الخراج وصناعة الكتابة

قدامة بن جعفر

الخراج وصناعة الكتابة

المؤلف:

قدامة بن جعفر


المحقق: الدكتور محمد حسين الزبيدي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الرشيد للنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٢٣

وزنه اثنا عشر قيراطا (١) ، ودرهم وزنه عشرة قراريط (٢). فلما احتيج في الاسلام الى الزكاة ، أخذ الوسط من مجموع ذلك ، وهو اثنان وأربعون (٣) قيراطا. فكانت أربعة عشر قيراطا من قراريط الدينار ، وكانت الدراهم في أيام الفرس ، يسمى منها البعض مما وزن الدرهم فيه مساو لوزن الدينار ، العشرة. وزن عشرة ، ومما الدرهم منه اثنا عشر قيراطا ، العشرة وزن ستة ومما الدرهم منه عشرة قراريط ، العشرة وزن خمسة. فلما ضربت الدراهم الاسلامية على الوسط من هذه الثلاثة الاوزان قيل في عشرتها وزن سبعة لانها كذلك (٤).

فلهذه العلة يفيد ذكر الاوزان في الصكاك ، بأن يقال وزن سبعة ، جريا على المذهب الاول ، الذي كان يحتاط فيه لوجود الأوزان الثلاثة في الدراهم في ذلك الوقت ، والان فما أرى يوجد من الاوزان الاول شيء.

فأما ديوان دور الضرب ، فأمر العمل فيه جار ، على نحو مما شرحناه ، من أمر الدواوين المتقدم ذكرها في نصب الدفاتر ، ووضع الحسبانات ، ولكل ناحية من النواحي في أجرة الدار. والنقد رسم يجري (٥) الامر عليه ، ومسلك للامر في استيفائه (٦) بحقه.

__________________

(١) ويسمى هذا الدرهم (الجرارقي) ويساوي ٥ ر ٤ درانيق ٤٠ ر ٣ غرام. البلاذري : فتوح البلدان ص ٤٥٢. المقريزي : شذور العقود ص ٢. الاحكام السلطانية ص ٢٦٨.

(٢) ويسمى هذا الدرهم (الطبري) ويساوي ٤ دوانيق ٨٣ ر ٢ غرام. البلاذري : فتوح البلدان ص ٤٥٢. المقريزي : شذور العقود : ص ٢.

(٣) في الاصل : اثنان وأربعين.

(٤) انظر : البلاذري ، فتوح البلدان ص ٤٥١ ـ ٤٥٢.

(٥) في س : تجري.

(٦) في س : اسبفائه.

٦١

فأما ديوان الجهبذة (١) ، فأعماله أيضا ، نحو أعمال سائر الدواوين المذكورة أحوالها ، والذي تجري فيه من الاموال ، هو مال الكسور والكفاية والوقاية والرواج ، وما يجرى مجرى ذلك من توابع ، أصول الاموال.

ثم ما ستزيده شرارة الجهابذة ، من الفضول على هذه التوابع ، بسبب اعنات (٢) من عليه مال من أهل الخراج ، ومن يجري مجراهم في النقود ، والصروف وما يرتفقون به من التأخيرات والتقديم عن من يتعذر عليه اداء ، في وقت المطالبة ويخرجونه في وجوه النفقات ، فان بعضهم لما وجد ذلك في بعض لنواحي ، زاد في ضمان الجهبذة بتلك الناحية على من هو ضامن لها ، ووقع التزايد في هذه الوجوه بالظلم ، والعدوان على الرعية وسائر من يقام لهم الجاري ، وتطلق لهم النفقة حتى تراقى مال الجهبذة الى جمل وافرة المبلغ ، أصل أكثرها عدوان ثم قد زال أكثر ذلك في هذا الوقت لطول الاصول فضلا عن التوابع.

__________________

(١) الجهبذة : ديوان الصيرفة. والجهبذ : الصيرفي.

(٢) الاعنات : جمع عنت : وهو الوقوع في أمر شاق.

٦٢

الباب التاسع

في ديوان المظالم

[قال قدامة] هذا الديوان : سبيله أن يتقلده رجل له دين وأمانة ، وفي خليقته عدل ورأفة ليكون ذلك منه نافعا للمتظلمين ، وان يعمل [بجميع القصص](١) جامعا يعرض على الخليفة في كل جمعة. فاذا قعد للناس ، [وكان ممن له](٢) صبر على تأمل القصة والتوقيع عليها ، فعل ذلك. والا علق صاحب الديوان عليها رقعة فيها ، مجموعها لينظر (٣) في المجموع ، ويوقع على القصة بما يوجبه الحكم ، حتى اذا انقض المجلس الذي يجلسه الخليفة ، أو من يقوم مقامه. أخذ جميع القصص مجموعاتها ، وأثبت المجموعات في الديوان ، وذكر أسماء الرافعين ، وأثبت التوقيعات على قصصهم. ثم دفعت القصص بعد ذلك اليهم ، لئلا يجرى في الرقائع (٤) حيلة أو تزوير ، فان عاود المتظلم مرة أو مرتين أو ثلاثا فصاعدا ، أثبت جميع أمره في موضع واحد حتى اذا طولب باخراج حالة من ديوان المظالم ، وجد أمره كله منسوقا مجموعا في موضع واحد ، وأخرجها صاحب الديوان من غير كلفة ، ويكون في هذا

__________________

(١) بياض في الاصل والاضافة س : ت ، س. والقصص تعني العرائض.

(٢) بياض في الاصل والاضافة من : ت ، س.

