إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٤

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي

إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٤

المؤلف:

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي


المحقق: محمّد كمال
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٦٤

لما تألق بارق من ثغره

جادت جفوني بالسحاب الممطر

فكأن عقد الدمع حل قلائد العقيان منه على صحاح الجوهر وله فيمن قبلته الحمّى :

لا أحسد الناس على نعمة

لكنني أحسد حمّاكا

أما هناها أنها عانقت

قدّك حتى قبّلت فاكا

توفي سنة إحدى عشرة أو اثنتي عشرة وسبعماية رحمه‌الله تعالى ا ه. (الدر المنتخب).

٢٩٥ ـ إبراهيم بن عبد الله البيري المتوفى سنة ٧١٢

إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن زكريا بن فضايل بن يحيى البيري الحلبي أحد الشهود بباب الجامع الشرقي بحلب وسبط الشيخ قمر. سمع من بيبرس مشيخة ابن شادان والأول من الثاني من فوائد الحاج للنجاد ، والأول من ابن السماك وغير ذلك. وسمع من أبي المكارم النصيبي وأولاد صالح بن العجمي الثلاثة وشهدة بنت العديم ورشيد بن كامل وغيرهم. وحدث. سمع منه الأعيان بحلب. ومات سنة ١٢ أي و٧٠٠.

٢٩٦ ـ إسماعيل بن عبد اللطيف العجمي المتوفى سنة ٧١٢

إسماعيل بن عبد اللطيف بن يوسف بن إسماعيل بن عبد الكريم بن عثمان بن عبد الرحيم عماد الدين ابن العجمي. ولي نظر الجيش بحلب. ثم صحابة الديوان بحماة. وكان استمع على سنقر صحيح البخاري بقوت ، وعلى ابن العجمي سادس المحامليات ، وعلى إبراهيم ابن عبد الرحمن الشيرازي جزء سفيان. وحدث ومات سنة ١٢.

٢٩٧ ـ غازي بن أحمد الواسطي المتوفى سنة ٧١٢

غازي بن أحمد الوزير الكاتب شهاب الدين الواسطي. ولد بحلب في سنة بضع وثلاثين ، وخدم بديوان الإنشاء ثم في كتابة السر بحلب ، ثم كتب الإنشاء بالقاهرة ، وكان

٥٠١

يكتب خطا حسنا. وولي نظر الصحبة في الأيام المنصورية ، ثم ولي نظر الدواوين بحلب ثم بدمشق عوضا عن شرف الدين بن مزهر ، وولي نظر الدولة بديار مصر. فلما صار التاج بن سعيد الدولة مشير الدولة عمل عليه لأنه كان السبب إلى أن ضربه سنقر الأعشر حتى أسلم ، فعمل عليه حتى أخرجه إلى حلب ، فلما نظر إلى توقيعه قال : والله لقد كنت راضيا بسنقر خيرا لي من مرافقة ابن تعيس الدولة. وكانت لديه فضيلة وأدب ونكت ، وكان حسن الخط طويل اللسان قوي القلب كثير الزهو ويعرف اللسان التركي. وأضر في آخر عمره ، ومات بحلب في ربيع الآخر سنة ٧١٢ عن نحو ثمانين سنة.

وأنشد له ابن حبيب قوله :

إن الزمان الذي قد كان يجمعني

بكم وينشي مسراتي وأفراحي

هو الذي صار ينشي بعد بعدكم

حزني ويجعل دمعي مزج أقداحي

وترجمه الصلاح الصفدي في «نكت الهميان» بنحو ذلك وقال : إنه كان يكتب خطا حسنا ، رأيت بخطه نسخة «المثل السائر» في غاية الحسن ، وكان عنده فضيلة وله تصانيف وشعر ا ه.

٢٩٨ ـ أحمد بن محمد العجمي المتوفى سنة ٧١٤

أحمد بن محمد بن أبي طالب عبد الرحمن بن الحسن شمس الدين أبو بكر بن العجمي. ولد سنة ٦٣٧ ، وسمع من جده وأبي القاسم بن رواحة ويوسف بن خليل وغيرهم. وحضر الموفق بن يعيش وحدث بالكثير. وكان قد وقع في قبضة هولاكو فأخذوا منه أموالا جمة وعذبوه عذابا صعبا فحصلت له بسبب ذلك غفلة وغلب عليه النسيان في أغلب أحواله. وكان قد اشتغل كثيرا وتميز وصار صدرا كبيرا موقرا مع الدين وسلامة الصدر. أثنى عليه ابن حبيب وذكره البرزالي والذهبي في معجميهما. ومات بحلب في ذي الحجة سنة ٧١٤.

