تذكرة الفقهاء - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: ٤٠٦

لتعذره فيه ، وتحريم الاجتياز بغير طهارة ، ولقول الباقر عليه‌السلام : « إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاحتلم وأصابه جنابة ، فليتيمم ولا يمرّ في المسجد إلّا متيمماً » (١) ولا بأس أن يمرّ في سائر المساجد ، ولا يجلس في شيء من المساجد ، ويجب عليه القصد إلى أقرب الابواب إليه.

الرابع : لو كان في المسجد ماءً كثير ، فالأقرب عندي جواز الدخول إليه والاغتسال فيه ما لم يلوّث المسجد بالنجاسة.

الخامس : لا يجوز للجنب وضع شيء في المساجد مطلقاًً على الاشهر خلافاً لسلار (٢) ، ويجوز له الاخذ منها لقول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن الجنب والحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه ، قال : « نعم ، ولكن لا يضعان في المسجد شيئاً » (٣).

مسألة ٧١ : يكره للجنب أشياء :

الأول : حمل المصحف ومس أوراقه ، وتحرم الكتابة ، ومنع منه أكثر الجمهور (٤) وقد تقدم (٥) وقول الكاظم عليه‌السلام : « المصحف لا يمسه على غير طهر ولا جنباً ولا يعلّقه ، إنّ الله تعالى يقول : ( لا يمسه إلاالمطهرون ) (٦) » (٧) محمول على الكراهية.

____________

١ ـ الكافي ٣ : ٧٣ / ١٤ ، التهذيب ١ : ٤٠٧ / ١٢٨٠.

٢ ـ المراسم : ٤٢.

٣ ـ الكافي ٣ : ٥١ / ٨ ، التهذيب ١ : ١٢٥ / ٣٣٩.

٤ ـ المجموع ٢ : ٦٧ ، المغني ١ : ١٦٩ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٥٠ ، مغني المحتاج ١ : ٣٦ ، تفسير القرطبي ١٧ : ٢٢٧ ، المحلى ١ : ٨٤.

٥ ـ تقدم في مسألة ٦٩.

٦ ـ الواقعة : ٧٩.

٧ ـ التهذيب ١ : ١٢٧ / ٣٤٤ ، الاستبصار ١ : ١١٣ / ٣٧٨.

٢٤١

الثاني : النوم إلّا أن يتوضأ ، ذهب إليه علماؤنا ، وبه قال علي عليها‌السلام وعبد الله بن عمر وأحمد (١) ، لأنّ ابن عمر سأل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال : ( نعم اذا توضأ ) (٢).

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن الرجل ينبغي له أن ينام وهو جنب : « يكره ذلك حتى يتوضأ » (٣).

وقال ابن المسيب وأصحاب الرأي : ينام من غير وضوء (٤) ، لأنّ عائشة قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يجنب ثم ينام ، ولا يمس ماء‌ا حتى يقوم بعد ذلك ، فيغتسل (٥) ، ولأنّه حدث يوجب الغُسل ، فلا يستحب به الوضوء مع بقائه كالحيض.

وتحمل الرواية على الغُسل أو الجواز ، وحدث الحائض ملازم.

الثالث : الأكل والشرب ما لم يتمضمض ويستنشق ، ذهب إليه علماؤنا لقول الباقر عليه‌السلام : « الجنب اذا أراد أن يأكل ويشرب غسل يده وتمضمض ، وغسل وجهه وأكل وشرب » (٦).

وقال أحمد : يغسل فرجه ويتوضأ ، وهو مروي عن علي عليه‌السلام ، وعبد الله بن عمر (٧) لرواية عائشة أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا أراد أن يأكل أو ينام توضأ (٨) ، يعني وهو جنب ، وبه رواية عن الباقر عليه

____________

١ ـ المجموع ٢ : ١٥٨ ، المغني ١ : ٢٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٥٩ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٤٣.

٢ ـ صحيح البخاري ١ : ٨٠ ، صحيح مسلم : ٢٤٨ / ٣٠٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٩٣ / ٥٨٥.

٣ ـ الفقيه ١ : ٤٧ / ١٧٩.

٤ ـ المجموع ٢ : ١٥٨ ، المغني ١ : ٢٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٥٩ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٤٣.

٥ ـ سنن ابن ماجة ١ : ١٩٢ / ٥٨١ ، سنن الترمذي ١ : ٢٠٢ / ١١٨ ، سنن البيهقي ١ : ٢٠١.

٦ ـ الكافي ٣ : ٥٠ / ١ ، التهذيب ١ : ١٢٩ / ٣٥٤.

٧ ـ المغني ١ : ٢٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٥٩ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٤٣ ، الإنصاف ١ : ٢٦٠.

٨ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٤٨ / ٣٠٥ ، سنن أبي داود ١ : ٥٧ / ٢٢٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٩٤ / ٥٩١.

٢٤٢

السلام (١).

وعن أحمد رواية أنّه يغسل كفيه ، ويتمضمض ـ وبه قال إسحاق وأصحاب الرأي (٢) ـ وعليه دلت الرواية الاُولى عن الباقر عليه السام (٣) ، وقال مجاهد : يغسل كفيه ، وبه قال مالك إن كان أصابهما أذى (٤).

الرابع : الخضاب وهو قول أكثر علمائنا (٥) ـ خلافاً لابن بابويه (٦) ـ لقول الصادق عليه‌السلام : « لا يختضب الرجل وهو جنب » (٧).

قال المفيد : ولا حرج لو أجنب بعد الخضاب (٨) ، ولو قيل بالكراهية كان وجها لأنّه علل الكراهة ـ مع سبق الجنابة ـ بمنع وصول الماء إلى ظاهر المختضب ، لقول الكاظم عليه‌السلام وقد سئل أيختضب الرجل وهو جنب؟ قال : « لا » قلت : فيجنب وهو مختضب؟ قال : « لا » (٩).

الخامس : الجماع للمحتلم خاصة قبل أن يغتسل ، ولا بأس بتكرار الجماع من غير غسل يتخللها ، لأنّه عليه‌السلام كان يطوف على نسائه بغسل واحد (١٠).

____________

١ ـ الكافى ٣ : ٥٠ / ١ ، التهذيب ١ : ١٢٩ / ٣٥٤.

