مآثر الكبراء في تأريخ سامرّاء - ج ٢

الشيخ ذبيح الله المحلاتي

مآثر الكبراء في تأريخ سامرّاء - ج ٢

المؤلف:

الشيخ ذبيح الله المحلاتي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدريّة
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-503-037-4
ISBN الدورة:
964-503-039-0

الصفحات: ٣٧٢

ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ومنّا المهدي. قال الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي ؛ أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، رواه صحيح الترمذي ومستدرك صحيح البخاري ، ومسلم. (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)(١) في البخاري ومسلم والطبري والنسفي ومسند أحمد وحلية الأولياء ، قالوا : يا رسول الله ، من هؤلاء القربى؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : هم عليّ وفاطمة وأولادهما».

وكتب على ضريح العسكري عليه‌السلام :

وفّق الباري لهذا عبده سلطان حسين

ادم الدين القويم كلب باب المرتضى

حبّذا مشكاة نور جاء في تاريخه

(قد وعى صندوق سرّ الله نجل المصطفى)(٢)

تاريخ نصب الشبّاك الفضّي والجسر

نصب الشبّاك الفضّي على المرقد الشريف للعسكريّين عليهما‌السلام في شهر صفر سنة ١٣٦٠ وكان بادئ الأمر منصوبا على مرقد سيّدنا أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام فلمّا بدل بالجديد حمل العتيق إلى سامرّاء بعد إصلاحه ، وكان الحجّة الميرزا محمّد الطهراني يبذل جهده حتّى اليوم لتكميله وتزيينه كما أنّه كان يرغب عقد جسر على شطّ سامرّاء فلم يزل يراجع في شأنه الدوائر المختصّة الحكوميّة ببغداد ويرسل بعض أشراف بغداد لتلك الغاية حتّى أدخل ذلك في ميزانيّة الدولة ، فلمّا أنشئ جسر ثابت على دجلة ببغداد أمر بنقل الجسر العتيق إلى سامرّاء فعقد على الشطّ بعد ترميمه وإصلاحه فمشت عليه المارّة يوم الثلاثاء الثامن عشر من جمادى الأولى سنة ١٣٥٩.

__________________

(١) الشورى : ٢٣.

(٢) مطابقة لسنة ١١٠٩.

١٢١

سدانة الروضة البهيّة ووقوع السرقات فيها

كنّا قد ذكرنا في المجلّد الأوّل أنّ معزّ الدين أحمد بن بويه رتّب القوام والسدنيّة للبقعة المطهّرة ومن عرف مذهب معزّ الدولة علم أنّ أيّ فريق عيّن ورتّب منهم. قال العلّامة السماوي دام وجوده :

وصار ترميم البنا إذ انهدم

لمن بتلك الدار من باقي الخدم

وقد رأى الرضي شيخا قد أسن

وكان خادما لمولانا الحسن

كانت السدانة بيد من في الدار ومنهم قيّم يداري ويخدم إلى سنة ٣٢٨ ، فلمّا دخل معزّ الدولة سامرّاء زائرا سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة رتّب القوام والسدنة لأنّ أهل الدار انتشروا في الأرض خوفا على أنفسهم كما سيأتي أخبار المعتضد والمعتمد.

وحدّثني العلّامة الخبير الحجّة السيّد حسن الصدر قدس‌سره قال : كانت سدانة الحرم الشريف بيد جماعة من سادات (ماهي دشت) وهي من أعمال كرمانشاهان فوقع بينهم وبين أهالي سامرّاء مشاجرة أدّت إلى جلائهم من سامرّاء ، وتزوّج السيّد علي الذي كان من عشيرة «صالح الشيخ» امرأة منهم وكان السيّد علي يتشيّع فلمّا هاجروا من سامرّاء بقي السيّد علي مع زوجته في سامرّاء وأخذ السدانة ، فلمّا توفّي قام بهذا الخطير ابنه المرحوم السيّد حسن ، وكان حسن السيرة ليّن العريكة خدوما متواضعا وكان فيه تشيّع كأبيه ، ثمّ إنّه توفّي فجأة في ربيع الأوّل سنة ١٣٥٤ ودفن في الرواق فقام بأمر السدانة ولده الأكبر السيّد بهاء الدين فحسده على هذا المنصب الشريف بعض عشائر سامرّاء وأرادوا إظهار عدم كفايته وضعف قابليّته لهذا الأمر الخطير فجاء بعض شرارهم في ليلة الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة ١٣٥٥ وصعد على سطح الروضة المنوّرة وقلع من صفايح ذهب القبّة المنوّرة خمسا وعشرين طابوقة.