٢٩٩ ـ علي بن صالح السحوجي المتوفى سنة ٧١٤

علي بن صالح بن أبي بكر بن محمد بن علي علاء الدين السحوجي الغزي (١) نزيل حلب.

__________________

(١) في طبعة الدرر الكامنة : علي بن صلاح ... السحومي القرمي.

٥٠٢

وكان عارفا بالفقه والتفسير. أقام بحلب مدة يشغل وينفع الناس إلى أن مات بها سنة ١٤ عن بضع وستين سنة.

ذكره ابن حبيب وقال في حقه : عالم جليل القدر يسر القلب ويشرح الصدر. وكان عارفا بالفقه والتفسير والأصول والعربية. وكان كثير الانجماع مقبلا على شأنه.

وقال القاضي علاء الدين في تاريخ حلب : كان دينا كثير العبادة وانتفع به الطلبة.

وفي المنهل الصافي : كان إماما فقيها مفسرا عارفا بالمعاني والبيان. أقام بحلب يفتي ويدرس سنين ، وصنف تفسير القرآن الكريم وكتابا بالأصول ا ه.

٣٠٠ ـ يوسف بن مظفر الكاتب المتوفى سنة ٧١٤

يوسف بن مظفر بن مزهر الصاحب شرف الدين. ولد سنة ٦٢٨ وباشر النظر بدمشق وحلب وطرابلس وغيرها. وكان من شيوخ الكتاب المعروفين بالكتابة. مات في شعبان سنة ٧١٤ بحلب.

٣٠١ ـ الحسن بن علي السغناقي المتوفى سنة ٧١٤

الحسن بن علي بن حجاج بن علي حسام الدين السغناقي نسبة إلى سغناق بكسر السين المهملة وسكون الغين المعجمة ثم نون بعدها ألف بعدها قاف : بلدة في تركستان. تفقه على حافظ الدين الكبير محمد بن محمد بن نصر البخاري ، وفوض إليه الفتوى وهو شاب ، وتفقه أيضا على فخر الدين محمد بن محمد بن إلياس المايمرغي ، وشرح «الهداية» وسماه «النهاية» ، فرغ منه سنة سبعماية. ومن مصنفاته «شرح التمهيد في قواعد التوحيد» لأبي المعين ميمون بن محمد النسفي المكحولي ، و «الكافي شرح أصول البزدوي».

وكان فقيها جدليا نحويا ، أخذ النحو عن الغجدواني وغيره ، ودخل بغداد ودرس بها بمشهد الإمام أبي حنيفة ، ثم توجه إلى دمشق حاجا فدخلها سنة عشرة وسبعمائة ، واجتمع بقاضي القضاة ناصر الدين محمد بن عمر بن العديم وأجاز له جميع مروياته ومسموعاته. وممن تفقه عليه قوام الدين محمد بن محمد بن أحمد الكاكي صاحب «معراج

٥٠٣

الدراية» شرح الهداية والسيد جلال الدين الكرلاني صاحب «الكفاية».

قال الجامع (يعني صاحب الفوائد البهية) : ذكر صاحب كشف الظنون عند ذكر تمهيد المكحولي أن اسمه حسين بن علي يعنى مصغرا وأنه توفي سنة عشرة وسبعماية. وذكر عند ذكر الهداية أنه تلميذ صاحب الهداية.

وذكره السيوطي في بغية الوعاة فيمن اسمه حسين وقال : كان عالما فقيها نحويا جدليا أخذ عن عبد الجليل بن عبد الكريم. قال في «الدرر» : هو أول من شرح الهداية : وله «شرح المفصل» ذكر في أوله أنه قرأه على حافظ الدين البخاري سنة سبعين وستمائة انتهى. وكذا سماه صاحب مدينة العلوم بحيث قال : ومن شروح الهداية النهاية لحسام الدين الحسين ابن علي بن حجاج بن علي السغناقي ، قدم حلب وصنف الكافي شرح البزدوي ، وقدم دمشق سنة عشرة وسبعمائة وشرح «منتخب الأخسيتكي» وشرح «التمهيد في الأصول». وتوفي في رجب سنة إحدى عشرة أو أربع عشرة وسبعمائة بحلب. وله تصنيف في الصرف سماه «النجاح» انتهى. قلت : وقد طالعت من تصانيفه النهاية وهو أبسط شروح الهداية وأشملها قد احتوى على مسائل كثيرة وفروع لطيفة ا ه. (الفوائد البهية في تراجم الحنفية).

