر مجن ـ ومتبلّد ومتلدّد ـ ونافق عافق وشارخ أو مالخ وخانس كانس وسقيط ـ أو لقيط ـ وراتب راسب ـ ومنزب منسرب.

قال أبو عمرو ما يجري مجرى التفسير وهو أكثر سماع من أبي العبّاس ثعلب.

يقال : سجس الظّل فهو سجس إذا دام وسكن. ومنه سجس الماء علاه الطّحلب فواراه. وكذلك لا أفعله سجيس اللّيالي وهو باقيها ودائمها. وظل ساج : أي ساكن. وقد سجا سجوا. وظل داج ملبس. وقد دجا دجوا وهو من قولهم دجا الإسلام أي ظهر وانتشر. قال شعرا :

وما مثل عمرو غير أعتم فاجر

أبي مذ دجا الإسلام لا يتجنّف

ويقال : دجت شعرة الشّاة : ضفت وسبغت. ورفق الظّل ما تسترفق به منه.

ويقال : ماء رفق قليل للغشاء قريب الرّشاء. وظل ماتع طويل. قال :

ماتعة رأد الضّحى أفياؤها

وقد متع الظّل ومتع النّهار ومتع النّبات

قال ابن مقبل : وعاد لويه بعد المتوع ، وظل وحف كشف ـ وشعر وحف وقد وحف وحوفة ووحافة. ولغف مثله. وقد ألغف قناعه ، وأغدفه ، وظل واعد يعد بسكون ، ودوام وسحاب واعد يعد يمطر ، وفرس واعد يعد بجري. قال :

حتى إذا أدرك الرّامي وقد عربت

عنه الكلاب فأعطاها الذي يعد

يصف ثورا دافع كلبا بقرنه.

وظلّ مظل ـ وظليل ـ وقد أظلّ يومنا ـ وظل مغطال ومغطئل ـ قال وأغطال شكيرها ـ وشف هف ـ من قولهم : شف الثّوب إذا أدى ما وراءه ، وهف رقيق.

ويقال : سحاب هف رقيق ـ وشهدة هف لا عسل فيه ـ وثوب هفهف رقيق ـ وهفهاف كذلك.

٤٦١

ويقال : ظلّ مشعشع أي رقيق. وشعشع كذلك وهما غير الظّليل. قال الهذلي : والظّل بين مشعشع ومظلّل. وشعشع الشّراب : أرقّه بالمزج.

ورجل شعشاع طويل دقيق

إلى كلّ شعشاع وأبيض فادعم

وخادع وظنون لا يوثق بدوامه.

ويقال : سنون خداعة لا زكوة فيها ، وكل شيء لا دوام له ولا بقاء فهو خيتعور ، والدّنيا خيتعور ، وحبّ المرأة خيتعور. قال شعرا :

كلّ أنثى وإن بدا لك منها

آية الحبّ حبّها خيتعور

والغول خيتعور وشيء يظهر على وجه الأرض ، فلا يثبت خيتعور والملذان الكذوب.

ويقال : زحل الظّل أي سار. قال : والظّل غض ما زحل. وضهل قل : يقال ماء ضهل وضاهل وظل ضهل. وهرب الظلّ : غاب. قال : من هارب الوتد. وأفل غاب وأفلت الشّمس تأفل أفولا وأفلت السّحاب صحت ، وأفل لبن النّاقة ، قلّ ، والأفيل والإفال صغار الإبل لأنّها تغيب في جلتها وكبارها.

ويقال : نشل الظّل قل ويدنا شلة نحيفة ضئيلة ، ووشل اللّبن ووشل حظ الرّجل وولق يلق أسرع. قال : جاءت به عنس من الشّام تلق.

وودق : دنا من السّقوط ، ويقال : ودقت الأتان وأودقت واستودقت فهي وديق ومودق ومستودقة إذا اشتهت الفحل فدنت منه ، وودقت السّرة تدلّت إلى الأرض ، والوديقة الهاجرة لأنّ الشّمس تنزل إلى الأرض بحرّها.

ويقال : أزي الظّل يأزى أزيا وأزيا إذا قصر وصار نعلا ، وتأزّى القوم في حلتهم إذا تقاربوا ، وفلان أزءمال يلازمه فلا يبرحه. واسمأل الظّل لاذ بأصل الشّجر واسمأل الثّوب أخلق ، وكلّ ضعيف مسمئل وكلّ قوي مضمئل.

ويقال : قلص الظّل قلوصا وضحى يضحى ضحوا. ومصح مصوحا ، وجنح جنوحا ، ورزخ رزوخا ، ونضب الظّل ونضب الماء ونضب البرق. وأنشد أبو زيد في عماء ناضب. وزنا الظّل وهو زناء. قال شعرا :

وتدخل في الظّل الزّناء رءوسها

وتحسبها هيما وهنّ صحائح

وعادنا الشّجر وجلست في عوذ الظّل ، وانسرق الظلّ.

ويقال : قواه منسرقة أي ضعيفة ، وغزال منسرق ، وانغفق : ضعف وكاد ينتقل.

٤٦٢

ويقال : تغفق بظلّ الشجرة. قال :

تغفّق بالأرطى لها وأرادها

رجال فبذّت نبلهم وكليب

وانسرب : دخل في السّرب وانزرب دخل في الزرب وكنس وجنس وظل لقا وظلال القاء وملخ الظّل أسرع ملخا. قال : تمير في الباطل مرا مالخا. وداغش لاوذ وقد داغش الورد. قال عطشان داغش ثم عاد يلوب.

وقال : (أما تراهنّ يداغشن السّرى) : ويروى يواغشن وعقل الظلّ.

قال شعبة السّاق إذا الظّل عقل ، والظل بالغداة محول وبالعشيّ محول. قال شعرا :

إذا حوّل الظّل العشي رأيته

حنيفا وفي قرن الضّحى يتنصّر

ويقال : جلس في نسيغ الظّل ورسيغه. قال : وفي نسيغ الظّل أو رسيغه. وظلّ رقق ورقيق ونفق سريع الزّوال واز قصير وغاز وقد غزا وطنه فقصر.

ويقال : غزا الماء أوطانه : إذا لحق بقرارة من الأرض وحسر عنه المدد.

ويقال : ساه راه وظلال أرهاء. قال شعرا :

واستكن العصفور كرها مع الضّب

وأوفى في عوده الحرباء

فنفى الجندب الحصا بذرا

عيه وأودت بأهلها الإرهاء

والمعافر لم يفسر ، وقالت امرأة لابنتها : لا تأتيني إلّا معافرة أو منافرة.

ويقال : شجر المي الظّل قال :

إلى شجر المي الظّلال كأنّه

رواهب أحلى من الشّراب عذوب

يقال : أخذ الظّل يموت وقد مات وماتت الرّيح ، قال : إني لأرجو أن تموت الرّيح ، وأقعد اليوم وتستريح. وقوله مشتفة من قولهم : اشتف الشّراب : إذا أخذ يتجرعه وأشنف جوز الفرس الحزام إذا استوفاه ، قال : ودفان يشتفان كل ظفان بمنزلة الحرام.