(٣) في س : ننظر.

(٤) في ت : الوقائع.

٦٣

الديوان من يثبت (١) ذلك في شبيه بالمعاملة ، وناسخ ينسخ مجموعات القصص ، أو القصص بأعيانها حرفا حرفا ، ومنشئ يأخذ جوامع القصص عند الحاجة الى العرض ، ومحرر يحرر ذلك ، ويحرر أيضا ما يحتاج الى الكتاب فيه الى كل واحد من أصحاب (٢) الدواوين ، أو أصحاب المعونة ، أو القاضي أو من جرى مجراهم.

__________________

(١) في س : ثبت.

(٢) في س : او صاحب.

٦٤

الباب العاشر

في كتابة الشرطة (١) والاحداث

قال أبو الفرج : ليس يسع لكاتب (٢) ان يتعرض للكتابة (٣) في شيء من ذلك ، دون أن يكون قد جمع الى بعض ما قدمناه من فنون الكتابة ، الاضطلاع من الحكم الذي يحتاج الى أن يمر به في الشرطة (٤) على ما اذا مر به ، لم يكن غريبا فيه ، وذلك ان أكثر عمله مجازاة الجناة على جناياتهم ، فمنها وهو ما للسلطان أقامته على الجناة في الحياة الدنيا ، دون مجازاة الله في الاخرة. وهو القود (٥) ، والقصاص (٦) ، والحدود (٧) ، في القتل وسائر الجنايات ، أو المطالبة بالدية والارش (٨) ممن يقبل ذلك منه ، ان لم يقع العفو من المجنى (٩) عليه وأوليائه أو الصلح.

__________________

(١) اشتق اسم الشرطة من زيه. لان من زي أصحاب الشرطة نصب الاعلام على مجالس الشرطة. واشراط الاعلام ، ومنه قيل اشراط الساعة ، أي اعلامها ودلائلها ، فلما دل صاحب الشرطة على نفسه بالاعلام التي نصبها على موضع قعوده سمي بذلك. البرهان في وجوه البيان ص ٣٩٣. جاء في مفاتيح العلوم للخوارزمي مقارب لهذا المعنى.

(٢) في الاصل : لكاتب.

(٣) في س : ان يعرض الكتابة.

(٤) اشتق اسم الشرطة من زيه. لان من زي أصحاب الشرطة نصب الاعلام على مجالس الشرطة. واشراط الاعلام ، ومنه قيل اشراط الساعة ، أي اعلامها ودلائلها ، فلما دل صاحب الشرطة على نفسه بالاعلام التي نصبها على موضع قعوده سمي بذلك. البرهان في وجوه البيان ص ٣٩٣. جاء في مفاتيح العلوم للخوارزمي مقارب لهذا المعنى.

(٥) القود : القصاص.

(٦) الحد : في اللغة ، المنع ، وقد سميت بعض العقوبات حدودا لان من شأنها أن تمنع من ارتكاب الجرائم.

(٧) القصاص : القص في اللغة ، يعني القطع. وقد اخذ من هذا كلمة القصاص في الجراح اذا اقتص للمجني عليه من الجاني بجرحه اياه ، أو قتله به .. لسان العرب ح ٨ ص ٣٤١.

(٨) الارش : الخدش ، ثم قيل لما يؤخذ دية لهذا الخدش. لسان العرب ح ٢ ص ١٥٠.

(٩) في س : الجنى

٦٥

فلنبدأ بأول الجنايات وأغلظها وهو القتل ، فنقول : ان القتل على ثلاثة أوجه (١) : يكون أحدها ، العمد ، والثاني : الشبيه بالعمد ، والثالث : الخطأ. فأما العمد : فهو ما تعمد (٢) به المقتول من الضرب بالحديد ، أو السلاح ، أو غير ذلك ، مما فيه دليل على اعتماد النفس.

وأما شبيه العمد ، فهو ما تعمد المقتول به من عصا أو سوط ، أو حجر أو غير ذلك ، مما أشبهه.

وأما الخطأ : فهو ما أصاب المقتول ، مما تعمد به غيره ، وليس [القود](٣) في جميع ذلك ، الا في العمد وحده. وجاء عن النبي صلى الله عليه (٤) ، قال (٥) : (لا قود الا بالسيف ، فأما شبه العمد ، ففيه الدية على عاقله القاتل ، وعلى القاتل الكفارة). وهو ما قاله الله تعالى : فتحرير رقبة [فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين وكذلك في الخطأ ، أيضا. ولو ان جماعة](٦) اشتركوا في قتل رجل تعمدا لكان على جميعهم القود (٧). واذا قتل الحر المملوك ، فان عليه القصاص لقول الله تعالى (٨) ، (النَّفْسَ

__________________

(١) في س : ان القتل ثلاثة أوجه.

(٢) في س : ما يعتمد به.

(٣) في الاصل : القعود.

(٤) في ت ، س : صلى الله عليه وسلم.

(٥) انظر : ابن ماجة : باب الديات ص ٢٥.

(٦) ليست في : ت ، س.

(٧) قال البعض ومنهم ابو داود واهل الظاهر ، ان الجماعة لا تقتل بالواحد.

الآية (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ). راجع في ذلك : كتاب المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد ح ٢ ص ٣٣٣ ـ ٣٣٥. والاحكام السلطانية ص ٢١٩.

(٨) سورة الاسراء آية ، ٣٤.