٢ ـ المغني ١ : ٢٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٥٩ ، الإنصاف ١ : ٢٦١ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٤٣.

٣ ـ الكافي ٣ : ٥٠ / ١ ، التهذيب ١ : ١٢٩ / ٣٥٤.

٤ ـ المدونة الكبرى ١ : ٣٠ ، المغني ١ : ٢٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٥٩ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٤٣ ، المنتقى ١ : ٩٨.

٥ ـ منهم الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٢٩ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٥٥ ، والمحقق في المعتبر : ٥١ ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ٣٩.

٦ ـ الفقيه ١ : ٤٨.

٧ ـ التهذيب ١ : ١٨١ / ٥١٨ ، الاستبصار ١ : ١١٦ / ٣٨٧.

٨ ـ المقنعة : ٧.

٩ ـ التهذيب ١ : ١٨١ / ٥١٧ ، الاستبصار ١ : ١١٦ / ٣٨٦.

١٠ ـ صحيح البخاري ١ : ٧٥ ، سنن أبي داود ١ : ٥٦ / ٢١٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٩٤ / ٥٨٨ ، سنن الدارمي ١ : ١٩٢.

٢٤٣

مسألة ٧٢ : قد بيّنا وجوب الاستيعاب ، فلو أهمل لمعة فإن كان مرتبا غسلها وغسل الجانب المتأخر عما هي فيه ليحصل الترتيب ، ولا يجب غسل الجانب الذي هي فيه ، وإن كان أسفل منها لاجزاء النكس هنا ، بخلاف الوضوء ، وإن كان مرتمسا احتمل ذلك لمساواته المرتب فيساويه في الحكم ، والاكتفاء بغسلها والإعادة ، وإذا جرى الماء تحت قدم الجنب أجزأه ، وإلا وجب غسله.

ولا تنقض المرأة شعرها مع وصول الماء إلى أصله ، لقول الصادق عليها‌السلام : « لا تنقض المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة » (١) ولو لم يصل إلا بالحل وجب ، وبه قال الشافعي (٢) ، وقال النخعي : يجب نقضه بكل حال (٣) ، وقال مالك : لا يجب نقضه بكل حال (٤).

ولو كان في رأسها حشو ، فإن كان رقيقاً كالدهن لا يمنع من وصول الماء اكتف بالصب ، وإلّا وجب إزالته.

مسألة ٧٣ : يجزي غسل الجنابة عن الوضوء بإجماع أهل البيت عليهم‌السلام سواء جامعه حدث أصغر أو أكبر ، وأطبق العلماء على عدم إيجاب الوضوء إلّا ما حكي عن داود وأبي ثور ، فإنهما أوجباهما معاً ، وهو وجه للشافعية (٥) لقوله تعالى : ( حتى تغتسلوا ) (٦) وقالت عائشة : كان

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٤٥ / ١٦ ، التهذيب ١ : ١٦٢ / ٤٦٦.

٢ ـ الاُم ١ : ٤٠ ، المجموع ٢ : ١٨٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٥ ، مغني المحتاج ١ : ٧٣ ، فتح العزيز ٢ : ١٦٧.

٣ ـ المجموع ٢ : ١٨٧ ، الشرح الكبير ١ : ٢٥١.

٤ ـ بُلغة السالك ١ : ٦٤ ، فتح العزيز ٢ : ١٦٨.

٥ ـ المجموع ٢ : ١٨٦ و ١٩٥ ، مغني المحتاج ١ : ٧٦ ، المغني ١ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ١ : ٢٥٧ ، عمدة القارئ ٣ : ١٩١ ، نيل الأوطار ١ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧.

٦ ـ النساء : ٤٣.

٢٤٤

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يتوضأ بعد الغُسل من الجنابة (١).

ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه‌السلام وقد قال له محمد بن مسلم : إنّ أهل الكوفة يروون عن علي عليه‌السلام أنّه كان يأتي بالوضوء قبل الغُسل من الجنابة : « كذبوا على علي عليه‌السلام ما وجدوا ذلك في كتاب علي عليه‌السلام ، قال الله تعالى : ( وإن كُنتم جنباً فاطّهّروا ) (٢) » (٣) ، وقول الكاظم عليه‌السلام : « ولا وضوء عليه » (٤).

ولأنّ العبادتين إذا كانتا من جنس واحد ، وإحداهما صغرى والاُخرى كبرى جاز أن يدخل الصغرى في الكبرى ، كالحج والعمرة عندهم (٥).

فروع :

الأول : لو توضأ معتقداً أن الغُسل لا يجزيه كان مبدعاً وصح غسله.

الثاني : قال بعض الشافعية : يجب عليه غسل واحد عنهما ، لكن يترتب فيه أعضاء الوضوء ، لأنّ الترتيب واجب في الوضوء (٦) ، وهو حق عندنا ، لأنّ الترتيب واجب في الغُسل إلّا مع الارتماس.

الثالث : اختلف علماؤنا في غير غسل الجنابة ، فقال المرتضى : إنّه كاف عن الوضوء وإن كان الغُسل مندوباً (٧) ، لقول الباقر عليه‌السلام :

__________________

١ ـ سنن ابن ماجة ١ : ١٩١ / ٥٧٩ ، سنن الترمذي ١ : ١٧٩ / ١٠٧ ، سنن النسائي ١ : ١٣٧.

٢ ـ المائدة : ٦.

٣ ـ التهذيب ١ : ١٤٢ / ٤٠٠ ، الاستبصار ١ : ١٢٥ / ٤٢٦.

٤ ـ التهذيب ١ : ١٤٢ / ٤٠٢.

٥ ـ المجموع ٢ : ١٩٥ ـ ١٩٦.

٦ ـ المجموع ٢ : ١٩٣.

٧ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٥٢.

٢٤٥

« الغُسل يجزي عن الوضوء ، وأي وضوء أطهر من الغُسل » (١) ، وقول الصادق عليه‌السلام : « الوضوء بعد الغُسل بدعة » (٢) ويحمل على غسل الجنابة.

