تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٠

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٠

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٨٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أخبرنا أبو الفضل محمّد بن إسماعيل الفضيلي ، أنبأنا أبو القاسم أحمد بن محمّد الخليلي ، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي ، أنبأنا أبو سعيد الهيثم بن كليب ، حدّثنا محمّد بن عبيد الله المنادي ، حدّثنا داود بن رشيد ، حدّثنا هارون بن محمّد أبو الطيب ، حدّثنا روح بن غطيف ، عن صالح بن عبد الله ، عن ابن الزبير ، عن الزبير قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كلّ سنن قوم لوط قد فقدت إلّا ثلاثا (١) : جرّ نعال السيوف ، وخصف (٢) الأظفار ، وكشف عن العورة» ، قال : وضرب بيده على فخذه (٣) [١٠٦٩٤].

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن السوسي ، أنبأنا جدي أبو محمّد ، حدّثنا أبو علي الأهوازي ، أنبأنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن عمر بن نصر بن محمّد الشيباني (٤) ، حدّثنا شاذن ابن عبد الله مولى الفضل بن جعفر بن حنزابة (٥) ، حدّثنا الحسين بن إدريس الأصبهاني ـ بأصبهان ـ حدّثنا خالد بن هياج بن يساط ، حدّثني أبي عن الحسن بن دينار ، عن الخصيب بن جحدر ، عن أبي غالب ، عن أبي أمامة الباهلي قال :

كان في قوم لوط عشر خصال يعرفون بها : لعب الحمام ، ورمي البندق ، والمكاء (٦) ، والخذف في الأنداء (٧) ، وتبسيط الشعر ، وفرقعة العلك ، وإسبال الإزار ، وحبس الأقبية ، وإتيان الرجال ، والمنادمة على الشراب ، وستزيد هذه الأمة عليها بالسحق والنقش.

أنبأنا أبو الحسن علي بن عبيد الله (٨) الزاغوني ، أنبأنا أبو الغنائم بن أبي عثمان ، أنبأنا القاضي أبو (٩) الحسين محمّد بن أحمد بن القاسم بن المحاملي ، حدّثنا أبو عمر غلام ثعلب ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن ميمون قال : سمعت مصعب بن سلام ، عن سعد بن طريف عن الأصبغ عن علي قال :

ستّ من أخلاق قوم لوط في هذه الأمة : الجلاهق ، والصّفير ، والبندق ، والخذف ، وحل إزار القباء ، ومضغ العلك.

__________________

(١) الأصل ود ، وت : ثلاث.

(٢) كذا بالأصل ود ، وت ، وم ، وفي المختصر : وخضب.

(٣) كتب بالأصل فوق الكلمة الأولى : ملحق ، وكتب بعدها هنا : إلى.

(٤) ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٢٦٢.

(٥) بدون إعجام بالأصل ، وفي م ، ود ، وت : خنزابة ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٤٧٩.

(٦) المكاء : الصفير.

(٧) الأنداء جمع نادي ، والخذف : رمي الحصاة أو النواة وقد ترمى بالمخذفة وهي المقلاع.

(٨) الأصل وت ، وفي د : عبد الله.

(٩) في د : ابن.

٣٢١

[قال :] وثمانية من الناس لا يسلّم عليهم : اليهودي ، والنصراني ، والمجوسي ، والمتفكهين بسبب الأمهات ، والشاعر الذي يقذف المحصنات ، وقوم يشربون الخمر بين أيديهم الريحان ، وأصحاب النردشير ، والشطرنج. [قال :] وستة لا يصلّى خلفهم : ولد الزنا ، والعبد ، والمتعزّب بعد الهجرة ، والأعرابي ، والمحدود إلّا أن يتوب ، والأعمى.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو نصر عبد الرّحمن بن علي بن محمّد بن موسى ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا أبو علي بن صفوان ، حدّثنا ابن أبي الدنيا ، حدّثنا أبو إسحاق ، حدّثنا القعنبي ، حدّثنا مروان بن معاوية ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ ، عن علي قال : من أخلاق قوم لوط الجلاهق ، والصفير ، والخذف ، ومضغ العلك.

أخبرنا بها عالية أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا أبو يعلى بن الفرّاء ، أنبأنا محمّد بن عبد الله ابن الحسين. ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، قالا : أنبأنا أبو القاسم البغوي ، حدّثنا محمّد بن زياد البلدي ، حدّثنا مروان بن معاوية ، عن سعد (١) بن طريف الإسكاف ، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال علي :

إن في هذه الأمّة من أخلاق قوم لوط ستا : الجلاهق ، والبندق ، والصفير ، والخذف ، ومضغ العلك ، وحل الإزار ـ وقال ابن البنّا : وجرّ الإزار ـ.

أخبرنا أبو الفضائل الكلابي ، وأبو تراب المقرئ ، وأبو الحسن الخشوعي ـ إذنا ـ قالوا : أنبأنا أبو بكر الخطيب ـ لفظا ـ أنبأنا أبو الحسن بن رزقوية ، أنبأنا عثمان بن أحمد بن عبد الله ، وأحمد بن سندي ، قالا : حدّثنا الحسن بن علي ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، أنبأنا إسحاق بن بشر ، أخبرني سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «عشر خصال عملتها قوم لوط ، بها أهلكوا ، وتزيدها أمّتي بخلّة : إتيان الرجال بعضهم بعضا ، ورميهم بالجلاهق (٢) والخذف ، ولعبهم بالحمام ، وضرب الدفوف ، وشرب الخمور ، وقصّ اللحية ، وطول الشارب ، والصفير ، والتصفيق ، ولباس الحرير ، وتزيدها أمّتي بخلّة : إتيان النساء بعضهن بعضا» [١٠٦٩٥].

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي ، وأبو المعالي الحسين بن حمزة بن الشعيري (٣) ، قالا : أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر ، أنبأنا أبو بكر

__________________

(١) في د : سعيد بن ظريف ، تصحيف ، راجع ترجمته في تهذيب الكمال ٧ / ٨٩.

(٢) الجلاهق البندق المعمول من الطين.

(٣) بالأصل : «الصعنرى» تصحيف والمثبت عن ت ، ود.

٣٢٢

الخرائطي ، حدّثنا سعدان بن يزيد ، حدّثنا علي بن عاصم ، عن حاتم بن أبي صغيرة ، عن سماك بن حرب ، عن أبي صالح مولى أم هانئ ، عن أم هانئ قالت :

قلت : يا رسول الله ، أرأيت قول الله : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ)(١) ما كانوا يصنعون؟ قال : «كانوا يخذفون أهل الطريق ويسخرون منهم» (٢) [١٠٦٩٦].

أخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر ، قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، حدّثنا أبو الربيع الزهراني ، حدّثنا يزيد بن زريع ، حدّثني حاتم بن أبي صغيرة ، حدّثنا سماك بن حرب ، حدّثني أبو صالح ، حدثتني أم هانئ بنت أبي طالب ، قالت :

سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن هذه الآية : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) ، ما المنكر الذي كانوا يأتون في ناديهم؟ قال : «كانوا يخذفون أهل الطريق ، ويسخرون منهم» [١٠٦٩٧].

