تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٨

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٨

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

١
٢

٥٥٢٠ ـ عيسى بن المساور البغدادي الجوهري (١)

سمع بدمشق الوليد بن مسلم ، وسويد بن عبد العزيز ، ومروان بن معاوية ، وبغيرها :

روّاد بن الجرّاح ، ويغنم بن سالم بن قنبر.

روى عنه : ابن أخيه أبو جعفر أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري ، وأبو عبد الرّحمن النّسائي في سننه ، وأبو جعفر أحمد بن علي البغدادي الخزّاز (٢) ، وأبو أحمد محمّد بن عبدوس بن كامل السّرّاج ، وأبو بكر القاسم بن زكريا المقرئ المطرّز ، وأبو حامد محمّد بن هارون الحضرمي.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو البركات بن الأنماطي ، قالا : أنبأنا أبو الحسين ابن النّقّور ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا أبو حامد محمّد بن هارون الحضرمي ، حدّثنا عيسى بن المساور ، حدّثنا يغنم بن سالم بن قنبر خادم علي بن أبي طالب ، قال : قال لي أنس ابن مالك :

قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من قاد أعمى أربعين (٣) خطوة لم تمسّ (٤) وجهه النار» [١٠٣٤٥].

قال : وحدّثنا يغنم بن سالم ، حدّثنا أنس بن مالك قال :

__________________

(١) ترجمته في تاريخ بغداد ١١ / ١٦١ وتهذيب الكمال ١٤ / ٥٧٣ وتهذيب التهذيب ٤ / ٤٦٢ وكنيته في تهذيب الكمال : «أبو موسى» وفي تهذيب التهذيب «أبو محمد».

(٢) الأصل وت : «الحرز» والمثبت عن تهذيب الكمال وتهذيب التهذيب. وفي تاريخ بغداد : الخراز ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٤١٨.

(٣) استدركت على هامش ت ، وبعدها صح.

(٤) بالأصل : يمس.

٣

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «طوبى لمن رآني [وآمن بي ، ومن رأى من رآني](١) ، ومن رأى من رأى من رآني» [١٠٣٤٦].

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن خيرون ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٢) : عيسى بن المساور الجوهري.

حدّث عن الوليد بن مسلم ، ومروان بن معاوية ، وسويد بن عبد العزيز ، ويغنم بن سالم ابن قنبر ، روى عنه ابن أخيه أحمد بن القاسم ، وأحمد بن علي الخزاز (٣) ، ومحمّد بن عبدوس السّرّاج ، وقاسم بن زكريا المطرّز ، وأبو حامد محمّد بن هارون الحضرمي ، وكان ثقة.

قال الخطيب (٤) : قرأت على البرقاني عن أبي إسحاق المزكّي ، حدّثنا محمّد بن إسحاق السّرّاج ، قال : سمعت محمّد بن إشكاب يحسن الثناء على عيسى بن المساور.

قال (٥) : وأنبأنا البرقاني ، أنبأنا علي بن عمر الحافظ ، أنبأنا الحسن بن رشيق ، حدّثنا عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن النّسائي ، عن أبيه.

ح ثم حدّثنا الصّوري (٦) ، أنبأنا الخصيب بن عبد الله قال : ناولني عبد الكريم ـ وكتبه لي بخطه ـ قال : سمعت أبي يقول : عيسى بن المساور بغدادي ، لا بأس به.

قال : وأنبأنا السّمسار ، أنبأنا الصّفّار ، أنبأنا ابن قانع.

أن عيسى بن المساور مات في شوال سنة أربع وأربعين ومائتين (٧).

قال : وقرأت على البرقاني عن أبي إسحاق المزكي ، حدّثنا محمّد بن إسحاق السّرّاج ، قال : مات عيسى بن المساور ببغداد في رجب سنة خمس وأربعين ومائتين (٨).

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل ، وكتب بعده صح.

(٢) تاريخ بغداد ١١ / ١٦١.

(٣) كذا بالأصل وت ، وفي تاريخ بغداد : الخراز ، تصحيف.

(٤) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١١ / ١٦٢.

(٥) القائل أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١١ / ١٦٢.

(٦) قوله : «ح ثم حدثنا الصوري» ليس في تاريخ بغداد.

(٧) تاريخ بغداد ١١ / ١٦٢ وتهذيب الكمال ١٤ / ٥٧٤.

(٨) تاريخ بغداد ١١ / ١٦٢ وتهذيب الكمال ١٤ / ٥٧٤.

٤

٥٥٢١ ـ عيسى بن مسلم العقيلي

أخو إسحاق وبكّار ابني مسلم.

من قواد مروان بن محمّد ، كان معه حين غلب على دمشق لما قاتل إبراهيم بعين الجرّ (١) ، له ذكر.

٥٥٢٢ ـ عيسى بن معبد بن الفضل

 أبو منصور الموصلي التاجر

قدم دمشق قدمتين للتجارة.

حدّث في الآخرة منهما بكتاب ذكر الموت لابن أبي الدنيا عن أبي عبد الله (٢) الحسن (٣) ابن العباس بن علي الرّستمي الفقيه الأصبهاني ، وكان قد سمع بأصبهان من شيخنا أبي القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل وغيره.

وذكر لي أنه سمع بالموصل من أبي [نصر](٤) محمّد بن علي بن عبيد الله بن ودعان «الأربعين» (٥) التي صنفها وكان شيخا كثير الحج ، وله معروف كثير ، وكان ثقة.

أخبرنا أبو منصور عيسى بن معبد بن الفضل ، أنبأنا أبو عبد الله الحسن بن العباس الرّستمي.

ح وأخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، قالا : أنبأنا أبو عمرو بن مندة ، أنبأنا أبو محمّد ابن يوة ، أنبأنا أبو الحسن اللّنباني (٦) ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثنا داود بن عمرو بن زهير الضّبّي ، حدّثنا محمّد بن الحسن الأسدي ، عن حمّاد بن سلمة ، عن محمّد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أكثروا ذكر هادم اللّذّات» ، قالوا : يا رسول الله وما هادم اللّذّات؟ قال : «الموت» [١٠٣٤٧].

