الحلقة الضائعة من تاريخ جبل عامل

علي داود جابر

الحلقة الضائعة من تاريخ جبل عامل

المؤلف:

علي داود جابر


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٠

ثالثا : إمرة البحر وديوان الصدقة

[١٠٥ ـ ١٣٢ ه‍] [٧٢٣ ـ ٧٤٩ م]

كانت الصناعة البحرية في جند الأردن تتركّز بعكا ، وعندما تسلّم هشام بن عبد الملك الحكم سنة ١٠٥ ه‍ نقلها إلى مدينة صور ، ما أدّى إلى ارتفاع شأنها بين المدن ، يقول البلاذري : «ذكر أبو الخطاب الأزدي أنّه كانت لرجل من ولد أبي معيط بعكّا أرجاء ومستغلّات فأراده هشام بن عبد الملك على أن يبيعه إيّاها فأبى المعطي ذلك عليه. فنقل هشام الصناعة إلى صور ، واتّخذ بصور فندقا ومستغلّا» (١).

ومن بين الصناعات التي نقلت إلى صور صناعة المراكب ، يقول البلاذري : «لم تزل المراكب بعكّا حتّى ولي بنو مروان فنقلوها إلى صور فهي بصور إلى اليوم» (٢).

١ ـ إمرة البحر في صور

في أيام هشام بن عبد الملك قام البيزنطيون بغزوة بحرية إلى صور فتصدّى لهم خالد بن الحسفان الفارسي ، وأجبرهم على الفرار بعد أن استولى على سفينة لهم كانت رست على جزيرة قبالة صور ، وأسر من فيها.

أ ـ يزيد بن أبي مريم [١٠٥ ـ ١١١ ه‍] [٧٢٣ ـ ٧٢٩ م]

ومن المرجّح أن ابن الحسفان ، وهو فارسي الأصل ، كان واليا على صور ومن غزاة ثغرها ، وكان أمير البحر بها يزيد بن أبي مريم الذي عزله

__________________

(١) فتوح البلدان : ص ١٢٠ و ١٢١.

(٢) المصدر نفسه : ص ١٢١.

٨١

هشام لادّعائه أن ابنه واجه الغزاة ، وولّى إمرة البحر مكانه الأسود بن بلال المحاربي ، يقول ابن عساكر نقلا عن الليث الفارسي الصوري وابن أبي كريمة الصيداوي : «أن الروم قاتلته (١) على باب ميناء صور فأخرج إليهم خالد بن الحسفان الفارسي فهزمهم وطلبهم فأرست سفينة من سفن الروم بأهلها على جزيرة صور فأسرهم ، وكتب ابن أبي مريم إلى هشام يخبره بقتال الروم إيّاه على باب ميناء صور ، فوجّه إليهم ابنه الشرف فهزمهم ، وأدرك سفينة في جزيرة صور راسية ، فأسر أهلها. قال : وكتب صاحب البريد بطبرية : إنّ الذي ولّي قتالهم خالد الفارسي ، فكتب إليه هشام : إنّه ليس بالشرف ، ولكنه الوضع وكذبت ، فنقل خالدا وأصحابه ذلك المركب إلّا خمسة ، وعزل يزيد وولي الأسود بن بلال المحاربي» (٢).

ب ـ الأسود بن بلال المحاربي [١١١ ه‍ / ٧٢٩ م]

كانت مهمة الدفاع على طول الساحل الشامي تناط بأمير البحر ، ولذلك نرى الأسود بن بلال يخرج لمطاردة الغزاة البيزنطيين حين هاجموا سفينة تجارية عند ثغر بيروت ، وقام بغزوة إلى قبرص في سنة ١٢٠ ه‍ ، ثم بغزوة إلى جزيرة أقريطش في السنة التالية أو التي بعدها (٣).

وفي هذه الفترة ، قدم عليه أعرابي من قومه ، ففرض له وأغزاه البحر ، ولما ذاق أهواله وأخطاره ، قال شعرا :

أقول وقد لاح السفين ملججا

وقد بعدت بعد التقرّب صور

وقد عصفت ريح وللموج قاصف

وللبحر من تحت السفين هدير

__________________

(١) ليزيد بن أبي مريم : وهو من أهل مصيصة دمشق.

(٢) تاريخ دمشق : ج ٦٥ ، ص ٣٨٧ ، صور من العهد : ص ١٣٠.

(٣) صور من العهد : ص ١٣١ ، وإقريطش هي جزيرة كريت.

٨٢

ألا ليت أجري والعطاء صفا لهم

وحظي حطوط في الزّمام وكور

فلله رأي قادني لسفينة

وأخضر موار السرار يمور

ترى متنه سهلا إذا الريح أقلعت

وإن عصفت فالسهل منه وعور

فيا ابن بلال للضلال دعوتني

وما كان مثلي في الضلال يسير

لئن وقعت رجلاي في الأرض مرة

وحان لأصحاب السفين وكور

وسلّمت من موج كأن متونه

حداء بدت أركانه وثبير

ليعترضن اسمي لدى العرض خلفة

وذلك إن كان الإياب يسير

وقد كان في حول «الشّربّة» مقعد

لذيد وعيش بالحديث غزير

ألا ليت شعري هل أقولن لفتية

وقد حان من شمس النهار ذرور

دعوا العيس تدني للشربة قافلا

له بين أمواج البحار وكور (١).

