الخراج وصناعة الكتابة

قدامة بن جعفر

الخراج وصناعة الكتابة

المؤلف:

قدامة بن جعفر


المحقق: الدكتور محمد حسين الزبيدي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الرشيد للنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٢٣

وأمره ان يتثبت في شهادة الشهود ويثبتها قبلة ، ثم يبالغ في المسألة عنهم ، والبحث عن حالاتهم ، والفحص عن وجوه عدالاتهم ، ويجعل رجوعه في ذلك الى أهل الثقة ، والامانة ومن ليس بينة (١) وبين الذي قيل (٢) عنه هوادة ، ولا عداوة ولا وصلة يجتز بها منه مبرة ، ويستدفع (٣) معها من جهته مضرة.

وأمره اذا صح أمر الشهود عنده في ثقتهم ، وعدالتهم ، واستبان وجه القضاء ، ان يعجل انفاذه فأن تأخير الحقوق بعد ظهورها ، إماتة لها وتغرير بها.

وأمره ان هو أشكل عليه شيء من وجوه (٤) الحكم ، ان يرجع فيه الى مشاورة أهل الرأي والبصر بالقضاء ، ومباحثتهم في ذلك ، حتى تصح له قضيته أو يستعجم عليه فيكتب الى أمير المؤمنين فيه ، ويفسره (٥) له على حقه وصدقه ، وقيام من قام من البينة عليه بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم ، ليصدر اليه في الجواب ما يكون عمله بحبسه.

وأمره ان يتوقف عن الحكم بإراقة الدماء على جهة القود أو غيره ، حتى يكتب الى أمير المؤمنين بصورة الامر ، ووجه ما أوجب عنده الحكم ، ويستطلع في ذلك رأيه ، فان للدم منزلة عند الله ، ليست لغيره مما يحكم الناس فيه.

__________________

(١) في س : أمنه.

(٢) في ن ، س ، يسأل.

(٣) في س : وستدفع.

(٤) في س : الوجوه.

(٥) في س : وتفسره.

٤١

وأمره أن لا يقبل شهادة فاسق ، ولا متهم ولا مريب ، ولا ظنين ولا جاز (١) الى نفسه بشهادته ، حظا من حظوظ الدنيا ، ولا مجلود حدا في الاسلام ، الا من عرف الله منه توبة ، فأن الله يقبل التوبة عن عباده.

وأمره أن ينفذ ما يرد عليه من كتب القضاة ، وشهادة الشهود ويقف عليها وعلى خواتيمها ، ويفحص عنها فحصا يأمن معه أن يكون محتالا فيها ، فاذا وقف على صحتها أنفذها على حقها وعدلها ، الا ان ترى في شيء من ذلك ، جورا فاحشا وقضاء مخالفا لمذهب من مذاهب أئمة الفقهاء المشاهير ، فيكتب بذلك الى أمير المؤمنين ولا يعتمد بما يفعله منه أبطال حق أو تأخيره ، فأنه سيان عند أمير المؤمنين منع ذي حق حقه واعطاء المبطل ما ليس له.

وأمره أن لا يرد قضاء قاض من قضاة المسلمين ولا كتابه ، ولا يبطل ذلك ولا يدفعه.

وأمره أن يقبض ما في يد القاضي قبلة من الحجج والكتب ، ويعمل عليها من غير رجوع فيها أو تعقيب لها ، وان يتسلم منه الاموال التي قبله ، والمواريث والودائع التي كانت عنده ، ويعمل فيها بحق الله وحكمه.

وأمره أن لا يورث أهل ملتين ، وأن يقبل من شهادة (٢) بعض أهل الملل على بعض ، ولا يقبل شهادتهم على أهل الاسلام ، وأن يقبل شهادة المسلمين على جميعهم ، لما فضلهم الله به من معرفته ، وأصفاهم به من دينه. وان يحكم بين أهل الملل فيما يتنازعون فيه اليه بحكم الاسلام ، فأن حكمه لازم لهم بالذلة والصغار. وان يفحص عن أهل شهادات الزور التي جرت (٣)

__________________

(١) في س : ولا جار.

(٢) في الاصل : سهادة.

(٣) في ت : سهادات الزور جرت.

٤٢

لهم بها العادة ، وقد جعلوا ذلك شعارا وطمعة ، فان ظفر بأحد منهم جاءه شاهدا (١) عذبه وعاقبه ، وشهره وعاقب المشهود له. فتوخ طاعة الله وتقواه ، والعمل بما وافق الحق وضاهاه ، فان الله مع الذين اتقوا ، والذين هم محسنون ، ومع من اطاعه وعمل بمرضاته ، وعلى من عصاه وأتبع ما نهى عنه.

وأمير المؤمنين يسأل الله ، ان يحسن علي العدل عونك ، وفي الحكم به توفيقك ، وأن يقضي بالصدق على لسانك ، ويجعل على الحق ضمير قلبك ومحصول فعلك.