٤٦٣

الباب الحادي والخمسون

في ذكر التّاريخ وابتدائه والسّبب الموجب له ، وما كانت العرب عليه لدى الحاجة إليه في ضبط آماد الحوادث والمواليد وهو فصلان :

فصل

تاريخ كل شيء في اللغة غايته ووقته الذي انتهى إليه. ومنه قولهم : فلان تاريخ قومه في الجود : يريدون الذي انتهى إليه ذلك ، وسئل بعض أهل اللّغة ما معنى التاريخ؟ قال : معنى التأخير. وقال آخر : بل هو إثبات الشيء.

ويقال : ورخت الكتاب توريخا هو لغة بني تميم وأرخته تأريخا لغة قيس وتأريخ وتاريخان وتواريخ.

ويقال : أرخ كتابك وورّخه. قال أحمد : جميع ما ذكرنا فيه من اختلاف اللّغات وما دارت عليه الكلمة في التّصاريف يدل على أنّها جارية مجرى ما أصله العربية دون ما نقل إليه من العجمية ، ولكل نبوة ومملكة تاريخ ، فأمّا العرب فكانوا يؤرخون بالنّجوم قديما وهو أصل ، ومنه صار الكتّاب يقولون : نجمت على فلان كذا حتى يؤديه في نجوم ويجمع النّجوم أنجمه.

ويقال : نجم له رأي أي ظهر ، واشتهر لفظة النّجم بالثّريا فأما قوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) [سورة النّجم ، الآية : ١] كان الكلبي يقول : والقرآن إذا نزل نجوما أو شيئا بعد شيء وقال غيره : النّجم هاهنا الثّريا أقسم الله تعالى به على المعنى الذي فسّرناه كأنه قال : وخلقي الذي لا يقدر أحد أن يخلق مثله ، وعلى أقسامه بالطّور والتّين وما أشبههما ، وفسّروا قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) [سورة الواقعة ، الآية : ٧٥] على النّجوم الطّوالع لقوله : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) [سورة الواقعة ، الآية : ٧٧] وعلى نجوم القرآن أيضا ، وقيل في قوله : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) [سورة الواقعة ، الآية : ٧٧] إنّ النّجم ما نجم من النّبات ولا ساق له ويقال لواحد : هذا النّجم نجمة. قال الحارث بن ظالم شعرا :

٤٦٤

أحصي حمار بات يكدم نجمة

أتوكل جيراني وجارك سالم

صغّر أمره وشبّهه بحمار سوء ، وكانت العرب تؤرّخ بكلّ عام ينفق فيه أمر جليل مشهور متعارف كتاريخهم بعام الفيل ، وفيه ولد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان ذلك في السّنة الثامنة والثّلاثين من ملك كسرى أنو شروان.

وروي لنا عن أبي العيناء في إسناد يرفعه إلى أبي جعفر محمد بن علي قال : ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة الاثنين لعشر ليال خلون من شهر ربيع الأول ، وكان الفيل في النّصف من المحرّم بينه وبين مولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خمس وخمسون ليلة. وبذلك الإسناد أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ماتت أمّه وله ستّ سنين.

وروى جبير بن مطعم أنه قيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أتذكر موت عبد المطلب؟ قال : أنا يومئذ ابن ثمان سنين.

وروي عن الزّهري أنّ أبا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم توجّه إلى الحجاز ممتارا فمات ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حمل.

وروي أن آمنة أم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ماتت وتركت أم أيمن وهي أم أسامة بن زيد ، فأرثها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان إذا رآها قال : بقية أميّ. فهكذا كان يجري أمر التّاريخ ، وكما أرّخوا قبله بعام الخنان (١) لأنّهم تماوتوا فيه ، وعظم أمره عليهم. قال النّابغة شعرا :

فمن يك سائلا عنّي فإنّي

من الشّبان أيّام الخنان

مضت مائة لعام ولدت فيها

وعشر بعد ذاك وحجّتان

فقد أبقت صروف الدّهر منّي

كما أبقت من السّيف اليماني

وروي من غير وجه أنّه كان بعد النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان الأقرع بن حابس يحكم العرب في كلّ موسم ، وكانت العرب تتيمّن وهو أول من حرّم القمار ، فانقادوا له لذلك قال البعيث :

وعمّي الذي انقادت معد لحكمه

فألقوا بأرسلان إلى حكم عدل

قوله : القوا بأرسلان : كما قيل : ألقيت إليك المقاليد ، وما أقل من أرّخ في شعره على أنه يروى للمستوغر بن ربيعة وهو من المعمّرين :

ولقد سئمت من الحياة وطولها

وازددت من عدد السّنين سنينا

مائة أتت من بعدها مائتان لي

وأردت من عدد الشّهور مئينا

هل ما بقي إلّا كما قد فاتنا

يوم يكرّ وليلة تحدونا

__________________

(١) في القاموس الخنان كغراب داء يأخذ الطّير في حلوقها وفي العين وزكام الإبل. وزمن الخنان كان في عهد المنذر بن ماء السماء ماتت الإبل منه ـ شريف.

٤٦٥

قال أكثم بن صيفي :

إن امرأ قد سار تسعين حجّة

إلى مائة لم يسأم العيش جاهل

أتت مائتان غير عشر وفاءها

وذلك من مرّ اللّيالي قلائل

أنشد المازني :

هزئت زينب وإن رأت يرمي

وإنّ الخنى ليقال من ظهري

من بعد ما عهدت فأدلفني

يوم يجيء وليلة تسري

حتّى كأنّي خاتل قنصا

والمرء بعد تمامه يجري

لا تهزئي منّي زينب فما

في ذاك من عجب ولا سحر

أولم تري لقمان أهلكه

ما اقتأت من سنة ومن شهر

وبقاء نسر فلمّا انقرضت

أيامه عادت إلى نسر

ما طال من أبد على لبد

رجعت محورته إلى قصر

ولقد حلبت الدّهر أشطره

وعلمت ما أتى من الأمر

وأرّخت العرب بموت هشام بن المغيرة المخزومي لجلالته فيهم ، ولذلك قال الشاعر :

وأصبح بطن مكّة مقشعرّا

كأنّ الأرض ليس بها هشام

ومات زهير بن أبي سلمى قبل مبعث النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بسنة ، ومات النّابغة قبله فقال زهير لبنيه : رأيت رؤيا وليحدثنّ أمر عظيم ولست أدركه رأيت كأنّي أصعدت إلى السماء حتى إذا كدت أنا لها انقطع السبب ، فهويت فمن أدركه منكم فليدخل فيه فأتى ابنه بحير (١) النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان زهير يكنى بحير فأسلم وأبى كعب أن يسلم حتى هاجر النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة فقدم وأسلم ، ومدح النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقصيدته اللّامية واعتذر مما كان فيها.