وفي عهد الوليد بن يزيد سنة ١٢٥ ه‍ ، زادت سلطات الأسود بن بلال ، فأصبح أميرا على جيش البحر في ساحل الشام كلّه ، وقاد حملة كبيرة إلى جزيرة قبرص فنزل عليها ، وخيّر أهلها بين المسير إلى الشام أو إلى الروم (٢) ، فاختاروا الشام ، فقدم بهم وأسكنهم الماحوز بين صيدا وصور (٣) ، وكانت ولاية بلال حتى قتل الوليد ، فلمّا قام بعده يزيد بن الوليد سنة ١٢٦ عزله وولّاه الأردن (٤).

ج ـ بركة ومعن العامليين

لم تطل ولاية يزيد بن الوليد فلمّا ولي مروان بن محمد الثاني سنة

__________________

(١) معجم البلدان : ج ٣ ، ص ٣٣٣ ، دائرة المعارف : ج ٣ ، ص ٦٦٩.

(٢) تاريخ الطبري : ج ٦ ، ص ١٩٦ ، تاريخ دمشق : ج ٩ ، ص ٦٨ ، تهذيب تاريخ دمشق : ج ٣ ، ص ٤٧ ، الكامل : ج ٣ ، ص ٤٠٠.

(٣) صور من العهد : ص ١٣١ ، ولعل الماحوز يعرف حاليا بأبي الأسود.

(٤) تهذيب تاريخ دمشق : ج ٣ ، ص ٤٧.

٨٣

١٢٧ ه‍ ، ولّى غزو البحر بركة بن يزيد العاملي ، ثم ولّي من بعده معن بن سالم العاملي (١).

٢ ـ ديوان الصدقة في الأرن

كان هشام قد عيّن إسحاق بن قبيصة على ديوان الصدقة بالأردن ، وتقلّد ضياعه بها ، واسمه مكتوب بالفسيفساء على قصر من قصور الصباح بعكا (٢).

وفي عهد مروان بن محمد سنة ١٣٢ ه‍ ، تمّ ترميم صور على يد كبير البنّائين زياد بن أبي الورد الأشجعي واسمه مكتوب على ميناء صور (٣).

رابعا : ثعلبة وثوابة العامليان

١ ـ ثعلبة بن سلامة العاملي [١٠٥ ـ ١٣٢ ه‍] [٧٢٣ ـ ٧٤٩ م]

هو ثعلبة بن سلامة بن جحدم بن عمرو بن الأجذم بن ثعلبة بن مازن بن مزين بن أبي مالك بن أبي عزم بن عوكلان بن الزهد بن سعد بن الحارث كما ساق نسبه ابن حزم (٤). كان من الشخصيات العاملية التي وصلت إلى مركز الإمارة في الأردن والأندلس في عهد الدولة الأموية.

وعندما تولّى هشام بن عبد الملك الحكم سنة ١٠٥ ه‍ ، كان ثعلبة في عداد الجيش العربي في الأندلس ، فعيّن هشام كلثوم بن عياض وابن أخيه بلج بن بشر بن عياض على حكم تلك البلاد ، وعهد إلى المسلمين إن حدث ببلج وكلثوم حدث فالأمير ثعلبة (٥).

__________________

(١) تاريخ دمشق : ج ٥٩ ، ص ٤٣٤ و ٤٣٥.

(٢) كتاب الوزراء : ص ٦٠ ، تاريخ دمشق : ج ٨ ، ص ٢٧٠ ، تهذيب تاريخ دمشق : ج ٢ ، ص ٤٥٢ ، وينسبه إلى قبيلة خزاعة المعروفة بتشيّعها لعلي عليه‌السلام.

(٣) المصدر نفسه.

(٤) جمهرة أنساب العرب : ص ٤١٩.

(٥) المصدر نفسه : ص ٤٢٠ ، الكامل : ج ٣ ، ص ٣٩١.

