تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٠

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٠

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٨٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

فأجبتها بالقول (١) بعد تستّر

حبّى بثينة عن وصالك شاغلي (٢)

لو كان في قلبي بقدر قلامة

فضل (٣) وصلتك أو أتتك رسائلي

فقال : والله ما أنكرت فضل جميل ، ولا أنا إلّا حسنة من حسناته ، واستحيا.

آخر الجزء السادس والثمانين بعد الخمسمائة (٤).

أخبرنا أبو السعود بن المجلي (٥) ، حدّثنا أبو الحسين بن المهتدي بالله ، أنبأنا أبو الفضل محمّد بن الحسن بن المأمون ، أنشدنا محمّد بن القاسم الأنباري. ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمّد المجبّر ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم (٦).

أنشدني أبي لكثيّر بن عبد الرّحمن (٧) :

بأبي وأمي أنت من معشوقة (٨)

طبن العدو لها فغيّر حالها

ومشى إليّ بعيب عزّة نسوة

جعل الإله (٩) خدودهن نعالها

الله يعلم لو جمعن ومثّلت

لاخترت قبل تأمل تمثالها (١٠)

ولو أنّ عزة خاصمت شمس الضحى

في الحسن عند موفّق لقضى لها

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن بركات بن محمّد المقدسي الدهان ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن الحسن بن عمر بن رذاذ (١١) المقرئ التّنّيسي ـ ببيت المقدس ـ أنشدنا أبو ذر عبد بن أحمد بن محمّد بن عبد الله بن غفير (١٢) الهروي (١٣) ـ بمكة ـ أنشدني أبي لكثيّر بن عبد الرّحمن صاحب عزّة :

بأبي وأمي أنت من معشوقة

ظفر العدوّ بها فغيّر حالها

__________________

(١) الشعر والشعراء : في الحب.

(٢) الأصل وم : شاغل ، والمثبت عن «ز».

(٣) الشعر والشعراء : حبّ.

(٤) من قوله : آخر الجزء ... إلى هنا سقط من م و «ز».

(٥) الأصل و «ز» : المحلى ، والمثبت عن «ز».

(٦) من قوله : ح وأخبرنا إلى هنا سقط من «ز».

(٧) الأبيات في ديوانه ص ١٥٣ وذيل الأمالي للقالي ص ٦٧.

(٨) الديوان : مظلومة.

(٩) الذي في الديوان وذيل الأمالي. وسعي إليّ بصرم عزة نسوة جعل المليك.

(١٠) سقط البيت من الديوان وذيل الأمالي.

(١١) كذا ، وفي «ز» : رداد ، وفي م : رادان.

(١٢) صحفت في «ز» إلى عفير ، والمثبت يوافق تبصير المنتبه ٣ / ١٠٤٧.

(١٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٥٥٤.

١٠١

ومشى إليّ بعيب عزّة نسوة

جعل الإله خدودهنّ نعالها

الله يعلم لو جمعن ومثّلت

لاخترت قبل تأمّل تمثالها

ولو أن عزّة خاصمت شمس الضحى

في الحسن عند موفق لقضى لها

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا أبو الحسن أحمد ابن محمّد بن موسى بن القاسم بن الصّلت المجبّر ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم بن بشّار ، حدّثنا أحمد بن يحيى ، عن الزبير بن بكّار قال :

كتب إليّ إسحاق بن إبراهيم الموصلي يقول : حدّثني أبو المشيّع قال : خرج كثيّر يلتمس عزة معه شنينة فيها ماء ، فأخذه العطش ، فتناول الشّنينة فإذا هي عظم ما فيها من الماء شيء ، ورفعت له نار ، فأمّها فإذا بقربها مظلة بفنائها عجوز فقالت له : من أنت؟ قال : أنا كثيّر ، قالت : قد كنت أتمنى ملاقاتك ، فالحمد لله الذي أرانيك ، قال : وما الذي تلتمسينه عندي ، قالت : ألست القائل :

إذا ما أتينا خلّة كي نزيلها

أبينا وقلنا الحاجبيّة أوّل

سنوليك عرفا إن أردت وصالنا

ونحن لتلك الحاجبيّة أوصل

قال : بلى ، قالت : أفلا قلت كما قال سيّدك جميل :

يا ربّ عارضة علينا وصلها

بالجدّ تخلطه بقول الهازل

فأجبتها في القول بعد تأمّلي

حبّي بثينة عن وصالك شاغلي

لو كان في قلبي كقدر قلامة

فضل (١) لغيرك ما أتتك رسائلي

قال : دعي هذا واسقيني ماء ، قالت : فو الله لا سقيتك شيئا ، قال : ويحك ، إنّ العطش قد أضرّ بي ، قال : ثكلت بثينة إن طمعت عندي قطرة ماء ، فركض راحلته ومضى يطلب الماء ، فما بلغه حتى أصبح وأضحى النهار ، وقد كرب يقتله العطش.

أخبرنا أبو القاسم بن أبي عبد الرّحمن الشحامي ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو الصقر أحمد بن الفضل الكاتب ـ بهمذان ـ حدّثنا المبرّد قال : قال لي الجاحظ : أتعرف مثل قول إسماعيل بن القاسم :

ولا خير فيمن لا يوطن نفسه

على نائبات الدهر حين تنوب؟

__________________

(١) بالأصل وم و «ز» : فضلا.

١٠٢

فقلت : قول كثيّر ومنه أخذ (١) :

فقلت لها : يا عزّ كلّ مصيبة

إذا وطّنت يوما لها النفس ذلّت

قال أبو العباس المبرّد : ويروى أن عبد الملك بن مروان لما سمع هذا قال : لو قاله في صفة الحرب كان فيه أشعر الناس.

أنبأنا أبو علي محمّد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان ، وأبو القاسم غانم بن محمّد ، عن أبي علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، أنبأنا أبو جعفر أحمد بن يعقوب بن يوسف الأصبهاني ، حدّثنا أحمد بن محمّد الضّبعي ، حدّثنا ابن أبي يحيى ، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن التيمي ، حدّثني أبي عن ابن جعدبة قال : كان لكثيّر بن أبي جمعة غلام تاجر ، فبايع عزة وهو لا يعرفها ، فما طلته ، فقال يوما وهو يتقاضاها (٢) :

قضى كلّ ذي دين فوفّى غريمه

وعزّة ممطول (٣) معنى غريمها (٤)

فقالت (٥) له المرأة التي ابتاعت منه الثياب : فهذه والله دار عزّة ، ولها ابتعت منك الثياب ، قال : والله فأنا غلام كثيّر فأشهد الله أنّ الثياب لها ، وأني لا آخذ من ثمنها شيئا ، فبلغ ذلك كثيّرا ، فقال : وأنا أشهد الله أنه حرّ ، وأن ما بقي معه من المال فله (٦).

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو طاهر محمّد بن أحمد بن محمّد بن

__________________

(١) من قصيدة يمدح عزة ، ديوانه ص ٥٥ البيت رقم ١٠.

(٢) البيت من قصيدة في ديوان كثير ص ٢٠٧.

(٣) الممطول من المطل أي التسويف والتأجيل.