وقال الشيخان : لا يكفي (٣) ، وهو الأقوى لعموم « فاغسلوا » (٤) ولقولالصادق عليه‌السلام : « كلّ غسل قبله وضوء إلّا غسل الجنابة » (٥) وقوله عليه‌السلام : « كلّ غسل فيه وضوء إلّا الجنابة » (٦) ولأنّهما معلولا علتين اجتمعتا ، فيثبتان لعدم التنافي بينهما.

مسألة ٧٤ : إذا أحدث حدثاً أصغر في أثناء الغُسل قال الشيخ ، وابنا بابويه : يعيد الغُسل (٧) ـ وهو الأقوى عندي ـ لأنّ الاصغر يدخل في الاكبر وقد انتقض ما فعله من الاكبر ، فيجب الغُسل من رأس.

وقال المرتضى : يتمّ ويتوضأ (٨) ، لأنّ الاصغر يوجب الوضوء لا الغُسل ، ولا ينقضه ، فيسقط وجوب الإعادة ، ولا يسقط حكم الحدث بما بقي من الغسل.

وقال ابن البراج : يتمّ ولا شيء عليه (٩) ، لأنّه قبل إكمال الغُسل جنب ، والأصغر يدخل تحت الأكبر.

وقال الشافعي : لو غسل الجنب جميع بدنه إلّا رجليه ، ثم أحدث لم

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ١٣٩ /٣٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٢٦ / ٤٢٧ ، وذيله في الكافي ٣ : ٤٥ ذيل الحديث ١٣.

٢ ـ الكافي ٣ : ٤٥ / ١٢ ، التهذيب ١ : ١٤٠ / ٣٩٥.

٣ ـ المقنعة : ٦ ، المبسوط للطوسي ١ : ٣٠.

٤ ـ المائدة : ٦.

٥ ـ الكافي ٣ : ٤٥ / ١٣ ، التهذيب ١ : ١٣٩ / ٣٩١ ، الاستبصار ١ : ١٢٦ / ٤٢٨.

٦ ـ التهذيب ١ : ١٤٣ / ٤٠٣ و ٣٠٣ / ٨٨١.

٧ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٢٩ ـ ٣٠ ، الفقيه ١ : ٤٩.

٨ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٥٢.

٩ ـ حكاه أيضاً المحقق في المعتبر : ٥٢.

٢٤٦

يتعلق حكم الحدث بالرجلين ، لوجود حدث الجنابة فيهما ويغسلهما عن الجنابة ثم يتوضأ في أعضاء وضوئه سوى رجليه فهذا وضوء ليس فيه غسل الرجلين ، أو يقال وضوء يبدأ فيه بغسل الرجلين.

ولو غسل الجنب أعضاء وضوئه دون بقية بدنه ثم أحدث لزمه أن يتوضأ ، لأنّ حدثه صادف أعضاء الوضوء وقد زال حكم الجنابة فيها ، فلزمه الوضوء مرتباً ، وإن غسل جميع بدنه إلّا أعضاء الوضوء ثم أحدث لم يلزمه الوضوء ، لأنّ حكم الجنابة باق فيها ، فلا يؤثر فيه الحدث ، ويغسل أعضاءوضوئه للجنابة من غير ترتيب ويجزيه (١).

مسألة ٧٥ : لو أجنب الكافر وجب عليه الغُسل ، ولم يصح منه إلّا بعد الإسلام ، لاشتراط النيّة وهي منفية عنه ، فلو اغتسل حال كفره لم يصح ، وبه قال الشافعي وله قول آخر : عدم الإعادة ، كالذمية إذا اغتسلت من الحيض لإباحة وطء المسلم (٢) ، والأصل ممنوع مع قيام الفرق ، لأنّ غسلها لحق الآدمي دون حقه تعالى ، بخلاف الكافر.

فروع :

الأول : المرتد كالكافر لا يصح غسله إلّا بعد رجوعه.

الثاني : لو ارتدّ المسلم بعد غسله لم يبطل ، وكذا بعد الوضوء والتيمم.

وللشافعي ثلاثة أوجه في الوضوء والتيمم ، أحدها : لا يفسدان ، والثاني :

__________________

١ ـ المجموع ١ : ٤٤٩ ـ ٤٥٠.

٢ ـ المجموع ٢ : ١٥٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٧ ، المغني ١ : ٢٤٠ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٨ ، نيل الأوطار ١ : ٢٨١.

٢٤٧

يفسدان ، وبه قال أحمد (١) ، والثالث : يفسد التيمم دون الوضوء (٢).

الثالث : لو أسلم ولم يكن مجنباً لم يجب عليه الغُسل ، بل يستحب ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ للأصل ، ولأن العدد الكثير أسلم على عهدرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يأمرهم بالغسل ، ولأن الإسلام عبادة ليس من شرطها الغُسل ، فلم يجب كالجمعة.

وقال أحمد ، وأبو ثور ، وابن المنذر : يجب (٤) ، لأنّ قيس بن عاصم ، وثمامة بن اثال أسلما فأمرهما النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بالاغتسال (٥). ويحمل على الاستحباب.

مسألة ٧٦ : لا يفسد الماء لو أدخل الجنب أو الحائض أيديهما في الإناء مع عدم النجاسة ـ وبه قال الشافعي (٦) ـ لأنّ بدنهما طاهر ، وروى أبو هريرة قال : لقيني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا جنب فأخذ بيدي فمشيت معه حتى قعد ، ثم انسللت فأتيت الرحل فاغتسلت ، ثم جئت وهو قاعد ، فقال : ( أين كنت يا أبا هريرة؟ ) فقلت له : [ يا رسول الله لقيتني وأنا جنب ، فكرهت أن اجالسك حتى اغتسل ] (٧) فقال : ( سبحان الله إنّ المؤمن ليس

__________________

١ ـ المغني ١ : ٢٠٠ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٥.

٢ ـ المجموع ٢ : ٥ ، المغني ١ : ٢٠٠ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٥ ـ ٢٢٦.

٣ ـ الاُم ١ : ٣٨ ، المجموع ٢ : ١٥٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٧ ، المغني ١ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٧.

٤ ـ المغني ١ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٧ ، المجموع ٢ : ١٥٣ ، سبل السلام ١ : ١٤٠ ، نيل الاوطار ١ : ٢٨١.

٥ ـ صحيح البخاري ١ : ١٢٥ ، سنن النسائي ١ : ١٠٩ ، مسند أحمد ٥ : ٦١.

