الزهور المقتطفة من تاريخ مكّة المشرّفة

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

الزهور المقتطفة من تاريخ مكّة المشرّفة

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: دكتور مصطفى محمّد حسين الذّهبي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٤٧

الباب السابع

فى أخبار عمارة الكعبة المعظمة

بنيت الكعبة المعظمة مرات ، وفى عدد بنائها خلاف ، ويتحصل من مجموع ما قيل فى ذلك أنها بنيت عشر مرات.

منها : بناء الملائكة.

ومنها : بناء آدم.

ومنها : بناء أولاده.

ومنها : بناء الخليل. على جميعهم السلام (١).

ومنها : بناء العمالقة.

ومنها : بناء جرهم.

ومنها : بناء قصىّ بن كلاب.

ومنها : بناء قريش.

ومنها : بناء عبد الله بن الزّبير رضى الله عنهما.

ومنها : بناء الحجاج بن يوسف الثقفى. وفى إطلاق العبارة بأنه بنى الكعبة تجوز ؛ لأنه ما بنى إلا بعضها ، ولو لا أن السهيلى والنووى ذكرا ذلك لما ذكرته (٢).

وجميع ما ذكرناه من بناء الكعبة ذكره الأزرقى ، إلا بناء قصىّ ، فإنه لم يذكره.

وذكره الزّبير بن بكّار فى موضعين من كتابه ، والفاكهى ، وابن عابد وغيرهم.

__________________

(١) حقق الحافظ ابن كثير وغيره أن أول من أقام قواعد البيت هو إبراهيم وابنه إسماعيل.

(٢) انظر عن ذلك كله : الروض الأنف ٢٢١١ وما بعدها ، تهذيب الأسماء واللغات ق ٢ / ١٢٤ ، وأخبار مكة للأزرقى ١ / ٣٢ ـ ٣٧ ، وأخبار مكة للفاكهى ٥ / ١٣٨ ، ٢٢٧ ـ ٢٢٩.

٤١

وهو أول من سقّفها. وقريش أول من رفع بابها ليدخلوا من شاءوا ، ويمنعوا من شاءوا.

وابن الزّبير ـ رضى الله عنهما ـ أول من جعل لها بابين. وبناؤه لها ثابت (١). وكذلك بناء قريش والخليل.

وما عدا ذلك غير ثابت ؛ لضعف سند الأخبار الواردة به.

وكلام السهيلى يقتضى : أن شيث بن آدم أول من بناها (٢).

وفى الأزرقى : ما يدل لتقدم بناء أدم على بناء الملائكة (٣).

وسبب بناء ابن الزّبير : أنها أصابها حريق من جهة فى المسجد أيام حصره الحصين بن نمير السكونى لمعاندته الخليفة يزيد بن معاوية ، وما أصابها من حجر المنجنيق الذى كان يرمى به الحصين ابن الزّبير فى حال حصره ، فإنه كان يصيب الكعبة ، وذلك فى أوائل سنة أربع وستين من الهجرة (٤) ، فلما أدبر الحصين بن نمير من مكة راجعا الى الشام ـ فى ربيع الآخر من هذه السنة ، بعد أن بلغه موت يزيد ـ استشار ابن الزّبير الناس فى هدم الكعبة وبنائها. فأشار بذلك قوم ، وكرهه آخرون ؛ منهم : ابن عباس رضى الله عنهما.

فلما اجتمع له ما يحتاج إليه من آلات العمارة : هدمها وبناها على أساس إبراهيم عليه‌السلام ؛ لأنه أدخل فيها ما كانت قريش أخرجته منها من الحجر ، بعد أن كشف على أساس إبراهيم حتى ظهر له ، وأوقف عليه الناس ، وجعل لها بابين متقابلين لاصقين بالأرض ، أحدهما : شرقى ، والآخر : غربى. واعتمد فى ذلك وفى إدخاله فيها ما أخرجته منها قريش : على حديث يقتضى ذلك ، أخبرته به خالته أم المؤمنين عائشة ـ رضى الله عنها ـ عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٥). وزاد

__________________

(١) أخبار مكة للفاكهى ٥ / ٢٢٩.

(٢) الروض الأنف ١ / ٢٢١.

(٣) أخبار مكة للأزرقى ١ / ٦٤.

(٤) إتحاف الورى ٢ / ٦٢.

(٥) الحديث هو : «يا عائشة ، لو لا أن قومك حديث عهد بشرك لهدمت الكعبة ، فألزقتها بالأرض وجعلت لها بابين : بابا شرقيا ، وبابا غربيا ...» الحديث. وقد أخرجه مسلم (الحج :١٣٣٣).

٤٢

فى طولها تسعة أذرع. هذا هو المشهور فيما زاد (١).

