تحقيق الأصول - ج ٢

السيّد علي الحسيني الميلاني

تحقيق الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مركز الحقائق الإسلاميّة
المطبعة: وفا
الطبعة: ٢
ISBN الدورة:
964-2501-52-X

الصفحات: ٤٠٠

«إنّ الله أدّب نبيّه فأحسن أدبه ، فلمّا أكمل له الأدب قال : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ثم فوّض إليه أمر الدين والأُمّة ليسوس عباده فقال عزّ وجلّ (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا). وإنّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ كان مسدّداً موفّقاً مؤيّداً بروح القدس ، لا يزلُّ ولا يخطئ في شيء ممّا يسوس به الخلق ، فتأدّب بآداب الله. ثم إنّ الله عز وجل فرض الصلاة ... فأضاف رسول الله ... فأجاز الله عز وجل له ذلك ...».

ومثله غيره في «باب التفويض إلى رسول الله وإلى الأئمة في أمر الدين» من كتاب الكافي (١) وغيره ، ممّا جاء التصريح فيه بثبوت هذه المنزلة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واشتمل على موارد من الأحكام التي وضعها في الأبواب المختلفة ... وكذلك كلمات المفسرين من الفريقين بذيل الآية المباركة ، فإنّهم قالوا بأنها تدل على أنّ كلّ ما أمر به النبي فهو أمرٌ من الله ، وكلّ ما نهى عنه فهو نهي منه (٢).

وأمّا بالنسبة إلى الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ فيدلُّ عليه النصوص العامّة في أنّهم بمنزلة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) وأنهم الورثة له (٤) وأن طاعتهم مفروضة كطاعته (٥) ، والنصوص الخاصّة الكثيرة كما قال غير واحدٍ من الأكابر ، أو المستفيضة كما قال الشيخ المجلسي كما سيأتي ، كالصحيح عن أبي عبد الله

__________________

(١) الكافي ١ / ٢٦٥.

(٢) انظر : منهج الصادقين ٩ / ٢٢٦ ، مجمع البيان ، الصافي ٥ / ١٥٦ ، الميزان ١٩ / ٢٠٤ ، الكشاف ٤ / ٥٠٣ ، القرطبي ١٨ / ١٧ ، الرازي ٢٩ / ٢٨٦ ، النيسابوري ـ هامش الطبري ـ ٢٨ / ٣٩.

(٣) من ذلك : حديث المنزلة المتواتر بين المسلمين.

(٤) انظر : بصائر الدرجات ج ٣ باب ٣.

(٥) انظر : بصائر الدرجات ج ٣ باب ٥.

٦١

عليه‌السلام : «إنّ الله عزّ وجلّ أدّب نبيّه على محبّته فقال : «(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ثم فوّض إليه فقال عزّ وجلّ : (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) وقال عز وجل : (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ). وإنّ نبي الله فوّض إلى علي وائتمنه ، فسلّم وجحد الناس» (١).

وبثبوت هذه المنزلة لهم صرّح جماعة من الأساطين من الفقهاء والمحدّثين :

قال الوحيد البهبهاني ـ في معاني التفويض الذي رمي به بعض الرواة ـ : «الرابع : تفويض الأحكام والأفعال ، بأنْ يثبت ما رآه حسناً ويردّ ما رآه قبيحاً ، فيجيز الله إثباته وردّه ، مثل : إطعام الجدّ السّدس ، وإضافة الركعتين في الرّباعيّات ، والواحدة في المغرب ، والنوافل أربعاً وثلاثين ، وتحريم كلّ مسكر ...» ثم نصّ على كثرة الأخبار الواردة في هذا المعنى (٢).

وقال أيضاً : «وقد حقّقنا في تعليقتنا على رجال الميرزا ، ضعف تضعيفات القميين ، فإنهم كانوا يعتقدون بسبب اجتهادهم اعتقاداتٍ من تعدّى عنها نسبوه إلى الغلو ، مثل نفي السّهو عن النبي ، أو إلى التفويض مثل تفويض بعض الأحكام إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٣).

وقال صاحب (الحدائق) في بحثه عن اختلاف الأخبار في منزوحات البئر : «واحتمل بعض محققي المحدّثين من المتأخّرين كون هذا الاختلاف من باب تفويض الخصوصيّات لهم عليهم‌السلام ، لتضمّن كثيرٍ من الأخبار أنّ

__________________

(١) الكافي ١ / ٢٦٥.

(٢) الفوائد الرجالية : ٣٩.

(٣) الحاشية على مجمع الفائدة : ٧٠٠.

٦٢

خصوصيّات كثير من الأحكام مفوّضة إليهم ، كما كانت مفوّضةً إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١).

