تذكرة الفقهاء - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: ٤٠٦

وجب إزالته ، إلّا مع المشقة.

د ـ لو كان في إصبعه خاتم ، أو في يده سير ، أو دملج ، فإن كان يصل الماء تحته استحب تحريكه ، وإن لم يصل إلّا بالتحريك وجب.

هـ ـ لو كان له رأسان وبدنان على حقو واحد وجب غسل أعضائه كلها وإن حكمنا بوحدته ، وكذا لو كان له رأسان وجب غسل وجهيه ومسحهماً.

البحث الرابع : في مسح الرأس

وهو واجب بالنص والإجماع ، ويجزي أقل ما يصدق عليه الاسم للامتثال ، فيخرج عن العهدة ، ولأنّه عليه‌السلام مسح ناصيته (١).

ويستحب مقدار ثلاث أصابع ، وقال بعض علمائنا : يجب (٢) ، وما اخترناه قول الشافعي ، وابن عمر ، وداود (٣).

والثوري حكي عنه أنّه قال : لو مسح شعرة واحدة أجزأ (٤) ، وللشافعي قول آخر : ثلاث شعرات (٥).

وعن مالك ثلاث روايات ، إحداها : الجميع ، وهي إحدى الروايتين

__________________

١ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٣٠ / ٨١ و ٢٣١ / ٨٣ ، سنن النسائي ١ : ٧٦ ، سنن البيهقي ١ : ٥٨ ، مسند أحمد ٤ : ٢٤٤ و ٥ : ٤٣٩.

٢ ـ الصدوق في الفقيه ١ : ٢٨ ذيل الحديث ٨٨.

٣ ـ الاُم ١ : ٢٦ ، مختصر المزني : ٢ ، نيل الأوطار ١ : ١٩٢ ، السراج الوهاج : ١٦ ، مغني المحتاج ١ : ٥٣ ، المجموع ١ : ٣٩٨ ـ ٣٩٩ ، فتح العزيز ١ : ٣٥٣ ، الوجيز ١ : ١٣ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٥ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٠ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٦٨ ، المغني ١ : ١٤٣ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٧ ، المحلى ٢ : ٥٢.

٤ ـ المحلى ٢ : ٥٢.

٥ ـ المجموع ١ : ٣٩٨ ، فتح العزيز ١ : ٣٥٤ ، المغني ١ : ١٤٣ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢ ، شرح العناية ١ : ١٦ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٦٨.

١٦١

عن أحمد ، وهو محكي عن المزني لقوله تعالى : ( وامسحوا برؤوسكم ) (١) وهو يقتضي مسح الجميع (٢).

الثانية : حكى محمد بن مسلمة ـ صاحبه ـ أنّه قال : إنّ ترك قدر الثلث جاز ، وهي الرواية الثانية لأحمد (٣).

الثالثة : إنّ ترك يسيراً بغير قصد جاز (٤).

وعن أبي حنيفة ثلاث روايات ، الاُولى : الربع ، الثانية : قدر الناصية (٥) ، لأنّ أنسا قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أدخل يده تحت العمامة ومسح على ناصيته (٦) ، وهذا خرج مخرج البيان.

الثالثة : ثلاث أصابع إلى الربع (٧) ، وعليه يعولون. والناصية ما بين النزعتين وهي أقل من نصف الربع ، فبطل تحديده.

فرع : لو مسح على جميع الرأس فعل الواجب وزيادة لأنّه تعالى أمر بالبعض ، وإنكار أن الباء للتبعيض مدفوع ، فإن اعتقد مشروعيته أبدع ، ولا

__________________

١ ـ المائدة : ٦.

٢ ـ عمدة القارئ ٢ : ٢٣٥ ، المغني ١ : ١٤١ و ١٤٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٦ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٥١ ، نيل الأوطار ١ : ١٩٢ ، المجموع ١ : ٣٩٩ ، فتح العزيز ١ : ٣٥٤ ، الإنصاف ١ : ١٦١ ، بداية المجتهد ١ : ١٢ ، مختصر المزني : ٢.

٣ ـ المجموع ١ : ٣٩٩ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٦٨ ، القوانين الفقهية : ٢٩ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٥١ ، حلية العلماء ١ : ١٢٢.

٤ ـ أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٦٨ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٤ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤١.

٥ ـ المجموع ١ : ٣٩٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤٣ ـ ٣٤٤ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٥ ، اللباب ١ : ٦ ، بدائع الصنائع ١ : ٤ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٦٣.

٦ ـ سنن ابي داود ١ : ٣٧ / ١٤٧ ، سنن البيهقي ١ : ٦١.

٦ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٦٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٤ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٥ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤١ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢ ، شرح فتح القدير ١ : ١٦ ، المجموع ١ : ٣٩٩.

١٦٢

يستحب ، خلافاً للشافعي (١).

مسألة ٤٧ : ويختص المسح بمقدم الرأس عند علمائنا أجمع ، خلافاً للجمهور (٢) ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مسح بناصيته (٣) في معرض البيان.

وقول الصادق عليه‌السلام : « مسح الرأس على مقدمته » (٤) ولأنّه مُخرج عن العهدة بيقين فلا يجزي المسح على غيره ، ولو مسح على المقدم وغيره امتثل ، وفعل حراماً إن اعتقد وجوبه أو مشروعيته.

ولا يجوز المسح على غير المقدم عند علمائنا أجمع ، ومن جوّز مسح البعض من الجمهور يختص المقدم (٥).

والمستحب مقبلاً ، ويجوز مدبراً على كراهة ، لحصول الامتثال بكل منهما ، ولقول الصادق عليه‌السلام : « لا بأس بمسح الوضوء مقبلاً ومدبراً » (٦) ومنع بعض علمائنا من الاستقبال كاليدين (٧).

مسألة ٤٨ : ويجب المسح على بشرة المقدم ، أو شعره المختص به ، ولا يجزي على حائل كالعمامة والمقنعة ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، لأنّه

__________________

١ ـ المهذب للشيرازي ١ : ٢٦ ، المجموع ١ : ٤٠٢ ، مغني المحتاج ١ : ٥٩.