وعهد لرجل من بني هاشم بتقليده الصلاة (٢)

هذا ما عهد به عبد الله أمير المؤمنين الى فلان بن فلان حين ولاه الصلاة بناحية كذا وكذا. أمره (٣) بتقوى الله وخشيته في سرائره (٤) وعلانيته ، وصيانة عرضه ومذهبه ، وتطهير خلقه وسيرته ، اذ كانت الصلاة من أعمدة الدين التي لا يجوز أن يتولاها غير الطاهرين المهذبين.

وأمره أن يقيم الصلاة لاوقاتها ، ولا يؤخرها اذا حضر حينها ، وان لا يخدجها ولا ينقصها اذا كان به يأتم من يصلى خلفه. وصلاة جميعهم في عنقه ، وأن يكون دخوله فيها بأخبات ودعة وهدي واستكانه.

وأمره أن يرتل قراءته اذا قرأ ، وان يسمع من خطبه اذا خطب ، وان يضع كل كلام في موضعه ، وكل قول في المحل اللائق به.

__________________

(١) في : س : مشاهد.

(٢) في ت : بتقليد.

(٣) في ت : وأمره.

(٤) في س : سراره.

٤٣

وأمره اذا أحكم ذلك من نفسه حتى يستمر عليه في قوله وفعله ، أن يختار من يخلفه وينوب منابه جاريا فيه مجراه ، ومتبعا فيه جميع حدوده ، وما مثله أمير المؤمنين منه ، وان يكون أما من أقرباء أمير المؤمنين ، أو من أفاضل المسلمين.

هذا عهد أمير المؤمنين اليك. فاعتمد مرضاته باتباعه ، وتوخ موافقته بالوقوف عندما أمر به وحده ، ومستشعرا في جميع ذلك خشية الله ، ومراقبته وفي كل ما يأمر به تقى الله وطاعته. وأمير المؤمنين يسأل الله أن يحسن توفيقك ، وتسديدك وارشادك ، لما فيه جمال أمرك وصواب فعلك.

نسخة عهد بولاية المعونة والحرب

هذا ما عهد به أمير المؤمنين الى فلان بن فلان حين ولاه الحرب والاحداث بناحية كذا [وكذا](١). أمره بتقوى الله ، وخشيته في سر أمره وعلانيته ، والاعتصام به والعمل بطاعته ، والاصلاح ما بينه ، وبينه بالعمل الزكي والخلق الرضي.

وأمره أن يتعهد نفسه في تطهير مذهبه ، والمحافظة على دينه ، وأمانته والعلم بأنه لا حول ولا قوة الا بالله ، في جميع تصرفه وسائر تقلبه. وان أمير المؤمنين لم يوله ما ولاه ، الا رجاء أن يكون عنده من الضبط والكفاية ، والذب والسياسة ما يرأب به أهل العبث والفساد ، وتصلح معه الرعية والبلاد.

وأمره أن يتجنب مساخط الله ومحارمه ، ويتعدى مناهيه ومأثمه ، وكف من معه من الجند والحاشية ، عن التخطي الى ظلم أحد من الرعية ، ومساواتهم بأذية وبحضهم على لزوم الاستقامة ، وسلوك نهج الطاعة ، ومقارعة أعداء الله في البلاد ، والتصنع لهم بأفضل العدة والعتاد.

__________________

(١) الاضافة من ت ، س.

٤٤

وأمره أن يحسن صحبة من تبعه من الجنود ، بتعهدهم في البعوث ، وان يكثر عرضهم ويتفقد دوابهم ، وأسلحتهم وأخذهم باستجادتها والثقة فيها ، فان ذلك مما يزيد الله أهل السلامة (١) تمسكا بها ، وأهل الدعارة تنائيا عنها.

وأمره أن يعرف لقواد أمير المؤمنين وشيعته حقوقهم ، وينزلهم منازلهم ، ويزيد في اكرامهم ورفع مقاديرهم ، فان ذلك مما يشحذ نياتهم ، ويزيد في بصائرهم.

وأمره بأن لا يأخذ أحدا بقرف أو تهمة دون أن يكون من أهل الريب والظنة. وان لا يعاقبه بشبهة دون أن تظهر له الدلائل البينة ، والعلامات الواضحة. وأن لا يأخذ أهل التصون والسلامة ، بجرائم الدعار ، وذوي المفسدة

وأمره أن يبسط الامان لمن أتاه سلما ، ولا يجعل ذلك الى الغدر بهم سلما ، ويحذر أن يسمع عنه من استعمال الحيل والمواربة ، ما يقابل عليه بالرواغ من واجب المطالبة.

وأمره أن يتعهد ثغوره وفروجه ، وأطرافه ومصالحه ، ويحترس من اختلال يقع فيها ، ويوليها من له الحنكة والتجربة بمثلها.

وأمره أن يكثر مطالعة أعماله بنفسه ، وثقات من تبعه ، وان يتيقظ في ذلك تيقظا يزيد الريبة ويمنع الغفلة ويصد عن الغرة.

