الحلقة الضائعة من تاريخ جبل عامل

علي داود جابر

الحلقة الضائعة من تاريخ جبل عامل

المؤلف:

علي داود جابر


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٠

أن يأخذ من المال شيئا قرضا ، فإذا أيسر قضى؟

فقال كعب الأحبار : لا بأس بذلك.

فقال أبو ذر : يابن اليهوديين ، أتعلمنا ديننا!

فقال عثمان : كثر أذاك لي وتولّعك بأصحابي ، الحق بالشام فأخرجه إليها.

يقول ابن أبي الحديد : «واعلم أن الذي عليه أكثر أرباب السير وعلماء الأخبار والنقل ، أن عثمان نفي أبا ذر أولا إلى الشام ، ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية ، ثم نفاه من المدينة إلى الربذة لما عمل بالمدينة نطير ما كان يعمل بالشام (١).

٥ ـ أبو ذر في بلاد الشام ثانية [٢٩ ـ ٣٠ ه‍ / ٦٤٩ ـ ٦٥٠ م]

يروي كميل بن زياد ، فيقول : «كنت بالمدينة حين أمر عثمان أبا ذر باللحاق بالشام ، وكنت بها في العام المقبل حين سيره إلى الربذة» (٢).

من هذه الرواية نعلم أن نفي أبي ذر إلى الشام قد استغرق سنة واحدة ، من سنة ٢٩ ه‍ إلى سنة ٣٠ ه‍.

وفي هذه السنة الدهر. تزداد لهجة أبي ذر حدّة تجاه معاوية وأتباعه ، فهو يعرف إسلام معاوية ، وإسلام أبيه وأمّه من قبل. فكان يركّز على الانحراف السائد ، واستئثار الولاة وعلى رأسهم معاوية بالفيء ، وإطفائهم للسنّة المحمديّة ، وإحياء البدعة.

فكان يقف على باب معاوية كل يوم ويتلو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ج ٨ ، ص ٢٥٦.

(٢) الغدير : ج ٨ ، ص ٤١٥.

٦١

يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) وكان يرى الأموال تجبى إليه فيقول : جاءت القطار تحمل النار (١).

وعندما بنى معاوية قصر الخضراء بدمشق ، قال أبو ذر : يا معاوية إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة ، وإن كانت من مالك فهي الإسراف (٢).

وروى الجاحظ عن جلام بن جندل الغفاري ، قال : «كنت غلاما لمعاوية على قنسرين والعواصم ، في خلافة عثمان ، فجئت إليه يوما أسأله عن حال عملي ، إذ سمعت صارخا على باب داره يقول : أتتكم القطار تحمل النار! اللهم العن الآمرين بالمعروف ، التاركين له. اللهمّ العن الناهين عن المنكر المرتكبين له. فازبأر معاوية وتغيّر لونه وقال : يا جلام أتعرف الصارخ؟ فقلت : اللهمّ لا. قال : من عذيري من جندب بن جنادة! يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت! ثم قال : أدخلوه عليّ ، فجيء بأبي ذر بين قوم يقودونه ، حتّى وقف بين يديه ، فقال له معاوية : يا عدوّ الله وعدو رسوله! تأتينا في كلّ يوم فتصنع ما تصنع! أما إنّي لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك ، ولكني أستذأن فيك ... قال : ما أنا بعدو الله ولا لرسوله ، بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله ، أظهرتما الإسلام وأبطنتما الكفر ، ولقد لعنك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يقول : «إذا ولي الأمة الأعين ، الواسع البلعوم ، الذي يأكل ولا يشبع ، فلتأخذ الأمة حذرها منه».

فقال معاوية : ما أنا ذا الرجل.

قال أبو ذر : بل أنت ذلك الرجل. أخبرني بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي : ج ٢ ، ص ١٧٢ ، الغدير : ج ٨ ، ص ٤٧٠.

(٢) شرح نهج البلاغة : ج ٨ ، ص ٢٥٦.

٦٢

وسمعته يقول : ـ وقد مررت به ـ «اللهمّ العنه ولا تشبعه إلا بالتراب» (١).

وعندما ضاق معاوية به ذرعا نفاه إلى جبال عاملة ، مفتتحا النفي إلى هذه الجبال به (٢) ، يقول السيد الأمين : «ومن المشهور أن تشيع جبل عامل كان على يد أبي ذر وأنّه لما نفي إلى الشام ، وكان يقول في دمشق ما يقول ، أخرجه معاوية إلى قرى الشام ، فجعل ينشر فيها فضائل أهل البيت فتشيّع أهل تلك الجبال على يده. فلمّا علم معاوية ، أعاده إلى دمشق ، ثم نفي إلى المدينة ...» (٣).

