الحلقة الضائعة من تاريخ جبل عامل

علي داود جابر

الحلقة الضائعة من تاريخ جبل عامل

المؤلف:

علي داود جابر


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٠

١٦ ـ عبد الله بن معافى بن أحمد بن بشير بن أبي كريمة الصيداوي : أخو محمد بن المعافى ، روى عنه ابنه أبو محمد المعافى بن عبد الله (١).

١٧ ـ علي بن محمد بن أيوب بن حجر الرقي الصوري : روى عن محمد بن محمد بن مصعب الصوري الذي كان حيا سنة ٢٦٥ ه‍ (٢).

١٨ ـ عمرو بن عصيم بن يحيى بن زكريا ، أبو العباس الصوري [حيا قبل ٣٢١ ه‍ / ٩٣٣ م] : ولد بصور سنة ٢٣٩ ه‍ ، وكان إماما للمسجد الجامع فيها ، أخذ علومه عن العالم الإمام الشيعي أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن كثير بن واقدان الصوري ، كما سمع بجبيل من ساحل دمشق ، روى عنه عبد الله بن محمد بن حمزة الصيداوي وابن جميع ، توفي قبل ٣٣٠ ه‍ (٣).

١٩ ـ محمد بن إبراهيم بن أسد ، أبو بكر الأسدي الصوري : سمع بصور : جعفر بن محمد بن علي الهمذاني ، وعبد الجبار بن محمد بن كوثر الصوري ، وبصيدا : محمد بن المعافي ، زار بيروت ودمشق ، وروى حديثا عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام (٤).

٢٠ ـ محمد بن أحمد بن غالب بن غليون الصوري [حيا ٣٣٩ ه‍ / ٩٥٠ م] تقدّمت ترجمته سابقا ، راجع صفحة ١٢١.

٢١ ـ محمد بن أحمد بن الفضل ، أبو المضاء الصيداوي : حدث

__________________

(١) تاريخ دمشق : ج ٣٣ ، ص ٢٠٣.

(٢) تهذيب التهذيب : ج ٩ ، ص ٤٣٢.

(٣) معجم الشيوخ : ص ٣٥٦ ، الفوائد المنتقاة : ص ٤٣ ، تاريخ دمشق : ج ٤٦ ، ص ٣٠١ ، تاريخ الإسلام : (٣٢١ ـ ٣٣٠) ، ص ٣٠٩.

(٤) تاريخ دمشق : ج ٥١ ، ص ١٨٥ ، ١٨٦.

١٤١

بصيدا عن محمد بن المعافي الصيداوي الذي كان حيا سنة ٣١٠ ه‍ (١).

٢٢ ـ محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن رواحة ، أبو عبد الله الأنصاري الصرفندي : من حصن صرفندة بين صور وصيدا ، كان يتردّد كثيرا على دمشق ، روى عنه أبو الحسين بن أحمد الملطي المتوفّى سنة ٣٧٧ ه‍ (٢).

٢٣ ـ محمد بن حمزة بن عبد الله بن سليمان بن أبي كريمة ، أبو الحسن الصيداوي : محدث وشاعر من أهل صيدا ، روى عنه ابناه معاذ وعبد الله ، وجعفر بن محمد بن محمد بن أبي كريمة ، ومحمد بن أحمد الغاز ، ومن شعره ما رواه محمد بن الغاز :

نروح ونغدو لحاجاتنا

وحاجة من عاش ما تنقضي

تموت مع المرء حاجاته

وتبقى له حاجة ما بقي (٣).

٢٤ ـ محمد بن العباس بن محمد بن أبي كريمة ، أبو طلحة الصيداوي : روى عنه أبو يعلى عبد الله بن محمد بن حمزة بن أبي كريمة الذي كان حيا بعد ٣١٠ ه‍ (٤).

٢٥ ـ محمد بن عثمان بن معبد ، أبو بكر الطائي الصيداوي : حدث بصيدا ومكّة ، روى عن محمد بن المعافى الصيداوي الذي كان حيّا سنة ٣١٠ ه‍ (٥).

٢٦ ـ محمد بن محمد بن محمد بن المصهرج : وهو من عقب الحسين

__________________

(١) تاريخ دمشق : ج ٥١ ، ص ١٠٠.

(٢) المصدر السابق : ج ٥١ ، ص ١٠٩.

(٣) المصدر السابق : ج ٥٢ ، ص ٣٦٨.

(٤) المصدر السابق : ج ٥٣ ، ص ٣٠٥.

(٥) المصدر السابق : ج ٥٤ ، ص ٢٠١.

١٤٢

الأصغر بن علي زين العابدين ، له عقب بصيدا (١).