١٢٢

فلمّا علمت الحكومة المحلّيّة أخذت في البحث والتفتيش وقد اتّهموا بعض أبناء الشيعة بزعم أنّ مفتاح باب المأذنة كان عند مؤذّنهم فحسبوا جماعة من الأبرياء فطال حبسهم أربعين يوما. فلمّا علمت الحكومة براءتهم من ذلك أطلقتهم ، ثمّ إنّهم ليلة الثامن من المحرّم سنة ١٣٥٦ نهبوا أربع صفحات من الذهب وهي التي كانت أبواب الحرم الشريف مرصّعة بها واثنين من «الشمع دانات» وهما اللتان أحدتهما أمّ السلطان عبد الحميد العثماني لحضرة العسكريّين عليهما‌السلام وكان طول كلّ واحد منهما خمسة أشبار ويتضمّن كلّ واحد منهما تسعين كيلوا من الفضّة مطرّزة بالذهب على بديع شكل وألطف صنعة ، فعلمت الحكومة أنّ المناسات والعداء الواقع بين العشائر أدّى إلى هذا الأمر. وقيل : كان السارق معلوما ولكن السياسة الحاضرة منعت من عقابه.

وذكر العلّامة الخبير السيّد محسن العاملي في أعيان الشيعة في آخر سيرة الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ، هذه السرقة كما أنّ العلّامة السماوي ذكرها في وشايح السرّاء (١) بقوله :

وقد درى كلّ بني الزمان

أن سرقت هناك لوحتان

من ذهب القبّة ذات الشرف

فذهب السارق منها وخفي

وأتبعت بعد بصفحتين

من بابها المصبوغ من لجين

ومعهما من اللجين مسرجه

توضع فيها لا شمعة المؤجّجه

وكان ما بينهما نصف سنه

وخفى السارق وهي بيّنه

فاضطربت بالتهم الأوهام

وظنّ أنّ السارق القوام

إذ وقع الخلف لدى الإخوان

من يخزن الجنان عن رضوان

__________________

(١) وشايح السرّاء : ٢٥.

١٢٣

وفاز بعضهم ومن لم يفز

ظنّ به يرى ظهور المعجز

وظنّ أيضا أنّ بعض الشيعه

أراد في قوامها الوقيعه

فقال قوم أين عنها المعجز

مسخرة منهم بذاك وهزو

فلم يمرّ الشهر إلّا وجدا

حمل ببغداد به ما فقدا

مرّ به سارقه في الجسر

فشعّ منه ضوء ذاك التبر

وفتّشوا إذ اللجين والذهب

ما زال منه صوغه وما ذهب

وبرئ المتهمون أجمع

ممّا بهم ظنّوا ومما شنّعوا

وعرف اللصّ الذي كان انتشل

بأنّه المشهور في ذاك العمل

وكان ذا في السبع والخمسينا

من رابع القرون في السنينا

من بعد ألف الهجرة الذي اشتهر

فأرّخوا (لصّ وحيد قد ظهر)

وذكر أيضا هذه السرقة بقوله (١) :

وسابع الأحداث ما قد كانا

من سرقات بعض من قد خانا

فإنّه أفقد لوحتين

تبرا وأقطاعا من اللجين

منهنّ قطعتين في الرتاج

وطعه توضع للسراج

في دفعتين أشهر بينهما

فجال فكر من عنى توهّما

أقول : حدّثني غير واحد من سكنة سامرّاء أنّ في عصر آية الله المجدّد الميرزا محمّد حسن الشيرازي رحمه‌الله نهبوا ما في خزانة العسكريّين عليهما‌السلام من الستور الثمينة وكفّ من الذهب فوجدوها في المملحة تحت صبرة الحنطة.

وسيأتي في ترجمة جعفر الذي يعرف باسم الكذّاب أنّ أوّل من نهب دار العسكريّين عليهما‌السلام وتصرّف في أمواله جعفر الكذّاب فإنّه أخذ تركته وسعى في

__________________

(١) وشايح السرّاء : ٤٠.

١٢٤

حبس جواري أبي محمّد واعتقال حلائله وجرى على مخلفي أبي محمّد بسبب ذلك كلّ عظيمة من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذلّ ، وإلى ذلك أشار العلّامة السماوي بقوله :

فأوّل الأحداث ما قد سجنوا

من السراري ما يحوز الحسن

بعلّة أن لا يكون حمل

يحرم ميراثا فيستحل

واقتسموا ما قد حوته الدار

إذ لم تبن لوارث آثار

فأصبحت نهبا بها الأثاث

كأنّها ليس لها ورّاث

ثواب عمارة المشاهد وزيارتها

روى السيّد عبد الكريم بن طاوس في فرحة الغري (١) والمجلسي في مزار البحار بالإسناد عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلّي بن أبي طالب عليه‌السلام : يا علي ، والله لتقتلنّ بأرض العراق وتدفن بها.

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قلت : يا رسول الله ، ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها؟

فقال لي : يا أبا الحسن ، إنّ الله تبارك وتعالى جعل قبرك وقبور ولدك بقاعا من بقاع الجنّة وعرصة من عرصاتها ، وإنّ الله تعالى جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عباده تحنّ إليكم وتتحمّل المذلّة والأذى فيعمرون قبوركم فيكثرون زيارتها تقرّبا منهم إلى الله ومودّة منهم لرسوله ، أولئك ـ يا علي ـ المخصوصون بشفاعتي الواردون حوضي وهم زوّاري غدا في الجنّة.

