مآثر الكبراء في تأريخ سامرّاء - ج ٣

الشيخ ذبيح الله المحلاتي

مآثر الكبراء في تأريخ سامرّاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ ذبيح الله المحلاتي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدريّة
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-503-039-0
ISBN الدورة:
964-503-039-0

الصفحات: ٤٦٢

عكرمة ابنك ، وسيلي من امور المسلمين ما إن أطاع الله ورسوله فيه كان عند الله جليلا وإلّا فالعذاب نازل عليك ، وكذلك سائر قريش السائلين لمّا سألوا من هذا إنّما امهلوا لأنّ الله علم أنّ بعضهم سيؤمن بمحمّد وينال به السّعادة ، فهو لا يقطعه عن تلك السّعادة ولا يبخل بها عليه ، أو من يولد منه مؤمن فهو ينظر أباه لإيصال ابنه إلى السعادة ، ولو لا ذلك لنزل العذاب بكافّتكم ، فانظر نحو السّماء.

فنظر فإذا أبوابها مفتّحة ، وإذا النّيران نازلة منها مسامتة لرؤوس القوم تدنو منهم حتّى وجدوا حرّها بين أكتافهم ، فارتعدت فرائص أبي جهل والجماعة.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تروعنّكم فإنّ الله لا يهلككم بها وإنّما أظهرها عبرة لكم.

ثمّ نظروا وإذا قد خرج من ظهور الجماعة أنوار قابلت النيران حتّى أعادتها في السماء كما جائت منها ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : هذه أنوار من يؤمن بي ستخرج من أصلابكم.

ما روي عنه عليه‌السلام في فضائل سورة الحمد

روى الصدوق في العيون والعلل المفسّر بإسناده إلى أبي محمّد العسكريّ عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : جاء رجل إلى الرضا فقال : يابن رسول الله ، أخبرني عن قول الله عزوجل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فما تفسيره؟

فقال : لقد حدّثني أبي عن جدّي عن الباقر عن زين العابدين عن أبيه عليهم‌السلام قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أخبرني عن قول الله عزوجل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ما تفسيره؟ فقال : «الحمد لله» هو ان عرّف عباده بعض نعمه جملا إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل لأنّها أكثر من أن تحصى وتعرف ، فقال لهم : قولوا : الحمد لله على ما أنعم به علينا.

٣٦١

«ربّ العالمين» وهم الجماعات من كلّ مخلوق من الجمادات والنباتات والحيوانات ، فأمّا الحيوانات وهو يقلّبها بقدرته ويغذوها من رزقه ويحفظها بكنفه ، ويدبّر كلّا منها بمصلحة ، فأمّا الجمادات فهو يمسكها بقدرته ، يمسك المتصل منها أن يتهافت ، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق ، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه ، ويمسك الأرض ان تنخسف إلّا بأمره.

وروى الشيخ الطوسيّ في الأمالي عن الفحّام عن المنصوريّ عن عمّ أبيه عن أبي الحسن العسكريّ عن آبائه عن الصادق عليهم‌السلام قال : من نالته علّة فليقرأ في جنبه الحمد سبع مرّات فإن ذهبت العلّة وإلّا فليقرأها سبعين مرّة وأنا الضامن له العافية.

وفيه أيضا : الفحّام ، عن المنصوريّ ، عن عمر بن أبي موسى ، عن عيسى بن أحمد ابن عيسى ، عن أبي الحسن الثالث عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول الله عزوجل : يابن آدم أذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب ولا أمحقك فيمن أمحق.

روايته عليه‌السلام في عيادة الصادق عن مريض

روى الصدوق رحمه‌الله في العيون بسنده عن أبي محمّد العسكري عن أبيه عليّ بن محمّد عن أبيه عن جدّه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليهم‌السلام قال : سأل الصادق جعفر بن محمّد عليه‌السلام عن بعض اهل مجلسه ، فقيل عليل ، فقصده عايدا وجلس عند رأسه فوجده دنفا ، فقال له : أحسن ظنّك بالله ، قال : أمّا ظنّي بالله فحسن ، ولكن غمّي لبناتي ما أمرضني غير رفقي بهنّ. فقال الصادق عليه‌السلام : الذي ترجوه لتضعيف حسناتك ومحو سيّئاتك فارجه لإصلاح حال بناتك ، أما علمت أنّ رسول الله

٣٦٢

قال : لمّا جاوزت سدرة المنتهى وبلغت أغصانها وقضبانها (١) رأيت بعض ثمار قضبانها أثداؤه معلّقة يقطر من بعضها اللبن ، ومن بعضها العسل ، ومن بعضها الدهن ، ويخرج من بعضها شبه دقيق السميذ ، وعن بعضها الثياب ، وعن بعضها كالنبق ، فيهوي ذلك كلّه نحو الأرض ، فقلت في نفسي : أين مقرّ هذه الخارجات عن هذه الأثداء ، وذلك أنّه لم يكن معي جبرئيل لأنّي كنت جاوزت مرتبة واختزل دوني ، فناداني ربّي عزوجل في سرّي : يا محمّد ، هذه أنبتّها من هذا المكان الأرفع لأغذو منها بنات المؤمنين من أمّتك وبنيهم ، فقل لآباء البنات لا تضيّقنّ صدوركم على فاقتهنّ فإنّي كما خلقتهنّ أرزقهنّ.

