طلوع سعد السّعود - ج ١

الآغا بن عودة المزاري

طلوع سعد السّعود - ج ١

المؤلف:

الآغا بن عودة المزاري


المحقق: الدكتور يحيى بوعزيز
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٥
الجزء ١ الجزء ٢

خوجة فيءاغة السيد قدور الصغير بن إسماعيل مرثية يخر لها القائم على ركبتيه جاثية ، وهي :

حلي السياسة وطلي الرياسة

قد اجتمعا وفيك غيرهما تتل

كريم عفيف توفي فيما تقوله

ومهمى يضيق الأمر أنت له أهل

وما من كريهة ألّا أنت مفتاحها

وءالك جملة فحول وأبطل

وثلم من سور مشيّد موضع

وأسقطت ثلمة لم يوجد لها مثيل

/ لموتك قد بكا جميع الأحبّة

وقد عزّ صبرهم زمانا ولم يسل

(ص ٢٨٧) لأن على يديك فتح الحوائج

ومن قطر ماء المزن جودك أهطل

يسعد من يلجأ لبابك يلجأ

وإن كان راديا تهذّيه يكمل

وقال أيضا :

فحزني على المبلغ للمراد

حليم منيب وتبر وقّاد

مزيل الكروب منيل المطلوب

ومفجي الهموم ومجلي النّكاد

ومعطي العطايا جزيل الندا

ومهدي الهدايا ومن هو الزّاد

وذي النجدة العظمى حال الحروب

ناصر المظلوم وطويل النّجاد

سريع الغضب قريب الرّضا

مغيث الملهوف كثير الرماد

شجاع الهيجاء وضرغامها

حسين التدابير نعم النقّاد

قدور بن إسماعيل بن البشير

فإنه صار ضجيع اللّحاد

فأبكا الأرامل واليتامى

وأبكا الصلحا وأبكا الزهاد

وأبكى الشرفاء والعلماء

وأبكا القرّاء وأهل الرشاد

وأبكا العساكر نعم الشّجاع

وأبكا الشّجاع وأهل المعاد

وأبكا الجيوش وأبكا الأمير

وأبكا الوزرا وأبكا القيّاد

وأبكا السادات الكرام الرضا

وأبكا الطّلحا وكلّ العباد

وأبكى النساء وأبكا الرجال

وأبكى العبيد والصبيان زاد

فحق عليه البكا دائما

بشقّ الجيوب ولطم الخداد

/ وخدش الوجوه وصوت عويل

وندب طويل بغير نفاد

(ص ٢٨٨) قد أبكى العيون هذا الباسل

برجف القلوب وحرف الكباد

٣٤١

فمن للأرامل من بعده

ومن للياتامى في جمع الأعياد

ومن للشعرا إذا وفدوا

ومن للمدين مرتاح القصّاد

فإنّ النّدا عليه باكيا

كذا الحرب قد بكا حال الطّراد

فمخزن وهران منه انغدر

ووهران باكية بالثّماد

تقول بصوتها حال البكا

عليك حزني قد دام يا جواد

فبك احترامي وبك التوفير

ومنك افتصاحي ومنك السّهاد

فويل وويل وويل شديد

وويل وويل لبني منّاد

هم الذين غيّبوك عنّي

وصرت رهين تراب اللحاد

قد أبرد الله لك الضريحا

وأسكنك في فسيح الخلاد

ولا راحم الله قاتلك

مأويه جهنّم بيس المهاد

وقال أيضا :

يحق لنا البكا على أسد الوغا

وناصر مظلوم وقامع من طغا

وقاهر جبّار عنيد ومارد

وجامع أشتات ومفن لمن بغا

ودامغ أعداء طالت لهم أيد

وباذل أموال ومعط لمن صغا

وحائز أوصاف الكمال بأسرها

مهذّب أخلاق ومصغ لمن لغا

ومعطي العطايا دون منّ ولا أذى

كافل أرامل أيتام بما ابتغا

(ص ٢٨٩) / ولكل عالم وصالح طالب

محبّ له في الله حبّه ما التغا

وذلك سيّد الدّوائر قدور

نجل إسماعيل البحثاوي منصبه آغا

فلا رحم الرحمان آل مناديها

لمّا قتلوا المرحوم نال لما ابتغا

بشرى لك بالجنان يا قدور الرضا

بشرى لك بالغفران والخير أبلاغا

وراجع ما مرّ من واقعة بني مريانن التي هي من أيام المقلش تستفد ما للخوجة فيه من الأبيات الدالة على مدحه بالجمع والثبات. حدثني المسنّ الطّاعن في السّن أبو العباس الحاج أحمد بن عتّ الغربي وكان أصله من عكرمة قال حدثني والدي عبد الرحمان بن عتّ عن خصالءاغة السيد قدور بن إسماعيل المذكور ، إنه قال أني كنت من البيوت الكبار بعكرمة الشراقة ولنّا قايد يقال له المجاجي ليس من أهل السعي المشكور ، وكان منافسا لي فوشا (كذا) بي كثيرا عند

٣٤٢

خليفة الشرق بأفعالنا وأقوالنا ، فلم يفده ذلك لاطلاع آغا والخليفة على أحوالنا ، ثم وشي بي عند الباي علي مرارا عديدة فأثّر وشيه في وخطني الباي خطايا عديدة ، ثم أن الباي كان بمحلته بالنواحي الشرقية ، ومعه حليفته صاحب الأخلاق المرضية ولما رجع للمعسكر قال قائدنا المجاجي وأنا على فرسي وكان من عتاق الخيل ، يا سيدنا أنت لست بباي وأنا لست بقائد وإنما الباي والقائد هذا الرجل الذي تراه على الفرس الأدهم كاليل (كذا) فأمر الباي فورا بقتلي ، لاكنه (كذا) لم يتم أجلي ، فأحيل بيني وبين فرسي وأخرجوني للقتل فتكلم الخليفة وآغا الشرق على خلاصي فلم يفد ذلك بالرتل ، فسمع آغا السيد قدور ابن إسماعيل ذلك ، وعاين ما هنالك ، فتقدم وقال للباي لا يقتل لأنه مظلوم والمجاجي قائده مسلط عليه / في الأمر المعلوم ، وأن قتلته بسبب هذا القائد (ص ٢٩٠) البوطال بقيت الجهة الشرقية فارغة من الرجال ، فترك الباي قتلي وحملني مسجونا على بغلة لوهران ، وقد أخذ فرسي بالإعلان ، ولما وصل لوهران أدخلني السجن ثلاثة أشهر متتابعة ، ومهمى يسل المساجين أخبره بأحوالي قولة قاطعة ، إلى أن قلت له يا سيدي خلصني من السجن أو اقتلني ولا تدعني في السجن الدائم ، فقال له آغا السيد قدور المطلوب من سيادة الباي أن تسرح هذا الرجل من حينه لأنك أطلت سجنه بسبب قول قائده الظالم. قال فسرحني الباي من وقتي ، وجيت (كذا) لأهلي في الفرح والسرور ، ولما وصلت خيمتي جاءني القائد المذكور وقال لي أنّ الباي خطّك بمائة سلطاني لا ريال ، وخلاصها على يدي فلا بد من دفعها فورا في الحال ، فقلت للقائد أن الباي لم يخطني بشيء من المال ، وإن كان كما قلت فأين بطاقته حورا فقال لي لا تزد في الكلام أدّ ما أمرتك به فورا ، وإلّا يحلّ بك الانتقام ، وتعود لسجنك على الدوام فقلت له يفتح الله وسيحصل بعد العسر اليسر ، ثم أني بعثت لصهري المختار العكرمي على فرسه بسرجه فبعثه لي وركبت مع رفقائي ليلا وسرت إلى أن دخلت وهران مع الفجر ، ولما نبيت الحكومة تقدمت للشكاية بالقصد فناديت جهرا يا سلطان الحق السيد إذا حرر عبده ومكّنه من التحرير هل يتعرض له أحد ، فقال لي أعد ما قلت فكرّرت قولي ثانيا وثالثا ، فقال لي ما معنى كلامك فلا تكن ناكثا ، فقلت له يا سيدي إني خديمك الفلاني الذي عزلت عني فرسي بالمعسكر بسبب كلام القائد