وقال السيد عبد الله شبّر : «والأخبار بهذا المضمون كثيرة ، رواها المحدّثون في كتبهم ، كالكليني في الكافي والصفّار في البصائر وغيرهما ، وحاصلها : إنّ الله سبحانه فوّض أحكام الشريعة إلى نبيّه بعد أنْ أيّده واجتباه وسدّده وأكمل له محامده وأبلغه إلى غاية الكمال. والتفويض بهذا المعنى غير التفويض الذي أجمعت الفرقة المحقّة على بطلانه» (٢).

وقال صاحب (الجواهر) : «قال في المسالك : روى العامّة والخاصّة إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يضرب الشارب بالأيدي والنعال ، ولم يقدّره بعدد ، فلمّا كان في زمن عمر ، استشار أمير المؤمنين عليه‌السلام في حدّه ، فأشار عليه بأنْ يضرب ثمانين جلدة ، معلّلاً بأنه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى.

وكان التقدير المزبور عن أمير المؤمنين من التفويض الجائز لهم» (٣).

وقال الشيخ التقي المجلسي : «... كما يظهر من الأخبار الكثيرة الواردة في التفويض إلى النبي والأئمة صلوات الله عليهم» (٤).

وقال الشيخ المجلسي : «وألزم على جميع الأشياء طاعتهم حتى الجمادات ، من السماويات والأرضيّات ، كشقّ القمر ... وفوّض أمورها إليهم

__________________

(١) الحدائق الناضرة ١ / ٣٦٥.

(٢) مصابيح الأنوار في حلّ مشكلات الأخبار ١ / ٣٦٩.

(٣) جواهر الكلام ٤١ / ٤٥٧.

(٤) روضة المتقين ٥ / ٤٨٠.

٦٣

من التحليل والتحريم والعطاء والمنع ، وإنْ كان ظاهرها تفويض تدبيرها إليهم ، «فهم يحلّلون ما يشاءون» ظاهره تفويض الأحكام ، كما سيأتي تحقيقه» (١).

__________________

(١) بحار الأنوار ٢٥ / ٣٤٢.

٦٤

التعبّدي والتوصّلي

٦٥
٦٦

الواجبات الشرعيّة هي بالضّرورة على قسمين ، قسم : لا يحصل الغرض منه إلاّ إذا اتي به بقصد القربة ، وهذا هو التعبّدي ، وقسم : يحصل منه الغرض بأيّ داعٍ اتي به ، وهو التوصّلي. فمن الأوّل : الصلاة مثلاً ، ومن الثاني : دفن الميت المؤمن مثلاً.

فتارةً : نحرز كون الواجب من هذا القبيل أو ذاك ، واخرى : يقع الإشكال فيه ، كما في العتق في الكفّارات مثلاً ، حيث يقع الكلام في سقوط الأمر به بمجرّد الإتيان به ، أو أنه لا بدّ فيه من قصد القربة ... ولأجل وجود هذا القسم من الواجبات في الشريعة المقدّسة ، عقد هذا البحث ، لأن المفروض عدم وضوح حاله من جهة الأدلّة ، فتصل النوبة إلى مقتضى الاصول.

والأصل في هذا المقام : إمّا الأصل اللّفظي ، وامّا الأصل العملي ، والأصل اللّفظي ، إمّا داخلي وامّا خارجي ، كما أن الأصل العملي إمّا شرعي وامّا عقلي ... والمقصود من الأصل اللّفظي الداخلي هو إطلاق الصيغة ، ومن الأصل اللّفظي الخارجي هو الأدلّة اللّفظية من الكتاب قوله تعالى : (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ) (١) أو السنّة مثل قوله عليه الصّلاة والسلام : «لا عمل إلاّ بنيّة» (٢).

__________________

(١) سورة الزمر : ١١.

(٢) وسائل الشيعة الجزء الأول ، الباب ٥ من أبواب مقدمة العبادات.

٦٧

فيقع البحث في جهات :

١ ـ الإطلاقُ الداخلي

والمقصود من ذلك هو البحث عن مقتضى الأصل اللّفظي الداخلي ، بأنْ ننظر هل للصيغة إطلاقٌ يصحّ لأن يكون رافعاً للشبهة ويوضّح حال الواجب من حيث التعبديّة والتوصليّة أو لا؟

ولا بدّ من تحقيق حال الأصل اللّفظي الداخلي في مرحلتين ، في مرحلة الثبوت ، وأنه هل يمكن الإطلاق والتقييد أو لا ، ثم في مرحلة الإثبات.

