تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٥

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٥

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربع مائة رجل ، أو أربع مائة أهل بيت من الأزد فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «مرحبا بالأزد أحسن الناس وجوها ، وأشجعهم قلوبا ، وأطيبهم أفواها ، وأعظمهم أمانة ، شعاركم يا مبرور» [٩٨٦٠].

قال : ونا ابن عدي (١) ، نا أبو الفياض واثلة بن الحسن الأنصاري بعرفة ، نا يحيى بن عثمان ، نا عمر بن صالح ، عن أبي جمرة ، عن ابن عباس قال :

أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقتل ستة في الحرم ، أو قال خمسة ـ الشك من أبي جمرة ـ الحدأة ، والغراب ، والحية ، والعقرب ، والفأرة ، والكلب العقور [٩٨٦١].

قال ابن عدي : وعمر بن صالح له غير ما ذكرت من الحديث يسير عن أبي جمرة ، وعامة ما يرويه غير محفوظ.

أخبرنا أبو القاسم محمود بن الحسن (٢) بن أحمد ـ بتبريز ـ أنا أبو الفضائل محمّد بن أحمد بن عمر بن الحسن ، نا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ، نا محمّد بن إبراهيم ، نا محمّد بن الحسن (٣) بن قتيبة ، نا صفوان بن صالح البصري ، نا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيّب ، قال :

قال عمر بن الخطّاب (٤) : ادعوا لي عياضا ، فدعي له ، فقال : حدّثنا حديث بني الصّبغاء ، فقال : يا أمير المؤمنين انتحيت حيّا من أحياء العرب في الجاهلية فأثريت فيهم من المال ، فوثب عليّ بنو أم عشرة يريدون أخذ مالي ، فناشدتهم الله والجوار ، فأبوا عليّ إلّا أخذه ، فأنظرتهم حتى دخل شهر الله الأصم رجب ، وكانت الجاهلية تعظمه ويؤخرون مظالمهم إليه ، فيدعون على ظالمهم فيستجاب لهم ، وكانوا يسمونه شهر مضر ، فلمّا دخل رجب ، قلت : اللهمّ إني أدعو دعاء جاهدا على بني الصبغاء ، فلا تبق منهم أحدا إلّا واحدا ، اكسر منه الساق فذره قاعدا ، أعمى إذا قيد عنّى القائدا (٥) ، قال : فبينما هم في بئر لهم

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) ما بين الرقمين سقط من م.

(٣) ما بين الرقمين سقط من م.

(٤) الخبر في سيرة ابن إسحاق ص ٨ بين عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس.

(٥) كذا بالأصل وم و «ز» ، وقد ورد في سيرة ابن إسحاق أربعة شطور رجز ، وفيها :

اللهم أدعوك دعاء جاهدا

اقتل بني الصبغاء إلا واحدا

ثم اضرب الرجل فذره قاعدا

أعمى إذا ما قيد عنا القائدا

٨١

يحفرونها إذ انهارت بهم ، فأخرجوا تسعة موتى والعاشر قد ذهب بصره ، وانكسر ساقه ، فقالوا : سبحان الله ـ يا أمير المؤمنين ـ ما أعجب هذا ، قال : إنّ الله كان يستجيب لأهل الجاهلية ليدفع بعضهم عن بعض ، وإنّ الله جعل موعدكم الساعة ، (وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ)(١).

أخبرنا أبو القاسم الواسطي ، أنا أبو بكر الخطيب.

[ح](٢) وحدّثني أبو عبد الله البلخي ، أنا أبو منصور محمّد بن الحسين بن هريسة ، قالا : أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن غالب ، أنا أبو يعلى حمزة بن محمّد ، نا محمّد بن إبراهيم بن شعيب ، نا محمّد بن إسماعيل البخاري قال :

عمر بن صالح أبو حفص الأزدي البصري ، عن أبي جمرة ، وسعيد بن أبي عروبة ؛ منكر الحديث ، ولم يذكره البخاري في التاريخ.

أخبرنا أبو الحسين القاضي ـ إذنا ـ وأبو عبد الله الخلّال ـ شفاها ـ قالا : أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنا أبو طاهر ، أنا علي.

قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم (٣) قال :

عمر بن صالح الأزدي الأوقص روى عن أبي جمرة ، وسعيد بن أبي عروبة ، وأيوب وابن عون ، روى (٤) عنه محمّد بن المصفى ، سألت أبي عنه فقال : ضعيف الحديث ، وقال : هو بصري سكن دمشق ، ليس بقوي ، وكان إبراهيم بن موسى يحمل عليه ، روى عن أبي جمرة منكرات.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنا أبو عمرو الفارسي ، أنا أبو أحمد بن عدي (٥) قال : عمر بن صالح بصري ، يكنى أبا حفص ، يروي عن أبي

__________________

(١) سورة القمر ، الآية : ٤٦.

(٢) «ح» حرف التحويل مكانه بياض في الأصل ، واستدرك عن م و «ز».

(٣) الجرح والتعديل ٦ / ١١٦.

(٤) بالأصل : «وأيوب بن روى» والمثبت والزيادة عن «ز» ، والجرح والتعديل ، وفي م : «وأيوب ... بن عون روى».

(٥) الخبر في الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ٥ / ٢٩.

٨٢

جمرة (١) ، متروك الحديث ، قال لنا ابن حمّاد : قاله أحمد بن شعيب.

قال : وأنا أبو أحمد (٢) ، نا محمّد بن منير ، نا أبو إسماعيل الترمذي ، نا عمر بن حفص الثقفي ، نا عمر بن صالح أبو حفص البصري.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم ، وأبو يعلى حمزة بن علي ، قالا : أنا سهل بن بشر ، أنا علي بن منير ، أنا الحسن بن رشيق ، نا أبو عبد الرّحمن النّسائي ، قال : عمر بن صالح يروي عن أبي جمرة ، متروك الحديث.

أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي ، أنا أبو بكر الصّفّار ، أنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنا أبو أحمد الحاكم قال (٣) :

أبو حفص عمر بن صالح الأزدي البصري عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي ، وسعيد بن أبي عروبة ، ليس بالقوي عندهم.

