كتاب الأزمنة والأمكنة

الشيخ أبي علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الاصفهاني

كتاب الأزمنة والأمكنة

المؤلف:

الشيخ أبي علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الاصفهاني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٦

نفسي الفداء لأقوام هم خلطوا

يوم العروبة أورادا بأوراد

(وتسمّى الجمعة) حربة أيضا ، سمّيت بذلك لبياضها ونورها فهي في الأيّام كالحربة.

(وذكر أصحاب) السّير أنّ أولاد نوح عليه‌السلام عزموا على المسير في الأرض ليروها ، ويختاروا منها لمطافهم وأوطانهم فبدءوا بمسيرهم في يوم الأحد فسمّي الأوّل. (ثم لمّا كان اليوم الثّاني) كان السّير الذي شق عليهم في الأوّل أخفّ فسمّي الاثنين أهون. و (في الثّالث) جبروا ما تشعّث من أحوالهم بعد ما نزلوا سمّي لذلك الثّلاثاء جبارا ، ولأنّهم جبروا ما كانوا خفّفوه من سيرهم فيما قبله فسمّوه جبارا. و (في الرّابع) انتهوا إلى عقاب وجبال فحجزتهم ومنعتهم فأدبروا وغيّروا الطّريق فسمّي الأربعاء دبارا. و (في الخامس) تسهّل الطّريق ورأوا ما أنسهم فسمّي الخميس مؤنسا. و (سميت الجمعة) العروبة لأنّ كلمتهم اجتمعت وبان لهم من الرّأي ما كان خافيا فتعربوا واتّفقوا. فإذا جمعت السّبت فيما دون العشرة أسبت والكثير سبوت. وإذا جمعت الأحد قلت في القليل : آحاد وفي الكثير أحود مثل جمل وأجمال وجمال وأسد وأسود وآساد. والاثنان لا يثنّى فإنّه مثنّى ، فإن أردت تثنيته جئت بالمعنى فقلت : هذان يوما الاثنين ولا يحسن مضى الاثنانان ، فيحصل الإعراب مرتين. قال قطرب : ومع ذلك قد حكي. وفي الجمع أيضا تقول : مضت أيام الاثنين ، إلا أنّهم قد قالوا : اليوم الثّني فلا بأس على هذا أن يجمع فيقول : مضت أثناء كثيرة.

وحكي عن بعض بني أسد : مضت آثان كثيرة ، كأنّه جمع أثناء مثل : قول وأقوال وأقاويل ، وأسماء وأسامي ، فلا بأس بذلك. قال : وحكيت لنا مضت أثانين ، ولا وجه لهذا لأنّه من ثنيت الشيء ، فالنّون الأخيرة لا مدخل لها ، فأمّا جمع الثّلاثاء والأربعاء فثلاثاوات ، وأربعاوات بالألف والثّاء ، لأنّ فيها علم التأنيث وهو الهمزة بعد الألف كألف حمراء وصفراء.

وزعم يونس أنه يقال : مضت ثلاث ثلاثاوات ، وأربع أربعاوات ، على تأنيث اللّفظ ويقال : ربعت الجيش إذا أخذت ربع القسمة منهم ولم يأت على وزن المرباع في تجزئة الشيء غير المعشار والمرباع المكان الباكر بالنبات. ومنه قوله : رزقت مرابيع النّجوم ، وفي الأربعاء لغات أربعاء بفتح الباء وأربعاء بكسر الباء والهمزة ، ويجمع على أربعاوات وأرابيع ، وتقول أيضا : ثلاث ثلاثاوات وأربعة أربعاوات على معنى التّذكير ، لأنّ اليوم مذكّر وقال الشّاعر شعرا :

قالوا : ثلاثاؤه خصب ومأدبة

وكلّ أيامه يوم الثّلاثاء

وحكى المفضّل في الثّلاثاء الأثالث في الكثير. وحكى في جمع الأربعاء الأرابيع أيضا ، وأمّا الخميس فإذا جمعته على أقل العدد كان على أفعلة تقول : ثلاثة أخمسة ، كما

٢٠١

قالوا : جريب وأجربة وكثيب وأكثبة ، ويجوز في القياس جمعه على فعلان نحو خمسان ، كما قيل : كثيب وكثبان ورغيف ورغفان.

وقال يونس : أخمسة في الأيام ، وأخمساء في الخمس ، تقول : إذا أخذ الخمس قد أخذ أخمساء في ماله. فأما الجمعة فإنّها إذا جمعتها لأدنى العدد كانت بالتّاء : ثلاث جمعات ، أتبعت الضمّة مثل ظلمات ، وإن أسكنت فقلت جمعات وظلمات كما أسكن عضد وعضد وعنق وعنق جاز وإن شئت فتحت فقلت ثلاث جمعات وظلمات. وقال النّابغة :

ومقعد أيسار على ركبانهم

ومربط أفراس وناد وملعب

وإن شئت قلت ثلاث جمع كما تقول : ثلاث ظلم وثلاث برم. وإن شئت كان ذلك لكثير. وأيّام العجوز سبعة كما قال :

كسع الشّتاء بسبعة غير

أيّام شهلتها من الشّهر

فبآمر وأخيه مؤتمر

ومعلّل ومطفي الجمر

فإذا مضت أيّام شهلتها

بالصّن والصّنبر والوبر

ذهب الشّتاء مولّيا هربا

وأتتك واقدة من النّجر

قال أبو سعيد : سمّيت هذه الأيام غبرا للغبرة والظّلمة. والشّهلة العجوز. وآمر سمّيت بذلك لأنّه يأمر الناس بالحذر منه ، وسمّي مؤتمر لأنّه يأتمر بالنّاس أي يرى لهم الشّر ويؤذيهم. ومنه قول امرئ القيس :

أجاز ابن عمر وكأنّي خمر

ويعدو على المرء ما يأتمر

وسمّي (صنا) لشدّة البرد. والصّن البرد. وسمّي (صنبرا) لأنّه يترك الأشياء من البرد كالصّرة في الجمود ، وكلّ ما غلظ فقد استصبر. وسمّي (وبرا) لأنّه وبر آثار الأشياء أي عفا. (والتّوبير) المحو والإخفاء ، كتوبير الأرنب ، وهو أن يمشي في حزونه لا يوقف على أثره ، وسمّي (مطفي الجمر) بذلك لأنّ شدّة البرد تطفئ الجمر. (ومعلّل) سمّي بذلك لأنّه يعلّل النّاس بتخفيف البرد. (والنّجر) وقدة الحر ، ومنه قيل شهر ناجر. فهذا ما قاله أبو سعيد الضّرير ، ومن النّاس من يقول في أيّام العجوز هي : المسترقة في أوّل الشّتاء. ومنهم من يجعلها في آخر الشّتاء ويسمّيها أيّام الشهلة. ومنهم من يعدّها خمسة ، ومنهم من يعدّها سبعة على ما تقدم. وحكي أنّ الكسائي سأله الرّشيد عن سببها ، فقال : كانت امرأة من العرب قد اهترمت ، وكان لها سبعة أولاد فقالت لهم : زوّجوني زوّجوني زوّجوني وهم يضربون عنها ولا يكترثون لها فأنشأت تقول شعرا:

أيا بنيّ إنّني لناكحة

فإن أبيتم إنّني لجامحه

٢٠٢

هان عليكم ما لقيت البارحة

من الهياج وحكال الوامحه

ويروى الفاضحة. وقيل : أرادت بالوامحة الواحمة أي المشتهية من قولهم : وحمت المرأة توحم وحما وهي امرأة وحمى ، فقالوا لها : بيتي لنا سبع ليال على ثنية هذا الجبل لكل ابن ليلة لنزوّجك بعد ذلك ، فجاءوها بعد السّابعة وقد انقضت.

