طلوع سعد السّعود - ج ١

الآغا بن عودة المزاري

طلوع سعد السّعود - ج ١

المؤلف:

الآغا بن عودة المزاري


المحقق: الدكتور يحيى بوعزيز
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٥
الجزء ١ الجزء ٢

والشريف السيد أحمد بن التهامي أحد أولاد سيدي أحمد بن علي

__________________

ـ الجهاد. فسافر إلى المغرب يوم ١٩ ذو الحجة ١٢٥٢ ه‍ (٢٧ مارس ١٨٣٧ م) وعاد بالجواب في ربيع الأول ١٢٥٣ ه‍ (جوان جويلية ١٨٣٧ م) واجتمع بالأمير في حصن تازة بين بوغار ، وثنية الحد ، جنوب شرق مليانة. حسب رواية صاحب تحفة الزائر (ج ٢ ص ٢٠٦ ـ ٢٠٨). وأبلغه رغبة السلطان المغربي إلغاء معاهدة تافنة ، والعودة إلى الجهاد والمقاومة. أما الشيخ المهدي البو عبدلي فقد ذكر في تعليق له بدليل الحيران ، بأن عبد الله سقاط مات مسموما بمكناس ودفن بها ، ولعله يكون ذلك في رحلة أخرى غير هذه.

ه ـ الحاج عبد القادر بن مصطفى المشرفي ابن عم الأخيرين وقد توفي بمصر عام ١٢٦٩ ه‍ (١٨٣٢ ـ ١٨٥٣ م) حسب رواية صاحب طلوع سعد السعود ، ولا نعرف عنه شيئا آخر غير هذا حاليا. ولعله كان في طريقه إلى الحج ، أو عاد منه ، من يدري؟.

و ـ أبو حامد العربي بن علي بن عبد القادر المشرفي ، المعاصر للأمير عبد القادر ولد بغريس في قرية الكرط ، وتثقف بها على علماء عصره حتى أصبح كاتبا ، وشاعرا ، وناقدا ، وبعد الاحتلال الفرنسي للجزائر ووهران ، هاجر إلى فاس ، ووثق صلاته بسلاطين المغرب الأقصى خاصة : الحسن الأول الذي كان يصحبه معه في جولاته التفقدية والتأديبية. ولذلك خصه بديوان شعر في مدحه. وقد ألّف عدة كتب ودواوين شعرية ، ونقد بأسلوب جارح حتى سكان فاس الذين يعيش بينهم. وذلك مما يدل على اعتداده بنفسه ، وزار الجزائر مرتين : الأولى عام ١٨٤٨ ـ ١٨٤٩ بعد استسلام الأمير عبد القادر ، والثانية عام ١٨٧٧ خلال ذهابه إلى الحج ، وعودته من هناك. فكتب عن الجزائر وعلمائها والمحتلين الفرنسيين.

وأحصى له الدكتور أبو القاسم سعد الله ما يقرب من ٢٨ مخطوطة ، شعرا ونثرا ، بين طويلة وقصيرة ، منها : كتاب : ياقوتة النسب الوهاجة في التعريف بسيدي محمد بن علي مولى مجاجة. وكتاب : ذخيرة الأواخر والأول فيما ينتظم من أخبار الدول ، ويبدو أنه كان معارضا لسياسة الأمير عبد القادر ورجاله ولذلك ألّف كتابا أو رسالة سماها : طرس الأخبار بما جرى آخر الأربعين من القرن الثالث عشر للمسلمين مع الكفار في عتو الحاج عبد القادر وأهل دائرته الفجار». وقد توفي بفاس عام ١٣١١ ه‍ (١٨٩٣ م) وقيل عام ١٣١٣ ه‍ (١٨٩٥ م).

١٠١

البو عمراني (١) وابنه السيد الحاج مصطفى بن التهامي خليفة الأمير السيد الحاج عبد القادر الحسني بالمعسكر (٢).

وشيخ الجماعة السيد محي الدين بن المصطفى بن المختار والد الأمير الحسني (٣).

__________________

(١) أحمد بن التهامي صهر الأمير عبد القادر ، متزوج من عمته ، وعينه الأمير عضوا في مجلس الشورى العالي الأميري ، وكان على رأس الأحد عشر عضوا. ولقبه صاحب القول الأعم بشيخ الجماعة ، نظرا لسعة ثقافته ورفعة مكانته العلمية والسياسية.

(٢) الحاج مصطفى بن التهامي هو ابن أحمد بن التهامي وابن عمة الأمير عينه الأمير رئيسا لديوان الإنشاء ، وخليفة له على مدينة معسكر بعد مقتل الخليفة محمد ابن فريحة المراحي ، في البرجية أثناء التدريب على استعمال السلاح. وقد تولى قيادة جيش الأمير في عدة جهات من الوطن : بتلمسان ، والمدية ، والهضاب العليا ، والجلفة ، وبو سعادة ، والمسيلة ، وبرج بو عريريج ، وسطيف ، وعين تاغروط ، وعين الترك ، وخاض معه معظم المعارك وأشرف على تنصيب الحسن بن عزوز ، ومحمد الصغير بن عبد الرحمن ، خليفتين للأمير عبد القادر في الزيبان. والشيخ بوزيان شيخا على واحة الزعاطشة.

