تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٨

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٨

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

وكذلك رواه ابن جريج عن أبي الزبير وجوّده.

فأمّا حديث حجين ويونس :

فأخبرناه أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا أبو علي بن المذهب ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدّثنا عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي (١) ، حدّثنا حجين ويونس ، قالا : ليث بن سعد ، عن أبي الزبير ، عن أبي معبد مولى ابن عبّاس ، عن عبد الله بن عبّاس ، عن الفضل بن عبّاس وكان رديف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنه قال في عشية عرفة وغداة جمع ، للناس حين دفعوا : «عليكم السكينة» وهو كافّ ناقته ، حتى إذ دخل محسّرا وهو من منى قال : «عليكم بحصى الخذف يرمى به الجمرة».

وقال : لم يزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يلبّي حتى رمى الجمرة ح [١٠٤٤١].

وأمّا حديث كامل :

فأخبرتناه أم المجتبى بنت ناصر قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر ابن المقرئ ، حدّثنا أبو يعلى ، حدّثنا كامل ، حدّثنا الليث ، حدّثنا أبو الزبير ، عن أبي معبد مولى ابن عبّاس ، عن ابن عبّاس ، عن الفضل بن عبّاس وكان رديف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال في عشية عرفة وغداة جمع : «أيها الناس ـ حين دفعوا ـ عليكم بالسكينة» ، وهو كافّ ناقته حتى إذا دخل محسرا (٢) وهو من منّى قال : «عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة» [١٠٤٤٢] ، قال : ولم يزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يلبّي حتى رمى الجمرة.

وأمّا حديث عيسى بن حمّاد :

فأخبرناه أبو العزّ بن كادش ، أنبأنا القاضي أبو الطّيّب طاهر بن عبد الله ، أنبأنا علي بن عمر بن محمّد الحربي ، حدّثنا محمّد بن محمّد الباغندي ، حدّثنا عيسى بن زغبة ، حدّثنا الليث بن سعد ، عن أبي الزبير ، عن أبي معبد ، عن ابن عبّاس ، عن الفضل بن العبّاس أنه كان رديف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عشية عرفة وغداة جمع ، فلما دفع الناس من محسّر قال : «ارموا الجمرة بمثل حصى الخذف كما يرمي به الناس» ، قال : ولم يزل يلبّي حتى رمى جمرة العقبة [١٠٤٤٣].

وأمّا حديث ابن جريج :

__________________

(١) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ١ / ٤٥١ رقم ١٧٩٦ طبعة دار الفكر.

(٢) بالأصل : محسر.

٣٢١

فأخبرناه أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا أبو علي التميمي ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدّثنا عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي (١) ، حدّثنا يحيى ، عن ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أخبرني أبو معبد قال : سمعت ابن عبّاس يخبر عن الفضل قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عشية عرفة غداة جمع للناس حين دفعنا : «عليكم السكينة» وهو كافّ ناقته حتى إذا دخل منّى حين هبط محسّرا قال : «عليكم بحصى الخذف الذي ترمى به الجمرة» ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يشير بيده كما يخذف الإنسان [١٦١٤].

وقال روح والبرساني : عشية عرفة وغداة جمع ، وحين دفعوا.

قال (٢) : وحدّثني أبي ، حدّثنا روح ، حدّثنا ابن جريج وابن بكر ، [قالا :] أنبأنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير أنه أخبره أبو معبد مولى ابن عبّاس عن عبد الله بن عبّاس ، عن الفضل بن عبّاس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا : «عليكم السكينة» وهو كافّ ناقته حتى إذا دخل منّى هبط محسّرا قال : «وعليكم بحصى الخذف الذي ترمى به الجمرة» والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يشير بيده كما يخذف (٣) الإنسان [١٦١٥].

وحديث ابن جريج ومن وافقه أشبه بالصواب لأنّ الظاهر أنّ أبا معبد لم يدرك الفضل ، فإنه قديم الوفاة ، توفي في خلافة عمر ، وقيل : في خلافة أبي بكر الصّدّيق.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا عيسى بن علي ، أنبأنا عبد الله بن محمّد ، حدّثنا علي بن عبد الله بن جعفر المديني ، حدّثنا معن بن عيسى ، حدّثنا الحارث بن عبد الملك بن عبد الله بن إياس الليثي عن القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيط (٤) ، عن أبيه ، عن عطاء (٥) ، عن ابن عبّاس ، عن أخيه الفضل بن عبّاس قال (٦) :

__________________

(١) رواه أحمد بن حنبل في المسند ١ / ٤٥٠ رقم ١٧٩٤ طبعة دار الفكر.

(٢) القائل : عبد الله بن أحمد بن حنبل ، والحديث في المسند ١ / ٤٥٥ ـ ٤٥٦ رقم ١٨٢١ طبعة دار الفكر.

(٣) بالأصل : يحذف ، بالحاء المهملة ، تصحيف.

(٤) بالأصل : قسيطة ، تصحيف ، والصواب ما أثبت راجع ترجمة يزيد بن عبد الله بن قسيط في تهذيب الكمال ٢٠ / ٣٣٨ طبعة دار الفكر.

(٥) هو عطاء بن يسار ، ذكره المزي من مشايخ يزيد ، راجع الحاشية السابقة.

(٦) الإصابة ٣ / ٢٠٨ مختصرا من هذا الطريق.

وبنحوه في دلائل النبوة للبيهقي ٧ / ١٧٩ ـ ١٨٠ ، وانظر البداية والنهاية ٥ / ٢٣١ والمعجم الكبير للطبراني ١٨ / ٢٨٠ رقم ٧١٨.

٣٢٢

جاءني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم موعوكا قد عصب رأسه فقال : «خذ بيدي» ، فأخذت بيده ، فأقبل حتى جلس على المنبر ثم قال : «ناد في الناس» فصحت في الناس ، فاجتمعوا إليه فقال : «أما بعد أيها الناس ، فإنّي أحمد الله إليكم الذي لا إله إلّا هو ، ألا فإنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم ، فمن كنت جلدت له ظهرا [فهذا ظهري فليستقد منه ، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه ، ومن كنت أخذت له مالا](١) فهذا مالي فليأخذ منه ، ولا يقول رجل إنّي أخشى الشحناء من قبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ألا وإنّ الشحناء ليست من طبيعتي (٢) ، ولا من شأني ، ألا وإنّ أحبكم إليّ من أخذ حقّا ، إن كان له ، أو حلّلني فلقيت الله تعالى وأنا طيّب النفس ، وقد أرى أن هذا غير مغن عنّي حتى أقوم فيكم مرارا».