٦ ـ حلية العلماء ١ : ١٧٨.

٧ ـ الزيادة من المصدر.

٢٤٨

بنجس ) (١).

وقال أبو يوسف : إنّ أدخل يده لم يفسد الماء ، وإن أدخل رجله فسد ، لأنّ الجنب نجس ، وعفي عن يده للحاجة (٢). وهو غلط لما تقدم.

ويكره للجنب أن يغتسل في الماء الراكد وإن كثر ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لقوله عليه‌السلام : ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ، ولا يغتسل فيه من الجنابة ) (٤) ، ويكره في البئر أيضاً ، وهو قول الشافعي (٥) وعند أكثر علمائنا أنها تنجس (٦).

مسألة ٧٧ : الموالاة ليست واجبة هنا للأصل ، وهو مذهب علمائنا ، وعند الشافعي أنها واجبة (٧).

وتكره الاستعانة ، ويحرم التولية ، وقد تقدم البحث في ذلك كله في الوضوء.

وهل تستحب التسمية؟ للشافعي وجهان : الثبوت لأنّها طهارة عن حدث ، والعدم لأنّ نظمها نظم القرآن (٨) ، ولو أخل بالمضمضة والاستنشاق

__________________

١ ـ صحيح البخاري ١ : ٧٩ ، صحيح مسلم ١ : ٢٨٢ / ٣٧١ ، سنن أبي داود ١ : ٥٩ / ٢٣١ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٧٨ / ٥٣٤ ، سنن الترمذي ١ : ٢٠٧ / ١٢١ ، سنن النسائي ١ : ١٤٥ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٥ و ٣٨٢ و ٤٧١.

٢ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٥٣ ، المغني ١ : ٢٤٦ ، الشرح الكبير ١ : ٢٦٢ ، حلية العلماء ١ : ١٧٨.

٣ ـ المجموع ٢ : ١٩٦ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٦ ، المحلى ١ : ٢١١.

٤ ـ صحيح البخاري ١ : ٦٨ ، صحيح مسلم ١ : ٢٣٥ / ٢٨٢ ، سنن النسائي ١ : ١٩٧ ، سنن أبي داود ١ : ١٨ / ٧٠ ، سنن الدارمي ١ : ١٨٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٢٤ / ٣٤٤.

٥ ـ المجموع ٢ : ١٩٦.

٦ ـ منهم الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٢ ، وسلار في المراسم : ٣٦ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٢٢ ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرايع : ١٩ ، وابن إدريس في السرائر : ١٢.

٧ ـ المجموع ١ : ٤٥٣.

٨ ـ المجموع ٢ : ١٨١ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٥.

٢٤٩

قال الشافعي : يستحب إعادة الغُسل (١) وليس بمعتمد.

ومقطوع الأنف والشفتين يجب عليه غسل ما ظهر بالقطع في الجنابة والوضوء ، لتغير الموضع عما كان ، وزوال الحائل فصار ظاهراً كما لو تقشرالجلد ، وهو أحد وجهي الشافعي ، والثاني : لا يجب ، لأنّه باطن بأصل الخلقة (٢).

وغير المختون إن كان مرتتقا لم يجب كشف البشرة معاً وإلّا وجب ، ويغسل الباطن والظاهر أيضاً ، وللشافعي وجهان ، أحدهما : الوجوب لأنّ الجلدة مستحقة الإزالة شرعاً ، ولهذا لو أزالها إنسان لم يضمن (٣).

مسألة ٧٨ : المرأة كالرجل في الغُسل وكيفيته ، نعم ينبغي لها الاستظهار في الايصال إلى اصول الشعر ، ولا يجب على البكر إيصال الماء إلى باطن فرجها ، وكذا الثيب ، وللشافعي في غسل باطنه في الحيض وجهان ، وفي الجنابة كذلك إنّ قال بنجاسة رطوبة الفرج (٤).

وهل يجب على السيد شراء الماء للوضوء والغسل؟ يحتمل ذلك كالفطرة ، والعدم كدم التمتع ، والمائية لها بدل وهو التيمم ، فينتقل إليه كماينتقل إلى الصوم ، وللشافعي كالوجهين ، وكذا الوجهان في المرأة (٥).

وقيل : لا يلزم شراء ماءً غسل الحيض والنفاس ، لأنّه من جملة مؤونة التمكين الواجب عليها.

__________________

١ ـ قال النووي في المجموع ٢ : ١٩٧ نقلاً عن الشافعي : إنّ ترك الوضوء والمضمضة والاستنشاق فقد أساء ويستأنف المضمضة والاستنشاق.

٢ ـ المجموع ١ : ٣٨٢ و ٢ : ١٩٩ ، فتح العزيز ٢ : ١٦٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٥.

٣ ـ المجموع ٢ : ١٩٩ ، فتح العزيز ٢ : ١٦٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٥.

٤ ـ المجموع ٢ : ١٨٦ ، فتح العزيز ٢ : ١٦٥ ـ ١٦٦ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٥.

٥ ـ المجموع ٢ : ٢٠٠.

٢٥٠

الفصل الثاني : في الحيض.

وفيه مطالب :

الأول : في ماهيته ، وهو لغة السيل ، وشرعاً الدم الذي له تعلق بانقضاء العدة إمّا بظهوره ، أو بانقطاعه على الخلاف ، وهو دم يرجئه الرحم إذا بلغت المرأة ، ثم يعتادها في أوقات معلومة ، لحكمة تربية الولد ، فإذاحملت انصرف ذلك الدم بإذن الله تعالى إلى تغذيته ، ولهذا قل أن تحيض الحامل ، فإذا وضعت الولد خلع الله تعالى عنه صورة الدم ، وكساه صورة اللبن ليغتذي به الطفل ، فإذا خلت المرأة من حمل ورضاع بقي ذلك الدم لامصرف له ، فيستقر في مكان ثم يخرج في الغالب في كلّ شهر ستة أيام ، أوسبعة ، وقد يزيد ويقلّ على حسب اختلاف الامزجة.

