أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٨٤
أخبرنا أبو الفضل محمّد بن إسماعيل الفضيلي ، أنبأنا أبو القاسم أحمد بن محمّد الخليلي ، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي ، أنبأنا أبو سعيد الهيثم بن كليب ، حدّثنا محمّد بن عبيد الله المنادي ، حدّثنا داود بن رشيد ، حدّثنا هارون بن محمّد أبو الطيب ، حدّثنا روح بن غطيف ، عن صالح بن عبد الله ، عن ابن الزبير ، عن الزبير قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كلّ سنن قوم لوط قد فقدت إلّا ثلاثا (١) : جرّ نعال السيوف ، وخصف (٢) الأظفار ، وكشف عن العورة» ، قال : وضرب بيده على فخذه (٣) [١٠٦٩٤].
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن السوسي ، أنبأنا جدي أبو محمّد ، حدّثنا أبو علي الأهوازي ، أنبأنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن عمر بن نصر بن محمّد الشيباني (٤) ، حدّثنا شاذن ابن عبد الله مولى الفضل بن جعفر بن حنزابة (٥) ، حدّثنا الحسين بن إدريس الأصبهاني ـ بأصبهان ـ حدّثنا خالد بن هياج بن يساط ، حدّثني أبي عن الحسن بن دينار ، عن الخصيب بن جحدر ، عن أبي غالب ، عن أبي أمامة الباهلي قال :
كان في قوم لوط عشر خصال يعرفون بها : لعب الحمام ، ورمي البندق ، والمكاء (٦) ، والخذف في الأنداء (٧) ، وتبسيط الشعر ، وفرقعة العلك ، وإسبال الإزار ، وحبس الأقبية ، وإتيان الرجال ، والمنادمة على الشراب ، وستزيد هذه الأمة عليها بالسحق والنقش.
أنبأنا أبو الحسن علي بن عبيد الله (٨) الزاغوني ، أنبأنا أبو الغنائم بن أبي عثمان ، أنبأنا القاضي أبو (٩) الحسين محمّد بن أحمد بن القاسم بن المحاملي ، حدّثنا أبو عمر غلام ثعلب ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن ميمون قال : سمعت مصعب بن سلام ، عن سعد بن طريف عن الأصبغ عن علي قال :
ستّ من أخلاق قوم لوط في هذه الأمة : الجلاهق ، والصّفير ، والبندق ، والخذف ، وحل إزار القباء ، ومضغ العلك.
__________________
(١) الأصل ود ، وت : ثلاث.
(٢) كذا بالأصل ود ، وت ، وم ، وفي المختصر : وخضب.
(٣) كتب بالأصل فوق الكلمة الأولى : ملحق ، وكتب بعدها هنا : إلى.
(٤) ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٢٦٢.
(٥) بدون إعجام بالأصل ، وفي م ، ود ، وت : خنزابة ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٤٧٩.
(٦) المكاء : الصفير.
(٧) الأنداء جمع نادي ، والخذف : رمي الحصاة أو النواة وقد ترمى بالمخذفة وهي المقلاع.
(٨) الأصل وت ، وفي د : عبد الله.
(٩) في د : ابن.
[قال :] وثمانية من الناس لا يسلّم عليهم : اليهودي ، والنصراني ، والمجوسي ، والمتفكهين بسبب الأمهات ، والشاعر الذي يقذف المحصنات ، وقوم يشربون الخمر بين أيديهم الريحان ، وأصحاب النردشير ، والشطرنج. [قال :] وستة لا يصلّى خلفهم : ولد الزنا ، والعبد ، والمتعزّب بعد الهجرة ، والأعرابي ، والمحدود إلّا أن يتوب ، والأعمى.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو نصر عبد الرّحمن بن علي بن محمّد بن موسى ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا أبو علي بن صفوان ، حدّثنا ابن أبي الدنيا ، حدّثنا أبو إسحاق ، حدّثنا القعنبي ، حدّثنا مروان بن معاوية ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ ، عن علي قال : من أخلاق قوم لوط الجلاهق ، والصفير ، والخذف ، ومضغ العلك.
أخبرنا بها عالية أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا أبو يعلى بن الفرّاء ، أنبأنا محمّد بن عبد الله ابن الحسين. ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، قالا : أنبأنا أبو القاسم البغوي ، حدّثنا محمّد بن زياد البلدي ، حدّثنا مروان بن معاوية ، عن سعد (١) بن طريف الإسكاف ، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال علي :
إن في هذه الأمّة من أخلاق قوم لوط ستا : الجلاهق ، والبندق ، والصفير ، والخذف ، ومضغ العلك ، وحل الإزار ـ وقال ابن البنّا : وجرّ الإزار ـ.
أخبرنا أبو الفضائل الكلابي ، وأبو تراب المقرئ ، وأبو الحسن الخشوعي ـ إذنا ـ قالوا : أنبأنا أبو بكر الخطيب ـ لفظا ـ أنبأنا أبو الحسن بن رزقوية ، أنبأنا عثمان بن أحمد بن عبد الله ، وأحمد بن سندي ، قالا : حدّثنا الحسن بن علي ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، أنبأنا إسحاق بن بشر ، أخبرني سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «عشر خصال عملتها قوم لوط ، بها أهلكوا ، وتزيدها أمّتي بخلّة : إتيان الرجال بعضهم بعضا ، ورميهم بالجلاهق (٢) والخذف ، ولعبهم بالحمام ، وضرب الدفوف ، وشرب الخمور ، وقصّ اللحية ، وطول الشارب ، والصفير ، والتصفيق ، ولباس الحرير ، وتزيدها أمّتي بخلّة : إتيان النساء بعضهن بعضا» [١٠٦٩٥].
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي ، وأبو المعالي الحسين بن حمزة بن الشعيري (٣) ، قالا : أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر ، أنبأنا أبو بكر
__________________
(١) في د : سعيد بن ظريف ، تصحيف ، راجع ترجمته في تهذيب الكمال ٧ / ٨٩.
(٢) الجلاهق البندق المعمول من الطين.
(٣) بالأصل : «الصعنرى» تصحيف والمثبت عن ت ، ود.
الخرائطي ، حدّثنا سعدان بن يزيد ، حدّثنا علي بن عاصم ، عن حاتم بن أبي صغيرة ، عن سماك بن حرب ، عن أبي صالح مولى أم هانئ ، عن أم هانئ قالت :
قلت : يا رسول الله ، أرأيت قول الله : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ)(١) ما كانوا يصنعون؟ قال : «كانوا يخذفون أهل الطريق ويسخرون منهم» (٢) [١٠٦٩٦].
أخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر ، قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، حدّثنا أبو الربيع الزهراني ، حدّثنا يزيد بن زريع ، حدّثني حاتم بن أبي صغيرة ، حدّثنا سماك بن حرب ، حدّثني أبو صالح ، حدثتني أم هانئ بنت أبي طالب ، قالت :
سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن هذه الآية : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) ، ما المنكر الذي كانوا يأتون في ناديهم؟ قال : «كانوا يخذفون أهل الطريق ، ويسخرون منهم» [١٠٦٩٧].
