مآثر الكبراء في تأريخ سامرّاء - ج ٣

الشيخ ذبيح الله المحلاتي

مآثر الكبراء في تأريخ سامرّاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ ذبيح الله المحلاتي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدريّة
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-503-039-0
ISBN الدورة:
964-503-039-0

الصفحات: ٤٦٢

ومنها دعائه عليه‌السلام عند شروع العمل في أيّام المنحوسة : روى الشيخ في الأمالي عن الفحّام عن المنصوريّ عن سهل بن يعقوب بن إسحاق الملقّب بأبي نؤاس الذي قال : قال له الإمام أبو الحسن الثالث عليه‌السلام : أنت أبو نؤاس الحقّ ومن تقدّمك أبو نؤاس الباطل. فقال أبو نؤاس : فقلت ذات يوم له : يا سيّدي ، قد وقع لي اختيارات الأيّام عن سيّدنا الصادق عليه‌السلام ممّا حدّثني به الحسن بن عبد الله بن المطهّر عن محمّد بن سليمان الديلميّ عن أبيه عن سيّدنا الصادق في كلّ شهر فأعرضه عليك؟ فقال لي : افعل ، فلمّا عرضته عليه وصحّحته قلت له : يا سيّدي ، في أكثر هذه الأيّام قواطع عن المقاصد لما ذكر فيها من التحيّر والمخاوف ، فدلّني على الاحتراز من المخاوف فيها فإنّما تدعوني الضرورة إلى التوجّه في الحوائج فيها.

فقال لي : يا سهل ، إنّ لشيعتنا بولايتنا العصمة لو سلكوا بها في لجّة البحار الغامرة وسباسب البيداء العابرة بين السباع والذئاب ومأوى الجنّ والإنس لأمنوا من مخاوفهم بولايتهم لنا ؛ فثق بالله عزوجل وأخلص في الولاء لأئمّتك الطاهرين وتوجّه حيث شئت واقصد ما شئت ، إذا أصبحت وقلت ثلاثا :

«أصبحت اللهمّ معتصما بذمامك المنيع الذي لا يطاول ولا يحاول من شرّ كلّ طارق وغاشم من سائر ما خلقت من خلقك الصامت والناطق ، في جنّة من كلّ مخوف بلباس سابغة وهو ولاء أهل البيت محتجزا من كلّ قاصد لي إلى أذيّة بجدار حصين الاخلاص في الاعتراف بحقّهم وألتمسك بحبلهم جميعا موقنا أنّ الحقّ لهم معهم وفيهم وبهم أوالي من والوا ، وأعادي من عادوا ، وأجانب من جانبوا ، فأعذني اللهمّ بهم من شرّ كلّ ما أتّقيه يا عظيم حجزت الأعادي عنّي ببديع السماوات والأرض ، إنّا جعلنا من بين أيديهم سدّا ومن خلفهم سدّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون».

٣٨١

وقلتها عشيّا ثلاثا حصّنت في حصن من مخاوفك وأمن من محذورك.

فإذا أردت التوجّه في يوم قد حذّرت فيه فقدّم أمام توجّهك الحمد لله ربّ العالمين والمعوّذتين ، وآية الكرسي ، وسورة القدر ، وآخر آية في سورة آل عمران ، وقل :

«اللهمّ بك يصول الصائل ، وبقدرتك يطول الطائل ، ولا حول لكلّ ذي حول إلّا بك ، ولا قوّة يمتازها ذو قوّة إلّا منك ، بصفوتك من خلقك وخيرتك من بريّتك محمّد نبيّك وعترته وسلالته عليه وعليهم‌السلام ، صلّ عليهم واكفني شرّ هذا اليوم وضرره ، وارزقني خيره ويمنه ، واقض لي في متصرّفاتي بحسن العاقبة وبلوغ المحبّة والظفر بالأمنية وكفاية الطاغية الغويّة وكلّ ذي قدرة لي عليّ أذيّة حتّى أكون في جنّة وعصمة من كلّ بلاء ونقمة ، وأبدلني من المخاوف أمنا ، ومن العوائق فيه بشرا حتّى لا يصدّني صادّ عن المراد ، ولا يحلّ بي طارق من أذى العباد إنّك على كلّ شيء قدير ، والأمور إليك تصير ، يا من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير».

منها دعائه لعوذة الحوامل : في كتاب طبّ الأئمّة عن الوليد بن فقيه مؤذّن مسجد الكوفة قال : حدّثنا أبو الحسن العسكريّ عن آبائه عن محمّد الباقر عليهم‌السلام قال : من أراد أن لا يعبث الشيطان بأهله ما دامت المرأة في نفاسها فليكتب هذه العوذة بمشك وزعفران بماء المطر الصافي وليعصره بثوب جديد لم يلبس ولبس منه أهله وولده وليرشّ منه الموضع والبيت الذي فيه النفساء فإنّه لا يصيب أهله ما دامت في نفاسها ولا يصيب ولده خبط ولا جنون ولا فزع ولا نظرة إن شاء الله :

«بسم الله الرحمن الرحيم ، بسم الله بسم الله والسّلام على رسول الله ، والسّلام على آل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والصلاة عليهم

٣٨٢

ورحمته وبركاته ، بسم الله وبالله ، أخرج بإذن الله ، منها خرجتم وفيها نعيدكم ومنها نخركم تارة أخرى فإن تولّوا فقل حسبي الله لا إله إلّا هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم ، بسم الله وبالله أدفعكم برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم».