٨٤

ولمّا مات بلج في شوال سنة ١٢٤ ه‍ ، ولي الأمر ثعلبة العاملي ، وبعد تولّيه خاض حربا مع اليمانية والبرابرة ، فانهزم جيشه إلى «ماردة» وحاصره هؤلاء فيها فكتب إلى خليفته بقرطبة يطلب منه المساعدة ، وطال القتال ، وحضر عيد الأضحى ، فاحتفل به اليمانية والبرابرة وتوقّفوا عن القتال. فهاجمهم جيش سلامة العاملي وهزمهم في موقعة «أقوه برطوره» وأسر منهم ألف رجل من أعيانهم وذراريهم ، وجاء بهم إلى قرطبة ، ونزل عند «المصارة» من ظواهر قرطبة وعقد سوقا لبيع هؤلاء الأسرى ، وكان عرضهم بالمزاد لمن ينقص لا لمن يزيد ، يقول صاحب الأخبار المجموعة : «ولقد بلغنا أنّه باع أشياخهم لمن ينقص بهم ، لقد قيل إنّه صاح على ابن الحسن (١) وعلى الحرث بن أسد (٢) فقال : من يخسر على هذين الشيخين؟ فقال قائل : أحدهما عندي بعشرة دنانير! فقال الصائح : من ينقص؟ فلم يزل يصيح : من ينقص؟ حتّى باع أحدهما بكلب والآخر بعود» (٣) وقرر ثعلبة أن يقتل الأسرى ، وتزامن ذلك مع دخول أبي الخطار الذي عينه هشام بن عبد الملك خلفا لثعلبة ، فسلّم الأسرى إليه ، وكانت ولاية أبي الخطار سببا لنجاتهم ، يقول ابن الأثير : «فدخل قرطبة يوم الجمعة فرأى ثعلبة بن سلامة أميرها قد أحضر الأسارى الألف من البربر ليقتلهم ، فلما دخل أبو الخطار دفع الأسرى إليه ، فكانت ولايته سببا لحياتهم» (٤).

بعد حادثة الأسرى ، اضطرّ أبو الخطار إلى إخراج ثعلبة واثنين من قادة الجيش من الأندلس إلى الشام ، فلم يرض من كان من أهل الشام بذلك ،

__________________

(١) علي بن الحسن من أهل المدينة المنوّرة.

(٢) الحرث بن أسد من أهل المدينة أيضا.

(٣) فجر الأندلس : ص ٣٥٩ ، نقلا عن الأخبار المجموعة ص ٤٥.

(٤) الكامل : ج ٣ ، ص ٣٩٩ ، النجوم الزاهرة : ج ١ ، ص ٢٨١ و ٢٨٢.

٨٥

وقرّروا الخروج مع ثعلبة ، فلم يزل أبو الخطار يحسن إليهم ويستميلهم حتّى أقاموا (١).

وأهل الشام الذين أرادوا الخروج معه هم على ما يبدو من قبائل لخم وجذام وعامله ، وأن قسما منهم كانوا من أولاد ثعلبة لأنه ترك أعقابا له في إحدى جهات «رية» في منطقة تعرف «ببلّة» يقول ابن حزم : «وله عقب ببلة العاملين من رية» (٢).

ويبدو أن أبا الخطار هو الذي أسكن أعقاب ثعلبة في رية وسمّاها الأردن ، يقول ابن الأثير عندما تحدّث عن تفريق أبي الخطار لأهل الشام في الأندلس : «وأنزل أهل الأردن برية وسمّاها الأردن» (٣).

إذا ، فقد استمرّ حكم ثعلبة إلى شهر رجب سنة ١٢٥ ه‍ ، وعندما عاد إلى الأردن ، أصبح عاملا لمروان بن محمد عليها ، وعندما هرب مروان من دمشق باتجاه مصر مرّ بالأردن وأخذ معه سلامة العاملي ، يقول الطبري : ومرّ مروان بالأردن ، فشخص معه ثعلبة بن سلامة العاملي ، وكان عاملا عليها ، وتركها ليس عليها وال ، حتّى قدم عبد الله بن علي فولّى عليها وقتل ثعلبة مع مروان سنة ١٣٢ ه‍ (٤) على نهر أبي فطرس على حدود جبل عاملة الجنوبية.

٢ ـ ثوابة بن سلامة العاملي

هو ثوابة بن سلامة العاملي ، أمير الأندلس وسيّد لخم وجذام ، كما عرفه صاحب الأخبار المجموعة (٥) ، لكن ابن الأثير ينسبه إلى قبيلة

__________________

(١) الكامل : ج ٣ ، ص ٣٩٩ ، فجر الأندلس : ص ٣٦٠.

(٢) جمهرة أنساب العرب : ص ٤٢٠ ، الأعلام : ج ٢ ، ص ٩٩ وج ٣ ، ص ٢٥٦.

(٣) تاريخ الطبري : ج ٦ ، ص ٣٨٤.

(٤) جمهرة أنساب العرب : ص ٤٢٠ ، الأعلام ج ٢ ، ص ٩٩.

(٥) فجر الأندلس : ص ٢٢٧.

٨٦

جذام (١) ، وقد قصده الأمير صميل الأندلسي إلى «مورو» حيث كانت منازل جذام وشيخها ثوابة بن سلامة العاملي (٢) ، وأراد صميل بذلك أن يستميل ثوابة مكان أبي الخطار ، وحدّثت فتنة بين ثوابة وأبي الخطار ، وفرّ الأخير ، وأصبح ثوابة العاملي أميرا على الأندلس في رجب سنة ١٢٧ ه‍ (٣).

وصفا الأمر لثوابة حينا ، لكن ولايته لم تدم إلّا عاما وبعض عام ، فقد عاجله الموت في المحرم سنة ١٢٩ ه‍ (٤) ، فقام ابنه عمر يطالب بأن يخلفه في السيادة ، ونهض لمنافسته يحيى بن حريث رأس جذام (٥).

