تحقيق الأصول - ج ١

السيّد علي الحسيني الميلاني

تحقيق الأصول - ج ١

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مركز الحقائق الإسلاميّة
المطبعة: وفا
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-2501-93-9
ISBN الدورة:
964-2501-52-X

الصفحات: ٤١٦

٢ ـ مقام الإثبات

وأمّا في مقام الإثبات ، فصحيحة الحلبي معارضة بصحيحة زرارة : «إذا دخل الوقت وجب الطّهور والصّلاة» (١) لكونها صريحة في خروج الطهارة ، وأخبار التكبيرة فيها صحيحة محمد بن مسلم : «التكبيرة الواحدة في افتتاح الصلاة تجزي والثلاث أفضل والسبع أفضل كلّه» (٢) والإجزاء يكون في مقام الامتثال ولا علاقة له بمرحلة المسمّى والموضوع له اللّفظ. وأمّا الاستدلال بحديث «لا تعاد» وكذا كلّ ما اشتمل على «يعيد» ونحوه ، ففيه : أنّها دليل على خلاف المطلوب ، لأن الإعادة وجود ثانٍ بعد الوجود الأوّل.

أقول :

قد يناقش في كلام الاستاذ في رواية التكبيرة ، بأنّها لا تنافي دخول التكبيرة في المسمّى ، لظهورها ـ وبقرينة ذيلها ـ في كفاية المرّة الواحدة ، فالرّواية دالّة على الأمرين : دخولها في حقيقة الصّلاة ، وكفاية المرّة ، لكنّ الثلاث والسبع أفضل.

وقد ذكر في الدورة السابقة أنّ في بعض الأخبار : إن التكبيرة مفتاح الصّلاة ، فقال : بأنّ ظاهر ذلك خروجها عن حقيقة الصلاة ، لأنّ مفتاح الشيء خارج عنه. لكنْ قد يقال : بأن المراد من المفتاح : ما به يفتح أو يفتتح الشيء ، وهذا قد يكون خارجاً كمفتاح الدار ، وقد يكن داخلاً ومنه التكبيرة ، ولذا جاء في بعض الأخبار : افتتاح الصّلاة ...

وأفاد في الدورة السابقة أيضاً ما جاء في الأخبار من أن فرائض الصلاة :

__________________

(١) وسائل الشيعة ١ / ٣٧٢ الباب ٤ من أبواب الوضوء ، رقم : ١.

(٢) وسائل الشيعة ٦ / ١٠ الباب ١ من أبواب تكبيرة الإحرام ، رقم : ٤.

٢٦١

الطهور والقبلة والتوجّه والدعاء ، قال : فهي فرائض الصّلاة ، وليست داخلة في الموضوع له اللَّفظ. لكنْ قد يقال بعدم المنافاة ، لأنّ الإمام عليه‌السلام لم يكن في مقام التفصيل بين ما هو داخل في الحقيقة وما هو خارج عنها بل هو فرض فيها.

ولعلّه لِما ذكرنا لم يتعرَّض لهذه الأخبار في الدورة اللاّحقة.

الوجه الثاني

ما نسب إلى المشهور من أنّ الموضوع له لفظ «الصلاة» مثلاً هو : معظم الأجزاء ، ومتى لم يصدق فالمسمّى غير متحقّق.

وقد ذكر الشيخ الأعظم والمحقق الخراساني هذا الوجه.

إشكال الشيخ

فأورد عليه الشيخ بأنّه : إن كان الموضوع له هو معظم الأجزاء المفهومي ففيه ، أوّلاً : إن لازمه الترادف بين «الصّلاة» و «معظم الأجزاء». وثانياً : إن الأثر ـ وهو القابليّة للمعراجيّة وغير ذلك ـ مترتّب على الموجود الخارجي لا المفهوم الذهني. وإن كان الموضوع له هو معظم الأجزاء المصداقي ، فإن مصداق معظم الأجزاء متبدّل ، إذ يكون الجزء الواحد داخلاً في المعنى تارةً وخارجاً عنه اخرى ، ففي الفرد ذي العشرة أجزاء مثلاً يكون مصداق المعظم هو سبعة أجزاء ، وفي ذي السبعة يكون خمسة أجزاء ، فكان الجزءان داخلين في المسمّى عند ما كان مشتملاً على عشرة أجزاء ، وهما خارجان عنه عند ما يكون ذي سبعة ، فيلزم أن يكون الشيء داخلاً في المعنى والكلّ في صورة ، وغير داخلٍ في صورةٍ اخرى.

٢٦٢

إشكال المحقق الخراساني

وأورد عليه المحقق الخراساني بوجهين :

أحدهما : أنه إذا كان الموضوع له هو معظم الأجزاء ، فاللاّزم أنْ يكون صدق الاسم على المشتمل على كلّ الأجزاء مجازياً ، بعلاقة الكلّ والجزء.

