مفاهيم القرآن - ج ٣

الشيخ جعفر السبحاني

مفاهيم القرآن - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٤٣

والجمع الخواتيم ، وتختمت : إذا ألبسته ، وخاتمة الشيء : آخره.

ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاتم الأنبياء.

والختام ، الطين الذي يختم به ، وقوله تعالى : ( خِتَامُهُ مِسْكٌ ) أي آخره ، لأنّ آخر ما يجدونه رائحة المسك.

قال ابن منظور في لسان العرب : ختام القوم ، أقصاهم ، ختام القوم وخاتمهم آخرهم ، محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاتم الأنبياء ، والخاتم من أسماء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ففي التنزيل : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) ، أي آخرهم ، وقد قرأوا « خاتم » بالفتح ، ومن أسمائه « العاقب » أيضاً ومعناه آخر الأنبياء.

قال أبو محمد الدميري في منظومته :

والخاتم الفاعل قل بالكسر

وما به يختم ، فتحاً يجري (١)

وقال البيضاوي : وخاتم النبيين آخرهم الذي ختمهم ، أو ختموا به على قراءة عاصم بالفتح.

وفي تفسير الجلالين : وفي قراءة بفتح التاء ، كآلة الختم ، أي به ختموا.

وقال الراغب في مفرداته : يطلق الختم على البلوغ إلى آخر الشيء ، نحو ختمت القرآن ، أي انتهيت إلى آخره ، وخاتم النبيين ، لانّه ختم النبوّة أي تممها بمجيئه.

إلى غير ذلك من الكلمات الواردة والنصوص الدالة على تظافر اللغة والتفسير على معنى واحد ، ولباب هذه النصوص : أنّ لمادة هذه الكلمة معنى واحداً وهو الانتهاء والوصول إلى آخره ، وأمّا الخاتم المشتق منها فعلى الكسر بمعنى الآخر ، وعلى الفتح أمّا فعل كضارب ، أو اسم بمعنى ما به يختم.

وأمّا اطلاقه على الحلية التي تزيّن بها الاصبع ، فلأجل أنّ الدارج في عهد الرسالة طبع الكتاب بالخاتم ، فكانت خواتيمهم طوابعهم ، لا أنّه وضع لها ابتداء.

__________________

(١) التيسير في علوم التفسير ص ٩٠.

١٢١

ويدل على ذلك ما رواه ابن سعد في طبقاته : انّ رسول الله أرسل الرسل إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام ، وكتب إليهم كتاباً ، فقيل يا رسول الله أنّ الملوك لا يقرؤن كتاباً إلاّ مختوماً ، فاتخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يومئذ خاتماً من فضة ـ فصّه منه ـ نقشه ثلاثة أسطر : محمد رسول الله ، وختم به الكتب (١).

قال ابن خلدون في مقدمته عند البحث عن شارات الملوك : أمّا الخاتم فهو من الخطط السلطانيةوالوظائف الملوكية ، والختم على الرسائل والصكوك معروف للملوك قبل الإسلام وبعده ، وقد ثبت في الصحيحين ، أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد أن يكتب إلى قيصر ، فقيل له : إنّ العجم لا يقبلون الكتاب ، إلاّ أن يكون مختوماً ، فاتخذ خاتماً من فضة ونقش فيه : محمد رسول الله.

قال البخاري : جعل ثلاث كلمات في ثلاثة أسطر وختم به وقال : لا ينقش أحد مثله ، قال : وتختم به أبو بكر وعمر وعثمان ، ثم سقط من يد عثمان في بئر اريس ...

وفي كيفية نقش الخاتم والختم به وجوه :

وذلك أنّ الخاتم يطلق على الآلة التي تجعل في الاصبع ومنه تختم : إذا لبسه ، ومنه ختمت الأمر : إذا بلغته ، وختمت القرآن ، ومنه خاتم النبيين ، وخاتم الأمر ، ويطلق على السد الذي يسد به الأواني والدنان ، ويقال : ختام ، وقد غلط من فسّر هذا بالنهاية والتمام ، قال : آخر ما يجدونه في شرابهم ريح المسك ، وليس المعنى عليه وإنّما هو من الختام الذي هو السداد ، لأنّ الخمر يجعل لها في الدن سداد الطين أو القار ، يحفظها ويطيب عرفها وذوقها فبولغ في وصف خمر الجنة بأنّ سدادها من المسك وهو أطيب عرفاً وذوقاً من القار والطين المعهودين في الدنيا ..

وأنّ الخاتم إذا نقشت به كلمات أو أشكال ثم غمس في دواة من الطين أو المداد ، ووضع على صفح القرطاس بقى أكثر الكلمات في ذلك الصفح ، وكذلك إذا طبع به على جسم ليّن كالشمع فإنّه يبقى نقش ذلك المكتوب مرتسماً فيه ... إلى أن قال :

__________________

(١) الطبقات الكبرى ج ١ ص ٢٥٨.

١٢٢

ويكون هذا من معنى النهاية والتمام بمعنى صحة ذلك المكتوب ونفوذه كأنّ الكتاب إنّما يتم العمل به بهذه العلامات ، وهو من دونها ملغى ليس بتمام ، ومن هذا خاتم القاضي الذي يبعث به للخصوم أي علامته وخطه الذي ينفذ بهما أحكامه ومنه خاتم السلطان أو الخليفة ، أي علامته ... إلى آخر ما أفاده.

كل ما ذكره ذلك الفيلسوف الخبير بأسرار التاريخ ، شواهد على ما ذكرنا فراجع بقية كلامه (١).