٢٧ ـ محمد بن المعافى بن أحمد بن محمد بن بشير بن أبي كريمة ، أبو عبد الله الصيداوي : من أهل صيدا ولعله سكن بيروت فنسب إليها ، روى عنه : أبو يعلى عبد الله بن محمد بن حمزة ، ومحمد بن جعفر بن محمد الصيداويان ، ومحمد بن إبراهيم بن أسد العنزي الصوري المؤدّب ، وأحمد بن محمد بن أحمد بن جميع كان حيا سنة ٣١٠ ه‍ (٢).

٢٨ ـ محمد بن النعمان بن نصير ، أبو بكر العبسي : إمام الجامع بصور ، حدث فيها سنة ٣٥٣ ه‍ عن أبي عبد الرحمن بن عبد الجبار الصوري وأبي عبد الملك محمد بن أحمد بن عبد الواحد بن عبدوس الصوري ، روى عنه شهاب بن محمد بن شهاب الصوري (٣).

٢٩ ـ محمد بن يوسف بن صبح الصيداوي [حيا ٣٢١ ه‍ / ٩٣٣ م] : حدّث عن إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن أبي البختري الصيداوي بصيدا سنة ٣٢١ ه‍ (٤).

ب ـ نزلاء جبل عامل :

١ ـ أحمد بن محمد بن أحمد ، أبو بكر المصيصي الصيداوي [حيا ٣٥٩ ه‍ / ٩٦٩ م] : أصله من المصيصة بسوريا ، نزل صيدا فنسب إليها وحدّث بها سنة ٣٥٩ ه‍ ويبدو أنّه كان قاضيا بها ، ذكره الشدياق وقال إنّ

__________________

(١) الفخري : ص ٦٩ والمصهرج هو الذي مدحه المتنبي.

(٢) المعجم الصغير : ج ١ و ٢ ، ص ٣٥٠ ، تاريخ دمشق : ج ٥٦ ، ص ١٢ ، تاريخ الإسلام (٣٠١ ـ ٣٢٠) ، ص ٣٣٥ ، شذرات الذهب : ج ٣ ، ص ٤٨.

(٣) تاريخ دمشق : ج ٥٦ ، ص ١٣٠ ، تاريخ الإسلام (٣٥١ ـ ٣٨٠) ص ٩٦.

(٤) معجم الشيوخ : ص ١٤٨.

١٤٣

لديه إثباتا بخطّه بتاريخ ٣٦٣ ه‍ يتضمّن نسب آل منذر اللخميين أمراء الغرب وبيروت (١).

٢ ـ خيثمة بن سليمان بن حيدرة : تقدّمت ترجمته سابقا ، راجع صفحة ١٠٨.

٣ ـ علي بن محمد بن أبي سليمان أيوب بن حجر ، أبو الطيب الرقي ثم الصوري من الرقّة ، ولد سنة ٢٤٠ ه‍ ، سمع بدمشق وطرابلس وصور من أبيه ومحمد بن محمد بن مصعب الصوري. روى عنه أبو عمرو أحمد بن محمد بن مزاحم الصوري وأبو الحسين بن جميع (٢).

٤ ـ محمد بن أحمد بن مفرّج القرطبي ، أبو عبد الله [حيا ٣٣٧ ه‍ / ٩٤٨ م] رحل سنة ٣٣٧ ه‍ وسمع الحديث بصيدا والرملة وصور (٣).

٥ ـ محمد بن إسماعيل ، أبو بكر المرثدي [ت ٣٤٩ ه‍ / ٩٦٠ م] : ولّي قضاء دمشق ، ثم ولّي قضاء صيدا وتوفّى بها سنة ٣٤٩ ه‍ (٤).

٦ ـ محمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن ذكوان ، أبو طاهر البعلبكي [٣٦٠ ه‍ / ٩٧٠ م] : من أهل بعلبك ، ولد فيها سنة ٢٦٤ ه‍ ، وانتقل إلى صيدا وسكن فيها ، وعلّم القرآن على باب مسجدها ، روى عنه أبو الحسين بن جميع ، وابنه أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن جميع ، توفى سنة ٣٥٤ ه‍ (٥).

__________________

(١) معجم الشيوخ : ص ١٨١ ، ١٨٢ ه‍ ، تاريخ دمشق : ج ٥ ، ص ١٨٤ ، تهذيب تاريخ دمشق : ج ١ ، ص ٢٤٢.

(٢) المصدر نفسه : ص ٣٢٥ ، تاريخ بغداد : ج ٣ ، ص ٣٣١ ، تاريخ دمشق : ج ٤٣ ، ص ١٧٥ ، تاريخ الإسلام : (٣٢١ ـ ٣٣٠) ص ٣٠٨.

(٣) نفخ الطيب : ج ٢ ، ص ٤٢١.

(٤) تاريخ دمشق : ج ٥٢ ، ص ١١٥ ، ١١٦.

(٥) معجم الشيوخ : ص ١١٤ ، تاريخ دمشق : ج ٥٣ ، ص ١١٤ ، العبر : ج ٢ ، ص ٣١٨.