أخبرنا (٣) أبو الفضل الفضيلي ، أنبأنا أبو القاسم الخليلي ، أنبأنا أبو القاسم الخزاعي ، أنبأنا الهيثم بن كليب ، حدّثنا العبّاس بن محمّد الدوري ، حدّثنا أبو وهب عبد الله بن بكر السهمي ، حدّثنا حاتم بن أبي صغيرة ، عن سماك ، عن أبي صالح مولى أم هانئ ، عن أم هانئ.
أنها سألت النبي عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) ما كان ذلك المنكر الذي كانوا يأتون في ناديهم؟ قال : «كان يسخرون بأهل الطريق ويخذفونهم» (٤) [١٠٦٩٨].
أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي ، أنبأنا محمّد ابن يوسف ، أنبأنا محمّد بن حمّاد ، أنبأنا عبد الرزّاق ، أنبأنا معمر ، عن قتادة في قوله تبارك وتعالى : (مِنْ سِجِّيلٍ)(٥) قال : من طين (مُسَوَّمَةً) قال : قال مطوقة بها نضح من حمرة (مَنْضُودٍ) يقول : مصفوفة قال : (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)(٦) قال : يقول كم بين أمتهم ظالم بعدهم.
أنبأنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن ، وأبو تراب حيدرة بن أحمد ، وأبو الحسن علي
__________________
(١) سورة العنكبوت ، الآية : ٢٩.
(٢) الحديث في تاريخ الطبري ١ / ٢٩٥ ـ ٢٩٦ وتفسير الطبري ٢٠ / ٩٢ (ط. بولاق) وفي تاريخ الطبري : يحذفون.
(٣) فوقها بالأصل وت وم : ملحق.
(٤) كتب بعدها بالأصل وت وم : إلى.
(٥) سورة هود ، من الآية : ٨٢.
(٦) سورة هود ، من الآية : ٨٣.
ابن بركات ، قالوا : أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو الحسن بن رزقوية ، أنبأنا عثمان بن أحمد ، وأحمد بن سندي ، قالا : حدّثنا الحسن بن علي ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، أنبأنا أبو حذيفة ، أخبرني مقاتل بن سليمان ، وجويبر عن الضحاك عن ابن عبّاس قال : إن الله يهيّئ العذاب في أوّل الليل إذا أراد أن يعذّب قوما ، ثم يعذّبهم في وجه الصبح ، قال : فهيئت الحجارة لقوم لوط في أوّل الليل ليرسل عليهم غدوة ، وكذلك عذّبت الأمم : عاد وثمود بالغداة ، قال : فلما كان عند وجه الصبح عمد جبريل إلى قرى لوط بما فيها من رجالها ، ونسائها ، وثمارها ، وطيرها ، وما فيها من أموالها فحواها وطواها ، ثم قلعها من تخوم الثرى ، ثم احتملها من تحت جناحه ، ثم رفعها إلى السماء الدنيا ، قال : فسمع سكّان سماء الدنيا أصوات الكلاب ، والطير ، والرجال ، والنساء تحت جناح جبريل ، فقالوا عند ذلك : يا جبريل ، ما هذا معك؟ قال : قرى آل لوط بما فيها ، أمرت بعذابهم ، ثم أرسلها منكوسة فبعدا وسحقا للقوم الظالمين ، ثم اتّبعها بالحجارة ، وكانت الحجارة للرعاة والتجّار ومن كان خارجا (١) عن مدائنهم.
أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنبأنا أبو الحسين الفارسي ، أنبأنا حمد بن محمّد ابن إبراهيم الخطابي ، أخبرني محمّد بن المكي ، أنبأنا الصائغ ، حدّثنا سعيد ـ يعني ابن منصور ـ حدّثنا سويد بن عبد العزيز ، حدّثنا حصين ، عن سعيد بن جبير ، وذكر قصة هلاك قوم لوط ، وأنه لما كان في جوف الليل رفعت القرية حتى كان أصوات الطير لتسمع في جو السماء ، قال : فمن أصابته تلك الافكة أهلكته.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو البركات سعيد بن الحسين بن الحسن بن حسّان ، قالا : أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا أبو القاسم بن حبابة ، أنبأنا عبد الله بن محمّد البغوي ، حدّثنا هدبة ، حدّثنا همّام عن قتادة في قول الله عزوجل : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى)(٢) قال : قوم لوط (٣).
أخبرنا أبو الحسن السّلمي الفقيه ، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر ، أنبأنا محمّد بن حمّاد ، أنبأنا عبد الرزّاق ، أنبأنا معمر عن قتادة في قوله : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ)
__________________
(١) الأصل ، ود ، وم : خارج ، وفي ت : بخارج وفوقها ضبة.
(٢) سورة النجم ، الآية : ٥٣.
(٣) في تفسير القرطبي ١٧ / ١٢٠ في تفسير الآية ٥٣ من سورة النجم يعني مدائن قوم لوط.
قوم لوط ، ائتفكت (١) بهم أرضوهم ، فجعل عاليها سافلها.
أخبرنا أبو الفرج غيث بن علي ـ قراءة ـ أنبأنا أبو القاسم رمضان بن علي بن عبد الساتر الزيادي ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن علي بن يحيى بن السّري ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الحسن الجروي ، حدّثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام ، حدّثنا الفضيل بن سليمان. ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو القاسم بن البسري ، وأبو علي بن المسلمة ، وأبو الفضل عمر بن عبيد الله بن عمر ، وأبو الوفاء طاهر بن الحسين القوّاس ، وأبو الحسين عاصم بن الحسن ، وأبو الحسن هبة الله بن عبد الرزّاق الأنصاري ، وأبو الفوارس طراد بن محمّد. ح أخبرنا أبو الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان ، وأبو محمّد هبة الله بن أحمد بن طاوس ، وأبو الحسن علي بن محمّد بن يحيى الدريني ، وصاحبته شهدة بنت أحمد بن الفرج ، قالوا : أنبأنا طراد بن محمّد. قالوا : أنبأنا هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار. ح وأخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنبأنا عاصم بن الحسن بن محمّد ، أنبأنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهدي ، قالا : أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش القطّان ، حدّثنا أبو الأشعث ، حدّثنا فضيل بن سليمان ، عن الأعمش ، عن مجاهد قال (٢) : نزل جبريل فأدخل جناحه ـ وقال الجروي : جناحيه ـ تحت مدائن قوم لوط ، فرفعها حتى أسمع أهل سماء الدنيا نبيح الكلاب ، وأصوات الدجاج ، ثم قلبها فجعل أعلاها أسفلها ، ثم أتبعها ـ وقال الجروي وابن مهدي : ثم اتبعوا ـ بالحجارة.
أخبرنا أبو محمّد عبد الجبّار بن محمّد بن أحمد ، أنبأنا علي بن أحمد بن محمّد. أخبرني عبد الرّحمن بن الحسن التاجر ـ فيما أجاز لي ـ أنبأنا عمر بن أحمد الواعظ ، حدّثنا عثمان بن أحمد الدقّاق ، حدّثنا الحسن بن علي ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، حدّثنا المسيّب ابن شريك ، حدّثنا يزيد بن أبي زياد ، عن معاوية بن قرّة ، قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لجبريل : «ما أحسن ما أثنى عليك ربك ، (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ، مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ)(٣) ، فما كانت قوّتك ، وما كانت أمانتك» ، قال : أمّا قوّتي ، فإنّي بعثت إلى مدائن لوط وهي أربع مدائن ، وفي كلّ مدينة أربع مائة ألف مقاتل سوى الذّراري ، فحملتهم من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماء أصوات الدجاج ، ونباح الكلاب ، ثم
__________________
(١) رسمها بالأصل وم ، ود ، وت : «اننفلت» ولعل الصواب ما أثبت ، وائتفكت معناها انقلبت بهم.