عوذة عوّذ بها الجواد عليه‌السلام ولده الهادي عليه‌السلام : قال الشيخ الطوسيّ في مصباح المتهجّد : أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل قال : حدّثنا أبو أحمد عبد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي ، عن أبيه ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني رضى الله عنه أنّ أبا جعفر محمّد بن عليّ عليه‌السلام كتب هذه العوذة لابنه أبي الحسن وهو صبيّ في المهد وكان يعوّذه بها يوما فيوما :

«بسم الله الرحمن الرحيم ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم ، اللهمّ ربّ الملائكة والروح والنبيّين والمرسلين ، وقاهر من في السماوات والأرضين ، وخالق كلّ شيء ومالكه ، كفّ عنّي بأس أعدائنا ومن أراد بنا سوء من الجنّ والإنس فأعمي أبصارهم وقلوبهم واجعل بيني وبينهم حجابا وحرسا ومدفعا إنّك ربّنا ولا حول ولا قوّة إلّا بالله عليه توكّلنا وإليه أنبنا وهو العزيز الحكيم ، ربّنا وعافنا من شرّ كلّ سوء ، ومن شرّ كلّ دابّة أنت آخذ بناصيتها ، ومن شرّ كلّ ذي شرّ ، ربّ العالمين وإله المرسلين ، صلّ على محمّد وآله أجمعين وخصّ محمّدا وآله بأتمّ ذلك ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم ، بسم الله وبالله أومن ، وبالله أعوذ ، وبالله أعتصم ، وبالله أستجير ، وبعزّة الله ومنعته أمتنع من شياطين الإنس والجنّ ، ومن رجلهم وخيلهم وركضهم وعطفهم وكيدهم وشرّهم وشرّ ما يأتون به تحت الليل وتحت النهار من البعد والقرب ، ومن شرّ الغائب والحاضر والشاهد والزائر ، أحياء وأمواتا ، أعمى وبصيرا ، ومن شرّ

٣٨٣

العامّة والخاصّة ، ومن شرّ نفسي ووسوستها ، ونم شرّ الدناهش والحسن واللمس واللبس ومن عين الجنّ والإنس ، بو الاسم الذي اهتزّ له عرش بلقيس وأعيذ ديني ونفسي وجميع ما تحوط عنايتي من شرّ كلّ صوره وخيال أو بياض أو سواد أو تمثال أو معاهد أو غير معاهد ممّن سكن الهواء والسحاب والظلمات والنور والظلّ والحرور والبرّ والبحور والسهل والوعور والخراب والعمران والآكام والآجام والمفاوض والكنايس والنواويس والفلوات والجبانات من الصادرين ممّن يبدو بالليل وينتشر بالنهار وبالعشيّ والإبكار والغدوّ والآصال والمريبين والأسامرة والأفاترة والفراعنة والأبالسة ومن جنودهم وأزواجهم وعشايرهم وقبايلهم ومن همزهم ولمزهم ونفشهم ووقاعهم وأخذهم وسحرهم وضربهم وعبثهم ولمحهم واحتيالهم وأخلاقهم ، ومن شرّ كلّ ذي شرّ من السحرة والغيلان وأمّ الصبيان وما ولدوا وما ورد ، وأومن من شرّ كلّ ذي شرّ داخل وخارج وعارض ومتعرّض وساكن ومتحرّك وضربان عرق وصداع شقيقة وأمّ ملدم والحمّى والمثلّثة والربع والغبّ والنافضة والصالبة والداخلة والخارجة ، ومن شرّ كلّ دابّة أنت آخذ بناصيتها إنّك على صراط مستقيم ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وسلّم كثيرا».

وروى السيّد الأجل عليّ بن طاووس في جمال الأسبوع بسنده عن أبي محمّد العسكري عليه‌السلام قال : قرأت في كتب آبائي عليهم‌السلام : من صلّى يوم السبت أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وآية الكرسي كتبه الله عزوجل في درجة النبيّين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

ومنها : دعائه لتخليص اليسع بن حمزة : تقدّم قصّته في الأربعين من

٣٨٤

معاجزه عليه‌السلام ، قال السيّد الأجل عليّ بن طاووس بعد نقل القصّة في مهج الدعوات ، والدعاء هذا :

«يا من تحلّ بأسمائه عقد المكاره ، ويا من يفلّ بذكره حدّ الشدايد ، ويا من يدعى بأسمائه العظام من ضيق المخرج إلى محلّ الفرج ، ذلّت لقدرتك الصعاب ، وتسبّبت بلطفك الأسباب ، وجرى بطاعتك القضاء ، ومضت على ذلك الأشياء ، فهي بمشيّتك دون قولك مؤتمرة ، وبإرادتك دون وحيك منزجرة ، وأنت المرجوّ للمهمّات ، وأنت المفزع للملمّات ، لا يندفع منها إلّا ما دفعت ، ولا ينكشف منها إلّا ما كشفت ، وقد نزل بي من الأمر ما فدحني ثقله ، وحلّ بي منه ما بهضني حمله ، وبقدرتك أوردت على ذلك ، وبسلطانك وجّهته إليّ فلا مصدر لما أوردت ، ولا ميسّر لما عسرت ، ولا صارف لما وجّهت ، ولا فاتح لما أغلقت ، ولا مغلق لما فتحت ، ولا ناصر لما خذلت. اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، وافتح لي باب الفرج بطولك ، واصرف عنّي سلطان الهمّ بحولك ، وأنلني حسن النظر فيما شكوت ، وارزقني حلاوة الصنع فيما سألتك ، وهب لي من لدنك فرجا وحيا (١) واجعل من عندك مخرجا هنيئا ، ولا تشغلني بالاهتمام عن تعاهد فرايضك واستعمال سنّتك فقد ضيّقت بما نزل بي ذرعا ، وامتلأت بحمل ما حدث عليّ جزعا ، وأنت القادر على كشف ما بليت به ودفع ما وقعت فيه ، فافعل بي ذلك وإن كنت غير مستوجبة منك يا ذا العرش العظيم وذا المنّ الكريم ، فأنت قادر يا أرحم الراحمين ، آمين ربّ العالمين».

__________________

(١) وحيا أي سريعا.