فإن حصلنا على أصل لفظي من الداخل فهو ، وإلاّ فمن الخارج ، وإلاّ فالأصل العملي ، فنقول :

لو شككنا في واجبٍ من الواجبات أنه توصّلي أو تعبّدي ، فهل من إطلاقٍ يثبت التوصّلية أو لا؟

وقبل الإجابة على ذلك ، لا بدّ من البحث في مقام الثبوت ، وأنّه هل من الممكن وجود الإطلاق بالنسبة إلى قصد القربة أو لا؟

إن إمكان الإطلاق موقوف على إمكان التقييد ، بناءً على أن التقابل بينهما من قبيل العدم والملكة ، فكلّ موردٍ لا يمكن فيه التقييد فلا يمكن الإطلاق ، كما في البصر ، فالمورد الذي لا يمكن فيه البصر لا يمكن فيه العمى وهو عدم البصر في المورد القابل له ـ وعلى هذا المبنى طرح المحقّق الخراساني البحث ، لكنّ البحث ينقسم إلى قسمين ، هما : الإطلاق والتقييد بالأمر الأوّل ، والإطلاق والتقييد بالأمر الثاني ، هذا من جهةٍ.

ومن جهةٍ اخرى ، فالتقييد تارةً يكون بنحو القيد واخرى بنحو الجزء ، بأنْ يكون قصد القربة في العمل قيداً له أو يكن جزءاً له ، وهذا مقصود (الكفاية) من الشرطيّة والشطريّة.

٦٨

هل يمكن تقييد المتعلَّق بقصد القربة بالأمر الأول؟

فالكلام الآن في إمكان تقييد متعلّق الأمر بقصد القربة بنفس الأمر الأوّل.

وقد تعرّض صاحب (الكفاية) (١) هنا لُامورٍ :

الأمر الأوّل

(في بيان التمييز بين الوجوب التوصّلي والوجوب التعبّدي).

فقال رحمه‌الله : الوجوب التعبّدي هو الوجوب الذي لا يحصل الغرض من الوجوب فيه إلاّ بالإتيان بمتعلَّق الأمر على الوجه القربي ، والوجوب التوصّلي هو الوجوب الذي يحصل الغرض من الوجوب فيه بالإتيان بالمتعلَّق بأيّ داعٍ كان.

فالفرق بينهما يكون من ناحية اختلاف الغرض.

إيراد المحقّق الأصفهاني

وقد أورد عليه المحقّق الأصفهاني (٢) بإشكالين تصريحاً وتلويحاً :

أحدهما : إنه لا يوجد أيّ اختلاف وافتراق بين الوجوبين أصلاً ، بل الافتراق هو في طرف الواجبين ، لأنّ الوجوب ـ على أيّ حال ـ إنما هو لجعل الداعي ، فسواء كان الخطاب : «صلّ» أو «اغسل ثوبك» فقد جاء الوجوب لجعل الداعي لحصول متعلَّق الأمر ، وأنه ليس الغرض من الوجوب إلاّ جعل الداعي ، لكنَّ الغرض من أحدهما لا يحصل إلاّ مع قصد القربة دون الآخر فإنه مطلق ، فالاختلاف من ناحية الواجب لا الوجوب.

__________________

(١) كفاية الأصول : ٧٢.

(٢) نهاية الدراية ١ / ٣٢٠.

٦٩

والثاني ـ وهو يظهر من الأوّل ـ فإنه بناءً على ما ذكر ، لا وجه لجعل البحث من مباحث الصيغة ، إذ المادّة في الواجب التوصّلي مطلقة ، وفي التعبّدي مقيّدة ، فيكون الإطلاق هنا من إطلاق الواجب والمادّة ، ولا علاقة للبحث بالصيغة ، فقول (الكفاية) : إطلاق الصيغة هل يقتضي التعبّدية أو التوصّلية؟ بلا وجه.

مناقشة الاستاذ

وقد دفع الاستاذ كلا الإيرادين :

أمّا الأوّل : فبأنّ الوجوب التعبّدي وإن كان لا يختلف عن الوجوب التوصّلي ذاتاً ، لأنّ الوجوب كيفما كان فمعناه واحد ، ولا يختلفان كذلك من ناحية الغرض الأوّلي للوجوب ، وهو جعل الداعي ، لكنهما مختلفان من جهة الغرض النهائي ، لأن الغرض من جعل الوجوب هو جعل الداعي ، والغرض من جعل الداعي هو حصول المتعلَّق ، والغرض من حصول المتعلَّق حصول المصلحة المترتبة على المتعلَّق ، فلو كانت المصلحة مقيَّدة ـ أي كانت قائمة بالعمل المأتي به مع قصد القربة ـ كان الغرض من جعل الداعي هذا العمل المقيَّد ، فما لم يحصل لم يتحقّق الغرض ، ومتى لم يحصل جعل الداعي بهذا الغرض لم يتحقق الوجوب ، فلا محالة لا يتحقق الغرض من الوجوب المجعول على الصلاة ـ مثلاً ـ إلاّ بالإتيان بها بقصد القربة. فقول صاحب (الكفاية) : بأن التعبّدي هو الذي لا يسقط الأمر فيه ـ أو لا يتحقق الغرض منه ـ إلاّ إذا أتي به متقرّباً به ، بخلاف التوصّلي الذي هو مطلقٌ من هذه الجهة ، كلام صحيح ... ولا يرد عليه الإشكال ، لوجود الفرق بينهما في الغرض النهائي وهو المصلحة ، وإن لم يفترقا في الغرض الأوّلي وهو جعل الداعي.