يا علي ، من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنّما أعان سليمان بن داود على بناء بيت

__________________

(١) فرحة الغري : ١٣.

١٢٥

المقدس ، ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجّة بعد حجّة الإسلام وخرج من ذنوبه حتّى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمّه ، ابشر وبشّر أولياءك ومحبّيك من النعيم وقرّة العين بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، ولكن حثالة من الناس يعيّرون زوّار قبوركم كما تعيّر الزانية بزنائها ، أولئك شرار أمّتي ، لا أنالهم الله شفاعتي ولا يردون حوضي.

قال الله تعالى : (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)(١) ولا شكّ أنّ العمارة على قبورهم وزيارتهم من أعظم شعائر الله ورعاية للحقّ وإبقاء لآثارهم وكسر لشوكة أعدائهم وإرغام لآناف المشركين ، وتبيّن من الحديث المشار إليه أنّ مرقد العسكريّين عليهما‌السلام بقعة من بقاع الجنّة وعرصة من عرصاتها وأنّ زوّارهما من نجباء خلقه وصفوة عباده المختصّين بشفاعة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الزائرين له في الجنّة الواردين حوضه ، وتبيّن أنّ عمارة مشهدهما من أعظم شعائر الله ، وتبيّن أنّه من أنكر زيارتهما أو عيّر زوّارهما فهو من شرار خلق الله ومحروم من الشفاعة وورود الحوض وهو من أرذل الناس لأنّ التعيير بالحثالة يشهد بذلك وهو الرديء من كلّ شيء.

وقد استدلّ بعض المحقّقين لوجوب العمارة على قبورهم بقوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)(٢) قال : إنّ الآية فيها إشعار بأنّ التوجّه إلى هؤلاء الأئمّة والاقتداء بهم والاستنان بسنّتهم هو البرّ فيعبد الله تبارك وتعالى ويتقرّب إليه بالتأسّي بهم ومحبّتهم والتقرّب اليهم والايتمام بهم وإطاعة أوامرهم وتذكّر أحوالهم وحضور مشاهدهم ، فإنّ كلّ ذلك

__________________

(١) الحجّ : ٣٢.

(٢) البقرة : ١٧٧.

١٢٦

ممّا يقوّي العبد ويقرّبه إلى طاعة الله تعالى ؛ فإنّ الله عزوجل يحبّ العبادة بالاجتماع كما في صلاة الجمعة والجماعة والحجّ والجهاد والاعتكاف وحضور المساجد وصلاة الاستسقاء ، ولم يشرع الرهبانيّة والاعتزال وصوم الصمت فيكون البرّ منحصرا في التوجّه إلى محمّد وآل محمّد عليه وعليهم‌السلام بل لا يمكن المعرفة والإقرار بالله تعالى إلّا بالنظر والتأمّل في آياته وعلاماته لأنّه أجلّ وأقدس من أن تدركه بغير ذلك ، كما قال الله عزوجل : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(١).

ومعلوم أنّه كلّما كانت الآية أعظم كانت المعرفة به تعالى أكمل ، وأيّ آية أعظم من محمّد وعليّ وذرّيّتهما الطاهرين ، فوجب حفظ آثارهم ونقل أخبارهم وعمارة مشاهدهم وإعلاء كلمتهم لكونهم أعلام ربّانيّة وآيات الهيّة كما قالوا : «بنا عرف الله ، وبنا عبد الله ، ولولانا ما عبد الله وما عرف الله».

ويشير إلى ما ذكرناه ما رواه الحفّاظ كالطبراني والحاكم عن ابن مسعود أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «النظر إلى عليّ عبادة» ، فإذا كان ذكر عليّ عليه‌السلام والنظر إليه عبادة فلا شكّ أنّ التوجّه به إلى الله عزوجل وتعظيم مرقده والوفود إلى مشهده للزيارة والاستشفاع به والتبرّك بضريحه من أنواع ذكره ، ولا يفرّق عاقل في النظر إلى وجهه وجسد بين كونه حيّا أو ميّتا ؛ لأنّ النظر لا يقع إلّا على الجسد ، وحيث علم المناط وهو التوجّه إليه برأفة ومودّة لم يفرّق بين النظر إلى جسده ميّتا ومرقده وقبّته ، وكلّما ينسب إليه. وكما أنّ حقوق محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين ثابتة في حال حياتهم على الأمّة فكذلك بعد موتهم ، ومن حقوقهم احترام مشاهدهم وعمارة مراقدهم وتعظيم قبابهم من غير فرق بين البقعة النبويّة وبين

__________________

(١) فصّلت : ٥٣.

١٢٧

بقاع العترة الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين ، وأيّ أثر أعظم من جسد الولي ومشهده سيّما مع ظهور النور والكرامات والبركات مرّ الدهور ، وهذا من أنفس الآيات الآفاقيّة ، فلو لم تكن هذه هي الآيات الإلهيّة فأين الآيات المرئيّة المحسوسة؟!