٦٦

بِالنَّفْسِ). وكذلك المرأة اذا قتلت الرجل عمدا ، والرجل يقتل المرأة عمدا (١). وان اشترك الرجال والنساء في قتل عبد ، أو صبي ، أو امرأة عمدا فان عليهم جميعا القصاص. واذا قتل الرجل المسلم رجلا ، من أهل الذمة عمدا ، فان عليه القصاص (٢) فيه أيضا. وقد أقاد (٣) رسول الله صلى الله عليه (٤) ، رجلا مسلما برجل من أهل الذمة ، وقال (٥) : (أنا أحق من وفى بذمته). واذا اجتمع نفر من المسلمين على قتل رجل من أهل الذمة ، فان على جميعهم فيه القصاص ، ولا قصاص بين الصبيان بعضهم في بعض. واذا جنى الصبي على رجل في النفس ، أو في ما دونها فلا قود ولا قصاص عليه ، لان عمد الصبي خطأ. وكذلك المجنون اذا أصاب في حال جنونه (٦).

فأما في حال صحته فهو والصحيح سواء. وجميع جنايات الصبيان ، والمجانين في حال جنونهم ، يعقله العاقلة ، ولا يقتص الرجل من أبيه ، ولا من أمه ، ولا من جده ، ولا من جدته في العمد ولا في الخطأ. وانما يلزم كل واحد منهم ، أرش الجناية في ماله.

__________________

(١) قال البعض : ان الذكر لا يقتل اذا قتل الانثى ، ولكن الجمهور على أن الذكر يقتل بالانثى كما ان الانثى تقتل بالذكر فهي انسان مثله تكافئه في حرمة الدم.

(٢) قال البعض لا يقتل به ومن هؤلاء الشافعي والثوري واحمد وأبو داود. وقال البعض : انه يقتل به ، ومنهم أبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى. أما مالك والليث بن سعد فقالا : لا يقتل به ، الا ان يكون القتل غيلة. وقد احتج من يمنع القصاص بحديث الامام علي بن أبي طالب عن النبي (ص) وصية (أن لا يقتل مؤمن بكافر).

(٣) في س : أماد.

(٤) في ت ، س : صلى الله عليه وسلم.

(٥) وروي (أنا أحق من وفى بعهده).

(٦) قال مالك (ليس على مجنون قود) الموطأ ص ٥٣١.

٦٧

فأما ما دون النفس من الجنايات ، فالقصاص فيها اذا كانت عمدا على المماثلة ، الشيء بمثله ، الا أن يكون ذلك في عظم يخاف فيه من القصاص التلف (١) ، فان السنة جاءت بأن لا قصاص في عظم ، ما خلا السن ، وجميع الشجاج (٢) فيها قصاص الا الهاشمة ، والمنقلة ، والامة لقلة بلوغ هذه الشجاج (٣) الى العظم ، ولا قصاص بين العبيد والاحرار ، ولا بين العبيد بعضهم ، ولا بين النساء فيما دون النفس. ولو اجتمع جماعة على جناية فيما دون النفس ، من رجل لم يكن على واحد منهم مثل ، الذي على الاخر من القصاص ، كما كان ذلك في النفس بلى ، عليهم الارش في أموالهم. واذا قطع الرجل يدا لرجل من نصف الساعد ، أو رجله من نصف الساق ، فلا قصاص في ذلك لانه من غير مفصل ، وعليه فيه الدّيه ، وحكومة عدل فيما قطعه من المفصل على المفصل. [واذا](٤) اقتص لرجل من آخر في يد ، أو عين ، أو شجة ، فمات المقتص منه ، فان ديته على عاقلة المقتص له. وان قطع الرجل الواحد يد رجلين اليمنى والشمال ، فعليه أن تقطع يداه كلتاهما. فان قال : اني قطعت اليمنى من كل واحد فعليه أن تقطع يمينه لهما جميعا ، وتكون دية اليد الاخرى في ماله لهما جميعا نصفين بينهما.

__________________

(١) في س : المتلف.

(٢) الشجاج ، جمع شجة : والشجة هي الجرح اذا كان بالرأس أو الوجه على اختلاف بين الفقهاء ، فيرى أبو حنيفة أن الشجاج لا تكون الا في الرأس والوجه وفي المواضيع التي بها العظم منهما مثل الجبهة والوجنتين والصداقين والذقن ، دون الذقن ، دون الخدين ويرى مالك والشافعي وأحمد وآخرون أن كان في الوجه والرأس مطلقا يعتبر من الشجاج.

(٣) في س : الشجاح.

(٤) ليست في س.

٦٨

واذا حضر أحدهما قبل الاخر ، فأراد أن يقتص له ، فعل ذلك ولم ينتظر الذي لم يحضر ، لانه ليس في هذا شركة ، فاذا حضر المتأخر بعد ذلك ، كانت له الدية في مال القاطع الاول. واذا أغرق الرجل رجلا ، فلا قصاص عليه ، وعلى عاقلته الدية ، من قبل انه كان يجوز أن يفلت من الماء ، ولا يجر مجرى العمد. ولو أن رجلا خنق رجلا حتى مات ، أو طرحه في بئر فمات ، أو ألقاه من أعلى جبل ، أو سطح فمات ، لم يكن عليه القصاص ، وكانت الدية على عاقلته (١). فان كان خناقا معروفا ، فعليه القصاص. وكذلك لو سقى رجل رجلا سما فقتله ، لم يكن عليه فيه قصاص ، وكانت الدية على عاقلته. ولو أنه أعطاه أياه فشربه هو ، لم يكن عليه في ذلك ، ولا على عاقلته شيء من قبل انه لم يكرهه على شربه.

