تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٥

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٥

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

بمنصرف أو توجّه إليّ بقميصها الذي يلي جلدها ، فأخبرتها ، ففعلت ووجّهت إليه بقميص من ثيابها ، فزاده ذلك شغفا ، ولم يزل يتبعهم لا يخالطهم ، حتى إذا صاروا على أميال من دمشق انصرف وقال في ذلك (١) :

ضاق الغداة بحاجتي صدري

ويئست بعد تقارب الأمر

وذكرت فاطمة التي علّقتها

عرضا في الحوادث الدّهر

ممكورة (٢) ، ردع العبير بها

جمّ العظام لطيفة الخصر

وكأن فاها ، بعد ما (٣) رقدت

تجري عليه سلافة الخمر

وبجيد آدم ، شادن ، خرق

يرعى الرياض ببلدة قفر

لمّا رأيت مطيّها حزقا

خفق الفؤاد وكنت ذا صبر

وتبادرت عيناي بعدهم (٤)

وانهلّ مدمعها على الصدر (٥)

ولقد عصيت ذوي أقاربها (٦)

طرّا وأهل الودّ والصّهر

حتى إذا قالوا وما كذبوا :

أجننت أم بك داخل السّحر؟ (٧)

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ، أنا أبو يعلى بن الفراء ، أنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد ، أنا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر ، نا أبو النّضر إسماعيل بن ميمون الفقيه ، نا عبيد بن خلّاد الأصبحي ، عن سلامة بن زنج (٨) العجلي قال :

كان عمر بن أبي ربيعة إذا هوى شيئا قال فيه شعرا ، ثم إذا توبع على إرادته استحال عنه وانتحى لغيره ، فبينا هو ذات يوم يمشي مع صديق له : يقال له : عمرو ، إذا هو بجارية تتهادى بين جواريها ، عجيبة الحسن ، أنيقة المنظر ، فقال لصاحبه : ويحك من هذه؟ امش فاجنح بنا

__________________

(١) الأبيات في ديوانه ط بيروت ص ١٩١ والأغاني ١ / ١٩٤.

(٢) الممكورة : الحسناء المرتوية الساقين. وردع الطيب : أثره.

(٣) في الديوان والأغاني : وكأن فاها عند رقدتها.

(٤) «وبعدهم» استدركت عن هامش الأصل.

(٥) عجزه في الديوان : فانهلّتا جزعا على الصدر.

(٦) الديوان : ذوي قرابتنا.

(٧) روايته في الديوان :

حتى مقالهم ، إذ اجتمعوا

أجننت أم ذا داخل السحر

(٨) كذا رسمها بالأصل وم ، وفي «ز» : «زنج».

١٠١

نأخذ قرطاسا ونكتب إليها بأبيات ، فمال إلى بقّال فأخذ منه قرطاسا ، وكتب إليها (١) :

بدت الشمس في جوار تهادى

مخطفات القدود (٢) معتجرات

فتبسمت ثم قلت لعمرو :

قد بدت في الحياة لي حسنا [تي](٣)

هل سبيل إلى التي لا أبالي

أن أموتن بعدها حسرات (٤)

وبعث إليها بالرقعة فأجابته وقالت :

قد أتاني الرسول بالأبيات

في كتاب قد خطّ بالتّرّهات

خانك (٥) الطّرف إذا نظرت وما

طرفك عندي بصادق النّظرات

عدّ عنّي فقد عرفت بغيري (٦)

عهدك الخائن ، القليل الثبات

أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمّد بن المجلي ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا الشريف أبو الفضل محمّد بن الحسن بن محمّد بن الفضل بن المأمون ، أنشدنا أبو بكر محمّد بن القاسم ، أنشدنا أبو الحسن بن البراء وأتى لعمر (٧) بن أبي ربيعة (٨) :

لبثوا ثلاث منى بمنزل قلعة

وهم على غرض لعمرك ما هم

متجاورين بغير دار إقامة

لو قد أجدّ رحيلهم لم يندموا

ولهنّ بالبيت العتيق لبانة

والبيت يعرفهنّ لو يتكلّم

لو كان حيّا قبلهنّ ظعائنا

حيّا الحطيم وجوههن وزمزم

لكنّه مما يطيف بركنه

منهنّ صمّاء الصّدى مستعجم

وكأنهنّ وقد صدرن عشية

بيض بأكناف الخيام منظّم

__________________

(١) الأبيات في ديوانه ط بيروت ص ٨٢.

(٢) الديوان : برز البدر ... مخطفات الخصور.

(٣) جاء بالأصل و «ز» ، نثرا ، والتاء زيدت عن م ، ورواية البيت في الديوان :

فتنفست ثم قلت لبكر

عجلت في الحياة لي خيباتي

(٤) عجزه في الديوان :

بعدها أن أموت ، قبل وفاتي

(٥) في ديوان عمر : حائر الطرف.

(٦) صدره في الديوان :

غرّ غيري ، فقد عرفت لغيري

(٧) بالأصل : «وأبي عمر» والمثبت عن م و «ز».

(٨) لم أعثر على الأبيات في ديوانه ط بيروت.