روايته في ذكر من مسخهم الله

روى الطبرسيّ في الاحتجاج بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ عن آبائه أنّ عليّ ابن الحسين عليه‌السلام كان يذكر حال من مسخهم الله قردة من بني إسرائيل ويحكي قصّتهم ، فلمّا بلغ آخرها قال : «إنّ الله تعالى مسخ أولئك القوم لاصطيادهم السمك ، فكيف ترى عند الله عزوجل يكون حال من قتل أولاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهتك حريمه؟! إنّ الله تعالى وإن لم يمسخهم في الدّنيا فإنّ المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ».

فقيل له : يابن رسول الله فإنّا قد سمعنا منك هذا الحديث ، فقال لنا بعض النصّاب : فإن كان قتل الحسين باطلا فهو أعظم عند الله من صيد السمك في السبت ، أفما كان الله غضب على قاتليه كما غضب على صيّادي السمك؟

__________________

(١) والقضب كلّ نبت يقطع وأكل طريّا ، والقضبة اسم يقع على ما قضب من أغصان يتّخذ منه سهام ، وقيل : الغصن المقطوع قضيب ، والمراد هنا أغصانها. و «السميذ» ـ بالمهملة والمعجمة والثاني أفصح ـ لباب البرّ وما تبيض من الطعام. و «النبق» ثمر السدر. و «اختزل» أي انقطع.

٣٦٣

قال عليّ بن الحسين عليه‌السلام : «قل لهؤلاء النصّاب فإن كان إبليس معاصيه أعظم من معاصي من كفر بإغوائه فأهلك الله من شاء منهم كقوم نوح ، وفرعون ، ولم يهلك إبليس ، وهو أولى بالهلاك ، فما باله أهلك هؤلاء الّذين قصروا عن إبليس في عمل الموبقات ، وأمهل إبليس مع إيثاره لكشف المحرّمات ، أما كان ربّنا عزوجل حكيما بتدبيره وحكمه فيمن أهلك وفيمن استبقى؟ فكذلك هؤلاء الصائدون في السبت ، وهؤلاء القاتلون للحسين ، يفعل في الفريقين ما يعلم أنّه أولى بالصواب والحكمة ، لا يسئل عمّا يفعل وعباده يسئلون».

خبر النبيّ عن صورة عليّ عليه‌السلام

روى الصدوق في العيون بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ عن آبائه عن الحسين ابن عليّ عليهم‌السلام قال : سمعت جدّي رسول الله يقول : ليلة أسرى بي ربّي عزوجل رأيت في بطنان العرش ملكا بيده سيف من نور يلعب به كما يلعب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام بذي الفقار وإنّ الملائكة إذا اشتاقوا إلى وجه عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام نظروا إلى وجه ذلك الملك. فقلت : يا ربّ ، هذا أخي عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ابن عمّي؟!

فقال : يا محمّد ، هذا ملك خلقته على صورة عليّ يعبدني في بطنان عرشي ، تكتب حسناته وتسبيحه وتقديسه لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام إلى يوم القيامة.

حديثه في فضل البكاء

وفيه أيضا : المفسّر عن أحمد بن الحسن الحسيني ، عن أبي محمّد عن آبائه عن الصادق عليهم‌السلام قال : إنّ الرجل ليكون بينه وبين الجنّة أكثر ممّا بين الثرى إلى العرش لكثرة ذنوبه فما هو إلّا أن يبكي من خشية الله عزوجل ندما عليها حتّى يصير بينه وبينها أقرب من جفنته إلى مقلته.

٣٦٤

وبهذا الإسناد قال : قال الصادق عليه‌السلام : كم ممّن أكثر ضحكه لاعبا يكثر بكائه يوم القيامة ، وكم ممّن أكثر بكائه على ذنبه خائفا يكثر يوم القيامة في الجنّة سروره وضحكه.

حديثه عليه‌السلام في أثر الإنفاق

وفيه أيضا : المفسّر ، عن أحمد بن الحسن الحسيني ، عن أبي محمّد العسكري عن آبائه عن موسى بن جعفر عليهم‌السلام قال : كان الصادق عليه‌السلام في طريق ومعه قوم معهم أموال وذكر لهم أنّ بارقة في الطريق يقطعون على الناس فارتعدت فرائصهم ، فقال لهم الصادق : ما لكم؟ قالوا : معنا أموال نخاف أن يؤخذ منّا ، أفتأخذها هنا فلعلّهم يندفعون عنها إذا رأوا أنّها لك؟ فقال : وما يدريكم لعلّهم لا يقصدون غيري ولعلّكم تعرضوني بها التلف؟ فقالوا : كيف نصنع؟ ترى ندفنها؟ قال : لا ذاك أضيع لها فلعلّ طائرا يطرأ عليها فيأخذها أو لعلّكم لا تهتدون إليها بعد. فقالوا : وكيف نصنع؟ دلّنا. قال : أودعوها من يحفظها ويدفع عنها ويربّيها ويجعل الواحد منها أعظم من الدنيا وما فيها ثمّ يردّها ويوفّرها عليكم. قالوا : من ذاك؟ قال : ذاك ربّ العالمين. قالوا : وكيف نودّعه؟ قال : تتصدّقون على ضعفاء المسلمين. قالوا : وأنّى لنا الضعفاء بحضرتنا هذه. قال : فأعزموا على أن تتصدّقوا بثلثها ليدفع الله عن باقيها ممّن تخافون. قالوا : قد عزمنا. قال : فأنتم في أمان الله فامضوا.