وقال الشيخ أحمد رضا : «إن التشيّع في بلاد الشام أقدم منه في كل البلاد ، غير الحجاز ، وهذا من العجيب أن يقوم أول ركن ، وتنتشر أوّل دعوة للشيعة في بلاد محكومة لأعدى الناس لهم». ثم استطرد في كلامه عن أبي ذر ، ونشره مذهب التشيّع في بلاد الشام فقال : «ثم كان يخرج إلى الساحل ، فكان له مقام في قرية الصرفند القريبة من صيدا ، ومقام آخر في قرية ميس ، المشرفة على غور الأردن وكلتاهما من قرى جبل عامل» (٤).

٦ ـ زيارة سلمان الفارسي وعبد الملك ابن أبي ذر الغفاري لبيروت قبل [٣٢ ه‍ / ٦٥٢ م]

زار الصحابي سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه بصحبة عبد الملك بن أبي ذر الغفاري رضي‌الله‌عنه دمشق وبيروت قبل سنة ٣٢ ه‍ ، وقد ذكر هذه الزيارة أبو زرعة الدمشقي وابن عساكر والذهبي في كتبهم ، يقول أبو زرعة :

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ج ٨ ، ص ٢٥٧ و ٢٥٨.

(٢) راجع العنوان التالي : جبل الجليل وقتله عثمان.

(٣) أعيان الشيعة : ج ٤ ، ص ٢٣٨.

(٤) أبو ذر الغفاري : ص ٧٥.

٦٣

«حدّثنا محمد بن المبارك الصوري وهشام بن عمار (١) قالا : حدّثنا يحيى بن حمزة بن عروة بن رويم عن القاسم أبي عبد الرحمن ، قال : قدم علينا سلمان دمشق. فلم يبق فينا شريف إلّا عرض عليه المنزل.

فقال : إنّي عزمت أن أنزل على بشير بن سعد مرتي هذه. فسأل عن أبي الدرداء فقيل مرابط. فقال : وأين مرابطكم يا أهل دمشق؟ قالوا : ببيروت فخرج إلى بيروت» (٢).

ويتابع ابن عساكر الرواية فيقول : «فقال لهم سلمان : يا أهل بيروت ألا أحدّثكم حديثا يذهب الله به عنكم غرض (٣) الرباط؟ سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : رباط يوم كصيام شهر وقيامه ، ومن مات مرابطا أجير من فتنة القبر ، وجرى له صالح ما كان يعمل إلى يوم القيامة» (٤).

وكان لأبي ذر الغفاري ولد يدعى عبد الملك ، أوصاه والده بصحبة سلمان المحمّدي والرباط معه ، وقد ترجم له ابن عساكر فقال : «عبد الملك بن أبي ذر الغفاري. حدّث عن أبيه وسلمان ، وقدم الشام مرابطا ، وكان مرابط سلمان ببيروت. روى عنه : علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، وأبو تميم عبد الله بن مالك الجيشاني ، وحنش بن عبد الله الصنعاني ، وجعفر بن ربيعة ، وقيس بن شريح المرادي المصريون ، وعلي بن أبي طلحة الشامي.

__________________

(١) هشام بن عمار بن نصير الدمشقي : من رجالات الشيعة في البلاد الشامية ولد سنة ١٥٣ ه‍ وتوفى بدمشق سنة ٢٤٥ ه‍.

(٢) تاريخ أبي زرعة : ص ٦١.

(٣) غرض : ملل وضجر.

(٤) تاريخ دمشق : ج ٢١ ، ص ٣٧٤ و ٣٧٥ ، تهذيب تاريخ دمشق : ج ٦ ، ص ١٩٠ ، دائرة المعارف : ج ٤ ، ص ٢٨٩.

٦٤

أنبأنا أبو الغنائم عن حسين بن زيد (١) عن أبيه عن عبد الملك بن أبي ذر الغفاري ، قال : أمرني أبي بصحبة سلمان الفارسي ، فصحبته إلى الشام ، فرابطنا بها حتّى إذا انقضى رباطنا أقبلنا نريد الكوفة» (٢). وذكره الذهبي فقال : «قدم الشام غازيا صحبة سلمان الفارسي ثم سكن مصر مدّة» (٣) وذكره في المتوفّين سنة ٩٠ ه‍.

٧ ـ إعادة أبي ذر للمدينة

يقول الطبري : «في هذه السنة ـ أعني ٣٠ ـ كان ما ذكر من أمر أبي ذر ومعاوية ، وإشخاص معاوية إيّاه من الشام إلى المدينة» (٤).

وفي المدينة عاد أبو ذر إلى سياسته السالفة. فقال له عثمان : أخرج عنّا من بلادنا ، فقال أبو ذر : ما أبغض إليّ جوارك! فإلى أين أخرج؟ قال : حيث شئت. قال : أخرج إلى الشام أرض الجهاد؟ قال : إنّما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها ، أفأردّك إليها (٥) ونفاه إلى الربذة وكانت وفاته فيها سنة ٣٢ ه‍ (٦).

