إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٥

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي

إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٥

المؤلف:

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي


المحقق: محمّد كمال
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٥٧

فنزل بالمدرسة الصلاحية ، وناب في الحكم عن ناصر الدين محمد الحموي ابن خطيب نقيرين ، ثم عن الشرف أبي البركات الأنصاري ، ثم عزله وولاه قضاء الرها فأقام بها مدة ، ثم ولي قضاء باب بزاعا وكان يتردد إليها من حلب ، فلما مات الشمس ابن النابلسي استقر في نيابة القضاء بحلب عوضه ، ثم ولاه القاضي نصف تدريس النورية شريكا لأولاد النابلسي وباشرها أصلا ونيابة ، ثم استقل بجمعيه بعد. واستمر يفتي ويدرس بل خطب بالجامع الكبير نيابة عن ابن الشرف الأنصاري. وكان فقيها فاضلا دينا ذكيا شديدا في أحكامه مع حدة في خلقه جفاه بعض الناس لها. وممن أخذ عنه ابن خطيب الناصرية وترجمه ، وتبعه شيخنا في إنبائه باختصار وقال : إنه ولي عدة تداريس. مات في ليلة الأربعاء سابع ربيع الأول سنة ست بفالج عرض له قبل بيوم واضطراب وإسكات ، وصلي عليه من الغد ثم دفن جوار قبر الشهاب الأذرعي خارج باب المقام رحمه‌الله ا ه.

٤٨٩ ـ أبو بكر بن نبهان الجبريني المتوفى سنة ٨٠٦

أبو بكر بن محمد بن علي بن محمد بن نبهان بن عمر بن نبهان بن علوان بن عباد الشرف ابن الشمس أبي عبد الله بن العلاء أبي الحسن بن القدوة الشمس أبي عبد الله الجبريني الحلبي.

كان شابا حسنا عنده حشمة ودين ورياسة ومكارم ومروءة وعصبية مع الحرمة الوافرة عند الحلبيين والوجاهة والبيتوتة مقيما بزاوية جده بجبرين ظاهر حلب. مات في ليلة الثلاثاء تاسع عشر جمادى الأولى سنة ست ودفن بمقبرة جده نبهان شرقي قرية جبرين. ذكره ابن خطيب الناصرية ا ه.

٤٩٠ ـ تاج الأصفهيدي المتوفى سنة ٨٠٧

تاج بن محمود تاج الدين العجمي الأصفهيدي الشافعي نزيل حلب.

ولد في سنة تسع وعشرين وسبعماية تقريبا ، ورد من العجم إلى حلب فتوجه منها إلى الحجاز فحج ، ثم عاد إليها وسكن الرواحية بها وولي تدريس النحو بها وإقراء الحاوي أيضا. وكان إماما عالما ورعا عزبا عفيفا غير متطلع للدنيا. صنف شرحا على المحرر وعلى ألفية ابن مالك في النحو ولكنه ليس بالطائل ، وغير ذلك ، ولم يكن له حظ ، ولا تطلع

١٤١

إلى أمر من أمور الدنيا. وتصدى لشغل الطلبة والإفتاء ، وكانت أوقاته مستغرقة في ذلك ، فالإقراء من بعد الصبح إلى الظهر بالجامع الكبير ومن ثم إلى العصر بجامع منكلي بغا ، والإفتاء من بعد العصر إلى المغرب بالرواحية. وربما يقع له الوهم في الفتيا الفقهية. وهو ممن أسر في الفتنة وأرسل إبراهيم صاحب شماخي يطلبه من تمر لنك واستدعاه إلى بلاده مكرما ، فتوجه معه إليها واستمر هناك حتى مات في أثناء ربع الأول سنة سبع. وممن قرأ عليه ابن خطيب الناصرية وترجمه بما هذا ملخصه ، ونحوه لشيخنا في إنبائه ا ه.

٤٩١ ـ محمد بن صالح السفاح المتوفى سنة ٨٠٧

محمد بن صالح بن عمر بن أحمد القاضي ناصر الدين ابن القاضي صلاح الدين الحلبي ، ويعرف بابن السفاح.

ولي كتابة الإنشاء بحلب ، ثم ترقى في كتابة سرها ، ثم لنظر جيشها وامتحن في أيام الظاهر برقوق وصودر ، ثم توجه إلى القاهرة بعد وقعة تنم مع الناصر ، فاستقر في التوقيع عند يشبك الشعباني فانتهت إليه الرياسة عنده بحيث كان اعتماده في أموره عليه ، واستمر في التوقيع بين يديه إلى أن مات ، وكان يروم الترقي إلى كتابة سر مصر بل وعين لها فما تيسر.

مات في تاسع عشر محرم سنة سبع ، ومنهم من ورّخه في السنة التي بعدها غلطا ، ومنهم من أسقط عمر من نسبه.

قال ابن خطيب الناصرية وتبعه شيخنا : كان رئيسا عالي الهمة تام الخبرة بسياسة الملوك كبير المروءة والعصبية والصدقة محبا في العلماء والصالحين بارا بهم. زاد شيخنا : وقد رأيته عنده نسك وكان لطيف الشكل. وقال غيره : كانت له ولأسلافه حرمة وافرة بحلب بحيث كان بيتهم من جملة بيوتها المعدودة رحمه‌الله ا ه.

٤٩٢ ـ عبد الله بن محمد النحريري المتوفى سنة ٨٠٧

عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إدريس بن نصر الجمال أبو محمد النحريري المالكي قاضي حلب ونزيلها.

١٤٢

ولد سنة أربعين وسبعماية ، وحفظ مختصر ابن الحاجب الفرعي ، واشتغل بالقاهرة ومصر وفضل ، وقدم حلب في سنة تسع وستين وسمع بها من الظهير ابن العجمي سنن ابن ماجه وغيرها ، وكذا سمع من الشمس محمد بن حسن الألفي وغيره ، بل كان قد سمع الكثير من أصحاب الفخر. وناب في الحكم بحلب ثم استقل به سنة سبع وثمانين عوضا عن الزين عبد الرحمن بن رشيد فحمدت سيرته. ثم ورد المرسوم في أوائل سنة أربع وتسعين من الظاهر برقوق بإمساكه بسبب كائنة الناصري ، فأحس بذلك فاختفى ، ودخل بغداد فأقام بها مدة ، ثم توجه منها إلى تبريز ثم إلى الحصن فأكرمه صاحبه ، وأقام مديما للاشتغال والإشغال بالعلم والحديث إلى سنة ست وثمانماية ، فوصل إلى حلب في صفرها فحدث بها. وسمع عليه ابن خطيب الناصرية ، وأقام بها أياما ثم توجه إلى دمشق سنة ست فحج ثم رجع قاصدا الحصن ، فلما كان بسرمين مات في بكرة يوم الجمعة ثاني عشر ربيع الأول سنة سبع.

قال ابن خطيب الناصرية : وكان من أعيان الحلبيين إماما فاضلا فقيها يستحضر كثيرا من الفقه والتاريخ والتصوف ، مع ظرف ومحبة في العلم وأهله.