وهو في الأغلب أسود ، أو أحمر غليظ حار ، له دفع ، قال الصادق عليه‌السلام : « دم الحيض حار عبيط أسود » (١) والعبيط : الطري ، وقال الباقرعليه‌السلام : « إذا رأت الدم البحراني فلتدع الصلاة » (٢) والبحراني : الأحمر الشديد الحمرة والسواد.

فإن اشتبه بدم العُذرة أدخلت المرأة قطنة ، فإن خرجت مطوقة فهو

____________

١ ـ الكافي ٣ : ٩١ / ١ ، التهذيب ١ : ١٥١ / ٤٢٩.

٢ ـ الكافي ٣ : ٨٦ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٨٣ / ١١٨٣.

٢٥١

لعذرة ، وإن خرجت منغمسة فهو حيض ، لقول الباقر عليه‌السلام والكاظم عليه‌السلام : « فإن خرجت مطوقة فهو من العذرة ، وإن خرجت منتقعة بالدم فهو من الطمث »(١).

وان اشتبه بدم القرح أدخلت إصبعها ، فإن كان خارجاً من الأيمن فهو دم قرح ، وإن كان من الأيسر فهو حيض ، وهو الاشهر ، ورواه الشيخ في التهذيب عن الصادق عليه‌السلام (٢) ، وأما ابن يعقوب فإنه روى عن الصادق عليه‌السلام العكس (٣) ، وبه قال ابن الجنيد (٤).

مسألة ٧٩ : لا حيض مع سن الصغر ، وهي من لم تكمل تسع سنين ، فلو رأت قبلها وإن كان بشيء يسير ما هو بصفة الحيض لم يكن حيضاً ، وهذا تحديد تحقيق لا تقريب ، وللشافعي قولان (٥).

وله ثلاثة أقوال في أول وقت إمكانه : أول التاسعة ، وبعد ستة أشهر منها ، وأول العاشرة (٦).

ولا حيض أيضاً مع اليأس ، وهو بلوغ خمسين سنة في غير القرشية والنبطية ، وبلوغ ستين فيهما ، لقول الصادق عليه‌السلام : « إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم ترَ حمرة ، إلّا أن تكون امرأة من قريش » (٧) ورويت روايتان مطلقتان : إحداهما بخمسين (٨) ، والاُخرى بستين (٩) ، وهما محمولتان على

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٩٤ / ٢ و ١ ، التهذيب ١ : ١٥٢ / ٤٣٢ و ٣٨٥ / ١١٨٤ ، المحاسن : ٣٠٧ / ٢١ و ٣٠٨ / ٢٢.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٨٥ / ١١٨٥.

٣ ـ الكافي ٣ : ٩٤ / ٣.

٤ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٥٢.

٥ ـ المجموع ٢ : ٣٧٣.

٦ ـ الوجيز ١ : ٢٥ ، المجموع ٢ : ٣٧٣ ، فتح العزيز ٢ : ٤١٠.

٧ ـ الكافي ٣ : ١٠٧ / ٣ ، الفقيه ١ : ٥١ / ١٩٨ ، التهذيب ١ : ٣٩٧ / ١٢٣٦.

٨ ـ الكافي ٣ : ١٠٧ / ٤ ، التهذيب ١ : ٣٩٧ / ١٢٣٧.

٩ ـ الكافي ٣ : ١٠٧ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٤٦٩ / ١٨٨١.

٢٥٢

هذا التفصيل ، فاذا بلغت المرأة هذا السن كان الدم استحاضة.

وعن أحمد روايتان ، إحداهما : خمسون ، والثانية : ستون (١) ، وبالفرق قال أهل المدينة (٢).

مسألة ٨٠ : الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض وفي أيام الطُهر طهر ، كما أن الأسود العبيط في أيام الطُهر دم فساد ، وروي عن الصادق عليه‌السلام : « أن الصفرة حيض إن كان قبل الحيض بيومين ، وإن كان بعده بيومين فليس منه » (٣).

وللشافعية كالأول واختلفوا ، فقال بعضهم : الصفرة والكدرة في أيام الإمكان حيض ، وقال آخرون : في أيام العادة ، وقال بعضهم : إنّ تقدمها دم أسود وإن كان بعض يوم (٤) ، وبالأول قال ربيعة ، ومالك ، وسفين ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو حنيفة ، ومحمد (٥) ، لقوله تعالى : ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى ) (٦) وهو يتناول الصفرة والكدرة ، ولأنّه دم في زمان الإمكان لم يجاوزه فكان حيضاً كالاسود.

وقال أبو يوسف : الصفرة حيض والكدرة ليست حيضاً إلّا أن يتقدمها دم أسود (٧) ، وقال أبو ثور : إنّ تقدمهما دم أسود فهما حيض ، واختاره ابن

__________________

١ ـ المغني ١ : ٤٠٦ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٢ ، المحرر في الفقه ١ : ٢٦ ، الإنصاف ١ : ٣٥٦.

٢ ـ المغني ١ : ٤٠٦ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٣.

٣ ـ الكافي ٣ : ٧٨ / ٢ ، الفقيه ١ : ٥١ / ١٩٦ ، التهذيب ١ : ٣٩٦ / ١٢٣١.

٤ ـ المجموع ٢ : ٣٩٢ ، مختصر المزني : ١١ ، المغني ١ : ٣٨٣ ، الشرح الكبير ١ : ٣٨٣ ، بداية المجتهد ١ : ٥٣ ، عمدة القارئ ٣ : ٣٠٩ ـ ٣١٠ ، المحلى ٢ : ١٦٨ ـ ١٦٩.

٥ ـ المغني ١ : ٣٨٣ ، الشرح الكبير ١ : ٣٨٣ ، مسائل أحمد : ٢٤ ، بداية المجتهد ١ : ٥٣ ، اللباب ١ : ٤٢ ، بُلغة السالك ١ : ٧٨ ، المجموع ٢ : ٣٩٥ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨ ، المحلى ٢ : ١٦٨ ـ ١٦٩ ، عمدة القارئ ٣ : ٣٠٩ ـ ٣١٠.

٦ ـ البقرة : ٢٢٢.

٧ ـ الهداية للمرغيناني ١ : ٣٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٩ ، المجموع ٢ : ٣٩٥ و ٣٩٦ ، المغني

٢٥٣

المنذر (١).