وقيل : زاد فيه عشرا. وهذا فى مسلم عن عطاء.

وعبد الله بن الزّبير ـ رضى الله عنهما ـ هو الذى وضع الحجر الأسود فى الكعبة لما بنيت فى زمنه.

وقيل : وضعه ابنه عبّاد. وقيل : ابنه حمزة.

وقيل : الحجبة مع ابنه حمزة ، والله أعلم.

والذى بناه الحجاج فى الكعبة : هو الجدار الذى يلى الحجر ـ بسكون الجيم ـ والباب الذى صنعه ابن الزّبير ـ رضى الله عنهما ـ فى دبر الكعبة ، وما تحت عتبة الباب الشرقى. وكبس أرضها بالحجارة التى فضلت من أحجارها. وباقيها على بناء الزّبير رضى الله عنهما.

وقد صنعت فيها أمور بعد ابن الزّبير والحجاج.

فمن ذلك : عمارة فى الجزء الذى بناه الحجاج ، لانفتاحه. وهذا لم يذكره الأزرقى ، وذكره الخزاعى.

ومن ذلك : عمارة رخام غير مرة فى سنة إحدى ـ أو اثنين (٢) ـ وأربعين ومائتين (٣) ، وفى عشر الخمسين وخمسمائة ـ فى غالب الظن ـ من قبل الجواد الأصبهانى وزير صاحب الموصل.

وفى سنة تسع وعشرين وستمائة ـ فى غالب الظن ـ من قبل المستنصر العباسى.

وفى سنة ثمانين وستمائة : من قبل الملك المظفر صاحب اليمن. وفيما بعد ذلك وقبله.

ومن ذلك : عمارة فى سطحها بعد سنة مائتين. ذكر ذلك الأزرقى.

__________________

(١) الكامل لابن الأثير ٤ / ٨٧ ، ودرر الفرائد (ص : ١٩٨) ، وإتحاف الورى ٢ / ٥٨ ، وتاريخ الطبرى ٧ / ٥٦ ، والجامع اللطيف (ص : ٣٤) ، وأخبار مكة للأزرقى ١ / ٢٠٤ ، وأخبار الكرام للأسدى (ص : ١٠٨) ، والقرى (ص : ٦٢٢).

(٢) إتحاف الورى ٢ / ٣١٥.

(٣) إتحاف الورى ٢ / ٣٢٢.

٤٣

ومن ذلك : عمارة سطحها والدرجة التى بباطنها فى سنة إثنين وأربعين وخمسمائة.

ومن ذلك : مواضع فى سقفها فى رمضان فى سنة أربع عشرة وثمانمائة (١).

ومن ذلك : فى آخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة : [إصلاح رخام كثير بجوفها] ، وإصلاح الروازن (٢) بسطحها ، ورخامة تلى ميزابها ، لتخرب ما تحتها ، والأخشاب التى بسطحها المعدة لشد كسوة الكعبة ، قلعت لتخريبها ، وعوضت بخشب غيرها ، وأحكم وضعها بسطحها (٣).

ومن ذلك ـ فى سنة ست وعشرين وثمانمائة ـ : إصلاح رخام كسر بأرض الكعبة بين جانبها الغربى وأساطينها ، وفى جدرانها عدة أيام ، وإقامة الإسطوانة التى تلى باب الكعبة لميلها ، وأحكمت فى موضعها وتنقلها (٤).

ومن ذلك : عتبة الباب السفلى لرثاثتها ، وجعل عوضها عتبة قطعة ساج ، فى سنة إحدى وأربعين ومائتين (٥) ، أو فى التى بعدها. ثم غيرت بعتبة حجر منحوت ، وهى الآن على ذلك ، وما علمت متى جرى ذلك.

ومن ذلك : إسطوانة فيها ؛ لأن الفاكهى قال : حدثنى أبو على الحسن بن مكرم قال : حدثنا عبد الله بن بكر ، قال : حدثنى أبو بكر بن حبيب قال : جاورت بمكة ، فعابت أسطوانة من أساطين البيت ، فأخرجت ، وجىء بأخرى ليدخلوها مكانها ، فطالت عن الموضع ، فأدركهم الليل ، والكعبة لا تفتح ليلا ، فتركوها مائلة ليعودوا من غد فيصلحوها ، فجاءوا من غد فأصابوها أقوم من القدح .. انتهى.

وهذا غريب. وفيه للبيت كرامة.

ومن ذلك ميزاب عمله رامشت ، وصل به خادمه مثقال فى سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.

__________________

(١) إتحاف الورى ٣ / ٤٨٧.

(٢) الروازن : هى الطاقات الصغيرة التى كانت تصع للتهوية والإضاءة.