وبقي يكافح ويجاهد مع الأمير إلى أن استسلم ، ونفي معه إلى فرنسا ، وألف في قصر أمبواز ، تاريخا عن حياة الأمير عبد القادر العسكرية ، والسياسية ، والأدبية والتاريخية. ما يزال مخطوطا. وهاجر معه إلى الشام بعد إطلاق سراحهما وتوفي هناك ، ونظم قبل وفاته غوثية طويلة من ألف بيت جاء في أولها :

لما جرى القدر بالخلاف

ووقع الخلف بالإئتلاف

ووجب الوحش بقعر اليم

وألحق النقص ببدر التم

واقتنص الصقر عدو صائد

وللنعام في القرى وصائد

وابتعدت عن العقول حيل

واقتعدت بالاعتراف جيل

لم يبق إلّا الابتهال والسكن

للقاهر المالك كل ما سكن

سبحانه تعالى جده العالي

من قام بالقهر لكل معتلي

ثم الضراعة والاستكانة

تحلية الدعا والاستعانة

قلت مناديا نداء الرب

مقتربا أن جاز وعد الرب

(٣) الشيخ محي الدين بن مصطفى ، والد الأمير عبد القادر ، ولد بواد الحمام عام ١١٩٠ ه‍ (١٧٧٦ ـ ١٧٧٧ م) ودرس على أبيه ، وعلى شيوخ معهد القيطنة ، ومنهم الشيخ عبد القادر ـ

١٠٢

__________________

ـ المشرفي. وورث على والده مشيخة الزاوية ، وأصبح من علماء الظاهر والباطن ، وكثر عليه طلاب العلم ، ومريدو الطريقة والتصوف ، واشتهر بالصلاح وسداد الرأي ، وغزارة العلم والمعرفة كما اشتهر بمقاومته لسياسة القسوة ، والظلم ، التي يتبعها بعض الحكام ، ولذلك وشى به بعض خصومه إلى الباي حسن بن موسى بوهران ، وأشاروا عليه بأن يرحله إلى هناك ليكون تحت رقابته الفعلية ، فامتثل وانتقل بأسرته إلى هناك وصحب معه ابنه الشاب عبد القادر ، وذلك عام ١٢٣٦ ه‍ (١٨٢١ م). وبقي بوهران أربع سنوات كاملة حتى عام ١٢٤١ ه‍ (١٨٢٥ م). وخلال إقامته هناك بعث إليه أحد تلاميذه المخلصين له وهو الشيخ السنوسي بن عبد القادر الراشدي الدحاوي قصيدة شعرية يسلّيه بها ، ويخفف عليه آلام الغربة ، وفراق الأهل ، وممّا جاء فيها :

عوّل على الصبر لا تفزعك أشجان

ولا ترعك بما فاجتك وهران

أما هي الدار لا تؤمن غوائلها

بلى هي الدار أغيار وأحزان

شبت على الغدر لم تعطف على أحد

إلا ومن غدرها صد وهجران

ما أنت أول من أدهت وآخرهم

ولا بأوسط من خانته أزمان

انظر إلى يوسف الصديق كم لبثت

في السجن ذاته ما وافته خلان

وانظر إلى ابن رسول الله ثم إلى

هلمّ جرّا وما لاقاه عثمان

تلك العوائد أجراها على قدر

مدبر الأمر مهما شاء ديان

لم يثقفوك أمحي الدين عن زلل

رأوا ولكن أغوى القوم شيطان

إلى أن يقول :

بل لا عليك وإن ساءت ظنونهم

سيهزم الجمع أو ينفض ديوان

إن العواقب في القرآن ثابتة

للمتقين وصدق القول قرآن

وأنت ما زلت تهدينا إلى سنن

تهدي إلى الحق لم يثنك طغيان

تقرى الضيوف وتسعى في حوائجهم

وتحمل الكل لا غش ولا ران

وعندما تأكد الباي حسن بو موسى ، من بطلان الوشاية ، وكذبها رفع عنه الإقامة الجبرية ، وأذن له في الذهاب إلى الحج ، فشد الرحال صحبة ابنه عبد القادر برا إلى تونس ، وبحرا إلى مصر ، والحجاز ، واستغرقت رحلتهما عامين وزيادة ، وأديا مناسك الحج ثلاث مرات ، وزارا معظم عواصم المشرق ومنها بغداد التي جدد فيها الشيخ محي الدين أخذ الطريقة القادرية الجيلانية ، ولبس الخرقة ، ثم قفلا راجعين إلى الوطن برا عبر مصر ، وبرقة حيث زارا قبر والده الشيخ مصطفى بعين غزالة قرب درنة ثم واصلا ـ

١٠٣

والشريف السيد مصطفى بن الهاشمي. وصنواه : السيد أحمد ابن الهاشمي قاضي المعسكر والسيد الحبيب بن الهاشمي المراحيين (١).

والشريف السيد أحمد بن أعمر بن الخضير المهاجي (٢).

والشريف السيد عبد القادر بن بروكش الورغي المفتي بوهران وابن عمّه السيد الحبيب بن بروكش الورغي ، فهؤلاء أهل المعسكر من الراشدية (٣)

__________________

ـ الرحلة إلى طرابلس ، والقيروان ، وتونس ، وقسنطينة والجزائر ووهران وأخيرا القيطنة أوائل عام ١٢٤٣ ه‍ (١٨٢٨ م). وبعد أن احتل الفرنسيون مدينة وهران يوم ٤ جانفي ١٨٣١ م تزعم الشيخ محي الدين حركة الجهاد والمقاومة ضدهم مع ابنه عبد القادر الذي رشحه للإمارة وحضر مبايعته بسهل غريس أميرا للجهاد والمقاومة وتوفي عام ١٢٤٩ ه‍ (١٨٣٣ ـ ١٨٣٤ م) فخلفه ابنه محمد السعيد في رئاسة الزاوية ، وابنه عبد القادر في حركة الجهاد والمقاومة.

(١) لم نجد حاليا معلومات عن هؤلاء العلماء.