١٤٤

٧ ـ محمد بن عبد الرحمن بن زياد ، أبو جعفر الأصبهاني الحافظ [ت ٣١٧ ه‍ / ٩٢٩ م] رحل إلى بلاد الشام وسمع بالشام ، كما سمع بمدينة صور من أبي الميمون أيّوب بن محمد بن سليمان ، توفّى سنة ٣١٧ ه‍ (١).

٨ ـ محمد بن علي بن راشد الطبري : نزيل صور ، روى عنه أبو عبد الله الهروي المتوفى سنة ٣٣٠ ه‍ (٢).

٩ ـ محمد بن مكرز القرشي [حيا ٣٦٢ ه‍ / ٩٧٢ م] حدّث بصيدا سنة ٣٦٢ ه‍ (٣).

١٠ ـ محمد بن موسى بن حبشون ، أبو بكر المراغي ثم الطرسوسي [حيا ٣٦٢ ه‍ / ٩٧٢ م] : أمير الساحل ، حدّث بصيدا سنة ٣٦٢ ه‍ ، سمعه أبو الحسين بن جميع والسكن بن جميع ، روى حديثا عن جابر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : رأيت على باب الجنّة مكتوبا «لا إله إلّا الله ، محمد رسول الله ، علي أخو رسول الله عليه» (٤).

١١ ـ محمد بن موسى بن عبد الرحمن المقري ، أبو العباس : من أهل دمشق ، سكن صور ، وقرأ القرآن على عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان ، روى عنه محمد بن أحمد الدجواني سنة ٣٠٦ ه‍ (٥).

١٢ ـ محمد بن نصر الطبري ، أبو صادق [حيا ٣٥٩ ه‍ / ٩٦٩ م] :

__________________

(١) تاريخ دمشق : ج ٥٤ ، ص ٨١.

(٢) المصدر السابق : ج ٥٦ ، ص ٣٠٦.

(٣) تاريخ الإسلام : (٤٢١ ـ ٤٤٠) ص ٤٤٦.

(٤) معجم الشيوخ : ص ١٤٣ ، تاريخ دمشق : ج ٥٦ ، ص ٧٢.

(٥) تاريخ دمشق : ج ٥٦ ، ص ٧٦. ، تاريخ الإسلام : (٣٠١ ـ ٣٢٠) ، ص ٢٢٠.

١٤٥

سكن صيدا وحدّث بها سنة ٣٥٩ ه‍ ، روى عنه من أهلها أبو الحسين بن جميع وابنه السكن (١).

١٣ ـ محمد بن النعمان بن نصير ، أبو بكر العبسي [حيا ٣٥٣ ه‍ / ٩٦٤ م] : إمام الجامع بصور ، حدّث فيها سنة ٣٥٣ ه‍ ، عن أبي عبد الرحمن بن عبد الجبار بن محمد بن الصوري ، وأبي عبد الملك محمد بن أحمد بن عبد الواحد بن عبدوس الصوري ، روى عنه شهاب بن محمد بن شهاب الصوري (٢).

__________________

(١) معجم الشيوخ : ص ١٤٦ ، تاريخ دمشق : ج ٥٦ ، ص ١١٧ ، تاريخ الإسلام : (٤٢١ ـ ٤٤٠) ، ص ٤٤٦.

(٢) تاريخ دمشق : ج ٥٦ ، ص ١٣٠.

١٤٦

عاملة في العصر الفاطمي

[٣٦٣ ـ ٥١٨ ه‍] [٩٧٣ ـ ١١٢٤ م]

١٤٧
١٤٨

أولا : السيطرة الفاطمية على جبل عامل

[٣٦٣ ه‍ / ٩٧٣ م]

خضعت جميع المدن والقرى العاملية للحكم الفاطمي في سنة ٣٦٣ ه‍ إلّا أنّ هفتكين الشرابي التركي حاكم دمشق حاول إعادتها وغيرها من بلاد الشام لسلطته ، وكانت صيدا وصور ومنطقتهما ولايتين مستقلّتين عن جندي الأردن ودمشق. وكان والي صيدا يومذاك عبيد الله بن الشيخ ، أبو الفتح وهو الحفيد الثالث لعيسى بن الشيخ مؤسس هذه الأسرة في صيدا وصور وجميع الجبل العاملي وفلسطين في العصر العباسي. ويبدو أن أبا الفتح قدّم ولاءه للدولة الفاطمية مبكرا ، فأقرّه الخليفة المعزّ في ولايته وأصبح يعرف بأنه صاحب صيدا ، وكان من أمراء جبل صيدا الشمالي الأمير تميم الأرسلاني ، وتربطه بابن الشيخ علاقة مميّزة.