(٤) جاء في الشعر والشعراء أن أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان سألت عزة ـ وقد دخلت عليها ـ ما كان ذلك الدين؟

فقالت عزة : وعدته بقبلة فتخرجت منها. فقالت أم البنين : أنجزيها وعليّ إثمها.

(٥) العبارة في م و «ز» : فقالت له امرأة : أتعرف عزة؟ قال : لا ، قالت : هذه عزة كثير ، قال : والله لا آخذ منها شيئا ، ورجع إلى كثير ، فأخبره ، فأعتقه.

(٦) زيد بعده خبر في م ، وقد سقط من الأصل ، نثبته هنا تعميما للفائدة : وقد أخر في «ز» ، إلى ما بعد عدة أخبار تالية :

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف وأنبأنيه أبو القاسم العلوي وأبو الوحش المقرئ عنه ، أنا إبراهيم بن علي بن إبراهيم البغدادي بمصر ، نا محمد بن يحيى الصولي ، نا الفضل بن الحباب نا محمد بن سلام قال : كان لكثير بن عبد الرحمن صاحب عزة ، غلام تاجر يأتي الشام بمتاع يبيعه ، وأرسلت عزة امرأة تطلب لها ثيابا ، فدفعت إلى غلام كثير وهي لا تعرفه فابتاعت منه حاجتها ولم تدفع إليه الثمن ، فكان يختلف إليها مقتضيا ، فأنشد ذات يوم قول مولاه :

أرى كل ذي دين يوفي غريمه

وعزة ممطول يعنّى غريمها

١٠٣

أبي الصقر ، حدّثنا رشأ بن نظيف ـ بدمشق ـ أنبأنا أبو مسلم محمّد بن أحمد بن علي البغدادي الكاتب ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن دريد [ثنا](١) السكن بن سعيد ، عن محمّد بن عباد ، عن ابن الكلبي قال (٢) :

مرت عزّة بكثيّر متنكرة لا يعرفها تميس في مشيتها ، يكاد خصرها ينبتر (٣) فاستوقفها ليكلمها فقالت (٤) : وهل تركت عزّة لأحد فيك بقية ، فقال : والله لو أن عزّة أمة لي لوهبتها لك ، فسفرت فقالت : يا عدوّ نفسه ، إنّك لها هنا ، فندم على ما فرط من قوله وأنشأ يقول (٥) :

ألا ليتني قبل الذي قلت شيب لي

من الزّعف القاضي وماء الذّرارح (٦)

فمتّ ولم تعلم عليّ خيانة

ألا ربّ باغي الربح ليس برابح

أبوء بذنبي إنني قد ظلمتها

[وإني بباقي سرها غير بائح](٧)

فلا تحمليها واجعليها خيانة

تروّحت منها في مناحة نائح

أنبأنا أبو الحسن (٨) علي بن محمّد بن العلّاف ، وأخبرني أبو المعمر المبارك بن أحمد عنه. ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو علي بن أبي جعفر ، وأبو الحسن بن العلّاف. قالا : أنبأنا عبد الملك بن محمّد بن بشران ، أنبأنا أحمد بن إبراهيم ، أنبأنا محمّد بن جعفر ، حدّثنا أبو يوسف يعقوب بن عيسى الزهري ، حدّثنا الزبير بن بكّار ، أخبرني سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، حدّثني أبي.

أن امرأة لقيت كثيّر عزّة وكان قليلا دميما ، فقالت : من أنت؟ قال : كثيّر عزّة ، قالت : «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» ، قال : مه ، رحمك الله ، فإنّي أنا الذي أقول : (٩)

__________________

فقالت له المرأة التي ابتاعت منه الثياب ، فهذه والله دار عزة ، ولها ابتعت منك الثياب ، قال : والله فأنا غلام كثير ، فأشهد الله أن الثياب لها ، وأني لا آخذ من ثمنها شيئا ، فبلغ ذلك كثير فقال : وأنا أشهد الله أنه حر ، وأن ما بقي معه من المال فله. (راجع الأغاني ٩ / ٢٨)

(١) الزيادة عن «ز» ، وفي م : نا.

(٢) الخبر والشعر في الأغاني ٩ / ٣٢.

(٣) بدون إعجام بالأصل ، وفي «ز» : «يسبر» وفي م : ينتثر والمثبت عن المختصر.

(٤) الأصل : فقال ، والمثبت عن م و «ز».

(٥) ليست الأبيات في ديوان كثير الذي بين يدي. والأبيات في الأغاني.

(٦) الأغاني : من السم جدحات بماء الذرارح. والذرارح دويبات أعظم من الذباب ، لها أجنحة تطير بها وهي سم قاتل.

(٧) عجزه بالأصل كلمات غير واضحة مشطوبة ، واستدرك عن م و «ز».

(٨) الأصل : الحسين ، والمثبت عن م و «ز».

(٩) البيت في ديوانه ص ٢٢٤.

١٠٤

فإن أك معروق العظام فإنّني

إذا ما وزنت القوم بالقوم وازن

قالت : وكيف تكون بالقوم وازنا وأنت لا تعرف إلّا بعزّة؟ قال : والله لئن قلت ذاك لقد رفع الله بها قدري ، وزيّن بها شعري ، وإنّي لكما قلت (١) :

ما روضة بالحزن ظاهرة (٢) الثرى

بمج الندى جثجاثها (٣) وعرارها (٤)

بأطيب من أردان عزّة موهنا

وقد أوقدت (٥) بالمندل (٦) الرطب نارها

من الخفرات البيض لم تلق شقوة

وبالحسب المكنون صاف فجارها (٧)

فإن برزت كانت لعينك قرة

وإن غبت عنها لم يعمك عارها (٨)

قالت : أرأيت حين تذكر طيبها ، فلو أن زنجية استجمرت بالمندل الرطب لطاب ريحها ألا قلت كما قال امرؤ القيس (٩) :

خليليّ مرّا بي على أم جندب

نقضّ (١٠) لبانات الفؤاد المعذّب

ألم تر أنّي (١١) كلما جئت طارقا

وجدت بها طيبا وإن لم تطيّب

قال : الحق والله خير ما قيل ، هو والله أنعت مني لصاحبته.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلم ، عن رشأ بن نظيف ، أنبأنا أبو أحمد بن أبي مسلّم الفرضي ، حدّثنا عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم المقرئ ، حدّثنا أحمد بن سعيد ، حدّثنا الزبير بن بكّار ، حدّثني عثمان بن عبد الرّحمن ، عن إبراهيم بن يعقوب ، عن أبي عبد الله قال :

لقيني أبو السائب يوما فقال : أنشدني لكثيّر وأحسن ، قال : فأنشدته له :

__________________

(١) الأبيات في ديوانه ص ١٠٩ ـ ١١٠ والشعر والشعراء ١ / ٥٠٨.

(٢) الديوان والشعر والشعراء : طيبة الثرى.

(٣) الجثجاث : ريحانة طيبة الريح ، برية.

(٤) والعرار : البهار البري وهو حسن الصفرة ، طيب الريح.