٢ ـ الاُم ١ : ٢٦ ، المجموع ١ : ٣٩٥ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤١ ، شرح العناية ١ : ١٥ ، المغني ١ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٧ ، نيل الأوطار ١ : ١٩٢.

٣ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٣٠ / ٨١ و ٢٣١ / ٨٣ ، سنن النسائي ١ : ٧٦ ، سنن البيهقي ١ : ٥٨ ، مسند أحمد ٤ : ٢٤٤ و ٥ : ٤٣٩.

٤ ـ التهذيب ١ : ٦٢ / ١٧١ ، الاستبصار ١ : ٦٠ / ١٧٦.

٥ ـ عمدة القارئ ٢ : ٢٣٥ ، نيل الأوطار ١ : ١٩٢ ، فتح العزيز ١ : ٤٢٦.

٦ ـ التهذيب ١ : ٥٨ / ١٦١ ، الاستبصار ١ : ٥٧ / ١٦٩.

٧ ـ ذهب إلى المنع السيد المرتضى في الانتصار : ١٩ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ١٤ ، والخلاف ١ : ٨٣ مسألة ٣١ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٥٠.

١٦٣

مأمور بالمسح على الرأس ، وهو يصدق على البشرة وشعرها.

وقال بعض الشافعية : إنّ مسح على البشرة يصح إن كان محلوقاً ، وإلّا فلا ، لأنّ الواجب المسح على الشعر ، لأنّ الرأس اسم لما ترأس وعلا ، وهو الشعر (١) ، وليس بشيء.

ومنع الشافعي من المسح على الحائل كالعمامة ، وبه قال مالك ، وأبو حنيفة (٢).

وقال الثوري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وداود : يجوز. إلا أن أحمد ، والأوزاعي شرطا لبسها على طهارة (٣).

وقال بعض أصحاب أحمد : إنّما يجوز إذا كانت تحت الحنك (٤) ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بالمسح على المشاوذ والتساخين (٥) ، والمشاوذ : العمائم ، والتساخين : الخفاف. وهو بعد التسليم محمول على الموضع ، ومسح أبي بكر على العمامة (٦) ليس بحجة.

فروع :

أ ـ لو عقص شعره النازل عن حدّ الرأس في مقدمه لم يجز المسح

__________________

١ ـ فتح العزيز ١ : ٣٥٤.

٢ ـ الاُم ١ : ٢٦ ، المجموع ١ : ٤٠٧ ، فتح العزيز ١ : ٤٢٦ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٠ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٥٢ ، نيل الأوطار ١ : ٢٠٦ ، رحمة الامة ١ : ١٨ ، المحلى ٢ : ٦١ ، بداية المجتهد ١ : ١٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٥ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٥١ ، المغني ١ : ٣٤١ ، الشرح الكبير ١ : ١٨١.

٣ ـ المجموع ١ : ٤٠٧ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٠ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٥١ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٥٢ ، مسائل الامام أحمد : ٨ ، بداية المجتهد ١ : ١٣ ، المغني ١ : ٣٤٠ ، نيل الأوطار ١ : ٢٠٥ ، المحلى ٢ : ٦١ ، رحمة الامة ١ : ١٨ ، حلية العلماء ١ : ١٢٤.

٤ ـ المغني ١ : ٣٤٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٣ ، الإنصاف ١ : ١٨٥ ـ ١٨٦.

٥ ـ غريب الحديث للهروي ١ : ١١٦ ، الفائق ٢ : ٢٦٦ ، لسان العرب ١٣ : ٢٠٧ سخن.

٦ ـ المجموع ١ : ٤٠٧ ، المغني ١ : ٣٤٠ ، الشرح الكبير ١ : ١٨١ ، نيل الأوطار ١ : ٢٠٥.

١٦٤

عليه ، لأنّه بمنزلة العمامة ، وكذا لو جمع شعراً من غيره في المقدم ومسح.

ب ـ شرط الشعر الممسوح أن لا يخرج عن حدّ الرأس ، فلا يجوز أن يمسح على المسترسل ، ولا الجعد الكائن في حدّ الرأس إذا كان يخرج بالمد عنه.

ج ـ لو كان على رأسه جمة في موضع المسح فادخل يده تحتها ومسح على جلدة رأسه أجزأه.

د ـ لو مسح على شعر المقدم ثم حلقه لم يبطل وضوؤه.

هـ ـ يجوز للمرأة إدخال إصبعها تحت المقنعة في الظهر والعصر والعشاء ، ويستحب وضعها في الغداة والمغرب.

و ـ لو مسح على الحائل لضرورة أو تقية جاز ، وفي الإعادة مع الزوال إشكال.

مسألة ٤٩ : ويجب المسح ببقية نداوة الوضوء ، وهو شرط في الصحة ، ولو استأنف ماءً جديداً ومسح به بطل وضوؤه ، ذهب إليه علماؤنا أجمع إلّا ابن الجنيد (١) ، لأنّ عثمان وصف وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يذكر الاستئناف (٢).

ومن طريق الخاصة ، صفة الباقر والصادق عليهما‌السلام وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . وأنه مسح ببقية نداوة يده من غير أن يستأنف ماءً جديداً (٣) ، وفعله وقع بياناً فلا يجزي غيره.

__________________

١ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٣٨.

٢ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٠٤ / ٢٢٦ ، سنن النسائي ١ : ٦٤ ، سنن أبي داود ١ : ٢٦ / ١٠٦.

٣ ـ الكافي ٣ : ٢٥ / ٥ ، التهذيب ١ : ٥٥ / ١٥٧ ، الاستبصار ١ : ٥٨ / ١٧١ ، وفيها عن الامام الباقر عليه‌السلام.

١٦٥

وقال الحسن البصري ، وعروة ، والأوزاعي ، وأحمد في إحدى الروايتين : إنّه يجوز المسح ببقية البلل (١) ، لحديث عثمان (٢).

وقال أبو حنيفة ، والشافعي ، ومالك ، وأحمد في الرواية الاُخرى : لا يجوز إلّا بماء جديد (٣) ، ورووا ذلك عن علي عليه‌السلام (٤) ، ولأنّه مستعمل.

