الزهور المقتطفة من تاريخ مكّة المشرّفة

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

الزهور المقتطفة من تاريخ مكّة المشرّفة

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: دكتور مصطفى محمّد حسين الذّهبي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٤٧

وقيل : إن قصته كانت فى سنة اثنين وخمسين ، وفيها أهلكه الله بالجدرى.

وولى مكّة فى خلافة المستعين : ابنه العباس ، ومحمد بن عبد الله بن طاهر ابن الحسين ، ولم يباشرا الولاية على مكّة وإنما عقد لهما عليها الولاية مع بلاد أخر.

ثم ولى مكّة فى خلافة المعتز بن المتوكل : عيسى محمد بن إسماعيل بن إبراهيم المخزومى.

وممن ولى مكّة فى خلافة المهتدى محمد بن الواثق ـ أو فى خلافة المعتمد أحمد بن المتوكل ـ : محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور الملقب : كعب البقر.

وممن ولى مكّة فى خلافة المهتدى : على بن الحسن الهاشمى.

ثم ولى مكّة فى خلافة المعتمد ابن المتوكل جماعة ، وهم : أخوه أو أحمد الموفق بن المتوكل ، وإبراهيم بن محمد بن إسماعيل العباسى. الملقب : بزيه ، وأبو المغيرة محمد بن عيسى بن محمد المخزومى. ـ السابق ذكر أبيه ـ وأبو عيسى محمد بن يحيى بن محمد بن عبد الوهاب المخزومى ، والفضل بن العباس بن الحسين بن إسماعيل العباسى ، وهارون بن محمد بن إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن على ، وأحمد بن طولون صاحب مصر ، ومحمد بن أبى الساج ، وأخوه يوسف بن أبى الساج.

وباشر من هؤلاء ولاية مكة : إبراهيم ، وأبو المغيرة ، وأبو عيسى ، وهارون ، والفضل ، ويوسف. والشك فى الموفق ، هل باشر ولاية مكّة أم لا؟

وأما ابن طولون ، ومحمد بن أبى الساج : فلم أر ما يدل على مباشرتهما.

ثم ولى مكّة فى خلافة المعتضد : ابن أبى أحمد الموفق بن المتوكل.

وفى خلافة أولاده : المكتفى ، والمقتدر ، والقاهر.

وفى خلافة الراضى : ابن المقتدر.

وفى خلافة المتقى : ابن المقتدر.

١٨١

وفى خلافة المستكفى : ابن المكتفى.

وفى خلافة المطيع بن المقتدر جماعة ، وما عرفت منهم إلا عج بن حاج ، ومؤنس بن المظفر ، وابن ملاحظ ، وابن مخلب ، وابن محارب ـ على الشك منى ـ ومحمد بن طغج الأخشيد صاحب مصر ، وابنيه : أبا القاسم أو نجور ـ ومعنى أو نجور : محمود ـ وأبا الحسن عليا ، والقاضى أبا جعفر محمد بن عبد العزيز العباسى ، وولايته فى زمن ولاية الإخشيد بمكة.

وما عرفت أن أحدا من هؤلاء باشر ولاية مكّة غير عج بن حاج ، وابن ملاحظ ، وابن محارب ، أو ابن مخلب ـ على الشك فيما يعرف به.

ثم ولى مكّة بالتغلب : جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى. هكذا نسبه ابن حزم فى «الجمهرة» ، وذكر أنه غلب على مكة أيام الإخشيدية. وأظن ذلك بعد موت كافور الإخشيدى وقبل استيلاء القائد جوهر خادم المعز العبيدى على مصر ، والله أعلم.

وولى مكّة بعد جعفر هذا : ابنه عيسى. ودامت ولايته على مكّة إلى سنة أربع وثمانين وثلثمائة على ما ذكر بعض مشايخنا ، وذكر أن أخاه أبا الفتوح الحسن بن جعفر ولى مكّة فى هذا التاريخ ، والله أعلم.

وولاية أبى الفتوح لمكّة مشهورة ، ودامت ولايته عليها فيما علمت إلى أن مات فى سنة ثلاثين وأربعمائة ، إلا أن صاحب مصر الحاكم العبيدى عزله.

وولى مكّة عوضه ابن عم له يقال له أبو الطيب ؛ لأن أبا الفتوح خرج عن طاعة الحاكم. وبويع فى الحرمين بالخلافة ، وتلقب بالراشد ، وسار فى ألف عبد إلى الرملة ؛ لأن آل الجراح مالؤه على ذلك ، ثم تخلوا عنه لاستمالة الحاكم لهم عنه بأموال عظيمة ، وشفعوا له عند الحاكم ، فأعاده إلى ولاية مكة.

وكان ذلك من أبى الفتوح فى سنة إحدى وأربعمائة.

وقيل : فى سنة اثنين وأربعمائة.

١٨٢

ووليها بعده ابنه : شكر بن أبى الفتوح ، ودامت ولايته ـ فيما علمت ـ إلى أن مات سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة ، وآل أمر مكّة بعد شكر إلى عبد له ، على ما ذكر ابن حزم فى «الجمهرة».

وفى المرآة : ما يقتضى أنه ولى مكّة بعد شكر : بنو أبى الطيب الحسنيون ، ثم على بن محمد الصليحى صاحب اليمن ، ثم محمد بن جعفر بن أبى هاشم عن الصليحى. ومحمد بن جعفر هذا آخر أمراء مكّة المعروفين بالهواشم ، وهو أبو هاشم محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى.

وكان تأمير الصليحى له فى سنة ست وخمسين وأربعمائة.