تشكيكان حول دلالة الآية على كون نبي الإسلام خاتماً :

البهائية حزب سياسي ، لها طابع المذهب ، قد اختلقها الميرزا حسين علي النوري المتوفّى عام ١٣٠٩ ه‍ ق في عكا ، ويليهم في العقيدة والغاية « القاديانية » ومؤسسها « غلام أحمد القادياني » ينسب إلى إحدى قرى البنجاب ( قاديان ) ، كان في الرعيل الأوّل من فضلاء البنجاب وعلمائهم ، لكنّه ادّعى عام ١٨٩٢ أنّه المجدد للقرن الرابع عشر الهجري ، وفق الحديث النبوي : « سيأتي على رأس كل مائة سنة رجل يجدد لها دينها » ، قال : أنا المبعوث لهذا القرن ، فاتبعوني لعلّكم تفلحون ، فأطاعته عدة من الخواص والعوام زرافات ووحداناً ، ولما أحس بروح التبعية فيهم ، ادّعى أنّه المهدي والمسيح الموعود ، ثم ادّعى لنفسه النبوّة وأنّه نبي كمثل أنبياء بني اسرائيل الذين كانوا معه ، وأنّه نبي الاُمّة الإسلامية بغير مصحف ، وعند ذلك هجم الناس عليه ليقتلوه ، لولا تدخل الحكومة الانكليزية ، وبقي على ما ادّعى إلى أن اخترمته المنية عام ١٩٠٨ ولم يستخلف أحداً ، فحدث بينهم خلاف عظيم ، فمالت فئة من أتباعه إلى ابنه « بشير الدين أحمد » وتبعت فئة قليلة منهم « الأمير محمد علي » الذي شد أزر غلام أحمد من ابتداء الأمر ، وقرروا أن يجعلوا لهم جميعة اُخرى ، ويجتنبوا اتباع ابن غلام أحمد ، وجعلوا مركزهم في « لاهور » عاصمة البنجاب ، واشتهروا باسم الأحمدية اللاهورية ، ومحمد علي هو مترجم

__________________

(١) مقدمة ابن خلدون ج ١ ص ٢٢٠.

١٢٣

القرآن بالانكليزية.

وبين الطائفتين اختلاف في الاُصول والفروع ، فالأحمدية منهم مؤمنة بأنّ النبي خاتم الأنبياء ولا يؤمنون بنبوّة غلام أحمد ولا يكفّرون المسلمين مهما كانت عقائدهم ، وهو واتباعه يصلّون خلف كل مسلم ، بشرط أن لا يكفّرهم ، وأمّا القاديانية منهم ، فهم يعتقدون أنّ غلام أحمد كان نبياً بلا كتاب سماوي ، كأنبياء بني اسرائيل ، ويؤوّلون آية : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) تأويلاً يتوافق على زعم الطائفة المضلة ـ على ما سيأتي.

نعم تشترك الفئتان في الاعتقاد بحرمة الجهاد ، لأنّ مسيحهما قد بعث وجاء لنشر السلام العام والمحبة ، ولزوم الخضوع والطاعة لمن تسلّط ، والكد والكدح في اكتساب الأموال والنقود ، وأنّ الوحي مستمر إلى الأبد ، إلى غير ذلك من المخازي لتضليل بسطاء الاُمّة عن الإسلام ، وعند التحقيق يظهر أنّ الاستعمار خلق « البابية والقاديانية » لإيجاد التشكيك بين عوام الشيعة والسنّة ، وكلا الاخوين « حية بطن واد » (١).

ولما أرادت الفرقة الضالّة المضلّة البهائية أن تعرّف زعيمها وقائدها ، رسولاً من الله إلى الناس ، كسائر المرسلين ، من موسى والمسيح ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حاولت لتدعيم مدعاها أن تشكك في دلالة الآية على ما اتفق عليه المسلمون منذ نزولها إلى الآن ، وقد جاءت في ذلك بتشكيكين لا يقصران عن شبه السوفسطائية في بداهة الاُمور ودونك بيانهما مع دحضهما بأوضح الوجوه :

التشكيك الأوّل :

خلاصة هذا الوجه ترجع إلى التصرف في معنى « الخاتم » كما أنّ التشكيك الثاني

__________________

(١) وقد تحدثت مجلة العرفان عن الأحمدية والقاديانية في عدة من أعدادها ، فراجع المجلد الثامن عشر في مقال تحت عنوان : « الإسلام في الهند » والمجلد التاسع عشر ص ٩٤ والعشرين ص ٢٣٣ و ٣٥٢ و ٤٨٩ وفيها مقالات بأقلام جماعة من الباحثين تشرح لنا هوية هذه الفئة.

١٢٤

يرجع إلى التصرف في معنى « النبيين ».

بيانه أنّ قوله سبحانه : ( وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) لا يدل على انتهاء النبوّة بوجوده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لاحتمال كون المراد من « الخاتم » الحلية التي تزين بها الاصبع وعندئذ يصير الهدف من اطلاق « الخاتم » عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستعارته له هو تشبيه نبي الإسلام بالخاتم في الزينة وأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلغ من الكمال مبلغاً حتى صار زينة الأنبياء ، فهو بين تلك العصابة كالخاتم في يد لابسه.