والرواية ممنوعة ، فإن المتواتر عن أهل البيت عليهم‌السلام خلافه (٥) ، والاستعمال لا يخرج الماء عن الطهورية.

فروع :

أ ـ لو لم تبق على يديه نداوة أخذ من لحيته ، وأشفار عينيه وحاجبيه من نداوة الوضوء ومسح به ، ولا يجوز له الاستئناف ، فإن لم يبق على شيء من ذلك نداوة استأنف الطهارة ، وكذا لو ذكر أنّه لم يمسح مسح ، فإن لم يبق في يده نداوة فعل ما تقدم.

ب ـ لا فرق بين أن تكون النداوة من الغسلة الاُولى أو الثانية ، وكذا لو جوّزنا الثالثة على إشكال ينشأ من كون مائها غير ماءً الوضوء ، وإن حرّمناها لم يجز قطعاً ، وكذا الثانية عند الصدوق (٦).

ج ـ لو جفّ ماءً الوضوء للحر أو الهواء المفرطين استأنف الوضوء ، ولو

__________________

١ ـ المغني ١ : ١٤٧ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٩.

٢ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٠٤ / ٢٢٦ ، سنن النسائي ١ : ٦٤ ، سنن أبي داود ١ : ٢٦ / ١٠٦.

٣ ـ الاُم ١ : ٢٦ ، المغني ١ : ١٤٧ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٩.

٤ ـ سنن أبي داود ١ : ٢٧ / ١١١ ، سنن البيهقي ١ : ٥١ ، مصنف إبن أبي شيء بة ١ : ٢١.

٥ ـ الكافي ٣ : ٢٤ / ١ ـ ٤ ، التهذيب ١ : ٥٥ / ١٥٧ و ٥٨ / ١٦٢ ، الاستبصار ١ : ٥٨ / ١٧١ و ١٧٢.

٦ ـ الفقيه ١ : ٢٥ ، الهداية : ١٦.

١٦٦

تعذر أبقى جزء‌اً من يده اليسرى ثم أخذ كفاً غسله به ، وعجّل المسح على الرأس والرجلين.

د ـ لو غسل بدلاً من المسح لم يجز عندنا إجماعاً ، أما أولاً فلاشتماله على الاستئناف ، وأما ثانياً فلأنّه مغاير للمسح المأمور به فيبقى في العهدة. ولقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا يقبل الله صلاة أحدكم حتى يضع الطهور مواضعه ، فيغسل وجهه ، ثم يديه ، ثم يمسح برأسه ) (١).

وللشافعي وجهان (٢) وعن أحمد روايتان ، لأنّ الغسل مسح وزيادة (٣) ، وعلى تقدير الجواز للشافعي هل يكره؟ وجهان ، وعلى كلّ تقدير فإنه لا يستحب عنده (٤).

هـ ـ لو وضع يده بالبلّة على محل الفرض ولم يمسح لم يجز ، لأنّه لم يأت بالمسح المأمور به ، وأصح وجهي الشافعي : الاجزاء ، لأنّ الغرض وصول الماء دون كيفيته (٥). وهو ممنوع.

ولو قطّر على محل المسح قطرة ، فإن جرت أجزأت عنده قطعاً ، وإلّا فوجهان (٦) ، وعندنا لا يجزي مطلقاًً للاستئناف.

و ـ لو مسح بخرقة مبلولة أو خشبة لم يجز عندنا للاستئناف ، وعن

__________________

١ ـ تلخيص الحبير ٣ : ٢٦٧ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٣٦.

٢ ـ المجموع ١ : ٤١٠ ، فتح العزيز ١ : ٣٥٥ ، السراج الوهاج : ١٦ ، مغني المحتاج ١ : ٥٣ ، كفاية الأخيار ١ : ١٣.

٣ ـ المغني ١ : ١٤٧ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٩.

٤ ـ فتح العزيز ١ : ٣٥٥ ، المجموع ١ : ٤١٠.

٥ ـ الوجيز ١ : ١٣ ، فتح العزيز ١ : ٣٥٦ ، المجموع ١ : ٤١٠ ، كفاية الأخيار ١ : ١٣ ، السراج الوهاج : ١٧ ، مغني المحتاج ١ : ٥٣.

٦ ـ المجموع ١ : ٤١٠ ، فتح العزيز ١ : ٣٥٦ ، مغني المحتاج ١ : ٥٣ ، كفاية الأخيار ١ : ١٣.

١٦٧

أحمد وجهان (١).

ز ـ لو مسح على حائل غير مانع من إيصال الرطوبة إلى محل الفرض لم يجز ، لأنّ الباء كما اقتضت التبعيض اقتضت الالصاق.

البحث الخامس : في مسح الرجلين

مسألة ٥٠ : ذهبت الامامية كافة إلى وجوب المسح على الرجلين ، وإبطال الوضوء بغسلهما اختياراً ، وبه قال علي عليه‌السلام ، وابن عباس ، وأنس بن مالك ، والشعبي ، وأبو العالية ، وعكرمة (٢) ، لقوله تعالى : ( وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) (٣).

والنصب لا ينافيه للعطف على الموضع ، ولا يجوز عطفه على الأيدي لئلا تتناقض القراء‌تان ، وللفصل ، ولاشتماله مع مخالفة الفصاحة بالانتقال عن جملة قبل استيفاء الغرض منها إلى ما لا تعلق لها به ، والجر بالمجاورة من رديء الكلام ، ولم يرد في كتاب الله تعالى ، ولا مع الواو.

وروى أوس بن أبي أوس الثقفي أنّه رأى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أتى كظامة قوم بالطائف ، فتوضأ ومسح على قدميه (٤) ، وعن علي عليه‌السلام أنه

__________________

١ ـ المغني ١ : ١٤٨ ، الشرح الكبير ١ : ١٧٠.

٢ ـ المجموع ١ : ٤١٨ ، المغني ١ : ١٥٠ ـ ١٥١ ، الشرح الكبير ١ : ١٤٦ ـ ١٤٧ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٨ ، فتح الباري ١ : ٢١٣ ، تفسير الطبري ٦ : ٨٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٨ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤٥ ، المحلى ٢ : ٥٦ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٧٧ ، تفسير القرطبي ٦ : ٩٢.