٥٢٢٥ ـ عمر بن صالح بن عثمان بن عامر

أبو حفص المرّي الجدياني (٤)

حدّث عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني (٥) ، وبكر بن حفص ، وأبي يعلى حمزة بن حراش (٦) الهاشمي.

روى عنه : أبو الحسين الرازي ، وعبد الوهّاب الكلابي.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ مشافهة ـ أنا أبو علي الحسين بن أحمد بن المظفر بن أبي حريصة ، أنا أبو نصر بن الجبّان ، أنا عبد الوهّاب بن الحسن بن الوليد الكلابي ـ من

__________________

(١) بالأصل ، وم ، و «ز» ، وابن عدي : حمزة ، تصحيف.

(٢) الكامل لابن عدي ٥ / ٣٠.

(٣) الأسامي والكنى للحاكم النيسابوري ٣ / ٢٥٩ رقم ١٣٣٤.

(٤) ترجمته في معجم البلدان (جديا) ، والأنساب (الجدياني) والاكمال لابن ماكولا (الجدياني) ٣ / ٢٢.

والجدياني نسبة إلى جديا : بفتحتين وباء وألف مقصورة ، من قرى دمشق ، وهم يسمونها الآن جديا بكسر أوله وتسكين ثانيه (معجم البلدان).

(٥) في م و «ز» : الجرجاني.

(٦) كذا بالأصل وم و «ز» : حراش ، بالحاء المهملة ، وفي مصادر ترجمة عمر بن صالح المذكور : «خراش» بالخاء المعجمة.

وقد تقدمت ترجمة حمزة في كتابنا ١٥ / ١٩٩ برقم ١٧٥٣ حمزة بن حراش ، بالحاء المهملة.

٨٣

كتابه ـ نا أبو حفص عمر بن صالح بن عثمان بن عامر المرّي الجدياني ـ بقرية جديا ـ سنة عشرين وثلاثمائة ، نا أبو يعلى حمزة بن خراش الهاشمي ، قال (١) :

كان لأبي بضع (٢) عشرة ولدا وكنت أصغرهم ، قال : فمرّ به عبد الله القشيري فسلّم عليه ، فردّ عليه‌السلام ، فقال له : امسح يدك برأس ابني ، فمسح بيده على رأسي ودعا بالبركة ، فقال له أبي : أفد ابني ، فقال القشيري : حدّثني أنس بن مالك قال : كنت أحجب (٣) النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسمعته يقول : «اللهم أطعمنا من طعام الجنّة» ، قال : فأتي بلحم طير مشوي ، فوضع بين يديه فقال : «اللهم ائتنا بمن تحبه ويحبّك ويحبّ نبيّك ويحبّه نبيّك».

قال أنس : فخرجت فإذا علي عليه‌السلام بالباب ، قال : فاستأذنني فلم آذن له ، قال أبو حفص الجدياني : أحسب أنه قال : ثلاثا ، فدخل بغير إذني فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما الذي بطأ بك يا علي؟ قال : يا رسول الله جئت لأدخل فحجبني أنس ، قال : «يا أنس لم حجبته؟ قال : يا رسول الله لمّا سمعت الدعوة أحببت أن يجيء رجل من قومي فتكون له ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يضر الرجل محبة قومه ما لم يبغض سواهم» [٩٨٦٢].

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا (٤) قال :

أما الجدياني بالجيم والياء المعجمة باثنتين من تحتها فهو : عمر بن صالح بن عثمان بن عامر المرّي أبو حفص الجدياني من قرية يقال لها جديا ، سمع منه عبد الوهّاب بن الحسن الكلابي بقريته ، يروي عن أبي يعلى حمزة بن حراش (٥) الهاشمي.

قرأت بخط أبي الحسن العطار ، وذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمية من كتب عنه في قرى دمشق : أبو حفص عمر بن صالح بن عثمان بن عامر المرّي من أهل قرية يقال لها جديا ، مات في سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة.

__________________

(١) تقدم الحديث في ترجمة أبي يعلى حمزة بن حراش ١٥ / ٢٠٠ رقم الحديث ٣٧٣١.

(٢) كذا بالأصل ، و «ز» ، وم : «بضع عشرة» والصواب : «بضعة عشر».

(٣) كذا بالأصل ، وم ، و «ز» ، والمختصر ، وفي ترجمة حمزة : أصحب.

(٤) الاكمال لابن ماكولا ٣ / ٢٢.

(٥) في الاكمال : خراش ، بالخاء المعجمة.

٨٤

حرف الضّاد : فارغ

حرف الطاء

[في أسماء آباء من اسمه عمر]

٥٢٢٦ ـ عمر بن طويع اليزني (١)

أخو معاوية بن طويع ، من أهل داريا.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو القاسم بن عتّاب ، أنا أحمد بن عمير ـ إجازة ـ.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي ، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد ، أنا أبو الحسن الرّبعي ، أنا عبد الوهّاب الكلابي ، أنا أحمد بن عمير ـ قراءة ـ قال : سمعت أبا الحسين بن سميع يقول في الطبقة الرابعة : عمر بن طويع اليزني دمشقي.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتّاني ، أنا أبو الحسن الطّبراني ، أنا عبد الجبار بن مهنّى الخولاني ، قال (٢) : معاوية بن طويع ، وعمر بن طويع اليزنيان من ساكني داريا ، وأولادهم بها إلى اليوم.

__________________

(١) تاريخ داريا ص ٨٠.

(٢) رواه الخولاني في تاريخ داريا ص ٨٠.

٨٥

حرف الظاء : فارغ

حرف العين

في آبائهم

٥٢٢٧ ـ عمر بن عاصم بن محمّد بن الوليد بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس

ابن عبد مناف بن قصيّ القرشي العبشمي

من أهل دمشق ، وكان من أجواد قريش.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن رشأ بن نظيف ، ونقلته من خطه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم (١) بن الحسين بن محمّد بن سيبخت البغدادي ، نا أبو بكر محمّد بن يحيى بن العباس ، حدّثني عون بن محمّد ، عن أبيه ، عن أبي الأصبغ محمّد بن سماعة الضمري ، عن علي بن أبي جميلة (٢) قال :

أدركت بدمشق رجلين يقصدان ويغشيان : عمر بن عاصم بن محمّد بن الوليد بن عتبة بن ربيعة ، وعبد الرّحمن بن الحكم.