(٥) الأصل وم و «ز» : «وقدت» والمثبت عن الديوان.

(٦) المندل : عود طيب الرائحة يتبخر به.

(٧) روايته في الديوان :

من الخفرات البيض لم تر شقوة

وفي الحسب المحض الرفيع نجارها

(٨) رواية الديوان :

وإن خفيت كانت لعينيك قرة

وإن تبد يوما لم يعمّك عارها

(٩) البيتان في ديوان امرئ القيس ص ٤٦ (ط بيروت).

(١٠) الأصل وم : نقضى ، والمثبت عن م والديوان.

(١١) الأصل وم و «ز» ، وفي الديوان : ترياني.

١٠٥

وإنّي لألقى أم عمرو ولا أرى

إلى ابتلاج الواجد المتهلل

وإن جئت يوما أم عمرو بدت لنا

ثواكل من بعض على البعض مجمل

فقد كان يبدو من عزيزة إذ بدا

لنا الصّرم إلّا صفحة المتجمّل

سيرمضه منها تشكر ما مضى

وإن عزّ أن يمشي حوى متذلل

أبى الله إلّا أن ذلك عزّة

هناك وإنّ البأو ليس بأجمل

قال : فقال أبو السائب : أليس يزعمون أن كثيرا خشبيا يرى الرجعة ، قال : قلت : بلى والله ، قال : فو الله لا يعذب الله أحدا خضع هذا الخضوع وأقرّ هذا الإقرار.

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنبأنا محمّد بن الحسن ، حدّثنا أبو الفرج القاضي (١) ، حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباري ، حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عبد الله بن صالح ، حدّثنا أبو عبد الله ابن النّطّاح ، حدّثنا أبو عبيدة ، عن أبي عبد الرّحمن عن صالح بن كيسان قال :

كان عقيلة بنت عقيل بن أبي طالب تجلس للرجال ، فاستأذن عليها جميل فأذنت له ، فلما دخل قيل لها : هذا كثيّر بالباب ، فقالت : أدخلوه ، فما لبث أن قيل لها : هذا الأحوص بالباب ، [فقالت : أدخلوه] فأقبلت على جميل وقالت : ألست القائل (٢) :

فلو تركت عقلي معي ما طلبتها

ولكن طلابيها لما فات من عقلي

أما تطلبها إلّا لذهاب عقلك؟ أما والله لو لا أبيات قلتها ما أذنت لك وهي (٣) :

علقت الهوى منها وليدا فلم يزل

إلى اليوم ينمي حبّها ويزيد

فلا أنا مرجوع (٤) بما جئت طالبا

ولا حبّها فيما يبيد يبيد

يموت الهوى مني إذا ما لقيتها

ويحيى ، إذا ما فارقتها ، فيعود

ثم أقبلت على كثيّر فقالت : وأما أنت يا كثيّر فأقل الناس وفاء في قولك (٥) :

أريد لأنسى ذكرها فكأنما

تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل

أما تريد أن تذكرها حتى تمثّل لك؟! أما والله لو لا أبيات قلتها ما أذنت لك وهي (٦) :

__________________

(١) الخبر رواه المعافى بن زكريا الجريري في الجليس الصالح الكافي ٤ / ١٠١.

(٢) البيت في ديوان جميل ص ٩٨ (ط. بيروت).

(٣) الأبيات في ديوان جميل ص ٣٨ و ٤٠ و ٤١.

(٤) في الديوان : مردود.

(٥) البيت في ديوان كثير ص ١٧٦.

(٦) ليس البيتان في ديوان كثير ، وسيرد أنهما لأبي صخر الهذلي ، راجع شعر أبي صخر الهذلي في شرح أشعار الهذليين ٣ / ٩٥٦ وهما في شعره. ٣ / ٩٥٨.

١٠٦

عجبت لسعي الدهر بيني وبينها

فلمّا انقضى ما بيننا سكن الدهر

فيا حبّ ليلى قد بلغت بي المدى

وزدت على ما ليس يبلغه الهجر (١)

قال القاضي المشهور من هذين البيتين أنهما من كلمة لأبي صخر الهذلي منسوبة إليه ، أولها :

لليلى بذات الجيش (٢) دار عرفتها

وأخرى بذات البين (٣) آياتها سطر

وقد أملّها علينا عن أحمد بن يحيى عن عبد الله بن شبيب معزوة إلى أبي صخر محمّد ابن القاسم الأنباري ، ومحمّد بن يحيى الصولي.

ثم أقبلت على الأحوص وقالت : وأما أنت يا أحوص فألأم العرب في قولك (٤) :

من عاشقين تراسلا وتواعدا

ليلا إذا نجم الثريا حلّقا

باتا بأنعم عيشة وألذّها

حتى إذا وضح النهار تفرّقا

لم قلت : تفرقا؟ أما والله لو لا شيء قلته ما أذنت لك ، وهو (٥) :

كم من دنيّ لها قد صرت أتبعه

ولو صحا القلب عنها كان لي تبعا

قال : ثم قالت لكثيّر : يا فاسق أخبرني عن قولك (٦) :

أإن زمّ أجمال (٧) وفارق جيرة (٨)

وصاح غراب البين أنت حزين

أين الحزن إلّا عندها؟ فقال كثيّر : أعزك الله ، قد قلت شيئا أذهبت هذا العتب (٩) عني وهو (١٠) :

__________________

(١) روايته في شرح أشعار الهذليين :

فيا هجر ليلى قد بلغت بي المدى

وزدت على ما لم يكن بلغ الهجر

(٢) شرح أشعار الهذليين : بذات البين.

(٣) شرح أشعار الهذليين : بذات الجيش آياتها عفر.

(٤) شعر الأحوص ص ١٦٢.

(٥) شعر الأحوص ص ١٥٣.

(٦) ديوان كثير ص ٢٢٤.

(٧) الأصل وم و «ز» : «أجمالا» والمثبت عن الديوان والجليس الصالح.

(٨) غير مقروءة بالأصل وم وبدون إعجام ، وفي «ز» : خيرة والمثبت عن الديوان والجليس الصالح.

(٩) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الجليس الصالح : أذهب هذا العيب عني.

(١٠) البيتان في ديوانه ص ٧٩ من قصيدة مرفوعة القافية.

١٠٧

وأزمعن بينا عاجلا وتركنني

بصحراء خريم قاعدا متبلدا (١)

فبين التراقي واللهاة حرارة (٢)

مكان الشّجا لا تطمئنّ فتبردا (٣)

وقد كانت قالت لجواريها : مزقن ثيابه عليه ، فلمّا أنشد هذين البيتين قالت : خلين عنه يا خبائث ، وأمرت له بحلّة يمانية وبمائة دينار ، فأخذها وانصرف.