ودامت ولاية ابن أبى هاشم ثلاثين سنة ، إلّا أن بنى سليمان الحسينيين قصدوه مع حمزة بن وهاس ففر إلى ينبع ؛ لأنه لم يكن له بهم طاقة ، وذلك بعد سير الصليحى من مكّة.

وكان مسيره بعد يوم عاشوراء ، أو فى ربيع الأول من سنة ست وخمسين وأربعمائة.

وكان ملك الصليحى لمكّة فى سادس ذى الحجة سنة خمس وخمسين ، وهرب ابن أبى هاشم فى سنة أربع وثمانين وأربعمائة إلى بغداد لما وصل إلى مكّة التركمان ، وهو أول من أعاد الخطبة العباسية بمكّة بعد قطعها من الحرمين نحو مائة سنة.

وولى مكّة بعده : ابنه قاسم ، ثم أصبهيد بن سارتكين.

ثم عاد قاسم المذكور لولايتها فى شوال سنة سبع وثمانين وأربعمائة ، بعد أن هزم أصبهيد.

واستمر قاسم حتى مات ـ فيما علمت ـ وكان موته فى سنة ثمان عشرة وخمسمائة.

وولى بعده : ابنه فليتة. ويقال : أبو فليتة. واستمر ـ فيما علمت ـ حتى مات سنة سبع وعشرين وخمسمائة.

١٨٣

وولى بعده : هاشم ابنه. واستمر ـ فيما علمت ـ إلى سنة تسع وأربعين وخمسمائة.

وقيل : إلى سنة إحدى وخمسين.

وولى بعده : قاسم ابنه إلى وقت الموسم من سنة ست وخمسين.

ثم ولى عوضه : عمه عيسى بن فليتة.

ثم ولى قاسم مكّة فى شهر رمضان سنة سبع وخمسين ، ثم قتل بعد أيام يسيرة ، وعاد عمه عيسى إلى ولايتها ، واستمر فيما علمت حتى مات سنة سبعين وخمسمائة ، إلّا أن أخاه مالك بن فليتة استولى على مكّة نحو نصف يوم. وخرج من مكة : مالك بعد قتال جرى بين عسكره وعسكر أخيه. وذلك يوم عاشوراء من سنة ست وستين وخمسمائة.

ووليها بعد عيسى : ابنه داود ، ثم أخوه مكثر بن عيسى فى نصف رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.

ثم وليها فى هذه السنة : الأمير قاسم بن مهنا الحسينى أمير المدينة ثلاثة أيام بعد الحج من هذه السنة ، ثم رأى فى نفسه العجز عن القيام بذلك ، فولى أمير الحاج طاشتكين ، داود بن عيسى. وكان الأخوان بعد ذلك يتداولان إمره مكّة ، يليها كل منهما زمنا ، ثم انفرد بها مكثر نحو عشر سنين متوالية ، وبها انقضت ولاية الهواشم.

ووليها ـ فى ولاية أحدهما ـ سيف الإسلام طغتكين بن أيوب أخو السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، صاحب مصر والشام ، فى سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.

وولى مكّة بعد مكثر : أبو عزيز قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم ابن عيسى بن حسين بن سليمان بن على بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى الينبعى فى سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وقيل : فى سنة ثمان وتسعين. وقيل : سنة تسع وتسعين.

١٨٤

واستمر حتى مات فى سنة سبع عشرة وستمائة. وقيل : سنة ثمان عشر.

وامتدت ولايته إلى ينبع وإلى حلى. وحارب صاحب المدينة ، وغلب كل منهما الآخر حينا.

وولى مكّة فى ولاية قتادة : أقياش الناصرى العباسى ، ولم يباشر ولايتها ، وإنما عقد له مولاه الولاية على الحرمين ، وإمرة الحاج.

وولى مكّة بعد قتادة : ابنه حسين بن قتادة ، ودامت ولايته إلى سنة تسع عشرة وستمائة. وقيل : إلى سنة عشرين.

ووليها بعده : الملك المسعود ـ واسمه يوسف ، ويلقب : أقسيس ـ ابن الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبى بكر بن أيوم صاحب اليمن ، بعد أن حارب حسن بن قتادة بالمسعى ، وانهزم حسن.

ونهب عسكر الملك المسعود مكّة إلى العصر ، ودامت ولايته عليها حتى مات فى سنة ست وعشرين وستمائة.

ووليها نيابة عنه : نور الدين عمر بن على بن رسول الدين الذى صار سلطانا باليمن بعده ، والأمير حسام الدين ياقوت بن عبد الله المسعودى.

ووليها بعد المسعود : والده الكامل صاحب مصر ، ودامت له ولايته إلى شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وستمائة.

ثم وليها الملك المنصور نور الدين ـ المذكور ـ بعد أن بويع بالسلطنة ببلاد اليمن ؛ لأنه أنقذ جيشا إليها فيهم راجح بن قتادة ، فهرب منها طغتكين متوليها من قبل الكامل.

ثم استولى عليها مع جيش أمده به الكامل فى شهر رمضان سنة تسع وعشرين ، وسمى ابن محفوظ المكى أمير مكّة الكامل فى هذا التاريخ شجاع الدين ، والله أعلم.

وقيل : إن فخر الدين بن الشيخ كان على مكّة لما وصلها جيش المنصور فى سنة تسع وعشرين.

١٨٥

ثم وليها جيش المنصور مع راجح بغير قتال فى صفر سنة ثالثين.

ثم وليها فى آخرها عسكر الكامل ، وأقام بها أمير من جهة الكامل يقال له ابن مجلى.

ثم وليها : عسكر المنصور مع راجح فى سنة إحدى وثلاثين.