قال الفضل : ثم نزل فصلى الظهر ، ثم رجع فجلس على المنبر فعاد لمقالته الأولى وغيرها ، فقام رجل فقال : يا رسول الله إنّ لي عندك ثلاثة دراهم ، فقال : «أما إنّا لا نكذّب قائلا ، ولا نستحلفه على يمين ، فيم كانت لك عندي؟» فقال : يا رسول الله تذكر يوم مرّ بك المسكين ، فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم ، فقال : «اعطه يا فضل» فأمر به فجلس.

ثم قال : «أيها الناس من كان عنده شيء فليؤدّه ولا يقول رجل : فضوح الدنيا ، فإنّ فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة» فقام رجل فقال : يا رسول الله عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله ، قال : «ولم غللتها؟» قال : كنت إليها محتاجا ، قال : «خذها منه يا فضل».

ثم قال : «أيها الناس من خشي من نفسه شيئا فليقم أدع له» ، فقام رجل ، فقال : والله (٣) يا رسول الله ، إنّي لكذاب وفاحش ، وإنّي لنئوم ، فقال : «اللهم ارزقه صدقا واذهب عنه النوم إذا أراد» ، ثم قام آخر ، فقال : والله يا رسول الله إنّي لكذاب وإنّي لمنافق وما من شيء من الأشياء إلّا قد جئته ، فقام عمر بن الخطّاب فقال : فضحت نفسك أيها الرجل ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا بن الخطاب فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة ، اللهم ارزقه صدقا وإيمانا وصيّر أمره إلى خير» فقال عمر كلمة ، فضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال : «عمر معي ، وأنا مع عمر ، والحق بعدي مع عمر حيث كان» [١٠٤٤٦].

أخبرنا أبو القاسم بن الحصين (٤) ، أنبأنا أبو طالب بن غيلان ، حدّثنا أبو بكر الشافعي ،

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن المختصر ، ومثله في دلائل النبوة للبيهقي.

(٢) في دلائل النبوة للبيهقي : ليست من شأني ولا من خلقي.

(٣) بالأصل : والله إني يا رسول الله ، إني ...

(٤) بالأصل : الحسين ، تصحيف.

٣٢٣

حدّثنا معاذ بن المثنّى ، حدّثنا علي بن المديني ، حدّثنا معن بن عيسى ، حدّثنا الحارث بن عبد الملك بن عبد الله بن إياس الليثي ثم الأشجعي ، عن القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن أبيه ، عن عطاء ، عن ابن عبّاس عن أخيه الفضل بن عبّاس قال :

جاءني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فخرجت إليه ، فوجدته موعوكا قد عصب رأسه فقال : «خذ بيدي» ، فأخذت بيده فانطلق حتى جلس على المنبر ثم قال : «ناد في الناس» فلما اجتمعوا إليه حمد الله وأثنى عليه ثم قال : «أما بعد أيها الناس فإنه قد دنا (١) مني حقوق من بين أظهركم ، فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقذ (٢) منه ، ولا يقولنّ أحد إنّي أخشى الشحناء من جهة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ألا وإنّ الشحناء ليست من طبيعتي ولا من شأني ، ألا وإنّ أحبّكم إليّ من أخذ شيئا كان له ، أو حلّلني ، فلقيت الله وأنا طيّب النفس ، وإنّي أرى أن هذا غير مغن عنكم حتى أقوم فيكم مرارا».

ثم نزل فصلّى الظهر ثم جلس على المنبر ، فعاد لمقالته الأولى من الشحناء وغيرها ، فقام رجل فقال : إذا والله لي عندك ثلاثة دراهم ، فقال : «أما إنّا لا نكذّب قائلا ، ولا نستحلفه على يمين ، فيما كانت عندي؟» فقال : يا رسول الله تذكر يوم مرّ بك المسكين فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم ، قال : «اعطه يا فضل» فأمر به فجلس.

ثم قال : «أيها الناس من كان عنده شيء فليؤدّه ولا يقولنّ رجل فضوح الدنيا ، فإنّ فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة» فقام رجل فقال : يا رسول الله عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله ، قال : «ولم غللتها؟» قال : كنت إليها محتاجا ، قال : «خذها منه يا فضل».

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أيها الناس ، من خشي من نفسه شيئا فليقم فلندع له» فقام رجل فقال : والله يا رسول الله إنّي لكذّاب وإنّي لنئوم ، فقال : «اللهم ارزقه صدقا ، وأذهب عنه النوم إذا أراد» ، ثم قام آخر فقال : والله يا رسول الله إنّي لكذّاب وإنّي لمنافق ، وما شيء ـ أو إن شيء يا رسول الله ـ شك أبو الحسن ـ من الأشياء إلّا وقد جئته ـ قال أبو الحسن : يعني أتيته ـ قال عمر : فضحت نفسك أيها الرجل ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا بن الخطاب فضوح الدنيا ـ يعني ـ أهون من فضوح الآخرة» ثم قال : «اللهمّ ارزقه صدقا وإيمانا وصيّر أمره إلى خير» قال : فتكلم عمر بكلام ، فضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال : «معي عمر ، وأنا مع عمر ، والحق مع عمر حيث كان» [١٠٤٤٧].

__________________

(١) بالأصل : «دني».

(٢) بالأصل : فليستنقذ.

٣٢٤

أخبرتنا أم المجتبى العلوية قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا أبو يعلى ، حدّثنا هارون بن معروف ، حدّثنا ابن وهب ، أخبرني الليث ، عن عبد ربّه بن سعيد (١) ، عن عمران بن أبي أنس (٢) ، عن عبد الله ، عن ربيعة بن الحارث ، عن الفضل.

عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «الصلاة مثنى مثنى ، وتشهّد مستقبلا في كلّ ركعتين ، وتضرّع ، وتخشّع وتمسكن ثم تقنع يديك ـ يقول : ترفعهما ـ إلى ربك مستقبلا بطونهما وجهك وتقول : يا ربّ يا ربّ يا ربّ ، من لم يفعل ذلك فهي خداج» (٣) [١٠٤٤٨].

رواه عبد الله بن المبارك عن الليث بهذا الإسناد ، وتابعه ابن لهيعة عن عبد ربّه.

أخبرناه أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا أبو طالب بن غيلان ، حدّثنا أبو بكر الشافعي ـ إملاء ـ حدّثنا محمّد بن إدريس التّجيبي ـ بمصر ـ حدّثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدّثنا عبد الله ابن يوسف ، حدّثنا ابن لهيعة ، حدّثنا عبد ربّه بن سعيد عن عمران بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع بن العمياء ، عن ربيعة بن الحارث ، عن الفضل بن عبّاس.

أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «صلاة الليل مثنى مثنى ، تشهّد في كلّ ركعتين ، ثم تضرّع وتخشّع وتمسكن وتقنع بيديك ـ ترفعهما إلى ربك ـ فتقول : يا ربّ يا ربّ ، فمن لم يفعل ذلك فهي خداج».