(٣) إتحاف الورى ٣ / ٥٨٧ ، وتاريخ الكعبة المعظمة (صص : ٢٦١).

(٤) إتحاف الورى ٣ / ٥٩٨.

(٥) أخبار مكة للأزرقى ١ / ٣١٧ ، وإتحاف الورى ٢ / ٣٢٠.

٤٤

وميزاب عمله المقتفى العباسى ، وركّب فى الكعبة بعد قلع ميزاب رامشت ، فى سنة إحدى وأربعين وخمسمائة أو التى بعدها.

وميزاب عمله الناصر العباسى ، وهو الآن فى الكعبة ، وظاهره فيما يبدو للناس محلىّ بفضة ، وأحدث عهد حلى فيه : سنة إحدى وثمانين وسبعمائة (١).

ومن ذلك : باب عمله الجواد الوزير فى سنة خمسين وخمسمائة. وركب فيها سنة إحدى وخمسين ، وكتب عليه إسم المقتفى ، وحلّاه حلية حسنة (٢).

وكلام ابن الأثير يوهم : أن المقتفى عمل للكعبة بابا. وما عمله إلا الجواد ، والله أعلم.

وباب عمله الملك المظفر صاحب اليمن ، وكانت عليه صفائح فضة زنتها ستون رطلا ، فأخذها السّدنة.

وباب عمله الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر من السنط الأحمر ، وحلّاه بخمسة وثلاثين ألف درهم وثلاثمائة درهم. وركب فى الكعبة فى ثامن عشرى ذى القعدة سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة (٣).

وباب الناصر حسن ، من ساج ، عمله بمكة فى دولة ابن الناصر المذكور فى سنة إحدى وستين وسبعمائة ، وركّب عليها فى التاريخ المذكور. فهو فيها إلى الآن (٤).

واسم السلطان الملك الأشرف برسباى ، صاحب الديار المصرية والشامية والحرمين الشريفين ـ زاده الله نصرا وتأييدا ـ مكتوب بحائط الكعبة اليمانى بسبب ما أنفق فى سلطنته من العمارة فى الكعبة الشريفة.

واسم الأشرف شعبان بن حسين صاحب مصر مكتوب فى أحد جانبى باب الكعبة فى الفيارين ، لتحليته فى زمنه.

__________________

(١) إتحاف الورى ٣ / ٣٣٤ ، السلوك ٣ / ١ : ٣٥٧ ، وتاريخ الكعبة المعظمة (ص : ١٧٤)

(٢) رحلة ابن جبير (ص : ١٠٢) ، وإتحاف الورى ٢ / ٥١٥ ، والعقد الثمين ٧ / ٣٣.

(٣) البداية والنهاية ١٤ / ١٦٢ ، والسلوك ٢ / ٢ : ٣٦٢.

(٤) النجوم الزاهرة ١٠ / ٣١٦ ، والعقد الثمين ٤ / ١٨١.

٤٥

واسم الملك المؤيد صاحب مصر ـ أبى النصر شيخ ـ مكتوب فى أحد فيارين الباب ، لتحليته فى زمنه.

وفى باب الكعبة مكتوب اسم الملك الناصر محمد بن قلاوون.

وفى مفتاحها مكتوب اسم الملك المظفر صاحب اليمن.

هذا ما علمته مما عمل فى الكعبة بعد ابن الزّبير والحجاج ، ولا أعلم أن أحدا غيّر بنائهما.

ونختم هذا الباب بفائدة تتعلق بباب الكعبة ، وهى أنه اختلف فى أول من بوّب الكعبة ، فقيل : أنوش بن شيث بن آدم ـ عليهم‌السلام ـ.

وقيل : تبّع الثالث الذى كساها ونحر لها.

وقيل : جرهم بوّبته (١) ، والله أعلم.

__________________

(١) الروض الأنف ١ / ١٤ ، أخبار مكة للأزرقى ١ / ١٣٤ ، ٢٥٠

٤٦

الباب الثامن

فى صفة الكعبة المعظمة ، وذرعها ، وشاذروانها ،

وحليتها ، ومعاليقها ، وكسوتها ، وطيبها ، وخدامها ،

وأسمائها ، وهدم الحبشى لها ، ووقت فتحها فى

الجاهلية والإسلام ، وبيان جهة المصلين إلى الكعبة

من سائر الآفاق ، ومعرفة أدلة القبلة بالآفاق المشار إليها

[صفة الكعبة]

أما صفة الكعبة : فإن أرضها مرخمة برخام ملون ، وكذلك جدرانها.

وأول من رخم ذلك : الوليد بن عبد الملك بن مروان ، فيما ذكر الأزرقى ، نقلا عن ابن جريج ، ثم غيّر ما توهن منه بعد ذلك مرات.