١ ـ السجل الأرسلاني السادس [٣٦٣ ه‍ / ٩٧٣ م]

كاتب هذا السجل أبو بكر أحمد بن محمد الكندي القاضي ، يقول : «السجل الأرسلاني السادس المؤرّخ في رجب سنة ٣٦٣ ه‍ / ٩٧٣ م ... أمرني الأمير الكبير ، الأمير عزّ الدولة أبو مطوع تميم ، أمير صيدا وبيروت والغرب ، ابن المرحوم الأمير سيف الدولة تميم المنذر ، ابن المرحوم الأمير

١٤٩

أبي الحسام النعماني الأرسلاني المنذري ، أن أكتب له بسجل من توفّى وولد سلالته الكريمة ... [كاتب السجل] الفقير أبو بكر أحمد بن محمد الإصطخري الصيداوي ، وشهد الفقير أبو مسعود صالح بن أحمد بن محمد الميانجي بن القاسم الميانجي ، شهد الفقير خادم العلم والحديث بثغر صيدا الحسن بن محمد بن أحمد بن جميع عفى عنه ، وشهد سليم بن وهبون بن دحية الصوري ، وشهد أبو النور مصطفى بن محمد بن شعثة الصيداوي ، وشهد الحسن بن محمد بن نصر الصيداوي ، وشهد مسرد بن علي الأملوكي غفر الله لهم أجمعين» (١).

٢ ـ معركة صيدا [٣٦٤ ه‍ / ٩٧٤ م]

رأى هفتكين أن الفرصة مؤاتية ليقوم بتوسيع حكمه في ساحل الشام فاختار مهاجمة صيدا لينتقم من خصمه ظالم بن موهوب العقيلي الذي كان يقيم فيها بعد فراره من بعلبك (٢) ، فنازلها بمن اجتمع معه من الأتراك وغيرهم ، فتصدّى له وإليها أبو الفتح ابن الشيخ ومعه رؤساء ومشايخ من المغاربة وظالم العقيلي برجاله من العرب ، وقاتلوه أشدّ القتال ، وكتبوا إلى الأمير التنوخي تميم بن المنذر ليساعدهم برجاله ، وفيما كان يتجهّر للخروج إليهم ، خالفه ابن عمه الأمير درويش بن عمرو وانحاز إلى جانب هفتكين (٣).

ولمّا عجز هفتكين عن اقتحام صيدا أمام كثرة المدافعين عنها ، وامتناعهم بحصنها ، أعمل الحيلة والخداع ، فأظهر أنّه جزع من جموعهم

__________________

(١) السجل الأرسلاني : ص ٧٦ و ٧٧.

(٢) جاء في أخبار الأعيان ج ٢ ، ص ٣٥٤ : «فانهزم ابن مرهوب واختبأ عند الأمير تيمم وكتب ابن مرهوب إلى المعزّ يخبره فأمره أن يسمن في صيدا».

(٣) أخبار الأعيان : ج ٢ ، ص ٣٥٥.

١٥٠

وتراجع عن مقاتلتهم ، فبادر المدافعون عنها إلى الخروج من باب المدينة للّحاق به ، لكن ظالما العقيلي فطن بخبرته وتمرّسه في الحروب لمكر هفتكين ونبّه أصحابه إلى أنّ في الأمر مكيدة ، وأنّ هدف هفتكين هو استدراجهم إلى خارج الحصن والمدينة ، ولكن تحذيره لم يلق آذانا صاغية ، بل إنّ أحد رؤساء المغاربة وشيوخهم ويدعى ابن كرامة المغربي اتّهمه بأنّه دسيس على أمير المؤمنين (١).

ووقع ما توقّعه «ظالم» ، فقد استدرج هفتكين المدافعين عن صيدا بعيدا عنها لعدّة أميال ، حتّى وصل إلى نهر (٢) في الجنوب منها ، وأمر ساقة العسكر أن يطلبوا طريق بانياس ، فطمع فيهم من في المدينة وخرج خلق كثير منهم ، ورماه المغاربة بحرابهم ، فانعطف عليهم وفاجأهم برجاله ، فلقوهم بالصدور فانهزموا وأخذهم السيف ، ولم يسلم منهم إلّا المخفّ ، فقتل شيخ المغاربة ابن كرامة وانهزم ابن الشيخ وظالم فقيل إنّ ظالما انهزم إلى صور (٣) ، وقيل إنّه التجأ مع ابن الشيخ إلى أمير الغرب عزّ الدولة تميم بن المنذر فسار بهما إلى شقيف تيرون للاحتماء به من هفتكين (٤).

وأحصي القتلى بعد انتهاء الموقعة ، فبلغوا أربعة آلاف رجل فقطعت رؤوسهم وحملت إلى دمشق ، فطيف بها في الأسواق ثم نصبت (٥). وقصد

__________________

(١) لبنان من السيادة الفاطمية حتّى السقوط بيد الصليبيين : ج ١ ، ص ٢٨ نقلا عن الدرة المضيئة : ص ١٧٦ ، وقد اعتمدت في الحديث عن هذه المعركة على صيغة الدكتور تدمري.