أخبرنا (٣) أبو الفضل الفضيلي ، أنبأنا أبو القاسم الخليلي ، أنبأنا أبو القاسم الخزاعي ، أنبأنا الهيثم بن كليب ، حدّثنا العبّاس بن محمّد الدوري ، حدّثنا أبو وهب عبد الله بن بكر السهمي ، حدّثنا حاتم بن أبي صغيرة ، عن سماك ، عن أبي صالح مولى أم هانئ ، عن أم هانئ.

أنها سألت النبي عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) ما كان ذلك المنكر الذي كانوا يأتون في ناديهم؟ قال : «كان يسخرون بأهل الطريق ويخذفونهم» (٤) [١٠٦٩٨].

أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي ، أنبأنا محمّد ابن يوسف ، أنبأنا محمّد بن حمّاد ، أنبأنا عبد الرزّاق ، أنبأنا معمر ، عن قتادة في قوله تبارك وتعالى : (مِنْ سِجِّيلٍ)(٥) قال : من طين (مُسَوَّمَةً) قال : قال مطوقة بها نضح من حمرة (مَنْضُودٍ) يقول : مصفوفة قال : (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)(٦) قال : يقول كم بين أمتهم ظالم بعدهم.

أنبأنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن ، وأبو تراب حيدرة بن أحمد ، وأبو الحسن علي

__________________

(١) سورة العنكبوت ، الآية : ٢٩.

(٢) الحديث في تاريخ الطبري ١ / ٢٩٥ ـ ٢٩٦ وتفسير الطبري ٢٠ / ٩٢ (ط. بولاق) وفي تاريخ الطبري : يحذفون.

(٣) فوقها بالأصل وت وم : ملحق.

(٤) كتب بعدها بالأصل وت وم : إلى.

(٥) سورة هود ، من الآية : ٨٢.

(٦) سورة هود ، من الآية : ٨٣.

٣٢٣

ابن بركات ، قالوا : أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو الحسن بن رزقوية ، أنبأنا عثمان بن أحمد ، وأحمد بن سندي ، قالا : حدّثنا الحسن بن علي ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، أنبأنا أبو حذيفة ، أخبرني مقاتل بن سليمان ، وجويبر عن الضحاك عن ابن عبّاس قال : إن الله يهيّئ العذاب في أوّل الليل إذا أراد أن يعذّب قوما ، ثم يعذّبهم في وجه الصبح ، قال : فهيئت الحجارة لقوم لوط في أوّل الليل ليرسل عليهم غدوة ، وكذلك عذّبت الأمم : عاد وثمود بالغداة ، قال : فلما كان عند وجه الصبح عمد جبريل إلى قرى لوط بما فيها من رجالها ، ونسائها ، وثمارها ، وطيرها ، وما فيها من أموالها فحواها وطواها ، ثم قلعها من تخوم الثرى ، ثم احتملها من تحت جناحه ، ثم رفعها إلى السماء الدنيا ، قال : فسمع سكّان سماء الدنيا أصوات الكلاب ، والطير ، والرجال ، والنساء تحت جناح جبريل ، فقالوا عند ذلك : يا جبريل ، ما هذا معك؟ قال : قرى آل لوط بما فيها ، أمرت بعذابهم ، ثم أرسلها منكوسة فبعدا وسحقا للقوم الظالمين ، ثم اتّبعها بالحجارة ، وكانت الحجارة للرعاة والتجّار ومن كان خارجا (١) عن مدائنهم.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنبأنا أبو الحسين الفارسي ، أنبأنا حمد بن محمّد ابن إبراهيم الخطابي ، أخبرني محمّد بن المكي ، أنبأنا الصائغ ، حدّثنا سعيد ـ يعني ابن منصور ـ حدّثنا سويد بن عبد العزيز ، حدّثنا حصين ، عن سعيد بن جبير ، وذكر قصة هلاك قوم لوط ، وأنه لما كان في جوف الليل رفعت القرية حتى كان أصوات الطير لتسمع في جو السماء ، قال : فمن أصابته تلك الافكة أهلكته.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو البركات سعيد بن الحسين بن الحسن بن حسّان ، قالا : أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا أبو القاسم بن حبابة ، أنبأنا عبد الله بن محمّد البغوي ، حدّثنا هدبة ، حدّثنا همّام عن قتادة في قول الله عزوجل : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى)(٢) قال : قوم لوط (٣).

أخبرنا أبو الحسن السّلمي الفقيه ، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر ، أنبأنا محمّد بن حمّاد ، أنبأنا عبد الرزّاق ، أنبأنا معمر عن قتادة في قوله : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ)

__________________

(١) الأصل ، ود ، وم : خارج ، وفي ت : بخارج وفوقها ضبة.

(٢) سورة النجم ، الآية : ٥٣.

(٣) في تفسير القرطبي ١٧ / ١٢٠ في تفسير الآية ٥٣ من سورة النجم يعني مدائن قوم لوط.

٣٢٤

قوم لوط ، ائتفكت (١) بهم أرضوهم ، فجعل عاليها سافلها.

أخبرنا أبو الفرج غيث بن علي ـ قراءة ـ أنبأنا أبو القاسم رمضان بن علي بن عبد الساتر الزيادي ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن علي بن يحيى بن السّري ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الحسن الجروي ، حدّثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام ، حدّثنا الفضيل بن سليمان. ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو القاسم بن البسري ، وأبو علي بن المسلمة ، وأبو الفضل عمر بن عبيد الله بن عمر ، وأبو الوفاء طاهر بن الحسين القوّاس ، وأبو الحسين عاصم بن الحسن ، وأبو الحسن هبة الله بن عبد الرزّاق الأنصاري ، وأبو الفوارس طراد بن محمّد. ح أخبرنا أبو الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان ، وأبو محمّد هبة الله بن أحمد بن طاوس ، وأبو الحسن علي بن محمّد بن يحيى الدريني ، وصاحبته شهدة بنت أحمد بن الفرج ، قالوا : أنبأنا طراد بن محمّد. قالوا : أنبأنا هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار. ح وأخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنبأنا عاصم بن الحسن بن محمّد ، أنبأنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهدي ، قالا : أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش القطّان ، حدّثنا أبو الأشعث ، حدّثنا فضيل بن سليمان ، عن الأعمش ، عن مجاهد قال (٢) : نزل جبريل فأدخل جناحه ـ وقال الجروي : جناحيه ـ تحت مدائن قوم لوط ، فرفعها حتى أسمع أهل سماء الدنيا نبيح الكلاب ، وأصوات الدجاج ، ثم قلبها فجعل أعلاها أسفلها ، ثم أتبعها ـ وقال الجروي وابن مهدي : ثم اتبعوا ـ بالحجارة.

أخبرنا أبو محمّد عبد الجبّار بن محمّد بن أحمد ، أنبأنا علي بن أحمد بن محمّد. أخبرني عبد الرّحمن بن الحسن التاجر ـ فيما أجاز لي ـ أنبأنا عمر بن أحمد الواعظ ، حدّثنا عثمان بن أحمد الدقّاق ، حدّثنا الحسن بن علي ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، حدّثنا المسيّب ابن شريك ، حدّثنا يزيد بن أبي زياد ، عن معاوية بن قرّة ، قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لجبريل : «ما أحسن ما أثنى عليك ربك ، (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ، مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ)(٣) ، فما كانت قوّتك ، وما كانت أمانتك» ، قال : أمّا قوّتي ، فإنّي بعثت إلى مدائن لوط وهي أربع مدائن ، وفي كلّ مدينة أربع مائة ألف مقاتل سوى الذّراري ، فحملتهم من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماء أصوات الدجاج ، ونباح الكلاب ، ثم

__________________

(١) رسمها بالأصل وم ، ود ، وت : «اننفلت» ولعل الصواب ما أثبت ، وائتفكت معناها انقلبت بهم.