خامسا : جبل الجليل [عاملة]

وقتله عثمان [٣٦ ه‍ / ٦٥٦ م]

رأى المسلمون المخلصون في فتح البلاد غاية كبرى ، يحقّقون من خلاله فرعا من فروع دينهم ألا وهو الجهاد في سبيل الله ، ويستطيعون نشر

__________________

(١) المقصود الشهيد زيد بن علي بن الحسين عليه‌السلام.

(٢) تاريخ دمشق : ج ٣٧ ، ص ١٤ ، ١٥.

(٣) تاريخ الإسلام (٨١ ـ ١٠٠) ص ١٤٥.

(٤) الغدير : ج ٨ ، ص ٤٥٧.

(٥) شرح نهج البلاغة : ج ٨ ، ص ٢٦٠ ، تاريخ اليعقوبي : ج ٢ ، ص ١٧٢.

(٦) الاستيعاب : ج ١ ، ص ٣٢٢.

٦٥

الإسلام وإعزازه ، وبالتالي تحقيق ما وعدهم به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من زوال حكم القياصرة والأكاسرة على أيديهم.

فيما اعتبره آخرون بقرة حلوبا ، يحققون منه السيطرة والشهرة وجني المال ، إذ لا عجب أن نرى هندا آكلة الأكباد تسير مع زوجها وولديها في مقدمة جيش الفتح ، وكان لهند وفريقها ما أرادوا وخطّطوا.

فبعيد استلام عثمان لمقادير الحكم ، بدأ ولاته يبذّرون أموال المسلمين دون وازع أو رادع ، وقاموا ببناء القصور والدور ، ما أدّى إلى نقمة أهل مصر على عثمان فثاروا ضدّه ، وكان من بين الثائرين محمد بن أبي حذيفة والي مصر ، وعبد الرحمن بن عديس التجيبي ، وهو الذي قال لما خرج من مصر مع الثوار :

أقبلن من تلبيس والصّعيد

مستحقبات حلق الحديد

يطلبن حق الله في الوليد

وعند عثمان وفي سعيد (١).

وكان للثوار ما أرادوه من قتل عثمان بن عفان سنة ٣٥ ه‍ ، وبعد مقتله ، ألقى معاوية القبض على من نبز بقتله وحبسهم في جبل الجليل ، يقول الحموي : «جبل الجليل في ساحل الشام ، كان معاوية يحبس في موضع منه من يظفر به ممّن ينبز بقتل عثمان بن عفّان ، منهم محمد بن أبي حذيفة وكريب بن أبرهة» (٢).

__________________

(١) صحيح الأخبار : ج ٢ ، ص ٥.

(٢) معجم البلدان : ج ٢ ، ص ١٥٧ ، مراصد الاطّلاع : ج ١ ، ص ٣٤٤ ، تاج العروس :

ج ٧ ، ص ٣٦١ ، صحيح الأخبار : ج ٢ ، ص ٥ ، ومحمد بن أبي حذيفة كان واليا على مصر ، ذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة : ج ٩ ، ص ٦١. وقاتله مالك بن هبيرة الكندي راجع الغدير : ج ١٠ ، ص ٤٠٩. وكريب بن أبرهة زار عكا على حدود جبل عاملة الجنوبية. راجع تاريخ دمشق : ج ٥٠ ، ص ١١٤.

٦٦

ويبدو أن هؤلاء قد استطاعوا الهرب من السجن فتتّبعهم أمير فلسطين حتّى ظفر بهم وقتلهم في ذي الحجّة سنة ٣٦ ه‍ (١).

أما عبد الرحمن بن عديس ، أبو محمد البلوي ، فقد قتله إعرابي في جبل الجليل أيضا ، لما اعترف عنده بقتل عثمان ، يقول ابن عساكر بروايته عن عبد الرحمن بن عديس «قال : سمعت النبي يقول : سيخرج ناس من أمّتي يقتلون بجبل الجليل أو جبل لبنان ، فلمّا كانت الفتنة كان ابن عديس ممّن أخذه معاوية في الرهن ، فسجنهم بفلسطين فهربوا من السجن فأدركوا ، فأدرك فارس ابن عديس فقال له : ويحك أتّق الله في دمي ، فإني من أصحاب الشجرة ، قال : الشجر بالجبل كثير فقتله» (٢).