(٢) راجع تاريخ الطبري ١ / ٣٠٤ و ٣٠٥.
(٣) سورة التكوير ، الآيتان ٢٠ و ٢١.
هويت بهنّ فقلبتهن ، وأما أمانتي ، فلم أؤمر بشيء فعدوته إلى غيره» [١٠٦٩٩].
أنبأنا أبو الفضائل بن الحسن ، وأبو تراب حيدرة بن أحمد ، وأبو الحسن الخشوعي ، قالوا : حدّثنا أبو بكر أحمد بن علي ـ لفظا ـ أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد ، أنبأنا عثمان بن أحمد (١) بن عبد الله ، وأحمد بن سندي ، قالا : حدّثنا الحسن بن علي ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، أنبأنا إسحاق بن بشر ، حدّثني مقاتل بن سليمان ، عن مجاهد أنه قال : قلت لمجاهد : يا أبا الحجّاج هل بقي من قوم لوط أحد؟ قال : لا ، إلّا رجل بقي أربعين يوما تاجرا كان بمكة ، فجاءه حجر ليصيبه في الحرم فقام إليه ملائكة الحرم ، فقالوا للحجر : ارجع من حيث جئت ، فإنّ الرجل في حرم الله ، فخرج الحجر ، فوقف خارجا من الحجر أربعين يوما بين السماء والأرض حتى قضى الرجل تجارته ، فلمّا خرج أصابه الحجر خارجا من الحرم ، يقول الله : (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)(٢) يعني من ظالمي هذه الأمة ببعيد.
قال : وأنبأنا إسحاق عن مقاتل ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : من عمل ذاك من عمل قوم لوط ، إنّما كانوا ثلاثين رجلا ونيّفا لا يبلغون أربعين ، فأهلكهم الله جميعا ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو لتعمّنّكم العقوبة جميعا» [١٠٧٠٠].
قال : وحدثنا إسماعيل ، وأنبأنا إسحاق عن محمد بن إسحاق عن الزهري : أنّ لوطا [لما عذب الله قومه ، لحق بإبراهيم ، وأهلك الله ما حوله.
قال : وأنا إسحاق عن محمد بن إسحاق عن الزهري : أن لوطا](٣) لم يزل مع إبراهيم حتى قبضه الله إليه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنبأنا حمزة بن يوسف ، أنبأنا أبو أحمد بن عدي (٤) ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن حرب ، حدّثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان (٥) ـ وزعم أنه كتب عنه بجرجان وكذب ، لأن إبراهيم ما دخل جرجان قط ، ومات قبل أن يولد أحمد بن محمّد بن حرب ـ عن أبيه عن السّدي عن أبي الجلد قال : رأيت
__________________
(١) من قوله : وأبو الحسن الخشوعي إلى هنا سقط من م.
(٢) سورة هود ، الآية : ٨٢.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م ، ود ، وت.
(٤) رواه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال ١ / ٢٠١ في أخبار أحمد بن محمد بن حرب.
(٥) ترجمته في تهذيب التهذيب ١ / ١٠٠ (ط. دار الفكر).
امرأة لوط قد مسخت حجرا (١) تحيض عند رأس كل شهر.
قال ابن عدي : وأحمد بن محمّد بن حرب (٢) هذا هو مشهور بالكذب ووضع الحديث.
أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنبأنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرّحمن الصابوني ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السلمي ، أنبأنا أبو عمرو بن مطر قال : سمعت أبا بكر محمّد بن دلوية الدقاق يقول : سمعت سعيد بن سعد يقول : سمعت أبا مطيع عبد الرّحمن بن المثنى يقول : سمعت علي بن الجارود يقول :
كنا خرجنا في طلب العلم ، فمررنا عشية عرفة أنا وصاحب لي بمدينة قوم لوط ـ صلى الله على لوط ـ فقلت لصاحبي ، أو قال لي : ندخل فنطوف في تلك السكك إلى غروب الشمس ، إذا نحن برجل كوسج ، أشعث ، أغبر ، على جمل له أحمر ، فوقف علينا ، فسألنا : من أنتم؟ ومن أين أنتم؟ فأخبرناه ، فلمّا أراد أن يجوزنا قلنا له : من أنت؟ فتغافل ، فقلنا الثانية ، فتغافل ، فقلنا : لعلك إبليس ، قال : أنا إبليس ، قلنا : يا معلون من أين؟ قال : هذا وجهي من الموقف ، رأيت اليوم ثمّ من كان يذنب خمسين سنة ، حتى كنت شفيت صدري منه ، فاليوم أنزل عليه الرحمة ، فلم أصبر من ذلك حتى وضعت التراب على رأسي ، وجئت هاهنا أنظر إليهم يسكن ما بي.
ذكر من اسمه لؤلؤ
٥٨٥٥ ـ لؤلؤ بن صدقة أبو محمّد المرعشي السمسار
سمع بدمشق أبا الدحداح التميمي.
روى عنه : أبو الحسن أحمد بن الحسن بن أحمد بن الطيان الدمشقي.
أنبأنا أبو طاهر محمّد بن الحسين بن الحنّائي ، أنبأنا أحمد بن الحسن بن أحمد بن عثمان بن سعيد بن قاسم الغسّاني ـ إجازة ـ كتب بها الينا من أطرابلس ، أنبأنا أبو محمّد لؤلؤ ابن صدقة المرعشي السمسار ببيت المقدس ، حدّثنا أبو الدحداح أحمد بن محمّد بن
__________________
(١) الأصل ، وم ، ود ، وت : «حجرة» والمثبت عن ابن عدي.
(٢) ميزان الاعتدال ١ / ١٣٤.
إسماعيل بن محمّد بن يحيى بن يزيد ، حدّثني أبي محمّد بن إسماعيل ، حدّثني أبي إسماعيل ابن محمّد عن أبيه محمّد بن يحيى بن يزيد عن الأعمش عن زيد بن وهب ، حدّثني عبد الله ابن مسعود ، حدّثني رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو الصادق المصدوق : «إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ، ثم يكون علقة» فذكر الحديث [١٠٧٠١].
٥٨٥٦ ـ لؤلؤ بن عبد الله أبو الحسن الخادم
كان لزبيدة ، ويقال : بل كان لهارون الرشيد فوهبه لليث بن سعد ، وقدم مع الليث دمشق لمّا رجع من بغداد إلى مصر.
حكى عن هارون الرشيد ، والليث بن سعد.
حكى عنه أبو علي الحسن بن يوسف بن مليح المصري الطرائفي (١).