ومضوا وظهرت لهم البارقة فخافوا ، فقال الصادق عليه‌السلام : فكيف تخافون وأنتم في أمان الله تعالى ، فتقدّم البارقة وترجّلوا وقبّلوا يد الصادق وقالوا : رأينا البارحة في منامنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأمرنا بعرض أنفسنا عليك فنحن بين يديك ونصحبك وهؤلاء لندفع عنكم الأعداء واللصوص. فقال الصادق عليه‌السلام : لا حاجة بنا إليكم

٣٦٥

فإنّ الذي دفعكم عنّا يدفعهم ، فمضوا سالمين وتصدّقوا بالثلث وبورك في تجاراتهم فربحوا للدرهم عشرة ، فقالوا : ما أعظم بركة من الصادق. فقال الصادق عليه‌السلام : قد تعرّفتم البركة في معاملة الله تعالى فدوموا عليه.

نبذة من أدعية الإمام عليّ الهادي عليه‌السلام

منها : في تعقيب صلاة الفجر : روى المجلسيّ في الثامن عشر من البحار عن المصباح الكفعميّ والبلد الأمين أنّ أبا الحسن العسكري عليه‌السلام كان يدعو في تعقيب صلاة الفجر :

«يا كبير كلّ كبير ، يا من لا شريك له ولا وزير ، يا خالق الشمس والقمر المنير ، يا عصمة الخائف المستجير ، يا مطلق المكبّل (١) الأسير ، يا رازق الطفل الصغير ، يا جابر العظم الكسير ، يا راحم الشيخ الكبير ، يا نور النور ، يا مدبّر الأمور ، يا باعث من في القبور ، يا شافي الصدور ، يا جاعل الظلّ والحرور ، يا عالما بذات الصدور ، يا منزل الكتاب والنور ، والفرقان العظيم والزبور ، يا من يسبّح له الملائكة بالأبكار والسحور ، يا دائم الثبات ، يا مخرج النبات بالغدوّ والآصال ، يا محيي الأموات ، يا منشئ العظام الدارسات ، يا سامع الصوت ، يا سابق الفوت ، يا كاسي العظام البالية بعد الموت ، يا من لا يشغله شغل عن شغل ، يا من لا يتغيّر من حال إلى حال ، يا من لا يحتاج إلى تجشّم حركة ولا انتقال ، يا من لا يمنعه شأن عن شأن ، يا من يردّ بالصدقة والدعاء عن أعنان السماء ما حتّم وأبرم من سوء

__________________

(١) قال الجوهريّ : الكبل القيد الضخيم ، يقال : كبلت الأسير وكبلت إذا قيّدته فهو مكبول ومكبّل.

٣٦٦

القضاء ، يا من لا يحيط به موضع ومكان ، يا من يجعل الشفاء فيما يشاء من الأشياء ، يا من يمسك الرمق من الدنف العميد (١) بما قلّ من الغذاء ، يا من لا يزيل بأدنى الدواء ما غلظ من الداء ، يا من إذا وعد وفى وإذا توعّد عفا ، يا من يملك حوائج السائلين ، يا من يعلم ما في ضمير الصامتين ، يا عظيم الخطر ، يا كريم الظفر (٢) ، يا من له وجه لا يبلى ، يا من له ملك لا يفنى ، يا من له نور لا يطفى ، يا من فوق كلّ شيء عرشه ، يا من في البرّ والبحر سلطانه ، يا من في جهنّم سخطه ، يا من في الجنّة رحمته ، يا من مواعيده صادقة ، يا من أياديه فاضلة ، يا من رحمته واسعة ، يا غياث المستغيثين ، يا مجيب دعوة المضطرّين ، يا من هو بالمنظر الأعلى وخلقه بالمنظر الأدنى ، يا ربّ الأرواح الفانية ، يا ربّ الأجساد البالية ، يا أبصر الناظرين ، يا أسمع السامعين ، يا أسرع الحاسبين ، يا أحكم الحاكمين ، يا أرحم الراحمين ، يا وهّاب العطايا ، يا مطلق الأسارى ، يا ربّ العزّة ، يا أهل التقوى وأهل المغفرة ، يا من لا يدرك أمده ، يا من لا يحصى عدده ، يا من لا ينقطع مدده ، أشهد والشهادة لي رفعة وعدّة وهي منّي سمع وطاعة وبها أرجو النجاة يوم الحسرة والندامة أنّك أنت الله لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك ، وأنّ محمّدا عبدك ورسولك ، صلواتك عليه وآله ، وأنّه قد بلّغ عنك وأدّى ما كان واجبا عليه لك ، وأنّك تخلق دائما وترزق ، وتعطي وتمنع ، وترفع وتضع ، وتغني وتفقر ،

__________________

(١) العميد هو الذي هدّه المرض وهو المعمود.

(٢) قوله : «يا كريم الظفر» أي الكريم عند الظفر وظفره جليل عظيم.