٣٤٣

المجاجي ، وأمرت بقتلي بلا نتاجي فخلصني الله منه على يدءاغة سيدنا قدور ابن إسماعيل ، وسجنتني ثلاثة أشهر متوالية وخلصني الله منه على يد سيدنا آغا (ص ٢٩١) المذكور الجميل ، وإني لما ذهبت / لأهلي جاءني القائد المذكور ، وقال لي أن الباي خطك بمائة سلطاني وخلاصها على يدي بالمحضور وأني تركته بخيمتي نازلا ، وجيتك ليلا نازلا وقد أخذت فرسي وهذا طلبته على صهري ، أطال الله حياتك وخلّد ملكك فانظر في أمري ، فاستغاظ الباي كثيرا ، وقال للخوجة انظر خطيته في الدفتر جهيرا ، فال الخوجة أني لم أكتب شيئا ولا هو سجلا ، وقال قائد الطابع أني لم أمكنه من الطابع على هذا الأمر أصلا ، فتقدمءاغة السيد قدور ابن إسماعيل ، وقال للباي قد اتضح ظلم القائد وجوره على الرعية بالجملة والتفصيل ، وهذا القائد لا يليق للتولية وإنما شأنه العزل وبالمائة سلطاني تكون له الخطية ، لينتهي هو وغيره عن ظلم الرعية ، فأمر الباي بعزله للقصاص ، وخطه بالمائة المذكورة وعيّن له من مكاحليته الخلّاص ، ثم قال ليءاغة المذكور ، يا هذا الرجل مثلك لا يليق له السكن بمخزن الباي المنصور ، فقال الباي نعم قولك يا آغا هو المسطور ، فرحلت من حيني وجيت (كذا) للحامول فسكنته بأهلي ، بالزمالة وصرت وكيلا على السيد محمد بن الحفاف كثير المجالة ، ثم انتقلت وسكنت بأهل الخوجة الغرابة ، ثم سكنت بدوار أهل العيد فها أنا فيهم من غير استرابة.

قال ولده الحاج أحمد ولا زال بأهل العيد إلى أن مات في أيام الأمير السيد الحاج عبد القادر بن محي الدين بالبيان ، ودفن بمقبرة سيدي عبد القادر ابن زيان ، ولا زلنا نحن أولاده بأهل العيد للآن. وأنه كان كثير الدعاء والترحّم علىءاغة المذكور ، وكان يوصينا الإيصاء التام بالتعرف بذريته وقرابته لنيل الأمور ، ثم قال الحاج المذكور قال لي والدي المزبور ، وهذا الفعل كله فعله معنا آغا المار له لا لغيره ، فو الله لم يأخذ منّي شيئا بل كل ذلك من فضله (ص ٢٩٢) وخيره ، وبعد أمد اجتمعت / به وأردت مكافأته فقال لي يا هذا العاقل لا تعد لمثل هذا القول فإنه ضير ، وأنا ما فعلت ذلك معك إلّا ابتغاء لوجه الله ونصرة للمظلوم لا غير ، فقلت له زادك الله الفضل والمنة ، وعوضك على فعلك قصورا في الجنّة. ولما مات ببني مناد أعطاهم الله الشرور والكساد ، كنت أول من تقدم

٣٤٤

لحمله ، ولم أزل ملازما لنعشه في نقله ، إلى أن أوصلناه لوهران ، فرحمه‌الله الرحيم الرحمان وأثابه على فعله ثوابا عظيما ، وأعطاه أجرا جسيما. وإنما أتيت بهذه الحكاية دليلا على أنءاغة المخزن له التصرف في جميع الرعاية.

ثم أنّ الباي عليا خرج في أيامه ابن الشريف الدرقاوي من بني يزناسن ونزل بالأحرار ، وراودهم على القيام على الباي في الاشتهار ، فأنكرهم جلّهم ، ولبّاه قلّهم ، فسمع به الباي المذكور ، فامتلأ بالغيظ وطارت عنه الشرور وخرج حاركا إليه بأحوال مستقيمة ، فألفى محلة الطريق وهي محلّة الغرب بمينا فأخذها وصعد بها مع الوادي ومعه عساكر عظيمة ، وأمر جميع نواحي القبلة بالظعون معه والتقدم أمامه. بأهاليهم وأموالهم وهو في أثرهم مخفّقة عليه أعلامه. فامتثلوا أمره وأجابوا دعوته وحوره ، وذهبوا معه إلى أن نزلوا ببلاد الأحرار. فأفسد زرعهم وشتّت لهم الأقوار ، ولم ينازعه أحد ، ولم يكن له في ذلك حد ، وأنحلّ عقد الدرقاوي وانتثر وافترقت أتباعه ، وتركه من حينه منفردا وحيدا ذهبت عنه أشياعه وجاءت شيوخ الأحرار بأجمعها لدى الباي تلتمس منه الرضى ، فأكرم نزولهم وأعظم مثواهم وزال عنه الغضب وجاءه الرضى وذهب الدرقاوي إلى فقيق وأقام به أياما وقد ضاق به فسيحه / ثم رجع لبني يزناسن وهو محله الأول فخمدت ناره (ص ٢٩٣) وسكن ريحه.

ثم رجع الباي لوهران مسرورا في غاية المفاخر ، وذهبت محلة الطريق لموضعها ولما وصلت للجزائر ، قاموا على عمر باشا فقتلوه بالحمام ، باتفاق الأعيان ، وقالوا أنه لم تسعد عليه وبه الأيام والبلدان ، ولم يكن بوقته راحة ولا أمان. وقد مات بأيامه الرايس حميدو (١) المجاهد في سبيل الرحمان وغلت الأسعار بوقته وظهر الطاعون ، وقام النصارى الإنجليز عليهم بالجزائر ومنع الماعون. وذلك أن الإنقليز جاؤ للجزائر ودخلوا مرسيها بسفنهم على وجه الخديعة من تعرية رؤوسهم مثل المبايعة بغاية الصنيعة ، وبأيديهم

__________________

(١) قتل الرايس حميدو عام ١٨١٥ قرب رأس كاطا جنوب شرق إسبانيا على أيدي بحّارة أمريكيين هاجموا مركبه.