وأمره أن لا يمضي حدا ، أو ينفذ حكما في قود ولا قاص ، الا ما استطلع فيه رأي أمير المؤمنين ، وانتظر من الاجابة ما يكون عليه عمله وعنده وقوفه.

__________________

(١) في س : الاسلام.

٤٥

وأمره أن يمنع الجند من التنزيل على أحد من الرعية في منزله ، وان يشاركوه فيه (١) مع أهله الا أن يكون ذلك بأذنه وطيب نفسه ، وان يتخطوا الزروع أن يطأها أحد منهم بدابته ، ويجعلها طريقه في مقصده ، والا يأخذوا الاتبان من أهلها الا بأثمان ورضى أصحابها.

وأمره أن يتعهد من في حبوسه (٢) ويعرضهم ، ويفحص عن جرائرهم التي من أجلها وقع حبسهم ، بمشهد من قاضي البلد ، ونفر من أهل الثقة والنظر. فمن كان بريئا ، أو جرمه لا يوجب اطالة حبسه أطلقه ، ومن كان من حقه ان بالحبس عن الناس أذاه وشره تعمد في السجن مصلحته ، ومن أشكل عليه أمره ، أنهى خبره الى أمير المؤمنين ليصدر اليه من الراي ما يكون عمله بحسبه.

وأمره ، أن ينظر فيما لم يكن عهد فيه اليه شيئا مما قبله ، فليجاره ، ويستطلع في ذلك من الراي ، ما يأتيه الجواب عنه بما يمتثله.

وأمره أن يقرأ عهده هذا (٣) على من قبله ، ويعلمهم حسن رأي أمير المؤمنين فيهم ، وتوخيه صلاحهم وايثاره الاحسان اليهم والعدل عليهم ، ورفع الضيم عنهم ، والمجاهدة لعدوهم والمرماة دونهم : هذا عهد أمير المؤمنين اليك وأمره إياك فافهمه (وقف) (٤) عنده ، وأتبع مواقع الارشاد منه ، وكن عند ظن أمير المؤمنين بك ، وتقديره فيك ، وما رجاه عندك من النصيحة ، وتأدية الامانة ومقابلة الصنيعة. وأمير المؤمنين يسأل

__________________

(١) في ت ، س : فيدفع.

(٢) في س : خوسة.

(٣) في النسخ الثلاث : بهذا.

(٤) بياض في النسخ وما بين الحاصرتين من عندنا.

٤٦

الله توفيقك ، وإرشادك واحسان معونتك في جميع ما أسنده اليك من أمر حربه ، وعمله قبلك (١) ، وكتب فلان بن فلان باسم الوزير ، وأسم أبيه في وقت كذا.

نسخة عهد في ولاية ثغر البحر

هذا ما عهد أمير المؤمنين ، الى فلان حين ولاه الثغر الفلاني وبحره ومراكبه ، أمره بتقوى الله وطاعته ، والحذر من عقابه ، واتباع مرضاته ، وايثار الحق في جميع أفعاله فان الحق أحرز عصمة ووزر ، وأحصل موئل وعصر.

وأمره بتعهده نفسه حتى يقيم أودها ينفى بذكر الله الهوى ، وزيع الشيطان عنها ، وان يزكي (٢) سجيته ويطهرها ، ويهذب سيرته (٣) ويثقفها ويكون لمن معه من الجند وسائر الاولياء في الخير (٤) أماما ومعلما ، وعلى سلوك أفضل المناهج حاضا ومقوما.

وأمره أن يلين لاهل الطاعة ويشتد على ذوي المعصية ، ويعطي على كل حال قسطها من النصفة والمعدلة.

وأمره أن يكون الاذن عليه لمن معه من الجند مبذولا ، والوصول اليه من ذوى الحاجات والظلمات سهلا يسيرا.

وأمره أن يستعمل على شرطته من يرضي عقله وعفافه ، ويثق بجزالته وصرامته وشدته على أهل الريب والدعارة.

__________________

(١) في ت : قبلك ذلك.

(٢) في س : تزلي.

(٣) في س : وثقفها.

(٤) في س : الجبر.

٤٧

وأمره ، أن يديم عرض جنده حتى يعلم علمهم ويطلع على حقيقة أمرهم ، ويلزمهم مراكبهم.

وأمره أن يشرف على مراقبه ومحارسه ، حتى يحكم أمر المرتبين فيها ويدر عليهم أرزاقهم ، ولا يتأخر (١) عنهم بشيء منها.

وأمره أن يتفقد أمر المراكب المنشأة حتى يحكمها ويجود آلاتها ، ويتخير الصناع لها ، ويشرف على ما كان منها في الموانيء ، ويرفعها من البحر الى الشاطئ في المشاتي ، وهيج الرياح المانعة من الركوب فيها.