وهنا احتمال آخر تسقط معه أيضاً دلالة الآية على ما يرتأيه المسلمون من اختتام النبوّة به صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو جواز أن يكون المراد من خاتم النبيين أنّه مصدق للنبيين وما اُنزل إليهم من الصحف والكتب ، كما قال سبحانه : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) ( المائدة ـ ٤٨ ) وقد تقدمت تصاريح التاريخ على أنّ الدارج في عصر الرسالة هو طبع الكتاب وتصديق ما فيه بالخاتم ، فيصير اطلاق الخاتم عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستعارته له ، لأجل أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاتم النبيين ومصدقهم كالخاتم الذي هو مصدق لمضامين الكتب والصحف ، فأين الدلالة على انسداد باب النبوّة (١).

الجواب :

انّ هذا التشكيك بمعزل عن التحقيق ، بل لا يستحق أن يطلق عليه اسم التشكيك والشبهة ، ولا يعرج عليه أي عربي أصيل ، وأي عارف باللغة العربية ، بل أي شخص له أدنى إلمام بها ولا يتردد في مخيلة أي ابن انثى ، إذا كان ذا فكر سليم وذوق مستقيم ، ولا يجود احتماله في كلمات القدامى والمتأخّرين.

إذ لم تعهد استعارة الخاتم في مصطلح العرف للشخص ، لغاية الزينة والتصديق على وجه المجاز ، أو استعماله فيهما على وجه الحقيقة منذ عصر الرسالة إلى يومنا هذا.

وقد عرفت المعنى الحقيقي لتلك الكلمة ، ولم تكن الزينة أو التصديق أحد

__________________

(١) الخاتمية ص ٢٣.

١٢٥

معانيه ، وأمّا استعماله فيهما مجازاً ، فيتوقف على حصول أمرين :

الأوّل : أن يكون الاستعمال متعارفاً ودارجاً بين أهل اللسان ، أو يكون ممّا يستحسنه الطبع والذوق ، وكلاهما منتفيان (١).

الثاني : وجود قرينة مقالية أو حالية صارفة عن المعنى الحقيقي ، وإلا فيحمل على المعنى الموضوع له ، وهي أيضاً منتفية.

ولما كانت هذه الشبهة أشبه شيء بحديث خرافة ، وشبه السوفسطائية لم يلتفت إليه أحد من مناوئي الإسلام ، حتى مؤسس الفرقة الضالّة وزعيمها الأكبر ، بل فسّر هو نفسه في بعض كتبه (٢) ( خَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) على خلاف ما ذكر في الشبهة ، وقال : « والصلاة والسلام على سيد العالم ، ومربي الاُمم ، الذي به انتهت الرسالة والنبوّة وعلى آله وأصحابه دائماً سرمداً ... ».

وصرّح بذلك في « ايقانه » (٣) وفسره بالختم والانتهاء ، نعم أتى بعد ذلك بتأويلات باردة يشمئز منها الطبع ، وإنّما اوّل ما اوّل ليمهد الطريق لدعوى نبوّته وسفارته من الله سبحانه.

هلم معي نسأل مبدع الشبهة عن أنّه لماذا خص سبحانه « الخاتم » بالاستعارة ، مع أنّ التاج والاكليل ، أولى وأبلغ في بيان المقصود ( الزينة ) ؟

هلم نسأله عن أنّه لو صح ما أراد ( من أنّ المراد أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مصدق النبيين ) ولن يصح ، ولو صحت الأحلام ، فلماذا عدل سبحانه عن أوضح التعابير وأفصحها ، ولم يقل « مصدق النبيين » كما عبّر به في غير واحد من السور (٤) عندما أراد توصيف النبي بكونه

__________________

(١) ولأجل ذلك لا تجد في الآداب العربية ولا الفارسية ولا غيرها من اللغات استعارة الخاتم للزينة والتصديق.

(٢) اشراقات ص ٢٩٢.

(٣) ايقان ص ١٣٦.

(٤) سورة البقرة : ٤١ و ٩١ و ٩٧ ـ آل عمران : ٣ وغيرهما.

١٢٦

مصدقاً لمن تقدم عليه وأتى في المقام بتعبير غير مألوف ولا مأنوس.

نحن نسأله : انّ تصديق من مضى من النبيين ، ليس صفة خاصة له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فانّ المسيح كان أيضاً مصدقاً للماضين منهم ، وما معهم من الكتب والصحف ، كما حكى عنه سبحانه : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) ( الصف ـ ٦ ) ، وعند ذاك فلماذا عرّفه سبحانه بوصف مشترك بين الأنبياء جميعاً.

ماذا يجينا المبدع إذا سألناه ، وقلنا له : إنّ تشبيه الرسول الأعظم بالخاتم في التصديق وليد الأحلام الباطلة ، وشتان بينه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين الخاتم ، حتى في نفس وجه الشبه الذي اختلقه المبدع ، فانّ الخاتم ليس هو نفسه مصدقاً ، وإنّما هو آلة التصديق وما يصدق به ، وإنّما المصدق انّما هو كاتب الصحيفة ، وهذا بخلاف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه هو المصدق نفسه.

لا أدري ماذا يجيب المشكك عن هذه الأسئلة ؟

نعم اختلقت هذا التشكيك بعض الأقلام المستأجرة ، لتأييد أقاويل تلك الفئة وتسويل أباطيلهم ، والكاتب أعرف ببطلانها ، وقد عرفته الاُمّة ، وعرفت نواياه ، وما تخلّق به من روحيات ونفسيات.

التشكيك الثاني :

إنّ منصب النبوّة غير الرسالة ، وما هو المختوم إنّما هو الأوّل دون الثاني فباب النبوّة وإن كان مختوماً بنص الآية ، لكن باب الرسالة مفتوح على مصراعيه في وجه الاُمّة ، ولم يوصد ولن يوصد أبداً.