(٢) يحتمل الدكتور تدمري أنّه نهر سينيق.

(٣) ذيل تاريخ دمشق : ص ١٥ ، اتعاظ الحنفا : ج ١ ، ص ٢٣٩.

(٤) أخبار الأعيان : ج ٢ ، ص ٣٥٥.

(٥) الكامل : ج ٥ ، ص ٥١٧ و ٥١٨ ، تاريخ الإسلام : (٣٨١ ـ ٤٠٠) ، ص ١٩٦ ، سير أعلام النبلاء : ج ١٧ ، ص ٥٣ ، اتّعاظ الحنفاء : ج ٢ ، ص ١٨.

١٥١

هفتكين طبرية بعد هذه المعركة وفعل فيها من القتل والنهب مثل صيدا (١).

وعندما حاصر جوهر دمشق أرسل إلى الأمراء المتحصنين في شقيف تيرون فجاؤوه ، فأنزل ظالما بعسكره خارج خندق عظيم احتفره حول معسكره (٢). لكن سرعان ما انسحب القائد جوهر على أثر أخبار جاءته عن قرب وصول القرامطة إلى دمشق ، ولمّا رجع بالجيوش إلى مصر رافقه الأمير تميم وابن الشيخ صاحب صيدا والأمير ظالم فأقاموا في القاهرة سنة ٣٦٦ ه‍ (٩٧٦ م (٣).

وعلى أثر الفتن التي أثارها هفتكين والقرامطة في بلاد الشام قرّر الخليفة العزيز بالله أن يخرج بنفسه لإعادة بسط الحكم الفاطمي في بلاد الشام. وكانت الموقعة الحاسمة في مدينة الرملة لسبع بقين من شهر المحرم ٣٦٨ ه‍ التي انتصر فيها الفاطميون انتصارا ساحقا وقد اشترك في هذه الموقعة إلى جانب الخليفة : الأمير تميم وابن الشيخ صاحب صيدا (٤).

٣ ـ شعراء من صور

أ ـ أبو القاسم ال صوري

شاعر كان ينظم الشعر بالبداهة ، ذكره أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ببغداد ، قال : أنشدت أبا القاسم الصوري بيتين ، كان أبو عبد الله عمر بن يحيى ادعاهما لنفسه في مجلس المهلبي الوزير ، فأنكر أبو الفرج الأصبهاني ذلك ، وأخرجهما في أناشيد ثعلب وهما :

__________________

(١) الكامل : ج ٥ ، ص ٥١٧.

(٢) اتّعاظ الحنفا : ج ١ ، ص ٢٤٠.

(٣) السجل الأرسلاني : ص ٨١ ، أخبار الأعيان : ج ٢ ، ص ٣٥٥.

(٤) أخبار الأعيان : ج ٢ ، ص ٣٥٥.

١٥٢

أقول لها إذ بتّ في أسر قومها

وجامعتي عن منكبيّ تضيق

لما سرني أن بت عني بعيدة

وأنّي من هذا الإسار طليق

ثم قلت له : أهما أحسن أم بيتان عملتهما في المعنى وهما :

أقول لها والحيّ قد نذروا بنا

ومالي من أسر المنون براح

لما ساءني أن وشحتني سيوفهم

وأنك لي دون الوشاح وشاح

فأمسك ساعة ولم يجب ، ثم عمل في الحال وأنشدنيه (١).

ألا مرحبا بالأسر يا أم مالك

وجامعتي والقدّ منه قريني

إذا كنت في كسر الخباء قريبة

تحسّين مني لوعتي وأنيني

وعمل أيضا في الحال وأنشدنيه :

أقول وقد هزّ القنا لي قوامها

ومالي من بين الأسنة مذهب

ألا ليت نحري للأسنة ملعب

وكفّي في نحر ابنة القوم يلعب (٢)

ب ـ محمد بن أبي ربيع ال صوري

ذكره المرزباني المتوفّى سنة ٣٧٨ ه‍ وله :

إذا ضاقني همّ فبتّ مؤرّقا

كأن الحشا تكوى بنار من الأسى

تذكّرت بيتا لامرىء القيس سائرا

أصاب به عين الصواب مقرسا

فلو أنها نفس تموت سويّة

ولكنها نفس تساقط أنفسا

وله :

حبيب تحمّلت إذلاله

ولم أحمل الضّيم إلّا له

عصيت العواذل في حبّه

وخان فطاوع عذّاله

__________________

(١) من هنا أشعار الصوري ، ويبدو أن الجوهري اجتمع به في مدينة صور.

(٢) بدائع البدائة : ص ٣٥١ ، وذكره الباخرزي في دمية القصر الصروي.

١٥٣

لئن فاز بالصبر قلب امرىء

فطوبى لقلبي طوبى له (١).