٣ ـ المائدة : ٦.

٤ ـ سنن أبي داود ١ : ٤١ / ١٦٠ ، سنن البيهقي ١ : ٢٨٦ ، الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار : ٦٣.

١٦٨

مسح على نعليه وقدميه ، ثم دخل المسجد فخلع نعليه وصلّى (١) ، وعن ابن عباس أنّه قال : ما اجد في كتاب الله إلّا غسلتين ومسحتين (٢).

وذكر لأنس بن مالك قول الحجاج : إغسلوا القدمين ظاهرهما وباطنهما ، وخللوا ما بين الاصابع ، فقال أنس : صدق الله وكذب الحجاج (٣) ، قال الله تعالى : ( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ، وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) (٤).

وقال الشعبي : الوضوء مغسولان وممسوحان (٥).

ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه‌السلام وقد سئل عن المسح على الرجلين ، فقال : « هو الذي نزل به جبرئيل عليه‌السلام » (٦) ، ولمّا وصف الباقر والصادق عليهما‌السلام وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قالا : « ثم مسح رأسه وقدميه » (٧).

وقال بعض أهل الظاهر : يجب الجمع بين الغسل والمسح (٨) ، وقال ابن جرير الطبري بالتخيير بينهما (٩) ، وقال باقي الجمهور بوجوب الغسل (١٠) ،

__________________

١ ـ كنز العمال ٩ : ٤٣٥ / ٢٦٨٥٦.

٢ ـ سنن البيهقي ١ : ٧٢ ، سنن الدارقطني ١ : ٩٦ / ٥.

٣ ـ المغني ١ : ١٥٠ ـ ١٥١ ، الشرح الكبير ١ : ١٤٧ ، تفسير القرطبي ٦ : ٩٢ ، تفسير الطبري ٦ : ٨٢ ، الدر المنثور للسيوطي ٢ : ٢٦٢ ، سنن البيهقي ١ : ٧١.

٤ ـ المائدة : ٦.

٥ ـ المغني ١ : ١٥١ ، الشرح الكبير ١ : ١٤٧.

٦ ـ التهذيب ١ : ٦٣ / ١٧٧ ، الاستبصار ١ : ٦٤ / ١٨٩.

٧ ـ الكافي ٣ : ٢٦ / ٥ ، التهذيب ١ : ٥٦ / ١٥٨ ، الاستبصار ١ : ٥٧ / ١٦٨.

٨ ـ المجموع ١ : ٤١٧ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٨ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦١.

٩ ـ المجموع ١ : ٤١٧ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦١ ، تفسير الطبري ٦ : ٨٤ ، بداية المجتهد ١ : ١٥ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٧٧ ، تفسير القرطبي ٦ : ٩٢ ، المغني ١ : ١٥١ ، الشرح الكبير ١ : ١٤٧ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٨.

١٠ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٨ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤٥ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٦ و ٢٣٨ ،

١٦٩

لأنّ عثمان لما وصف وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ثم غسل رجليه (١) ، وعن عبد الله بن عمرو أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى قوما يتوضؤون وأعقابهم تلوح ، فقال : ( ويل للأعقاب من النار ) (٢).

ورواية عثمان معارضة بما تقدم من الروايات ، مع أنّ أهل البيت عليهم‌السلام أعرف منه لملازمتهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولاحتمال أنّه غسلهما للتنظيف فتوهم الجزئية ، بخلاف المسح ، وتهديد الاعقاب لا يدل على وجوب غسلهما في الوضوء على أنّه جزء منه.

مسألة ٥١ : ومحل المسح ظهر القدمين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين ، وهما العظمان الناتئان في وسط القدم ، وهما معقد الشراك أعني مجمع الساق والقدم ـ ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال محمد بن الحسن الشيباني (٣) ـ لأنّه مأخوذ من كَعِبَ ثدي المرأة اي ارتفع. ولقول الباقر عليه‌السلام وقد سئل فأين الكعبان؟ : « ها هنا » (٤) يعني المفصل دون عظم الساق.

وقال الجمهور كافة : الكعب ، هو العظم الناتي عن يمين الرجل وشمالها (٥). لأنّ قريشا كانت ترمي كعبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من

__________________

بدائع الصنائع ١ : ٥ ، مغني المحتاج ١ : ٥٣ ، المجموع ١ : ٤١٧ ، الوجيز ١ : ١٣ ، الاُم ١ : ٢٧ التفسير الكبير ١١ : ١٦١ ، المغني ١ : ١٥٠ ، الشرح الكبير ١ : ١٤٦.

١ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٠٤ ـ ٢٠٥ / ٢٢٦ ، سنن أبي داود ١ : ٢٦ ـ ٢٧ / ١٠٧ ـ ١٠٩ ، سنن الدارمي ١ : ١٧٦ ، مسند أحمد ١ : ٦٨.

٢ ـ وردت في نسخة ( م ) والمعتبر : ٣٩ ، بدل ( عمرو ) عمر ، وبدل ( النار ) البول ، وما أثبتناه من المصادر ، اُنظر حيح مسلم ١ : ٢١٤ / ٢٤١ ، سنن ابي داود ١ : ٢٤ / ٩٧ ، سن النسائي ١ : ٧٨ ، مسند أحمد ٢ : ١٩٣.

٣ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٩ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤٧ ، بدائع الصنائع ١ : ٧ ، شرح فتح القدير ١ : ١٥ ، شرح الأزهار ١ : ٨٩.

٤ ـ التهذيب ١ : ٧٦ / ١٩١ ، الكافي ٣ : ٢٦ / ٥.

٥ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٩ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤٧ ، الاُم ١ : ٢٧ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٧٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٧ ، مغني المحتاج ١ : ٥٣ ـ ٥٤ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٢ ، المجموع ١ : ٤٢٢ ، المغني ١ : ١٥٥.

١٧٠

ورائه (١) ، ولنص أهل اللغة عليه (٢).

ولا حجة في الأول على المطلوب ، والنص لا يدل على التخصيص.