والثاني : إن نفس «معظم الأجزاء» لا تعيّن له ، فنحن بحاجةٍ إلى تصوير الجامع بين «معظم الأجزاء» في الأفراد المختلفة من الصلاة ، فيعود الإشكال.

جواب المحقّق الخوئي

وأجاب المحقق الخوئي كما في (المحاضرات) :

أمّا عن الأوّل ، فبأنّ معظم الأجزاء هو بالنسبة إلى الزائد لا بشرط ، فإن وجد دخل في المسمّى.

وأمّا عن الثاني ، فبأنّ الجامع المقوّم للمعنى هو المعظم على البدل.

قال شيخنا :

في الأوّل : بأنّ المجازيّة لازمة ، كما تقدّم في التصوير السابق.

وفي الثاني : بأن مراد صاحب (الكفاية) هو أن الصلاة التامّة الأجزاء والشرائط لو فرضت عشرة أجزاء ، فإن المعظم هو سبعة ، لكنّ هذه السبعة غير متعيّنة ، فهل المراد السبعة من الأوّل ، أو السبعة من الوسط ، أو السبعة من الأخير؟ ثم إنّ الأفراد مختلفة كيفيةً أيضاً ومتبدّلة ، إذ الركوع تارةً يكون ركوع القادر المختار ، واخرى يكون بالإيماء ، وبينهما أفراد ، فكيف يتعقّل المعظم مع الاختلاف الكمّي والكيفي؟

هذا مراد المحقق الخراساني ، والجواب المذكور غير دافع له.

٢٦٣

دفاع المحقق النائيني

وقد حاول المحقق النائيني الدفاع عن هذا التصوير بتنظيره ببيع الكلّي في المعيّن ، كصاعٍ من الصبرة ، فكما أن المبيع إذا كان صاعاً من الصّبرة المعيّنة ينطبق على كلّ صاعٍ صاعٍ منها ويكون البيع صحيحاً ، كذلك الموضوع له لفظ الصّلاة ، فإنه معظم الأجزاء ، وهو قابل للتطبيق على أيّ طائفةٍ من الأجزاء يصدق عليها أنها معظمها.

لكن شيخنا لم يرتض هذا الدفاع.

والجواب

وأجاب : بأنّ حلّ المشكل في مسألة الكلّي في المعيّن صعب جدّاً ، وقد أشكل عليه منذ القديم بأنّه كيف يمكن الجمع بين السلب الكلّي والإيجاب الجزئي ، حيث أن المشتري ليس بمالكٍ لشيء من أجزاء الصّبرة ، وهو في نفس الوقت مالك لصاعٍ منها؟

ثم إنه بغض النظر عن ذلك ، فقياس ما نحن فيه بتلك المسألة مع الفارق :

أمّا أوّلاً : فلأنّه يحصل التعيين هناك بواسطة البائع ، ولذا لو تصرّف في الصّبرة ببيعٍ وغيره ولم يبق إلاّ صاع واحد ، لم يكن له التصرف فيه لئلاّ يفوت حق المشتري ، وعلى كلّ تقديرٍ ، فالتّعيين يحصل هناك ، بخلاف المقام ، إذ لا طريق إلى تعيين المعظم.

وأمّا ثانياً : إن المبيع هناك كلّيٌّ ، غير أنه مضاف إلى هذه الصّبرة ، بخلاف ما نحن فيه ، حيث أنّ الموضوع له هو المصداق ـ لما تقدّم من أنه ليس المفهوم وقد تردّد ولا طريق إلى تعيينه ، والمردّد لا ذات له ولا وجود.

٢٦٤

الوجه الثالث

إنّ الموضوع له لفظ الصلاة ـ مثلاً ـ وزانه وزان الموضوع له في الأعلام الشخصيّة ، فكما أنّ لفظ «زيد» موضوع لهذه الذات ، وهو اسم له في جميع حالاته من حين ولادته ، ويصدق عليه بالرغم من تغيّراته كمّاً وكيفاً ، كذلك لفظ «الصلاة» يصدق مع كلّ التبدّلات الحاصلة في الأجزاء كمّاً وكيفاً.

والجواب

إنّ المسمّى الموضوع له في الأعلام الشخصيّة هو ماهيّة شخصيّة ، وشخصيّتها بالصورة لا بالمادّة ، لقولهم : شيئية الشيء بصورته لا بمادّته ، وصورة زيد في جميع حالاته وأدوار حياته محفوظة لا تتغيّر ، والمتغيّر هي المادّة ، فقياس وضع الأعلام الشخصيّة بما نحن فيه مع الفارق.

وجاء في جواب صاحب (الكفاية) : إن الموضوع له عبارة عن الشخص ، وشخصيّة الشيء بوجوده الخاص.

