الحلقة الضائعة من تاريخ جبل عامل

علي داود جابر

الحلقة الضائعة من تاريخ جبل عامل

المؤلف:

علي داود جابر


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٠

الشعر وأبدع فيه ، ذكره مؤرخ صور غيث الأرمنازي فقال : «محمد بن علي بن محمد بن جناب أبو عبد الله المعروف بابن الدرزي ، شاعر له شعر كثير في عدّة فنون ، قد دوّن وكتب لي بخطه منه كثيرا وقرأت منه عليه ، ولم يكن لقوله بأس ، فمما أنشدنيه لنفسه :

يا طيف مالكة الفؤاد

كيف اهتديت بغير هاد؟

جبت البلاد تعسفا

وقصدتني دون العباد

يا ظبية ترعى قلوب

الناس لا جنبات واد

أرسلت طيفك عامدا

ليذود عن عيني رقاد

هيهات ما زرتم فلا

بالكفر زاركم فؤاد

نادوا الرحيل وإنّما

بالموت ناداني المنادي

فجعلت ألثم عيسهم

وأضم أجياد الجياد

طعنوا فقلبي طاعن

وسواد عينى في السّواد

زاد إذا علموا به

أغناهم عن كلّ زاد

قلبي ينوب عن الزناد

ومقلتاي عن المزاد

يا ربعها المهجور هل

لزمان وصلك من معاد

فوقفت فيه وعبرتي

تردي الثرى والقلب صاد

وهي أطول من هذا.

قال غيث : وأنشدني محمد بن علي لنفسه :

صبّ جفاه حبيبه

وحلاله تعذيبه

فالنار تضرم في الجوا

نح والسقام يذيبه

حتّى بكاه لما دها

ه بعيده وقريبه

وتآمروا في طبّه

كيما يخف لهيبه

٢٢١

فأتى الطبيب وما دروا

أن الحبيب طبيبه

قال غيث : حدثت أن أبا عبد الله بن جناب توفّى با طرابلس في شهور سنة ثلاث وستّين وأربعمائة ، وقد نيف على السبعين» (١).

٤ ـ ابن حيوس في مدينة صور [٤٦٤ ه‍ / ١٠٧١ م]

نزل الشاعر الأمير أبو الفتيان محمد بن سلطان المعروف بابن حيوس مدينة صور سنة ٤٦٤ ه‍ وكانت معه بضاعة ، فوضعها في دار الوكالة لبيعها ، لكنّ المتولّلي على دار الوكالة ويعرف بأبي محمد بن السمسار ، ظلمه حقّه ، فكتب إلى القاضي محمد بن أبي عقيل يعرّض بابن السمسار ويشكو إليه أمره في قصيدة طويلة منها :

ظلامة من أعدك لليالي

ومن أثنى بفضلك غير آل

أيا ثقة الثّقات أصخ فواقا

لتسمع ما يشقّ على المعالي

إذا ذكر البيوت عدا قصيّا

فآل أبي عقيل خير آل

وأنت أعزّهم جارا ونفسا

وأغلبهم على شرف الخلال

وإنك في اكتساب الحمد حقا

لتأتي سابقا وأبوك تالي

تحيفني الزمان بكلّ فنّ

فما أنفكّ من داء عضال

وأذهب كلّ ما أحوي ضياعا

فها أنا ذا بنار الفقر صال

وقد أودعت ما أبقى صديقا

فعرّضت البقيّة للوبال

وقصّر عن أمانية كأنّي

طلبت الوخد من جمل ثقال

لقد ضلّ امرؤ رام اهتضامي

ولست مشايعا أهل الضلال

وما قرأ الكتاب ولا كتابا

به عرف الحرام من الحلال

__________________

(١) تاريخ دمشق : ج ٥٤ ، ص ٣٩١ ، ٣٩٢ ، تاريخ الإسلام (٥٠١ ـ ٥٢٠) ، ص ٢٢٦ ه‍ ، النجوم الزاهرة : ج ٥ ، ص ٨٩ ، المجموع : ص ٢٥١ ، ٢٥٢.

٢٢٢

وما أسميه إبقاء لودّ

سلا عنه وما أنا عنه سال

وأمرك نافذ فينا فأطلق

بمحض العدل حقّي من عقال

لعلّك يا بن عبد الله ترعى

قديم الودّ أو ترثى لحالي

ولا تحبس جميلك عن موال

لكم ولنشر فصلكم موالي

سأترك ذي البلاد بلا اختيار

واهجر أهلها لا عن تقال (١)

ويبدو أن هذه القصيدة لم تجد ردّة فعل سريعة عند ابن أبي عقيل فكتب إليه قصيدة :

كلانا إذا فكّرت فيه على شفا

وقد مرّ في التعليل والمطل ما كفا

تحكم في دار الوكالة فانبرت

بغاراته قاعا كما تشاء صفصفا

فافقر واستغنى وما كفّ شرّه

وحاز تراث العالمين وما اكتفا

تعمّدني بالجور كي يستفزّني

فلا كان ما يرجو لديّ ولا اشتفا

وسوّفني حينا إلى أن شكوته

على أنّني لم ألق إلا مسوّفا

إمام كرام العصر أنت فلا تجر

عن القصد إن جار الزمان وإن وفا

وكن راحما من يبتغي ردّ ماله

أدلّ من المستر فدي الناس أوقفا (٢)