ورواه شعبة عن عبد ربّه بن سعيد ، فخالف الليث وعبد ربّه وأخطأ فيه في ثلاثة (٤) مواضع (٥).

أخبرنا بحديثه أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام ، قالا : أنبأنا أبو محمّد الصّريفيني ، أنبأنا أبو القاسم بن حبابة ، حدّثنا أبو القاسم البغوي ، حدّثنا خلّاد وهو ابن أسلم ، حدّثنا النّضر بن شميل ، حدّثنا شعبة ، أنبأنا عبد ربه بن سعيد ، حدّثنا أنس بن أبي أنس ، عن عبد الله بن نافع بن العمياء ، عن عبد الله بن الحارث ، عن المطّلب عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) ترجمته في تهذيب الكمال ١١ / ٧٥.

(٢) ترجمته في تهذيب الكمال ١٤ / ٣٧٥.

(٣) الخداج : النقصان (النهاية لابن الأثير : خدج) وصفت الصلاة بالمصدر مبالغة في نقصها.

(٤) بالأصل : ثلاث.

(٥) كذا ، وسيذكر المصنف رواية شعبة للحديث من ثلاث طرق ، دون أية إشارة إلى موقع الخطأ في أي منها.

ثم يذكر ما ذكره الترمذي عن الأخطاء التي وقع فيها شعبة في روايته.

٣٢٥

قال : وحدّثنا علي بن مسلّم ، حدّثنا أبو داود عن شعبة ، أنبأنا عبد ربه بن سعيد قال : سمعت أنس بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع بن العمياء سمع عبد الله بن الحارث يحدث عن المطّلب.

أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الصلاة مثنى مثنى ، تشهّد في ركعتين وساس (١) وتمسكن وتقنع (٢) يدك وتقول : اللهم ، فمن لم يفعل فهي خداج» [١٠٤٤٩].

قال شعبة : فأقول له ـ أعني : لعبد ربه ـ صلاته خداج؟ فيقول : صلاته خداج.

ولفظ الحديث لأبي داود.

قال : وحدّثنا علي بن داود ، حدّثنا آدم ، حدّثنا شعبة ، حدّثنا عبد ربه ـ أخو يحيى بن سعيد ـ عن رجل من أهل مصر يقال له : أنس بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع بإسناده نحوه.

أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن عبد الله ، أنبأنا أبو عامر محمود بن القاسم بن محمّد ، وأبو نصر عبد العزيز بن محمّد ، وأبو بكر أحمد بن عبد الصمد التاجر ، قالوا : أنبأنا عبد الجبّار بن محمّد بن عبد الله ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محبوب ، أنبأنا أبو عيسى الترمذي (٣) قال :

سمعت محمّد بن إسماعيل يقول : روى شعبة هذا الحديث عن عبد ربه بن سعيد فأخطأ في مواضع ، فقال :

عن أنس بن أبي أنس ، وهو عمران بن أبي أنس.

وقال : عن عبد الله بن الحارث ، وإنّما هو عبد الله بن نافع بن العمياء ، عن ربيعة بن الحارث.

وقال : عن عبد الله بن الحارث عن المطّلب ، وإنّما هو ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب عن الفضل بن عبّاس.

__________________

(١) كذا رسمها بالأصل.

(٢) وتضع يدك ، جاء من طريق شعبة أنه قال في آخر الحديث كما في مسند أحمد ٤ / ١٦٧ أنه قال : فقلت له : ما الإقناع؟ فبسط يديه كأنه يدعو.

(٣) جاء كلام أبي عيسى الترمذي معقبا على الحديث رقم ٣٨٥ باب ما جاء في التخشع في الصلاة من كتاب أبواب الصلاة ، سنن الترمذي ٢ / ٢٢٦.

٣٢٦

قال (١) : وحديث الليث بن سعد [هو حديث صحيح ، يعني](٢) أصحّ من حديث شعبة.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي وأبو العزّ الكيلي ، قالا : أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ـ زاد الأنماطي : وأبو الفضل بن خيرون ـ قالا : أنبأنا محمّد بن الحسن ، أنبأنا محمّد بن أحمد ابن إسحاق ، حدّثنا عمر بن أحمد بن إسحاق ، حدّثنا خليفة بن خيّاط قال (٣) :

والفضل وعبد الله ابنا العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم ، أمهما أم الفضل ، واسمها لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال (٤) بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معدّ (٥) بن عدنان ، استشهد الفضل بالشام في خلافة أبي بكر الصّدّيق يوم أجنادين ، ويقال : يوم مرج الصّفّر سنة ثلاث عشرة ، ويقال : يوم اليرموك في خلافة عمر بن الخطّاب [في] سنة خمس عشرة ، يكنى أبا عبد الله ، ويقال : يكنى أبا محمّد.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا أبو عبد الله الطوسي ، حدّثنا الزبير بن بكار ، قال (٦) :

وولد العبّاس بن عبد المطّلب : الفضل ، به كان يكنى ، وكان رديف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى رمى جمرة العقبة ، وحفظ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وشهد غسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان يكنى أبا محمّد ، ومات الفضل بن عبّاس بطاعون عمواس.

قال الزبير : قال أبو الحسن الأثرم ويحيى بن معين : عمواس (٧) : في حديث ابن عون

__________________

(١) يعني محمد بن إسماعيل البخاري ، كما يفهم من عبارة الترمذي.

(٢) الزيادة بين معكوفتين عن سنن الترمذي ، والجملة فيها مستدركة أيضا بين معكوفتين.

(٣) طبقات خليفة بن خيّاط ص ٢٩ و ٣٠ رقم ٣ و ٤.

(٤) «بن هلال» ليس في طبقات خليفة بن خيّاط.

(٥) «بن معد» ليس في طبقات خليفة بن خيّاط.

(٦) رواه المصعب الزبيري في نسب قريش ص ٢٥.

(٧) عمواس : رواه الزمخشري بكسر أوله وسكون الثاني ، ورواه غيره بفتح أوله وثانيه وآخره سين.

وهي كورة من فلسطين بالقرب من بيت المقدس.

وقال المهلبي : ضيعة على ستة أميال من الرملة على طريق بيت المقدس.

ومنها كان الطاعون في أيام عمر بن الخطاب (رضي‌الله‌عنه) ثم فشا في أرض الشام فمات فيه خلق كثير (معجم البلدان).

٣٢٧

وهشام عن ابن سيرين قرية من قرى الشام ، وقال لي يحيى بن معين : قال لي الأصمعي : إنّما هي عرب سوس قال : قال لي الأصمعي : أخبرني ذلك عبد الملك بن صالح الهاشمي (١).