٣٤٥

سجل عظيم يرقاني ، زعموا أنهم أتوا به من عند السلطان الأعظم صاحب الباب العالي أمير المؤمنين محمود الخاقان ولما جازوا رماية مدافع المسلمين ، ابتدروا بإرسال صواعقهم إلى أن حرقوا سفن المسلمين ، وكان ذلك وقت العصر واستمرّوا على ذلك الحال بغاية التمكين ، كأنّ مدافعهم في الإرسال واحد إلى تمام عشر سوايع (١) بعدّ الحاسبين الموقتين ، فأبطلوا الضرب وملوا لما لحقهم من المجاهدين. قال ثم اصطلحوا مع أهل الجزائر بإعلان ، على المنّ بأسارى النصارى الذين بالجزائر ووهران ، فأسلموهم كلهم باعتبار المقاصد ، حتى أنه لم يبق بعمالة الجزائر نصراني واحد. قال الذي تواترت به الأخبار تواتر المصدع ، أنهم أرسلوا على الجزائر أربعين ألف مدفع. ولما قتلوه أقاموا مكانه عليا باشا إقامة الأكابر ، وأجلسوه على كرسي مملكة الجزائر ولما استغل له (ص ٢٩٤) ذلك / واستقر بالملك قدمه ، غيّر الصرف تغييرا كان به عدمه. فالريال دور (كذا) كان فيه خمسة عشر وقيّة ، حطه إلى اثنا عشر وقية ، فقد انقص خمسه ، وأضاع من حينه فلسه ، والريال الجزائري كان فيه ثمانية أواق ، فحطّه إلى ستة أواق ، فأنقص منه ربعه ، وغيّر من ساعته جمعه ، وأحدث أمرا لم تحدثه قبله ملوك الجزائر في الأوامر. فولّى خليفة الشرق من الجزائر ، كما ولّى قائد تلمسان وكان قبله لا يولى من الجزائر إلّا الباي بالبرهان.

نهاية الباي علي قارة باغلي

ثم عزل الباي عليا من منصبه ، وأزاله عن مقامه ومرتبه ، وسبب العزل له والقتل ، كما هو مقرر في النقل ، أن هذا الباشا المذكور في البيان ، لمّا تولى الملك نفى بعض الأتراك من أصحاب عمر باشا لوهران وبعث في أثرهم للباي علي بقتلهم قتلة شرّة ، ولما أحسّوا بذلك فروا لمحلة الشتاء التي بهبرة ، فبلغ خبرهم للباشا فغاب لبّه وطاش واستغاظ شديدا على الباي ، واتهمه بأنه هو الذي صدر منه لهم ذلك الرأي ، وبقي في غيظه وغضبه على الباي بلا ناكث ، إلى أن ذهب الباي مدنشا للجزائر كما هي العادة عندهم في الدنوش بأنه يكون على

__________________

(١) يقصد ساعات. والحديث عن غارة اللورد ايكسموث عام ١٨١٦ م.

٣٤٦

رأس العام الثالث. ولما وصل للمشرع وهو موضع بأبي خرشفة بأسفل مليانة ، أرسل الباشا إليه من دويه من عزله قبل الدخول ثم قتله عيانة ، ودفن في محل القتل بعد تكفينه في الحصير نكاية له والملك والبقاء والدوام لله تعالى سبحانه السميع البصير.

وولّى من حينه حسنا بايا لكثرة جفائه ، وأمر بطبع داره وسجن أولاده وتثقيف نسائه. وتلك عادة الأتراك في الأصل ، فإنهم يقولون يوم للطبل ويوم للحبل ، وذهب حسن مدنشا بجميع ما دنش به الباي عليّ من الأموال الكثيرة ، والذخائر النفيسة الغزيرة ، والخيول المسوّمة ، والأمتعة / المثمنة المقومة ، وزاد متماديا إلى أن دخل الجزائر ، فتلقته الناس بالمبايعة والبشائر ، فقضى بها أربه ، وأكمل مطلبه وخرج منها قاصدا وهران ، وأعلام النصر على رأسه كأنها شقايق النعمان ، والجنود به دائرة ، والجيوش خلفه سائرة ، تقف بوقوفه وتذهب بذهابه ، وتمتثل لأمره ونهيه ، وتخشى شدة عقابه ، ولا زال سائرا إلى أن دخل مدينة وهران ، وقال الحمد والثناء لله سبحانه الملك الديان الغافر الرحيم الرحمان.

قال وكانت واقعة الإنقليز بالجزائر وخروج ابن الشريف الدرقاوي وقضية الباي علي في سنة واحدة ، ليس بينهما طول ولا تفريق في حصول الفائدة. وكانءاغته من الدوائر عليّ ولد عدة ، وقدور بن إسماعيل ، والحاج قدور بالشريف ، ومن الزمالة السيد محمد ولد قدور الوهراني ، والحاج المرسلي ابن مخلوف ، وعدة بن قدور بالتعريف.

الباي حسن بن موسى الباهي

ثم الباي حسن بن موسى المعروف بأهج حسن ، وهو ثامن بايات وهران وآخرهم في القول الأحسن ، تولى في منتصف ذي الحجة الحرام بغير الخلف ، سنة اثنين وثلاثين ومائتين والألف (١) وهو اليوم الذي مات فيه الباي عليّ كما مر في القول الجلي. ومن خبره أنه كان في أول أمره طبّاخا لأربعين جنديا من

__________________

(١) الموافق ٢٦ أكتوبر ١٨١٧ م.

٣٤٧

الأتراك ، في غاية ما يكون من التدريج والاشتراك ، ثم صار تبّاغا يبيع الدخان ، ويتعاطى بيعه في السر والإعلان. قال فى در الأعيان في أخبار وهران ، وكان ذا عقل وافر وسياسة ، ورأي ناجح ورئاسة ، ولما رءاه الباي محمد الرقيق على تلك الحالة شغف بحبّه ، إلى أن أخذ بمجامع قلبه ، وظهر أنه لا يصلح لمصاهرته ألّا (ص ٢٩٦) هو ، وأنه هو الذي / يوافقه في الجد والهزل ، والذكر والسهو ، فقرّبه منه وأدناه وأولاه سرّه ومعناه ، وزوّجه من ابنته وصيره من جملته ، وشوّر ابنته بدرة بما لا له قيمة مثل الدرة اليتيمة والذهب والحرير ، والدراهم والدنانير ، وغير ذلك من الشورة والأمتعة فصار من حينه متسعا في غاية السعة ، وولّاه قائدا بفليتة ، وانضبطت أموره فليس لها تفليتة. قال صاحب در الأعيان ، وهو السيد حسن خوجة كثير المعاني والبيان ، وكنت كاتبا لأموره الشاملة ولازمته في الخدمة السنة الكاملة ، فلم أسمع قط منه جناحا ولا كلمة فحش ولا منا ولا فخرا ولا تكبرا ولا مزاحا ، وإنما يظهر منه من محاسن الأخلاق ، والتعبّد ما يرضّي المالك الخلّاق. قال وكان قليل الغضب كثير الرضى ، يمسح برؤوس اليتامى ويعيد المرضى كثير الترحّم والتودّد للفقراء والمساكين ، محبا للعلماء والشرفاء والأولياء والصالحين والمساكين ، مواضبا على الطهارة لا يتركها أصلا محافظا على الصلوات فرضا ونفلا ، مجالسا لأهل الفضل والعناية ، مجانبا لذوي السفاهة والجناية.