(٢) راجع تاريخ الطبري ١ / ٣٠٤ و ٣٠٥.

(٣) سورة التكوير ، الآيتان ٢٠ و ٢١.

٣٢٥

هويت بهنّ فقلبتهن ، وأما أمانتي ، فلم أؤمر بشيء فعدوته إلى غيره» [١٠٦٩٩].

أنبأنا أبو الفضائل بن الحسن ، وأبو تراب حيدرة بن أحمد ، وأبو الحسن الخشوعي ، قالوا : حدّثنا أبو بكر أحمد بن علي ـ لفظا ـ أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد ، أنبأنا عثمان بن أحمد (١) بن عبد الله ، وأحمد بن سندي ، قالا : حدّثنا الحسن بن علي ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، أنبأنا إسحاق بن بشر ، حدّثني مقاتل بن سليمان ، عن مجاهد أنه قال : قلت لمجاهد : يا أبا الحجّاج هل بقي من قوم لوط أحد؟ قال : لا ، إلّا رجل بقي أربعين يوما تاجرا كان بمكة ، فجاءه حجر ليصيبه في الحرم فقام إليه ملائكة الحرم ، فقالوا للحجر : ارجع من حيث جئت ، فإنّ الرجل في حرم الله ، فخرج الحجر ، فوقف خارجا من الحجر أربعين يوما بين السماء والأرض حتى قضى الرجل تجارته ، فلمّا خرج أصابه الحجر خارجا من الحرم ، يقول الله : (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)(٢) يعني من ظالمي هذه الأمة ببعيد.

قال : وأنبأنا إسحاق عن مقاتل ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : من عمل ذاك من عمل قوم لوط ، إنّما كانوا ثلاثين رجلا ونيّفا لا يبلغون أربعين ، فأهلكهم الله جميعا ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو لتعمّنّكم العقوبة جميعا» [١٠٧٠٠].

قال : وحدثنا إسماعيل ، وأنبأنا إسحاق عن محمد بن إسحاق عن الزهري : أنّ لوطا [لما عذب الله قومه ، لحق بإبراهيم ، وأهلك الله ما حوله.

قال : وأنا إسحاق عن محمد بن إسحاق عن الزهري : أن لوطا](٣) لم يزل مع إبراهيم حتى قبضه الله إليه.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنبأنا حمزة بن يوسف ، أنبأنا أبو أحمد بن عدي (٤) ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن حرب ، حدّثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان (٥) ـ وزعم أنه كتب عنه بجرجان وكذب ، لأن إبراهيم ما دخل جرجان قط ، ومات قبل أن يولد أحمد بن محمّد بن حرب ـ عن أبيه عن السّدي عن أبي الجلد قال : رأيت

__________________

(١) من قوله : وأبو الحسن الخشوعي إلى هنا سقط من م.

(٢) سورة هود ، الآية : ٨٢.

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م ، ود ، وت.

(٤) رواه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال ١ / ٢٠١ في أخبار أحمد بن محمد بن حرب.

(٥) ترجمته في تهذيب التهذيب ١ / ١٠٠ (ط. دار الفكر).

٣٢٦

امرأة لوط قد مسخت حجرا (١) تحيض عند رأس كل شهر.

قال ابن عدي : وأحمد بن محمّد بن حرب (٢) هذا هو مشهور بالكذب ووضع الحديث.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنبأنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرّحمن الصابوني ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السلمي ، أنبأنا أبو عمرو بن مطر قال : سمعت أبا بكر محمّد بن دلوية الدقاق يقول : سمعت سعيد بن سعد يقول : سمعت أبا مطيع عبد الرّحمن بن المثنى يقول : سمعت علي بن الجارود يقول :

كنا خرجنا في طلب العلم ، فمررنا عشية عرفة أنا وصاحب لي بمدينة قوم لوط ـ صلى الله على لوط ـ فقلت لصاحبي ، أو قال لي : ندخل فنطوف في تلك السكك إلى غروب الشمس ، إذا نحن برجل كوسج ، أشعث ، أغبر ، على جمل له أحمر ، فوقف علينا ، فسألنا : من أنتم؟ ومن أين أنتم؟ فأخبرناه ، فلمّا أراد أن يجوزنا قلنا له : من أنت؟ فتغافل ، فقلنا الثانية ، فتغافل ، فقلنا : لعلك إبليس ، قال : أنا إبليس ، قلنا : يا معلون من أين؟ قال : هذا وجهي من الموقف ، رأيت اليوم ثمّ من كان يذنب خمسين سنة ، حتى كنت شفيت صدري منه ، فاليوم أنزل عليه الرحمة ، فلم أصبر من ذلك حتى وضعت التراب على رأسي ، وجئت هاهنا أنظر إليهم يسكن ما بي.

ذكر من اسمه لؤلؤ

٥٨٥٥ ـ لؤلؤ بن صدقة أبو محمّد المرعشي السمسار

سمع بدمشق أبا الدحداح التميمي.

روى عنه : أبو الحسن أحمد بن الحسن بن أحمد بن الطيان الدمشقي.

أنبأنا أبو طاهر محمّد بن الحسين بن الحنّائي ، أنبأنا أحمد بن الحسن بن أحمد بن عثمان بن سعيد بن قاسم الغسّاني ـ إجازة ـ كتب بها الينا من أطرابلس ، أنبأنا أبو محمّد لؤلؤ ابن صدقة المرعشي السمسار ببيت المقدس ، حدّثنا أبو الدحداح أحمد بن محمّد بن

__________________

(١) الأصل ، وم ، ود ، وت : «حجرة» والمثبت عن ابن عدي.

(٢) ميزان الاعتدال ١ / ١٣٤.

٣٢٧

إسماعيل بن محمّد بن يحيى بن يزيد ، حدّثني أبي محمّد بن إسماعيل ، حدّثني أبي إسماعيل ابن محمّد عن أبيه محمّد بن يحيى بن يزيد عن الأعمش عن زيد بن وهب ، حدّثني عبد الله ابن مسعود ، حدّثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو الصادق المصدوق : «إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ، ثم يكون علقة» فذكر الحديث [١٠٧٠١].

٥٨٥٦ ـ لؤلؤ بن عبد الله أبو الحسن الخادم

كان لزبيدة ، ويقال : بل كان لهارون الرشيد فوهبه لليث بن سعد ، وقدم مع الليث دمشق لمّا رجع من بغداد إلى مصر.

حكى عن هارون الرشيد ، والليث بن سعد.

حكى عنه أبو علي الحسن بن يوسف بن مليح المصري الطرائفي (١).