وأمره ، أن تكون فواثيره (٢) وعيونه الذين يبعث بهم ، ليعرف أخبار عدوه من ذوي الصدق (٣) ، والنصيحة ، والدين ، والامانة والخبرة ، بالبحر وموانيه ، ودخلاته ومخابئه ، حتى لا يأتوا الا بالصدق من الخبر ، والصحيح من الاثر ، وان رهقتم من مراكب العدو ومما لا قوام لكم به ، فانحازوا الى المواضع التي يعرفونها ، ويعلمون النجاة بالانحياز اليها.

وأمره أن لا يدخل في النفاطين ، والنواتية والقذافين ، ولا في غيرهم ، من ذوي الصناعات والمهن في المراكب ، الا من كان طبا ماهرا ، حاذقا صبورا معالجا ، وأن يكون من يحمله معه في المراكب ، أفاضل الجند وخيار الاولياء ، أصدق نية واحتسابا وجرأة ، على العدو وارتكابا.

__________________

(١) في س : ولا تتأخر.

(٢) الفواثير : م فاثور وهم الجماعة في الثغر يذهبون خلف العدو في الطلب. وكذلك الجاسوس.

(٣) في س : ذوي الصداقة.

٤٨

وأمره ، أن ينظر في صناعة المراكب ، نظرا يستكشف به آلاتها من الخشب ، والحديد والمشاقة (١) والزفت وغيره. حتى يحكمها ويجيد بناء المراكب وتأليفها ، وقلفطتها وتركيبها ، ويستجيد المقاذيف ويجيرها ، وينتقي الصواري والقلوع ، وينتخبها ويميز النواتية ، ويعتمد من له الحذق والدربة منهم ، والحنكة والتجربة من جميعهم ، حتى لا يدخل فيهم من لا يصلح دخوله ، ولا يخلط بهم من يكون غيره أحق بالعمل منه.

وأمره أن يحترس ، من ان تنفذ (٢) للعدو حيلة ، في اجتناب الاسلحة أو شيء من أدوات الحرب ، والمكيدة من أرض الاسلام ، أو ان يطلق لاحد من التجار حمل شيء اليهم ، أو أقامة الطريق الى بلدهم ، ومن وجدة قد أقدم على هذا ، وما جانسه من الناس جميعا ، عاقبة عقوبة موجعة ، وجعله نكالا وعظة.

وأمره أن يضم المراكب في الموانيء التي ترسو فيها ، ويولي مراعاتها من يثق بنصيحته وشهامته ، حتى لا يخرج منها مركب الا بعلمه ، ولا يدخل فيها غيرها الا بأذنه.

وأمره أن يحصى ما في الخزائن من الاسلحة ، ويشرف عليها في كثير من الاوقات حتى تكون على هيئتها مجلوة ، مسنونة ، مقومة ، موصوفة ، متعاهدة مصونة الى وقت الحاجة اليها ، والعمل بها ، ويشرف على ما فيها من النفط ، والبلسان والحبال وغيرها ، من سائر الآلات والادوات ، حتى يحتاط في ظروفها وأوعيتها. ويأمن الفساد والتغيير عليها.

__________________

(٤٤) المشاقة : كثمامه من سقط من الكتان (ليف الكتان).

(٤٥) في س : ينفذ العدو.

٤٩

وأمره بشدة الحذر ، من جواسيس العدو وعيونه ، وان يوكل (١) بكل مدينة من يعلم حالها ولا يطلق لاحد من البوابين ، والحرس أن يدخلها الا من يعلمون حاله ، وسبيل مدخله وصورته ومغزاه وارادته.

هذا عهد أمير المؤمنين اليك ، وأمره إياك فأفهم ، واعلم عمل بما حده ، ورسمه وكن عند أحسن ظنه بك في جميعه ، وهو يسأل توفيقك وارشادك الى ما فيه الخير في جميع ما أسنده اليك ، واعتمد فيه عليك ، وكتب فلان بن فلان.

عهد ولاية البريد

هذا ما عهد عبد الله ، فلان أمير المؤمنين ، الى فلان بن فلان حين ولاه أعمال البريد بناحية كذا. أمره بتقوى الله وطاعته ، واستشعار خوفه ومراقبته ، في سر أمره وعلانيته ، وان يجرى أمره فيما أستكفاه أمير المؤمنين أياه ، بحسب ما بدأ به من الاصطناع ، وقدره عنده من الكفاية والاطلاع.

وأمره أن يؤثر الصدق فيما ينهيه ، والحق فيما يعيده ويبديه ، وان يختار من يستعين به في عمله ، ويشركه في أمانته من يثق بصناعته ، ونزاهته وطيب طعمته ، وتحريه الصدق فيما يصدر عن يده ولهجته ، وأن يكون من يستعمله [من](٢) أهل الكفاية والغناء دون من يستعمل منهم على العناية (٣) والهوى.

وأمره ، أن يعرف حال عمال الخراج والضياع فيما يجري عليه أمرهم ، ويتتبع ذلك تتبعا شافيا ، ويستشفه استشفافا بليغا ، وينهيه على حقه وصدقه ويشرح ما يكتب به منه.