٣٠٢ ـ علي بن علي بن سوادة المتوفى سنة ٧١٤

قال أبو ذر في الكلام على درب بني سوادة : هو الدرب الآخذ إلى المارستان الكاملي يعرف ببني سوادة لأن منازلهم كانت به ، وهم بيت فضل ورياسة وكتابة ونثر ونظم ، لكن فيهم التشيع ، وقد انقرضوا ، ومنهم بهاء الدين علي بن علي بن محمد بن علي بن أبي سوادة الحلبي صاحب ديوان الإنشاء بحلب من الصدور الأماثل والكتاب الأفاضل. وله نظم منه :

جد لي بأيسر وصل منك يا أملي

فالصبر عنك عذاب غير محتمل

مالي بليت بأمر لا أطيق له

حملا وبدّلت بعد الأمن بالوجل

وكان هذان البيتان فالا عليه فأمسك بعد نظمهما ثاني يوم وصادروه ، وقال لسان حاله :

٥٠٤

إذا جادت الدنيا عليك فجد بها

على الناس طرا قبل أن تتفلت

فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت

ولا البخل يبقيها إذا هي ولت

وتوفي سنة أربع عشرة وسبعماية في منتصف رجب وقد قارب سبعين سنة.

قال ابن حبيب في ترجمته : ماجد ظهرت بهجة بهائه ، وسفرت عقيلة رأيه وروائه ، وحسنت كتابته ، وعرفت حرمته ومهابته ، وطالت أقلامه ، وصالت به أقوامه. كان ذا نسب رفيع المنار ، وفضل موارده غزار ، ونظم منسق العقود ، ونثر تميس به الطروس في حلل السعود ، وعزم أجرى في ميدان المعالي طرفه وجواده ، وعرض نشر بياضه على منازل بني سواده. وقال في أول رسالة أنشأها في وقعة غازان :

يا من غدا ناظرا فيما جمعت ومن

أضحى يردد فيما قلته نظرا

ناشدتك الله إن عاينت لي خطأ

فاستر عليّ فخير الناس من سترا

وقرأت بخط ابن عشائر قال : قرأت بخط أبي العباس بن جمعة الأنصاري مما يغلب على الظن أنهما لبهاء الدين علي بن محمد بن سوادة :

شبّهت وجه معذبي لما بدا

كالروض وهو مبهّج ومدلّج

فالخد ورد واللواحظ نرجس

والثغر نور والعذار بنفسج

ولما مات بهاء الدين حزنت عليه زوجته حزنا شديدا ولازمت البكاء سنة ، فلما كان بعد السنة طلبوا منها دارها ليعملوا بها فرحا فأعطتهم ، فلما دخلت المغنية غنت :

تفارق من تهوى وقلبك صابر

وتلهو ومنك الطرف ناه وناهر

فواعجبا لم لا يلازمك البكا

وتمسي ومنك الطرف ساه وساهر

رعى الله من ساروا وفي القلب بعدهم

من الشوق نار وهو شاك وشاكر

ترى تسمح الأيام منك بنظرة

ويصبح غصن الوصل زاه وزاهر

فلما سمعت ذلك صاحت ووقعت مغشية عليها ، فحركوها فوجدوها ميتة ، فجهزت ودفنت عند زوجها ، قاله الصلاح الكتبي ا ه (١).

__________________

(١) أقول : وجدت هذه الحكاية في هامش الدر المنتخب عند ترجمة المترجم.

٥٠٥

وترجمه ابن خطيب الناصرية في الدر المنتخب وقال بعد أن ذكر بعض ما تقدم : ومن نظمه في وقعة غازان ومدح السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون وذلك في شهر رمضان سنة اثنتين وسبعمائة عندما كسر التتار بشقح :

ألا من مبلغ قازان قولا

يحقق عنده الخبر اليقينا

لقينا جيشه في يوم سبت

وكنا عند ذلك لا بسينا

كسرنا حزبهم لما التقينا

وأردينا الجحافل والكمينا

رميناهم إلى جبل فباتوا

يعضّون الأنامل نادمينا

فلما لاح ضوء الصبح أضحوا

على روس الثنايا حائرينا

زحفنا نحوهم بالجيش نبغي

قتالهم فولوا هاربينا

وملنا عن طريقهم فماجوا

وعادوا للهزيمة طالبينا

هزمنا قطلوشاه يوم حرب

وأردينا بعزمتنا النوينا

وأتبعا به لولاي طردا

وجوبانا وهيتوم اللعينا

وسقنا خلفهم في كل واد

نذيقهم من البلوى فنونا

وأفنينا جيوش المغل قهرا

وعدنا بالسلامة غانمينا

وكان الذل والخذلان فيهم

وكان الناصر المنصور فينا

وللأديب شهاب الدين أحمد بن البردي (هكذا) من قصيدة يمدح الرئيس بهاء الدين عليا المذكور :