وكان عبد الرّحمن قد ولي لمعاوية خراسان فحمى لنفسه نفقة مائة سنة لكلّ يوم مائة دينار ، فما ناله حتى غاله بعض عبيده ، وكان يقول لطبّاخه : إن كان طعامي لا يطيب إلّا أن يسحق الذهب عليه فاسحقه عليه.

وتغدى يوما عند عبد الملك ، فقال له عبد الملك : كيف ترى طعامنا؟ فقال : إنه ابن نارين يا أمير المؤمنين ، فدعا عبد الملك الطّبّاخ فسأله فقال : تأخّرت عن الطعام فبرد فسخّنته.

__________________

(١) «ابن إبراهيم» ليستا في «ز».

(٢) كذا بالأصل و «ز» : «جميلة» وفي م : «حيلة» وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى أن الصواب : حملة.

٨٦

كذا قال ، والصواب ابن أبي حملة ، وقد سقط بينه وبين أبي الأصبغ ضمرة بن ربيعة ، ولا بد منه.

٥٢٢٨ ـ عمر بن عبد الله بن جعفر

أبو الفرج الرّقّي الصّوفي

قدم دمشق سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة ، وحدّث بها ، وبالرّقّة عن أبي الحسن الدار قطني ، وأبي الحسين محمّد بن أحمد بن محمّد بن خلف بن أبي المعتمر ، ويوسف بن عثمان بن مسرور القوّاس ، وأبي القاسم بن حبابة البزّاز ، وعبد الوهاب الكلابي ، وأبي بكر أحمد بن محمّد بن يوسف التّمّار ، وأبي طاهر المخلّص ، وأبي الحسين أحمد بن علي بن عبيد الله بن أبي أسامة الحلبي ، وأبي إسحاق إبراهيم المروزي ـ نزيل مكة ـ وأبي حفص بن شاهين ، وأبي الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس المكي ، وأبي الحسن ثابت بن محمّد بن ثابت الإصطخري.

روى عنه : أبو بكر الكتاني ، وأبو عبد الله محمّد بن علي بن أحمد بن المبارك الفراء السلمي ، وأبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد بن جعفر البلخي السّمنجاني ، وأبو غانم عبد الرزّاق بن عبد الله بن المحسن بن أبي حصين التنوخي المقرئ.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو الفرج عمر بن عبد الله بن جعفر الرقي قدم علينا قراءة عليه ، نا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدار قطني الحافظ ، نا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، نا عيسى بن يونس الفاخوري ، وأبو عمير عيسى بن محمّد بن النّحّاس الرمليان ، قالا : نا ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نضّر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وبلّغها ، فربّ حامل فقه غير فقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يغلّ عليهن قلب امرئ مؤمن : النصيحة لله ولرسوله ، ولكتابه ، ولعامة المسلمين» [٩٨٦٣].

أخبرناه عاليا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الغنائم بن المأمون ، أنا أبو الحسن الدار قطني ، فذكر بإسناده مثله سواء إلّا أنه قال : قلب امرئ مسلم ، وقال عيسى بن محمّد النحاس ولم يقل : ابن (١).

__________________

(١) يعني : ابن النحاس.

٨٧

٥٢٢٩ ـ عمر بن عبد الله بن الحسن بن المنذر

أبو حفص الأصبهاني

حدّث ببعلبك عند الفندق الكبير عن محمّد بن عبيد الله بن العلاء الكاتب البغدادي ، وأبي عبد الله المحاملي.

كتب عنه بعض أهل بعلبك.

٥٢٣٠ ـ عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة ذي الرّمحين

واسمه عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم

ابن يقظة بن مرة بن كعب

أبو الخطّاب القرشي المخزومي الشاعر (١)

وكان اسم عبد الله بحيرا ، فسماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

شاعر مشهور مجيد من أهل مكة.

وفد على عبد الملك بن مروان ، وعلى عمر بن عبد العزيز.

أدرك عمر بن الخطّاب.

وروى عن سعيد بن المسيّب ، قوله :

روى عنه مصعب بن شيبة وعطّاف بن خالد.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار (٢) ، قال :

وعمر بن عبد الله بن أبي ربيعة ، وأمّه مجد ، أم ولد ، يمانية. وهو الشاعر ، وكان

__________________

(١) ترجمته وأخباره في : جمهرة ابن حزم ص ١٤٧ ونسب قريش للمصعب ص ٣١٩ الأغاني ١ / ٦١ والشعر والشعراء ٢ / ٥٥٣ (وفي نسخة ص ٤٥٧) وفيات الأعيان ٣ / ٤٣٦ والوافي بالوفيات ٢٢ / ٤٩٢ وسير أعلام النبلاء ٤ / ٣٧٩ وأعاده في ٥ / ١٤٩ وخزانة الأدب ١ / ٢٣٨ (وفي نسخة ٢ / ٣٢) والأمالي للقالي (الفهارس) ، شذرات الذهب ١ / ١٠١ وديوانه (طبعة بيروت).

وسمي جده بذي الرمحين لطوله ، كان يقال : كأنه يمشي على رمحين.

(٢) راجع نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٣١٩.

٨٨

لعمر بن عبد الله بن أبي ربيعة ابن يقال له جوان ، وفيه يقول عمر (١) :

جوان شهيدي على حبّها

أليس بعدل عليها جوان

أخبرنا أبو الغنائم بن النّرسي في كتابه ، ثم حدّثنا أبو الفضل البغدادي ، أنا أبو الفضل ، وأبو الحسين ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد الغندجاني ـ زاد أبو الفضل : ومحمّد بن الحسن قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل قال (٢) :

عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي روى ابن جريج ، نا مصعب بن شيبة ، سمع عمر : كنا نجمع (٣) مع نافع بن عبد الحارث في الحجر ، وروى عطّاف عن عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة عن ابن المسيّب قوله ، حديثه في أهل الحجاز.