ثم ولاه خليفة الشرق لكنه لم يبلغ فيها مناه ، ولا توصّل إلى مرغوبه ومنتهاه ، بل وافق أمره فيها مخالفة صهره الباي محمد الرقيق لأهل الجزائر ، كما مرّ فعاقه العيوق عن تلك المراتب والمشاعر. ثم كان من أمر الله تعالى أنه بلغه إلى مكانة أرفع منها وأرقاه بايا والأولى أعرضه عنها. وقد قحط الورى قبل ولايته (ص ٢٩٧) فلم يمطروا ، ودام عليهم ذلك إلى أن تضرروا ، ولمّا ولّى عليهم أمطرهم / الله تعالى بمنّه وفضله ، وخفّ بعض غلاء الشعر الصادر بعدله. قال السيد حسن خوجة التركي في الكتاب المذكور ، وهو ذكر الأعيان المشهور ، ولذلك قلت فيه هذه الأبيات ، الدالة على كماله بالثبات ، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وهو حسبي ونعم الوكيل ، وهي من بحر الطويل :

أيا معشر الإسلام دام سروركم

بدولته من في الناس دولته ترضا

أمير أتانا بعد ما قحط الورى

فأمطرنا رب العباد به أرضا

٣٤٨

تراها وقد أبدت من الغيث أبحرا

فمن هائم طولا ومن هايم عرضا

كما حسنا كان اسمه حسنت به

ليال وأيام وطبّت به مرضا

إذا ذكر البايات كان أعفّهم

وأكثرهم جودا وأوضبهم فرضا

وإن ذكر الفرسان كان أكرّهم

وأفرسهم خيلا وأرماهم غرضا

وإن ذكر الأبرار كان أبرّهم

وأوسعهم صدرا وأكظمهم غيظا

سياسة الباي حسن وسلوكه

قال شيخنا العلّامة الربّاني ، والقدوة الصمداني ، الشريف الحسني ذو البياني السيد محمد بن يوسف الزياني ، في كتابه : دليل الحيران وأنيس السهران في أخبار مدينة وهران ، ولما استوسق له الملك وأذعنت له الرعية ، رفض ما كان عليه من الوصف السابق وكثر ظلمه وغضبه وغيظه وغصبه وعبثه بالرعية ، وحدث بوقته الوباء العظيم العسير وتكرّر رجوعه بعد ذهابه إلى أن مات به الخلق الكثير.

وفاة أبي راس الناصر بمعسكر

ومات بوقته مجدد القرن الثالث عشر ذو التآليف العديدة ، والتصانيف الكثيرة المديدة ، الشريف الأمجد ، العلامة / الأفرد ، الضابط الجامع الحافظ (ص ٢٩٨) الدراكة المانع المحقق اللافظ ، أبو راس محمد بن أحمد بن عبد القادر ، ابن محمد بن أحمد بن الناصر بن علي بن عبد العظيم بن معروف بن عبد الجليل الراشدي المعسكري الناصري الذي ليس له نظير بالراشدة ، ولا مثيل ، يوم الأربعاء خامس عشر شعبان سنة ثمان وثلاثين ومائتين وألف (١) ، من هجرة من له كمال العز والشرف ، وصلى عليه العلامة الأسد الهائج فريد وقته المعبر عنه بالراشدية بالخرشي الكبير السيد أحمد الدايج ، ودفن بعقبة بابا علي من المعسكر ، فنسبت له تلك العقبة إلى أن بها اشتهر وعلى ضريحه قبّة نفعنا الله به وأورثنا منه محبة وقربة. وفي تلك السنة رفع المطر عن العباد بعد ما فرغوا من

__________________

(١) الموافق ٢٧ أبريل ١٨٢٣ م.

٣٤٩

الحراثة إلى أن بقي للصيف شهر واحد في القول الذي ليس من أقوال الرثاثة ، فأرسل الله مطره النافع للعباد ، وأزال ما بهم من التخمين والكساد ، ونبت الحبّ وتمت الصابة وحصدوا ، وبلغوا مناهم فشكروا الله على ما أولاهم وحمدوا ، فسميت تلك السنة بصابة الشهر ، وتعاطى اسمها في البدو والحضر. قال واجترأ على العلماء والأولياء والشرفاء والرعية فبان منه الجور والظلم والتعدي ، وكثر منه الضلال وهتك المحارم والتردي ، وطغا وتجبّر وتكبر وكثر منه الفساد والسفك بغير موجب لدماء العباد ، ولم يراقب في ذلك خالقه ولم ينظر ليوم المعاد ، فقتل في سنة تسع وثلاثين ومائتين وألف (١) ، قتلة ذميمة ، ولي الله الفقيه السيد محمد ابن أحمد الصدمي من أولاد سيدي بن حليمة ، لمّا سعى به خاله أبو ذريع عنده (ص ٢٩٩) بأنه يريد أن يقوم عليه بغتة بالعقبة ، فبعث له ما أتاه به وعلى رأسه ساجل من / الحلفاء ظليلة على عمود نكاية له إلى أن وصل بتلك الحالة لوهران فعلّقه بها مع الخشبة. وفيها في شهر شعبان أمر بقطع رأسي الفقيهين العالمين الجليلين ، الوليين الكاملين الجميلين ، السيد بن عبد الله بن حواء التجيني الدرقاوي والسيد فرقان الفليتي بغير الكلام وأكثر من الخظية وهي العقوبة بالمال للرعية ، ولم يراقب فيها قط الأحوال المرعيّة ، حتى صار يقول لعماله من اصطاد لنا حجلة فله جناحها ، وربحها ونجاحها ، يريد بذلك أن من سعى عنده بأحد للعقوبة بالمال والساعي من الخواص ، فإنه يأخذ حظه من الخطية وهو القدر الذي يأخذه من الأجرة لما يذهب للخلاص ، ولشدة ظلمه أمر كاتبه أن يكتب لمن يريد أن يخطّيه على الفورية ، إنما استوجبت هذه العقوبة لخدمتك الرّدية. وأنه في بعض الأيام نظر لضعف الرعية وحصول الغنا للقواد والأغات والعمّال ، استعمل حيلة ليأخذ بها منهم ما شاءه من الأموال ، فقال لهم وهم بمجلسه حجيتكم أيها السادات الكرام الدائرين بي في هذا المقام ، إني هزلت من اليدين والرجلين وسمنت من الأذنين والعينين ، فتحيّر عمّاله في فهم حجّايته ، وأمعنوا النظر في فكها كل بحسب عنايته إلى أن قال لهمءاغة المعظم الوجيه النبيه المحترم من خاض البحور في فهم المعاني إلى أن أظهرها لكل قاص منهم والداني ، المعتصم في

__________________

(١) الموافق ١٨٢٣ ـ ١٨٢٤ م.