أنخ في ذرى الشهباء وانزل بأرضها

وقبّل ثرى تلك المعاهد والربى

ولذ ببهاء الدين ذي الفضل والحجا

فكل الورى من دون ذاك البها هبا

تضيء لساري الليل نار نواله

ويعذب للظمآن وردا ومشربا

له العلم الأعلى الذي جلّ خطبه

ففي كل إقليم لموقعه نبا

إذا ركب القرطاس أرخى عنانه

وصال فأزرى بالعوالي وبالظبا

فإن قلت غيثا كان أهمى سحائبا

وإن قلت ليثا كان أسطى وأرهبا

وإن تر خطا كان خطا مذهبّا

وإن تر لفظا كان لفظا مهذّبا

ولو شئت أن أحصي مناقب فضله

لكنت كمن يبغي على النجم مركبا

٥٠٦

وقدمنا أبياتا من نظم المترجم في الجزء الثاني (ص ٢٩٧) يمدح بها قراسنقر المنصوري كافل حلب.

٣٠٣ ـ نخوة بنت محمد النصيبي المتوفاة سنة ٧١٩

نخوة بنت زين الدين محمد بن عبد العال بن هبة الله بن عبد القاهر بن عبد الواحد ابن النصيبي الحلبي ، أم محمد بنت النصيبي. ولدت سنة ٣٤ وسمعت من يوسف بن الخليل التاسع والعاشر من «المستخرج على صحيح البخاري» لأبي نعيم ، وتفردت برواية ذلك. وماتت في جمادى الأولى سنة ٧١٩.

قال الذهبي : ما أظن روى عن ابن خليل بالسماع امرأة سواها.

٣٠٤ ـ عبد الوهاب البلخي المتوفى سنة ٧٢٠

عبد الوهاب بن محمد بن محمد بن محمد بن عثمان البلخي الأصل الحلبي المولد نظام الدين شيخنا. كان فقيها حنفيا إماما بالمدرسة الأشرفية للطائفة الحنفية ، وكان عنده نباهة وقوة ذهن مع كبر سن ، وهو من بيت العلم ، أبوه من كبار فقهاء الحنفية يأتي في بابه. حدث عن والده بجزء ابن عيد سمعته عليه ، وتفقه على والده. مولده نصف ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين وستماية. ومات في سابع عشر رجب سنة عشرين بالمدرسة الأشرفية خارج القاهرة ا ه. (ط ح ق).

٣٠٥ ـ عمر بن عبد العزيز بن العديم المتوفى سنة ٧٢٠

عمر بن عبد العزيز بن أحمد بن هبة الله بن أحمد الشهير بابن العديم. ولي قضاء حلب في سنة عشرة وسبعماية حاكما نائبا وكان بها قاض واحد إلى هذا التاريخ ، فتولى بها القاضي المذكور قاضيا ثانيا ، واستمر من هذا التاريخ بحلب قاضيان إلى سنة ثمان وأربعين وسبعماية ، تولى بها مالكي وحنبلي.

وذكره الإمام ابن حبيب فقال فيه : إمام كماله زاهر ، وهمام جلاله باهر ، وحاكم علم

٥٠٧

علمه مائد ، وماجد نيل فضله زائد ، ورئيس خضعت الرؤوس لرفعة نسبه ، وأصيل كم أذهب خلة سائل لسائل ذهبه. كان ذا همة علا نجمها ، وأحكام مضى سيفها ونفذ سهمها ، وبيت بناؤه مشيّد ، وبنان راجيه لإطلاق مقيّد ، وأخبار حسن خبرها ، وسيرة سار بالجميل ذكرها. رأيت شخصه مرات ، وسمعت بماله من الأيادي والمبرات. وحكم بحلب عشرة أعوام ، ثم لحق بمن سلف من آبائه الكرام. وفيه يقول الشيخ جمال الدين محمد ابن نباتة المصري من قصيدة :