خامسا : نهاية الدولة الأموية [١٣٢ ه‍ / ٧٤٩ م]

١ ـ ثورة طبرية على الأمويين [١٢٧ ه‍ / ٧٤٤ م]

في سنة ١٢٧ ه‍ خرج ثابت بن نعيم الجذامي على حكم مروان من طبرية ، وكان الوالي عليها الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم ابن أخي عبد الملك ، فجهّز لحربه عسكرا ، فانهزم ثابت بعد أن قتل جماعة من جنده ثم أسر وأتي به مروان فقطع أربعته بدمشق (٦).

٢ ـ نهاية بني أميّة على نهر أبي فطرس [١٣٢ ه‍ / ٧٤٩ م]

لم تحظ قبيلة عاملة بما حظيت به لخم وجذام من مكانة متميّزة في العهد الأموي ، والسبب يعود ـ بلا أدنى شكّ ـ للاختلاف الفكري والعقيدي

__________________

(١) الكامل : ج ٣ ، ص ٥٤١.

(٢) فجر الأندلس : ص ٢٢٦.

(٣) المصدر نفسه : ص ٢٢٧ و ٦١٤.

(٤) الكامل : ج ٣ ، ص ٤٦٦ ، فجر الأندلس : ص ٦١٤.

(٥) فجر الأندلس : ص ٢٢٨.

(٦) الكامل : ج ٣ ، ص ٤٣٧ ، تاريخ الإسلام (١٢١ ـ ١٤٠) ص ١٧.

٨٧

والسياسي مع الأمويين ، إذ كيف لقبيلة زرع فيها أبو ذر حبّ أهل البيت عليهم‌السلام أن تتعاطف مع حكم قام على قهرهم وظلمهم وسفك دمائهم ، لذا نرى أهل الأردن عامّة بما فيهم عاملة ، لبسوا ثياب السواد وأعلنوا تأييدهم للثورة العبّاسية ، وشاء القدر أن يكون الانتقام الأخير من بني أميّة ، على الطرف الجنوبي من أرض عاملة على نهر أبي فطرس (١).

يقول اليعقوبي : «وانصرف عبد الله بن علي إلى فلسطين ... فلما صار بنهر أبي فطرس ، بين فلسطين والأردن ، جمع إليه بني أميّة ، ثمّ أمرهم أن يغدو عليه لأخذ الجوائز والعطايا ، ثم جلس من غد ، وأذن لهم ، فدخل عليه ثمانون رجلا من بني أميّة ، وقد أقام على رأس كل رجل منهم رجلين بالعمد ، وأطرق مليا ، ثم قام العبديّ فأنشد قصيدته التي يقول فيها :

أمّا الدعاة إلى الجنان فهاشم

وبنو أميّة من كلاب النار

وكان النعمان بن يزيد بن عبد الملك جالسا إلى جنب عبد الله بن علي ، فقال له : كذبت يا ابن اللخناء!

فقال له عبد الله بن علي : بل صدقت يا أبا محمد ، فامضي لقولك! ثم أقبل عليهم عبد الله بن علي ، فذكر لهم قتل الحسين عليه‌السلام وأهل بيته ، ثم صفق بيده فضرب القوم رؤوسهم بالعمد حتّى أتوا عليهم ... ثم أمر بهم فسحبوا ، فطرحت عليهم البسط وجلس عليها ودعا بالطعام ، فأكل ، فقال : يوم كيوم الحسين بن علي ولا سواء» (٢).

__________________

(١) نهر أبي فطرس يعرف حاليا بنهر القرن ، وهو الحدّ الفاصل بين جبل عامل وفلسطين راجع : خطط جبل عامل : ص ٤٨.

(٢) تاريخ اليعقوبي : ج ٢ ، ص ٣٥٥ ، معجم البلدان : ج ٥ ، ص ٣١٥ ، الكامل : ج ٣ ، ص ٥٠٢.

٨٨

سادسا : أعلام جبل عامل في هذا العصر

١ ـ الأسود بن بلال المحاربي [حيا ١٢٦ ه‍ / ٧٤٣ م] تقدّمت ترجمته سابقا ، راجع صفحة ٨٢.

٢ ـ بركة بن يزيد العاملي : تقدّمت ترجمته سابقا ، راجع صفحة ٨٣.

٣ ـ ثعلبة بن سلامة العاملي : تقدّمت ترجمته سابقا ، راجع صفحة ٨٤.

٤ ـ ثوابة بن سلامة العاملي : تقدّمت ترجمته سابقا ، راجع صفحة ٨٦.