قال : وقد سمعت جملة من أبناء السنّة ليلة ظهور النور على قبّة العسكريّين عليهما‌السلام بسامرّاء وظهر كوكبان درّيّان على الرمّانة العالية يظهران نصف دقيقة ويغيبان نصف دقيقة بقيا كذلك ساعات ليلة الجمعة ، وشاهد ذلك جميع أهل سامرّاء من المجاورين والزائرين الشيعة والسنّة ، يقول بعضهم لبعض : «شوف شوف اشلون تظهر كرامات من قبور أئمّة الشيعة واحنه ما شفنه ولا سمعنه من قبور أئمّتنا شيء». فقال الآخر في جوابه ما حاصله : «احنه شنو هذو له أولاد رسول الله لا يقاس بهم أحد».

وكنت سنين عديدة مشرّفا في الناحية المقدّسة وشاهدت كرامات عديدة ، ولا يشكّ أحد أنّ عمارة مشاهدهم هو التعاون على البرّ والتقوى بل من أهمّ إعانة على البرّ وأجلّ معاونة على التقوى ، ولعمري إنّ ظهور هذه المعاجز وتواترها في الأعصار ألجأ بعض الأعادي أن يقصدوا إلى فنائها ويسعوا إلى تخريبها إطفاء النور الله ، ويأبى الله إلّا أن يتمّه.

وجاء في حديث أمّ أيمن قال عليه‌السلام : يبنون عليهم بنيانا لا يزول بمرور الأيّام ، ولو جهدت في إزالته ظلم الأنام.

ولبقاء الآثار نصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حجرا على قبر عثمان بن مظعون لمّا دفنه كما ذكره السمهودي الشافعي في وفاء الوفاء (١) قال : لمّا دفن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عثان بن مظعون

__________________

(١) وفاء الوفاء : ٨٥ طبع مصر.

١٢٨

أمر بحجر فوضع عند رأسه. قال قدامة : فلمّا صفق البقيع وجدنا ذلك الحجر فعرفنا أنّه قبر عثمان بن مظعون ..

قول الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام : «قبري أمان»

في مزار البحار بالإسناد عن أبي هاشم الجعفري قال : قال لي أبو محمّد الحسن بن عليّ عليهما‌السلام : قبري أمان لأهل الجانبين.

روى شيخ الطائفة قدس‌سره في التهذيب عن محمّد بن همام ، عن الحسن بن محمّد بن جمهور ، عن الحسين بن روح ، عن محمّد بن زياد ، عن أبي هاشم الجعفري قال : قال أبو محمّد الحسن بن عليّ الهادي عليهما‌السلام : قبري بسرّ من رأى أمان للجانبين.

أقول : اختلفت آراء العلماء في معنى هذا الخبر :

فقيل : المراد أمان عن مثل الأمراض المهلكة كالوباء والطاعون والملاريا وأمثالها ، ولعلّ قلّة هذه الأمراض أو عدمها مستندة إلى طيب هوائها كما وصفه الإمام عليّ الهادي عليه‌السلام حيث قال : دخلت سامرّاء كرها ولو خرجت لخرجت كرها لطيب هوائها وعذوبة مائها وقلّة دائها .. الخ.

وقيل : إنّ المراد بالجانبين الفريقين من الشيعة والسنّة.

وقيل : جانبي الشط الشرقي والغربي.

وقيل : البلاد الواقعة في جنبتي سامرّاء.

وكلّ ذلك لا يخلو عن تكلّف ، وقد اعترض على هذه الشروح والاحتمالات بوقوع الحوادث في سامرّاء كسائر البلاد من الحروب والقتال والغلاء والفقر والمسكنة حتّى آل أمرهم إلى الجلاء والفناء وهذا ممّا لا ستر عليه.

ويمكن أن يقال ـ والله أعلم بحقيقة الحال ـ أنّ المراد أنّه من دخلها كان آمنا كأنّه

١٢٩

دخل في أمان الإمامين عليهما‌السلام وليس لأحد أن يتعرّض وإن كان مجرما نظير قوله تعالى : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)(١) يعني من دخل مكّة فلا ينبغي لأحد أن يقصده بسوء حتّى الحيوانات ، غير أنّ هذا التأويل لا يختصّ بسامرّاء بل هو جار في جميع العتبات العاليات وحكمها حكم حرم الله من دخلها دخل في أمان الله تعالى وحصن حصين.

__________________

(١) آل عمران : ٩٧.