فهو رحمه‌الله يرى الصّورة وجوداً ، فيرد عليه : أنّه إذا كان الموضوع له هو الشخص ، والشخصيّة بالوجود ، فكيف ينتقل الموضوع له إلى الذهن بالاستعمال ، لأنّ الوجود لا يقبل الوجود الذّهني ولا غيره من الوجودات؟

وكيف كان ، فالتصوير المذكور مردود.

الوجه الرّابع

إن لفظ «الصّلاة» قد وضع أوّلاً للصّلاة الجامعة لجميع الأجزاء والشرائط ، ثم إنه يطلق على مراتبها الاخرى من باب المشاكلة في الصّورة والمشاركة في التأثير وترتب الأثر المطلوب ، فالإطلاق الأوّل على المراتب مجازي ، لكنّه بالاستعمال المتكرّر يصير اللّفظ حقيقةً فيها ، فيكون حال الموضوع له لفظ «الصلاة» حال الاسم الذي يوضع على المعجون المركّب

٢٦٥

من أجزاءٍ معيّنةٍ ، والمصنوع لفائدةٍ معيّنة ، فإنّه الموضوع له أوّلاً ، لكنّ هذا الاسم يطلق مجازاً فيما بعد على هذا المركب في حال تبدّل جزء من أجزائه مثلاً ، فإذا تكرّر إطلاقه عليه مراراً صار حقيقةً فيه.

وعلى الجملة ، فلفظ «الصّلاة» وضع للجامع بين الأجزاء ، وللصلاة الصحيحة الفاقدة لبعضها كصلاة العاجز ، ثم يستعمل في الصلاة الفاسدة أيضاً للمشابهة والمشاكلة في الصورة ، كما لو صلاّها جامعةً لجميع الأجزاء لكن رياءً.

والجواب

وأجاب المحقق الخراساني بالفرق بين الصلاة والمعجون ، فالمعجون المصنوع لغرضٍ خاصٍ لا اختلاف في كيفيّته ، بخلاف الصلاة ، فإنها حتى الصحيح منها تختلف باختلاف الحالات والمراتب والأشخاص.

الوجه الخامس

إن الوضع فيما نحن فيه نظير الوضع في الأوزان والمقادير ، فإن المثقال والكرّ مثلاً موضوعان لمقدار خاصٍ معيّن ، لكنهما يطلقان كذلك متى نقص شيء عن المقدار المحدود أو زاد ، فكذا لفظ الصّلاة ، فإنه يصدق مع زيادة جزءٍ أو نقصانه.

والجواب

أوّلاً : إنّ «المثقال» موضوع ل (٢٤) حبّة مثلاً ، فلو نقص حبةً واحدة صحّ سلب الاسم عنه ، فما ذكر غير صحيحٍ في المقيس عليه.

وثانياً : إنه لو سلّم ما ذكر في المقيس عليه ، ففي المقيس غير صحيح ، والقياس مع الفارق ، لأنه مع نقص ثلاث حبّات مثلاً من المثقال ينتفي الموضوع له ، لكنْ في صلاة العاجز حيث تفقد أكثر الأجزاء يصدق الاسم ، لكونها صلاةً حقيقةً.

٢٦٦

المختار

واستوجه شيخنا الاستاذ دام بقاه في الدورة السّابقة تصوير السيد البروجردي ، لكنْ بجعله جامعاً بناءً على الأعم ، وهو ظاهر بحثه في الدورة اللاّحقة ، حيث تعرَّض لهذا الرأي في نهاية البحث.

وقد قرّبه في الدورتين ، بأنّه مع كون الجامع هو «التوجّه» أو «الهيئة الخضوعيّة» بناءً على الأعم ، لا يرد شيء ممّا تقدّم من الإشكالات ، لأنها كانت تتوجّه بناءً على الوضع للصحيح ، والتوجّه أمر واحدٌ موجودٌ مع جميع الأفراد ، وسائر الخصوصيّات تكون دخيلة في متعلَّق الطّلب ، وهو ـ أي التوجّه ـ أمر خارجي انتزاعي ، قابل للانطباق على المتباينات ، فيقوم تارةً بالكيف المسموع واخرى بالوضع ، فالتوجّه والخضوع يحصل بالتكلّم وبالقيام وبالانحناء ، وهكذا ، وينتزع من كلّ واحدٍ من هذه الامور ، ويتحقق مع كلّ واحدٍ منها ، نظير «الغصب» فإنه يتحقّق بالتصرف في مال الغير من دون إذنه ، بأي شكلٍ من أشكال التصرف الحاصل من المقولات المتباينة.

هذا بالنسبة إلى مقام الثبوت.