٣٨٥

ومنها دعاء له لقضاء الحوائج : روى الشيخ في الأمالي عن الفحّام عن المنصوريّ عن عمّ أبيه قال : قلت للإمام عليّ بن محمّد عليهما‌السلام : علّمني يا سيّدي دعاء أتقرّب إلى الله عزوجل به ، فقال لي : هذا دعاء كثير ما أدعو به وقد سألت الله عزوجل أن لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي ، وهو هذا :

«بسم الله الرحمن الرحيم ، يا عدّتي عند العدد ، ويا رجائي والمعتمد ، ويا كهفي والسند ، ويا واحد يا أحد ، ويا من هو الله أحد ، أسألك اللهمّ بحقّ من خلقته من خلقك ولم تجعل في خلقك مثلهم أحدا صلّ على جماعتهم وافعل بي كذا وكذا».

وذكر حاجته ، وهذا الدعاء مشهور ذكره المجلسيّ في مزار البحار والثاني عشر والتاسع عشر منه.

ومنها دعائه في استجابة الدعاء : روى المجلسيّ في التاسع عشر من البحار في باب الأدعية لقضاء الحوائج نقلا عن فلاح السائل : روى أبو محمّد بن الحسن بن محمّد المنقري ، عن محمّد بن أحمد المنصوري ، عن عمّ أبيه موسى بن عيسى بن أحمد ، عن لا إمام أبي الحسن عليّ بن محمّد صاحب العسكر عن آبائه عليهم‌السلام : من داوم هذا الدعاء أستجيب له وهو :

«ما شاء الله توجّها إلى الله ، ما شاء الله تعبّدا لله ، ما شاء الله تلطّفا لله ، ما شاء الله تذلّلا لله ، ما شاء الله استنصارا بالله ، ما شاء الله استكانة لله ، ما شاء الله تضرّعا إلى الله ، ما شاء الله استعانة بالله ، ما شاء الله استغاثة بالله ، ما شاء الله لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم».

ومنها دعائه لهلاك المتوكّل : تقدّم قصّته تحت عنوان تيسير الإمام بين يدي متوكّل ـ إلى أن قال زراقة حاجب المتوكّل : ـ قال أبو الحسن عليه‌السلام : لمّا بلغ منّي الجهد رجعت إلى كنوز نتوارثها من آبائنا هي أعزّ من الحصون والسلاح والجنن ، وهو

٣٨٦

دعاء المظلوم على الظالم ، فدعوت به عليه فأهلكه الله. فقلت : يا سيّدي ، إن رأيت أن تعلّمنيه فعلّمنيه ، وهو هذا :

«بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهمّ إنّي وفلانا عبدان من عبيدك ، نواصينا بيدك ، تعلم مستقرّنا ومستودعنا ، وتعلم منقلبنا ومثوانا ، وسرّنا وعلانيتنا ، وتطّلع على نيّاتنا ، وتحيط بضمائرنا ، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه ، ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره ، ولا ينطوي عنك شيء من أمورنا ، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا ، ولا لنا منك معقل يحصننا ولا حرز يحرزنا ، ولا هارب يفوتك منّا ، ولا يمتنع الظالم منك بسلطانه ، ولا يجاهدك عنه جنوده ، ولا يغالبك مغالب بمنعته ، ولا يعازك متعزّز بكثرته ، أنت مدركه أين ما سلك ، وقادر عليه أين لجأ ، فمعاذ المظلوم منّا بك ، وتوكّل المقهور منّا عليك ورجوعه إليك ، ويستغيث بك إذا خذله المغيث ، ويستصرخك إذا قعد عنه النصير ، ويلوذ بك إذا انته الأفنية ، ويطرق بابك إذا أغلقت دونه الأبواب المرتجّة ، يصل إليك إذا احتجبت عنه الملوك الغافلة ، تعلم ما حلّ به قبل أن يشكوه إليك ، وتعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له ، فلك الحمد سميعا بصيرا لطيفا قديرا. اللهمّ إنّه قد كان في سابق علمك ومحكم قضائك وجاري قدرك وماضي حكمك ونافذ مشيّتك في خلقك أجمعين ؛ سعيدهم وشقيّهم ، وبرّهم وفاجرهم أن جعلت لفلان بن فلان عليّ قدرة فظلمني بها وبقي عليّ لمكانها ، وتعزّز عليّ بسلطانه الذي خوّلته إيّاه ، وتجبّر عليّ بعلوّ حاله التي جعلتها له ، وغرّه إملائك له ، وأطغاه حلمك عنه ، فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه ، وتغمّدني بشرّ ضعفت عن احتماله ولم أقدر على الانتصار منه لضعفي

