تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٧

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٧

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٨
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

محمّد بن أحمد بن حمّاد زغبة ، وعلي بن الحسن بن عبد الوارث الصّنعاني.

روى عنه : أبو الحسين الرازي ، وأبو الحسين بن جميع ، وأبو الفتح محمّد بن إبراهيم الطّرسوسي.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم ، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، قالا : أنبأنا أبو نصر بن طلّاب ، أنبأنا أبو الحسين بن جميع ، حدّثنا عيسى بن محمّد أبو عبد الله الأندلسي بمصر ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن حمّاد زغبة ، قال : سمعت عبد الغني بن أبي عقيل يقول : سمعت المفضل بن فضالة القتباني وكان قاضيا لأهل مصر يقول :

من أراد أن يأكل من بوش مصر فليأكل من بوشها بالغداة ومن ناطفها القند بالعشي.

قال عبد الغني : رأيت المفضّل يركب فرسا ، وكان له وفرة.

قال لنا أبو عامر العبدري الحافظ : أراه أراد ببوش مصر : أخلاطها من تلك الموالح والكوامخ. والبوش الجماعة من الناس ، وبوّش [القوم :] كثروا وأخلطوا.

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، حدّثنا عبد العزيز الكتاني ، أنبأنا علي بن محمّد الحنّائي ، أنبأنا أبو الفتح محمّد بن إبراهيم البزّاز بالقدس ، حدّثني عيسى بن محمّد بن أبي سليمان الأندلسي بحمص ـ إملاء ـ نا علي بن الحسن بن عبد الوارث الصّنعاني ، حدّثنا إبراهيم بن أحمد اليماني ، حدّثنا يزيد بن أبي حكيم العدني عن ياسين الزيات عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الله لا يقبض العلم» وذكر الحديث [١٠٢٤٤].

أنبأنا أبو محمّد المزكي ، حدّثنا عبد العزيز ـ لفظا ـ أنبأنا تمّام بن محمّد ـ إجازة ـ حدّثني أبي ، حدّثني أبو عبد الله عيسى بن محمّد بن حبيب الأندلسي بدمشق ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن هارون بن هانئ بن المتوكل الإسكندراني ، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : سمعت محمّد بن إدريس الشافعي يقول :

__________________

(١) الأصل : الفضل ، تصحيف ، والتصويب عن ت.

(٢) إعجامها مضطرب بالأصل وت. والصواب ما أثبت ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٨ / ٣٣٢.

(٣) القند : عسل قصب السكر إذا جمد.

(٤) زيادة لازمة عن ت.

(٥) كذا بالأصل ، وفي ت والمختصر : «وخلطوا» وجاء في تاج العروس : بوش : وبوشوا تبويشا وتبوشوا : كثروا واختلطوا.

٣٤١

وصف لي رجل من العباد باليمن ، وذكر لي فضله ، فارتحلت حتى قدمت عليه بالجند ، فإذا رجل كما وصف لي أو فوق ذلك ، وإذا به راكعا وساجدا فقلت : رحمك الله من أجلك ارتحلت ، وانفتل عن صلاته وكتب بإصبعه على الأرض :

منع اللسان من الكلام لأنّه

خبث الردى وموضع الآفات

ثم قام إلى الصلاة ، فلم يزد عليه شيئا.

قرأت على أبي الحسن سعد الخير بن محمّد ، عن أبي عبد الله الحميدي قال :

عيسى بن محمّد بن حبيب أبو عبد الله محدّث أندلسي دخل مصر وحدّث بها عن ياسين بن محمّد بن عبد الرحيم الأنصاري البجّائي ، وأبي عبد الله محمّد بن أحمد بن حمّاد زغبة ، روى عنه أبو سعيد بن يونس ، وأحمد بن محمّد بن سرورة المصريان ، وأبو الحسين محمّد بن أحمد بن جميع.

٥٥١٣ ـ عيسى بن محمّد بن السّمط

أبو محمّد الشاهد

حدّث عن أبي زيد محمّد بن أحمد بن عبد الله المروزي الفقيه.

روى عنه : علي بن محمّد الحنّائي.

قرأت بخط علي بن محمّد الحنّائي ، أنبأنا أبو محمّد عيسى بن محمّد بن السّمط الشاهد ، أنبأنا أبو زيد محمّد بن أحمد المروزي ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن يوسف الفربري ـ بفربر ـ حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري ، حدّثنا إسماعيل بن عبد الله ، حدّثني مالك عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«لا تدخلوا على هؤلاء المعذّبين إلّا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم فيصيبكم مثل ما أصابهم» [١٠٢٤٥].

__________________

(١) الجند : بفتح الجيم والنون ، من المدن النجدية باليمن ، وبين الجند وصنعاء ثمانية وخمسون فرسخا (راجع معجم البلدان).

(٢) الأصل وت : «أبي محمّد الحسن سعد الخير» قارن مع مشيخة ابن عساكر ٧٠ / ب.

(٣) بغية الملتمس للحميدي ص ٢٩٧ رقم ٦٧٥.

(٤) تقرأ بالأصل وت : «سدره» والمثبت عن بغية الملتمس.

(٥) صحيح البخاري (٨) كتاب الصلاة ، (٥٤) باب ، رقم ٤٣٣ (١ / ١٢٨) طبعة دار الفكر.

(٦) في صحيح البخاري : لا يصيبكم ما أصابهم.

٣٤٢

أخبرناه عاليا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز العباسي ـ نقيب مكة ببغداد ـ أنبأنا أبو علي الحسن بن عبد الرّحمن بن الحسن الشافعي ـ بمكة حرسها الله ـ أنبأنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن علي بن أحمد بن فراس المكي ، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن إبراهيم بن عبد الله بن الفضل المكي ، حدّثنا أبو صالح محمّد بن أبي الأزهر المعروف بابن زنبور المكي مولى بني هاشم ، حدّثنا إسماعيل بن جعفر ، أنبأنا عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أصحاب الحجر : «لا تدخلوا على هؤلاء القوم المحدثين إلّا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم» [١٠٢٤٦].

٥٥١٤ ـ عيسى بن محمّد بن الطيب بن علي

أبو طالب البغدادي الباقلانيّ

سمع بدمشق أبا بكر محمّد بن عبد الرّحمن ، وتمّام بن محمّد الرازي ، وأبا الحسن علي بن أحمد بن محمّد الشّرابي ، وأبا عبد الله الحسين بن عثمان بن أحمد ، وابن عمه أبا الفتح محمّد بن عمر بن أحمد .... ، وأبا الحسين عبد الرّحمن بن إسحاق بن عبد العزيز اللهبي ، وأبا القاسم عبد المنعم بن المحسن بن خليل ، وببغداد : أبا طاهر المخلّص.