١٠٢

قال : وأنشدنا محمّد بن القاسم ، أنشدنا عبد الله بن عمرو بن لقيط لعمر بن أبي ربيعة (١) :

تقول وتظهر وجدا بنا

ووجدي ، ولو أظهرت أوجد

لممّا (٢) شقائي تعلّقتكم

وقد كان لي عنكم مقعد

سباني (٣) من بعد شيب القذا

ل ريم له عنق أغيد

وعين تصابي وتدعو الفتى

لما غيره للفتى أرشد (٤)

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكّار قال : قال عمر بن أبي ريعة (٥) :

نظرت إليها بالمحصّب من منّى

ولي نظر لو لا التّحرّج عارم

فقلت : أشمس أو مصابيح بيعة

بدت لك يوم السّجف ، أم أنت حالم؟

بعيدة مهوى القرط ، إمّا لنوفل

أبوها ، وإمّا عبد شمس وهاشم

فلم استطعها غير أن قد بدا لنا

عشيّة راحت ، وجهها (٦) والمعاصم

معاصم لم تضرب على البهم بالضّحى

عصاها ، ووجه لم تلحه السمائم

نضار (٧) ، ترى فيه أساريع مائه

صبيح تغاديه الأكف النواعم

قال الزبير : النضار أكرم الخشب هو الأثل.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، نا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي ، أنشدني ثعلب ، أنشدني عبد الله بن شبيب ، عن الزبير من شعر عمر بن أبي ربيعة (٨) :

يا عمّتي عرضت لبنتك فتنة

فتعوّذي بالله من شرّ الفتن

__________________

(١) الأبيات في ديوانه ص ٩٦ و ٩٧.

(٢) الأصل : «لما شفا» وفي «ز» : «لمن شقاني» والمثبت عن م والديوان.

(٣) الديوان : دعاني.

(٤) عجزه في الديوان : لما تركه للفتى أرشد.

(٥) الأبيات في ديوانه ط بيروت ص ٣٧٠ ـ ٣٧١ والأغاني ١ / ١٢٧.

(٦) في الديوان : كفها.

(٧) في الديوان : نضير.

(٨) لم أجد الأبيات في ديوانه ط بيروت.

١٠٣

يا عمّتي رجل يطوف ببابكم

في حلّة خضراء من عصب اليمن

فعشقته من غير فاحشة له

والعشق ما لم يؤت فاحشة حسن

قال ثعلب : وينشد : يا أمتا ، وبدل : فعشقته ؛ فهويته. وهو أحسن.

أخبرنا أبو السعود بن المجلي ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا أبو الفضل بن المأمون ، أنشدنا محمّد بن القاسم ، أنشدني أبي لعمر بن أبي ربيعة (١) :

سمعي (٢) وقلبي حليفاها على بصري

فكيف أصبر عن سمعي وعن بصري؟

لو شايعاني (٣) على أن لا أكلّمها

إذا لقضّيت من أوطارها وطري

رد الفؤاد إليها بعث نسوتها (٤) ونظرة عرضت كانت من القدر

وقول بكر : ألا فاربع نسائلها (٥) وانظر ، فلا بأس بالتسليم والنظر

وقولها ، ودموع العين تسبقها

لأختها : دين هذا القلب من عمر

تفسير دين : ملك واستعبد.

أنبأنا أبو الحسن بن العلّاف ، وأخبرني أبو المعمّر المبارك بن أحمد عنه.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن أبي جعفر ، وأبو الحسن بن العلّاف ، قالا : أنا عبد الملك بن محمّد ، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي ، أنا محمّد بن جعفر الخرائطي ، أنشدني أبو جعفر العدوي لعمر بن أبي ربيعة (٦) :

السّرّ يكتمه الاثنان بينهما

وكل سرّ عدا الاثنين ينتشر

والمرء ، ما لم يراقب عند صبوته

لمح العيون بسوء الظّنّ يشتهر

قال : وأنشدني أبو جعفر العدوي لعمر بن أبي ربيعة (٧) :

قد كان أورق عود حبّك بالمنى

وسقاه ماء رجائكم فترعرعا

__________________

(١) ديوانه ط بيروت ص ١٤٩.

(٢) صدره في الديوان : سمعي وطرفي حليفاها على جسدي.

(٣) الديوان : تابعاني.

(٤) صدره في الديوان : دل الفؤاد عليها بعض نسوتها.

(٥) الديوان : ألم تلمم لنسألهم.

(٦) ديوانه ص ١٤٥.

(٧) لم أجدها في ديوانه.

١٠٤

حتى إذا هبّت بيأس ريحكم

تركته من ورق المطامع أقرعا

واليأس من بذل الأحبة لم يزل

بتخطّف الأرواح قدما مولعا

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن موسى بن القاسم بن الصلت ، أنشدنا أبو بكر محمّد بن القاسم بن بشّار الأنباري ، أنشدنا عبد الله بن عمر بن لقيط لعمر بن أبي ربيعة (١) :

ألا من لقلب معنى خبل

بذكر المحلّة أخت المحل (٢)

تراءت لنا يوم فرع الأراك

بين المساء وبين الأصل

وقالت لجارتها : هل رأي

ت إذا عرض الرجل فعل الرجل

فإنّ تبسّمه ضاحكا

أجدّ اشتياقا لقلب ذهل

كأنّ القرنفل والزّنجبي

ل وريح الخزامي وذوب العسل

يعلّ به برد أنيابها

إذا النّجم وسط السماء اعتدل

أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي ، أنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد الطّبراني ، نا أحمد بن يحيى ثعلب ، نا الزبير بن بكّار ، قال : قال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة (٣) :

ذكر الشمس إذ بدت

من خلال السّحائب

أمّ عمرو إذا أقبلت

بين حور كواعب

بلوى الخيف من منا

أو بذات التّناضب (٤)

يوم أرخت مرجّلا

فوق خدّ وحاجب (٥)

واستهلّت بواكف

من دموع سواكب

__________________

(١) الأبيات ليست في ديوان عمر ، وبعضها في الأغاني ٦ / ٢٠٥ منسوبة إلى محمد بن عبد الله النميري قالها في زينب أخت الحجاج.

(٢) المحل هنا ، والذي عناه الشاعر هو الحجاج بن يوسف سمي بذلك لإحلاله الكعبة ، كذا عند أهل الحجاز ، وعند أهل الشام : المحل هو عبد الله بن الزبير لأنه أحل الكعبة (قاله أبو الفرج في الأغاني ٦ / ٢٠٦).

(٣) بعضها في الديوان ط بيروت ص ٢٩ باختلاف في الرواية.