__________________

(١) عين الجر : موضع معروف بالبقاع بين بعلبك ودمشق (معجم البلدان).

(٢) كناه في الأنساب (الرستمي) : أبا علي.

(٣) بالأصل وت : الحسين ، تصحيف ، والمثبت عن الأنساب (الرستمي) وطبقات السبكي ٤ / ٢١١.

(٤) سقطت من الأصل وت ، راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٩ / ١٦٤.

(٥) تعرف : «بالأربعين الودعانية» قال السلفي : قرأت عليه الأربعين «الأربعين» جمعه ، ثم تبين لي حين تصفحت كتابه تخليط عظيم راجع سير أعلام النبلاء ١٩ / ١٦٦ ولسان الميزان لابن حجر ٥ / ٣٠٦.

(٦) أعجمت اللفظة عن ت ، فهي لم تعجم بالأصل.

٥

أخبرناه عاليا أبو بكر محمّد بن الحسن ، حدّثنا أبو الحسين بن المهتدي.

ح وأنبأنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور.

قالا : أنبأنا عيسى بن علي ، أنبأنا عبد الله بن محمّد ، حدّثنا داود بن عمرو ، حدّثنا محمّد بن الحسن الأسدي ، حدّثنا حمّاد بن سلمة ، عن محمّد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أن (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «اكثروا ذكر هادم اللذات الموت» [١٠٣٤٨].

حدّثني أبو القاسم بن مطر الموصلي : أن عيسى مات بالموصل في شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.

٥٥٢٣ ـ عيسى بن مقسم (٢)

مولى الوليد بن يزيد بن عبد الملك وحاجبه ، ولي الموسم سنة ست عشرة ومائة في أيام هشام على ما قيل.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي ، أنبأنا أحمد بن إسحاق ، حدّثنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى ، حدّثنا خليفة قال (٣) : وأقام الحج ـ يعني سنة ست عشرة ومائة ـ الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، ويقال عيسى بن مقسم مولى الوليد بأمر الوليد.

قال : وحدّثنا خليفة (٤) ، حدّثني الوليد بن هشام ، وأبو اليقظان.

أن عيسى بن مقسم مولى الوليد بن يزيد أقام الحج سنة ست عشرة بأمر [(٥) الوليد ، اعتل الوليد فأمّره.]

قال : وحدّثنا خليفة (٦) : قال في تسمية عمّال الوليد بن يزيد حاجبه : عيسى بن مقسم.

__________________

(١) بالأصل أكثر من كلمة كتبت ثم شطبت ، وكتبت اللفظة «أن» تحت الكلام بين السطرين.

(٢) له ذكر في تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٣٤٧ و ٣٦٠ و ٣٦٨ (ت. العمري).

(٣) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٣٤٧ (حوادث سنة ١١٦).

(٤) تاريخ خليفة ص ٣٦٠ تحت عنوان تسمية عمال هشام بن عبد الملك.

(٥) ما بين الرقمين ليس في تاريخ خليفة.

(٦) تاريخ خليفة ص ٣٦٨ تحت عنوان : تسمية عمال الوليد بن يزيد.

٦

٥٥٢٤ ـ عيسى بن موسى بن محمّد بن علي بن عبد الله

ابن العبّاس بن عبد المطلب

 أبو موسى الهاشمي (١)

نشأ بالحميمة (٢) من أرض البلقاء من كور دمشق ، ثم انتقل مع أهله إلى العراق وجعله السّفّاح ولي عهده بعد المنصور ، فلمّا ولي المنصور أخّره ، وجعله ولي عهده بعد ابنه المهدي وكان جليلا في أهل بيته.

وولي إمرة الموسم في خلافة السّفّاح والمنصور ، وولي الكوفة للمنصور.

حكى عنه ابناه (٣) موسى ، وعلي.

قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان ، عن عبد العزيز بن أحمد الكتّاني (٤) ، أنبأنا عبد الوهّاب الميداني ، أنبأنا أبو سليمان بن زبر ، أنبأنا أبو عبد الله بن أحمد ابن جعفر ، أنبأنا محمّد بن جرير قال (٥) : قال عمر بن شبّة ، حدّثني عبد الله بن كثير بن الحصين (٦) العبدي ، أخبرني علي بن عيسى (٧) بن موسى عن أبيه قال :

بعث مروان بن محمّد رسولا إلى الحميمة (٨) يأتيه بإبراهيم بن محمّد ، ووصف له صفته ، فقدم الرسول فوجد الصفة صفة أبي العبّاس عبد الله بن محمّد ، فأخذه فلما ظهر إبراهيم بن محمّد وأمن قيل للرسول : إنّما أمرت بإبراهيم وهذا عبد الله ، فلمّا تظاهر ذلك عنده ترك [أبا](٩) العبّاس وأخذ إبراهيم ، فانطلق به ، قال : فشخصت معه أنا وأناس من بني العبّاس ومواليهم ، وذكر حديثا.

__________________

(١) أخباره في تاريخ الطبري (الفهارس العامة) ، الكامل لابن الأثير (الفهارس) ، البداية والنهاية (الفهارس) ، الوزراء والكتاب للجهشياري (ص ١٢٦) ، مروج الذهب (الفهارس) ، تاريخ خليفة بن خيّاط (ت. العمري) الفهارس العامة. سير أعلام النبلاء ٧ / ٤٣٤.

(٢) غير واضحة بالأصل ونميل إلى قراءتها : «بالحمية» والتصويب عن ت.

(٣) الأصل : أباه ، واللفظة غير واضحة في ت ، لسوء التصوير.

(٤) بالأصل : الكناني ، تصحيف ، والتصويب عن ت.

(٥) الخبر رواه الطبري في تاريخه ٧ / ٤٢٢ (حوادث سنة ١٣٢).

(٦) كذا بالأصل وت ، وفي تاريخ الطبري : الحسن.

(٧) «بن عيسى» سقطت من الطبري.