وأما الديات ، ففي النفس الدية موفرة. وكذلك في المازن ، وهو كلما دون قصبة الانف ، وفي اللسان كله ، وفي بعضه أيضا. اذا منع الكلام الدية ، وفي الذكر الدية كاملة. وكذلك في الحشفة ، وفي الصلب اذا منع الجماع ، أو جدب فأن عاد الى حاله فلم ينقصه ذلك شيئا ، ففيه حكم عدل. وفي الرجل اذا ضرب على رأسه فذهب عقله ، الدية كاملة. وفي احدى العينين أو الاذنين ، أو الشفتين ، أو الحاجبين ، اذا لم ينبتا ، أو اليدين ، أو الرجلين ، أو الاثنتين ، وغير ذلك مما في الانسان منه اثنان ، نصف الدية ، وفي الاثنتين الدية كاملة ، وفي كل اصبع من الاصابع عشر الدية ، وفي كل مفصل من الاصابع نصف دية الاصبع ، وفي كل سن نصف عشر الدية (٢).

__________________

(١) في س : على العاقلة ، ومعنى العاقلة : العصبة.

(٢) أنظر : مالك : الموطأ. ص ٥٣٤ ، ٥٣٥ ، ٥٣٧.

٦٩

والشجاج (١) مختلفة (٢) فيها الدامية (٣) ، وهي التي تدمي الرأس ، وفيها حكم عدل. الباضعة ، وهي التي تبضع اللحم ، ومنزلتها فوق منزلة الدامية ، وفيها حكم عدل بأكثر من ذلك. والسمحاق ، وهي التي فوق هاتين ، انما بينها وبين العظم جلدة فيها حكم عدل ، بأكثر من حكم الاوليتين. وفي الموضحة ، وهي التي توضح العظم نصف عشر الدية. وفي الهاشمة ، وهي التي تهشم العظم عشر الدية. وفي المنقلة وهي التي تخرج منها العظام ، عشر ونصف عشر الدية. والآمة ، وهي التي تصل الى الجوف ، تسمى أيضا الجائفة ، فيها ثلث الدية ، فان نفذت ففيها ثلثا الدية. ودية المرأة في النفس ، وفيما دون ذلك نصف دية الرجل. واذا ضرب الرجل بطن امرأة ، فألقت جنينا ميتا غلاما ، أو جارية ، فعليه غرة عبد أو امة ، أو عدل خمسمائة (٤) درهم (٥). وفي ثدي المرأة ، اذا قطعا الدية كاملة ، وفي كل واحد منهما نصف الدية ، وكذلك في الحلمتين. وذكر الخصي ، وذكر العنين ، ولسان الاخرس ، واليد الشلاء ، والرجل العرجاء ، والعين العوراء ، حكم

__________________

(١) في س : والشجاع.

(٢) الشجاج عند أبي حنيفة احدى عشر ويضيف الى ما ذكر : الحارصة ، وهي التي تحرص الجلد ، بمعنى تخدشه وتخرج الدم ، الدامعة ، هي الشجة التي تظهر الدم ولا تسيله. المتلاحمة هي التي تأخذ باللحم فتقطعه كله ، ثم يتلاحم بعد ذلك أي يلتئم ويتلاحق. الكاساني ـ البدائع : ح ٧ ص ٢٩٦ ، والشجاع عند الشافعي وأحمد بن حنبل عشرة لانهما يحذفان الدامعة.

(٣) المهذب ج ٢ ص ٢١٢. الشرح الكبير ح ٩ ص ٦١٩. ابو يعلي : الاحكام السلطانية ص ١٦٠.

(٤) غرة خمسون دينار. أو خمسمائة درهم : مالك ـ الموطأ ص ٥٣٤.

(٥) في الاصل : مائة درهم.

٧٠

عدل. كذلك في الضلع ، والترقوة ، اذا كسرا وما جرى مجراهما حكم عدل (١).

واذا أصاب الرجل ابنه عمدا أو خطأ ، فلا قصاص عليه في ذلك ، فان كان عمدا ففي ماله الدية ، وان كان خطأ فعلى العاقلة ، وعليه الكفارة. وكذلك فيما دون النفس فان عليه فيه الارش. واذا سقط انسان على آخر من فوق فقتله فهذا خطأ والدية على عاقلته (٢). والديات فمبالغها كاملة. أما في العين فألف دينار ، وفي الورق عشرة آلاف درهم ، وفي الابل مائة ، وفي الغنم ألف ، وفي البقر مائتا بقرة ، وعلى أهل الحجاز مائتا حلة ، وانما يؤخذ اليوم من ذلك أجمع بالذهب ، والفضة ، والابل.

فأما (٣) سوى ذلك فلا ، ولا تعقل العاقلة الا في خمسمائة فما فوق. والدية اذا لم يكن صلحا تؤدي في ثلاث سنين ، والعاقلة عشيرة الرجل الجاني فمن له ديوان النساء ، والذرية ، ولا يلزم الواحد من العاقلة الا ثلاثة دراهم الى الاربعة ، فان زاد قسط الرجل على ذلك ، أدخل معهم أقرب القبائل اليهم. فأما الشهادات ، فانه لا يجوز شهادة الاعمى على عمد ولا خطأ ، ولا شهادة النساء كان معهن رجل أو لم يكن في العمد ، ولا فيما يوجب القصاص ، ولا يجوز قبول شهادة على اخرى ، وكتاب من قاض ، وذلك كله في النفس وفيما دونهما سواء. واذا شهد شاهدان على رجل بالعمد ، حبس حتى يزكيا ، فاذا زكيا بالعمد قتل ، وان كانا انما شهدا بالخطإ قضى عليه عاقلته بالدية ،

__________________

(١) عملا بقول الله تعالى : (الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ ، وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ ، وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) سورة المائدة ، أية ٤٥. يراجع تفصيلات ذاك في : مالك : الموطأ ٥٣٦ والكاساني : بدائع الصنائع ، ح ٧ ص ٢٩٦. ابو يعلي : الاحكام السلطانية ص ٢٦٠.