(٢) لم نجد معلومات عن هذا العالم ، ولكن صاحب القول الأعم ذكر أن عائلته تنتمي إلى قبيلة مهاجة المتفرعة من أولاد ميمون. ومن رجالها الحاج الخضير المهاجي الذي لربما يكون جدا لأحمد بن عمر هذا. وقد توسط بين الباي محمد بن عثمان الملقب بالمقلش (١٨٠٥ ـ ١٨٠٧ م) وبين الحشم بمعسكر خلال ثورة درقاوة ، وأشار على الباي أن يصاهر كبير الحشم الشيخ قدور بن الصحراوي ، ويخطب بنته إلى ابنه فوافقه على ذلك ، وأعطى له توكيلا بخط يده يحمل تاريخ ١٢٢٠ ه‍ (١٨٠٥ ـ ١٨٠٦ م) لينوبه في الخطبة ، وهو ما حصل ، وقد أنجب الحاج الخضير المهاجي هذا ابنين ، هما : محمد ، وابن فريحة الذي أصبح خليفة للأمير عبد القادر على ولاية معسكر.

(٣) هذان العالمان يسميهما صاحب القول الأعم بن روكش ، وليس بن بروكش ، وذكر أنهما ينتميان إلى أولاد سيدي أحمد الورغي ويعرفون اليوم بورغية أصلهم من المغرب الأقصى. وهم في غاية الشهرة والهمة والترفع ، تولى الكثير منهم خطة القضاء للأتراك وللأمير عبد القادر ، ومنهم الحاج عبد القادر بن بروكش الصغير ، والحاج عبد القادر ابن بروكش الكبير. اللذان كانا عضوين في مجلس الشورى العالي الأميري للأمير عبد القادر. والكبير منهما تولى القضاء للأتراك قبل ذلك ، وابنه الصغير تولى القضاء للأتراك ثم للأمير عبد القادر ، وهاجر إلى فاس فيما بعد وتوفي هناك ، وما يزال أعقابه بها إلى اليوم. انظر القول الأعم. ص ٣٣٦ و ٣٨٨. ومن هذه العائلة أيضا محمد بن المختار الورغي الذي كان عضوا هو الآخر في مجلس الشورى العالي الأميري للأمير.

١٠٤

وحافظ البخاري السيد مصطفى بن جلول الخروبي ، وصنوه السيد محمد ابن جلول الخروبي. والخوجة السيد الحاج محمد بن الخروبي ، والشبيه بالحكيم اليوناني ، القاضي السيد محمد بن الجيلاني ، الخروبي الذي قال فيه الخوجة السيد مسلم بن عبد القادر الحميدي في أنيس الغريب والمسافر هذين البيتين :

ونديم لأبي محمّد عثمان

مصدّر في كل شيء فقيه

عفيف ذو نجابة مهاب

ظريف ذو رئاسة وجيه

/ وهؤلاء أهل القلعة الراشدية (١). (ص ٣٥)

والسيد الحاج محمد بن قجيل (٢) ...

__________________

(١) يقصد بالقلعة الراشدية قلعة هوارة التي تم تأسيسها في القرن الخامس الهجري (١١ م) وعرفت فيما بعد بقلعة بني راشد. وأسرة الخروبي هذه من الأسر العلمية التي توارث علماؤها خطة القضاء للأتراك ، وللأمير عبد القادر. وقد تولى الشيخ محمد ابن الخروبي القضاء للباي عثمان بن محمد الكبير بوهران (١٨٠٠ ـ ١٨٠٤ م) وكان من المؤنسين له ، ووقف إلى جانب الشيخ الطيب بن الفريج حينما وشى به بعض خصومه فأعرض الباي عنهم ولم يصدقهم. ومن الذين توظفوا لدى الأمير عبد القادر : الشيخ محمد الجيلاني الخروبي الذي تولى خطة القضاء وهاجر معه إلى الشام وتوفي هناك. والمكي الخروبي الذي عين عضوا في مجلس الشورى العالي الأميري. ومحمد الخروبي القلعي الذي عين خليفة على ولاية مجانة ونواحيها في البيبان وسطيف. أما الذين ذكرهم صاحب المخطوط فلم نجد من ترجم لهم.

(٢) الشيخ محمد بن علي أقوجيل الكاتب ، والشاعر ، ينحدر من أسرة علمية عريقة بنواحي مدينة البرج شرق مدينة معسكر. توارث علماؤها وفقهاؤها خطة القضاء للأتراك ، وللفرنسيين بعدهم ، وقد ألف ابن أقوجيل هذا كتابا في الحديث أسماه : عقد الجمان اللامع من قعر البحر الجامع ، ونظم شعرا في المقاومة ضد الإسبان حث به الباشا حسين خوجة الشريف (١٧٠٥ ـ ١٧٠٧ م) على الجهاد ومحاربة الإسبان بوهران ، وعلى احترام العلماء ، ومشاورتهم في الأمور والقضايا ، فقال عن الجهاد :

ولتلتفت نحو الجهاد بقوة

والكفر أقطع أصله بذكور

جهز جيوشك كالأسود وسرحن

تلك الجواري في عباب البحور

اضرم على الكفار نار الحرب لا

تقلع ولا تمهلهم بفتور ـ

١٠٥

والسيد أحمد بن أفغول (١) وهذان برجيان من الراشدية أيضا ؛ والسيد محمد الصادق الحميسي ابن علي المازوني ثم المغيلي (٢) والسيد عبد الله بن حواء. والسيد فرقان والسيد بدر الدين المتقدمين (كذا) الذكر. والسيد محمود بن حواء التجيني. والسيد الحاج مفتاح البخاري الحنفي شيخ الجماعة بوهران. والسيد

__________________

 ـ وبقربنا وهران ضرس مؤلم

سهل اقتلاع في اعتناء يسير

كم قد أذت من مسلمين وكم سبت

منهم بقهر أسيرة وأسير

وقال عن مشاورة العلماء :

شاور ذوي علم ودين ناصح

ودع الغواة وكل ذي تنوير

فالعلم ميراث النبوة ناله

قوم لهم حظ من التنوير

إني نصحتك والنصيحة ديننا

فاقبل ولم ينصحك دون خبير

ولم ندر متى ولد ومتى مات ، ولكن الأستاذ محمد بن عبد الكريم ذكر أنه توفي عام ١٠٧٨ ه‍ (١٦٦٧ م) وذلك لا يتناسب مع تاريخ الشعر الذي نظمه في حث الباشا حسين خوجة الشريف. في مطلع القرن ١٨ م ، وعدد أبياته سبعون ، أوردها بكاملها محمد بن ميمون في كتابه التحفة المرضية الذي حققه ونشره محمد بن عبد الكريم ببيروت عام ١٩٧٢ م.