ثم وليها فى سنة اثنين وثلاثين : عسكر الكامل ، وكان ألف فارس ـ وقيل : سبعمائة. وقيل : خمسمائة ـ وخمسة من الأمراء يقدمهم الأمير جفريل ، ودامت ولاية الكامل عليها إلى أن استولى عليها المنصور فى سنة خمس وثلاثين وستمائة ، وكان قد سار إليها بنفسه فى ألف فارس ، فيما قيل.

ودامت ولايته عليها إلى سنة سبع وثلاين ، ترك بها مائة وخمسين فارسا ، قدّم عليهم ابن الوليد وابن التغرى.

ثم وليها : الملك الصالح أيوب بن الكامل صاحب مصر ؛ لأنه أنفذ إليها مع الشريف شيخة ـ صاحب المدينة ـ جيشا فيه ألف فارس ، فاستولى على مكّة بغير قتال فى سنة سبع وثلاثين.

ثم وليها : عسكر المنصور بعد مفارقة شيحة ، ومن معه لمكّة.

ثم وليها : عسكر الصالح فى سنة ثمان وثلاثين ، وممن وليها له الأمير فخر الدين أحمد بن التركمانى.

ثم وليها المنصور فى سنة تسع وثلاثين وستمائة ، وسافر إليها بنفسه ، ودامت ولايته عليها حتى مات ، وأمر عليها فى هذه السنة مملوكه الأمير فخر الدين الشلاح ، وابن فيروز ، وجعل الشريف أبا سعد بن على بن قتادة بالوادى مساعدا لعسكره.

واستمر الشلاح على ولاية مكّة إلى سنة ست وأربعين وستمائة ، على ما ذكر بعض مؤرخى اليمن فى عصرنا.

ووجدت بخط الميورقى : أن ابن المسيب قدم مكّة لعزل الشلاح فى منتصف ربيع الأول سنة خمس وأربعين ، والله أعلم بالصواب.

١٨٦

وولى مكّة بعد ابن المسيب : أبو سعد بن على ـ السابق ـ بعد قبضه على ابن المسيب فى ذى القعدة.

وقيل : فى شوال سنة سبع وأربعين وستمائة ، واستمر إلى أن قتل سنة إحدى وخمسين فى شعبان ، وقيل : فى رمضان منها.

ثم وليها بعده ـ أحد قتلته ـ : جماز بن حسن بن قتادة ، واستمر إلى آخر يوم من ذى الحجة سنة إحدى وخمسين.

ثم وليها بعده : راجح بن قتادة ، واستمر إلى ربيع الأول سنة اثنين وخمسين.

ثم وليها بعده : إدريس بن قتادة ، وأبو نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بعد قتال مات فيه ثلاثة نفر.

ثم وليها : المبارز على بن الحسين بن برطاس ، وكان المظفر صاحب اليمن قد أنفذه إلى مكّة فى مائتى فارس ، فقاتل إدريس وأبا نمى ، وظهر عليهما فى الخامس والعشرين من ذى القعدة سنة اثنين وخمسين.

ثم ولياها فى آخر المحرم سنة ثلاث وخمسين وستمائة بعد قتالها لابن برطاس ، وكان أسر ففدا نفسه ، وفارق مكّة بمن معه.

ثم انفرد أبو نمى بإمرتها ، ثم عاد إدريس لمشاركته فى ولايتها.

ثم وليها : أولاد حسن بن قتادة ستة أيام من سنة ست وخمسين ، ثم أخرجهم منها أبو نمى ، ودامت ولايته وولاية إدريس إلى سنة سبع وستين.

ثم انفرد بها أبو نمى قليلا ثم عاد إدريس إلى ولايتها ، واستمر إلى ربيع الأول سنة تسع وستين.

ثم انفرد إدريس بولايتها أربعين يوما.

ثم قتل فى هذه السنة بخليص فى حرب كانت بينه وبين أبى نمى ، وانفرد أبو نمى بولايتها إلى سنة سبعين.

١٨٧

ثم وليها فى صفر : جماز بن شيحة صاحب المدينة ، وغانم بن إدريس بن حسن بن قتادة صاحب ينبع ، ثم عاد أبو نمى إلى ولايتها بعد أربعين يوما ، واستمر إلى سنة سبع وثمانين وستمائة.

ثم عاد جماز بن شيحه إلى ولاية مكّة ، وأقام بها إلى آخر السنة ، وذلك مدة يسيرة.

ثم وليها أبو نمى ، واستمر إلى أوئل صفر سنة إحدى وسبعمائة ، وفى رابعه مات.

وكان وليها فى حال ولاية نمى وإدريس أمير يقال له : شمس الدين مروان ، نائب الأمير عز الدين أمير خازندار ، بأمر من الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر فى سنة سبع وستين وستمائة ، بسؤال من إدريس وأبي نمى للظاهر فى ذلك.

ثم أخرج مروان من مكّة فى سنة ثمان وستين.

ووليها ـ قبل موت أبى نمى بيومين ـ ابناه حميضة ، ورميثة ، واستمر إلى أن قبض عليهما فى موسم سنة إحدى وسبعمائة.

وقيل : وليها بعدهما أبو الغيث ، ومحمد بن إدريس بن قتادة.

ثم وليها حميضة ورميثة فى سنة ثلاث وسبعمائة ، وقيل : فى سنة أربع وسبعمائة ، بولاية من الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر ، واستمرا إلى موسم سنة ثلاث عشرة وسبعمائة.

ثم وليها : حميضة بعد قتال كان بينه وبين أبى الغيث ، ثم ظفر به فى حرب آخر فقتله ، واستمر حميضة إلى أن هرب إلى الحلف والخليف فى شعبان سنة خمس عشرة.