أخبرنا أبو الحسن بن العلّاف في كتابه ، وأخبرني أبو المعمر الأنصاري عنه ، ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو علي بن المسلمة ، وأبو الحسن بن العلّاف قالا : أنبأنا أبو القاسم بن بشران ، أنبأنا أحمد بن إبراهيم ، أنبأنا محمّد بن جعفر ، أنشدني محمّد بن علي الهاشمي لكثيّر عزّة (٤) :

فما أحدث النأي الذي كان بيننا

سلوا ولا طول اجتماع تقاليا

وما زادني الواشون إلّا صبابة

ولا كثرة الناهين إلّا تماديا

قال : وأنشدني أبو جعفر العدوي لكثير عزّة (٥) :

لو قاس من قد مضى وجدي بوجدهم

لم يبلغوا من عشير العشر معشارا

وصالكم جنّة فيها كرامتها

وهجركم يعدل الغسلين والنارا

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ، أنبأنا الحسن بن علي الجوهري ، أنبأنا أبو عبيد الله المرزباني ، حدّثني أبو علي الحسن بن علي بن المرزبان النحوي قال : قرأ علينا أبو عبد الله محمّد بن العباس اليزيدي قال : قرأت هذه الأبيات على عمّي الفضل بن محمّد وذكر أنه قرأها على أبي المنهال عيينة بن المنهال وهي تأليفه ، قال : أنشد لكثيّر (٦) :

ومن لا يغمّض عينه عن صديقه

وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب

ومن يتتبع جاهدا (٧) كلّ عثرة (٨)

يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب

وله أيضا (٩) :

__________________

(١) عجزه في الديوان : بفيفا خريم قائما أتلدّد. وفي الجليس الصالح : بصحراء خريم قاعدا أتبلّد.

(٢) الأصل وم و «ز» : حزازة ، والمثبت عن الديوان والجليس الصالح.

(٣) الديوان : مكان الشجا ما إن تبوح فتبرد. وفي الجليس الصالح : مكان الشجا لا تطمئن فتبرد.

(٤) البيتان ليسا في ديوانه.

(٥) البيتان ليسا في ديوانه.

(٦) البيتان في ديوانه ص ٣٣ ومعجم الشعراء ص ٣٥٠ والشعر والشعراء ١ / ٥١٣.

(٧) الأصل : جاهد ، والمثبت عن م و «ز» ، والمصادر.

(٨) في «ز» : غيره.

(٩) تقدم البيت قريبا ، وهو في معجم الشعراء أيضا ص ٣٥٠.

١٠٨

فقلت لها يا عزّ كلّ مصيبة

إذا وطنت يوما لها النفس ذلّت

وله أيضا (١) :

هنيئا مريئا غير داء مخامر

لعزّة من أعراضنا ما استحلّت

[وله أيضا](٢)

فأصبحت وودّعت الصبيّ غير أنني

إذا واله حنت شجا في حنينها (٣)

كتب إليّ أبو طالب عبد القادر بن محمّد ، أنبأنا أبو إسحاق البرمكي. ثم حدّثني أبو المعمر الأنصاري ، أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، أنبأنا أبو الحسن بن القزويني الزاهد ، وأبو إسحاق البرمكي.

قالا : أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأنا عبيد الله بن عبد الرّحمن بن محمّد السكري ، حدّثنا ابن قتيبة قال : قال كثيّر (٤) :

بآية أنّي إذا ما ذكرت

عرفت خلائق مني ثلاثا

عفافا ومجدا إذا ما الرجال

تبالوا خلائقهم واحتراثا

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو طاهر محمّد بن أحمد بن أبي الصقر ، أنبأنا هبة الله بن إبراهيم بن الصوّاف ، أنبأنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم الكاتب ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثني أبو زهير النّصيبي ، حدّثني إسحاق بن جعفر النّوبختي ، قال : قيل لكثيّر عزّة : ما بقي من شعرك؟ قال :

ماتت عزّة فما أطرب ، وذهب الشّباب فما أعجب ، ومات ابن ليلى (٥) فما أرغب ـ يعني عبد العزيز بن مروان ـ وإنّما الشعر بهذه الخلال.

أخبرنا أبو النجم هلال بن الحسين بن محمود ، أنبأنا أبو منصور محمّد بن محمّد بن أحمد العكبري ، أنبأنا أبو محمّد عبيد الله بن أبي مسلم الفرضي ، أنبأنا أبو محمّد علي بن عبد الله بن المغيرة ، حدّثنا أحمد بن سعيد الدمشقي ، حدّثني أبو عبد الله الزبير بن بكّار قال : وقال عمر بن عبد العزيز :

__________________

(١) تقدم البيت ، وهو أيضا في معجم الشعراء ص ٣٥٠.

(٢) الزيادة عن م و «ز».

(٣) لم أجده في ديوانه.

(٤) لم أجدهما في ديوان كثير ، وهما في غريب الحديث لابن قتيبة ١ / ٢٨٧.

(٥) هو عبد العزيز بن مروان ، وأمه ليلى بنت زبان بن الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث.

١٠٩

إنّي لأعرف صلاح بني هاشم وفسادهم بحب كثيّر ، من أحبه منهم فهو فاسد ، ومن أبغضه منهم فهو صالح ، لأنه كان خشبيا يرى الرجعة.

أخبرنا أبو القاسم ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب قال : قال أحمد : قال إبراهيم بن خالد الصّنعاني عن أمية بن شبل حدّثني رجل من أهل المدينة قال : مات عكرمة وكثيّر عزّة في يوم واحد.

أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنبأنا أبو محمّد البزار ، أنبأنا علي بن عبد العزيز قال : قرئ على أبي بكر الختّلي ، أنبأنا الفضل بن الحباب ، حدّثنا محمّد بن سلام قال (١) : وحدّثني ابن جعدبة ، وأبو اليقظان عن جويرية بن أسماء قال :

مات كثيّر وعكرمة مولى ابن عبّاس في يوم واحد ، فأجفلت (٢) قريش في جنازة كثيّر ولم يوجد لعكرمة من يحمله.

أخبرنا (٣) أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا ثابت بن بندار ، أنبأنا محمّد بن علي الواسطي ، أنبأنا محمّد بن أحمد البابسيري ، أنبأنا الأحوص بن المفضّل بن غسان ، حدّثنا أبي قال : وتوفي عكرمة وكثيّر سنة خمس ومائة ، صلي عليهما في موضع واحد في موضع الجنائز (٤).

أخبرنا (٥) أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الفضل بن البقّال ، أنبأنا أبو الحسن بن الحمامي ، أنبأنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن ، أنبأنا إبراهيم بن أبي أمية قال : سمعت نوحا يقول : ومات عكرمة وكثيّر عزّة بعده في يوم واحد ـ يعني ـ سنة خمس ومائة.

أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون ، أنبأنا محمّد بن علي بن يعقوب ، أنبأنا علي بن الحسن بن علي. ح قال : وأنبأنا الحسن بن الحسين بن العباس ، أنبأنا إسحاق بن محمّد النعالي (٦) قالا : أنبأنا عبد الله بن محمّد المدائني ، حدّثنا قعنب بن المحرز الباهلي قال :

__________________

(١) الخبر في طبقات فحول الشعراء لابن سلام ص ١٦٨.

(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي طبقات فحول الشعراء : فاحتفلت.

(٣) كتب فوقها في الأصل : ملحق يؤخر.

(٤) كتب فوقها في الأصل : إلى.