٣٨٧

والانتصاف منه لذلّي ، فوكلته إليك وتوكّلت في أمره عليك ، وتوعّدته بعقوبتك ، وحذّرته سطوتك ، وخوّفته نقمتك فظنّ أنّ حلمك عنه من ضعف ، وحسب أنّ إملائك له من عجز ، ولم تنهه واحدة من أخرى ، ولا انزجر عن ثانيته بأولى ، ولكنّه تمادى في غيّه ، وتتابع في ظلمه ، ولجّ في عداوته ، واستشرى في طغيانه ، جرأة عليك يا سيّدي ، وتعرّضا لسخطك الذي لا تردّه عن الظالمين ، وقلّة اكتراث ببأسك الذي لما تحبسه عن الباغين ، فها أنا ذا يا سيّدي مستضعف في يديه ، مستضام تحت سلطانه ، مستذلّ بعنائه ، مغلوب مبغى عليّ ، مغضوب وجل خائف مروع مقهور ، قد قلّ صبري ، وضاقت حيلتي ، وانفلقت عليّ المذاهب إلّا إليك ، وانسدّت عليّ الجهات إلّا جهتك ، والتبست عليّ أموري في دفع مكروهه عنّي ، وأثبتت عليّ الآراء في إزالة ظلمه ، وخذلني من استنصرته من عبادك ، وأسلمني من تعلّقت به من خلفك وطرا ، واستشرت نصيحتي فأشار إليّ بالرغبة إليك ، واسترشدت دليلي فلم يدلّني إلّا عليك ، فرجعت إليك يا مولاي صاغرا راغما مستكينا عالما أنّه لا فرج إلّا عندك ، ولا خلاص بي إلّا بك ، أنجز وعدك في تصرّفي وإجابة دعائي فإنّك قلت وقولك الحقّ ، الذي لا يردّ ولا يبدّل : «ومن عاقب بمثله ما عوقب به ثمّ بغي عليه لينصرنّه الله» وقلت جلّ جلالك وتقدّسمت أسمائك : «أدعوني أستجب لكم» وأنا فاعل ما أمرتني به لا منّا عليك ، وكيف آمن به وأنت عليه دللتني ، فصلّ على محمّد وآل محمّد فاستجب لي كما وعدتني يا من لا يخلف الميعاد ، وإنّي لأعلم يا سيّدي أنّ لك يوما تنتقم فيه من الظالم للمظلوم ، وأتيقّن أنّ لك وقتا تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب ، لأنّك لا يسبقك معاند ،

٣٨٨

ولا يخرج عن قبضتك منابذ ، ولا تخاف فوت فائت ، ولن جزعي وهلعي لا يبلغان بي الصبر على إنائك وانتظار حلمك ، فقدرتك عليّ يا سيّدي ومولاي فوق كلّ قدرة ، وسلطانك غالب على كلّ سلطان ، ومعاد كلّ أحد إليك وإن أمهلته ، ورجوع كلّ ظالم إليك وإن أنظرته ، وقد أضرّني يا ربّ حلمك من فلان ابن فلان وطول أناتك له وإمهالك إيّاه ، وكاد القنوط يستولي عليّ لو لا الثقة بك واليقين بوعدك ، فإن كان في قضائك النافذ وقدرتك الماضية أن ينيب أو يتوب عن ظلمي أو يكفّ مكروهه عنّي وينتقل عن عظيم ما ركب منّي فصلّ اللهمّ على محمّد وآل محمّد وأوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة قبل إزالة نعمتك التي أنعمت بها عليّ وتكديره معرفوك الذي صنعته عندي ، وإن كان في علمك به غير ذلك من مقام على ظلمي فأسألك يا ناصر المظلوم المبغى عليه إجابة دعوتي فصلّ على محمّد وآل محمّد وخذه من مأمنه أخذ عزيز مقتدر ، وأفجئه في غفلة مفاجأة مليك منتصر ، واسلبه نعمته وسلطانه ، وافضض عنه جموعه وأعوانه ، ومزّق ملكه كلّ ممزّق ، وفرّق أنصاره كلّ مفرق ، وأعره من نعمتك التي لا يقابلها بالشكر ، وانزع عنه سربال عزّك الذي لم يجازه بالإحسان ، واقصمه يا قاصم الجبابرة ، وأهلكه يا مهلك القرون الخالية ، وأبره يا مبير الأمم الظالمة ، واخذ له يا خاذل الفئات الباغية ، وأبر عمره وابتزّ ملكه وعفّ أثره واقطع خبره وأطف ناره وأظلم نهاره وكوّر شمسه وأزهق نفسه وأشمّ شدّته وجبّ سنامه وارغم أنفه وعجّل حتفه ولا تدع له جنبة إلّا هتكتها ، ولا دعامة إلّا قضمتها ، ولا كلمة مجمعة إلّا فرّقتها ، ولا قائمة علوّ إلّا وضعتها ، ولا ركنا إلّا وهنته ، ولا سببا إلّا قطعته ، وأرنا أنصاره وجنده وأحبّائه

٣٨٩

وأرحامه أباديد بعد الألفة ، وشتّى بعد اجتماع الكلمة ، ومقنعي الرؤوس بعد الظهور على الأمّة ، واشف بزوال أمره القلوب المنقلبة الوجلة ، والأفئدة اللهفة ، والأمّة المتحيّرة ، والبريّة الضايعة ، وأدل ببواره الحدود المعطّلة ، والأحكام المهملة ، والسنن الدائرة ، والمعالم المغبرة ، وآلات المحرفة ، والمدارس المهجورة ، والمحاريب المجفوّة ، والمساجد المهدومة ، وأرح به الأقدام المغبّة ، وأشبع به الخماص الساغبة ، واردد به اللهوات اللاغية والأكباد الظامية ، وأطرقه بليلة لا أخت لها ، وساعة لا شفاء منها ، ونكبة لا انتعاش معها ، وبعثرة لا إقالة منها ، وأبح حريمه ، ونقص نعيمه ، وأره بطشك الكبرى ، ونقمتك المثلى ، وقدرتك التي هي فوق كلّ قدرة ، وسلطانك الذي هو أعزّ من سلطانه ، وأغلبه لي بقوّتك القويّة ومحالك الشديد ، وامنعني منه بمنعتك التي كلّ خلق فيها ذليل ، وابتله بفقر لا تجبره ، وبسوء لا تستره ، وكله إلى نفسه فيما يريد إنّك فعّال لما تريد ، وابرئه من حولك وقوّتك ، وأحوجه إلى حوله وقوّته ، وأذلّ مكره بمكرك ، وادفع مشيّته بمشيّتك ، واسقم جسده ، وأيتم ولده ، وانقص أجله ، وخيّب أمله ، وأزل دولته ، واطل عولته ، واجعل شغله في بدنه ، ولا تفكّه من حزنه ، وصيّر كيده في ضلال ، وأمره إلى زوال ، ونعمته إلى انتقال ، وجدّه في سفال ، وسلطانه في اضمحلال ، وعاقبته إلى شرّ مآل ، وأمته بغيضه إذا أمتّه ، وأبقه لحزنه إن أبقيته ، وقني شرّه وهمزه ولمزه وسطوته وعداوته ، وألمحه لمحة تدمّر بها عليه فإنّك أشدّ بأسا وأشدّ تنكيلا ، والحمد لله ربّ العالمين».

