تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٠

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٠

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٨٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أنبأنا أبو الفتح الزاهد. قالا : أنبأنا أبو الحسن محمّد بن عوف بن أحمد ، أنبأنا أبو علي الحسن بن منير ، حدّثنا محمّد بن خريم (١) ، حدّثنا أبو الوليد هشام بن عمّار ، حدّثنا الهيثم بن عمران قال : رأيت كلثوم بن عياض القشيري يخطب يوم الجمعة ثم رفع يديه في خطبته ، ويدعو ، ويأمر الناس فيدعو ، ثم يصلّي الجمعة فإذا كان قبل أن يركع في الناس (٢) قنت ويقنت الناس معه ، ثم يركع ، قال هشام بن عمّار : لا يؤخذ به.

__________________

علي ابن إبراهيم الأنصاري والشيخ الأمين أبو محمّد عبد الرحيم بن القاضي أبي عبد الله محمّد بن الحسن وابن عمه أبو الفتح نصر الله بن بركات بن أبي زكريا بن عثمان بن خالد الموقان وخضر بن جلدك بن عبد الله ومحمود بن أحمد بن خالد الا وعمر بن محمّد بن أحمد الفز والحمد لله.

سمع جميع الجزء كله على الشيخ الأعظم العالم الأوحد الثقة البارع بهاء الدين شمس الحفاظ ناصر السنّة زين الأئمة محدّث الشام جمال الإسلام محدث الشام ثقة الثقات معتمد الرواة أبي محمّد القاسم بن الإمام الحافظ شيخ الإسلام ناصر الحديث أبي القاسم علي بن الحسن الشافعي أيّده الله ولده أبو القاسم علي وسبطه أبو المجد الفضيل بن نبا بن الفضل جبرهما الله وعمرهما والشيخ الإمام أبو جعفر أحمد بن علي بن بكر القرطي وابناه محمّد وأبو الحسين إسماعيل وأفتاهم فرج الحسني وأبو علي الحسين بن علي بن عبد الوارث وأبو طالب بن علي بن أبي الفرج الكتاني وأبو حمزة بن السيد بن أبي الفوارس الصفار وأبا الحسن علي بن تميم بن عبد السّلام النحاني وعلي ابن أبي بكر بن أبي القاسم وعلي بن محمّد بن علي الصقلي وأبو محمّد عبد السّلام بن أبي بكر بن أحمد الشافعي وعبد العزيز بن عبد الملك بن تميم الشيباني والسيد أبو علي محمّد بن عبد الله بن إبراهيم الحسني الغرناطي ومحمّد بن سيدهم بن يوسف الفرا وإبراهيم بن سليمان بن الصهباجي وأبو سعيد خالد بن محمّد بن سهل بن التوزري وأبو الحجاج يوسف بن أبي الفرج بن مهدي التنوخي وابنه عبد العزيز وأبو الفتح نصر الله بن عبد المنعم بن أبي الوقار ونمر بن عيسى بن صقال الموصلي وإسماعيل بن عبد الله بن الأنماطي الأنصاري وهذا خطه وسمع من الورقة الثامنة إلى آخر الجزء محمّد بن سليمان بن محمود النهاوندي وسمع أبوه من أول الجزء التاسع والثمانين والمائة وكذلك أبو بكر محمّد بن علي بن خليفة وذلك في مجلسين آخرهما رابع وعشرين من شهر رجب الأصم سنة خمس وتسعون وخمسمائة.

سمع هذا الجزء إلى آخر ترجمة كعب الأحبار على الشيخ الأجل الأمين الأصيل زين الأمناء شيخ الإسلام أبي البركات الحسن الشافعي أيده الله بسماعه فيه من مؤلفه والملحق بإجازته منه ابناه أبو علي عبد اللطيف وأبو الإمام العالم محب الدين أبو محمّد عبد العزيز بن الحسين بن عبد العزيز بن هلالة الأندلسي بقراءته صابر السلمي وإسماعيل بن عبد الله الأنماطي وهذا خطه وولده وذلك بجامع دمشق بكرة تاسع عشر ربيع الآخر سنة خمس عشر وستمائة.

سمع جميع هذا الجزء إلى آخر ترجمة كعب بن مالك على الشيخ الأمين الأجل نور الدولة العامري بسماعه فيه من مؤلفه والملحق بالإجازة المطلقة عبد العزيز بن هلالة والشيخ الإمام عز الدين محمّد عبد العزيز عبد الله بن عبد المحسن بن الأنماطي بقراءة ابنه ربيع الآخر سنة خمس عشر وستمائة سمع الحسن بن محمّد بن الحسن بن هبة الله عبد الله محمّد وسمى أيضا سفيان بن يوم السبت الثالث من حرسها الله والحمد لله وحده.

(٦) من هنا سقط في «ز» ، وسنشير إلى نهايته في موضعه.

(١) في م : حزيم.

(٢) في م : الثانية.

٢٢١

وكان كلثوم بن عياض يقول في خطبته الآخرة حين يريد أن يقوم : هذا بلاغ للناس ولينذروا به إلي ، وليذكر أولو الألباب ، وقال : إنّ في هذا لبلاغا لقوم عابدين ، وقال لنبيّه عليه‌السلام : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)(١) وقال : لا يأتي على صاحب النار حال إلّا وهو يستكثر فيها مزيدا من العذاب على أن لا يقضي عليهم فيموتوا ، قال الله تعالى لأهل النار حين بلغهم جهد العذاب : (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً)(٢) وكان يقول تفكر امرئ لما خلق الفراغ أم لشغل الشقاء؟ أم لسعادة الجنّة أم لنار؟ ثم ليتذكر فجأة الموت وشدته وانقطاع [العمل](٣) عنده وليتذكر من عهده به حديث من أهل قرابته ، وأهل ودّه وأهل لطفه كانوا ... (٤) معا لا يدرون أيهم أقرب هذا السالك سبيل الموت لعله أن يكون كان أحدثهم سنّا وأظهرهم صحة وأطولهم أملا ، أمسى وأصبح لا يسمع ولا يستطيع أن يزيد في حسنة ولا يستعتب من سيئة هذا الباقي بعده يعلم أنه سالك سبيل صاحبه من الموت ، ما هو أشد من الموت مما خوف الله من يوم القيامة من شدته وطوله وعبوسه وقمطراره واستطارة شرر ناره قال الله عزوجل : (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً) ، يوم (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ)(٥) يوم المجادلة والعرض ، (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(٦) هذا الذي يجادل عن نفسه ، إن قال صادقا حين يسأل ، فإن الله يقول : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ)(٧) وقال : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ)(٨) ، وقال : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ)(٩) قال صادقا كنت أقيم الصلاة وآتي الزكاة وأصوم رمضان وأحج البيت إن وجدت إليه سبيلا ، وأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأحل الحلال واحرم الحرام لقى كتابه فأخذه بيمينه فقال لمن يخاطبه من أمر الله : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ ، إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ)(١٠) ، قال الله تعالى : (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ، فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ ، قُطُوفُها دانِيَةٌ)(١١) ، وأما الذي اتبع هواه ، وكان أمره فرطا فلقي كتابه

__________________

(١) سورة الأنبياء ، الآية : ١٠٧.