وقال داود : ليس بحيض (٢) لأنّ اُم عطية ـ وكانت بايعت رسول الله صلي الله عليه وآله ـ قالت : كنا لا نعتد بالصفرة والكدرة بعد الغُسل شيئاً (٣).

مسألة ٨١ : والأقوى إمكان اجتماع الحيض والحبل ـ وبه قال مالك ، والشافعي ، والليث ، والزهري ، وقتادة ، وإسحاق (٤) ـ لأنّ عائشة قالت : إذا رأت الدم لا تصلّي (٥) والظاهر إنّه توفيق.

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن الحبلى ترى الدم أتترك الصلاة؟ : « نعم ، إنّ الحبلى ربما قذفت بالدم (٦) وكذا عن الكاظم عليه‌السلام » (٧).

وقال شيء خنا المفيد وابن الجنيد : لا يمكن (٨) ، وبه قال جمهور التابعين ، كسعيد بن المسيب ، وعطاء ، والحسن ، وجابر بن زيد ، وعكرمة ، ومحمد بن المنكدر ، والشعبي ، ومكحول ، وحماد ، والثوري ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، وابن المنذر ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وأحمد (٩) لأنّ

__________________

١ : ٣٨٣ ، الشرح الكبير ١ : ٣٨٣ ، المحلى ٢ : ١٦٩ ، حلية العلماء ١ : ٢٢٠.

١ ـ المجموع ٢ : ٣٩٦ ، المغني ١ : ٣٨٣ ، الشرح الكبير ١ : ٣٨٣ ، المحلى ٢ : ١٦٩ ، حلية العلماء ١ : ٢٢٠.

٢ ـ بداية المجتهد ١ : ٥٣ ، حلية العلماء ١ : ٢٢١.

٣ ـ صحيح البخاري ١ : ٨٩ ، سنن أبي داود ١ : ٨٣ / ٣٠٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢١٢ / ٦٤٧ ، سنن الدارمي ١ : ٢١٥ ، سنن النسائي ١ : ١٨٦ و ١٨٧.

٤ ـ المجموع ٢ : ٣٨٦ ، بداية المجتهد ١ : ٥٣ ، بُلغة السالك ١ : ٧٨ ، المغني ١ : ٤٠٥ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٣ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٢٠.

٥ ـ المغني ١ : ٤٠٥ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٣.

٦ ـ الكافي ٣ : ٩٧ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٨٦ / ١١٨٧ ، الاستبصار ١ : ١٣٨ / ٤٧٤.

٧ ـ الكافي ٣ : ٩٧ / ٤ ، التهذيب ١ : ٣٨٦ / ١١٨٩ ، الاستبصار ١ : ١٣٩ / ٤٧٦.

٨ ـ أحكام النساء : ١١ ، وحكى قول ابن الجنيد المحقق في المعتبر : ٥٣.

٩ ـ المجموع ٢ : ٣٨٦ ، المغني ١ : ٤٠٥ ، بداية المجتهد ١ : ٥٣ ، بُلغة السالك ١ : ٧٨ ، شرح العناية ١ : ١٤٣ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٢٠ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٣.

٢٥٤

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا حائل حتى تستبرئ بحيضة ) (١). جعل وجود الحيض علماً على براء‌ة الرحم ، فدل على عدم الاجتماع.

ومن طريق الخاصة قول زين العابدين عليه‌السلام : « قال النبيّ صلي الله عليه وآله : ما جمع الله بين حيض وحبل » (٢).

وللشيخ قول آخر : إنّ رأته في زمان عادتها فهو حيض ، وإن تأخر بعشرين يوماً فليس بحيض (٣) ، لقول الصادق عليه‌السلام : « إذا رأت الحامل بعدما يمضي عشرون يوماً من الوقت الذي كانت ترى الدم فيه من الشهر الذي كانت تقعد فيه ، فإن ذلك ليس من الرحم ولا من الطمث فلتتوضأ » (٤) الحديث.

قال الشيخ في الخلاف : إجماع الفرقة على أن الحامل المستبين حملها لا تحيض ، وإنّما الخلاف قبل أن يستبين (٥).

مسألة ٨٢ : أقل الحيض ثلاثة أيام بلياليها بلا خلاف بين فقهاء أهل البيت عليهم‌السلام ـ وبه قال أبو حنيفة والثوري (٦) ـ لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

١ ـ سنن أبي داود ٢ : ٢٤٨ / ٢١٥٧ ، سنن الدارمي ٢ : ١٧١ ، مسند أحمد ٣ : ٨٧.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٨٧ / ١١٩٦ ، الاستبصار ١ : ١٤٠ / ٤٨١ « وروي فيهما عن الامام الباقر عليه‌السلام ».

٣ ـ النهاية : ٢٥.

٤ ـ الكافي ٣ : ٩٥ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٨٨ / ١١٩٧ ، الاستبصار ١ : ١٤٠ / ٤٨٢.

٥ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٥٣ ، واُنظر الخلاف ١ : ٢٣٩ مسألة ٢٠٥.

٦ ـ الهداية للمرغيناني ١ : ٣٠ ، اللباب ١ : ٤٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٤٠ ، عمدة القارئ ٣ : ٣٠٧ ، المجموع ٢ ، ٣٨٠ ، فتح العزيز ٢ : ٤١٢ ، المغني ١ : ٣٥٤ ، بداية المجتهد ١ : ٥٠ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٤

٢٥٥

قال : ( أقل الحيض ثلاثة أيام ) (١).

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام : « أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام » (٢) ولأن الأصل ثبوت العبادة ، فيستصحب ، إلّا مع تعيين المسقط.

وقال أبو يوسف : يومان وأكثر الثالث (٣). وقال مالك : ليس لاقله حدّ يجوز أن يكون ساعة ، لأنّه لو كان أقلّه يوماً لكانت المرأة لا تدع الصلاةحتى يمضي يوم كامل (٤) ، وقال أحمد ، وأبو ثور : أقلّه يوم وليلة ـ وهو أحد قولي الشافعي ، والثاني : يوم ، وبه قال داود (٥) ـ لدلالة الوجود عليه (٦) ، وهو ممنوع.