__________________

(١) في س : أن توكل.

(٢) اضيفت حتى يستقيم الكلام.

(٣) في س : العناية.

٥٠

وأمره أن يتعرف (١) حال عمارة البلاد وما هي عليه من الكمال والاختلال ، ويجري في أمور الرعية فيما يعاملون به من الانصاف ، والجور والرفق والتعسف ، فيكتب به مشروحا ملخصا مبينا مفصلا.

وأمره أن يتعرف ما عليه أحوال الحكام في أحكامهم ، وسيرتهم (٢) وسائر مذاهبهم ، وطرائقهم ولا يكتب من ذلك ، الا بما يصح عنده ولا يرتاب به.

وأمره أن يتعرف (٣) حال دار الضرب ، وما يجري عليه مما يضرب فيها من العين والورق ، وما يلزمه الموردون من الكلف ، والمؤن ويكتب بذلك على حقه وصدقه.

وأمره أن يوكل بمجلس عرض الاولياء واعطياتهم ، من يراعيه ويطالع ما يجري فيه ، ويكتب بما يقف (٤) عليه من الحال في وقته.

وأمره (٥) أن يكون ما ينهيه من الاخبار شيئا يثق بصحته ، ولا يدخل شبهة في شيء منه ، ويوعز (٦) الى خلفائه وأصحابه أن لا ينهوا اليه الا ما يثبتونه ، وكانوا على الثقة منه ، وأن يحتاطوا في ذلك بما يحتاط به في مثله من شهادة ، فيما يمكن الشهادة فيه وأخذ الخطوط بما يتهيأ (٧) أخذها به ، واقامة الشواهد والدلائل ، بما يمكن اقامتها عليه ، وان لا يرووا عن شيء لا يعلمونه ، ولا يحابوا أحدا بستره وان يكتموا أخبارهم ولا يذيعوها ولا يخلدوا الى كشفها وافشائها ، فان في ذلك اذا جرى وهنا ولمن أراد الحيلة متطرفا.

__________________

(١) في س : أن يعرف.

(٢) في س : وسيرهم.

(٣) في ت ، س : أن يعرف.

(٤) في ن : بما تقف.

(٥) ليست في : ت ، س.

(٦) في س : يوغر.

(٧) في ت ، س : بمايها.

٥١

وأمره أن يمتنع وجميع أصحابه في النواحي وخلفائه عليها من أن يكونوا سببا في محاباة أحد بالشفاعة له أو التوصل الى دفع حق يجب عليه.

وأمره أن يعرض المرتبين لحمل الخرائط (١) في عمله ويكتب بعدتهم ، وأسمائهم ، ومبالغ أرزاقهم ، وعدد السكك في جميع عمله وأميالها ومواضعها ويوعز الى هؤلاء المرتبين ، بتعجيل الخرائط المنفذة على أيديهم. وفي الموقعين في اثبات المواقيت ، وضبطها حتى لا يتأخر أحد منهم عن الاوقات ، التي سبيله ان يرد السكة فيها. وان يفرد لكل ما يكتب فيه من أصناف الاخبار كتبا بأعيانها ، فيفرد أخبار القضاة ، وعمال المعادن والاحداث ، وما يجرى مجرى ذلك كتبا ، وبأخبار الخراج ، والضياع ، وأرزاق الاولياء ، وما يجرى من دور الضرب والاسعار وما يقع فيه الحل والعقد والاعطاء ، والاخذ كتبا ليجرى كل كتاب في موضعه ويكتب في بابه (٢) فيحصل العمل ويملك نظامه. هذا عهد أمير المؤمنين اليك ، فكن به متمسكا ولما مثله لك ذاكرا ، وبه أخذا ، وعليه عاملا ، والله يوفقك (٣) لما يحمده أمير المؤمنين فيك ويرضاه من فعلك ، ويعلم به صواب اختياره إياك.

ولو ذهبت الى أن اتي ، في كل وجه من وجوه المكاتبات بمثال ، لطال الكتاب ولم نأت على آخر الابواب ، ولكنا نقتصر (٤) على ما مر فأن فيه كفاية ومجزا ، ولما يأتي مما لم نذكره مثالا ومحتدا ان شاء الله وبه القوة والحول.

__________________

(١) الخرائط : عبارة عن وعاء من آدم او ديباج او خزف او ليف هندي او خيش أو نحوها يشرج على ما فيه ويوضع في داخل هذه الخرائط كتب الولاة والعمال او الدراهم التي ترد الى العاصمة او غيرها. (الصابي :

رسوم دار الخلافة. ص ١٨.

(٢) في : ت ، س : في مايه.

(٣) في س : توفيقك.

(٤) في : س : يقتصر.