وقال شيخنا في إنبائه : كانت على ذهنه فوائد حديثية وفقهية ، وكان يحب الفقهاء والشافعية وتعجبه مذاكرتهم ، قال : وقرأت بخط البرهان المحدث بحلب أنه سأل نور الدين ابن الجلال عن فرعين منسوبين للمالكية فلم يستحضرهما وانكسر أن يكون في مذهب مالك ، قال : فسألت الجمال فاستحضرهما وذكر أنهما يخرجان من الحاجب الفرعي ا ه.

٤٩٣ ـ محمد بن أحمد الأطعاني المتوفى سنة ٨٠٧

محمد بن أحمد بن أبي الفتح بن سالم البدر أو الشمس ابن الشهاب ابن البدر الحلبي ابن الأطعاني والد أحمد.

ولد في صبيحة يوم الخميس خامس شعبان سنة ثمان وأربعين وسبعماية بحلب ، ونشأ بها فحفظ المنهاج وعرضه في سنة ثلاث وستين على الشهاب الأذرعي والزين عمر بن عيسى ابن عمر الباريني وبه تفقه ونسخ بخطه شرحه لابن الملقن. وعرض عليه النيابة في القضاء ببعض البلاد كأبيه فامتنع وتزهد وسلك طريق التصوف ، وسافر إلى القدس فلبس الخرقة

١٤٣

من عبد الله البسطامي ، ثم رجع إلى بلده وانقطع بزاوية خارج باب الجنان ، وصار معتقدا مقبلا على شأنه دينا بهي المنظر وتلمذ له جماعة ولبس منه غير واحد الخرقة ، وحج مرارا وجاور في بعضها ، واشتهر بين الحلبيين ، وبنيت له زاوية وتردد الأكابر لزيارته والتبرك به ، وهو لا يزداد مع ذلك إلا تواضعا وتعبدا. وكان منور الشيبة حسن الخلق والخلق كثير الحياء بهي المنظر.

وسكن بعد الكائنة العظمى في دار القرآن المجاورة للجامع الكبير حتى مات بعد صلاة الجمعة تاسع ذي القعدة سنة سبع وحضر جنازته من لا يحصى. ذكره شيخنا في إنبائه نقلا عن ابن خطيب الناصرية : وقال لي بعض الحلبيين : إنه ابتنى بحلب زاويتين أعين فيهما من أهل الخير ا ه.

وذكره الرضي الحنبلي في «در الحبب» في آخر ترجمة حسين بن الشهاب أحمد الأطعاني فقال : وقفت له على كتاب سماه «تذكرة المريد بطلب المزيد» (١) ، ومن مضمونه أن شيخه في لبس الخرقة عبد الله البسطامي ، وهذا هو جلال الدين عبد الله البسطامي الشافعي صاحب الزاوية المعروفة بالقدس ومعيد النظامية ببغداد فيما ذكره ابن حجر في إنبائه.

ووقفت للعلامة عبد الرحمن بن محمد بن علي الأنطاكي البسطامي الحنفي على تأليفين تعرض فيهما لترجمة الشمس محمد الأطعاني أحدهما «مفاتيح أسرار الصون ومصابيح أنوار الكون» وفيه يقول : إن الله لطف بهذه الأمة وأقام لها في رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها ، وإنه الذي كان على رأس المائة الثامنة من الصوفية ، إلى أن ذكر أن الثناء عليه غنم وأن النساء بمثله عقم ، فليفخر به أهل حلب ما سال واديها وأذّن مناديها. والكتاب الثاني «شمس الآفاق في علم الأوفاق» وفيه يقول : إني كنت أوان الصبا (وزمان التردي برداء الصفا إلى أن قال : دائم التطرق لأبواب الدعاء بالحمد والثناء إلى الجناب الرحيب ذي الفناء المستطيب ، متزايد الطلب ، متحليا بحلية الأدب) (٢) ، أختار من توج بتاج البهاء (من أهل الهمم والضياء ، مقتفيا لآثارهم العرفافية ، ومقتبسا من ضياء أنوارهم النورانية) (٣) إلى أن فزت بنظرة ممن حل رمزي وفك طلسم كنزي شمس سريرتي وبدر بصيرتي العارف بالله

__________________

(١) وذكر له في الكشف من المؤلفات «تحفة الطالب المستهام في رؤية النبي عليه‌السلام».

(٢) ما بين قوسين إضافة من «در الحبب» ليست في الأصل.

(٣) ما بين قوسين إضافة من «در الحبب» ليست في الأصل.

١٤٤

والدال على الله كعبة العارفين إمام السائرين الشيخ شمس الحق والدين محمد بن أحمد بن محمد الحلبي البسطامي ، وأنشد :

غوث الورى غيث الندى نور الهدى

بدر الدجى شمس الضحى بل أنور

الكلام على هاتين الزاويتين وما كان هناك من الآثار

الأولى زاوية سيدي محمد الأطعاني :

قال أبو ذر : هي بطرف حارة المشارقة من جهة الشمال ، بناها الخواجا حسين بن مصطفى وجماعة ، وكان الأطعاني أولا يذكر بجماعته في مسجد كان ملاصق الزاوية المذكورة ، وفي فتنة تمر خرب بعض هذه الزاوية وسلمت قبتها فرممها الخواجا عبد الرحمن البلدي وعمر بها إيوانا ودخل نصف المسجد الذي كان يذكر فيه الشيخ أولا في هذا الإيوان ونصفه خارج الإيوان من جهة التربة.

وهذه الزاوية مختصة بالبسطامية ، وأقام الذكر فيها الشيخ حسين البسطامي تلميذ سيدي عبد الله البسطامي شيخ والدي. والشيخ حسين توفي بمكة ، ثم قام بعده ولده الشيخ الصالح سيدي أحمد وتوفي بمكة. (ثم قال) : وهذه الزاوية نيرة وبها مساكن ولها منارة جددها الحاج أحمد بن القصار ا ه.

أقول : موضع هذه الزاوية قبلي المغفر المبني حديثا غربي جسر الناعورة ، وتعرف الآن بجامع الأطعاني ، ومحرر على بابه جامع المطعاني وهو غلط. وهو الآن عبارة عن قبلية كبيرة وقد كانت مشرفة على الخراب فرممت سنة ١٢٨٣ ، وأمام القبلية صحن فيه مصطبة من الجهة الشرقية. والإيوان الذي ذكره أبو ذكر قد سد من جهة القبلة واتخذ كتّابا ، والمنارة التي ذكرها أبو ذر لم تزل قائمة ، وغربي الإيوان المذكور دار كانت من جملة صحن الجامع على ما يظهر ولا أدري متى اتخذت.

وقد كان داخل الزاوية تربة دفن فيها المترجم وغيره ، وسيمر بك أسماء من دفن فيها. وهذه التربة صارت خارج الزاوية من الجهة الشمالية ، وقد درس معظم من دفن هناك ، إلا أن قبر المترجم لم يزل باقيا ومحرر اسمه على لوح قبره وحوله عدة قبور لأهل المحلة المذكورة درس بعضها وبقي بعضها. والباقي لهذا الجامع من العقارات أربعة دور ودكانان ، وهو الآن في تولية الشيخ عبد الوهاب طلس.