(٤) التناضب : موضع لبني غفار قرب سرف (راجع معجم البلدان).

(٥) روايته في الديوان :

وبدا يوم أعرضت

صفح خدّ وحاجب

١٠٥

ثم قالت لنسوة

من لؤيّ بن غالب

قمن نقض لحبنا

حاجة أو نعاتب

فتولا نواعم

مثقلات الحقائب (١)

وتأطرن ساعة

في مناخ الركائب

كالدّمى أو كبدن

من نعاج ربائب

قطف المشي آنس

واضحات التّرائب

فتناولت كفّها

ثم مالت بجانب

وأمالت بجيدها

فاحما ذا ذوائب

فانتجينا بسار ما

مجلسا ذا عجائب

أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمّد بن المجلي ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا أبو أحمد طالب بن عثمان بن محمّد الأزدي المقرئ ، أنشدنا أبو بكر محمّد بن القاسم ، أنشدني أحمد بن يحيى ، عن الزبير بن بكار لعمر بن أبي ربيعة (٢) :

فالتقينا فرحّبت حين سلّمت

وكفّت دمعا من العين مارا

ثم قالت عند العتاب : رأينا

فيك عنّا تجلّدا وازورارا

قلت كلا لاه ابن عمك

بل خفنا أمورا كنّا بها أغمارا

فركبنا حالا لنكذب عنّا

قول من كان بالأكفّ (٣) أشارا

فجعلنا الصّدود ، لمّا خشينا

قالة الناس بالهوى أستارا

فلذلك (٤) الإعراض عنك وما

آثر قلبي عليك أخرى اختيارا

ليس كالعهد إذ عهدت ولكن

أو قد الناس بالنّميمة نارا

ما نبالي إذا النوى قرّبتكم

فدنوتم من حلّ أو من سارا

والليالي إذا نأيت طوال

وأراها إذا دنوت قصارا

مار:من مار يمور ، وهو من قول الله عزوجل:(يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً)(٥) أي دار.

__________________

(١) أي ثقيلان الأرداف.

(٢) الأبيات في ديوانه ط بيروت ص ١٧٣.

(٣) الديوان : بالبنان أشارا.

(٤) البيت ليس في الديوان.

(٥) سورة الطور ، الآية : ٩.

١٠٦

أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله ـ فيما قرأ علي إسناده وناولني إياه وقال اروه عني ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا ، نا محمّد بن القاسم الأنباري ، نا أحمد بن سعيد الدمشقي ، نا الزبير بن بكّار ، نا مسلم بن عبد الله بن مسلم بن جندب ، عن أبيه قال : أنشد ابن أبي عتيق سعيد بن المسيّب قول عمر بن أبي ربيعة (١) :

أيها الراكب (٢) المجدّ ابتكارا

قد قضى من تهامة الأوطارا

إن يكن قلبك الغداة جليدا (٣)

ففؤادي بالحبّ أمسى معارا

ليت ذا الدهر كان حتما علينا

كلّ يومين (٤) حجة واعتمارا

فقال : لقد كلّف المسلمين شططا ، فقال : يا أبا محمّد في نفس الجمل شيء غير ما في نفس سائقه.

قال : وقال عبد الله بن عمر لعمر بن أبي ربيعة : يا ابن أخي أما اتّقيت الله حين قلت :

ليت ذا الدهر كان حتما علينا

كلّ يومين حجّة واعتمارا

فقال : يا أبا عبد الرّحمن إنّي وضعت ليت حيث لا تعيره ، قال : صدقت.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا محمّد بن علي بن الحسن بن الدّجاجي ، أنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل ، نا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي ، نا أحمد بن أبي خيثمة ، أنا مصعب قال :

قدم عمر بن أبي ربيعة (٥) فنزل على محمّد بن الحجّاج بن يوسف ، وكان لعبد الله بن هلال صاحب إبليس قينتان حاذقتان ، فكان يأتيهما فيسمع منهما ، فقال في ذلك :

يا أهل بابل ما نفست (٦) عليكم

من عيشكم إلّا ثلاث خلال

ماء الفرات وطيب ليل بارد

وسماع منشدتين لابن هلال

__________________

(١) الأبيات في ديوانه ط بيروت ص ١٨٨.

(٢) الديوان : الرائح.

(٣) الديوان : من يكن قلبه سليما صحيحا.

(٤) الديوان : ليت ذا الحج ... كل شهرين.

(٥) يعني الكوفة ، كما يفهم من مقدمة الخبر في ديوانه ص ٣٥٧.

(٦) أي : حسدتكم.

١٠٧

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أجازنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، حدّثني بكار بن رباح ، أخبرني ابن جريج قال :

كنت مع معن بن زائدة باليمن فحضر الحج ، فلم تحضرني نية ، قال : فخطر ببالي قول ابن أبي ربيعة (١) :

بالله قولي له ، في غير معتبة

ما ذا أردت بطول المكث باليمن؟

إن كنت حاولت دنيا ، أو نعمت بها

فما أخذت بترك الحج من ثمن

فدخلت على معن فأخبرته أنّي عزمت الحج ، فقال لي : ما نزعك إليه ولم تكن تذكره؟ فقلت له : ذكرت قول ابن أبي ربيعة وأنشدته شعره هذا فجهّزني وانطلقت.