في الأصل نافع بن عبد بن الحارث ، وهو خطأ.

أنبأنا أبو الحسين الأبرقوهي ، وأبو عبد الله الأديب ، قالا : أنا أبو القاسم العبدي ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي.

قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم (٤) قال :

عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي ، روى عن سعيد بن المسيّب ، قوله ، روى ابن جريج عن مصعب بن شيبة عنه ، وروى عنه عطّاف بن خالد ، سمعت أبي يقول ذلك.

أنبأنا أبو علي محمّد بن سعيد بن إبراهيم ، ثم أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أحمد بن الحسن ، ومحمّد بن إسحاق بن مخلد ، ومحمّد بن سعيد.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أحمد بن الحسن ، قالوا : أنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم ، أنا محمّد بن الحسن بن مقسم ، نا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب ، نا

__________________

(١) البيت ليس في ديوانه ، والبيت في الأغاني ١ / ٦٩ ونسبه للعرجي قاله في جوان.

(٢) التاريخ الكبير للبخاري ٦ / ١٦٨.

(٣) كذا بالأصل ، وم ، و «ز» ، والتاريخ الكبير ، ولعله : نجتمع.

(٤) الجرح والتعديل ٦ / ١١٩.

٨٩

ابن شبيب ، نا محمّد بن سلّام ، قال : وحدّثني محمّد بن الحارث ، قال : دخل ابن أبي ربيعة على عبد الملك قال : ما بقي من فسقك يا ابن ربيعة؟ قال : بئست تحية الشيخ ابن عمه على بعد المزار.

قرأت بخط الحسين بن الحسن بن علي بن ميمون الربعي ، أنا عبد الله بن عطية ، أنا أبو علي محمّد بن القاسم بن معروف ، أخبرني علي بن بكر ، عن ابن الخليل ، عن عمرو بن زيد قال :

دخل ـ يعني عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة ـ على عبد الملك فقال له عبد الملك : أيا فاسق ، فقال : بئس تحية ابن العم على شحط المزار ، وبعد الدار ، فقال : أيا أفسق الفاسقين ، أوليس قد علمت قريش أنك أطولها صبوة وأبعدها توبة ، أولست القائل (١) :

ولو لا أن تعنفني قريش

مقال الناصح الداني الشفيق (٢)

لقلت إذا التقينا : قبّليني

ولو كنا على وضح (٣) الطريق

فخرج مغضبا ، فيقال إنّ عبد الملك أتبعه صلة فلم يقبلها ، وسيّره عمر بن عبد العزيز إلى دهلك (٤).

وكان يقال : من أراد رقة النسيب والغزل فعليه بشعر عمر بن أبي ربيعة.

وقد روي عنه أنه حلف : أنه ما رأى فرجا حراما قط ، وقيل : إنّما دخل على عبد الملك بالحجاز.

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ، أنا أبو يعلى بن الفراء ، أنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل ، أنا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي ، نا أبو عكرمة عامر بن عمران بن زياد الضّبّي ، أنا الحرمازي أبو علي الحسن بن علي ، عن يونس النحوي قال :

__________________

(١) من أربعة أبيات في ديوانه ط : بيروت ص ٢٨٣.

(٢) عجزه في الديوان : وقول الناصح الأدنى الشقيق.

(٣) الديوان : ظهر الطريق.

(٤) دهلك : بفتح أوله وسكون ثانيه ولام مفتوحة ، جزيرة في بحر اليمن ، وهو مرسى بين بلاد اليمن والحبشة ، بلدة ضيقة حارة كان بنو أمية إذا سخطوا على أحد نفوه إليها (معجم البلدان).

٩٠

قدم عبد الملك بن مروان حاجّا فتلقّاه (١) عمر بن أبي ربيعة فيمن تلقّاه ، فقال له عبد الملك مرحبا بفاسق قريش ، فقال عمر : بئس تحية ابن العم بعد طول العهد ، فقال عبد الملك : لئن كنت أسأت لك القول لأحسننّ لك الفعل ، اكتب حوائجك .... (٢) ، فراح بها إليه مع الظهر المبكرة وحوائجه في كمه مكتوبة ، فأعلمه الحاجب مكانه ، فأذن له ، فدخل فإذا هو مستلق وعند رأسه جارية ، وعند رجله أخرى يغمزانه ، لم ير مثلهما حسنا ، فسلّم ، فقال له عبد الملك : هات حوائجك أبا الخطاب ، فقال : حاجتي أن يتق الله أمير المؤمنين ، أنا أكثر أهل مكة مالا ، وأقلهم عيالا ، وأكثرهم عينا ، وأقلهم دينا ، قال : فبارك (٣) الله لك ، فانصرف من عنده فمرّ بالحاجب ، فقال : ما صنعت؟ فقال : أقعد الشمس عند رأسه والقمر عند رجليه ، وقال : تعالوا ، تعاقروا ، كلّا والله لتمسكنا أحسابنا ، فدخل الحاجب ، فأخبر عبد الملك ، فضحك وقال : ردّه فأنفذ حوائجه.

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا أبو علي محمّد بن الحسين ، أنا المعافي بن زكريا (٤) ، نا محمّد بن القاسم الأنباري ، نا محمّد بن المرزبان ، نا أبو عبد الرّحمن الجوهري ، نا عبد الله بن الضحاك ، أنا الهيثم بن عدي ، عن عوانة بن الحكم ، فذكر حكاية في وفادة الشعراء على عمر بن عبد العزيز وفيها قال ـ يعني عمر بن عبد العزيز ـ ويحك يا عدي (٥) من بالباب منهم؟ قال : عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة ، قال : أليس هو الذي يقول (٦) :

ثم نبّهتها فهبّت (٧) كعابا

طفلة ما تبين رجع الكلام

ساعة ثم إنّها بعد (٨) قالت :

ويلتا ، قد عجلت يا ابن الكرام

أعلى غير موعد جئت تسري

تتخطا إليّ رءوس النيام

__________________

(١) في «ز» : فالتقاه.