١٤٥

الثانية الخانكاه الدورية :

هذه الخانكاه على شاطىء نهر قويق تجاه الناعورة ، أنشاها الخواجا شمس الدين محمد ابن جمال الدين يوسف الشهير بالدوري عين التجار بحلب ووقفها على ولي الله الشيخ شمس الدين الأطعاني ولمن بعده بسندها بعده ، ووقف عليها ولد واقفها الخواجا غرس الدين وقفا.

وهذه الزاوية لطيفة وهي مفروشة بالرخام ، ولها مناظر على نهر قويق ، وبها مربع وله باب من خارج الخانقاه وبه شبابيك من الحديد. انتهى.

والشيخ شمس الدين الأطعاني لبس من ولي الله عبد الله البسطامي المدفون بالقدس ، ووالدي أيضا لبس منه بالقدس ، وله كرامات وأحوال ظاهرة. وهؤلاء الطائفة البسطامية منسوبون إلى شيخ الطريقة أبي يزيد طيفور بن عيسى بن آدم بن علي البسطامي الزاهد المشهور.

(ثم قال) : وبالقرب من هذه الزاوية بطرف المقبرة مسجد يسكنه الطائفة الأدهمية ، وأول من سكنه الشيخ العابد إسحق العجمي ، كان شكلا حسنا منقطعا عن الناس وهو مدفون بهذا المسجد. وجدد فيه الشيخ عبد الله العجمي الأدهمي حوشا ومطبخا وغرفة ، وعلى بابه تجاهه قبو وبه بئر كان قديما وبنى عليه هذا القبو الحاج محمد الحريري سميسم.

أقول : قدمنا في الكلام على الزاوية السحلولية أن الخانكاه الدورية دخلت في التكية المولوية من جهة الجنوب ولا أثر لها الآن. غير أنه قد ترجح عندي بعد التأمل أنها كانت في الشاطىء الغربي من النهر والله أعلم.

٤٩٤ ـ نعير بن حيار أمير آل فضل المتوفى سنة ٨٠٨

نعير بنون ومهملة مصغر ، واسمه محمد بن حيار ، بمهملة مكسورة ثم تحتانية خفيفة ، ابن مهنا بن عيسى بن مهنا بن مانع بن حديثة شمس الدين أمير آل فضل بالشام ، ويعرف بنعير.

ولي الإمرة بعد أبيه ودخل القاهرة مع يلبغا الناصري ، ولما عاد الظاهر من الكرك رافق نعير منطاشا في الفتنة الشهيرة ، وكان معه لما حاصر حلب ، ثم راسل نعير نائب

١٤٦

حلب إذ ذاك كمشبغا في الصلح وسلمه منطاش ، ثم غضب برقوق على نعير وطرده من البلاد فأغار نعير على بني عمه الذين قرروا بعده وطردهم ، فلما مات برقوق أعيد نعير إلى إمرته ، ثم كان ممن استنجد به دمرداش لما قدم اللنكية فحضر بطائفة من العرب ، فلما علم أنه لا طاقة له بهم برح إلى الشرق ، فلما برح التتار رجع نعير إلى سلمية. ثم كان ممن حاصر دمرادش بحلب. ثم جرت بينه وبين الأمير جكم وقعة فكسر نعير ونهب وجيء به إلى حلب فقتل في شوال سنة ثمان وقد نيف على السبعين.

وكان شجاعا جوادا مهيبا إلا أنه كثير الغدر والفساد ، وبموته انكسرت شوكة آل مهنا. وكان الظاهر خدعه ووعده حتى تسلم منطاش وغدر به ولم يف له الظاهر بما وعده بل جعل يعد ذلك عليه ذنبا. وولي بعده ولده العجل. ذكره شيخنا في إنبائه وهو في المقريزي مطول. ا ه.

٤٩٥ ـ طاهر بن الحسن بن حبيب المتوفى سنة ٨٠٨

طاهر بن الحسن بن عمر بن الحسن بن حبيب بن عمر بن شويخ الزين أبو العز بن البدر أبي محمد الحلبي الحنفي ، ويعرف بابن حبيب.

ولد بعد الأربعين وسبعماية بقليل بحلب ، وسمع من إبراهيم بن الشهاب محمود وغيره ، وأجاز له من دمشق الشهاب أبو العباس المرداوي خاتمة أصحاب ابن عبد الدايم ومحمد ابن عمر السلاوي وغيرهما ، ومن دمشق ابن القماح وغيره ، واشتغل وحصل ولازم الشيخين أبا جعفر الغرناطي وابن جابر وغيرهما ، وكتب الخط المنسوب ، وبرع في الأدب وغيره ، ونظم «تلخيص المفتاح» في المعاني والبيان (١) و «السراجية في فرائض الحنفية» و «محاسن الاصطلاح» للبلقيني ، وشرح البردة (٢) وخمسها ، وذيل على تاريخ أبيه بطريقته. ودخل القاهرة ودمشق وأقام في كل منهما مدة وكتب في ديوان الإنشاء ببلده وبالقاهرة ، بل ناب فيها عن كاتب السر ، وتعين للوظيفة مرارا فلم يتهيأ فيما قاله العيني.

__________________

(١) هو في ألفين وخمسمائة بيت كما في الكشف.

(٢) سماه وشي البردة كما في الكشف. رأيت نسخة منه في مكتبة المدرسة الحلوية بحلب.

١٤٧

وقال شيخنا في إنبائه إنه ولي عدة وظائف وإنه طارح الأدباء القدماء كفتح الدين ابن الشهيد بأن كتب له بيتين فأجابه بثلاثة وثلاثين بيتا ، وطارح أيضا السراج عبد اللطيف الفيومي نزيل حلب ، ونظم كثيرا ، وأحسن ما نظم «محاسن الاصطلاح» ، وليس نظمه بالمفلق ولا نثره ، وله :

قلت له إذ ماس في أخضر

وطرفه ألبابنا يسحر

لحظك ذا أو أبيض مرهف

فقال هذا موتك الأحمر

وقال ابن خطيب الناصرية : كان ناظما بليغا فصيحا تام الفضيلة في صناعة الإنشاء بحيث إنه عين لكتابة سر مصر. قلت : ومن نظمه مضمنا :

أضحى يموّه وهو يعلم أنني

كلف به ولذاك لم يتعطف

فغدوت أنشد والغرام يبرني

روحي فداك عرفت أم لم تعرف

وله لما قبض الظاهر برقوق على منطاش وقتله :

الملك الظاهر في عزّه

أذلّ من ضلّ ومن طاشا

وردّ في قبضته طائعا

نعيرا العاصي ومنطاشا

قال شيخنا : اجتمعت به وسمعت كلامه ، وأظن أني سمعت عليه شيئا من الحديث ومن نظمه ولكن لم أظفر به إلى الآن. مات بالقاهرة في يوم الجمعة سابع عشر ذي الحجة سنة ثمان رحمه‌الله وعفا عنه. وقد ذكره شيخنا في معجمه أيضا والمقريزي في عقوده ا ه.