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا أبو بكر الخطيب (٢) ، حدّثني محمّد بن علي الصوري ، أنبأنا عبد الرّحمن بن عمر التّجيبي ـ بمصر ـ أنبأنا الحسن بن يوسف بن مليح قال : سمعت أبا الحسن الخادم ـ وكان قد عمي من الكبر ، في مجلس يسر (٣) مولى عرق ـ أنا (٤) ومنصور ـ يعني : الفقيه ـ وجماعة قال :
كنت غلاما لزبيدة ، وإنّي يوم أتى بالليث يستفتيه ، فكنت واقفا على رأس ستي زبيدة خلف الستارة ، فسأله هارون الرشيد : حلفت أن لي جنتين؟ فاستحلفه الليث ثلاثا أنه يخاف الله؟ فحلف له ، فقال له الليث : قال الله ـ عزوجل ـ : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ)(٥) قال : فأقطعه قطائع بمصر كثيرة.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن محمّد الجرجاني ، حدّثنا أبو علي الحسن بن مليح الطرائفي بمصر ، حدّثنا لؤلؤ الخادم ـ خادم الرشيد ـ قال :
جرى بين هارون الرشيد وبين ابنة عمّه زبيدة مناظرة وملاحاة في شيء من الأشياء ،
__________________
(١) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤١٨.
(٢) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١٣ / ٤ ـ ٥ في أخبار الليث بن سعد.
(٣) بالأصل : «بشر» والمثبت عن م ، ود ، وتاريخ بغداد.
(٤) بالأصل : «أنبأنا منصور» والمثبت «أنا ومنصور ..» عن م ، ود ، وتاريخ بغداد.
(٥) سورة الرحمن ، الآية : ٤٦.
فقال هارون في عرض كلامه لها : أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنّة ، ثم ندم واغتمّا جميعا بهذه اليمين ، ونزل بهما مصيبة لموضع ابنة عمّه منه ، فجمع الفقهاء وسألهم عن هذه اليمين ، فلم يجد منها مخرجا ، ثم كتب إلى سائر البلدان من عمله أن يحمل إليه الفقهاء من بلدانهم ، فلمّا اجتمعوا جلس لهم وأدخلوا عليه ، وكنت واقفا (١) بين يديه لأمر إن حدث يأمرني بما شاء فيه ، فسألهم عن يمينه وكنت المعبّر عنه ، وهل له منها مخلص ، فأجابه الفقهاء بأجوبة مختلفة ، وكان إذ ذاك فيهم الليث بن سعد فيمن أشخص من مصر ، وهو جالس في آخر المجلس لم يتكلم بشيء ، وهارون يراعي واحدا واحدا ، فقال بقي (٢) ذلك الشيخ في آخر المجلس لم يتكلم بشيء ، فقلت له : إن أمير المؤمنين يقول لك : ما لك لا تتكلم كما تكلّم أصحابك؟ فقال : قد سمع أمير المؤمنين قول الفقهاء وفيه مقنع ، فقال : قل : إن أمير المؤمنين يقول : لو أردنا ذلك سمعنا من فقهائنا ولم نشخصكم من بلدانكم ، فلما ذا أحضرت هذا المجلس؟ فقال : يخلّيني أمير المؤمنين مجلسه إن أراد أن يسمع كلامي في ذلك ، فانصرف من كان بحضرة أمير المؤمنين من الفقهاء والناس ، ثم قال له : تكلم ، فقال : يدنيني أمير المؤمنين ، فأمر به فأدني حتى كان قريبا منه ، قال : تكلم ، قال : يخلّيني أمير المؤمنين ، قال : فليس بالحضرة إلّا هذا الغلام ، وليس عليك منه عين ، فقال : يا أمير المؤمنين أتكلم على الأمان وعلى طرح التعمل والهيبة والطاعة لي من أمير المؤمنين في جميع ما أمر به؟ قال : ذلك لك ، قال : يدعو أمير المؤمنين بمصحف جامع ، فأمر به فأحضر ، فقال : يأخذه أمير المؤمنين فيتصفحه حتى يصل إلى سورة الرّحمن ، فأخذه وتصفّحه حتى وصل إلى سورة الرّحمن ، فقال : يقرأ أمير المؤمنين ، فقرأ ، فلما بلغ : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) قال : قف يا أمير المؤمنين هاهنا ، فوقف ، فقال : يقول أمير المؤمنين : والله (٣) ، فاشتد على الرشيد وعلي ذلك ، فقال له أمير المؤمنين (٤) : ما هذا؟ قال : يا أمير المؤمنين على هذا وقع الشرط ، فنكس أمير المؤمنين رأسه ، وكانت زبيدة في بيت مسبل عليه ستر قريب من المجلس تسمع الخطاب ، ثم رفع هارون رأسه إليه فقال : والله ، قال : الذي لا إله إلّا هو الرّحمن الرحيم ، إلى أن بلغ آخر اليمين ، ثم قال : إنّك يا أمير المؤمنين تخاف مقام الله ، قال هارون : إنّي
__________________
(١) بالأصل : واقف ، والمثبت عن م ، ود.
(٢) بالأصل : «فقال لفتى» والمثبت عن د.
(٣) كذا بالأصل وم ، و «والله» ليس في د.
(٤) كذا بالأصل : «أمير المؤمنين» وفي م ، ود : هارون.
أخاف مقام الله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، فهي جنتان وليست بجنة واحدة كما ذكر الله في كتابه ، فسمعت التصفيق والفرح من خلف الستر.
وقال هارون : أحسنت والله ، بارك الله فيك ، ثم أمر بالجوائز والخلع لليث بن سعد ، ثم قال هارون : يا شيخ اختر ما شئت ، وسل ما شئت تجب فيه.
فقال : يا أمير المؤمنين ، وهذا الخادم الواقف على رأسك؟ فقال : وهذا الخادم ، فقال : يا أمير المؤمنين ، والضياع التي هي لك بمصر ولابنة عمّك أكون عليها ، وتسلّم إليّ لأنظر في أمورها ، قال : بل نقطعك إقطاعا ، فقال : يا أمير المؤمنين ما أريد من هذا شيئا ، بل تكون في يدي لأمير المؤمنين فلا يجري عليّ حيف العمال وأعزّ بذلك ، فقال : ذلك لك ، وأمر أن يكتب له ويسجل بما قال.
وخرج من بين يدي أمير المؤمنين بجميع الجوائز والخلع والخادم ، وأمرت زبيدة له بضعف ما أمر به الرشيد ، فحمل إليه ، واستأذن في الرجوع إلى مصر ، فحمل مكرّما ، أو كما قال.
٥٨٥٧ ـ لؤلؤ بن عبد الله أبو محمّد الخصيّ (١)
مولى أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون المصري.
قدم دمشق ، وحدّث بها عن بكر بن سهل ، وأبي إبراهيم المزني (٢) ، وأحمد بن عمرو ابن عبد الخالق البزّار (٣) ، والربيع بن سليمان.
روى عنه : أبو الحسين الرازي ، وعبد الوهّاب الكلابي ، وسليمان الطّبراني.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا [ـ و](٤) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا أبو بكر الخطيب (٥) ، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن شهريار الأصبهاني ، حدّثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، حدّثني لؤلؤ الرومي ـ مولى أحمد بن طولون ببغداد ـ حدّثنا الربيع بن سليمان ، حدّثنا عبد الرّحمن بن شيبة الجدي (٦) ، حدّثنا هشيم ، عن يونس بن عبيد ، ومنصور ابن زاذان عن الحسن عن أبي بكرة قال :
__________________
(١) ترجمته في تاريخ بغداد ١٣ / ١٨ وولاة مصر ص ٢٥٠ و ٢٥٦ و ٢٦٤.