(فمن عدّها) سبعة فقال : هي : صن (١) وصنبر ـ ووبر ـ وآمر ـ ومؤتمر ـ ومعلّل ـ ومطفي الجمر ـ (ومن عدّها) خمسة قال هي : صن ـ وصنبر واختهما وبر ـ ومطفي الجمر ـ ومكفي الظّعن.

وقال أبو سعيد الضّرير : سمّيت أيام العجوز لأنّ العرب جزّت الأصواف والأوبار مؤذنة بالصّيف ، وقالت عجوز منهم لا أجزّ حتى تنقضي هذه الأيّام فإنّي لا آمنها ، فاشتدّ البرد لها ، وأضرّ بمن قد جزّ وسلمت العجوز بما لها.

وقال أحمد بن يحيى : الصّحيح أنّ العجوز عجلت بجزّ صوفها لحاجتها إليه وثقتها بالحر ، فجاء البرد وموّتت غنمها ، وكانت سبعة فماتت كلّ يوم واحدة فمن جعلها سبعة فلهذه العلّة ، وإلّا فبرد العجوز ربّما بقي عشرة أيام أو أكثر.

وقال أحمد بن يحيى : (معتدلات سهيل) بإزاء (برد العجوز) (والكسع) ضرب الضّرع بالماء البارد حتى لا يدر ، وكسع الشّتاء ضرب آخره بهذه الأيّام. و (الشّهلة) العجوز ، وتشهّل الغلام إذا تغيّر بخروج لحيته أو لغير ذلك. قوله (بآمر) أي بيوم استعدّ فيه للبرد كأنّه أمر بذلك. و (مؤتمر) أي ايتمر للّذي أمره بذلك فقبله وقوي برده. و (معلّل) من العلل وهو شرب بعد شرب كأنّه جاء ببرد بعد برد (ومطفي الجمر) أي لشدّة البرد لا يكون للجمر ثبات. (والصّن) المتكمّر برد شديد ، (والصّنبر) مثل ذلك. (والوبر) يكون من الوبر الذي احتيج إليه من البرد. (والوقدة) شدّة الحرّ من الوقود وهو النّار. (والنّجر) شدّة العطش. (وشهرا ناجر) تموز وحزيران.

وقال الضّرير في قول أبي عبيدة في الكسعة إنّها الحمير إنّه خطأ ، لأنّ الكسعة تقع على الإبل والبقر العوامل والحمير والرقيق لأنّها تكسع بالعصا ، أي تساق أو بالخب ، فكيف جعلها حميرا وحدها؟ ومما يصدّق ما قلنا قول الشاعر في أيّام العجوز كسع الشّتاء ، يريد كسعت أيّام العجوز الشّتاء كما تكسع السّيقة إلى حيث يراد بها ، ويقال : إنّ يومنا لصنبر ،

__________________

(١) قال في القاموس : (الصّن) بالكسر أول أيام العجوز. و (الصّنبر) الثّاني من أيّام العجوز ، و (الوبر) من أيام العجوز ، و (آمر) (ومؤتمر) آخر أيّام العجوز. (ومعلل) كمحدث يوم من أيام العجوز ، و (مطفي الجمر) خامس أيام العجوز أو رابعها. ١٢ القاضي محمد شريف الدين المصحح عفى عنه.

٢٠٣

وهو القر. وقال غيره في شدّة البرد : الخرص والصّنبر والزّمهرير. وقال بعضهم : أيّام العجوز : الصّن ـ والصّنبر وابن عمهما الوبر ـ والمضوضى في القبر ـ والمسند اللّامة الجمر والمدخل الفتاة في الخدر والمسلخ العجوز في الوكر.

وقد سمّت العرب الأيّام الخمسة بأسماء كما خصّت أيّام العجوز بأسماء وهي الهنبر ـ والهنزبر وقالب القمر ـ وحالق الظّفر ـ ومدحرج البعر. قال أبو حنيفة : أمّا أيام العجوز فهي عند علماء الحضر في نوء الصّرفة بعد انقضاء الجمرات وهي خمسة.

وقال الكلابي : هي بالبادية عند ثلاثة بعد سقوط الجمرة الآخرة من الجبهة بنحو من سبع ليال ، قال : وهذه الأيّام تسمّى صفوان. والثّاني الصّافي وهو أشدّها قرا ، والثّالث صفى وهو آخرها ، وأوّل نهاره يشبه الأوّلين ، وآخر نهاره يتباشر النّاس بلينه. وروى غيره عن العرب أول يوم صفي. والثّاني صفوان. قال وذلك إذا اشتدّ البرد. والثّالث همام لأنّه يهم بالبرد ولا برد له. وقال أبو زياد : فيها يقولون : أيّام العجوز ثلاثة ، وقد كان أيام العجوز لنا شهرا. قال : وأيّام العجوز عند الجمهور سبعة ، وسقوط الجمرة الأولى عند العوام لسبع من شباط. وسقوط الجمرة الوسطى لأربع عشرة من شباط ، وسقوط الأخيرة لإحدى وعشرين من شباط. وأول أيام العجوز عندهم لخمس وعشرين من شباط ، وآخرها لثلاث من آذار.

٢٠٤

الباب الخامس عشر

في أسماء الشّهور على اختلاف اللّغات ، وذكر اشتقاقاتها

وما يتّصل بذلك من تثنيتها وجمعها وهو فصلان :

فصل

معنى الشّهر أنّ النّاس ينظرون إلى الهلال فيشهرونه يقال : محرّم ومحرّمان ومحاريم ومحرّمات وإنما سمّي محرّما لأنّهم كانوا يحرّمون القتال فيه وصفر وصفران وأصفار وسمّي صفرا لأنّهم كانوا يغزون الصّفرية وهي مواضع كانوا يمتارون الطّعام منها ، وقيل : لأنّهم كانت أوطانهم تخلو من الألبان ومن كلامهم : نعوذ بالله من صفر الإناء وقرع الفناء. ويقال : صفرت عيبة الود من فلان أي خلت قال شعرا :

وإذ صفرت عياب الودّ منكم

ولم يك بيننا فيها ذمام

ويقال شهر (ربيع الأول) والأوّل فمن خفض ردّه على ربيع ومن رفع رده على الشّهر. وكذلك شهرا ربيع الأوّلان والأوّل وشهور ربيع الأوائل والأوّل ـ وحكي ربيعا الأول وأربعة الأول ـ وقالوا : أربعة الأوليات والأوّل وربيعا (الآخر) وأربعة الأواخر والآخر. وسمّيا ربيعين لارتباع القوم ـ أي إقامتهم. و (جمادى الأولى) وجماديان وجماديات وجماديا الأولى ـ وقالوا : الأوليين ـ وجماديات الأولى والأوّل والأوائل ـ و (جمادى الأخرى) والأخريين وجماديات الأخرى والآخر والأواخر. قال الشاعر :

إذا جمادى منعت درّها

زان جنابي عطن مغضف

ويروى قطرها ، وإنّما يصف نخلا فيقول إذا قلّت الأمطار ولم يكن عشب فزين الإبل أعطنة النّاس ، فإنّ جنابي يزينه النّخل ، فجعل أعطانها منابتها (والمغضف) يقال نخلة مغضفة إذا كثر سعفها. ورواه بعضهم : معصف بالعين والصّاد ، يقال : مكان معصف أي كثيرة العصف وهو التّبن ، والأجود الأوّل والأصح.