٥ ـ صور تحت حكم السلاجقة [٤٦٤ ـ ٤٦٩ ه‍ / ١٠٧ ـ ١٠٧٦ م]

بعد رحيل بدر الجمالي عن صور انحسر النفوذ الفاطمي عن ساحل الشام عموما ، وساحل لبنان خصوصا لبضع سنين ، واستطاع القاضي ابن أبي عقيل أن يحتفظ بإمارته في صور ، وأن يحافظ على استقلالها عن الدولة الفاطمية إلى أن توفّى بها سنة ٤٦٤ ه‍ ودفن في داره كما ذكر مؤرخ صور غيث الأرمنازي الصوري (٣). مخلفا بعده أبناءه الثلاثة وهم «نفيس» وهو

__________________

(١) ديوان ابن حيوس : ص ٤٦٥ ـ ٤٦٩.

(٢) المصدر السابق : ٣٩٦ ، ٣٩٧.

(٣) تاريخ دمشق : ج ٥٣ ، ص ٣٧٢ ، المجموع : ص ٢٤١.

٢٢٣

أكبرهم سنا والحسن وعبد الرحمن.

وتولّى نفيس صور ، وفي عهده تعرّضت لحملة السلاجقة الأتراك. فمن هم هؤلاء؟ ومتى خضعت البلاد العاملية لحكمهم؟

ينتسب السلاجقة إلى سلجوق من صغار أمراء الأتراك ، وكانت السمّة الأساسية لحكمهم التعصّب المذهبي وخاصة ضدّ الشيعة الإمامية ففي سنة ٤٦٤ ه‍ بدأت البلاد العاملية تسقط في قبضتهم ، يقول ابن الجوزي : «وسار قريب لقرلو من الرملة إلى عكّا وحصرها وأخرب سوادها وسواد صور وغيرها» (١). وهذا يعني أن الجبال العاملية المحيطة بصور سقطت في قبضته فأخرب سوادها.

وفي هذه السنة توجّهوا إلى طبرية بقيادة أتسز بن أوق الخوارزمي التركماني فنزلوها واقتسموا البلاد وأخذوا غلالها وقام في سنة ٤٦٧ ه‍ بنهب طبرية وقتل أهلها (٢) ، وتهجر الشيعة منها باتّجاه جبل عامل.

أ ـ علي بن محمد الجزري العاملي الشامي [ت قبل ٤٦٧ ه‍ / ١٠٧٤ م]

هو الشيخ علي بن محمد الجزري العاملي ، ولعلّ الجزري نسبة إلى بلاد الجزيرة التي ينسب إليها ابن الأثير الجزري ، ذكره الحرّ العاملي والأصفهاني ونسباه إلى جبل عامل (٣).

ذكره الباخرزي المتوفّى سنة ٤٦٧ ه‍ ، ونسبه إلى الغلو في التشيّع

__________________

(١) مرآة الزمان : ص ١٥٨.

(٢) المصدر السابق : ص ١٧٥.

(٣) أمل الآمل : ج ١ ، ص ١٢٦ ، رياض العلماء : ج ٤ ، ص ١٩٢.

٢٢٤

وذكر : «أنه ترك بلاده ، وقصد قبر معاوية ، وأقام بقربه سنة كاملة ، يطوف ببنيانه ، ويتبرّك باستلام أركانه ، حتّى خلى له الجوّ في يوم من الأيام ، فتبوّل وتغوّط عليه ، ولمّا خاف أن يشعروا به هرب يقول : «فخرج منها خائفا يترقّب قال ربّ نجّني من القوم الظالمين» وفي هذا المعنى يقول :

رأيت بني الطوامث والزواني

بمقت ينظرون إليّ شزرا

لأني بالشآم أقمت حولا

على قبر ابن هند كنت أخرى» (١)

ب ـ سقوط صور وطرابلس

ركّز أتسز هجومه على طرابلس وصور بالذات مستغلّا قطع العلاقات بين المدينتين ومصر الفاطمية للتضييق عليهما ، فهو مطمئن إلى أن صاحبي طرابلس وصور لن يتلقيا مساعدة من مصر أثناء مهاجمتهما.

ولا شكّ أن أتسز حقّق بعض أهدافه بأن أخذ من طرابلس وصور خفارة حيث تمّ له فتح أبوابهما للتجارة سنة ٤٦٨ ه‍ فكانت الخطبة المصرية بهما لم تتغيّر ، والغز يدخلون إلى صور فيبيعون ويشترون ولا يقيمون فيها ، وعلى هذا كانت الهدنة (٢).

وفي سنة ٤٦٩ ه‍ توجّه أتسز إلى يافا فحصرها ، وكان بها رزين الدولة فهرب هو ومن كان فيها إلى صور (٣).

وهكذا فقد ارتبط والي صور مع الأتراك السلاجقة بعلاقات ودّية فعمد مع والي طرابلس إلى مصانعتهم بالهدايا والملاطفات (٤).

__________________

(١) دمية القصر : قسم شعراء الشام : ص ٢٠٧.