ووليها بعده : أخوه رميثة بولاية من الناصر المذكور ، واستمرا إلى أن قبض عليه بعد إنقضاء الحج من سنة ثمان عشرة وسبعمائة ، إلا أن حميضة استولى على مكّة فى أوائل هذه السنة ، أو بعد الحج من التى قبلها ، بموافقة رميثة على ما قيل.

ووليها : عطيفة بن أبى نمى فى أوائل سنة تسع عشرة وسبعمائة ، بولاية من الناصر المذكور ، وجهز معه عسكرا. واستمر فى الولاية إلى أوائل سنة إحدى

١٨٨

وثلاثين وسبعمائة ، إلا أن رميثة شاركه فى ولاية مكّة فى بعض سنى عشر الثلاثين.

ثم وليها : رميثة بمفرده فى ربيع الآخر أو جمادى الأولى ، من سنة إحدى وثلاثين ، واستمر إلى سنة أربع وثلاثين.

ثم وليها : عطيفة شريكا لرميثة.

ثم انفرد رميثة بإمرتها ليلة رحيل الحاج من السنة المذكورة.

ثم وليها : عطيفة شريكا لرميثة فى الموسم من سنة خمس وثلاثين ، واستمر إلى أثناء سنة ست وثلاثين.

ثم سافر فأقام عطيفة بمكة ، ورميثة بالحديد ، فقصد رميثة مكّة ودخلها ، وخرج منها غير ظافر ، وذلك فى رمضان من السنة المذكورة. وفى سنة سبع وثلاثين اصطلحا وتشاركا فى الإمرة.

ثم انفرد فيها رميثة ، واستمر متوليا إلى أن ترك ولايتها فى سنة أربع وأربعين وسبعمائة لولديه عجلان ، وثقبة ، وأبى ذلك ولاة الأمر بمصر ، وكتبوا له بالولاية ، فاستمر رميثة إلى سنة ست وأربعين وسبعمائة.

ثم وليها فيها : ابنه عجلان فى حياة أبيه. وفيها مات أبوه ، واستمر عجلان إلى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة.

ثم وليها معه أخوه ثقبة ، ثم صارا يتداولان ولايتها كل منهما وقتا.

ثم ولياها معا باتفاقهما على ذلك فى أيام الموسم من سنة ثمان وخمسين وسبعمائة.

ثم وليها بعدهما : أخوهما سند بن رميثة ، وابن عمهما محمد بنه عطيفة فى أثناء سنة ستين وسبعمائة ، بولاية من الناصر حسن بن محمد بن قلاوون صاحب مصر ، وجهز من مصر عسكرا لتأييدهما. واستمرا على ولايتهما حتى انقضى الحج من سنة إحدى وستين وسبعمائة.

ثم وليها ـ عوض ابن عطيفة شريكا لسند ـ : أخوه ثقبة بن رميثة ؛ لأن

١٨٩

الترك الذين قدموا فى موسم هذه السنة إلى مكّة للإقامة بها عوض الأولين خرجوا من مكّة على وجه مؤلم بسبب ما نالهم من فتك بنى حسن فيهم بالقتل والنهب.

وكان ابن عطيفة تخلى عن نصرة الترك فلم يستطع المقام بمكّة بعد خروجهم منها ، فخرج منها بعدهم خائفا يترقب.

ووجدت بخط بعض أصحابنا ما يقتضى : أنه أقام بمكّة بعد الترك ، ولعله أقام قليلا ثم رحل.

ثم ولى عجلان إمرة مكّة ـ عوض سند ـ شريكا لثقبة ، وكان بمصر حين ولايته لذلك ، فما وصل إلى وادى مرّ إلا وثقبه عليل مدنف ، فلما مات ثقبة فى شوال سنة اثنين وستين وسبعمائة ولى عجلان عوضه : ابنه أحمد بن عجلان ، وجعل له ربع الحاصل. ثم زاده بعد ذلك ربعا آخر ، ثم ترك عجلان الإمرة لابنه : أحمد ، على أمور اشترطها ، منها : دوام الدعاء له مدة حياته ، فوفى له بذلك ابنه.

واستمر منفردا بالإمرة حتى أشرك معه فيها ابنه محمد بن أحمد بن عجلان فى سنة ثمانين وسبعمائة بولاية من صاحب مصر ، ولم يظهر لذلك أثر لصغر ابنه واستبداده هو بالأمور ، واستمرا شريكين فى الإمرة ، حتى مات الأب فى العشرين من شعبان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة.

ثم انفرد بها الولد مائة يوم ، ثم قتل فى مستهل الحجة من السنة المذكورة لما حضر لخدمة المحمل المصرى.

فوليها عوضه : عنان بن مغامس بن رميثة ، واستولى على مكّة بعد قتال وقع بينه وبين بعض جماعة الأمير المقتول ، واستولى على جدة أيضا ، ثم انتزعت منه فى أوائل سنة تسع وثمانين ، وأشرك معه فى الإمرة : ابنى عميه أحمد بن ثقبة ، وعقيل بن مبارك بن رميثة ، ثم على بن مبارك ليستظهر بهم على أعدائه ، فما وجد بذلك راحة.

ونمى الخبر إلى السلطان «الملك الظاهر برقوق» بمصر فعزله ، وولى على بن عجلان بن رميثة.

١٩٠

وتحارب عنان وجماعته مع آل عجلان ومن معهم بأذاخر فى سلخ شعبان سنة تسع وثمانين ، فكان الظفر لعنان وأصحابه.