٣٥٠

أموره كلها بالباري ، الشجاع الأفضل السيد الحاج محمد المزاري ، أيها الأعيان إنّ باينا يريد بيديه ورجليه الرعية لما رءا (كذا) ضعفهم ببصره ، ويريد بأذنيه وعينيه أغواته وقياده لما كثر مالهم في نظره ، فعليكم بإعطاء الأموال ليلا يصير كل واحد منكم في أرذل الأحوال ، وبادر لذلك فأعطاه من العدد ما أرضاه في الصك ، وقال له هذا الجواب حجايتك فإني واحد من أذنيك وعينيك فقال له أنك الخبير بالفك ، ثم شرع كل واحد من الأعيان في دفع ما قدر عليه ، فسرّ بذلك الباي وعلا قدر المزاري لديه ، وقال لوزرائه وأهل مجلسه أن المزاري لفهيم ، وأنه على التحقيق لآغا جسيم ، وعاتب الباي يوما بعض أصدقائه على كثرة الخطية ، التي ضعفت بها الرعية ، فقال له / أن أهل الجزائر قد أكلوني (ص ٣٠٠) بالكلية ، ولذلك تراني قد أكلت للرعية. ثم صار مهمى مات أحد من رعيته وهو ذو مال وفلوس ، إلّا صيّر نفسه واحد من الورثة ويأخذ حظّه معهم على عدد الرؤوس. وفي سنة أربعين من القرن الثالث عشر (١) أمر ببناء الرّحبة لبيع الحبّ بمدينة المعسكر ، وكتب على رخامتها ما نصه : بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على أفضل رسله محمد الكريم ، وعلى آله وأصحابه المرشدين للصراط المستقيم ، أما بعد فقد أمر ببناء هذه الرحبة الماسوسي ، صاحب الخيرات والحسنات السيد حسن باي بن موسى زاد الله تعالى خيراته ، وعفا عنه سيئاته ولوالديه آمين ثم كتب هذه الأبيات :

بناها حسبة لله حسن باي

بوجسصّة إيلدي بنيّا داى

صحفه خطر أيله أجنلف

جهانك عافيته أولسون

أول تارىّ غدا أيكان

جهانك أيلسون شادان

وهم أيلسون رحمت بوان

وأجداد له ربّ غفران

صوره أحمد بن محمد سنة أربعين ومائتين وألف ، ثم أمر بجعل قبرية لضريح سيدي علي أبي الوفا ، بعد ما بنا عليه القبة ، وذلك سنة ثلاثة وأربعين من الثالث عشر (٢) بالحسبة وكتب بأحد جانبيها ما نصه : الحمد لله أمر بصنعة هذه

__________________

(١) الموافق ١٨٢٤ ـ ١٨٢٥ م.

(٢) الموافق مارس ١٨٢٨ م.

٣٥١

القبرية وتزويقها المعظم سيدنا حسن باي العمالة التلمسانية ، والثغور الوهرانية ، وقد أدّى جميع ما أصرف عليها وأهداها للولي الصالح سيدي علي أبي الوفا وبتاريخ أواسط رمضان المبارك من عام ثلاثة وأربعين ومائتين وألف (١) والمتولي لحلية تزويقها الطالب صالح بن سالم وصيف الشيخ سيدنا محمد بن أبي زيان القندوسي سامحه الله آمين. وبالآخر هذه الأبيات :

يا رجال الإلاه إنّي مريض

وأن الدّوا لديكم والشفاء

أنتم الباي والإلاه كريم

من أتاكم له المنا والهناء

فكم أنني حماكم من سقيم

وزال عنه سقمه والعماء

كم أغنتم على الدوام مريض

في الفراش وقد كفاه النّداء

فانظروا بفضلكم في علاجي

وامنحوني جودكم ما أشاء

وأكثر من الربطة حتى أنه دفع له المزاري سبعة آلاف وخمسمائة ريال في عام توليته ، وكتب له رسما لتبريته ، ونصّه : الحمد لله تذكرتنا بيد القائد (ص ٣٠١) المزاري بن إسماعيل ، آغا على أنه دفع لنا سبعة / آلاف ريال وخمسمائة رياب بودهيا؟ من قبل الربطة يوم توليته أواسط ربيع الأول الأنور من عام ١٢٤١ (٢) وكتب بأمر المعظم الأرفع السيد حسن باي وفقه الله وبمقلوب الرسم خاتم الباي المنقوش فيه ما نصه : الواثق بالرحمان ، عبده حسان باي بن موسى ١٢٣٢ (٣).

ثورة أحمد التيجاني

ثم قام عليه في عام اثنين وأربعين ومائتين وألف (٤) السيد محمد الكبير ابن القطب العلامة المعبر عنه بالقطب المكتوم السيد أحمد بن سالم التيجيني بغير الخلف ، وجاءه حاركا في ستمائة رجل من التيجانية أهل عين ماضي ،

__________________

(١) الموافق مارس ١٨٢٨.

(٢) الموافق أواخر أكتوبر ١٨٢٥ م.

(٣) هذا التاريخ يمثل سنة تولي الباي السلطة بالبايليك ١٨١٧ م.

(٤) الموافق ١٨٢٦ ـ ١٨٢٧ م.

٣٥٢

الزاوية المحفوفة بحفظ الله في الزمان الآتي كالماضي وعدد كثير من العرب الصحراوية التي لا تمتثل للمعروف ولا تنتهي عن المنكر ، مع قوم الحشم إلى أن وصل للمعسكر ودخل منها حومة بابا علي ثم خرج منها ورجع لغريس فمات بعوّاجة مع أصحابه كلهم بلا تحريس ، ومن خبره أن الباي حسن كان قد دخله التخمين بأن التجيني سيقوم عليه بالأصفى ، كقيام ابن الشريف الدرقاوي على الباي مصطفى ، لإقبال الناس عليه في كل ناحية وانتشار صيته في كل ضاحية ، فرام كسر شوكته قبل تزايدها ، وهدم قوته قبل تعاهدها فجمع له جيشا عظيما ، وعددا كثيرا جسيما ، وغزى به عليه بعين ماض ، وحاصره بها شهرا كاملا يماض ، إلى أن حصل الصلح بينهما على يد كاتبه السيد الحاج محمد ابن الخروبي القلعي على أن يعطي التجيتي للباي لزمة سنوية في المرعى ، قدرها خمسمائة ريال منجّمة ، ويعطيه ألفي ريال حالّة مقدّمة (كذا) ، وكان ذلك عام إحدى وأربعين ومائتين وألف (١) ، فأخذ الباي تلك الغرامة الحاضرة وارتحل لوهران بالشضف ، وقد انكسر في قتال تلك الواقعة بلا تماري ، عدة ولد عثمان البحثاوي خليفة آغا الحاج محمد المزاري. ثم أنّ التجيني لمّا رأى ما حلّ به بغير سبب ظهر له مقاتلة الترك والغزو على الباي حسن في محلّه للعطب ودسّ ذلك في سويداء قلبه ، وصار يحشد الجنود ويجمع الحشود لشيء لم يكن من كتبه ، ويكاتب من يظن به الإذعان للمهالك ومن جملتهم الحشم فأخبرهم بمراده ووافقوه على ذلك. ولما دخلت سنة اثنين وأربعين ومائتين وألف (٢) ظهر للباي السفر للجهة الغربية لإزالة الغلف ، ويتفقد أحوالها في السرّ والإعلان ، فذهب بجيوشه / الكثيرة التي رأسها المخزن سيما أعيانهم قاصدا تلمسان. ولما نزل (ص ٣٠٢) بالحناية كأنه الأسد الحاقد جاءته ثلاثة مكاتب في وقت واحد ، أحدهما من عند الهواري الحشمي ، صاحب الصدق للباي في القول الجزمي ، وثانيها من عند قدور بن سفير قائد المعسكر وثالثتهما من عند مرة أحمد التركي الذي نفاه الباشا حسين من الجزائر للمعسكر ، وصيّره بها بمنزلة ناظر الأحباس ، يخبرونه فيها

__________________

(١) الموافق ١٨٢٥ م.