٥ ـ سلمى بنت عدي بن الرقاع العاملية [حية ٨٦ ه‍ ـ ٧٠٥ م] شاعرة كأبيها الذي كان يمدح بني أميّة ، ذكرها ابن عساكر فقال : قال الأصمعي : اجتمع ناس من الشعراء فأتوا ابن الرقاع يطلبونه فخرج بنية له فقالت : ماذا تريدون؟ قالوا : نريد أباك لنجزيه ونفضحه ، فنظرت إليهم هنيهة ثم قالت :

تجمّعتم من كلّ أفق وبلدة

على واحد لا زلتم قرن واحد»(١)

٦ ـ عدي بن الرقاع العاملي : تقدّمت ترجمته سابقا ، راجع صفحة ٧٧.

٦ ـ عمر بن ثوابة بن سلامة العاملي : تقدّمت ترجمته ، راجع صفحة ٨٧.

٧ ـ معن بن سالم العاملي : تقدّمت ترجمته سابقا ، راجع صفحة ٨٣.

٨ ـ همام بن معقل العاملي [بعد ٦٠ ه‍ / ٦٧ م] : هو من أشراف عاملة كان شريفا مع مسلمة بن عبد الملك (٢).

__________________

(١) تاريخ دمشق : ج ٧٠ ، ص ٢٧٤ ، تراجم أعلام النساء : ج ٢ ، ص ٢١٢.

(٢) العقد الفريد : ج ٣ ، ص ٣٦٧ ، خطط جبل عامل : ص ٥٢.

٨٩
٩٠

عاملة في العصر العباسي

[١٣٢ ـ ٣٦٣ ه‍] [٧٤٩ ـ ٩٧٣ م]

٩١
٩٢

دخلت جبال عاملة في حكم الدولة العباسية بعد القضاء على بني أميّة في حادثة نهر أبي فطرس سنة ١٣٢ ه‍ ، وكان يحكم بلاد الشام عبد الله بن علي العدو اللدود للأمويين ، فدخل دمشق سنة ١٣٢ ه‍ ، وأمر بنبش قبور بني أميّة بدمشق ، ولاحق أولادهم وأتباعهم ، واستمرّ في حكمه لدمشق إلى سنة ١٣٦ ه‍ (١).

أولا : الأوزاعي وجبل عامل

[١٣٢ ـ ١٣٦ ه‍] [٧٤٩ ـ ٧٥٣ م]

كانت صور من أهمّ ثغور الشام عند المرابطين المنقطعين للجهاد والغزو حتّى أن الإمام الأوزاعي المتوفّى سنة ١٥٨ ه‍ ، كان يفضّل الإقامة والرباط فيها على بيروت ، وعبّر عن ذلك بقوله لحسان بن سليمان الساحلي : «عليك بصور فإنها مباركة مدفوع عنها الفتن يصبح فيها الشر فلا يمسي ، ويمسي فلا يصبح ، قبر نبي (٢) في أعلاها ، فقلت له : تشير علي بصور ، وقد سكنت بيروت. فقال لي : سبق المقدور ولو أني استقبلت من

__________________

(١) الكامل : ج ٣ ، ص ٥١٢ و ٥٢٢.

(٢) يشير إلى قبر النبي المعشوق.

٩٣

أمري ما استدبرت ما عدلت بها» (١).

وعندما طلبه عبد الله بن علي ، هرب الأوزاعي إلى جبل عامل واختبأ عند واصل بن أبي جميل السلاماني ، الذي كان يسكن في جبل الجليل من أعمال صيدا كما يذكر ابن عساكر ، وقد عبّر الأوزاعي عن راحته عنده فقال : «ما تهنّيت قطّ بضيافة أحد ما تهنّيت بضيافتي عنده ، كان خبأني في هري العدس ، فإذا كان العشاء جاءت الجارية ، فأخذت من العدس فطبخت ثم جاءتني به ، فكان لا يتكلّف لي ، فتهنّيت بضيافته» (٢).

ثانيا : التشيّع في جبل عامل

[قبل ١٤٨ ه‍ / ٧٦٥ م]

لا ريب أن العامليين كانوا على اتّصال منذ عصر صدر الإسلام بالأئمة الأبرار من آل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعنهم أخذوا أصول مذهبهم وفروعه وأنواع الفرائض والعبادات. فإذا كان زعيم قرية أسعار ، يقصد الإمام عليا عليه‌السلام من جبل الشيخ إلى الكوفة لحلّ مشكلة صعبة ألمّت بابنته ، فما بال علماء هذه البلاد وفقهائها.

١ ـ خليد بن أوفى ، أبو الربيع العاملي الشامي [حيا قبل ١٤٨ ه‍]

عرفت كتب رجال الحديث شخصية عاملية ، قصدت الإمامين محمد الباقر عليه‌السلام المتوفّى سنة ١١٤ ه‍ ، والإمام جعفر الصادق عليه‌السلام المتوفّى سنة

__________________

(١) تاريخ دمشق : ج ١٢ ، ص ٤٣٥ ، تهذيب تاريخ دمشق : ج ٤ ، ص ١٤٤.

(٢) تاريخ دمشق : ج ٦٢ ، ص ٣٧٢ و ٣٧٦ ، تهذيب التهذيب : ج ١١ ، ص ١٠٢ و ١٠٣ ، ولعلّ واصل بن أبي جميل ينسب إلى بلدة السلامية في منطقة العرقوب التي كانت تتبع مع صيدا لجند دمشق ، فيما مجدل سلم كانت تتبع مع صور لجند الأردن.