(٢) رسمها بالأصل : «ومحربها» ومثلها في م ، وفي «ز» : وهجر بها.

(٣) في م و «ز» : يبارك.

(٤) الخبر بطوله رواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ١ / ٢٥١ وما بعدها.

(٥) يريد : عدي بن أرطاة الفزاري.

(٦) الأبيات في الجليس الصالح الكافي ١ / ٢٥٣ وفي الديوان ط بيروت ص ٤١٨ البيتان الأول والثاني فقط.

(٧) الديوان : فمدت.

(٨) الديوان : ثم إنها لي قالت.

٩١

ما تجشمت ما يزين من الأمر

ولا جئت طارقا لخصام

فلو كان عدوّ الله إذ فجر كتم على نفسه ، لا يدخل والله عليّ أبدا ، وذكر تمام الحكاية وقد تقدمت.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمّد ، أنا أبو سليمان الخطابي قال : وأخبرني ابن الفارسي ، حدّثني بعض شيوخنا عن الزبير بن بكار (١) قال : كان عمر بن أبي ربيعة عفيفا يصف ويقف ويحوم ولا يرد (٢).

أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البنّا ، قالا : أنا أبو الغنائم محمّد بن علي بن الحسن بن الدّجاجي ، أنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل المعدل ، أنا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي ، نا أحمد بن أبي خيثمة ، أنا الزبير بن بكّار (٣) ، نا عبد الجبار بن سعيد ، عن أبيه عن مسلم بن وهب مولى بني عامر بن لؤي ، عن أبيه قال :

خرجت مع نوفل بن مساحق ويدي في يده ، وهو يريد المسجد ، فسلّم على سعيد بن المسيّب فردّ عليه ثم قال : من أشعر صاحبنا أو صاحبكم؟ يريد عبيد الله بن قيس الرقيات (٤) وعمر بن أبي ربيعة ، قال : حين يقولان ما ذا؟ فإن صاحبنا قال في فنون الشعر وصاحبكم قال في النسيب ، قال حين يقول (٥) :

__________________

(١) الخبر في الأغاني ١ / ١١٩ ببعض اختلاف.

(٢) كتب بعدها في م :

آخر الجزء الثاني والسبعين بعد الثلاثمائة من الأصل وهو آخر الجزء الثاني والثلاثين بعد الخمسمائة من الفرع.

وكتب في «ز» :

آخر الجزء الثاني والسبعين بعد الثلاثمائة من الأصل ، وهو آخر الجزء الثالث والثلاثين بعد الخمسمائة من الفرع.

بلغت سماعا بقراءتي على الشيخ العالم الأصيل زين الأمناء أبي البركات بن هبة الله أبقاه الله بسماعه من عمه الحافظ وما ألحق به بعد السماع فبإجازته ... ابن سليمان بن عبد الله بن عبد الملك الرندي ، وكتب محمّد بن يوسف بن محمّد البرزالي بالأصل ، وصح ذلك في مجلسين آخرهما يوم الخميس السادس والعشرين من جمادى الآخرة ... وستمائة بالمسجد الجامع من دمشق حرسها الله وسمع المجلس الأول حسب الشيخ بن محمّد التلمساني الحاج الغافقي وصح له ذلك ، وقد بلغت موضع ...

(٣) راجع الخبر في الأغاني ١ / ١١٣.

(٤) في الأغاني : «عبد الله بن قيس».

(٥) الأبيات لعمر بن أبي ربيعة ، ديوانه ط بيروت ص ٢٣٣ والأغاني ١ / ١١٣.

٩٢

خليلي ما بال المطايا كأنّما

نراها على الأدبار بالقوم تنكص (١)

وقد أتعب الحادي سراهنّ وانتحى

بهن فما يلوي (٢) عجول مقلّص

وقد قطعت أعناقهن صبابة

فأنفسها (٣) مما تكلّف شخّص

يزدن بنا قربا فيزداد شوقنا

إذا زاد طول العهد والقرب (٤) ينقص

فليقل صاحبكم بعد هذا ما شاء ، فلما انقضى ما بينهما عقد سعيد باصبعه فاستغفر مائة مرة.

كذا قال ، وإنما هو عن أبيه عن سعيد بن مسلم بن جندب ، وقد تقدمت الحكاية في ترجمة عبيد الله بن قيس الرقيات.

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله السلمي ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا القاضي (٥) ، نا علي بن محمّد بن الجهم أبو طالب الكاتب ، نا عمر بن شبّة ، حدّثني أبو يحيى الزهري ، نا ابن أبي ثابت ، أخبرني أبو سيّار عن عمر الركاء (٦) قال :

بينا ابن عباس في المسجد الحرام وعنده ابن الأزرق وناس من الخوارج يسائلونه (٧) إذ أقبل عمر بن أبي ربيعة في ثوبين مصبوغين مورّدين أو ممصّرين.

قال القاضي : الممصرين اللذان فيهما صفرة يسيرة (٨) ، حتى سلّم وجلس ، فأقبل عليه ابن عبّاس فقال : أنشدنا ، فأنشده (٩) :

أمن آل نعم أنت غاد فمبكر

غداة غد أو رائح فمهجّر

__________________

(١) أي ترجع على أعقابها.

(٢) الديوان والأغاني : يألو.

(٣) الديوان والأغاني : فأنفسنا مما يلاقين شخص.

(٤) الديوان والأغاني : والبعد ينقص.

(٥) رواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ٤ / ١٨٤ وما بعدها ، والأغاني ١ / ٧٢ وما بعدها.

(٦) كذا بالأصل ، وم ، و «ز» ، والأغاني ، وفي الجليس الصالح : البركا.

(٧) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الجليس الصالح والأغاني : يسألونه.

(٨) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الجليس الصالح : يسير.

(٩) البيت في ديوانه ١٢٨ وهو مطلع قصيدة طويلة ، والأغاني والجليس الصالح.