(٢) سورة النبأ ، الآية : ٣٠.

(٣) زيادة عن م.

(٤) كلمة غير واضحة في الأصل وم.

(٥) سورة الحج ، الآية : ٢.

(٦) سورة النحل ، الآية : ١١١.

(٧) سورة الصافات ، الآية : ٢٤.

(٨) سورة الأنبياء ، الآية : ٢٣.

(٩) سورة الحجر ، الآية : ٩٣.

(١٠) سورة الحاقة ، الآيتان ١٩ ـ ٢٠.

(١١) سورة الحاقة ، الآيات ٢١ إلى ٢٣.

٢٢٢

بشماله (١) ، من وراء ظهره ، فنظر فيه إلى الصغيرة والكبيرة من عمله مما كان يعمل مما كان يبدو الله ويخفى على الناس ، فحلف بالله مجتهدا لقد ظلم في هذا الكتاب وزيد عليه فيه : فإن الله يقول : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ ، اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ)(٢) قيل ما تريد؟ قال : أريد بينة عدل فيختم على فيه وأمرت جوارحه ويداه ورجلاه وسمعه وبصره فينطقن (٣) ويشهدن (٤) بالله أن ما في هذا الكتاب لحق ، ما ظلم ولا زيد عليه فيه ، فلما فرغن من شهادتهن ، قيل : تكلم ، فأقبل عليهن ، فقال : لم شهدتك عليّ؟ قالوا : أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ، وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ، أرداكم فأصبحتم من الخاسرين فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين ، وقال : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(٥) فبلغ أن ببان (٦) ثوابهم الجحيم طعامهم فيها الغسلين والزقوم وشرابهم فيها الحميم والصديد ، قال الله تعالى : (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ ، وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ)(٧) ، وكان يقول : أبصر امرؤ والبصر ينفعه ، وعقل والعقل ينفعه ، فإن الله تبارك وتعالى يقول في آي من القرآن تترى : (أَفَلا يُبْصِرُونَ) ، (أَفَلا يَعْقِلُونَ) ، (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) إن المعاصي من الهلكان ، إنما جعل الله إبليس شيطانا رجيما مدحورا بسجدة أمر أن يسجدها فاستكبر عنها ، وإنما أخرج الله تبارك وتعالى آدم من الجنة لأكلة نهى أن يأكلها فأكل منها. قال الله عزوجل : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)(٨) وإنما جعل الله قوما قردة ، وقال ابن فضيل : وإنما جعل الله اليهود قردة خاسئين ليوم نهوا أن يعتدوا فيه ، فاعتدوا فيه ، فإن الله قال : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ ، وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ

__________________

(١) إلى هنا انتهى السقط من «ز».

(٢) سورة المجادلة ، الآية : ١٨ ـ ١٩.

(٣) بالأصل و «ز» ، فينطق ، والمثبت عن م.

(٤) بالأصل : ويشهد ، والمثبت عن م و «ز».

(٥) سورة يس ، الآية : ٦٥.

(٦) كذا رسمها بالأصل وم و «ز».

(٧) سورة إبراهيم ، الآية : ١٧.

(٨) سورة طه ، الآية : ١٢١.

٢٢٣

عَذاباً شَدِيداً. قالُوا : مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ. فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ)(١).

فأيكم هذا الذي لم يأت ـ زاد ابن فضيل : منا هي ، وقالا : من آثام الله ومساخطه ما هو أعظم من ترك سجدة أو أكلة أو من اعتدى في يوم لكن الله يقول : (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ. وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ)(٢).

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، حدّثنا أبو محمّد التميمي ، أنبأنا أبو القاسم البجلي ، أنبأنا أبو عبد الله الكندي ، حدّثنا أبو زرعة قال : كلثوم بن عياض عامل هشام على جند دمشق ، ذكره في الطبقة الثالثة.

أخبرنا أبو غالب أحمد بن أبي علي ، أنبأنا أبو الحسين الصّيرفي ، أنبأنا عبد الله بن عتّاب ، أنبأنا أبو الحسن بن جوصا ـ إجازة ـ. ح وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد ، أنبأنا الحسن بن أحمد ، أنبأنا أبو الحسن علي ابن الحسن ، أنبأنا عبد الوهّاب بن الحسن ، أنبأنا ابن جوصا ـ قراءة. قال : سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الرابعة : كلثوم بن عياض القشيري ، دمشقي.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي ، أنبأنا أحمد بن إسحاق ، حدّثنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى ، حدّثنا خليفة قال (٣) :

وفيها ـ يعني ـ ثلاث وعشرين ومائة قدم كلثوم بن عياض واليا على أفريقية في أوّل شعبان ، فسار حتى نزل تلمسين (٤).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب قال : قال ابن بكير : قال الليث :

وفي سنة اثنتين وعشرين ومائة غزا حسان بن عتاهية على أهل مصر ، وغزا أهل الشام

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآيات ١٦٣ إلى ١٦٦.

(٢) سورة إبراهيم ، الآيتان ٤٢ و ٤٣.

(٣) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٣٥٤ (ت. العمري).

(٤) بالأصل و «ز» وم : تلمنيس ، والمثبت عن تاريخ خليفة. وفي معجم البلدان : «تلمسان» مدينة بالمغرب.

٢٢٤

على الجماعة كلثوم بن عياض ، وأمر كلثوم على أفريقية ونزع عبيد الله بن الحبحاب.

كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العبّاس ، وأبو الفضل أحمد بن محمّد ، وحدّثني أبو بكر اللفتواني ، أنبأنا أبو الفضل ، قالا : أنبأنا أبو بكر الباطرقاني ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة. ح وحدّثني أبو بكر أيضا قال : أنبأني أبو عمرو بن مندة ، عن أبيه أبي عبد الله ، قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس : كلثوم بن عياض القشيري عامل هشام على أفريقية وكان مقتله في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ومائة ، وذكر أبو جعفر الطبري : أنه قتل سنة اثنتين وعشرين (١).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن اللّالكائي ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب قال : قال ابن بكير : قال الليث بن سعد :

وفي سنة أربع وعشرين ومائة قتل كلثوم أمير أفريقية ومن صبر معه ، قتلهم ميسرة (٢) وأصحابه وأمر حنظلة بن صفوان على أهل أفريقية.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنبأنا محمّد بن علي ، أنبأنا أحمد بن إسحاق ، حدّثنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى ، حدّثنا خليفة قال (٣) : سنة أربع وعشرين ومائة فيها مات ميسرة الحقير الصفري ببلاد المغرب ، وافترقت الصفرية فرقتين : فرقة عليها خالد بن حميد وفرقة عليها سالم أبو (٤) يوسف الأزدي ، فسار إليهم كلثوم بن عياض واجتمعا جميعا فلقيه (٥) كلثوم بن عياض على واد (٦) من أودية طنجة ، فقتل كلثوم ومحمّد بن عبيد الله الأزدي ، ويزيد بن سعيد بن عمرو الحرشي ، وحبيب بن أبي عبيدة (٧) ، واستباحوا عسكر كلثوم وسبوا الذرية ، وانهزم بلج بن بشر ابن عم كلثوم بالناس فاتّبعهم أبو يوسف وخالد بن حميد ، وفي ساقة بلج بن بشر حسّان بن عتاهية (٨) ، فلمّا غشوه قاتلهم وصبر لهم وقتلهم

__________________

(١) راجع تاريخ الطبري ٧ / ١٩١ (حوادث سنة ١٢٢).