أخبرنا أبو السعود بن المجلي ، نا أبو منصور عبد المحسن بن محمّد بن علي ـ من لفظه ـ أنا القاضي أبو القاسم يحيى بن محمّد بن سلامة بن جعفر ، أنا أبو يعقوب يوسف بن يعقوب بن خرّزاد النجيرمي أنشدنا أبو القاسم جعفر بن شاذان القمّي [أنشدنا](٢) الصولي ، أنشدنا المبرّد لعمر بن أبي ربيعة (٣) :

خبّروها بأنّني قد تزوّجت

فظلّت تكاتم الغيظ سرا

ثمّ قالت لأختها ولأخرى :

جزعا : ليته قد تزوج عشرا

وأشارت إلى نساء لديها

لا ترى دونهنّ للسر سترا :

ما لقلبي ، كأنه ليس مني

وعظامي إخال فيهن فترا

من حديث نما إليّ فظيع

خلت في القلب ، من تلظّيه جمرا

أخبرنا أبو العز السلمي ـ مناولة وإذنا وقرأ علي إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (٤) حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، أنشدنا هارون بن محمّد ، أنشدنا الزبير لمجنون بن جعدة (٥) :

__________________

(١) البيتان في ديوانه ص ٤٣٧.

(٢) زيادة عن م و «ز».

(٣) الأبيات في ديوانه ص ٢٢٣.

(٤) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٣ / ١٨٢.

(٥) هو قيس بن الملوح ، مجنون ليلى ، والأبيات في ديوانه ط بيروت ص ٨٣ والجليس الصالح ٣ / ١٨٢.

١٠٨

حبذا راكب كنّا نسرّ به

يهدي لنا من أراك الموسم القضبا

قالت لجارتها يوما تسائلها (١)

لما تعرّت وألقت عندها السّلبا

ناشدتك (٢) الله ألّا قلت صادقة

أصادفت صفة المجنون أم كذبا

قال : فقلت : أتراه سرقه من قول عمر بن أبي ربيعة (٣) :

ولقد قالت لجارات (٤) لها

وتعرّت ذات يوم تبترد

أكما تنعتني تبصرنني

عمركنّ الله أم لا يقتصد؟

فتضاحكن وقد قلن لها

حسن في كلّ عين من تود

حسد منهن (٥) قد حمّلنه

وقديما كان في الناس الحسد

قال : أراه.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عثمان فيما أرى وإن لم يكن سماعا فهو إجازة.

وأنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي بن ميمون ، قالا : أنا أبو الحسين بن النّقّور ، نا القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون الضّبّي ـ إملاء ـ أنشدنا أبو القاسم الحسن بن بشر بن يحيى الآمدي ، أنشدنا أبو الحسن (٦) علي بن سليمان الأخفش لعمر بن أبي ربيعة ، ـ وقال أبو الحسن (٧) ما قيل في المساعدة أحسن منها (٨) : ـ

وخلّ كنت عين النّصح منه

إذا نظرت ، ومستمعا سميعا (٩)

أراد قبيحة فنهيت عنها

وقلت له : أرى أمرا فظيعا (١٠)

أردت رشاده جهدي فلمّا

أبى وعصا ، أتيناها جميعا

__________________

(١) في الجليس الصالح : تساجلها.

(٢) الأصل ، ناشدك ، والمثبت عن م و «ز» ، والمصدرين.

(٣) الأبيات في ديوانه ص ١٠٧ والجليس الصالح الكافي ٣ / ١٨٢.

(٤) في الديوان : زعموها سألت جاراتها.

(٥) الأصل وم : منهم ، والمثبت عن «ز» ، والجليس الصالح ، وفي الديوان : حسد حملنه من أجلها.

(٦) في «ز» : الحسين.

(٧) في «ز» : الحسين.

(٨) الأبيات في ديوانه ص ٢٦٥.

(٩) الديوان : مطيعا.

(١٠) الديوان : أمرا شنيعا.

١٠٩

أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد بن العلّاف ، وأخبرني أبو المعمّر المبارك بن أحمد.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن أبي جعفر ، وأبو (١) الحسن بن العلّاف ، قالا : أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أحمد بن إبراهيم ، أنا محمّد بن جعفر (٢) ، نا العباس بن الفضل ، نا إسحاق بن إبراهيم ، نا الهيثم بن عدي ، عن عوانة بن الحكم (٣).

أنّ عمر بن أبي ربيعة كان قد ترك الشعر ورغب عنه ، ونذر على نفسه ، لكلّ بيت يقوله هدي بدنة ، فمكث بذلك حينا ثم خرج ليلة يريد الطواف بالبيت إذ نظر إلى امرأة ذات جمال تطوف ، وإذا رجل يتلوها ، كلما رفعت رجلها ، موضع رجله موضع رجلها فجعل ينظر إلى ذلك من أمرها ، فلمّا فرغت المرأة من طوافها تبعها الرجل هنيهة ثم رجع ، وفي قلب عمر ما فيه.

فلما رآه عمر وثب إليه وقال : لتخبرني عن أمرك ، قال : نعم ، هذه المرأة التي رأيت ابنة عمي ، وأنا لها عاشق ، وليس لي مال ؛ فخطبتها إلى عمّي فرغب عني وسألني من المهر ما لا أقدر عليه ، والذي رأيت هو حظي منها ، وما لي من الدنيا أمنية غيرها ، وإنّما ألقاها عند الطواف ، حظي ما رأيت من فعلي.

قال له عمر : ومن عمك؟ قال : فلان ابن فلان ، قال : انطلق معي إليه ، فانطلقا (٤) فاستخرجه عمر فخرج مبادرا إليه فقال : ما حاجتك يا أبا الخطّاب؟ قال : تزوج ابنتك فلانة من ابن أخيك فلان ، وهذا المهر الذي تسأل مساق إليك من مالي ، قال : فإنّي قد فعلت ، قال عمر : أحب أن لا أبرح حتى يجتمعا ، قال : وذلك أيضا.

قال فلم يبرح حتى جمعهما ، وأتى منزله فاستلقى على فراشه فجعل النوم لا يأخذه ، وجعل جوفه يجيش بالشعر ، فأنكرت جاريته ذلك ، فجعلت تسأله عن أمره ، وتقول : ويحك ما الذي دهاك؟ فلما أكثرت عليه جلس ، وأنشأ يقول (٥) :

تقول وليدتي لما رأتني

طربت وكنت قد أقصرت حينا :

__________________

(١) ما بين الرقمين سقط من «ز».