(٢) مرآة الزمان : ص ١٧٨ ، إتّعاظ الحنفا : ج ٢ ، ص ٣١٥ ، لبنان من السيادة الفاطمية :

ج ١ ، ص ١٢٨ ، وأبطل أتسز في مدينة طرابلس الآذان بحيي على خير العمل.

(٣) مرآة الزمان : ص ١٨٥.

(٤) ذيل تاريخ دمشق : ص ١١٢ ، لبنان من السيادة الفاطمية : ج ١ ، ص ١٢٩.

٢٢٥

واستوطن صور زمانا الشاعر الأديب جعفر بن أحمد المعروف بابن السراج البغدادي ، وقد امتدح نفيسا على كرمه وأنه لم يجد مثله في بغداد الغنية بشهرتها فقال :

يا هند هل وصل فيرتقب

إن كان يحفظ في الهوى سبب

أنسيت موقفنا بذي سلم

أيام أثواب الصبا قشب

قد وردت بغداد أو طال بها

عهدي وحرّك نحوها سبب

وطلبت مثلك يا نفيس بها رجلا

فأعيا عبدك الطلب

فرجعت أدراجي إلى ملك

أمواله في الجود تنتهب (١)

وفي آخر سنة ٤٧٢ ه‍ هرب معلى بن حيدرة الأمير حصن الدولة من دمشق إلى بانياس ومنها هرب إلى صور ثم إلى طرابلس (٢)

ج ـ ابن البراج الطرابلسي [٤٨١ ه‍ / ١٠٨٩ م]

هو عبد العزيز بن نحرير البراج قاضي طرابلس المتوفّى سنة ٤٨١ ه‍ ، تلمذ على السيد المرتضي ، وله كتاب «المهذب» في الفقه الإمامي ، تلمذ على يديه العالم الشيعي أبو الفتح الصيداوي ، وألّف رسائل فقهية وعقائدية لأبناء جبل عامل (٣).

عاشرا : صور تعود للحكم الفاطمي [٤٨٢ ه‍ / ١٠٨٩ م]

لبثت صور في يد نفيس وأخويه إلى سنة ٤٨٢ ه‍ وأصرّوا على العصيان

__________________

(١) لبنان من السيادة الفاطمية : ج ١ ، ص ١٢٦ ، ١٢٧.

(٢) سير أعلام النبلاء : ج ١٨ ، ص ٥٢٠ ، تاريخ الإسلام (٤٨١ ـ ٤٩٠) ص ٧٠ ، أمراء دمشق : ص ٨٥.

(٣) المهذب : ج ١ ، ص ١٠ ، روضات الجنات : ج ٤ ، ص ٢٠٥ ، منطلق الحياة الثقافية : ص ٨٦.

٢٢٦

ورفضوا الخضوع للدولة الفاطمية ، فخرج إليهم العسكر المصري في هذه السنة يقول ابن القلانسي : «وفيها خرج عسكر مصر منها مع مقدّميه وقصد الساحل ، وفتح ثغري صور وصيدا وكان في صور أولاد القاضي عين الدولة ابن أبي عقيل بعد موته ، ولم يكن قوّة لهم تدفع ولا هيبة تمنع فسلموها وكذلك صيدا» (١).

وكان بصور عند فتح الفاطميين لها الوزير سديد الملك الحسين بن الماسكي وهو مقيم بها منذ سنين طويلة مع أخيه ، فحمل في جملة من حمل إلى مصر (٢) ، ووضع على صور واليا يعرف بالأمير منير الدولة الجيوشي ، وبذلك سقطت إمارة بني عقيل.

١ ـ أسامة بن منقذ في صور [٤٨٢ ه‍ / ١٠٨٩ م]

بعد أن تمّ للفاطميين السيطرة مجدّدا على مدينة صور ، دخلها الأمير والأديب والمؤرّخ الشيعي أسامة بن منقذ ، ودخل دار بني أبي عقيل ، فرآها بعد أن تهدّمت وتغيّرت زخارفها ، فكتب على بعض رخامها :

دار سكنت بها كرها وما سكنت

نفسي إلى سكن فيها ولا شجن

والقبر أرفق لي منها وأجمل بي

إن صدّني الدهر عن عود إلى وطني (٣)

وكتب على لوح من رخام هذه الأبيات :

احذر من الدنيا ولا

تغترّ بالعمر القصير

__________________

(١) ذيل تاريخ دمشق : ص ١٢٠ ، الكامل : ج ٦ ، ص ٣١٨ ، الأعلاق الخطيرة : ج ٢ ، ص ١٦٥ ، تاريخ الإسلام (٤٨١ ـ ٤٩٠) ص ١١ ، اتّعاظ الحنفا : ج ٢ ، ص ٣٢٦ ، النجوم الزاهرة : ج ٥ ، ص ١٢٨.

(٢) لبنان من السيادة الفاطمية : ج ١ ، ص ١٣٠.

(٣) المنازل والديار : ص ٢٣٦ ، ديوان ابن منير : ص ٦٣.