وفيها ثلاث دعائم من ساج على ثلاثة كراسى ، وفوقها ثلاث كراسى ، وعلى هذه الكراسى ثلاث جوايز من ساج ، ولها سقفان بينهما فرجة ، وفى السقف أربعة روازن للضوء نافذة إلى أسفلها.

وفى ركنها الشامى : درجة يصعد منها إلى سطحها ، وعدد درجها : ثمان وثلاثون درجة.

وسقفها الأعلى مما يلى السماء : مرخم برخام أبيض ، وكان طلى بالنورة فى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة (١) ، ثم كشط ذلك فى سنة إحدى وثمانمائة (٢).

وبطرف سطحها إفريز مبنى بحجارة ، ويتصل بهذا الإفريز أخشاب فيها حلق من حديد تربط فيها كسوة الكعبة.

وبابها من ظاهره مصفح بصفائح فضة مموهة بالذهب ، وكذلك فيارين الباب وعتبته العليا مطلية بفضة.

__________________

(١) تاريخ الكعبة المعظمة (ص : ١٥٨).

(٢) إتحاف الورى ٣ / ٢ / ٤

٤٧

[ذرع الكعبة]

أما ذرع الكعبة : فقد ذكره الأزرقى ، وابن جماعة (١).

وحررت أنا ذلك أيضا ، فكان من سقفها إلى أرضها : سبعة عشر ذراعا ـ بتقديم السين ـ ونصف ذراع إلا قيراطا فى الجهة الشرقية ، وكذلك باقى الجهات ، إلا أن الجهة الشامية : تنقص عن الشرقية نصفا إلا قيراطا ، والجهة الغربية تنقص عن الشرقية : قيراطين ، واليمانية تزيد على الشرقية : ثمن ذراع.

وعرض الجهة الشرقية ـ على التقريب ـ : ثمانية عشر ذراعا وسدس.

والجهة الشامية ـ على التقريب أيضا ـ : أربعة عشر ذراعا إلا قيراطين.

والجهة الغربية : ثمانية عشر ذراعا وثلث ذراع.

واليمانية : أربعة عشر ذراعا وثلثا ذراع.

وطول فتحة الباب من داخله مع الفيارين : ستة أذرع.

وطوله من خارجه بغير الفيارين : ستة أذرع إلا ربع.

وذرع فتحة الباب من داخل الكعبة ـ مع الفيارين ـ : ثلاثة أذرع وثلث إلا قيراط.

وأما ذرع الكعبة من خارجها : فإن من أعلى الشاخص فى سطحها فى الجهة الشرقية إلى أرض المطاف : ثلاثة وعشرين ذراعا وثمن ذراع ، وكذلك الجهة اليمانية ، والجهة الغربية ، إلا أن الغربية تتقص ثمن ذراع.

وأما الجهة الشامية : فتنقص عن الشرقية واليمانية ربع ذراع.

وعرض الجهة الشرقية : أحد وعشرون ذراعا وثلث.

وكذلك الغربية بزيادة ثلث.

وأما الشامية فعرضها ثمانية عشر ذراعا إلا ربع ذراع.

وكذلك اليمانية بزيادة نصف إلا قيراطين.

ومن عتبة باب الكعبة إلى أرض الشاذروان تحتها : ثلاثة أذرع ونصف ، وارتفاع الشاذروان تحتها : ربع ذراع وقيراط.

__________________

(١) هداية السالك ٣ / ١٣٣٤ ، وأخبار مكة للأزرقى ١ / ١٨٩.

٤٨

والذراع الذى حررنا به : هو ذراع الحديد.

وكذلك ما حرر به ابن جماعة ، وبين ما ذكره وذكرناه اختلاف ، بيناه فى أصله.

والذراع الذى حرر به الأزرقى : ذراع اليد.

وأما شاذروان الكعبة :

فهو الأحجار اللاصقة بها التى فوقها بناء مسنّم مرخّم فى الجانب الشرقى والغربى واليمانى.

وفى الجانب الشرقى : حجارة لا بناء عليها ، هى شاذروان.

وأما الأحجار التى تلى جدر الكعبة الشامى : فليست شاذروانا ؛ لكون موضعها من البيت ، بلا ريب.

والشاذروان : هو ما نقصته قريش من عرض أساس جدار البيت حين ظهر على الأرض ، كما هو عادة الأبنية.

أشار إلى ذلك الشيخ أبو حامد الإسفرائينى ، وغيره من أئمة الشافعية.

وأما حكمه : فإن طواف من كان شئ من بدنه فيه : [فهو] غير صحيح على مذهب الشافعى.

وصرح بذلك ابن شاش ، وابن الحاجب ، وشارحه خليل ، وتلميذه صاحب «الشامل» وغيرهم من متأخرى المالكية.