٥٢

الباب الخامس

في ديوان التوقيع والدار

قال أبو الفرج : اذا أنهى الى الخليفة حال من قدم ، من النواحي عليه يسأل شيئا ، عن حاجاته عنده ، كان (١) ذلك من مؤامرة (٢) من الوزير اليه منشؤها ديوان الدار ، باقتصاص المسألة والوقيعة ، وشرح حالها وما لعله يكون جرى فيها وأخرج من الدواوين فيما سأل (٣) ، والتمس واستطلاع رأيه في ذلك ، فاذا خرجت هذه المؤامرة موقعا فيها بخط الخليفة بأمضاء ما التمسه الملتمس انشئت والتوقيع فيها في ديوان التوقيع ، وأنشئ من ديوان التوقيع كتاب الى صاحب ديوان الدار بنسختها ، واقتصاص ما تضمنت ، وأنشئ من ديوان الدار الى صاحب الديوان الذي تجرى المسألة فيه ، أما أن كان ايغارا (٤) ، أو حطيطة أو تسويغا (٥) ، أو تركة فصاحب الخراج ،

__________________

(١) في س : وكان.

(٢) المؤامرة : عمل تجمع فيه الاوامر الخارجة في مدة أيام الطمع ، ويوقع السلطان بامره بأجازة ذلك .. وقد تعمل المؤامرة أمرة في كل ديوان تجمع جميع ما يحتاج اليه من استثمار واستدعاء.

(٣) في س : فيما يسأل.

(٤) الايغار : الحماية ، وذلك ان تحمي الضيعة أو القرية فلا يدخلها عامل ويوضع عليها شيء يؤدي في السنة لبيت المال في العاصمة ، أو في بعض النواحي.

(٥) التسويغ : ان يسوغ الرجل شيئا من خراجه في السنة. وكذلك الحطيطة ، والتريكة.

٥٣

وان كانت أقطاعا أو طعمة (١) فصاحب ديوان الضياع. أو كانت صلة أو حبوة فصاحب بيت المال. أو جاريا في الحشم ومن يجري مجراهم ، أو اقامة نزل فصاحب ديوان النفقات ، أو رزقا في الاولياء فصاحب ديوان الجيش كتاب يقال فيه :

أما بعد ، فأنه ورد ديوان الدار كتاب منشؤه من ديوان التوقيع بنسخة مؤامرة في كذا ، ويقتص ما أقتص في ديوان التوقيع من حال المؤامرة وما تضمنت وما خرج به الامر ، وما يؤمر صاحب الديوان الذي يكون العمل فيه ، بامتثال ما حد ورسم في الكتاب ، وكتب منشورا ينفذ بعمارة الضياع المقطعة ، والموغرة (٢) وضرب المنار (٣) على حدودها حتى لا يدخل فيها غيرها. ولا يضاف اليها شيء مما يجاورها ، والذي يحتاج اليه في هذين (٤) الديوانين من الاعمال ، والكتّاب انما هو من ينشئ ويحرر وينسخ ، وقد تقدم ذكر الحال في [هذه](٥) الاعمال ما يستغنى عن اعادته في هذا الموضوع.

__________________

(١) الطعمة : وهي ان تدفع الضيعة الى رجل ليعمرها ويؤدي عشرها وتكون له مدة حياته ، فاذا مات ارتجعت من ورثته. اما الاقطاع والقطيعة تكون لعقبة من بعده.

(٢) انظر هامش ٤٠ ص ٥٣.

(٣) المنار : معناها العلامات او الثايات أو الدعامات.

(٤) في ت ، س : هذا.

(٥) ناقصة في الاصل والزيادة من س.

٥٤

الباب السادس

في ديوان الخاتم

قال [أبو الفرج] : هذا الديوان ، انما جعل استظهارا لتكون الكتب التي يحتاج الى ختمها بخاتم أمير المؤمنين تمر به ، ويثبت فيه ولان لخاتم الخليفة من الموقع ما ليس لغيره ، وهو رسم كانت الفرس تجرى أمرها عليه ، لان الملك منهم اذا أمر بأمر وقعة صاحب التوقيع بين يديه ، واثبت في تذكرة عنده. ثم ينفذ التوقيع الى صاحب الزمام واليه الختم ، فينفذه الى صاحب العمل ، فيكتب فيه كتابا يبتدأ اثباته في ديوان الاصل. ثم ينفد الى صاحب (١) الزمام ، ليعرضه على الملك ، ويقابل به ما في التذكرة ويختم بحضرة الملك ، أو بحضرة أوثق الناس عنده. وأول من استأنف هذا الديوان ورسم هذا الرسم في الاسلام ، زياد بن أبيه ، ثم استمر الامر الى هذا الوقت. فأما الخاتم نفسه فكان نقش خاتم النبي (صلى الله عليه) (٢) محمد رسول الله. وكان أبو بكر ،

__________________

(١) صاحب الزمام : هو صاحب ديوان الزمام : ويقصد بديوان الزمام أو الازمة هي : ان الدواوين تجمع لرجل يضبطها بزمام يكون له على كل ديوان ، فيتخذ دواوين الازمة ويولي على كل منها رجلا.