(٨) غير واضحة بالأصل ونميل إلى قراءتها : «بالحمية» والتصويب عن ت.

(٩) سقطت من الأصل واستدركت عن ت وتاريخ الطبري.

٧

قال محمّد بن جرير ، قال أبو (١) زيد عمر بن شبّة ، وحدّثني إبراهيم بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمّد بن علي بن عبد الله بن عبّاس قال : سمعت أبي يقول : ولد عيسى في سنة ثلاث ومائة ، وشهد حرب محمّد وإبراهيم وهو ابن ثلاث وأربعين سنة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطّبري ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان ، قال (٢) :

وبويع لأبي جعفر عبد الله بن محمّد بن علي بن عبد الله بن عبّاس بمكة في المحرم يوم عاشوراء من سنة سبع (٣) وثلاثين ومائة ومن بعده لعيسى بن موسى بن محمّد بن علي بن عبد الله بن عبّاس ، قال (٤) : وفيها يعني سنة إحدى وخمسين ومائة : جدّد أبو جعفر البيعة لنفسه وابنه المهدي ، وعيسى بن موسى بعد المهدي ، على أهل بيته بمحضر منه في مجلسه ، وذلك في يوم جمعة عمّهم بالإذن.

وذكر يعقوب قبل هذا قال (٥) : وبايع الناس المهدي ، محمّد بن عبد الله ولي عهدهم من بعد أبيه أبي جعفر ، بمكة يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من شهر ربيع الأول من سنة سبع وأربعين ومائة واستطاب أبو جعفر نفس عيسى بن موسى حينئذ حتى قدم المهدي نفسه في ولاية العهد.

أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن علي ، أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن عثمان بن يحيى ، أنبأنا أبو محمّد إسماعيل بن علي الخطبي ، قال :

قصد عيسى بن موسى بن محمّد بن علي بن عبد الله بن العبّاس في ولاية العهد وخلعه ما ذكره علي بن محمّد المدائني وغيره من أهل العلم بالاخبار قالوا :

كان مولد عيسى بن موسى سنة ثلاث أو أربع ومائة ، ومولد أبيه موسى بن محمّد بالسراة في سنة إحدى وثمانين ، وتوفي ببلاد الروم غازيا في سنة ثمان ومائة ، وله سبع

__________________

(١) كتبت «أبو» تحت الكلام بين السطرين بالأصل.

(٢) رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ ١ / ١١٧.

(٣) كذا بالأصل وت ، وفي أصل المعرفة والتاريخ : «تسع» وأثبت محققه «ست».

وجاء في الطبري ٧ / ٤٧٠ أن أبا العباس مات بالأنبار يوم الأحد لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة سنة ١٣٦ وأمر أبا العباس الناس بالبيعة لأبي جعفر المنصور ، فبايع له الناس في اليوم الذي مات فيه أبو العباس.

(٤) المعرفة والتاريخ ١ / ١٣٨.

(٥) المعرفة والتاريخ ١ / ١٣٣.

٨

وعشرون سنة ، ونحو ذلك فضمّ إبراهيم الإمام ابنه عيسى بن موسى إليه فكان يتيمه ، وأوصى إبراهيم عند قبض مروان عليه وإياسه من نفسه إلى من حضره من خاصته أن الأمر من بعده لعبد الله بن محمّد بن الحارثية ، أبو العبّاس ، ثم من بعده لأبي جعفر عبد الله بن محمّد ، ثم لعيسى بن موسى بعد أبي جعفر ، فعمل أبو العبّاس في خلافته على ذلك وعهد به عند وفاته (١) ، فكان الأمر على ذلك إلى أن شرع أبو جعفر المنصور وبعد قتل محمّد وإبراهيم ابني عبد الله بن حسن وكان قتلهما جميعا على يدي عيسى بن موسى في تأخير عيسى وتقديم ابنه محمّد المهدي عليه في ولاية العهد ، وذلك في سنة سبع وأربعين ومائة.

وجرت بين المنصور وبين عيسى بن موسى في ذلك خطوب يطول ذكرها ومكاتبات وامتناع من عيسى ، ثم أجابه إلى ذلك (٢) ، فقدم المهدي في ولاية العهد عليه وأقر عيسى بذلك وأشهد على نفسه به ، فبايع الناس على ذلك ، وخطب المنصور الناس وأعلمهم ما جرى في أمر عيسى من تقديم المهدي عليه ورضاه بذلك ، وتكلم عيسى وسلم الأمر للمهدي ، فبايع الناس على ذلك بيعة محددة للمهدي ، ثم لعيسى من بعده ، وقال المنصور يومئذ : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً)(٣) فلما افضى الأمر إلى المهدي طالب عيسى بن موسى بخلع نفسه من ولاية العهد البتة وتسليمه لموسى بن المهدي ، وألحّ عليه في ذلك إلحاحا شديدا ، وبذل عليه مالا عظيما وخطرا (٤) جزيلا (٥) ، وجرت في ذلك أيضا خطوب إلى أن أقدمه من الكوفة إلى بغداد وتقرر (٦) الأمر على أن يخلع نفسه ويسلم الأمر لموسى بن المهدي ويدفع إليه عشرة ألف ألف درهم ، ويقال عشرين ألف ألف درهم ، ويقطعه مع ذلك قطائع كثيرة ، وقد كان عيسى ذكر أن عليه أيمانا في أهله (٧) وماله ، فأحضر له المهدي من القضاة والفقهاء من أفتاه في ذلك وعوّضه المهدي من ذلك ، وأرضاه (٨) فيما يلزمه من الحنث في ماله ورقيقه وسائر أملاكه ، فقبل ذلك ورضي به ، وخلع

__________________

(١) راجع تاريخ الطبري ٧ / ٤٧٠ حوادث سنة ١٣٦.

(٢) انظر تفاصيل وافية ذكرها الطبري في تاريخه ٨ / ١٤ وما بعدها (حوادث سنة ١٤٧).

(٣) سورة النحل ، الآية : ٩١.

(٤) بالأصل : «وخطر» تصحيف ، والتصويب عن ت.