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا أبو بكر الخطيب (٢) ، حدّثني محمّد بن علي الصوري ، أنبأنا عبد الرّحمن بن عمر التّجيبي ـ بمصر ـ أنبأنا الحسن بن يوسف بن مليح قال : سمعت أبا الحسن الخادم ـ وكان قد عمي من الكبر ، في مجلس يسر (٣) مولى عرق ـ أنا (٤) ومنصور ـ يعني : الفقيه ـ وجماعة قال :

كنت غلاما لزبيدة ، وإنّي يوم أتى بالليث يستفتيه ، فكنت واقفا على رأس ستي زبيدة خلف الستارة ، فسأله هارون الرشيد : حلفت أن لي جنتين؟ فاستحلفه الليث ثلاثا أنه يخاف الله؟ فحلف له ، فقال له الليث : قال الله ـ عزوجل ـ : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ)(٥) قال : فأقطعه قطائع بمصر كثيرة.

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن محمّد الجرجاني ، حدّثنا أبو علي الحسن بن مليح الطرائفي بمصر ، حدّثنا لؤلؤ الخادم ـ خادم الرشيد ـ قال :

جرى بين هارون الرشيد وبين ابنة عمّه زبيدة مناظرة وملاحاة في شيء من الأشياء ،

__________________

(١) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤١٨.

(٢) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١٣ / ٤ ـ ٥ في أخبار الليث بن سعد.

(٣) بالأصل : «بشر» والمثبت عن م ، ود ، وتاريخ بغداد.

(٤) بالأصل : «أنبأنا منصور» والمثبت «أنا ومنصور ..» عن م ، ود ، وتاريخ بغداد.

(٥) سورة الرحمن ، الآية : ٤٦.

٣٢٨

فقال هارون في عرض كلامه لها : أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنّة ، ثم ندم واغتمّا جميعا بهذه اليمين ، ونزل بهما مصيبة لموضع ابنة عمّه منه ، فجمع الفقهاء وسألهم عن هذه اليمين ، فلم يجد منها مخرجا ، ثم كتب إلى سائر البلدان من عمله أن يحمل إليه الفقهاء من بلدانهم ، فلمّا اجتمعوا جلس لهم وأدخلوا عليه ، وكنت واقفا (١) بين يديه لأمر إن حدث يأمرني بما شاء فيه ، فسألهم عن يمينه وكنت المعبّر عنه ، وهل له منها مخلص ، فأجابه الفقهاء بأجوبة مختلفة ، وكان إذ ذاك فيهم الليث بن سعد فيمن أشخص من مصر ، وهو جالس في آخر المجلس لم يتكلم بشيء ، وهارون يراعي واحدا واحدا ، فقال بقي (٢) ذلك الشيخ في آخر المجلس لم يتكلم بشيء ، فقلت له : إن أمير المؤمنين يقول لك : ما لك لا تتكلم كما تكلّم أصحابك؟ فقال : قد سمع أمير المؤمنين قول الفقهاء وفيه مقنع ، فقال : قل : إن أمير المؤمنين يقول : لو أردنا ذلك سمعنا من فقهائنا ولم نشخصكم من بلدانكم ، فلما ذا أحضرت هذا المجلس؟ فقال : يخلّيني أمير المؤمنين مجلسه إن أراد أن يسمع كلامي في ذلك ، فانصرف من كان بحضرة أمير المؤمنين من الفقهاء والناس ، ثم قال له : تكلم ، فقال : يدنيني أمير المؤمنين ، فأمر به فأدني حتى كان قريبا منه ، قال : تكلم ، قال : يخلّيني أمير المؤمنين ، قال : فليس بالحضرة إلّا هذا الغلام ، وليس عليك منه عين ، فقال : يا أمير المؤمنين أتكلم على الأمان وعلى طرح التعمل والهيبة والطاعة لي من أمير المؤمنين في جميع ما أمر به؟ قال : ذلك لك ، قال : يدعو أمير المؤمنين بمصحف جامع ، فأمر به فأحضر ، فقال : يأخذه أمير المؤمنين فيتصفحه حتى يصل إلى سورة الرّحمن ، فأخذه وتصفّحه حتى وصل إلى سورة الرّحمن ، فقال : يقرأ أمير المؤمنين ، فقرأ ، فلما بلغ : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) قال : قف يا أمير المؤمنين هاهنا ، فوقف ، فقال : يقول أمير المؤمنين : والله (٣) ، فاشتد على الرشيد وعلي ذلك ، فقال له أمير المؤمنين (٤) : ما هذا؟ قال : يا أمير المؤمنين على هذا وقع الشرط ، فنكس أمير المؤمنين رأسه ، وكانت زبيدة في بيت مسبل عليه ستر قريب من المجلس تسمع الخطاب ، ثم رفع هارون رأسه إليه فقال : والله ، قال : الذي لا إله إلّا هو الرّحمن الرحيم ، إلى أن بلغ آخر اليمين ، ثم قال : إنّك يا أمير المؤمنين تخاف مقام الله ، قال هارون : إنّي

__________________

(١) بالأصل : واقف ، والمثبت عن م ، ود.

(٢) بالأصل : «فقال لفتى» والمثبت عن د.

(٣) كذا بالأصل وم ، و «والله» ليس في د.

(٤) كذا بالأصل : «أمير المؤمنين» وفي م ، ود : هارون.

٣٢٩

أخاف مقام الله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، فهي جنتان وليست بجنة واحدة كما ذكر الله في كتابه ، فسمعت التصفيق والفرح من خلف الستر.

وقال هارون : أحسنت والله ، بارك الله فيك ، ثم أمر بالجوائز والخلع لليث بن سعد ، ثم قال هارون : يا شيخ اختر ما شئت ، وسل ما شئت تجب فيه.

فقال : يا أمير المؤمنين ، وهذا الخادم الواقف على رأسك؟ فقال : وهذا الخادم ، فقال : يا أمير المؤمنين ، والضياع التي هي لك بمصر ولابنة عمّك أكون عليها ، وتسلّم إليّ لأنظر في أمورها ، قال : بل نقطعك إقطاعا ، فقال : يا أمير المؤمنين ما أريد من هذا شيئا ، بل تكون في يدي لأمير المؤمنين فلا يجري عليّ حيف العمال وأعزّ بذلك ، فقال : ذلك لك ، وأمر أن يكتب له ويسجل بما قال.

وخرج من بين يدي أمير المؤمنين بجميع الجوائز والخلع والخادم ، وأمرت زبيدة له بضعف ما أمر به الرشيد ، فحمل إليه ، واستأذن في الرجوع إلى مصر ، فحمل مكرّما ، أو كما قال.

٥٨٥٧ ـ لؤلؤ بن عبد الله أبو محمّد الخصيّ (١)

مولى أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون المصري.

قدم دمشق ، وحدّث بها عن بكر بن سهل ، وأبي إبراهيم المزني (٢) ، وأحمد بن عمرو ابن عبد الخالق البزّار (٣) ، والربيع بن سليمان.

روى عنه : أبو الحسين الرازي ، وعبد الوهّاب الكلابي ، وسليمان الطّبراني.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا [ـ و](٤) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا أبو بكر الخطيب (٥) ، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن شهريار الأصبهاني ، حدّثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، حدّثني لؤلؤ الرومي ـ مولى أحمد بن طولون ببغداد ـ حدّثنا الربيع بن سليمان ، حدّثنا عبد الرّحمن بن شيبة الجدي (٦) ، حدّثنا هشيم ، عن يونس بن عبيد ، ومنصور ابن زاذان عن الحسن عن أبي بكرة قال :

__________________

(١) ترجمته في تاريخ بغداد ١٣ / ١٨ وولاة مصر ص ٢٥٠ و ٢٥٦ و ٢٦٤.