قال الزبير : ومات الفضل بن العبّاس زمن عمر سنة ثمان عشرة ، ولم يترك ولدا إلّا أم كلثوم ، تزوّجها الحسن بن علي بن أبي طالب ، كان أبا (٢) عذرها ثم فارقها ، فتزوجها بعده أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري ، فولدت له موسى ، ثم خلف عليها عمران بن طلحة بن عبيد الله ، حين مات عنها أبو موسى.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنبأنا أبو عمرو بن مندة ، أنبأنا الحسن بن محمّد بن أحمد ، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمر ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا (٣) ، حدّثنا محمّد بن سعد قال : في الطبقة السابعة ممن حفظ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الصغار : الفضل بن عبّاس بن عبد المطّلب ، يكنى أبا محمّد ، مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأنا أحمد بن معروف ، حدّثنا الحسين بن فهم ، حدّثنا محمّد بن سعد (٤) قال في الطبقة الثالثة :

الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، ويكنى أبا محمّد ، وأمّه أم الفضل ، وهي لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم (٥) بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر ، وكان الفضل أسنّ ولد العبّاس بن عبد المطّلب ، وغزا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة وحنينا ، وثبت يومئذ مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين ولّى الناس منهزمين فيمن ثبت معه من أهل بيته وأصحابه ، وشهد معه حجّة الوداع ، وأردفه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [وراءه] فيقال : ردف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قالوا : وكان الفضل بن عبّاس فيمن غسّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وتولّى دفنه ، ثم خرج إلى الشام بعد ذلك مجاهدا (٦) ، فمات بناحية الأردن في طاعون عمواس سنة ثمان (٧) عشرة من الهجرة ، وذلك في خلافة عمر بن الخطّاب.

__________________

(١) المرجع السابق.

(٢) بالأصل : أبو.

(٣) نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٢٦.

(٤) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليس في الطبقات الكبرى لابن سعد.

(٥) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ٥٤ ـ ٥٥.

(٦) الأصل : الهرم ، تصحيف ، والتصويب عن ابن سعد.

(٧) بالأصل : مجاهد ، خطأ ، والتصويب عن ابن سعد.

٣٢٨

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا عيسى ، أنبأنا البغوي قال : قال محمّد بن سعد :

الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، يكنى أبا محمّد ، وأمه لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم (١) بن رويبة (٢) بن عبد الله بن هلال ابن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر ، وكان الفضل أسنّ ولد العبّاس ، وغزا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة وحنينا ، وثبت يومئذ مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين ولّى الناس منهزمين مع من ثبت من أهل بيته وأصحابه معه ، وشهد معه حجّة الوداع ، وأردفه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وراءه ، فيقال له ردف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وولد الفضل أم كلثوم ، أمها صفية بنت محمية بن جزء الزّبيدي من سعد العشيرة من مذحج ، ولم يلد غير أم كلثوم ، وكان الفضل فيمن غسّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولي دفنه ، ثم خرج بعد ذلك إلى الشام مجاهدا فمات بناحية الأردن (٣) في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة من الهجرة ، وذلك في خلافة عمر (٤).

أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن علي بن الآبنوسي في كتابه ، ثم أخبرنا أبو الفضل محمّد ابن ناصر الحافظ عنه ، أنبأنا أبو محمّد الحسن بن علي ، أنبأنا أبو الحسين بن المظفر ، أنبأنا أبو علي أحمد بن علي بن الحسن ، أنبأنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن البرقي ، قال :

الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب ، وأمّه أم الفضل ، واسمها لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة ، وأمّ أمّ الفضل بنت عمرو بن كعب ، وأمهما هند بنت عوف بن عمرو من حمير ، توفي الفضل في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة ويقال غير ذلك ، يقال : استشهد الفضل بأجنادين (٥) في خلافة أبي بكر الصّدّيق ، ويقال : يوم مرج الصّفّر (٦) سنة ثلاث عشرة ، ويقال : يوم اليرموك سنة خمس عشرة في خلافة عمر.

__________________

(١) كذا بالأصل : ثمان عشرة ، وفي ابن سعد : ثماني ، بإثبات الياء.

(٢) رسمها بالأصل : «رد ـ ـ ه» والمثبت عن الرواية السابقة.

(٣) كذا بالأصل هنا ، وانظر ما مرّ حول عمواس.

(٤) انظر الإصابة عن البغوي مختصرا ٣ / ٢٠٨.

(٥) موضع معروف بالشام من نواحي فلسطين (راجع معجم البلدان).

(٦) مرج الصفر : الصفر بالضم ثم الفتح والتشديد ، والراء ، موضع بين دمشق والجولان ، صحراء (راجع معجم البلدان).

٣٢٩

جاء عنه من الرواية نحو من ثمانية أحاديث ، ترك بنات ، لا يعلم له ذكرا فيما ذكر بعض أهل العلم ، وكانت أم الفضل أوّل امرأة أسلمت بمكة بعد خديجة فيما ذكره أحمد بن محمّد العدوي (١).

أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي (٢) ، ثم حدّثنا أبو الفضل السلامي ، أنبأنا أحمد بن الحسن ، والمبارك بن عبد الجبّار ، ومحمّد بن علي ـ واللفظ له ـ قالوا : أنبأنا أبو أحمد ـ زاد أحمد : وأبو الحسين قالا : ـ أنبأنا أحمد بن عبدان ، أنبأنا محمّد بن سهل ، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (٣) :

الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب الهاشمي صحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، مات في عهد أبي بكر.

أخبرنا أبو الحسين هبة الله بن الحسن ـ إذنا ـ وأبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ـ شفاها ـ قالا : أنبأنا أبو القاسم بن مندة ، أنبأنا أبو علي ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنبأنا أبو طاهر بن سلمة ، وأنبأنا علي بن محمّد.

قالا : أنبأنا ابن أبي حاتم قال (٤) :

الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف أبو محمّد ، له صحبة ، مات بالشام في طاعون عمواس ، روى عنه أخوه عبد الله بن عبّاس ، سمعت أبي يقول ذلك.

قال أبو محمّد : وروى عنه أبو هريرة.

أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي ، أنبأنا أبو بكر الصفّار ، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال :

أبو عبد الله ـ ويقال : أبو محمّد ـ الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم القرشي الهاشمي ابن عمّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، له صحبة منه ، وأمّه أمّ الفضل ، واسمها لبابة الصغرى بنت (٥) الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان ، استشهد بالشام يوم

__________________

(١) راجع ترجمتها في الإصابة ٤ / ٤٨٣.