(٥) في المختصر : جسيما.

(٦) راجع ما ورد في تاريخ الطبري حول هذا الأمر ٨ / ١٢٥ (حوادث سنة ١٦٠).

(٧) «في أهله» مكان اللفظتين مطموس بالأصل ، والمثبت عن ت.

(٨) مكانها مطموس بالأصل ، والمثبت «وأرضاه» عن ت.

٩

نفسه في عشية يوم الأربعاء لأربع بقين من المحرم سنة ستين ومائة في قصر الرّصافة وبايع للمهدي ولموسى بن المهدي من بعده وأظهر الأمر في ذلك غداة يوم الخميس لثلاث بقين من المحرم وحضر الخواصّ فبايعوا في القصر.

ثم خرج المهدي إلى جامع الرّصافة واجتمع الناس في المسجد فصعد المهدي المنبر ، وصعد بعده ابنه ، فكان دونه ، ثم صعد عيسى بن موسى فكان على أوّل مرقاة من المنبر ، فقام المهدي فحمد الله وأثنى عليه ، وأخبر بما اجتمع عليه أهل بيته وشيعته في ذلك أن موسى عامل فيهم بكتاب الله عزوجل وأحسن السيرة وأعفاها ؛ في كلام تكلّم به. وجلس موسى دونه في جانب المنبر لكي لا يستر وجهه ، ولا يحول بينه وبين من يصعد إليه ليبايعه ويمسح على يده ، وقام عيسى بمكانه على أول مرقاة فقرئ كتاب الخلع ، وخروج عيسى مما كان إليه من ولاية العهد وتحليل الناس جميعا مما كان له من البيعة في رقابهم ، وان ذلك كان منه وهو طائع غير مكره ، وراض غير ساخط ، ومجيب (١) غير مجبر ، فأقرّ عيسى بذلك كلّه وأشهد به على نفسه ، وصعد إلى المهدي فبايع ومسح على يده ، ثم بايع موسى ومسح على يده ، ثم انصرف ، ووفّى المهدي لعيسى بن موسى بما ضمن له من الأموال والقطائع وأرضاه ، وكتب بذلك كتابا مؤكدا لشروط عيسى (٢) وشهد عليه فيه خلق من الأشراف والوجوه والكبراء ، فبلغ عدة من شهد في الكتاب من جميع الناس أربع مائة وخمسة وعشرون رجلا (٣) ، ورجع عيسى بعد ذلك إلى الكوفة ، فلم يزل مقيما بها في غير ولاية حتى توفي بها في سنة سبع وستين ومائة ، وهو ابن خمس وستين سنة ، وكان مدة عيسى في ولاية العهد من أوّله إلى آخره ثلاثا وعشرين سنة ، وأخبرني بعض ولد عيسى من رؤسائهم أن عيسى كان لقّب في ولايته العهد بالمرتضى.

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا أبو الفرج المعافى بن زكريا القاضي (٤) ، حدّثنا أبو عبد الله يعني إبراهيم بن محمّد بن عرفة المهلّبي ، وقد تمثل هذا البيت ـ يعني بيت جرير ـ الذي تمثل الحسن بن

__________________

(١) الطبري : محبّ غير مجبر.

(٢) نسخة الشرط الذي كتبه عيسى بن موسى على نفسه في تاريخ الطبري ٨ / ١٢٦ وما بعدها (حوادث سنة ١٦٠).

(٣) في تاريخ الطبري : أربعمائة وثلاثون من بني هاشم ومن الموالي والصحابة من قريش والوزراء والكتاب والقضاة.

(٤) رواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ١ / ٣٧٩ وما بعدها.

١٠

قحطبة فقال (١) : يا أمير المؤمنين ما تنتظر بالفتى المقتبل المبارك؟ جدد له البيعة ، فما أحد يمتنع ممن (٢) وراء هذا الباب ومن أبى فهذا سيفي.

وبلغ الخبر عيسى بن موسى فقال : والله لئن ظفرت به لأشرب البارد ، وبلغ الحسن بن قحطبة الخبر والمنصور ، فدخل الحسن بن قحطبة على المنصور وعنده عيسى بن موسى فتمثل المنصور بقول جرير :

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا

أبشر بطول سلامة يا مربع (٣)

فتمثل الحسن بن قحطبة بقول جرير (٤) :

إذا اجتمعوا عليّ فخلّ عنهم

وعن باز يصكّ حباريات

قال : مربع : رجل من بني جعفر بن كلاب ، كان يروي شعر جرير ، فنذر الفرزدق دمه ، فقال جرير (٥) :

إنّ الفرزدق قد تبيّن لؤمه

حيث التقى حششاؤه والأخدع (٦)

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، أنبأنا أبو الحسن العتيقي.

فلما خلع المنصور عيسى بن موسى مرّ في موكب ، فقال إنسان : من هذا؟ فسمعه مخنّث ، فقال : هذا الذي أراد أن يكون غدا فصار بعد غد.

قال القاضي :

وقد روينا في خبر آخر : أن عيسى بن موسى قال لمخنث يتهدده : أما تعرفني؟ فقال : بلى ، أنت الذي كنت غدا فصرت بعد غد.

__________________

(١) وذلك حين همّ المنصور بالبيعة للمهدي أبي عبد الله ، فدخل عليه الحسن بن قحطبة. كما في الجليس الصالح.

والحسن بن قحطبة هذا ، من كبار قواد الدولة العباسية.

(٢) الأصل : من.

(٣) البيت من قصيدة طويلة يهجو الفرزدق ، في ديوانه ط بيروت ص ٢٦١ ومربع : راوية شعر جرير ، واسمه وعوعة ، ومربع لقب ، راجع (اللسان : ربع).

(٤) من قصيدة في ديوانه بعنوان : إذا طرب الحمام ص ٦٦.

(٥) ديوانه ص ٢٦١.

(٦) صحفت بالأصل إلى : «خششاؤه والاجدع» والمثبت عن الديوان والجليس الصالح. والأخدع : أحد عرقين في جانبي العنق ، وهما أخدعان.