١٣٠

حقوق روضة العسكريّين وآداب زيارتهما

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «ألا إنّكم مسئولون يوم القيامة حتّى عن البقاع والبهائم». يدلّ هذا الخبر الشريف إلى أنّ للبقاع حقوقا يجب أداؤها وإعطاء حقّها لا سيّما مثل هذه البقعة الشريفة بقعة العسكريّين عليهما‌السلام التي هي بيت من بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وإنّها مشهد للملائكة والأنبياء والروحانيّين ، ومزيد شرفها على سائر بقاع الأئمّة عليهم‌السلام أنّها كانت دارهم عبدوا الله فيها ثماني وعشرين سنة وكانت معبد ثلاثة من الأئمّة عليهم‌السلام ومبيتهم ومسكنهم ومحلّ ظهور معاجزهم ، وإنّها مولد الحجّة عليه‌السلام ، وتشترك مع مشهد آبائهما بأنّها عرصة من عرصات الجنّة وبقعة من بقاعها كما عرفت آنفا ، ناهيك بذلك شرفا وفضلا.

وجاء في مزار البحار مرويّا أنّ حرمتهم بعد موتهم كحرمتهم في حياتهم.

وقال المجلسي : ينبغي أن يراعى في روضاتهم ما كان ينبغي أن يراعى في حياتهم من الآداب والتعظيم والإكرام.

قال الشهيد قدس‌سره في الدروس : للزيارة آداب :

١ ـ الغسل قبل دخول المشهد وأن يكون على طهارة فلو أحدث أعاد الغسل.

٢ ـ قال المفيد رحمه‌الله : إتيانه بخضوع وخشوع.

٣ ـ إتيانه في ثياب طاهرة نظيفة جدّد.

٤ ـ الوقوف على بابه والدعاء والاستيذان بالمأثور فإن وجد خشوعا ورقّة

١٣١

دخل وإلّا فالأفضل له التحرّي زمان الرقّة لأنّ الغرض الأهم حضور القلب ليلقى الرحمة النازلة من الرب.

٥ ـ إذا دخل قدّم الرجل اليمن ، وإذا خرج فباليسرى.

٦ ـ الوقوف على الضريح ملاصقا له أو غير ملاصق ، وتوهّم أنّ البعد أدب وهم ، فقد نصّ على الاتكاء على الضريح.

٧ ـ تقبيله وهو منصوص مثل سابقه ونحو ما يلي.

٨ ـ استقبال وجه المزور واستدبار القبلة حال الزيارة.

٩ ـ يضع إليه خدّه الأيمن عند الفراغ من الزيارة ويدعو متضرّعا ثمّ يضع خدّه الأيسر ويدعو سائلا من الله تعالى بحقّه وحقّ صاحب القبر أن يجعله أهل شفاعته ويبالغ في الدعاء والإلحاح ثمّ ينصرف إلى ما يلي الرأس ثمّ يستقبل القبلة ويدعو.

١٠ ـ الزيارة بالمأثور ، ويكفي السلام والحضور.

١١ ـ صلاة ركعتين للزيارة عند الفراغ ؛ فإن كان زائرا للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ففي الروضة ، وإن كان لأحد الأئمّة عليهم‌السلام فعند رأسه ، ولو صلّاهما بمسجد المكان جاز.

١٢ ـ الدعاء بعد الركعتين بما نقل وإلّا فيما سنح له في أمور دينه ودنياه ، والتعميم للدعاء فإنّه أقرب للإجابة.

١٣ ـ تلاوة شيء من القرآن عند الضريح وإهدائه إلى المزور والمنتفع بذلك الزائر وفيه تعظيم للمزور.

١٤ ـ إحضار القلب في جميع أحواله مهما استطاع والتوبة من الذنب والاستغفار.

١٥ ـ التصدّق على السدنة والحفظة للمشهد وإكرامهم وإعظامهم فإنّ فيه إكرام صاحب المشهد عليه الصلاة والسلام ، ويجب أن يكون السدنة من أهل الخير والصلاة والورع والتقوى والدين والمروّة والاحتمال والصبر وكظم الغيظ خالين من الغلظة على الزائرين ، قائمين بحوائج المحتاجين ، مرشدين ضالّ الغرباء والواردين ،

١٣٢

مفتخرين بالقيام على الخدمة ، لا يسألون إلحافا ، ولا يغرون المستضعفين احتيالا.

١٦ ـ إنّه إذا انصرف من الزيارة إلى منزله استحبّ العود إليها ما دام مقيما فإذا أراد الخروج ودّع وداعا بالمأثور وسأل الله العود إليه.

١٧ ـ أن يكون الزائر بعد الزيارة خيرا من قبلها ، فإنّها تحبط الأوزار إذا صادفت القبول.

١٨ ـ تعجيل الخروج عند قضاء الوطر من الزيارة لتعظيم الحرمة وليشدّ الشوق. وروي أنّ الخارج يمشي القهقرى حتّى يتوارى.

١٩ ـ الصدقة على المحاويج بتلك البقعة فإنّ الصدقة مضاعفة هنالك لا سيّما على العلماء والمتعلّمين المجاورين في تلك البلدة.

