تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٨

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٨

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

لا قوم أعظم أحلاما إذا ذكروا

منهم وهم لعدوّ الله أعداء

ولا يخاف عشائرهم غوائلهم

ويمنعون وإن لاقوا أشداء

أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنبأنا أبو صالح المؤذن ، أنبأنا أبو الحسن بن السقا ، حدّثنا محمّد بن يعقوب ، حدّثنا عباس قال : سمعت يحيى بن معين يقول : حدّثنا عبد الصّمد ابن عبد الوارث قال : سمعت أبي يحدّث قال : أنشدني إسحاق بن سويد :

أما النبيذ.

فذكر الخمسة الأبيات الأول ، كما هاهنا وذكر بعدها :

عابوا عليّ من قرا تشمير أزرهم

وحظه العائب التشمير حمقاء

إنّ المنافق لا تصفو خليقته

فيها مع الهمز إيماض وإيماء

عدوّهم كلّ قارئ مؤمن ورع

وهم لمن كان شريبا أخلّاء

ومن يسوّي نبيذيّا يعاقره

بقارئ وخيار الناس قرّاء

قرأت على أبي الفتح الفقيه ، عن أبي الفتح الزاهد ، حدّثني أبي الحسن بن السمسار ، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن يوسف البغدادي ، حدّثنا الحسن بن رشيق ، حدّثنا يموت بن المزرّع ، حدّثنا رفيع بن سلمة المعروف بدماد ، حدّثني أبو عبيدة معمر بن المثنّى قال :

لقي جرير ذا الرمة فقال له : هل لك في المهاجاة؟ فقال ذو الرمة : لا ، فقال جرير : كأنك هبتني؟ قال : لا والله ، قال : فلم لا تفعل؟ قال : لأن جرمك قد هتكهن .... (١) وما ترك الشعر في نسوانك مربعا.

في نسخة الكتاب الذي أخبرنا به أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا عبد الوهّاب بن علي ، أنبأنا علي بن عبد العزيز قال : قرئ على أحمد بن جعفر ، أنبأنا الفضل بن الحباب ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن سلّام قال (٢) :

ويقال إنّ ذا الرمة راوية راعي الإبل ولم يكن له حظ في الهجاء كان مغلّبا.

قال ابن سلّام وأخبرني أبو البيداء الرياحي قال : قال جرير قاتل الله ذا الرمة حين يقول (٣) :

__________________

(١) بدون إعجام بالأصل ورسمها : «الا سفله».

(٢) طبقات الشعراء ، لابن سلام الجمحي ص ١٩٦.

(٣) الخبر والشعر في الأغاني ١٨ / ١٤ والبيت في ديوانه ص ١٧٣.

١٨١

ومنتزع من بين نسعيه جرّة

نشيج الشّجا جاءت إلى ضرسه نزرا (١)

أما والله لو قال : «من بين جنبيه» ما كان عليه من سبيل.

قال ابن سلّام (٢) : وأخبرني أبو الغرّاف قال : مرّ ذو (٣) الرمة بمنزل لامرئ القيس بن زيد مناة يقال له : مرأة (٤) ، به نخل ، فلم ينزلوه ولم يقروه فقال (٥) :

نزلنا وقد طال النهار وأوقدت

عليها (٦) حصى المعزاء شمس تنالها

أنخنا وظلّلنا بأبراد يمنة

عتاق وأسياف قديم صقالها (٧)

فلمّا رآنا أهل مرأة أغلقوا (٨)

مخادع لم ترفع لخير ظلالها

وقد سمّيت باسم امرئ القيس قرية

كرام صواديها لئام رجالها (٩)

فلجّ الهجاء بين ذي الرمة وبين هشام المرائي (١٠) فمرّ الفرزدق بذي الرمة وهو ينشد (١١) :

وقفت على ربع لميّة ناقتي

فما زلت أبكي عنده وأخاطبه

وأسقيه حتى كاد مما أبثّه

تكلّمني أحجاره وملاعبه

فقال الفرزدق : ألهاك البكاء (١٢) في الديار ، والعبد يرجز بك في المقبرة (١٣) يعني هشاما.

__________________

(١) الشجا : هو عود يعترض في الحلق.

(٢) الخبر والشعر في طبقات الشعراء ١٧٠ ـ ١٧١ والأغاني ١٨ / ١٧ ـ ١٨.

(٣) بالأصل : ذا الرمة.

(٤) بالأصل : «مره» وفي طبقات الشعراء : «مرآة» والمثبت عن الأغاني.

(٥) الأبيات في ديوانه ص ٥٤٢.

(٦) صدره في الديوان :

نزلنا وقد غار النهار وأوفدت علينا

(٧) هذه رواية ابن سلام والأغاني ، وروايته في الديوان :

بنينا علينا ظل أبراد يمنة

على سمك أسياف قديم صقالها

(٨) صدره في الديوان :

فلما دخلنا جوف مرأة غلقت دساكر

(٩) الصوادي جمع صادية ، وهي النخل التي بلغت عروقها الماء وطالت ، فهي لا تحتاج إلى سقي.

(١٠) في طبقات الشعراء : «المزني» وفي الأغاني : المرئي.

(١١) ديوانه ص ٣٨ والأغاني ١٨ / ١٨.

(١٢) في طبقات الشعراء لابن سلام : التبكاء.

(١٣) في الأغاني : والعبد يرتجز بك في المقابر.

١٨٢

فكان ذو الرمة مستعليا هشاما حتى لقي جرير هشاما ، فقال : غلبك العبد ـ يعني ذا الرمة ـ قال : فما أصنع يا أبا حزرة وأنا راجز وهو يقصّد ، والرّجز لا يقوم للقصيد في الهجاء؟ فلو رفدتني ، فقال جرير ـ لتهمته ذا الرمة وميله (١) إلى الفرزدق ـ قل له (٢) :

غضبت لرهط (٣) من عديّ تشمسوا

وفي أيّ يوم (٤) لم تشمّس رجالها

وفيم عديّ عند (٥) تيم من العلا

وأيّامنا اللّاتي يعدّ فعالها

وضبّة عمي يا بن جلّ (٦) فلا ترم

مساعي قوم ليس منك سجالها

يماشي عديّا لؤمها ما تجنّه

من الناس ما ماشت عديّا ظلالها

فقل لعديّ تستعن بنسائها

عليّ فقد أعيت عديّا رجالها

أذا الرّمّ قد قلّدت قومك رمّة

بطيئا بأيدي المطلقين انحلالها

قال أبو عبد الله : فحدّثني أبو الغرّاف قال :

لما بلغت الأبيات ذا الرمة قال:والله ما هذا بكلام هشام ، ولكنه كلام ابن الأتان (٧).

قال ابن سلّام وحدّثني أبو البيداء قال : لما سمعها قال : هو [والله] شعر حنظلي بحوري (٨) وغلب هشام على ذي الرمة.