(٢) بالأصل : محمد بن غانم ، تصحيف ، والسند معروف ، قارن مع مشيخة ابن عساكر ٢٠٢ / ب.

(٣) رواه البخاري في التاريخ الكبير ٧ / ١١٤.

(٤) رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٧ / ٦٣.

(٥) بالأصل : بن.

٣٣٠

أجنادين في خلافة أبي بكر الصّدّيق ، ويقال : يوم مرج الصّفّر سنة ثلاث عشرة ، ويقال : يوم اليرموك في خلافة عمر سنة خمس عشرة ، ويقال : مات بالطاعون ، طاعون عمواس ، سنة ثمان عشرة (١).

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنبأنا شجاع بن علي ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة قال :

الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب الهاشمي ، يكنى أبا محمّد ، أمّه أم الفضل ونسبها ، وأمها أم الفضل بنت عمرو بن كعب ، توفي وهو ابن إحدى وعشرين سنة قبل أبيه بأربع سنين في طاعون عمواس ، ويقولون : قتل بأجنادين سنة ثماني (٢) عشرة ، ويقال : قتل باليرموك سنة خمس عشرة ، وقيل : يوم مرج الصّفّر سنة ثلاث عشرة ، روى عنه عبد الله بن عبّاس ، وأبو هريرة.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو الفضل المقدسي ، أنبأنا أبو سعيد مسعود بن ناصر ، أنبأنا عبد الملك بن الحسن ، أنبأنا أبو نصر البخاري قال (٣) :

الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف أبو محمّد الهاشمي المكي ، سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، روى عنه أخوه عبد الله بن العبّاس ، وقثم في جزء الصيد ، مات في عهد أبي بكر أو عمر ، ولم يولد له إلّا أم كلثوم ، وقال الواقدي : مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة ، قال أبو نصر : وهي خلافة عمر رضي‌الله‌عنه.

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، قال : قال لنا أبو نعيم الحافظ :

الفضل بن العبّاس بن عبد المطلب أول ولد العبّاس وبكره ، وبه كان يكنى العبّاس أبا الفضل ، أمه لبابة بنت الحارث ، وكانت تكنى بأم الفضل ، وهي بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر ، وأمّ أمّ الفضل بنت عمرو ابن كعب ، شهد الفضل مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الفتح ، وحنينا ، وثبت معه حين انهزم الناس يوم

__________________

(١) وقد ورد في الاستيعاب وأسد الغابة والإصابة مختلف الأقوال في وقت وفاته ، وذهب ابن حجر إلى أن المعتمد في وفاته أنه مات في خلافة أبي بكر الصديق (رضي‌الله‌عنه) قال : وبمقتضاه جزم البخاري.

(٢) كذا.

(٣) راجع كتاب الجمع بين رجال الصحيحين ٢ / ٤١١.

٣٣١

حنين ، وشهد معه حجّة الوداع وكان رديفه يوم النحر ، وراءه ، فسمي الرّدف ، ولي غسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودفنه ، ثم خرج إلى الشام ، فقتل بها مجاهدا في ناحية الأردن سنة عمواس ، سنة ثمان عشرة من الهجرة في خلافة عمر بن الخطّاب ، وقيل : استشهد بأجنادين ، وقيل : يوم مرج الصّفّر ، وكان اليومان جميعا سنة ثلاث عشرة ، وقيل : بل استشهد باليرموك سنة خمس عشرة ، وتوفي قبل أبيه العبّاس بأربع سنين ، وقيل : توفي قبل أبيه بست عشرة سنة.

وقال الهيثم بن عدي : توفي الفضل بن العبّاس سنة ثمان وعشرين قبل أبيه بأربع سنين ، حدّث عنه أخوه عبد الله بن العبّاس ، وأبو هريرة.

أخبرنا أبو سهل بن سعدوية ، أنبأنا إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا أبو يعلى ، حدّثنا أبو موسى ، حدّثنا أبو أحمد ، حدّثنا سفيان ، عن عبد الله بن الحارث ابن عياش بن أبي ربيعة ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي قال : أردف ـ يعني ـ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الفضل ـ يعني ـ يوم النحر ثم أتى الجمرة فرماها ، ثم أتى المنحر فقال : «هذا المنحر ومنى كلها منحر» ، واستفتته جارية شابة من خثعم فقالت : إنّ أبي شيخ كبير قد أقعد ، وقد أدركته فريضة الله عزوجل في الحجّ ، فيجزئ أن أحجّ عنه؟ فقال : «حجّي عن أبيك» ولوى عنق الفضل ، فقال له العبّاس : لم لويت عنق ابن عمك؟ قال : «رأيت شابّا وشابّة ، فلم آمن الشيطان عليهما» (١) [١٠٤٥٠].

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنبأنا إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي ـ قراءة عليه وأنا حاضر ـ قيل له : أخبركم عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي ، حدّثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجّي الأنصاري (٢) ، حدّثنا إسماعيل بن مسلم عن الحكم ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس قال :

كان الفضل أكبر مني ، فكان يردفني وأكون بين يديه.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الغنائم حمزة بن علي بن محمّد بن عثمان

__________________

(١) راجع الإصابة باختصار ٣ / ٢٠٨.

(٢) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٤٢٣.

والكجي بفتح الكاف وتشديد الجيم ، نسبة إلى الكج وهو الجص كما في الأنساب ، وقال الحافظ الأصبهاني : ولا أرى لما ذكره أصلا ، ولو كان كذلك لما قيل له إلّا الكجي ، وأظنه منسوبا إلى ناحية بخوزستان يقال لها : «زيركج».

٣٣٢

البندار ، وأبو منصور بن عبد العزيز قالا : أنبأنا أبو الفرج أحمد بن عمر بن عثمان الغضاري ، أنبأنا أبو محمّد جعفر بن محمّد بن نصير الخوّاص ، حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن مسروق ، حدّثني أحمد بن يحيى بن داود الكاتب ، حدّثنا العمري حفص بن عمر ، عن الهيثم ، عن ابن عيّاش الهمداني عن أبي علاقة ، عن أبيه أو غيره قال :

حضرت الفضل بن العبّاس في سفره إلى الشام ، فكان يطعم طعامه ويأمر فيتصدّق بفضلته ، وإذا سار تعجل على فرسه حتى يسبق ثقله ورفقاءه ، ثم لا يزال يصلّي حتى يلحقوا به ، وهو مطوّل لفرسه ، وفرسه ترعى وعنانه في يده وكان يجدّد الوضوء لكلّ صلاة مكتوبة ، وينام من أوّل الليل ، ثم يقوم فيصلّي إلى وقت الرحيل ، وإذا مرّ بركب من المسلمين سلّم عليهم ، فأتاه مولى له وقد نال الناس الطاعون فقال : بأبي أنت وأمي لو انتقلت إلى مكان كذا وكذا ، فقال : والله ما أخاف أن أسبق أجلي ، ولا أحاذر أن يغلط بي ، وإنّ ملك الموت لبصير بأهل كلّ بلد.