وحدّث في الغربة.

روى عنه : أبو القاسم سعيد بن محمّد بن الحسن الإدريسي المروزي إمام جامع صور.

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، أنبأنا أبو القاسم سعيد بن محمّد بن الحسن الإدريسي ـ إجازة ـ ونقلته أنا من خط الإدريسي ، حدّثنا أبو طالب عيسى بن محمّد الباقلّاني ـ رحمه‌الله ـ بمدينة الكدراء حفظا ، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن المعروف بالمخلّص ـ ببغداد إملاء ـ أنبأنا عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز البغوي ، حدّثنا أبو نصر التّمّار ، أنبأنا

__________________

(١) تقرأ بالأصل : «المفضل» تصحيف ، والتصويب عن ت ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٩.

(٢) تقرأ بالأصل : «البررديين» وفي ت : «الببرودين».

(٣) كدراء اسم مدينة باليمن على وادي سهام (معجم البلدان).

٣٤٣

حمّاد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لكلّ شيء زكاة ، وزكاة الدار بيت الضيافة» [١٠٢٤٧].

٥٥١٥ ـ عيسى بن محمّد بن عبد الله بن الشهريج

أبو موسى

مولى بني هاشم البغدادي.

حدّث بدمشق : عن الحسين بن إبراهيم البابي ، ومحفوظ بن بحر الأنطاكي ، ومحمّد بن سهل بن عسكر.

روى عنه : أبو أحمد بن عدي ، وأبو علي بن شعيب ، وأحمد بن عبد الله بن الفرج بن البرامي.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو سعد الماليني ـ قراءة عليه ـ حدّثنا عبد الله بن عدي الحافظ ـ بجرجان ـ حدّثنا عيسى بن محمّد بن عبد الله أبو موسى البغدادي بدمشق ، حدّثنا الحسين بن إبراهيم البابي ، حدّثنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لما عرج بي رأيت على ساق العرش مكتوبا : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، أيّدته بعلي ، نصرته بعلي» [١٠٢٤٨].

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد ، أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو سعد الماليني ـ قراءة ـ أنبأنا.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو القاسم الإسماعيلي ، أنبأنا حمزة بن يوسف السهمي ، حدّثنا عبد الله بن عدي ، أنبأنا أبو موسى عيسى بن محمّد بن عبد الله البغدادي ـ بدمشق ـ حدّثنا الحسين بن إبراهيم البابي ـ بباب الأبواب ـ حدّثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك.

__________________

(١) ترجمته في تاريخ بغداد ١١ / ١٧٣ وفيه : عيسى بن محمّد بن عبيد الله.

(٢) في معجم البلدان : باب : الحسن بن إبراهيم البابي حدث عن حميد الطويل.

(٣) في ت : أبو الفرج.

(٤) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١١ / ١٧٣.

٣٤٤

أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «تختّموا بالعقيق ، فإنه ينفي الفقر ، واليمين أحقّ بالزّينة» [١٤٢٠].

ولم يكن زمن الخطيب أبا موسى ، ولم يقل : بباب الأبواب.

قرأت بخط أبي القاسم تمّام بن محمّد ، حدّثني أبو علي الأنصاري ، حدّثنا عيسى بن محمّد بن عبد الله البغدادي قدم دمشق ، حدّثنا الحسين بن إبراهيم البابي ، فذكر هذا الحديث.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن خيرون ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب :

عيسى بن محمّد بن عبد الله أبو موسى حدّث بدمشق عن الحسين إبراهيم البابي شيخ مجهول من أهل الباب والأبواب ـ روى عنه ابن عدي.

٥٥١٦ ـ عيسى بن محمّد بن عبد العزيز

ابن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب

القرشي العدوي

أصله من المدينة ، وسكن دمشق ، ثم خرج عنها ، ومات بكرمان وكان من وجوه بني عدي وشعرائهم.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا أبو عبد الله الطوسي ، حدّثنا الزّبير بن بكار ، قال :

وعيسى بن محمّد بن عبد العزيز بن عبد الله كان من رجال قريش لسانا وجلدا ، وكان قد نزل دمشق ، وأمّه أم عاصم بنت عمر بن عثمان بن عبد الله بن عبد الله بن

__________________

(١) رواه ياقوت في معجم البلدان (باب) من طريق الحسن بن إبراهيم عن حميد الطويل.

(٢) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١١ / ١٧٣.

(٣) كذا بالأصل وت وتاريخ بغداد ، وفي معجم البلدان : باب الأبواب ويقال له الباب غير مضاف ، والباب والأبواب ، وهو الدربند. وباب الأبواب : على بحر طبرستان وهو بحر الخزر : وهي مدينة أكبر من أردبيل.

(٤) كتب فوقها في ت : صح.

(٥) نسب قريش للمصعب ص ٣٥٩ وجمهرة ابن حزم ص ١٥٣.

(٦) نسب قريش للمصعب ص ٣٥٩.

٣٤٥

سراقة بن المعتمر ، ومات عيسى بن محمّد بكرمان.

قال : وحدّثنا الزّبير ، أخبرني عثمان بن عبد الرّحمن عن من أخبره أن عيسى بن محمّد بن عبد العزيز العمري قال بكرمان وهو يموت :

لعمري لئن أمسي بكرمان مضجعي

غريبا لما نامت عليّ النوائح

بيثرب تبكيني عيون كثيرة

حسّان مجاري الدّمع عنّي نوازح

٥٥١٧ ـ عيسى بن محمّد ، ويقال : بن موسى

أبو موسى النّوشري

ولي إمرة دمشق من قبل المنتصر بالله بن المتوكل ، والمستعين وولي شرطة بغداد من قبل المكتفي ، وانتدب لقتال أمير أصبهان وغيره من أمراء الجبال ، وظهرت كفايته وولي أصبهان ، وولي مصر من قبل المكتفي.

قرأت بخط أبي الحسين الرازي : عيسى النّوشري أمير دمشق من قبل المنتصر بالله وليها أول مرة للمنتصر بالله سنة سبع وأربعين ومائتين ، حدّثني بذلك أبو الحارث إسماعيل بن إبراهيم المرّي الدمشقي عن شيوخه من أهل دمشق [قال :] وحدثني إسماعيل بن إبراهيم عن شيوخه قال : ثم ولي النوشري دمشق سنة تسع وأربعين ومائتين وفيها واقع عيسى بن الشيخ.