٣٦٧

وتخذل وتنصر ، وتعفو وترحم ، وتصفح وتجاوز عمّا تعلم ، ولا تجور ولا تظلم ، وأنّك تقبض وتبسط ، وتمحو وتثبت ، وتبدأ وتعيد ، وتحيي وتميت وأنت حيّ لا تموت ، فصلّ على محمّد وآل محمّد واهدني من عندك ، وأفض عليّ من فضلك ، وانشر عليّ من رحمتك ، وأنزل عليّ من بركاتك ، فطال ما عوّدتني بالحسن الجميل ، وأعطيتني الكثير الجزيل ، وسترت عليّ القبيح ، اللهمّ فصلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجي ، وأقلني عثرتي ، وارحم غربتي ، وارددني إلى أفضل عادتك عندي ، واستقبل بي صحّة من سقمي ، وسعة من عدتي ، وسلامة شاملة في بدني ، وبصيرة في ديني ، وأعنّي على استغفارك واستقالتك قبل أن يفني الأجل ، وينقطع الأمل ، وأعنّي على الموت وكربته ، وعلى القبر ووحشته ، وعلى الميزان وخفّته ، وعلى الصراط وزلّته ، وعلى يوم القيامة وروعته ، وأسألك نجاة العمل قبل انقطاع الأجل ، وقوّة في سمعي وبصري ، واستعمالا لصالح ما علّمتني وفهّمتني ، إنّك أنت الربّ الجليل وأنا العبد الذليل ، وشتّان ما بيننا يا حنّان يا منّان يا ذا الجلال والإكرام ، صلّ على محمّد وآل محمّد الطيّبين الطاهرين».

قال الكفعمي في المصباح : رأيت في كتاب عدّة السفر وعمدة الحضر لأبي عليّ الفضل بن الحسن الطبرسيّ قدس‌سره أنّه من دعا بهذا الدعاء وهو «يا كبير كلّ كبير» الخ ، في كلّ صباح قضى الله سبحانه له سبعين حاجة من حوائج الدنيا والآخرة ، انتهى.

منها دعائه عليه‌السلام في تعقيب صلاة المغرب : روى الصدوق في ثواب الأعمال بسنده عن أبي المغيرة قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : من قال في دبر صلاة الصبح والمغرب قبل أن يثني رجليه أو يكلّم أحد : («إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى

٣٦٨

النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وذرّيّته» قضى الله له مائة حاجة ؛ سبعين في الدنيا وثلاثين في الآخرة.

قال : قلت له : ما معنى صلاة الله وصلاة الملائكة وصلاة المؤمنين؟ قال : صلاة الله رحمة من الله ، وصلاة ملائكته تزكية منهم له ، وصلاة المؤمنين دعاء منهم له.

دعاء آخر عليه‌السلام : وفيه أيضا : ومن سرّ آل محمّد في الصلاة على النبيّ وآله :

«اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد في الأوّلين ، وصلّ على محمّد وآل محمّد في الآخرين ، وصلّ على محمّد وآل محمّد في الملأ الأعلى ، وصلّ على محمّد وآل محمّد في المرسلين ، اللهمّ أعط محمّدا الوسيلة والشرف والفضيلة والدرجة الكبيرة ، اللهمّ إنّي آمنت بمحمّد ولم أره فلا تحرمني يوم القيامة رؤيته وارزقني صحبته وتوفّني على ملّته واسقني من حوضه مشربا رويّا سائغا هنيئا لا أظمأ بعده أبدا إنّك على كلّ شيء قدير ، اللهمّ كما آمنت بمحمّد ولم أره فعرّفني في الجنان وجهه ، اللهمّ بلّغ روح محمّد عنّي تحيّة كثيرة وسلاما».

قال عليه‌السلام : فإنّ من صلّى على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بهذه الصلاة هدمت ذنوبه ، ومحيت خطاياه ، ودام سروره ، واستجيب دعاؤه ، وأعطي أمله ، وبسط له رزقه ، وأعين على عدوّه ، وهيّئ له سبب أنواع الخير ، ويجعل من رفقاء نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الجنان الأعلى ، يقولهنّ ثلاث مرّات غدوة وثلاث مرّات عشيّة.

منها دعائه عليه‌السلام في كلّ عصر قبل اصفرار الشمس : روى المجلسيّ في الثامن عشر من البحار وكذا الكفعميّ في المصباح ، وكذا في مصباح المتهجّدين وغيرهما قال : الساعة العاشره من ساعتين بعد صلاة العصر إلى قبل اصفرار الشمس للهادي عليه‌السلام ، تقول :

٣٦٩

«يا من علا فعظم ، يا من تسلّط فتجبّر ، وتجبّر وتسلّط ، يا من عزّ فاستكبر في عزّه ، يا من مدّ الظلّ على خلقه ، يا من منّ بالمعروف على عباده ، أسألك يا عزيز ذا انتقام ، يا منتقما بعزّته من أهل الشرك ، أسألك بحقّ وليّك عليّ بن محمّد عليك وأقدّمه بين يدي حوائجي أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تعيني به على قضاء حوائجي ونوافلي وفرائضي وبرّ إخواني وكمال طاعتك برحمتك يا أرحم الراحمين».

دعاء آخر له عليه‌السلام :

«اللهمّ أنت الوليّ الحميد الغفور الودود ، المبدء والمعيد ، ذو العرش المجيد والبطش الشديد ، فعّال لما يريد ، يا من هو أقرب إليّ من حبل الوريد ، يا من هو على كلّ شيء شهيد ، يا من لا يتعاظمه غفران الذنوب ولا يكبر عليه الصفح عن العيوب ، أسألك بجلالك وبنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك ، وبقدرتك التي قدرتك بها على خلقك ، وبرحمتك التي وسعت كلّ شيء ، وبقوّتك التي ضعف بها كلّ قويّ ، وبعزّتك التي ذلّ لها كلّ عزيز ، وبمشيّتك التي صغر فيها كلّ كبير ، وبرسولك الذي رحمت به العباد وهديت به إلى سبيل الرشاد ، وبأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب أوّل من آمن برسولك وصدّق ، والذي وفى بما عاهد عليه وتصدّق ، وبالإمام البرّ عليّ بن محمّد بن عليّ عليهما‌السلام الذي كففت عنه حيلة الأعداء ، وأريتهم عجيب الآية إذ توسّلوا به في الدعاء أن تصلّي على محمّد وآل محمّد فقد استشفعت بهم إليك وقدّمتهم أمامي وبين يدي حوائجي ، وأن تجعلني من كفايتك في حرز حريز ، ومن كلائتك تحت عزّ عزيز ، وتوزعني شكر آلائك ومنك ، وتوفّقني للاعتراف بأياديك ونعمك يا أرحم الراحمين».