مسألة ٥٢ : لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح ، بل يكفي المسح من رؤوس الاصابع إلى الكعبين ، ولو بإصبع واحدة عند فقهاء أهل البيت عليهم‌السلام لوجوب تقدير العامل الدال على التبعيض ، ولقول الباقر عليه‌السلام : « إذا مسحت بشيء من رأسك أو بشيء من قدميك ، ما بين كعبيك إلى أطراف الاصابع فقد أجزأك » (٣).

ويجب استيعاب طول القدم من رؤوس الاصابع إلى الكعبين ، لأنّهما غاية فيجب الانتهاء إليها ، فيجب الأبتداء من رؤوس الأصابع لعدم الفارق.

ويجب المسح بباقي نداوة الوضوء ، فلو استأنف له بطل ـ والبحث فيه كما في الرأس ـ ويستحب أن يكون بثلاث أصابع مضمومة ، وقال بعض علمائنا : يجب (٤).

فروع :

أ ـ يجوز المسح منكوسا ، بأن يبتدئ من الكعبين ـ لما تقدم في الرأس ـ ومنعه بعض علمائنا (٥).

ب ـ لا يجب الترتيب بينهما ، لكن يستحب البدأة باليمنى.

ج ـ لو كان على الرجلين أو الرأس رطوبة ، ففي جواز المسح عليها

__________________

١ ـ سنن البيهقي ١ : ٧٦ واُنظر المغني ١ : ١٥٥.

٢ ـ اُنظر القاموس المحيط ١ : ١٢٤ ، والصحاح ١ : ٢١٣ « كعب ».

٣ ـ التهذيب ١ : ٩٠ / ٢٣٧ ، الاستبصار ١ : ٦١ / ١٨٢.

٤ ـ هو الصدوق في الفقيه ١ : ٢٨ ، والسيد المرتضى في مسائل خلافه كما حكاه المحقق في المعتبر : ٣٨.

٥ ـ هو ابن ادريس كما في السرائر : ١٧.

١٧١

قبل تنشيفها إشكال.

د ـ لو قطع بعض موضع المسح وجب المسح على الباقي ، ولو استوعب سقط.

هـ ـ لو كان له رجل ثالثة ، فإن اشتبهت بالأصلية وجب مسحها ، وإلّا فإشكال ينشأ من العموم ، ومن صرف اللفظ إلى الظاهر.

و ـ لو غسل عوض المسح لم يجزئه لما تقدم ، إلّا أن يكون للتقية فيصح ، وهل يجب عليه الإعادة مع زوالها؟ الأقرب لا.

ولو أراد غسلهما للتنظيف قدّم غسل الطهارة أو أخره.

ولو كان محل الفرض في المسح نجساً ، وجب تقديم غسله على المسح ، وكذا أعضاء الغسل ، وفي الاكتفاء به عن غسل الوضوء نظر ، أقربه الصحة مع طهارة المنفصل كالكثير.

ز ـ يجوز المسح على النعل العربية ، وإن لم يدخل يده تحت الشراك ، وهل يجزي لو تخلف ما تحته أو بعضه؟ إشكال أقربه ذلك ، وهل ينسحب إلى ما يشبهه كالسير في الخشب؟ إشكال ، وكذا لو ربط رجله بسير للحاجة وفي العبث إشكال.

مسألة ٥٣ : لا يجوز المسح على الخفّين ، ولا على ساتر إلّا للضرورة أو التقية ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال أبوبكر بن داود والخوارج (١) ـ لقوله تعالى : ( وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم ) (٢) والباء للالصاق ، ولأن أبا مسعود البدري لما روى أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مسح

__________________

١ ـ المجموع ١ : ٤٧٦ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٩ ، تفسير القرطبي ٦ : ١٠٠ ، عمدة القارئ ٣ : ٩٨ ، فتح الباري ١ : ٢٤٤ ، تفسير الرازي ١١ : ١٦٣ ، جامع الجواهر ٢ : ٢٨٣.

٢ ـ المائدة : ٦.

١٧٢

على الخفّين ، قال له علي عليه‌السلام : قبل نزول المائدة أو بعده؟ فسكت أبو مسعود (١) ، وهذا إنكار منه عليه‌السلام لهذه المقالة ، واعتقاد وجوب المسح على البشرة ، ولقول علي عليه‌السلام : « ما اُبالي أمسح على الخفّين ، أو على ظهر عير بالفلاة » (٢).

ومن طريق الخاصة ، قول الصادق عليه‌السلام : « سبق الكتاب الخفّين » وسئل عن المسح على الخفّين ، فقال عليه‌السلام : ( لا تمسحه ) (٣).

وذهب الجمهور كافة إلى جوازه (٤) ، لأنّ سعد بن أبي وقاص روى أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فعله (٥).

ومتابعة الكتاب العزيز أولى من رواية سعد ، مع معارضتها لروايات أهل البيت عليهم‌السلام (٦) ، وهم أعرف بكيفيات الشريعة لملازمتهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وسماعهم الوحي ، مع أنّ عائشة وأبا هريرة أنكرا المسح على الخفّين (٧).

وقال الباقر عليه‌السلام : « جمع عمر بن الخطاب أصحاب رسول الله

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٣٦١ / ١٠٩١ وفيه المغيرة بن شعبة بدل أبي مسعود.

٢ ـ نقله في المعتبر : ٤٠ ، وروي نحوه عن ابن عباس كما في مسند أحمد ١ : ٣٢٣ ، وعن عائشة كما في الفقيه ١ : ٣٠ / ٩٧.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٦١ / ١٠٨٨.

٤ ـ التفسير الكبير ١١ : ١٦٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٩٧ ، بدائع الصنائع ١ : ٧ ، بداية المجتهد ١ : ١٨ ، بُلغة السالك ١ : ٥٨ ، الشرح الصغير ١ : ٥٨ ، المغني ١ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ١ : ١٧٩.

٥ ـ صحيح البخاري ١ : ٦٢ ، مسند أحمد ١ : ١٥ ، سنن البيهقي ١ : ٢٦٩.

٦ ـ التهذيب ١ : ٣٦١ / ١٠٨٧ ـ ١٠٩١.