ثم استولى على مكة : على بن عجلان فى موسم هذه السنة بعد مفارقة عنان وأصحابه لمكة ، ونزلوا بعد الموسم فى الوادى ، وكان لهم أمر جدة. ثم فارقهم عنان ، وتوجه إلى مصر ، فأقام بها مدة ، مطلقا ومعتقلا.

ثم ولى بعد إطلاقه : نصف إمرتها شريكا لعلى بن عجلان ، ووصل مكّة فى نصف شعبان من سنة اثنين وسبعين. ودخل مكّة بموافقة مع على بن عجلان وجماعته ، واستمرا على الولاية إلى الرابع والعشرين من صفر سنة أربع وتسعين وسبعمائة.

ثم استبد بها علىّ وأصحابه بعد أنه همّ بعضهم بالفتك بعنان بالمسعى ، فنجى ، ثم دخلها بعد أن أخليت له من جماعتهم لما عزم إلى التوجه إلى مصر مطلوبا ، وتوجه بعده : على بن عجلان ، واجتمعا بمصر عند الملك الظاهر ، فعزل عنان.

وأقام بمصر حتى مات فى ربيع الأول سنة خمس وثمانمائة بالفالج.

وولى مكة علىّ بمفرده ، ووصل إلى مكّة فى موسم سنة أربع وتسعين وسبعمائة ، وقبض فى آخر يوم منها على جماعة من وجوه الأشراف والقواد ، ثم خودع فيهم فأطلقهم ، ثم شوشوا عليه كثيرا ، فقصد التجار ينبع لقلة الأمن بمكّة وجدة.

وآخر أمره أنه قتل ، ففاز بالشهادة فى تاسع شوال سنة سبع وسبعمائة.

ثم وليها عوضه : أخوه السيد حسن بن عجلان ، وكان حين ولايته بمصر ، فدخل مكّة فى رابع عشرين من ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وسبعمائة.

فوجد المجاورون والحاج بولايته راحة ونفعا ؛ لأنه لمصالحهم يرعى.

واستمر منفردا بالإمرة إلى أن أشرك معه فيها : ابنه السيد بركات فى سنة تسع وثمانمائة بولاية من الناصر فرج بن الملك الظاهر برقوق صاحب مصر.

١٩١

ثم سعى لابنه السيد أحمد فى نصف الإمرة الذى كان بيده ، فأجيب لسؤاله ، وولى هو نيابة السلطنة ببلاد الحجاز ، وذلك فى ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثمانمائة.

وولى هو فى إمره المدينة النبوية : عجلان بن نمير بن منصور بن جماز ابن شيحة الحسينى.

وكان يقدم فى الخطبة بالمدينة على أميرها عجلان ، ثم قطعت خطبته منها لما زال عجلان عن ولايتها فى العشر الأخير من ذى القعدة سنة اثنتى عشرة وثمانمائة.

وفى شوال من هذه السنة عزل السيد حسن وابناه عن ولاياتهم ، وأسرّ السلطان بمصر ذلك. ثم ـ رضى عليهم ـ وأعادهم إلى ولاياتهم فى ثانى عشر ذى القعدة من السنة المذكورة ، وبعث إليهم بالعهد والميثاق والتشاريف مع خادمه الخاص فيروز الساقى ، فلبسوا ذلك ، وقرأ العهد بولايتهم فى أول ذى الحجة من السنة المذكورة. وأخمد الله بذلك فتنة عظيمة كادت أن تقع بين المذكورين وبين أمير الحاج المصرى بيسق.

واستمروا على ولاياتهم إلى أوائل سنة ثمان عشرة وثمانمائة ، فالله يبقيهم ، ومن الأسواء يقيهم ، ثم عزلوا عن ذلك.

ووليه : السيد رميثه بن محمد بن عجلان بن رميثه فى هذا التاريخ ، ودخل مكّة فى مستهل ذى الحجة سنة ثمان عشرة ، وفيه قرىء توقيعه ودعى له على المنبر فى الخطبة فى سابع ذى الحجة ، فالله يسدده وإلى الخير يرشده ، ثم عزل عن ذلك فى ثامن عشر رمضان سنة تسع عشرة وثمانمائة.

وولى عمه السيد حسن : إمره مكّة ـ عوضه ـ ودخلها لابسا لخلعة الولاية بها بكرة يوم الأربعاء سادس عشرين شوال ، بعد حرب كان بين عسكر حسن وابن أخيه فى اليوم الذى قبله ، استظهر فيه عسكر السيد حسن على من قاتلهم وفارقوا مكة.

وفى أول سنة أربع وعشرين وثمانمائة فوضت إمرة مكّة للسيد حسن بن

١٩٢

عجلان وابن السيد زين الدين بركات ، ووصل بذلك عهد من الملك المظفر أحمد بن الملك المؤيد.

وقد ذكرنا من حال ولاة مكّة أكثر من هذا فى أصله ، وبسطنا ذلك أكثر فى «العقد الثمين» ، ومختصره «عجالة القرى». فمن أراد ذلك فليراجعهما ، يرى فيهما من هذا المعنى وفى غيره أخبارا مستعذبة وفوائد مستغربة ، ونحمد الله على ما منّ به من ذلك من الإرشاد ونسأله فى ذلك السداد.

***

١٩٣
١٩٤

الباب الثامن والثلاثون

فى ذكر شىء من الحوادث المتعلقة بمكّة فى الإسلام

لا ريب فى كثرة الأخبار فى هذا المعنى ، وأكثر ذلك خفى علينا لعدم العناية بتدوينه فى كل وقت ، وقد سبق مما علمناه أمور كثيرة فى مواضع من هذا الكتاب ، ويأتى ـ إن شاء الله تعالى ـ شىء من ذلك بعد هذا الباب.