ثانيا : المقدسي في جبل عامل

[٣٧٥ ـ ٣٨٠ ه‍] [٩٨٥ ـ ٩٩٠ م]

في بدايات العصر الفاطمي ، برز التشيّع بأجلى صوره في أرض عاملة وفلسطين والأردن ، وهذا لا يمكن أن يحدث في سنوات قلائل لأن التشيّع في هذه المناطق قديم الجذور ، يعود إلى الأيام الأولى من الفتح الإسلامي ، وقد ساهم أبو ذر وأصحاب الإمام علي عليه‌السلام على نشر مذهب الموالاة لعلي عليه‌السلام وأبنائه من بعده.

وعندما مرّ البشاري المقدسي (٢) في جبل عامل ما بين سنتي ٣٧٥ ه‍ و ٣٨٠ ه‍ ، صرح بأن مذهب أهل هذا الإقليم وما يجاوره هو التشيّع. يقول : «واليوم أكثر العمل على مذهب الفاطمي» (٣) ويقول أيضا : «مذاهبهم مستقيمة أهل جماعة وسنّة ، وأهل طبرية ونصف نابلس وقدس وأكثر عمان شيعة» (٤).

ثم يتحدّث عن جبل عامل فيقول : «جبل عاملة ذو قرى نفيسة وأعناب وأثمار وزيتون وعيون ، المطر يسقي زروعهم ، يطلّ على البحر ويتّصل بجبل لبنان» (٥).

__________________

(١) معجم الشعراء : المرزباني ، ص ٤٥٦.

(٢) البشاري المقدسي : هو محمد بن أحمد بن البناء ، أبو عبد الله ، سنيّ اعتنق المذهب الشيعي ، توفي سنة ٣٨٠ ، راجع كلام محقّق كتابه ، أحسن التقاسيم : ص ١٢.

(٣) أحسن التقاسيم : ص ١٥٤.

(٤) المصدر السابق : ص ١٥٣.

(٥) المصدر السابق : ص ١٤١ ، ويقول : «خير العسل ما رعى السعتر بإيليا وجبل عاملة» ص ١٥٨.

١٥٤

ويتحدّث عن الطريق بين المدن والقرى العاملية فيقول : «تأخذ من الجش إلى صور مرحلة ، ومن صور إلى صيدا مرحلة ، ومن صور إلى قدس أو إلى مجدل سلم بريدين ، ومن مجدل سلم إلى بانياس بريدين» (١).

١ ـ جند الأردن

يقول : «وأما الأردن فقصبتها طبرية ومن مدنها : قدس ، صور ، عكا ...» (٢).

أ ـ صور :

يقول : «صور : مدينة حصينة على البحر ، بل فيه ، يدخل إليها من باب واحد على جسر (٣) واحد ، قد أحاط البحر بها ، ونصفها الداخل حيطان ثلاثة بلا أرض ، تدخل فيه المراكب كلّ ليلة ثمّ تجر السلسلة التي ذكرها محمد بن الحسن في كتاب الأكراه ، ولهم ماء يدخل في قناة معلقة (٤) ، وهي مدينة جليلة نفيسة بها صنائع ، ولهم خصائص ، وبين عكا وصور شبه خليج ، ولذلك يقال : عكا حذاء صور ، إلا أنك تدور» (٥).

ثم يتحدّث عن الصناعات في صور ، فيقول : «ومن صور السكر والخرز والزجاج المخروط والمعمولات» (٦).

__________________

(١) أحسن التقاسيم : ص ١٦٤.

(٢) المصدر السابق : ص ١٣٦.

(٣) لا آثار ـ حاليا ـ لجسر في مدخل صور القديمة.

(٤) هذه القناة تمتدّ من برك رأس العين ، أو ما كان يعرف سابقا بآبار سليمان عليه‌السلام ، أو آبار جنّات ، وتتّجه شمالا إلى مقام النبي المعشوق ثم تنحدر غربا باتّجاه مدينة صور. ولا تزال آثارها ماثلة للعيان.

(٥) أحسن التقاسيم : ص ١٤٢.

(٦) المصدر السابق : ص ١٥٤.

١٥٥

ويتحدّث عن المكاييل فيها : «وقفيز صور مدى إيليا وكيلجتهم صاع» (١).

ويتحدّث عن مينائها ومياهها : «وميناء صور وعكّا من العجائب» (٢) ويقول : «وماء صور يحصر» (٣).

ب ـ قدس :

يقول : «قدس : مدينة صغيرة على سفح جبل كثيرة الخير ، رستاقها جبل عاملة ، بها ثلاث عيون شربهم منها ، وحمّامهم واحد تحت البلد ، والجامع في الطرق فيه نخلة ، وهو بلد حار ، ولهم بحيرة على فرسخ تصب إلى بحيرة طبرية ، قد عمد إلى النهر فسجر ببناء عجيب حتّى يتبحّر ، إلى جنبها غابة حلفاء رفقهم منها ، أكثرهم ينسجون الحصر ويفتلون الحبال ، وفي البحيرة أنواع من السمك منه البنيّ حمل من واسط» (٤).