وأمّا إثباتاً ، فإن «الصّلاة» في اللّغة إما الدّعاء وامّا العطف والتوجّه ، وعلى كلا التفسيرين يتم الجامع المذكور ، لأنّ الدعاء يكون بغير اللّفظ أيضاً ، ويشهد للمعنى الثاني ما في بعض الأخبار من أنّ الله تعالى لمّا علم باندراس

٢٦٧

الدين شرّع الصلاة حفظاً لها من الاندراس وليتوجّه الناس إليه بها.

ثم إن النسبة بين الأذكار الموجودة في الصّلاة وبين التوجّه ليس النسبة بين المسبب والسبب ، لأن السبب والمسبب موجودان بوجودين لا بوجودٍ واحدٍ ، والحال أن الموجود خارجاً هو الذكر ولا وجود هناك للتوجّه ، فنسبة التوجّه إلى الذكر نسبة الأمر الانتزاعي إلى منشأ الانتزاع ، لا نسبة السبب إلى المسبب.

وتلخّص : إنه يمكن تصوير الجامع على الوضع للأعم ، بأنه هو التوجّه والتخشّع والخضوع ، بالتقريب المذكور.

الإشكال عليه

ثم أورد عليه شيخنا ثبوتاً وإثباتاً :

أمّا ثبوتاً ، فلأن التوجّه إذا كان منتزعاً من هذه الأقوال والأفعال المتباينة ومتّحداً معها وجوداً ، استحال أنْ يكون واحداً. هذا أوّلاً.

وثانياً : إنّ «التوجّه» يصدق مع الأجزاء القليلة ، وهو مع الركوع غيره مع السجود والقيام والقراءة وهكذا ... وبمجرّد تحقّق الأقل يصدق الصّلاة ، فيكون الزائد عليه خارجاً عن حقيقة الموضوع له المسمى.

وقد كان هذا الإشكال وارداً على جميع التصويرات التي اعتبرت الوجود التشكيكي للجامع ، كما تقدّم.

وأمّا إثباتاً : فلأن الصّلاة ـ بحسب النصوص وارتكاز المتشرعة ـ هي نفس الأقوال والأفعال لا العنوان المنتزع منها كالتوجّه. بل في خبرٍ صحيحٍ سئل الإمام عليه‌السلام عن الفرض في الصّلاة فقال : «الوقت والطهور والقبلة

٢٦٨

والتوجّه والركوع والسجود والدعاء» (١) فكان التوجّه من فرائض الصّلاة وليس الصّلاة.

خاتمة المقدّمة الرّابعة

والتحقيق : أنه لا أثر لتصوير الجامع في ترتّب الثمرة وعدم ترتّبها ، وذلك ، لأن الثمرة إمّا جواز أو عدم جواز التمسك بالأصل اللفظي وهو الإطلاق ، وامّا جواز أو عدم جواز التمسّك بالأصل العملي وهو البراءة ، لرفع ما شك في جزئيّته أو شرطيّته في الصّلاة. أمّا الأصل العملي ، فإنّ وجود القدر المتيقّن يكفينا لإجراء الأصل ، وأمّا الأصل اللّفظي ، فإنّ من النصوص ما يعيِّن الصّلاة بأنّه «ثلاثة أثلاث» فإنْ اعتبر قيد آخر بدليلٍ معتبر أضفناه وإلاّ أخذنا بإطلاق النص.

وعلى هذا ، فلا حاجة لتصوير الجامع مطلقاً ، لعدم توقف ترتّب الثمرة على وجوده.

المقدّمة الخامسة (ثمرة البحث)

إنّ أهمّ ما ذكروا في هذا المقام هو :

١ ـ جريان البراءة على الأعم ، والاشتغال بناءً على الصحيح.

٢ ـ جواز التمسك بالإطلاق بناءً على الأعم ، ولزوم الإجمال بناءً على الصحيح.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١ / ٣٦٥ ط مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام الباب ١ من أبواب الوضوء ، رقم : ٣.

٢٦٩

١ ـ البراءة والاشتغال

لو شك في جزئيّة شيء أو شرطيّته في الصلاة ـ مثلاً ـ فهل تجري البراءة عنه أو يحكم العقل بالاشتغال فيجب إتيانه؟ أو يختلف الأمر حسب المبنى في وضع لفظ الصّلاة؟

هنا أقوال :

أحدها : جريان الاشتغال ، سواء قيل بالوضع للصحيح أو قيل بالوضع للأعم.

والثاني : جريان البراءة ، سواء قيل بالوضع للصحيح أو قيل بالوضع للأعم.

وهذا هو المستفاد من (التقريرات) و (الكفاية).

والثالث : جريان البراءة على الأعم ، والاشتغال على الصحيح.

وهذا هو المستفاد من (القوانين) و (الرياض) واختاره المحقق النائيني.

والرابع : التفصيل بين ما إذا كان البيان لفظيّاً فالاشتغال ، أو حاليّاً أو مقاميّاً فالبراءة.