٩٤

١٤٨ ه‍ ، وأخذت العلوم والمعارف والحديث عنهما وروته ، أعني به : المحدث أبا الربيع العاملي الشامي.

اسمه خليد بن أوفى ، أبو الربيع الشامي العنزي كما ذكره النجاشي والطوسي (١). وقيل خالد أو خليل بن أوفى كما ذكره التستري (٢) ولعلّ التسمية الأولى هي الأظهر ، وهذا ما قاله الحرّ العاملي والأصفهاني ، إذ ترجماه تحت اسم : «خليد بن أوفى» ونسباه إلى قبيلة عاملة (٣).

كان حيا قبل سنة ١٤٨ ه‍ ، وعد من أصحاب الباقر عليه‌السلام وابنه الصادق عليه‌السلام ، ما يعني أنّه ولد في القرن الأول من الهجرة النبوية. وقد روى الحديث عنهما (٤) ، وعن خالد بن جرير البجلي ، وأبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي ، وبدر بن الوليد ، ومنصور بن حازم البجلي ، وزيد بن الوليد الخثعمي ، والربيع بن محمد ، ومحمد بن حفص وغيرهم ، وله كتاب يرويه ابن مسكان ، وخالد بن جرير (٥).

وروى عنه سائر علمائنا ومحدثينا ، واحتجّوا بروايته وعملوا بها ، يقول الحرّ العاملي : «وقد استدلّ الشهيد (٦) في شرح الإرشاد على صحّة رواياته

__________________

(١) رجال النجاشي : ص ١٥٣ ، الفهرست : الطوسي ص ١٨٦ ، إيضاح الاشتباه : ص ١٧٣.

(٢) قاموس الرجال : ج ٤ ، ص ١٩٩ و ٢٠٠ ، رياض العلماء : ج ٢ ، ص ٢٥٧.

(٣) أمل الآمل : ج ١ ، ص ٨٢ ، رياض العلماء : ج ٢ ، ص ٢٥٧ ، وذكر السيد الأمين اختلافا كثيرا حول اسمه فقال : «اختلفوا في اسمه فقيل خليل باللام ، وقيل خليد بالدال وقيل خالد وقيل خلد» راجع أعيان الشيعة ج ٦ ، ص ٢٨٠ وص ٣٤٨.

(٤) رجال النجاشي : ص ١٥٣ ، إيضاح الاشتباه : ص ١٧٣ ، قاموس الرجال : ج ٤ ، ص ١٩٩ و ٢٠٠ ، رياض العلماء : ج ٢ ، ص ٢٥٧ ، أمل الآمل : ج ١ ، ص ٨٢ و ٨٣ ، مستدركات علم رجال الحديث : ج ٣ ، ص ٣٤٠.

(٥) الفهرست : الطوسي : ص ١٨٦ ، أمل الآمل ، ج ١ ، ص ٨٣.

(٦) يقصد الشهيد الأول محمد بن مكّي العاملي.

٩٥

برواية الحسن بن محبوب عنه كثيرا مع الإجماع على تصحيح ما يصحّ عن الحسن بن محبوب» (١).

ولم يؤرخ أحد لوفاته.

٢ ـ حديث الإمام الصادق عليه‌السلام [شقيف أرنون]

أورد الحر العاملي في كتابه أمل الآمل أنه وجد بخط الشهيد الأول مخطوطة منقولة عن ابن بابويه عن الإمام الصادق عليه‌السلام : «أنه سئل : كيف يكون حال الناس في حال قيام القائم وفي حال غيبته؟ ومن أولياؤه وشيعته؟ ومن المصابين منهم المتمثّلين أمر أئمتهم والمقتفين لآثارهم والآخذين (٢) بأقوالهم؟

قال عليه‌السلام : بلدة بالشام.

قيل : يا بن رسول الله إن أعمال الشام متّسعة؟

قال عليه‌السلام : بلدة بأعمال الشقيف أوتون (٣) ، وبيوت وربوع تعرف بسواحل البحار وأوطئة الجبال.

قيل : يا بن رسول الله ، هؤلاء شيعتكم؟

قال عليه‌السلام : هؤلاء شيعتنا حقا ، وهم أنصارنا وإخواننا والمواسون لغريبنا والحافظون لسرّنا ، واللينة قلوبهم لنا والقاسية قلوبهم على أعدائنا ، وهم كسكان السفينة في حال غيبتنا ، تمحل البلاد دون بلادهم ، ولا يصابون بالصواعق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويعرفون حقوق الله ،

__________________

(١) أمل الآمل : ج ١ ، ص ٨٢.

(٢) الصحيح : المصابون ... المتمثلون ... المقتفون ... الآخذون.

(٣) تحريف أرنون.