(٢) هو ميسرة المدغري ، رأس الصفرية ، وكان قد خرج بالمغرب ، وتسمى بالخلافة ، وبويع عليها راجع البيان المغرب ١ / ٥٣.

(٣) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٣٥٤ ـ ٣٥٥ (ت. العمري).

(٤) بالأصل : «بن» والمثبت عن م ، و «ز» ، وتاريخ خليفة.

(٥) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي تاريخ خليفة : «فلقيا» ولعل الصواب : فلقيهم.

(٦) بالأصل وم و «ز» : وادي.

(٧) كذا بالأصل وم و «ز» ، وتاريخ خليفة ، وفي البيان المغرب : حبيب بن أبي عبدة.

(٨) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي تاريخ خليفة : حسان بن عنابة.

٢٢٥

وهزمهم ، وقتل أبو يوسف وناس كثير من الصفرية ، ومضت الصفرية على هزيمتها ومضى بلج وأصحابه فنزلوا الحصن.

[ذكر من اسمه](١) كلياتكين

٥٨٢٤ ـ كلياتكين (٢) التركي (٣)

ولي إمرة دمشق في أيام المتوكل خلافة للفتح بن خاقان (٤).

قرأت بخط أبي الحسين الرازي ، سمعت أبا عبيدة أحمد بن عبد الله بن ذكوان يقول :

إنّ جعفرا (٥) المتوكل لمّا أن نزل دمشق في قصره بداريا ، وهمّ بالرحيل عنها ـ وكان مقامه بها من يوم وردها إلى أن خرج عنها ثمانية وأربعين يوما ـ عقد للفتح بن خاقان على دمشق يوم الأحد لخمس ليال بقين من شهر ربيع الأوّل سنة أربع وأربعين ومائتين ، وعزل عنها صالح العباسي ، وولى الفتح بن خاقان دمشق كلياتكين.

ذكر من اسمه كليب

٥٨٢٥ ـ كليب بن أده اليماني الأبناوي (٦)

نزل دمشق. له ذكر ، ولم يقع له إليّ رواية ولا أذكر إلّا فيما :

أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، وأبو الحسين الأبرقوهي ، قالا : أنبأنا أبو القاسم بن مندة ، أنبأنا أبو علي ـ إجازة ـ. ح قال : وأنبأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنبأنا علي بن محمّد.

قالا : أنبأنا أبو محمّد بن أبي حاتم (٧) ، قال : كليب بن أدة من أهل اليمن ، نزل من

__________________

(١) زيادة منا للإيضاح.

(٢) في تاريخ الطبري : كلباتكين.

(٣) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ١ / ٢٩٩ وتاريخ الطبري ٩ / ٢٧٠ و ٢٨٣ وأمراء دمشق ص ٩٠ وانظر معجم الأدباء ١٦ / ١٧٥ ترجمة الفتح بن خاقان.

(٤) من هنا بياض في «ز» ، وكتب على هامشها : هنا خرمة بالأصل.

(٥) بالأصل وم : جعفر.

(٦) ترجمته في الجرح والتعديل ٧ / ١٦٦.

(٧) رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٧ / ١٦٤.

٢٢٦

دمشق من الأبناء ، توفي في زمن معاوية ، روى عنه الشاميون ، سمعت أبي يقول ذلك.

٥٨٢٦ ـ كليب بن علي بن الحسن أبو الفتح البزّاز (١)

حدّث عن حديد بن جعفر الرماني. روى عنه : عليّ (٢) الحنّائي.

قرأت بخط أبي الحسن الحنّائي ، أنبأنا أبو الفتح كليب بن علي بن الحسن البزّاز الشيخ الصالح ، أنبأنا عبد الله بن جعفر الرماني ، حدّثنا خيثمة بن سليمان ، حدّثنا محمّد بن عوف بن سفيان (٣) الطائي ، حدّثنا مروان بن محمّد الطّاطري ، حدّثنا سليمان بن بلال ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «نعم الإدام الخلّ» [١٠٦٥٤].

[قال ابن عساكر :](٤) عبد الله هو حديد بن جعفر ، دلّسه الحنّائي لنزوله ، ولهذا الحديث عندي طرق عالية في الموافقات.

٥٨٢٧ ـ كليب بن عيسى بن أبي حجير الثّقفي (٥)

روى عن سعيد بن عبد العزيز ، وزجلة (٦) مولاة عاتكة.

روى عنه : الهيثم بن خارجة.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو العلاء محمّد ابن الحسن بن محمّد الورّاق ، حدّثنا إسماعيل بن محمّد الصفّار ، حدّثنا محمّد بن إسحاق الصّغاني ، حدّثنا الهيثم بن خارجة ، حدّثنا كليب بن عيسى بن أبي حجير قال : سمعت زجلة قالت : سمعت سالما أو نافعا يحدّث عن ابن عمر قال :

قال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أحبّ أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على الصلوات الخمس حيث حيث بهن» [١٠٦٥٥].

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ. ح وأخبرنا أبو الفتح الحداد ، أنبأنا أبو الحسن عبد الرّحمن بن محمّد بن عبيد الله.

قالا : أنبأنا سليمان بن أحمد الطّبراني ، حدّثنا معاذ بن المثنّى بن معاذ بن معاذ العنزي ،

__________________

(١) عن م : «البزاز» وبالأصل : البزار.

(٢) سقطت من م.

(٣) اللفظة غير غير واضحة ، وقد تقرأ : «شقيق» والمثبت عن م ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٢ / ٦١٣.

(٤) زيادة منا للإيضاح.

(٥) ترجمته في الجرح والتعديل ٧ / ١٦٨.

(٦) زجلة بضم الزاي المنقوطة وسكون الجيم وبعدها لام الإصابة ٤ / ٣٩٧.

ترجم لها ابن عساكر ، راجع مطبوعة تراجم النساء ص ١٠٧.

٢٢٧

حدّثنا الهيثم بن خارجة ، حدّثنا كليب بن عيسى بن أبي حدير قال : سمعت زجلة قالت : سمعت سالما أو نافعا يحدّث عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من سرّه أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على الصلوات الخمس حيث ينادى بهن» [١٠٦٥٦].