٣٧٠

منها دعائه عليه‌السلام عند النوم : قال المجلسيّ في السادس عشر من البحار في باب القرائة والدعاء عند النوم والانتباه أنّ أحمد بن خانبة عرض كتابه على أبي الحسن عليّ بن محمّد صاحب العسكر عليه‌السلام فوقف عليه وقال : صحيح فاعملوا به ، وقال : إذا انتبهت من منامك وتقلّبت على الفراش ، فقل : «لا إله إلّا الله الحيّ القيّوم وهو على كلّ شيء قدير ، سبحان الله ربّ العالمين وآله المرسلين ، وسبحان الله ربّ السماوات السبع وما فيهنّ وربّ الأرضين السبع وما فيهنّ وربّ العرش العظيم ، وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين».

منها دعائه عليه‌السلام في قضاء الحاجة المهمّة : قال السيّد الأجلّ عليّ بن طاوس في جمال الأسبوع : روى يعقوب بن يزيد الكاتب الأنباريّ عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام قال : إذا كانت لك حاجة مهمّة فصم يوم الأربعاء والخميس والجمعة واغتسل يوم الجمعة في أوّل النهار وتصدّق على مسكين بما أمكن ، واجلس في موضع لا يكون بينك وبين السماء سقف ولا ستر من صحن دار أو غيرها ، تجلس تحت السماء وتصلّي أربع ركعات تقرأ في الأولى الحمد ويس ، وفي الثانية الحمد وحاميم دخان ، وفي الثالثة الحمد وإذا وقعت الواقعة ، وفي الرابعة الحمد وتبارك الذي بيده الملك فإن لم تحسنها فاقرأ الحمد ونسبة الرب وهو قل هو الله أحد ، فإذا فرغت بسطت راحتيك إلى السماء وتقول :

«اللهمّ لك الحمد حمدا يكون أحقّ الحمد بك وأرضى الحمد لك وأوجب الحمد لك وأحبّ الحمد إليك ، ولك الحمد كما أنت أهله وكما رضيته لنفسك وكما حمدك من رضيت حمده من جميع خلقك ، ولك الحمد كما حمدك به جميع أنبيائك ورسلك وملائكتك وكما ينبغي لعزّك وكبريائك وعظمتك ، ولك الحمد حمدا يكلّ الألسن عن صفته ويقف القول عن منتهاه ، ولك الحمد حمدا لا

٣٧١

يقصر عن رضاك ولا يفضله شيء من محامدك ، اللهمّ لك الحمد في السرّاء والضرّاء والشدّة والرخاء والعافية والبلاء والسنين والدهور ، ولك الحمد على آلائك ونعمائك عليّ وعندي وعلى ما أوليتني وأبليتني وعافيتني ورزقتني وأعطيتني وفضّلتني وشرّفتني وكرّمتني وهديتني لدينك حمدا لا يبلغه وصف واصف ، ولا يدركه قول قائل. اللهمّ لك الحمد حمدا فيما آتيته إليّ من إحسانك عندي وإفضالك عليّ وتفضّلك إيّايّ على غيري ، ولك الحمد على ما سوّيت من خلقي وأدّبتني فأحسنت أدبي منّا منك عليّ لا لسابقة كانت منّي فأيّ النعم يا ربّ لم تتّخذ عندي ، وأيّ الشكر لم تستوجب منّي رضيت بلطفك لطفا وبكفايتك من جميع الخلق خلقا يا ربّ أنت المنعم على المحسن المتفضّل المجمل ذو الجلال والإكرام والفواضل والنعم العظام ، فلك الحمد على ذلك يا ربّ لم تخذلني في شديدة ولم تسلّمني بجريرة ولم تفضحني بسريرة لم تزل نعمائك على عامّته عند كلّ عسر ويسر ، أنت حسن البلاء ولك عندي قديم العفو. اللهمّ متّعني بسمعي وبصري وجوارحي وما أقلّت الأرض منّي ، اللهمّ وإنّ أوّل ما أسألك من حاجتي وأطلب إليك من رغبتي وأتوسّل إليك به بين يدي مسألتي وأتقرّب به إليك بين يدي طلبتي الصلاة على محمّد وآل محمّد وأسألك أن تصلّي عليه وعليهم كأفضل ما أمرت أن يصلّي عليهم ، وكأفضل ما سألك أحد من خلقك ، وكما أنت مسئول لهم إلى يوم القيامة. اللهمّ فصلّ عليهم بعدد من صلّى عليهم وبعدد من يصلّي عليهم صلاة دائمة تصلّها بالوسيلة والرفعة والفضيلة ، وصلّ على جميع أنبيائك ورسلك وعبادك الصالحين ، وصلّ اللهمّ