٧٠

وأمّا الثاني ، فإنه غفلة منه قدس‌سره عن مطلبين :

أحدهما : إن الصيغة مركّبة من المادة والهيئة ، فقولهم : «إطلاق الصيغة» مشترك ، ولذا يأتي السؤال : هل المراد إطلاق المادّة أو الهيئة؟

والثاني : لقد ذكر في (الكفاية) في الأمر الأوّل «إطلاق الصيغة» لكنه قال في الأمر الثالث «إطلاق الصيغة يقتضي التوصّلية» فلو التفت المحقق الأصفهاني إلى المطلبين لم يشكل على (الكفاية) بما ذكر.

هذا كلّه في الأمر الأوّل من الامور التي تعرّض لها في (الكفاية).

الأمر الثاني

(في إمكان أخذ داعي الأمر في المتعلَّق وعدم إمكانه).

فذهب المحقق الخراساني إلى استحالة أخذ داعي الأمر ـ وهو قصد القربة ـ في متعلَّق الأمر ، وتقييده به ، وذلك لأنه إذا اخذ قصد الأمر في المأمور به ، لم يكن للمكلَّف القدرة على الامتثال ، فالمأمور به هو الحصّة الخاصّة من الصّلاة ، وهي المقيَّدة بداعي الأمر ، وحينئذٍ لا يتحقّق الامتثال.

قال شيخنا دام ظلّه :

إنه لم يبيّن وجه استحالة الأخذ ، ثم إنّه قد خلط بين الأخذ من ناحية المولى والامتثال من ناحية المكلّف ، وجعل هذا متفرّعاً على ذاك ، إذ قال بالنسبة إلى المحذور في مقام الجعل «لا يمكن الأخذ» وبالنسبة إلى المحذور في مقام الامتثال «لا يمكن امتثالها» مع تفريع هذا على ذاك.

قال الاستاذ : والصحيح أن يقع البحث في مقامات :

١ ـ هل يمكن تقييد متعلَّق الأمر بقصد الأمر في مرحلة تصوّر الآمر؟

٢ ـ هل يمكن تقييد متعلَّق الأمر بقصد الأمر في مرحلة الإنشاء؟

٧١

٣ ـ هل يمكن تقييد متعلَّق الأمر بقصد الأمر في مرحلة فعليّة الأمر؟

٤ ـ هل يمكن تقييد متعلَّق الأمر بقصد الأمر في مرحلة الامتثال؟

المقام الأوّل

لا ريب أنّ المولى عند ما يريد أن يأمر بشيء ، فإنّه لا بدّ من أن يتصوّر الأمر ومتعلَّق الأمر ، فهل يمكن تصوّر ذلك مع أخذ قصد الأمر في متعلَّقه أو لا يمكن؟

حاصل الإشكال هو : إنّ «الأمر» من المفاهيم ذات التعلّق ، والأمر بالشيء لا يتصوَّر إلاّ مع تصوّر الشيء ، فالأمر بالصّلاة لا يمكن تصوّره إلاّ مع تصوّر الصّلاة ، ولكن المفروض أن متعلَّق الأمر هو الصّلاة التي تعلَّق الأمر بها مع قصد القربة ، فتصوّر الأمر موقوف على تصوّر الأمر ، وهذا هو الدور.

وبعبارة اخرى : إن متعلّق الأمر هو الصّلاة ، وهي مقيَّدة بقصد الأمر ، فيكون الأمر متعلَّق المتعلَّق ، أي : إن متعلَّق الأمر ـ الذي هو الصلاة المقيّدة بقصد الأمر ـ أصبح متعلَّق الأمر ، ولمّا كان الأمر متعلَّق متعلَّق الأمر ، فلا بدَّ من تصوُّره قبل الأمر كما ذكرنا ، فتوقف الأمر على تصوّر الأمر ، وتصوّر الأمر موقوف على تصوّر متعلّق الأمر المفروض أخذه ـ الأمر ـ في المتعلَّق.