قال الطّبراني : لم يرو هذا الحديث عن زجلة مولاة عاتكة إلّا كليب بن عيسى ، تفرّد به الهيثم بن خارجة.

[قال ابن عساكر :](١) كذا كان في الأصل : ابن أبي حذير ، والصواب : ابن أبي حجير ، وزجلة مولاة عاتكة بنت يزيد بن معاوية ، زوج عبد الملك بن مروان.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي ، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد الحافظ ، حدّثنا عبد العزيز بن محمّد بن محمّد النّخشبي ـ لفظا ـ. ح وأخبرناه عاليا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد ، أنبأنا (٢) أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ، قالا : أنبأنا محمّد بن محمّد بن عثمان السوّاق (٣) ـ ببغداد ـ أنبأنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي (٤) ، حدّثنا إدريس بن عبد الكريم الحداد ، حدّثنا الهيثم ـ يعني ابن خارجة ـ حدّثنا كليب بن عيسى بن أبي حجير الثّقفي قال : سمعت زجلة مولاة معاوية (٥) قالت (٦) :

أدركت يتامى كنّ في حجر النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إحداهن تسمى كويسة قالت : فخرجت معهن إلى بيت رجل وقد هلك لأعزي أهله ، فلمّا أخرجت الجنازة وضعت رجلي أخرج من عتبة الباب ، فأخذتني حتى أدخلتني البيت قالت : ولم يكن تتبع الجنازة امرأة إلّا أن تكون نفساء أو مبطونة ، تخرج معها امرأة من ثقاتها حتى يضعوها في المصلّى ، تدخل يدها تنظر هل خرج شيء ، فلا يزال القوم جلوسا أو قياما حتى إذا توارت المرأة قالوا للإمام : كبّر.

هذا حديث غريب لم أكتبه إلّا من هذا الوجه.

أنبأنا أبو الحسين القاضي ، وأبو عبد الله الأديب ، قالا : أنبأنا أبو القاسم بن مندة ، أنبأنا أبو علي ـ إجازة ـ. ح قال : وأنبأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنبأنا علي بن محمّد. قالا : أنبأنا أبو محمّد بن أبي حاتم (٧) قال : كليب بن عيسى روى عن سعيد بن عبد العزيز ، روى عنه الهيثم بن خارجة ، سمعت أبي يقول ذلك.

__________________

(١) زيادة منا للإيضاح.

(٢) من هنا إلى بن جعفر ، سقط من م.

(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٦٢٢.

(٤) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٢١٠.

(٥) كذا بالأصل وم هنا : مولاة معاوية.

(٦) الخبر رواه ابن عساكر في ترجمة زجلة ص ١٠٧.

(٧) رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٧ / ١٦٨.

٢٢٨

[ذكر من اسمه](١) كميت

٥٨٢٨ ـ كميت بن زيد بن خنيس (٢) بن مجالد بن وهيب بن عمرو بن سبيع ،

ويقال : بن زيد بن حبيش بن مجالد بن ذؤيبة بن قيس بن عمرو بن سبيع بن

مالك بن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة أبو المستهل الأسدي

 الشاعر (٣)

من أهل الكوفة.

روى عن الفرزدق ، ومذكور مولى زينب بنت جحش ، وأبي جعفر محمّد بن علي.

روى عنه : والبة بن الحباب الشاعر ، وحفص بن سليمان الأسدي ، وحبيب بن سليم ، وأبان بن تغلب.

ووفد على يزيد وهشام ابني عبد الملك.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، أنبأنا جدي أبو محمّد ، أنبأنا الحسن بن علي بن إبراهيم المقرئ ، حدّثنا أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر بن إسحاق التميمي الشاعر ، حدّثنا جعفر بن محمّد النّسفي الخطيب الشاعر ، حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عمرو ابن علي الشاعر البصري ، حدّثنا أبو بكر عبد الله بن أحمد الشاعر بهمذان ، حدّثنا أبو عثمان سعيد بن زيد بن خالد الشاعر ـ بحمص ـ حدّثنا عبد السلام بن رعبان الشاعر ، حدّثنا دعبل بن علي الشاعر ، حدّثنا أبو نواس الحسن بن هانئ الشاعر ، حدّثنا والبة بن الحباب الشاعر ، حدّثنا الكميت بن زيد الشاعر ، حدّثنا خال الفرزدق الشاعر ، حدّثني الطّرمّاح الشاعر قال :

لقيت نابعة بني جعدة الشاعر فقلت له : لقيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : نعم ، وأنشدته قصيدتي التي أقول فيها :

__________________

(١) زيادة منا للإيضاح.

(٢) تقرأ بالأصل وم : حبيش ، والمثبت عن معجم الشعراء والأغاني.

(٣) ترجمته وأخباره في : المؤتلف والمختلف للآمدي ص ١٧٠ ومعجم الشعراء ص ٣٤٧ والشعر والشعراء ص ٣٦٨ وجمهرة الأنساب ص ١٨٧ والأغاني ١٧ / ١ ، وسير أعلام النبلاء ٥ / ٣٨٨ وخزانة الأدب (الجزء الأول : الفهارس) وجمهرة أشعار العرب ص ١٨٧ والموشح ص ١٩١ وسمط اللآلي ص ١١.

شعر الكميت بن زيد جمع الدكتور داود سلوم (بغداد).

٢٢٩

بلغنا السماء مجدا وسؤددا

وإنّا لنرجو فوق ذلك مظهرا

قال : فرأيت وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد تغيّر ، وبدا الغضب فيه ، فقال : «إلى أين يا أبا ليلى» فقلت : إلى الجنّة يا رسول الله ، فقال : «إلى الجنّة إن شاء الله» (١) [١٠٦٥٧].

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد (٢) ، حدّثنا الحسين بن إسحاق التّستري ، حدّثنا الحسين بن أبي السّري العسقلاني ، حدّثنا الحسن ابن محمّد بن أعين الحرّاني ، حدّثنا حفص بن سليمان ، عن الكميت بن زيد الأسدي قال : قال مذكور مولى زينب بنت جحش عن زينب بنت جحش قالت :

خطبني عدة من قريش ، فأرسلت أختي حمنة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أستشيره ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أين هي ممن يعلّمها كتاب ربّها وسنّة نبيّها؟» قالت : ومن هو يا رسول الله؟ قال : «زيد بن حارثة» ، قال : فغضبت حمنة غضبا شديدا ، فقالت : يا رسول الله ، أتزوج ابنة عمك مولاك؟ قالت : وجاءتني فأعلمتني ، فغضبت أشدّ من غضبها وقلت أشدّ من قولها ، فأنزل الله عزوجل : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) الآية (٣) ، قالت : فأرسلت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّي أستغفر الله وأطيع الله ورسوله ، افعل يا رسول الله ما رأيت ، فزوّجني زيدا ، فكنت أرزأ (٤) عليه ، فشكاني إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعاتبني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم عدت فأخذته بلساني ، فشكاني إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أمسك عليك زوجك ، واتّق الله» ، فقال : يا رسول الله أنا أطلقها ، قالت (٥) : فطلّقني ، فلمّا انقضت عدتي لم أعلم إلّا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد دخل عليّ بيتي وأنا مكشوفة الشعر ، فعلمت أنه أمر من السماء ، فقلت : يا رسول الله بلا خطبة ولا إشهاد ، فقال : «الله المزوّج ، وجبريل الشاهد» [١٠٦٥٨].

أخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ـ ببغداد ـ أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد المصري ، حدّثنا القاسم بن الليث ، حدّثني حسين بن أبي السّري ، حدّثنا الحسن بن أعين الحرّاني ، حدّثنا حفص بن سليمان الأسدي عن الكميت أبي زيد الأسدي ، حدّثني مذكور مولى زينب بنت جحش عن زينب بنت جحش قالت :

__________________

(١) تقدم الحديث قريبا.

(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٢٤ / ٣٩ رقم ١٠٩.

(٣) سورة الأحزاب ، الآية : ٣٦.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي المعجم الكبير : أرثى.

(٥) الأصل : قال ، والمثبت عن م والمعجم الكبير.

٢٣٠

خطبني عدة من أصحاب النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأرسلت إليه أختي أشاوره في ذلك ، قال : «فأين هي ممن يعلّمها كتاب ربّها وسنّة نبيّها ، قالت : من؟ قال : «زيد بن حارثة» ، فغضبت وقالت : تزوّج بنت عمك مولاك ، ثم أتتني» فأخبرتني بذلك فقلت أشدّ من قولها ، وغضبت أشدّ من غضبها ، قال : فأنزل الله عزوجل : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)(١) قالت : فأرسلت إليه : زوّجني من شئت ، قال : فزوّجني منه ، فأخذته بلساني ، فشكاني إلى النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أمسك عليك زوجك واتّق الله» ، ثم أخذته بلساني ، فشكاني إلى النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال : أنا أطلقها ، فطلّقني ، فبت طلاقي ، فلمّا انقضت عدّتي لم أشعر إلّا والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا مكشوفة الشعر ، فقلت : هذا أمر من السماء ، فقلت : يا رسول الله بلا خطبة ولا إشهاد؟ قال : «الله المزوّج ، وجبريل الشاهد» [١٠٦٥٩].

قال البيهقي : وهذا وإن كان إسناد لا يقوم بمثله الحجة فمشهور أن زينب بنت جحش وهي من بني أسد بن خزيمة ، وأمها أميمة بنت عبد المطّلب بن هاشم عمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كانت عند زيد بن حارثة حتى طلّقها ثم تزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بها.

[قال ابن عساكر :](٢) وكذا في الحديث : ابنة عمك ، والصواب ابنة عمتك.

قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين الكاتب (٣) ، أخبرني عمّي ، حدّثني يعقوب بن إسرائيل ، حدّثني إبراهيم بن عبد الله الخصّاف الطّلحي ، أخبرني حبيش بن الكميت بن (٤) المستهل بن الكميت بن زيد قال :

وفد الكميت على يزيد بن عبد الملك فدخل إليه يوما ، وقد اشتريت له سلّامة القس ، فأدخلت إليه والكميت حاضر فقال له : يا أبا المستهلّ ، هذه جارية تباع ، أفترى أن نبتاعها؟ قال : أي والله يا أمير المؤمنين ، ولا أرى لها مثلا في الدنيا ، فلا تفوتنّك (٥) قال : فصفها لي في شعر حتى أقبل رأيك ، فقال الكميت :

هي شمس النهار في الحسن إلّا

أنها فضّلت بفتك (٦) الطّراف

غضّة بضّة رخيم لعوب

وعثة المتن شختة الأطراف

__________________

(١) سورة الأحزاب ، الآية : ٣٦.

(٢) زيادة منا للإيضاح.

(٣) الخبر والشعر في الأغاني ١٧ / ٢٢ و ٢٣.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي الأغاني : أخو المستهل.

(٥) الأصل : تفوتك ، والمثبت عن م والأغاني.

(٦) الأغاني : بقتل الطراف.

٢٣١

زانها دلّها وثغر نقيّ

وحديث مرتّل غير خاف (١)

خلقت فوق منية المتمنّي

فاقبل النّصح يا بن عبد مناف

فضحك يزيد ، وقال : قد قبلنا نصحك يا أبا المستهل ، وأمر له بجائزة سنية.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا قال (٢) :

وأما ذؤيبة بالذال المعجمة فهو : الكميت بن زيد بن الأخنس بن مجالد بن ربيعة بن قيس بن الحارث بن عامر بن ذؤيبة بن عمرو بن مالك بن سعد بن ثعلبة بن ذودان الشاعر المشهور.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن جعفر بن النجار التميمي النحوي بالكوفة ، أنبأنا أبو الحسن علي بن حامد الضّبّي ، حدّثنا أحمد بن موسى ، عن الجرمي الراوية الكوفي ، أو عن العتابي قال :

كان في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر : كان خطيب أسد ، وفقيه الشيعة ، وحافظ القرآن ، وثبت الجنان ، وكان كاتبا حسن الخط ، وكان نسّابة ، وكان جدلا ، وكان أول من ناظر في التشيّع ، وكان راميا لم يكن في أسد أرمى منه بنبل ، وكان فارسا ، وكان شجاعا ، وكان سخيا دينا.

قال : وأنبأنا محمّد بن جعفر ، أنبأنا أبو علي الحسن بن علي بن محمّد بن عقبة قال :

سمعت أبي يقول : سمعت جدي يقول :

كانت بنو أسد تقول فينا فضيلة ليست في العالم ، ما دخل أحد منزل أحد منا ولا محلة (٣) من محالنا إلّا وجد فيها بركة وراية الكميت لأنه رأى النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في النوم فقال له : أنشدني ..... (٤) ، فأنشده فقال له : بوركت وبورك قومك.

قال : وأنبأنا محمّد بن جعفر قال : سمعت أبا رياش يقول : سمعت ابن دريد يقول : سمعت الأشنانداني يقول : سمعت أبا عبيدة يقول (٥) :

__________________

(١) الأصل وم ، وفي الأغاني : «غير جافي» وهو أشبه.

(٢) الاكمال لابن ماكولا ٤ / ١٠٢.

(٣) الأصل : محالة ، والمثبت عن م.

(٤) غير مقروءة بالأصل ورسمها : «مل نف» وفي م : «طريب».

(٥) الخبر في خزانة الأدب ١ / ١٤٤ وسير أعلام النبلاء ٥ / ٣٨٨.