لم أنس في حبيه كم ليلة

خلفني أرعى دجاها البهيم

نظرت في أنجمها نظرة

فقال لي جسمي إني سقيم

ما الشمس إلا وجهك المجتلى

ولا الحيا إلا ندى ابن العديم

كمال دين الله من غيثه

قد ألحق الساري بخصب المقيم

من معشر سادوا وساسوا الورى

ببأس قاس وبجدوى رحيم

مثل النجوم الزهر كم مهتد

بها من الناس وكم من رحيم

يا عمر الخير لقد نبّهت

منك المعالي طرف راع حليم

إنا وجدناك لنظم الثنا

أبا فجئناك بدرّ نظيم (١)

انتهى. ومولده سنة ثلاث وسبعين وستمائة ، وتوفي سنة عشرين وسبعمائة بحلب تغمده الله برحمته.

قال القرشي في طبقات الحنفية : وتولى بعده قاضي القضاة ناصر الدين محمد ويأتي ا ه.

وقال في المنهل الصافي في ترجمته : تولى قضاء حلب سنة عشر وسبعمائة ، وهو أول من ولي قضاء الحنفية بحلب ، ولم يكن قبل تاريخه بحلب غير قاض واحد شافعي منذ ولي بنو أيوب بعد الخلفاء الفاطميين ، وأما العصر الأول فكانت الحنفية هم قضاة سائر الأقطار. وكان كمال الدين المذكور إماما عالما فقيها ا ه.

__________________

(١) القصيدة طويلة وهي في ديوانه المطبوع (ص ٤٣٦) وهذا البيت فيها على هذه الصورة :

وكم رأيناك لمربي الثنا

أبا فجئناك بدر يتيم

٥٠٨

٣٠٦ ـ علي بن الحسن الهروي المتوفى سنة ٧٢٢

علي بن الحسن بن محمد الهروي الإمام علاء الدين أبو الحسن الحنفي. قرأت في تاريخ الإمام محمد بن حبيب في ذكر من مات سنة اثنتين وعشرين وسبعماية قال : وفيها توفي الشيخ علاء الدين أبو الحسن علي بن الحسن بن الهروي إمام تقدم على الأقران ، وأنعم النظر في مذهب النعمان ، وسلك طريق التصوف ، وأكثر من التطلع في كتب العلم والتشوف. كان ذا همة وشجاعة ، وعزم يحسر عن النجدة قناعه ، طاف البلاد ثم أقام بحلب ، وتصدر للإفتاء والتدريس وشغل ذوي الطلب ، وباشر بها مشيخة الخانكاه المقدمية ، واستمر بها على شهبائها إلى أن أدركته المنية. من إنشاده :

كم حسرات في الحشا

من ولد لنا نشا

كنا نشاء رشده

فما نشا كما نشا

وكانت وفاته بحلب وهو من أبناء السبعين تغمده الله برحمته ا ه. (الدر المنتخب).

٣٠٧ ـ محمد بن عثمان بن الحداد المتوفى سنة ٧٢٤

محمد بن يوسف بن محمد بدر الدين المعروف بابن الحداد الأموي الأصل المصري خطيب حلب. تفقه واشتغل وسمع الحديث من الشيخ شمس الدين محمد بن العماد ، وحفظ المحرر لأبن تيميّة وعرضه على النجم بن حمدان ، وخطب بجامع دمشق ، وولي الحسبة ونظر المارستان والجامع بدمشق ، وولي نظر الأوقاف والخطابة بجامع حلب. ومات في جمادى الأولى سنة ١٧٢٤ ا ه.

أقول : واسمه منقوش على باب منبر الجامع الكبير بحلب وقد ذكرنا ذلك في الجزء الثاني في صحيفة (١٤٠).

٣٠٨ ـ الشهاب محمود بن سليمان بن فهد المتوفى بدمشق سنة ٧٢٥

قال ابن كثير في تاريخه البداية والنهاية في حوادث سنة خمس وعشرين وسبعماية : فيها توفي الصدر الكبير الشيخ الإمام العالم العلامة شهاب الدين أبو الثناء محمود بن سليمان

٥٠٩

ابن فهد الحلبي ثم الدمشقي شيخ صناعة الإنشاء الذي لم يكن بعد القاضي الفاضل مثله في صنعة الإنشاء ، وله خصائل ليست للفاضل من كثرة النظم والقصائد المطولة الحسنة البليغة. ولد سنة أربع وأربعين وستماية بحلب ، وسمع الحديث وعني باللغة والأدب والشعر. وكان كثير الفضائل بارعا في علم الإنشاء نظما ونثرا ، وله في ذلك كتب ومصنفات حسنة فائقة. وقد مكث في ديوان الإنشاء نحوا من خمسين سنة ، ثم عمل كتابة السر بدمشق نحوا من ثماني سنين ، إلى أن توفي ليلة السبت ثاني عشرين شعبان في منزله قريب من باب الناطفانيين وهي دار القاضي الفاضل وصلي عليه بالجامع ودفن بتربة له أنشأها بالقرب من اليعمورية وقد جاوز الثمانين سنة ا ه.