ومنها دعائه عليه‌السلام لدفع الفقر : روى الشيخ في الأمالي عن الفحّام ، عن عمّه ، عن عبيد الله بن أحمد ، عن أبيه أحمد بن عامر ، عن أبي الحسن عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال

٣٩٠

النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قال في كلّ يوم مائة مرّة : «لا إله إلّا الله الملك الحقّ المبين» استجلب به الغناء ، واستدفع به الفقر ، وسدّ عنه باب النار ، واستفتح له باب الجنّة.

وعن الكافي بالإسناد عن رجل من الجعفريّين قال : كان بالمدينة عندنا رجل يكنى أبا القمقام وكان محارفا ، فأتى أبا الحسن فشكى عليه حرفته وأخبره أنّه لا يتوجّه في حاجة فتقضى له ، فقال له أبو الحسن عليه‌السلام : قل في آخر دعائك من صلاة الفجر : «سبحان الله العظيم وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه وأسأله من فضله» عشر مرّات.

قال أبو القمقام : فلزمت ذلك فو الله ما لبثت إلّا قليلا حتّى ورد عليّ قوم من البادية فأخبروني أنّ رجلا من قومي مات ولم يعرف له وارث غيري ، فانطلقت فقبضت ميراثه وأنا مستغن.

ومنها دعائه لكتابة الرقاع لقضات الحاجة : قال المجلسيّ في مزار البحار نقلا عن بلد الأمين : روي أنّ بعض موالي عليّ بن محمّد العسكري عليه‌السلام يعلمه بما هو فيه من البلاء وكان المتوكّل جهرا يستوعده بالعقوبة واستعدّ أهل الثروة بالتحف ولم يكن عند الرجل شيء ، فأمره الهادي عليه‌السلام بأن يكتب الدعاء الآتي في ثلاث رقاع ويخفيها في ثلاثة أماكن ، ففعل ، قال : فما كان إلّا عند انبساط الشمس حتّى فرّج الله عزوجل عنه بمنّه ولطفه ، والدعاء هذه :

«بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى الله الملك الديّان ، الرؤوف المنّان ، الأحد الصمد ، من عبده الذليل البائس المستكين ، فلان بن فلان ، اللهمّ أنت السّلام ومنك السّلام وإليك يعود السّلام ، وتباركت وتعاليت ، يا ذا الجلال والإكرام ، وصلوات الله على محمّد وآله وبركاته وسلامه. أمّا بعد ، فإنّ من يحضرنا من أهل الأموال والجاه قد استعدّوا من أموالهم وتقدّموا بسعة جاههم في مصالحهم ولمّ شئونهم وتأخّر المستضعفون

٣٩١

المقلّون من تنجّز حوائجهم لأبواب الملوك ومطالبهم ، فيا من بيده نواصي العباد أجمعين ، ويا مقرّا بولايته للمؤمنين ومذلّ العتاة الجبّارين أنت ثقتي ورجائي وإليك مهربي وملجئي ، وعليك توكّلي وبك اعتصامي وعياذي فألن يا ربّ صعبه ، وسخّر لي قلبه ، وردّ عنّي نافره ، واكفني ما بغيه فإنّ مقادير الأمور بيدك ، وأنت الفعّال لما تشاء ، لك الحمد وإليك يصعد الحمد ، لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أمّ الكتاب ، وصلّى الله على محمّد وآل محمّد الطيّبين ، والسّلام عليهم ورحمة الله وبركاته».

نبذة ممّا روي عنه عليه‌السلام في الزيارات

منها : ما رواه الكلينيّ في الكافي ، وابن قولويه في كامل الزيارة ، والمجلسيّ في مزار البحار بأسانيدهم عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام إنّه كان يقول عند قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام :

«السّلام عليك يا وليّ الله ، أشهد أنّك أنت أوّل مظلوم وأوّل من غصب حقّه فصبرت واحتسبت حتّى أتاك اليقين ، وأشهد أنّك لقيت الله وأنت شهيد ، عذّب الله قاتليك بأنواع العذاب وجدّد عليه العقاب ، جئتك عارفا بحقّك ، مستبصرا بشأنك ، معاديا لأعدائك ومن ظلمك ، ألقى على ذلك ربّي إن شاء الله ، يا وليّ الله إنّ لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي إلى ربّك (١) يا مولاي فإنّ لك عند الله مقاما معلوما وجاها عظيما

__________________

(١) قال المجلسيّ : لعلّ المراد بالشفاعة أوّلا في قوله : «فاشفع لي إلى ربّك» الاستغفار في هذه الحالة ، وبالشفاعة ثانيا في قوله : «ولا يشفعون إلّا لمن ارتضى» الشفاعة في القيامة أي ادع لي الآن بالغفران لأصير قابلا لشفاعتك في القيامة. ويحتمل أن يكون المعنى : اشفع لي فإنّ كلّ من شفّعتم له فهو ـ

٣٩٢

وشفاعة ، وقد قال الله تعالى : ولا يشفعون إلّا لمن ارتضى».

ومنها : الزيارة الجامعة وهي أشهر من أن تذكر ، وقد تقدّم أسانيدها واعتبارها وشروحها في الجزء الثاني من هذا الكتاب.