٢٠٥

(وقال البصريّون والكوفيّون) جميعا الشّهور كلّها ذكران إلّا جمادى : لجمود الماء فيها. ويقال : (رجب) ورجبان وأرجاب وأراجيب وأرجبة وسمّي رجبا لترجيبهم آلهتهم فيه ، والتّرجيب : أن يعظّموها ويذبحوا عنها ، وكانوا يعظّمون الشّهر أيضا وقال الشّاعر : لإبل من أجل وأرجب. ويقال له : شهر الله الأصم ، ومنصل الال بعد ما مضى غير دأداء ، وقد كاد يذهب ، وذلك لقعودهم فيه عن الغزو والكف عن الغارة فلا يسمع فيه قعقعة سلاح ، ولا تداعي أبطال ، ولا استصراخ لغارة ، ويقال : رجبت الأمر إذا هبته وعظّمته ، ومنه قيل في المثل : أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرجّب.

وقال أبو داود : صادفن منصل آلة في فلتة فجرين سرجا. ويقال للّيلة التي لا يدري أهي من الشّهر الحرام أو الحلال فلتة. و (شعبان) وشعبانات وشعابين وسمّي شعبان لتشعّب القبائل فيها واعتزال بعضهم بعضا.

ورمضان ورمضانات ورماضين وسمّي رمضان لشدّة وقع الشّمس وتناهي الحرّ فيه ويقال : هذا شهر رمضان وهذا رمضان وقال شعرا :

جارية في رمضان الماضي

تقطع الحديث بالإيماض

أي إذا ابتسمت : قطع النّاس حديثهم ناظرين إليها وإلى ثغرها ومستملحين كلامها ومثل هذا قول الآخر :

ديار التي كادت ونحن على منّى

تحلّ بنا لو لا نجاء الرّكائب

والمعنى : كادت تصرفنا عن مقصدنا اشتغالا ، لو لا استعجال النّاس ، قال الفرّاء : وكان أبو جعفر الفارسي يروي عن المشيخة أنّهم كرهوا جمع رمضان يذهبون إلى أنّه اسم من أسماء الله تعالى ، والله أعلم بهذا.

وشوّال وشوّالان وشوّالات وشواويل وسمّي بذلك لشولان الإبل بأذنابها عند اللّقاح ، ويقال سمّي بذلك لأنّ الألبان تشول فيه وتقل. ويقال : شال اللّبن وشال الميزان إذا خفّا.

وذو القعدة وذواتا القعدة وذوات القعدة ، سمّي بذلك لقعودهم في رحالهم لا يطلبون كلأ ولا ميرة.

وذو الحجّة وذوات الحجّة لحجّهم وقالوا : ذواتا القعدتين ، وذوات القعدات وكذلك قيل في ذي الحجّة ، ويقال : شهر ناجر لشدّة الحر ، ومنه نجر من الماء إذا جعل يشرب فلا يروى وأنشد شعرا :

ويوم كأنّ الشّمس فيه مقيمة

على البيد لم تعرف سوى البيد مذهبا

٢٠٦

ويوم على قوسين في شهر ناجر

سعيت لأصحابي وراءه منشبا

شبه وشي ردائه بأفواق النشّاب وهي السّهام. وقال الأصمعي : شيبان وملحان اسمان لشهري قماح وهما الشّهران اللّذان يشتدّ فيهما البرد ، سمّي شيبان لابيضاض الأرض بالثّلج كذلك ملحان مأخوذ من الملحة وهو البياض.

وقال قطرب : يقال لجمادى الأولى وجمادى الآخرة شيبان وملحان من أجل بياض الثّلج وقال قولهم : مات الجندب وقرب الأشيب أي قرب الثّلج. وقال الكميت :

إذا أمست الآفاق حمرا جنوبها

لملحان أو شيبان واليوم أشهب

وذكر المفضّل : أنّ من العرب من يسمّي المحرّم (المؤتمر) والجمع مآمير ومآمر. قال الشّاعر:

لو لا ايتماري بكم في المؤتمر

عزمت أمري للفراق فانتظر

وقال آخر :

نحن أجزنا كلّ ذبال فتر

في الحجّ من قبل وادي المؤتمر

واشتقاقه يجوز أن يكون من شيئين. (أحدهما) أنّه يؤتمر فيه الحرب قال : ويعدو على المرء ما يأتمر. والآخر : أن يكون من أمر القوم إذا كثروا فكأنّهم لمّا حرموا القتال فيه زادوا وأكثروا. ويسمّى صفر ناجرا والجمع نواجر. قال :

صبحناهم كأسا من الموت مرة

بناجر حين اشتدّ حرّ الودائق

وقال الكميت :

قطع التّنائف عائدا بك

في وديقة شهر ناجر

وتكون تسميتهم إيّاه بذلك من شيئين : (أحدهما) أن يكون من النّجر والنّجار وهو الأصل ، فكأنّه الشّهر الذي يبتدأ به الحرب ، ومنه قيل لجادة الطّريق : المنجر. قال : ركبت من قصد الطّريق منجره. (والآخر) أن يكون من النّجر وهو شدّة الحرّ فيكون وقوع حرارة الحرب والحديد فيه. ومنه قوله : كلّ نجار إبل نجارها وكلّ نار المسلمين نارها ، ويسمّى ربيع الأوّل (خوان) مخفف. وقال الفرّاء : بعضهم يقول خوان والجمع أخونة وخوانات. قال لقيط الإيادي :

وخاننا خوان في ارتباعنا

فانفد للسّارح من سوامنا

وقال الآخر :

٢٠٧

وفي النّصف من خوان ودّ عدوّنا

بأنّه في أمعاء حوت لدى البحر

واشتقاقه من الخون وهو النّقص ، لأن الحرب يكثر ويشتد فيه فيتخونهم أي ينتقصهم ويسمّى ربيع الآخر (ويصان) مضموم خفيف وقال الفراء : بعضهم يقول : بصان ، وبعضهم يجعل الواو أصلا فيقول : وبصان فيجزم الباء والجميع بصانات وأبصنة. قال :

وسيّان بصان إذا ما عددته

ويرك لعمري في الحساب سواء

واشتقاقه من الوبيص وهو البريق ، أو من البصيص. وأنشد شعرا :

ويوم كأنّ النّار يوقدها له

هواجر وبصان عسفت به الحرقا

على ما يرى الضّبعين يشبه دالجا

أحال بدلويه على حوضه دفقا

ويسمّى جمادى الأولى : الحنين وبعضهم يقول الحنين ، والجمع أحنّة. قال المهلهل :

أتيتك في الحنين فقلت رنّى

وما ذا بين رنى والحنين؟!