والمقصود ذكره فى هذا الباب : أخبار تتعلق بالحجاج لها تعلق بمكّة أو باديتها ، وحج جماعة من الخلفاء والملوك فى حال ولايتهم ، ومن خطب له بمكّة من الملوك وغيرهم فى خلافة بنى العباس ، وما جرى بسبب الخطبة بمكّة بين ملوك مصر والعراق ، وما أسقط من المكوسات المتعلقة بمكة.

فمن الأخبار المقصود ذكرها هنا : أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه ، حج بالناس سنة اثنتى عشرة من الهجرة (١).

ومنها : أن الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه حج بالناس فى جميع خلافته إلا السنة الأولى منها (٢).

ومنها : أن ذا النورين عثمان بن عفان رضى الله عنه حج بالناس فى جميع خلافته إلا السنة الأولى والأخيرة (٣).

ومنها : أن فى سنة أربعين من الهجرة : وقف الناس بعرفة فى اليوم الثامن من ذى الحجة ، وضحوا فى اليوم التاسع ، وليس كل إنسان اتفق له ذلك ، والذين اتفق لهم ذلك طائفة كانوا مع المغيرة بن شعبة رضى الله عنه (٤).

ونسب إليه تعمده لذلك ؛ ليتم له التقديم فى أمر الحج ، ولعله صحّ عنده

__________________

(١) تاريخ الطبرى ٤ / ٢٨ ، والكامل لابن الأثير ٢ / ١٦٨.

(٢) تاريخ الطبرى ٤ / ١٥٢ ، ١٦٨ ، ١١٨ ، ٢٢٢ ، ٢٢٢٥ ، ٢٢٦ ، ٢٣١ ، ٢٥٠ ، ٢٦٧ ، ٥ / ٤٢ ، والكامل لابن الأثير ٢ / ٢٠٧ ، ٢١٥ ، ٢٢٢ ، ٢٣٨ ، ٢٤٠ ، ٣ / ٩ ، ١٦ ، ٣٢.

(٣) الكامل لابن الأثير ٣ / ٣٣ ، ٣٦ ، ٣٩ ، ٤٠ ، ٤٢ ، ٦١ ، ٦٤ ، ٧٣ ، وتاريخ الطبرى ٥ / ٤٧ ، ٤٧ ، ٥١ ، ٥٤ ، ٥٧ ، ٦٨ ، ٩٢ ، ٩٨ ، ١٣٩.

(٤) تاريخ الطبرى ٦ / ٩٢ ، والكامل لابن الأثير ٣ / ١٧٤.

١٩٥

رؤية هلال ذى الحجة على وفق ما فعل ، ولم يصح ذلك عند من تخلف عنه ، وهم الجمهور من الناس ، والله أعلم.

ومنها : أن معاوية بن أبى سفيان ـ رضى الله عنهما ـ حج بالناس سنتين (١).

ومنها : أن عبد الله بن الزّبير ـ رضى الله عنهما ـ حج بالناس فى جميع خلافته إلا السنة الأخير منها ؛ وهى سنة اثنتين وسبعين ، لحصر الحجاج بن يوسف الثقفى له فيها ، وحج بالناس سنة ثلاث وستين ؛ فيكون حجه بالناس تسعا بتقديم التاء (٢).

ومنها : أن عبد الملك بن مروان حج بالناس سنتين (٣).

ومنها : أن الوليد بن عبد الملك حج بالناس سنتين ، على ما قيل.

ومنها : أن سليمان بن عبد الملك ، حج بالناس مرة ؛ وكذلك أخوه هشام بن عبد الملك.

ومنها : أن فى سنة تسع وعشرين ومائة : وافى بعرفة أبو حمزة الخارجى على غفلة من الناس فخافوا منه ، فسأله عامل مكّة فى المسالمة ، فوقع الاتفاق على أنهم جميعا آمنون حتى ينقضى الحج ، ثم استولى ـ بغير قتال ـ أبو حمزة على مكّة بعد الحج لفرار عاملها عنها (٤).

ومنها : أن أبا جعفر المنصور ـ ثانى خلفاء العباسيين ـ حج بالناس أربع سنين ، ورام الحج فى سنة ثمان وخمسين ، فما ناله لموته ببئر ميمون ظاهر مكّة (٥).

__________________

(١) كان ذلك فى سنة ٤٤ ه‍ ، و ٥٠ ه‍. انظر فى ذلك : تاريخ الطبرى ٦ / ١٢٣ ، ١٣٤ ، والكامل لابن الأثير ٣ / ١٩٢ ، ٢٠٢ ، والبداية والنهاية ٨ / ٢٨ ، والذهب المسبوك (ص : ٢٤) ومروج الذهب ٤ / ٣٩٨.

(٢) تاريخ الطبرى ٧ / ١٣٩ ، ١٨١ ، ١٩٠ ، والكامل لابن الأثير ٤ / ١٠٩ ، ١٢٨.

(٣) كان ذلك فى عامى ٧٥ ه‍ ، و ٨١ ه‍ ، وانظر فى ذلك : تاريخ الطبرى ٧ / ٢١٠ ، ٨ / ١١ ، والكامل لابن الأثير ٤ / ١٥٥ ، ومروج الذهب ٤ / ٣٩٩.

(٤) تاريخ الطبرى ٩ / ٩٥ ، والكامل لابن الأثير ٥ / ١٩١ ، والعقد الثمين ٧ / ١٥٣.

(٥) تاريخ الطبرى ٩ / ٣٢٤ ، والكامل لابن الأثير ٦ / ١٣.