قال : وحدّثني ابن سلّام قال : وحدّثني أبو الغرّاف قال : زاد الحكم بن عوانة الكلبي ذا الرمة في بعض قوله فقال فيه (٩) :

فلو كنت من كلب صحيحا (١٠) هجوتكم

جميعا ولكن لا أخا لك من كلب

ولكنما أخبرت (١١) أنك ملصق

كما ألصقت من غيرها ثلمة القعب

__________________

(١) الأصل : ومثله ، والمثبت عن ابن سلام ، وفي الأغاني : بالميل.

(٢) الأبيات في ديوان جرير ط بيروت ص ٣٦٥ ، وفي طبقات الشعراء لابن سلام ص ١٧١ ـ ١٧٢ والأغاني ٨ ـ ٥٥ في ترجمة جرير ، و ١٨ / ١٩ ضمن أخبار ذي الرمة.

(٣) كذا بالأصل وابن سلام ، وفي الديوان والأغاني ٨ / ٥٦ «عجبت لرحل» وفي الأغاني ١٨ / ١٩ غضبت لرجل.

(٤) الأصل : «قوم» والمثبت عن المصادر.

(٥) الأصل : «عبد تيم» والمثبت عن المصادر.

(٦) الأصل وابن سلام : «حل» وفي الديوان : «خل» والمثبت عن الأغاني ، وهو جل بن عدي بن عبد مناة بن ود.

(٧) يعني جريرا.

(٨) كذا رسمها بالأصل ، وفي ابن سلام : «غدري» وفي الأغاني ١٨ / ١٩ «عذري» وبهامشها عن نسخة : «نجودي».

(٩) الأبيات في ديوان ذي الرمة ص ٥٣.

(١٠) في الديوان : صميما هجوتها.

(١١) في الديوان : ولكنني خبّرت.

١٨٣

تدهدى فخرّت ثلمة من صحيحه (١)

فلزّ بأخرى بالغراء وبالشّغب

أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن الدّاراني ، أنبأنا سهل بن بشر ، أنبأنا عبد الوهّاب بن الحسين بن عمر بن برهان ، أنبأنا الحسين بن محمّد بن عبيد العسكري ، حدّثنا محمّد بن العباس اليزيدي ، حدّثنا العباس بن الفرج الرّياشي ، حدّثنا ابن سلّام (٢) عن ابن أبي عدي قال :

قال ذو الرمة أنا ابن نصف [عمر](٣) الهرم ، أنا ابن أربعين سنة.

في نسخة الكتاب الذي أخبرنا به أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو محمّد السكري ، أنبأنا أبو الحسن الظاهري قال : قرئ على أحمد بن جعفر ، أنبأنا أبو خليفة الجمحي ، حدّثنا محمّد بن سلّام ، قال : وحدّثني محمّد بن أبي عدي الفقيه قال :

قال ذو الرمة بلغت نصف الهرم ، أنا ابن أربعين سنة ، ولم يبق ذو الرمة بعد ذلك إلّا قليلا لأنه مات شابا.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن هبة الله ، أنبأنا أبو الحسين ابن بشران ، أنبأنا أبو علي بن صفوان ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني أبو عبد الله الصّيرفي ، حدّثني أبو حفص الأسدي ، حدّثني أبو الوجيه ابن بنت ذي الرمة ، حدّثني مسعود يعني أخا ذي الرمة قال :

كنا بالبدو فحضرت ذا الرمة الوفاة فقال : احملوني إلى الماء يصل عليه أهل الإسلام ، فحملناه على باب ، فأغفى إغفاءة ثم انتبه فنقر الباب ، فقال مسعود قلت : لبيك ، قال : هذا والله الحقّ البين لا حين أقول (٤) :

عشية ما لي حيلة غير أنّني

بلقط الحصى والخطّ في الدار مولع

كأنّ سنانا فارسيا أصابني

على كبدي بل لوعة الحب (٥) أوجع

أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع اللفتواني ، أنبأنا أبو عمرو بن مندة ، أنبأنا أبو محمّد بن يوه ، أنبأنا أبو الحسن اللنباني ، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال : قال زبير بن بكار ، حدّثني جهيم (٦) بن مسعدة قال :

__________________

(١) في الديوان : من صميمه.

(٢) الخبر في طبقات الشعراء لابن سلام ص ١٧٢.

(٣) زيادة للإيضاح عن ابن سلام.

(٤) البيتان في ديوانه ص ٣٤٢ و ٣٤٣.

(٥) في الديوان : لوعة البين أوجع.

(٦) في الأغاني ١٨ / ٤٤ جهم بن مسعدة.

١٨٤

دخل رجل على ذي الرمة وهو يجود بنفسه ، فقال : كيف تجدك يا غيلان قال : أجدني والله أجد ما لا أجد أيام أزعم أنّي أجد فأقول (١) :

كأنّي غداة البين يا ميّ مدنف

يجود بنفس قد أتاها حمامها (٢)

قرأت بخط أبي الحسن رشا بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنبأنا أبو القاسم عبد الرزّاق بن أحمد بن عبد الحميد ، حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن جعفر بن محمّد بن ورد ، حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن حميد البصري القاضي ، حدّثنا سهل بن محمّد ، حدّثني عبد الملك بن قريب ، حدّثني عيسى بن يونس قال :

احتضر ذو الرمة بأصبهان بمدينة جي قال : فرفع رأسه إلى الذي كان عند رأسه فقال : هذا والله يوم لا يوم أقول :

كأنّي غداة الزّرق يا ميّ مدنف

أعالج نفسا قد أتاها حمامها

اللهم إنّي لا قويّ فانتصر ، ولا بريء فأعتذر ، ولكن لا إله إلّا أنت ، ثم مات.

أخبرنا أبو طاهر محمّد بن محمّد بن عبد الله ، أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن عبد الله المديني ، حدثنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم المزكي ـ إملاء ـ أنبأنا أبو بكر محمّد بن داود بن سليمان ، حدّثني إبراهيم بن عبد الواحد العبسي قال : سمعت وزيرة بن محمّد يقول : سمعت إسحاق بن أبي الخصيب يقول : سمعت الأصمعي يقول :

مات ذو الرمة عطشانا وأتي بالماء وبه رمق فلم ينتفع به فكان آخر ما تكلم به قوله (٣) :

يا مخرج الرّوح من نفسي (٤) إذا احتضرت

وفارج الكرب زحزحني عن النّار

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن اللّالكائي ، أنبأنا أبو الحسين علي ابن محمّد بن بشران ، أنبأنا أبو علي بن صفوان ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني هارون ابن أبي يحيى ، عن محمّد بن زياد بن زبّار الكلبي ، عن العلاء بن برد بن سنان ، قال :

__________________

(١) البيت في ديوانه ص ٦٣٧ والأغاني ١٨ / ٤٣ و ٤٤.

(٢) رواية البيت في الديوان :

كأني غداة الزرق بامي مدنف

يكيد بنفس قد أجمّ حمامها

وقوله : مدنف : شديد المرض.

(٣) البيت في ملحق ديوان ذي الرمة ص ٦٦٧ والأغاني ١٨ / ٤٤.

(٤) في المصدرين : من جسمي.