٩٦

ويساوون بين إخوانهم ، أولئك المرحومون المغفور لحيهم وميتهم ، وذكرهم وأنثاهم ، ولأسودهم وأبيضهم ، وحرّهم وعبدهم ، وإن فيهم رجالا ينتظرون والله يحب المنتظرين» (١).

ثالثا : جبل عامل بين [١٥٠ ـ ٢٢٧ ه‍] [٧٦٧ ـ ٨٤١ م]

في سنة ١٥١ ه‍ ، ولي الفضل بن صالح جند دمشق ، وولي محمد بن إبراهيم جند الأردن (٢).

١ ـ حجر يؤخر بناء صيدا [١٦٦ ه‍ / ٧٨٢ م]

يقول ابن جميع : «حدّثنا عبد الله بن محمد بصيدا عن أبيه : أن جده سليمان بن أبي كريمة (٣) نظر عمودا أو حجرا عليه مكتوب كتابا ، فلم يحسن يقرأه ، فتعلم بعد ذلك قراءة اليونانية ، فقرأه فإذا عليه مكتوب : «بنى صيدا : صيدون بن سام بن نوح ، وهي رابع مدينة بنيت بعد الطوفان» (٤).

٢ ـ أبو البختري في صيدا [١٧٠ ه‍ / ٧٨٦ م]

وهب بن وهب بن كثير بن عبد الله بن زمعة ، أبو البحتري الأسدي القاضي من أهل المدينة ، أمه عبدة بنت علي (٥) ، وأمها ابنه عقيل بن أبي طالب أخي الإمام علي عليه‌السلام ، ولي القضاء بالمدينة ، وفي زمن هارون الرشيد

__________________

(١) أمل الآمل : ج ١ ، ص ١٥ و ١٦ ، وذكر الإمام لهذه المنطقة دون غيرها من بلاد الشيعة ينطوي على لغز عظيم ستظهره السنون القادمة.

(٢) وفي سنة ١٥٨ ه‍ أرسل أبو جعفر المنصور نصر بن حرب وكان في حرسه إلى صيدا فتولّى قيادتها. راجع لبنان من قيام الدولة العباسية : ص ٢٥١.

(٣) سليمان بن أبي كريمة كان حيا سنة ١٦٦ ه‍.

(٤) معجم الشيوخ : ص ٣٠٨.

(٥) ويقال إنّ الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام كان متزوجا بأمه ، راجع الفهرست : ابن النديم : ص ١٤٦.

٩٧

اتّخذ له ضيعة بصيدا في ساحل دمشق ، يقول أبو البختري : «قال لي هارون الرشيد : يا أبا البختري أين اتّخذت لولدك من بعدك؟ قلت : يا أمير المؤمنين بالشام ، قال : وأي موضع بالشام؟ قلت : بساحل دمشق بحصن يقال له صيدا ، قال : وكيف اتّخذت الشام وهو مأواة الفتن وفيه العصبية؟ فقلت : يا أمير المؤمنين : إنّه بلد أرضه طعام وسماؤه إدام ، قال لي : فتحلمنا [كذا] أن نصيّر إليه؟ فقلت : فما يحفظك يا أمير المؤمنين» (١).

إتّهم بوضع الحديث ، حتّى أن دحيما كان يقول : كذابا هذه الأمّة : صاحب طبرية وصاحب صيدا للوليد بن سلمة وأبي البختري ، توفي ببغداد سنة ٢٠٠ ه‍ (٢).

٣ ـ الفتنة القيسية اليمنية [١٦٩ ـ ١٧٥ ه‍] [ـ م]

تولى إبراهيم بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس إمارة جندي الأردن ودمشق في زمن المهدي والهادي والرشيد أي ما بين ١٦٩ ه‍ إلى ١٧٥ ه‍ (٣).

وفي هذه الفترة حدثت الفتنة بين القيسية واليمنية ، وكان مثير تلك الفتنة عامر بن عمارة بن خريم الناعم المعروف بأبي الهيذام المري واستمرّ أوارها مستعرا أكثر من سنتين [١٧٤ ه‍ / ١٧٧ م] وقد اشترك فيها أهل البقاع والجولان والأردن بما فيه عاملة من اليمنية وحلفاؤهم ، وكان فيهم جماعة من أهل ساحل الشام ، حيث يذكر ابن عساكر أسماء بعض المشاركين ، من بينهم أحمد وقيل محمد وأخوه زيد ابن معيوف الهمذاني ، ومعهم أيضا ابن

__________________

(١) تاريخ دمشق : ج ٦١ ، ص ٣٢٦ و ٣٢٧.

(٢) المصدر نفسه : ج ٦٣ ، ص ٤٠٣.

(٣) تهذيب تاريخ دمشق : ج ٢ ، ص ٢٢٢ ، تاريخ الإسلام (١٧١ ـ ١٨٠) ص ٣٠.

٩٨

الغمر السكسكي ، وقد رجّح الدكتور عمر تدمري أنه الغمر بن العباس الخثعمي السكسكي الذي كان أميرا لبحر الشام وغزا في سنتي ١٦٠ ه‍ و ١٦١ ه‍ ونسبه إلى بلدة السكسكية القريبة من صور (١).