روى ابن قولويه في كامل الزيارة عن بعضهم صلوات الله عليهم أنّه قال : إذا أردت زيارة قبر أبي الحسن الثالث عليّ الهادي عليه‌السلام وأبي محمّد عليه‌السلام تقول بعد الغسل إن وصلت إلى قبريهما وإلّا أومأت بالسلام من عند الباب الذي على شارع الشبّاك تقول : «السلام عليكما يا حجّتي الله ، السلام عليكما يا نوري الله» .. إلى آخر الزيارة المعروفة المشهورة.

ثمّ اعلم أنّ الصدوق رحمه‌الله ذكر هذه الزيارة بعينها في الفقيه وليس فيها «السلام عليكما يا من بدأ الله في شأنكما» وسيأتي في ترجمة أبي جعفر السيّد محمّد بن عليّ الهادي عليه‌السلام معنى هذه الفقرة بصورة تفصيليّة.

ثمّ قال ابن قولويه : وتجتهد في الدعاء لنفسك ولوالديك وتخير من الدعاء بما تريد فإن وصلت إليهما فصلّ عند قبرهما ركعتين وإذا دخلت المسجد وصلّيت دعوت الله بما أحببت إنّه قريب مجيب ، وهذا المسجد إلى جانب الدار وفيه كانا يصلّيان عليهما‌السلام.

وقال المفيد في المزار الذي نسب إليه : إذا وردت مشهد العسكريّين عليهما‌السلام

١٣٣

فاغتسل للزيارة ثمّ امض حتّى تقف على باب القبّة واستأذن وادخل مقدّما رجلك اليمنى وقف على قبريهما وقل ... ثمّ ذكر الزيارة المشار إليهما بعينها غير أنّه روى بدل قوله «السلام عليكما يا من بدأ الله في شأنكما» قوله «السلام عليكما يا أميني الله» ، ثمّ ذكر الوداع وهو أن تقول : «السلام عليكما يا وليّي الله ، أستودعكما الله وأقرأ عليكما السلام آمنا بالله وبالرسول وبما جئتما به ودللتما عليه ، اللهمّ اكتبنا مع الشاهدين» ثمّ اسأل الله العود إليهما وادع بما أحببت إن شاء الله.

وأمّا ثواب زيارتهما

فالأخبار بذلك متواترة لا يسعنا المقام استيفاؤها فمن أراد الاطّلاع فعليه أن يراجع كتب المزار غير أنّا نشير إلى نماذج منها زيادة على ما تقدّم.

منها ما روي عن بشارة المصطفى في حديث طويل عن رسول الله أنّه قال : من زارني بعد وفاتي فكأنّما زار فاطمة ، ومن زار فاطمة فكأنّما زارني ، ومن زار عليّ بن أبي طالب فكأنّما زار فاطمة ، ومن زار الحسن والحسين فكأنّما زار عليّا ، ومن زار ذرّيّتهما فكأنّما زارهما.

ومنها ما رواه الصدوق في العيون والعلل بالإسناد عن الوشّا قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : إنّ لكلّ إمام عهدا في عنق أوليائه وشيعته ، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم ؛ فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا بما رغبوا فيه كان أئمّتهم شفعاءهم يوم القيامة.

ومنها ما رواه الصدوق فيهم أيضا بالإسناد عن زيد الشحّام قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما لمن زار واحدا منكم؟ قال : كمن زار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وقال السيّد الأجل عليّ بن طاوس رحمه‌الله في المصباح والمجلسي في مزار البحار : إذا

١٣٤

وصلت إلى محلّة الشريف بسرّ من رأى فاغتسل عند وصولك غسل الزيارة والبس أطهر ثيابك وامش على سكينة ووقار إلى أن تصل الباب الشريف فإذا بلغته فاستأذن وقل : أأدخل يا الله ، أأدخل يا نبّي الله .. الخ.

ثمّ تدخل مقدّما رجلك اليمنى وتقف على ضريحي الإمامين عليهما‌السلام مستقبل القبر ومستدبر القبلة وتكبّر الله مائة تكبيرة وتقول : السلام عليك يا أبا الحسن عليّ بن محمّد ، إلى آخر الزيارة.

ثمّ قبّل ضريحه وضع خدّك الأيمن عليه ثمّ الأيسر وقل .. وذكر الدعاء ، ثمّ قال : فتصلّي صلاة الزيارة فإذا سلّمت فقل .. فذكر الدعاء ، وقال : وادع بما شئت وأكثر من قولك : يا عدّتي عند العدد .. إلى آخر الدعاء المشهور ، ثمّ قال رضى الله عنه : فإذا أردت زيارة أبي محمّد الحسن العسكري عليه‌السلام فلتكن بعد جميع ما قدّمناه في زيارة أبيه ثمّ قف على ضريحه وقل ... فذكر له زيارة وأدعية يدعى بها عند قبره ، ثمّ تزر أمّ القائم ثمّ الجهة العليا حكيمة بنت الجواد عليه‌السلام ثمّ انصرف مرحوما إن شاء الله.