ذكر أبو عمر محمّد بن يوسف الكندي.

أن عيسى النوشري توفي يوم الأربعاء لأربع بقين من شعبان سنة سبع وتسعين ومائتين

__________________

(١) أخباره في : أمراء دمشق ص ٨١ وتحفة ذوي الألباب للصفدي ١ / ٣٠٤ والخطط المقريزية ١ / ٣٢٧ والنجوم الزاهرة ٣ / ١٤٥ والطبري (الفهارس) ، والكامل لابن الأثير (الفهارس) وولاة مصر للكندي ص ٢٧٨ وسير أعلام النبلاء ١٤ / ٤٦.

(٢) ترجمته في فوات الوفيات ٢ / ٣٧٢ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ٣٥٦.

(٣) هو أبو العباس أحمد بن المعتصم بالله ابن الرشيد ، أخو المتوكل ترجمته في الوافي بالوفيات ٨ / ٩٣ وفوات الوفيات ١ / ١٢٤.

(٤) هو أبو محمّد علي بن أحمد بن المعتضد ، المكتفي بالله ، ترجمته في فوات الوفيات ٢ / ٨٦.

(٥) راجع ما جاء فيها في معجم البلدان (الجبل).

(٦) تقدمت ترجمته في هذا الجزء قريبا.

(٧) الخبر في ولاة مصر للكندي ص ٢٨٦.

٣٤٦

بمصر ، وهو وال عليها ، وكانت ولايته عليها خمس سنين وشهرين ونصفا.

وذكر غير أبي عمر أنه دفن ببيت المقدس فقلّد أعمال المعادن بمصر مكانه تكين الخاصة.

وذكر غيرهما أنه مات يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان ، والله أعلم.

كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العبّاس بن علي بن أبو الفضل بن سلم.

ح وحدّثني أبو بكر اللّفتواني عنهما قالا : أنبأنا أحمد بن الفضل ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس : توفي النّوشري في شعبان سنة تسع وتسعين ومائتين.

٥٥١٨ ـ عيسى بن المثنى الكلبي

حكى عن أبي كريمة الكلبي العابد.

حكى عنه أحمد بن أبي الحواري حكاية ذكرتها في ترجمة أبي كريمة.

٥٥١٩ ـ عيسى بن مريم

روح الله وكلمته وعبده ورسوله

صلّى الله على نبيّنا وعليه [وسلم]

كان يأوي إلى الربوة لما خاف من ذوي الكفر والقسوة ، كما أخبر الله في كتابه ، فقال وهو خير ناصر ومعين : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) ذكر ذلك جماعة من المفسرين وأهل القدوة وقد سقنا أقاويلهم في باب فضل الرّبوة.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، حدّثنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن رزقويه ، أنبأنا أحمد بن سندي بن الحسن ، حدّثنا الحسن بن علي القطّان ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، أنبأنا إسحاق بن بشير ، أنبأنا جويبر ومقاتل عن الضّحّاك عن ابن عبّاس.

__________________

(١) ترجمته في الوافي بالوفيات ١٠ / ٣٨٦ وسير أعلام النبلاء ١٥ / ٩٥ وولاة مصر للكندي ص ٢٨٦.

(٢) انظر قصته في تاريخ الطبري ١ / ٥٨٥ وما بعدها والبداية والنهاية ٢ / ٦٦ وما بعدها ، وقصص الأنبياء لابن كثير ص ٣٥١ وما بعدها.

(٣) سورة المؤمنون ، الآية : ٥٠.

(٤) راجع ما جاء في فضلها ، في تاريخ مدينة دمشق ٢ / ٣٣٧ وقال ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٩١ : وقد اختلف السلف والمفسرون في المراد بهذه الربوة التي ذكر الله من صفتها أنها ذات قرار ومعين.

٣٤٧

في قوله تعالى : (وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ) قال : كان لا يعصيهما ، (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً) قال ابن عبّاس : ولم يكن قتال النّفس التي حرم الله قتلها (عَصِيًّا) يعني لم يكن عاصيا لربّه (وَسَلامٌ عَلَيْهِ) يعني حين سلّم الله عليه حين ولد (وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) قال ابن عبّاس : لما وهب الله لزكريا يحيى بلغ ثلاث سنين ، بشّر الله مريم بعيسى ، فبينا هي في المحراب إذ قالت الملائكة ـ وهو جبريل وحده ـ (يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ) من الفاحشة (وَاصْطَفاكِ) ويعني واختارك (عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) عالم أمتها ، (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ) يعني صلّي لربك ؛ يقول اذكري لربك في الصلاة بطول القيام. فكانت تقوم حتى ورمت قدماها ، (وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) يعني مع المصلين ، مع قراء بيت المقدس يقول الله لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) يعني بالخبر الغيب في قصة زكريا ويحيى ومريم ، (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ) يعني عندهم (إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ) في كفالة مريم ، ثم قال : يا محمّد ـ يخبر بقصة عيسى (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ ، اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا) يعني مكينا عند الله في الدنيا من المقربين في الآخرة (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ) ـ يعني في الخرق ـ في محرابه (وَكَهْلاً) ويكلمهم كهلا إذا اجتمع قبل أن يرفع إلى السماء ، (وَمِنَ الصَّالِحِينَ) يعني من المرسلين.

قال وأنبأنا جويبر عن الضّحّاك عن ابن عبّاس.

في قوله : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ) يقول : قصّ ذكرها على اليهود والنصارى ومشركي العرب (إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها) يعني خرجت من أهلها (مَكاناً شَرْقِيًّا) مما يلي الشرق ، (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً) وذلك لما أراد الله أن يبتدئها بالكرامة ويبشرها بعيسى ، وكانت اغتسلت من المحيض فتشرّقت وجعلت بينها وبين قومها حجابا ، يعني جبلا ، فكان الجبل بين مجلسها وبين بيت المقدس قال : كانت خرج من بيت المقدس ، (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا) ـ يعني جبريل ـ (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) في صورة الآدميين سويا : يعني معتدلا شابا ، أبيض الوجه جعدا قططا ، حين اخضرّ شاربه ، فلما نظرت إليه قائما بين يديها قالت : (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) وذلك أنّها شبهته بشابّ كان يراها ونشأ معها يقال

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) سورة مريم ، الآيتان ١٤ و ١٥.

(٦ و ٧) سورة آل عمران ، الآيات ٤١ و ٤٤.