مسألة ٨٣ : وأكثره عشرة أيام بلا خلاف بين علمائنا ـ وبه قال أبو حنيفة والثوري (٧) ـ لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( وأكثره عشرة أيام ) (٨) ، ومن طريق الخاصة قول الرضا عليه‌السلام : « وأبعده عشرة أيام » (٩).

__________________

١ ـ سنن الدارقطني ١ : ٢١٩ / ٦١.

٢ ـ الكافي ٣ : ٧٥ / ٢.

٣ ـ بدائع الصنائع ١ : ٤٠ ، الهداية ١ : ١٤٣ ، عمدة القارئ ٣ : ٣٠٧ ، المجموع ٢ : ٣٨٠.

٤ ـ بداية المجتهد ١ : ٥٠ ، بُلغة السالك ١ : ٧٨ ، المغني ١ : ٣٥٤ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٤ ، المجموع ٢ : ٣٨٠ ، شرح العناية ١ : ١٤٢ ، فتح العزيز ٢ : ٤١٢.

٥ ـ المجموع ٢ : ٣٧٥ و ٣٧٦ ، كفاية الأخيار ١ : ٤٧ ، المغني ١ : ٣٥٣ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٤ ، مغني المحتاج ١ : ١٠٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٤٠ ، حلية العلماء ١ : ٢١٨.

٦ ـ المغني ١ : ٣٥٢ و ٣٥٤ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٤ ـ ٣٥٥ ، عمدة القارئ ٣ : ٣٠٦ ، المجموع ٢ : ٣٨٠ ، حلية العلماء ١ : ٢١٨ ، المحلى ٢ : ١٩٣.

٧ ـ بدائع الصنائع ١ : ٤٠ ، اللباب ١ : ٤٢ ، شرح فتح القدير ١ : ١٤٣ ، عمدة القارئ ٣ : ٣٠٧ ، المجموع ٢ : ٣٨٠ ، المحلى ٢ : ١٩٨ ، المغني ١ : ٣٥٤ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٤ ، بداية المجتهد ١ : ٥٠ ، فتح العزيز ٢ : ٤١٢.

٨ ـ سنن الدارقطني ١ : ٢١٩ / ٦١ ، الجامع الصغير ١ : ٢٠٢ / ١٣٥٧ ، مجمع الزوائد ١ : ٢٨٠.

٩ ـ الكافي ٣ : ٧٦ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٥٦ / ٤٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٣٠ / ٤٤.

٢٥٦

وقال الشافعي : خمسة عشر يوماً ، وبه قال مالك ، وأبو ثور ، وداود ، ورواه الجمهور عن علي عليه‌السلام ، وعطاء بن أبي رباح ، وأحمد فيإحدى الروايتين لدلالة الوجود عليه (١) ، وهو ممنوع.

وفي رواية عن أحمد : سبعة عشر يوماً (٢) ، وقال سعيد بن جبير : ثلاثة عشر يوماً (٣).

فروع :

الأول : اختلف علماؤنا في الثلاثة ، فالأكثر اشترط التوالي فيها (٤) ، وقيل : يكفي كونها في جملة العشرة (٥) ، والرواية به مقطوعة (٦) ، وبها أفتى في النهاية (٧) ، والمعتمد الأول احتياطاًً للعبادة.

الثاني : ما تراه بين الثلاثة والعشرة مما يمكن أن يكون حيضاً حيض ، بأي لون كان ما لم يعلم غيره.

الثالث : أقل الطُهر بين الحيضتين عشرة أيام ، ذهب إليه علماؤنا أجمع لقوله عليه‌السلام عن النساء : ( إنهنَّ ناقصات عقل ودين ) فقيل : يا رسول الله

__________________

١ ـ الاُم ١ : ٦٧ ، المجموع ٢ : ٣٧٦ و ٣٨٠ ، مختصر المزني : ١١ ، كفاية الأخيار ١ : ٤٧ ، مغني المحتاج ١ : ١٠٩ ، فتح العزيز ٢ : ٤١٢ ، المدونة الكبرى ١ : ٤٩ ، بداية المجتهد ١ : ٥٠ ، المحلى ٢ : ١٩٨ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٤ ، مسائل أحمد : ٢٢.

٢ ـ المغني ١ : ٣٥٢ و ٣٥٣ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٤ ـ ٣٥٥.

٣ ـ المغني ١ : ٣٥٣ ، شرح فتح القدير ١ : ١٤٣ ، المحلى ٢ : ١٩٨.

٤ ـ منهم ابنا بابويه في الفقيه ١ : ٥٠ ، والسيد المرتضى كما حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٥٣ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٤٢ ، والجمل : ١٦٣ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٥٦ ، وابن إدريس في السرائر : ٢٨ ، والمحقق في شرائع الإسلام ١ : ٢٩.

٥ ـ قال به القاضي ابن البراج في المهذب ١ : ٣٤.

٦ ـ الكافي ٣ : ٧٦ / ٥ ، التهذيب : ١٥٧ / ٤٥٢.

٧ ـ النهاية : ٢٦.

٢٥٧

وما نقصان دينهنَّ؟ فقال : ( تلبث إحداهن في قعر بيتها شطر دهرها لا تصوم ولا تصلّي ) (١) والشطر : النصف ، وقد ثبت أن أكثر الحيض عشرة أيام ، فأقل الطُهر مثله.

وعن علي عليه‌السلام : انَّ امرأة طلّقت فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حِيَض طهرت عند كلّ قُرء وصلّت ، فقال لشريح : « قل فيها » فقال : إنّ جاء‌ت ببينة من بطانة أهلها ، وإلّا فهي كاذبة ، فقال عليه‌السلام : « قالون » (٢) وهو بالرومية جيد.

ولقول الباقر عليه‌السلام : « أقل ما يكون عشرة من حين تطهر إلى أن ترى الدم » (٣) وقول الصادق عليه‌السلام : « لا يكون الطُهر أقل من عشرة أيام » (٤).

وقال مالك ، والشافعي ، والثوري ، وأبو حنيفة : أقل الطُهر خمسة عشر يوماً (٥) لما تقدم (٦) في الحديث. وعندهم أكثر الحيض خمسة عشر يوما ـ الا أبا حنيفة ـ للوجود (٧) ، وهو ممنوع.