٩٣

حتى أتى على آخرها ، فأقبل عليه ابن الأزرق فقال : الله يا ابن عبّاس إنّا لنضرب إليك أكباد المطيّ من أقاصي الأرض لنسألك عن الحلال والحرام فتثاقل علينا ، ويأتيك مترف من مترفي قريش فينشدك :

رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت

فيخزى وأما بالعشيّ فينخصر (١)

فقال ابن عباس : ليس هكذا قال ، قال : فكيف قال؟ قال :

رأت رجلا اما إذا الشمس عارضت

فيضحى وأما بالعشيّ فيخصر (٢)

قال : ما أراك إلّا قد حفظت البيت ، قال : نعم ، وإن شئت أنشدك القصيدة أنشدتكها ، قال : فإنّي أشاء ، فأنشده القصيدة حتى جاء على آخرها ، قال : ثم أقبل على ابن أبي ربيعة فقال : أنشد فقال :

تشطّ غدا دار جيراننا (٣)

فقال ابن عباس :

وللدار بعد غد أبعد

فقال : كذلك قلت ، أصلحك الله ، أسمعته؟ قال : لا ، ولكن كذلك ينبغي.

قال القاضي : وقد روى بعض الرواة بيت ابن أبي ربيعة فقال : إنما (٤) إذا الشمس وإنما (٥) بالعشي وهي لغة معروفة ، وقوله يضحى معناه يمسه الحر ، وقيل تعلوه الشمس وهو ضاح لها غير مستتر منها ، والضحّ : الشمس ، والعرب تقول الضّحّ والدّحّ (٦) ، وروي أن عبد الله بن عمر رأي رجلا قد استظل من الشمس وهو محرم فقال : أضح لمن أحرمت له ، ومن هذا قول الله عزوجل : (وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى)(٧) ألا لا يصيبك فيها حر ولا تعلوك شمس ، وقد قال جلّ اسمه في أهل الجنّة : (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً)(٨)

__________________

(١) في الجليس الصالح والأغاني : فيخسر.

(٢) بهذه الرواية البيت في الديوان ص ١٣٠.

(٣) بالأصل وم : «نشط غد دار جيراننا».

والمثبت عن «ز» ، وهو مطلع قصيدة في ديوانه ص ٩٥ قالها في فاطمة بنت محمّد بن الأشعث.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : «انما» وفي الجليس الصالح : أيما.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : «انما» وفي الجليس الصالح : أيما.

(٦) بالأصل وم و «ز» : «والريح» والمثبت عن الجليس الصالح.

(٧) سورة طه ، الآية : ١١٩.

(٨) سورة الإنسان ، الآية : ١٣.

٩٤

والزمهرير : البرد الشديد ، ومن وقى أذاها فقد أنعم عليه قال الأعشى (١) :

مبتلة الخلق مثل المهاة

لم تر شمسا ولا زمهريرا

وقد زعم بعضهم أن الزمهرير من أسماء القمر ، وأنشد في هذا المعنى :

وليلة فيها الظلام معتكر

قطعتها والزمهرير ما زهر

وأما الخصر فإنه البرد ، يقال : قد خصر الرجل يخصر إذا أصابه البرد ، كما قال الفرزدق (٢) :

إذا أنسوا نارا يقولون ليتها

وقد خصرت أيديهم نار غالب

يقال : ماء خصر أي بارد ، كما قال امرؤ القيس (٣) :

فلما استظلوا (٤) صبّ في الصحن نصفه

وجاءوا (٥) بنصف غير طرق ولا كدر

بماء سحاب زلّ عن ظهر (٦) صخرة

إلى بطن أخرى طيّب ماؤها خصر

قال بعضهم : هذا أحسن ما قيل في صفة الماء ، وقال قائلون : بل أحسن ما قيل في صفة الماء أبيات أتت في خبر حدّثناه أبو بكر بن الأنباري لم يحضرني إسناده ، وقد ذكرته في بعض مجالسنا هذه ، وغيرها ، وهو أنه ذكر أن عاتكة المرّية عشقت ابن عمّ لها فأرادها عن نفسها فأنشأت تقول :

ما برد ماء أيّ ماء تقوله

تنزّل (٧) من غرّ طوال الذوائب

بمنحدر من بطن واد تقابلت

عليه رياح الصيف من كلّ جانب

ترقرق (٨) ماء المزن فيهنّ والتقت

عليهنّ أنفاس الريح الغرائب

__________________

(١) البيت في ديوانه ص ٦٨.

(٢) البيت في ديوانه ١ / ٢٩.

(٣) البيتان في ديوان امرئ القيس ط بيروت ص ١٠٠.

(٤) الديوان : فلما استطابوا ...

(٥) الديوان : وشجت بماء غير طرق.

(٦) الديوان : متن.

(٧) بالأصل : «ما برد ماء أي ما هو له تنزله» وفي م : تنزل.

وفي «ز» : وما برد ماء الصيف ما تقوله تنزل.

والمثبت عن الجليس الصالح.

(٨) الأصل : «يرقون» ، وفي «ز» : «يزفون» والمثبت عن م والجليس الصالح.

٩٥

نفت جرية الماء القذى عن متونه

فليس به عيب يحسّ لشارب

بأحسن ممن يقصر الطرف دونه

تقى الله واستحياء بعض العواقب

وفي نسخة : واستحياء ما في العواقب (١).

أنبأنا أبو الحسن بن العلّاف ، ثم أخبرني أبو المعمر الأنصاري عنه.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن أبي جعفر ، وأبو الحسن بن العلّاف ، قالا : أنا أبو القاسم عبد الملك بن محمّد ، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي ، أنا محمّد بن جعفر الخرائطي ، حدّثني أبو يوسف الزهري ـ يعني يعقوب بن عيسى ـ حدّثني الزبير بن بكّار عن يحيى بن محمّد (٢) قال :

جاء جوان بن عبد الله (٣) بن أبي ربيعة إلى عبد الله (٤) بن زياد وهو إذ ذاك والي المدينة شاهدا فتمثل عبيد الله بن زياد :

شهيدي جوان على حبها

أليس بعدل عليها جوان

فأجاز شهادة جوان وقال : قد أجزنا شهادة من أجازها عمر بن أبي ربيعة.