أفضل الزرايات الزيارة الجامعة

ذكرها الصدوق رحمه‌الله في كتابيه العيون والفقيه بالإسناد عن الأسدي وهو محمّد بن أبي عبد الله جعر بن محمّد بن عون الأسدي أبو الحسين الكوفي الثقة ، عن البرمكي وهو محمّد بن إسماعيل بن بشير البرمكي الثقة ، عن النخعي وهو موسى بن عبد الله ابن عبد الملك بن هشام النخعي المقبول الرواية ، قال : قلت لعليّ بن محمّد بن عليّ ابن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام : علّمني يابن رسول الله قولا أقوله بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم. فقال عليه‌السلام : إذا صرت إلى الباب فقف واشهد الشهادتين وأنت على غسل فإذا دخلت ورأيت القبر فقف

١٣٥

وقل الله أكبر ثلاثين مرّة ، ثمّ امش قليلا وعليك السكينة والوقار وقارب بين خطاك ثمّ قف وكبّر الله ثلاثين مرّة ، ثمّ ادن من القبر وكبّر الله أربعين مرّة تمام المائة ثمّ قل : «السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ..» الخ. ورواها أيضا إبراهيم بن محمّد الحموي الشافعي في الباب التاسع والثلاثين من الجزء الثاني من كتابه فرائد السمطين.

شروح الزيارة الجامعة واعتبارها

قال المجلسي قدس‌سره في مزار البحار بعد نقل الزيارة الجامعة وشرح مختصر لها : إنّما بسطت الكلام في شرح تلك الزيارة قليلا وإن لم أستوف حقّها حذرا من الإطالة لأنّها أصحّ الزيارات سندا وأعمّها موردا وأفصحها لفظا وأبلغها معنى وأعلاها شأنا.

وقال المولى العلّامة محمّد تقي المجلسي الأوّل في شرحه على الفقيه ما مضمونه أنّ هذه الزيارة يزار بها كلّ واحد من الأئمّة منفردا ومجتمعا ، وإنّ الصدوق عليه الرحمة ذكرها في كتابيه العيون والفقيه وحكم بصحّتها واعتبار سندها على أنّ فصاحتها وبلاغتها وجامعيّتها وكونها موافقة لمضامين الأخبار كافية في اعتبارها ، ولا شكّ أنّها مرويّة عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام ولي سند آخر لها وهو أنّي لمّا زرت مولاي أمير المؤمنين عليه‌السلام قبل هذا بثمان وعشرين سنة خطر ببالي أن أشتغل بالرياضة الشاقّة رجاء لحصول الحال والوصول والارتباط إلى الآل عليهم‌السلام ولكي تكون زيارتي أتمّ وأكمل وترتفع الحجب بحسن العمل ، فاشتغلت بذلك وكنت في أكثر الأيّام مشتغلا بالذكر والدعاء في المقام المعروف بمقام المهدي في خارج النجف مبتهلا متضرّعا إلى الله تعالى وكنت في الليالي تارة في مسجد عمران وأخرى في

١٣٦

الروضة المقدّسة الحيدريّة حتّى انقضت عشرة أيّام فوجدت حبّا في قلبي واشتدّ شوقي فكنت جالسا في بعض الليالي في رواق مسجد عمران فاعترتني سنة فإذا أنا واقف كأنّي عند باب روضة العسكريّين عليهما‌السلام ورأيت القبر في نهاية الارتفاع والطول والعرض وعلى الصندوق بطانته من حرير خضراء وإنّ الحجّة بن الحسن عجّل الله فرجه متّكئ ظهره على الصندوق ، فلمّا نظرت إليه شرعت بالزيارة الجامعة فلمّا فرغت منها قال عجّل الله فرجه : نعمت الزيارة ، فقلت مشيرا إلى القبر : هذه زيارة جدّكم؟ قال : نعم ، ثمّ بعد التقرير قال : أدخل ، فدخلت ووقفت في الجهة اليمنى ، فقال عليه‌السلام : أدن ، فقلت : يابن رسول الله ، أخاف خلاف الأدب فأصير كافرا. قال : أدن لا تصير كافرا ، فدنوت منه ، فقال : اجلس ، فجلست مع ارتعاش واضطراب ، فتوجّه عليه‌السلام إليّ بعنايات وألطاف ، فلمّا استيقظت اشتدّ شوقي إلى سرّ من رأى وكنت قبل ذلك كأنّي أرى المفارقة من النجف الأشرف ممتنعا ، فلمّا دخلت سامرّاء وبقيت ليلة في الحرم الشريف رأيت ما رأيت في حال السنة ونلت بالفيوضات العظيمة .. انتهى.

وقال شيخنا العلّامة الخبير ثقة الإسلام الشيخ آقا بزرك صاحب كتاب الذريعة أنّ الزيارة الجامعة شرحها جماعة من العلماء والمحدّثين مضافا إلى شرح المجلسي في مزار البحار :

الأوّل : آمال العارفين منظورا في المعارف للأديب العارف الحاج أبو القاسم التاجر الطهراني المتخلّص ببروين ، مرتّب على سبع وثلاثين رشحة وبعض رشحاته في شرح الزيارة الجامعة ، طبع سنة ١٣٧٨.