سادسا : جبل عاملة في خلافة الإمام علي عليه‌السلام

[٣٥ ـ ٤٠ ه‍ / ٦٥٥ ـ ٦٦٠]

١ ـ قرية شيعية عند جبل الشيخ

في كتاب الفضائل لشاذان بن جبرئيل القمي رواية مسندة إلى عمّار بن ياسر وزيد بن الأرقم تدلّ على أنه كان زمن خلافة الإمام علي عليه‌السلام قرية في الشام عند جبل الثلج (٣) تسمّى أسعار أهلها من الشيعة الموالين للإمام عليه‌السلام وقد قصد زعيم هذه البلدة وابنته وألف فارس من قومهم الإمام في الكوفة ، لحلّ معضلة ألمّت بالفتاة وكادت تؤدّي إلى فتنة بين قومها ، ولمّا رآهم

__________________

(١) النجوم الزاهرة : ج ١ ، ص ٩٥.

(٢) تاريخ دمشق : ج ٣٥ ، ص ١٠٨ و ١١٤ ، معجم البلدان : ج ٢ ، ص ١٥٧ وعبد الرحمن بن عديس البلوي ، صحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمع منه ، شارك في فتح مصر ، وكان ممّن بايع تحت الشجرة ، قتل في جبل الجليل سنة ٣٦ ه‍ ـ ولعلّ بلدة العديسة في جبل عامل في منطقة مرجعيون تنسب إليه.

(٣) أطلق المؤرّخون اسم جبل الثلج على جبل الشيخ راجع : أحسن التقاسيم ص ١٤٠.

٦٧

الإمام عليه‌السلام قال لأبي الجارية : «يا أبا الغضب ألست من قرية كذا وكذا من أعمال دمشق. قال : وما هي القرية؟ قال عليه‌السلام : قرية يقال لها أسعار. فقال بلى يا مولاي. فقال عليه‌السلام : من منكم يقدر هذه الساعة على قطعة من الثلج [قال : الثلج](١) في بلادنا كثير ولكن ما نقدر عليه ههنا ، فقال عليه‌السلام : بيننا وبين بلدكم مائتان وخمسون فرسخا ...» ثم استخدم الإمام بعضا مما خصّ به من قدرة ، ووضع حلا لهذه المشكلة (٢).

وأسعار هذه قرية خربة بين مجدل شمس وجباتا الزيت ، وهناك نهر يعرف بنهر أسعار (٣) ، ويتحدث السيد حسن الأمين عن مجدل شمس في الجولان فيقول : «ووادي سعار الذي ينحدر نحو الجنوب الغربي مشكّلا مرجا يعرف باسم مرج سعار» (٤).

٢ ـ الشاعر سحيم بن وثيل العاملي

هو سحيم بن وثيل بن أعيقر بن أبي عمرو بن إهاب بن حميري بن رياح بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن عمرو بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر (٥) ، ونسبه ابن النديم إلى عاملة ، فقال : «سحيم بن وثيل العاملي الرياحي» (٦).

شاعر عاش في الجاهلية والإسلام ، وهو صاحب القصة المشهورة في المعاقرة التي حصلت في خلافة الإمام علي عليه‌السلام ، وذلك أن أهل الكوفة

__________________

(١) ما بين عضادتين زيادة من المؤلف ليفهم النص.

(٢) الفضائل : ص ١٥٥ و ١٥٦ و ١٥٧ والقصة طويلة فلينظر. ولا ننسى أن هؤلاء احتفظوا بتشيّعهم في أصعب فترة ، عندما كانت الحرب على أشدّها بين معاوية والإمام عليه‌السلام.

(٣) خطط الشام : ج ٦ ، ص ٢٤٦.

(٤) دائرة المعارف الشيعية : ج ١١ ، ص ٤٠٢.

(٥) الأصمعيات : ص ١٧ ه‍ ، جمهرة أنساب العرب : ص ٢٢٧.

(٦) الفهرست : ابن النديم : ص ٢٢٤ ، خطط جبل عامل : ص ٥٤. وبنو رياح خؤولته.

٦٨

أصابتهم مجاعة ، فخرج أكثر الناس إلى البوادي ، فعقر غالب بن صعصعة ، والد الفرزدق لأهله ناقة صنع منها طعاما ، وأهدى منه إلى ناس من تميم ، فأهدي إلى سحيم جفنة ، فردّها وضرب الذي أتى بها ، ونحر لأهله ناقة ، ثم تفاخرا في النحر حتّى نحر غالب مائة ناقة ، ولم تكن إبل سحيم حاضرة ، فلمّا جاءت نحر ثلاثمائة ناقة ، وعندما علم الإمام علي عليه‌السلام بالمعاقرة حذّر الناس من الأكل منها ، وقال عليه‌السلام : «أيّها الناس لا تأكلوا منه فإنّه ممّا أهلّ لغير الله به فارتدع الناس (١).