وهذا الإشكال إنما يلزم في التعبّدي. أما في التوصّلي ـ كالأمر بدفن الميّت مثلاً ـ فلا ، لأن الأمر به يتوقّف على تصوّر الأمر ، وتصوّر الأمر يتوقّف على تصوّر دفن الميّت ، فكان الموقوف هو الأمر ، والموقوف عليه دفن الميت ، فلا دور.

جواب المشكيني عن إشكال الدور

ولعلّ خير ما قيل في حلّ مشكلة الدور هنا جواب المحقق

٧٢

المشكيني (١) ، فإنّه حاول إثبات التغاير بين الموقوف والموقوف عليه فقال : بأنّ المأخوذ في متعلَّق الأمر هو طبيعي الأمر ، ولكن المتصوَّر في طرف المتعلَّق هو شخص الأمر ، وذلك ، لأنّ المتعلّق هو الصّلاة المقيَّدة بقصد الأمر ، لكنْ طبيعي الأمر لا شخصه وفرده ، أمّا الأمر المتعلِّق بنفس الصّلاة فهو شخص الأمر وفرده ، وهذا المقدار من الاختلاف كان لرفع الدور.

قال : ونظير ذلك قول القائل : «كلّ خبري صادق» فإنّه تحلُّ فيه مشكلة الدور من جهة أن شخص هذا الخبر ـ وهو قوله : كلّ خبري صادق ـ موقوف على الحكم وهو «صادق» وأمّا الحكم «صادق» فموقوف على طبيعة الخبر لا شخص هذا الخبر ، وهنا كذلك ، إذ أنّ تصوّر شخص الأمر المتوجّه إلى الصّلاة موقوف على تصوّر الصلاة بقصد الأمر ، لكن طبيعي الأمر لا شخصه.

نقد الاستاذ

وأورد عليه الاستاذ بالفرق بين المقامين ، فإن الموضوع في تلك القضيّة هو طبيعة الخبر ، وشخص هذا الخبر ـ وهو قوله : كلّ خبري صادق ـ غير طبيعة الخبر ، هذا صحيح. أمّا في مقامنا هذا ، فإنّه ـ بعد استحالة الإهمال من الحاكم إمّا الإطلاق وامّا التقييد ، فإنه لمّا يقول «صلّ» بقصد الأمر بالصّلاة ، لا يريد الإتيان بها بقصد مطلق الأمر بنحو اللاّبشرط ، حتى الأمر المتوجّه إلى الصيام والحج مثلاً ، فليس المراد الصّلاة بقصد الأمر المطلق ـ كما لم يكن الصّلاة بقصد الأمر المهمل بالنسبة إلى خصوصيات الأمر ـ فتعيّن أنْ يكون المقصود الإتيان بالصّلاة بقصد شخص هذا الأمر وهو «صلّ» ، فكان شخص الأمر هو المتعلّق ، وهو نفسه متعلَّق المتعلَّق.

__________________

(١) الحاشية على كفاية الاصول ١ / ١٠٧.

٧٣

حلّ المشكل

ثم إنّ الاستاذ ذكر في حلّ الإشكال : أنه إنما يلزم الدور لو كان الوجود الواحد موقوفاً وموقوفاً عليه ، أمّا مع تعدّدهما ، بأنْ يكون الموقوف ـ في مرحلة التصوّر ـ شخصاً من الطبيعة ، والموقوف عليه شخصاً آخر منها فلا ... وفي مرحلة اللّحاظ والتصوّر ، فإنّ الآمر يتصوَّر أمره الذي هو فعل من أفعاله الاختياريّة ، فالأمر الصّادر مسبوق بالتصوّر ، ولمّا كان من الامور ذات التعلُّق ، فإنّه يتصوّر متعلَّقه معه ، والمفروض أن متعلَّق المتعلَّق نفس هذا الأمر ، فلا بدَّ من تصوّره أيضاً ، فالشيء الواحد ـ وهو الأمر ـ قد تُصوُّر مرّتين ، لكن في رتبتين ، رتبة المتعلَّق ورتبة متعلَّق المتعلَّق ، فكان الموقوف عليه شخص صورة الأمر ، والموقوف شخص آخر من صورة الأمر ... فحصل التغاير ، إذ قد حصل للأمر بالصّلاة وجودان تصوّريان ، وجود تصوّري مقوّم للمتعلّق ، ووجود تصوّري محقّق لنفس الفعل الذي هو الأمر في ظرف إصدار الأمر ، لأنّه يتصوّر الأمر الذي يريد إصداره ، فهو يتصوّر الصّلاة بكلّ حدودها وقيودها مع قصد الأمر بها ، ثم عند ما يريد إصدار الأمر وإيجاد هذا الفعل ـ أي الأمر ، فإنه من أفعال المولى كما تقدّم ـ يتصوّر الصّلاة بحدودها ـ ومنها الأمر ـ فيتصوّر الأمر مرّتين ، ولا محذور فيه ، ولا دور.