٢٢٧

وانظر إلى آثار من

صرعته منا بالغرور

عمروا وشادوا ما ترا

ه من المنازل والقصور

وتحوّلوا من بعد سك

ناها إلى سكنى القبور (١)

٢ ـ ابن الخياط الدمشقي في صور [٤٨٤ ه‍ / ١٠٩١ م]

في سنة ٤٨٤ ه‍ زار الشاعر ابن الخياط الدمشقي مدينة صور ووفد على واليها منير الدولة الجيوشي ، ومدحه بقصيدة أنشده إيّاها بصور ، قال :

إذا عزّ نفسي عن هواك قصورها

فمثل النّوى يقضي علي يسيرها

وقد كنت أرجو أن تماسك مهجتي

وأنّك من جور الفراق مجيرها

ولمّا رماني الدهر عذت بدولة

جلا الحادثات الفادحات منيرها

إلى ملك تعنو الملوك لبأسه

ويقصر يوم الفخر عنه فخورها

سيوف من التدبير والفتك لم يزل

ومغمدها في كفّه وشهيرها

رأى أرض صور نهبة لمغالب

ينازلها يوما ويوما يغيرها

تداركها والنصر في صدر سيفه

أخو عزمات لا يخاف فتورها

وإن بلادا أنت حائط ثغرها

بسيفك قد عزّت وعزّ نظيرها

فسعدا لأملاك عليك اعتمادها

وفخرا لأيام إليك مصيرها (٢)

٣ ـ عصيان منير الدولة في صور [٤٨٦ ه‍ / ١٠٩٣ م]

كان منير الدولة واحدا من مقدّمي أمير الجيوش بدر الجمالي وقادته ، ولهذا عرف بالجيوشي ، واستمرّ واليا على المدينة نحو خمس سنين ، قام خلالها بإعلان عصيانه على الدولة الفاطمية وامتنع بها ، فأنكر أهل صور

__________________

(١) ديوان أسامة بن منقذ : ص ٢٨١.

(٢) ديوان ابن الخياط : ص ١٣٣ ـ ١٣٧ ، وهي قصيدة طويلة.

٢٢٨

عليه عصيانه وكرهوا خروجه على الخليفة الفاطمي ، ولمّا لم يكن بمقدورهم الإطاحة به والتخلّص منه دون مساعدة من مصر ، نظرا لما أحاط به نفسه من الجند ، فقاموا بكتابة رسائل إلى مصر تحضّ علي إخراج العسكر لقتاله. فكان لهم ما أرادوا. يقول ابن الأثير :

«فسيرت العساكر من مصر إليه ، وكان أهل صور قد أنكروا على منير الدولة عصيانه (١) على سلطانه ، فلمّا وصل العسكر المصري إلى صور وحصروها وقاتلوها. ثار أهلها ، ونادوا بشعار المستنصر وأمير الجيوش ، وسلمّوا البلد ، وهجم العسكر المصري بغير مانع ولا مدافع ، ونهب من البلد شيء كثير ، وأسر منير الدولة ومن معه من أصحابه ، وحملوا إلى مصر» (٢).

فضرب بدر الجمالي ، رقاب الجميع وقطع على أهل صور ستين ألفا عقوبة لهم (٣).

٤ ـ أبو الفضل ال صور ي :

يبدو أنّه كان كاتبا عند الدولة الفاطمية ، له كتاب «التذكرة» ، فيه نسخة كتاب بالبشارة بالسلامة في الركوب في غرّة السنة بدأه بقوله :

«الحمد لله الذي لم يزل يولي إحسانا وإنعاما ، وإذا أبلى عبيده عاما أجدّ لهم بفضله عاما ، فقد أمدّكم معاشر الخلفاء كرما ومنّا ، وآتاكم من جوده كأثر مما يتمنّى ، ومنحكم من عطائه ما يوفي على ما أردتموه (وَسَخَّرَ

__________________

(١) نظرا لأن الغالبية العظمى من سكان صور كانوا من الشيعة.

(٢) الكامل : ج ٦ ، ص ٣٤٦ ، الأعلاق الخطيرة : ج ٢ ، ص ١٦٦ ، كنز الدرر : ج ٦ ، ص ٤٣٨ ، تاريخ الإسلام (٤٨١ ـ ٤٩٠) ، ص ٣١ ، البداية والنهاية : ج ١٢ ، ص ١٧٨ ، النجوم الزاهرة : ج ٥ ، ص ١٣٨.

(٣) النجوم الزاهرة : ج ٥ ، ص ١٣٨ ، اتّعاظ الحنفا : ج ٢ ، ص ٣٢٦.

٢٢٩

لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ٣٣ وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) [سورة إبراهيم : ٣٣ ـ ٣٤] وقد استقبلتم هذه السنة السعيدة ، وإذا عملتم بالطاعة كنتم مستجيزين من ثواب الله الأغراض البعيدة.

وصلى الله على سيّدنا محمد نبيه الذي غدت الجنّة مدّخرة لمن عمل بهداه لما سمعه ، ومهيّأة لمن آمن به واتّبع النور الذي أنزل معه ، وبين بإرشاده ما تجري أمور السنين عليه في العدد والحساب ، ونسخ ما كانت الجاهلية [تفعله] فيه زيادة في الكفر وضلالا عن الصواب ، وعلى أخيه وابن عمّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي كمّل الله الإسلام بإمامته ، وضاعف الأجر لأهل ولايته ومنح شيعته مقبول شفاعته وعلى الأئمّة من ذريّتهما خلفاء الله على خلقه ، والقائمين بواجب حقّه ، والعاملين في سياسة الكافة بما يرضيه سبحانه ، ويضمن غفرانه ورضوانه ، وسلّم عليهم أجمعين ، سلاما باقيا إلى يوم الدين ...» (١).