(٢) تقرأ بالأصل المزي ، والمثبت عن م ، ود ، وت.

(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٥٤ وفيها وفي ت : البزاز وفي م ود : «البزار» كالأصل.

(٤) زيادة لتقويم السند عن م ، ود ، وت.

(٥) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ١٨.

(٦) بالأصل : «الحدا» والمثبت عن م ، ود ، وت ، وتاريخ بغداد.

٣٣٠

رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على المنبر ومعه الحسن بن علي ، وهو يقول : «إنّ ابني هذا لسيّد ، وإنّ الله سيصلح على يديه بين فئتين عظيمتين من المسلمين» [١٠٧٠٢].

قال سليمان : لم يروه عن يونس إلّا هشيم ، ولا عنه إلّا ابن شيبة ، تفرّد به الربيع.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ إذنا ـ أنبأنا أبو محمّد الحسن بن علي بن عبد الصّمد اللبّاد ، وأبو بكر محمّد بن علي بن محمّد الحداد ـ إجازة ـ قالا : أنبأنا تمام بن محمّد ، أنبأنا أبي ، أخبرني أبو محمّد لؤلؤ الخادم مولى خمارويه بن أحمد بن طولون المصري بدمشق ، عن المزني (١) قال : دخلت على الشافعي في اليوم الذي مات فيه ، فقلت : كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال : فرفع إليّ رأسه فقال : أصبحت من الدنيا راحلا ، ولكأس المنية شاربا ، ولسوء فعالي ملاقيا ، وعلى الله واردا ، فلا أدري روحي إلى جنّة تصير فأهنّئها ، أو إلى نار تصير فأعزّيها ، ثم بكى وأنشأ يقول (٢) :

لما قسى قلبي وضاقت مذاهبي

جعلت (٣) الرّجا مني لعفوك سلّما

تعاظمني ذنبي فلمّا قرنته

بعفوك ربّي كان عفوك أعظما

فلولاك لم يغوى (٤) بإبليس عابد

وكيف وقد أغوى صفيّك آدما

أخبرتنا (٥) بهذه الحكاية أعلى من هذا وأتم أم البهاء فاطمة بنت محمّد بن البغدادي قالت : أنبأنا أبو عثمان سعيد بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن محمّد الرومي ، قال : سمعت محمّد بن إسحاق بن خزيمة يقول : سمعت إسماعيل بن يحيى المزني قال : دخلت على محمّد بن إدريس الشافعي في مرضه الذي مات فيه ، فقلت : يا أبا عبد الله كيف أصبحت؟ قال : فرفع رأسه فقال : أصبحت من الدنيا راحلا ، ولإخواني مفارقا ، ولسوء فعلي ملاقيا ، وعلى الله واردا ، ما أدري روحي تصير إلى الجنّة فأهنّئها ، أم إلى النار فأعزّيها ، ثم بكى وأنشأ يقول :

فلما قسى قلبي وضاقت مذاهبي

جعلت رجائي نحو عفوك سلّما

__________________

(١) هو أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمر المزني المصري ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٩٢.

(٢) من أبيات في ديوانه ط بيروت ص ٨٧ وإرشاد الأريب لياقوت الحموي ٦ / ٣٨٢.

(٣) عجزه في إرشاد الأريب : جعلت رجائي نحو عفوك سلّما.

(٤) بالأصل : «يقوا» والمثبت عن م ، ود ، وت ، وفوقها ضبة فيها وفي الديوان : «يصمد» وفي إرشاد الأريب : يقدر.

(٥) بالأصل : أخبرنا ، والمثبت عن د ، وت.

٣٣١

تعاظمني ذنبي فلمّا قرنته

بعفوك ربّي كان عفوك أعظما

فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل

تجود وتعفو منّة وتكرّما

فإن تعف عني تعف عن متهتّك (١)

ظلوم غشوم لا يزايل مأثما

وإن تنتقم مني فلست بآيس

ولو دخلت (٢) نفسي بجرمي جهنما

فلولاك لم يغوى بإبليس عالم

فكيف وقد أغوى صفيّك آدما

وإنّي لآتي الذنب أعرف قدره

وأعلم أنّ الله يعفو ويرحما (٣)

قال : وسمعت أيضا يقول : سمعت إسماعيل بن يحيى المزني يقول : سمعت أبا عبد الله محمّد بن إدريس الشافعي يقول (٤) :

ما شئت كان وإن لم أشأ

وما شئت إن لم تشأ لم يكن

خلقت العباد على (٥) ما علمت

ففي العلم يمض الفتى والمسن

فهذا (٦) مننت وهذا خذلت

وهذا (٧) أعنت وذا لم تعن

فهذا (٨) شقي وهذا (٩) سعيد

وهذا (١٠) قبيح وهذا (١١) حسن

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن خيرون ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (١٢) : لؤلؤ الرومي مولى أحمد بن طولون ، حدّث عن الربيع بن سليمان المرادي ، وروى عنه أبو القاسم الطّبراني.

قرأت بخط أبي الحسن نجاء بن أحمد ، وذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمية من كتب عنه بدمشق من الغرباء :

أبو محمّد لؤلؤ الخادم مولى أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون كان من أهل مصر ، وقدم دمشق ، وأقام بها ثم مات (١٣) بدمشق سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.

__________________

(١) في الديوان : متمرد.

(٢) كذا بالأصل ، وم ، ود ، وت ، وفي الديوان : أدخلوا.

(٣) البيت ليس في ديوانه.

(٤) الأبيات في ديوان الإمام الشافعي ط بيروت ص ٩٢ ونسخة أخرى ص ١٠٥ والكشكول ص ١ / ١٢٢ والمخلاة لبهاء الدين العاملي ص ٥٠٢.

(٥) الديوان : لما قد علمت.

(٦) الديوان : على ذا مننت.

(٧) الديوان : وذاك أعنت.

(٨ و ٩ و ١٠ و ١١) في الديوان : فمنهم ... ومنهم ... ومنهم ... ومنهم.

(١٢) تاريخ بغداد ١٣ / ١٨. (١٣) بالأصل : قدم ، ثم شطبت وكتب فوقها : «مات».

٣٣٢

٥٨٥٨ ـ لؤلؤ بن عبد الله أبو محمّد القيصري (١)

مولى المقتدر بالله.

سمع بدمشق عبد الله بن محمّد بن الحسن بن جمعة ، والحسن بن حبيب ، وهشام بن أحمد بن عبد الله بن كثير الدمشقيين ، وقاسم بن إبراهيم الملطي ، وإبراهيم بن محمّد النّصيبي الصوفي ، وأحمد بن إبراهيم بن غالب البلدي.

روى عنه أبو الحسن علي بن أبي حامد الجرجاني ، وأبو بكر البرقاني ، وعلي بن عبد العزيز الطاهري ، والقاضي أبو العلاء محمّد بن علي الواسطي ، ومحمّد بن عمر بن بكير المقرئ.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا [ـ و](٢) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٣) ، أنبأنا الطاهري ، أنبأنا لؤلؤ بن عبد الله القيصري ، حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد النّصيبي الصوفي بالموصل ، حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن شداد ، حدّثني محمّد بن سنان الحنظلي ، حدّثني إسحاق بن بشر القرشي ، عن بهز بن حكيم عن أبيه ، عن جده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «مبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من عمل أمّتي إلى يوم القيامة» [١٠٧٠٣].