قال : وبما ذكرنا يندفع اشكال اجتماع اللّحاظين ـ الآلي والاستقلالي ـ في الشيء الواحد ، من جهة أن «الأمر» بالشيء ملحوظ باللّحاظ الآلي ، فالأمر في قوله «صلّ» إنّما يُلحظ باللّحاظ الآلي ، لأن المقصود هو البعث نحو الصّلاة ، لكنَّ المتعلَّق يلحظ دائماً باللّحاظ الاستقلالي ، والمفروض تقيّد الصّلاة بقصد الأمر ، فاجتمع اللّحاظان في الأمر ، من جهة كونه متعلِّقاً

٧٤

ومتعلَّقاً ، وهو محال.

وجه الاندفاع ، إن الملحوظ بالاستقلال هو الأمر الواقع بنحو متعلَّق المتعلَّق ، والملحوظ بالآليّة هو الأمر المتعلّق ، كما تقدَّم ، فلا إشكال.

المقام الثاني

قال في (الكفاية) : لاستحالة أخذ ما لا يتأتى إلاّ من قبل الأمر في متعلّقه (١).

وتوضيح وجه الاستحالة هو : إن الأمر يحتاج إلى المتعلَّق ، ونسبته إليه نسبة العرض إلى الموضوع ، فكما أن العرض محتاج إلى موضوع يقوم به ، كذلك الأمر ، فهو محتاج إلى ما يتعلَّق به ، وعليه ، فيكون الأمر متأخّراً رتبةً عن المتعلّق كما هو الحال في العرض بالنسبة إلى موضوعه ، فلو اريد في مرحلة الجعل والإنشاء أن يؤخذ الأمر في متعلَّقه ، لزم كونه في مرتبته ، فيصير المتأخر متقدّماً والمتقدّم متأخّراً ، وهما متقابلان ، واجتماع المتقابلين محال.

هذا من جهة.

ومن جهة اخرى : إن الأمر موقوف على متعلَّقه توقّف العرض على معروضه ، ولكنْ لو اخذ الأمر في المتعلَّق ـ كما هو المفروض ـ توقّف المتعلَّق على الأمر ، وهذا هو الدور.

جواب المشهور عن الدور

وقد أجاب المحقّقون عن ذلك بالمغايرة بين الموقوف والموقوف عليه ، بأنّ الموقوف هو الأمر بوجوده الخارجي ، والموقوف عليه هو الأمر بوجوده التصوّري ، وذلك ، لأنّ المحقّق للبعث هو الوجود الخارجي للأمر ،

__________________

(١) كفاية الأصول : ٧٢.

٧٥

أمّا الأمر الذي أخذ في المتعلَّق كالصّلاة مثلاً وجعلت مقيَّدة بقصده ، فهو الأمر الذي يتصوّره المولى لا الأمر الخارجي.

إشكال المحقق الأصفهاني على المشهور

وأورد عليه المحقق الأصفهاني (١) بأنّه ليس للأمر وجود غير وجود المتعلَّق ، حتى يقال بأنّ هذا غير ذاك ، بل إنَّ الأمر موجود بعين وجود متعلَّقه في مرحلة الجعل والإنشاء ، وذلك لأنَّ «الأمر» من الامور ذات الإضافة والتعلّق كالإرادة ، والحبّ ، والبغض ، والشوق ، والعلم ، والبعث ... ـ فلا يعقل الأمر بدون المأمور به ، كما لا يعقل الإرادة بلا مراد ... وهكذا ... ففي جميع هذه الحقائق لا بدَّ من وجود الطرف ، وكلٌّ منها موجود بوجوده ، فالمراد بالذات ـ الذي موطنه النفس ـ هو المقوِّم للإرادة ، وهكذا الحال في الاشتياق ونحوه ... وحيث أنّ الوجود النفساني للطَّرف ـ لا الوجود الخارجي له هو المقوّم للأمر ، فإنَّ الأمر ومتعلَّقه وجودهما واحد ، ويستحيل أن يكون لهما وجودان ، لأنّ حقيقة الأمر هو البعث ، ولا يعقل البعث بلا مبعوث إليه ، بل المبعوث إليه الذي هو في النفس ووجوده بالذات ـ وله وجودٌ بالعرض ، وهو المبعوث إليه الذي يتحقق في الخارج ، المسقط للأمر ـ موجود مع البعث بوجودٍ واحد ... فجواب القوم ـ من أنّ وجود الأمر موقوف على وجود المتعلّق ، والأمر الموجود في المتعلَّق غير الأمر الذي يتعلَّق بالمتعلَّق ـ غير صحيح ، لأنّه يبتني على ثبوت وجودين ، وهو باطل.