ومنها : الزيارة الغديريّة ذكرها المجلسيّ في مزار البحار عن المفيد ، قال : أمّا الرواية الثانية فهي ما روي عن أبي محمّد العسكريّ عن أبيه عليهما‌السلام أنّ عليّ الهادي زار بها عليّ ابن أبي طالب عليه‌السلام في يوم الغدير في السنة التي أشخصه المتوكّل بن المعتصم ، أوّلها : «السّلام على محمّد رسول الله خاتم النبيّين وسيّد المرسلين وصفوة ربّ العالمين ، أمين الله على وحيه ، وعزائم أمره» الخ ، أعرضنا عن ذكرها لطولها وكثرة اشتهارها في كتب المزار وهي معروفة بالزيارة الغديريّة.

ثمّ اعلم انّ العلّامة الخبير الميرزا حسن النوري ذكر في الفائدة الثانية من خاتمة مستدرك الوسائل لهذه الزيارة سندا آخرا فقال عند شرح حال كتاب المزار لمحمّد بن المشهدي : وفي المزار المذكور زيارة أخرى لمولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام وهي الزيارة التي زارها مولانا الهادي في يوم الغدير وقفت عليها مرويّة عن شاذان بن جبرئيل القمّي ، عن الفقيه العماد محمّد بن أبي القاسم الطبري ، عن الشيخ أبي عليّ الحسن ، عن السعيد والد أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ ، عن الشيخ المجيد محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد ، عن الشيخ أبي القاسم جعفر بن قولويه ، عن الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن الشيخ أبي القاسم بن روح ، عن الشيخ الجليل عثمان بن سعيد العمري ، عن مولانا أبي محمّد الحسن العسكري ، عن أبيه عليّ الهادي عليهما‌السلام ، الخ.

__________________

ـ المرتضى. ويحتمل أن يكون المقصود الاستشهاد بالقرآن لمجرّد وقوع الشفاعة لا لخصوص المشفوع له ، والله العالم.

٣٩٣

ثمّ قال : وهذا السند لا يوجد نظيره في الصحّة. وذكره السيّد عبد الكريم بن طاووس في فرحة الغري ، قال : أخبرني والدي وعمّي رضي‌الله‌عنهما ، عن محمّد ابن نما ، عن محمّد بن جعفر ، عن شاذان بن جبرئيل ، الخ.

وفي مزار المشهدي المذكور : أخبرني الفقيه الأجل أبو الفضل شاذان بن جبرئيل القمّي ، الخ إلّا أنّ فيه عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن أبي القاسم بن روح وعثمان بن سعيد العمري ، الخ ، وفيه مخالفة لسند المزار القديم من جهتين ، والثاني أقرب إلى الاعتبار.

قال : والعجب أنّ العلّامة المجلسيّ نقل الزيارة عن مزار المفيد مرسلا وشرحها ولم يكترث إلى هذا السند الصحيح العالي الموجود في الكتابين الموجود عنده ونقله عنهما كثير ، انتهى.

ومنها : الزيارة السابعة لأمير المؤمنين وسائر الأئمّة عليهم‌السلام وهي ما رواه المجلسيّ في مزار البحار وقال : الزيارة السابعة : قال السيّد ابن طاووس : هي مرويّة عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام ، تستأذن بما قدّمناه في زيارة صاحب الأمر ثمّ تدخل مقدّما رجلك اليمنى على اليسرى ، وتقول : «بسم الله الرحمن الرحيم ، أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسليما» ثمّ تستقبل الضريح بوجهك وتجعل القبلة خلفك وتكبّر الله مائة تكبيرة ، وتقول :

«بسم الله الرحمن الرحيم ، أشهد أنّ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له كما شهد الله لنفسه وشهدت له ملائكته وأولوا العلم من خلقه لا إله إلّا هو العزيز الحكيم ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله المرتضى أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ، اللهمّ اجعل أفضل صلواتك وأكملها ، وأنمى بركاتك وأعمّها ، وأزكى

٣٩٤

تحيّاتك وأتمّها على سيّدنا محمّد عبدك ورسولك ونجيّك ووليّك ورضيّك وصفيّك وخيرتك من خلقك وخالصتك وأمينك الشاهد لك والدالّ عليك ، والصادع بأمرك والناصح لك ، المجاهد في سبيلك ، والذابّ عن دينك ، والموضّح لبراهينك ، والمهدي إلى طاعتك ، والمرشد إلى مرضاتك ، والواعي لوحيك ، والحافظ لعهدك ، والماضي على إنفاذ أمرك ، المؤيّد بالنور المضيء ، والمسدّد بالأمر المرضيّ ، المعصوم من كلّ خطاء وزلل ، المنزّه من كلّ خطأ والمبعوث بخير الأديان والملل ، ومقيم البنيان والحجج المخصوص بظهور الفلج ، وأيضاح المنهج ، المظهر من توحيدك ما استتر ، والمحيي من عبادك ما دثر ، والخاتم لما سبق ، والفاتح لما انفلق ، المجتبى من خلايقك ، والمعتام (١) لكشف حقايقك ، والموضحة به أشراط الهدى ، والمجلوّة به غربيب (٢) العمى ، دامغ (٣) جيشات (٤) الأباطيل ، ودافع صولات الأضاليل (٥) ، المختار من طينة الكرم وسلالة (٦) المجد الأقدم ، ومغرس الفخار المعرّق ، وفرع العلاء المنثر المورق ، المنتجب من شجرة الأصفياء ، وذؤابة (٧) العلياء ، وسرّة البطحاء (٨) ، بعثك بالحقّ وبرهانك

__________________

(١) المعتام : المختار.

(٢) غربيب أي شديد السواد.

(٣) دامغ ومن دمغه دمغا أي شجّه بحيث يبلغ الدماغ فيهلكه.

(٤) جيشات جمع جيشة وهي مرّة من جاش إذا ارتفع ، وجاشت القدر تجيش أي غلت.

(٥) أضاليل جمع الأضلولة وهي ضدّ الهدى.

(٦) السلالة ـ بالضمّ ـ ما انسلّ من الشيء.

(٧) الذؤابة ـ بالضمّ مهموزة ـ من العزّ والشرف وكلّ شيء أغلاه.