(١) يعني من قلعة بني راشد ، وأحمد بن أفغول هذا ، ابن عبد الله بن المغوفل الذي توفي عام ١٠٢٣ ه‍ (١٦١٤ م) ، وابن أفغول من علماء مازونة المشهورين أخذ المشيخة بتونس ، ثم عاد إلى الجزائر واستقر في بومليل بالشلف مدة من الزمن وبعدها انتقل إلى ندايلة حتى توفي في تاريخ لا نعلمه حاليا. وقد تتلمذ عليه أبو راس الناصر أواخر القرنين ١٢ ه‍ و ١٨ م ، وألف في حياته رجزا شعريا سماه : كتاب الفلك الكواكبي وسلم الراقي إلى المراكب. في ذكر مناقب صلحاء وطن الشلف من القرن ٦ إلى ٩ ه‍ (١٢ ـ ١٥ م) عدد فيه أخبارهم وكراماتهم وخصائص المريدين ، والأولياء ودرجاتهم ، وسلوكهم ، وسيرهم ، ومما قاله :

وبعد فالقصد بهذا الرجز

تقريب ما نأى بلفظ موجز

سميته بالفلك الكواكب

وسلم الراقي إلى المراكب

أعني مراتب السلوك للمريد

في الابتداء والانتهاء للمزيد

(٢) القاضي محمد الصادق الحميسي حفيد أبي يحيى زكرياء المغيلي ، صاحب كتاب : الدرر المكنونة في نوازل مازونة. تولى القضاء في مازونة ثم في وهران على عهد الأتراك ولم ندر متى ولد ولا متى مات.

١٠٦

أحمد بن هطال التلمساني وأبو عبد الله السيد محمد الغزلاوي وماتا معا يوم فرطاسة في ربيع الأول سنة تسعة عشر من القرن الثالث عشر في قصة ابن الشريف الدرقاوي الحارك على الباي مصطفى بن عبد الله العجمي باي وهران (١).

والشريف الوادفلي السيد الحاج محمد بن البشير أحد شرفاء الواد المبطوح (٢) وصهره السيد الغوثي ، والخوجة السيد مسلم ابن عبد القادر

__________________

(١) معظم هؤلاء لم نجد من ترجم لهم ، ما عدا أحمد بن هطال التلمساني الذي كان كاتبا خاصا للباي محمد بن عثمان الكبير ، ورافقه في حملته التفقدية التأديبية إلى الأغواط ، وعين ماضي عام ١١٨٩ ه‍ (مارس ١٧٧٥ ـ فيفرى ١٧٧٦ م) ، ودوّن أحداث تلك الرحلة في كتاب سماه : رحلة الباي محمد بن عثمان الكبير ، حققها ونشرها محمد بن عبد الكريم في بيروت عام ١٩٧٢ م. وذهب رسولا من قبل الباي إلى فاس صحبة أحد القضاة بهدية إلى السلطان محمد بن عبد الله ، وكلف بالذهاب إلى جبل طارق لشراء الأسلحة والذخائر من التجار والوسطاء الإنجليز واليهود ، والمغاربة ، وعاد بكميات هائلة. وقد قتل ابن هطال في معركة فرطاسة ضد الشريف الدرقاوي الثائر في ربيع الأول ١٢١٩ ه‍ (جوان جويلية ١٨٠٤) وذلك بين غليزان وتيارت. وسميت بواد الأبطال تخليدا للمعركة ، وسماها الفرنسيون أوزي لودوك : Uzes le Duc وبعد استعادة الاستقلال الوطني عام ١٩٦٢ استرجعت اسمها : واد الأبطال.

(٢) الواد المبطوح يقع جنوب غرب مدينة سيق الفلاحية على بعد خمسين كلم من شرق مدينة وهران. ويسمى في منابعه بواد مكره ، وأقيم عليه سد الشرفاء لتزويد سيق بمياه الشرب ، والحقول والبساتين بمياه السقي. والحاج محمد البشير الذي يشير إليه ينتمي إلى أسرة من شرفاء تلمسان الأدارسة هاجروا إلى عين سمرة لمدة أربع وعشرين عاما بسبب حروبهم مع بني زيان. ثم رحلوا إلى واد المبطوح حسب رواية أحمد العشماوي في كتابه : السلسلة الوافية والياقوتة الصافية. وهم أصحاب علم ، وفضل ، وجاه ، لهم زاوية طيبية.