٤ ـ صيدا وإمليخ والصارفية

روى أبو سفيان الدمشقي (٢) لسعيد بن أبي كريمة الصيداوي حديثا في شعبان سنة سبع وتسعين ومائة قال : «لما عظمت الفتنة بساحل دمشق ، وكثر البلاء تنحيت عن موضعي الذي كنت فيه ، وخرجت بأعنز لي حتى صرت إلى ذروة لبنان ممّا أقبل على الساحل في موضع يقال له هرميسا (٣) لأهل قرية يقال لها : أمليخ من كورة صيدا ... فمكثت في لبنان أياما ما شاء الله من ذلك ، فبينا أنا في بعض تلك الشعاري وذلك في أكثر من النصف من شعبان ، إذ خرجت عند صلاة الضحى ومعي غلام أجير في المعزى فتركته مع المعزى ، ودخلت في بعض تلك الشعاري مهتما أمشي لبعض ما أردت ، إذا أنا برجل قائم يصلّي الضحى ، أبيض الوجه ، أعين ، أشيب ، في لحيته نضح من سواد ، عليه ثياب بيض ، فلمّا نظرت إليه قلت : هذا رجل خرج لمثل الذي قد خرجت له ، فأحببت التعرّف به ، وأن أسأله من أين هو؟ ومن هو؟ فلم أزل واقفا أرمقه حتّى سلم عن يمينه وعن يساره. وبادرته فبدأته

__________________

(١) لبنان من قيام الدولة العباسية حتّى سقوط الدولة الإخشيدية : ص ٤٥ ، ٤٦. نقلا عن تهذيب تاريخ دمشق : ج ٧ ، ص ١٨٠.

(٢) هو القاسم بن بشر الدمشقي ، خرج من دمشق لما حدثت الفتنة وانقطع إلى السواحل والثغور في جبال عاملة ، وعاش فيها نحوا من ٤٥ سنة والقصة رواها السكن بن جميع الصيداوي ، عن أبي يعلى بن أبي كريمة الصيداوي عن محمد بن المعافى الصيداوي ، عن عثمان بن سعيد الصيداوي. راجع تاريخ دمشق : ج ٤٩ ، ص ٨٥.

(٣) هرميسا : مجهولة المكان حاليا ، وربما تكون تحريف عرمتا القريبة من إمليخ.

٩٩

بالسلام ، فردّ عليّ ، وقال لي : ادنه ، فدنوت حتّى جلست إلى جانبه ، فلم يزل يحدّثني حتّى استأنست إليه ، ثم قال لي : يا شيخ أئت عين الفتنة. قلت : ومن هما يرحمك الله؟ قال : صيدا والصارفية (١) التي فاضتا في البلاد ، وأفسدتا العباد ، فقل لهم يتّقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ، ويتّقوا الله إن كانوا مؤمنين ، من قبل أن يحلّ لهم ما حلّ ببني إسرائيل ، وذكر الصلح بين أهل صيدا والصارفية إلى آخره ، وتوبتهم وإنابتهم» (٢)

٥ ـ قصة إبراهيم بن أدهم [١٨٦ ه‍ / ٨٠٢ م]

نقل أبو الفرج الأصفهاني قصة مجيء إبراهيم بن أدهم إلى مدينة صور فقال : «حدث الفرج مولى إبراهيم بن أدهم بصور سنة ستّ وثمانين ومائة ، وكان أسود ، قال : كان إبراهيم بن أدهم رأى في المنام كأن الجنّة فتحت له ، فإذا فيها مدينتان : إحداهما من ياقوتة بيضاء ، والأخرى من ياقوتة حمراء ، فقيل له أسكن هاتين المدينتين فإنهما في الدنيا ، فقال : ما اسمهما؟ قيل : اطلبهما فإنّك تراهما كما رأيتهما في الجنّة ، فركب يطلبهما ، فرأى رباطات خرسان ، فقال : يا فرج ما أراهما ، ثم جاء بحر قزوين ، ثم ذهب إلى المصيصة والثغور ، حتّى أتى الساحل من ناحية صور ، فلمّا صار بالنواقير (٣) ـ وهي نواقير نقرها سليمان بن داود عليه‌السلام على جبل على البحر ـ

__________________

(١) الصارفية مجهولة أيضا ، وربما تكون تحريف الصالحية التي هي قرية من عمل صيدا ، وربما تكون لفظة تطلق على قوم يعملون بالصرافة.

(٢) تاريخ دمشق : ج ٤٩ ، ص ٨٥ ، ٨٦ ، ٨٧.

(٣) المقصود بالنواقير هنا ، الرأس الأبيض المشرف على مدينة صور ، وسمّيت بالنواقير لاحتمالين : أوّلهما ما ذكره الأصفهاني. والثاني لوجود مغارة في أسفل الجبل ، فعندما يرتفع موج البحر في فصل الشتاء ينقر بابها فيحدث أزيزا يسمع إلى مسافات بعيدة فيقال : أزّت البياضة أو نقرت.

١٠٠