١١

وقول جرير : حيث التقى حششاؤه ، الحششاوان : هما العظمان الناشزان وراء الأذنين ، والواحد : حششاء ، وهما لغتان إحداهما هذه مثل فعلاء ، والأخرى : حشاء على فعلال مثل قسطاس (١) وفسطاط من الحصيح ، وكذلك قوياء وليس في الأسماء على هذا الوزن غيرهما وأما فعلى منصوبة العين فقد حكى الفراء ويعقوب وغيرهما فيه ثلاثة أحرف.

وحكى غيرهما فيه رابعا وخامسا وسادسا ، فأما الأحرف الثلاثة فأدمى (٢) اسم مكان ، وأربى من أسماء الداهية كما قال الشاعر :

هي الأربى جاءت بأم حبوكرى (٣)

وشعبى اسم بلدة ، قال جرير :

أعبدا حلّ في شعبى غريبا

ألؤما لا أبا لك واغترابا (٤)

وأما الحروف الأخر فحكاهن فيما روى لنا أبو عمرو الشيباني وابن الإعرابي حدثنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد [قال : أخبرنا](٥) ثعلب ، قال : قد جاءت حروف لم يأت بها يعقوب ولا الفراء ، أتى بها أبو عمرو الشيباني وابن الإعرابي ، وهي : جمدى اسم موضع ، وجسقى (٦) اسم بلد ، وجنفي (٧) اسم جبل.

ح وأخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أنبأنا ثابت بن بندار ، أنبأنا الحسين بن جعفر.

قالا : أنبأنا الوليد بن بكر (٨) ، أنبأنا علي بن أحمد ، أنبأنا أبو مسلم العجلي ، حدّثني أبي أحمد ، حدّثني أبي عبد الله قال (٩) :

قدم هارون الكوفة ، فعزل شريكا عن القضاء ، وكان موسى بن عيسى (١٠) واليا على

__________________

(١) كذا بالأصل والجليس الصالح ، وقسطاص : مكسور الفاء.

(٢) راجع معجم البلدان.

(٣) البيت لعمرو بن أحمر الباهلي ، وصدره :

فلما عسى ليلى وأيقنت أنها

اللسان ٥ / ٢٣٤.

(٤) ديوان جرير (ط بيروت) ص ٥٦.

(٥) بالأصل : أنبأنا ، والمثبت «قال : أخبرنا» عن الجليس الصالح.

(٦) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٧) الذي في الجليس الصالح : وجبنى.

(٨) الأصل : بكير ، تصحيف.

(٩) رواه العجلي في تاريخ الثقات ص ٢١٩ في ترجمة شريك بن عبد الله النخعي.

(١٠) بالأصل : «عيسى بن موسى» تصحيف ، والصواب عن تاريخ الثقات وفيه : موسى بن عيسى الباهلي.

١٢

الكوفة فقال موسى لشريك : ما صنع أمير المؤمنين بأحد ما صنع بك ، عزلك عن القضاء ، فقال شريك : هم أمراء المؤمنين يعزلون القضاة ويخلعون ولاة العهد (١) ، ولا يعاب ذلك عليهم ، قال موسى : ما ظننت أنه مجنون هكذا لا يبالي ما تكلّم به ، وكان أبوه عيسى بن موسى ولي العهد بعد أبي جعفر فخلعه بمال أعطاه إيّاه ، وهو ابن عم أبي جعفر.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي ، أنبأنا أحمد بن إسحاق ، حدّثنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى ، حدّثنا خليفة قال (٢) :

سنة أربع وثلاثين أقام الحج عيسى بن موسى بن محمّد بن علي بن عبد الله بن عبّاس.

قال : وحدّثنا خليفة قال (٣) : سنة ثلاث وأربعين أقام الحج عيسى بن موسى بن محمّد.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطّبري ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب قال : ثم حج عيسى بن موسى سنة أربع وثلاثين ومائة (٤).

قال : وحدّثنا يعقوب قال (٥) : سنة ثلاث وأربعين ومائة حج بالناس عيسى (٦) بن موسى بن محمّد بن علي بن عبد الله بن عبّاس.

أنبأنا أبو غالب الماوردي ، أنبأنا أبو الحسين ، أنبأنا أحمد بن إسحاق ، حدّثنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى ، حدّثنا خليفة قال (٧) :

واستعمل ـ يعني السفاح ـ على الكوفة عيسى بن موسى بن محمّد بن علي بن عبد الله ابن عبّاس حتى توفي أبو العبّاس.

قرأنا على أبي غالب وأبي عبد الله ابني البنّا ، عن أبي تمّام علي بن محمّد بن الحسين ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنبأنا محمّد بن القاسم الكوكبي ، حدّثنا ابن أبي خيثمة ، حدّثنا محمّد

__________________

(١) في تاريخ الثقات : ويخلعون العهود.

(٢) تاريخ خليفة بن خياط ص ٤١١ (ت. العمري).

(٣) تاريخ خليفة ص ٤٢٠.

(٤) يبدأ كتاب المعرفة والتاريخ المطبوع بحوادث سنة ١٣٥.

(٥) المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان الفسوي ١ / ١٢٧.

(٦) الأصل : «موسى بن عيسى» تصحيف ، والصواب ما أثبت عن المعرفة والتاريخ.

(٧) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٤١٢ (ت. العمري).

١٣

ابن يزيد ـ هو الرفاعي ـ قال : وسمعت أبا بكر بن عيّاش يقول :

رأيت الخطّابية (١) مروا بنا بالكنّاسة في أزر وأردية ، محرمين بالحج وهم يقولون : لبيك جعفر ، فخرج إليهم عيسى فانهزموا إلى موضع دار رزق فقتلهم ، فقيل : يا أبا الخطاب ألا ترى السلاح عمل فينا ، قال : بدا لله أن يستشهدكم ، وقد كان أبو الخطاب قال لهم : إنّ السلاح لا يعمل فيكم.