ج ـ جبل صديقا [تقاليد شيعية]

يقول : «وأما الجبال الشريفة فجبل زيتا ... وجبل صديقا بين صور وقدس وبانياس وصيدا ، ثم قبر صديقا ، عنده مسجد له موسم يوم النصف من شعبان ، يجتمع إليه خلق كثير من هذه المدن ، ويحضره خليفة السلطان ، واتّفق وقت كوني بهذه الناحية يوم الجمعة من النصف من شعبان ، فأتاني القاضي أبو القاسم بن العباس ، حتّى خطبت بهم فبعثتم في الخطبة على عمارة ذلك المسجد ، ففعلوا وبنوا منبرا. وسمعتهم يزعمون أن الكلب يعدو

__________________

(١) أحسن التقاسيم : ص ١٥٦.

(٢) المصدر السابق : ص ١٦٠.

(٣) المصدر السابق : ص ١٥٨.

(٤) المصدر السابق : ص ١٤١.

١٥٦

خلف الوحش ، فإذا بلغ ذلك الحد ، وقف. وما يشبه هذه من الحكايات ، وأما جبل لبنان فهو متّصل بهذا الجبل» (١).

من خلال هذا النص تظهر التقاليد الشيعية في جبل عامل ، فالاحتفال في النصف من شعبان ، وحتّى اسم القاضي يدلّان على خلفية عقائدية شيعية. ولكن أين هو قبر صديقا؟ ومن هو هذا النبي؟

يقول السيد الأمين : «صديق ... قرية خربة قرب تبنين من شرقيها على رأس جبل فيها قبر عليه قبّة يعرف صاحبه بصديق ، وبه سميت القرية وفيها مسجد خراب ومحرابه باق» (٢).

فموقع جبل صديقا بين صيدا وصور وقدس وبانياس كما يقول المقدسي وهذا يعني أنّه في وسط جبل عامل ، وهو قرية صديق قرب تبنين التي ذكرها السيد الأمين ، والمنبر والمسجد فيها يعود تاريخ بنائهما إلى فترة كتابة المقدسي لكتابه أي بين سنة ٣٧٥ و ٣٨٠ ه‍.

وأما صديقا النبي ، فقد ذكره بنيامين التطيلي ، وهو يهوديّ ، زار بلاد الشام وجبل عامل في فترة الحروب الصليبية أي حوالي سنة ٥٦١ ه‍ وتحدّث عن تبنين فقال : «هي بلدة تمنة الواردة في التوراة ... وبها قبر شمعون الصديق» (٣).

ويعلق عبد الرحمن عبد الله الشيخ محقق كتاب رحلة بنيامين على هذا النص فيقول : شمعون الصديق هو شمعون بن قنطروس الكاهن الأعظم.

__________________

(١) أحسن التقاسيم : ص ١٦٢.

(٢) خطط جبل عامل : ص ٣٠٢.

(٣) رحلة بنيامين التطيلي : ص ٢٦٦.

١٥٧

خدم في هيكل القدس على عهد الملك أغريباس [٣٠ ق. م] وهو غير شمعون الصدّيق الذي عاش في زمن الإسكندر ، فإن قبر هذا الأخير معروف ، وموقعه على بعد ميل واحد من القدس باتجاه باب الشام (١).

٢ ـ جند دمشق

يقول المقدسي : «وأما دمشق فاسم القصبة أيضا ومدنها بانياس ، صيدا ، بيروت ...» (٢).

أ ـ صيدا

يذمّ المقدسي اللهجة التي يتحدّث بها أهل صيدا ، فيقول : «ولا أوحش من لسان صيدا وهراة» (٣).

ثالثا : جبل عامل بين [٣٨٣ ـ ٣٩٤ ه‍] [٩٩٣ ـ ١٠٠٣ م]

١ ـ صور وصيدا [٣٨٣ ه‍ / ٣٩٣ م]

بعد أن سيطر الفاطميون على دمشق. وجّه «العزيز» اهتمامه نحو حلب. فأمر منجوتكين بالمسير بجيشه للاستيلاء عليها ، فكتب إلى الأمير تميم بن المنذر يدعوه للخروج معه فتأخّر عنه ؛ واستجاب لدعوته الأمير ناصر الدولة منصور بن درويش وإخوته. فأنعم عليه بإمارة بيروت وجبل الغرب ، وعلى أخيه الأمير مذحج بن درويش بولاية صيدا ، وعلى ابن عمّه الأمير هارون بن الأمير حمزة بن الأمير سعد بن الأمير حسين بولاية

__________________

(١) رحلة بنيامين التطيلي : ص ٢٦٦ ه‍.

(٢) أحسن التقاسيم : ص ١٣٦.

(٣) المصدر السابق : ص ٤٢.