(٢) ما بين الرقمين سقط من «ز».

(٣) راجع الخبر في الأغاني ١ / ١٤٥ ـ ١٤٦.

(٤) بالأصل : فانطلقنا ، والمثبت عن م و «ز».

(٥) الأبيات في ديوانه ط بيروت ص ٤٦١ والأغاني ١ / ١٤٥ ـ ١٤٦.

١١٠

أراك اليوم قد أحدثت شوقا

وهاج لك البكاء (١) داء دفينا

بربّك هل رأيت لها رسولا

فشاقك ، أم رأيت لها خدينا؟ (٢)

فقلت : شكا إليّ أخ محب

كبعض زماننا إذ تعلمينا

فعدّ (٣) علي ما يلقى بهند

فوافق (٤) بعض ما كنا لقينا

وذو القلب المصاب وإن تعنّى

يهيّج (٥) حين يلقى العاشقينا

وكم من خلّة أعرضت عنها

لغير قلى وكنت بها ضنينا

رأيت صدودها فصدفت عنها (٦)

ولو جنّ الفؤاد بها جنونا

وفي غير هذه الرواية إلّا أنه متى قال بيت شعر أعتق رقبة ، فذكر معناها ثم قال : أستغفر الله وأتوب إليه ، ثم دعا بثمانية من مماليكه فأعتقهم.

قال : وأنا أبو بكر محمّد بن جعفر ، نا أبو يوسف الزهري ـ يعني يعقوب بن عيسى ـ نا الزبير بن بكّار قال : قدم رجل من الشعراء المدينة ، فأتى عمر بن أبي ربيعة فقال لهم : إنّي قد قلت بيتي شعر فأجزهما فقال : قل ، فقال :

سألت المحبين الذين تحملوا

بتاريخ هذا الحبّ في سالف الدّهر

فقلت لهم ما يذهب الحب بعد ما

ينشب ما بين الجوانح والصدر

قال : فمكث عمر بن أبي ربيعة يومين لا يقدر على إجازتهما ، فقالت له امرأته : أجيزهما أنا؟ قال : نعم ، فقالت :

فقالوا دواء الحبّ حبّ يفيده

من آخر أو نائي بعيد من الهجر

وإلّا فيأس تصبر النفس بعد ما

رجت أملا واليأس عون على الصبر

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ـ قراءة ـ قالا : أنا محمّد بن علي الدّجاجي ،

__________________

(١) في الأغاني والديوان : الهوى.

(٢) الخدين : الصديق.

(٣) الديوان والأغاني : فقصّ عليّ.

(٤) الديوان والأغاني : فذكر بعض ما كنا نسينا.

(٥) الديوان والأغاني : وذو الشوق القديم وإن تعزى مشوق.

(٦) الديوان :

أردت فراقها وصبرت عنها

١١١

أنا إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل ، أنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، نا ابن أبي خيثمة ، قال : وقال مصعب : حدّثني الزرودي ، حدّثني رجل من أهل مكة قال :

رأيت بالمدينة في يوم طش عند قبور الشهداء جماعة من الجنّ يتناشدون الأشعار ، فقلت : أيكم صاحب عمر بن أبي ربيعة الذي يلقي على لسانه الشعر؟ فقال أحدهم : أنا ، قلت : ما اسمك؟ قال : أنا المكتم بن عامر صاحب عمر ، وأنا الذي أقول :

قلن الطواف لينهلنك بالقلى

قلت الرحيم من الصدود مخبري

فجزعت منهم ، فسلّمت عليهم وانصرفت عنهم.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا أبو محمّد بن يوة ، أنا أبو الحسن اللّنباني (١) ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، أخبرني العباس بن هشام بن محمّد ، عن أبيه قال (٢) :

أخبرني مولى لزياد بن أبي سفيان قال : خرج أبو الأسود الدّيلي حاجّا بامرأته ، وكانت جميلة ، فبينا هي تطوف بالبيت ، إذ عرض لها عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي ، فغازلها ، فأتت أبا الأسود فأعلمته ذلك ، فأتاه أبو الأسود فكلّمه ، فقال عمر : ما فعلت ، فلما عادت إلى المسجد عاد فكلّمها ، فأخبرت أبا الأسود فأتاه وهو في المسجد مع قومه فقال :

أنت الفتى كلّ الفتى لو لا خلائق أربع

فسكت عمر ولم يقل شيئا ، فقال أبو الأسود لامرأته : إنه ليس بعائد ، فلما خرجت إلى المسجد كلّمها أيضا فأخبرت أبا الأسود فأتاه وهو في المسجد فقال :

إنّي ليثنيني عن الجهل والخنا

وعن شتم أقوام خلائق أربع

حياء وإسلام وهمّا وإنّني

كريم ومثلي قد يضرّ وينفع

فشتّان ما بيني وبينك إنّني

على كلّ حال أستقيم وتظلع (٣)

فقال له عمر : لا والله يا عمر لا أعرض لهذا بعد هذا اليوم أبدا بشيء تكرهه ، ففعل.

__________________

(١) في «ز» : اللبناني ، بتقديم الباء ، تصحيف.

(٢) الخبر والشعر في الأغاني ١ / ١٤٧ ـ ١٤٨.

(٣) ظلع : إذا عرج وغمز في مشيه.

١١٢

وقد رويت هذه الأبيات لغير أبي الأسود.

أنبأنا بها أبو الحسن سعد الخير بن محمّد ، أنا أبو الحسن بن الطّيّوري ، أنا عبد العزيز بن علي الأزجي ، أنا الحسين بن محمّد بن عبيد العسكري ، نا محمّد بن العباس اليزيدي ، أنشدني (١) عمي عبيد الله ، أنشدني أخي الفضل ، أنشدني يعقوب بن أحمد بن أسد قال اليزيدي (٢) : قد رأيت أنا ذا وكتبت عنه كثيرا ـ يعني يعقوب ـ.