وقال الطبري : (أول من عمل ديوان الزمام عمر بن بزيغ في خلافة المهدي ، وذلك انه لما جمعت له الدواوين ، تفكر فاذا هو لا يضبطها الا بزمام يكون له على كل ديوان ، فأتخذ دواوين الازمة ، وولى كل ديوان ، رجلا) ج ١٠ ص ١١.

(٢) في ت : صلى الله عليه وسلم.

٥٥

وعمر ، وعثمان ، يختمون به فبينما هو في يد عثمان اذ سقط في البئر ، فنزفت البئر فلم يقدر عليه ، وذلك في النصف من مدة خلافته ، فاتخذ خاتما ونقش عليه محمد رسول الله في ثلاثة (١) أسطر ، قال قتادة : ثم ختم به والامر جاء على ذلك الى هذا الوقت. ويروى ان النبي صلى الله عليه (٢) قال : (صنعت خاتما ولا ينقش أحد على نقشه) (٣). وكان رجل يقال له معن بن زائدة ، نقش في خلافة عمر ، على خاتم الخلافة فأصاب به مالا من خراج الكوفة ، فبلغ ذلك عمر فكتب الى المغيرة بن شعبة ، وانفذ رسولا اليه ، وأمره أن يطيع في الرجل رسوله فلما صلى المغيرة العصر ، خرج الى الناس ، فاشرأبوا ينظرون اليه ، حتى وقف على معن بن زائدة ، ثم قال للرسول : ان أمير المؤمنين ، أمرني أن أطيع أمرك فيه ، فأمر (٤) بما شئت ، قال له الرسول : أدع لي بجامعة (٥) ، فلما أتى بها جعلها في عنق معن ، ثم جذبها جذبا شديدا. ثم قال للمغيرة : أحبسه حتى يأتيك أمر أمير المؤمنين فيه ، ففعل ، وكان السجن يومئذ من قصب فخرج معن من محبسه ، وشخص

__________________

(١) في س : نكثة.

(٢) في ت : صلى الله عليه وسلم.

(٣) وردت عدة احاديث بخصوص نقش خاتم الرسول : فقد جاء في صحيح النسائي لا ينبغي لاحد أن ينقش على نقش خاتمي. ص ٧٩. وذكره بن حنبل.

بقوله : لا ينقش أحد على خاتمي هذا ص ١.

انظر : البخاري ، باب اللباس. الكسائي في باب الزية ابن ماجة باب اللباب. ابن حنبل ج ٣ ص ١٠١.

(٤) في الاصل : خمر.

(٥) الجامعة : الغل ، أو القيد : يجمع اليدين الى العنق.

٥٦

الى عمر كاتما (١) نهاره سائرا ليله حتى كف الطلب عنه ، فلما وصل اليه دنا منه ، وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله ، فقال عمر : وعليك من أنت ، قال : أنا معن بن زائدة ، جئتك تائبا ، قال : فلا نجاك الله فلما صلى الصبح ، قال للناس : مكانكم هذا معن بن زائدة أنقش على خاتم الخلافة ، فأصاب به مالا من خراج الكوفة فما تقولون (٢). فقال قائل : اقطع يده ، وقال آخر : أصلبه وعلي (صلوات الله عليه) ساكت فقال له عمر : فما تقول (٣) يا أبا الحسن ، قال : هذا رجل كذب كذبة عقوبته في بدنه ، فضربه عمر ضربا مبرحا وحبسه فمكث في الحبس زمانا. ثم انه أرسل الى صديق له من قريش فكلم عمر فيه ، فقال عمر : ذكرتني الطعن وكنت ناسيا ، ثم قال : عليّ بمعن ، فلما أتى به ضربه ، ثم بعث به الى السجن ، فارسل معن الى كل صديق له يسألهم الا يذكروا به عمر ، فلم يزل محبوسا مدة اخرى. ثم ان عمر ابتدأ يذكره من نفسه ، فدعا به فقاسمه وخلى سبيله.

__________________

(١) في س : كامنا.

(٢) في س : فما يقولون.

(٣) في س : فما يقولون.

٥٧

الباب السابع

في ديوان الفض (١)

قال أبو الفرج : منزلة هذا الديوان من الخليفة ، منزلة مجلس الاسكدار (٢) في ديوان الخراج ، من المتولى له ، لان سبيل الكتب الواردة من العمال في النواحي الى أمير المؤمنين ، أن يكون ابتداؤها به وخروجها الى الدواوين منه بعد فضها وأخذ جوامعها ، ليقرأها الخليفة ويوقع فيها تحت التوقيع فيه بما يراه ، وهذا رسم كان الامر جاريا عليه ، في الاوقات التي كانت الخلفاء فيها تتولى النظر في الكتب بأنفسها. فأما الان ، فالمتولي لفض الكتب وأخراجها الى دواوين الوزير ، وقد انتقل عمل هذا الديوان الى حضرته ، وصار المتولى له كاتبا برسمه (٣) بذلك في داره ، والذي يحتاج اليه في هذا الديوان من الكتاب كاتب يكون ما يعمله ، مثل الذي بينا. ان صاحب مجلس الاسكدار في ديوان الخراج ، ما يعمله من انفاذ سراحات بما يرد عليه من الكتب ، الى صاحب الديوان على حسب قسمة الدواوين والاعمال ، وكاتب يعمل جوامع الكتب التي يحتاج الى عرضها وناسخ ينسخ ما يعمل به من ذلك في هذا الديوان.