٣٧٢

على محمّد وآله وسلّم عليهم تسليما كثيرا ، اللهمّ ومن جودك وكرمك إنّك لا تخيّب من طلب إليك وسألك ورغب فيما عندك ، وتبغض من لم يسألك ، وليس أحد كذلك غيرك ، وطمع يا ربّ في رحمتك ومغفرتك وثقتي بإحسانك وفضلك حداني على دعائك والرغبة إليك وإنزال حاجتي بك ، وقد قدّمت أمام مسألتي التوجّه بنبيّك الذي جاء بالحقّ والصدق من عندك ونورك وصراطك المستقيم الذي هديت به العباد ، وأحييت بنوره البلاد ، وخصصته بالكرامة وأكرمته بالشهادة ، وبعثته على حين فترة من الرسل صلى‌الله‌عليه‌وآله. اللهمّ إنّي مؤمن بسرّه وعلانيته ، وسرّ أهل بيته الذين أذهبت عنهم الرجس وطهّرتهم تطهيرا وعلانيتهم. اللهمّ فصلّ على محمّد وآله ولا تقطع بيني وبينهم في الدنيا والآخرة ، واجعل عملي بهم متقبّلا. اللهمّ دللت عبادك على نفسك فقلت تبارك وتعاليت : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) ، وقلت : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ، وقلت : (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ). أجل يا ربّ نعم المدعوّ أنت ، ونعم الربّ أنت ، ونعم المجيب ، وقلت : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) وأنا أدعوك اللهمّ بأسمائك التي إذا دعيت بها أجبت ، وإذا سئلت بها أعطيت ، وأدعوك متضرّعا إليك ، مسكينا دعاء من أسلمته الغفلة ، وأجهدته الحاجة ، أدعوك دعاء من استكان واعترف بذنبه ورجاك لعظيم مغفرتك وجزيل مثوبتك. اللهمّ إن كنت

٣٧٣

خصصت أحدا برحمتك طائعا لك فيما أمرته وعمل لك فيما له خلقته فإنّه لم يبلغ ذلك إلّا بك وبتوفيقك. اللهمّ من أعدّ واستعدّ لوفادة مخلوق رجاء رفده وجوائزه فإليك يا سيّدي كان استعدادي رجاء رفدك وجوائزك فأسألك أن تصلّي على محمّد وآله ، وأن تعطيني مسألتي وحاجتي».

ثمّ تسأل ما شئت من حوائجك ثمّ تقول :

«يا أكرم المنعمين وأفضل المحسنين صلّ على محمّد وآله ، ومن أرادني بسوء من خلقك فاحرج صدره وافحم لسانه واسدد بصره واقمع رأسه واجعل له شغلا في نفسه واكفنيه بحولك وقوّتك ولا تجعل مجلسي هذا آخر المجالس التي أدعوك بها متضرّعا إليك فإن جعلته فاغفر لي ذنوبي كلّها مغفرة لا تغادر لي بها ذنبا واجعل دعائي في المستجاب وعملي في المرفوع المتقبّل عندك ، وكلامي فيما يصعد إليك من العمل الطيّب والجعلني مع نبيّك وصفيّك والأئمّة صلواتك عليهم أجمعين فبهم اللهمّ أتوسّل وإليك بهم أرغب فاستجب دعائي يا أرحم الراحمين وأقلني من العثرات ومصارع العبرات».

ثمّ تسأل حاجتك وتخرّ ساجدا وتقول :

«لا إله إلّا الله الحليم الكريم ، لا إله إلّا الله العليّ العظيم ، سبحان الله ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع وربّ العرش العظيم ، اللهمّ إنّي أعوذ بعفوك من عقوبتك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بك منك ، لا أبلغ مدحتك ولا الثناء عليك ، وأنت كما أثنيت على نفسك اجعل حياتي زيادة لي من كلّ خير ، واجعل وفاتي راحة لي من كلّ شرّ ، واجعل قرّة عيني في طاعتك».

٣٧٤

ثمّ تقول :

«يا ثقتي ورجائي لا تحرق وجهي بالنار بعد سجودي لك ، يا سيّدي من غير منّ منّي عليك بل لك المنّ بذلك عليّ فارحم ضعفي ورقّة جلدي واكفني ما أهمّني من أمر الدنيا والآخرة ، وارزقني مرافقة النبيّ وأهل بيته عليه وعليهم‌السلام في الدرجات العلى من الجنّة».

ثمّ تقول :

«يا نور النور ، يا مدبّر الأمور ، يا جواد يا ماجد يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، يا من هو هكذا ولا يكون هكذا غيره ، يا من ليس في السماوات العلى ولا في الأرضين السفلى إله سواه ، يا معزّ كلّ ذليل ، ويا مذلّ كلّ عزيز ، قد وعزّتك وجلالك عيل صبري فصلّ على محمّد وآل محمّد ، وفرّج عنّي كذا وكذا».

وتسمّي الحاجة بعينها ثمّ تسجد وتقول في السجود ثلاث مرّات : «الساعة الساعة يا أرحم الراحمين» ثمّ تضع خدّك الأيمن على الأرض وتقرأ دعاء الأخير ثلاث مرّات يعني «يا نور النور» ، ثمّ ترفع رأسك وتخضع وتقول : وا غوثاه بالله وبرسول الله وبآله صلى‌الله‌عليه‌وآله (عشر مرّات) ثمّ تضع خدّك الأيسر على الأرض وتقرأ الدعاء الأخير وتتضرّع إلى الله تعالى في مسائلك فإنّه أيسر مقام للحاجة إن شاء الله وبه الثقة.