ح وأنبأنا أبو الفرج غيث بن علي ، وأبو الفضل أحمد بن القاسم بن أحمد ، قالا : أنا أبو حفص عمر بن الحسين بن عيسى الدوني ، أنا عبد الوهّاب بن الحسن (٣) بن عمر بن برهان ، نا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن عبيد العسكري ، أنا أبو عبد الله محمّد بن العباس اليزيدي ، قال :

أنشدني عمي عبيد الله ، أنشدني أخي الفضل ، أنشدني يعقوب بن أحمد بن أسد ، أنشدني مصعب الزبيري لأبي العباس الأعمى في عمر بن أبي ربيعة :

فأنت الفتى وابن الفتى وأخو الفتى

وعمّ الفتى لو لا خلائق أربع

فرارك في الهيجاء وتقوالك الخنا

وإسلامك المولى وانّك تبّع

التّبع والتّبّع الذي يتبع النساء ، يقال : هو تبع نساء وتبّع نساء ، وزير نساء ، إذا كان يجالسهن ويغازلهن.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زيد ، نا محمّد بن القاسم بن خلّاد ، نا الأصمعي ، عن صالح بن أسلم قال : نظرت إلى امرأة مستترة بثوب وهي تطوف بالبيت ، فنظر إليها عمر بن أبي ربيعة من وراء الثوب ثم قال (٤) :

ألمّا بذات الخال واستطلعا لنا

على العهد باق ودها أم تصرّ ما

قال : فقلت له : امرأة مسلمة عاقلة محرمة قد سيرت فيها شعرا وهي لا تعلم ، فقال :

__________________

(١) ما بين الرقمين استدرك على هامش «ز» ، وبعدها صح.

(٢) ما بين الرقمين استدرك على هامش «ز» ، وبعدها صح.

(٣) في «ز» : الحسين.

(٤) البيت في ديوانه ط بيروت ص ٣٧٤.

١١٣

إنّي قد أنشدت من الشعر ما بلغك ، ورب هذه البنيّة ما حللت إزاري على فرج حرام قط (١).

قرأت بخط محمّد بن عبد الله بن جعفر ، أخبرني أبو الطيب محمّد بن حميد بن سليمان الكلابي ، نا وزيرة بن محمّد ، نا محمّد بن عبد الله ، نا عبد الله بن نافع ، نا الضحاك بن عثمان.

أن عمر بن أبي ربيعة مرض واشتدّ مرضه فحزن عليه أخوه الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة حزنا شديدا فقال عمر : يا أخي كأنك تخاف على قوافي الشعر؟ قال : نعم (٢) ، قال : أعتق ما أملك إن كان وطئ فرجا حراما قط ، قال الحارث : الحمد لله هوّنت علي.

أنبأنا أبو الحسن سعد الخير بن محمّد ، أنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، أنا عبد العزيز بن علي الأزجي ، أنا الحسين بن محمّد بن عبيد العسكري ، نا القاضي أحمد بن كامل ، نا أبو العيناء ، نا الأصمعي ، عن الشعبي قال : قال عبد الله بن عمر :

فاز عمر بن أبي ربيعة بالدنيا والآخرة ؛ غزا (٣) البحر فاحترقت سفينته فاحترق فيها (٤).

وبلغني من وجه آخر.

إن عمر عدا يوما على فرس فهبّت ريح فاستتر بعقله ، فعصفت الريح ، فخدشه غصن منها فدمي منه ، فمات من ذلك.

وذكر أبو بكر البلاذري.

أن عمر بن أبي ربيعة المخزومي لما نعي ، ـ وكان موته بالشام ـ بكت عليه مولدة من مولدات مكة كانت لبعض بني مروان وجعلت توجع له وتفجّع (٥) عليه ، وقالت : من لأباطح مكة بعده ، وكان يصف حسنها ، وملاحة نسائها فقيل لها : إنه قد حدّث فتى من ولد عثمان بن عفّان يسكن عرج الطائف ، شاعر يذهب مذهبه ، فقالت : الحمد لله الذي جعل له خلفا ، سريتم والله عنّي.

__________________

(١) الوافي بالوفيات ٢٢ / ٤٩٣.

(٢) قوله : «قال : نعم» استدرك على هامش «ز» ، وبعده صح.

(٣) في «ز» : عدى البحر.

(٤) الوافي بالوفيات ٢٢ / ٤٩٣.

(٥) بالأصل وم : وهجع ، والمثبت عن «ز».

١١٤

٥٢٣١ ـ عمر بن عبد الله بن أبي سفيان

ابن عبد الله بن يزيد

ابن معاوية بن أبي سفيان

صخر بن حرب القرشي الأموي

له ذكر في تسمية من كان بدمشق وغوطتها من بني أمية.

ذكره أبو الحسن أحمد بن حميد بن أبي العجائز ، وقال : كان رجلا شابا.

٥٢٣٢ ـ عمر بن عبد الله بن عبد الملك

ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص

ابن أمية بن عبد شمس الأموي

ولي الموسم في ولاية يزيد بن الوليد الناقص سنة ست وعشرين ومائة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الفتح نصر بن أحمد بن نصر ، أنا أبو الحسن محمّد بن أحمد الجواليقي.

ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، وأبو طاهر بن سوار ، قالا (١) : أنا الحسين بن علي الطناجيري ، أنا أبو عبد الله محمّد بن زيد الأنصاري ، أنا محمّد بن محمّد بن عقبة ، نا هارون بن حاتم ، نا أبو بكر بن عياش قال :

ثم بايع الناس يزيد بن الوليد بن عبد الملك فحج بالناس عمر بن عبد الله بن عبد الملك بن مروان سنة ست وعشرين ومائة.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة (٢) قال :

أقام الحج عمر بن عبد الله بن عبد الملك بن مروان ـ يعني سنة ست وعشرين ـ.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن

__________________

(١) بعدها بياض في «ز» مقدار كلمة ، والكلام متصل في الأصل وم.