وروى الزّهري والشّعبي أنّ بني إسماعيل أرّخوا من نار إبراهيم إلى بنائه البيت حين بناه مع إسماعيل فإنّ بني إسماعيل أرّخوا من بنيان البيت إلى تفرق معد ، ثم أرّخوا بشيء إلى موت كعب بن لؤي ، ثم أرّخوا بعام الفيل إلى أن أرّخ عمر بن الخطاب من هجرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان سبب ذلك أنّ أبا موسى كتب إليه أنه يأتينا من قبل أمير المؤمنين كتب ليس لها تاريخ ، فلا ندري على أيّها نعمل.

__________________

(١) في تجريد أسد الغابة بحير بن زهير بن أبي سلمى أخو كعب أسلم قبل أخيه وكلاهما شاعران مجيدان وأبوهما من فحول الشعراء. ١٢ الحسن النعماني.

٤٦٦

وروي أنه قرأ صكا محلّه شعبان ، فقال الشّعابين الماضي أم الآتي؟ فكان ذلك سبب التّاريخ من الهجرة بعد أن أرادوا أن يؤرّخوا من المبعث ، ثم اتّفق الرأي على الهجرة ، وقالوا : ما نجعل أوّل التّاريخ؟ فقال بعضهم : شهر رمضان وقال بعضهم : رجب ، فإنّه شهر حرام ، والعرب تعظّمه ، ثم اجمعوا على المحرّم فقالوا : شهر حرام وهو منصرف النّاس عن الحج ، وكان آخر الأشهر الحرم فصيّروه أوّلا لأنّها عندهم ثلاثة سرد : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، وواحد فرد وهو رجب فكان الأربعة تقع في سنتين. فلما صار المحرم أولا اجتمعت في سنة ، والتاريخ لغة قيس ، وعليه استعمال النّاس والتّوريخ لغة تميم وما استعمله كاتب قطّ ، وإن كان التّكلم به كثيرا في ألسنة العرب.

وقال بعض الكتّاب : التاريخ عمود اليقين ـ مبيد الشّكوك ـ به تثبت الحقوق ـ وتحفظ العهود.

قال أبو بكر الصّولي : وكان لا يقع التّاريخ في شيء من الكتب السّلطانية من رئيس أو مرءوس إلّا في أعجاز الكتب ، وقد يؤرخ النّظر والتّابع ما خص من الكتب في صدورها.

وقال إبراهيم بن العباس : الكتاب بلا تاريخ نكرة بلا معرفة ، وغفل بغير سمة.

قال أبو عبد الله : وكتب عمر بن الخطاب إلى الأمصار أن يبعث إليه من كلّ مصر برجله ، فوفد عليه عتبة بن فرقد السّلمي من الكوفة ـ ومجاشع بن مسعود السّلمي من البصرة ـ وأبو الأعور السّلمي من الشّام ـ ومعن بن يزيد السّلمي من مصر فتوافوا عنده كلّهم من بني سليم.

قال أبو الحسن علي بن سليم : قال بعض الشعراء في صاحب توفّي وكان يؤرّخ علم القرون فها هو اليوم أرخاء.

وذكر الصّولي أنّه كاتب أبا خليفة الفضل بن الحباب القاضي في أمور أرادها ، قال : فأغفلت التّاريخ ، فكتب بعد نفوذ الثّاني : وصل كتابك مبهم الألوان مظلم البيان ، فأدى جراما القرب فيه بأولى من البعد ، فإذا كتبت أعزّك الله فلتكن كتبك موسومة بتاريخ لأعرف به أدنى آثارك ، وأقرب أخبارك إن شاء الله قال : فكتبت إليه كتابا جعلت التّاريخ في صدره وقلت معه : قد قبلنا دلائل البرهان ـ واعترفنا بالبرّ والإحسان ـ وجعلت التّاريخ بعد دعاء لائحا للعيون كالقنوان.

شعر :

حبّذا أنت من مفيد علوم

وافدات بحكمة وبيان

هي أسنى ذكرا وأكثر نفعا

من كنوز اللّجين والعقيان

٤٦٧

فكتابي إليك يا زينة

الدّنيا لخمس خلون من شعبان

قال أبو العباس : آخر من مات بالكوفة من الصّحابة من الأنصار عبد الله بن أبي أوفى ـ وبالبصرة أنس بن مالك ، وبالشّام أبو أمامة الباهلي ، وبالمدينة سهل بن سعد ، وبمكة عبد الله بن عمر رضي‌الله‌عنهم ، وممن ذكر سنه في شعره وأرّخه زهير بن خباب الكلبي في قوله :

ونادمت الملوك من آل عمرو

وبعدهم بني ماء السّماء

وحقّ لمن أتت مائتان عاما

عليه أن يملّ من الشّواء

قال الصّولي : وكنّا يوما عند المغيرة بن محمد المهلبي ، فقال له رجل : كم كان سن يزيد بن المهلّب يومئذ؟ فجعل جوابه إنشادا بمبلغه فقال : أنشدني التّوجي لحمزة بن بيض الحنفي فيه يرثيه:

أغلق دون السّماح والنّجدة

والمجد باب خروجه أشب

يان ثلاث وأربعين مضت

لا صريح واهن ولا ثلب

لا بطر إن تتابعت نعم

وصابر في البلاء محتسب

برزت سبق الجواد في مهل

وقصرت دون سبقك العرب

فصل

في حكّام العرب في الجاهليّة

قال أبو عبد الله : حكّام العرب في الجاهلية عبد المطلّب بن هاشم ـ وأبو طالب بن عبد المطلب ـ والعاصي بن وائل ـ والعلاء بن حارثة الثّقفي. وحكام كنانة : يعمر بن الشّداخ وصفوان بن أمية بن الحارث ، وسلم بن نوفل أحد بني الدّيك بن بكر. ومن بني أسد : ربيعة بن حدار أحد بني سعد بن ثعلبة بن دودان وله يقول الأعشى :

وإذا طلبت المجد أين محلّه

فاعمد لبيت ربيعة بن حدار

يهب التّحية والجواد بسرجه

والأدم بين لواقح وعشار

وهو الذي حكم بين حاجب بن زرارة وخالد بن مالك بن ربعي بن سلمى بن جندل فنفر حاجبا على خالد.

وحكّام قيس : عامر بن الظرب وسنان بن أبي حارثة المرّي ، وغيلان بن سلمة الثّقفي ، وكانت له ثلاثة أيام : يوم ينشد النّاس بشعره ، ويوم يحكم فيه بين النّاس ويوم يقعد فيه

٤٦٨

للنّاس فيزار وينظر إلى سرره وجماله. وجاء الإسلام وعنده عشر نسوة فخيّره النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاختار منهن أربعا فصارت سنة. قال : وقتلت بنو أسد من الأشراف حجر بن عمرو بن الشّريد السّلمي ، وربيعة بن مالك الجعفري أبا لبيد الشّاعر ، وعتيبة بن الحارث بن شهاب اليربوعي. وزعموا أنّهم قتلوا شهابا جد عتيبة ، وبدر بن عمرو بن جوية بن لوذان بن عيسى الفزاري وهو جد عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر.