__________________

١ ـ ورد نحوه في صحيح مسلم ١ : ٨٦ / ١٣٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٢٦ / ٤٠٠٣ ، قال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب ١ : ٤٦ : لم أجده بهذا اللفظ إلّا في كتب الفقه.

٢ ـ صحيح البخاري ١ : ٨٩ ، سنن الدارمي ١ : ٢١٢ ـ ٢١٣.

٣ ـ الكافي ٣ : ٧٦ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٥٧ / ٤٥١ ، الاستبصار ١ : ١٣١ / ٤٥٢.

٤ ـ الكافي ٣ : ٧٦ / ٥ ، التهذيب ١ : ١٥٧ / ٤٥٢.

٥ ـ الاُم ١ : ٦٧ ، المجموع ٢ : ٣٧٦ ، كفاية الأخيار ١ : ٤٧ ، مغني المحتاج ١ : ١٠٩ ، المغني١ : ٣٥٦ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٦ ، بداية المجتهد ١ : ٥٠ ، بُلغة السالك ١ : ٧٨ ، بدائع الصنائع ١ : ٤٠ ، شرح فتح القدير ١ : ١٥٥ ، عمدة القارئ ٣ : ٣١٤ ، المحلى ٢ : ٢٠٠.

٦ ـ تقدم في الهامش (١).

٧ ـ الاُم ١ : ٦٧ ، المجموع ٢ : ٣٧٦ و ٣٨٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٤٧ ، المغني ١ : ٣٥٤ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٤ ، المدونة الكبرى ١ : ٤٩ ، بداية المجتهد ١ : ٥٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٤٠ ، المحلى ٢ : ١٩٨.

٢٥٨

وقال يحيى بن أكثم : أقل الطُهر تسعة عشر يوماً (١) (٢) ، وقال أحمد : أقلّه ثلاثة عشر يوماً (٣). وعن مالك أنّه قال : لا أعلم بين الحيضتين وقتاً يعتمد عليه (٤) ، وعن بعض أصحابه عشرة أيام (٥).

الرابع : لا حدّ لأكثر الطُهر بالإجماع ، وقول أبي الصلاح : أكثره ثلاثة أشهر (٦) بناء على غالب العادات.

الخامس : أغلب مقادير الحيض ست أو سبع ، وأغلب الظهر باقي الشهر.

مسألة ٨٤ : ذهب علماؤنا أجمع إلى أن العادة إنّما تثبت بالمرتين ، ترى المرأة الدم فيهما بالسواء عدداً ووقتاً فترد في الثالثة اليهما ، ولا يكفي المرة الواحدة ، وبه قال أبو حنيفة وبعض الشافعية وأحمد في رواية (٧) ، لأنّها مأخوذة من العود ، ولا تتحقق بالمرة.

وقال الشافعي : تثبت بالمرة الواحدة ، وبه رواية عن أحمد (٨) ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( لتنظر عدد الايام والليالي التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها ، فلتدع الصلاة قدر

__________________

١ ـ المجموع ٢ : ٣٨٢.

٢ ـ في مخطوطة « م » زيادة لفظها : لأنّ أكثر الحيض عشرة أيام ، وقد جعل الله تعالى مدة الحيض والطهر شهراً ، وقد يكون تسعة وعشرين يوماً.

٣ ـ المغني ١ : ٣٥٦ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٦ ، المجموع ٢ : ٣٨٢ ، فتح العزيز ٢ : ٤١٢.

٤ ـ المدونة الكبرى ١ : ٥١ ، فتح العزيز ٢ : ٤١٢ ، الكفاية ١ : ١٥٥ ، حلية العلماء ١ : ١٢٣.

٥ ـ المنتقى للباجي ١ : ١٢٣ ، فتح العزيز ٢ : ٤١٢ ، عمدة القارئ ٣ : ٣١٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣١.

٦ ـ الكافي في الفقه : ١٢٨.

٧ ـ المجموع ٢ : ٤١٨ و ٤١٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٤٢ ، المغني ١ : ٣٦٣ ، الشرح الكبير ١ : ٣٦٤.

٨ ـ المجموع ٢ : ٤١٧ ، المغني ١ : ٣٦٣ ، حلية العلماء ١ : ٢٢٥.

٢٥٩

ذلك ) (١) ولم يعتبر التكرار ، وهو لنا ، إذ لفظة « كان » تدل على الكثرة.

وعن أحمد رواية : أنّه لا يكفي المرتان بل الثلاث ، إذ العادة إنّما تقال لما كثر وأقل الكثير ثلاثة (٢) ، وليس بجيد ، لقول الصادق عليه‌السلام : فإن انقطع الدم لوقته من الشهر الأول حتى توالت عليها حيضتان أو ثلاث ، فقد علم أن ذلك صار لها وقتاً وخلقاً معروفاً (٣).

فروع :

أ ـ لا يشترط في استقرار العادة استقرار عادة الطُهر ، فلو رأت في شهر خمسة لا غير ، ثم في آخر خمسة مرتين استقرت العادة.

وكذا لا يشترط الوقت ، فلو رأت خمسة في أول الشهر ، ثم في أوسط الثاني ، ثم في آخر من آخره استقرت عادتها عدداً ، فإن اتفق الوقت مع العدداستقرا عادة.

ب ـ العادة إمّا متفقة كخمسة في كلّ شهر ، أو مختلفة كالمترتبة أدوارا ، كثلاثة من الأول ، وأربعة من الثاني ، وخمسة من الثالث ، ثم ثلاثة من الرابع ، وأربعة من الخامس ، وخمسة من السادس وهكذا ، وكلاهما معتبر.

ج ـ لا يشترط في العادة تعدد الشهر ، بل يكفي مرور حيضتين عددا سواء وإن كانتا في شهر واحد.

د ـ قد تحصل العادة من التمييز ، كمبتدأة استحيضت وتميز لها الدم

__________________

١ ـ سنن ابي داود ١ : ٧١ / ٢٧٤ ، سنن النسائي ١ : ١٨٢ ، الموطأ ١ : ٦٢ / ١٠٥ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٠٧ / ٧.

٢ ـ المغني ١ : ٣٦٣ ، الشرح الكبير ١ : ٣٦٤ ، المجموع ٢ : ٤١٩.

٣ ـ الكافي ٣ : ٨٨ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٨٤ / ١١٨٣.

٢٦٠