له شعر متفرّق اعتمد كشواهد في كتب الأدب وتفسير القرآن الكريم. ومن شعره قصيدة قالها وكان شيخا عند ما تحدّاه الأحوص والأبيرد ، افتخر فيها بأبيه وعشيرته وشجاعته ، قال :

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا

متى أضع العمامة تعرفوني

وإنّ مكاننا من حميريّ

مكان الليث من وسط العرين

وإني لا يعود إليّ قرني

غداة الغبّ إلّا في قرين

بذي لبد يصدّ الرّكب عنه

ولا تؤتى فريسته لحين

عذرت البزل إذ هي خاطرتني

فما بالي وبال ابني لبون

وما ذا يدّري الشعراء مني

وقد جاوزت رأس الأربعين

أخو خمسين مجتمعا أشدّي

ونجّذني مداورة الشؤون

فإنّ علالتي وجراء حولي

لذو شقّ على الضّرع الظنون

سأحيى ما حييت وإن ظهري

لمستند إلى نضد أمين

كريم الخال من سلفي رياح

كنصل السيف وضاح الجبين

فإن قناتنا مشط شظاها

شديد مدّها عنق القرين (٢)

__________________

(١) الأصمعيات : ص ١٧ ه‍ ، طبقات فحول الشعراء : ج ٢ ، ص ٥٧٦.

(٢) المصدر نفسه : ص ١٧ و ١٨ و ١٩ ، طبقات الشعراء : ص ١٣٩.

٦٩

وله :

وما برحت بالذّود منها إثارة

وبالجزع حتى دّمنته لياليا

فغربت حلمي واجتنيت غوايتي

وقربت حرجوج العشية ناجيا (١)

وله أيضا :

ألا ليس زين الرّحل قطع ونمرق

ولكن زين الرّحل يا ميّ راكبه (٢)

سابعا : أعلام جبل عامل في هذا العصر

١ ـ أبو مسلم الجبلي : [ت ٣٢ ه‍ / ٦٥٢ م] هو من جبل صيدا بساحل دمشق ، أدرك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتوفي سنة ٣٢ ه‍ (٣).

٢ ـ باسيل الصوري : تقدّمت ترجمته سابقا ، راجع ص ٥٠.

٣ ـ جندب بن جنادة ، أبو ذر الغفاري ، تقدّمت ترجمته سابقا ، راجع ص ٥٥.

٤ ـ سحيم بن وثيل العاملي : تقدّمت ترجمته سابقا ، راجع ص ٦٨.

٥ ـ قعسيس العاملي : [حيا حوالي ٤٠ ه‍ / ٦٦٠ م] ، هو الذي أسر عدي بن حاتم الطائي ، فأخذه منه شعيب بن الربيع الكلبي فأطلقه بغير فداء (٤).

٦ ـ محمد بن أبي حذيفة : تقدّمت ترجمته سابقا ، راجع ص ٦٦.

٧ ـ ياسر بن عمار بن سلمة : [حيا ١٣ ـ / ٦٣٤ م] شهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حنينا وبني النضير ، وقتل أخوه يوم حنين ، وشارك في فتح مدينة صور عندما أرسله عمرو بن العاص إليها ومعه رجل من أصحابه (٥)

__________________

(١) ديوان ابن أبي أصيبعة : ج ٢ ، ص ١٤٤.

(٢) كتاب الحيوان : ج ٣ ، ص ١٠٤.

(٣) النجوم الزاهرة : ج ١ ، ص ٩٠.

(٤) الاشتقاق : ص ٣٧٤ ، العقد الفريد : ج ٣ ، ص ٣٦٧ ، جمهرة أنساب العرب : ص ٤٢٠.

(٥) فتوح الشام : ج ٢ ، ص ٢١.

٧٠

عاملة في العصر الأموي

[٤١ ـ ١٣٢ ه‍] [٦٦١ ـ ٧٤٩ م]

٧١
٧٢

لم يكن لجبل عامل في ظل الحكم الأموي وضع سياسي مستقل ، بل كان تابعا ـ شأن جميع الأمصار ـ للدولة الإسلامية الواحدة ، وقد اعتمدت هذه الدولة في حكم البلاد على التقسيمات السابقة لها ، وبقيت بلاد عاملة الجنوبية تتبع جند الأردن ، والشمالية تتبع جند دمشق.

أولا : عاملة بين [٤١ ـ ٩٣ ه‍] [٦٦١ ـ ٧١١ م]

١ ـ ترميم مدينة صور [٤٢ ه‍ / ٦٦٢ م]

استلم معاوية الحكم في بلاد الشام دون منازع في سنة ٤١ ه‍ ، وفي عهده وجدت مدينة صور وغيرها من المدن الساحلية العناية المبكرة ، إذ قام بترميمها سنة ٤٢ ه‍. قال البلاذري : «أخبرني هشام بن الليث الصوري عن مشايخ من أهل الشام. قالوا : رمّ معاوية عكا عند ركوبه منها إلى قبرص ، ورم صور» (١).

٢ ـ فرس ينقلون إلى صور وصيدا والسواحل [٤٢ ه‍ / ٦٦٢ م]

واهتمّ معاوية بملء الفراغ السكّاني الذي أصاب السواحل الشامية بعد

__________________

(١) فتوح البلدان : ص ١٢٠.