وقال :

وذو النّحب يؤويه فيوفي بنذره

إلى البيض من ذاك الحنين المعجّل

واشتقاقه من الحنين لأنّ النّاس يحنّون فيه إلى أوطانهم.

ويسمّى جمادى الآخرة : رنى وورنة بجزم الرّاء. قال الفراء : هكذا السّماع لبعضهم وغيره يقول : رنة مثل ورنة ، والجمع ورنات. قال :

وأعددت مصقولا لأيام ورنة

إذا لم يكن للرّمي والطّعن مسلك

ومن قال : رنة قال في جمعه رنات مثل زنة وزنات ، فأمّا رنى فسمّي به لأنّه يعلم فيه ما نتجت حروبهم. (والرّني) الشّاة الحديثة النّتاج ، وأما رنة وورنة فمشتق من أرن يأرن ، إذا نشط وتحرّك فأبدل الواو من الهمزة ، وكأنّه أريد الوقت الذي يتحركون فيه للغزو ، فورنة مثل وجهة ، ورنة (١) مثل جهة. وقال :

مدرّج الرّيح تربّعن ورنة

إذا عاقل وصغن برومان

فالمائر فلمّا دنا لهبان الشّتاء يمّمن أحرجة الحاجر.

ويسمّى رجب الأصم والجمع صم. قال :

__________________

(١) ورنة في القاموس اسم ذي القعدة ـ محمد شريف الدين عفا عنه.

٢٠٨

يا ربّ ذي خال وذي عن عمم

قد ذاق كأس الحتف في الشّهر الأصم

وإنّما سمّي به لتركهم الحرب حتى لا يسمع فيه صلصلة حديد.

ويسمّى شعبان (وعلا) بكسر العين والجمع أوعال. قال الفرّاء : وبعضهم يقول وعلان. ويقال وعل أيضا ، وهو الملجأ ، يقال : ما لي عنه وعل : أي ملجأ ، ولم أجد إليه وعلا ، أي سبيلا ، وكأنّه سمّي الشهر به لأنّ الغارة كانت تكثر فيه فيلتجئ كلّ قوم إلى ما يتحصّن به. والتّوعّل التّوقّل ومنه اشتقّ الوعل والمستوعل من الحمير المحترز.

قال و (يسمّى رمضان) (ناتق) والجمع نواتق. قال :

وفي ناتق أجلت لدى حومة الوغا

وولّت على الأدبار فرسان خثعما

وإنمّا سمّي بذلك لأنّه كان مكثرا لهم الأموال ، يقال : نتقت المرأة : إذا كثرت الولد ، والنّتق الجذب أيضا ، كأنّه كان يجذب النّاس إلى غير ما هم عليه. قال الرّاعي :

وفي ناتق كان اصطلام سراتهم

ليالي أفنى القرح جلّ إياد

نفوا إخوة ما مثلهم كان إخوة

لحيّ ولم يستوحشوا لفساد

ويسمّى شوّال عاذلا ، والجمع عواذل. قال تأبط شرا :

شعب الوصل عاذلي بعد حجري

حبّذا عاذل أتى خير شهر

يا ابنة العامريّ جودي فقد عيل

على القرب والنّوى منك صبري

وقال :

أبوتا الذي أنسى الشّهور لعزّه

فعاذل فينا عدل وعلان فاعلم

هذا البيت شاهد لشعبان وشوّال جميعا. وقال زيد الخيل في وعل :

هيهات هيهات برّيات الكلل

قد كان أدنى متوعد منك وعل

قد مرّ شهران ولم يأت الرّسل

وكأنّه سمّي بذلك لأنّه كان يعذلهم على الإقامة ، وقد حلّت الحرب والغارات.

ويسمّى ذو القعدة : هواعا ، والجمع أهوعة ، وإن شئت هواعات. قال شعرا :

وقومي لدى الهيجاء أكرم موقعا

إذا كان يوما من هواع عصيب

وقيل له ذلك : لأنّه كان يهوع النّاس أي يخرجهم من أماكنهم إلى الحج. ويقال : هاع فلان يهوع هوعا إذا قاء ، وتهوّع وما يخرج من حلقه هواعة.

٢٠٩

ويسمّى ذو الحجة (برك) وجمعه بركات ، ولك أن تفتح الرّاء. قال :

أعن لي على الهنديّ مهلا وكرة

لدى برك حتّى تدور الدّوائر

يعني بالهندي سيفه (والمهلل) دردى الزّيت ، (والكرت) البعر ، أي احفظ سيفي من الصدأ واصقله بذلك ، وكان الشّهر سمّي بذلك ، لأنّه معدول عن بارك وكأنّه الوقت الذي يبرك فيه الإبل للموسم ، وجائز أن يكون مشتقا من البركة لأنّه وقت الحج ، فالبركات تكثر فيه ، وأصل البركة من الثّبات ومنه برك البعير.

أسماء الشهور العربية غير الأسماء المشهورة :

وقال الدّريدي : والمشهور أسماء غيرها بلغة العرب العاربة ، وهم كانوا يسمّون (المحرم) موجبا ، و (صفرا) موجزا ، و (ربيع الأوّل) موردا ، و (ربيع الآخر) ملزجا و (جمادى الأولى) مصدرا ، و (جمادى الآخرة) هوبرا ، و (رجبا) مويلا ، و (شعبان) موهبا ، و (رمضان) ذيمرا ، و (شوالا) جيفلا ، و (ذا القعدة) محلسا ، و (ذا الحجة) مسبلا ، وكانوا يبدءون من السّنة برمضان وقد نظم بعضهم المحدثين أسماء الشهور فقال شعرا :

أردت شهور العرب في جاهليّة

فخذها على سرد المحرّم يشترك

فهو تمر يأتي ومن بعد ناجر

وخوّان مع وبصان يجمع في شرك

حنين ورني والأصم وعاذل

وناتق مع وعل وورنة مع برك

وقال أحمد بن يحيى : إنّما خصّت العرب شهر ربيع وشهر رمضان بذكر شهر معهما من دون غيرهما من الشّهور ليدلّ على موضع الاسم ، كما قالت العرب : ذو يزه ، وذو كلاع ، فزادت ذو ليدل على الاسم ، والمعنى صاحب هذا الاسم. قال ويصغّر جمادى على جميدى وجميدى وجميدية وجمادية وجمادية ، كما قالوا : حبارى وحبيرة ، وكان الحكم أن يقال في هذا : شهر الرّبيع الأوّل ، وشهر الرّبيع الآخر ، إلا أنّه مما أضيف فيه المنعوت إلى النّعت مثل دار الآخرة ، وحق اليقين وصلاة الأولى ، ومسجد الجامع ، حكى ذلك الكسائي واللّحياني.