وله من المؤلفات أيضا «مختصر المنار» في علم الأصول ، وهو مطبوع في مصر سنة ١٣٢٤ مع ثلاثة متون في علم الأصول.

٤٩٦ ـ دقماق المحمدي كافل حلب المتوفى سنة ٨٠٨

قدمنا بعض أخباره في ذكر توليته على حلب سنة ٨٠٤.

قال أبو ذر في الكلام على زاويته : كان من مماليك برقوق وكان معه بالكرك ، وكان شكلا حسنا شجاعا كريما ، وكان ممن فر في وقعة شقحب مع كمشبغا الكبير إلى حلب

١٤٨

فأقام بها ، ثم أمره الظاهر فقدمه بحلب ثم نيابة ملطية ، وولاه الناصر نيابة حماة ، ثم أسر مع تيمور ومن بعدتنم ولاه نيابة صفد ثم حلب ، وواقع دمرداش النائب قبله فانتصر عليه ، وفي آخر الأمر رضي عليه الناصر وولاه نيابة حماه ، ثم حاصره شيخ وجكم وقتل في شعبان سنة ثمان وثمانمائة.

الكلام على زاوية دقماق :

قال : هي خارج حلب من جهة الشمال ، أنشأها كافل حلب دقماق ، استأجر أرضها من أربابها وفوضها للشيخ إسحاق ، وكان شيعيا لأنه مرة أحسن إليه وأخباه عنده في محنة حلت بدقماق المذكور. ووقف على هذه الزاوية وقفا بقرية المالكية من عمل عزاز. وهذه الزاوية مشتملة على قبة بها قبور ، وخارج القبة حوش محيط بهذه القبة وبه بيوت. وكان أبو بكر دوادار السيفي بردبك لما ولى على هذه الزاوية بعد موت بابا علي قتلا ولد الشيخ إسحاق المذكور قد أسس خارج هذه الزاوية حوضا وبوابة ليبني به خانا ، ولما عزل أستاذه عن كفالة حلب توجه معه إلى دمشق ولم يكمله. وإلى جانب هذه الزاوية تربة لبني النصيبي أنشأها القاضي زين الدين وأكملها ولده القاضي جلال الدين ا ه.

وفي الدر المنتخب : تربة الأمير دقماق نائب حلب قاطع الجسر إلى جهة الشمال بالقرب من أرض الشمسي لولو ، وتربة القاضي زين الدين بن النصيبي وولده القاضي ضياء الدين وأولادهم ملاصقة لباب التربة الدقماقية. ا ه.

أقول : غربي الجسر المعروف بجسر الناعورة (١) تجاه منعطف النهر تربة واسعة الجهة الشمالية منها هي التربة الدقماقية ، والجنوبية هي تربة بني النصيبي ، بينهما جادة ضيقة ، ولا أثر الآن للزاوية والحوش اللتين ذكرهما أبو ذر هناك ولا أدري متى درستا. وبعد سنة ١٣٠٠ بقليل وسعت الجادة هناك فأخذ لها من التربتين وبني لهما جداران وبقي الناس يدفنون فيهما الموتى ، ومنذ نحو ٢٥ سنة بني في جانب التربة الجنوبية مغفر عرف بمغفر

__________________

(١) ذكرنا في الجزء الثالث (ص ٤٤٣) أن في جملة مقررات دائرة النافعة تعريض جسر الناعورة وجعله ٢٠ مترا وأنها ستباشر به عما قريب ، وقد كان ذلك ، فإنها في أوائل هذه السنة ١٣٤٤ باشرت في تعريضه ولا زال العمل قائما فيه وسيتم في شهر شعبان منها ، إلا أن عرضه جعل ١٨ مترا وخصص له عشرون ألف ورقة سورية تبلغ قيمتها ٤ آلاف ليرة عثمانية ذهبا.

١٤٩

الكتّاب ، وما وراءه من جهة الجنوب والغرب لم يزل تربة إلا أن الحكومة منعت في المدة الأخيرة الدفن هناك.

ومنذ عشر سنوات على عهد الحكومة العثمانية نسفت التربة الدقماقية ودرس ما كان هناك من القبور وبني في أواخرها بناية كبيرة لتكون مسكنا للولاة ارتفع فيها البناء إلى قرب السقوف ، ثم تركت إلى سنة ١٣٤٢ ، ففيها أكملت دائرة النافعة بناءها وطولها ٢٥ مترا وعرضها كذلك ، وهي ذات طابقين وفيهما ١٨ غرفة (١) وترك من جوانبها الأربعة فضاء واسع واتخذت الآن لقيادة الدرك ، وبني في أول هذه التربة بالقرب من النهر بناية أخرى بينهما الجادة اتخذت للسكنى ، ولم يبق هناك لهذه التربة أثر على سعتها.

٤٩٧ ـ الأمير جكم المتغلب على حلب المتوفى سنة ٨٠٩

ذكرت في أواخر الجزء الثالث خبر عصيان الأمير جكم وتغلبه على حلب وخبر قتله سنة ٨٠٩ ، ثم ظفرت بترجمته وتفصيل تلك الحوادث في «المنهل الصافي» فأحببت ذكرها هنا لأهميتها. قال :

هو جكم بن عبد الله بن عوض الظاهري الأمير سيف الدين المتغلب على حلب الملقب بالملك العادل ، كان من عتقاء الملك الظاهر برقوق ومن أعيان خاصكيته ، ثم إمرة عشرة ثم طبلخاناه ، ثم صار في دولة ابن أستاذه الملك الناصر فرج بن برقوق أمير ماية ومقدم ألف بالديار المصرية ، ولا زال يترقى حتى صار دوادارا كبيرا ، ثم حصل بينه وبين الأمير يشبك وقعة في مصر (بسطها في المنهل) انتصر فيها جكم وعظم في الدولة وهابته الأمراء ، ثم حصل بين الملك الناصر فرج وبين الأمير جكم والأمير نوروز وقعة (بسطها في المنهل أيضا) انكسر فيها هذان وفرا في عدة كبيرة يريدون بلاد الصعيد ، ثم طلب جكم يستأذن الحضور فأذن له في ذلك ، ولما أتى قيد وأرسل إلى الإسكندرية محبوسا ، واستمر كذلك إلى أن أخذه الأمير دمرداش المحمدي نائب طرابلس لما ولي نيابة حلب ممسوكا معه إلى حلب ، وكان وصول دمرداش إليها في رمضان سنة ست وثمانماية ، واستمر جكم أيضا محبوسا عنده بدار العدل إلى أن توجه دمرداش من حلب في شهر ذي القعدة لقتال صاحب

__________________

(١) أشرنا إلى ذلك في الجزء الثالث ص ٤٤٢.