(٨) سرّة البطحاء أي شرف من نشأ بها فإنّ السرّة في وسط الإنسان وخير الأمور أوسطها.

٣٩٥

على جميع الخلق ، خاتم أنبيائك ، وحجّتك البالغة في أرضك وسمائك ، صلّ عليه صلاة ينغمر في جنب انتفاعه بها قدر الانتفاع ، ويحوز من بركته التعلّق بسببها ما يفوق قدر المتعلّقين بسببه ، وزده بعد ذلك من الإكرام والإجلال ما يتقاصر عنه فسيح الآمال حتّى يعلوا من كرمك أعلى محالّ المراتب ، ويرقى من نعمك أسنى منازل المواهب ، وخذ له اللهمّ بحقّه وواجبه من ظالمه وظالم الصفوة من أقاربه.

اللهمّ وصلّ على وليّك وديّان دينك القائم بالقسط من بعد نبيّك عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين ، وإمام المتقين ، وسيّد الوصيّين ، ويعسوب الدين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، وقبلة العارفين ، وعلم المهتدين ، وعروتك الوثقى وحبلك المتين ، وخليفة رسولك على الناس أجمعين ، ووصيّه في الدنيا والدين ، الصدّيق الأكبر في الأنام ، والفاروق الأزهر بين الحلال والحرام ، ناصر الإسلام ، ومكسّر الأصنام ، معزّ الدين وحاميه ، وواقي الرسول وكافيه ، المخصوص بمؤاخاته يوم الإخاء ، ومن هو منه بمنزلة هارون من موسى ، خامس أصحاب الكساء ، وبعل سيّدة النساء ، المؤثر بالقوت بعد ضرّ الطوى (١) ، والمشكور سعيه في هل أتى ، مصباح الهدى ، ومأوى التّقى ، ومحلّ الحجى ، وطود (٢) النّهى ، الداعي إلى المحجّة العظمى ، والظاعن (٣) إلى الغاية القصوى ، والسامي إلى المجد والعلى ، والعالم بالتأويل والذكرى ، الذي أخدمته خواصّ

__________________

(١) الطوى خلاء البطن والجوع.

(٢) الطود ـ بالفتح ـ الجبل العظيم.

(٣) الظاعن الساير ، وبالطاء المهملة في هذا المقام أنسب كما في بعض النسخ يقال : طعن في السنّ أي كبر ، وطعن في المفازة ذهب في كثيرها.

٣٩٦

ملائكتك بالطاس والمنديل حتّى توضّأ ، وردّت عليه الشمس بعد دنوّ غروبها حتّى أدّى في أوّل الوقت لك فرضا ، وأطعمته من طعام أهل الجنّة حين منح المقداد قرضا ، وباهيت به خواصّ ملائكتك إذ شرى نفسه ابتغاء مرضاتك لترضى ، وجعلت ولايته إحدى فرائضك ، فالشقيّ من أقرّ ببعض وأنكر بعضا ، عنصر الأبرار ، ومعدن الفخار ، وقسيم الجنّة والنار ، صاحب الأعراف ، وأبي الأئمّة الأشراف ، المظلوم المغتصب ، والصابر المحتسب ، والموتور في نفسه وعترته ، المقصود في رهطه (١) وأعزّته ، صلاة لا انقطاع لمزيدها ، ولا اتضاع لمشيدها. اللهمّ ألبسه حال الإنعام ، وتوّجه بتاج الإكرام ، وارفعه إلى أعلى مرتبة ومقام حتّى يلحق نبيّك عليه وعلى آله السّلام ، واحكم له اللهمّ على ظالميه إنّك العدل فيما تقضيه.

اللهمّ وصلّ على الطاهرة البتول الزهراء ابنة الرسول ، أمّ الأئمّة الهادين ، سيّدة نساء العالمين ، وارثة خير الأنبياء ، وقرينة خير الأوصياء ، القادمة عليك متألّمة من مصابها بأبيها ، متظلّمة ممّا حلّ بها من غاصبها ، ساخطة على أمّة لم ترع حقّك في نصرتها بدليل دفنها ليلا في حفرتها ، المغصبة حقّها والمغصصة بريقها ، صلاة لا غاية لأمدها ولا نهاية لمددها ولا انقضاء لعددها ، اللهمّ فتكفّل لها عن مكاره دار الفناء في دار البقاء بأنفس الأعواض ، وأنلها ممّن عاندها نهاية الآمال وغاية الأغراض حتّى لا يبقى لها وليّ ساخط لسخطها إلّا وهو راض إنّك أعزّ من أجار المظلومين ، وأعدل قاض. اللهمّ ألحقها في الإكرام ببعلها وأبيها ، وخذ لها الحقّ من ظالميها.

__________________

(١) المقصود في رهطه أي الذي يقصده الناس ليكشف مشكلاتهم من بين رهطه.

٣٩٧

اللهمّ وصل على الأئمّة الراشدين ، والقادة الهادين ، والسادة المعصومين الأتقياء الأبرار ، ومأوى السكينة والوقار ، وخزّان العلم ومنتهى الحلم والفخار ، ساسة العباد وأركان البلاد وأدلّة الرشاد الألبّاء الأمجاد العلماء بشرعك ، الزهّاد ، ومصابيح الظلم ، وينابيع الحكم ، وأولياء النعم ، وعصم الأمم ، قرناء التنزيل وآياته ، وأمناء التأويل وولاته ، وتراجمة الوحي ودلالاته ، أئمّة الهدى ، ومنار الدجى ، وأعلام التقى ، وكهوف الورى ، وحفظة الإسلام ، وحججك على جميع الأنام ؛ الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة وسبطي نبيّ الرحمة ، وعليّ ابن الحسين السجّاد زين العابدين ، ومحمّد بن عليّ باقر علوم الدين ، وجعفر بن محمّد الصادق الأمين ، وموسى بن جعفر الكاظم الحليم ، وعليّ بن موسى الرضا الوفيّ ، ومحمّد بن عليّ البرّ التقي ، وعليّ بن محمّد المنتجب الزكي ، والحسن بن عليّ الهادي الرضي ، والحجّة بن الحسن صاحب العصر والزمان وصيّ الأوصياء وبقيّة الأنبياء ، المستتر عن خلقك ، والمؤمّل لإظهار حقّك ، المهدي المنتظر ، والقائم الذي به ينتصر. اللهمّ صلّ عليهم أجمعين صلاة باقية في العالمين ، تبلّغهم بها أفضل محلّ المكرّمين. اللهمّ ألحقهم في الإكرام بجدّهم وأبيهم ، وخذ لهم الحقّ من ظالميهم.