__________________

(١) في س : الفيض :

ويتخصص هذا الديوان في فض الرسائل التي تتوارد الى دواوين الدولة ، وهو ما يعرف اليوم ب (الواردة) في دوائر الدولة.

(٢) الاسكدار : المكان المخصوص لحفظ الرسائل.

(٣) في س : يرسمة.

٥٨

الباب الثامن

في النقود ، والعيار ، والاوزان ، وديوان دار الضرب

قال [أبو الفرج] : لما أخذ أمر الفرس يضمحل ، ودولتهم تضعف ، وسلطانهم يهن ، وتدابيرهم تفسد (١) ، وسياستهم تضطرب (٢) ، فسدت نقودهم ، فقام الاسلام ونقودهم من العين والورق ، غير خالصة فما زال الامر على ذلك الى أن اتخذ الحجاج دار الضرب ، وجمع فيها الطباعين ، فكان المال يضرب للسلطان مما يجتمع له من التبر ، وخلاطة الزيوف (٣) ، والبهرجة (٤). ثم أذن للتجار في أن تضرب لهم الاوراق ، واشغل الدار من فضول ما كان يؤخذ من الاجور ، وختم على أيدي الصناع والطباعين وذلك في سنة خمس وسبعين. ثم نقش على الدراهم (الله أحد الله الصمد) ، فسميت المكروهة لان الفقهاء كرهوها (٥). ثم لما (٦) ولى عمر بن هبيرة (٧) العراق ، ليزيد

__________________

(١) في س : يفسد.

(٢) في س : يضطرب.

(٣) الزيوف : المزيفة : وهي الدراهم التي خلط بها نحاس أو طلى بها. الكرملي : النقود العربية ص ٥٠.

(٤) البهرجة : الدراهم المزيفة التي يردها التجار. الكرملي : النقود العربية ص ٥٠.

(٥) أنظر تفاصيل ذلك في البلاذري : فتوح البلدان ص ٤٥٤. الماوردي : الاحكام السلطانية ص ٢٦٩ المغريزي : شذور العقود : ص ٢. الكرملي : النقود العربية ص ٤٣.

(٦) في ت : ولما.

(٧) صارت تسمى الدراهم الهبيرية.

٥٩

بن عبد الملك ، خلص الفضة أبلغ تخليص ، وجود الدراهم وأشتد في العيار. ثم لما ولى خالد بن عبد الله القسري العراق (١) ، لهشام بن عبد الملك ، اشتد في النقود أكثر من اشتداد ابن هبيرة ، حتى أحكم أمرها أبلغ من أحكامه على الطباعين وأصحاب العيار ، وقطع الايدي ، وضرب الابشار (٢) ، فكانت الهبيرية ، والخالدية ، واليوسفية (٣) ، أجود نقود بني أمية. ولم يكن يقبل المنصور من نقودهم في الخراج غيرها. فسميت الدراهم الاولى المكروهة. ثم جود العيار في أيام الرشيد ، وأيام المأمون ، وأيام الواثق ، حتى كانت الائمة المعمول عليها في دور الضرب ما جمع عياره ، من ثلاثة دنانير مضروبة في تلك الاول الثلاث وهي على هذا الى الان.

فأما الورق ، فان الدراهم كانت في أيام الفرس مضروبة على ثلاثة أوزان ، درهم منها على وزن المثقال ، وهو عشرون قيراطا (٤) ، ودرهم

__________________

(١) كان ذلك في سنة ١٠١ ـ ١٠٥ ه‍. وسميت الدراهم التي ضربها بالخالدية.

(٢) الابشار : جمع بشرة ، وهي الجلود.

(٣) جاء يوسف بن عمر الثقفي الى الحكم سنة (١٣٠ ـ ١٣٦ ه‍) بعد خالد ، فافرط في الشدة افراطا شديدا وذهب الى أبعد مما ذهب اليه اسلافه في تخليص العملة والدقة في العيار.

البلاذري : فتوح البلدان ص ٤٥٤. الماوردي : الاحكام السلطانية ص ٢٦٩.

(٤) ويسمى هذا الدرهم (البغلي) ويساوي ٨ دوانيق ٦٦ ر ٤ غرام. وقد نسبت الى (بغل) وهو اسم رجل يهودي ضرب تلك الدراهم. الكرملي : النقود العربية ص ٢٢.

٦٠