ومن مشاهير صلحائهم : جدهم الأول العربي بن عبد القادر بن بوزيان ، والحاج محمد البشير المشار إليه ، وأبناؤه وأحفاده : الحاج الطيب ، والحاج البشير الذي كان قاضيا ، والحاج عبد القادر ، وبن عبد الله والحاج علي الأزهري الذي درس بالأزهر ، وتصدى للتدريس في الجامع الأعظم بسيق سنوات طويلة ، والحاج المنور بن البشير ، الذي توفي بسيق عام ١٣٤٤ ه‍ (١٩٢٥ ـ ١٩٢٦ م). وقد توارث علماء هذه العائلة العلم والتقوى. انظر ـ

١٠٧

الحميدي وهو الذي سأل الحافظ الشيخ أبا راس أن يجمع تأليفا في الأمثلة السائرة فجمعه الشيخ وسمّاه : «كشف النقاب ، ورفع الحجاب ، على أمثال سائرة وحكم باهرة ، ومواعظ زاجرة». على ترتيب حروف الهجاء للسان الدولة ، وفارس الجولة. ألهم لها وبادر ، السيد مسلم بن عبد القادر». نص عليه الحافظ في الباب الخامس من رحلته (١) ، والسيد علي ابن أبي سيف الدائري والسيد سليمان بن النزاري الدائري أيضا (٢) وهؤلاء الثلاثة من علماء المخزن وسكنوا بوهران. وفي السيد سليمان المذكور قال السيد أحمد الكلاعي بن السيد (ص ٣٦) الحاج / المكي الدحاوي في قصيدته الملحونة التي منها :

كلا بلاد بدحّها

في وهران صبت سليمان

والسيد الحاج قارة الجزائري ، والسيد أحمد بن الطاهر الرزيوي ، والسيد محمد بن قريد ، والسيد عبد الله بن عمارة البو عمراني ، وهذان غريبان. إلى غير ذلك مما لا أطيق حصره ، ولا أحصي ذكره ، وكلهم علماء أجلّة ، وأيمة بدور أهلّة (٣).

__________________

ـ كتاب مجموع النسب والحسب للشيخ بن بكار. ص ٥٣ ـ ٥٥.

(١) مسلم بن عبد القادر الحميدي أو الحميري الزايري من أولاد زاير كان كاتبا خاصا للباي حسن بن موسى آخر بايات وهران. ونظم أرجوزة في تاريخ الاحتلال الفرنسي ، وألف كتابا سماه : أنيس الغريب والمسافر في طرائف الحكايات والنوادر. سجل فيه أحداث الناحية الغربية مثل تاريخ بايات وهران. وأحداث ثورة درقاوة وغيرها. حقق الأستاذ رابح بو نار الجزء الأخير المتبقي منه الذي هو بمثابة خاتمة عام ١٩٧٤ م. وقد توفي مسلم ابن عبد القادر عام ١٢٤٩ ه‍ (١٨٣٣ ـ ١٩٣٤ م) ودفن في ضريح سيدي المسعود قرب المالح حسبما ذكر كل من أبي راس ، والزياني ، والمؤلف ولكني زرت هذا الضريح يوم الخميس ذو الحجة ١٤٠٧ ه‍ (٣٠ جويلية ١٩٨٧) ، ولم أجد سوى قبر واحد في الضريح. وهذه الإشاعة تنطبق حتى على الشيخ الهواري الذي قيل أيضا إنه دفن هناك. وقد قام أدريان دلبيش بترجمة : أنيس الغريب والمسافر ونشره في المجلة الإفريقية عام ١٨٧٤ ه‍.

(٢) الدايري نسبة إلى قبائل الدواير التي كانت في سهل ملاتة بأحواز مدينة وهران. وعارضت الأمير عبد القادر ، وحاربته وانضمت إلى جيش الاحتلال الفرنسي. ولم نعرف شيئا عن علي وسليمان الدائريين هذين إذ لم يترجم لهما أحد.

(٣) أحمد الطاهر الرزيوي كان قاضيا في أرزيو على عهد الأتراك ، وحكم عليه الأمير ـ

١٠٨

ومنهم بوقتنا الذي هو العام السابع من القرن الرابع عشر أستاذ الاخوان والياقوت البرهان ، فائق البراعة ، وجزيل الفصاحة والبراعة ، مفتيها وخطيبها ذو الإنصاف والإحسان أبو الحسن السيد علي بن عبد الرحمان ، الجزائري وجارا الوهراني دارا ، العبّاسي نجارا (١) ولما حل بها أتحف جامعها الأعظم غاية الإتحاف ورونقه بالفرش المختلفة الألوان والأنواع وأغناه حتى صار لا يسئل الإلحاف. وطهره من الأدناس وسائر المناكب ، بعد أن وقع في زوايا الإهمال ونسجت بجميعه العناكب. فعاد بفضل الله مبتسما ضاحكا ، وأضاء منه ما كان ديجورا حالكا ، وعلا بمنارته جهير الصوت بالأذان ، ونادى بقوله هلموا للطاعة والعبادة في الأوقات الخمس والجمعة والعيدين يا أهل الإيمان ، فلله درّه من ماهر ومربّي سنّي باهر.

ومنهم شيخنا الفاضل الماجد ، العالم الفاضل الزاهد ، من هو بحفظ الأوقات للعبادة شديد المراصد ، قدوة السالكين ، وبقية الأيمة الناسكين ، المدرس المضيف / الحافظ الضابط الموثّق المؤلف الشريف الحسني الصمداني (ص ٣٧) الربّاني ، العلّامة السيد محمد بن يوسف الزياني. فهو معدود في أعيان علماء المخزن وإن كان من جملة علماء وهران وبها قد سكن (٢).

__________________

ـ عبد القادر بالقتل لتعاونه مع الأعداء الفرنسيين ، ونفذ فيه القتل بمدينة معسكر ، رغم أنه درس عليه على ما قيل أما باقي العلما فلم نجد من ترجم لهم حاليا.

(١) عام ١٣٠٧ ه‍ يوافقه : أوت ١٩٨٩ ـ أوت ١٨٩٠ م. والعباسي نجارا يقصد به أن أصله من مدينة سيدي بلعباس. وكان مفتيا بمدينة وهران خلال عهد الاحتلال الفرنسي ، وتراسل معه الشيخ محمد بن يوسف الزياني ، ولغاية عام ١٣٢٠ ه‍ (١٩٠٣ م) كان ما يزال حيا.