واجلاء الحق في هذا المقام يتوقف على الوقوف على ما هو المقصود من النبي والرسول في الكتاب العزيز ، وقد عقدنا لبيان الفرق بين النبي والرسول فصلاً خاصاً (١)

__________________

(١) سيوافيك هذا الفصل في الجزء الرابع من هذه الموسوعة.

١٢٧

وأوضحنا فيه حال هذا التشكيك وجعلناه في مدحرة البطلان وأقمنا الدليل على أنّ ختم النبوّة يلازم ختم الرسالة.

وخلاصة ما قلناه هناك : إنّ النبي حسب ما يظهر من آيات الذكر الحكيم وكلمات اعلام اللغة ، هو الانسان الموحى إليه من الله باحدى الطرق المعروفة ، وأمّا الرسول فهو الانسان (١) القائم بالسفارة من الله بابلاغ قول أو تنفيذ عمل وإن شئت قلت : النبوّة منصب معنوي يستدعي الاتصال بالغيب باحدى الطرق المألوفة ، والرسالة سفارة للمرسل ( بالفتح ) من جانبه سبحانه لتنفيذ ما تحمله منه في الخارج أو ابلاغه إلى المرسل إليهم.

وبعبارة ثالثة : النبوّة تحمل الأنباء من الله والرسالة تنفيذ ما تحمله من الانباء بالتبشير والانذار والتبليغ وإلتنفيذ.

ولأجل ذلك يقترن لفظ الوحي بلفظ « النبيين » ويقول سبحانه : ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ) ( النساء ـ ١٦٣ ).

ولو اقترن لفظ الوحي بالرسول في آية اُخرى ، فلمناسبة اُخرى اقتضت العدول فيه كما أنّه يقترن في القرآن إلزام الانسان بتبليغ كلام عنه سبحانه أو تنفيذ عمل في الخارج بلفظ « الرسول » ويقول سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) ( المائدة ـ ٦٧ ).

وقال سبحانه : ( قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا ) ( مريم ـ ١٩ ).

وعلى ذلك فالنبي أمّا صيغة لازم بمعنى صاحب النبأ ومتحمله ، أو صيغة متعد بمعنى المخبر عنه سبحانه ، والرسول هو الموظّف لتحقيق ما تحمله النبي من جانب الله سبحانه عن طريق الوحي.

فلو فرض أنّه أوصد باب النبوّة وختم نزول الوحي إلى أي انسان كما يصرح به

__________________

(١) المقصود هو الرسول المصطلح فلا ينافي اطلاقه على الملك والشخص العادي في القرآن الكريم.

١٢٨

لفظ « خاتم النبيين » فعند ذاك يختم باب الرسالة الالهية أيضاً بلا ريب ، لأنّ الرسالة لا تهدف سوى تنفيذ ما يتحمله النبي من جانب الله عن طريق الوحي فإذا انقطع الوحي والاتصال بالمبدأ الاولى والاطلاع على ماعنده ، لا يبقى موضوع للرسالة أبداً ، فإذا كان محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاتماً للنبيين أي مختوماً به الوحي والاتصال فهو خاتم الرسل والمرسلين طبعاً ، لأنّ رسالة الانسان من جانب الله سبحانه ، عبارة عن بيان أو تنفيذ ما أخذه عن طريق الوحي ، فلا تستقيم رسالة أي انسان من جانبه سبحانه إذا انقطع الوحي والاتصال به تعالى ولا يقدر أن يقول أي ابن اُنثى بالرسالة من ناحيته سبحانه إذا كانت النبوّة موصدة باعترافه.

هذا خلاصة ما قلناه هناك وسيوافيك تفصيله بدلائله وشواهده من الكتاب والسنّة وكلمات اعلام اللغة.

التنصيص الثاني (١) على الخاتمية :

هلم معي نقرأ النصوص الباقية الدالة على كون نبيّنا خاتم الرسل ، وانّ رسالته خاتمة الرسالات حتى يتضح الحق بأجلى مظاهره ، فمن النصوص قوله سبحانه :

__________________

(١) الهدف الأسمى من الاستدلال بهذه الآية وما تليها ، هو نفي قسم خاص من أقسام النبوّة ، أي النبوّة التشريعية الناسخة ، فهذه الآية وأمثالها تكذّب كل من ادّعى لنفسه منصب النبوّة التشريعية ، وادّعى أنّه نبي كموسى وعيسى ومحمد ، وانّ له كتاباً وشريعة ناسخة لما قبلها من الكتب والشرائع ، إذ لا يعقل أن يكون لمجتمع واحد كتابان مختلفا الأهداف والأغراض ، أو نذيران متعددا الغايات.

فلا يصح أن يكون الفرقان والقرآن نذيراً لهم ، وفي الوقت نفسه يكون كتاب آخر ، يخالفه في المضمون نذيراً لهم أيضاً ، وقس على ذلك سائر ما يرد عليك من الآيات.

نعم هذه الآية ونظائرها لا تفي بنفي النبوّة التبليغية المحضة ، أو التشريعية غير الناسخة ، بأن تكون النسبة بين الشريعتين نسبة الأقل إلى الأكثر ، أو المجمل إلى المفصل ، والدليل الوحيد في القرآن ، على انسداد أبواب النبوّاة على اطلاقها ، هي الآية المتقدمة ، وما سيوافيك من الأحاديث المتواترة ، الدالة على اغلاق باب النبوّة على وجه الاُمة بعامة أنواعها واقسامها فلاحظ.