(٢) تقرأ بالأصل المزي ، والمثبت عن م ، ود ، وت.
(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٥٤ وفيها وفي ت : البزاز وفي م ود : «البزار» كالأصل.
(٤) زيادة لتقويم السند عن م ، ود ، وت.
(٥) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ١٨.
(٦) بالأصل : «الحدا» والمثبت عن م ، ود ، وت ، وتاريخ بغداد.
رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم على المنبر ومعه الحسن بن علي ، وهو يقول : «إنّ ابني هذا لسيّد ، وإنّ الله سيصلح على يديه بين فئتين عظيمتين من المسلمين» [١٠٧٠٢].
قال سليمان : لم يروه عن يونس إلّا هشيم ، ولا عنه إلّا ابن شيبة ، تفرّد به الربيع.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ إذنا ـ أنبأنا أبو محمّد الحسن بن علي بن عبد الصّمد اللبّاد ، وأبو بكر محمّد بن علي بن محمّد الحداد ـ إجازة ـ قالا : أنبأنا تمام بن محمّد ، أنبأنا أبي ، أخبرني أبو محمّد لؤلؤ الخادم مولى خمارويه بن أحمد بن طولون المصري بدمشق ، عن المزني (١) قال : دخلت على الشافعي في اليوم الذي مات فيه ، فقلت : كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال : فرفع إليّ رأسه فقال : أصبحت من الدنيا راحلا ، ولكأس المنية شاربا ، ولسوء فعالي ملاقيا ، وعلى الله واردا ، فلا أدري روحي إلى جنّة تصير فأهنّئها ، أو إلى نار تصير فأعزّيها ، ثم بكى وأنشأ يقول (٢) :
لما قسى قلبي وضاقت مذاهبي |
|
جعلت (٣) الرّجا مني لعفوك سلّما |
تعاظمني ذنبي فلمّا قرنته |
|
بعفوك ربّي كان عفوك أعظما |
فلولاك لم يغوى (٤) بإبليس عابد |
|
وكيف وقد أغوى صفيّك آدما |
أخبرتنا (٥) بهذه الحكاية أعلى من هذا وأتم أم البهاء فاطمة بنت محمّد بن البغدادي قالت : أنبأنا أبو عثمان سعيد بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن محمّد الرومي ، قال : سمعت محمّد بن إسحاق بن خزيمة يقول : سمعت إسماعيل بن يحيى المزني قال : دخلت على محمّد بن إدريس الشافعي في مرضه الذي مات فيه ، فقلت : يا أبا عبد الله كيف أصبحت؟ قال : فرفع رأسه فقال : أصبحت من الدنيا راحلا ، ولإخواني مفارقا ، ولسوء فعلي ملاقيا ، وعلى الله واردا ، ما أدري روحي تصير إلى الجنّة فأهنّئها ، أم إلى النار فأعزّيها ، ثم بكى وأنشأ يقول :
فلما قسى قلبي وضاقت مذاهبي |
|
جعلت رجائي نحو عفوك سلّما |
__________________
(١) هو أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمر المزني المصري ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٩٢.
(٢) من أبيات في ديوانه ط بيروت ص ٨٧ وإرشاد الأريب لياقوت الحموي ٦ / ٣٨٢.
(٣) عجزه في إرشاد الأريب : جعلت رجائي نحو عفوك سلّما.
(٤) بالأصل : «يقوا» والمثبت عن م ، ود ، وت ، وفوقها ضبة فيها وفي الديوان : «يصمد» وفي إرشاد الأريب : يقدر.
(٥) بالأصل : أخبرنا ، والمثبت عن د ، وت.
تعاظمني ذنبي فلمّا قرنته |
|
بعفوك ربّي كان عفوك أعظما |
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل |
|
تجود وتعفو منّة وتكرّما |
فإن تعف عني تعف عن متهتّك (١) |
|
ظلوم غشوم لا يزايل مأثما |
وإن تنتقم مني فلست بآيس |
|
ولو دخلت (٢) نفسي بجرمي جهنما |
فلولاك لم يغوى بإبليس عالم |
|
فكيف وقد أغوى صفيّك آدما |
وإنّي لآتي الذنب أعرف قدره |
|
وأعلم أنّ الله يعفو ويرحما (٣) |
قال : وسمعت أيضا يقول : سمعت إسماعيل بن يحيى المزني يقول : سمعت أبا عبد الله محمّد بن إدريس الشافعي يقول (٤) :
ما شئت كان وإن لم أشأ |
|
وما شئت إن لم تشأ لم يكن |
خلقت العباد على (٥) ما علمت |
|
ففي العلم يمض الفتى والمسن |
فهذا (٦) مننت وهذا خذلت |
|
وهذا (٧) أعنت وذا لم تعن |
فهذا (٨) شقي وهذا (٩) سعيد |
|
وهذا (١٠) قبيح وهذا (١١) حسن |
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن خيرون ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (١٢) : لؤلؤ الرومي مولى أحمد بن طولون ، حدّث عن الربيع بن سليمان المرادي ، وروى عنه أبو القاسم الطّبراني.
قرأت بخط أبي الحسن نجاء بن أحمد ، وذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمية من كتب عنه بدمشق من الغرباء :
أبو محمّد لؤلؤ الخادم مولى أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون كان من أهل مصر ، وقدم دمشق ، وأقام بها ثم مات (١٣) بدمشق سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
__________________
(١) في الديوان : متمرد.
(٢) كذا بالأصل ، وم ، ود ، وت ، وفي الديوان : أدخلوا.
(٣) البيت ليس في ديوانه.
(٤) الأبيات في ديوان الإمام الشافعي ط بيروت ص ٩٢ ونسخة أخرى ص ١٠٥ والكشكول ص ١ / ١٢٢ والمخلاة لبهاء الدين العاملي ص ٥٠٢.
(٥) الديوان : لما قد علمت.
(٦) الديوان : على ذا مننت.
(٧) الديوان : وذاك أعنت.
(٨ و ٩ و ١٠ و ١١) في الديوان : فمنهم ... ومنهم ... ومنهم ... ومنهم.
(١٢) تاريخ بغداد ١٣ / ١٨. (١٣) بالأصل : قدم ، ثم شطبت وكتب فوقها : «مات».
٥٨٥٨ ـ لؤلؤ بن عبد الله أبو محمّد القيصري (١)
مولى المقتدر بالله.
سمع بدمشق عبد الله بن محمّد بن الحسن بن جمعة ، والحسن بن حبيب ، وهشام بن أحمد بن عبد الله بن كثير الدمشقيين ، وقاسم بن إبراهيم الملطي ، وإبراهيم بن محمّد النّصيبي الصوفي ، وأحمد بن إبراهيم بن غالب البلدي.
روى عنه أبو الحسن علي بن أبي حامد الجرجاني ، وأبو بكر البرقاني ، وعلي بن عبد العزيز الطاهري ، والقاضي أبو العلاء محمّد بن علي الواسطي ، ومحمّد بن عمر بن بكير المقرئ.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا [ـ و](٢) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٣) ، أنبأنا الطاهري ، أنبأنا لؤلؤ بن عبد الله القيصري ، حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد النّصيبي الصوفي بالموصل ، حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن شداد ، حدّثني محمّد بن سنان الحنظلي ، حدّثني إسحاق بن بشر القرشي ، عن بهز بن حكيم عن أبيه ، عن جده عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «مبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من عمل أمّتي إلى يوم القيامة» [١٠٧٠٣].