فصل

في أوقات التواريخ

في أوقات التّاريخ إنما غلّبت العرب اللّيالي على الأيام في التّاريخ ، فقيل : كتبت لخمس بقين ، وأنت في اليوم لأنّ ليلة الشّهر سبقت يومه ، ولم يلدها وولدته ولأنّ الأهلّة للّيالي دون الأيام ، وفيها دخول الشّهر ، ولذلك ما ذكرهما الله تعالى إلا وقدّم اللّيالي على الأيام قال تعالى : (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) [سورة الحاقة ، الآية : ٧] وقال تعالى : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) [سورة فاطر ، الآية : ١٣] وقال تعالى : (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) [سورة سبأ ، الآية : ١٨] والعرب تستعمل اللّيل في الأشياء التي يشاركها فيها النّهار دون النّهار ، وإن كانت لا تتم إلا به قال تعالى : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٤٢] وقال الفرّاء : ولقد دعاهم تغليب اللّيل على الأيام إلى أن قالوا : صمنا عشرا من الشّهر. قال : وقال أنو شروان : اليوم عشر من الشّهر ويقولون : عندي عشر من الإبل وإن كانت ذكورا ، وعشر من الشّاء وإن كانت كباشا ، ويقولون : أدركنا اللّيل بموضع كذا لأنّه أوّل ألا ترى قول النّابغة :

فإنّك كاللّيل الذي هو مدركي

وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع

ولم يقل كالنّهار.

وحكى بعضهم أنّ العرب تقول في اللّحم : ابن يومه ، وفي الخبز ابن ليلة ، وفي النبيذ ابن سنة وأنشد :

وفتيان صدق لا تغبّ لحامهم

إذا شبّه النّجم الصّوار المنفّرا

ومدح حميد الطّوسي علي بن جبلة بمثل قول النابغة ، فقرن إلى اللّيل النّهار فقال :

وما لامرئ حاولته منك مهرب

ولو رفعته في السّماء الطّوالع

بل هارب لا يهتدي لمكانه

ظلام ولا ضوء من الصّبح ساطع

٤٦٩

وقال عبيد الله بن عبد الله في معنى قول النابغة :

إنّي وإن حدّثت نفسي أنّني

أفوتك إنّ الرأي منّي لعاذب

لأنّك لي مثل المكان المحيط بي

من الأرض أنّى استنهضتني المذاهب

فجعل مكان اللّيل من قول النّابغة ، لأنّك لي مثل المكان إذ كان لا بد للمخلوق من مكان وزمان ، وقالوا : صمنا عشرا من رمضان ، وأنشد أبو عبيدة :

فصامت ثلاثا لا مخافة بينها

ولو مكثت خمسا هناك لصلّت

والشّهور كلّها مذكّرة سوى جماديين ، ولا يذكّرون من شهر كذا إلا في ثلاثة أشهر : شهر رمضان وشهرا ربيع ، لأنّ الربيع وقت من السّنة فخافوا إذا قالوا من ربيع أن يظن أنه من الرّبيع الذي قبل الخريف ، وقال الرّاعي :

شهري ربيع لا يذوق لبونهم

إلّا حموضا وخمة ودويلا

الدّويل كسار الحلى ينبت مجتمعا ، وكلّ ما يكسر من النّبات وأسود فهو دويل ولو كتب كاتب في ربيع الأول وفي رمضان ، ولم يذكر الشهر لجاز وليس بالمختار كما قال :

جارته في رمضان الماضي

تقطع الحديث بالإيماض

واعلم أنّه لا يكتب لليلة مضت لأنّهم يعدون في اللّيلة ، فإذا أصبحوا كتبوا لليلة خلت ، ويكتب أوّل يوم من كذا ، ولا يكتب مهلّ كذا ، ولا مستهل كذا لأنّ الهلال إنّما يرى باللّيل. وأنشد الأصمعي والشّعر لنابغة بني جعدة ، وعاش ثمانين ومائة سنة :

قالت أمامة كم عمرت زمانه

وربحت من عزّ على الأوثان

ولقد شهدت عكاظ قبل محلّها

فيها وكنت أعد في الفتيان

والمنذر بن محرّق في ملكه

وشهدت يوم هجا بن النّعمان

وعمرت حتّى جاء أحمد بالتّقى

وقوارع يتلى من الفرقان

فلبست بالإسلام ثوبا واسعا

من سيب لا حرد ولا منّان

وقال حين أتت عليه مائة واثنتا عشرة سنة :

مضت مائة لعام ولدت فيه

وعشر بعد ذاك وحجّتان

وأبقى الدّهر والأيام منّي

كما أبقى من السّيف اليماني

يصمّم وهو مأثور جراز

إذا اجتمعت بقائمة اليدان

قال أبو عبد الله فتّاك الجاهليّة : الحارث بن ظالم المرّي ـ والبراض بن قيس الضّمري ـ وتأبّط شرّا واسمه جابر بن سفيان الفهمي ـ وحنظلة بن فاتك أحد بني عمرو بن أسد. وفتّاك

٤٧٠

الإسلام : مالك بن ريب المازني ـ وعبيد الله بن الحر الجعفي ـ وعبد الله بن سبرة الجرشي ـ وعبد الله بن خازم السّلمي ـ والقتال الكلابي ـ ومرار بن يسار الفقعسي ـ وعتيبة بن هبيرة الأسدي ـ ومن باب التّاريخ قول الشّاعر :

ها أنا ذا أملّ الخلود وقد

أدرك عمري ومولدي حجرا

أيا امرأ القيس هل سمعت به

هيهات هيهات طال ذا عمرا

وما يجري مجرى التّاريخ بما يتضمّن من التّشبيه ما أنشده ابن الأعرابي وأظن بعضه قد مضى ، وإن كان يسيرا ، وأنشد أبو هفان وزعم أنّه من أحسن أشعارهم شعرا :

منعمة لم تلق بؤسا ولم تسق

بعيرا ولم تضمم وليدا إلى نحر

ولم تدر أي النّاس أعداء قومها

وتمضي اللّيالي والشّهور ولا تدري

سوى أن تصوم الشّهر فيمن يصومه

وتسأل عن يوم العروبة والفطر

فلو كنت ماء كنت صوب غمامة

ولو كنت مزنا كنت ثرة من بكر

ولو كنت لهوا كنت تعليل ساعة

ولو كنت نوما كنت تعريسة الفجر

كلفت بها عمري فلمّا تقطّعت

وسائلنا ودّعت ما فات من عمري

وأنشد نفطويه عن أبي العبّاس ثعلب :