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ إذنا ومناولة وقرأ علي إسناده ـ أنبأنا محمّد بن الحسين بن محمّد الجازري ، أنبأنا المعافى بن زكريا (٢) ، حدّثنا محمّد بن يزيد (٣) الخزاعي ، حدّثني الزّبير ، حدّثني عمّي عن عمر بن الهيام (٤) بن سعيد قال :

أتته امرأة يوما ـ يعني شريكا ـ من ولد جرير بن عبد الله البجلي صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو في مجلس الحكم فقالت : أنا بالله ثم بالقاضي ، امرأة من ولد جرير بن عبد الله صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وردّدت الكلام فقال : إيها عنك ، الآن من ظلمك؟ قالت : الأمير عيسى بن موسى ، كان لي بستان على شاطئ الفرات ، لي فيه نخل ، ورثته عن آبائي ، وقاسمت إخوتي ، وبنيت بيني وبينهم (٥) حائطا ، وجعلت فيه رجلا فارسيا (٦) في بيت يحفظ لي النخل ، ويقوم بشأني (٧) فاشترى الأمير عيسى بن موسى من إخوتي جميعا وساومني وأرغبني فلم أبعه ، فلما كان في هذه الليلة بعث بخمسمائة فاعل فاقتلعوا الحائط فأصبحت لا أعرف من نخلي (٨) شيئا ، واختلط بنخل إخوتي ، قال : يا غلام! طينة ، فختم لها خاتما ثم قال : امضي (٩) به إلى بابه حتى يحضر معك.

فجاءت المرأة بالطينة فأخذها الحاجب ودخل على عيسى فقيل له : أعدي شريك عليك

__________________

(١) هم أصحاب أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأسدي ، راجع حول هذه الفرقة : الملل والنحل للشهرستاني ، والأنساب واللباب.

(٢) رواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ٢ / ٣٩ وما بعدها. وانظر أخبار القضاة لوكيع ١ / ١٧٠.

(٣) بدون إعجام بالأصل ، والمثبت عن الجليس الصالح الكافي.

(٤) رسمها بالأصل : «المصاج» والمثبت عن الجليس الصالح.

(٥) الأصل : وبينه ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٦) كذا بالأصل والجليس الصالح ، وفي أخبار القضاة : فارسا.

(٧) كذا ، وفي الجليس الصالح : ببستاني.

(٨) في أخبار القضاة : محلتي.

(٩) بالأصل : «امض» والمثبت عن الجليس الصالح.

١٤

قال : ادع لي صاحب الشرط ، فدعا به فقال : امض إلى شريك فقل له : يا سبحان الله! ما رأيت أعجب من أمرك ، امرأة ادّعت دعوى لم تصح ، أعديتها عليّ ، فقال : إن رأى الأمير أن يعفيني فليفعل ، فقال : امض ويلك.

فخرج فأمر غلمانه أن يتقدموا إلى الحبس بفراش وغير ذلك من آلة الحبس ، فلما جاء وقف بين يدي شريك ، فأدّى الرسالة ، فقال لصاحبه : خذ بيده فضعه في الحبس قال : قد ـ والله يا أبا عبد الله ـ عرفت إنك تفعل بي هذا ، فقدّمت ما يصلحني إلى الحبس.

قال : وبلغ عيسى بن موسى ذلك فوجه بحاجته إليه ، فقال : هذا من ذاك ، رسول أيّ شيء عليه؟ فلمّا أدى الرسالة الحقه بصاحبه فحبس.

فلما صلى الأمير العصر بعث إلى إسحاق بن الصباح الأشعثي وإلى جماعة من وجوه الكوفة من أصدقاء شريك فقال : امضوا إليه فأبلغوه السلام ، وأعلموه أنه قد استخفّ بي ، وإني لست كالعامّة.

فمضوا وهو جالس في مسجده بعد العصر ، فدخلوا إليه فأبلغوه الرسالة ، فلما انقضى كلامهم قال لهم : ما لي لا أراكم جئتم في غيره من الناس؟ من هاهنا من فتيان الحي؟ فابتدوه فقال : يأخذ كلّ واحد منكم بيد رجل من هؤلاء فيذهب به إلى الحبس ، لا ينام (١) ـ والله ـ إلّا فيه ، فقالوا : أجادّ أنت؟ قال : حقا حتى لا تعودوا تحملون رسالة ظالم ، فحبسهم.

وركب عيسى بن موسى في الليل إلى باب الحبس ، ففتح الباب وأخذهم جميعا ، فلما كان الغد جلس شريك للقضاء ، جاء السّجّان فأخبره ، فدعا بالقمطر فختمها ووجّه بها إلى منزله ، وقال لغلامه : الحقني بثقلي إلى بغداد ، والله ما طلبنا هذا الأمر منهم ولكن أكرهونا عليه ، ولقد ضمنوا لنا الإعزاز فيه إذ تقلدنا لهم.

ومضى نحو قنطرة الكوفة يريد بغداد ، وبلغ عيسى بن موسى الخبر ، فركب في موكبه ، فلحقه وجعل يناشده الله ويقول : يا عبد الله تثبّت ، انظر إخوانك (٢) تحبسهم؟ دع أعواني ، قال : نعم ، لأنهم مشوا لك في أمر لم يجب عليهم فيه ، ولست ببارح أو يردّوا جميعا إلى الحبس ، وإلّا مضيت من فوري إلى أمير المؤمنين فاستعفيته ما قلّدني.

__________________

(١) الأصل : «ينم» وفي الجليس الصالح : لا بتّم.

(٢) الأصل : إخوانهم ، تصحيف ، والتصويب عن الجليس الصالح وأخبار القضاة ٣ / ١٧١.