(٥) كتب فوقها بالأصل : «يقدم» ، وقد جاء الخبر في م و «ز» إلى ما قبل الخبر المتقدم بسنده إلى أبي عبد الله محمد ابن سلام الجمحي.

(٦) الأصل : «النعال» والمثبت عن م و «ز».

١١٠

ومات عكرمة مولى ابن عباس بالمدينة في سنة سبع ومائة.

قال : وحدّثنا قعنب عن الأصمعي عن ابن أبي الزناد قال : ما حمله إلّا الرّيح ـ يعني كثيّر عزّة ـ كان رافضيا صفريا. عكرمة (١). قال قعنب : لم يصلّ عليه أحد.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن عبد العزيز بن أبي طاهر ، أنبأنا مكي بن محمّد ، أنبأنا أبو سليمان بن أبي محمّد قال :

مات ـ يعني ـ عكرمة هو وكثيّر عزّة في يوم واحد ـ يعني ـ سنة خمس ومائة.

[قال ابن عساكر](٢) وفي موت عكرمة خلاف ، قد ذكرناه في ترجمته.

٥٨٠٥ ـ كدام بن حيّان العنزي

من تابعي أهل الكوفة. كان من الشيعة الذين أخذوا مع حجر بن عدي ، وفد بهم على معاوية إلى عذراء ، فقتل كدام مع حجر.

وقد تقدم ذكر ذلك في ترجمة أرقم بن عبد الله (٣).

[ذكر من اسمه](٤) كردم

٥٨٠٦ ـ كردم بن معبد

حكى عن أبيه وسلامة القس مولاة يزيد بن عبد الملك.

حكى عنه عبد الله بن عمران بن أبي فروة.

ووفد مع أبيه على الوليد بن يزيد ، وسيأتي ذلك في ترجمة أبيه إن شاء الله.

__________________

(١) كذا بالأصل وم ، والجملة في «ز» : «كان رافضيا كبير صقر بن عكرمة».

(٢) زيادة منا للإيضاح.

(٣) تقدمت ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق ٨ / ٢٧ رقم ٥٨٨ ، ط الدار.

(٤) زيادة منا للإيضاح.

١١١

ذكر من اسمه : كريب

٥٨٠٧ ـ كريب بن أبرهة بن الصباح بن مرثد بن ينكف بن نيف بن معدي كرببن عبد

 الله بن عمرو بن ذي أصبح ـ واسمه الحارث ـ بن مالك بن زيد بن غوث بن

سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية

 بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن حمير بن قطن بن عوف بن زهير

بن أيمن بن حمير بن سبأ أبو رشدين ، ويقال : أبو راشد ـ الأصبحي (١)

يقال : إنّ له صحبة شهد خطبة عمر بن الخطّاب.

وروى عن أبي الدرداء ، وحذيفة بن اليمان ، وأبي ريحانة شمعون ، ومرّة بن كعب البهزي ، وكعب الأحبار.

روى عنه : ثوبان بن شهر ، وسليم بن عتر التّجيبي (٢) ، وشعبة والد سليط بن شعبة ، وأبو وعلة العكّي ، والهيثم بن خالد التّجيبي.

وقدم دمشق وافدا على معاوية ، وعلى عبد الملك بن مروان ، وحدّث بدمشق.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا عيسى بن علي ، أنبأنا عبد الله بن محمّد قال : حدّث نصر بن علي ، حدّثني أبي عن حريز (٣) بن عثمان قال : سمعت سعيد بن مرة يحدّث عن حوشب عن كريب بن أبرهة الأصبحي من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن أبي ريحانة من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الكبر من سفه الحق ، وغمص الناس بعيبه.

[قال ابن عساكر :](٤) كذا قال ، وفيه أوهام ثلاثة : منها قوله ابن مرة ، وإنّما هو ابن مرثد. ومنها قوله عن حوشب ، وإنّما هو عبد الرّحمن بن حوشب. ومنها أنه أسقط منه ثوبان بن شهر بين ابن حوشب ، وكريب.

وقد رواه جماعة عن حريز (٥) على الصواب ، وليس في حديث واحد منهم أن كريبا من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والله أعلم.

__________________

(١) ترجمته في الإصابة ٣ / ٣١٣ وتهذيب التهذيب ٤ / ٥٩١ وأسد الغابة ٤ / ١٧١.

(٢) ترجمته في سير أعلام النبلاء ٤ / ١٣١.

(٣) بالأصل و «ز» : جرير ، والمثبت عن م.

(٤) زيادة منا للإيضاح.

(٥) الأصل و «ز» : «جرير» تصحيف ، والتصويب عن م.

١١٢

أخبرنا أبوا (١) الحسن الفقيهان ، قالا : أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر ، أنبأنا أبو علي الحسن بن علي بن يحيى الشّعراني ، حدّثنا صالح بن بشر الطبراني ، حدّثنا أبو اليمان ، حدّثنا حريز (٢) ، عن سعيد قال : سمعت عبد الرّحمن بن حوشب يحدّث عن ثوبان بن شهر قال : سمعت كريب بن أبرهة. ح [و](٣) أخبرناه أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنبأنا شجاع بن علي ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة ، أنبأنا أحمد بن سليمان بن حذلم ، حدّثنا أبو زرعة الدمشقي ، حدّثنا أبو اليمان (٤) الحكم بن نافع ، حدّثنا حريز (٥) بن عثمان ، عن سعيد بن مرثد (٦). ح وأخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا الحسن بن أبي بكر ، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عبد الله بن زياد القطّان ، حدّثنا عبد الكريم بن الهيثم ، حدّثنا أبو اليمان ، حدّثنا حريز (٧) ـ يعني ـ ابن عثمان.

ح وأخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنبأنا أبو بكر الخطيب ، ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن اللالكائي ، ح وأخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو بكر الحافظ ، قالوا : أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان (٨) ، حدّثنا أبو اليمان (٩) وعلي بن عيّاش (١٠) قالا : حدّثنا حريز (١١) بن عثمان ـ واللفظ لحديث الحسن بن أبي بكر ـ عن سعيد بن مرثد قال : سمعت عبد الرّحمن بن حوشب يحدّث عن ثوبان بن شهر قال : سمعت كريب : سمعت كريب بن أبرهة وكان جالسا مع عبد الملك في سطح بدير المرّان ـ وذكر الكبر ـ فقال كريب : سمعت أبا ريحانة يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا يدخل شيء من الكبر الجنّة» فقال قائل : يا رسول الله ، إنّي أحب أن أتجمل بعلاق (١٢) سوطي ، وشسع (١٣) نعلي ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ ذلك ليس بالكبر ، إنّ الله جميل يحب الجمال ، إنّما الكبر من سفه الحق ، وغمص الناس بعيبه» [١٠٦٢٧].

__________________

(١) الأصل وم و «ز» : «أبو». (٢) الأصل وم و «ز» : جرير ، تصحيف.

(٣) الزيادة عن «ز».

(٤) بالأصل : أبو اليمن ، تصحيف ، والمثبت عن م و «ز».

(٥) بالأصل و «ز» : جرير.