٥ ـ محمد بن علي بن الحسن ال صور ي [ت ٤٨٧ ه‍ / ١٠٩٤ م تقريبا]

هو محمد بن علي بن الحسن الصوري ، ولد في مدينة صور سنة ٤١٧ ه‍ ، وعاش ردحا من الزمن في طرابلس داعيا للفاطميين وللمذهب الشيعي الإسماعيلي هبط القاهرة بعهد المستنصر بالله الفاطمي. وصنّف قصائد كثيرة ورسائل عديدة أشهرها : «التحفة الزاهرة» و «نفحات الأئمة» و «القصيدة الصورية» مات على الأرجح في حصون الدعوة الإسماعيلية بجبال السماق السورية بعد انتقال المستنصر بالله حوالي ٤٨٧ ه‍ (٢).

__________________

(١) صبح الأعشى : ج ٨ ، ص ٣١٤ ، ٣١٥.

(٢) القصيدة الصورية : ص ١٦ ، ١٧ نقلا عن مخطوط إسماعيلي بمكتبة عارف تامر يعرف ب «فصول وأخبار» ص ١١٧.

٢٣٠

والقصيدة الصورية تعتبر من أقدم المصادر عن الإسماعيلية ، ومن أهمّ الرسائل التي تمثّل عقائدها أصدق تمثيل ، ومن أحسن المراجع الإسماعيلية في تاريخ قصص الأنبياء ، وعدد أئمّتهم من الإمام علي عليه‌السلام حتى المستنصر بالله الفاطمي ، لذلك حافظ الدعاة على سريّتها وعدم تسرّبها ، وكان أكثرهم يحفظها غيبا لأهميّتها ، فهي تحفة نادرة تبدأ بالحمد والثناء ثم التجريد والتنزيه والتوحيد ثم حدوث العالم والدهر ، ويذكر الصوري عهد الأنبياء : آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم‌السلام وتشتمل على ٩٣٠ بيتا ولدينا نسخة منها.

ومن قصائدها المهمة «قصيدة النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم». فماذا تحتوي هذه القصيدة؟

تتألّف هذه القصيدة من ٣٠٠ بيت على التمام ، تبدأ بذكر ميلاد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتنتهي بفترة حكم المستنصر على مصر ، يقول الصوري :

وكان ميلاد النبي المصطفى

في ذلك العام الذي فيه الوفا

ويتحدّث عن كفالة أبي طالب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعرفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكانة أبي طالب وعلي عليه‌السلام يقول :

لعلمه بأنه الولي

وأنّه من نسله الوصي

ثم يتحدّث عن إيمان الإمام علي عليه‌السلام بعد السيّدة خديجة عليها‌السلام :

ثم تلاها الأنزع البطين

لأنه الناصر والمعين

ويتحدّث عن صحبة أبي بكر للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويعتبرها مؤامرة حاكها مع أبي جهل للانقلاب على الإسلام ، وعن هجوم عمر على بيت الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والفتح وتحطيم الأصنام. ثم يتحدّث عن حادثة غدير خمّ فيقول :

فأنزل الله على نبيّه

أن يظهر النصّ على وصيّه

٢٣١

فخاف من أصحابه لعلمه

بكيدهم وما نووا من ظلمه

فقام في يوم غدير خم

وقال حكم الله غير حكمي

من كنت مولاه فهذا مولاه

فوالي (١) يا ربي الذي والاه

ثم يتحدّث عن غدرهم بالإمام عليه‌السلام ، وتعيين الأول ثم الثاني ، وقضية الشورى في تعيين الثالث ، وظلمهم للبتول الطاهرة عليه‌السلام ، ثم عودة الحقّ لصاحبه ، وخوضه معركة الجمل ، يقول :

واستأصل الخالق أصحاب الجمل

بسيف خير الخلق فلاق العلل

ثمّ يتحدّث عن التحكيم في معركة صفّين ، وما تلاها من التآمر على قتل الإمام علي عليه‌السلام ، ثم قتل الإمام الحسين عليه‌السلام ، يقول :

فمات واستشهد بالصيام

صلى عليه الله من إمام

وانتقل القتل إلى الحسين

لما رأوه حائز الفضلين

وقام زين العابدين بعده

قد عزّه الله وزل ضدّه

ثم تلاه الباقر العليم

والصادق المؤيد الكريم

ويعتبر الخلافة بعد الصادق عليه‌السلام لابنه إسماعيل لا إلى الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام ، ثم ينهي قصيدته قائلا :

وعبدك الصوري يا مولى الورى

كم ليلة حرم عينيه الكرى

فجد له بالعفو والغفران

يا مالك المنّة والإحسان

وصلي يا رب على المختار

محمد المخصوص بالأنوار

وآله الأطهار سادات الورى

من نسل مولانا الإمام حيدرا

صلي عليه ربنا وسلّما

ما غربت شمس وليل أظلما (٢)

__________________

(١) والصحيح : فوال.