فلو كنت ليلا كنت ليلة صيف

من المشرقات البيض في وسط الشّهر

ولو كنت ظلّا كنت ظلّ غمامة

ولو كنت نوما كنت تعريسة الفجر

ولو كنت يوما كنت يوم سعادة

ترى شمسه والمزن يهضب بالقطر

وفي هذه الطّريقة ما أنشد به أحمد بن لجأ ويروى للعين المنقري :

فقيّم يا شرّ تميم محتدا

لو كنتم ماء لكنتم زبدا

أو كنتم ليلا لكنتم صردا

أو كنتم شاء لكنتم نقدا

أو كنتم صوفا لكنتم فردا

أو كنتم عيشا لكنتم جحدا

وأنشد :

لو كنت لحما كنت لحم كلب

أو كنت نارا لم تحل في عطب

أو كنت ماء لم تسع لشرب

أو كنت سيفا لم تكن بعضب

وروى أبو عمر عنه أيضا قال : أنشدني أبو عبد الله :

لو كنت من مال امرئ ذي نيقة

لكنت خير ناقة مسوّقة

٤٧١

من ناقة خوّارة رقيقة

ترميهم ببكرات روقة

وحكى ابن الأعرابي قال : غزا خالد بن قيس بن المضلّل فيمن تبعه من بني أسد فغنم وسبا فمرّت به جارية أعجبته فقال لها : كيف كان أبوك يطبخ اللّباء؟ قالت : كان يهنيه ويمنيه حتى يستقر ، ورضفه فيه ، فأعرض عنها ثم دعا بأخرى فسألها عن مثل ذلك ، فقالت : كان يهذره ويمذره ، ويطعن الفارس فينثره ، فاتّخذها لنفسه ، فجاءت بعاصم بن خالد ، وكان يقال له : البر من برّه بأبيه وله يقول أبوه شعرا :

أرى كلّ أمر إلى عاصم

فما أنا لو كان لم يولد

فلو كنت شيئا من الأشربا

ت لكنت من الأسوغ الأبرد

قول الأولى : يهنيه ويمنيه : أي يحسن علاجه وهذا مما يوصف بها الرّعاة.

وقول الثّانية : (يهذره ويمذره) : أي يفسده فإذا طعن الفارس أشرقه بدمه فأنثره ، ويشبه هذا عندي قول الآخر :

إنّ عليها فارسا كعشرة

إذا رأى فارس قوم أنثره

أورده منكفيا أو أشعره معنى أشعره : رماه بسهم جعله شعارا له ، وهذا شبيه بقول الجعدي:

فتانا بطرير مرهف جفرة

المخرم منه فسعل يريد

لما جافه بالطعنة أشرقه بدمه فسعل به ، وأنشدت عن نفطويه ، قال : أنشدني ثعلب عن ابن الأعرابي :

لو كنت ليلا من ليالي الشّهر

كنت من البيض تمام البدر

بيضاء لا يشقى به من يسري

أو كنت ماء كنت غير كدر

ماء سماء في صفاتي صخر

أظلّه الله بعيص الصّدر

فهو شفاء من غليل الصّدر وأنشدت عنه أيضا قول الآخر :

فلو كنت يوما كنت يوم تواصل

ولو كنت ليلا كنت لي ليلة القدر

ولو كنت عيثا كنت نعمة جنة

ولو كنت نوما كنت تعريسة الفجر

وأنشده من غير هذا الوجه :

لو كنت من شيء سوى بشر

كنت المنوّر ليلة البدر

٤٧٢

وأنشد أبو العبّاس المبرّد في الذّم والإزراء :

لو كنت ماء لم تكن بعذب

أو كنت عاما كنت عام خصب

أو كنت سيفا لم يكن بعضب

أو كنت غيرا لم يكن بندب

أو كنت لحما كنت لحم كلب

وأنشد ابن الأعرابي :

لو كنت ماء كنت لا

عذب المذاق ولا مسوسا

ملحا بعيد القعر قد

فلّت حجارته الفئوسا

قال المسوس : كلّ ما شفى الغليل ، لأنّه مسّ الغلة وأصابها وأنشد :

يا حبذا ريقتك المسوس

وأنت خود بادن شموس

ويقال : ماء قعاع ، وزعاق وحراق وليس بعد الحراق في الملوحة شيء لأنه إذا شربت الإبل أحرقت أكبادها.

وروى لنا أبو الحسن البديهي قال : سمعت أبا عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي يقول : سأل بعض أهل العلم أصحابه فقال : أتعرفون رجلا من الصّحابة يروى عنه الحديث ، ويقال له أسد بن عبد مناف بن شيبة بن عمرو بن المغيرة بن زيد؟ قالوا : لا. قال : علي بن أبي طالب : سمّته أمّه فاطمة أسدا وهي بنت أسد باسم أبيها ، وعبد مناف اسم أبي طالب ، وشيبة اسم عبد المطلب وعمرو اسم هاشم ، والمغيرة اسم عبد مناف ، وزيد اسم قصي.

وأخبر أنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تولّى دفن فاطمة بنت أسد وكان أشعرها قميصا له ، فسمع وهو يقول : ابنك ، فسئل صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إنّها سئلت عن ربّها فأجابت ، وعن نبيها فأجابت ، وعن إمامها فلجلجت ، فقلت : ابنك ابنك (١).

__________________

(١) الظاهر أنّ هذه الرواية من كتب الشيعة الإمامية والله أعلم.

٤٧٣

الباب الثّاني والخمسون

فيما هو متعالم عند العرب ، ومن داناهم ، وأدركوها بالتفقّد وطول الدّربة ولم يدخل في أسجاعهم

قال أبو حنيفة : يقولون إذا طلع فرغ الدّلو المؤخّر ، وذلك أول الرّبيع اختال العشب ، وأدرك الباقلي والفاكهة المنكرة بالعراق ، وظهرت الهوام.

وإذا طلع بطن الحوت حصد أوّل الشّعير بالعراق ، وزعموا أنّ النوء الذي فيه هو نوء السّماك قلّ ما يخلف.

وإذا طلع الشّرطان أكل فريك الحنطة.

وإذا طلع البطين : فرغ من حصاد الشّعير ، وابتدئ بحصاد الحنطة والقطابي وهي الجنوب ، وكثرت الفاكهة بالعراق والشّام ، وقيل : إنّه قلّ ما يعدمه سحاب.

وإذا طلعت الثّريا عم الحنطة الحصاد ، وأدرك التّفاح ، ومدّ في آخره النّيل.

وإذا طلع الدّبران : هبّت السّمائم وأسود العنب.

وإذا طلعت الجوزاء فيها الهقعة أدرك البطيخ والفاكهة.

وإذا طلعت الهنعة : أدرك البسر والتّين ، وفيه تنقص المياه.

وإذا طلعت الذّراع وفيها الشّعرى : أدرك الرّمان ، وحصد القصيب النّبطي.

وإذا طلعت العذرة وفيها النّثرة : قطف العنب بالعراق ، وأكل الرّطب وبلح النّخل بالحجاز. وأدرك جميع الفاكهة بالعراق والشّام.