جواب الدور من الأصفهاني

فالجواب الصحيح عن إشكال الدور ، قد ظهر ممّا ذكره هذا المحقق عن

__________________

(١) نهاية الدراية ١ / ٣٢٤.

٧٦

جواب القوم ، وذلك لأنه ليس هنا وجودان أحدهما موقوف والآخر موقوف عليه ، بل وجود واحدٌ ، فلا دور.

رأي الاستاذ في الجواب

وقد ارتضى شيخنا هذا الجواب في الدّورة السابقة. أمّا في الدّورة اللاّحقة ، فذكر أن له تأمّلاً فيه ، لأنّ في الأخبار الواردة عن أهل العصمة إنّ الله تعالى عالم إذ لا معلوم ، وقادر إذ لا مقدور. (١) فتأمّل.

جواب المحقق الأصفهاني عن لزوم اجتماع المتقابلين

وأمّا الإشكال بلزوم اجتماع المتقابلين ـ التقدّم والتأخّر ـ المطروح من المحقق الأصفهاني ، فتوضيحه :

أوّلاً : إن المفاهيم الإضافية على قسمين ، فمنها : ما لا تقابل بينهما ، ومن الممكن اجتماعهما ، كالحبّ والمحبوب ، فإنهما متضايفان ، ويمكن وجودهما في مكانٍ واحدٍ ، بأن يكون الشيء الواحد محبّاً ومحبوباً معاً ، ومنها : ما يكون بينهما تقابل ولا يجتمعان في الوجود ، والتقدّم والتأخر من هذا القبيل.

وثانياً : إن للتقدّم والتأخّر أقساماً ، ومنها : التقدّم والتأخّر الطبعي ، والمراد منه أنْ يكون المتأخّر موقوفاً بالطبع على المتقدّم ولولاه لم يوجد ، والمتقدّم مستغنٍ في الوجود عن المتأخّر ، كالواحد والاثنين.

فالإشكال فيما نحن فيه هو : أنه إذا اخذ قصد الأمر في المتعلَّق لزم اجتماع المتقابلين بالطبع ... كما تقدَّم.

وقد أجاب عنه المحقق المذكور ـ وإليه ترجع سائر الأجوبة في المقام ـ

__________________

(١) الكافي ١ / ١٠٧ كتاب التوحيد ، باب صفات الذات.

٧٧

وحاصله : إن ما هو المتقدّم طبعاً غير ما هو المتأخّر طبعاً ، وتوضيحه :

إنّ الأمر لا يكون داعياً بوجوده الخارجي أبداً ، والداعويّة منه محال ، إذ الداعي لا بدّ وأن يكون مؤثّراً في إرادة العبد كي يتحرّك نحو الامتثال ، ولا يكون كذلك إلاّ إذا حصل الداعي في وعاء النفس ، والوجود الخارجي لا يأتي إلى عالم النفس حتى يؤثّر في الإرادة ، بل المؤثّر فيها هو الوجود العلمي للشيء ، فإذا علم الإنسان بوجود الماء ـ وهو عطشان ـ تحرّك نحوه ، وأمّا إذا كان بجنبه وهو لا يعلم به فلا يتحرّك إليه ، فالمؤثر في الإرادة ويكون له داعويّة هو الوجود العلمي لا الخارجي.

وعليه ، فالداعويّة هي شأن الوجود العلمي للأمر ، ولا تتحقّق الصّلاة بقصد الأمر إلاّ من ناحية الأمر الموجود بالوجود الذهني ، فالأمر الذي اخذ في المتعلَّق ووجب على المكلَّف قصده هو الأمر العلمي ... بخلاف الأمر الذي يصدر من المولى متعلِّقاً بالصّلاة مثلاً ، فإنه أمر بوجوده الخارجي الواقعي.

فالوجود الخارجي للأمر هو المتعلِّق بالصّلاة ، والذي جاء قيداً للصّلاة ووجب قصده هو الوجود العلمي للأمر ، فاندفع اشكال اجتماع المتقدّم والمتأخّر ، لأن المتقدّم غير المتأخّر ، وليس بينهما تقدّم وتأخّر طبعي.

نقد الجواب

وأشكل عليه شيخنا دام بقاه ـ تبعاً للمحقق العراقي (١) ـ : بأنه غير رافع للإشكال ، لأنه إن كان المأخوذ في متعلَّق الأمر ـ وهو الصّلاة ـ هو الصّورة العلميّة للأمر مطلقاً ، أي وإنْ لم تكن الصورة العلميّة مطابقة للواقع ، بأن يكون جهلاً مركَّباً ، فما ذكره تام ... لأن الأمر بوجوده الخارجي ـ وهو حكم المولى

__________________

(١) بدائع الأفكار ١ / ٢٢٩.