(٨ و ٩) سورة آل عمران ، الآيتان ٤٥ و ٤٦.

(١٠ و ١٢) سورة مريم ، الآيات ١٦ ـ ١٨.

(١١) من قوله : مما يلي الشرق إلى هنا استدرك على هامش الأصل ، وبعدها صح.

٣٤٨

له يوسف من بني إسرائيل ، وكان من خدم بيت المقدس ، فخافت أن يكون الشيطان استزلّه فمن ثمّ قالت : (أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) يعني إن كنت تخاف الله (قالَ) جبريل وتبسّم : (إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) يعني لله مطيعا من غير بشر قالت : (قالَتْ : أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) أو ولد (وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) يعني زوجا ، لأن الأنثى تحمل من الذكر ، (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) ، أي مومسة ، (قالَ) جبريل : (كَذلِكِ) يعني هكذا (قالَ رَبُّكِ : هُوَ)(عَلَيَّ هَيِّنٌ) يعني خلقه من غير بشر وهو من غير زوج ، وهو يخلق ما يشاء (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) قال : يعني عبرة للناس قال ابن عبّاس : والناس هاهنا للمؤمنين خاصة ، (وَرَحْمَةً مِنَّا) لمن صدّق بأنه رسول الله (وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) يعني كائنا أن يكون من غير بشر (وَيُعَلِّمُهُ) (الْكِتابَ)(٣) يعني يخط الكتاب بيده (وَالْحِكْمَةَ) يعني الحلال والحرام (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) والسنة (وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ ، وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) وأجعل على يديه الآيات والعجائب ، (فَحَمَلَتْهُ)(٤) قال : قال ابن عبّاس : فدنا جبريل فنفخ في جنبها ، فدخلت النفخة جوفها ، فاحتملت كما تحمل النساء في الرحم والمشيمة ووضعته كما تضع النساء.

أنبأنا أبو محمّد عبد الله الفراوي ، وأبو الحسن عبيد الله بن محمّد السّلمي ، قالا : أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني محمّد بن علي الشيباني ـ بالكوفة ـ حدّثنا أحمد بن حازم الغفاري ، حدّثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبيّ بن كعب قال :

كان روح عيسى بن مريم عليه‌السلام من تلك الأرواح التي أخذ عليها الميثاق في زمن آدم عليه‌السلام ، فأرسله الله إلى مريم في صورة بشر ، (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) تلا إلى قوله (فَحَمَلَتْهُ) قال : حملت الذي خاطبها وهو روح عيسى ، قال : فدخل من فيها.

أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا أبو علي بن المذهب ، أنبأنا أبو بكر بن مالك ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل (٥) ، حدّثني محمّد بن يعقوب الرّبالى ، حدّثنا المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدّث عن الربيع بن أنس عن الرّفيع أبي العالية عن أبي بن كعب.

__________________

(١) الأصل : وهو.

(٢) سورة مريم ، الآية : ٢١.

(٣) سورة آل عمران ، الآيتان ٤٨ و ٤٩.

(٤) سورة مريم ، الآية : ٢٢.

(٥) رواه أحمد بن حنبل في المسند ٨ / ٤٧ رقم ٢١٢٩٠ طبعة دار الفكر.

٣٤٩

في قول الله عزوجل : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)(١) قال : جمعهم فجعلهم أرواحا ثم صوّرهم ، فاستنطقهم فتكلموا ، ثم أخذ عليهم العهد والميثاق (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) قال : فإنّي أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع ، وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة : لم نعلم بهذا ، اعلموا أنه لا إله غيري ، ولا تشركوا بي شيئا ، إنّي سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتبي قالوا : شهدنا بأنك ربّنا وإلهنا ، لا رب لنا غيرك ، ولا إله لنا غيرك ، فأقروا يومئذ ، ورفع إليهم آدم ينظر إليهم ، فرأى الغني والفقير ، وحسن الصورة ودون ذلك ، فقال : ربّ لو لا سوّيت بين عبادك ، فقال : إنّي أحب أن أشكر. ورأى الأنبياء صلّى الله عليهم مثل السّرج عليهم النور خصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة وهو قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ)(٢) إلى قوله (عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ)(٣) كان في تلك الأرواح فأرسله إلى مريم ، فحدّث عن أبيّ أنه دخل من فيها.

أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم ، أنبأنا سهل بن بشر ، أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن عبد الله بن نصر ، حدّثنا أبو بكر جعفر بن محمّد بن الحسن الفريابي ، حدّثنا يحيى بن حبيب بن عربي ، حدّثنا المعتمر بن سليمان قال : قال أبي عن الربيع بن أنس عن رفيع أبي العالية عن أبيّ بن كعب.

في قول الله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا : بَلى ، شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ)(٤) قال : جمعهم فجعلهم أرواحا (٥) ثم صوّرهم واستنطقهم فتكلموا وأخذ عليهم العهد والميثاق (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا) إلى قوله : (الْمُبْطِلُونَ) قال : فإنّي أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع ، ويشهد عليكم أبوكم آدم أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم ، فهذا اعلموا أنه لا إله غيري ، ولا ربّ غيري ، فلا تشركوا بي شيئا ، فإنّي سأرسل عليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتابي ، قالوا : نشهد أنك ربّنا وإلهنا لا ربّ لنا غيرك ، ولا إله لنا غيرك ، فأقروا يومئذ بالطاعة ، ورفع عليهم أباهم آدم فنظر إليهم ،

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية : ١٧٢.

(٢) سورة الأحزاب ، الآية : ٧.

(٣) سورة الأحزاب ، الآية : ٧.

(٤) سورة الأعراف ، الآيتان ١٧٢ و ١٧٣.

(٥) الأصل : أزواجا ، والمثبت عن المختصر.

٣٥٠

فرأى فيهم الغنيّ والفقير ، والحسن الصورة ودون ذلك ، فقال : ربّ لو سوّيت بين عبادك ، قال : إنّي أحب أن أشكر ، ورأى فيهم الأنبياء مثل السّرج عليهم النور وخصّوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة وهو الذي يقول : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ ، وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً)(١) وهو الذي يقول (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ، لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ)(٢) وكان روح عيسى في تلك الأرواح التي أخذ عليها العهد والميثاق ، فأرسل ذلك الروح إلى مريم ، قال : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) إلى قوله : (وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) قال : (فَحَمَلَتْهُ)(٣) قال : حملت الذي خاطبه أو هو روح عيسى.