١٥٠

الباز التركماني ، فصحب جكم معه إلى قلعة القصير فحبسه بها ثم أخذه منها في عوده إلى حلب في يوم عرفة واعتقله بحلب مدة ، ثم أطلقه وطيب خاطره ، فلم يكن إلا أياما يسيرة هرب جكم إلى حماة ثم خرج منها إلى أنطاكية إلى صاحب الباز عدو دمرداش ، وبلغ دمرداش خبره فجمع لقتالهما وخرج من حلب حتى وصل إلى أنطاكية ، فتحصن جكم وابن صاحب الباز بأنطاكية فلم يقدر دمرداش عليها وعاد إلى حلب ، ثم توجه جكم إلى طرابلس وملكها من نائبها الأمير شيخ السليماني وأقام بها مدة ، ثم توجه إلى حلب فخرج دمرداش إليه وتقاتلا فانكسر دمرداش وفر ودخل جكم حلب من باب أنطاكية سابع عشر شعبان سنة سبع وثمانماية ، واستفحل أمره في حلب وخرج لقتال يغمور التركماني حتى عدى الفرات ، ثم عاد إلى حلب وضرب الدهر ضرباته حتى خرج يشبك الشعباني هاربا من الديار المصرية إلى الشام ومعه جمع كبير ، فتلقاه نائب دمشق الأمير شيخ المحمودي بالإكرام وأنزله بدمشق واتفقوا على كلمة واحدة ، وأرسل الجميع إلى جكم يسألونه موافقتهم فأجاب ، وخرج من حلب في رمضان وقدم دمشق واتفق رأي الجميع على قصد الديار المصرية (ثم ساق ما كان بين هؤلاء وبين الملك الناصر صاحب مصر من الأمور والوقائع التي انتهت بفرار جكم وشيخ وغيرهما من الأمراء في طائفة يسيرة ثم قال) :

وبعد ذلك أرسل الملك الناصر إلى الأمير علان نائب حماة بنيابة حلب عوضا عن جكم وأخلع على بكتمر جلق بنيابة طرابلس ، وأنعم بنيابة حماة على الأمير دقماق المحمدي ، وتوجه الجميع إلى البلاد الشامية ، فلما قاربوا دمشق خرج جكم وشيخ منها وافترقا ودخل نوروز دمشق.

فأما جكم فإنه توجه نحو طرابلس فدخلها ، ثم خرج منها في أناس قلائل وقصد الصبيبة ، وكان الأمير شيخ قد توجه إليها عند خروجه من دمشق ، فداما فيها إلى شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانماية فقصدا دمشق ، فخرج نوروز لقتالهما فانكسر وتوجه هاربا نحو طرابلس ، فأخذ جكم وشيخ دمشق ودخلا بمن معهما ثم خرجا في طلب نوروز بطرابلس ، فخرج نوروز منها ومعه بكتمر جلق نائبها إلى الأمير دقماق نائب حماة وأرسلوا بطلب الأمير علان نائب حلب لقتال جكم وشيخ ، فحضر وحضر أيضا جكم وشيخ وتقاتلوا أياما والسلطان يومئذ الملك المنصور عبد العزيز بن الملك الظاهر برقوق. وكان دمرداش إذ ذاك عند التركمان فجمع وأتى حلب فملكها في غيبة نائبها علان ، وبلغ علان

١٥١

فركب من فوره هو والأمير نوروز وتوجها إلى حلب وكبسوا الأمير دمرداش ، ففر دمرداش هاربا بعد أن قتل كثير من جماعته ، واستمر بحماة الأمير بكتمر جلق ونائبها الأمير دقماق وعجزوا عن ملاقاة جكم وشيخ ، فانتهز جكم الفرصة وقاتلهم فانكسر دقماق وقبض عليه وقتل بين يدي جكم ، وهرب بكتمر جلق إلى حلب وأخذ جكم وشيخ حماة. ففي أثناء ذلك ظهر الملك الناصر برقوق (وقد كان محبوسا في الكرك) وتسلطن ثانيا وخلع أخوه المنصور عبد العزيز وحبس.

ولما بلغ الملك الناصر خبر جكم وشيخ أرسل إلى شيخ بنيابة دمشق ، وإلى جكم بنيابة حلب وذلك في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانمائة فدخل جكم إلى حلب ثم أضيف إليه نيابة طرابلس ، وكان الأمير فارس بن صاحب الباز التركماني قد تغلب على أنطاكية وبغراس والقصير وبارين وصهيون واللاذقية وجبلة وعدة بلاد أخر وقويت شوكته بحيث إن عسكر حلب كان قد ضعفت من ملاقاته ، فتوجه الأمير جكم وكسره ونهبه وقتل وأسر واستمر إلى أن حصره بأنطاكية ، ولما كان بحصاره بلغه أن الأمير نعير بن حيار أمير العرب توجه لأخذ حلب حمية لابن صاحب الباز ، فترك جكم حصار ابن صاحب الباز وتوجه إلى نعير فوافاه على قنسرين فقاتله وكسره بعد قتال شديد وقبض عليه وجهزه إلى حلب وكان آخر العهد به ، ثم رجع جكم لحصار ابن صاحب الباز وقد تحصن بقلعة القصير فطال عليه الأمر فسأل الأمان ونزل من القلعة فقتل هو وولده وأخوه واستولى جكم على جميع القلاع.

وبلغ الناصر ذلك فاستوحش منه وعزله بالأمير دمرداش المحمدي فجمع دمرداش العساكر والنواب بالبلاد الشامية والتقى الجميع بين حمص والرستن فانكسر دمرداش وشيخ نائب الشام وولوا الأدبار إلى دمشق ، وقبض جكم على علان وطولو من باشاة نائب صفد وقتلهما معا في شهر ذي الحجة سنة ثمان وثمانماية. وبلغ ذلك الملك الناصر فتجرد إلى البلاد الشامية لاستنقاذها من الأمير جكم ، فلما سمع جكم بخروج الملك الناصر توجه إلى جهة الروم وتبعه الأمير نوروز الحافظي موافقة له ، فدخل الملك الناصر حلب في خامس عشرين شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانماية وخرج منها عائدا في مستهل جمادى الآخرة من السنة بعد أن ولى الأمير جاركس القاسمي المصارع نيابة حلب فوليها يوما واحدا وخرج صحبة الملك الناصر خوفا من جكم.

١٥٢

فلما سمع جكم بعود الملك الناصر عاد إلى حلب فدخلها في تاسع جمادى الآخرة من السنة ، وأرسل جكم الأمير نوروز من تحت أمره إلى نيابة دمشق. واستمر جكم في حلب إلى يوم السبت تاسع شوال سنة تسع وثمانماية أمر بجمع أعيان أهل حلب من القضاة والفقهاء والأمراء والأعيان فجمعوا في جامع حلب الأموي وحلفهم لنفسه وأظهر الدعوة له وخلع السلطان الملك فرج بن برقوق ، واستمر إلى يوم الأحد عاشره لبس أبّهة السلطنة في دار العدل وركب بشعار السلطنة من دار العدل إلى القلعة وتلقب بالملك العادل أبي الفتح وكتب إلى المملكة الشامية بذلك ، فرد عليه الجواب على يد رسلهم بالامتثال وقبل الأمير نوروز له الأرض وغيره.