١٨٥

حدّثني من مرّ بالحفر (١) حفر أبي موسى الأشعري ـ فصادف ذا الرمّة في الموت فقال :

يا مخرج الرّوح من نفسي إذا احتضرت

وكاشف الكرب زحزحني عن النار

ثم مات.

وبلغني عن أبي يوسف يعقوب بن السكيت صاحب كتاب : «إصلاح المنطق» : أنّ ذا الرمة بلغ أربعين سنة ، وتوفي وهو خارج إلى هشام بن عبد الملك ، فدفن بحزوى (٢) وهي الرملة التي كان يذكرها في شعره (٣).

٥٥٦٧ ـ غيلان بن أبي غيلان

 وهو غيلان بن يونس ، ويقال : ابن مسلم

 أبو مروان القدري (٤)(٥)

مولى عثمان بن عفّان.

روى عنه : يعقوب بن عتبة.

وكانت داره بدمشق في ربض باب الفراديس ، شرقي المقابر في الزقاق.

أخبرنا أبو النجم هلال بن الحسين بن محمود الخياط ، أنبأنا أبو منصور محمّد بن محمّد بن أحمد بن الحسين ، أنبأنا أبو أحمد عبيد الله بن أبي مسلّم الفرضي ، أنبأنا أبو محمّد علي بن عبد الله بن المغيرة ، أنبأنا أحمد بن سعيد الدمشقي ، حدّثني الزّبير بن بكّار ، حدّثني علي بن محمّد بن عبد الله ، عن عوانة ، عن الشعبي قال :

دخل غيلان يوما على عمر بن عبد العزيز فرآه أصفر الوجه ، فقال له عمر : يا أبا مروان ما لي أراك أصفر الوجه؟ قال : يا أمير المؤمنين أمراض وأحزان ، قال : لتصدقني ، قال

__________________

(١) الحفر : بفتحتين ، وهو ركايا أحفرها أبو موسى الأشعري على جادة البصرة إلى مكة بينه وبين البصرة خمس ليال (معجم البلدان).

(٢) حزوى : بضم أوله وتسكين ثانيه ، من رمال الدهناء (معجم البلدان).

(٣) في وفيات الأعيان ١٤ / ١٦ أن وفاته كانت سنة سبع عشرة ومائة.

(٤) رسمها مضطرب بالأصل وبدون إعجام فيه وصورتها : «العدوي» والمثبت.

(٥) ترجمته في ميزان الاعتدال ٣ / ٣٣٨ والملل والنحل للشهرستاني ١ / ١٤٢ وعيون الأخبار لابن قتيبة ٢ / ٣٤٥ وفهرست ابن النديم (الفن الثاني من المقالة الثالثة) ، والمعارف لابن قتيبة ص ٢١٢ والحيوان ٢ / ٧٥ والأعلام للزركلي ٥ / ١٢٤ ، ولسان الميزان ٤ / ٤٢٤ والفرق بين الفرق للبغدادي ص ١٥٤ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ١٠١ ـ ١٢٠) ص ٤٤١ والضعفاء الكبير للعقيلي ٣ / ٤٣٦ والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ٦ / ٩.

١٨٦

غيلان : يا أمير المؤمنين ، ذقت حلو الدنيا فوجدته (١) مرّا ، فأسهرت لذلك ليلي وأظمأت له نهاري ، وكلّ ذلك حقير في جنب ثواب الله وعقابه ، فقال رجل ممن كان في المجلس : ما سمعت بأبلغ (٢) من هذا الكلام ، ولا أنفع منه لسامعه ، فأنّى (٣) أوتيت هذا العلم؟ قال غيلان : إنّما قصّر بنا عن علم ما جهلنا تركنا العمل بما علمنا ، ولو أننا عملنا بما علمنا (٤) لأورثنا سقما لا تقوم له أبداننا.

أخبرنا أبو القاسم بن عبد الله الواسطي ، أنبأنا أبو بكر الخطيب ، وحدّثني أبو عبد الله البلخي ، أنبأنا أبو منصور محمّد بن الحسين بن هريسة ، قالا : أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمّد ابن غالب ، أنبأنا حمزة بن محمّد بن علي ، حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن سعيد.

ح وأخبرنا أبو الغنائم بن النّرسي في كتابه ، وحدّثنا أبو الفضل بن ناصر [و] أحمد بن الحسن ، والمبارك بن عبد الجبّار ، ومحمّد بن علي ـ واللفظ له ـ قالوا : أنبأنا أبو أحمد ـ زاد أحمد : ومحمّد بن الحسن قالا : ـ أنبأنا أحمد بن عبدان ، أنبأنا محمّد بن سهل ، قالا : أنبأنا محمّد بن إسماعيل (٥) قال :

غيلان بن أبي غيلان أبو مروان مولى عثمان بن عفّان [ـ زاد ابن سهل : القرشي ـ وقال ابن بشار : ـ سمّاه ابن سهل : محمّد : ـ أنبأنا معاذ ، عن ابن عون](٦) قال : مررت بغيلان فإذا هو مصلوب على باب الشام ـ وقال ابن شعيب : بالشام ـ روى عنه يعقوب بن عتبة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنبأنا حمزة بن يوسف ، أنبأنا أبو أحمد بن عدي ، قال (٧) : سمعت ابن حمّاد يقول : قال البخاري : غيلان بن أبي غيلان أبو مروان مولى عثمان ، روى عنه يعقوب بن عتبة ، قال ابن عون : مررت بغيلان مصلوبا على باب الشام.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن العباس ، أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف ، أنبأنا أبو سعيد بن حمدون ، أنبأنا مكي بن عبدان قال : سمعت مسلم بن الحجّاج يقول :

__________________

(١) الأصل : فوجدت.

(٢) الأصل : «بما بلغ» والمثبت عن المختصر.

(٣) الأصل : فاني.

(٤) كذا بالأصل ، وفي المختصر : تكلمنا.

(٥) التاريخ الكبير للبخاري ٧ / ١٠٢ ـ ١٠٣.

(٦) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل وبعده صح ، وانظر التاريخ الكبير.

(٧) رواه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال ٦ / ٩ ـ ١٠ طبعة دار الفكر.

١٨٧

أبو مروان غيلان بن أبي غيلان مولى عثمان صاحب القدر ، روى عنه يعقوب بن عتبة.

قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى ، أنبأنا أبو نصر الوائلي ، أنبأنا الخصيب بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن ، أخبرني أبي قال :

أبو مروان غيلان القدري.

أخبرنا أبو القاسم [اسماعيل](١) بن أحمد بن عمر ، أنبأنا إسماعيل بن مسعدة ، أنبأنا أبو القاسم السهمي ، أنبأنا أبو أحمد قال (٢) :

وغيلان هذا هو الذي يعرف بغيلان القدري ، ويروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في ذمّه ، ولا أعلم له من المسند شيئا.

أنبأنا أبو جعفر محمّد بن [أبي](٣) علي ، أنبأنا أبو بكر الصفّار ، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال :

أبو مروان غيلان بن أبي غيلان القرشي مولى عثمان بن عفّان صاحب القدر ، صلب بالشام ، روى عنه يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس الحجازي (٤) ، وأبو عاصم سعيد بن إياس الهاشمي.