قال : وحدّثنا أحمد بن داود ، حدّثنا أبو حفص الشامي ، عن أبي الزبير الدمشقي ، حدّثني أبي قال :

نفق فرس لرجل مع الفضل بن العبّاس في رفقته ، فأعطاه فرسا كان يجنب له ، فعاتبه بعض المتنصحين إليه فقال : أبتبخيلي تتنصح إلي؟ انه كفى لؤما أن نمنع الفضل ونترك المواساة (١) ، والله ما رأيت الله حمد في كتابه إلّا المؤثرين على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.

أخبرنا أم البهاء فاطمة بنت محمّد ، أنبأنا أبو طاهر بن محمود ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، حدّثنا محمّد بن جعفر ، حدّثنا عبيد الله بن سعد ، حدّثنا عمّي ، عن أبيه ، عن ابن إسحاق قال :

قتل الفضل بن العبّاس في خلافة أبي بكر مع خالد بن الوليد.

فبلغني عن غير ابن إسحاق : أنّ الفضل قتل وهو ابن ثنتين وعشرين.

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد ، أنبأنا أبو منصور النهاوندي ، أنبأنا أبو العباس النهاوندي ، أنبأنا أبو القاسم بن الأشقر ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل قال :

__________________

(١) في المختصر : أن يمنع الفضل ، ويترك المواساة.

٣٣٣

وقال علي : مات الفضل بن العبّاس في خلافة أبي بكر أو عمر.

وحكى البخاري قبل هذا شيئا عن أبي علي الليثي المدني ، فالله أعلم (١).

وقال في موضع آخر : وقال غيره : مات فضل بن عبّاس بن عبد المطّلب بطاعون زمن عمر ، ولم يولد للفضل بن عبّاس إلّا أم كلثوم.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي ، أنبأنا أحمد بن إسحاق ، حدّثنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى ، حدّثنا خليفة قال (٢) :

وقال أبو الحسن ـ يعني : المدائني : واستشهد يومئذ ـ يعني : يوم أجنادين ـ الفضل بن العباس بن عبد المطلب.

وقال ابن الكلبي : واستشهد أيضا الفضل بن عبّاس يومئذ.

قال : وحدّثنا خليفة (٣) ، حدّثني الوليد بن هشام ، عن أبيه ، عن جده قال :

استشهد يوم مرج الصّفّر الفضل بن العبّاس.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، أنبأنا مكي بن محمّد ، أنبأنا أبو سليمان بن زبر قال : قال أبو موسى محمّد بن المثنّى وعلي بن محمّد المدائني :

مات الفضل بن عبّاس وهشام بن العاص سنة ثلاث عشرة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا عيسى بن علي ، أنبأنا عبد الله بن محمّد ، حدّثني عمّي عن الزبير قال :

الفضل بن عبّاس كان يكنى أبا العبّاس ، مات بطاعون عمواس سنة ثمان عشرة ، ولم يترك ولدا ذكرا.

أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنبأنا أبو القاسم بن البسري ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ـ إجازة ـ حدّثنا عبيد الله بن عبد الرّحمن بن محمّد ، أخبرني أبو الحسن عبد الرّحمن بن محمّد بن المغيرة ، أخبرني أبي ، حدّثني أبو عبيد بن سلّام قال :

سنة ثمان عشرة الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب ـ يعني ـ مات فيها ، وذكر غيره ثم

__________________

(١) ورد في التاريخ الكبير أنه مات في عهد أبي بكر ، بدون شك. ومثله نقل ابن حجر في الإصابة جزم البخاري أن وفاته كانت في خلافة أبي بكر.

(٢) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ١٢٠ (ت. العمري) حوادث سنة ١٣.

(٣) رواه أيضا خليفة بن خيّاط في تاريخه ص ١٢٠.

٣٣٤

قال : وكلهم أو بعضهم مات في طاعون عمواس.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، حدّثنا أبو بكر الخطيب.

ح وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو بكر بن الطّبري.

[قالا :](١) أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان قال : وفي سنة ثماني عشرة مات الفضل بن عبّاس.

أنبأنا [أبو علي الحداد ، أنا] أبو بكر بن ريذة ، أنبأنا سليمان بن أحمد (٢) ، حدّثنا محمّد ابن علي المديني ـ فستقة ـ حدّثنا داود بن رشيد ، عن الهيثم بن عدي قال : هلك الفضل بن عبّاس قبل أبيه بأربع سنين ، سنة ثمان وعشرين ، وقد اختلفوا في موت الفضل بن عبّاس ، فقال بعض الناس : استشهد بالشام يوم أجنادين ، ويقال : يوم مرج الصّفّر ، وكان اليومان معا سنة ثلاث (٣) عشرة ، ويقال : استشهد يوم اليرموك سنة خمس عشرة ، ويقال : مات في طاعون عمواس سنة ثمان (٤) عشرة ، وهو ابن إحدى وعشرين.

أخبرنا أبو محمّد السلمي ، حدّثنا أبو بكر الحافظ.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن أبي الأشعث ، أنبأنا أبو بكر بن هبة الله.

قالا : أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا عبد الله ، حدّثنا يعقوب قال : مات الفضل بن عبّاس بالمدينة زمن عثمان ،

 هذا وهم.

٥٦١٨ ـ الفضل بن العبّاس بن عتبة بن أبي لهب ،

 ـ واسمه عبد العزّى ـ بن عبد المطلب ـ اسمه شيبة ـ بن هاشم

 ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب

 ابن لؤي بن غالب بن فهر الهاشمي اللهبي المكي (٥)

شاعر مشهور.

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك على هامشه وعليه : «أبو علي الحدا» و «أبو علي الحداد ، أنا» عن ت.

(٣) رواه الطبراني في المعجم الكبير ١٨ / ٢٦٨ رقم ٦٧١.

(٤) ما بين الرقمين كذا بالأصل وت ، والعبارة كلها سقطت من المعجم الكبير فأخلّ سقوطها السياق فيه.

(٥) ترجمته في الأغاني ١٦ / ١٧٥ ونسب قريش ص ٩٠ والمؤتلف والمختلف للآمدي ص ٣٥ ورغبة الآمل ٢ / ٢٣٧ و ٨ / ١٨٣ والأعلام للزركلي ٥ / ١٥٠ ومعجم الشعراء للمرزباني ص ٣٠٩.