قال : فسأله مقاتل بن حيّان : من أين دخل الرّوح؟ فذكر عن أبي العالية عن أبيّ بن كعب أنه دخل من فيها.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن إبراهيم بن محمّد الكرماني ، أنبأنا أبو الفتح المظفّر بن حمزة بن محمّد الجرجاني ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن يوسف بن بامويه الأصبهاني.

ح وأخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرّحمن بن أبي عقيل ، أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين الخلعي ، أنبأنا أبو محمّد بن النحّاس ، قالا : أنبأنا أبو سعيد بن الأعرابي ـ زاد الخلعي قال : حدّثنا إبراهيم بن إسماعيل الطّلحي ثم اتفقا : ـ حدّثنا إبراهيم بن بيان بن إبراهيم الحنفي ـ بالكوفة ـ حدّثنا يعيش بن الجهم ، حدّثنا الحسن بن قتيبة الخزاعي ، عن حمزة الزيات ، عن شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال :

قالت مريم الصّدّيقة :

كنت إذا خلوت حدّثني عيسى وحدّثته ، فإذا كان عندنا إنسان سمعته يسبّح في بطني ، وقال الخلعي : سمعت تسبيحه في بطني.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا يوسف بن يعقوب ، حدّثنا الحسن بن المثنى ، حدّثنا موسى بن مسعود أبو حذيفة ، حدّثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال :

__________________

(١) سورة الأحزاب ، الآية : ٧.

(٢) سورة الروم ، الآية : ٣٠.

(٣) سورة مريم ، الآيات ١٧ ـ ٢٢.

٣٥١

كانت مريم تقول : كان عيسى إذا كان عندي أحد يتحدّث معي سبّح في بطني ، وإذا خلوت فلم يكن عندي أحد حدّثته وحدّثني وهو في بطني (١).

أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز العبّاسي ، أنبأنا الحسن بن عبد الرّحمن بن الحسن الشافعي ، أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن فراس ، أنبأنا محمّد بن إبراهيم بن عبد الله الدّيبلي ، حدّثنا إدريس بن سليمان بن أبي الزيّات ، حدّثنا يحيى بن أبي بكر ، حدّثنا شبل بن عبّاد ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، نا مجاهد قال : قالت مريم : كنت إذا خلوت أنا وعيسى يسبّح في بطني ، وأنا أسمع.

كذا رواه لنا أبو جعفر ، وإنما يرويه ابن فراس عن عبّاس بن محمّد بن قتيبة عن إدريس.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن محمّد ، حدّثنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا أحمد بن سندي بن الحسن ، أنبأنا الحسن بن علي القطان ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، أنبأنا إسحاق بن بشر ، أنبأنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن أنه قال :

بلغني أنّها حملته لسبع أو لتسع ساعات ووضعته من يومها ، قال إسحاق : وقال هؤلاء المسمون أو من قال من منهم بإسناده قال : حملته تسعة أشهر كما تحمل النساء (٢) ، فالله أعلم أيّ (٣) ذلك كان.

أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الأصبهاني ، أنبأنا منصور بن الحسين بن علي ، وأحمد بن محمود بن أحمد ، قالا : أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، حدّثنا محمّد بن منصور بن أبي الجهم الشيعي ببغداد ، حدّثنا أبو حفص عمرو بن علي ، حدّثنا أبو قتيبة ، حدّثنا يونس بن الحارث الطائفي عن الشعبي قال :

كتب قيصر إلى عمر : إن رسلي أتتني من قبلك فزعمت أنّ قبلكم شجرة ليست بخليقة لشيء من الخير ، تخرج مثل آذان الحمير ، ثم تشقّق عن مثل اللؤلؤ ثم تخضرّ فتكون مثل الزمرّد الأخضر ، ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر ، ثم تينع وتنضج فتكون كأطيب فالوذج

__________________

(١) البداية والنهاية ٢ / ٧٨.

(٢) البداية والنهاية ٢ / ٧٨.

(٣) كذا بالأصل ، وفي المختصر : أنّى.

٣٥٢

أكل ، ثم تشقّق فتنثر فتكون عصمة للمقيم وزادا للمسافر ، فإن تكن رسلي صدقتني فلا أرى هذه الشجرة إلّا من شجرة الجنة.

فكتب إليه عمر :

من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى قيصر ملك الروم ، إنّ رسلك صدقتك هذه الشجرة عندنا هي الشجرة التي أنبتها الله تعالى على مريم حين نفست بعيسى ابنها ، فاتّق الله ولا تتخذ عيسى إلها من دون الله ، فإنّ (مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ ، خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ، ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)(١).

وأخبرنا (٢) أبو الفرج أيضا ، أنبأنا منصور بن الحسين (٣) ، وأحمد بن محمود ، قالا : أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، حدّثنا أبو محمّد سعيد بن أحمد بن زكريا بن يحيى القضاعي ، حدّثنا عمي محمّد بن زكريا ، حدّثنا محمّد بن يوسف الفريابي ، عن يونس بن الحارث الطائفي ، أنبأنا الشعبي قال :

كتب قيصر ـ يعني : من قيصر ـ ملك الروم إلى عمر ملك العرب :

أما بعد ، فإنّ الرسل أتوني من قبلك ، فأخبروني أنّ قبلك شجرة ليس بخليقة للخير ، تكون بين العشرة الأذرع إلى عشرين ذراعا ، يخرج لها مثل آذان الحمير ، ثم تشقّق عن مثل اللؤلؤ المنظوم في مثل قضبان الفضة ، فيصيبون منه مع طيب ريح وطعم ، ثم يكون كالياقوت الأحمر ومثل قضبان الذهب ، فيصيبون منه مع طيب ريح وطعم ، ثم يينع فيكون كأطيب خبيص ، أو فالوذج أكله الناس ، ثم تيبس فتكون عصمة للمقيم وزادا للمسافر ، فإن تكن رسلي صدقوني عن تلك الشجرة فإنّي لا أحسبها إلّا من شجر الجنّة.

قال : وكتب إليه عمر رضي‌الله‌عنه :

أمّا بعد ، فإنّ رسلك قد صدقوا ، وهي الشجرة التي أنبتها الله على مريم عليها‌السلام ، فاتّق الله يا قيصر ، ولا تتخذ عيسى عليه‌السلام إلها من دون الله ، فإنّ عيسى كلمة الله وروحه ألقاها إلى مريم ، فإن (مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ ، خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ).

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآيات ٥٩ و ٦٠.

(٢) كتب فوقها في الأصل : ملحق.

(٣) الأصل : الحسن ، تصحيف ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٥٢.