(٢) الموافق ١٨٢٦ م.

٣٥٣

باتفاق الحشم على القيام مع التجيني وإظهار الأرجاس ولما قرأ الباي تلك المكاتب ، أعلم أعيان جيشه ومخزنه بما فيها من الأمر العاطب ، وقال لقواده لا بد تأتوني بجيوشكم الباقية والجمع بيننا بوادي ماكرة ، وارتحل من الحناية فنزل بيسّر وبعده بماكرة ، وأقام بها أياما والجيوش تجتمع عليه إلى أن صار خميسه في غاية الخميس ، ثم رحل ونزل بالزفيزف ثم بعوّاجة من أرض غريس ، فأتاه الحشم بأجمعهم للضيافة ، ولم يعلموا ما سيحل بهم من المكافة ، فضيفوه وبعد الأمل قالت له نفسه لا يستقيم لك الأمر وتحصل لك الرّاحة إلّا بقتل قواد الحشم الإثنا عشر ، وهم محمد ولد عبد الله وابن أخته الحبيب ومحمد بن ركموط ومحمد ابن نكروف وغيرهم في صحيح الخبر ، وكان الكبير في هؤلاء القواد سنّا ورأيا وتدبيرا وشجاعة محمد ولد عبد الله فالصادر منه هم له طاعة ، فأمر الباي بقبضهم فقبضوا ، ما عدا القائد الحبيب فإنه لا زال على فرسه وقد سمع ما لفظوا وصار واقفا من بعيد ينتظر ما يحل بهم من الانتقام ، فلما رآهم ذهبوا بهم لبشوضة وهي محل القتل ذهب فارا بعد طول القيام ، ثم أنّ القواد الإحدى عشر لما عاينوا القتل وتحققوا به وهم في الجزع والدهش ، نطق كبيرهم ملتفتا وراءه لناحية الباي وقال يا هذا الوتاق ظلمتنا من غشك سلط الله عليه الغش ، فقال له محمد ابن زكموط يا مختل العقل حلفك لا ينفع ، وصاحب الوتاق لا ينظر فيك ولا لكلامك يسمع ، فالشّاه فيك على القساوة ، حيث كنت في نجاة ومن السعداء وصرت في هلاك ومن أهل الشقاوة ولما وصلوا لبشوضة وقد صارت جموعهم مفضوضة ، قال ابن زكموط لظربير ، وهو المأمور بقطع الرأس ، بأمر الأمير ، ناشدتك الله أن تبدأ بمحمد ولد عبد الله لتحصل به الراحة ، لقلة رأيه الفاسد (ص ٣٠٣) وعدم إصغائه / لقولنا حيث كان من أهل السمع فصار أصمّا كما صار أبكما بعد أن كان في الفصاحة ، ثم اقطع رأس الباقين واحدا بعد واحد. ففعل ظربير ما قاله ابن زكموط الماجد ، قال ولما قتل الباي في ساعة واحدة إحدى عشر قائدا ، وبعث برؤوسهم للمعسكر بعثا متواردا ، أنكر عليه ذلك كافة الترك الذين كانوا بالمحلة والغائبين ، كما أنكر عليه ذلك أغواته الذين هم من الراكبين ، وقالوا له سترى ما ينتج لك ولنا معك من الضرر العظيم ، حيث لم تستشر أحدا ، واستقلّيت برأيك الصميم ، وأظنك استشرت المازري وابن وارد ، فقالا نحن

٣٥٤

على براءة من هذا الكلام الوارد ، فإنه لم يستشرنا ونحن من جملتكم ، وإنما ذلك رأيه هو أدرى بأحواله منّا ومنكم.

ثم أنه لما قتلهم وحاله استبشر ، رحل من عوّاجه وهو في نخوة ودخل المعسكر وكان في قلبه وجل من القائد عبدي وأبي الأقدار لعلوّ كلمتهما عند العرب والترك في السرّ والإجهار وميل أصحاب الجزائر لهما لما فيه الغاية ، وربما تتولد له منهما النكاية ، وقد ضرب على الحشم الخطية الكبيرة ، والعقوبة المالية العسيرة ، رأى أنه لا تكمل له الأيام ، ولا تتم له الفائدة إلا بقتل هذين ، التركيين القيام ، بعثهما لقبض تلك الخطية ، ومراده قتلهما لتكون لهما الرزية ويتهنا من أمرهما ويستريح ، وينفرد في مملكته من المليح والقبيح ، فذهبا لقبض تلك الخطية ، ولما وصلا للحشم قالوا لهما جئتانا لإتمام الرزية ، بالأمس قتلتم قوادنا ، والآن جئتما لأخذ مالنا وقد جرحتم أكبادنا ، وغرضكم إتمام النكاية فستريا ما لكما فيه من النكاية ، وبادروا لقبضهما ، لأخذ الثأر في نفلهما وفرضهما ، ففرّ عبدي هاربا وأتبعه الحشم إلى أن دخل لخيمة سيدي الأعرج من أولاد سيدي محمد بن يحيى وجلس عند النساء للحرم فدخلوا عليه وأخرجوه منها جبرا على السيد المذكور بالاشتهار ، وقطعوا رأسه كما قطعوا رأس أبا الأقدار ، وقالوا هذا ثأر القواد ، الذين ذهبوا لجنة الخلود فاذهبا لجهنم وبيس المهاد ، وبعثوا بالرأسين للتجيني وقالوا له على عبدي هذا رأس الباي حسن ، وعلى أبي الأقدار هذا رأس خليفته كثير المحن فاستراح الباي بفعله بالتركيين والحشم ، ولم يبال بما سيأتيه من الغم والهم.

تآمر الحشم مع التيجاني ضدّ الباي حسن

ثم أن الحشم حثوا على التيجني حثيث الاحتباك / في القدوم معهم لقتال (ص ٣٠٤) الأتراك ، ولما رجع الباي لوهران ومكث بها مدة في أمن وأمان ، قام عليه التيجني في جيش عظيم يريد المجاجنة من أهل الصحراء ، واليعقوبية وستمائة رجل من التجاجنة ، ووصل لغريس في خريفة اثنين وأربعين ومائتين وألف (١)

__________________

(١) الموافق أواخر عام ١٨٢٦ م.