[قال ابن عساكر :](٤) هذا حديث منكر ، وفي إسناده غير مجهول ، وإسحاق بن بشر كذّاب.

أخبرنا أبو القاسم محمود بن أحمد بن الحسن التبريزي ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الغفّار بن أشتة (٥) ، أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد بن الحسن الجرجاني (٦) ، أنبأنا أبو محمّد لؤلؤ بن عبد الله مولى المقتدر بالله ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن الحسين (٧) ابن جمعة بدمشق ، حدّثنا أخطل بن الحكم ، حدّثنا الوليد بن مسلم ، حدّثنا سعيد بن عبد

__________________

(١) ترجمته في تاريخ بغداد ١٣ / ١٨.

(٢) زيادة عن م ، ود ، وت ، لتقويم السند.

(٣) تاريخ بغداد ١٣ / ١٩.

(٤) زيادة منا للإيضاح.

(٥) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٩ / ١٨٣.

(٦) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٤٢٠.

(٧) كذا بالأصل وم ، ود ، وت هنا «الحسين» وقد مرّ قريبا في الأصول جميعا : «الحسن» وفي المختصر هنا : «الحسين».

٣٣٣

العزيز ، عن مكحول ، وربيعة بن يزيد عن عبد الله بن حوالة ، قال :

سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «سيجندون أجنادا ، جندا بالشام ، وجندا بالعراق ، وجندا باليمن» ، قال عبد الله : فقمت ، فقلت : خر لي يا رسول الله ، فقال : «عليكم بالشام ، فمن أبى فليلحق بيمنه ، فإنّ الله قد تكفّل لي بالشام» [١٠٧٠٤].

[قال ابن عساكر :](١) المشهور عندنا عبد الله بن الحسين بن محمّد بن جمعة ، فإن كان (٢) هذا عمه وإلّا فهو هو.

أخبرنا أبو الحسن المالكي ، وأبو منصور العطار ، قالا (٣) : قال لنا أبو بكر الخطيب (٤) :

لؤلؤ بن عبد الله أبو محمّد القيصري. حدث عن قاسم بن إبراهيم الملطي ، وإبراهيم بن محمّد النّصيبي الصوفي ، وأحمد بن إبراهيم بن غالب البلدي ، وهشام بن أحمد بن (٥) عبد الله بن كثير ، والحسن بن حبيب (٦) الدمشقيين ، حدّثنا عنه علي (٧) بن عبد العزيز الطاهري ، وأبو بكر البرقاني ، والقاضي أبو العلاء الواسطي ، ومحمّد بن عمر بن بكير المقرئ ، سألت البرقاني عن لؤلؤ القيصري فقال : كان خادما ، حضر مجلس أصحاب الحديث فعلقت عنه أحاديث ، قلت : كيف حاله؟ قال : لا أخبره.

قال الخطيب : ولم أسمع أحدا من شيوخنا يذكره إلّا بالجميل.

٥٨٥٩ ـ لؤلؤ بن عبد الله أبو محمّد البشراوي ، ويقال : البشاري (٨)

يلقب بمنتجب الدولة أمير دمشق في أيام الملقب بالحاكم بعد مظفر المنيري (٩) ، وليها يوم الأحد لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة إحدى وأربع مائة ، وقيل يوم الاثنين.

__________________

(١) الزيادة منا للإيضاح.

(٢) لفظة «كان» كتبت فوق الكلام بين السطرين بالأصل.

(٣) بالأصل : «قال» والمثبت عن م ، ود ، و «ز».

(٤) تاريخ بغداد ١٣ / ١٨ ـ ١٩.

(٥) في تاريخ بغداد : «وابن» تصحيف ، وفي م ، ود ، وت ، كالأصل.

(٦) بالأصل ، وم ، ود ، وت : «شعيب» تصحيف. والمثبت عن تاريخ بغداد ، وقد مرّ صوابا في أول الترجمة.

(٧) كلمتا «علي بن» استدركتا على هامش ت. وبعدهما صح.

(٨) تحفة ذوي الألباب ٢ / ٢١ وأمراء دمشق للصفدي ص ٩٢ وتاريخ ابن القلانسي ص ٦٦ والعبر ٣ / ٨١ والبداية والنهاية ٤ / ٣٤٥.

(٩) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ٢ / ١٩.

٣٣٤

حدّثنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، قال : دفع إلي شيخ يعرف بمجير الكتامي من جند المصريين ورقة فيها أسماء الولاة بدمشق ، فكان فيها : ثم ولي الأمير لؤلؤ سنة إحدى وأربعمائة.

قرأت بخط شيخنا أبي محمّد بن الأكفاني مما وجده بخط أبي الحسين عبد الوهّاب بن جعفر الميداني.

وعزل بدر العطّار (١) ، وقدم لؤلؤ البشراوي واليا على دمشق ، ولقّب منتجب الدولة يوم الأحد لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة إحدى أربعمائة ، فنزل بيت لهيا (٢) ، ثم انتقل إلى الدكة (٣) ، ثم انتقل إلى مرج الأشعريين (٤) ، وأقام فيه إلى ليلة الأربعاء لعشر خلون من جمادى الآخرة ، فدخل القصر في الليل ، وركب إلى الجامع يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة ، وقرئ عهده على المنبر قرأه القاضي الشريف أبو عبد الله محمّد بن الحسين الحسني ، عزل يوم عيد الأضحى ، وولي أبو المطاع ذو القرنين بن حمدان (٥) ، وكان العيد يوم الجمعة ، فصلّى لؤلؤ بالناس العيد ، وصلّى الجمعة بالناس ابن حمدان ، فكان جميع ما أقام واليا ستة أشهر وثلاثة أيام.

قرأت بخط عبد المنعم بن علي بن النحوي ، قدم الأمير أبو محمّد لؤلؤ من الرقة ، ودخل إلى دمشق واليا عليها في يوم الاثنين لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعمائة ، وأظهر ابن الهلالي بعد صلاة العيد ـ يعني ـ عند الفجر من سنة إحدى وأربعمائة سجلا معه إلى أبي المطاع ذي القرنين (٦) ناصر الدولة بن حمدان بولاية دمشق وتدبير العساكر ، وركب إلى الجامع ، وقرئ سجله على المنبر ، وعزل لؤلؤ ، فلما كان يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة إحدى أرسل الأمير ذو (٧) القرنين إلى الأمير لؤلؤ

__________________

(١) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ، وتاريخ ابن القلانسي ص ٦٦.

(٢) بيت لهيا : قرية في غوطة دمشق (معجم البلدان).

(٣) الدكة : موضع بظاهر دمشق ، في الغوطة (معجم البلدان).

(٤) هو مرج باب الحديد الذي هو من أبواب قلعة دمشق (الأعلاق الخطيرة لابن شداد ٢ / ٣٦).

(٥) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ٢ / ٤١.

(٦) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن م ، ود ، وت.

(٧) الأصل : «ذي» والمثبت عن م ، ود ، وت.