وإذا طلع الطّرف كثر الثمر في ذلك الوقت ، واللّبن الذي يستقضونه من الضّروع ، لفصال الأولاد عن الأمهات ، ويطوف أهل مصر. ونوؤه ستّ ليال وينسب في الشّعر إلى الأسد.

٤٧٤

وإذا طلعت الجبهة : كثر الرّطب وسقط الطّل.

وإذا طلعت الزّبرة وطلع معها سهيل بالعراق : برد اللّيل والماء وولّى القيظ.

وإذا طلعت الصّرفة برد الليل واختلفت الرياح وتحرّك أول الشّمال وقطعت العروق ، وشربت الأودية ، وجدّ النّخل بالحجاز ، وبكل غور ويشتار العسل.

وإذا طلعت العوّاء وطلع معها السّماك الرّامح : أخذ النّاس في صرام النّخل وقطف الرّمان والسّفرجل ، وفيه ، ينتهي غور المياه وتهيج الصّبا.

وإذا طلع الغفر : زرع أول زرع الحنطة وزرع الرطاب وحصد القصب الفارسي وجد النخل وفي النوء الذي فيه وهو نوء الشرطين أول مطر ينتفع به.

وإذا طلعت الزّباني دخل الناس البيوت ، ويسقط الرّبل : وهو الورق الذي نبت في دبر القيظ ببرد اللّيل.

فإذا طلع الإكليل لم يكد يخطئ النّوء الذي فيه وهو نوء الثّريا السّحاب والغيوم ، وقطعت الحداء والخطاطيف والرّخم إلى الغور.

وإذا طلع قلب العقرب : هبّت رياح الشّتاء الباردة.

وإذا طلعت الشّولة سقط الورق كلّه وكثر الرّذاذ والمطر.

وإذا طلعت النّعائم وطلوعها لاثنين وعشرين ليلة من كانون الأول وسقوطها لاثنين وعشرين يخلو من حزيران ، يتشعّب الرّعاء ويتلاقى التمايم لأنّهم حينئذ يفرغون ، ولا يشغلهم رعي فيلاقون ويدس بعضهم إلى بعض الأخبار.

وإذا طلعت البلدة نقى البساتين وكرب الكروم.

وإذا طلع سعد الذّابح لم يكد يخطئ النّوء الذي فيه وهو نوء النّثرة مطر وإن أخلف فريح.

وإذا طلع سعد بلع نقّت الضّفادع ، وباضت الهداهد ، وتزاوجت العصافير وهبّت الجنوب ، وأعشبت الأرض.

وإذا طلع سعد السّعود وتحرّك أوّل العشب ، وأورق الشّجر وزقا المكاء وجاءت الخطاطيف ، وقلما يخطئ النّوء الذي فيه ، وهو نوء الجبهة المطر الجود.

وإذا طلع سعد الأخبية لم يكد يخطئ النّوء الذي فيه ، وهو نوء الزّبرة مطرا شديدا وقلّما أخلف المطر وفيه يورق الكرم.

وإذا طلع فرغ الدّلو المقدم : يسلم الناس من الحاسة في النّوء الذي فيه وهو نوء

٤٧٥

الصّرفة فقد أمنت بإذن الله من الحواس إلى آخر السنة ، وفيه يقول القائل : إذا دخل آذار أخياء وآبار ، لما يتخوّف النّاس من الآفات في هذا النوء وفيه يعقد اللّوز والتفاح ، وهذا الذي ذكره أبو حنيفة خرّجه غيره على الشّهور الرّومية ، فقال زائدا عليه :

تشرين الأوّل

سلطان المرّة السّوداء وهو ثلاثون يوما آيته واحد ، وهو بالفارسية شهريرماه وآيته أربعة ، وهو أوسط الخريف وله من البروج الميزان وهو هوائي مؤنّث نهاري شمالي. ربّه بالنّهار زحل وباللّيل عطارد ، والشّريك المشتري وهو بيت الزّهرة ، وشرف زحل هبوط الشّمس فيه. والإقليم الروم إلى إفريقية مصر ، وله من المنازل الغفر والزّبانى وثلث الإكليل ، وفي أوله يبتدئ أهل الحجاز بالزّراعة وفي عشر منه تزرع الحنطة والشّعير والرّطاب ويقوم سوق القادسان بسوق الأسواق أسبوعا. وفي خمس عشرة منه يبرد الزّمان وتكثر الرّياح بإذن الله ، وفي إحدى وعشرين يطلع الغفر ويسقط ، وفيها يغلظ الشّجر ويكون أول مطر ، فإن أخطأ فريح شديدة ، وتريح نيل مصر ، ويقوم سوق حلب ، وفي خمس وعشرين منه يطلع الزّبانى ويسقط البطين ، وفيها يدخل النّاس البيوت واستقبل الوسميّ ويقوم سوق ماسرجسان.

تشرين الآخر

سلطان المرّة السّوداء : ثلاثون يوما آيته أربعة ، وهو بالفارسية مهرماه آيته ستة ، وهو آخر شهور الخريف. وله من البروج العقرب ، وهو من بروج الماء وهو بيت بهرام ، وبهرام هو المرّيخ ، ومنزله فوق قلب العقرب وهبوط القمر فيه. ربّه باللّيل الزّهرة وبالنّهار المريخ ، والشّريك القمر ، والإقليم مكة. وله من المنازل ثلثا الإكليل والقلب وثلثا الشّولة ، في أول يوم تهبّ الجنوب وفي الثّاني يطلع الزبانيان ويسقط البطين وتقوم سوق عند كنيسة الرّقة ويبرد الماء ويبتدئ أهل الشّام بالزّراعة ، ويذهب زمان المنّ والسلوى ، ويلقط الزيتون ويدخل النّمل ذوات الأجنحة بالشّام وبكل أرض باردة جوف الأرض ويخرج الحداء والرّخم من كل أرض باردة ، وعند ذلك يعرف الشّتاء من الصّيف ، وفي خمس عشرة منه يطلع الإكليل ويسقط الثّريا وهو آخر الخريف ويكون المهرجان عيد المجوس ، وفيها يبتدئ البرد ويرتج البحر ويجيء شيء من المطر ، فإن لم يجيء هاجت الرياح ، وتهلك كلّ دابة ليس لها عظم ، مثل الدود والدّباء والجراد واليعاسيب ، ويسقط ورق الشّجر ، وما قطع فيه من الخشب لم يقع فيه أرضة ، ويقع الجليد فوق الأرض وتتحرك فحولة الغنم. وفي أربعة وعشرين منه يكون النّهار عشر ساعات ، واللّيل أربع عشرة ساعة ، ولخمس وعشرين منه تعلق البحر فلا يركبه أحد. ولثمان وعشرين منه يطلع القلب ، ويسقط الدّبران ويطلع النّسر

٤٧٦

الواقع ويشتدّ القر ، ويختار النّاس ما يقل من الثّياب ويشتد موج البحر ويقل صيده ويعصر الزّيت ويلقط الجوز.