وأنكر ذلك بعض متأخريهم ، ولم يثبته فى المذاهب.

ويصح طواف من لم يحترز منه فى طوافه عند الحنفية والحنابلة ، والله أعلم.

وطول الشاذروان فى السماء : ستة عشر إصبعا ، وعرضه : ذراع ، ذكر ذلك الأزرقى.

وقد نقص عرضه فى بعض الجهات عما ذكره الأزرقى ، فأفتى عالم الحجاز المحب الطبرى بإيجاب إعادة مقداره على ما ذكره الأزرقى (١).

__________________

(١) هداية السالك ٣ / ١٣٣٤ ، وأخبار مكة للأزرقى ١ / ١٨٩.

٤٩

[حلية الكعبة]

وأما حلية الكعبة المعظمة : فأول من حلّاها فى الجاهلية ـ على ما قيل ـ : عبد المطلب جد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وأما فى الإسلام ، فقيل : الوليد بن عبد الملك.

وقيل : أبوه.

وقيل : ابن الزّبير رضى الله عنه ، والله أعلم.

وحلّاها الأمين العباسى.

وحلّاها المتوكل العباسى.

هذا ما ذكره الأزرقى من حلية الكعبة (١).

وحلّاها بعده المعتضد العباسى فى سنة إحدى وثمانين ومائتين (٢). وأم المقتدر العباسى ، فى سنة عشر وثلاثمائة (٣) ، والوزير الجواد ، فى سنة تسع وأربعين وخمسمائة (٤) ، وحلّاها الملك المجاهد صاحب اليمن.

[معاليق الكعبة]

وأما معاليق الكعبة ، وما أهدى لها فى معنى الحلية : فذكر الأزرقى منها جانبا ذكرناه فى أصله ، مع أشياء لم يذكرها الأزرقى ، بعضها كان فى عصره ، وأكثر ذلك بعده ، ونشير هنا لشئ منه.

فمما أهدى لها فى عصر الأزرقى ـ ولم يذكره ـ : قفل فيه ألف دينار ، أهداه المعتصم العباسى فى سنة تسع عشرة ومائتين على ما ذكره الفاكهى (٥).

__________________

(١) القرى (ص : ٦٥١).

(٢) إتحاف الورى ٢ / ٣٤٩ ـ ٣٥٢ ، وأخبار مكة للأزرقى ٢ / ١١٢.

(٣) إتحاف الورى ٢ / ٣٦٨ ، وأخبار مكة للأزرقى ١ / ٢٩١.

(٤) إتحاف الورى ٢ / ٥١٤ ، والعقد الثمين ٢ / ٢١٢.

(٥) أخبار مكة للفاكهى ٥ / ٢٣٦ ، وإتحاف الورى ٢ / ٩٠ ، وأخبار الكرام للأسدى (ص : ١٣٧) ، ودرر الفرائد (ص : ١٢٧).

٥٠

ومن ذلك : طوق ذهب فيه مائة مثقال مكلل بالزمرد والياقوت والماس ، وياقوتة خضراء وزنها أربعة وعشرين مثقالا ، بعث بذلك ملك من ملوك السند لما أسلم فى سنة تسع وخمسين ومائتين (١).

ومن ذلك : حلقتان من ذهب مرصعتان باللؤلؤ والبلخش ، كل حلقة وزنها ألف مثقال ، وفى كل حلقة ستة لؤلؤات فاخرات ، وفيها ست قطع بلخش فاخر ، بعث بذلك الوزير على شاه وزير السلطان أبى سعيد بن خربندا ملك التتار ، فى موسم سنة ثمان عشرة وسبعمائة (٢).

وكان أمير الركب المصرى عارض فى تعليق ذلك ، فلوطف حتى أذن فى تعليقهما ، ثم أزيلا بعد قليل.

ومن ذلك ـ على ما ذكر لى بعض فقهاء مكّة ـ : أربعة قناديل ، كل قنديل منها قدر الدورق بمكّة ، اثنان ذهبا ، واثنان فضة ، بعث بذلك السلطان شيخ أويس صاحب بغداد ، وعلق ذلك فى الكعبة ، ثم أخذ عن قريب.

وكان إرساله بذلك فى أثناء عشر السبعين وسبعمائة ، على مقتضى ما أخبرنى به الفقيه المذكور.

وقد أهدى لها من هذا المعنى بعد ذلك أشياء.

وبالجملة : فلا يجوز أخذ شئ من حلية الكعبة ، لا للحاجة ، ولا للتبرك ؛ لأن ما جعل لها وسبّل لها يجرى مجرى الأوقاف ، ولا يجوز تغييرها عن وجوهها.