والخامس : التفصيل بين الصحيح النوعي فالبراءة ، والصحيح الشخصي ـ وهو كون الموضوع له صلاة العالم المختار ، والبواقي أبدال ـ فالاشتغال.

٢٧٠

هذه هي الأقوال في هذا المقام.

والمهمّ أنّ جماعة يرون ترتّب الثمرة على هذا البحث ، وهم الميرزا القمي والميرزا النائيني وآخرون ، وجماعة يرون أنْ لا ثمرة للبحث ، وهم الشيخ والمحقق الخراساني وآخرون.

تقريب الثمرة

إنه إنْ كان الموضوع له لفظ «الصلاة» هو خصوص الصحيح ، كان التكليف ـ أي الوجوب ـ معلوماً ، وكذلك المكلَّف به وهو الصحيح ، ومع الشك في جزئيّة شيء أو شرطيّته ، يرجع الشك إلى تحقّق الامتثال بدون الشيء المشكوك فيه ، ومعه يحكم العقل بالاشتغال. وأمّا بناءً على الوضع للأعم ، فهو صادق على فاقد الجزء أو الشرط المشكوك فيه ، ومع الشك يدور أمر المكلَّف به بين الأقل والأكثر ، وقد تقرّر في محلّه أن الأقل والأكثر الارتباطيين مجرى البراءة ، لكون الأقل متيقّناً والشك يرجع إلى أصل التكليف بالنسبة إلى الأكثر.

إشكال الشيخ والكفاية

إنه لا أثر للوضع للصحيح أو الأعم في جريان البراءة أو الاشتغال ، بل الملاك هو انحلال العلم الإجمالي في الأقل والأكثر الارتباطيين وعدم الانحلال.

فإن كانت النسبة بين المأمور به وبين الأجزاء والشرائط نسبة السببيّة ، كان الأصل الجاري في المورد هو الاشتغال ، لأنه يصير من قبيل سببيّة الغسل والمسح في الوضوء للطهارة ، حيث أن التكليف بالمسبَّب معلوم ، لكنْ لا ندري هل يتحقّق بدون الخصوصيّة المشكوك فيها أو لا؟ فيرجع الشك إلى

٢٧١

المحصّل ، والمرجع فيه هو قاعدة الاشتغال.

وأمّا إن كانت النسبة اتحادية ، أي : ليس المأمور به إلاّ نفس الأجزاء والشرائط ـ فنسبة المأمور به إلى الأجزاء والشرائط نسبة الطبيعة إلى الفرد ، ولا توجد في البين سببيّة ومسبّبية ـ فيقع الشك في الجامع الذي تعلَّق التكليف به ، المتّحد مع الأجزاء ، من جهة أنه هل الأجزاء عشرة مثلاً أو أقل ، وإذا دار الأمر بين الأقل والأكثر ، فالأصل هو البراءة عن الأكثر.

فظهر جريان البراءة على كلا القولين ، فلا ثمرة للبحث.

جواب المحقق النائيني

وأجاب المحقق النائيني بأنّ الأجزاء لا تتّصف بالصحّة إلاّ إذا تعنونت بعنوانٍ من ناحية العلّة أو من ناحية المعلول ، فالصحيح من الصّلاة ما تكون ناهية عن الفحشاء والمنكر ، أو ما يكون مسقطاً للإعادة والقضاء ، أو مسقطاً للأمر ، فمسقطيّة الإعادة والقضاء عنوان ولونٌ من ناحية معلول الحكم ، لكون ذلك فرعاً للامتثال ، والنهي عن الفحشاء والمنكر لون وعنوان من ناحية علّة الحكم ، لأنه الغرض من التكليف ، وعليه ، فعندنا علم بتعلّق التكليف ب «ما هو الناهي عن الفحشاء» و «ما هو المسقط للأمر» ومع الشك في تحقّق العنوان بدون ما شك في جزئيّته يكون الشك في المحصّل ، وهو مجرى قاعدة الاشتغال.

هذا بناءً على الوضع لخصوص الصحيح.

وأمّا بناءً على الوضع للأعم ، فليس لمتعلَّق التكليف عنوان ولونٌ من ناحية العلّة ولا المعلول ، فعلى القول بالانحلال في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين يكون الأصل الجاري هو البراءة.

٢٧٢

فالثمرة بين القولين محقّقة ، ولا يجتمع القول بالوضع للصحيح مع القول بالبراءة.