(٢) في س : عاقلة.

(٣) في س : وأما ما سوى.

٧١

ويحبس القاتل بعد ان يقرر أو يعاقب ، حتى يجد توبة ويحدث خيرا. وكذلك الجراحات ، وكلما دون النفس بمنزلة ما في جميع ما ذكرنا. واذا وجد القتيل في محلة قوم ، فعليهم أن يقسم منهم خمسون رجلا ، ممن يختار أولياء القتيل من صالحي العشيرة ، أنهم ما قتلوا ولا علموا (١) قاتلا ، ثم يغرمون الدية تغرمة العاقلة ، وهم أهل الديوان في ثلاث سنين ، فان لم يكمل العدد خمسين رجلا ، كرر عليهم الايمان حتى يكمل خمسين [يمينا](٢) ، واذا وجد القتيل بين القريتين ، أو السكتين ، فانه يقاس الى أيهما كان أقرب ، فان عليهم القسامة (٣) والدية. واذا وجد القتيل في سوق المسلمين ، أو في مسجد جماعتهم ، فهو على بيت المال وليس فيه قسامة. وان كانت مدينة لا قبائل فيها معروفة ، ووجد في بعضها قتيل ، كان على أهل المحلة ، الذي يوجد ذلك القتيل بين أظهرها ، القسامة والدية. فان أبوا أن يقسموا حبسوا (٤) ، حتى يقسموا خمسين يمينا بالله ما قتلوا ، ولا علموا قاتلا ، ثم يغرمون الدية. فأما حدود السراق وقطاع الطريق فأن السارق الذي يجب عليه القطع (٥) ، هو الذي يأخذ ما يسرقه من حرز ، وعليه القطع اذا أقر ، فقوم قالوا : مرة ، وقوم قالوا : مرتين فيما قيمة ربع دينار فصاعدا ، تقطع (٦)

__________________

(١) في س : أولا.

(٢) أكمل النص س : ت ، س.

(٣) في س : القيامة.

(٤) في س : ان تقسموا أحبسوا.

(٥) عملا بقوله تعالى (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ. فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ). سورة المائدة ، أية ٣٨.

(٦) قال عامة العلماء. أن النصاب شرط فلا تقطع فيما دون النصاب ، وقد اختلف العلماء في مقدار النصاب فمنهم من قال : انه مقدر بعشرة دراهم. وقال اخرون : النصاب ثلاثة دراهم. وقال ابراهيم النخعي النصاب في السرقة بأربعين درهما أو أربعة دنانير. وان ابن أبي ليلى قدره بخمسة دراهم. وان داود يقول : القطع في قليل المال وكثيرة. المدونة الكبرى ح ١٦ ص ٦٦.

٧٢

يده اليمنى من الزند. وقال : قوم من أصول الاصابع ، فان عاد ثانيا ، قطعت رجله اليسرى. فان عاد ثالثة ، استودع الحبس ، ولم يقطع شيء من أداته ، لان ذلك غاية النكال ، ولم يعطل له شق بأسره. وكذلك ان سرق وكانت يده اليسرى شلا ، لم تقطع اليمنى وحبس حتى يظهر توبته ، واذا ظفر بالسارق ومعه سرقته أخذت منه ، وقطع. فان كان قد استهلكها أو هلكت منه ، قطع ولم يضمن لانه لا يجتمع حد وضمان ، وان عفا عنه المسروق منه قبل أن يرفعه ، أو وهب له ما سرقه هبة صحيحة ، بطل القطع. وان كان ذلك بعد ارتفاعه الى السلطان لم يقبل لان النبي صلى الله عليه ، قال (١) : (تعافوا عن الحدود ما لم ترفع). فان كان مع ما فعل قتل ، فان الامام في ذلك بالخيار ، أن شاء قطع يده ورجله من خلاف. وان أدخل السارق يده في بيت المال ، فأخذ مما فيه شيئا قطع (٢). وان أدخل يده في كم انسان ، أو في صندوق ظاهر ، فأخذ منه شيئا قطع. وان أخذ السارق جمارا من نخلة ، أو ثمرة منها ، فانه لا يقطع. للحديث المروى عن النبي صلى الله عليه انه ، قال (٣) : (لا قطع في ثمر ولا كثر). والكثر الجمار. ومن سرق من أبيه ، أو من رحم ، يجب عليه نفقته ، أو من سارق فان ذلك لا يجب فيه القطع.

__________________

(١) أخرجه أبو داود بلفظ مختلف فقال : (تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب). والسنن ح ٢ ص ٤٤٦.

(٢) ليس في السرقة من بيت المال عند الحنفية والشافعية واحمد ، قطع. لان للسارق من تلك الاموال شركة أو شبه شركة وحق يندري بها حد السرقة عنه لكن ليس معنى هذا الا يقع تحت طائلة العقاب بل انه يعزر لارتكابه جريمة لاحد فيها. أما الزيدية فأنها ترى عدم القطع فيمن سرق من بيت المال : انظر : السرخسي : المبسوط. ج ٩ ص ١٨٨. الكاساني : بدائع الصنائع ج ٧ ص ٧٠ درر الاحكام. ج ٢ ص ١٠٢. البحر الزخار ج ٥ ص ١٧٤.