أشار إلى ذلك المحب الطبرى فى كتابه «القرى» قال : وفيه تعظيم للإسلام وترهيب على العدو (٣) .. انتهى.

[كسوة الكعبة]

وأما كسوة الكعبة : فإنها كسيت فى الجاهلية والإسلام أنواعا من الكساء ، وذكر الأزرقى من ذلك جانبا ذكرناه فى أصله.

__________________

(١) إتحاف الورى ٢ / ٣٣٦.

(٢) السلوك للمقريزى ٢ / ١ : ١٩٠ ، ودرر الفرائد (ص : ٢٩٦).

(٣) القرى (ص : ٦٥١).

٥١

وكسيت الكعبة ـ بعد الأزرقى ـ أنواعا من الكساء.

فمن ذلك : الديباج الأبيض الخراسانى ، والديباج الأحمر الخراسانى ، على ما ذكر صاحب «العقد».

ومن ذلك : الديباج الأبيض ، فى زمن الحاكم العبيدى ، وحفيده المستنصر ، كساها ذلك فى زمن المستنصر الصليحى صاحب اليمن ومكّة.

وكسيت فى سنة ست وستين وأربعمائة الديباج الأصفر ، وهذه الكسوة عملها السلطان محمود بن سبكتكين ، صاحب الهند (١).

ثم ظفر بها نظام الملك وزير السلطان ملك شاه السلجوقى ، فأنفذها إلى مكّة وجعلت فوق كسوة كساها لها فى هذه السنة أبو النصر الأسترابادى ، وكانت كسوته بيضاء من عمل الهند.

وكسيت فى خلافة الناصر العباسى كسوة خضراء وسوداء.

واستمرت تكسى السواد حتى الآن ، وفيها طراز أصفر ، وكان قبل ذلك أبيض.

وقد أحدث فى كسرة الكعبة من الجانب الشرقى جامات منقوشة بالحرير الأبيض من نحو عشر سنين ، ثم أعيد فى تاريخه ، وهى سنة تسع عشرة وثمانمائة.

وكسيت ثيابا من القطن مصبوغة بالسواد ؛ لأنها عريت من ريح عاصفة هاجت بمكّة فى سنة ثلاث وأربعين وستمائة (٢).

وقيل : فى سنة أربع وأربعين.

ولم يكن عند شيخ الحرم ـ العفيف منصور بن منعة البغدادى ـ شئ يقوم بكسوتها ، فاقترض ثلاثمائة دينار واشترى بها ثيابا بيضاء وصبغها بالسواد وركب عليها الطرز العتيقة.

__________________

(١) النجوم الزاهرة ٥ / ٩٥ ، إتحاف الوري ٢ / ٤٧٦.

(٢) البداية والنهاية ١٣ / ١٧١ ، ودرر الفرائد (ص : ٢٧٧) ، وإتحاف الوري ٣ / ٦٢.

٥٢

وممن كساها : رامشت صاحب الرباط بمكّة فى سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة ، كساها من الحبرات وغيرها ، وقوّمت كسوته بثمانية عشر ألف دينار مصرية ، على ما ذكر ابن الأثير. وقيل : بأربعة آلاف.

وأول من كساها من الملوك ـ بعد انقضاء الخلافة من بغداد ـ : المظفر يوسف صاحب اليمن فى سنة تسع وخمسين وستمائة (١).

وأول من كساها من ملوك الترك بمصر : الملك الظاهر بيبرس فى سنة إحدى وستين وستمائة (٢).

وكان المظفر يكسوها معه ، ومع من عاصره من ملوك مصر ، وربما انفرد بذلك.

ثم انفرد ملوك مصر بكسوتها بعد المظفر ، فيما أحسبه ، وإلى تاريخه.

وكسوتها ـ فى تاريخه ، وفيما قبله من نيف وسبعين سنة ـ من وقف وقفه صاحب مصر الصالح إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون على كسوة الكعبة فى كل سنة ، والحجرة النبوية والمنبر النبوى فى كل خمس سنين مرة.

وكساها أخوه الناصر حسن ، الكسوة التى هى الآن فى جوفها ، وكانت تصل إلى الأرض ، والباقى منها الآن نحو نصفها الأعلى ، وهى كسوة حسنة ، وهى حرير مذهب ، وكان ذلك فى سنة إحدى وستين وسبعمائة (٣).

وكان قبلها فى جوفها كسوة للمظفر ـ صاحب اليمن ـ فيما بلغنى.

وللعلماء من الشافعية وغيرهم خلاف فى جواز بيع كسوة الكعبة ، وذكر الحافظ صلاح الدين العلائى فى قواعده : أنه لا يتردد فى جواز ذلك الآن.

[طيب الكعبة]

وأما طيب الكعبة : فروينا عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ أنها قالت : طيبوا البيت ، فإن ذلك من تطهيره.