٧٨

وبعثه نحو الصّلاة ـ متأخّر طبعاً عن الصّلاة المقيّدة بقصد الأمر بوجوده العلمي غير المعتبر مطابقته للواقع. وأمّا إن كان المأخوذ هو الصّورة العلميّة المطابقة للواقع ، بأنْ يكون الصورة العلمية لنفس ذاك الأمر الصّادر من المولى هي المحرّك والباعث ، فالإشكال باق ، لأنّ الواقع غير محتاجٍ إلى صورةٍ علميّة مطابقة إليه ، لكنَّ الصورة العلميّة المطابقة له محتاجة له ، فما لم يتحقق أمر واقعي فلا تحصل صورة علميّة له في الذهن ، إذن ، فالصّورة العلميّة متأخرة بالطبع عن الواقع ، وهو الأمر الصادر ، فهي موقوفة عليه ، لكنَّها بما أنها مأخوذة في متعلَّق الأمر الصّادر ـ والمتعلَّق مقدَّم رتبةً على الأمر ـ فهي متقدّمة ، فلزم اجتماع المتقابلين في الشيء الواحد.

دفاع السيد الاستاذ عن جواب المحقق الأصفهاني

لكنّ السيّد الاستاذ ـ دام ظله ـ نصَ (١) على أن الإنصاف تماميّة جواب المحقق الأصفهاني عن محذور اجتماع المتقابلين وعدم صحّة الإشكال المذكور ، فقال ما حاصله : إن ما يؤخذ في متعلَّق الأحكام هو المفاهيم والطبائع لا المصاديق الخارجيّة ، والعلم الذي يكون فانياً في متعلَّقه هو مصداق العلم والفرد الخارجي منه ، وأمّا مفهوم العلم وطبيعته فليس كذلك ، فإن العلم الطريقي بحسب مفهومه ليس فانياً في المعلوم ومرآةً له بل يكون متعلَّقاً للنظر الاستقلالي ، وعليه ، فقصد الأمر إذا ثبت أنه معلول للأمر بوجوده العلمي فيكون مأخوذاً في المتعلَّق بهذه الخصوصية ، فالمتعلَّق يكون هو الفعل بقصد الأمر المعلوم ، ولا يخفى أن العلم المأخوذ في المتعلَّق ليس مصداق العلم كي يقال إنه فانٍ في متعلّقه ، بل المأخوذ مفهومه وهو لا يفنى في متعلَّقه

__________________

(١) منتقى الاصول ١ / ٤٤٠.

٧٩

كما عرفت ، فالقصد متفرّع في مرحلة موضوعيّته عن الأمر المعلوم لا الأمر الخارجي ، فلا خلف. فالإشكال عليه ناشئ عن الخلط بين مفهوم العلم ومصداقه. فما أفاده المحقق الأصفهاني في دفع المحذور لا نرى فيه إشكالاً ولا نعلم له جواباً.

أقول :

إلاّ أنّ الظاهر عدم ورود ما أفاده على التقريب المتقدّم عن شيخنا الاستاذ للإشكال على المحقّق الأصفهاني ، لأنّ محور الكلام فيه ضرورة وجود أمر واقعي لتحصل الصورة الذهنيّة عنه ، فيكون متقدّماً بالطبع وهي متأخرة عنه كذلك ، وحينئذٍ يلزم المحذور. فتأمّل.

لزوم الدور بتقريب الميرزا

وقد سلك المحقّق النائيني طريقاً آخر لبيان لزوم الدور من أخذ قصد الأمر في المتعلَّق ، سواء في مرحلة التصوّر والإنشاء والامتثال ... وحاصل كلامه (١) هو :

إن الأحكام الشرعيّة كلّها قضايا حقيقيّة ، ومعنى القضيّة الحقيقيّة كون موضوع الحكم مفروض الوجود ، فلا بدّ من فرض وجود «العقد» حتى يتوجّه الأمر بالوفاء به ، كما هو الحال في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) (٢) حيث الأمر بالوفاء حكم ، ومتعلَّقه «الوفاء» وموضوعه هو «العقد» فيكون متعلَّق الوجوب هو «الوفاء» و«العقد» متعلَّق المتعلَّق ... فالعقد وهو الموضوع ـ لا بدّ في مرحلة الإنشاء من فرض وجوده فرضاً مطابقاً

__________________

(١) أجود التقريرات ١ / ١٥٨ ـ ١٥٩.

(٢) سورة المائدة : ١.

٨٠