٣٣٥

وفد على معاوية بن أبي سفيان ، وعلى عبد الملك بن مروان.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو القاسم تمام ابن محمّد ، أنبأنا الضحاك بن يزيد بن عبد الرّحمن السكسكي ، أنبأنا وزيرة بن محمّد ، حدّثنا يوسف بن عبد العزيز المدني ، حدّثنا الحسن بن زيد ، حدّثني أبي وعموتي.

أن معاوية قال يوما وعنده عبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن عبّاس ، والفضل بن عبّاس بن أبي لهب : إنّ بابي لكم لمفتوح ، وإنّ خيري لكم لممنوح ، فلا تقطعوا خيري عنكم ، ولا بابي دونكم ، فقد نظرت في أمري وأمركم ، فرأيت أمرا مختلفا ، إنكم ترون أنكم أحقّ بهذا الأمر منّي ، وأنا أحقّ به منكم ، فإذا أعطيتكم بعض حقوقكم قلتم أعطانا أقلّ من حقّنا ، وقصّر بنا دون منزلتنا ، فصرت كأني مسلوب ، والمسلوب لا حقّ له ، فبئس المنزلة نزلت بها منكم ، ونعم المنزلة نزلتم بها مني ، قال له عبد الله بن عبّاس : ما هاهنا مسلوب غيرنا ، إذ كان الحقّ حقّنا دون الناس ، وو الله ما منحتنا شيئا حتى سألناك ، ولا فتحت لنا بابا حتى قرعناه ، ولئن قطعت خيرك عنا إنّ الله لأرحم بنا منك ، ولئن غلقت بابك عنا لنكرمنّ أنفسنا (١) عنك ، والله ما سألنا قطّ عن خلّة ولا أحفينا في مسألة ، وإنّ من ضيعة (٢) الدين [وعظيم](٣) الفتنة في المسلمين ، قرعنا بابك وطلبنا ما في يدك ، فأمّا هذا الفيء فليس لك منه إلّا ما لرجل من المسلمين ، ولنا في كتاب الله حقان : حقّ الفيء ، وحقّ الخمس ، فالفيء ما اجتنى والخمس ما غلب عليه ، فعلى أيّ الوجوه جرى منك أخذناه وحمدنا الله عليه ، ثم لم يخرجك الله من خير جرى على يديك ، ولو لا حقّنا في هذا المال لم نأتك ، فقال معاوية : كفاك. ثم خرج القوم ، فأنشأ الفضل بن العبّاس بن أبي لهب يقول :

ألا أبلغ معاوية بن صخر

فإنّ المرء يعلم ما يقول

لنا حقّان : حقّ الخمس جار

وحقّ الفيء جاء به الرسول

فكلّ عطيّة وصلت إلينا

وإن سحبت لطالبها الذّيول

أتيح له ابن عبّاس مجيبا

فلم يدر ابن هند ما يقول

فأدركه الحياء فصدّ عنه

وخطبهما إذا ذكرا جليل

__________________

(١) بالأصل : «لتكر من أنفسنا» والمثبت عن ت.

(٢) كذا بالأصل ، وفي ت والمختصر : «ضعة الدين» وهو أظهر.

(٣) الزيادة للإيضاح عن ت.

٣٣٦

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا أبو عبد الله الطوسي ، حدّثنا الزبير بن بكّار قال (١) :

ومن ولد عتبة بن أبي لهب : الفضل بن العبّاس الشاعر ، وأمّه آمنة بنت العباس بن عبد المطلب وهي لأمّ ولد سوداء ، ولذلك يقول الفضل (٢) :

كل حيّ صيغة من تبرهم (٣)

وبنو عبد مناف من ذهب

إنّما عبد مناف جوهر

زيّن الجوهر عبد المطّلب

فأنا الأخضر من يعرفني

أخضر الجلدة في بيت العرب

من يساجلني يساجل ماجدا

يملأ الدّلو إلى عقد الكرب

قصدوا قومي وساروا سيرة

كلفوا من سارها جهد التعب

أخبرنا أبو العزّ بن كادش السّلمي ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا المعافى القاضي (٤) ، حدّثنا محمّد بن يزيد (٥) الخزاعي ، حدّثنا الزبير بن بكّار ، حدّثني أبو الحسن الأثرم عن هشام بن محمّد الكلبي عن أبيه قال :

لم يكن أحد من بني هاشم أكثر غشيانا لمعاوية من عبد الله بن العبّاس ، فوفد إليه مرة وعنده وفود العرب ، فأقعده على يمينه ، ثم أقبل عليه فقال : نشدتك بالله يا بن عبّاس أن لو وليتمونا أتيتم إلينا ما أتينا إليكم من الترحيب والتقريب وعطاياكم (٦) الجزيل وإكرامكم عن القليل ، وصبرتم على ما صبرنا عليه منكم ، إنّي لا آتي إليكم معروفا إلّا صغرتموه : أعطيكم العطية (٧) فيها قضاء حقوقكم فتأخذونها متكارهين عليها ، تقولون : قد نقص حقنا ، وليس هذا تأميلنا (٨) فأيّ أمل بعد ألف ألف أعطيها الرجل منكم ثم أكون أسرّ بإعطائها منه بأخذها؟ والله

__________________

(١) راجع الخبر وبعض الأبيات في نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٩٠.

(٢) الأبيات في الأغاني ١٦ / ١٧٢ وبعضها في نسب قريش ص ٩٠.

(٣) صدره في الأغاني :

كل قوم صيغة من فضة

(٤) رواه المعافى بن زكريا الجريري في الجليس الصالح ٣ / ١٩٨ ـ ١٩٩.

(٥) كذا بالأصل ، واللفظة غير واضحة في ت ، وفي الجليس الصالح : محمد بن مزيد الخزاعي.

(٦) كذا بالأصل وت ، وفي الجليس الصالح : وعطائكم.

(٧) بالأصل : العظيمة ، تصحيف ، والتصويب عن ت والجليس الصالح.

(٨) في ت : «تأملينا» وكتب على هامشها : تأميلنا.