٧٣

نزوح الروم عنها فأتى بالفرس وأنزلهم إلى سواحل الأردن وصور وعكا وغيرها سنة ٤٢ ه‍ (١).

ونقل الفرس إلى صيدا أيضا ، يقول اليعقوبي : «وجبيل وصيدا وبيروت وأهل هذه الكور كلّها قوم من الفرس نقلهم معاوية بن أبي سفيان» (٢).

وروى هشام بن الليث الصوري عن أشياخه ، قالوا : نزلنا صور والسواحل وبها جند من العرب وخلق من الروم ، ثم نزع إلينا أهل بلدان شتّى فنزلوها معنا» (٣).

٣ ـ الزط في سواحل الشام [٤٩ ه‍ / ٦٦٩ م]

ولّى معاوية زيادا بن أبيه أمر البصرة ، فقام هذا الأخير بإجلاء الزط والسيابجة إلى سواحل الشام ، يقول البلاذري : «نقل معاوية في سنة تسع وأربعين أو سنة خمسين إلى السواحل قوما من زط البصرة» (٤).

وقد دخل الزط في الإسلام في عهد عمر بن الخطّاب ، وحسن إسلامهم وعند ما استلم الإمام علي عليه‌السلام الخلافة أوكل أمر بيت مال المسلمين إلى أبي سلمة الزطي (٥). واستنادا إلى مجمع البحرين ، يظهر أن الزطيين كانوا من المغالين بحبّهم للإمام علي عليه‌السلام (٦) ، ووجودهم في موطنهم الأول جعل معاوية غير مطمئن لهم سياسيا ، ما أدّى إلى نقلهم ليكونوا تحت إشرافه.

__________________

(١) فتوح البلدان : ص ١٢٠.

(٢) كتاب البلدان.

(٣) فتوح البلدان : ص ١٢٠.

(٤) المصدر نفسه : ص ١١٦٢ و ٣٦٥.

(٥) الكامل : ج ٣ ، ص ٥٧٧.

(٦) مجمع البحرين : ج ٢ ، ص ٢٧٦.

٧٤

وممّا لا شكّ فيه أن الزطيين كانوا أصحاب شأن وعزّ شديدين ، ويستدلّ على ذلك من دمغهم الأماكن التي حلّوا فيها بأسمائهم كما هو الحال في أنطاكية وحلب وجبل عامل (١).

٤ ـ معاوية في صيداء [٥٢ ه‍ / ٦٧٢ م]

كان معاوية يرغب في فتح جزيرة رودس منذ زمن عثمان وقد أعلمه برغبته هذه. ويروى أن عثمان وافقه على فتحها. وبقيت هذه الرغبة لديه إلى سنة ٥٢ ه‍ ، حيث قرّر التوجّه إليها ، فانطلق من دمشق إلى صيداء وركب منها إلى رودس. يقول ابن أعثم الكوفي : «فنادى معاوية في الناس وأمرهم بالمسير إلى صيداء على أن يركب منها إلى رودس ، فسار المسلمون في تعبية حسنة حتّى وردوا صيداء وقد جمعت المراكب بها ، قال : فجلس معاوية في مركب وركب المسلمون المراكب وقد شهروها بالأعلام والمطارف وخطفوا من الساحل بالتهليل والتكبير في البحر» (٢).

٥ ـ سيطرة البيزنطيين على صيدا وصور [٥٩ ه‍ / ٦٧٨ م]

في سنة ٥٣ ه‍ ولّى معاوية الضحّاك بن قيس على دمشق وجندها بما فيه القسم الشمالي لجبل عامل ، وبقي عليها حتّى هلك يزيد في سنة ٦٤ ه‍ (٣) ، وفي الوقت نفسه كان القسم الجنوبي لجبل عامل يخضع للوالي الأموي حسان بن بحدل الكلبي الذي ضم فلسطين بعد وفاة يزيد إلى جند الأردن (٤).

وفي سنة ٥٩ ه‍ / ٦٧٨ م تمكّن البيزنطيون من الاستيلاء على صور

__________________

(١) كبلدة عيثا الزط في جبل عامل جنوبي تبنين.

(٢) كتاب الفتوح : ج ٢ ، ص ٣٥٣.

(٣) تاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ، ص ١٣٣.

(٤) تاريخ الطبري : ج ٥ ، ص ٤٨ ، تهذيب تاريخ دمشق : ج ٤ ، ص ١٤٨ ، ١٤٩.