ثم توجهوا نحو البيرة لما بلغه عصيان نائبها عليه الأمير كزل فملكها بالأمان وقتل نائبها ، ثم توجه إلى آمد لقتال قرابلك ، فلما وصل إلى ماردين نزل إليه صاحبها الملك الظاهر وتوجه معه إلى آمد ، فلما وصل جكم إلى آمد تهيأ قرابلك لملاقاته وصاففه فلم يثبت قرابلك وانكسر أقبح كسرة وولت عساكره الأدبار ودخلوا البلد وقتل الأمير جكم إبراهيم بن قرابلك بيده. ثم اقتحم جكم في طائفة من عسكره ثم توسط بين بساتين آمد وكانوا قد أرسلوا المياه على أراضي آمد فوحلت الأرض بحيث يدخل فيها الفارس بفرسه (قلت :

وهذا مما شاهدناه في سنة ست وثلاثين وثمانماية لما توجه الملك الأشرف برسباي انتهى).

فدخل جكم بفرسه إلى تلك المياه وأخذه الرجم من كل جهة ، ثم ضربه بعض التركمان بحجر في مقلاع وهو لا يعرفه فأصاب وجهه ، فتجلد قليلا ثم سقط عن فرسه وتكاثرت التركمان على من معه وقتلوهم ، ثم فطنوا بذهاب جكم فأخذت عساكره سيوف التركمان فما عفوا ولا كفوا ، وطلب جكم بين القتلى حتى عرفوه فقطع قرابلك رأسه وبعث به إلى الملك الناصر فرج ، وقتل في هذه الوقعة ممن كان مع جكم الأمير ناصر الدين بن شهري والملك الظاهر عيسى صاحب ماردين وحاجبه فياض وفر الأمير تمربغا المشطوب وكمشبغا العيساوي ووصلا حلب. وكانت قتلة جكم يوم الأربعاء خامس عشرين شهر ذي القعدة سنة تسع وثمانماية.

وكان جكم ملكا جليلا شجاعا مقداما مهابا جوادا وافر الحرمة كثير الدهاء حسن الرأي والتدبير ، ذا قوة وجبروت وسطوة ، وفيه ميل إلى العدل في الرعية ، وهذا بخلاف المتغلبين على البلاد من الملوك حتى قيل في حقه : حكم جكم وما ظلم. وكان عفيفا عن

١٥٣

المنكرات والفروج. وكان يجتمع عنده في كل ليلة بقلعة حلب الفقهاء ويتذاكرون بين يديه في العلوم. وكان يحب المديح ويهش له وكان حريصا على حب الرياسة مغرما بذلك قديما وحديثا. وكان للطول أقرب ، حنطي اللون أسود اللحية والحاجبين كثير الشعر في جسده ، قليل الهزل كثير الوقار. وكان عارفا بطرق الرياسة والاستجلاب لخواطر الرعية.

حدثني بعد أعيان المماليك الظاهرية برقوق قال : كانت سفرته إلى آمد بسعادة الملك الناصر فرج ، وإلا لو توجه جكم إلى القاهرة ما اختلف عليه أحد لحب الناس له ا ه.

٤٩٨ ـ مسعود بن شعبان الحساني المتوفى بعد سنة ٨٠٩

مسعود بن شعبان بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن مسعود بن علي بن محمد ابن عبيد بن هبة الله الشرف أبو عبد الله الحساني الطائي الحلبي الشافعي.

قال شيخنا في إنبائه : أصله من دير حسان ، ونشأ فتفقه قليلا ، ثم صار ينوب في أعمال البر عن القضاة ، ثم ولي قضاء حلب عوضا عن ابن أبي الرضى ، ثم عزل ثم أعيد ، ثم عزل بابن مهاجر سنة تسعين وسبعمائة ، ثم ولاه الشهاب الزهري قضاء حمص.

وكان جاهلا مقداما يعرف طرق السعي ، وله دربة في الأحكام. واشتهر بأخذ المال من الخصوم ، فحكى لي نائب الحكم جمال الدين بن العراقي الحلبي وكان خصيصا به أنه أوصاه أن لا يأخذ من أحد من الخصمين إلا من يتحقق أنه الغالب.

وسار مع كمشبغا لما توجه للظاهر عند خروجه من الكرك فلم يزل صحبة الظاهر إلى أن دخل القاهرة فرعى له ذلك ، فلما استقرت قدمه في الملك ولاه قضاء دمشق بعد قضاء حمص ، وكذا ولي في الفتنة أيضا قضاء دمشق وغيرها ، وتنقل في الولايات إلى أن استقر بطرابلس ومات بها في رمضان سنة تسع.

قال العلاء ابن خطيب الناصرية بعد أن عزل ولكن لم يبلغه ذلك ظنا قال : وكان رئيسا كريما محتشما عنده مكارم أخلاق ومداراة للدولة ومحبة للعلماء ، وأنشد عنه نظما لغيره ا ه.

١٥٤

٤٩٩ ـ طيبغا الشريفي المتوفى سنة ٨١٠

طيبغا ، ويسمى عبد الله أيضا ، الشريفي عتيق الشريف شهاب الدين نقيب الأشراف بحلب.

سمع مع أولاده من الجمال ابن الشهاب محمود ، وتعلم الخط معهم من الشيخ حسن ففاق في الخط الحسن بحيث كتب الناس عليه. واستقر في وظيفته تعليم الخط بالجامع الكبير ، ثم أجلسه الكمال ابن العديم مع العدول ، وفر في الكائنة العظمى إلى دمشق فأقام بها مدة وعلم الخط إلى أن مات في آخر سنة عشر (١). ذكره شيخنا في إنبائه تبعا لابن خطيب الناصرية ، ونقل عنه أنه قال : كتب عليه بحلب وقرأت عليه الحديث بالقاهرة في سنة ثمان وثماني ماية ا ه.

٥٠٠ ـ عمر بن إبراهيم بن العديم المتوفى سنة ٨١١

عمر بن إبراهيم بن محمد بن عمر بن عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن هبة الله الكمال أبو حفص بن الكمال أبي إسحق بن ناصر الدين أبي عبد الله بن الكمال أبي حفص العقيلي الحلبي ثم المصري الحنفي ، ويعرف بابن العديم وبابن أبي جرادة.

ولد سنة أربع وخمسين وسبعمائة ، كما جزم به شيخنا في إنبائه. وأما في «رفع الإصر» فقال : في سنة إحدى وستين ، وهو الذي في عقود المقريزي ، بحلب ونشأ بها واشتغل وحصل طرفا من الفقه وأصوله ، وسمع الحديث من ابن حبيب وأبيه ، وولي قضاء العسكر ببلده ، وكذا ناب في الحكم فيها عن أبيه ، ثم استقل به في سنة أربع وتسعين وحصل أملاكا وثروة كبيرة. ودخل القاهرة غير مرة للاشتغال وغيره ، ثم استوطنها لما طرق التتار البلاد الشامية وأسر مع من أسر وعوقب وأخذ منه مال واعتقل مع المعتقلين بقلعة حلب ، ثم خلص مع بقية القضاة الذين كانوا بالقلعة ، فتوجه القاضي كمال الدين إلى أريحا ثم منها إلى الديار المصرية فقدمها في شوال سنة ثلاث ، وحضر مجلس الأمين الطرابلسي قاضيها ، ثم سعى حتى استقر عوضه في القضاء في رجب سنة خمس وثمانمائة ، وكذا نزع مشيخة الشيخونية من الشيخ زاده بحكم اختلال عقله لمرض أصابه مع وجود ولد له فاضل اسمه

__________________

(١) في «الضوء اللامع» ذكر أنه مات في آخر سنة خمس عشرة.