٢٣٢

لو لم يكن لبني أسد منقبة غير الكميت لكفاهم ، حبّبهم إلى الناس ، وأبقى لهم ذكرا ، وأخرج فضائلهم التي غاص عليها البحار ، ولولاه لما عرف الناس قبائل نزار من غيرها ، ولا فضائلها.

قال محمّد : وأنبأنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن عرفة ، أنبأنا المبرّد عن الزيادي قال :

كان عمّ الكميت رئيس قومه فقال له يوما : يا كميت لم لا تقول الشعر؟ ثم أخذه فأدخله ماء كان لهم ، وقال : لا أخرجتك منه أو تقول الشعر ، فمرّت به قبّرة فأنشأ متمثلا يقول :

يا لك من قبّرة بمعمر

خلا لك الجوّ فبيضي واصفري

ونقّري ما شئت أن تنقّري

فقال له عمه : إنّما حلفت أنك تقول شعرا وقد قلته ، فاخرج فقال : والله لا خرجت من الماء أو أقول شعرا لنفسي. فما رام من الماء حتى قال قصيدته المشهورة ، وهي أول شعره ثم غدا على عمه فقال له : اجمع لي العشيرة ليسمعوا قولي ، فجمع له العشيرة ثم قام فأنشد (١) :

طربت وما شوقا إلى البيض أطرب

ولا لعبا مني ، وذو الشيب يلعب

ثم قال له عمه : ثم ما ذا؟ فقال :

ولم تلهني دار ولا ربع (٢) منزل

ولم يتطربني بنان مخضّب

فقال له عمه : ثم ما ذا؟ فقال :

ولا أنا ممن يزجر الطير همّه

أصاح غراب أم يعرّض ثعلب (٣)

ولا السانحات البارحات عشية

أمرّ سليم القرن أم مرّ أعضب (٤)

فقال له عمه : فأي شيء؟ فقال :

ولكن إلى أهل الفضائل والنّهى (٥)

وخير بني حواء ، والخير يطلب

__________________

(١) الخبر برواية مختلفة في الأغاني ١٧ / ٢٨ وانظر شرح هاشميات الكميت لأبي رياش القيسي.

(٢) في شرح هاشميات الكميت : رسم منزل.

(٣) يقول : لست ممن همه زجر الطير لأني جربت الأمور. وتعرض ثعلب أي أخذ يمينا وشمالا.

(٤) السانح : الذي يجيء من يسارك إلى يمينك ويوليك ميامنه والأعضب : المكسور أحد قرنيه.

(٥) النهى : العقول ، واحدها : نهية.

٢٣٣

فقال له عمه : من ويلك؟ فقال :

إلى النفر البيض (١) الذين بحبّهم

إلى الله فيما نابني أتقرّب

فقال له عمه : ثكلتك أمّك من هم؟ فقال :

بني هاشم رهط النبي فإنّني

لهم وبهم أرضى مرارا وأغضب

قال : فأمسك عمّه حتى أتى على القصيدة إلى آخرها فقال عمه لقومه : ليهنكم النعمتين إن فيكم شاعرا ، ومع ذلك إنه طاهر الولادة.

قال : وأنبأنا محمّد بن جعفر ، حدّثنا ابن الأنباري عن أبيه ، عن أبي عكرمة الضبّي قال : لو لا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان ، ولا للبيان لسان (٢).

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا أبو عبد الله الطوسي ، حدّثنا الزبير بن بكّار ، حدّثني محمّد بن الحسن الأسدي قال : أنشدني ابن المستهلّ بن الكميت لأبيه الكميت ابن زيد يعاتب قريشا وبعث إليهم ببرة بنت مرّ (٣) :

بني ابنة مرّ! أين مرّة عنكم

وعنا التي شعبا تصير شعوبها

وأين ابنها عنا وعنكم وبعلها

خزيمة والأرحام وعثا (٤) جئوبها (٥)

إذا نحن منكم لم ننل فضل أخوة (٦)

على أخوة لم نخش غشا جئوبها

يشوبون للأقصين (٧) معسول شيمة

فأنى لنا بالصاب أنى مشوبها (٨)

كلوا ما لديكم من سنام وغارب

إذا غيّبت دودان عنكم غيوبها

ستذكرنا منكم قلوب (٩) وأعين

ذوارف لم يضنن بدمع سكوبها (١٠)

فلو مات من نصح لقوم أخوهم

لقد لقيتني بالمنايا شعوبها

__________________

(١) يعني بني هاشم.

(٢) سير أعلام النبلاء ٥ / ٣٨٨.

(٣) من قصيدة في شعر الكميت (ط. بغداد) ص ١١٦.

(٤) أصل الوعثاء من الوعث وهو الدهس ، والوعث : الشديد ، والمشي يشتد على صاحبه.

(٥) جئوبها : قطوعها.

(٦) في شعر الكميت : حق أخوه.

(٧) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن شعر الكميت.

(٨) يقول : أنتم لغيرنا عسل ولنا صاب ، فأنى لنا أي كيف لنا بأن تشوبوا لنا مع الصاب عسلا ، وهما ضدان لا يجتمعان.

(٩) في شعر الكميت : نفوس وأعين.

(١٠) في شعر الكميت : غروبها.

٢٣٤

قال : وحدّثنا الزبير قال : وحدّثني محمّد بن أنس (١) الأسدي عن ابن المستهل بن الكميت بن زيد الأسدي قال : قتل النضر بن كنانة أخاه لأمه فوداه مائة من الإبل من ماله ، فهو أول من سنّها ، وقال في ذلك الكميت بن زيد الأسدي :

أبونا الذي سنّ المئين لقومه

ديات وعدّاها سلوفا منيبها (٢)

فسلّمها واستوثق الناس للذي

تعلل مما استنّ فيها حدوبها (٣)

غنائم لم تجمع ثلاثا وأربعا

مسائل بالإلحاف شتى ضروبها

قال : السلوف : ما تقدم ، والمنيب الأوائل ، والحدوب : العائف.

قال : وحدّثنا الزبير ، حدّثني محمّد بن أنس (٤) الأسدي عن رجل عن المستهل بن الكميت بن زيد الأسدي قال : قال الكميت بن زيد يفخر بقرابته من قريش ويصف لزومهم ميراثهم عن أبيهم خليل الرّحمن صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحوزهم ما اثره قبلك :

ثياب إبراهيم فينا

صحاحا ما دنس وما بلينا

وإنّ لنا بمكة أبطحيها

وما بين الأخاشب والحجونا

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم العلوي ، وأبو الوحش المقرئ عنه ، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن جعفر بن النجار ، حدّثنا أبو القاسم السكوني ، عن أبي عبيد الله قال : قال ابن عبدة النسّاب :

ما عرف النساب أنساب العرب على حقيقة حتى قال الكميت النزاريات فأظهر بها علما كثيرا ، ولقد نظرت في شعره فما رأيت أحدا أعلم منه بالعرب وأيامها.