٧٥

وصيدا ، وتسلّقوا جبال لبنان بمساعدة الجراجمة ، إلى أن عقد معاوية الهدنة مع الأمبراطور واستعادهما (١)

٦ ـ نزول السكاسك في الأردن [٦٤ ه‍ / ٦٨٣ م]

وفي زمن مروان الأول سنة ٦٤ ه‍ ، نزل السكاسك في الأردن كما قال الطبري (٢). وكانت جبال عاملة الجنوبية تتبع جند الأردن كما عرفت سابقا ، ما يقوّي الظن بنزولهم في هذه المنطقة ، وممّا يقوي ما ذهبنا إليه وجود قرية يقال لها السكسكية إلى الجنوب من الصرفند ، يقول الدباغ : «السكاسك من حمير والنسبة إليها سكسكي ، طبعت اسمها في قرية السكسكية في الجنوب اللبناني» (٣).

٧ ـ صور في زمن عبد الملك [٦٥ ه‍ / ٦٨٤ م]

وفي عهد عبد الملك بن مروان سنة ٦٥ ه‍ ، كان عبادة بن نسي الكندي الأردني واليا على جند الأردن (٤). وفي هذه الفترة جرى تجديد بناء مدينة صور بعد أن كانت خربة ، يقول البلاذري : «ثم أن عبد الملك بن مروان جددّهما (٥) وقد كانتا خربتا» (٦).

وفي سنة ٩٣ ه‍ ولي إمرة دمشق بلال بن أبي الدرداء الأنصاري الصرفندي (٧).

__________________

(١) صور من العهد الفينيقي : ص ١٣٠.

(٢) تاريخ الطبري : ج ٥ ، ص ٥٣.

(٣) القبائل العربية : ص ٧١ ، ويحتمل الشيخ علي الزين نزول السكاسك في جبل عامل.

راجع للبحث عن تاريخنا : ص ١٥٨.

(٤) تهذيب تاريخ دمشق : ج ٧ ، ص ٢١٨.

(٥) وذلك في حديثه عن صور وعكّا.

(٦) فتوح البلدان : ص ١٢٠ و ١٤٥ ، الأعلاق الخطيرة : ص ١٦٤.

(٧) تاريخ الإسلام (٨١ ـ ١٠٠) ص ٣٠٤.

٧٦

ثانيا : عدي بن الرقاع العاملي [ت ٩٥ ه‍ / ٧١٣ م]

هو عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع بن عك بن شعل بن معاوية بن الحارث ، وهو عاملة بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد ... ونسبه الناس إلى الرقاع وهو جدّ جده لشهرته (١) ، ويكنّى أبا داود (٢) ، وذكر ابن حزم نسبه بالطريقة المتقدمة ، وذكر له نسبا آخر أعاده فيه إلى بني أسد بن ربيعة عبر معاوية بن قاسط الذي دخل بنوه في عاملة وكان منهم عدي بن الرقاع (٣).

كان شاعرا مقدّما عند بني أمية مدّاحا لهم ، خاصة الوليد بن عبد الملك ، ولا نعلم إن كان في مذهبه السياسي أمويا عن عقيد أو متزلّفا استدرارا للعطايا ، أو اتّقاء للضرر؟ شأن جميع شعراء عصره كجرير والفرزدق والأخطل وغيرهم.

وتاريخ مولده غير محدّد ، وزوجته وأولاده مغمورون إلّا ابنة واحدة اسمها سلمى ، قالت الشعر وهي صغيرة ، يقول الأصفهاني : «وكانت له بنت تقول الشعر ، فأتاه ناس من الشعراء ليماتنوه (٤) ، وكان غائبا فسمعت بنته وهي صغيرة لم تبلغ دور وعيدهم ، فخرجت إليهم وأنشأت تقول :

تجمعتم من كل أوب وبلدة

على واحد لا زلتم قرن واحد

فأفحمتهم» (٥).

__________________

(١) الاشتقاق : ص ٣٧٥ ، الأغاني : ج ٩ ، ص ٣٠٠ ، اللباب : ج ٢ ، ص ٣٠٧.

(٢) تاريخ دمشق : ج ٤٠ ، ص ١٢٧.

(٣) جمهرة أنساب العرب : ص ٣٠٠ و ٤٢٠.

(٤) ليماتنوه : ليعارضوه.

(٥) الأغاني : ج ٩ ، ص ٣٠٤ ، تاريخ دمشق : ج ٤٠ ، ص ١٣١ ، وفيه تجمعتم من كل شرق ومغرب ، ديوان عدي : ص ١١.

٧٧

١ ـ عدي والشعراء

أ ـ عدي وجرير

دخل جرير على الوليد بن عبد الملك وهو خليفة وعنده ابن الرقاع العاملي.

فقال الوليد لجرير : أتعرف هذا؟

قال : لا يا أمير المؤمنين.

قال : هذا رجل من عاملة.

قال : الذين يقول الله جلّ ثناءه عاملة ناصبة تصلى نارا حامية ، ثم قال :

يقصّر باع العاملي عن العلى

ولكن أ... العاملي طويل

فقال العاملي :

أأمّك كانت أخبرتك بطوله

أم انت امرؤ لم تدر كيف تقول

فقال : لا بل لم أدر كيف أقول (١).