كذا فيه وإنما هو ابن زياد.

أخبرنا أبو القاسم الحسين بن علي بن الحسين ، وأبو الفتح المختار بن عبد الحميد ، وأبو المحاسن أسعد بن علي ، وأبو عبد الله محمّد بن العمركي بن نصر ، قالوا : أنبأنا عبد الرّحمن بن محمّد بن المظفر ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن حموية ، أنبأنا إبراهيم بن خزيم ، حدّثنا عبد بن حميد ، حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، حدّثني الوليد بن مسلم ، وعبد المجيد بن أبي رواد ، عن مروان بن سالم ، عن خالد بن معدان ، عن عبادة بن الصّامت قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«يكون في أمّتي رجلان أحدهما : وهب يهب الله له الحكمة ، والآخر غيلان فتنته على هذه الأمة أشدّ من فتنة الشيطان» [١٠٣٩٦].

قال أبو محمّد : سمعته من عبد المجيد.

__________________

(١) زيادة منا ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٢٨.

(٢) الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ٦ / ١٠ طبعة دار الفكر ـ بيروت.

(٣) كتبت تحت الكلام بين السطرين بالأصل.

(٤) ترجمته في تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٤٠ طبعة دار الفكر.

١٨٨

كذا قال : وقد أسقط من إسناده الأحوص بن حكيم.

أخبرناه أبو الفضل محمّد بن أحمد بن زهير بن حرب ، حدّثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي ، حدّثنا الوليد بن مسلم ، عن مروان بن سالم الجزري ، حدّثنا الأحوص بن حكيم ، عن خالد بن معدان ، عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يكون في أمّتي رجل يقال له غيلان ، هو أضرّ على أمّتي من إبليس» [١٠٣٩٧].

وأخبرتنا به عاليا أم المجتبى العلوية ، قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنبأنا ابن المقرئ ، أنبأنا أبو يعلى ، حدّثنا الهيثم بن خارجة أبو أحمد المروذي (١) ، حدّثنا الوليد بن مسلم ، عن مروان بن سالم القرقساني (٢) ، حدّثنا الأحوص بن حكيم ، عن خالد بن معدان ، عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«يكون في أمّتي رجل يقال له وهب ، يهب الله له الحكمة ، ورجل يقال له غيلان هو أضرّ على أمّتي من إبليس» [١٠٣٩٨].

رواه مسلمة بن علي البلاطي (٣) عن أزهر بن حكيم بدلا من أحوص.

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنبأنا أبو بكر بن ريذة ، أنبأنا سليمان بن أحمد الطّبراني ، حدّثنا مسعود بن محمّد الرّملي ، حدّثنا عمران بن هارون الصوفي ، حدّثنا مسلمة ابن علي الخشني (٤) عن أزهر بن حكيم ، عن خالد بن معدان ، عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«يكون في أمّتي رجلان أحدهما باليمن يقال له وهب ، يهب الله له حكمة ، والآخر بالشام يقال له غيلان هو أشدّ على أمّتي فتنة من الشيطان» [١٠٣٩٩].

وروي من وجه آخر عن خالد بن معدان.

أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن الآبنوسي.

__________________

(١) ترجمته في تهذيب الكمال ١٩ / ٣٤٠ طبعة دار الفكر.

(٢) ترجمته في سير أعلام النبلاء ٩ / ٣٥ وتهذيب الكمال ١٨ / ١٦ شامي ، وقيل أصله من دمشق وسكن قرقيسيا من الجزيرة.

(٣) البلاطي نسبة إلى البلاط ، قرية من قرى غوطة دمشق الدائرة ، ويطلق عليها «بيت البلاط» وهي بجوار قرية المنيحة ..

(٤) الخشني : بضم الخاء وفتح الشين المعجم ثم نون كما في تقريب التهذيب.

١٨٩

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور.

قالا : أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، حدّثنا أبو القاسم البغوي ، حدّثنا محمّد بن بكّار بن الرّيّان (١) ، حدّثنا حسان بن إبراهيم ، عن يحيى بن ريان ، عن عبد الله بن راشد ، عن خالد بن معدان ، عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«يكون في أمّتي رجلان أحدهما يقال له غيلان هو شر على أمّتي من إبليس» [١٠٤٠٠].

رواه ابن المديني عن حسان فزاد في إسناده رجلا غير مسمّى.

أخبرناه أبو غالب أحمد بن الحسن ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن عمران ، حدّثنا محمّد بن محمّد بن سليمان ، حدّثنا علي بن المديني ، حدّثنا حسان بن إبراهيم ، حدّثنا يحيى بن ريان ، أنبأنا عبد الله بن راشد ، عن مولى لسعيد بن عبد الملك قال : سمعت خالد بن معدان يحدّث عن عبادة بن الصامت قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«سيكون في أمتي رجلان ، أحدهما يقال له وهب يؤتيه الله الحكمة ، والآخر يقال له غيلان هو أشدّ على أمّتي من إبليس» [١٠٤٠١].

وروي من وجه آخر مرسلا :

أخبرناه أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن ، أنبأنا سهل بن بشر ، أنبأنا أبو بكر الخليل بن هبة الله بن الخليل ، أنبأنا عبد الوهّاب الخلاد ، أنبأنا أبو الجهم أحمد بن الحسين ابن طلّاب ، حدّثنا العباس بن الوليد بن صبح الخلّال ، حدّثنا مروان بن محمّد ، حدّثنا محمّد ابن عبد الله الشّعيثي (٢) ، قال :

كنت جالسا عند مكحول قال : ومعه غيلان قال : إذ أقبل شيخ من أهل البصرة قال : فجلس (٣) إلى مكحول ، قال : فسلّم عليه ، قال : ثم قال له مكحول : كيف سمعت الحسن (٤) يقول في آية (٥) كذا وكذا؟ فأخبره بشيء لم أحفظه ، قال : ثم أقبل عليه يسأله عن شيء من كلام الحسن؟ قال ، فقال غيلان : يا أبا عبد الله أقبل عليّ ودع هذا عنك ، قال : فغضب مكحول ، ـ

__________________

(١) ترجمته في تهذيب الكمال ١٦ / ١٤٠ طبعة دار الفكر.

(٢) بالأصل : الشعثي ، تصحيف ، والصواب ما أثبت ، راجع ترجمته في تهذيب الكمال ١٦ / ٤٦٣ ط. دار الفكر.

والخبر في المختصر ، وفيه : قال الشعبي ...

(٣) بالأصل : يجلس.

(٤) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والتصويب عن المختصر.

(٥) في المختصر : أنه.

١٩٠

وكان شديد الغضب ـ قال : ثم قال : ويلك يا غيلان إنه قد بلغني أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«سيكون في أمّتي رجل يقال له غيلان هو أضرّ عليها من إبليس» ، فإيّاك أن تكون أنت هو ، ثم قام وتركه [١٠٤٠٢].

أخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو عبد الله ، أنبأنا أبو الحسن محمّد ابن عوف بن أحمد المزني (١) ، أنبأنا أبو العباس محمّد بن موسى بن الحسين بن السمسار ، أنبأنا محمّد بن خريم ، حدّثنا هشام بن عمّار ، حدّثنا معاوية بن يحيى ، حدّثنا أرطأة بن المنذر ، عن يحيى بن مسلم قال :

أتيت بيت المقدس للصلاة فيه ، فلقيت رجلا ، فقال : هل لك في إخوان لك؟ قلت : نعم ، قال : فبت الليلة ، فإذا أصبحت لقيتك ، فلما أصبح لقيني ، فقال : هل رأيت الليلة في منامك شيئا؟ قلت : لا ، إلّا خيرا ، قال : فصنع بي ذلك ثلاث ليال ثم قال : انطلق ، فانطلقت معه حتى أدخلني سربا فيه غيلان والحارث الكذاب في أصحاب له ، ورجل يقول لغيلان : يا أبا مروان ما فعلت الصحيفة التي كنا نقرؤها بالأمس ، قال : عرج بها إلى السماء فأحكمت ثم أهبطت ، فقلت : إنّا لله ، ما كنت أرى أنّي أبقى حتى أسمع بهذا في أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، حدّثنا أبو محمّد الكتاني (٢) ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنبأنا أبو الميمون ، حدّثنا أبو زرعة (٣) ، حدّثنا محمّد بن المبارك ، حدّثني الوليد بن مسلم ، حدّثني المنذر بن نافع قال :

سمعت خالد بن اللّجلاج (٤) يقول لغيلان : ويحك يا غيلان ، ألم أجدك في شبيبتك ترامي النساء بالتفاح في شهر رمضان؟ ثم صرت حارثيا (٥) تخدم امرأة تزعم أنها أم المؤمنين؟ ثم تحوّلت فصرت قدريا زنديقا؟

قال أبو زرعة : وقد رواه أبو مسهر عن المنذر بن نافع نفسه عن خالد بن اللّجلاج نحوا منه.

__________________

(١) بالأصل : المري ، تصحيف ، والصواب ما أثبت. ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٥٥٠.

(٢) بالأصل : الكناني ، تصحيف ، والصواب ما أثبت : الكتاني.

(٣) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه ١ / ٣٧١.

(٤) ترجمته في تهذيب التهذيب ٣ / ١١٥ والتاريخ الكبير للبخاري ٢ / ١ / ١٥٦.

(٥) يعني نسبة إلى حارث بن سعيد المتنبئ ، وقد ظهر في أيام عبد الملك بن مروان.

مرت ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق بتحقيقنا ١١ / ٤٢٧ رقم ١١٣٢.

١٩١

أخبرنا أبو محمّد بن أبي الحسن ، أنبأنا سهل بن بشر ، حدّثنا الخليل بن هبة الله ، أنبأنا عبد الوهّاب الكلابي ، حدّثنا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلّاب ، حدّثنا العباس بن الوليد ابن صبح ، حدّثنا أبو مسهر ، حدّثني المنذر بن نافع قال :

سمعت خالد بن اللّجلاج يقول : ويلك يا غيلان ، ألم تكن زفّانا (١)؟ ويلك يا غيلان ألم تكن قبطيا وأسلمت؟ ويلك يا غيلان ، ألم أجدك في شبيبتك (٢) وأنت ترامي النساء بالتفاح في شهر رمضان ثم صرت حارسا تخدم امرأة حارث الكذاب وتزعم أنها أم المؤمنين؟ ثم تحوّلت من ذلك فصرت قدريا زنديقا؟

أخبرنا (٣) أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا ثابت بن بندار ، أنبأنا محمّد بن علي بن يعقوب ، أنبأنا محمّد بن أحمد البابسيري ، حدّثنا الأحوص بن المفضّل بن غسّان ، حدّثنا أبي ، حدّثني الهيثم بن خارجة ، حدّثنا محمّد بن حرب ، عن المنذر بن نافع ، عن خالد بن اللّجلاج.

أنه قال لغيلان : يا غيلان ألم أجدك ترامي النساء بالتفاح في شهر رمضان ، ثم خرجت مع امرأة الحارث الذي تنبّأ ، تحجبها وتزعم أنّها أم المؤمنين ، ثم صرت بعد ذلك قدريا زنديقا ما أراك تخرج من هوى إلّا دخلت في شرّ منه.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن علي بن أحمد السّيرافي ، حدّثنا القاضي أبو عبد الله أحمد بن إسحاق بن خربان ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن يعقوب المتّوثي ، حدّثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، حدّثنا صفوان بن صالح الدمشقي ، حدّثنا محمّد بن شعيب قال : سمعت الأوزاعي يقول :

أول من نطق في القدر رجل من أهل العراق يقال له : سوسر كان نصرانيا فأسلم ثم تنصّر ، فأخذ عنه معبد الجهني (٤) ، وأخذ غيلان عن معبد.

رواها غيره ، فقال : سوسن (٥).

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنبأنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنبأنا الحسن بن

__________________

(١) زفّانا أي رقاصا ، (راجع اللسان : زفن).

(٢) في المختصر : شيبتك.

(٣) كتب فوقها في الأصل : ملحق.

(٤) ترجمته في تهذيب الكمال ١٨ / ٢٣٨.

(٥) ضبطت عن المختصر.

١٩٢

إسماعيل ، أنبأنا أحمد بن مروان ، حدّثنا أبو إسماعيل الترمذي ، حدّثنا نعيم ، حدّثنا عبد السّلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة (١) قال :

لقيت غيلان القدري فقلت له : من كان أشد الناس عليك كلاما؟ فقال : كان أشد الناس عليّ كلاما عمر بن عبد العزيز ، كأنه يلقن من السماء ، ولقد كنت أطلب له مسائل أعنته فيها ، فبينا أنا ذات يوم في السوق إذا دراهم بيض يقلبها اليهودي والنصراني والحائض والجنب ، قلت : إن يكن يوم أظفر به فاليوم ، قال : فدخلت عليه ، فقلت : يا أمير المؤمنين هذه الدراهم البيض فيها كتاب الله يقلّبها اليهودي والنصراني والحائض والجنب ، فإن رأيت أن تأمر بمحوها ، فقال : أردت أن تحتجّ علينا الأمم إن غيّرنا توحيد ربنا واسم نبيّنا ، قال : فبهتّ ، فلم أدر ما أردّ عليه.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو طاهر بن أبي الصقر ، أنبأنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر ، أنبأنا أبو بكر المهندس ، حدّثنا أبو بشر الدولابي ، حدّثنا محمّد بن المثنّى ، حدّثنا درست بن زياد (٢) أبو الحسن ، حدّثنا محمّد بن عمرو ، عن الزهري قال :

دخلت على عمر بن عبد العزيز وغيلان قاعد بين يديه ، فقال : يا غيلان ويلك ، ما هذا الذي أحدثت في الإسلام؟ فقال : يا أمير المؤمنين ما أحدثت في الإسلام شيئا ، قال : بلى ، قولك في القدر.

أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء ، أنبأنا منصور بن الحسين ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، حدّثنا أبو عروبة ، حدّثنا أيوب ، حدّثني ضمرة عن علي قال :

صلّيت المغرب ثم ركعت بعد المغرب ، فمرّ بي عمرو بن مهاجر صاحب حرس عمر ابن عبد العزيز فقال : ائت المنزل حتى أخبرك بما كان من أمر صديقك ـ يعني غيلان ـ فأتيته في منزله ، فقال : بعث أمير المؤمنين اليوم إلى غيلان ، فدخل عليه ، فقال : يا غيلان ، أكان فيما قضى الله وقدّر أن يخلق السموات والأرض؟ قال : نعم ، قال : أكان فيما قضى وقدّر أن يخلق آدم؟ قال في أشياء سأل عنها ، كلّ ذلك يقول : نعم ، وأنا خلف عمر أشير إلى غيلان إلى حلقي أنه الذبح ، فلما أراد أن يقوم قال : يا غيلان ، والله ما طنّ ذباب بيني وبينك إلّا بقدر.

__________________

(١) تقدمت ترجمته ، تاريخ مدينة دمشق ٨ / ٢٤٣ رقم ٦٥٢.

(٢) ترجمته في تهذيب الكمال ٦ / ٦٣ طبعة دار الفكر.

١٩٣

قال : وحدّثنا أبو عروبة ، حدّثنا بندار ، حدّثنا بشر بن عمر ، حدّثنا حمّاد بن سلمة ، عن أبي جعفر الخطمي قال :

قيل لعمر بن عبد العزيز : إنّ غيلان يقول في القدر ، فمرّ به غيلان ، فقال : ما تقول في القدر؟ فتعوّذ ، فتلى هذه الآية (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) إلى قوله : (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)(١) فقال عمر : إنّ الكلام فيه عريض طويل ، ما تقول في العلم ، أنافذ هو؟ قال : نعم ، قال : أما والله لو لم تقلها لضربت عنقك.

أخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو عبد الله ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن خريم ، حدّثنا هشام بن عمّار ، حدّثنا معاوية بن يحيى ، حدّثنا عمرو بن مهاجر قال :

استأذن غيلان على عمر بن عبد العزيز ، فأذن له ، فقال : ويحك يا غيلان ، ما الذي بلغني عنك أنك تقول؟ قال : إنّما أقول بقول الله (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) إلى قوله : (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) ، قال عمر : تمّ السورة ويحك أما تسمع الله يقول : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ)(٢) ويحك يا غيلان ، أما تعلم أن الله (جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ)(٣) إلى (الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)(٤) ، فقال غيلان : يا أمير المؤمنين لقد جئتك جاهلا فعلّمتني ، وضالا فهديتني ، قال : اخرج ولا يبلغني أنك تكلّم بشيء من هذا.

حدّثني أبو المعمّر الأنصاري ، أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبّار ، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد بن محمّد ، أنبأنا أبو حفص عمر بن محمّد الزيات ، أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن الحسين بن عبد الجبّار الصوفي ، حدّثنا الهيثم بن خارجة ، حدّثنا إسماعيل ابن عياش ، عن عمرو بن مهاجر قال :

قدم غيلان على عمر بن عبد العزيز فأتيت عمر فقلت : يا أمير المؤمنين قدم غيلان وهو بالباب ، قال : أدخله وأغلق الباب ، قال : فدخل على عمر ، فسلّم ودعا له ، ثم قال : اجلس ، فجلس ، وسأله عن الناس فأخبره صلاحا من الناس فحمد الله على ذلك ، ثم قال : ويحك يا غيلان ، ما هذا الكلام الذي بلغني عنك؟ قال : يا أمير المؤمنين أتكلّم وتسمع؟ قال : تكلّم ، قال : فقرأ (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) حتى بلغ (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) ثم

__________________

(١) بالأصل : «ما أظن» وفي المختصر : «ما أظن».

(٢) سورة الدهر ، الآيات ١ ـ ٣.

(٣) سورة الدهر ، الآية : ٣٠.

(٤) سورة البقرة ، الآيات ٣٠ إلى ٣٢.

١٩٤

سكت ، فقال له عمر : ويحك يا غيلان ، أمن هاهنا تأخذ الأمر وتدع بدء خلق آدم ، قال : هات يا أمير المؤمنين ، فقال عمر : قال الله عزوجل : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) إلى قوله : (ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)(١) فقال غيلان : صدقت يا أمير المؤمنين ، والله لقد جئتك ضالا فهديتني ، وأعمى فبصّرتني ، وجاهلا فعلّمتني ، والله لا أتكلّم في (٢) شيء من هذا الأمر أبدا ، قال عمر : لئن بلغني أنك تكلم في شيء من هذا الأمر أبدا لأجعلنّك نكالا للناس ، أو للعالمين ، قال عمر : وقد دسست إليه ناسا ، فكفّ عن ذلك ولم يتكلّم بشيء حتى مات عمر ، فلمّا مات عمر سال فيه سيل الماء أو سيل البحر.

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ، أنبأنا أبو الحسين بن حسنون ، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز ، حدّثنا داود بن رشيد ، حدّثنا الهيثم بن عمران الدمشقي قال : سمعت عمرو بن مهاجر قال :

بلغ عمر بن عبد العزيز أنّ غيلان وفلانا نطقا في القدر ، فأرسل إليهما ، فقال : [ما](٣) الأمر الذي تنطقان فيه؟ قالا : نقول يا أمير المؤمنين ما قال الله قال : وما قال الله؟ قالا (٤) : يقول : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً)(٥)(إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)(٦) قال : فقال : اقرءا ، فقرءا حتى إذا بلغا (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) إلى آخر السورة (٧) ، قال : كيف ترى يا بن الأتانة (٨) ، تأخذ بالفروع وتدع الأصول؟ قال : ثم بلغه أنهما قد أسرفا ، فأرسل إليهما وهو مغضب شديد الغضب ، فقام عمر ، وكنت (٩) خلفه قائما حتى دخلا عليه ، وأنا مستقبلهما ، فقال لهما : ألم يكن في سابق علم الله حين أمر إبليس بالسجود أنه لا يسجد؟ قال : فأومأت إليهما إيماء برأسي أن قولا : نعم ـ قال : والله ان لو لا مكاني يومئذ لسطا بهما ـ قال : فقالا : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : أولم يكن في سابق علم الله حين نهى آدم عن أكل الشجرة أن لا يأكلا منها

__________________

(١) من الآية ٣٣ من سورة البقرة.

(٢) كتبت تحت الكلام بين السطرين بالأصل.

(٣) زيادة لازمة للإيضاح.

(٤) الأصل : قال.

(٥) سورة الإنسان ، الآية : ١.

(٦) سورة الإنسان ، الآية : ٣.

(٧) من الآية ٢٩ من سورة الإنسان إلى آخر السورة.

(٨) كذا بالأصل : الأتانة ، بالتاء وهي قليلة ، ونص الصحاح : ولا تقل أتانة إنما يقال : الأتان. والأتان : الحمارة.