٧ ـ المجموع ١ : ٤٧٨ ، عمدة القارئ ٣ : ٩٧ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٣ ، شرح فتح القدير ١ : ١٢٧ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٢.

١٧٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفيهم علي عليه‌السلام ، وقال : ما تقولون في المسح على الخفّين؟ فقال المغيرة بن شعبة : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح على الخفين. فقال علي عليه‌السلام : « قبل المائدة أو بعدها؟ » فقال : لا أدري. فقال علي عليه‌السلام : « سبق الكتاب الخفّين ، إنّما نزلت المائدة قبل أن يقبض بشهرين أو ثلاثة » (١).

ومن أغرب الاشياء تسويغ المسح على الخف ، لرفع الحدث عن الرجلين ، ومنعه عن البشرة.

فروع :

أ ـ إنّما يجوز المسح على الخفّين عند الضرورة ، كالبرد وشبهه ، أو التقية ، دفعاً للحرج ، ولقول الباقر عليه‌السلام وقد سئل هل فيهما رخصة : « لا ، إلّا من عدو تتقيه ، أو ثلج تخاف على رجلك » (٢).

ب ـ لو مسح على الحائل للضرورة أو التقية ، ثم زالتا أو نزع الخف فالأقرب الاستئناف ، لأنّها مشروطة بالضرورة وقد زالت فيزول لزوال شرطها ، ولا بعد في العدم ، لارتفاع الحدث.

ج‍ ـ الضابط في تسويغ المسح على الخفّين وغيرهما حصول الضرورة ، فلا شرط سواه ، ولا يتقدر بمدة غيرها.

ولا فرق بين اللبس على طهارة أو حدث ، ولا بين أن يكونا خفين أو جوربين أو جرموقين اللذان فوق الخف ، ولا بين أن يكونا صحيحين أو لا ، بل المعتبر إمكان المسح على البشرة ، فإن أمكن وجب ، وإلّا جاز المسح

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٣٦١ / ١٠٩١.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٦٢ / ١٠٩٢ ، الاستبصار ١ : ٧٦ / ٢٣٦.

١٧٤

على ذلك كله من الضرورد وإن زالت.

د ـ لو دارت التقية بين المسح على الخفّين وغسل الرجلين فالغسل أولى. وقال الشافعي ، وأحمد ، والحكم ، وإسحاق : المسح على الخفّين أولى من الغسل ، لما فيه من مخالفة الشيعة (١).

ولنذكر بعض أحكام المسح على الخفّين على رإي المخالفين ، اقتداءً بالشيخ (٢).

مسألة ٥٤ : شرط الشافعي للمسح على الخف أمرين :

الأول : أن يلبس الخف على طهارة تامة قوية ، فلو غسل إحدى رجليه وأدخل الخف لم يصح حتى يغسل الثانية ، ثم يبتدئ باللبس ، وبه قال مالك ، وأحمد ، وإسحاق (٣) ، وكذا لو صب الماء في الخف بعد لبسه على الحدث.

والمستحاضة إذا لبست على وضوء لم تمسح على أحد الوجهين لضعف طهارتها (٤).

وقال أبو حنيفة : والمزني ، وأبو ثور ، وداود ، وابن المنذر : لا يشترط أن يكون اللبس على طهارة ، فلو لبس خفه قبل كمال الطهارة ثم كمّل

__________________

١ ـ المجموع ١ : ٤٧٨ ، كافية الاخبار ١ : ٢٩ ، المغني ١ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ١ : ١٧٩ ، عمدة القارئ ٣ : ٩٧.

٢ ـ اُنظر الخلاف ١ : ٢٠٤ ـ ٢١٧ مسالة ١٦٨ ـ ١٨٥.

٣ ـ الاُم ١ : ٣٣ ، المجموع ١ : ٥١٢ ، مختصر المزني : ٩ ـ ١٠ ، فتح العزيز ٢ : ٣٦٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٩ ، مغني المحتاج ١ : ٦٥ ، الوجيز ١ : ٢٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢ ، الشرح الصغير ، ١ : ٥٩ ، المغني ١ : ٣١٧ ـ ٣١٨ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٩٩ ـ ١٠٠ ، شرح فتح القدير ١ : ١٣٠ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٥٠ ، عمدة القارئ ٣ : ١٠٢.

٤ ـ فتح العزيز ٢ : ٣٦٨ ، الوجيز ١ : ٢٣.

١٧٥

طهارته ، ثم أحدث جاز له المسح ، وإنّما المعتبر أن يطرأ الحدث بعد اللبس على كمال الطهارة (١).

الثاني : أن يكون الملبوس ساتراً قوياً حلالاً ، فإن تخرق ، أو كان دون الكعبين ، أو لم يكن قوياً ـ وهو الذي يتردد عليه في المنازل ، لا كالجورب واللفافة ـ أو كان مغصوبا ، لم يجز المسح ، وفي المغصوب عنده وجه بالجواز (٢).

ولا يجوز أن يمسح على خف يظهر عليه شيء من القدم ، في الجديد ، وبه قال الحسن بن صالح (٣).

وقال في القديم : يمكن المسح عليه إذا أمكن متابعة المشي عليه ، وبه قال أبو إسحاق ، وأبو ثور ، وداود (٤).

وقال ملك ، والليث : إنّ كثر الخرق وتفاحش لم يجز (٥).

وقال أبو حنيفة : إنّ تخرق أكثر من ثلاثة أصابع لم يجز ، وإن كان أقل جاز (٦).

__________________

١ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٩٩ ـ ١٠٠ ، شرح فتح القدير ١ : ١٣٠ ، عمدة القارئ ٣ : ١٠٢ ، مختصر المزني : ١٠ ، المجموع ١ : ٥١٢ ، فتح العزيز ٢ : ٣٦٦ ، المغني ١ : ٣١٨ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، المحلى ٢ : ١٠٠.

٢ ـ المجموع ١ : ٥١٠ ، مغني المحتاج ١ : ٦٥ ـ ٦٦ ، السراج الوهاج : ١٩ ، الوجيز ١ : ٢٤.