(٦) من قوله : ح وأخبرناه .. إلى هنا سقط من م.

(٧) بالأصل و «ز» : جرير ، والمثبت عن م.

(٨) رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ٢ / ٣١٧.

(٩) بالأصل : اليمن ، تصحيف ، والتصويب عن م و «ز» والمعرفة والتاريخ.

(١٠) بالأصل وم و «ز» : علي بن عباس ، تصحيف ، والتصويب عن المعرفة والتاريخ.

(١١) بالأصل و «ز» : جرير ، تصحيف ، والتصويب عن م والمعرفة والتاريخ.

(١٢) العلاق مكان تعليق السوط.

(١٣) الشسع : سير النعل.

١١٣

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون ، أنبأنا أبو العلاء الواسطي ، أنبأنا أبو بكر البابسيري ، أنبأنا الأحوص بن المفضّل الغلّابي ، أنبأنا أبي ، حدّثنا يحيى بن عبد الحميد العامري قال : قدم الشام ذو الكلاع وحوشب ، وبحير بن ريسان (١) ، وبنو أبرهة بن الصّبّاح ، كريب (٢) ابن أبرهة ، والصباح بن أبرهة وأخ لهم ثالث.

أخبرنا أبو الحسن (٣) علي بن المسلّم ، حدّثنا نصر بن إبراهيم ـ لفظا (٤) ـ وعلي بن محمّد المصّيصي ـ قراءة ـ قالا : أنبأنا أبو الحسن بن عوف ، حدّثنا محمّد بن موسى بن الحسن (٥) ، أنبأنا أبو بكر بن خريم (٦) ، حدّثنا حميد بن زنجويه ، حدّثنا بكر بن بكّار ، حدّثنا عبد الحميد بن جعفر ، حدّثنا يزيد بن أبي حبيب أن عبد العزيز بن مروان قال لكريب بن أبرهة بن الصباح : يا كريب ، أشهدت خطبة عمر بن الخطّاب بالجابية؟ قال : حضرتها وأنا غلام في إزار ، أسمع خطبته ولا أدري ما يقول.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب (٧) ، حدّثنا أبو يحيى زكريا بن نافع الأرسوفي (٨) ، ومحمّد بن عبد العزيز الرملي ، قالا : حدّثنا عبّاد بن عبّاد أبو عتبة عن أبي زرعة عن أبي وعلة شيخ من عك قال : قدم علينا كريب من مصر يريد معاوية فزرناه.

أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي ، ثم حدّثنا أبو الفضل السلامي ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو الحسن ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنبأنا أبو أحمد ـ زاد ابن خيرون :ومحمّد بن الحسن قالا : ـ أنبأنا أحمد بن عبدان ، أنبأنا محمّد بن سهل ، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (٩) : كريب بن أبرهة أبو رشدين ، سمع حذيفة بن اليمان ، وأبا الدرداء ، وأبا ريحانة ، وكعبا ، روى عنه سليم بن عتر (١٠) ، وثوبان بن شهر ، وشعبة والد سليط.

__________________

(١) في «ز» : سيار.

(٢) في «ز» : بحديث.

(٣) في «ز» : الحسين ، تصحيف.

(٤) الأصل وم ، وفي «ز» : العطار.

(٥) في «ز» : الحسين.

(٦) أقحم بعدها في «ز» : ثم حدثنا نصر الله بن محمد الفقيهان.

(٧) المعرفة والتاريخ ٢ / ٢٩٨.

(٨) هذه النسبة إلى أرسوف بلدة بفلسطين تقع على الساحل (الأنساب).

(٩) التاريخ الكبير للبخاري ٧ / ٢٣١.

(١٠) في م : عمر.

١١٤

أنبأنا أبو الحسين (١) هبة الله بن الحسن ، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، قالا : أنبأنا أبو القاسم بن مندة ، أنبأنا أبو علي ـ إجازة ـ. ح قال : وأنبأنا أبو طاهر ، أنبأنا علي. قالا : أنبأنا ابن أبي حاتم قال (٢) : كريب بن أبرهة أبو رشدين ، مديني ، روى عن حذيفة بن اليمان ، وأبي الدرداء ، وأبي ريحانة ، ومرة بن كعب ، وكعب ، روى عنه سليم بن عتر ، وثوبان بن شهر ، وأبو وعلة شيخ من عكّ ، وشعبة والد سليط ، سمعت أبي يقول ذلك.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن العبّاس ، أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف ، أنبأنا أبو سعيد بن حمدون ، أنبأنا مكي قال : سمعت مسلما يقول : أبو رشدين كريب بن أبرهة ، سمع حذيفة ، وأبا الدرداء ، وأبا ريحانة ، وكعبا ، روى عنه سليم بن عتر (٣) ، وثوبان بن شهر ، وشعبة والد سليط.

قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى ، أنبأنا أبو نصر الوائلي ، أنبأنا الخصيب بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن أخبرني أبي قال : أبو رشدين كريب بن أبرهة.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، حدّثنا أبو محمّد الكتاني ، أنبأنا أبو القاسم تمام بن محمّد ، أنبأنا أبو عبد الله الكندي ، حدّثنا أبو زرعة قال : في الطبقة التي تلي أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهي العليا : كريب بن أبرهة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو طاهر الأنباري ، أنبأنا أبو القاسم الصوّاف ، أنبأنا أبو بكر المهندس ، حدّثنا أبو بشر الدولابي قال (٤) : أبو رشدين كريب بن أبرهة.

أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي ، أنبأنا أبو بكر الصفّار ، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال : أبو رشدين كريب بن أبرهة ، سمع أبا عبد الله حذيفة بن اليمان ، وأبا الدرداء ، وعوف ابن مالك ، وأبا ريحانة شمعون ، روى عنه سليم بن عتر التجيبي المصري ، وثوبان بن شهر ، كنّاه محمّد بن إسماعيل.

أخبرنا أبو محمّد حمزة بن العباس ، وأبو الفضل أحمد بن محمّد في كتابيهما ، وحدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما قالا : أنبأنا أبو بكر أحمد بن الفضل ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس :

__________________

(١) بالأصل : الحسن ، تصحيف ، والمثبت عن م و «ز».

(٢) رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٧ / ١٦٨.

(٣) بالأصل : عمرو ، تصحيف ، والمثبت عن م و «ز».

(٤) الكنى والأسماء للدولابي ١ / ١٧٨.