وحكى أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي أنّ جمع ربيع المطر : أربعة ، وربيع النّهر أربعاء. وجمادى الأولى والآخرة على ما يجب لأنّه أتبع فيه النعت المنعوت ولم يضف إليه ، ومنهم من يجيز جاء رمضان ، ولا يذكر الشّهر ولفظ القرآن (شهر رمضان) وحكى الخارزنجي أنّه يقال في جمع ربيع الأول وربيع الآخر : هذه الأربعة الأوائل ، والأربعة الأواخر ، والربعة أقصى غاية العدد ، وأنشد فيه :

٢١٠

أم الفوارس بالدّيداء والرّبعة

فصل

اعلم أنّ سرار الشّهر آخره ، وفيه لغات : يقال سرار الشّهر ، وسراره وسرّه وسرره.

ويزيد النّوء عندهم غرارة وحمدا إذا كان في سرار الشّهر. لذلك قال الرّاعي :

تلقى نوؤهنّ سرار شهر

وخير النّوء ما بقي السّرار

وقال الكميت :

هاجت له من جنوح اللّيل رائحة

لا الضّب ممتنع منها ولا الورل

في ليلة مطلع الجوزاء أوّلها

دهماء لا قرح فيها ولا رجل

(قوله) : لا الضّب البيت يعني السّيل يدخل عليهما فيستخرجهما لبلوغه النّجوات ، وذلك أنّ الضّب والورل يرفعان مكانهما عن مجرى السّيول. (وقوله) : لا قرح يريد أنّها من السّرار فلا ضوء في أوّلها ولا في آخرها. وقال الحطيئة شعرا :

بانت له بكثيب حرية ليلة

وطغا بين جماديين درورا

وهي اللّيلة التي لا يدرى من أيّ الشّهرين يكون مشكوكا فيها ، وقد يحمد أن يكون في أوّل الشهر أيضا. قال الكميت :

والغيث بالمتألّقات

من الأهلّة في النّواحر

النّواحر : جمع ناحرة وهي اللّيلة التي تنحر الشّهر ، ويقال لها أيضا : النّحيرة. قال أبو حنيفة : واختلف فيها فزعم بعض أهل العلم أنّها أول ليلة من الشّهر يذهب إلى أنّها في نحره ، وزعم غيره : أنها آخر ليلة من الشّهر لأنّها تنحر الشّهر الدّاخل ، قال : ولا أظنّه قال هذا إلّا لأنّ يجعل الاختيار في السّرار ، لأنّه أشهر لكنه قد جاء بالمتألّقات من الأهلة ، وجاء أيضا وافق غر شهر نحيرا ، ولا يقال غرّة إلّا وهي ليلة الهلال ، وقد قال الفرزدق : في ناحرات سرار بعد إهلال. فجعلها من السّرار وجعلها ناحرة وجعلها بعد الإهلال. قال : فإن كانت هذه الرّواية صحيحة فلا أعلم لها وجها ، إلّا أنّ اللّيلة دخلت وهي من السّرار ، لأنّ ما بين استسرار القمر إلى أن يرى الهلال سرار ، كلّه ، فدخلت وهي من السّرار ، ثم رؤي فيه الهلال فصارت نحيرة ، وصار ما فيها من غيث بعد الإهلال ، هذا أقرب ما أعرف منها. وإن كانت الرّواية كما يزعم آخرون أنّها قبل الإهلال ، فهذا ما لا كلام فيه. ويكون حينئذ مثل قول الرّاعي شعرا :

٢١١

ومردة وطغا وافق نوؤها

قبل الهلال بديمة ديجور

ويكون حينئذ في السّرار المحض. فأما قول ابن أحمر :

ثم استهلّ عليها واكف همع

في ليلة نحرت شعبان أو رجبا

فإنّه يحتمل المعنيين جميعا ، هذا إن كانت النّحيرة معروفة عند العرب أنّها أوّل ليلة من الشّهر. وقيل في قول الشّاعر :

كان ابن مزنتها جانحا

قسيط لدى الأفق من خنصر

مثل قول الكميت ، لأنّ ابن المزنة هو الهلال وقول أبي وجزة :

جيران دان من الجوزاء منحور. فليس هو من النّحيرة بل هو مثل قول الرّاعي :

فمرّ على منازلها فألقى

بها الأثقال وانتحر انتهارا

أي يشقّق بالماء وتعشق فعلى هذا مذهب العرب في اختيار السّرار والغرّة ، قال أبو حنيفة : وقد قال أبو وجرة في ليلة لتمام النّصف من رجب : خوارة المزن في أقتادها طول. فلا أعرف أحدا وافقه على هذا الاختيار ولا أعلمهم حمدوا المحاق بليلة ، فكان محاقا كلّه ذلك الشّهر. وقال الأخطل شعرا :

فإن يك كوكب الصّمعاء نحسا

به وافت وبالقمر المحاق

وتزعم الهند فيما يحكى عنها أنّ النّحوسة أبلغ في الأمطار ، وإنّما النّحوسة عندهم ما دام القمر مستسرا محترقا ، فإذا فارق الشّمس ذهبت عنه النّحوسة لأنّه قد خرج عندهم من الاحتراق ، والعرب تقول : إذا نأت النّجوم بغير مطر : خوت تخوي خيا وخويا وأخوت تخوي إخواء. فإذا أمحلت فلم يكن فيها مطر فذلك الخي والأخلاف ، فإذا لم يخلف قبل صدقت وقد صدق النّوء إذا كان فيه مطر وما كان فيها من أمطار أو بوارح : فهي الهيوج والواحد هيج. قال الأصمعي : يقال : هذا في الهيج المتقدّم. وقال ذو الرمة :

فلمّا رأين القنع أسغى وأخلفت

من القصر بيّات الهيوج الأواخر

(القنع) المكان الذي انخفض وسطه وارتفع جوانبه ، وإنما وصف نساء دفعن إلى بوارح. وقال آخر :

ونار وديقة في يوم هيج

من الشّعرى نصبت لها الجبينا

قال ابن الأعرابي : العرب تسمّي نجوم الأسد كواكب النّحوس لشدّة بردها. وقال عمر بن اللّجاء شعرا :

٢١٢

لمّا خشيت كبة التّنكيس

وقحم السّير بمر مريس

خنست في الباقل والخليس

واقتحمت كواكب النّحوس

والكيس أحيانا مع الخنوس

حتّى وضعت غدوة دريس

أخبر أنّه اقتحمت كواكب النّحوس فسقطت فوضع ثوبه غدوة ، ولم يخف البرد ، وقوله : (خنست) في الباقل أي لم أنتجع ، و (الباقل) البقل والخليس من نبات البقل فيه رطب ويابس ومنه قولهم : أخلس الإنسان : إذا خالطه شيب ، وأنشد :

قوم أبا الجهم صدور العيس

أما ترى البرق على خليس

رأى أن يقع النّدى والعرب تقول إذا سبق النّدى للقر ، فلذلك عام خصب يستحبّه العرب ، ويقولون : أجدحت (١) السماء ويزعمون أنّه من علامات الحياء. قال سهيل المدلجي : وأسد الشّتاء عنها مجدح. وإذا سبق القر الرّبيع خشوا أن يكون ذلك العام جدب.