كانون الأوّل

سلطان البلغم ، آيته واحد ، وهو أوّل شهور الشّتاء وله من البروج القوس وهو من بروج النار ذو جسدين ، وهو بيت المشتري. ربّه بالنّهار الشّمس وباللّيل المشتري والشّريك زحل. الإقليم بابل وله من النّجوم ثلاثة ، الشّولة والنّعائم والبلدة. وفي أول يوم منه يقوم سوق دمشق ، ولإحدى عشرة منه يطلع الشّولة وهي ذنب العقرب ، تسقط الهقعة ويجيء مطر ، وتهيج رياح ويخرج النّمل ذوات الأجنحة فتجيء القواري من الطيّر فتصطادها وتولد الضأن. ولاثنتي عشرة منه يرى أول الطّلع ، ولخمس وعشرين منه تطلع النّعائم وتسقط الهنعة وهو حمية الشّتاء ، وفيه ميلاد المسيح عليه‌السلام وهي أطول ليلة في السّنة وأقصر يوم يكون يومه تسع ساعات ، وليله خمس عشرة ساعة. وهو عيد النصارى ، يكون الميلاد الدّهر كلّه في خمس وعشرين من كانون الأول وتطلع البلدة ، ويسقط الذّراع ، وذلك أشد ما يكون من القر وقت السّحاب والمطر ويطلع النّسر الطّائر.

كانون الآخر

سلطان البلغم واحد وثلاثون يوما ، آيته اثنان ، وهو بالفارسية آذر ماه آيته ثلاثة ، أوسط شهور الشّتاء ، له من البروج الجدي ، وهو برج منقلب من بروج الأرض وهو بيت زحل وشرف المرّيخ وهبوط المشتري. ربّه بالنّهار الزّهرة وباللّيل المرّيخ ، والشّريك القمر. وللجدي من النّجوم سعد الذّابح وسعد بلع وثلث سعد السعود. وفي اليوم الثّاني منه عيد النصارى يقال له القليدس ، وتهبّ فيه ريح عاصفة ، ولستّ خلون منه تطلع البلدة ويسقط الذّراع وهو ميلاد عيسى عليه‌السلام ، الأخير يقال له الرّيح وهو حد الشّتاء يكون الرّيح الدّهر كلّه في سبع من كانون الآخر. وفيه تفقأ عيون الحيات وتموت الذبان ويغمس النّصارى أولادهم في الماء ، يزعمون أنّ في تلك اللّيلة تعذب المياه المالحة ويطلع النّسر الطائر. وفيه يبدأ بكراب الكرم ، وفي أربع عشرة تكون الثّلوج والأمطار ويكون آخر القر. وفي تسع عشرة منه يطلع سعد الذّابح وتسقط النثرة ويشتدّ البرد ، وهو حد الشّتاء ، وفيه البرد وفيه يبتدئ أهل الرّوم بالكراب وغرس الأشجار ، وذلك وقت دوام المطر ، ويجري الماء في فروع الشّجر ، وفيه تقطع الزّرة بتهامة ويزرع القطاني والبطيخ ، وهو وقت رذاذ وطل ويكون معه الضّباب ، وفي أربع وعشرين منه يطلع سعد بلع ويسقط الطّرف. واللّيل أربع عشرة ساعة ، والنّهار عشر ساعات.

٤٧٧

شباط

سلطان البلغم ثمانية وعشرون يوما ، آيته خمسة ، وهو بالفارسيّة ديماه آيته خمسة ، وهو آخر شهور الشّتاء وله من البروج الدّلو وهو برج الرّياح ثابت مذكر مغربي وهو بيت زحل ، ربّه بالنّهار وبالليل عطارد ، والشّريك المشتري والإقليم الشّام ، وله من المنازل ثلثا سعد السّعود وسعد الأخبية وثلثا مقدّم الدّلو. وفي اليوم الأوّل منه يطلع سعد بلع ويسقط الطرف وينكسر البرد ، ويرى الحداء والرّخم. وفيه ينسك النّصارى ، وهو وقت كثرة الأمطار. وفيه يورق الشّجر ، ويخرج النّمل وينبت العشب وتكثر الذّباب ، ولسبع منه تهبّ الرّياح اللّواقح وتغرس الكروم. واليوم العاشر والحادي عشر والثّاني عشر صوم قوم يونس عليه‌السلام حين صرف الله تعالى عنهم العذاب. وفي أربع عشرة منه يطلع سعد السّعود وتسقط الجبهة ، وفيه يسخن جوف الأرض وتؤكل الكمأة والفطر والهليون وتسقط الجمرة الأولى ، ويخرج النمل ذوات الأجنحة والذّر ويجري الماء في العود ، وتسقي الدروع ويخرج بقول الفرس ، والورد والياسمين وتنشر دواب الأرض ، وتزرع بقول الصّيف ، ولتسع عشرة منه أول يوم من أيام العجوز ، وفي أربع وعشرين منه يكون النّهار إحدى عشرة ساعة واللّيل ثلاث عشرة ، ولسبع وعشرين منه يطلع سعد الأخبية ويسقط الخرأتان ، وتقع الجمرة الوسطى ، ولا يغرس فيه إلى أربع من آذار لا غرس ولا كرم ، فإنّه يفسده السّوس وفيه : تتزاوج الطّيور ويتوالد الوحش.

آذار

سلطان البلغم أحد وثلاثون يوما ، آيته خمسة ، وهو بالفارسية بهمن ماه آيته سبعة ، وهو أوّل شهور الصّيف ، وله من البروج الحوت ، وهو ذو جسدين مؤنث من بروج الماء ، فيه هبوط عطارد وشرف الزّهرة ، وهو بيت المشتري ، ربّه بالنّهار زحل ، وباللّيل عطارد ، والشّريك المشتري ، والإقليم الصّين وله من النّجوم ثلاثة : الفرغ المقدّم والفرغ المؤخّر وبطن الحوت. وفي أول يوم منه يطلع الدّلو وتسقط الصّرفة وهي الحمرة الأخيرة ، ويلقى حرّ السماء وحر الأرض وتخرج كلّ دابة ليس فيها عظم ، وفي اليوم الثّاني يزرع قصب السكر بالأهواز ، والبطيخ ويلقح النخل. وفي اليوم الخامس يطلع الغفر ، وهو وقت ذهاب الحواس وأول الصّيف وتختلف الرّياح ، وتجري السّفن في البحر ، وتفتح عيون الحيّات. وذاك أنّها تغمضها في الشّتاء ، وفيها ترى معالم الصّيف ويستبل الزّرع. وفي أربع وعشرين منه يطلع مؤخّر الدّلو ، ويسقط العواء ويستوي اللّيل والنّهار. وفي سبع وعشرين منه يسخب جنان ، وتخرج الهوام ويكثر موج البحر ويبذر الأرز بالأهواز.