ب ـ عدي والراعي النميري

هجا الشاعر عبيد بن حصين بن جندل النميري المعروف بالراعي (٢) عديا العاملي بقوله :

لو كنت من أحد يهجى هجوتكم

يابن الرّقاع ولكن لست من أحد

تأبى قضاعة لم تعرف لكم نسبا

وابنا نزار وأنتم بيضة البلد

فأجابه عدي :

حدّثت أن رويعي الإبل يشتمني

والله يصرف أقواما عن الرّشد

__________________

(١) طبقات الشعراء : ص ٨٩ ، الأغاني : ج ٩ ، ص ٣٠٠ ، والمحذوف لفظ فاحش.

(٢) عرف بالراعي لكثرة ذكره الإبل في أشعاره.

٧٨

فأنت والشعر ذو تزجي قوافيه

كمبتغي الصّيد في عرّيسة الأسد (١)

٢ ـ من روائع شعره

أ ـ عن أحمد بن يحيى النحوي [حيا ٣٠٧ ه‍] قال : قال نوح بن جرير لأبيه ، يا أبت من أنسب الشعراء؟

قال له : أتعني ما قلت؟

قال : إنّي لست أريد من شعرك ، إنّما أريد من شعر غيرك.

قال : ابن الرقاع في قوله :

لو لا الحياء وأنّ رأسي قد عثا

فيه المشيب لزرت أمّ القاسم

وكأنها وسط النساء أعارها

عينين أحور من جآذر جاسم

وسنان أقصده النعاس فرنقت

في عينه سنة وليس بنائم

ثم قال : ما كان يبالي إن لم يقل بعدها شيئا (٢)

ب ـ قصيدته الهائية وتبلغ ٤٣ بيتا ، يمدح فيها الوليد بن عبد الملك يقول :

عرف الديار توهّما فاعتادها

من بعدما درس البلى أبلادها (٣)

كالزين في وجه العروس تبذّلت

بعد الحياء فلاعبت أرآدها (٤)

تزجي أغنّ كأن إبرة روقه

قلم أصاب من الدواة مدادها (٥)

أمّا ترى شيبي تفشّغ لمتي

حتى علا وضح يلوح سوادها (٦)

__________________

(١) الديوان : ص ٧١.

(٢) تاريخ دمشق : ج ٤٠ ، ص ١٣٠ ، الديوان : ص ١٧ و ٩٩.

(٣) مفردها بلد : أثر.

(٤) تبذّلت : تبدلت. أرآد جمع رئد : ترب وصديق.

(٥) ساهم هذا البيت في شهرة عدي العاملي.

(٦) تاريخ دمشق : ج ٤٠ ، ص ١٣٣ ، الديوان ص ٣٣.

٧٩

٣ ـ بلدة عدي العاملي

يذكر أبو الفرج الأصفهاني أن بلدة عدي كانت في الأردن ، فيقول : «عزل الوليد بن عبد الملك عبيدة بن عبد الرحمن عن الأردن وضربه وحلقه وأقامه للناس وقال للمتوكّلين به : من أتاه متوجّعا وأثنى عليه فأتوني به. فأتى عدي بن الرقاع. وكان عبيدة إليه محسنا ، فوقف عليه وأنشأ يقول :

فما عزلوك مسبوقا ولكن

إلى الخيرات سباقا جوادا

وكنت أخي وما ولدتك أمي

وصولا باذلا لي مستزادا

 ...» (١).

نستوحي من النص السابق ، أن بلدة عدي كانت في جند الأردن ، أي في القسم الجنوبي من جبل عامل ، ويحدّد ياقوت الحموي اسمها فيقول : «والشقراء قرية لعدي وإنما سميت الشقراء بأكمه فيها» (٢).

ويقول الدباغ : «عدي بن الرقاع العاملي. كان منزله في دمشق. وقبل ذلك سكن قرية «شكاره» وهي اليوم دراسة بالقرب من بلدة شقراء على بعد ١٣ كم من بنت جبيل (٣).

توفي عدي في دمشق سنة ٩٥ ه‍ (٤).

__________________

(١) الأغاني : ج ٩ ، ص ٣٠٦ و ٣٠٧ ، الديوان : ص ١٧ و ٦٩.

(٢) معجم البلدان : ج ٣ ، ص ٣٥٤.

(٣) القبائل العربية : ص ١٠٧. ويقول جابر : «وورد في بعض المخطوطات أنه كان يسكن قرية شقراء مقر السادة الحسينية آل الأمين وإنما سميت بذلك لربوة في ضواحيها تدعى الشقارة» راجع تاريخ جبل عامل : ص ٢٧.

(٤) الديوان : ص ١٣.

٨٠