١٥٨

صور (١). وفي سنة ٣٨٦ ه‍ كان الوالي على صيدا الأمير غالبا بن مسعود بن المنذر فيما استمرّ الأمير هارون بن حمزة واليا على صور إلى سنة ٣٨٧ عندما صرفه والي دمشق عنها وولى فحلا الكتامي عليها (٢) ، وفي هذه السنة عاد أبو الفتح عبيد الله بن الشيخ واليا على مدينة صيدا. واشترك في القضاء على ثورة علاقة في صور.

٢ ـ ثورة علاقة [٣٨٨ ه‍ / ٩٩٨ م]

في سنة ٣٨٧ ه‍ ثار أهل دمشق ضد القائد سليمان بن جعفر والحكم الشيعي الفاطمي ، وتغلب الأحداث عليها برئاسة رجل منهم يعرف ب الدهيقين (٣). كما نزل المفرج بن دغفل بن الجراح الذي كان يصاهر الأمير التنّوخي منصور بن درويش على مدينة الرملة وأطلق يد العبث في البلاد. فاستغلّ الأمبراطور باسيل الثاني هذه الاضطرابات التي تشهدها بلاد الشام ، فراح يبذل جهده لتأليب أصحاب مدن الشام على الخليفة الفاطمي ليبثّ الفرقة بين القوى الإسلامية.

وخرج على الحاكم أيضا بصور رجل خارجي يعرف بعلاقة وتغلب عليها واجتمع إليه أحداثها ورعاعها ، وضرب السكّة باسمه ونقش عليها هكذا : «عز بعد فاقة للأمير علّاقة» واستنجد بباسيل الثاني وضمن له تسليم البلد إليه ، فسيّر إليه بنجدة في البحر (٤).

وكانت جيوش الحاكم قد سارت إلى دمشق مع جيش بن محمد بن

__________________

(١) السجل الأرسلاني : ص ٨٤ ، ٨٥ ، أخبار الأعيان : ج ٢ ، ص ٣٥٦ ، لبنان في عهد الأمراء التنّوخيين : ص ٥٣.

(٢) أخبار الأعيان : ج ٢ ، ص ٣٥٦ ، لبنان في عهد الأمراء التنّوخيين : ص ٥٤.

(٣) تاريخ الأنطاكي : ص ٢٤٠ ، لبنان من السيادة الفاطمية : ج ١ ، ص ٤٨.

(٤) المصدر نفسه : ص ٢٤٠.

١٥٩

الصمصام للقاء الدمشقيين والدّهيقين المتغلّب عليها. فصار الدهيقين إلى مصر متطوّعا فخلع عليه وعفي عنه (١).

وبعد أن قضى ابن الصمصامة على التمرّد في الرملة انتدب كلّا من أبي عبد الله الحسين بن ناصر الدولة الحمداني وفائق الخادم الصقلبي الذي كان على الأسطول في ساحل الشام مع جماعة من العبيد ، لمنازلة صور ، وأنفذ إليها نحو عشرين مركبا حربية مشحونة بالرجال قدمت من مصر يقودها العكبري المنجم. وكتب إلى قاضي طرابلس علي بن حيدرة ليسير بأسطولها لحصار صور ، وكتب إلى عبيد الله بن الشيخ والي صيدا بمثل ذلك ، وإلى جماعات أخرى من الجهات ، بحيث اجتمع الخلق الكثير على باب صور (٢).

وأرسل الملك باسيل إليه عدّة مراكب مشحونة بالرجال المقاتلة ، وعند ما وصلت إلى ساحل صور تصدّت لها السفن الفاطمية ودارت معركة احتدم فيها القتال الشديد ، فظفر المسلمون بالبيزنطيين واستولوا على مركب من مراكبهم ، وقتلوا جميع رجاله ، وعدّتهم مائة وخمسون رجلا وقيل مائتان ، فقتلوا عن آخرهم (٣). وانهزمت بقية المراكب البيزنطية ، فلمّا عاين أهل صور ما حلّ بمراكب البيزنطيين ضعفت نفوسهم ، وعجزوا عن دفع الجموع المحاصرة لهم برّا وبحرا ، وشعر الفاطميون بانهيار معنويات المقاتلين في صور ، فنادوهم : «من أراد الأمان من أهل الستر والسلامة فليلزم منزله» ، فلزموا منازلهم ، وتدفّق المهاجمون داخل المدينة وقبضوا على العلاقة وجماعة من أصحابه بعد أن امتنعوا في بعض الأبراج وانتهبت أموالهم وأخذ منها ما لا يعرف قدره كثرة ، وذلك في جمادى الآخرة سنة ٣٨٨ ه‍ ، وحمل

__________________

(١) تاريخ الأنطاكي : ص ٢٤١.

(٢) المصدر السابق : ص ٢٤١ ، لبنان من السيادة الفاطمية : ص ٤٩.

(٣) المصدر السابق : ص ٢٤١ ، ذيل تاريخ دمشق : ص ٥٠.

١٦٠