٤٧٨

نيسان

سلطان الدّم ثلاثون يوما ، آيته واحد ، وهو بالفارسية اسفندارمذماه ، آيته اثنان ، وله من البروج الحمل ، وهو بيت المرّيخ ، برج منقلب مذكّر من بروج النّار ، وللحمل من النّجوم الشّرطان والبطين وثلث الثّريا ، وهو شرف الشّمس وهبوط زحل. ربّه باللّيل المشتري وبالنّهار الشّمس ، ويشاركه باللّيل والنّهار زحل ، والإقليم بابل ، في أوّل يوم منه قام يوحنا وهو غداة يوم الأحد بعد ثلاثة من نزول المريخ. ولستّ منه تأفل الثّريا ، فلا ترى أربعين ليلة. ولسبع منه يطلع الحوت ، ويسقط السّماك ، وقلّما يخطئ المطر فيه بإذن الله تعالى ، ويبدأ بحصاد الشّعير ، وتفيض العيون والأنهار ، وتقوم سوق الدّبر بأرض سوارت من سوق الأهواز ستة أيام ، ولعشر منه توفي آدم عليه‌السلام ، وفي ثلاث عشرة منه يطلع الشّرطان ويسقط الغفر ، ويظهر ما استخفى من الهوام ، وهو فيهما ظل وغيوم ويمد الفرات المد الأعظم ، وتهبّ الرّياح الشّريفة كالصّبا ، وفيها يفرّخ الطّير. وفي ستّ بقين منه يطلع البطين ، ويسقط الزّبانيان ، ويقوم سوق كرو بفلسطين سبع ليال ، ويكون النّهار فيه ثلاث عشرة ساعة ، واللّيل إحدى عشرة ساعة.

أيّار

سلطان الدّم واحد وثلاثون يوما ، آيته ثلاثة ، وهو بالفارسية فروردين ماه آيته واحدة ، وهو من شهور الصّيف وهو النّيروز رأس سنة القمر ، وهو عيد المجوس الأكبر ثمانية أيام ، له من البروج الثّور وهو برج أنثى من بروج الأرض وهو بيت الزّهرة وشرف القمر ، ربّه بالنّهار الزّهرة وباللّيل القمر ، ويشاركه باللّيل والنّهار المريخ ، الإقليم التّرك والخزرج. وله من النّجوم ثلثا الثّريا والدّبران وثلثا الهقعة. وفي ثلث منه يطلع البطين ويسقط الزّبانيان. وفي اليوم السّابع تطلع الغميصاء ، ويكون فيه ريح ومطر ، وفي اليوم الرّابع عشر يجري الماء في منتهى العيون ، وفي ستة عشر منه تطلع الثّريا ويسقط الإكليل وهو أوّل يوم من الصّيف وآخر الربيع ، وبطلوعها يطيب ركوب البحر ، ويبدأ أول السّمائم ويفرك القمح ويبرد نيل مصر ، وتغور المياه ، ويخرج الجراد وتهيج الصّبا. وفي أربع وعشرين منه يكون النّهار أربع عشرة ساعة ، والليل عشر ساعات ، ينقص ساعة لتمام ثلاثين يوما. وتزرع الذّرة والدّخن بأرض تهامة واليمن وأرض النّوبة. وفي سبع وعشرين منه يرتفع الطّاعون بإذن الله تعالى من كل أرض ، ولتسع وعشرين منه يطلع الدّبران ويسقط القلب وتهيج فيها البوارح والسّمائم ، ويسودّ أوّل العنب وتستبين زيادة نيل مصر وتهب الشّمال.

٤٧٩

حزيران

سلطان المرّة الصّفراء ثلاثون يوما ، آيته ستة ، وهو بالفارسيّة اردبهشت ماه ، آيته ثلاثة وهو أوّل شهور القيظ ، وله من البروج الجوزاء ، وهو ذو جسدين وهو التوأمان من بروج الرّياح ، برج مذكّر مغربي شرف رأس التّنين ، ربّه بالنّهار زحل وباللّيل عطارد. ويشاركه باللّيل والنّهار المشتري. الإقليم بربر وإفريقية ، وله من النّجوم ثلاثة : الهقعة ـ والهنعة ـ والذّراع ـ وفي إحدى عشرة منه تطلع الهقعة وتسقط الشّولة ، وفي أربع وعشرين منه تطلع الهنعة ويسقط النّعائم ، ويرجع الشّهر ، ويهبط من صعودها الأعلى ، وهو أطول يوم في السّنة ، وهو اليوم الذي ولد فيه يحيى بن زكريا عليهما‌السلام فيما زعموا ويزعم أهل العلم أنّ داود النّبي عليه‌السلام فيه افتتن ، وفي ثلاثين منه يطلع الذّراع ويسقط البلدة ، وفيه تسكن الرّياح ويشتدّ الحر.

تموز

سلطان المرة الصّفراء واحد وثلاثون يوما ، آيته واحدة ، وهو بالفارسية خرداد ، آيته خمسة ، وهو أوسط القيظ ، وله من البروج السّرطان برج منقلب أنثى من بروج الماء ، وهو شرف المشتري وهبوط المرّيخ ، ربّه بالنّهار المرّيخ وباللّيل الزّهرة ، ويشاركه باللّيل والنّهار القمر. والإقليم الشّام والجزيرة والرّوم ، وله من النّجوم النّثرة ـ والطّرف ـ وثلث الجبهة ـ ويشتدّ الحر فيه ، ولسبع منه يطلع الذّراع وتسقط البلدة. ويقوم سوق سليمة جمعتين ، ويرتفع الطّاعون بإذن الله تعالى ، وفيه يحرث ما يصلح في تلك السّنة من الزّرع ، وما يفسد منه ، ويؤخذ لوح قبل أن تطلع الشّعرى بتسع ليال ، فيزرع عليه من كل صنف حتى إذا كان ليلة تطلع الشّعرى وضع ذلك فوق بيت على مكان مرتفع لا يحول بينه وبين السّماء شيء فما أصبح منه مخضرّا فإنه يصلح بإذن الله تعالى ، وتطلع الشّعرى الغامضة في خمس منه. وفي عشرين منه تطلع النّثرة ويسقط سعد الذّابح ، وفيه مولد السّنة أبدا ، فاحفظ منه أعلام الشّتاء ، ويزرع البطّيخ الشّتوي في أرض اليمن.

آب

سلطان المرة الصّفراء واحد وثلاثون يوما ، آيته أربعة ، وهو بالفارسية تير ماه ، آيته سبعة ، وهو آخر شهور القيظ. وله من البروج الأسد ، وهو برج ثابت مذكّر مشرقي من بروج الملوك توافقا ، وهو بيت الشّمس ، ربّه بالنّهار الشّمس وباللّيل المشتري ، ويشاركه باللّيل والنّهار زحل ، الإقليم بابل. وللأسد من النّجوم ثلثا الجبهة ـ والخراتان ـ وثلثا الصّرفة ـ في

٤٨٠