١٥

فأمر بردّهم جميعا إلى الحبس وهو ـ والله ـ واقف مكانه حتى جاءه السّجّان فقال : قد رجعوا إلى الحبس ، فقال لأعوانه : خذوا بلجامه فردوه بين يديّ إلى مجلس (١) الحكم ، فمرّوا به بين يديه حتى أدخل المسجد ، وجلس مجلس القضاء ، ثم قال الجويرية (٢) المتظلّمة من هذا؟ فجاءت فقال : هذا خصمك قد حضر ، فلمّا جلس معها بين يديه ، قال : يخرج أولئك من الحبس قبل كلّ شيء ، ثم قال : ما تقول فيما تدّعيه هذه؟ قال : صدقت ، قال : يردّ جميع ما أخذ منها إليها وتبني حائطها في أسرع وقت ، كما هدم ، قال : أفعل ، قال : بقي لك شيء؟ قال : تقول المرأة : وبيت الفارسي ومتاعه؟ قال : وبيت الفارسي ومتاعه ، فقال شريك : أبقي لك شيء تدّعينه؟ قالت : لا ، وجزاك الله خيرا ، قال : قومي وزبرها ، ثم وثب من مجلسه فأخذ بيد عيسى بن موسى فأجلسه في مجلسه ثم قال : السلام عليك أيها الأمير تأمر بشيء؟ قال : بأي شيء آمر؟ وضحك.

قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي المعالي محمّد بن عبد السلام ، أنبأنا علي بن محمّد بن خزفة ح.

وعن أبي الحسين بن الآبنوسي ، أنبأنا أحمد بن عبيد بن الفضل.

قالا : أنبأنا محمّد بن الحسين ، حدّثنا ابن أبي خيثمة ، أنبأنا سليمان بن أبي شيخ ، حدّثنا أبو سفيان الحميري ، قال : قال عيسى بن موسى لابن أبي ليلى وابن شبرمة :

أسألكما عن الرجل فتخبراني عنه بخبر ، فإذا بلوناه واستعملناه لم نجده كذلك ، قالا :

لو سألت عنه أيها الأمير في ذلك الوقت غيرنا لأخبرك بمثل ما أخبرناك ، ولكنها الدنيا تعرض لهم فيتغيرون ، قال : صدقتما.

أخبرنا أبو الحسين بن الفرّاء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا أحمد بن سليمان ، حدّثنا الزّبير بن بكار قال :

فمن ولد موسى بن محمّد : عيسى بن موسى ، وله يقول إبراهيم بن علي بن هرمة :

__________________

(١) الأصل : «المجلس حكم» والمثبت عن الجليس الصالح.

(٢) كذا بالأصل ، وفي الجليس الصالح : «الجريرية» نسبة إلى جرير بن عبد الله ، وبهامشه عن إحدى نسخه : «الجويرية» كالأصل.

١٦

قضيت اللبانة من حاجتي

وقلت لعبدي : قم فارحل

فقال لي الناس : إن الحيا

أتاك مع الملك المقبل

أتتك الرواحل والملجمات

بعيسى بن موسى فلا تعجل

تأنّيت أرجوك ، إنّ الرجاء

منك على الخبر الأفضل

فأنت كريم بني هاشم

إذا المجد ولى إلى المفضّل

سبوق إلى قصبات العلا

عطوف اليدين على العيّل

فدونكها يا بن ساقي الحجيج

فإنّي بها عنك لم أبخل

وماء البحر تصطك أعراقه

بمثل عابر أو يذبل

يحيل السفينة حتى ترى

كأنّ السفينة في أفكل (١)

بأجود منك إذا العاذلات

غيظا عضضن على الأنمل

فدونك دلوي فقد دليت

إلى فلح زاجر المحفل

يعم الثماد ونعش الدنا

بملتطم موجه أطحل (٢)

إذا احتجت عاتبت أمثالكم

وليس العتاب على الجندل

متى يهب الخير لا ينتزع

كما انتزعت كسوة المغزل

أبوك الوصي وأنت ابنه

وصي نبي الهدى المرسل

توارثتموها وكنتم بها

أحق وأولى من الجهّل

قال : وحدّثنا الزّبير ، حدّثني عبد الله بن محمّد بن المنذر ، عن صفية بنت الزّبير بن هشام بن عروة ، عن أبيها قال :

كان عيسى بن موسى إذا حج حج ناس من أهل المدينة فتعرضوا معروفه فوصلهم وأقالهم قالت : فمر أبي بأبي الشدائد الفزاري وهو ينشد بالمصلى :

عصابة إن حج عيسى حجّوا

وإن أقام بالعراق رجوا

قد لعقوا العبقة فلجّوا

فالقوم قوم حجّهم معوّج

ما هكذا كان يكون الحجّ

__________________

(١) الأفكل : الرعدة. والأفكل : الجماعة. والأفكل : السبق (راجع تاج العروس : فكل).

(٢) طحل الماء : فسد وأنتن وتغيرت رائحته. ورماد أطحل : إذا لم يكن صافيا ، والطحلة بالضم : لون بين الغبرة والسواد ببياض قليل (تاج العروس : طحل).

١٧

قالت : ثم لقي أبو الشدائد أبي بعد ذلك ، فسلّم عليه ، فلم يردّ عليه ، فقال له : ما لك يا أبا عبد الله لا تردّ السلام؟ فقال : لم أسمعك ، فمجوا حاج بيت الله فقال أبو الشدائد :

أي وربّ الكعبة المبنية

والله ما هجوت من ذي نيه

ولا امرئ ذي دعة نقيه

لكنني أرعى على البرية

من عصبة أغلّوا على الرعية

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، وعبد الله بن أحمد بن عمر ، قالا : أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا ابن رزقوية ، أنبأنا عثمان بن أحمد الدّقاق ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن مسروق ، حدّثنا أبو موسى الهاشمي قال :

ولد لجدي عيسى بن موسى ابنة فاغتمّ عليها ، وامتنع عن الطعام ، فبلغ ذلك بهلولا (١) ، فجاء (٢) إلى الحجاب ، فسألهم الإذن عليه ، فأبوا ، فقال بعضهم لبعض : دعوه لعله أن يكلم الأمير بكلام يسلّيه ، قال : فأذنوا له ، فدخل ، فلما رآه الأمير عيسى بن موسى أطرق قال : فقال له : بلغني أنّك ولد لك ابنة فاغتممت أيّما أخير لك ابنة عاقلة أو ابن مجنون مثلي؟ قال : ابنة عاقلة ، قال : فسلا ، ودعا بالطعام ، ووهب له.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم العلوي ، وأبو الوحش المقرئ عنه ، أنبأنا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد الفرضي ، حدّثنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم ـ إملاء ـ موسى بن يحيى المقرئ ، حدّثنا ابن أبي سعد ، حدّثني محمّد بن عبد الله بن طهمان قال : قال لي أبي :

دخل حبال ومندل على عيسى بن موسى فقال لهما : دعوتكما لخبر مضرب قريب ، ورزق مائتان في الشهر ما بردها على الكبد ، قال : فخرجنا ، وما في الحي يقال أهون علينا منه ، انه لحن.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن علي بن أحمد ، أنبأنا

__________________

(١) بالأصل وت : «بهؤلاء» والتصويب عن المختصر.