٣٥٥

فنزل بفروحة في يوم الأحد بغير الشك والخلف ، فبعث الهواري للباي بذلك ، وأخبره بتحقيق ما هنالك ، فلذلك جعله قائدا على الحشم في الرواية الفريدة ، وقد أطاع الحشم للتجيني لما أحلّ بلادهم بجيوشه العديدة ، ثم كاتب التجيني بني عامر وبني شقران والبرجية والغرابة والزمالة والدوائر وسائر النواحي الشرقية والغربية له بالإذعان ، فأمّا البرجية والغرابة والزمالة والدوائر هؤلاء الأعراش الأربعة المتوالية الذين هم مخزن الباي فقد أبوا من الإذعان ، وأما بنوا عامر وبنوا شقران وغيرهم فقد توقفوا ، وصاروا ينتظرون الغالب يتبعونه وبذلك اتصفوا.

محمد التيجاني يهاجم مدينة معسكر

ثم رحل التجيني في يوم الإثنين لمدينة المعسكر وهي على سبعة أقسام ، حومة العرقوب بسورها ، وحومة سيدي علي محمد ، وحومة عين البيضا ، وحومة الباب الشرقي ، وحومة بابا علي ، وحومة سيدي محمد أبي جلال ، وحومة المدينة الداخلة ، وهو الوسطى بسورها ذي أدهام ، ونزل على الحومة الغربية وسط النهار وهي حومة العرقوب ، يريد الدخول إليها ويظفر بالمطلوب ، فتلقاه أهلها بأسرهم بالقتال ، وصار الحرب بينه وبينهم في السجال ، وأعانهم بنوا شقران على ذلك القتال ، وقد مات من الفريقين خلق كثير وقد بات في تلك الليلة (كذا) بأعلا الحومة البحرية وهي بابا علي في تحرير ، وفي يوم الثلاثاء بعث لهم ليدخلوا في طاعته ، فأبوا وبدءوه (كذا) بالحرب من غير مراعته ، فكان من أمرهم أنه قتل منهم خلقا كثيرا ودخل تلك الحومة فجاس خلالها ودمّرها تدميرا ، ولما رأوا ذلك قادوا له فرسا أشهب ودخلوا تحت حكمه بانتخاب وأتوه ليلتهم لمؤنته (كذا) جيشه من المأكول والمشروب وعلف الدواب واندرج في ذلك أهل الحومة الشرقية بلا محال ، وهي حومة الباب الشرقي ، كما اندرج في ذلك أيضا حومة سيدي محمد أبي جلال.

(ص ٣٠٥) ثم في الغد وهو / يوم الأربعاء ارتحل من موضعه ونزل بخصيبية على الحومة القبلية ، وهي سيدي علي محمد وعين البيضاء ، وسألهم الإذعان أو يحلّ بهم ما حلّ بالحومة البحرية فقادوا له فرسا ودخلوا في الطاعة ، دفعا عن أنفسهم

٣٥٦

وعلموا أن ذلك من الخروج عن الجماعة. وفي يوم الخميس تهيأ بجيشه لقتال الحومتين المحيط بهما السور وهما العرقوب والمدينة الداخلة ، وكان في السابق دخل أهل سيدي محمد أبي جلال ، وأهل سيدي علي محمد ، للمدينة الداخلة ، ثم ظهر لهما في الخروج فخرجا وشدت أبواب المدينتين وكل في مخزنه.

الباي حسن يذهب لمعسكر لمحاربة التيجاني

فبينما هو يحاول القتال مع هاتين الحومتين وإذا بالباي حسن بلغه الخبر فخرج من وهران بجيشه ومخزنه ، وحث السير فبات بالكرمة ، وتليلات ، وسيق ، ووادي الحمام ، فنزل بمشرع حسين ، وهو كالأسد الضرغام ، سمي المشرع بذلك سرا وجهرا لكون حسين التركي تعدى على بعض العرب بالمنكر بذلك المشرع فقتل به وذهب دمه هدرا. وكان من عادة الباي لا يدخل للمعسكر إلّا مع عقبة الملّاحة ، سميت بذلك للنكبة الكثيرة الواقعة بها الدواب الملّاحة ، فنكّب عن تلك الطريق وذهب مع تيفرورة ، ومعناها ذات الخير الكثير فهي بالبربرية مشهورة وأخذ طريق سيدي علي بن أحمد الولي المشهور. ولما قرّبه طوى ألويته وترك ضرب الطبول بتوابعها توقيرا للولي المذكور ، وبعث لضريحه زيارة تدفع بيد المقدم ليحصل له الفوز على التجيني والحشم وسأل من الله الإعانة على عدوه في الحفي مقدما في دعائه ، التوسل إلى الله تعالى بذلك الولي ولما جاوزه قال له ليث الضراغم ، ومن كثر للأعداء منه التقاصم ، ءاغته المتقاعد النبيل المحترم السيد مصطفى بن إسماعيل وسائر الأغوات الباقين ، أيها الباي لا تخش أحدا إلا ربّ العالمين فانشر سناجقك ونقطر طبولك كالعادة ، حيث جاوزت الوليّ ، فالنصر لك ولنا معك في الزيادة ، والعدو لا ريب يحل به النّكال لأنه ما معك إلّا ليوث الرجال.

قال ولما وصل الباي لخروبة الصيادة المطلة على غريس ، هبط على قرية الكرط ، ومرّ على سيدي علي القطني كأنه أسد التغليس ، ولما بلغ الخبر بأن التجيني لا زال محاصرا للمعسكر ، رجع نحوه / متوجها له وهو بخصيبية من غير (ص ٣٠٦)