٣٣٧

لقد انخدعت لكم في مالي ، وذلّلت لكم في عرضي ، أرى انخداعي تكرّما ، وذلّي حلما ، ولو وليتمونا رضينا منكم بالإنصاف ، ثم لا نسألكم [أموالكم](١) لعلمنا بحالنا وحالكم ، ويكون أبغض الأمور إلينا أحبها إليكم ، لأنّ أبغضها إلينا أحبها إليكم ، قل يا بن عبّاس ، فقال ابن عبّاس : ولو ولينا منكم مثل الذي وليتم منا أ(اخترنا المواساة ثم لم يعش الحيّ بشتم الميت ، ولم ينبش الميت بعداوة (٢) الحيّ ، ولأعطينا كلّ ذي حقّ حقه ، فأما إعطاؤكم الرجل منا ألف ألف فلستم بأجود منا أكفا ، ولا أسخى منا أنفسا ، ولا أصون لأعراض المروءة وأهداف الكرم ، ونحن والله أعطى في الحق منكم على الباطل ، وأعطى على التقوى منكم على الهوى ، فأما رضاكم منا بالكفاف فلو رضيتم به منا لم نرض لأنفسنا بذلك ، والكفاف رضى من لا حقّ له ، فلو رضيتم به منا اليوم ما قتلتمونا عليه أمس ، فلا تستعجلونا حتى تسألونا ، ولا تلفظونا حى تذوقونا ، فقال الفضل بن عبّاس بن عتبة بن أبي لهب :

وقال ابن حرب قولة أموية

يريد بما قد قال تفتيش (٣) هاشم

أجب يا بن عبّاس تراكم لو انكم

ملكتم رقاب الأكرمين (٤) الأكارم

أتيتم إلينا ما أتينا إليكم

من الكفّ عنكم واجتباء الدراهم

فقال ابن عباس مقالا أمضّه

ولم يكن عن ردّ الجواب بنائم

نعم لو وليناكم عدلنا عليكم

ولم تشتكوا منا انتهاك المحارم

ولم يعتمد للحيّ والميت غمة

تحدثها الركبان أهل المواسم

ولم نعطكم (٥) إلّا الحقوق التي لكم

وليس الذي يعطي الحقوق بظالم

وما ألف ألف تستميل ابن جعفر

بها يا بن حرب عند حزّ الحلاقم (٦)

فأصبح يرمي من رماكم ببغضه

عدوّ المعادي سالما للمسالم

فأعظّم بما أعطاك من نصّح جيبه

ومن أمر (٧) عيب ليس فيه بنادم

__________________

(١) زيادة للإيضاح عن ت والجليس الصالح.

(٢) بالأصل وت : «بعداواة». والمثبت عن الجليس الصالح.

(٣) كذا بالأصل وت والجليس الصالح ، وفي المختصر : تفنيش.

(٤) كذا بالأصل وت والمختصر ، وفي الجليس الصالح : الأقربين.

(٥) بالأصل : يعطكم ، والحرف الأول بدون إعجام في ت ، والمثبت عن الجليس الصالح والمختصر.

(٦) كذا بالأصل وت والجليس الصالح ، وفي المختصر : حزّ الغلاصم.

(٧) كذا بالأصل وت والمختصر : «أمر عيب» وفي الجليس الصالح : أمن غيب.

٣٣٨

قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد (١) ، أخبرني أحمد بن عبد العزيز ، حدّثنا عمر بن شبّة ، حدّثني أحمد بن معاوية ، عن عثمان بن إبراهيم الحاطبي قال :

خرج علي بن عبد الله بن العبّاس بالفضل [اللهبي](٢) إلى عبد الملك بن مروان بالشام ، فخرج عبد الملك بن مروان يوما راكبا على (٣) نجيب ومعه حاد يحدو به ، وعلي بن عبد الله على يساره على نجيب له ومعه بغلة تجنب ، فحدا حادي عبد الملك به فقال :

يا أيها البكر الذي أراكا

عليك سهل الأرض في ممشاكا

ويحك هل تعلم من علاكا

إنّ ابن مروان على ذراكا

خليفة الله الذي امتطاكا

لم يعل بكرا مثل ما علاكا

فعارضه الفضل اللهبي فحدا بعلي بن عبد الله بن عبّاس فقال :

يا أيها السائل عن عليّ

سألت عن بدر لنا بدريّ

أغلب في العلياء غالبي

وليّن الشيمة هاشميّ

جاء علي بكر له مهريّ

فنظر عبد الملك إلى علي فقال : هذا مجنون آل أبي لهب؟ قال : نعم ، فلما أعطى قريشا مرّ به اسمه فحرمه وقال : يعطيه علي.

أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد ، وأبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى قالوا : أنبأنا أبو جعفر المعدّل ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا أحمد بن سليمان ، حدّثنا الزبير بن

__________________

(١) رواه أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني ١٦ / ١٨٣.

(٢) سقطت من الأصل واستدركت عن ت وعلى هامش الأصل ، والأغاني.

(٣) كتبت «على» فوق الكلام بين السطرين بالأصل. وفي الأغاني : رائحا على نجيب له.

٣٣٩

بكّار قال : وحدّثني عمّي مصعب بن عبد الله قال (١) :

لقي الأحوص الشاعر الأنصاري الفضل بن العبّاس بن أبي لهب فأنشده الأحوص من شعره فقال له الفضل : إنّك لشاعر ولكنك لا تحسن تؤبد (٢) فقال الأحوص : بلى والله إنّي لأحسن أوتد حين أقول ، وقال مكانه (٣) :

ما ذات حبل يراه الناس كلهم

وسط الجحيم فلا يخفى على أحد

ترى حبال جميع النّاس من شعر

وحبلها وسط أهل النّار من مسد

فقال الفضل بن العبّاس يجيبه (٤) :

ما ذا تريد إلى شتمي ومنقصتي؟

أما تغيّر من حمّالة الحطب؟

غرّاء سائلة في المجد غرّتها

كانت سلالة (٥) شيخ ثاقب النسب

أفي ثلاثة رهط أنت رابعهم

عيّرتني واسطا جرثومة العرب

فلا هدى الله قوما أنت سيّدهم (٦)

في جلدة بين أصل الثّيل والذنب

الثيل : ذكر البعير.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي عثمان ، أنبأنا القاضي أبو القاسم الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر ، أنبأنا الحسين بن صفوان ، حدّثنا ابن أبي الدنيا ، حدّثني سليمان بن منصور الخزاعي ، عن يحيى بن سعيد الأموي قال : أنشدني ابن خربوذ للفضل بن عبّاس بن عتبة بن أبي لهب :

إنّا أناسّ من سجيتنا

صدق الحديث ورأينا حتم

لبسوا الحياء فإن نظرت

حسبتهم سقموا ولم يمسهم سقم

__________________

(١) الخبر والبيتان في الأغاني ١٦ / ١٧٧.

(٢) في الأغاني : ولكنك لا تعرف الغريب ، ولا تغرب.

(٣) البيتان في الأغاني ١٦ / ١٧٧ ونسب قريش ص ٨٩.

(٤) الأبيات في نسب قريش ص ٩٠ والأغاني ١٦ / ١٧٧ و ١٨٤.

(٥) في الأغاني ١٦ / ١٨٤ «كانت حليلة» وفيها رواية أخرى للبيت ١٦ / ١٧٧ :

أذكرت بنت قروم سادة نجب

كانت حليلة شيخ ثاقب النسب

وفي نسب قريش : ثاقب الحسب.

(٦) صدره في الأغاني :

يا لعن الله قوما أنت سيدهم

٣٤٠