١٢٩

( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) ( الفرقان ـ ١ ).

وصريح النص أنّ الغاية من تنزيل الفرقان على عبده ( رسولنا ) كون القرآن نذيراً للعالمين ، أي الخلائق كلها من بدء نزوله إلى يوم يبعثون.

قال « الراغب » في مفرداته : العالم اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأعراض وهو في الأصل اسم لما يعلم به ، كالطابع والخاتم ، لما يطبع به وما يختم به ، وجعل بناءه على هذه الصفة ، لكونه كالآلة والعالم آلة ، في الدلالة لصانعه ، وأمّا جمعه فلأن كل نوع من هذه قد يسمى عالماً ، فيقال عالم الانسان وعالم الماء ، وعالم النار ، وأمّا جمعه على السلامة فلكون الناس من جملتهم والانسان إذا شارك غيره في اللفظ غلب عليه حكمه ، وقيل إنّما جمع هذا الجمع لأنّه عنى به أصناف الخلائق من الملائكة والجن والناس دون غيرها وروي هذا عن ابن عباس وقال جعفر بن محمد عنى به الناس ، وجعل كل واحد عالماً (١).

وقال : العالم عالمان : الكبير وهو الفلك بما فيه والصغير لأنّه مخلوق على هيئة العالم (٢).

قال الزمخشري : العالم اسم لذوي العلم من الملائكة والثقلين ، وقيل كل ما علم به الخالق من الأجسام والأعراض ، وجمع ليشمل كل جنس مما سمّي به ، وأمّا جمعه بالواو والنون مع كونه اسماً غير صفة وإنّما يجمع بها صفات العقلاء ، أو ما في حكمها من الأعلام ، فلأجل معنى الوصفية فيه وهي الدلالة على معنى العلم (٣).

__________________

(١) هذا هو الحق الذي لا مرية فيه ، ويشهد له ما نقله سبحانه ، عن قوم لوط في خطابهم له ، عند نزول ضيوفه : ( قَالَ إِنَّ هَٰؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ * قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ) ( الحجر : ٦٨ ـ ٧٠ ) أي قالوا في جوابه : أوليس كنا قد نهيناك عن أن تستضيف أحداً من الناس ، ولا معنى لأن ينهوه عن الأجرام السماوية ، أو الجن والملائكة.

ونظيره قوله سبحانه ـ حكاية عن لوط في الرد على قومه ـ : ( أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ) ( الشعراء ـ ١٦٥ ) فالمراد من العالمين فيه هو الناس بلا ريب.

(٢) المفردات للراغب ص ٣٤٩.

(٣) الكشاف ج ١ ص ٦.

١٣٠

وعلى أي تقدير سواء أكان المراد من العالمين في الآيات الآخر جميع المخلوقات التي يحويها الفلك من الجواهر والأعراض ، أم كان المراد الإنس والجن ، فالمراد منه في الآية بقرينة كونه « نذيراً » خصوص الانسان أو مطلق من يعقل ، فالآية صريحة في أنّ انذاره لا يختص بناس دون ناس ، أو بزمان دون زمان ، فهو على اطلاقه يعطي كونه نذيراً للاُمّة البشرية بلا قيد ولا حد.

ولقائل أن يعترض ويقول : ربّما يطلق « العالمون » ويراد منه الجم الغفير من الناس كما في قوله سبحانه في تفضيل بني اسرائيل : ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) ( البقرة ـ ٤٧ ) ويقال رأيت عالماً من الناس يراد به الكثرة وعند ذاك لا تكون الآية صريحة فيما نرتئيه.

والجواب : انّ المتبادر من العالمين في مصطلح العرف والقرآن هو المعنى العام وهو عبارة أمّا عن الخلائق عامة كما عليه قوله سبحانه : ( قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ ) ( الشعراء ٢٣ ـ ٢٤ ).

وغيره من الآيات الكثيرة التي استعملت فيها كلمة « العالمين » في الخلق كلّه ، أو نوع ما يعقل من الملائكة والإنس والجن وعليه قوله تعالى : ( وَلَٰكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) ( البقرة ـ ٢٥١ ).

وقوله سبحانه : ( وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ ) ( آل عمران ـ ١٠٨ ) ، أو خصوص الإنس وعليه قوله تعالى : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ) ( آل عمران ـ ٩٦ ).

وقوله سبحانه : ( أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ) ( الشعراء ـ ١٦٥ ).

وقوله سبحانه : ( أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ ) ( الأعراف ـ ٨٠ ، وقريب منها ما في العنكبوت ـ ٢٨ ).

وعلى ما ذكرنا فلا يسوغ أن يحمل هذ اللفظ على غير هذه المعاني ، إلاّ بقرينة صارفة عن ظاهره وهي غير موجودة في المقام.

١٣١

وأمّا قوله سبحانه : ( وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) فليس ظاهراً فيما فسره صاحب الكشاف ، من الجم الغفير ، ولأجل ذلك فسّره حبر الاُمّة بأهل عالمي زمانهم كلهم ، لا بالجم الغفير ، كما فسّر به قوله سبحانه : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) ( آل عمران ـ ٤٢ ).

وعلى أي حال سواء أفسّرناه بالجم الغفير أم خصصناه بأهل عالمي زمانهم فإنّما هو لقرينة صارفة عن ظاهره ، حيث دل القرآن على أنّ الاُمّة الإسلامية أفضل الاُمم ، لقوله سبحانه : ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ ) ( آل عمران ـ ١١٠ ).