(٢) القصيدة الصورية : ص ٥٧ ـ ٧٨.

٢٣٢

٦ ـ عصيان كتيلة في صور [٤٩٠ ه‍ / ١٠٩٦ م]

يقول ابن الأثير في أحداث سنة ٤٩٠ ه‍ : «وفي هذه السنة في ربيع الأول ، وصل عسكر كثير من مصر إلى ثغر صور بساحل الشام ، فحصرها وملكها.

وسبب ذلك أن الوالي بها ، ويعرف بكتيلة ، أظهر العصيان على المستعلي ، صاحب مصر ، والخروج عن طاعته ، فسيّر إليه جيشا ، فحصروه بها ، وضيّقوا عليه وعلى من معه من جندي وعامي ، ثم افتتحها عنوة بالسيف ، وقتل بها خلقا كثيرا ، ونهب منها المال الجزيل ، وأخذ الوالي أسيرا بغير أمان ، وحمل إلى مصر فقتل بها» (١).

٧ ـ بناء مقام شمعون الصفا عليه‌السلام [٤٩٠ ه‍ / ١٠٩٦ م]

بني مقام شمعون الصفا عليه‌السلام في بلدة شمع في جبل عامل سنة ٤٩٠ ه‍ ، وقد أرّخ تاريخه على حجر موجود في المقام ، عثرنا عليه بعد عملية الترميم التي قمنا بها (٢).

٨ ـ نقود صور في العصر الفاطمي [٣٨٧ ـ ٤٥١ ه‍] [٩٩٧ ـ ١٠٥٩ م]

إنّ أوّل محاولة لصكّ النقود في صور هي التي قام بها «علاقة» بعد إعلان ثورته في سنة ٣٨٧ ه‍ حيث أصدر السّكة وهي تحمل عبارة : عزّ بعد فاقة وشطارة بلباقة للأمير علاقة.

__________________

(١) الكامل : ج ٦ ، ص ٣٧٢ ، الأعلاق الخطيرة : ج ٢ ، ص ١٦٦ ، تاريخ الإسلام (٤٨١ ـ ٤٩٠) ص ٤٥ ، اتّعاظ الحنفا : ج ٣ ، ص ٢٠.

(٢) للتعرّف على هذا الموضوع بشكل تفصيلي راجع كتابنا : شمعون الصفا بين المسيحية والإسلام : ص ١٨٥

٢٣٣

أمّا أقدم قطعة ضربت باسم الخلفاء الفاطميين فيرجع تاريخها إلى سنة ٤٠١ ه‍ / ١٠١٠ م استنادا إلى مجموعة النقود في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة. وهي عبارة عن دينار ذهب ، نقش في وسطه أربعة أسطر :

١ ـ عليّ

٢ ـ لا إله إلّا الله وحده لا.

٣ ـ شريك له محمد رسول الله.

٤ ـ ولي الله.

يحيط بها على الهامش : «محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون».

ونقش على الوجه الآخر أربعة أسطر في الوسط :

١ ـ عبد الله.

٢ ـ ووليه المنصور أبو علي.

٣ ـ الإمام الحاكم بأمر الله.

٤ ـ أمير المؤمنين.

يحيط بها على الهامش الدائري : بسم الله ضرب هذا الدينر بصور سنة إحدى وأربعماية (١).

وفي مجموعة نقود السيد محمد عبده بطرابلس ، ديناران من الذهب ، ضربا بصور ، الأول بتاريخ سنة ٤٣٩ ه‍ ، وهو دينار ذهب له دائرة في

__________________

(١) لبنان من السيادة الفاطمية : ق ٢ ، ص ١٦٢ ، ١٦٣.

٢٣٤

الوسط نقش فيها : «لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، محمد رسول الله ، وعليّ ولي الله ، وحولها دائرة مفرغة من الكتابة ، ثم دائرة أوسع حول الهامش كتب فيها : «محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون».

وعلى الوجه الآخر في الدائرة الوسطى نقش ستة أسطر «معد عبد الله ... الإمام ... المستنصر بالله أمير المؤمنين» وعلى الهامش : «بسم الله الرحمن الرحيم ، ضرب هذا الدينار بصور سنة تسع وثلاثين وأربعماية» (١).

والثاني دينار ذهب في وسطه نقطة محورية بارزة ، حولها دائرة صغيرة نقش من حولها : «لا إله إلّا الله محمد رسول الله» ، ومن حولها دائرة أوسع نقش فيها : «عليّ أفضل الوصيين ووزير خير المرسلين» وحولها دائرة أوسع مع الهامش نقش فيها : «محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون».

وعلى الوجه الآخر : نقطة محورية بارزة في الوسط ، من حولها دائرة صغيرة ، نقش من حولها : «أمير المؤمنين المستنصر بالله» ، ومن حولها دائرة أوسع نقش من حولها نصّ لم يستطع الدكتور تدمري قراءته ، ثم دائرة أوسع من الهامش نقش فيها : «بسم الله ضرب هذا الدينار بصور سنة إحدى وخمسين وأربعمائة» (٢).