[قال ابن عساكر :](٤) هذا حديث منكر ، وفي إسناده غير مجهول ، وإسحاق بن بشر كذّاب.
أخبرنا أبو القاسم محمود بن أحمد بن الحسن التبريزي ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الغفّار بن أشتة (٥) ، أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد بن الحسن الجرجاني (٦) ، أنبأنا أبو محمّد لؤلؤ بن عبد الله مولى المقتدر بالله ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن الحسين (٧) ابن جمعة بدمشق ، حدّثنا أخطل بن الحكم ، حدّثنا الوليد بن مسلم ، حدّثنا سعيد بن عبد
__________________
(١) ترجمته في تاريخ بغداد ١٣ / ١٨.
(٢) زيادة عن م ، ود ، وت ، لتقويم السند.
(٣) تاريخ بغداد ١٣ / ١٩.
(٤) زيادة منا للإيضاح.
(٥) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٩ / ١٨٣.
(٦) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٤٢٠.
(٧) كذا بالأصل وم ، ود ، وت هنا «الحسين» وقد مرّ قريبا في الأصول جميعا : «الحسن» وفي المختصر هنا : «الحسين».
العزيز ، عن مكحول ، وربيعة بن يزيد عن عبد الله بن حوالة ، قال :
سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «سيجندون أجنادا ، جندا بالشام ، وجندا بالعراق ، وجندا باليمن» ، قال عبد الله : فقمت ، فقلت : خر لي يا رسول الله ، فقال : «عليكم بالشام ، فمن أبى فليلحق بيمنه ، فإنّ الله قد تكفّل لي بالشام» [١٠٧٠٤].
[قال ابن عساكر :](١) المشهور عندنا عبد الله بن الحسين بن محمّد بن جمعة ، فإن كان (٢) هذا عمه وإلّا فهو هو.
أخبرنا أبو الحسن المالكي ، وأبو منصور العطار ، قالا (٣) : قال لنا أبو بكر الخطيب (٤) :
لؤلؤ بن عبد الله أبو محمّد القيصري. حدث عن قاسم بن إبراهيم الملطي ، وإبراهيم بن محمّد النّصيبي الصوفي ، وأحمد بن إبراهيم بن غالب البلدي ، وهشام بن أحمد بن (٥) عبد الله بن كثير ، والحسن بن حبيب (٦) الدمشقيين ، حدّثنا عنه علي (٧) بن عبد العزيز الطاهري ، وأبو بكر البرقاني ، والقاضي أبو العلاء الواسطي ، ومحمّد بن عمر بن بكير المقرئ ، سألت البرقاني عن لؤلؤ القيصري فقال : كان خادما ، حضر مجلس أصحاب الحديث فعلقت عنه أحاديث ، قلت : كيف حاله؟ قال : لا أخبره.
قال الخطيب : ولم أسمع أحدا من شيوخنا يذكره إلّا بالجميل.
٥٨٥٩ ـ لؤلؤ بن عبد الله أبو محمّد البشراوي ، ويقال : البشاري (٨)
يلقب بمنتجب الدولة أمير دمشق في أيام الملقب بالحاكم بعد مظفر المنيري (٩) ، وليها يوم الأحد لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة إحدى وأربع مائة ، وقيل يوم الاثنين.
__________________
(١) الزيادة منا للإيضاح.
(٢) لفظة «كان» كتبت فوق الكلام بين السطرين بالأصل.
(٣) بالأصل : «قال» والمثبت عن م ، ود ، و «ز».
(٤) تاريخ بغداد ١٣ / ١٨ ـ ١٩.
(٥) في تاريخ بغداد : «وابن» تصحيف ، وفي م ، ود ، وت ، كالأصل.
(٦) بالأصل ، وم ، ود ، وت : «شعيب» تصحيف. والمثبت عن تاريخ بغداد ، وقد مرّ صوابا في أول الترجمة.
(٧) كلمتا «علي بن» استدركتا على هامش ت. وبعدهما صح.
(٨) تحفة ذوي الألباب ٢ / ٢١ وأمراء دمشق للصفدي ص ٩٢ وتاريخ ابن القلانسي ص ٦٦ والعبر ٣ / ٨١ والبداية والنهاية ٤ / ٣٤٥.
(٩) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ٢ / ١٩.
حدّثنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، قال : دفع إلي شيخ يعرف بمجير الكتامي من جند المصريين ورقة فيها أسماء الولاة بدمشق ، فكان فيها : ثم ولي الأمير لؤلؤ سنة إحدى وأربعمائة.
قرأت بخط شيخنا أبي محمّد بن الأكفاني مما وجده بخط أبي الحسين عبد الوهّاب بن جعفر الميداني.
وعزل بدر العطّار (١) ، وقدم لؤلؤ البشراوي واليا على دمشق ، ولقّب منتجب الدولة يوم الأحد لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة إحدى أربعمائة ، فنزل بيت لهيا (٢) ، ثم انتقل إلى الدكة (٣) ، ثم انتقل إلى مرج الأشعريين (٤) ، وأقام فيه إلى ليلة الأربعاء لعشر خلون من جمادى الآخرة ، فدخل القصر في الليل ، وركب إلى الجامع يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة ، وقرئ عهده على المنبر قرأه القاضي الشريف أبو عبد الله محمّد بن الحسين الحسني ، عزل يوم عيد الأضحى ، وولي أبو المطاع ذو القرنين بن حمدان (٥) ، وكان العيد يوم الجمعة ، فصلّى لؤلؤ بالناس العيد ، وصلّى الجمعة بالناس ابن حمدان ، فكان جميع ما أقام واليا ستة أشهر وثلاثة أيام.
قرأت بخط عبد المنعم بن علي بن النحوي ، قدم الأمير أبو محمّد لؤلؤ من الرقة ، ودخل إلى دمشق واليا عليها في يوم الاثنين لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعمائة ، وأظهر ابن الهلالي بعد صلاة العيد ـ يعني ـ عند الفجر من سنة إحدى وأربعمائة سجلا معه إلى أبي المطاع ذي القرنين (٦) ناصر الدولة بن حمدان بولاية دمشق وتدبير العساكر ، وركب إلى الجامع ، وقرئ سجله على المنبر ، وعزل لؤلؤ ، فلما كان يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة إحدى أرسل الأمير ذو (٧) القرنين إلى الأمير لؤلؤ
__________________
(١) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ، وتاريخ ابن القلانسي ص ٦٦.
(٢) بيت لهيا : قرية في غوطة دمشق (معجم البلدان).
(٣) الدكة : موضع بظاهر دمشق ، في الغوطة (معجم البلدان).
(٤) هو مرج باب الحديد الذي هو من أبواب قلعة دمشق (الأعلاق الخطيرة لابن شداد ٢ / ٣٦).
(٥) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ٢ / ٤١.
(٦) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن م ، ود ، وت.
(٧) الأصل : «ذي» والمثبت عن م ، ود ، وت.