ونظير تلك الآية ما دل على اصطفاء مريم على نساء العالمين ، كما قال سبحانه : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) ( آل عمران ـ ٤٢ ) فالمراد منه هو نساء عالمي أهل زمانها ، لما اُثر عن النبي وآله من عدم فضلها على ابنته فاطمة عليها‌السلام.

أخرج ابن سعد ، عن مسروق ، عن عائشة في حديث : انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسر إلى فاطمة عند مرضه وقال : أما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الاُمّة ، أو نساء العالمين (١).

ورواه أبو نعيم الاصفهاني أيضاً بهذه العبارة (٢).

وأخرج مسلم والترمذي والبخاري في صحاحهم عن عائشة ، قالت : إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لفاطمة في اُخريات أيامه : ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الاُمّة (٣).

روى الحديث بألفاظه المختلفة العلاّمة المجلسي في بحاره ، فراجع (٤).

ولولا هذه المأثورات عمّن نزل عليه القرآن لكان الواجب الأخذ بظاهرها والحكم

__________________

(١) و (٢) الطبقات الكبرى ج ٨ ص ٢٧ ، حلية الأولياء ج ٢ ص ٤٠.

(٣) التاج الجامع للاُصول ج ٣ ص ٣١٤.

(٤) بحار الأنوار ج ٤٣ ص ٣٦.

١٣٢

بتفضيلها ( مريم ) على نساء العالمين جميعاً.

على أنّه يمكن الأخذ باطلاق قوله سبحانه : ( وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) والقول بتفضيلهم على الناس كلّهم بتقريب أنّ ملاك فضلهم على غيرهم ، تخصيصهم بأشياء من بين الاُمم إذ انزل عليهم المنّ والسلوى ، وبعث فيهم رسلاً ، وأنزل عليهم الكتب ونجّاهم من فرعون وملائه إلى غير ذلك مما خص به تلك الاُمّة من بين الناس ولا يلزم منه تفضيل واحد منهم على غيرهم (١).

وعلى أي تقدير فالمتبع هو ظاهر الآية ما لم يدل دليل على خلافه ، وليست في المقام قرينة تصرف قوله سبحانه : ( لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) عن ظاهره وصريحه.

النص الثالث من القرآن على الخاتمية :

ومن النصوص قوله سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) ( فصّلت ٤١ ـ ٤٢ ).

والمقصود من « الذكر » هو القرآن ، لقوله سبحانه : ( ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ ) ( آل عمران ـ ٥٨ ).

وقوله سبحانه : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) ( النحل ـ ٤٤ ).

والضمير في « لا يأتيه » يرجع إلى « الذكر » ومفاد الآية أنّ الباطل لا يتطرّق إليه ولا يجد إليه سبيلاً من أي جهة من الجهات ، فلا يأتيه البطل بأي صورة متصورة ، ودونك صوره :

١. لا يأتيه الباطل : لا ينقص منه شيء ولا يزيد فيه شيء.

__________________

(١) مجمع البيان ج ١ ص ١٠٢.

١٣٣

٢. لا يأتيه الباطل : لا يأتيه كتاب يبطله وينسخه بأن يجعله سدى ، فهو حق ثابت لا يبدل ولا يغير ولا يترك.

٣. لا يأتيه الباطل : لا يتطرق في اخباره عمّا مضى ولا في اخباره عمّا يجيء ، الباطل ، فكلّها تطابق الواقع.

وعلى أي تقدير فمحصل الآية بحكم الاطلاق المستفاد من قوله سبحانه : « لا يأتيه » أنّ القرآن حق لا يدخله الباطل إلى يوم القيامة.

ويؤيد ذلك قوله سبحانه : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ( الحجر ـ ٩ ) أي نحفظه عن تطرق أي بطلان إليه إلى يوم البعث ، كما هو أيضاً مقتضى اطلاقه.

والحق المطلق الذي لا يدانيه الباطل أبداً ، والمحفوظ عن تسلل البطلان إليه إلى يوم القيامة كما هو ظاهر الآيتين ، يمتنع أن يكون حجّة محدودة ، بل يكون متبعاً لا إلى غاية خاصة وأمد محدود ، لأنّ خاصية الحق المطلق والمصون عن تطرق البطلان مطلقاً هو كونه حجة لا إلى حد خاص والله سبحانه عهد : ( لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ ) ( الانفال ـ ٨ ).

فإذا كان القرآن حقاً مطلقاً مصوناً عن تسلل البطلان إليه ، ومتبعاً للناس إلى يوم القيامة ، يجب عند ذلك ، دوام رسالته وثبات نبوّته وخاتمية شريعته.

وإن شئت قلت : إنّ الشريعة الجديدة إمّا أن تكون عين الشريعة الإسلامية الحقة المحقة التي لا يقارنها ولا يدانيها الباطل أو غيرها ، فعلى الأوّل لا حاجة إلى الثانية ، وعلى الثاني فامّا أن تكون الثانية حقّة كالاُولى ، فيلزم كون المتناقضين حقاً ، أو يكون الاُولى حقّة دون الاُخرى ، فهذا هو المطلوب.

والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يزل يبيّن شريعته ، بالكتاب الحق الذي لا يدانيه الباطل وبسنّته المحكمة التي لا تصدر عنه إلاّ بإيحاء منه سبحانه ، كما قال : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ) ( النجم : ٣ ـ ٥ ) وعلى أي تقدير فالآية

١٣٤

صريحة في نفي أي تشريع بعد القرآن ، وشريعة غير الإسلام فتدل بالملازمة على عدم النبوّة التشريعية بعد نبوّته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

النص الرابع من القرآن على خاتمية الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

ومن النصوص قوله تعالى : ( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ) ( الأنعام ـ ١٩ ) وفسره أمين الإسلام الطبرسي بقوله : أي لا خوف به من بلغه القرآن إلى يوم القيامة ، ولذا قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من بلغه أنّي أدعو إلى أن لا إله إلاّ الله فقد بلغه ، أي بلغته الحجة وقامت عليه ، حتى قيل من بلغه القرآن ، فكإنّما رأى محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمع منه وحيث ما يأتي القرآن ، فهو داع ونذير (١).

قوله سبحانه : ( وَمَن بَلَغَ ) معطوف على الضمير المنصوب في قوله : ( لأُنذِرَكُم ) لا على الفاعل المستتر.

وقد وافاك توضيح مفاد الآية والتوفيق بينها وبين قوله سبحانه : ( وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ) عند البحث عن كون رسالة الرسول عالمية (٢).

النص الخامس على الخاتمية :

ومن النصوص قوله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) ( سبأ ـ ٢٨ ).

المتبادر من الآية ، كون ( كَافَّةً ) حالاً من الناس قدمت على ذيها ، وتقدير الآية : « وما أرسلناك إلاّ للناس كافة بشيراً ونذيراً ».

ويحتمل كونها حالاً من الضمير المنصوب في « أرسلناك » ومفاد الآية : وما أرسلناك إلاّ أن تكفّهم وتردعهم. ولكنّه ضعيف جداً ، إذ لا حاجة عندئذ إلى لفظ

__________________

(١) مجمع البيان ج ٣ ص ٢٨٢.

(٢) راجع ص ٦٣ ـ ٧٠ من كتابنا هذا.

١٣٥

« كافة » بعد تذييل الجملة بقوله : ( بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) إذ لا معنى للكف والردع إلاّ تخويفهم عن عذابه وعقابه حتى يرتدعوا بالتأمل فيما أوعد الله في كتابه العزيز ولسان نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على مقترفي الجرائم ، وليس ذلك إلاّ نفس الانذار الوارد في الآية :

أضف إليه أنّه لم يستعمل لفظ « كافّة » في القرآن إلاّ بمعنى عامة كقوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) ( البقرة ـ ٢٠٨ ).

وقوله عز وجل : ( وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ) ( التوبة ـ ٣٦ ).

وقوله سبحانه : ( وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) ( التوبة ـ ١٢٢ ).

وكل ذلك يؤيد كون ( كَافَّةً ) بمعنى عامة حالا من الناس ، والآية مع كونها دليلاً على كون رسالته عالمية ، دليل على كونه مبعوثاً إلى كافة الناس إلى يوم يبعثون (١).

النص السادس على الخاتمية :

ثم إنّه سبحانه جعل نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاتم النبيين ، وكتابه خاتم الكتب ، وجعله مهيمناً على جميع الكتب النازلة من قبل.

قال سبحانه : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ) ( المائدة ـ ٤٨ ).

والمهيمن هو الرقيب الشهيد وقد فسّر باُمور اُخرى يقرب بعضها من بعض فهو

__________________

(١) ويؤيد ذلك ما رواه ابن سعد في « طبقاته الكبرى » عن خالد بن معدان قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بعثت إلى الناس كافة ، فإن لم يستجيبوا لي فإلى العرب ، فإن لم يستجيبوا لي فإلى قريش ، فإن لم يستجيبوا لي فإلى بني هاشم ، فإن لم يستجيبوا لي فإليّ وحدي.

ونقل عن أبي هريرة ، أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : اُرسلت إلى الناس كافة ، وبي ختم النبييون ( الطبقات الكبرى ج ١ ص ١٩٢ ) وكل ذلك دليل على أنّ الصحابة لم يفهموا من الآية إلاّ ما استظهرناه.

١٣٦

مراقب أمين يشهد على الكتب النازلة قبله بالصحة في مورد ، والبا لتحريف في مورد آخر. ولو أراد أهل الكتب الوصول إلى الحق الواضح لرجعوا إلى ذلك الكتاب ، لأنّهم لم يؤتوا علم كتابهم كلّه ، بل : ( أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ ) ( آل عمران ـ ٢٣ ) وأنّهم : ( ... نَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) (١) ، وكانوا : ( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ) (٢).

وفسره العلاّمة الطباطبائي بوجه آخر وقال :

هيمنة الشيء على الشيء كون الشيء ذا سلطة على الشيء في حفظه ومراقبته وأنواع التصرف فيه ، وهذا حال القرآن الذي وصفه الله تعالى بأنّه تبيان كلّ شيء بالنسبة إلى ما بين يديه من الكتب السماوية ، يحفظ منها الاُصول الثابتة غير المتغيرة ، وينسخ منها ما ينبغي أن ينسخ من الفروع التي يمكن أن يتطرق إليه التغير والتبدل ممّا يناسب حال الانسان بحسب سلوكه صراط التكامل بمرور الزمان ، قال تعالى : ( إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) ( الإسراء ـ ٩ ).

وقال : ( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) ( البقرة ـ ١٠٦ ).