والأتان : المرأة الرعناء على التشبيه (راجع تاج العروس بتحقيقنا : أتن).

(٩) يعني راوي الخبر ، وهو عمرو بن مهاجر.

١٩٥

أنهما يأكلان منها؟ قال : فأومأت إليهما أيضا برأسي أن قولا : نعم ، فقالا : نعم ، قال : فأمر بإخراجهما ، وأمر بالكتاب إلى الأجناد بخلاف ما يقولون ، فلم يلبث (١) إلّا قليلا حتى مرض عمر ، فلم ينفذ ذلك الكتاب.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، أنبأنا عبد العزيز ابن علي الأزجي ، أنبأنا عبيد الله بن محمّد بن سليمان المخرمي ، حدّثنا جعفر بن محمّد الفريابي ، حدّثنا عبد الله بن عبد الجبّار الحمصي ، حدّثنا محمّد بن حمير ، عن محمّد بن مهاجر ، عن أخيه عمرو بن مهاجر قال :

بلغ عمر بن عبد العزيز أنّ غيلان يقول في القدر قال : فبعث إليه ، فحجبه أياما ثم أدخله عليه ، فقال : يا غيلان ، ما هذا الذي بلغني عنك؟ ـ قال عمرو بن مهاجر : فأشرت : ألا يقول شيئا ـ قال : فقال : نعم يا أمير المؤمنين ، إنّ الله يقول : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) الآية. قال : اقرأ من آخر السورة : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) ثم قال : ما تقول يا غيلان؟ قال : أقول قد كنت أعمى فبصّرتني ، وأصمّ فأسمعتني ، وضالا فهديتني ، فقال : اللهمّ إن [كان](٢) عبدك غيلان صادقا وإلّا فاصلبه ، فأمسك عن الكلام في القدر ، فبعث إليه هشام (٣) فقطع يده ، فمرّ به رجل والذباب على يده فقال له : يا غيلان هذا قضاء وقدر ، قال : كذبت لعمر (٤) الله ما هذا قضاء ولا قدر ، فبعث إليه هشام فصلبه.

أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا الحسين بن عمر ابن عمران الضّرّاب ، حدّثنا محمّد بن محمّد بن سليمان ، حدّثنا علي بن عبد الله بن جعفر المديني ، حدّثنا حسان بن إبراهيم الكرماني ، عن يحيى بن ريّان ، عن عبد الله بن راشد الدمشقي عن عمرو بن مهاجر صاحب حرس عمر بن عبد العزيز قال :

__________________

(١) بالأصل : يثبت ، والمثبت عن المختصر.

(٢) زيادة لازمة للإيضاح عن المختصر.

(٣) كذا بالأصل ، وثمة سقط في الكلام ، وتمام الرواية في المختصر : فأمسك عن الكلام في القدر ، فولاه عمر بن عبد العزيز دار الضرب بدمشق ، فلما مات عمر بن عبد العزيز وأفضت الخلافة إلى هشام ، تكلم في القدر فبعث إليه هشام ...

(٤) بالأصل : لعمرو.

١٩٦

تكلّم غيلان عند عمر بن عبد العزيز بشيء من أمر القدر ، فقال له عمر : يا غيلان اقرأ أي القرآن شئت ، فقرأ : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) حتى انتهى إلى هذه الآية (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) قال : فردّدها مرارا وكفّ عما بقي ، فقال له عمر : أتمّ السورة ، فقال : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) إلى آخرها ، قال : فقال له عمر : يا غيلان ، إنّ الله يقول : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) قال : أخبرني : حكيم فيما علم أم حكيم فيما لا يعلم؟ قال : بل حكيم فيما علم ، فقال له : أحييتني أحياك الله ، والله لكأني لم أعلم هذا من كتاب الله ، فقال له عمر بن عبد العزيز : اللهمّ إن كان صادقا فارفعه ووفّقه ، وإن كان كاذبا فلا تمته إلّا مقطوع اليدين والرجلين مصلوبا ، ثم قال : أمن يا غيلان ، ثم قال : أمّن يا عمرو بن مهاجر ، قال : فأمّنت أنا وغيلان على دعاء عمر بن عبد العزيز ، فلما خرج قال لي عمر : يا عمرو ، ويحه إنّه لمفتون ، قال عمرو بن مهاجر : فو الله إنّي لفي الرّصافة جالس (١) فقيل لي : قد قطعت يداه ورجلاه ، قال : فأتيته ، فوقفت عليه وإنّه لملقى فقلت له : يا غيلان هذه دعوة عمر بن عبد العزيز قد أدركتك ، قال : ثم أمر به فصلب.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي ، أنبأنا أحمد بن إسحاق النّهاوندي ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن يعقوب ، حدّثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، حدّثنا عبيد الله بن معاذ ، حدّثنا أبي ، حدّثنا محمّد بن عمرو الليثي أنّ الزّهري حدّثه قال :

دعا عمر بن عبد العزيز غيلانا فقال : يا غيلان ، بلغني أنّك تقول في القدر ، فقال : يا أمير المؤمنين إنّهم يكذبون عليّ ، قال : يا غيلان اقرأ علي يس ، فقرأ (يس ، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)(٢) حتى بلغ (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)(٣) فقال غيلان : والله يا أمير المؤمنين لكأنّي لم أقرأها قبل اليوم ، أشهدك يا أمير المؤمنين أنّي تائب إلى الله عزوجل مما كنت أقول في القدر ، فقال عمر : «اللهمّ إن كان صادقا فثبّته ، وإن كان كاذبا فاجعله آية للمؤمنين.

__________________

(١) وذلك في خلافة هشام بن عبد الملك ، وبعد موت عمر بن عبد العزيز.

(٢) سورة يس من أول السورة إلى الآية ١٠.

(٣) سورة يس من أول السورة إلى الآية ١٠.

١٩٧

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، أنبأنا عبد العزيز بن علي الأزجي ، أنبأنا عبيد الله بن محمّد بن سليمان المخرمي ، حدّثنا جعفر بن محمّد الفريابي ، حدّثنا عبيد الله بن معاذ ، حدّثنا أبي ، حدّثنا محمّد بن عمرو اللّيثي أن الزّهري حدّثهم قال :

دعا عمر بن عبد العزيز غيلان فقال : يا غيلان ، بلغني أنك تكلّم في القدر؟ فقال : يا أمير المؤمنين إنّهم يكذبون عليّ ، قال : يا غيلان ، اقرأ أول يس ، فقرأ (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) حتى أتى على (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) فقال غيلان : يا أمير المؤمنين ، والله لكأنّي لم أقرأها قطّ قبل اليوم ، أشهدك (١) يا أمير المؤمنين ، إنّي تائب مما (٢) كنت أقول في القدر ، فقال عمر : اللهمّ إن كان صادقا فثبّته ، وإن كان كاذبا فاجعله آية للمؤمنين.

قال : وحدّثنا معاذ ، حدّثنا أبي ، عن بعض أصحابه قال : حدّث محمّد بن عمرو بهذا الحديث ابن عون.

قال ابن عون : أنا رأيته مصلوبا على باب دمشق.

أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم ، أنبأنا أبو الفضل الرازي ، أنبأنا جعفر بن عبد الله ، حدّثنا محمّد بن هارون ، حدّثنا محمّد بن المثنّى ، حدّثنا معاذ بن معاذ ، حدّثنا محمّد بن عمرو ، حدّثنا الزهري ، قال :

قال عمر بن عبد العزيز لغيلان : بلغني أنكم تكلّم في القدر ، فقال : يكذبون عليّ يا أمير المؤمنين ، قال : اقرأ عليّ سورة يس ، قال : فقرأ : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) إلى : (فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) فقال غيلان : والله يا أمير المؤمنين إنّي تائب إلى الله من قولي في القدر ، فقال عمر : اللهمّ إن كان صادقا فثبّته ، وإن كان كاذبا فاجعله آية للعالمين.

قال : وحدّثنا محمّد بن المثنّى ، حدّثنا درست بن زياد أبو الحسن ، عن محمّد بن عمرو ابن علقمة ، حدّثني الزهري قال : دخلت على عمر بن عبد العزيز وغيلان قائم بين يدين ،

__________________

(١) بالأصل : إنك ، والمثبت عن المختصر.

(٢) غير مقروءة بالأصل.

١٩٨

فذكر نحوه ، وزاد فيه : وإن كان كاذبا فلا تمته حتى تذيقه حرّ السيف ، أو حدّ السيف ، قال : فلمّا مات واستخلف يزيد بن عبد الملك قال : فدخلت عليه وغيلان قاعد بين يديه ، فقال : مدّ يدك ، فمدّها فضربها بالسيف فقطعها ، ثم قال : مدّ رجلك فقطعها بالسيف ثم صلبه ، فذكرت دعوة عمر عليه.

كذا قال ، والمحفوظ [أن](١) الذي صلبه هشام بن عبد الملك.

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد الخطيب ، أنبأنا [أبو](٢) منصور محمّد بن الحسين (٣) ، حدّثنا أحمد بن الحسين بن زنبيل ، أنبأنا عبد الله بن محمّد بن عبد الرّحمن ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل ، حدّثنا موسى ، حدّثنا سعد بن زياد قال :

حجّ عبد الملك (٤) وهو خليفة سنة ست ومائة ، ثم كان في سنة سبع ومائة وهو في المحرم بالمدينة ومعه غيلان يفتي الناس ، وكان محمّد بن كعب يجيء كلّ جمعة من قريته على ميلين من المدينة لا يكلم أحدا حتى يصلّي العصر ، فأتاه غيلان فقال : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ)(٥).

قال ابن عون : مررت بغيلان [وهو] مصلوب بباب الشام.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا محمّد بن هبة الله ، أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا عبد الله ، حدّثنا يعقوب ، حدّثنا موسى بن إسماعيل ، أنبأنا سعد أبو عاصم قال :

حجّ هشام بن عبد الملك وهو خليفة سنة ست ومائة فصار في سنة سبع ومائة في المحرم وهو بالمدينة ، ومعه غيلان يفتي الناس ويحدّثهم ، وكان محمّد بن كعب يجيء كلّ جمعة من قرية على ميلين من المدينة فلا يكلّم أحدا من الناس حتى يصلي العصر ، فإذا صلّى العصر غدا إليه الناس يوم السبت يحدّثهم ويقصّ ثلاث مرات ، فإذا فرغ من ثلاث جلس مجلسه ، وقام من قام قالوا : يا أبا حمزة جاءنا رجل يشككنا في ديننا فنأتيك به؟ قال : لا

__________________

(١) زيادة منا للإيضاح.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) الأصل : الحسن ، تصحيف ، والصواب ما أثبت ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٣٠.

(٤) كذا بالأصل : عبد الملك ، وهو خطأ ، فالمعروف أن عبد الملك بن مروان مات سنة ٨٦ ، والذي حج بالناس سنة ١٠٦ هو هشام بن عبد الملك (راجع تاريخ خليفة بن خياط).

(٥) سورة الأعراف ، الآية : ١٨٦.

١٩٩

حاجة لي به ، قلنا : أصلحك الله ، نسمع منه ونسمع منك ، قال : فائتوني به إن شئتم ، وغدا يوم السبت وحضر الناس معه ، فقصّ ثلاث مرات ، فلما فرغ زحف إليه غيلان فقال : السلام عليك يا أبا حمزة ، قال : وعليك يا أبا مروان.

قرأنا على أبي غالب وأبي عبد الله ابني البنّا ، عن أبي الحسن محمّد بن محمّد بن مخلد ، أنبأنا علي بن محمّد بن خزفة ، أنبأنا محمّد بن الحسين ، حدّثنا ابن أبي خيثمة ، حدّثنا موسى بن إسماعيل ، حدّثنا سعد أبو عاصم قال :

حجّ هشام بن عبد الملك وهو خليفة سنة ست ومائة ، فصار في سنة سبع ومائة في المحرم بالمدينة ومعه غيلان يفتي الناس ويحدّثهم ، وكان محمّد يجيء كلّ جمعة من قريته على ميلين من المدينة فلا يكلم أحدا من الناس حتى يصلّي العصر ، فإذا صلى غدا إليه الناس يوم السبت يحدّثهم ويقصّ ، فإذا فرغ جلس مجلسه وقام من قام قالوا : يا أبا حمزة جاءنا رجل يشككنا في ديننا فنأتيك به؟ قال : لا حاجة لي به ، ثم ذكر حديثا قال : فاتفقا ، فقال محمّد بن كعب : لا يكون كلام حتى يكون يشهد ، قال : فأيهما أحبّ إليك تبدأ أو أبدأ؟ فقال غيلان : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له ، قال : أتشهد بهذا أنه حقّ من قلبك لا يخالف قلبك لسانك منك؟ قال : نعم ، قال : حسبي ، قال : إنّ القرآن ينسخ بعضه بعضا ، قال : لا حاجة لي في كلامك ، إمّا أن تقوم عني ، وإمّا أن أقوم عنك ، فقام غيلان ، قال : أبيت إلّا صمتا ، فقال محمّد بعد ما قام غيلان : قد كنت أغبط رجالا بالقرآن بلغني أنهم تحوّلوا عن حالهم التي كانوا عليها ، فإن أنكرتموني لا تجالسوني لا تضلوا كما ضللت.

أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا أبو طالب بن غيلان ، أنبأنا أبو بكر الشافعي ، حدّثنا عبد الله بن أبي الدنيا ، حدّثنا إسماعيل بن أبي الحارث ، حدّثنا كثير بن هشام ، حدّثنا عبد الله بن زياد قال :

قال غيلان لربيعة بن عبد الرّحمن : أنشدك الله ، أترى الله يحبّ أن يعصى؟ فقال ربيعة : أنشدك الله أترى الله يعصى قسرا؟ فكأن ربيعة ألقم غيلان حجرا.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون ، أنبأنا محمّد بن علي الواسطي ، أنبأنا محمّد بن أحمد البابسيري ، أنبأنا الأحوص بن المفضّل بن غسّان ، أنبأنا أبي.

٢٠٠