٣٣٥

يقول له : إن كنت في الطاعة فتركب إلى القصر وتخدم ، وإن كنت عاصيا فاخرج عن البلد ، فظن لؤلؤ أنهم يريدونه يجيء إلى القصر حتى يؤخذ رأسه ، فردّ لؤلؤ جواب الرسالة إلى ابن حمدان يقول : أنا في الطاعة غير أني ما أدخل في القصر ، أخّروني ثلاثة أيام حتى أسير عن البلد ، فركب ابن حمدان من وقته ومعه المغاربة والجند ، وجاء إلى باب البريد ليأخذوا لؤلؤ من دار العقيقي (١) ، فركب لؤلؤ وأصحابه ولقيه وقاتله ، ولم يزل القتال بينهم إلى بعد عتمة ، وقتل بينهم جماعة ، ثم طلع لؤلؤ من فوق السطوح واستتر ونهبت داره ونودي بدمشق : من جاء بلؤلؤ فله ألف دينار ، فلمّا كان بعد العتمة ـ يعني ـ من ليلة الأربعاء ركب رجل تركي يعرف بخواجاة إلى الأمير ذي القرنين فعرّفه أن لؤلؤ عنده ، وأنه نزل من السطوح فأنفذ الأمير معه من قبض على لؤلؤ ، وأخذوه إلى القصر ، وسيّر الأمير أبو المطاع الأمير لؤلؤ مقيدا محمولا على بغل على جوالقات (٢) فيها تبن إلى بعلبك في ليلة الأربعاء لثمان بقين من ذي الحجة سنة إحدى ، وفي يوم الثلاثاء لعشر بقين من المحرم من سنة اثنتين وأربع مائة ورد من بعلبك ابن الأمير ذي القرنين ومعه رأس لؤلؤ البشاري الذي كان والي دمشق الملقب بمنتجب الدولة ، وذلك أنه وصل السجل إلى الأمير ابن حمدان بأخذ رأسه.

[ذكر من اسمه](٣) لؤي

٥٨٦٠ ـ لؤي بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك (٤)

أمه أم ولد.

له ذكر ، تقدم ذكره في ترجمة أخيه عثمان بن الوليد (٥) ، ودخل مع عبد الله بن مروان أرض النوبة ، وكان للؤي هذا عقب ، ابناه يزيد والعباس ابنا لؤي.

__________________

(١) دار العقيقي : كانت هذه الدار تجاه المدرسة العادلية ، بناها أحمد بن الحسين بن أحمد بن علي بن محمد العقيقي ، وكان من وجوه أشراف دمشق.

(٢) جوالقات جمع جوالق : عدل كبير منسوج من صوف أو شعر.

(٣) زيادة منا للإيضاح.

(٤) نسب قريش ص ١٦٧.

(٥) تاريخ مدينة دمشق ٤٠ / ٤٠ رقم ٤٦٤٦.

٣٣٦

ذكر من اسمه ليث

٥٨٦١ ـ الليث بن تميم الفارسي

من أهل ساحل دمشق من غزاة البحور (١).

روى عنه : الوليد بن مسلم.

قرأت على أبي القاسم بن السّمرقندي ، عن أبي طاهر محمّد بن أحمد بن محمّد بن أبي الصقر ، أنبأنا الحسن بن محمّد بن أحمد بن جميع ، أنبأنا أبو يعلى عبد الله بن محمّد بن حمزة بن أبي كريمة ، أنبأنا عبد الله بن محمّد بن سلم ، حدّثنا عبد الرّحمن بن إبراهيم بن عمرو بن ميمون القرشي ، حدّثنا الوليد بن مسلم ، حدّثني سليمان بن أبي كريمة ، والليث الفارسي (٢) وغيرهما من مشيخة ساحل دمشق.

أن صلح قبرس وقع على جزية سبعة آلاف دينار يؤدونها إلى المسلمين راتبة في كل سنة ، ويؤدون إلى الروم مثلها ، ليس للمسلمين أن يحولوا بينهم وبين ذلك ، وعلى أن لا يغزوهم المسلمون ، ولا يقاتلوا من ورائهم ممن أرادهم من خلفهم ، وعليهم أن يؤذنوا المسلمين بمسير عدوّهم من الروم إليهم وعلى أن يتطرق (٣) امام المسلمين عليهم منهم.

قال الوليد بن مسلم : فسمعت أبا عمرو يذكر صلح قبرس هذا.

هذا صولح على القتال من ورائه فلا يرى أبو عمرو (٤) أن يؤخذ منهم غير ما عليهم ، ولا يصلح أن يؤخذ منهم رءوس أبنائهم ولا من أحرارهم.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ بقراءتي عليه ـ حدّثنا (٥) عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنبأنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنبأنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا ابن عائذ ، حدّثنا الوليد قال : قال الليث :

كنت ممن غزا على اسمه وعطائه بفيء عمر بن هبيرة إذ ولّاه سليمان غازية البحر ، رافقت أخي أبا خراسان في مركب ، فسار بنا عمر حتى مررنا بأهل مصر ، فتبعونا ومضينا حتى

__________________

(١) في م ، ود ، وت : البحر.

(٢) في د : الليث بن الفارسي.

(٣) الأصل ود ؛ يطرق ، والمثبت عن م وت.

(٤) بالأصل : «عمر» والمثبت عن م ، ود ، وت.

(٥) بالأصل : تقرأ : «حدّثني» وتقرأ : «حدثنا» وفي د ، وت ، وم : نا.

٣٣٧

أتينا أطرابلس أفريقية ، وعلونا أرض الروم حتى إذا حاذتنا بالقسطنطينة (١) سرنا في بحر الشام حتى دفعنا إلى خليج القسطنطينة ، فخرجنا في الخليج على باب القسطنطينة لنجيز (٢) إلى مسلمة ومن معه من المسلمين وصفّ مسلمة من معه من المسلمين صفّا لم أر قط أطول منه مع الكراديس الكثيرة ، وجلس ليون طاغية الروم على برج باب القسطنطينة وبروجها ، ويصفّ منهم رجاله فيما بين الحائط والبحر صفّا طويلا بحذاء صف المسلمين ، وأظهرنا السلاح في ألف مركب بين محرقات وقوادس فيها الخزائن من كسوة مصر ، وما فيها مما إليه والمعينات (٣) فيها المقاتلة.

قال الليث : فما رأيت يوما قط كان أعجب منه لما ظهر من عدونا في البرّ والبحر ، وما أظهرنا من السلاح ، وما أظهر طاغية الروم على حائط القسطنطينة وصفّهم ذلك ، والعدة ، ونصبوا المجانيق والعرّادات ، فتكبر المسلمون في البر والبحر ، ويظهر [الروم](٤) قبلها (قريا السين لكع) (٥) ابن هبيرة وجماعة من معه من السفن عن الإقدام على باب المينا لما هابته على أنفسها ، فلمّا رأت ذلك الروم خرج إلينا من باب مينائهم معينات (٦) أو قال محرقات ، فمضى مركب منها إلى أدنى من يليه من مراكب المسلمين ، فألقى عليه الكلاليب بالسلاسل فاجترّه حتى أدخله بأهله القسطنطينة ، فأسقط ذلك في أيدينا ، وخرجوا إلى مركب ليفعلوا ذلك به ، فجعل ابن هبيرة يتجسر ويقول : ألا رجل ، فقام إليه أبو خراسان فقال : هذا أنا رجل ، ولكنّك صيرتني في المركب معك لبعض من لا غنى عنده ، فقال له ابن هبيرة : فمر بما ترى ، ومر بما تحب ، فأشار إلى مركب من الفرس يعرفهم بالشدة والبأس ، فقال : ابعثني في قارب أنا وأخي ومرهم بطاعتي ، ففعل فأمر أبو خراسان لنوتي المركب أن يوجهه إلى ذلك المركب الذي ذهب بالمسلمين ، فكع عنه النوتي ، فأشار إليه أبو خراسان بالسيف فمضى به حتى ألصق المركب بمركبهم ، ثم سار أبو خراسان حتى أوثقهما بسلسلة لئلا يفرّ أحدهما عن صاحبه ، قال : فاجتلدنا بأسيافنا فيما بين السفينتين ، فرزقنا الله الظفر ، فدخلنا سفينتهم ووضعنا السيف

__________________

(١) كذا بالأصل ود ، وت : «القسطنطينة» في كل مواضع الخبر ، وفي م : «القسطنطينية» في كل مواضع الخبر.