(٢) هو مؤلف كتاب دليل الحيران وأنيس السهران في أخبار مدينة وهران ، الذي ينتمي إلى أسرة علمية من الأسر المخزنية بنواحي مدينة برج عياش التي عرفت ببرج ولد المخفي ، ثم بالبرج أخيرا ، في شرق مدينة معسكر ، وكان عمه أحمد بن يوسف الزياني قد تولى منصب المستشار للداي إبراهيم الملياني عام ١١٧٠ ه‍ (١٧٥٦ ـ ١٧٥٧ م). أما هو فقد تولى خطة القضاء بمدينة البرج نفسها عام ١٨٦١. ثم نقل إلى وادي تليلات عام ١٨٨٣ م قرب وهران ، وبعد ذلك نقل إلى سيق لنفس الوظيفة وحتى عام ١٣٢٠ ه‍ (١٩٠٢ ـ ١٩٠٣ م) كان ما يزال حيا حسب رواية الشيخ المهدي البو عبدلي الذي اطلع على ـ

١٠٩

ونخبة الأشراف وقدوة السادات الظراف ، ومقصد الذاهب والعاني ياقوتة الكمال والجوهر القاني ، الشريف الحسني السيد الحسني ابن إبراهيم العلمي الوزّاني نفعنا الله به وبسلفه ، ومتّعنا به وبخلفه.

وإمام جامعها الأعظم الفقيه الوهراني ، الشريف الحسني السيد أحمد انكروف بن الملياني النّكروفي.

والفقيه المدرّس بالجامع الوهراني ، الشريف الحسني السيد الحبيب ابن البخاري الحريزي الزياني (١).

والفقيه الشريف ذو التدريس بالكفراوي إمام قبّة الشيخ الهواري السيد محمد بن الجيلاني الشهير بابن العالية بن سيدي أحمد بن عربية المعسكري المغراوي.

والفقيه الوجيه الرحماني ، الشريف السيد الحاج عبد الرحمن بن الطيب أحد أولاد سيدي أحمد بن علي البو عمراني (٢).

__________________

ـ مراسلة له مع مفتى وهران علي بن عبد الرحمن المشار إليه سابقا في نفس التاريخ.

أما بقية العلماء الذين أشار إليهم بعد ذلك فأغلبهم لم نجد من ترجم لهم حاليا.

(١) ذكر الشيخ الطيب المهاجي في كتابه : أنفس الذخائر وأطيب المآثر في أهم ما اتفق لي في الماضي والحاضر. بأنه درس على الشيخ الحبيب البخاري المدرس بجامع الترك بوهران ، الذي يتصل نسبه بصاحب الضريح المشهور بالقلعة (قلعة سيدي راشد) الشيخ عبد القادر بن يسعد ، انظر ص ٥٦.

(٢) ذكر صاحب القول الأعم بأن عبد الرحمن بن الطيب هذا تولى القضاء بوهران على عهد الباي حسن بن موسى آخر بايات وهران ، وهذا يتعارض مع ما ذكره المؤلف بأن هؤلاء ما يزالون أحياء في هذا التاريخ وهو عام ١٣٠٧ ه‍ (١٨٨٩ ـ ١٨٩٠ م) اللهم إلّا إذا كان عبد الرحمن بن الطيب هذا حفيد للأول القاضي ، أو ابن له ، انطر ص ٣٣٣. وذكر الشيخ بلهاشمي بن بكار نقلا عن أبي راس في كتابه : الحاوي. بأن أبا العباس أحمد ابن علي البو عمراني جد عبد الرحمن بن الطيب ، كان تلميذا لأحمد بن يوسف الراشدي الملياني ، وكان يطعم المساكين من ماله الخاص خاصة في عامي المسغبة ٩٥٨ و ٩٥٩ ه‍ (١٥٥١ ـ ١٥٥٢ م) توفي بغريس ودفن بها. انظر ص ١٤٨.

١١٠

والفقيه الأجل الذي للتحقيق يحوي ، السيد الحاج بن آمنة بن عمر المرياني العبد الغوي.

والفقيه النبيل الشريف البلاحي المشيشي الذي في أموره لله راجي السيد أحمد بن محمد بن أحمد ، وكذا ابن عمّه السيد المولود ابن عبد الرحمان ابن أحمد البلاحي المهاجي.

وقدوة العبّاد ، وبقية الزهاد ، الأبر الأكمل الفقيه الأجلّي ، السيد الحاج الطيب بن البشير الشرفي الشريف الوادفلي (١).

فهؤلاء السادات الكرام الأفاضل ، والعلماء / الأجلة البواسل الذين بهم (ص ٣٨) طاب الوقت ونار ، واطمأنت القلوب بهم وحلّت بها الأسرار.

__________________

(١) هذا العالم ينتمي إلى أسرة بلبشير بالواد المبطوح ، وسيق شرق وهران انظر هامش رقم ٢٣ قبل.

١١١
١١٢

المقصد الرابع

في ذكر دولها

١١٣
١١٤

اعلم أنار الله قلبي وقلبك بأنواره ، وأيدني وإيّاك بأسراره. وأمنني وإياك بحوله وقوته من مكره وسرّه. ووقاني وإياك من بأسه وضرّه. أن دول وهران من حين اختطّت تسعة دول كما في دليل الحيران ، وهم : دولة الأمويين بالأندلس القائمين بأمورهم زناتة. والعبيديين وهم الشيعة ، والمرابطين وهم الملثّمون ، والموحدين ، والزيانيين وهم بنو عبد الواد ، والمرينيين وهم بنو احمامة ، ثم الزيانيين ، والإسبانيين ، والأتراك ، وهم الترك والفرانسيس. فهؤلاء تسعة إجمالا.

وأما تفصيلا فكانت عمالهم يتداولونها بينهم إلّا الدول الثلاثة الأخرة (كذا) فعمالهم منهم.