(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، نقلا عن خليفة ، ولم أعثر له على أي ذكر في تاريخ خليفة.

١١٥

الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب قال : وحج عامئذ ـ يعني سنة ست وعشرين ـ بالناس عمر بن عبد الملك (١).

٥٢٣٣ ـ عمر بن عبد الله بن محمّد

أبو حفص الأصبهاني المؤدب

قدم دمشق ، وحدّث بداريا عن أبي عبد الله أحمد بن يعقوب الباسياري.

روى عنه : أبو الحسن علي بن محمّد بن طوق الدّاراني.

وأظنه عمر بن عبد الله بن الحسن (٢) الذي حدّث ببعلبك ، فالله أعلم.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتّاني ، أنا أبو الحسن بن طوق ، نا أبو حفص عمر بن عبد الله بن محمّد الأصبهاني المؤدب ، قدم علينا داريا ، نا أبو عبد الله أحمد بن يعقوب الباسياري قال : سمعت الشيخ أبا الحسن أحمد بن محمّد بن أحمد بن سالم يقول : سمعت سهل بن عبد الله يقول :

رفعت الدنيا رأسها على عهد أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا لها : يا دنيا أيش فيك؟ قالت : فيّ حلال وشبهات ومكروه وحرام.

فقالوا : لا حاجة لنا في شبهاتك ولا في مكروهاتك ، ولا حرامك من حاجة ، هات الحلال ، فأخذوا الحلال فأكلوه.

ثم جاء القرن الثاني ، فقالوا لها : يا دنيا أيش فيك؟ فقالت : فيّ حلال ، وشبهات ، ومكروهات ، وحرام.

فقالوا : لا حاجة لنا في شبهاتك ولا مكروهاتك ولا حرامك من حاجة ، هات الحلال ، فقالت : قد سبقوكم ، قالوا : هات الشبهات فأخذوه فأكلوه.

ثم جاء القرن الثالث ، فقالوا : يا دنيا ما معك؟ فقالت : معي حلال وشبهات ، ومكروه ، وحرام ، فقالوا : ما لنا في شبهاتك ولا في مكروهاتك وحرامك من حاجة ، هات الحلال ،

__________________

(١) الذي في تاريخ الطبري ٧ / ٢٩٩ حوادث سنة ١٢٦ أن الذي حج بالناس في هذه السنة عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان ، نقلا عن الواقدي ، قال : وقال بعضهم : حج بالناس عمر بن عبد الله بن عبد الملك.

(٢) تقدمت ترجمته قريبا.

١١٦

قالت : قد سبقوكم ، قالوا : فهات الشّبهات ، قالت : قد سبقوكم ، قالوا : فهات المكروه ، فأخذوه فأكلوه.

ثم جاء القرن الرابع ، قالوا : يا دنيا أيش فيك؟ قالت : فيّ حلال وشبهات ، ومكروه ، وحرام ، قالوا : ما لنا في شبهاتك ولا مكروهاتك وحرامك من حاجة ، هات الحلال ، قالت : قد سبقوكم ، قالوا : هات الشّبهات ، قالت : سبقوكم ، قالوا : هات المكروه ، قالت : قد سبقوكم ، قالوا : فهات الحرام ، فأخذوه فأكلوه.

ثم جاء القرن الخامس ، فقالوا : ما فيك؟ فقالت : فيّ الحلال والشّبهات والمكروهات والحرام ، قالوا : ما لنا في شبهاتك ولا مكروهاتك ، ولا حرامك من حاجة ، هات الحلال ، قالت : قد سبقوكم ، قالوا : فهات الشّبهات قالت : قد سبقوكم قالوا : فهات المكروه ، قالت : قد سبقوكم. قالوا : فهات الحرام ، قالت : قد سبقوكم ، قالوا : فما نصنع؟ قالت : خذوا السيوف الحداد فاضربوا رقاب من معه الحرام.

قال سهل : يا دوست ، فاليوم لا نصل إلى الحرام إلّا (١) بالسيف ، وقد كان قبل ذلك موجودا (٢).

٥٢٣٤ ـ عمر بن عبد الله الليثي

روى عن واثلة.

روى عنه : الهيثم بن حميد ، ويحيى بن (٣) زيد الباهلي.

أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن ، أنا سهل بن بشر ، أنا أبو بكر خليل بن هبة الله بن محمّد بن الحسن ، أنا عبد الوهّاب بن الحسن ، نا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلّاب ، نا العباس بن الوليد بن صبح ، نا مروان بن محمّد ، وأبو مسهر (٤) ، قالا : نا الهيثم بن حميد ، حدّثني عمر الليثي قال :

كنت جالسا عند واثلة بن الأسقع ، قال : فأتاه سائل ، فأخذ كسرة فجعل عليها فلسا ، ثم قام حتى وضعها في يده ، قال : فقلت له : يا أبا الأسقع أما كان في أهلك من يكفيك هذا؟

__________________

(١) ما بين الرقمين استدرك على هامش م ، وبعده صح.

(٢) ما بين الرقمين استدرك على هامش م ، وبعده صح.

(٣) كذا بالأصل ، وفي م و «ز» : يزيد.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : أبو مسعر.

١١٧

قال : لا ، ولكنه من قام بشيء إلى مسكين بصدقة حطت عنه بكل خطوة خطيئة ، فإذا وضعها في يده حطت عنه بكل خطوة عشر خطيئات.

إن لم يكن عمر بن عيسى أبو أيوب فهو آخر.

٥٢٣٥ ـ عمر بن عبد الباقي بن علي

أبو حفص الموصلي الورّاق

سكن دمشق ، وسمع بها رشأ بن نظيف ، وأبا محمّد بن عبدان.

سمع منه شيخنا غيث.