أشهد يا مولاي أنّكم المطيعون لله ، القوّامون بأمره ، العاملون بإرادته ، الفائزون بكرامته ، اصطفاكم بعلمه ، واجتباكم لغيبه ، واختاركم لسرّه ، وأعزّكم بهداه ، وخصّكم ببرهانه ، وأيّدكم بروحه ، ورضيكم خلفاء في أرضه ودعاة إلى حقّه ، وشهداء على خلقه ، وأنصارا لدينه ، وحججا على بريّته ، وتراجمة لوحيه ، وخزنة لعلمه ، ومستودعا لحكمته ،

٣٩٨

عصمكم الله من الذنوب ، وبرّأكم من العيوب ، وائتمنكم على الغيوب ، زرتكم يا مواليّ عارفا بحقّكم ، مستبصرا بشأنكم ، مهتديا بهداكم ، مقتفيا لأثركم ، متّبعا لسنّتكم ، متمسّكا بولائكم ، معتصما بحبلكم ، مطيعا لأمركم ، مواليا لأوليائكم ، معاديا لأعدائكم ، عالما بأنّ الحقّ فيكم ومعكم ، متوسّلا إلى الله بكم ، مستشفعا إليه بجاهكم ، وحقّ عليه أن لا يخيّب سائله ، والراجي ما عنده لزوّاركم ، المطيعين لأمركم.

اللهمّ فكما وفّقتني للإيمان بنبيّك والتصديق لدعوته ، ومننت عليّ بطاعته واتّباع ملّته ، وهديتني إلى معرفته ومعرفة الأئمّة من ذرّيّته ، وأكملت بمعرفتهم الإيمان ، وقبلت بولايتهم وطاعتهم الأعمال ، واستعبدت بالصلاة عليهم عبادك وجعلتهم مفتاحا للدعاء وسببا للإجابة فصلّ عليهم أجمعين واجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين.

اللهمّ اجعل ذنوبنا بهم مغفورة ، وعيوبنا مستورة ، وفرايضنا مشكورة ، ونوافلنا مبرورة ، وقلوبنا بذكرك معمورة ، وأنفسنا بطاعتك مسرورة ، وجوارحنا على خدمتك مقهورة ، وأسمائنا في خواصّك مشهورة ، وأرزاقنا من لدنك مدرورة ، وحوائجنا لديك ميسورة ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهمّ أنجز لهم وعدك ، وطهّر بسيف قائمهم أرضك ، وأقم به حدودك المعطّلة ، وأحكامك المهملة والمبدّلة ، وأحيي به القلوب الميتة ، وأجمع به الأهواء المتفرّقة ، وأجل به صداء الجور عن طريقتك حتّى يظهر الحقّ على يديه في أحسن صورته ، ويهلك الباطل وأهله بنور دولته ، ولا يستخفي بشيء من الحقّ مخافة أحد من الخلق. اللهمّ عجّل

٣٩٩

فرجهم ، وأظهر فلجهم ، واسلك بنا منهجهم ، وأمتنا على ولايتهم ، وأحشرنا في زمرتهم وتحت لوائهم ، وأوردنا حوضهم ، وأسقنا بكاسهم ، ولا تفرّق بينن وبينهم ، ولا تحرمنا شفاعتهم حتّى نظفر بعفوك وغفرانك ، ونصير إلى رحمتك ورضوانك ، إله الحقّ ربّ العالمين.

يا قريب الرحمة من المؤمنين ونحن أولئك حقّا لا ارتيابا إذا أوحشنا التعرّض لغضبه أنسنا حسن الظنّ به ، فنحن واثقون بين رغبة ورهبة قد أقبلنا لعفوك ومغفرتك طلّابا ، وأذلّ لنا لقدرتك وعزّتك رقابا ، فصلّ على محمّد وآله الطاهرين ، واجعل دعائنا بهم مستجابا ، وولائنا لهم من النار حجابا ، اللهمّ بصّرنا قصد السبيل لنعتمده ، ومورد الرشد لنرده ، وبدّل خطايانا صوابا ، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة ، يا من تسمّى من جوده وكرمه وهّابا ، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار إن حقّت علينا اكتسابا برحمتك يا أرحم الراحمين».

أسرة الإمام عليّ الهادي عليه‌السلام الميمونة من الأولاد وغيرهم

قال المفيد في الإرشاد : خلّف أبو الحسن من الولد أبا محمّد الحسن ابنه وهو الإمام بعده ، والحسين ومحمّدا وجعفرا وابنته علية ، ومثل ذلك في إعلام الورى للطبرسيّ ، والمناقب لابن شهرآشوب وهو المشهور بين المورّخين غير أنّ ملك الكتّاب في كتابه بحر الأنساب زاد : زيد وموسى وعبد الله وذكر لأعقابهم أقاصيص يطول شرحها إلّا أنّه متفرّد بها ، والله أعلم.

أمّا الإمام أبو محمّد الحسن عليه‌السلام فسيأتي ذكره في المجلّد الآتي بصورة تفصيليّة.

٤٠٠