يقول له : إن كنت في الطاعة فتركب إلى القصر وتخدم ، وإن كنت عاصيا فاخرج عن البلد ، فظن لؤلؤ أنهم يريدونه يجيء إلى القصر حتى يؤخذ رأسه ، فردّ لؤلؤ جواب الرسالة إلى ابن حمدان يقول : أنا في الطاعة غير أني ما أدخل في القصر ، أخّروني ثلاثة أيام حتى أسير عن البلد ، فركب ابن حمدان من وقته ومعه المغاربة والجند ، وجاء إلى باب البريد ليأخذوا لؤلؤ من دار العقيقي (١) ، فركب لؤلؤ وأصحابه ولقيه وقاتله ، ولم يزل القتال بينهم إلى بعد عتمة ، وقتل بينهم جماعة ، ثم طلع لؤلؤ من فوق السطوح واستتر ونهبت داره ونودي بدمشق : من جاء بلؤلؤ فله ألف دينار ، فلمّا كان بعد العتمة ـ يعني ـ من ليلة الأربعاء ركب رجل تركي يعرف بخواجاة إلى الأمير ذي القرنين فعرّفه أن لؤلؤ عنده ، وأنه نزل من السطوح فأنفذ الأمير معه من قبض على لؤلؤ ، وأخذوه إلى القصر ، وسيّر الأمير أبو المطاع الأمير لؤلؤ مقيدا محمولا على بغل على جوالقات (٢) فيها تبن إلى بعلبك في ليلة الأربعاء لثمان بقين من ذي الحجة سنة إحدى ، وفي يوم الثلاثاء لعشر بقين من المحرم من سنة اثنتين وأربع مائة ورد من بعلبك ابن الأمير ذي القرنين ومعه رأس لؤلؤ البشاري الذي كان والي دمشق الملقب بمنتجب الدولة ، وذلك أنه وصل السجل إلى الأمير ابن حمدان بأخذ رأسه.
[ذكر من اسمه](٣) لؤي
٥٨٦٠ ـ لؤي بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك (٤)
أمه أم ولد.
له ذكر ، تقدم ذكره في ترجمة أخيه عثمان بن الوليد (٥) ، ودخل مع عبد الله بن مروان أرض النوبة ، وكان للؤي هذا عقب ، ابناه يزيد والعباس ابنا لؤي.
__________________
(١) دار العقيقي : كانت هذه الدار تجاه المدرسة العادلية ، بناها أحمد بن الحسين بن أحمد بن علي بن محمد العقيقي ، وكان من وجوه أشراف دمشق.
(٢) جوالقات جمع جوالق : عدل كبير منسوج من صوف أو شعر.
(٣) زيادة منا للإيضاح.
(٤) نسب قريش ص ١٦٧.
(٥) تاريخ مدينة دمشق ٤٠ / ٤٠ رقم ٤٦٤٦.
ذكر من اسمه ليث
٥٨٦١ ـ الليث بن تميم الفارسي
من أهل ساحل دمشق من غزاة البحور (١).
روى عنه : الوليد بن مسلم.
قرأت على أبي القاسم بن السّمرقندي ، عن أبي طاهر محمّد بن أحمد بن محمّد بن أبي الصقر ، أنبأنا الحسن بن محمّد بن أحمد بن جميع ، أنبأنا أبو يعلى عبد الله بن محمّد بن حمزة بن أبي كريمة ، أنبأنا عبد الله بن محمّد بن سلم ، حدّثنا عبد الرّحمن بن إبراهيم بن عمرو بن ميمون القرشي ، حدّثنا الوليد بن مسلم ، حدّثني سليمان بن أبي كريمة ، والليث الفارسي (٢) وغيرهما من مشيخة ساحل دمشق.
أن صلح قبرس وقع على جزية سبعة آلاف دينار يؤدونها إلى المسلمين راتبة في كل سنة ، ويؤدون إلى الروم مثلها ، ليس للمسلمين أن يحولوا بينهم وبين ذلك ، وعلى أن لا يغزوهم المسلمون ، ولا يقاتلوا من ورائهم ممن أرادهم من خلفهم ، وعليهم أن يؤذنوا المسلمين بمسير عدوّهم من الروم إليهم وعلى أن يتطرق (٣) امام المسلمين عليهم منهم.
قال الوليد بن مسلم : فسمعت أبا عمرو يذكر صلح قبرس هذا.
هذا صولح على القتال من ورائه فلا يرى أبو عمرو (٤) أن يؤخذ منهم غير ما عليهم ، ولا يصلح أن يؤخذ منهم رءوس أبنائهم ولا من أحرارهم.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ بقراءتي عليه ـ حدّثنا (٥) عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنبأنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنبأنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا ابن عائذ ، حدّثنا الوليد قال : قال الليث :
كنت ممن غزا على اسمه وعطائه بفيء عمر بن هبيرة إذ ولّاه سليمان غازية البحر ، رافقت أخي أبا خراسان في مركب ، فسار بنا عمر حتى مررنا بأهل مصر ، فتبعونا ومضينا حتى
__________________
(١) في م ، ود ، وت : البحر.
(٢) في د : الليث بن الفارسي.
(٣) الأصل ود ؛ يطرق ، والمثبت عن م وت.
(٤) بالأصل : «عمر» والمثبت عن م ، ود ، وت.
(٥) بالأصل : تقرأ : «حدّثني» وتقرأ : «حدثنا» وفي د ، وت ، وم : نا.
أتينا أطرابلس أفريقية ، وعلونا أرض الروم حتى إذا حاذتنا بالقسطنطينة (١) سرنا في بحر الشام حتى دفعنا إلى خليج القسطنطينة ، فخرجنا في الخليج على باب القسطنطينة لنجيز (٢) إلى مسلمة ومن معه من المسلمين وصفّ مسلمة من معه من المسلمين صفّا لم أر قط أطول منه مع الكراديس الكثيرة ، وجلس ليون طاغية الروم على برج باب القسطنطينة وبروجها ، ويصفّ منهم رجاله فيما بين الحائط والبحر صفّا طويلا بحذاء صف المسلمين ، وأظهرنا السلاح في ألف مركب بين محرقات وقوادس فيها الخزائن من كسوة مصر ، وما فيها مما إليه والمعينات (٣) فيها المقاتلة.