قال أبو عبيد الله : فلما سمعت هذا جمعت شعره فكان عوني على التصنيف لأيام العرب ، قال محمّد : وسألته عن أبي عبيد الله فقال : هذا هو السّكوني ، وكان أحد النّسّابة ومن فضلائهم وعلمائهم.

قال : وحدّثنا محمّد بن جعفر ، حدّثنا أبو علي الحسن بن داود ، حدّثنا الوضاحي ، عن الخصّاف ، عن محمّد بن سهل قال : قال الكميت :

__________________

(١) كذا بالأصل وم هنا ، ومرّ : الحسن.

(٢) قوله : عداها : أمضاها سنة ، وسلوفا : متقدما. منيبها : مطيعها.

(٣) روايته في شعر الكميت :

وسلمها فاستوثق الناس للتي

يعلل مما سن فيهم جدوبها

(٤) كذا بالأصل وم هنا ، ومرّ : الحسن.

٢٣٥

رأيت وأنا مختف فيما يرى النائم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال لي : مم خوفك؟ قلت : يا رسول الله ، من بني أمية ، قال : ألست القائل :

حياتك كانت مجدنا (١)

قلت : بلى ، وأنا القائل أيضا :

فبوركت مولودا (٢)

وأنا القائل (٣) :

ألم ترني من حب آل محمّد

أروح وأغدوا خائفا أترقّب

قال : اظهر فإنّ الله قد آمنك في الدنيا والآخرة ، وقال في قوله (٤) :

فطائفة قد أكفرتني بحبّكم

وطائفة قالت مسيء ومذنب

التي أكفرتني : التيم ، والتي قالت مسيء : بنو حرام (٥).

قال : وأنبأنا محمّد بن جعفر ، أنبأنا أبو أحمد الجلودي ، حدّثنا محمّد بن ركونة ، حدّثنا ابن عائشة عن أبيه قال :

أتى الكميت بن زيد إلى علي بن الحسين فقال له : إنّي قد مدحتكم بما أرجو أن يكون وسيلة عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم القيامة فاسمعه ، فوجّه علي بن الحسين فجمع أهله ومواليه ثم أنشده :

طربت وهل بك من مطرب (٦)

فلما فرغ منها قال له علي بن الحسين : ثوابك نحن عاجزون عنه ، ولكن ما عجزنا عنه فإنّ الله ورسوله لن يعجزا عن مكافأتك ، وسقط له على نفسه وأهله أربع مائة ألف درهم ،

__________________

(١) شرح الهاشميات لأبي رياش ، البيت ٤٢ من قصيدته البائية وتمامه :

حياتك كانت مجدنا وسناءنا

وموتك جدع للعرانين مرعب

(٢) شرح الهاشميات البيت ٤٥ من القصيدة البائية وتمامه :

وبوركت مولودا وبوركت ناشئا

وبوركت عند الشيب إذ أنت أشيب

(٣) شرح الهاشميات ، من القصيدة السابقة : البيت ٧٥ ص ٧٥.

(٤) البيت ٢٢ ص ٥٣ (شرح الهاشميات).

(٥) كذا والذي في شرح الهاشميات لأبي رياش : طائفة يريد الحرورية وطائفة : من المرجئة.

(٦) مطلع قصيدته البائية ، وتمامه في شرح الهاشميات ص ١٨٨ :

طربت وهل بك من مطرب

ولم تتصاب ولم تلعب

٢٣٦

فقال له : خذ هذه يا أبا المستهل فاستعن بها على سفرك ، فقال : لو وصلتني بدانق لكان شرفا ، ولكن على مدحكم لا آخذ ثمنا ولا أجرا إلّا من أردت به وجهه والوسيلة عنده ، ولكن إن أحببت أن تحسن إليّ فادفع بعض ثيابك التي تلي جسدك أتبرّك به ، فقام علي بن الحسين فنزع ثيابه فدفعها كلها إليه وأمر بجبّة له كانت يصلّي فيها فدفعت إليه ثم قال : اللهمّ إنّ الكميت جادّ في آل رسولك وذرية نبيك بنفسه حين ضنّ الناس ، وأظهر ما كتمه غيره من الحقّ فأمته شهيدا وأحيه سعيدا ، وأره الجزاء عاجلا ، واجز له جزيل المثوبة آجلا ، فإنّا قد عجزنا عن مكافأته وأنت واسع كريم ، قال الكميت : فما زلت أتعرّف بركة دعائه.

قال : وحدّثنا محمّد بن جعفر ، أنبأنا ابن الأنباري ، حدّثنا أبي عن أحمد بن عبيد ، عن المدائني قال :

قال الكميت لمحمّد بن علي : إنّي قد قلت أبياتا إن أظهرتها خشيت على نفسي ، وإن أخفيتها خشيت على ديني ، قال : هاتها ، فأنشده هذه الأبيات (١) :

نفى عن عينك الأرق الهجوعا

وهمّ يمتري منه (٢) الدموعا (٣)

فاستدار علي بن الحسين إلى القبلة ثم رفع يديه وقال : اللهم اغفر للكميت ـ ثلاث مرات ـ.

قال : وأنبأنا محمّد بن جعفر ، أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن عرفة نفطوية أنا المبرّد ، حدّثنا العتبي عن أبيه قال :

لما قال الكميت بن زيد الأسدي شعره أتى أبا جعفر محمّد بن علي بن الحسين فقال : إنّي قد قلت شعرا إن كتمته خشيت الله ، وإن أظهرته خفت على نفسي ، فأنشده :

نفى عن عينك الأرق الهجوعا

وهمّ يمتري منه الدموعا

إلى قوله (٤) :

أجاع الله من أشبعتموه

وأشبع من بجوركم أجيعا

فأدار أبو جعفر وجهه إلى القبلة حتى أتمّ القصيدة ، قال أبو عبد الله : وفي هذا شرف

__________________

(١) مطلع قصيدة في شرح الهاشميات ص ١٩٥.

(٢) في شرح الهاشميات : منها.

(٣) الأرق : السهاد ، ويقال : أرق الرجل يأرق أرقا.

والهجوع : النوم ، يقال : هجع يهجع هجوعا. والهاجع : النائم ويمتري : يحتلب منها أي من العين.

(٤) البيت ١٦ من قصيدته العينية ، شرح الهاشميات ص ١٩٨.

٢٣٧

إلّا أن يحتال له فيصرف إلى بعض المصارف.

[قال ابن عساكر :](١) كذا قال ، وإنما هو إبراهيم بن محمّد.

قال : وأنبأنا محمّد ، أنبأنا أبو أحمد الجلودي حدّثنا المغيرة بن محمّد عن ابن عائشة عن أبيه قال : قال جعفر بن محمّد.

الكميت سيف آل محمّد في كلّ قلب معاند مغمد.