__________________

(١) في القاموس مجاديح السماء أنواؤها ـ المصحح.

٢١٣

الباب السّادس عشر

في أسماء الدّهر وأقطاعه وما يتّصل بذلك

وهو فصلان :

فصل

قالوا : الأزلم الجذع والأزنم الجذع حكي باللّام والنون ، وأنشد قطرب :

إني أرى لك أكلالا يقوم له

من الأكولة إلّا الأزلم الجذع

قال : وبعضهم يرويه الأزنم بالنّون ، فمن قال الأزنم أراد أنّ الأوقات التي يعرض فيها كالزّنمات له ، تشبيها بزنمات الشّاة ، وهي الزّوائد المعلّقة من حلقها ومن تحت حنكها. ومن قال : الأزلم أراد أنّه سريع المر والتقلّب ، يقال : ازلأم به إذا أخذه وعدا به مسرعا. ومنه قوله : أم قيد فأزلم به شاء والعنن. أراد أنّه لا يسمع أن قد فات به الموت وسبق وطار. ومنه قيل للقدح : الزّلم لخفّته في جولانه ، وهذا كما قيل في صفاته قدح زلول ودروج ، ومعنى الجذع أنّه لا يهرم.

وزعم الفرّاء أنّ الأصل هو الأزنم من الزنمة ، وأنّ اللّام مبدلة من النّون ، وحكى الخليل : أنّ الزّلم : تكون زائدة في حلق المعز فإن كانت في الأذن فهي زنمة ، والنّعت إزلم وإزنم ، فعلى هذا يكون المعنى فيهما على طريقة واحدة وهو ما ذكرناه من تشبيه الحوادث بالزّنمات. ويجوز أن يكون سمّى الدّهر إزلم تشبّها بالزّلم يكون من القداح لأنّها على غرار واحد. وكذلك اللّيالي والأيام تجيء على مثال واحد ، ولذلك جاء في المثل : ما أشبه اللّيلة بالبارحة ، فكأنّ الزّلم هي القطع والقدّ. ولذلك قيل : هو العبد زلمة أي : قدّه قد العبيد ، ويقال : رجل مزلم أي يشبه القدح في الخفة والنفاقة.

ومن أسمائه المسند ويقال : لا أفعله آخر المسند وإلى المسند ويد المسند والمعنى إلى أن يسند الدّنيا إلى الآخرة ، كان المراد آخر الوقت المسند ، وإلى الوقت المسند ، ويجوز

٢١٤

أن يكون لما أسندت الحوادث إليه لاعتقادهم به الجالب لها والسّابق سمّي مسندا ، وكان يجب أن يقال : المسند إليه فحذف إليه تخفيفا. ومن أسمائه : عوض ، يقال : لا أفعله عوض العائضين ودهر الدّاهرين ، قال الأعشى :

ضيعي لبان ثدي أم تقاسما

بأسحم داج عوض لا يتفرّق

و (عوض لا يتفرق) يفتح ويضم ، وقد جاء عوض كلمة يقسم بها يقال : عوض لا يكون ذلك أبدا. وروي بيت الأعشى : (بأسحم داجي العوض) وفسّر على أنّ عوض كلّ شيء جوفه. ويستعمل في الزّمان ، فيقال : عوض اللّيل أي مثناه.

وحكى بعضهم أنّ عوض اسم للضمّ وأنشد : (حلفت بمائرات حول عوض) وقال بعضهم : يجوز أنّ استعمالهم إيّاه في القسم من حيث كان في الأصل اسما للضم ، فأمّا استحقاقه للبناء فمن حيث كان متضمنا معنى لام التّعريف ، فمن فتحه فلأنّ الفتح أخفّ الحركات ، ومن ضمّه فلأنّه شبّه بقبل وبعد.

قال الشّيخ : ويجوز أن يكون عوض في الأصل مصدر عاضه يعوضه عوضا وعياضا. وجعل اسما للزّمان ، والمعنى ما عوض الدّهر النّاس من أيّامه لأنّ الدّهر ليل ونهار يتعاقبان ويتعوّضان ، والعوض والعياض والعوض البدل ، ويقال : هو عوض لك وعياض لك أي عوض.

والمصادر تقام مقام أسماء الفاعلين والمفعولين. ومعنى العائضين النّاس المقيمون في العوض فأمّا قوله : وهل عائض منّي وإن جلّ عائض. فالمراد به هل معط للعوض منّي بمعط وإن جلّ أمره وعظم شأنه. والمعنى لا يفي عوض من الأعواض بي وإن جلّ ، لأني أكون أفضل من كلّ عوض. ويقال : عضته كذا فاعتاضه ، كما يقال : وهبت له كذا فاتهبه ، وقضيته الدّين فاقتضاه ، وعلى هذا قيل في الشيء : هذا لا يعتاض منه ، وأنشد صاحب العين شعرا :

يا ليل أسقاك البريض الوامض

والدّيم الغادية الفضافض

هل لك والعارض منك عائض

في هجمة يعذر منها القابض

سدس وربع تحتها فرائض

أي هل لك في العارض منك على الفضل ، قال : كان من قصته أنّ رجلا خطب ليلى ، فقال : أعطيك مائة من الإبل يدع السّائق منها إذا ساقها بعضا لكثرتها فلا يطيق شلّها وأنا معارضك ، أي معطيك الإبل مهرا ، وأنا آخذ نفسك ، فأنا عائض قد عضت أي صار العوض كلّه لي ، فالفضل في يدي. ومنه قولهم : لا أفعله يد الدّهر ، وجدى الدّهر ، فمعنى يد الدّهر

٢١٥

أي ما كان للدّهر يد أي حكم ، كما تقول : لفلان في هذا يد أي ملك وأمر ، ومعنى جدى : أي ما كان للدّهر جدى أي عطية.

ومن أسمائه الأبض وقال : في سلوة عشنا بذاك أبضا. أي دهرا. وقال بعضهم : الأبض في الأصل جمع أباض ، ويخفّف ويثقّل : وهو الحبل يعقل به البعير فإذا قلت لا أفعله أبضا. فالمعنى ما كان للدّهر سبب. قال الشيخ : أقرب من هذا أن يكون من الأبض وهو العقل والشّد كان المراد في زمان عقد علينا لا انفكاك منه. ويكون الأبض في أنه مصدر ، والأبض في أنه المأبوض كالسّد والسّدة والعقد والعقدة. ويجوز أن يكون سمّي بذلك لأنّه يضعف ويقيد بالهرم ، ويقال للدّابة والطّير إذا أصابه عقال فلم يسلس : إنه لموتبض النّسا وأبوض النّسا. قال :

وظلّ غراب البين مؤتبض النّسا

له في ديار الجارتين نعيق

وقال أبوض النّسا بالمسمين خسوف ، ولا أقبله ما اختلف الجرّة والدّرّة أي أبدا ، لأنّ الدّرة إلى أسفل ، والجرّة إلى فوق.