(٢) من قوله : سرنا في بحر .. إلى هنا ، ليس في م.

(٣) كذا رسمها بالأصل ، وم ، ود ، وت.

(٤) بالأصل : «المسلمين» ثم شطبت ، وفوقها علامة تحويل إلى الهامش وكتب عليه : «الروم» وهو ما أثبت ، ويوافق م ، ود ، وت.

(٥) كذا ما بين القوسين بالأصل وم ، ود ، وت.

(٦) كذا رسمها بالأصل ، وم ، ود ، وت.

٣٣٨

فيهم ، فانتهينا إلى قومس السفينة الذي فعل ما فعل ، وقد ألقى بيضته وجثا على ركبتيه ، شيخ أصلع ، فضربه صاحب لنا ضربة لم تغن شيئا ، وتقدّم إليه أبو خراسان فضربه ضربة شقّ منها هامته حتى نظرت إلى السيف قد أجاز إلى الذقن إلى الحنجرة وما يليها ، واستسلم من بقي منهم فقدناها إلى من يلينا من المسلمين ، ورجعنا إلى من كان منهم فدخلوا الميناء ، ووقف أبو خراسان موقفا حسنا يأمن به من فرّ منا إلى مسلمة ومن يليه ، حتى مروا من آخرهم ، لم يصب منهم إلّا ذلك المركب الأول حتى انتهينا إلى مسلمة ومن معه ، فأخذناهم إلى الخليج إلى السقع الذي على باب القسطنطينة والبحر ، أو قال : الخليج ، محيط بها إلّا مما يلي برّها ، فعسكر عليه مسلمة ، وكنا في سفننا مرسيين على ساحلها مما يلي العسكر ، يخرج من سفننا عمر بن هبيرة وغيره إلى مسلمة ومن أردنا من أهل العسكر ، ويأتينا أهل العسكر فيدخلون علينا في سفننا.

٥٨٦٢ ـ ليث بن أبي رقيّة (١) الثقفي مولاهم (٢)

ويقال : مولى أم الحكم بنت أبي سفيان ، وكانت متزوجة في ثقيف.

وكان كاتب سليمان بن عبد الملك ، وعمر بن عبد العزيز.

روى عن عمر قوله.

روى عنه : عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ، ومحمّد بن راشد المكحولي ، والنضر بن عربي ، ومنصور (٣).

ذكر أبو الحسين الرازي.

أن ليثا كان كاتب عمر بن عبد العزيز ، وهو مولى أم الحكم بنت أبي سفيان ، ويقال : مولى أبيها عبد الرّحمن بن أم الحكم.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي الفتح بن المحاملي ، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني ، حدّثنا أبو بكر الشافعي ، حدّثنا جعفر بن الأزهر ، حدّثنا المفضّل بن غسان الغلّابي. ح وأخبرنا (٤) أبو البركات ، أنبأنا ثابت بن بندار ، أنبأنا أبو العلاء ، أنبأنا أبو بكر ،

__________________

(١) رقية : بالتصغير ، كما في تقريب التهذيب.

(٢) ترجمته في تهذيب الكمال ١٥ / ٤٣٦ وتهذيب التهذيب ٤ / ٦٠٨.

(٣) يعني منصور بن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة ، أبو عتاب الكوفي ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٨ / ٣٩٩.

(٤) كتب فوقها بالأصل وم وت : ملحق.

٣٣٩

أنبأنا أبو أمية ، حدّثنا أبي (١) قال : قال أبو زكريا ـ يعني ـ ابن معين : ليث بن أبي رقيّة الذي روى عنه مجاهد كان يكون مع عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنبأنا أبو حمد بن عبد الملك ، أنبأنا أبو الحسن (٢) بن السّقّا ، وأبو محمّد بن بالوية ، قالا : حدّثنا محمّد بن يعقوب ، حدّثنا عباس بن محمّد ، قال : سمعت يحيى يقول : منصور عن ليث بن أبي رقيّة ، كان كاتبا مع عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا محمّد بن هبة الله ، أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا عبد الله ، حدّثنا يعقوب قال (٣) : وروى منصور عن ليث بن أبي رقيّة وهو شامي ، [كاتب](٤) كان يكون مع عمر بن عبد العزيز.

أنبأنا أبو الغنائم ، ثم حدّثنا أبو الفضل ، أنبأنا أبو الفضل ، وأبو الحسين ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنبأنا أبو أحمد ـ زاد أبو الفضل : ومحمّد بن الحسن قالا : ـ أنبأنا أحمد بن عبدان ، أنبأنا ابن سهل ، أنبأنا البخاري (٥) قال :

ليث بن أبي رقيّة عن عمر بن عبد العزيز ، قوله روى عنه محمّد بن راشد الشامي.

أخبرنا أبو الحسين القاضي ، وأبو عبد الله الأديب ـ إذنا ـ قالا : أنبأنا أبو القاسم بن مندة ، أنبأنا حمد ـ إجازة ـ. ح قال : وأنبأنا ابن سلمة ، أنبأنا علي. قالا : أنبأنا ابن أبي حاتم ، قال (٦) : ليث بن أبي رقيّة كاتب عمر بن عبد العزيز الشامي ، روى عن عمر بن عبد العزيز ، روى عنه [محمد بن راشد](٧) الشامي ، سمعت أبي يقول ذلك.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنبأنا أبو القاسم بن عتّاب ، أنبأنا ابن عمير ـ إجازة ـ. ح وأخبرناه أبو القاسم بن السّوسي ، أنبأنا أبو عبد الله بن أبي الحديد ، أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن ، أنبأنا عبد الوهّاب بن الحسن ، أنبأنا ابن عمير ـ قراءة ـ قال :

__________________

(١) كتب فوقها بالأصل وت : ملحق.

(٢) بالأصل : الحسين ، تصحيف ، والمثبت عن م ، وت ، ود.

(٣) المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي ٣ / ٢٣٦.

(٤) سقطت من الأصل ، وم ، ود ، وت ، وزيدت عن المعرفة والتاريخ.

(٥) التاريخ الكبير ٧ / ٢٤٧.

(٦) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٧ / ١٨٠.

(٧) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، وم ، ود ، وت ، واستدرك للإيضاح عن الجرح والتعديل.

٣٤٠