الدولة الأولى مغراوة

عمال بني أمية

وأول العمال مغراوة عمال بني أمية الذين هم الدولة الأولى ، وأول من ملكها من مغراوة خزر بن حفص المختط لها في القرن الثالث كما مرّ. وتولى إمارة مغراوة بوهران وغيرها بعد موت أبيه حفص بن صولات بن وزمار ابن صقلاب بن مغراو. ووزمار هو الذي أسلم على أيد سيدنا عبد الله بن سعد ابن أبي صرح ، لما غزى (كذا) إفريقية وبعثه لأمير المؤمنين ، وخليفة رسول رب العالمين سيدنا عثمان بن عفان رضي‌الله‌عنه ثالث الخلفاء بالمدينة المنورة ، / (ص ٣٩) على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم فجدّد إسلامه على يده وعقد له على قومه ورجع لإفريقية. ومن ثم بقيت مغراوة موالي (كذا) لبني أمية كصنهاجة للعلويين العبيديين بإفريقية.

١١٥

وأقام خزر مقام أبيه في أمر زناتة واعتزّ قومه على المضرية بالقيروان واستفحل ملكهم وعظم سلطانهم على البدو وزناتة بالمغرب الأوسط عند تقلص ظل الخلافة بعض الشيء بالمغرب حيث عمت فتنة ميسرة الحقير ومدغرة وقوى اعتزاز خزر وقومه ، وعتوّه وانتشر صيته وعلت كلمته عند المروانيين بالأندلس والأدارسة بالمغرب الأقصا (كذا) والسليمانيين برشقون وتلمسان ، والشيعة بإفريقية إلى أن هلك في خلال ذلك. ا ه.

قال البكري في تاريخه المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب :

«وفي سنة سبع وتسعين ومائتين (١) زحف (كذا) قبائل كثيرة إلى وهران يطالبون أهلها بإسلام بني مسقن إليهم لدماء كانت بينهم فأبى أهل وهران من إسلامهم إليهم فنصب (كذا) القبائل عليهم الحرب وحاصروهم ومنعوهم من الماء فخرج عنهم بنو مسقن وهم من أزديجة ويقال لهم بنو مسرقين ليلا هاربين واستجاروا بأزديجة فأجاروهم وتغلّب الحاركون على أهل وهران فخرج أهلها منها بأنفسهم وأسلموا ذخائرهم وأموالهم للحاركين وخربت وهران وأضرمت نارا وذلك في ذي الحجة من هذه السنة (٢) ثم عاد أهل وهران إليها في السنة بعدها وهي سنة ثمان وتسعين ومائتين (٣) بأمر أبي حميد داوس بن صولات ويقال له داوود عامل تاهرت.

(ص ٤٠) وابتدأوا بنيانها في شعبان من هذه السنة (٤) فعادت أحسن مما / كانت وولى عليهم داوود بن صولات الدهيصي ، محمدا بن أبي عون فلم تزل في عمارة وكمال ، وزيادة وحسن حال. ا ه.

وهو مخالف لما في الحافظ أبي راس.

ولما هلك خزر بن صولات تولى بموضعه ابنه محمد بن خزر وسكن وهران وأجلب على ضواحيها بكل ما أراد وشنّ الغارات في المغرب الأوسط إلى إفريقية وفي الأقطار إلى المصامدة وهابته الملوك وخشيت سطوته وأذعنت له

__________________

(١) الموافق ٩٠٩ ـ ٩١٠ م.

(٢) الموافق ١١ أوت ـ ٨ سبتمبر ٩١٠ م.

(٣) الموافق ٩١٠ ـ ٩١١ م.

(٤) الموفق ٤ أبريل ـ ٢ ماي ٩١١ م.

١١٦

الناس وعاش كثيرا من السنين وجرب الأمور. فقد قال ابن خلدون في تاريخه الكبير في الجزء السابع منه أنه نيف على المائة سنة بكثير والذي يقتضيه استقراء كلامه من أوله إلى آخره أنه بلغ المائتي سنة أو قاربها فإنه قال في أخباره أن إدريس بن عبد الله لما نهض إلى المغرب الأوسط سنة أربع وسبعين ومائة (١) تلقاه محمد بن خزر هذا وألقى إليه المقادة وبايع له عن قومه وأمكنه من تلمسان بعد أن غلب عليها بني يفرن أهلها وانتظم لإدريس بن إدريس الأمر وغلب على جميع أعمال أبيه وملك تلمسان وقام بنو خزر هؤلاء بدعوته كما كانوا لأبيه إلى أن قال : ثم وفد على المعتز بعد ذلك سنة خمسين وثلاثمائة (٢) وهلك بالقيروان وقد نيّف على المائة من السنين. ه.

لكن قال الحافظ أبو راس في عجائب الأسفار في الكلام على مغراوة كلام ابن خلدون فيه تخليط وتناقض ا ه. وفي سنة ست وثلاثمائة (٣) حرك ازديجة وعجيسة على محمد بن خزر المغراوي وقاتلوه شديدا ، وحاصروه عتيدا ، إلى أن أخذوا من يده وهران عنوة فبقيت في ملكهم وتحت تصرفهم سبع سنين وهم عمال على المروانيين ثم صاروا عمالا / على الشيعة. ثم قام عليهم محمد (ص ٤١) ابن خزر بجيوش لا تحصى وحاصرهم وأثخن فيهم إلى أن غلبهم عليها سنة ثلاثة عشر وثلاثمائة (٤) وبقوا تحت حكمه. ولما غلبهم عليها وعادت لحكمه بعد حروب كثيرة كان الظفر له فيها عليهم ، أخّر نفسه ، وولى عليها ابنه الخير وبقي (كذا) ازديجة وعجيسة تحت حكمه ، وفي قبضة جبره وحلمه. فقام الخير بضبط ملك وهران غاية الضبط وظاهر المروانيين بالأندلس كعادة أسلافه وأمير الأندلس وقتئذ عبد الرحمن الناصر وشن الغارات على ضواحي وهران والمغرب الأوسط فملك بلاد الغرب كلها وسوس الأدنا (كذا) وتلمسان والصحرا (كذا) وحارب الشيعة ملوك إفريقية وتاهرت حروبا عظاما وغزى (كذا) بسكرة والمسيلة والزّاب

__________________

(١) الموافق ٨٨٧ ـ ٨٨٨ م.