قال : وحدّثنا محمّد ، حدّثنا أبو الحسين بن عامر قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن يزيد الرّمادي يقول : سمعت مشايخ أهل البيت يقولون :

خذوا أولادكم بتعليم الهاشميات فإنّها تنبت الولاية في قلوبهم على حقّها.

قال : وأنبأنا محمّد ، أنبأنا الصولي عن علي بن الصباح قال : سمعت الحسن بن رجاء يقول لأبي محلّم يوما.

كان في الكميت تكلّف شديد وخاصة في مدحه. فقال له أبو محلّم : والله ما هو بالمطبوع ، ولكن مدحه أطبع شعره وخاصة في بني هاشم لتوفيق الله له فيهم ، أليس هو القائل (٢) :

قوم إذا املولح (٣) الرجال على

أفواه من ذاق مدحهم (٤) عذبوا

حتى انتهى إلى قوله (٥) :

والكاشفو المفظع المهمّ إذا

التقت (٦) بتصدير أهله (٧) الحقب (٨)

ثم أنشده :

أناس إذا وردت بحرهم

صواد الغرائب لم يطرد

قال علي بن الصباح : فلم يحر الحسن بن رجاء جوابا ، وكان أبو محلم إذا أنشد شعرا فكان الناس لم يسمعوه لحسن ألفاظه وجوده معانيه.

__________________

(١) زيادة منا للإيضاح.

(٢) شرح الهاشميات ص ١٢٠ البيت رقم ٦٢.

(٣) بالأصل وم : املولج ، والمثبت عن شرح الهاشميات. واملولح صار ملحا لا يشرب ، ضربه مثلا.

(٤) شرح الهاشميات : طعمهم.

(٥) شرح الهاشميات ص ١٢٢ البيت رقم ٧١.

(٦) شرح الهاشميات : التفّ.

(٧) شرح الهاشميات : أهلها.

(٨) المفظع : العظيم ، والتصدير : الحبل المؤخر.

٢٣٨

قال : وحدّثناه محمّد بن جعفر ، حدّثنا أبو محمّد العتكي عن يموت قال :

قال الجاحظ : ما فتح لشيعة الحجّاج إلّا الكميت بقوله :

فإن (١) هي لم تصلح لحيّ سواهم

فإنّ ذوي القربى أحقّ وأوجب (٢)

يقولون (٣) لم يورث (٤) ولو لا تراثه

لقد شركت فيها بكيل وأرحب (٥)

وقال : هذا وضع نكد يصغي إليه كلّ أحد ، ولو كان شعره في المكانة مثل حجاجه لكان منقطع القرين ، وكان يقول : ما رأيت شيئا من البرودة أشدّ (٦) من قوله في مدح النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٧) :

فبوركت مولودا وبوركت ناشئا

وبوركت عند الشّيب إذ أنت أشيب

وبورك قبر أنت فيه وبوركت

به وله أهل لذلك يثرب

لو مدحوا بها سائر الناس لما كان مرضيا ، فكيف النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنبأنا أبو عمرو بن مندة ، أنبأنا أبو محمّد بن يوة ، أنبأنا أبو الحسن اللنباني (٨) ، أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني إسماعيل بن حفص ، حدّثنا ابن فضيل ، عن ابن شبرمة قال :

قلت للكميت الأسدي الشاعر : إنّك قد قلت في بني هاشم فأحسنت ، وقد قلت في بني أمية أفضل مما قلت في بني هاشم ، قال : إنّي إذا قلت أحببت أن أحسن.

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا المعافى بن زكريا القاضي (٩) ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة الأزدي ، حدّثنا عبد الله بن إسحاق بن سلّام قال :

__________________

(١) شرح الهاشميات ص ٦٥ رقم ٥٥.

(٢) بالأصل : «وأوجف» والمثبت عن م ، وفي شرح الهاشميات : وأقرب.

(٣) شرح الهاشميات ص ٦٢ رقم ٤٨.

(٤) الأصل وم : تورث ، والمثبت عن شرح الهاشميات.

(٥) الأصل : «وأرحف» والمثبت عن م وشرح الهاشميات وبكيل وأرحب : حيان من همدان.

(٦) رسمها بالأصل : «اعر» وفي م : «أغب» والمثبت عن المختصر.

(٧) شرح الهاشميات ص ٦١ البيتان رقم ٤٥ و ٤٦.

(٨) الأصل : اللبناني ، بتقديم الباء ، والمثبت عن م.

(٩) الخبر والشعر في الجليس الصالح الكافي ٢ / ١٠٤ وما بعدها.

٢٣٩

أتى الكميت باب مخلد بن يزيد بن المهلّب يمدحه ، فصادف على بابه أربعين شاعرا ، فقال للآذن : استأذن لي على الأمير ، فاستأذن له عليه ، فأذن له ، فقال : كم رأيت بالباب من شاعر؟ قال : أربعين شاعرا ، قال : فأنت جالب التمر (١) إلى هجر قال : إنّهم جلبوا دقلا (٢) وجلبت أزاذا (٣) ، قال : فهات أزاذك ، فأنشده :

هلّا سألت منازلا بالأبرق

درست وكيف سؤال من لم ينطق

لعبت بها ريحان ريح عجاجة

بالسّافيات من التراب المعنق

والهيف رائحة لها بنتاجها

طفل العشي بذي حناتم سرّق

الحناتم : جرار خضر شبّه الغيم بها ، والهيف : الريح الحارة. قال القاضي : ومن الهيف قول ذي الرمة (٤) :

وصوّح البقل نآج تجيء به

هيف يمانية في مرّها نكب

والحناتم واحدها حنتمة ، قال الشاعر في الحنتم :

وأقفر من حضارة ورد أهله

وقد كان يسقي في زجاج (٥) وحنتم

وقال في الحناتم :

يمشون حول مكدّم قد كدّحت

متنيه حمل حناتم وقلال

قوله : كدّحت متنيه حمل حناتم كقول الشاعر :

أرى مر السنين أخذن منّي

كما أخذ السّرار (٦) من الهلال

ولهذا نظائر تذكر ، وتشرح عللها في مواضع أخر.

تمام شعر الكميت :

تصل اللقاح إلى النتاج مزيّة

لحقوق كوكبها وإن لم يحقق

غيرن (٧) عهدك بالديار ومن يكن

رهن الحوادث من جديد (٨) يخلق

__________________

(١) الأصل : الثمر ، والمثبت عن م والجليس الصالح.

(٢) الدقل : أردأ التمر.

(٣) الأزاذ : نوع جيد من التمر (المعجم الوسيط).

(٤) ديوان ذي الرمة ص ١٧.

(٥) الجليس الصالح : في قلال وحنتم.

(٦) السرار : آخر ليلة في الشهر حيث يختفي الهلال ، ربما استر ليلة وربما ليلتين (اللسان : سرر).

(٧) الأصل : نميري ، والمثبت عن م والجليس الصالح.

(٨) الأصل : جدير ، والمثبت عن م والجليس الصالح.

٢٤٠