١١٥

كريب بن أبرهة بن الصباح بن لهيعة بن معدي كرب الأصبحي ، يكنى أبا رشدين ، أمه كبشة بنت عيدان بن ربيعة بن عيدان الحضرمي ، شهد فتح مصر ، واختطّ بجيزة فسطاط مصر ، وأدركت قصره بالجيزة [قائما](١) بحاله معروف مشهور حتى هدمه ذكاء الأعور ـ أمير كان على مصر ـ ونقل عمده وطوبه فابتنى به القيسارية الجديدة التي بالرابية المعروفة بقيسارية ذكاء ، يباع فيها البز (٢) ، روى كريب بن أبرهة عن أبي ريحانة ، ومرّة بن كعب البهزي ، روى عنه من أهل مصر والشام غير واحد منهم الهيثم بن خالد التّجيبي ، وشعبة الشّعباني ، وثوبان ابن شهر الأشعري وغيرهم ، وقد ولي لعبد العزيز بن مروان رابطة الاسكندرية ، وكان شريفا بمصر في أيامه ، توفي كريب بن أبرهة سنة خمس وسبعين.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو الحسين (٣) بن الطّيّوري ، أنبأنا الحسين بن جعفر ، ومحمّد بن الحسن ، وأحمد بن محمّد العتيقي. ح وأخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أنبأنا ثابت بن بندار ، أنبأنا الحسين بن جعفر ، قالوا : أنبأنا الوليد بن بكر ، أنبأنا علي ، أنبأنا صالح العجلي ، حدّثني أبي قال (٤) : كريب بن أبرهة ، تابعي ، ثقة ، وكان من كبار التابعين.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن حمّاد (٥) ، حدّثنا عبد الرّحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدّثنا سعيد بن عفير ، حدّثنا ميمون بن يحيى ، عن مخرمة بن بكير ، عن يعقوب بن عبد الله قال : دخلنا مصر في ولاية عبد العزيز ابن مروان فرأيت [كريب بن](٦) أبرهة يخرج من عند عبد العزيز فيمشي تحت ركابه خمسمائة من حمير.

أنبأنا أبو محمّد حمزة بن العباس ، وأبو الفضل بن سليم ، وحدّثني أبو بكر المؤدب عنهما قالا : أنبأنا أبو بكر الباطرقاني ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة ، أنبأنا أبو سعيد بن يونس ، حدّثنا محمّد بن أبي عدي ، حدّثنا أسد بن سعيد بن كثير بن عفير ، حدّثني أبي ، حدّثنا أبو أمية ميمون بن يحيى بن مسلم الأشج عن مخرمة بن بكير ، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج

__________________

(١) الزيادة عن «ز» ، وم.

(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي المختصر : البزر.

(٣) الأصل : الحسن ، تصحيف ، والمثبت عن م و «ز».

(٤) تاريخ الثقات للعجلي ص ٣٩٧ رقم ١٤١٤.

(٥) الخبر رواه أبو بشر الدولابي في الكنى والأسماء ١ / ١٧٨.

(٦) استدركت الزيادة عن هامش الأصل.

١١٦

قال : قدمت مصر في ولاية عبد العزيز بن مروان فرأيت كريب بن أبرهة قد خرج من عنده ـ يعني : عبد العزيز ـ وتحت ركابه خمسمائة من حمير يسعون (١).

أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله ، حدّثنا محمّد بن إسحاق ، حدّثنا قتيبة بن سعد ، حدّثنا بكر بن مضر ، عن عبيد الله بن زحر (٢) ، عن الهيثم بن خالد ، عن سليم بن عتر قال : لقينا كريب بن أبرهة راكبا وراءه غلام له فقال : سمعت أبا الدرداء يقول : لا يزال العبد يزداد من الله بعدا كلما مشى خلفه.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو طاهر الأنباري ، أنبأنا أبو القاسم بن الصوّاف ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن حماد (٣) ، أنبأنا أحمد بن شعيب ، عن سويد بن نصر ، أنبأنا عبد الله ـ يعني ـ ابن المبارك ، عن يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن الهيثم بن خالد قال : كنت خلف عمي سليم بن عتر (٤) فمرّ عليه كريب بن أبرهة راكبا ووراءه علج يتبعه ، فقال سليم (٥) : يا أبا رشدين ألا حملته وراءك؟ قال : أحمل علجا مثل هذا ورائي ، قال : فهلّا قدّمته بين يديك إلى باب المسجد ، قال : ولم أفعل؟ قال : أفلا نظرت غلاما صغيرا فحملته وراءك ، قال : وما فعلت قال سليم (٦) : سمعت أبا الدرداء يقول : لا يزال العبد من الله بعيدا ما مشي خلفه.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا محمّد بن الحسن ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب (٧) قال : قال ابن بكير : مات كريب أظنه سنة ثمان وسبعين (٨).

٥٨٠٨ ـ كريب بن الصّبّاح الحميري

شهد صفّين مع معاوية ، وقتل يومئذ ، وكان موصوفا بشدة البأس.

__________________

(١) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : «سبعون» تصحيف.

(٢) زحر : بفتح الزاي وسكون المهملة. (تقريب التهذيب).

(٣) رواه أبو بشر الدولابي في الكنى والأسماء ١ / ١٧٨.

(٤) في الكنى والأسماء : سليمان بن عنز.

(٥) الكنى والأسماء : سليمان.

(٦) في الكنى والأسماء : سليمان.

(٧) المعرفة والتاريخ ٣ / ٣٢٢.

(٨) في المعرفة والتاريخ : «ثمان وخمسين» وفي الإصابة ٣ / ٣١٤ نقلا عن يعقوب : «ثمان وخمسين» أيضا.

١١٧

أخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أنبأنا أبو غالب محمّد بن الحسن (١) بن أحمد ، أنبأنا أبو علي بن شاذان ، أنبأنا أبو الحسن بن نيخاب ، حدّثنا إبراهيم الكسائي ، حدّثنا يحيى بن سليمان الجعفي ، حدّثني نصر بن مزاحم (٢) ، حدّثنا عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن الشعبي عن صعصعة بن صوحان العبدي أن عليا كان مصافّ (٣) أهل الشام يوما بصفين حتى يبدر (٤) رجل من حمير من آل ذي يزن ، اسمه كريب بن الصّباح ليس في أهل الشام يومئذ أشهر بشدة البأس منه ، بدر بين الصفين ثم نادى : من مبارز؟ فبرز إليه شرحبيل بن طارق البكري (٥) ، فقتل شرحبيل ، ثم نادى كريب : من مبارز؟ فبرز إليه الحارث بن الجلاح الحكمي ، فاقتتلا فقتل الحارث ، ثم نادى : من مبارز؟ فنزل إليه عائد بن مسروق الهمداني ، فقتل عائدا ثم رمى كريب بأجسادهم بعضا على بعض ، ثم قام عليها بغيا وعدوانا ثم قال : هل بقي لنا من مبارز؟ فخرج إليه علي بن أبي طالب ، فناداه علي : ويحك يا كريب ، إنّي أحذّرك الله ، وأدعوك إلى كتاب الله وسنّة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويلك لا يدخلك ابن أكالة الأكباد النار ، فقال له كريب : ما أكثر ما سمعنا هذه المقالة منك ، لا حاجة لنا فيها ، أقدم إذا شئت ، من يأخذ سيفي وهذا أثره ، فقال علي : لا حول ولا قوّة إلّا بالله ، ثم مشى إليه علي ، فاقتتلا هنيهة ثم إن عليا ضربه فقتله.

٥٨٠٩ ـ كريب بن أبي مسلم أبو رشدين (٦)

مولى ابن عباس الهاشمي المكي.