قال الليث : فما رأيت يوما قط كان أعجب منه لما ظهر من عدونا في البرّ والبحر ، وما أظهرنا من السلاح ، وما أظهر طاغية الروم على حائط القسطنطينة وصفّهم ذلك ، والعدة ، ونصبوا المجانيق والعرّادات ، فتكبر المسلمون في البر والبحر ، ويظهر [الروم](٤) قبلها (قريا السين لكع) (٥) ابن هبيرة وجماعة من معه من السفن عن الإقدام على باب المينا لما هابته على أنفسها ، فلمّا رأت ذلك الروم خرج إلينا من باب مينائهم معينات (٦) أو قال محرقات ، فمضى مركب منها إلى أدنى من يليه من مراكب المسلمين ، فألقى عليه الكلاليب بالسلاسل فاجترّه حتى أدخله بأهله القسطنطينة ، فأسقط ذلك في أيدينا ، وخرجوا إلى مركب ليفعلوا ذلك به ، فجعل ابن هبيرة يتجسر ويقول : ألا رجل ، فقام إليه أبو خراسان فقال : هذا أنا رجل ، ولكنّك صيرتني في المركب معك لبعض من لا غنى عنده ، فقال له ابن هبيرة : فمر بما ترى ، ومر بما تحب ، فأشار إلى مركب من الفرس يعرفهم بالشدة والبأس ، فقال : ابعثني في قارب أنا وأخي ومرهم بطاعتي ، ففعل فأمر أبو خراسان لنوتي المركب أن يوجهه إلى ذلك المركب الذي ذهب بالمسلمين ، فكع عنه النوتي ، فأشار إليه أبو خراسان بالسيف فمضى به حتى ألصق المركب بمركبهم ، ثم سار أبو خراسان حتى أوثقهما بسلسلة لئلا يفرّ أحدهما عن صاحبه ، قال : فاجتلدنا بأسيافنا فيما بين السفينتين ، فرزقنا الله الظفر ، فدخلنا سفينتهم ووضعنا السيف
__________________
(١) كذا بالأصل ود ، وت : «القسطنطينة» في كل مواضع الخبر ، وفي م : «القسطنطينية» في كل مواضع الخبر.
(٢) من قوله : سرنا في بحر .. إلى هنا ، ليس في م.
(٣) كذا رسمها بالأصل ، وم ، ود ، وت.
(٤) بالأصل : «المسلمين» ثم شطبت ، وفوقها علامة تحويل إلى الهامش وكتب عليه : «الروم» وهو ما أثبت ، ويوافق م ، ود ، وت.
(٥) كذا ما بين القوسين بالأصل وم ، ود ، وت.
(٦) كذا رسمها بالأصل ، وم ، ود ، وت.
فيهم ، فانتهينا إلى قومس السفينة الذي فعل ما فعل ، وقد ألقى بيضته وجثا على ركبتيه ، شيخ أصلع ، فضربه صاحب لنا ضربة لم تغن شيئا ، وتقدّم إليه أبو خراسان فضربه ضربة شقّ منها هامته حتى نظرت إلى السيف قد أجاز إلى الذقن إلى الحنجرة وما يليها ، واستسلم من بقي منهم فقدناها إلى من يلينا من المسلمين ، ورجعنا إلى من كان منهم فدخلوا الميناء ، ووقف أبو خراسان موقفا حسنا يأمن به من فرّ منا إلى مسلمة ومن يليه ، حتى مروا من آخرهم ، لم يصب منهم إلّا ذلك المركب الأول حتى انتهينا إلى مسلمة ومن معه ، فأخذناهم إلى الخليج إلى السقع الذي على باب القسطنطينة والبحر ، أو قال : الخليج ، محيط بها إلّا مما يلي برّها ، فعسكر عليه مسلمة ، وكنا في سفننا مرسيين على ساحلها مما يلي العسكر ، يخرج من سفننا عمر بن هبيرة وغيره إلى مسلمة ومن أردنا من أهل العسكر ، ويأتينا أهل العسكر فيدخلون علينا في سفننا.
٥٨٦٢ ـ ليث بن أبي رقيّة (١) الثقفي مولاهم (٢)
ويقال : مولى أم الحكم بنت أبي سفيان ، وكانت متزوجة في ثقيف.
وكان كاتب سليمان بن عبد الملك ، وعمر بن عبد العزيز.
روى عن عمر قوله.
روى عنه : عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ، ومحمّد بن راشد المكحولي ، والنضر بن عربي ، ومنصور (٣).
ذكر أبو الحسين الرازي.
أن ليثا كان كاتب عمر بن عبد العزيز ، وهو مولى أم الحكم بنت أبي سفيان ، ويقال : مولى أبيها عبد الرّحمن بن أم الحكم.
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي الفتح بن المحاملي ، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني ، حدّثنا أبو بكر الشافعي ، حدّثنا جعفر بن الأزهر ، حدّثنا المفضّل بن غسان الغلّابي. ح وأخبرنا (٤) أبو البركات ، أنبأنا ثابت بن بندار ، أنبأنا أبو العلاء ، أنبأنا أبو بكر ،
__________________
(١) رقية : بالتصغير ، كما في تقريب التهذيب.
(٢) ترجمته في تهذيب الكمال ١٥ / ٤٣٦ وتهذيب التهذيب ٤ / ٦٠٨.
(٣) يعني منصور بن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة ، أبو عتاب الكوفي ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٨ / ٣٩٩.
(٤) كتب فوقها بالأصل وم وت : ملحق.
أنبأنا أبو أمية ، حدّثنا أبي (١) قال : قال أبو زكريا ـ يعني ـ ابن معين : ليث بن أبي رقيّة الذي روى عنه مجاهد كان يكون مع عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنبأنا أبو حمد بن عبد الملك ، أنبأنا أبو الحسن (٢) بن السّقّا ، وأبو محمّد بن بالوية ، قالا : حدّثنا محمّد بن يعقوب ، حدّثنا عباس بن محمّد ، قال : سمعت يحيى يقول : منصور عن ليث بن أبي رقيّة ، كان كاتبا مع عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا محمّد بن هبة الله ، أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا عبد الله ، حدّثنا يعقوب قال (٣) : وروى منصور عن ليث بن أبي رقيّة وهو شامي ، [كاتب](٤) كان يكون مع عمر بن عبد العزيز.
أنبأنا أبو الغنائم ، ثم حدّثنا أبو الفضل ، أنبأنا أبو الفضل ، وأبو الحسين ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنبأنا أبو أحمد ـ زاد أبو الفضل : ومحمّد بن الحسن قالا : ـ أنبأنا أحمد بن عبدان ، أنبأنا ابن سهل ، أنبأنا البخاري (٥) قال :
ليث بن أبي رقيّة عن عمر بن عبد العزيز ، قوله روى عنه محمّد بن راشد الشامي.
أخبرنا أبو الحسين القاضي ، وأبو عبد الله الأديب ـ إذنا ـ قالا : أنبأنا أبو القاسم بن مندة ، أنبأنا حمد ـ إجازة ـ. ح قال : وأنبأنا ابن سلمة ، أنبأنا علي. قالا : أنبأنا ابن أبي حاتم ، قال (٦) : ليث بن أبي رقيّة كاتب عمر بن عبد العزيز الشامي ، روى عن عمر بن عبد العزيز ، روى عنه [محمد بن راشد](٧) الشامي ، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنبأنا أبو القاسم بن عتّاب ، أنبأنا ابن عمير ـ إجازة ـ. ح وأخبرناه أبو القاسم بن السّوسي ، أنبأنا أبو عبد الله بن أبي الحديد ، أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن ، أنبأنا عبد الوهّاب بن الحسن ، أنبأنا ابن عمير ـ قراءة ـ قال :
__________________
(١) كتب فوقها بالأصل وت : ملحق.
(٢) بالأصل : الحسين ، تصحيف ، والمثبت عن م ، وت ، ود.
(٣) المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي ٣ / ٢٣٦.
(٤) سقطت من الأصل ، وم ، ود ، وت ، وزيدت عن المعرفة والتاريخ.
(٥) التاريخ الكبير ٧ / ٢٤٧.
(٦) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٧ / ١٨٠.
(٧) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، وم ، ود ، وت ، واستدرك للإيضاح عن الجرح والتعديل.