ومنه : الأبد والأبيد. ويقال : لا أقبله أبدا لأبيد ، وأبد الآباد ، وأبد الآبدين وأبد الأبد ، وأبد الأبديّة ، والمعنى إقامة الدّهر ومكثه ، والإضافة فيه على طريق التأكيد. والأبد المقيم الّذي لا يبرح ، وأوابد الشّعر ، سمّيت أوابد لبقائها على مرّ الأيّام وأنشد شعرا :

صار لطول الدّهر من آباده

كمهرق لم يبق من مداده

غير بقايا نونه وصاده قولك : أبد الآباد كقولك : دهر الدّهور ، وأبد الآبدين ، كدهر الدّاهرين أي دهر النّاس المقيمين في الدّهر ، وأبد الآبد كدهر الدّاهر ، ومن أمثالهم أتى أبد على لبد للشيء ، وقد مضى وانقطع ، ولبد اسم لنسر لقمان.

ومن أسمائه : الطّيل والطّول قال : وإن بليت وإن طالت بك الطّيل.

ويروى الطّول ، وإنما أخذ من الطّول ، ويقال : لا أكلّمك طول الدهر ، وإنّما أنّث الشّاعر الطيل ردا على المعنى ، كما يؤنث الألف إذا أريد به المعدودة.

ومن أسمائه : المنون ، وهو من مننت أي قطعت ويقال : حبل منين : أي مقطوع ، قال أبو ذؤيب :

أمن المنون وريبة تتوجّع

والدّهر ليس بمعتب من يجزع

فإن قيل : ما باله ذكّر المنون وهو والمنية سواء ، وأنت إذا رويتها وريبها قلت : أنّثه

٢١٦

لأنّه أريد المنية. قلت : المنون ويراد به الدّهر يشبه أسماء الأجناس ولذلك لا يجمع ، وكما لم يجمع لم يؤنّث أيضا ، وإذا أريد به المنيّة أشبه اسم الفاعل فأجري مجراه في التأنيث به لمعناه ، ويقال : ما فعلته قط.

قال ابن السّكيت : فيه ثلاث (لغات : قطّ بالفتح والتّشديد وضم القاف والتّشديد وفتح القاف وتخفيف الطّاء إذا كان بمعنى الدّهر. وإذا كان بمعنى حسب فهي مفتوحة ساكنة وأصله من قططت أي : قطعت والمعنى ما فعلته قطع دهري كلّه ، وأبدا في المستقبل : بمعنى قط في الماضي. ويقال : لا أفعل كذا ما سمّي ابنا سمير ، يعني اللّيل والنّهار ، ولا أفعله ما سمر السّمير ، وهم النّاس يسمرون باللّيل وما اختلف ابنا سمير ، ولا أفعله السّمر والقمر أي أبدا. وحكي : جاء بالسّمر والقمر أبو سعيد وقال : معناه بالنّور والظّلمة ، كما يقال : جاء بالضّيح والرّيح ، ويقال : السّمير الدّهر ، وابناه اللّيل والنهار. وقيل : الغدوة والعشي. وقيل في السّمر : إنّه ظلّ القمر فضم النّهار إلى اللّيل. وقيل : السّمر الظلمة والمقيم فيه سامر. ومنه السّامرة والسمر : حديث القوم باللّيل.

وقالوا : لا أفعله حرى وحارى دهر وحيرى دهر ، بتسكين الياء. والمعنى ما حار الدّهر : أي رجع ، ويجوز أن يكون من حار الدّهر يحير : أي أقام ، ويقال : حيروا بهذا الموضع ، أي أقيموا. قال بعضهم : ومنه سمّيت الحياة. وحكي حير الدّهر جمع حيرى ، كما قيل : زنجي وزنج ، وعربي وعرب.

ويقال : لا آتيك سجيس عجيس ، أي الدّهر ، قد يصرف فيقال : عجيس أي الدّهر ، فقوله : عجيس يجوز أن يكون من عجسه أي قبضه وحبسه ، ومنه معجس القوس أي مقبضه ، وعجاساء اللّيل : ظلمته ، لأنّها تحبس النّاس ويكون المعنى ما بقي الدّهر وحبس على أهله. ويجوز أن يكون من عجس اللّيل وعجيسه أي آخره ، ومنه تعجس عن القتال وعجس : أي تأخّر فيكون المعنى : آخر الدّهر. وسجيس فعيل ويفيد الامتداد على حاله ، وسج وسجسج وسجس في طريق. وفي الحديث : «نهار أهل الجنة سجسج» أي معتدل متّصل لا آفة فيه. وقال الأعشى:

قيس سجسج ساب إذا هبطت

به السّهل وفي الحزن مرجلا عجلا

قال أبو عبيدة : السّجسج : اللّين المروّض ، والسّاب من الأرض مسائل صغار ، وكذلك السّيب ، وروى أبو عمرو الشّيباني سجسا مسجا : إذا هبطت ، وقال : السّجس السلس المنقاد لا يتغيّر ، والمعنى : أنّ هذا البعير إذا سار في السّهل امتدّ في السّير على حاله وهو في الحزن مرجل ، أي رجيل قوي المشي. ويروى مرجما ومرجلا ، فعلى هذا جعل

٢١٧

سجيس الدّهر لامتداده وسلاسته في الاتّصال والاستمرار. ومن قال : سجيس عجيس : جعل الأول مع الثّاني كالشيء الواحد وبناءهما لتضمّن معنى حرف الجر ، كان الأصل سجيسا لعجيس ، فحذف حرف الجر وضمن الأوّل والثّاني معناه ، ومن أضاف الأوّل إلى الثّاني كان أمره ظاهرا وقالوا : لا أكلمك آخر الأوجس ، وسجيس الأوجس ، أي آخر الدهر ، وسجيس اللّيالي. قال تأبّط شرا :

هنالك لا أرجو حياة تسرّني

سجيس اللّيالي مسبلا بالجراير

أي ما اتّصل اللّيالي وانقادت على حالة. والأوجس : جمع وجس وهو ما يحصل في النّفس من ذعر وفزع لصوت أو حركة ، ومنه ترجس الوحشى ، وفي القرآن : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) [سورة طه ، الآية : ٦٧] فكأنّه سمّي الزّمان بالحوادث المفزعة فيه أو جعل إقطاع الزّمن يجس ويحدث بمنكرات الأمور حالا بعد حال.

وذكر بعضهم الحوب في أسماء الدّهر ، قال : يجمع على أحوب وأحواب وحوبة كما قالوا : عصر وعصرة ، ودهر ودهرة ، وغصن وغصنة ، وقرد وقردة وكأنّه من الشّدة والعظم لأنّ الحوب الاثم الكبير ، ويقال : يحوب الصّائح إذا اشتدّ صياحه. قال الخليل : الحوبا روح القلب ، لأنّه ملاك الحي.