أنبأنا أبو الفرج الصّوري الخطيب ، أنا أبو حفص عمر بن علي (١) بن عبد الباقي الموصلي بصور سنة أربع وسبعين وأربعمائة ، أنا (٢) أبو محمّد عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن أحمد بن عبدان الصفار بدمشق.

ح وأخبرنا أبو الحسن بن سعيد ، أنا أبو القاسم السّميساطي ، أنا عبد الوهّاب الكلابي ، نا أحمد بن عمير ، نا عمرو بن عثمان ، نا الوليد بن مسلم ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اسمح يسمح لك» [٩٨٦٤].

أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي ، أنشدني أبو حفص عمر بن عبد الباقي بن علي الموصلي الناسخ بصور ، قال : سمعت رشأ بن نظيف ينشد كثيرا :

بالله ربّك كم بيت مررت به

قد كان يعمر باللذات والطّرب

طارت عقاب المنايا في جوانبه

فصار من بعدها للويل والخرب

٥٢٣٦ ـ عمر بن عبد الحميد

حكى عن عمر بن عبد العزيز.

روى عنه : أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الخطابي.

أنبأنا أبو القاسم النّسيب وغيره عن أبي القاسم السّميساطي ، عن أبيه أبي عبد الله محمّد بن يحيى بن محمّد السلمي ، أنا عثمان بن محمّد بن علّان الذهبي ، نا أبو إسحاق

__________________

(١) كذا ورد اسمه بالأصل ، و «ز» ، وم : عمر بن علي بن عبد الباقي.

(٢) في «ز» : أنا محمّد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن أحمد بن عبدان.

١١٨

إبراهيم بن إسحاق الحربي ، نا إسحاق ، نا أبو يعقوب الخطابي ، عن عمر بن عبد الحميد قال : أجازني عمر بن عبد العزيز بعشرة آلاف درهم.

٥٢٣٧ ـ عمر بن عبد الحميد

حدّث عن أبي خليد عتبة بن حمّاد الحكمي.

روى عنه : أبو زرعة الدمشقي.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن أبي الحزوّر ـ قراءة عليه ـ أنا أبو الحسن بن السّمسار ـ قراءة عليه ـ أنا أبو القاسم علي بن رجاء بن طعان المحتسب ، نا الحسن بن حبيب ، نا أبو زرعة ، نا عمر بن عبد الحميد من أهل المسجد قال : سمعت أبا خليد يذكر عن مالك ـ وكان أبو خليد يصحب مالكا ـ قال : قدم أبو جعفر المنصور المدينة ، فأتيته مسلّما عليه ، فقال لي : يا مالك إنّي قد طلبت العلم سنوات قبل خلافتي ، وإنّما العلم في هذا البطن ـ يعني الحجاز ـ وأنت رأس أهله ، قال : وأمر لي بألف دينار.

٥٢٣٨ ـ عمر بن عبد الرّحمن بن زيد بن الخطّاب

ابن نفيل بن عبد العزّى بن رياح (١)

ابن عبد الله بن قرط

ابن رزاح بن عدي (٢) بن كعب القرشي العدوي (٣)

وفد على معاوية.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو علي الحافظ ، أنا محمّد بن إسحاق بن إبراهيم ، نا محمّد بن الصباح ، نا سفيان ، عن عمرو ، عن عمر بن عبد الرّحمن بن زيد بن الخطّاب قال :

كان عمر يصاب بالمصيبة فيقول : أصبت يزيد بن الخطّاب فصبرت.

__________________

(١) بالأصل و «ز» : رباح ، تصحيف ، والتصويب عن م.

(٢) في «ز» : «رازح بن عبدي» تصحيف.

(٣) ترجمته في نسب قريش للمصعب ص ٣٦٣ والجرح والتعديل ٦ / ١٢٠ والتاريخ الكبير ٦ / ١٧١.

١١٩

وأبصر قاتل أخيه زيد فقال له : ويحك ، لقد قتلت لي أخا ما هبت الصبا إلّا ذكرته.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، قال (١) :

ومن ولد عبد الرّحمن بن زيد : عمر (٢) بن عبد الرّحمن وأمه الثقفية (٣).

أنا (٤) المؤمل (٥) عمر بن أبي بكر ، عن سعيد بن عبد الكبير بن عبد الحميد ، عن أبيه ، عن جده قال :

كان يقال له : المصور (٦) من حسنه وجماله ، وكان قدم على معاوية بن أبي سفيان ، فأقام عنده أشهرا ، ثم قام إليه يوما ، فقال : يا أمير المؤمنين اقض لي حاجتي ، قال له معاوية : أقضي لك ، أنّك أحسن الناس وجها ، ثم قضى له حاجته ، ووصله ، وأحسن جائزته.

أنبأنا أبو الغنائم الكوفي ، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أحمد بن الحسن ، والمبارك بن عبد الجبار ، ومحمّد بن علي ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد ـ زاد أحمد : ومحمّد بن الحسن قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل (٧) قال :

عمر بن عبد الرّحمن بن زيد بن الخطّاب قال عمر لقاتل زيد : غيّب عني وجهك.

قاله ابن عيينة ، نراه أخو عبد الحميد القرشي.

أخبرنا أبو الحسين القاضي ـ إذنا ـ وأبو عبد الله الأديب ـ شفاها ـ قالا : أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنا أبو طاهر ، أنا علي.

__________________

(١) راجع نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٣٦٣.

(٢) بالأصل وم و «ز» : «زيد بن عمر».

(٣) وهي أم عمر بنت سفيان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن الحارث بن مالك بن حطيط بن جشم بن قسي ، ثقيف. (قاله في نسب قريش).

(٤) كذا ورد السند بالأصل وم و «ز».

(٥) في م و «ز» : المؤملي.

(٦) في «ز» : المنصور.

(٧) التاريخ الكبير ٦ / ١٧١.

١٢٠