١٩٦

ومنها : أن المهدى بن المنصور العباسى حج بالناس سنة ستين ومائة ، وقيل : إنه حج بالناس سنة أربع وستين أيضا.

وفى حجته الأولى : أنفق فى الحرمين أموالا عظيمة ، يقال : إنها ثلاثون ألف ألف درهم ، وصل بها من العراق ، وثلثمائة ألف دينار وصلت إليه من مصر ، ومائتا ألف دينار وصلت إليه من اليمن ، ومائة ألف ثوب وخمسون ألف ثوب (١).

ومنها : أن الرشيد هارون بن المهدى العباسى حج بالناس تسع حجج (٢) ـ بتقديم التاء ـ ولم يحج بعده خليفة من العراق ؛ إلا أن الذهبى ذكر فى «العبر» فى أخبار سنة اثنتى عشرة ومائتين : أن المأمون بن هارون الرشيد حج فى هذه السنة ، ولم أر ذلك لغيره ، والله أعلم.

وفرق الرشيد فى حجاته أموالا كثيرة جدا فى الحرمين.

ومنها : أنه فى سنة تسع وتسعين ومائة ، وقف الناس بعرفة بلا إمام ، وصلّوا بلا خطبة ؛ لفرار أمير مكّة عنها ، متخوفا من حسين الأفطس العلوى ، وكان وصوله إلى مكّة فى نفر يوم عرفة ، وبها وقف ليلا (٣).

ومنها : أن فى سنة مائتين من الهجرة نهب الحاج بستان ابن عامر ، وأخذت كسوة الكعبة ، ثم استنفدها الجلودى مع كثير من الأموال المنهوبة ، وبستان ابن عامر هو بطن نخلة ؛ على ما ذكر أبو الفتح بن سيد الناس عند ذكر سرية عبد الله بن جحش رضى الله عنه إلى نخلة (٤).

ومنها : أنه فى سنة إحدى وخمسين ومائتين لم يقف الناس بعرفة لا ليلا ولا

__________________

(١) المحبر (ص : ٣٦) ، ومروج الذهب ٤ / ٤٠٢ ، والكامل لابن الأثير ٦ / ١٨ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٣٣.

(٢) تاريخ الطبرى ١٠ / ٥٣ ، ٦٢ ، ٦٩ ، ٧٦ ، ٩٥ ، والكامل لان الأثير ٦ / ٤٣ ، ٥٠ ، ٦٨ ، ومروج الذهب ٤ / ٤٠٣ ، والقرى (ص : ٥٨) ، والبداية والنهاية ١٠ / ١٧١ ، ١٧٧ ، ١٨٦ ، ٢٠٠.

(٣) تاريخ الطبرى ١٠ / ٢٢٩ ، والكامل لابن الأثير ٦ / ١١٣ ، والعقد الثمين ٤ / ١٩٦.

(٤) تاريخ الطبرى ١٠ / ٢٣٢ ، والكامل لابن الأثير ٦ / ١١٥.

١٩٧

نهارا ؛ لأن إسماعيل بن يوسف العلوى وافى الموقف بعرفة فى يومها ، وقتل من الحجاج نحو ألف ومائة ، وسلب الناس ، وهربوا إلى مكّة (١).

ومنها : أن فى سنة خمس وتسعين ومائتين وقع بمنى قتال بين الأجناد ، وبين عج بن حاج أمير مكّة ؛ لطلبهم جائزة بيعة المقتدر ، فقتل منهم جماعة ، وفر الناس إلى بستان ابن عامر (٢).

ومنها : أن فى سنة سبع عشرة وثلثمائة وافى مكّة أبو طاهر القرمطى ، فأسرف فى قتل الحاج وأسرهم مع هتكه لحرمه الكعبة ؛ وذلك زنه قتل فى المسجد الحرام نحو ألف وسبعمائة من الرجال والنساء ، وهم متعلقون بالكعبة ، وردم بهم زمزم ، وفرش بهم المسجد ، وما يليه ، وقتل فى سكك مكّة وشعابها من أهل خراسان ، والمغاربة وغيرهم زهاء ثلاثين ألفا ، وسبى من النساء والصبيان مثل ذلك (٣).

وقد بطل الحج من العراق بسبب القرمطى ثلاث سنين متوالية قبل هذه السنة ، وبطل بعدها سنين كثيرة فى عشر الثلاثين ، وفى عشر الأربعين ؛ وأوضحنا هذه السنين فى أصل هذا الكتاب ، وليس كل البطالة فيها لأجل القرمطى.

ومنها : أنه فى سنة إحدى وأربعين وثلثمائة ، أو فى التى قبلها ؛ جرى قتال بين أصحاب ابن طغج والعراقيين بسبب الخطبة بمكة ، وجرى مثل ذلك فى سنة اثنين وأربعين (٤) ، وفى سنة ثلاث وأربعين (٥).

__________________

(١) تاريخ الطبرى ١١ / ١٣٦ ، والكامل لابن الأثير ٧ / ٥٨ ، والبداية والنهاية ١١ / ٩ ، ومروج الذهب ٤ / ٤٠٦.

(٢) تاريخ الطبرى ١١ / ٤٠٤ ، والكامل لابن الأثير ٨ / ٤.

(٣) النجوم الزاهرة ٣ / ٢٢٤ ، والمنتظم ٦ / ٢٣٠ ، ودول الإسلام ١ / ١٩٢ ، والبداية والنهاية ١١ / ١٦٤ ، وسمط النجوم العوالى ٣ / ٣٦٠ ، ومرأة الجنان ٢ / ٢٧٤ ، والإعلام بأعلام بيت الله الحرام (ص : ١٦٣).