__________________

(١) لبنان من السيادة الفاطمية : ق ٢ ، ص ١٧٤.

(٢) لبنان من السيادة الفاطمية : ق ٢ ، ص ١٧٥ ، وقد ذكر تدمري مجموعة كبيرة من الدنانير المسكوكة بصور.

٢٣٥

الحادي عشر : صيدا [٤٨٢ ـ ٤٩١ ه‍] [١٠٨٩ ـ ١٠٩٧ م]

١ ـ ثقة الملك ابن الطهماني [٤٨٢ ه‍ / ١٠٨٩ م]

استرجع الفاطميون صيدا إلى سيادتهم سنة ٤٨٢ ه‍ ، وكان الوالي عليها ثقة الملك بن الطهماني فهرب منها في البحر إلى طرابلس واستجار بأميرها جلال الملك أبي الحسن علي بن عمّار ، ومات في طرابلس فرثاه ابن الخيّاط بقصيدة طويلة عزّى بها القاضي جلال الملك يقول :

بنفسي على قربه النازح

وإن غالني خطبه الفادح

أيا ذا المكارم لأروّعت

بفقدك ما هدهد الصادح

فما سد باب من المكرمات

إلا وأنت له فاتح

أبى ثقة الملك إلا حماك

حمى والزمان به طائح

طوى البحر ينشد بحر السّماح

إلى العذب يقتحم المالح (١)

٢ ـ استكين الأفضلي

وبقيت صيدا بيد الفاطميين نحو عشر سنين ، وكان آخر وال فاطمي عليها هو الأمير سعد الدولة أبو منصور استكين الأفضلي الذي كان بها سنة ٤٩١ ه‍ ، وقد جرى عمارة البرج في قلعتها على يديه ، وأفادتنا عن ذلك لوحة من الرخام كانت داخل القلعة ، وهي بطول ٨٥ سم ، وعرض ٦٦ سم. كتب عليها عشرة أسطر بالخطّ الكوفي المزهر ، بكلمات صغيرة بارزة ، واللّوحة محفوظة في متحف اللوفر بباريس ، تحت رقم [٨١٥٢] ، ونص الكتابة :

١ ـ بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلّا الله وحده لا شريك له محمد

__________________

(١) ديوان ابن الخياط : ص ٥٠ ـ ٥٣.

٢٣٦

٢ ـ رسول الله عليّ وليّ الله صلوات الله عليهما وعلى آلهما أمر بعمارة هذا

٣ ـ البرج فتا مولانا وسيدنا أحمد أبي القاسم الإمام المستعلي بالله

٤ ـ أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه

٥ ـ الأكرمين السيّد الأجلّ الأفضل أمير الجيوش شرف الإسلام ناصر

٦ ـ الإمام كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين أبو القاسم

٧ ـ شاهنشاه المستعلي بن السيد الأجل أمير الجيوش عضد الله به الدين

٨ ـ وأمتع بطول بقائه أمير المؤمنين على يد مملوكه الأمير

٩ ـ ............ سعد الدولة أبو منصور استكين الأفضلي

١٠ ـ ............ سنة أحد وتسعين وأربع ماية (١).

الثاني عشر : التشيّع في طبرية والرملة

١ ـ التشيّع في طبرية :

تقع مدينة طبرية على الضفة الشمالية الغربية من البحيرة التي تأخذ اسمها ـ أعني بحيرة طبرية ـ يحدّها من الشمال صفد في جبال عاملة ، يقول الهمداني : «وأما عاملة فهي في جبلها مشرفة على طبريا إلى نحو البحر» (٢).

وقد شاهدت هذه المدينة تواجدا مبكرا للشيعة من أعقاب أهل

__________________

(١) لبنان من السيادة الفاطمية : ق ٢ ، ص ٢٠٨ ، ٢٠٩.

(٢) صفة جزيرة العرب : ص ١٢٩.

٢٣٧

البيت عليهم‌السلام ، فقصدها عبد الله بن أبي الفضل العباس بن علي بن أبي طالب ، الشهيد بكربلاء مع أخيه الإمام الحسين عليهم‌السلام ، وسكينة بنت الحسين ، ولهما مقام فيها ، يقول الهروي : «وبظاهر طبرية مشهد به قبر سكينة بنت الحسين» عليه‌السلام ، وقد زرناها فيما تقدّم ، وبه قبر يقال إنّه قبر عبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب» (١).

ومن مشهوري الشيعة في طبرية محمد بن حمزة بن عبيد الله بن العباس بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب ، ذكره ابن حزم في كتابه جمهرة أنساب العرب فقال : «محمد بن حمزة بن عبيد الله بن العباس ، حاله قد جلّت بالأردن وكثر ماله وضياعه ، وكان يسكن مدينة طبرية ، فكاسه (٢) طغج أيام القرامطة ، فقتله في بستاته وكان اتّهم بالميل إلى القرمطي» (٣) وكان ذلك في صفر سنة ٢٩١ ه‍ ورثته الشعراء ، وكان عقبه بطبرية يقال لهم : بنو الشهيد» (٤).