(٣) أبو داود : السنن ح ٢ ص ٤٤٩. مالك : الموطأ ص ٥٢٤.

٧٣

وأما من أخاف السبيل فان في ذلك أحكاما ، منها : انه أخاف السبيل ولم يأخذ مالا ، ولم يقتل فانه أن ظفر حبس لقول الله تعالى (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ)(١). فان أخذ مع ذلك مالا تبلغ قيمته عشرة دراهم فصاعدا ، فانه تقطع يده ورجله ، من خلاف (٢) ... وصلبه وقتله على الخشبة ، وان شاء ان يقتله من غير قطع أو صلب فعل. وقطع الطريق ، انما يكون بحيث لا يجاب فيه الصريخ. فأما في الامصار (٣) ، أو ما يقرب (٤) منها ، فليس ذلك عندهم بقطع للطريق. الا أن يكون ما يفعل منه ليلا. وان تاب قطاع الطريق من قبل أن يقدر عليهم السلطان ، فلا (٥) حكم عليهم من جهته (٦). فأما من قتل وجنى عليه فلهم أن يفعلوا في ذلك ما شاءوا.

__________________

(١) قوله تعالى : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) سورة المائدة : أية : ٣٣.

(٢) بياض في الاصل.

(٣) وعند أبي حنيفة اذا وقعت الجريمة في مصر لا يقام الحد على الجاني ولكنه يعزر خلافا لابي يوسف فانه يقول بوجوب الحد. وعند الحنابلة اذا وقعت الجريمة في العمران فان الحد لا يقام عليهم ويعزرون. أنظر : السرخي : المبسوط : ج ٩ ص ٢٠١. الكاساني : البدائع ح ٧ ص ٩٢. لم يفرق مالك بين قطع الطريق في المصر أو في غير المصر لذا يقيم عليه حد المحاربة.

انظر : المدونة الكبرى ١٦٢ ص ١٠٢.

(٤) في الاصل : وأما أثبتنا ما في س.

(٥) في س : ولا.

(٦) عملا بقوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ). المائدة. أية ٣٤.

٧٤

وأما حد الزنا ، فعلى البكر بالبكر جلد مائة لكل واحد منهما (١) وعلى المحصن بالمحصن الرجم (٢). والاحصان هو أن يتزوج الرجل المسلم البالغ الحر حرة مسلمة ، ويدخل بها بعد البلوغ. ولا تقام الحدود عليها في الزنا ، الا بعد ان يقر بالزنا ، أربع مرات في أربعة أوقات ، وبعد أن يسأل عن الزنا ، ما هو فاذا أثبته ، وعرفه ولم يكن به لوثة في عقله ، أقيم حينئذ الحد عليه. فان رجع تحت الحجارة ، أو هرب ترك لقول النبي صلى الله عليه (٣) ، في ما عز بن مالك (٤) (الا تركتموه) (٥) فاذا أنكر من أول وهلة وجحد ، لم يجب عليه شيء الا ان يقوم عليه بينة ، وهو أربعة نفر من العدول يشهدون عليه في وجهه ، ويصرحون بأنهم رأوه ويصفون الزنا ويثبتونه ، فاذا فعلوا ذلك ، بدأ الشهود بالرجم ، ثم الامام ، ثم سائر الناس ، وان رجع الشهود بعد ما قتل المرجوم ، وجبت عليهم ديته وان رجعوا قبل اقامة الحد عليه (٦) ، جلدوا لانهم قذفوه ، ويدرأ عنه الحد. وعلى العبد والامة في الزنا جلد خمسين لكل واحد منهما. ومن زنا بامرأة

__________________

(١) عملا بقوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ).

سورة التوبة ، أية ٢. للمزيد من التفاصيل أنظر : كتاب المبسوط للسرخي ح ٩ ص ٣٦.

(٢) انظر التفاصيل في كتاب : المغني لابن قدامة م ١ ص ١٢٠ ـ ١٢١.

(٣) في س ، ب : صلى الله عليه وسلم.

(٤) أن ما عز قد زنى وأعترف للرسول (ص) فأمر برجمه.

راجع : ابن رشد : بداية المجتهد ح ٢ ص ٧٦٣.

السرخي : المبسوط ح ٩ ص ٣٦.

الماوردي : الاحكام السلطانية ص ٢١٢.

ابن يعلي : الاحكام السلطانية ص ٢٤٧.

(٥) أبو داود : السنن ح ٢ ص ٤٥٧.

(٦) في س : عليهم.

٧٥

على سبيل الاستكراه وجب عليه الحد دونها ، واذا زنا الرجل بامرأة فانزل دون الفرج فعليه التعزير ، ومبلغ التعزير ، على ما فيه الاختلاف (١) تسعة وسبعون سوطا ، وايما شهود شهدوا على حد تقادم ، فليسوا بشهود ، ولا تقبل (٢) شهادتهم لانهم يشهدون بضعن. ومن فعل فعل قوم لوط ، وهو إتيان الذكور في أدبارهم ، فعليه القتل والرجم.