بيان : قوله : «فإن تحسنها» أي جميع السور ، والرجوع إلى الأخير فقط بعيد.

«نسبة الربّ» لأنّها نزلت حين قالت اليهود : انسب لنا ربّك ، فنزل : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ).

«الفواضل» الأيادي الجسيمة أو الجميلة.

٣٧٥

«تصلها بالوسيلة» أي تكون الصلاة مستمرّة إلى أن تعطيهم تلك الأمور أو تصير سببا والفترة ما بين الرسولين من رسل الله من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة.

«عيل صبري» أي ضعف وعجز ، يقال : عالني الشيء أي غلبني وثقل عليّ.

منها دعائه عليه‌السلام في القنوت : روى المجلسيّ في الثامن عشر من البحار في باب القنوتات الطويلة وكذا السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس في مهج الدعوات والكفعيّ في المصباح:

«مناهل كراماتك بجزيل عطيّاتك مترعة ، وأبواب مناجاتك لمن أمّلك مشرعة ، وعطوف لحظاتك لمن ضرع إليك غير منقطعة ، وقد ألجم الحذار واشتدّ الاضطرار وعجز عن الاصطبار أهل الانتظار ، وأنت اللهمّ بالمرصد من المكان ، اللهمّ وغير مهمل مع الإمهال واللائذ بك أمن ، والراهب إليك غانم ، القاصد اللهمّ لبابك سالم ، اللهمّ فعاجل من قد استنّ في طغيانه واستمرّ على جهالته لعقباه في كفرانه ، وأطمعه حلمك عنه في نيل إرادته فهو يتسرّع إلى أوليائك بمكارهه ، ويواصلهم بقبايح مراصده ، ويقصدهم في مظانّهم بأذيّته ، اللهمّ اكشف العذاب عن المؤمنين وابعثه جهرة على الظالمين ، اللهمّ اكفف العذاب عن المستجيرين وأصببه على المعترين ، اللهمّ بادر عصبة الحقّ بالعون وبادر أعوان الظلم بالقضم ، اللهمّ أسعدنا بالشكر وامنحنا النصر وأعذنا من سوء البداء والعاقبة والخطر».

بيان : «ألجم الحذار» منعنا عن السؤال منك حذرا من العقوبة أو الردّ أو منعنا عن التكلّم والتعرّض للأمور المحاورة والتحرّز عن ضرر الأعادي وهو أظهر.

قوله عليه‌السلام : «غير مهل عن الإمهال» أي إمهاله تعالى وتأخير العذاب ليس من

٣٧٦

جهة الإهمال وترك العقوبة الكلّيّة بل لمصلحته في التأخير.

«استنّ» أي كبر سنّه وطال عمره في الطغيان.

«الخطر» أي العذر.

ومنها دعائه عليه‌السلام في القنوت أيضا : وفي الكتب المشار إليها :

«يا من تفرّد بالربوبيّة ، وتوحّد بالوحدانيّة ، يا من أضاء باسمه النهار ، وأشرقت به الأنوار ، وأظلم بأمره حندس الليل ، وهطل بغيثه وابل السيل ، يا من دعاه المضطرّون فأجابهم ، ولجأ إليه الخائفون فآمنهم ، وعبده الطائعون فشكرهم ، وحمده الشاكرون فأثابهم ، ما أجلّ شأنك ، وأعلى سلطانك ، وأنفذ أحكامك ، أنت الخالق بغير تكلّف ، والقاضي بغير تحيّف ، حجّتك البالغة وكلمتك الدامغة ، بك اعتصمت وتعوّذت من نفثات العندة ورصدات الملحدة الذين ألحدوا في أسمائك ورصدوا بالمكاره لأوليائك ، وأعانوا على قتل أنبيائك وأصفياك ، وقصدوا لإطفاء نورك بإذاعة سرّك ، وكذّبوا رسلك وصدّوا عن آياتك ، واتّخذوا من دونك ودون رسلك ودون المؤمنين وليجة ورغبة عنك ، وعبدوا طواغيتهم بدلا منك ، فمننت على أوليائك بعظيم نعمائك ، وجدت عليهم بكريم آلائك ، وأتممت لهم ما أوليتهم بحسن جزائك حفظا لهم من معاندة الرسل وضلال السبل ، وصدّقت لهم بالعهود ألسنة الإجابة ، وخشعت لك بالعقود قلوب الإنابة ، أسألك اللهمّ باسمك الذي خشعت له السماوات والأرض ، وأحييت به أموات الأشياء ، وأمتّ به جميع الأحياء ، وجمعت به كلّ متفرّق ، وفرّقت به كلّ مجتمع ، وأتممت به الكلمات ، وأريت به كبرى الآيات ، وتبت به على التوّابين ، وأخّرت