٣٥٣

وبلغني أن من آدم إلى مولد المسيح خمسة آلاف وخمس مائة سنة ، ومن الطّوفان إلى مولده ثلاثة آلاف ومائتان وأربع وأربعون سنة ، ومن إبراهيم إلى مولده ألفان وسبع مائة وثلاث عشرة ، ومن ملك داود إلى مولده ألف وتسع وخمسون سنة ، وولد في خمسة (١) وعشرين يوما من كانون الأول ، ومن رفع المسيح إلى هجرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تسع (٢) مائة وثلاث (٣) وثلاثون سنة ، والله أعلم.

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد الأكفاني ، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، أنبأنا تمّام بن محمّد ، وعبد الرّحمن بن عثمان ، وعقيل بن عبيد الله بن عبدان.

ح وأخبرنا أبو محمّد أيضا ، أنبأنا محمّد بن عقيل بن أحمد بن الكريدي ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر ، قالوا : أنبأنا أحمد بن القاسم ، حدّثنا أبو زرعة ، حدّثنا أبو اليمن ، أنبأنا شعيب عن الزهري ، حدّثني سعيد بن المسيّب قال : قال أبو هريرة :

سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ما من بني آدم من مولود إلّا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مسّ الشيطان غير مريم وابنها» [١٠٢٥٠].

ثم قال أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم (إِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)(٤).

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنبأنا أبو بكر المغربي ، أنبأنا أبو بكر الجوزقي ، أنبأنا أبو حامد بن الشّرقي ، ومكي بن عبدان ، قالا : حدّثنا محمّد بن يحيى ، حدثنا عبد الرّحمن ، أنبأنا معمر عن الزهري عن ابن المسيّب ، عن أبي هريرة.

أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ما من مولود إلّا والشيطان يمسّه حين يولد فيستهل صارخا من مسّة الشيطان إياه إلّا مريم وابنها» [١٠٢٥١].

يقول أبو هريرة : واقرءوا إن شئتم (إِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)(٥).

أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن الفرّاء ، وأبو غالب أحمد بن الحسن بن البنّا ،

__________________

(١) الأصل : خمس.

(٢) كذا بالأصل والمختصر.

جاء في البداية والنهاية بتحقيقنا ٢ / ١١٨ عدة أقوال ، قال ابن كثير : والمشهور ستمائة سنة.

وقال المسعودي في مروج الذهب ٢ / ٢٨٥ بين مولد المسيح إلى مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ٥٢١ سنة ، وبين أن رفع الله المسيح وهو ٣٣ سنة إلى سنة وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ٥٤٦ وبين مبعث المسيح وهجرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ٥٩٤ سنة.

(٣) بالأصل : وثلاثة.

(٤) سورة آل عمران ، الآية : ٣٦.

(٥) البداية والنهاية بتحقيقنا ٢ / ٦٨ وانظر تخريجه فيها.

٣٥٤

قالا : أنبأنا أبو يعلى بن الفرّاء ، أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمّد بن الحسن الحربي ، أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدّثنا عبد الأعلى عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة.

أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ما من مولود إلّا ينخسه الشيطان فيستهل صارخا من نخسه إلّا ابن مريم وأمه».

ثم قال أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم (وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)(١) [١٠٢٥٢].

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل الفراوي ، وأبو المظفّر بن القشيري ، قالا : أنبأنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن ، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان.

ح وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أنبأنا إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، قالا : أنبأنا أبو يعلى ، حدّثنا الأشج ـ وقال ابن المقرئ : أبو سعيد ـ حدّثنا إسحاق ـ يعني الرازي ـ وفي حديث ابن المقرئ : بن سليمان الرازي ـ حدّثنا معاوية ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«ما من مولود يولد إلّا يمسّه الشيطان فيستهل صارخا من مسّ الشيطان إيّاه إلّا عيسى ابن مريم وأمّه ، فإنّ الله يقول : (أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)» [١٠٢٥٣].

أخبرنا أبو (٢) الوفا عبد الواحد بن حمد ، أنبأنا أبو طاهر بن محمود ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا أبو العبّاس بن قتيبة ، حدّثنا حرملة ، أنبأنا ابن وهب ، حدّثنا عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري ، أن أبا يونس مولى أبي هريرة حدّثه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «كل بني آدم يمسّه الشيطان يوم ولدته أمّه إلّا مريم وابنها عيسى» [١٠٢٥٤].

أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا علي بن محمّد بن أحمد بن لؤلؤ ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن إسماعيل البندار البصلاني ، حدّثنا خالد بن يوسف السّمتي ؛ حدّثني أبي عن موسى بن عقبة ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«كلّ ابن آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد إلّا عيسى بن مريم ، فإنه ذهب يطعن فطعن في الحجاب» [١٠٢٥٥].

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية : ٣٦.

(٢) الأصل : عبد.

٣٥٥

رواه إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة ، عن أبي الزّناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة.

أخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا عبد الرّحمن بن علي بن محمّد بن موسى ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد (١) السّليطي ، أنبأنا أبو حامد بن الشّرقي ، حدّثنا محمّد بن عقيل ، وأحمد بن حفص ، قالا : حدّثنا حفص ، حدّثنا إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة ، أخبرني (٢) أبو الزّناد عن عبد الرّحمن الأعرج عن أبي هريرة فذكره.

أخبرنا أبو عبد الله الخلّال ، أنبأنا إبراهيم منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا أبو يعلى ، حدّثنا زهير ، حدّثنا شبابة ، حدّثني ورقاء عن أبي الزّناد عن الأعرج ، عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«كلّ ابن آدم يطعن الشيطان بإصبعه في جنبه حين يولد إلّا عيسى بن مريم فإنه ذهب ليطعن فطعن في الحجاب» (٣) [١٠٢٥٦].

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنبأنا عاصم بن الحسن بن محمّد ، أنبأنا أبو الحسين علي بن محمّد ، أنبأنا الحسين بن صفوان ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدّثنا عبد الرّزّاق ، أنبأنا منذر الأفطس أنه سمع وهبا يقول :

لما ولد عيسى أتت الشياطين إبليس فقالت : أصبحت الأصنام قد نكست رءوسها قال : هذا حادث ، قد حدث ، مكانكم ، فطار حتى جاء خافقي الأرض ، فلم يجد شيئا ، ثم جاز البحار فلم يقدر على شيء ، ثم طار أيضا فوجد عيسى قد ولد عند مذود حمار ، وإذا الملائكة قد حفّت حوله ، فرجع إليهم ، فقال : إنّ نبيّا قد ولد البارحة ما حملت أنثى قط ولا وضعت إلّا وأنا بحضرتها إلّا هذا ، فأيسوا من أن تعبد الأصنام بعد هذه الليلة ، ولكن ائتوا بني آدم من قبل العجلة والخفة (٤).