__________________

(١) إتحاف الورى ٣ / ٨٤ ، والعقود اللؤلؤية ١ / ١٣٣ ، وغاية الأمانى ١ / ٤٥٠.

(٢) إتحاف الوري ٣ / ٨٧ ، ودرر الفرائد (ص : ٢٨٠).

(٣) النجوم الزاهرة ١٠ / ٣١٦ ، وإتحاف الورى ٣ / ٢٨٠ ، والعقد الثمين ٤ / ١٨١.

٥٣

وروينا عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ أنها قالت : طيبوا البيت ، فإن ذلك من تطهيره.

وروينا عنها أنها قالت : لأن أطيب الكعبة أحب إلى من أهدى لها ذهبا وفضة.

ولا يجوز أخذ شئ من طيب الكعبة ، لا للتبرك ولا لغيره ، نص عليه النووى.

وأما إخدام الكعبة : فإن معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه أخدمها عبيدا ، ثم اتبعت ذلك الولاة بعده.

[أسماء الكعبة]

وأما أسماء الكعبة : فالكعبة ، وبكة ، والبيت الحرام ، والبيت العتيق ، وقادس ، ونادر ، والقرية القديمة.

وهذه الأسماء الثلاثة الأخيرة مذكورة فى تاريخ الأزرقى.

ومن أسمائها : البنية ، ذكره القاضى عياض فى «المشارق».

[هدم الحبشى للكعبة]

وأما هدم الحبشى للكعبة : فروينا فى ذلك حديثا عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم من رواية أبى هريرة رضى الله عنه فى الصحيحين (١) ، وحديثا من رواية ابن عباس رضى الله عنه فى صحيح البخارى (٢) ، وتخريبه لها يكون بعد رفع القرآن على ما ذكر السهيلى ، وذلك بعد موت عيسى عليه‌السلام.

وقيل : فى زمن عيسى ، والله أعلم.

[فتح الكعبة فى الجاهلية والإسلام]

وأما وقت فتح الكعبة فى الجاهلية : فيوم الاثنين والخميس والجمعة.

__________________

(١) صحيح البخارى (الحج : هدم الكعبة) ٢ / ١٤٩ ، ومسلم (الفتن : لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل) ٨ / ١٨٣.

(٢) البخارى ٢ / ١٤٩ ونصه : كأنى به أسود أفحج يقلعها حجرا حجرا.

٥٤

وأما فى الإسلام : فيوم الجمعة ، وكانت تفتح يوم الاثنين ، وفعل ذلك فى عصرنا فى رمضان وشوال وذى القعدة من سنة إحدى وثمانمائة (١).

وتفتح فى أوقات أخر من كل سنة.

منها : فى بكرة الثانى عشر من ربيع الأول ، وفى بكرة تاسع عشرى رجب الفرد ؛ لغسلها.

وتفتح فى سادس عشر من ذى القعدة لغسلها.

وفى بعض أيام الموسم فى الثمان الأول من ذى الحجة وفى لياليها.

وفتحها فى هذا التاريخ لأجل البر المأخوذ ممن يدخلها من الحجاج ، وهو لا يحل إلا بطيب نفس ممن يدفعه.

وذكر المحب الطبرى : أنه لا يحل منع أحد من دخول البيت.

وأما بيان جهة المصلين إلى الكعبة من سائر الآفاق ، ومعرفة أدلة القبلة بالآفاق المشار إليها ، فأخبرنى به خالى قاضى الحرمين محب الدين النويرى ـ رحمه‌الله تعالى ـ سماعا عن القاضى عز الدين بن جماعة ـ سماعا ـ أنه نقل ذلك من خط والده القاضى بدر الدين فى الدائرة التى ذكر فيها صفة الكعبة ، وما يحتاج إلى معرفة تصويره ، وأن والده قال : إنه كتبها فى شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وستمائة ، وذكرنا كلامه فى أصله بزيادة فوائد.

* * *

__________________

(١) إتحاف الورى ٣ / ٥١٢.

٥٥
٥٦

الباب التاسع

فى بيان مصلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الكعبة المعظمة ، وقدر

صلاته فيها ووقتها ، ومن رواها من الصحابة ، ومن نفاها

منهم رضى الله عنهم أجمعين ، وترجيح رواية من أثبتها

على رواية من نفاها ، وما قيل من الجمع بين ذلك ،

وعدد دخوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الكعبة بعد هجرته إلى المدينة ،

وأول وقت دخلها فيه بعد هجرته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

أما موضع صلاته فى الكعبة : فقد بينه ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ ؛ لأن فى البخارى ـ من رواية موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ : أنه كان إذا دخل الكعبة مشى قبل الوجه حين يدخل ، ويجعل الباب قبل الظهر ، يمشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذى قبل وجهه قريبا من ثلاثة أذرع ، فيصلى ، يتوخى المكان الذى أخبره بلال رضى الله عنه : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلى فيه (١).