وروي عن ابن عباس انه قال : يرمى به (٣) من أعلى بيت في القرية ، ثم يتبع الرجم. وروى عن أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه ، انه هدم حائطا عليه. ومن وجد يأتي بهيمته فعليه التعزيز والسنة ، ان تذبح (٤) البهيمة. فأما حد المفتري ، وهو قذف المسلم بالغاية ، فأنه يجلده ثمانين اذا طلب المقذوف ذلك ، وقامت له البينة (٥). ومن قال ، لرجل يا فاسق أو يا فاجر ، أو يا خبيث أو ما أشبه ذلك ، فأنه يعزر. ومن قال : لمسلم يا يهودي ، أو يا نصراني ، وما جرى هذا المجرى (٦) ، فليس في ذلك حد ولكنه يؤدب. فهذه جملة مقنعة للكاتب أن يعلمها ، اذا كان لا يسعه أن يجهل هذا المقدار. فأما ان أتي بشيء من تصاريف هذه الاحوال ، وهي كثيرة فيحتاج في ذلك الى الفقهاء.

__________________

(٥٨) في س : الاخلاف.

(٥٩) في س : ولا يقبل.

(٦٠) ليست في س.

(٦١) في س : يذبح.

(٦٢) راجع كتاب ، البحر الزخار ح ٥ ص ١٦٥.

(٦٣) انظر : (١) العيني : شرح الكنز ح ١ ص ٢٣٥ (٢) الماوردي : الاحكام السلطانية ص ٢١٨ (٣) الجوهرة النيرة (٤) المدونة الكبرى ج ١٦ ص ٢٢ ـ ٢٣ (٥) الميداني : اللباب ج ٣ ص ٦٤ (٧) : درر الاحكام ج ٢ ص ٤٦.

٧٦

الباب الحادي عشر

في ديوان البريد والسكك والطرق الى نواحي المشرق والمغرب

قال أبو الفرج : يحتاج في البريد (١) الى ديوان يكون مفردا به ، وتكون الكتب المنفذة من جميع النواحي ، مقصودا بها صاحبه ليكون هو المنفذ لكل شيء منها الى الموضع المرسوم بالنفوذ اليه ، ويتولى عرض كتب ، أصحاب البريد والاخبار في جميع النواحي. على الخليفة ، أو عمل جوامع لها ، ويكون اليه النظر في أمر الفروانقيّين (٢) ، والموقعين (٣) ، والمرتبين ، في السكك (٤) ، وتنجز أرزاقهم ، وتقليد أصحاب الخرائط ، في سائر الامصار ، والذي يحتاج اليه في هذا الديوان ، هو أن يكون ثقة ، أما في نفسه أو عند الخليفة القائم بالامر في وقته ، لان هذا الديوان ليس فيه من العمل ما يحتاج معه الى الكافي المتصفح ، وانما يحتاج الى الثقة المتحفظ والرسوم التي يحتاج اليها من أمر الديوان ، هو ما يقارب الرسوم التي بيناها في غيره ، مما يضبط به أعماله وأحواله. فأما غير ذلك من أمر

__________________

(١) البريد : كلمة فارسية وأصلها بريدة ذنب) أي محذوف الذنب وذلك أن يقال : البريد محذوفة الاذناب. فعربت الكلمة وخففت وسمي البغل بريدا ، والرسول الذي يركبه بريدا ، والمسافة التي بعدها فرسخان بريدا. الخوارزمي : مفاتيح العلوم ص ٤٢.

(٢) الفروانقيين : جمع فرانق. وهو الحامل للخرائط.

(٣) الموقعين ـ جمع موقع ، وهو الذي يوقع على الاسكدار اذا مر به بوقت وروده وصدوره.

(٤) السكك : جمع سكه : وهو الموضع ، أو المكان الذي يقيم فيه عمال البريد من رباط أو قبة ، أو بيت أو نحو ذلك.

٧٧

الطرق ومواضع السكك والمسالك ، الى جميع النواحي ، فانا لم نذكره ولا غنى بصاحب هذا الديوان ، أن يكون معه منه ما لا يحتاج في الرجوع فيه الى غيره ، وما أن سأله عنه الخليفة في وقت الحاجة الى شخوصه وانفاذ جيش يهمه أمره ، وغير ذلك مما تدعو الضرورة الى علم الطرق بسببه ، وجد عتيدا عنده ومضبوطا قبله ، ولم يحتج الى تكلف عمله ، والمسألة عنه. فينبغي أن تكون الان نأخذ في ذكر ذلك وتعديده بأسماء المواضع وذكر المنازل ، وعدد الاميال ، والفراسخ وغيره من وصف حال المنزل في مائه ، وخشونته ، وسهولته ، أو عمارته (١) أو ما سوى ذلك من حاله.

ونبدأ بالطريق المأخوذ فيه من مدينة السلام ، الى مكة. وهو المنسك الاعظم ، وبيت الله الاقدم ، ونأخذ بعد البلوغ اليه بذكر ما بعده من الطريق الى اليمن ، ثم في سائر الجهات المقاربة له وتسميته ان شاء الله.

فمن (٢) مدينة السلام ، الى جسر كوثي على نهر الملك ، سبعة فراسخ. ومن جسر كوثي الى قصر ابن هبيرة خمسة فراسخ. ومن قصر ابن هبيرة الى سوق أسد سبعة فراسخ. ومن سوق أسد الى شاهي (٣) خمسة فراسخ. ومن شاهي الى مدينة الكوفة خمسة فراسخ. ومن الكوفة الى القاسية خمسة عشر ميلا. ومن القادسية الى العذيب ستة أميال ، العذيب كانت مسلحة بين (٤) العرب وفارس في حد البرية ، وبها حائطان متصلان من القادسية الى العذيب ، ومن الجانبين كليهما نخل ، واذا خرج منه الخارج ، دخل المفازة ، ومن العذيب الى المغيثة ، وفيها برك ، أربعة عشر ميلا. ومن المغيثة الى القرعاء ، وهي منزل وفيه آبار ، اثنان وثلاثون ميلا. ومن القرعاء الى

__________________

(١) في س : وعمارته.