كان في الأصل إسحاق بن إبراهيم (٥) ، وإنما هو إسحاق بن إبراهيم.

__________________

(١) قسم من اللفظة مطموس.

(٢) بالأصل : «عن» ثم شطبت ، وكتب فوقها «أخبرني».

(٣) البداية والنهاية ٢ / ٦٩ وقصص الأنبياء لابن كثير ص ٣٥٥.

(٤) راجع قصص الأنبياء لابن كثير ص ٣٩٦.

(٥) كذا بالأصل : إسحاق بن إبراهيم ، في الموضعين.

٣٥٦

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي ، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي ، أنبأنا محمّد بن يوسف ، أنبأنا محمّد بن حمّاد ، أنبأنا عبد الرزّاق ، أنبأنا المنذر بن النعمان الأفطس أنه سمع وهب بن منبه يقول :

لما ولد عيسى بن مريم أتت الشياطين إبليس ـ لعنهم الله ـ فقالوا : أصبحت الأصنام قد نكست رءوسها فقال : هذا حادث حدث ، مكانكم ، فطار حتى جاب خافقي الأرض ، فلم ير شيئا ، ثم جاب البحار فلم يقدر على شيء ، ثم طاف أيضا فوجد عيسى قد ولد عند مذود حمار ، وإذا الملائكة قد حفّت حوله ، فرجع إليهم فقال : إنّ نبيا قد ولد البارحة ، ما حملت أنثى قط ولا وضعت إلّا وأنا بحضرتها إلّا هذا ، فأيسوا أن تعبد الأصنام بعد هذه الليل ، ولكن ائتوا بني آدم من قبل الخفّة والعجلة (١).

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد المقرئ ، وحدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرق الحمصي ، حدّثنا عمرو بن عثمان ، حدّثنا عبد الملك بن محمّد ، عن ثابت بن عجلان ، عن عكرمة بن خالد المخزومي قال :

لما ولد عيسى بن مريم لم يبق شيء يعبد من دون الله إلّا خرّ لوجهه ، ففزعت لذلك الشياطين ، واجتمعوا إلى إبليس ، فأخبروه ، فركب ، فإذا عيسى في مهده ، فأراده ، فحال الله بينه وبينه وملائكته ، فقال له إبليس : أتعرفني؟ قال : نعم ، أنت إبليس ، قال : صدقت ، قال : أما إنّي ما جئتك تصديقا بك ، ولكن رحمتك ورحمت أمك لما قالت بنو إسرائيل فيها ، فلو أمرت أمك فجعلتك على شاهقة من الجبل ثم طرحتك ، فإنّ ربك وملائكته لم يكن ليسلمك ولا ليكسرك ، فقال عيسى : يا قديم الغيّ ، إنّما أفعل ما يأمرني ربي ، وإنّي أريد أن أعرف كرامتي عند الله عزوجل.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، حدّثنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو الحسن بن رزقويه (٢) ، أنبأنا أحمد بن سندي ، حدّثنا الحسن بن علي القطان ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، أنبأنا إسحاق بن بشر ، أنبأنا إدريس عن جده وهب بن منبّه قال :

__________________

(١) راجع الكامل لابن الأثير ١ / ٢٠٥ وتاريخ الطبري ١ / ٥٩٦.

(٢) الأصل : رزقه ، تصحيف ، والتصويب عن قصص الأنبياء لابن كثير ص ٤٠٧.

٣٥٧

سألني ابن عبّاس عن عيسى بن مريم وعن ميلاده ، وعن لقيه إبليس بعقبة بيت المقدس ، وعن نعت الإسلام ، وعن صفة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الإنجيل. فقلت : نعم ، إنّ إبليس عدوّ الله ، اتّخذ مجلسا على اللجة (١) الخضراء ثم بثّ شياطينه في ولد آدم فقال : انطلقوا فأتوني بأحداث الدنيا ، فأتوه بجماعتهم لستّ ساعات مضين من النهار ، فقال : أخبروني عما كنت وجّهتكم؟ فقالوا : سيدنا ، كانت الأصنام بغيتنا ، ورجاء لضلالة ابن آدم ، فلم يبق صنم إلّا أصبح منكوسا ، قد انحدرت حدقتاه على وجنتيه ، فساء ظنّنا وأسقط في أيدينا ، فأتوه لستّ ساعات مضين من النهار ، فقال لهم إبليس : على رسلكم ، أعلم علم ما أتيتموني ، وكان ذلك ليلة ولد عيسى بن مريم في ثلاث عشرة ليلة مضت من ذي القعدة ، فخرّت الأصنام كلها سحبا وتنكّس كلّ صنم كان يعبد من دون الله تعالى ما بين المشرق والمغرب ، فانطلق إبليس فطار فغاب عنهم مقدار ثلاث ساعات من النهار ، فانصرف إليهم عوده على يديه فقال : إنّي لم أدع مشارق الأرض ومغاربها ، ولا برّها ولا بحرها ، ولا سهلها ولا جبلها إلّا أتيته فوجدت ذلك المولود ولد لغير بشر ، فأتيته من بين يديه لأضع يدي عليه ، فإذا الملائكة دونه كأنهم بنيان مرصوص ، من تخوم الثرى إلى أعناق السماء ، فأتيته من فوقه فإذا الملائكة مناكبها ثابتة في السماء ، وأرجلها تحت الأرض السفلى ، فلم أصل إلى (٢) ما أردت به ولأضلّنّ به أكثر ممن (٣) تبعه.

فلما بلغ عيسى ثلاثين سنة وبعثه الله رسولا إلى بني إسرائيل مصدّقا لما بين يديه من التوراة ومبشّرا برسول يأتي من بعده اسمه أحمد ، واتّخذ الآيات والعجائب ، من إحياء الموتى ، وخلق الطير ، وإبراء الأكمه والأبرص ، لقيه إبليس خاليا عند عقبة بيت المقدس ، فقال الخبيث في نفسه : لأنتهزنّ اليوم فرصتي من عيسى ، فقال له إبليس : أنت عيسى بن مريم؟ قال : نعم ، قال : أنت الذي تكوّنت من غير أب؟ إنّك لعظيم الخطر ، قال : العظمة للذي (٤) كوّنني ، قال : أنت عيسى بن مريم الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تبرئ الأكمه والأبرص ، وتشفي المريض؟ قال : بل العزّة للذي بإذنه أشفيهم ، وإذا شاء أمرضني ، قال : أنت عيسى بن مريم؟ إنّك (٥) تحيي الموتى إنّك لعظيم الخطر ، قال : بل العظمة للذي بإذنه

__________________

(١) الأصل : الجنة ، والمثبت عن المختصر ، وتاريخ الطبري ١ / ٥٩.