(٢) الموافق ٩٦١ ـ ٩٦٢ م.

(٣) الموافق ٩١٨ ـ ٩١٩ م.

(٤) الموافق ٩٢٥ ـ ٩٦٢ م.

١١٧

ودوّخ المغرب الأوسط تدويخا عظيما ووالده محمد بن خزر لم يفارقه في كل ذلك. واتصلت يده بيد موسى بن العافية المكناسي فبثا معا دعوة المراوانيين امراء الأندلس بالمغربين وقطعا دعوة الشيعة بإفريقية ثم فسد ما بينهما وتزاحفا للحرب فبعث لهما عبد الرحمان الناصر أمير الأندلس قاضي قرطبة وهو الفقيه منذر ابن سعيد الولهاصي ثم البلوطي فأصلح بينهما ولم يزل الملك في يده إلى أن انتقل لولده محمد بن الخير بعده.

١١٨

الدولة الثانية الشيعة الفاطميون

ثم ملك وهران الدولة الثانية وهم الشيعة ويقال لهم الرافضية والعبيديون والعلويون والفاطميون.

أما / تسميتهم بالشيعة والرافضية فلتمذهبهم بمذهب شيعة المشرق والرافضية (ص ٤٢) من سبهم للشيخين أبي بكر وعمر رضي‌الله‌عنهما ، ورفضهم للسنة واتباعهم للبدعة ومدحهم لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه دون غيره.

وأما تسميتهم بالعبيديين فذلك نسبة لجدهم عبيد الله المهدي الشيعي أول ملوكهم.

وأما تسميتهم بالعلويين والفاطميين فذلك نسبة لجدهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه وجدتهم فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فهم حسينيون بضم الحاء المهملة ولا عبرة بالطعن فيهم.

وذلك أن وهران غزاها في سنة ثمانية عشر (١) داوس بن صولات ويقال له داوود بن صولات الدهيصي عامل تاهرت على يد الدولة الشيعية فحاصرها حصارا عظيما وحارب ملكها الخير بن محمد بن خزر المغراوي ومن معه من أزديجة وعجيسة لكونهم صاروا يدا واحدة مع الخير بن محمد بن خزر فأثخن فيهم كثيرا وأخذها من يد ملكها الخير عنوة بعد حروب شاب لها رأس الغراب وولى عليها من قبله محمدا ابن أبي عون الشيعي فهو أول عامل للشيعة بوهران وأول من ملكها من الشيعة داوس عامل عبيد الله الشيعي فعمّت الرافضية المغرب

__________________

(١) الموافق ٩٣٠ ـ ٩٣١ م.

١١٩

الأوسط وانقطع حكم المروانيين منه بالكلية وخرج حكم وهران من يد الدولة الأموية ودخل في يد الدولة الشيعية.

فأقام محمد بن أبي عون الشيعي الملك بوهران وتصرّف في المغرب الأوسط بما شاء وصار معه ازديجة وعجيسة يدا واحدة وعنه أخذوا الرافضية (ص ٤٣) واندرست / السنّة ولما مر ميسور الخصّى ، سمي بذلك لكونه لا لحية له ، في عام ثلاث وعشرين وثلاثمائة (١) بأمر القائم العبيدي حال ذهابه لمحاربة موسى ابن أبي العافية المكناسي للمغرب لمظاهرته للمروانيين وإعراضه عن الشيعة متوجها بجيشه لفاس ولقيه محمد بن أبي عون الشيعي والي وهران فأقرّه عليها. وكذلك لما توجه مصالة بن حبوس الكتامي للمغرب في عام إحدى وأربعين وثلاثمائة (٢) بجيشه لتدويخ المغرب بأمر المعزّ العبيدي أقرّه على وهران كما أقر كل عامل كان للشيعة على محلّه ودوّخ المغرب غاية وأزال ما ظهر به من أمر المروانيين ملوك الأندلس ورجع بغنائم عظيمة.

ثم في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة (٣) اختط يعلا بن محمد بن صالح اليفريني مدينته بايفكان أحد أراضي بني راشد بصفح (كذا) جبل أوسلاس وهو بجوفها واستقر بها وظاهر المروانيين بالأندلس وتجانب الشيعة بإفريقية فولّاه عبد الرحمن الناصر الأموي ملك الأندلس على المغرب الأوسط وعقد له على حروب الشيعة الرافضية. وكان مصالة بن حبوس الكتامي قد رجع من المغرب للمهدية فخلا الجوّ ليعلا بن محمد بن صالح اليفريني وزحف لوهران فحاصر بها محمدا بن أبي عون الشيعي وازديجة وعجيسة وطالت بينه وبينهم حروب عظام إلى أن فرّق جمعهم بجبل قيزة غربي وهران وذلك في يوم السبت منتصف جمادى الثانية سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة (٤) ودخل وهران عنوة وأضرمها نارا (ص ٤٤) وخربها ولحق أكثر أزديجة وعجيسة بالمغرب ، / وبعضهم بالأندلس لما أيّسوا

__________________

(١) الموافق ٩٣٤ ـ ٩٣٥ م.

(٢) الموافق ٩٥٢ ـ ٩٥٣ م. ويعلى يكتب بياء بعد اللام وليس بالألف كما فعل المؤلف.

(٣) الموافق ٩٤٩ ـ ٩٥١ م.

(٤) الموافق ٩٥٤ ـ ٩٥٥ م.

١٢٠