فهذه الجملة أعني قوله : ( وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) متممة لقوله : ( مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ ) تتميم ايضاح ، إذ لولاها لأمكن أن يتوهّم من تصديق القرآن للتوراة والانجيل أنّه يصدق ما فيهما من الشرائع والأحكام ، تصديق إبقاء من غير تغيير وتبديل لكن توصيفه بالهيمنة يبيّن أنّ تصديقه لهما تصديق إنّهما شرائع حقّة من عند الله ، وانّ لله أن يتصرف فيها ما يشاء بالنسخ والتكميل كما يشير إليه قوله سبحانه في ذيل الآية : ( وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ) (٣).

اشارات قرآنية إلى الخاتمية :

ثم إنّ في الكتاب الحكيم آيات تشير إلى خاتمية الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخاتمية كتابه

__________________

(١) و (٢) لاحظ الآية ١٣ من المائدة.

(٣) الميزان ج ٥ ص ٣٧٨ ـ ٣٧٩.

١٣٧

ويقف على تلك الإشارات كل من أمعن النظر في مضامينها ونذكر في المقام بعض الآيات :

١. ( أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ * وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ( الأنعام ١١٤ ـ ١١٥ ).

ودلالة قوله سبحانه : ( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ) على إيصاد باب الوحي وانقطاعه إلى يوم القيامة وتمامية الشرائع النازلة من الله سبحانه طوال قرون إلى سفرائه ، واضحة بعد الوقوف على معنى الكلمة في القرآن.

إن « الكلمة » في القرآن قد استعملت في معان أو في مصاديق مختلفة بمعنى واحد جامع واسع ، حتى استعملت في العين الخارجي.

قال سبحانه : ( إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ) ( آل عمران ـ ٤٥ ) كما استعملت في القضاء والوعد القطعي قال سبحانه : ( وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) ( هود ـ ١١٩ ) إلى غير ذلك.

لكن المراد منها في الآية هو الدعوة الإسلامية أو القرآن الكريم ، وما فيه من شرائع وأحكام ، والشاهد عليه الآية المتقدمة حيث قال سبحانه : ( وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالحَقِّ ) فالمراد من قوله : ( أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ ) هو القرآن النازل على العالمين ، ثم يقول : بأنّ الذين آتيناهم الكتاب من قبل كاليهود والنصارى إذا تخلصوا عن الهوى ، يعلمون أنّ القرآن وحي إلهي كالتوراة والأنجيل وأنّه منزل من الله سبحانه بالحق ، فلا يصح لأي منصف أن يتردد في كونه نازلاً منه إلى هداية الناس.

ثم يقول في الآية التالية : ( وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ) بظهور الدعوى المحمدية ، ونزول الكتاب المهيمن على جميع الكتب وصارت مستقرة في محلها بعد ما كانت تسير دهراً

١٣٨

طويلاً في مدارج التدرج بنبوّة بعد نبوّة وشريعة بعد شريعة (١).

وهذه الكلمة الالهية أعني الدعوة الالهية المستوحاة في القرآن الكريم صدق لا يشوبه كذب وما فيه من الأحكام من الأمر والنهي ، عدل لا يخالطه ظلم ولأجل تلك التمامية لا تتبدل كلماته وأحكامه من بعد (٢).

وأمّا ما احتمله صاحب المنار من أنّ المراد من الكلمة ما وعد الله به نبيّه من نصره وخذلان مستهزئيه مستشهداً بقوله سبحانه : ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) ( الصافات : ١٧١ ـ ١٧٣ ) وما في معناه من الآيات ، فممّا لا يلائم سياق الآيات ولا يناسب قوله : ( صِدْقًا وَعَدْلاً ) ولا قوله : ( لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ) إلاّ بالتكلّف الذي ارتكبه صاحب المنار (٣).

* * *

هذا حال الخاتمية في الذكر الحكيم وقد عرفت أنّه ناطق بايصاد باب النبوّة والرسالة ، وخاتميتهما ، وقد وردت في المقام أحاديث متواترة عن النبي الخاتم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآله الطاهرين فلأجل ايقاف القارئ على تلكم الكلم الرية عقدنا الفصل التالي :

__________________

(١) الميزان ج ٧ ص ٣٢٨ ، مجمع البيان ج ٢ ص ٣٥٤.

(٢) وقد استعملت الكلمات في القرآن الكريم في الشرائع الالهية قال سبحانه واصفاً مريم : ( وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ ) ( التحريم ـ ١٢ ).

(٣) المنار ج ٨ ص ١٢.

١٣٩

الخاتمية

في الأحاديث الإسلامية

لقد حصحص الحق بما أوردناه من النصوص القرآنية وانكشف الشك عن محيا اليقين ، فلم تبق لمجادل شبهة ، في أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاتم النبيين والمرسلين ودينه خاتم الأديان وكتابه خاتم الكتب وقد وردت عن النبي والأئمّة من بعده نصوص في المقام تؤكد المطلب فلا بأس بالتعرض لها ، وتوضيح بعضها ، إذ لم نجدها مجتمعة في باب أو كتاب.

تنصيص الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الخاتمية

١. خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المدينة إلى غزوة تبوك وخرج الناس معه فقال له علي عليه‌السلام : أخرج معك ؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا ، فبكى علي ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبي بعدي ، أو ليس بعدي نبي ، أو لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي » (١).

وهذا الحديث صحيح متفق عليه بين الاُمّة ، لم يشك أحد في صحة سنده ولا سنح في خاطر كاتب أن يناقش في ثبوته.

__________________

(١) سمّي حديث المنزلة ، لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزّل فيه نفسه منزلة موسى ، ونزّل علياً مكان هارون.

١٤٠