(٤) المنتظم ٦ / ٣٧٢ ، والكامل لابن الأثير ٨ / ١٨٢.

(٥) إتحاف الورى ٢ / ٣٩٩ ، ودرر الفرائد (ص : ٢٤٣) ، وحسن الصفا والابتهاج (ص : ١٠٩).

١٩٨

ومنها ـ أعلى سنة ثلاث ـ : خطب بمكّة والحجاز لركن الدولة ، ولولده عز الدولة بختيار ، وبعدهم لابن طغج.

وذكر بعضهم أن فى هذه السنة : منع أصحاب معز الدولة أصحاب الإخشيد من الصلاة بمنى والخطبة ، وأن أصحاب الإخشيد منعوا أصحاب معز الدولة الدخول إلى مكّة والطواف (١) .. انتهى بالمعنى.

ومنها : أن كافور الإخشيدى صاحب مصر ، كان يدعى له على المنابر بمكّة والحجاز أجمع.

ومنها : أن فى سنة ثمان وخمسين وثلثمائة خطب بالحرمين واليمن لصاحب مصر المعز العبيدى ، وقطعت خطبة بنى العباس ، وفيها فرق قائد من جهته أموالا عظيمة فى الحرمين (٢).

ومنها : أن فى سنة تسع وخمسين وثلثمائة خطب بمكّة للقرامطة الهجريين مع المطيع العباسى ، وقطعت خطبة المعز من مكة ، وخطب له بالمدينة (٣) ، وخطب للمطيع بظاهرها ، ثم خطب للمعز بالحرمين فى الموسم سنة ثلاث وستين (٤).

ومنها : أن فى سنة خمس وستين خطب بالحرمين لصاحب مصر العزيز ابن المعز العبيدى ، وضيق جيشه بالحصار فيها على أهل مكة ، ودامت الخطبة له ولولده ، ولولد ولده ، ولولد ولد ولده ، نحو مائة سنة ، كما سيأتى مبينا إن شاء الله تعالى (٥).

__________________

(١) درر الفرائد (ص : ٢٤٣) ، وحسن الصفا والابتهاج (ص : ١٠٩) ، واتحاف الورى ٢ / ٣٩٩.

(٢) النجوم الزاهرة ٤ / ٣٢ ، وإتحاف الورى ٢ / ٤٠٦ ، ودرر الفرائد (ص : ٢٤٤).

(٣) المنتظم ٧ / ٥٣ ، والكامل ٨ / ٢٢٠ ، والبداية والنهاية ١١ / ٢٦٨ ، ودرر الفرائد (ص : ٢٤٥).

(٤) المنتظم ٧ / ٧٥ ، والكامل ٨ / ٢٣٣ ، والبداية والنهاية ١١ / ٢٧٧ ، ومرآة الجنان ٢ / ٣٧٩ ، وتاريخ الخلفاء (ص : ٤٠٦).

(٥) المنتظم ٧ / ٨٠ ، والمختصر فى أخبار البشر ٢ / ١١٦ ، والبداية والنهاية ١١ / ٢٨٣. وفى الكامل لابن الأثير ٨ / ٤١ ، ودرر الفرائد (ص : ٢٤٦) : أن الذى خطب له هو «العزيز» وليس «المعز».

١٩٩

ومنها : أن فى سنة ست وستين وثلثمائة : حجت جميلة بنت ناصر الدولة ابن حمدان ، حجا يضرب به المثل فى التجمل وأفعال البر ؛ لأنه كان معها ـ على ما قيل ـ : أربعمائة كجاوة ، فلم يدر فى أيها هى لتساويها فى الحسن والزينة ، ونثرت على الكعبة لما رأتها ـ وقيل : لما دخلتها ـ عشرة آلاف دينار ، وأغنت المجاورين بالحرمين (١).

ومنها : أن فى سنة أربع عشرة وأربعمائة ، حصل فى الحجاج قتل ونهب بمكّة وبظاهرها ؛ وسبب ذلك : أن بعض الملاحدة تجرأ على الحجر الأسود فضربه ثلاث ضربات بدبوس ، فقتل وقطع وأحرق ، وقتل ممن اتهم بمعاونته جماعة ، وكثر النهب فى المغاربة والمصريين وغيرهم ؛ وهذه الحادثة أبسط من هذا فى أصله ، وذكرها الذهبى فى سنة ثلاث عشرة ، ونقل ذلك عن غيره (٢) ، والله أعلم.

ومنها : أن فى سنة خمس وخمسين وأربعمائة حج على بن محمد الصليحى ، صاحب اليمن ، وملك فيها ، وفعل فيها أفعالا جميلة من العدل والإحسان ، ومنع المفسدين ، فأمن الناس أمنا لم يعهدوه ، ورخصت الأسعار ، لأمره بجلب الأقوات ، وكثر الثناء عليه.

ومنها : أن فى سنة اثنين وستين وأربعمائة أعيدت الخطبة العباسية بمكة.

وذكر ابن كثير ما يقتضى أن الخطبة العباسية أعيدت بمكّة فى سنة سبع وخمسين.

وذكر بعض مشايخنا : ما يقتضى أن ذلك وقع فى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة.

ومنها : أن فى سنة سبع وستين أعيدت الخطبة بمكّة لصاحب مصر المستنصر العبيدى ، ثم خطب للمقتدر العباسى بمكّة فى ذى الحجة سنة ثمان وستين.

ومنها : أن فى يوم عرفة من سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ، تحارب بعض

__________________

(١) درر الفرائد (ص : ٢٤٦) ، وإتحاف الورى ٢ / ٤١٣.

(٢) المنتظم ٨ / ١٣.

٢٠٠