١٥٥

محمود ، وكان ناب عن أبيه فيها ، فما نهض لمواقعته ، وهذا في سنة ثمان ، وخالط الأمراء وداخل الدولة وكثر جاهه وعظم ماله ، سيما ولم يكن يتحاشى عن جمع المال من أي وجه كان.

قال شيخنا في إنبائه : وكان كثير المروءة متواضعا بشوشا كثير الجرأة والإقدام والمبادرة إلى القيام في حظ نفسه محبا في جمع المال بكل طريق.

(وفي رفع الأصر) : كان شهما فصيحا مقداما يعاب بأشياء ويحمد بأشياء كثيرة منها التعصب لمن يقصده والقيام مع من يلوذ به. قال : وقرأت بخط المقريزي : كان من شر القضاة جرأة وجمعا وخلة وبادرة ووثوبا على الدنيا وتهافتا على جمع المال من غير حله وتجاهرا بالربا ، وأفرط في استبدال الأوقاف. وكان مفرطا في التواضع بحيث يمشي على قدميه من منزله إلى من يقصد من الأكابر. قال : وفي الجملة كان من رجال الدنيا (١). قال غيره : من بيت رياسة وعلم وقضاء ، أفتى ودرس وشارك في العربية والأصول والحديث ، من رجال الدنيا دهاء ومكرا ، خبيرا بالسعي في أموره ، يقظا غير متوان في حاجته ، كثير العصبية لمن يقصده ، ماهرا في الحكم ذكيا.

قال ابن خطيب الناصرية : إنه باشر بحرمة وافرة وكلمة نافذة ، وكان رئيسا كبيرا محترما ذا هيبة ، وجيها عند الملوك. وأرخ مولده في سنة ستين أو إحدى وستين. مات في يوم السبت ثالث عشر جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة بعد أن مرض شهرا ونصفا ، ورغب قبل موته لولده ناصر الدين محمد وهو شاب عن مشيخة الشيخونية وقبلها المنصورية ، وباشرها في حياته وأوصاه أن لا يفتر عن السعي في القضاء ، فامتثل أمره واستقر بعده. وفيه يقول عثمان بن محمد الشغري الحنفي :

ابن العديم الذي في عينه عور

وليس محمودة في الناس سيرته

أليس أن عليه ستر عورته

لكن نزول القضا أعمى بصيرته

ا ه.

__________________

(١) قال في المنهل الصافي في آخر ترجمته بعد ذكره بعض ما قاله شيخه المقريزي ما نصه : كلام المقريزي لا يسمع في ابن العديم لوجوه عديدة ، منها لتعصبه لابن الطرابلسي ، ومنها لواقعة حصلت لابنه ناصر في حقه وفي هذا كفاية ا ه.

١٥٦

٥٠١ ـ محمد بن عبد الرحمن بن سحلول المتوفى سنة ٨١٢

محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن سحلول ناصر الدين أبو عبد الله ابن الشمس الحلبي الماضي والده ، ويعرف بابن سحلول.

كان إنسانا حسنا رئيسا كبيرا عنده حشمة ومروءة وكرم أخلاق. تولى مشيخة خانكاه والده الذي كان ناظر الخاص بحلب ، ثم مشيخة الشيوخ بحلب بعد موت السيد عماد الدين الهاشمي ، فباشرها مدة وسمع على البرهان الحلبي بها وعلى أحمد بن عبد الكريم الأربعين المخرجة من مسلم وعلى ابن الحبال جزء المناديلي كلاهما في بعلبك. وسافر إلى القاهرة فحج ثم عاد فمات بعقبة أيلة في المحرم سنة اثنتي عشرة.

ذكره ابن خطيب الناصرية وكذا شيخنا في إنبائه وقال : إنه لما ولي مشيخة خانقاه والده كان أهل حلب يترددون إليه لرياسته وحشمته وسؤدده ومكارم أخلاقه بحيث كان مواظبا على إطعام من يرد عليه. وعظم جاهه لما استقل الجمال الأستادار بالتكلم في المملكة ، فإنه كان قريبه من قبل أمه ، فأم جمال الدين هي ابنة عبد الله وزير حلب عم الشمس أبي هذا ، بل لما قدم القاهرة بالغ الجمال في إكرامه وجهزه حين كان ابنه أحمد أمير الركب معه إلى الحجاز في أبهة زائدة ، فحج وعاد فمات بعقبة أيلة وسلم مما آل إليه أمر قريبه وآله ا ه.

٥٠٢ ـ إلياس بن سعيد قاضي حلب المتوفى سنة ٨١٢

إلياس بن سعيد بن علي الفيرشهري الحنفي نزيل حلب ، يلقب موفق الدين.

اشتغل في عدة فنون ، وترقى إلى أن ولي قضاء حلب في سنة ٧٨٨ عوضا عن المحب ابن الشحنة ، فباشر سنتين ثم عزل وأعيد ابن الشحنة ، واستمر إلياس بطالا إلى أن مات في سنة ٨١٢ ا ه. (الدرر الكامنة).

٥٠٣ ـ فاطمة الحسينية المتوفاة سنة ٨١٣

فاطمة بنت أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن زيد

١٥٧

ابن جعفر بن أبي إبراهيم محمد ، أم الحسن ابنة النقيب الشهاب ابن أبي العلاء (١) الحسينية الحلبية أخت نقيب الأشراف العز أحمد ، وهي أسن.

ولدت سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة أو التي بعدها ، وسمعت الكثير على جدها لأمها الجمال إبراهيم ابن الشهاب محمود ، وأجاز لها جماعة منهم المزي ، وحدثت بحلب ، سمع منها ابن خطيب الناصرية وقال في تاريخه : كانت عاقلة دينة ، ماتت في يوم السبت من العشر الأول من ربيع الأول سنة ثلاث عشرة ودفنت بمشهد الحسين في سفح جبل جوشن عند أجدادها. وقد ذكرها شيخنا في معجمه باختصار وسمى جد والدها علي بن محمد ابن علي وقال : أجازت لي. وذكرها في موضع آخر على الصواب. وهي عند المقريزي في عقوده ، ولكونه لم يعلم وقت موتها قال : ماتت بعد سنة اثنتين ا ه.

٥٠٤ ـ محب الدين أبو الوليد محمد بن محمد بن محمد ابن الشحنة

المتوفى سنة ٨١٥

صاحب «روض المناظر»

محمد بن محمد بن محمد بن محمود بن غازي بن أيوب بن محمود بن الختلو المحب أبو الوليد الحلبي الحنفي ، ويعرف كسلفه بابن الشحنة ، وزاد المقريزي في نسبه محمدا رابعا غلطا.