(٢) كتبت «إلى» فوق الكلام بين السطرين في الأصل.

(٣) كذا بالأصل والمختصر.

(٤) الأصل : الذي.

(٥) كذا بالأصل : «إنك تحيي الموتى» وفي المختصر : «الذي يحيي الموتى» وهو أظهر.

٣٥٨

أحييهم ، ولا بد أن سوف يميتني قال : أنت عيسى الذي بلغ من عظمتك أنك تمشي على الماء؟ قال : بل العظمة للذي بإذنه مشيت ، وإذا شاء أغرقني ، قال : أنت عيسى بن مريم الذي يبلغ من عظمتك أنك تعلو السموات فتدبّر فيها الأمر ، ما أعرف لله ندا غيرك ولا مثلا إلّا أنت ، فارتعد عيسى من الفرق ، فخرّ مغشيا عليه ، ودعا على إبليس دعوة فخرج يتدأدأ (١) ما يملك من نفسه شيئا حتى بلغ الخافق الأقصى ، فنهض بالقوة التي جعلت فيه ، فسدّ على عيسى العقبة من قبل أن يزول عيسى من مكانه فقال له : ألم أقل لك : إنك إله عظيم وليس لله شبه غيرك ، ولكنك لا تعرف نفسك ، فهلمّ فآمر الشياطين بالعبادة لك ، فإنهم لم يعترفوا ببشر (٢) كان قبلك ، فإذا رأى بنو آدم أنهم قد عبدوك عبدوك بعبادتهم ، فتكون أنت الإله في الأرض والإله الذي تصفه إلها في السماء ، فخرّ عيسى مغشيا عليه ، فبعث الله إليه ثلاثة أملاك : جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، فنفخه ميكائيل نفخة فخرج يتدأدأ ما يملك من نفسه شيئا حتى بلغ الخافق الأقصى حصيدا محترقا (٣) ، ثم مثل له إسرافيل فنفحه نفحة بجناحه فخرج يتدأدأ ما يملك من نفسه شيئا حتى مرّ بعيسى على العقبة وهو يقول : يا ويله ، لقد لقيت منك يا ابن العذراء تعبا ، ثم مثل له جبريل فنفخه نفحة فخرج يتدأدأ ما يملك من نفسه شيئا حتى وقع في العين الحامية ، فتخلّص منها بعد ثلاثة أيام حتى رجع إلى مجلسه (٤)(٥).

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أنبأنا إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا أبو يعلى ، حدّثنا أبو خيثمة ، حدّثنا وكيع ، وعبد الرّحمن عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : المسيح الصدّيق يعني عيسى بن مريم ، هذا المسيح الدجال يقولون المسيح.

أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا أبو طالب بن غيلان ، أنبأنا أبو بكر الشافعي ، حدّثنا إسحاق بن الحسين الحربي ، حدّثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود ، حدّثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : المسيح الصّدّيق.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثني علّان بن إبراهيم الكرخي ، حدّثنا الحسين بن إسحاق العجلي ، أنبأنا أحمد بن

__________________

(١) تدأدأ : تدحرج ، وتدأدأ في مشيه : تمايل ، ودأدأ دأدأة عدا أشد العدو (القاموس المحيط).

(٢) كذا بالأصل ، وفي المختصر : لبشر.

(٣) غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن المختصر.

(٤) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن المختصر.

(٥) راجع قصص الأنبياء لابن كثير ص ٤٠٧ وما بعدها.

٣٥٩

عبد الله الغنوي ، حدّثنا جرير بن عبد الحميد ، عن ليث ، عن مجاهد.

[في قوله تعالى](وَجَعَلَنِي مُبارَكاً)(١) قال : نفاعا للناس.

أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن بن البنّا ، وأبو القاسم بن السّمرقندي قالا : أنبأنا أبو محمّد الصّريفيني ، أنبأنا عمر بن إبراهيم بن أحمد الكناني المقرئ ، حدّثنا أبو القاسم البغوي ، حدّثنا أبو خيثمة ، حدّثنا جرير عن رجل ، عن ليث ، عن مجاهد.

[في قوله تعالى](وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) قال : معلّما للخير.

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنبأنا أبي أبو البركات ، حدّثنا أبو القاسم التّنوخي ، أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن زيد بن علي بن مروان الأنصاري ، حدّثنا عبد الله بن زيدان ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن يحيى بن أبي بكير ، حدّثنا يحيى بن أبي بكير ، عن عمرو ، عن جابر.

[في قوله تعالى](وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) لعيسى بن مريم قال : معلما ومؤدبا وحنانا. قال : ورحمة وزكاة قال : طاهرا من الذنوب (٢).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنبأنا حمزة بن يوسف ، أنبأنا أبو أحمد بن عدي (٣) ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن (٤) يحيى بن أبي بكير ، حدّثنا عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي حفص (٥)(وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) قال : عيسى بن مريم ، قال : معلّما ومؤدبا وحنانا ، قال : ورحمة وزكاة قال : وطاهرا من الذنوب.

قال : وحدّثنا أبو سنان مثله عن عمرو بن مرة ، عن الربيع بن خثيم (٦) ، عن ابن مسعود عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) سورة مريم ، الآية : ٣١.

(٢) راجع تفسير القرطبي ١١ / ١٠٣ في تفسير الآية ٣١ من سورة مريم.

(٣) رواه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال ٥ / ١٣٠ في ترجمة عمرو بن شمر الجعفي.

(٤) كذا جاء السند بالأصل والذي في الكامل لابن عدي :

حدثنا عبد الله بن محمّد بن ناجية ، ثنا محمّد بن عبد الله بن محمّد بن يحيى بن أبي بكير ، ثنا جدي يحيى بن أبي بكير.

(٥) غير واضحة بالأصل ، ونميل إلى قراءتها : «أبي جعفر» والمثبت عن ابن عدي.

(٦) الأصل :» خيثم» ، وفي ابن عدي : «خيثمة».

٣٦٠