مناقشة المحقق الأصفهاني

وناقشه المحقق الأصفهاني بأنّ العنوان المذكور ليس قيداً لمتعلَّق التكليف ، بل هو كاشف عنه ومشير إليه ، ولمّا كان المكلَّف به متّحداً مع الأجزاء ، وهي مرددة بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، فالأصل هو البراءة ، فلا ثمرة ، والوجه في عدم كون عنوان «الناهي عن الفحشاء» قيداً للمعنى المتعلَّق به التكليف هو : إن النهي عن الفحشاء الحاصل من قصد الأمر فرعٌ للأمر ، والأمر فرع للمعنى ، فكون النهي عن الفحشاء قيداً للمعنى والموضوع له اللّفظ مستحيل.

جواب الاستاذ عن هذه المناقشة

وأورد عليه شيخنا الاستاذ دام ظلّه بأنه لا ريب في أنّ الناهي عن الفحشاء ليس هو المأمور به كما قال المحقق الأصفهاني ، ولكنه عنوانٌ مبيّن للمأمور به ، ومع تبيّنه وزوال الشك عنه ينتفي مناط جريان البراءة ، بل يكون المورد مجرى قاعدة الاشتغال ، إذ مع كون المأمور به مبيَّناً لو شُك في تحقّق الامتثال بإتيان الصّلاة بدون الخصوصيّة المشكوك فيها ، يحكم العقل بلزوم إتيان الخصوصيّة تحصيلاً لليقين بالفراغ بعد اليقين بالاشتغال.

وهو الجواب عن مناقشةٍ اخرى

وما ذكره هو الجواب عن مناقشةٍ اخرى وحاصلها : أنه لو كان الصحيحي يريد الصحيح الفعلي فكلام الميرزا تام ، لكنّ الموضوع له ليس الصحيح الفعلي ، وإلاّ لكان قصد القربة دخيلاً في الصلاة ، وكذا عدم المزاحم ـ بناءً

٢٧٣

على بطلان الترتّب ، لعدم تحقّق الصحيح الفعلي بدون قصد القربة ومع وجود المزاحم ـ بل القائلون بالوضع للصحيح يريدون التام الأجزاء والشرائط التي في مرتبة قبل الأمر ، وهذه الحقيقة يكون فيها الأقل والأكثر ، وتقبل تعلّق اليقين والشك الذي هو موضوع أصالة البراءة.

أقول :

لقد وافق دام ظلّه على هذه المناقشة ، في الدورة اللاّحقة ، ولأجلها ذهب إلى انتفاء الثمرة ، وإجراء البراءة على القولين ، أمّا في الدورة السّابقة فقد أجاب عنها بما ذكر ، وحاصله : إنّا قد عرفنا المأمور به نحو معرفةٍ من ناحية عنوان «الناهي عن الفحشاء» و «المسقط للأمر» و «للإعادة والقضاء» فكان علينا تحصيل المعنون بهذا العنوان ، فهل يحصَّل بإتيان الفاقد للشيء المشكوك جزئيّته أو لا؟ فمقتضى القاعدة هو الاشتغال على القول بالصحيح.

ولعلّ هذا هو الأظهر ، والله العالم.

مناقشة الشيخ الحائري مع المحقق الخراساني

وتعرّض شيخنا لإشكال الشيخ الحائري على صاحب (الكفاية) ، وهو : إنّ الذي تعلَّق به التكليف ودخل تحت الأمر ليس الصّلاة المركَّب من التكبيرة والركوع والسجود وغيرها ، لأن المركب ينقسم إلى الصحيح والفاسد ، فلا يستقيم قول الصحيحي كالمحقق الخراساني ، بل إن الصلاة معنى بسيط ، وهو غير التكبير والركوع والسجود ، إلاّ أنه متّحد معها وجوداً ، وهذا المعنى البسيط هو الداخل تحت الأمر ، وإذا كان بسيطاً كما تقدَّم فلا يعقل فيه الأقل والأكثر ، فلا مناص على القول بالوضع للصحيح من الالتزام بالاشتغال.

٢٧٤

وجوابها

وأجاب دام ظلّه عن ذلك : بأن من البسيط ما هو آني الوجود ، وهذا لا يعقل فيه الأقل والأكثر ، والمتيقَّن والمشكوك ، كما ذكر. ومن البسيط ما هو تدريجي الوجود ، وهذا هو مراد صاحب (الكفاية) ، وهو متّحد مع الأجزاء من التكبير وغيره ، يتحقق بالتدريج مع كلّ واحدٍ من الأجزاء ، نظير الخط ، فإنّه وإنْ كان خطّاً واحداً لكنه ممتد بسبب الوجود ، وعليه يمكن تصوير الأقل والأكثر ، بأنْ يقال مثلاً : قد علم بتعلّق التكليف من التكبيرة إلى السجود ، وما زاد عن ذلك فمشكوك فيه.

ملخّص المختار :

وتلخص : اختلاف نظر الاستاذ في الدورتين ، والأوفق بالنظر هو ما ذهب إليه في الدورة السابقة من وجود الثمرة.