ولد سنة تسع وأربعين وسبعمائة بحلب ونشأ بها في كنف أبيه ، فحفظ القرآن وكتبا ، وأخذ عن شيوخ بلده والقادمين إليها. وارتحل في حياة أبيه لدمشق والقاهرة فأخذ عن مشايخها ، وما علمت من شيوخه سوى السيد عبد الله فقد أثبته البرهان الحلبي ، بل قال ولده إن ابن منصور والألفي أذنا له في الإفتاء والتدريس قبل أن يلتحي ، وإنه بعد مضي سنة من وفاة والده ارتحل إلى القاهرة أيضا ونزل بالصر غتمشية واشتهرت فضائله بحيث عينه أكمل الدين وسراج الدين لقضاء بلده وأثنيا عليه ، فولاه إياه الأشرف شعبان وذلك في سنة ثمان وسبعين عوضا عن الجمال إبراهيم بن العديم ، ورجع إلى بلده على قضائها فلم تطل مدته في الولاية ، ثم صرف عن قرب بالجمال المشار إليه ، ثم أعيد واستمر إلى

__________________

(١) في «الضوء اللامع» : ... الشهاب بن أبي المجد العلوية الحسينية.

١٥٨

بعد كائنة الناصري مع الظاهر برقوق فعزله لما كان بحلب ، وذلك في سنة ثلاث وتسعين بسبب صحبته للناصري ، بل امتحنه بالمصادرة والسجن وما كفه عن قتله إلا الله على يد الجمال محمود الأستادار مع مساعدته على مقاصده ، وكذا امتدحه بعدة مدائح بحيث اختص به ، واستصحبه معه إلى القاهرة فأقام بها نحو ثلاث سنين ثم عاد إلى بلده فأقام بها بطالا ملازما للاشتغال والإشغال مع مساعدته على مقاصده والتصنيف ، وعظمه جكم حين ولي نيابتها تعظيما بالغا وامتحن بسببه ، فلما قدمها الناصر ولاه قضاءها في سنة تسع وثمانمائة واستمر ، ثم لما اختلفت الدول حصلت له أنكاد من أجل أنه ولي عن شيخ (اسم الملك) لما كان يحارب الناصر قضاء دمشق ، فلما قدمها الناصر سنة ثلاث عشرة قبض عليه وعلى جماعة من جهة شيخ منهم التباني وقيدهم ، ثم شفع فيهم فأطلقوا وحضروا إلى مصر ، فعني بصاحب الترجمة كاتب السر فتح الله حتى استقر في عدة وظائف كتدريس الجمالية بعد وفاة مدرسها محمود بن زاده ، وعظمه الناصر بحيث إنه كما قال ولده : جلس في الموكب بحضرته مع كونه معزولا عن قضاء حلب فوق ناصر الدين بن العديم قاضي مصر ، قال : حتى ضج ابن العديم من ذلك ولم يجد له ناصرا.

ثم إنه توجه مع الناصر إلى دمشق ، فلما كان بينه وبين المؤيد شيخ علي اللجون ما كان وجاء الناصر إلى دمشق دخلها معه فولاه قضاء مصر في زمن حصاره لدمشق لكون قاضيها ناصر الدين بن العديم كان اتصل بالمؤيد زمن الحصار ، ولكنه لم يباشر ولم يرسل لمصر نائبا ، فلما انجلت القضية بقتل الناصر الذي كان ابن العديم هو الحاكم بقتله ونقم على المحب انتماءه إليه انقطع عن المجيء بدمشق ، واستمر ابن العديم في توجهه إلى مصر قاضيها ، وتقايض المحب مع الظهير ابن الآدمي (١) بوظائف لابن الآدمي بدمشق عن وظائف كانت حصلت للمحب بمصر كالجمالية ، وأقام المحب بدمشق ، فلما توجه نوروز بعد أن اقتسم هو وشيخ البلاد كان نوروز كثير التعظيم للمحب ولاه كما قال ولده جميع ما هو في قسمته من العريش إلى الفرات ، قال : فاقتصر منه على بلده ووصل صحبته إليها ، كل ذلك في سنة خمس عشرة ، فلم تطل أيامه ومات عن قريب في يوم الجمعة ثاني ربيع الآخر فيها وصلي عليه بعد الجمعة تحت القلعة بتربة قراسنقر خارج باب المقام ، وكانت

__________________

(١) في «الضوء اللامع» : الصدر ابن الأدمي.

١٥٩

جنازته حافلة ، وممن حمل نعشه ملك الأمراء نوروز ومدحه الجمال عبد الله بن محمد زريق المعري بقصيدة بائية أولها :

لم أدر أن ظبى الألحاظ والهدب

أمضى من الهند ويات (١) والقضب (هكذا)

وقد وصفه شيخنا في ترجمة أبيه من الدرر بالإمام العلامة ، وفي إنبائه بالعلامة ، بل ترجم له هو فيه وقال : إنه اشتغل قديما ونبغ وتميز في الفقه والأدب والفنون ، وإنه لما رجع من القاهرة إلى حلب يعني قبل القرن أقام ملازما للاشتغال والتدريس ونشر العلم ، لكنه مع وصفه له بكثرة الاستحضار وعلو الهمة والنظم الفائق والخط الرائق قال : إنه كثير الدعوى وفي تاريخه أوهام عديدة ، ونحوه قوله في معجمه مع وصفه بمحبة السنة وأهلها : إنه عريض الدعوى ، له نظم كثير متوسط. قال : ولما فتح اللنك حلب حضر عنده في طائفة من العلماء فسألهم عن القتلى من الطائفتين من هو منهم الشهيد فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ، فاستحسن كلامه وأحسن إليه.

وذكره ابن خطيب الناصرية فقال : شيخنا وشيخ الإسلام. كان إنسانا حسنا عاقلا دمث الأخلاق حلو النادرة عالي الهمة إماما وعالما فاضلا ذكيا له الأدب الجيد والنظم والنثر الفايقان واليد الطولى في جميع العلوم ، قرأت عليه طرفا من المعاني والبيان ، وحضرت عنده كثيرا ، وكانت بيننا صحبة أكيدة. وصنف في الفقه والتفسير وعلوم شتى. وأورد قصيدة ابن زريق المشار إليها.

وقال البرهان الحلبي : من بيوت الحلبيين ، مهر في الفقه والأدب والفرائض مع جودة الكتابة ولطف المحاضرة وحسن الشكالة يتوقد ذكاء وله تصانيف لطاف.

وقال المقريزي في عقوده : إنه أفتى ودرس بحلب ودمشق والقاهرة ، وكان يحب الحديث وأهله ، ولقد قام مقاما عجز أقرانه عنه وتعجب أهل زمانه منه ، وساق جوابه لتيمور المتقدم وغيره ، وكان المجلس له بحيث أوصى جماعته به وبالشرف الأنصاري وأصحابهما وفي إيراد ذلك طول.

__________________

(١) الصواب : الهندوانيات ، وبها يستقيم الوزن.

١٦٠