٣٥٧

المفر ، ولما طلّ عليه ورأى عنده الجراد المنتشر ، وسمع به التجيني فتأخر عن المعسكر ، وهبط دالجا ناحية أولاد رحّو يروم المقاتلة وعنه يلحّ دخل الباي الخوف والجزع ، ولحقه الرعب والفزع وظن أن الدّائرة كائنة عليه فثبّته أعيان مخزنه وواعده بأن النصر مقبل عليه ، وقالءاغته المتقاعد الشبيه بالجوطي الحاج عبد الله بن الشريف الكرطي أيها الباي رأيك الذي استقليت به حيث تركت المشورة لكل أحد في ابتداء الأمر ، هو الذي وصلك وأوصلنا معك لهذا الأثر فضحكءاغته المتولي وقت ذلك ، وهو السيد الحاج محمد المزاري البحثاوي من ذلك ، وقال للباي يا من أنت في ستر الحليم الغفار ، وحفظ العزيز القهار ، لا يدخلك الجزع ولا تصغي للقول المعسار ، سترى ما يصدر من مخزنك الأبرار ، فإن لهم حق عليك في المشورة ، وأنت تركت ذلك لجميعنا إلى أن صارت الحضاجر هي القسورة ، فأحسن ظنّك بالله ولا تهن ، ولا تجزع ولا تحزن ، فعند حلول الكفاح في الميدان يتبين لك الشجاع من الجبان ، ومن كان صغيرا في السن يصير كبيرا في الضرب والطعن وليس الكلام بالأفواه وقت تقابل الصفوف ، وإنما الكلام للبنادق والسيوف ، ويظهر الكر من الفر فالشجاع يتقدم والجبان يتأخر ، ولا يخفى سيدنا طعن مخزنه للعدو إذا تراءا (كذا) الجمعان وغلت الجماجم وتأججت النيران سيما الأعيان الدارئين (كذا) عن سيدنا ما يلحقه من ألم الدعاوى ، سيما ما ولده البشير البحثاوي فهم فداؤك في الهموم والكروب ، ووقايتك في القتال والحروب ، فسرّ الباي وجميع الجيش بقوله ، وعلا شأن عمّه مصطفى وطلع رأسه إلى أن قال أهلا بقوله. وقد كان بن يحيى ابن محمد الغلالي ثم الشقرائي فيما الراوي قد رواه ، كتب لآغا السيد مصطفى ابن إسماعيل بطاقة يخبره فيها بقدوم التجيني لأم العساكر ومقاتلتهم إياه ، لكون هذا ابن يحيى كان خليفة قائد المعسكر في الوارد ، وخليفة القائد عند الأتراك يقال لهءاغة القائد ، وبعث بطاقته مع ابنه فجاء بها ليلا لغنيمة الفيء ، ولما وصل المحلة قبضه أهلها ومنعوه من الدخول لها وسلبوه من كل شيء ، وهو يقول جهرا يا قوم أوصلوني عند السيد مصطفى بن إسماعيل ، فإني ولد ابن يحيى بن محمود (ص ٣٠٧) الغلالي قاصدا للنبيل ، وجئته بالمكاتب / من عند أبي فلم يلتفتوا لقوله وصفا ولا زال ينادي إلى أن سمعهءاغة مصطفا (كذا) فأمرهم بالإتيان به ومطلبه ، ولما

٣٥٨

وصله سأله عن نفسه ونسبه ، وعرّف بذلك دون شبيه وناوله مكتوب أبيه ، فأمرهم فورا بردّ ما أخذ له بأسره لما ظهرت العلامة ، فردوه فورا ولم تضع له حتى الغلامة وذهبءاغة مصطفى بمكتوب خليفة القائد للباي حسن ، وعرّفه بالواقع وزال ما به من الوهن ، وقال له أنّ ما تراه من الجراد فضباب على رؤوس الحبال ، وستطلع عليه الشمس الحارّة فينصرف عن آخره وهو في النكال ، وأن العرب ستأكل بعضها بعضا ويقتل بعضها بعضا والنصر مآله إليك ، فانشر ألويتك ونقّر طبولك واضرب غوائطك بناغراتها ولا حرج عليك ، فنشرت السناجيق في الحين ونقرت الطبول والغوائط والناغرات بصوتها الحنين ، والتقى الجمعان بعوّاجة بلاد أولاد رحّو فكان ثمّ أعظم الوقوف ، ونشأ الحرب بين الفريقين وتزاحفت لبعضها بعضا الصفوف وحام الوطيس وترادفت الردوف ، واشتبكت الناس ببعضها بعضا وهاج الرّيح العصوف.

المعركة الفاصلة ومقتل التيجاني

قال فلم يكن غير ساعة إلّا والحشم وسائر الأعراب قامت على ساق واحد ، وبقي وحده في تجاجنته واطّلع على رأيه الفاسد. ويقال أن الباي فرق أموالا كثيرة على أعيان الحشم وكافة العرب فأوقعوا الهزيمة ، وفرّوا وتركوه بجيشه الخاص به منفردا في الحالة الذميمة ، فصار جيشه يذبّ عن نفسه عن نفسه ويسارع في مشيه نحو بستان أولاد رحّو (كذا) وهو بستان عظيم من الهندية ليتخلصوا به ويتفسحوا فحال بينهم وبينه جيش الباي وأوقفوهم بموضع يقال له السّمّار ، وأداروا بهم دور مقياس بسواعد الأبكار ، واشتدّ القتال إلى أن قتل التيجيني بجميع جيشه ولم يفلت منهم واحد ، ومات خليفة التجيني وهو السيد إبراهيم بن يحيى من أولاد سيدي محمد بن يحيى ذي الفضل الماجد ، ومن جيش الباي عدد كثير بالأمكن منهم محمد ولد قدور البحثاوي وقائد غمرة وغيرهما وتكسّرءاغته المزاري من ساقه الأيمن ، وكان عدة بن قدورءاغة الزمالة المتقاعد عن الخدمة في نوبته وقتا ، حلف أنه / إذا ظفر بالتجيني ليضربنّه بسيفه (ص ٣٠٨) حيا كان أو ميتا ، ولما ألفاه ميّتا ضربه بسكينه للصّدر إزالة للكربة إلى أن هضمه من صدره تهضيما كبيرا بتلك الضربة ، فعابته الأعيان على ذلك كثيرا ، وقالوا له

٣٥٩

لو ضربته حيّا لنلت المراد ، ولكنك فعلت بنا عسيرا. ولما تمّ القتال أمر الباي بقطع الرؤوس رأس التيجني ويده ورؤوس التجاجنة أهل الضرر فقطعت الرؤوس وبعث بها الباي أمامه للمعسكر ، ورحل ودخلها فارحا مسرورا ، ومؤيدا مغتبطا منصورا ، وبمخزنه العظيم نال عزا وشكورا ، ثم رجع لوهران في عزّه وإكرامه ، وفضله وإنعامه ، وألوية النصر تخفي على رأسه وهو في أنيسه ، واشتد أمره وجرصه ، وكتب لقائد مليانة يخبره بما نصه : الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله المكرم ولدنا عليّ قائد مليانة وفقه الله آمين السلام عليكم غاية ورحمت (كذا) الله والبركة وبعد فالذي نبشركم به خيرا إن شاء الله تعالى هو أننا طحنا على محلة الظالم ابن التجيني وأحزابه فقتلناه هو بنفسه وقتلنا خليفته وقطعنا رأسيهما معا وقتلنا جميع من كان معه بمحلته ولم يفلت أحد منهم ما يزيد على ألف رأس وسبينا جميع ما عندهم من خيول وابل حتى الأخبياء جميعا والحمد لله على هذه البشارة المباركة لقد هنيت العباد من ظلمه وفساده وها نحن بشرناك والسلام بأمر المعظم السيد حسن باي آمنه الله آمين.

حصول القحط وغلاء الأسعار

وفي فصل الربيع سنة اثنين وأربعين ومائتين وألف (١) باقتباس وقع غلاء عظيم وقحط فيه الناس إلى أن صار الباشا يفرق الرغيف بالمدن على الناس ، فسمي العام بعام خبز الباشا ، وتواتر على الألسنة للآن وفاشا. وكانت الأولياء في المستبن تقول آخر الترك من يسمى حسن ، ومنهم من يقول سيأتي الباي حسن يأكل الرتعة ويزيد الرسن ، ومعنى هذه الإشارة بالكمال أنه يأكل الرتعة وهي الرعية ويزيد الرسن وهو العمال ، فكان الأمر كما قالت الأولياء ، نعم السادات الأصفياء الكرام.

__________________

(١) الموافق ١٨٢٧ م.

٣٦٠