تتمّةٌ

إنه قد وقع الكلام في خصوص مسلك الشيخ والمحقق النائيني من أن الموضوع له اسم «الصّلاة» هو صلاة العامد العالم المختار ، وأنّ الأفراد الاخرى من الصلاة إنّما هي أبدالٌ عن المسمّى الموضوع له ، فربما يقال : بأنّ مقتضى القاعدة هو الاشتغال ، لأنّا نشك في بدليّة المرتبة الناقصة عن تلك المرتبة التي هي الموضوع له ، والأصل عدم البدليّة ، فلا بدّ من الإتيان بالجزء المشكوك فيه.

وأجاب المحقق العراقي : بأن الأصل هو البراءة عن اعتبار الجزء المشكوك في جزئيّته ، فالعمل الفاقد له يكون بدلاً عن المرتبة الكاملة ، لأنّ الشك في البدليّة كان مسبّباً عن الشك في الاعتبار ، فإذا جرى الأصل في

٢٧٥

السّبب ارتفع الشك في المسبّب.

فقال شيخنا دام ظلّه : بأنّ لقاعدة تقديم الشك السببي على المسببي ركنين ، أحدهما : وجود السببية والمسببيّة بينهما ، والآخر ، أن يكون مجرى الأصل من الآثار الشرعيّة للسبب.

إنه لا إشكال في المقام من جهة الركن الأوّل ، إذ مع الشك في وجوب الجزء المشكوك الجزئية يتمسّك بالبراءة ، ويتقدم هذا الأصل على أصالة عدم البدليّة في طرف المسبَّب ، إلاّ أن الإشكال في الركن الثاني ، من جهة أن صيرورة هذا العمل المأتي به بدلاً عن العمل الكامل هو من اللوازم العقليّة لهذا المشكوك وليس من آثاره الشرعيّة ، لأنه لمّا كان المشكوك فيه غير واجب ، كان لازم عدم وجوبه صيرورة العمل الفاقد له بدلاً عن المرتبة الكاملة ، وهذا لازم عقلي لمجرى الأصل ، لأن مجرى الأصل كما تقدم عدم الوجوب ، وبدليّة العمل الفاقد عن التام لازم عدم الوجوب ، إذ ليس في شيء من الأدلّة الشرعيّة عنوان «البدل» حتى يكون من الآثار الشرعيّة ... وإذا كان من الآثار العقليّة لا الشرعيّة فإن إثبات هذا العنوان بالبراءة من وجوب الجزء المشكوك فيه أصل مثبت.

فهذا هو الإشكال على المحقق العراقي.

والاشتغال هو المحكّم على مسلك الشيخ والمحقق النائيني.

٢٧٦

٢ ـ الإطلاق والإجمال

و «الإطلاق» تارةً مقامي حالي واخرى لفظي.

مناط الإطلاق المقامي هو السكوت والسكون ، لأنّ المقام إذا اقتضى بيان المولى جميع المطلوب من العبد ، فسكوته عن غير ما بيَّن كاشف عن عدم مطلوبيّة ذلك الغير ، وكذا إذا كان في مقام التعليم عملاً ـ كأخبار الوضوءات البيانيّة ـ فإنّه عند ما انتهى من العمل انكشف عدم جزئيّة ما لم يأت به فيه.

وكثيراً ما يتمسّك بالإطلاق المقامي ، كما في موارد القيود المأخوذة بعد تعلّق الأمر ، مثل اعتبار قصد القربة في العمل.

ومناط الإطلاق اللفظي توفّر ثلاثة امور ـ على المشهور ـ :

١ ـ كون الحكم وارداً على المقسم ، وكون المفهوم صادقاً في المورد مع إحراز الصّدق.

٢ ـ كون المتكلّم في مقام البيان لا التشريع أو الإجمال والإهمال.

٣ ـ عدم نصب القرينة على التقييد ، وكذا عدم وجود ما يصلح للصارفيّة.

واعتبر المحقق الخراساني مقدّمةً رابعة هي عدم وجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب.

٢٧٧

الكلام حول الثمرة

قالوا : إنه بناءً على القول بالصحيح لا يمكن التمسّك بالإطلاق ، لأنه في جميع موارد الشك في اعتبار شيء ودخله في المسمّى الموضوع له اللَّفظ ، لا يمكن إحراز صدق المفهوم على الفرد الفاقد لِما شكّ في اعتباره ، فلا يجوز التمسّك بالإطلاق ، بل يلزم الإجمال. وأمّا بناءً على الأعم ، فالمفروض صدق عنوان الصّلاة على فاقد السّورة مثلاً ، فالصدق محرز ، فلو شكّ في اعتبار شيء زائداً على ما علم باعتباره تمسّك بالإطلاق لنفي دخل الخصوصيّة المشكوك فيها.