(٢) في س : ومن.

(٣) في النسخ الثلاث : ساهي. وأثبتنا ما ذكره ابن خرداذبة ص ١٢٥.

(٤) في س : من.

٧٨

واقصة وفيها برك وآبار ، أربعة وعشرون ميلا. ومن واقصة الى العقبة (١) وفيها آبار ومنزل ، تسعة وعشرون ميلا. ومن العقبة الى القاع ، أربعة وعشرون ميلا. ومن القاع الى زبالة ، وهي عامرة كثيرة الاهل ، أربعة وعشرون ميلا ، ومن زبالة الى الشّقوق ، وفيها برك ، ثمانية عشر ميلا. ومن الشقوق الى قبر العبادي (٢) ، وفيها برك ، تسعة وعشرون ميلا. ومن قبر العبادي الى الثعلبيّة تسعة وعشرون ميلا. ومن الثعلبية الى الخزيميّه ، وبها ضيق في الماء ، ثلاثة وثلاثون ميلا. والخزيمية (٣) مدينة عليها سور ، وبها منبر وحمام ، وبرك وسميت الخزيمية لان خزيمة (٤) حير فيها سواني (٥) ، وكانت تسمى زرود ورملها أحمر. ومن الخزيمية الى الاجفر (٦) أربعة وعشرون ميلا. ومن الأجفر الى فيد ، وهي منزل العامل (٧) وفيها قناة وزروع ومنبر ، ستة وثلاثون ميلا. ومن فيد الى ثوز (٨) وفيها برك وآبار ، وحصن بناه أبو دلف ، ثلاثة وثلاثون ميلا. ومن ثوز الى سميراء وفيها برك ، ستة عشر ميلا. ومن سميراء الى الحاجز (٩) وفيها برك وآبار ، ثلاثة وعشرون

__________________

(١) في س : العقيد.

(٢) ويسمى الموضع أيضا (بطان). اليعقوبي : البلدان ص ٣٦١.

(٣) في الاصل : الخزيمة.

(٤) وهو خزيمة بن خازم. ابن رستة. الاعلاق النفيسة ص ١٧٦.

(٥) في س : سواي. والصحيح. سواني وهي جمع سانية وهي الناعورة التي تتخذ فيها الابل أو الدواب يستقي عليها الماء من الدواليب.

(٦) الاجفر : منازل قبيلة طي.

(٧) يقصد به عامل الطريق. ابن رسته ص ١٧٦.

(٨) جاءت في الاعلاق النفيسة : والمقدسي : توز ص ١٠٨ الاصل : تور.

(٩) في س : الحاجزة. ابن خرداذبة ص ١٨٦. والحاجز. في الاعلاق النفيسة ص ٩٧٦.

٧٩

ميلا. ومن الحاجز الى معدن النّقرة وفيها آبار وبرك سبعة وعشرون ميلا ، ومن النقرة الى مغيثه الماوان ، سبعة وعشرون ميلا. ومن مغيثة الى الرّبدة وماؤها كثير وفيها منبر أربعة وعشرون ميلا. ومن الربذة الى معدن بني سليم وفيها آبار وبرك ، تسعة عشر ميلا. ومن معدن بني سليم الى العمق ستة وعشرون ميلا. ومن العمق الى أفياعية (١) ، وهي قليلة الماء ، اثنان وثلاثون ميلا. ومن أفياعية الى المسلح وهي كثيرة الماء أربعة وثلاثون ميلا ، ومن المسلح الى الغمرة (٢) ، وهي كثيرة الماء ومنها يعدل الى اليمن ، ثمانية عشر ميلا ، ومن الغمرة الى ذات عرق ، وهي كثيرة الماء ومنها يقع الاحرام ، ستة وعشرون ميلا.

فأن رجعنا الى النقرة ، فمن النقرة الى العسيلة وهي ضيقة الماء ستة وأربعون ميلا ، ومن العسيلة الى بطن النخل ، وهي كثيرة الماء والنخل ، ستة وثلاثون ميلا. ومن بطن النخل الى الطرف اثنان وعشرون ميلا ، ومن الطرف الى المدينة ، خمسة وثلاثون ميلا.

وأما الطريق من المدينة الى مكة ، فمن المدينة الى الشجرة وفيها آبار وبرك وليست بمنزل ولكنها منها يقع الاحرام ، ستة أميال. ومن الشجرة الى ملل وبها آبار ، اثنا عشر ميلا. ومن ملل الى السيالة وبها ماء وتباع بها الشواهين والصقور ، تسعة عشر ميلا. ومن السيالة الى الرويثة وبها احساء (٣) ، أربعة وثلاثون ميلا. ومن الرويثة الى السقيا وبها شجر وماء جار ، ستة وثلاثون ميلا ، ومن السقيا الى الابواء ، [وفيها آبار ومزارع

__________________

(١) ذكرها اليعقوبي : في كتاب البلدان (أفيعية) ص ٣١٢.

(٢) في س : العمرة. وذكرها اليعقوبي (غمرة) البلدان ص ٣١٢.

(٣) الاحساء : برك فيها ماء يقال له (الاحساء) هو نوع من الماء : لا علاق النفسية ص ١٧٨.

٨٠