٣ ـ الاُم ١ : ٣٣ ، المجموع ١ : ٤٩٦ ، فتح العزيز ٢ : ٣٧٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٩ ـ ٣٠ ، الوجيز ١ : ٢٤ ، المغني ١ : ٣٣٤ ، الشرح الكبير ١ : ١٩٣ ، شرح العناية ١ : ١٣٣ ، تفسير القرطبى ٦ : ١٠٢ ، المحلى ٢ : ١٠١.

٤ ـ المجموع ١ : ٤٧٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٠ ، المغني ١ : ٣٣٤ ، الشرح الكبير ١ : ١٩٣ ، بداية المجتهد ٢٠ : ١ ، المحلي ٢ : ١٠٠.

٥ ـ المدونة الكبرى ١ : ٤٠ ، بداية المجتهد ١ : ٢٠ تفسير القرطبي ٦ : ١٠١ ، المجموع ١ : ٤٩٧ ، المغني ١ : ٣٣٤ ، الشرح الكبير ١ : ١٩٣ ، المحلى ٢ : ١٠١.

٦ ـ المبسوط السرخسي ١ : ١٠٠ ، شرح فتح القدير ١ : ١٣٢ ـ ١٣٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢٨ ـ ٢٩ ، ١ : ١٣٢ ، المجموع ١ : ٤٩٧ ، المغني ١ : ٣٣٤ ، الشرح الكبير ١ : ١٩٣ ، المحلى ٢ : ١٠١.

١٧٦

ولو كان الخرق فوق الكعبين لم يضر عند الجماعة.

وعند الشافعي يجوز المسح على الجوربين بشرطين : أن يكون صفيقاً وأن يكون له نعل. وليس تجليد قدميه (١) شرطاً إلّا أن يكون الجورب رقيقا ، فيقوم تجليده مقام صفاقته وقوته ، وبه قال أبو حنيفة ، ومالك ، والثوري ، لأنّ العادة عدم إمكان متابعة المشي في الجوربين إذا لم ينعّل (٢).

وقال أحمد : يجوز المسح على الجورب الصفيق ، وإن لم يكن له نعل (٣). ورواه الجمهور عن علي عليه‌السلام ، وعمر (٤) ، وبه قال أبو يوسف ، ومحمد ، وداود (٥) لأنّ المغيرة روى أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مسح على الجوربين (٦).

قال الشافعي : ولوكان الخف من خشب رقيق ، يمكن متابعة المشي فيه جاز المسح عليه ، وإلّا فلا (٧).

ولو لبس جرموقا فوق خف أو خفاً فوق خف ، فإن كان الأسفل مخرّقاً والاعلى صحيحاً ، جاز المسح على الاعلى. وإن كان الأعلى مخرّقاً أو كانا

__________________

١ ـ في المخطوطة للتوضيح تحتها : الجوربين ومعناه قدمي الجوربين.

٢ ـ المجموع ١ : ٤٩٩ ، بداية المجتهد ١ : ١٩ ـ ٢٠ ، تفسير القربطي ٦ : ١٠٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٣٠ ، المغني ١ : ٣٣٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٠ ، المحلى ٢ : ٨٦.

٣ ـ المغني ١ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٠ ، المجموع ١ : ٥٠٠ ، المحلى ٢ : ٨٦.

٤ ـ سنن ابي داود ١ : ٤١ / ١٥٩ ، المجموع ١ : ٥٠٠ ، تفسير القرطبي ٦ : ١٠٢ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٦ ، المحلى ٢ : ٨٤ ـ ٨٥.

٥ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ١٠٢ ، المجموع ١ : ٥٠٠ ، بداية المجتهد ١ : ١٩ ، تفسير القرطبي ٦ : ١٠٢ ، المحلى ٢ : ٨٦.

٦ ـ سنن ابي داود ١ : ٤١ / ١٥٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٥ / ٥٥٩ ، مسند أحمد ٤ : ٢٥٢ ، سنن البيهقي ١ : ٢٨٣ / ٢٨٤.

٧ ـ الاُم ١ : ٣٤ ، المجموع ١ : ٤٩٦ ، فتح العزيز ٢ : ٣٧٤.

١٧٧

صحيحين ، لم يجز المسح عليه في أحد القولين (١) لأنّ الأعلى ليس بدلاً عن الأسفل ـ إذ ليس المبدل في الطهارة بدلاً ـ ولا عن الرجل ، وإلّا لكان اذا نزعه لا يبطل المسح لعدم ظهور الرجل ، وهو إحدى الروايتين عن مالك (٢).

وفي القديم : يجوز ، وبه قال أبو حنيفة ، والثوري ، وأحمد ، والأوزاعي ، وإسحاق (٣) ، لما روي ان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مسح على الموق (٤)، وهو الجرموق(٥).

قال الشافعي : ويجزي في المسح على الخفّين أقل اسمه كالرأس ، سواء مسح بكل اليد أو بعضها أو بخشبة أو خرقة أو غير ذلك (٦).

وقال أبو حنيفة : لا يجزئه إلّا أن يمسح بأصابعه الثلاث (٧) ـ وقال زفر : إنّ مسح بإصبع واحدة قدر ثلاث أصابع أجزأه (٨) ، وقال أحمد : لا يجزئه إلّا مسح أكثر القدم ـ لأنّ الحسن البصري قال : سنة المسح خطط بالأصابع (٩).

قال الشافعي : ولابد أن يكون محل المسح موازياً لمحل الغسل من

__________________

١ ـ المجموع ١ : ٥٠٥ ، فتح العزيز ٢ : ٣٧٨ ـ ٣٧٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٠ ، مغني المحتاج ١ : ٦٦ ـ ٦٧.

٢ ـ المجموع ١ : ٥٠٨ ، فتح العزيز ٢ : ٣٧٩ ، المنتقى ١ : ٨٢.

٣ ـ المجموع ١ : ٥٠٨ ، فتح العزيز ٢ : ٣٧٨ ، شرح فتح القدير ١ : ١٣٧ ، شرح العناية ١ : ١٣٧ ، المغني ١ : ٣١٩ ـ ٣٢٠ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٠.