الاشكالات

وقد اشكل على هذه الثمرة بوجوه :

الوجه الأول

قال الشيخ ما ملخّصه : إنّه لا يمكن التمسّك بإطلاقات الكتاب والسنّة ، لأنّها بصورةٍ عامّة في مقام التشريع لا البيان ، فالمقدمة الثانية منتفية ، فلا ثمرة للبحث في مسائل العبادات ، كقوله تعالى : (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (١) إذ الآية في مقام أصل التشريع ، وكذا ما اشتمل على بعض الآثار كقوله تعالى : (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) (٢) إذ لا بيان في الآية الكريمة لحقيقة الصلاة.

الجواب الأول عن الإشكال

واجيب عن هذا الإشكال أوّلاً : بتمامية الإطلاق في قوله تعالى :

__________________

(١) سورة آل عمران : ٩٧.

(٢) سورة العنكبوت : ٤٥.

٢٧٨

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ) (١) لأن الصّيام عبارة عن الإمساك عن الأكل والشرب ، وقد وقع في الآية موضوعاً للحكم بالوجوب ، فكلّ ما شككنا في دخله في الموضوع زائداً على طبيعة الصّيام ندفعه بإطلاق الآية بناءً على القول بالأعم ، أمّا على القول بالصحيح فلا إطلاق ، لرجوع الشك إلى أصل تحقّق الصيام بدون الشيء المشكوك فيه.

مناقشة الاستاذ

وأجاب شيخنا عن ذلك بوجوه :

أوّلاً : إن الصيام في اللّغة كما عن بعضهم هو مطلق الإمساك ، فعن أبي عبيدة أنّ الإمساك عن السير صيام ، وفي الكتاب (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً) (٢) فلا اختصاص له بالأكل والشرب.

وثانياً : إن الآية في مقام بيان أن وجوب الصيام ليس مختصّاً بهذه الامة ، وأنّه كان في الشرائع السابقة ، فليس في مقام بيان حكم الصيام في هذه الشريعة كي يتمسّك بإطلاقها متى شك في دخل شيء.

وثالثاً : إن التمسّك بالإطلاق موقوف على إحراز كون المتكلّم في مقام بيان جميع المراد ، وإلاّ فلا يجوز ، وفي الصيام نرى ورود قيود كثيرةٍ ، لأنه إمساك عن تسعة امور لا عن الأكل والشرب فقط ، وإذا كان للموضوع هذه الكثرة من التقييدات المبيّنة في مجالس لاحقة وبأدلّة اخرى ، كيف يصح القول بكونه في مقام البيان في قوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ)(٣)؟

__________________

(١) سورة البقرة : ١٨٣.

(٢) سورة مريم : ٢٦.

(٣) سورة البقرة : ١٨٣.

٢٧٩

الجواب الثاني عن الإشكال

واجيب عن اشكال الشيخ ثانياً : بأنا في ترتّب الثمرة لا نريد فعليّتها ، بل يكفي إمكان ترتّبها ، وهذا حاصل في المقام.

وفيه : كيف يكفي وجود المقتضي لترتّبها والحال أنه دائماً مبتلى بالمانع؟ هذا على فرض تمامية المقتضي ... إنه لا بدّ من تحقّق الثمرة في الفقه ولو في موردٍ واحد.

التحقيق في المقام

والتحقيق أن يقال : إنه وإنْ كان قسم من الآيات والروايات في مقام التشريع وبصدد التقنين ، لكنّ في الكتاب ما هو في مقام البيان ، ولذا يمكن التمسّك بإطلاقه ، كآية الوضوء : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ...) (١) مضافاً إلى تمسّك الإمام عليه‌السلام بها للتفصيل بين المسح والغسل بمجىء «الباء» في «الرءوس»(٢).

وكآية نفي الحرج والعسر ، حيث تمسّك بها الإمام عليه‌السلام في رواية عبد الأعلى مولى آل سام في حكم الجبيرة (٣).

وكذلك الحال في بعض آيات المعاملات ، فقد استدل الإمام عليه‌السلام بقوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) لصحّة بيع المضطرّ ، كما في صحيحة عمر بن يزيد (٤). ولو لا ذلك لقلنا بأن الآية في مقام المقابلة بين البيع والربا ، وأنه حلال والربا حرام فلا إطلاق لها ، كما نبّه عليه المحقق الأصفهاني.

__________________

(١) سورة المائدة : ٦.

(٢) وسائل الشيعة ١ / ٤١٣ ط مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام ، الباب ٢٣ من أبواب الوضوء ، رقم : ١.

(٣) وسائل الشيعة ١ / ٤٦٤ ط مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام ، الباب ٣٩ من أبواب الوضوء ، رقم : ٥.

(٤) وسائل الشيعة ١٧ / ٤٤٦ ، الباب ٤٠ من أبواب آداب التجارة ، رقم : ١.

٢٨٠