الصواب : جوان بن عمر بن عبد الله ، وقد أسقط من إسنادها رجلا.

أخبرنا بها على الصواب أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، حدّثني يحيى بن محمّد بن عبد الله بن ثوبان ، حدّثني محمّد بن إسماعيل بن عثمان بن عبد الرّحمن بن أبي ربيعة قال :

جاء جوان بن عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة إلى زياد بن عبيد الله شاهدا ، فقال له زياد : أنت الذي يقول فيك أبوك :

شهيدي (٥) جوان على حبّها

أليس بعدل عليها جوان

__________________

(١) وهي رواية الجليس الصالح المطبوع.

(٢) الخبر في الأغاني ١ / ٦٩.

(٣) كذا بالأصل وم و «ز» ، وسينبه المصنف إلى الصواب في آخر الخبر.

(٤) في الأغاني : زياد بن عبد الله الحارثي.

(٥) بالأصل : شهيد ، والمثبت عن م و «ز».

٩٦

قال : نعم أصلحك الله ، فقال : قد أجزنا شهادة من عدله عمر ، وأجاز شهادته.

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ فيما قرأ عليّ إسناده وناولني إياه وقال اروه عني ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (١) ، حدّثني محمّد بن الحسن بن دريد ، نا أبو حاتم ، عن العتبي ، عن أبيه قال :

ابتنى معاوية بالأبطح مجلسا ، فجلس عليه ومعه ابنة قرظة ، فإذا هو بجماعة على رحال لهم ، وإذا شاب منهم قد رفع عقيرته يتغنى :

من يساجلني يساجل ماجدا

أخضر الجلدة في بيت العرب (٢)

قال : من هذا؟ قالوا : عبد الله بن جعفر قال : خلوا له الطريق فليذهب ، ثم إذا هو بجماعة فيهم غلام يغني (٣) :

بينما يذكرنني أبصرنني

عند قيد الليل (٤) يسعى بي الأغر

قلن : تعرفن الفتى؟ قلن : نعم (٥)

قد عرفناه وهل يخفى القمر

قال : من هذا؟ قالوا : عمر بن أبي ربيعة ، قال : خلوا له الطريق فليذهب ، قال : ثم إذا بجماعة وإذا رجل منهم يسأل ، فقال : رميت قبل أن أحلّق ، وحلّقت قبل أن أرمي ، لأشياء أشكلت عليهم من مناسك الحج ، فقال : من هذا؟ قالوا : عبد الله بن عمر ، فالتفت إلى بنت قرظة فقال : هذا وأبيك الشرف ، هذا والله شرف الدنيا وشرف الآخرة.

قال المعافى : وقد روي من طريق آخر أنه قال : هذا والله الشرف لا ما نحن فيه.

__________________

(١) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٣ / ١٨٠ ـ ١٨١.

(٢) البيت في تاج العروس بتحقيقنا : سجل ، برواية :

من يساجلني يساجل ماجدا

يملأ الدلو إلى عقد الكرب

منسوبا إلى الفضل بن العباس اللهبي.

وقال المعافى بعد أسطر في تعليقه على الخبر : الشعر في هذا الخبر ، المشهور منه أنه للفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب وروايته المعروفة :

وأنا الأخضر من يعرفني

أخضر الجلدة في بيت العرب

من يساجلني يساجل ماجدا

يملأ الدلو إلى عقد الكرب

(٣) البيتان في ديوان عمر بن أبي ربيعة ط بيروت ص ١٨٦.

(٤) عجزه في الديوان : دون قيد الميل يعدو بي الأغر.

(٥) صدره في الديوان : قالت الصغرى ، وقد تيّمتها.

٩٧

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن رشأ بن نظيف المقرئ ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم البغدادي ، نا أبو بكر محمّد بن يحيى بن العباس الصولي ، نا عون ، عن أبيه ، عن الهيثم رفعه.

أن عبد الملك بن مروان بعث إلى عمر بن أبي ربيعة القرشي ، وإلى جميل بن معمر العذري وإلى كثيّر عزّة وبعث إلى ناقة فأوقرها دراهم ودنانير ، ثم قال : لينشدني كل واحد منكم ثلاثة أبيات ، فأيّكم كان أغزل شعرا فله الناقة وما عليها ، فقال عمر بن أبي ربيعة (١) :

فيا ليت أنّي حين تدنو منيتي

شممت الذي ما بين عينيك والفم

وليت طهوري كان ريقك كله

وليت حنوطي من مشاشك والدم

وليت سليمى في المنام ضجيعتي

لدى الجبّة الحمراء أو في جهنّم (٢)

وقال جميل : أنا الذي أقول (٣) :

حلفت يمينا يا بثنية صادقا

فإن كنت فيها كاذبا ، فعميت

حلفت لها بالبدن تدمى نحورها

لقد شقيت نفسي بكم ، وعنيت

ولو أن رامي الموت يرقي جنازتي

بمنطقها في الناطقين حييت (٤)

وقال كثير : أنا الذي أقول (٥) :

بأبي وأمي أنت من معشوقة (٦)

ظفر العدوّ بها فغيّر حالها

ومشى إليّ ببين عزّة نسوة

جعل المليك خدودهنّ نعالها

لو أنّ عزّة خاصمت شمس الضّحى

في الحسن عند موفّق لقضي لها (٧)

__________________

(١) الأبيات في ديوانه ط بيروت ص ٤١٢.

(٢) عجزه في الديوان :

هنالك أم في جنة أم جهنم

(٣) ديوان جميل ط بيروت ص ٢٦.

(٤) روايته في الديوان :

ولو أن داع منك يدعو جنازتي

وكنت على أيدي الرجال حييت

(٥) الأبيات في ديوان كثير ط بيروت ص ١٥٣.

(٦) الديوان : من مظلومة طبن العدو.

(٧) في «ز» : «لقضاها» وبعدها علامة تحويل إلى الهامش ، وكتب عليه : بها.

٩٨

فقال عبد الله : خذ الناقة وما عليها يا صاحب جهنم.