ومن أسماء الدّهر : المخبل ، والتّخبيل الزّمانة ، والخبل الفساد ويقال : خبل خابل. قال : فأبلغ سليط اللّوم خبلا خابلا. فالخابل المفسد ، وإنمّا سمّي الدّهر مخبلا ، لأنّه إمّا يهرم ، وإمّا يقتل. قال الحارث بن حلّزة :

فضعي قناعك إنّ ريب مخبل أفنى معدا

ويقال : لا أفعله سنّ الخبل : أي دوامه وبقاؤه ، لأنّ سنّه من لحيه وليس بمركب فيه ، فلا يسقط ، ولا أفعله مالات العفراء بأذنابها ، ويقال : الفور وهي الظّباء وما مصع الظبي بذنبه ، وقال الأصمعي : الفور لا واحد له من لفظه ، ولا أفعله ما جنح ابن أنان ، ويقال : لقيته أول ذات يدين أي أول شيء ، وأما أوّل ذات يدين : فإنّي أحمد الله ، وآثر ذي يدين ، وذوات يدين أي أول ما يأذن.

والفطحل : يقال للزّمن القديم قال أبو عمر نوح زمن الفطحل ، ويقولون : حين كانت الحجارة رطبة وقد مضى ذكره.

ولا آتيك هبيرة بن سعد وأبوه ابن هبيرة : أي أبدا ، وقال الأصمعي : يقال في مقابلة أغببت الزّيارة ، اغتمّت الزّيارة بالغين المعجمة ، أي : أكثرت ، قال : وقالوا كان العجّاج يغتم

٢١٨

أي يطيل الشّعر ، ويكثر ويقال : أشوى الدّهر كذا أي تركه وهو من قولهم : فلان أكثر النّاس شواية أي بقية من قومه ، وما أشوى لنا الدّهر له.

وحكى الدّريدي : لا آتيك حد الدّهر وعجيس الدّهر ، وسجيس الأوجس وسجيس الحرس ، وسجيس الأبض.

وحكى غير واحد جير مبنيّة على الكسر ، يراد به الدّهر وربما أجروها مجرى القسم ، يقال جير لأفعلنّ كذا أي حقّا لأفعلنّ وأنشد شعرا :

ابني جير وإن عزّ رهطي

بالسّويداء الغداة غريب

ومن أسماء الدّهر الخز والملاوة وقد تقدّم القول فيه ، وذكر ابن الأعرابي قال أنشدني المفضّل شعرا :

وفي بني أم زبير كيس

على الطّعام ما غبا غبيس

قال : الغبيس الدّهر وغبا : بقي.

الأصمعي : لا أفعل ذلك بأسوس الدّهر ، أي : أبدا ، وهذا كأنّه من قولهم في ترك اللقاء : لا آتيك ما أيس عبد بناقة ، وهو أن يقول : بس بس يسكن منها للحلب ، ويقال : ما زال على است الدّهر محنونا ، وعلى أسن الدّهر. ويقال : تركته بأست الدّهر ، أي ولا شيء معه ، وتركته بأسمر المتن : وهو متن الأرض : أي الصّحراء الواسعة. ولقيت منه است الكلبة أي : ما كرهته ، وهو أمنع من است النّمر : للّذي لا يطلق الدنوّ منه لمناعته.

قال أبو حاتم : الدّهر سبات : أي أحوال مختلفة : سبة حرّ ، وسبة برد ، وسبة روح ، وسبة دفيء. ويقال : أصابتنا سبة من برد أي لأشد ما يكون من القر فإن أصابك برد في آخر الرّبيع قلت : أصابتنا سبة من الرّبيع وأصابتنا سبة من حرّ وهي مثل الوقدة في نحو من عشرة أيام أو أكثر.

وحكى بعضهم : الأعرم : الدّهر ، لأنّ فيه نوائب وصروفا متلوّنة ، ويقال : عرم الصّبي : يعرم إذا أتى بألوان من الغيث ، ويقال للأفاعي : العرم ، لأنّ فيها نقطا تخالف لونها وأنشد : رءوس الأفاعي في مساربها العرم.

فأمّا قوله : حياكه وسط القطيع الأعرم ، فإنّما يعني أنّ بعضه ما عز وبعضه ضأن ، ويقال : لا أفعل ذاك حتى تحنّ الضّب في إثر الإبل الصّادرة ، ولا أفعله حتى يبيض القار ، ولا أفعله ما أبس عبد بناقة ، وإبساسه : تحريك شفتيه. ولا أفعله ما هدهد الحمام. ولا أفعله ما صلّى على النّبي مصلّ ، وما دعا الله داع. ولا أفعله ما حلب حالب أضرع الدّهر.

٢١٩

فصل

فيما يجري من التأكيدات في أوقات الدّهر يقال : دهر داهر ، وأبد آبد وأبيد وحين حائن ، ومحين ، ومدة مادة ومديدة ، وليل لايل.

قال هميان بن قحافة : فصدرت تحسب ليلا لائلا. وقيظ قائظ وصيف صائف ، وشتاء شات ، وربيع رابع : أي مخصب ، ويوم قائظ ، ويقال عام أعوم ومعيم وأعوام عوم ، قال : من مرّ أعوام السنين العوم ، وحول محيل ، وسنة سنهاء وشهر أشهر ، ويوم كريت وقميط قال شعرا :

أقامت غزالة سوق الضّراب

لأهل العراقين حولا قميطا

وشهر أجرد وأقرع وأصلع ، وسنة جرداء وقرعاء وصلعاء. وقال قطرب : نهار أنهر وليل أليل ، وليلة ليلاء : لتأكيد شدّتها. وقال غيره : نهار ونهر ، ويوم يوم ويم لآخر يوم من الشّهر ، وقيل : الأيوم في الشّديد. قال مروان : مروان أخو اليوم اليمي ، وقيل : اليمي أريد الشّديد في حرب أو قتال. وإذا ذكر أمر عظيم حدث في يوم قيل : أيوم يوم ، وإن كان ليلا قيل : ليل أليل ، وإن كانت ليلة مشهورة قيل : ليلى وليلاء ، قال في ليلة ليلى ، ويوم أيوم. وقال :

كم ليلة ليلاء مدلهمّة

كابدتها لحاجة مهمّة

وآخر ليلة في الشّهر لظلمتها ليلى مقصورة ، وليلاء ممدودة ، وليل ليلي. قال : لما أرجحن ليلة اللّيلى. ويقال : أتانا فلان حين هراق اللّيل أوّله إذا مضى بعضه وقال ابن أحمر :

تغمرت منها بعد ما نفد الصّبي

ولم يرو من ذي حاجة من تغمّرا

فبتّ أعاطيها الحديث بمسنن

من اللّيل أبقته الأحاديث أخضرا

(تغمرت) أي أصبت شيئا يسيرا ، (ومن ذي حاجة) أي من حاجة ، وذي زائدة. (والمسنف) المتقدم ، (وأبقته الأحاديث) أي انقطع الأحاديث قبل أن يتغد اللّيل ، وقوله : (أخضر) يحتمل ضربين : يكون صفة مسنف لأنّه نكرة مثله ويجوز أن يكون حالا من الهاء في أبقته ، ومثله من الحال قوله : ومال لقنوان من البسر أحمرا.

والحرس : الزّمان والدّهر ، قال الكاتب : واختاره من سائر الأمثال في حرسه أي في زمانه ، وفي كتاب الخليل : الحرس وقت من الدّهر دون الحقب. قال بعض أصحاب المعاني من هذا قولهم : بناء أحرس. للأصم من البنيان.

٢٢٠