وروينا فى الأزرقى : أن معاوية رضى الله عنه سأل ابن عمر رضى الله عنه عن مصلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الكعبة؟ فقال : بين العمودين المقدمين ، اجعل بينك وبين الجدار ذراعين ، أو ثلاثة (٢).

وأما قدر صلاته هذه : فركعتان ، كما فى كتاب الصلاة من صحيح البخارى ، من حديث مجاهد عن ابن عمر رضى الله عنه.

وأما من روى صلاة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الكعبة ـ يوم فتح مكّة ـ من الصحابة : فبلال ، وشيبة بن عثمان الحجبى ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عباس ـ ولا يصح عنه ـ وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، وعبد الرحمن بن صفوان القرشى ، وعثمان بن طلحة الحجبى ، وعمر بن الخطاب ، وأبو هريرة ـ وإسناد حديثه ضعيف ـ وعائشة ، رضى الله عنهم أجمعين.

__________________

(١) صحيح البخارى (٤٢٨٩).

(٢) أخبار مكة للأزرقى ١ / ٢٧١.

٥٧

وأما الذين نفوها : فأسامة بن زيد ، والفضل بن العباس ، وأخوه عبد الله ، رضى الله عنهم.

وأما ترجيح رواية من أثبت صلاة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الكعبة على رواية من نفاها : فلإثباته ما نفاه غيره ، وفى مثل هذا يؤخذ بقول المثبت.

وقد أشار إلى الترجيح بذلك جماعة ، منهم : النووى ، رحمه‌الله.

وأقرب ما قيل فى الجمع بين الاختلاف فى إثبات صلاة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الكعبة ونفيها ، أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلى فى الكعبة لما غاب عنه أسامة من الكعبة لأمر ندبه إليه ، وهو : أن يأتى بما يمحو به الصور التى كانت فى الكعبة ؛ لأن فى مسند الطيالسى ـ من حديث أسامة بن زيد ـ : أنه أتى إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدلو من ماء ، فجعل يمحو به الصور ، وإسناد الطيالسى فيه تقوم به الحجة ، فلذلك كان هذا الوجه أقرب ما قيل فى الجمع بين هذا الاختلاف.

ويجمع أيضا بين حديث بلال والفضل بمثل هذا الجمع ؛ لأن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث الفضل ـ بعد دخوله معه إلى الكعبة ـ ليأتيه بماء يطمس به الصور التى فى الكعبة ، على ما قيل ، فصلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى غيبته.

وهذا رويناه فى تاريخ الأزرقى عن عبد الحميد بن أبى رواد عن الزهرى (١).

وحديث بلال أرجح من حديث عبد الله بن عباس ـ رضى الله عنهما ـ ؛ لأن بلالا رضى الله عنه شهد صلاة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الكعبة ، وابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ لم يشهدها ، وإنما اعتمد فى نفيها على أخيه ، وأسامة ـ رضى الله عنهما ـ ، والله أعلم.

[عدد دخول النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم الكعبة]

وأما عدد دخوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الكعبة بعد هجرته : فروينا فيه أخبارا يتحصل من مجموعها دخوله إليها أربع مرات : يوم فتح مكّة ، وهذا لا ريب فى صحته.

__________________

(١) أخبار مكة للأزرقى ١ / ١٦٥.

٥٨

وفى ثانيه ، كما هو مقتضى حديث ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ ، وحديث أسامة ـ رضى الله عنه ـ ، الذى جمع به ابن جماعة.

وفى حجة الوداع ، كما هو مقتضى حديث عائشة ـ رضى الله عنها ـ ، وسيأتى ذكره قريبا فى أول الباب الذى بعده.

وفى عمرة القضية ، كما يقتضيه كلام المحب الطبرى (١) ، وفى صحة ذلك نظر.

[أول وقت دخلها فيه]

وأما أول وقت دخل فيه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم الكعبة بعد هجرته : فيوم فتح مكّة.

وقد نقل الأزرقى عن جده عن سفيان بن عيينة عن غير واحد من أهل العلم ، سمع منهم : يذكرون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنما دخل الكعبة مرة واحدة عام الفتح ، ثم حج ولم يدخلها (٢) .. انتهى.

وهذا يدل على أنه لم يدخل فى ثانى الفتح ، ولا فى حجة الوداع ، والله أعلم.

__________________

(١) القرى (ص : ٢٥٣ ، ٢٥٤).

(٢) أخبار مكة للأزرقى ١ / ١٦٥.

٥٩
٦٠