روى عن ابن عبّاس ، وأسامة ، ومعاوية ، وعائشة ، وأم سلمة ، وميمونة ـ أمهات المؤمنين ـ والمسور بن مخرمة ، وعبد الرّحمن بن أزهر ، وأم الفضل بنت الحارث.

روى عنه عمرو بن دينار ، وسلمة بن كهيل ، والزهري ، وسالم بن أبي الجعد ، وشريك ابن عبد الله بن أبي نمر ، ومكحول ، ومحمّد بن أبي حرملة ، وإبراهيم ، وموسى ، ومحمّد بنو

__________________

(١) في «ز» : الحسين ، تصحيف.

(٢) الخبر رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص ٣١٥ ـ ٣١٦.

(٣) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي وقعة صفين : صافّ.

(٤) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي وقعة صفين : برز.

(٥) الذي في وقعة صفين : المرتفع بن الوضاح الزبيدي ، فقتل المرتفع.

(٦) ترجمته في تهذيب الكمال ١٥ / ٣٩٠ وتهذيب التهذيب ٤ / ٥٩١ والتاريخ الكبير ٧ / ٢٣١ والجرح والتعديل ٧ / ١٦٨ وطبقات ابن سعد ٥ / ٢٩٣ والعبر ١ / ١١٧ وسير أعلام النبلاء ٤ / ٤٧٩ وشذرات الذهب ١ / ١١٤.

١١٨

عقبة ، وبكير بن عبد الله بن الأشج ، ومخرمة بن سليمان ، والحارث بن عبد الرّحمن خال ابن أبي ذئب ، وصفوان بن سليم ، وابناه محمّد ورشدين ابنا كريب.

وبعثته أم الفضل والدة ابن عباس إلى معاوية رسولا.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن ، وأبو القاسم عثمان بن أبي الفضل بن محمّد الهراس ، فرقهما ، قالا : أنبأنا أبو طاهر بن خزيمة ، أنبأنا جدي أبو بكر ، حدّثنا علي بن حجر ، حدّثنا إسماعيل بن جعفر ، حدّثنا محمّد بن أبي حرملة ، قال : وأخبرني كريب ، أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام ، قال : فقدمت الشام ، فقضيت حاجتها واستهل عليّ هلال رمضان وأنا بالشام ، فرأيت الهلال ليلة الجمعة ورآه الناس ، وصاموا ، وصام معاوية ، فقدمت المدينة في آخر الشهر ، فسألني عبد الله بن عباس ، ثم ذكر الهلال ، فقال : متى رأيتم الهلال؟ فقلت : رأيناه ليلة الجمعة قال : أنت رأيته ليلة الجمعة؟ قلت : نعم ، أنا رأيته ليلة الجمعة ، ورآه الناس وصاموا ، وصام معاوية ، قال : لكنا رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه ، فقلت : أولا نكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وسياق الحديث للجنزرودي (١).

أخبرنا أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد ، أنبأنا أبو طاهر بن محمود ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا أبو العباس بن قتيبة ، حدّثنا حرملة بن يحيى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمرو ابن الحارث ، عن بكير ، عن كريب مولى ابن عباس. إن عبد الله بن عبّاس ، وعبد الرّحمن بن أزهر ، والمسور بن مخرمة أرسلوه إلى عائشة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : اقرأ عليها‌السلام منا جميعا ، وسلها عن الركعتين بعد العصر؟ وقل : إنا أخبرنا أنك تصليهما وقد بلغنا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى عنهما ، قال ابن عباس : وكنت أضرب مع عمر بن الخطّاب الناس عليهما ، قال كريب : فدخلت عليها وبلّغتها ما أرسلوني به ، فقالت : سل أم سلمة ، فخرجت إليهم ، فأخبرتهم بقولها ، فردّوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني (٢) به إلى عائشة ، فقالت أم سلمة : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينهى عنهما ، ثم رأيته يصليهما ، أمّا حين صلّاهما فإنّه صلّى العصر ثم دخل علي وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فصلّاهما ، فأرسلت إليه الجارية فقلت :

__________________

(١) يعني أبا سعد محمد بن عبد الرحمن الجنزرودي.

(٢) جزء من الكلمة «سلوني» استدرك على هامش م.

١١٩

قومي بجنبه ، فقولي له : تقول أم سلمة يا رسول الله إنّي سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين ، وأراك تصليهما؟ فإن أشار بيده فاستأخري عنه ، قالت : ففعلت ، فأشار بيده فاستأخرت عنه ، قال : «يا ابنة أبي أمية ، سألت عن الركعتين بعد العصر ، إنّه أتاني أناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم ، فشغلوني عن الركعتين اللتين من بعد الظهر ، وهما هاتان» [١٠٦٢٨].

قرأنا على أبي غالب ، وأبي عبد الله ابني البنّا ، عن أبي الحسن محمّد بن محمّد بن مخلد ، أنبأنا علي بن محمّد بن خزفة ، حدّثنا محمّد بن الحسين ، حدّثنا ابن أبي خيثمة قال : سمعت مصعب بن عبد الله يقول : كريب بن أبي مسلم يكنى أبا رشدين ، روى عن ابن عبّاس ، وهو مولاه ، مات بالمدينة سنة ثمان وتسعين ، ولكريب ابن يقال له : رشدين بن كريب.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو العزّ الكيلي ، قالا : أنبأنا أبو طاهر الباقلاني ـ زاد الأنماطي : وأبو الفضل بن خيرون قالا : ـ أنبأنا محمّد بن الحسن ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن إسحاق ، حدّثنا عمر بن أحمد ، حدّثنا خليفة بن خيّاط قال (١) : في الطبقة الثانية من أهل مكة : كريب مولى ابن عباس ، يكنى أبا رشدين ، مات سنة ثمان وتسعين.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، أنبأنا يوسف بن رباح ، أنبأنا أبو بكر المهندس ، حدّثنا أبو بشر الدولابي ، حدّثنا معاوية بن صالح قال : سمعت يحيى بن معين يقول في تسمية تابعي أهل المدينة ومحدثيهم : كريب مولى ابن عباس.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنبأنا أبو عمرو بن مندة ، أنبأنا أبو محمّد بن يوة ، أنبأنا أبو الحسن اللّنباني (٢) ، أنبأنا أبو بكر بن عبيد ، حدّثنا محمّد بن سعد (٣) قال :

في الطبقة الثانية من أهل المدينة : كريب مولى عبد الله بن عباس ، يكنى أبا رشدين.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر (٤) بن حيّوية ـ إجازة ـ أنبأنا سليمان بن إسحاق بن إبراهيم ، حدّثنا حارث بن أبي أسامة ، حدّثنا محمّد بن سعد قال (٥) : كريب بن أبي مسلم ، ويكنى أبا رشدين ، مولى عبد الله بن العباس بن عبد المطّلب ، وكان ثقة ، حسن الحديث.

__________________

(١) طبقات خليفة بن خيّاط ص ٤٩٢ رقم ٢٥٣٨.

(٢) بالأصل وم و «ز» : اللبناني ، بتقديم الباء ، تصحيف.

(٣) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليس في الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد.

(٤) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٢٩٣.

(٥) في م : عمرو ، تصحيف.

١٢٠