٣٧٧

به عمل المفسدين فجعلت عملهم هباء منثورا وتبرتهم تبتيرا أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تجعل شيعتي من الذي حملوا فصدقوا واستنطقوا فنطقوا آمنين مأمونين ، اللهمّ إنّي أسألك لهم توفيق أهل الهدى ، وأعمال أهل اليقين ، ومناصحة أهل التوبة ، وعزم أهل البصر ، وتقيّة أهل الورع ، وكتمان الصدّيقين حتّى يخافوك اللهمّ مخافة تحجزهم عن معاصيك حتّى يعملوا بطاعتك لينالوا كرامتك ، وحتّى يناصحوا لك وفيك خوفا منك ، وحتّى يخلصوا لك النصيحة في التوبة حبّا لهم فتوجب لهم محبّتك التي أوجبتها للتّوابين ، وحتّى يتوكّلوا عليك في أمورهم كلّها حسن ظنّ بك ، وحتّى يفوّضوا إليك أمورهم ثقة بك ، اللهمّ لا تنال طاعتك إلّا بتوفيقك ، ولا تنال درجة من درجات الخير إلّا بك ، اللهمّ يا مالك يوم الدين ، العالم بخفايا صدور العالمين ، طهّر الأرض من نجس أهل الشرك ، وأخرس الخرّاصين عن تقوّلهم على رسولك الإفك ، اللهمّ اقصم الجبّارين وأبر المفترين وأبد الأفّاكين الذين إذا تتلى عليهم آيات الرحمن قالوا أساطير الأوّلين ، وأنجز لي وعدك إنّك لا تخلف الميعاد ، وعجّل فرج كلّ طالب مرتاد إنّك لبالمرصاد ، وأعوذ بك من كلّ لبس ملبوس ، ومن كلّ قلب من معرفتك محبوس ، ومن نفس تكفر إذا أصابها بؤس ، ومن واصف عدل عمله عن العدل معكوس ، ومن طالب للحقّ وهو عن صفات حقّ منكوس ، ومن مكتسب اسم باسمه مركوس ، ومن وجه عند تتابع النعم عليه عبوس ، أعوذ بك من ذلك كلّه ومن نظيره وأشكاله وأمثاله إنّك عليم حكيم».

٣٧٨

روى الشيخ في الأمالي عن المنصوريّ عن عمّ أبيه عن أبي الحسن العسكريّ عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : قال الله : «لا إله إلّا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي».

منها دعائه عليه‌السلام عند المناجات : روى المجلسيّ في التاسع عشر من البحار في باب أدعية المناجات نقلا عن بلد الأمين :

«إلهي صلّ على محمّد وآل محمّد ، وارحمني إذا انقطع من الدنيا أثري ، ومحي من المخلوقين ذكري وصرت في المنسيّين كمن نسي ، إلهي كبر سنّي ، ورقّ جلدي ، ودقّ عظمي ، ونال الدهر منّي ، واقترب أجلي ، ونفدت أيّامي ، وذهبت شهواتي ، وبقيت تبعاتي ، إلهي ارحمني إذا تغيّرت صورتي» إلى آخر المناجات بطولها.

وروى الصدوق في التوحيد عن الدقّاق ، عن الأسدي ، عن محمّد بن جعفر البغدادي ، عن سهل ، عن أبي الحسن العسكري عليه‌السلام إنّه قال :

(إلهي تاهت أوهام المتوهّمين ، وقصر طرف الطارفين ، وتلاشت أوصاف الواصفين ، واضمحلّت أقاويل المبطلين عن الدرك لعجيب شأنك أو الوقوع بالبلوغ إلى علوّك فأنت في المكان الذي لا تتناهى ولم يقع عليك عيون بإشارة ولا عبارة ، هيهات ثمّ هيهات ، يا أوّليّ يا وحدانيّ يا فردانيّ ، شمخت في العلوّ بعزّ وارتفعت من وراء كلّ غورة ونهاية بجبروت الفخر».

منها دعائه في دفع الآفات والشرور : في التاسع عشر من البحار في حديث طويل عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : وركّب في صلب محمّد بن عليّ عليهما‌السلام نطفة لا باغية ولا طاغية ، بارّة مباركة طيّبة طاهرة سمّاه عليّ بن محمّد فألبسها السكينة والوقار ، وأودعها العلوم وكلّ سرّ مكتوم ، من لقيه وفي صدره شيء أنبأه وحذّره من عدوّه ،

٣٧٩

ويقول في دعائه : «يا نور النور ، يا برهان ، يا منير ، يا مبين ، يا ربّ اكفني شرّ الشرور وآفات الدهور ، وأسألك النجاة يوم ينفخ في الصور».

منها دعائه عند التسبيح : «سبحان من هو دائم لا يسهو ، سبحان من هو قائم لا يلهو ، سبحان من هو غنيّ لا يفتقر ، سبحان الله وبحمده».

ومنها دعائه عليه‌السلام للحرز : روى السيّد الأجل عليّ بن طاووس في مهج الدعوات : «بسم الله الرحمن الرحيم ، يا عزيز العزّ في عزّه ، ما أعزّ عزيز في عزّه ، يا عزيز أعزّني بعزّك وأيّدني بنصرك وادفع عنّي همزات الشياطين ، وادفع عنّي بدفعك وامنع بصنعك واجعلني من خيار خلقك يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد».

ومنها دعاء الحجابيّة : قال السيّد في مهج الدعوات عند ذكره ما اختاره من الحجب المرويّة عنهم عليهم‌السلام : حجاب عليّ بن محمّد عليهما‌السلام :

«وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ، وجعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ، وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنّه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكّلون ، عليك يا مولاي توكّلي وأنت حسبي وأملي ، يا الله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ربّ الأرباب ومالك الملكوت وجبّار الجبابرة وملك الدنيا والآخرة ، ربّ أرسل إليّ منك رحمة يا رحيم ألبسني منك عافية وازرع في قلبى من نورك واخبأني من عدوّك واحفظني في ليلي ونهاري بعينك ، يا أنس كلّ مستوحش وإله العالمين ، قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمان بل هم عن ذكر ربّهم معرضون ، حسبي الله كافيا ومعينا معافيا فإن تولّوا فقل حسبي الله لا إله إلّا هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم».

٣٨٠