(٢) الأصل : «جاءوا» تصحيف ، والتصويب عن ت والمختصر.

١٨

أبو عبد الله أحمد بن إسحاق ، حدّثنا أحمد الأشناني ، حدّثنا موسى التّستري ، حدّثنا خليفة العصفري قال (١) :

وفيها يعني سنة ست وأربعين ومائة عزل عيسى (٢) بن موسى عن الكوفة ، ووليها محمّد ابن سليمان بن علي.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن هبة الله ، أنبأنا محمّد بن الحسن ، أنبأنا عبد الله بن جعفر (٣) ، نا يعقوب (٤) قال : سمعت أبا علي الشافعي قال : قال لنا محمّد بن داود بن عيسى في هذه الليلة بلغت سبعين سنة ولم يبلغها أحد من آبائي.

قال يعقوب (٥) : وفيها ـ يعني سنة سبع وستين ومائة ـ توفي عيسى بن موسى بالكوفة ، فأشهد الناس على وفاته روح بن حاتم وهو واليها ، وصلى عليه روح ، وكان يوم مات ابن خمس وستين سنة.

قرأت على أبي القاسم خلف بن إسماعيل بن أحمد ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا عبد الوهّاب الميداني ، أنبأنا أبو سليمان بن زبر ، أنبأنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال : قال الطّبري (٦) :

وفيها يعني سنة سبع وستين ومائة توفي عيسى بن موسى بالكوفة ، ووالي الكوفة يومئذ روح بن حاتم ، فأشهد روح بن حاتم على وفاته القاضي وجماعة من الوجوه ، ثم دفن ، وقيل : إنّ عيسى بن موسى توفي لثلاث بقين من ذي الحجة ، فحضر روح جنازته.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي ، أنبأنا أبو عبد الله النّهاوندي ، أنبأنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى ، حدّثنا خليفة قال (٧) :

وفيها يعني سنة ثمان وستين مات عيسى بن موسى.

__________________

(١) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٤٢٣ (ت. العمري).

(٢) في تاريخ خليفة : «علي بن موسى».

(٣) غير واضحة بالأصل ، وفي ت : «عبد الله بن يعقوب» والمثبت قياسا إلى سند مماثل.

(٤) الخبر في المعرفة والتاريخ ١ / ١٥٥.

(٥) المعرفة والتاريخ ١ / ١٥٥.

(٦) رواه الطبري في تاريخه ٨ / ١٦٤.

(٧) لم يرد له أي ذكر في تاريخ خليفة في حوادث سنة ١٦٨.

١٩

٥٥٢٥ ـ عيسى بن موسى

أبو محمّد ، ـ ويقال : أبو موسى ـ

أخو سليمان بن موسى القرشي (١)

من أهل دمشق.

روى عن عروة بن رويم اللّخمي ، والعلاء بن الحارث ، وإسماعيل بن عبيد الله ، ويونس بن ميسرة بن حلبس ، وغيلان بن أنس ، ويزيد بن عبيدة ، وأبي حازم الأعرج ، وربيعة بن يزيد.

روى عنه : الوليد بن مسلم ، وعمرو بن أبي سلمة ، ومحمّد بن سليمان بن أبي داود البومة.

قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر ، عن أبي سعد (٢) محمّد بن عبد الرّحمن ، أنبأنا أبو أحمد الحافظ ، أنبأنا محمّد بن مروان ـ وهو ابن خريم ـ حدّثنا محمود هو ابن خالد ، حدّثنا الوليد قال : وأخبرني عيسى بن موسى أبو محمّد وغيره قالوا : أنبأنا إسماعيل بن عبيد الله أن قيس بن الحارث المذحجي ـ حدّثنا به ـ دخل هو والصّنابحي على عبادة بن الصّامت في مرضه الذي قبض فيه ، فقال عبادة حين نظر إلى الصّنابحي :

من سرّه أن ينظر إلى رجل كأنّما صعد إلى السماء فهو يعمل بما رأى فلينظر إلى هذا ، ثم قال : مرحبا بأبي عبد الله ، والله لئن شفعت لأشفعن لك ، ولئن استشهدت لأشهدنّ لك ، ولئن قدرت لأنفعنك ، ثم قال : أقعدوني ، فأقعد ، ثم قال : أما إنّي سأحدثكم حديثا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولو علمت أن أقوم من مضجعي هذا لم أحدثكموه ـ مع أنه قد كان يعمل ـ إنّي أحدثكم بحديث ، فليحدّث الحاضر منكم الغائب ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من مات لا يشرك بي شيئا فقد حرّم الله عليه النار» (٣) [١٠٣٤٩].

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن هبة الله ، أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب (٤) ، حدّثني صفوان (٥) ، حدّثنا الوليد ،

__________________

(١) ترجمته في تهذيب الكمال ١٤ / ٥٨٠ وتهذيب التهذيب ٤ / ٤٦٤ التاريخ الكبير ٦ / ٣٩٤.

(٢) بالأصل : سعيد ، تصحيف ، والتصويب عن ت.

(٣) رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ ٢ / ٣٥٩ مختصرا.

(٤) المعرفة والتاريخ ٢ / ٣٦٠.

(٥) هو صفوان بن صالح أبو عبد الملك الدمشقي ، ترجمته في تهذيب الكمال ٩ / ١١٤.

٢٠