الثاني : شرح الزيارة الجامعة للشيخ أحمد الإحسائي المتوفّى سنة ١٢٤١ مطبوع.

١٣٧

الثالث : شرح الزيارة الجامعة للمولى محمّد تقي المجلسي المتوفّى سنة ١٠٧٠ والظاهر أنّه شرح مستقل ويحتمل أنّه أراد شرحه المندرج في شرح الفقيه الفارسي ذكره الآقا محمّد الكرمانشاهاني في كتابه مرآة الأحوال.

الرابع : شرح السيّد عبد الله الشبّر المتوفّى سنة ١٢٤٢ اسمه اللامعة في شرح الجامعة ، مطبوع.

الخامس : شرح فارسي للسيّد حسين بن محمّد تقي الهمداني نزيل طهران صهره العلّامة السيّد محمّد علي الشاه عبد العظيمي رحمه‌الله على أخته وكان من تلاميذ آية الله المجدّد الشيرازي ، توفّي في حدود سنة ١٣٣٠ ، والنسخة في طهران مع سائر كتبه.

السادس : شرح فارسي لمولانا وشيخنا الميرزا محمّد علي بن المولى نصير الدين المدرّس الجهاردهى النجفي المتوفّى سنة ١٣٣٤ والنسخة عند حفيده الشيخ مرتضى ابن الشيخ محمّد بن الميرزا مدرّس.

السابع : شرح السيّد بهاء الدين محمّد بن محمّد باقر الحسيني النائيني المختاري المعاصر للشيخ الحرّ العاملي ، ذكره في روضات الجنّات.

الثامن : ترجمة بالفارسيّة للعلّامة المجلسي في مائتي بيت ، انتهى.

[عودة إلى ثواب زيارة العسكريّين عليهما‌السلام]

ومنها : ما رواه الصدوق في ثواب الأعمال قال الصادق عليه‌السلام : من زار واحدا منّا كمن زار الحسين.

ومنها : ما رواه ابن قولويه في كامل الزيارة بالإسناد عن أبي علي الحرّاني قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما لمن زار قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال : من أتاه وزاره وصلّى عنده ركعتين كتب له حجّة وعمرة. قال : قلت له : جعلت فداك ، وكذلك لكلّ من

١٣٨

أتى قبر إمام مفترض طاعته؟ قال : وكذلك لكلّ إمام مفترض طاعته.

ومنها : ما رواه فيه أيضا بإسناده عن عبد الرحمان بن مسلم قال : دخلت على الكاظم عليه‌السلام فقلت له : أيّما أفضل : الزيارة لأمير المؤمنين أو لأبي عبد الله أو لفلان أو لفلان ، وسمّيت الأئمّة واحدا واحدا؟ فقال لي : يا عبد الرحمان بن مسلم ، من زار أوّلنا زار آخرنا ، ومن زار آخرنا زار أوّلنا.

ومنها : ما رواه فيه أيضا بالإسناد عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من زارني أو زار أحدا من ذرّيّتي زرته يوم القيامة وأنقذته من أهوالها.

ومنها : ما رواه الكفعمي رحمه‌الله روى أنّ من زار إماما مفترض الطاعة بعد وفاته وصلّى عنده أربع ركعات كتب له حجّة وعمرة.

١٣٩

ظهور الكرامات في سامرّاء

ظهرت من أئمّة سامرّاء عليهما‌السلام كرامات كثيرة تارة من الروضة البهيّة وأخرى من سرداب الغيبة المشرّف ، وثالثة من سائر بقاع سامرّاء غير أنّنا نكتفي بما أخذناه من المصادر الوثيقة. وأمّا الكرامات التي ظهرت من العسكريّين عليهما‌السلام في حياتهما فسيأتي ذكرها في الأجزاء التالية إن شاء الله بصورة تفصيليّة ، والحكايات الآتية التي تجري مجرى الكرامات والمعاجز وإن كرهتها أنفس قوم وقلوب آخرين بل تعدّها من المحال أو من أضغاث أحلام أو من غلبة خلط السوداء لا يضرّنا خلاف من خالفنا بعد ما دلّت البراهين العقليّة والنقليّة على إمكان صدور الكرامات ووقوعها من الأولياء بدون إنكار من العلماء المحقّقين ، فهذه الكتب المؤلّفة في كرامات الأولياء وصدور خوارق العادات منهم قد ملأت الآفاق بفضل المطابع مضافا إلى المخطوط منها وقد اعترف بصحّتها الموافق والمخالف ، والداني والقاصي ، فهلّا كانوا الأئمّة الهداة أولاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الأولياء كغيرهم من سائر الناس؟

فاحكم وانصف.

الأولى : حكاية الزائر التركي وأخذ هميانه

جاء في كتاب دار السلام للعلّامة المحدّث الميرزا حسين النوري قدس‌سره (١) قال :

__________________

(١) دار السلام : ٢٦٤.

١٤٠