وفي سنة ٣٨٠ ه‍ ، كان جميع أهالي طبرية شيعة (٥) ، وفي سنة ٤٣٨ مرّ ناصر خسرو في طبرية وقال : «ثم خرجت فبدا لي واد في آخره بحر صغير

__________________

(١) الإشارات إلى معرفة الزيارات : ص ١٩ ، وذكر ذلك الحموي في معجم البلدان : ج ٤ ، ص ١٩.

(٢) كاسه : صرعه.

(٣) جمهرة أنساب العرب : ص ٩٧ ، وقال ابن سعيد الأندلس : «وكان بطبرية أبو الطيب العلوي محمد بن حمزة ... وكان وجه طبرية شرفا وملكا وقوّة ، فكتب الإخشيد إلى أبيه طغج يذكر له أنّه ليس له أمر ولا نهي مع أبي الطيب العلوي ، فكتب له أبوه : أعزّ نفسك! فأسرى عليه محمد بن طغج وأبو الطيب في بستان له فقتله» راجع المغرب في حلي المغرب : ص ١٥١.

(٤) دائرة المعارف الشيعية : ج ٨ ، ص ٢٢٣.

(٥) أحسن التقاسيم : ص ١٥٣.

٢٣٨

تقع عليه طبريا ... ويقع قبر أبي هريرة خارج المدينة ناحية القبلة ، ولكن لا يستطيع أحد زيارته. لأن السكان هناك شيعة ، فإذا ذهب أحد للزيارة تجمع عليه الأطفال وتحرّشوا به وحملوا عليه وقذفوه بالحجارة» (١).

وفي سنة ٤٦٧ هاجم السلاجقة طبرية وقتلوا أهلها (٢) ، ومنذ تلك السنة ضعف التواجد الشيعي فيها ، وفي سنة ٦٦٤ ه‍ قام نائب السلطان بعمارة قبر عبد الله بن العباس وسكينة بنت الحسين عليه‌السلام وأرّخ ذلك على لوحة من الرخام كتب عليها بخط النسخ المملوكي في خمسة أسطر : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

أمر بعمارة هذا المشهد المبارك وهو مشهد الست سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، العبد الفقير لله تعالى أمير فارس الدين البكي الساقي العالي المنصوري نائب السلطنة بالممالك الصفدية والشقيفية والساحلية وذلك في غرة رجب سنة أربع وستين وستمائة» (٣).

ومن أعلام الشيعة في طبرية :

١ ـ أبو جعفر الطبري من مؤلفي الشيعة ، وصاحب «مفتاح المعاملات» و «المؤنس في نزهة المجالس» (٤).

__________________

(١) سفرنامة : ص ٥٢ ، ٥٣.

(٢) مرآة الزمان : ص ١٧٥.

(٣) الآثار الإسلامية في فلسطين : ص ٤٢ ، وقوله عليهم‌السلام يدلّ على البصمات الشيعية في البناء وإلّا لقال رضي‌الله‌عنهم ، ويذكر الهروي قرية تسمّى الحسينية من أعمال طبرية راجع كتاب الإشارات : ص ٢١ ، ومعجم البلدان : ج ٤ ، ص ١٨.

(٤) الذريعة : ج ٢٣ ، ص ٢٨٣ ، وج ٢١ ، ص ٣٤٩.

٢٣٩

٢ ـ أبو عمرو الزاهد الطبري من مؤلّفي الشيعة وصاحب كتاب الموشّح توفي ببغداد سنة ٣٤٥ (١).

٣ ـ أحمد النقيب ابن حمزة بن الحسن بن علي بن عيسى النقيب من أعقاب الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام (٢) بطبرية.

٤ ـ أحمد بن علي بن عبد الله بن الحسن بن علي العريضي ابن الصادق له أعقاب بطبرية ، توفي قبل ٤٢٥ ه‍ (٣).

٥ ـ أحمد بن موسى الطبري ، علامة الشيعة وإمامهم ، صاحب «المنير» في الفروع على مذهب الهادي (٤).

٦ ـ أحمد زاد الركب من أعقاب زيد الشهيد له أعقاب بطبرية (٥).

٧ ـ إسماعيل بن محمد اللحياني ، من أعقاب أبي الفضل العباس ، ذيل من عقبه بطبرية (٦).

٨ ـ جعفر بن حمزة بن الحسين بن علي بن علي بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي العريضي بن جعفر الصادق عليه‌السلام ، والنقيب من أولاده توفّي قبل ٥٦٥ ه‍ (٧).

٩ ـ الحسن بن إسماعيل بن عبد الله بن عبيد الله الثاني له ولد بطيرية ، توفي قبل ٤٢٥ ه‍ (٨).

__________________

(١) الذريعة : ج ٢٣ ، ص ٢٦٣ ، وج ٢ ، ص ٦٨.

(٢) الفخري : ص ٣٠.

(٣) تهذيب الأنساب : ص ١٧٩.

(٤) الذريعة : ج ٢٣ ، ص ٢١٢.

(٥) الفخري : ص ٥٥.

(٦) المصدر السابق : ص ١٧١.

(٧) لباب الأنساب : ج ٢ ، ص ٥٨٢.

(٨) تهذيب الأنساب : ص ٢٨٤.

٢٤٠