٤ ـ سنن ابي داود ١ : ٣٩ / ١٥٣ ، سنن البيهقي ١ : ٢٨٨ ـ ٢٨٩ ، مسند أحمد ٥ : ٢٦٤.

٥ ـ اُنظر الصحاح ٤ : ١٥٥٧ ، والنهاية ٤ : ٣٧٢ « موق »

٦ ـ المجموع ١ : ٥٢٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٣١ ـ ٣٢ ، مغني المحتاج ١ : ٦٧.

٧ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ١٠٠ ، شرح فتح القدير ١ : ١٣٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢٨ ، المحلى ٢ : ١١٢.

٨ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ١٠٠ ، المحلى ٢ : ١١٢.

٩ ـ المغني ١ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ١ : ١٩٨ ، مصنف ابن أبي شيبه ١ : ١٨٥.

١٧٨

الرجل فيجزي غير الأخمصين والعقبين ، وفيما يحاذي الاخمصين ـ وهو أسفل الخف ـ وجهان : عدم جواز الاقتصار عليه ، لأنّ الرخص يجب فيها الاتّباع ولن ينقل الاقتصار على الأسفل ، والجواز لمحاذاته محل الفرض (١).

قال : ويستحب مسح أعلى الخف وأسفله ، وبه قال عبد الله بن عمر ، وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، ومالك ، وابن المبارك ، وإسحاق (٢) ، لأنّ المغيرة روى أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مسح أعلى الخف وأسلفه (٣).

وقال أبو حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وداود : المسح على ظاهر القدم لا مدخل لأسلفه فيه (٤) ، لأنّ علياً عليه‌السلام قال : « لو كان الدين بالرأي لكان مسح باطن الخف أولى بالمسح من ظاهرة » (٥).

قال الشافعي : يكره الغسل والتكرار للمسح لما فيه إفساد الخف (٦). قال : وتباح الصلاة للماسح على الخف بوضوء إلى انقضاء مدته ، أو نزع الخف. ومدته للمقيم يوم وليلة ، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن (٧) ، وبه قال أبو حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي ، والحسن بن

__________________

١ ـ فتح العزيز ٢ : ٣٨٩.

٢ ـ بداية المجتهد ١ : ١٩ ، المجموع ١ : ٥١٨ و ٥٢١ ، فتح العزيز ٢ : ٣٩٢ ، مغني المحتاج ١ : ٦٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٢ ، المغني ١ : ٣٣٥ ، المحلى ٢ : ١١٣.

٣ ـ سنن ابي داود ١ : ٤٢ / ١٦٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٣ / ٥٥٠ ، سنن الترمذي ١ : ١٦٢ / ٩٧ ، مسند أحمد ٤ : ٢٥١ ، سنن البيهقي ١ : ٢٩٠.

٤ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ١٠١ ، اللباب ١ : ٣٧ ، المغني ١ : ٣٣٥ ، المجموع ١ : ٥٢١ ، بداية المجتهد ١ : ١٩ ، تفسير القرطبي ٦ : ١٠٣ ، المحلى ٢ : ١١١.

٥ ـ سنن ابي داود ١ : ٤٢ / ١٦٢ ، سنن البيهقي ١ : ٢٩٢ ، سنن الدارقطني ١ : ١٩٩ / ٢٣.

٦ ـ المجموع ١ : ٥٢ ، فتح العزيز ٢ : ٣٩٢ ـ ٣٩٣ ، الوجيز ١ : ٢٤.

٧ ـ الاُم ١ : ٣٤ ، المجموع ١ : ٤٨٣ ، فتح العزيز ٢ : ٣٩٥ و ٣٩٧ ، الوجيز ١ : ٢٤ ، مغني المحتاج ١ : ٦٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٣١ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٩.

١٧٩

صالح ، وأحمد ، وإسحاق (١) ، لأنّ مسلم بن الحجاج روى في صحيحه عن علي عليه‌السلام أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله جعل ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ، ويوما وليلة للمقيم (٢).

وقال مالك : يمسح المسافر بلا توقيت ، وكذا المقيم في إحدى الروايتين ، وفي الاُخرى : لا يمسح (٣).

وعن الشافعي رواية أنّه يمسح بلا توقيت ، إلّا أن يجب عليه غسل الجنابة (٤).

وقال الليث بن سعد ، وربيعة : يمسح على الخفّين ألى أن ينزعهما (٥) ، ولم يفرقا بين المسافر والحاضر ، ورواه ابن المنذر عن أبي سلمة بن عبدالرحمن والشعبي (٦).

وقال داود : يمسح المسافر بخمس عشرة صلاة ، والمقيم بخمس (٧) ، لأنّ ابي بن عمارة كان قد صلّى مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى القبلتين ، وقال له : يا رسول الله أمسح على الخفّين؟ قال : ( نعم ) قلت : يوما؟

__________________

١ ـ شرح فتح القدير ١ : ١٣٠ ، المغني ١ : ٣٢٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٧ ـ ١٨٨ ، مسائل أحمد : ١٠ ، المجموع ١ : ٤٨٣ ـ ٤٨٤ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٩.

٢ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٣٢ / ٨٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٣ / ٥٥٢ ، مسند أحمد ١ : ٩٦ و ١٠٠ و ١١٣ ، سنن الدارمي ١ : ١٨١ ، نيل الأوطار ١ : ٢٣٠.

٣ ـ بداية المجتهد ١ : ٢٠ ، تفسير القرطبي ٦ : ١٠١ ، الشرح الصغير ، ١ : ٥٨ ، المجموع ١ : ٤٨٤ ، المغني ١ : ٣٣٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٨ ، عمدة القارئ ٣ : ٩٧ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٩ ، حلية لعلماء ١ : ١٣١.

٤ ـ المجموع ١ : ٤٨٢ ، فتح العزيز ٢ : ٣٩٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٣١.

٥ ـ المجموع ١ : ٤٨٤ ، المغني ١ : ٣٢٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٨ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٩.

٦ ـ المجموع ١ : ٤٨٤.

٧ ـ المجموع ١ : ٤٨٣.

١٨٠