قرأت في كتاب أبي الفرج الأصبهاني (١) ، أخبرني محمّد بن خلف بن المرزبان ، حدّثني أبو علي الأسدي ـ وهو بشر بن موسى بن صالح ـ حدّثني أبي موسى بن صالح ، عن أبي بكر القرشي قال :

كان عمر بن أبي ربيعة جالسا بمنى في فناء مضربه وغلمانه حوله ، إذ أقبلت امرأة برزة (٢) ، عليها أثر النعمة ، فسلّمت فردّ عليها عمر السلام ، فقالت له : أنت عمر بن أبي ربيعة؟ قال : ها أنا هو ، فما حاجتك؟ قالت : حيّاك الله وقرّبك ، هل لك في محادثة أحسن الناس وجها ، وأتمّهن خلقا ، وأكملهن أدبا ، وأشرفهن حسبا ، قال : ما أحبّ إليّ ذلك ، قالت : على شرط. قال : قولي ، قالت : تمكنني من عينيك حتى أشدهما وأقودك حتى إذا توسطت الموضع الذي أريد حللت الشّدّ ، ثم أفعل ذلك بك عند إخراجك حتى أنتهي بك إلى مضربك قال : شأنك ، ففعلت (٣).

قال عمر : فلما انتهت بي إلى المضرب التي أرادت كشفت عن وجهي ، فإذا أنا بامرأة على كرسي لم أر مثلها جمالا وكمالا ، فسلّمت وجلست ، فقالت : أنت عمر بن أبي ربيعة؟ قلت : أنا عمر ، قالت : أنت الفاضح للحرائر؟ قلت : وما ذاك ، جعلني الله فداك؟ ألست القائل (٤) :

قالت : وعيش أخي وحرمة والدي (٥)

لأنبهنّ الحيّ إن لم تخرج

فخرجت خوف يمينها فتبسّمت

فعلمت أنّ يمينها لم تحرج

فتناولت رأسي لتعلم مسّه

بمخضب الأطراف غير مشنّج

فلثمت فاها ، آخذا بقرونها

شرب النزيف ببرد ماء الحشرج

__________________

(١) الخبر بطوله في الأغاني ١ / ١٩٠ وما بعدها.

(٢) المرأة البرزة : البارزة الجمال.

(٣) الأغاني : ففعلت ذلك به.

(٤) الأبيات في الديوان ط بيروت ص ٨٨ والأغاني ١ / ١٩١ ، وقد مرت الأبيات في كتابنا هذا ، في ترجمة جميل بن عبد الله ١١ / ٢٧٣ رقم ١٠٧٤ ونسبها لجميل قال : وتروى لغيره.

والأبيات في ديوان جميل ط بيروت ، وبعضها في الشعر والشعراء ص ٢٦٦ منسوبا لجميل.

(٥) في ديوان عمر : قالت : وعيش أبي وحرمة إخوتي.

٩٩

[قالت :] قم فاخرج ، ثم قامت وجاءت المرأة فشدّت عيني ، ثم أخرجتني حتى انتهت بي إلى مضربي ، وانصرفت وتركتني ، فحللت عيني وقد دخلني من الكآبة والحزن ما الله أعلم ، وبتّ ليلتي ، فلما أصبحت إذا أنا بها ، فقالت : هل لك في العود؟ فقلت : شأنك ، ففعلت مثل فعلها بالأمس ، حتى انتهت بي إلى الموضع ، فلما دخلت إذا بتلك الفتاة على كرسيّ ، فقالت : إيها يا فضّاح الحرائر ، فقلت : بما ذا ـ جعلني الله فداك ـ أيضا؟ قالت : بقولك (١) :

وناهدة الثديين قلت لها : اتّكي

على الرمل ، من جبّانة لم توسّد

فقالت : على اسم الله أمرك طاعة

وإن كنت قد كلّفت ما لم أعوّد

فلما دنا الإصباح قالت : فضحتني

فقم غير مطرود ، وإن شئت فازدد

[قالت] قم فاخرج عني ، فقمت ، فخرجت ثم رددت ، فقالت لي : لو لا وشك الرحيل ، وخوف الفوت ، ومحبتي لمناجاتك والاستكثار من محادثتك لأقصيتك ، هات الآن كلّمني وحدّثني وأنشدني ، فكلّمت آدب الناس وأعلمهم بكل شيء ، ثم نهضت وأبطأت العجوز وخلا البيت ، فأخذت أنظر فإذا أنا بتور (٢) فيه خلوق ، فأدخلت يدي فيه ثم خبّأتها في ردني ، ثم جاءت العجوز فشدّت عيني ونهضت بي تقودني ، حتى إذا صرت على باب المضرب أخرجت يدي فضربت بها على المضرب ، ثم صرت إلى مضربي ، فدعوت غلماني ، فقلت : أيكم يقفني على باب مضرب عليه خلوق كأنه أثر كفّ ، فهو حرّ وله خمسمائة درهم ، فلم ألبث أن جاء بعضهم فقال : قم ، فنهضت معه ، فإذا أنا بالكفّ طرية ، فإذا المضرب مضرب فاطمة بنت عبد الملك بن مروان ، فأخذت في أهبة الرحيل.

فلما نفرت نفرت معها ، فبصرت في طريقها بقباب ومضرب وهيئة جميلة ، فسألت عن ذلك فقيل لها : هذا عمر بن أبي ربيعة فساءها أمره ، وقالت للعجوز التي كانت ترسلها إليه : قولي له نشدتك الله والرحم إن فضحتني (٣) ويحك ، ما شأنك؟ وما الذي تريد؟ انصرف ولا تفضحني وتشيط بدمك (٤) ، فصارت إليه العجوز فأدّت إليه ما قالت لها فاطمة ، فقال : لست

__________________

(١) الأبيات في ديوان عمر ط بيروت ص ١٢١.

(٢) التور : إناء صغير ، والخلوق : نوع من الطيب.

(٣) الأغاني : أن تصحبني.

(٤) وتشيط بدمك ، يقال : أشاط دمه وبدمه : أهدره وعرّض نفسه للقتل.

١٠٠