قال أبو الفداء في تاريخه في حوادث سنة ست عشرة وسبعماية لما أنعم عليه بمدينة المعرة : ومدحني شهاب الدين محمود كاتب الإنشاء الحلبي بقصيدة ذكر فيها صدقات السلطان وعود المعرة أضربنا عن غالبها خوف التطويل ، فمنها :

بك تزهى مواكب وأسرّه

ولك الشمس والقواضب أسره

وبأيامك التي هي روض

للأماني تجنى ثمار المسرّه

بك كل الدنيا تهنّى ويضحي

قدرها عاليا وكيف المعرّه

وترجمه ابن شاكر في فوات الوفيات وقال : إن مولده كان بدمشق ، وهو سهو منه ، فإن جمع المؤرخين والأدباء نعتوه بالحلبي ومنهم أبو الفدا كما قدمنا ، وعبارة ابن كثير صريحة بأن مولده بحلب. وأورد له ابن شاكر ثمة عدة قصائد ، قال : ومن نظمه :

رأيت في بستان خل لنا

بدر دجى يغرس أشجارا

فقلت إن أنجب هذا الذى

يغرسه أثمر أقمارا

ومنه :

رأتني وقد نال مني النحول

وفاضت دموعي على الخدّ فيضا

فقالت بعيني هذا السقام

فقلت صدقت وبالخصر أيضا

ومنه :

ورأيته في الماء يسبح مرة

والشعر قد رفت عليه ظلاله

٥١٠

فظننت أن البدر قابل وجهه

وجه الغدير فلاح فيه خياله

وأورد له الشيخ محمد العرضي الحلبي في مجموعته قوله :

وسرت به في البحر جارية

سوداء يسبق سيرها الشهبا

لو أن ملك البحر طوع يدي

لأخذت كل سفينة غصبا

وقوله :

إذا البرق من تلقاء كاظمة عنّا

أذاب الحشا منا وزاد الكرى عنّا

حسبناه إيماض الثغور على النقا

وليس به لكنه قارب المعنى

متى قال حادينا رويدا فبينكم

وبين الحمى مقدار يومين أو أدنى

وهبنا له شطر الحياة فإن أبى

ولم يرضه ما قد وهبنا له زدنا

أقول : وقد طبع من مؤلفاته «حسن التوسل في صناعة الترسل» وهو كثير متداول. وأورد له الشيخ يوسف النبهاني البيروتي في مجموعته المطبوعة في بيروت المسماة بالمجموعة النبهانية في المدائح النبوية أزيد من عشرين قصيدة تقرب من ألفي بيت ، وكلها من غرر الشعر. ومن مؤلفاته «منازل الأحباب ومباراة الألباب» ذكره في الكشف.

٣٠٩ ـ عبد الوهاب بن أمين الدولة المتوفى سنة ٧٢٥

عبد الوهاب بن عمر بن عبد المنعم بن هبة الله بن أمين الدولة الحلبي الحنفي الإمام النحوي الزاهد ظهير الدين. كذا ذكره الصفدي وقال : ولد سنة أربعين وستماية ، وسمع من حبيبة الحرانية ، وأجاز له ابن الجميزي. وسمع منه محمد بن طغريل. مات سنة خمس وعشرين وسبعماية ا ه. (بغية الوعاة).

وقال في المنهل الصافي : كان رحمه‌الله من أعيان فقهاء السادة الحنفية ، ذكره الحافظ عبد القادر في طبقاته وأثنى عليه ، وتوفي بحلب في صفر. ا ه.

٣١٠ ـ طلحة بن يوسف المتوفى سنة ٧٢٥

قال ابن الوردي : في رجب من هذه السنة توفي بحلب الشيخ علم الدين طلحة بن

٥١١

يوسف. كان رحمه‌الله فاضلا في النحو والتصريف والقراءات ، حسن الوجه والخلق والصوت ، مشاركا في علوم. وكان إليه تدريس المدرسة الرواحية بحلب ا ه.

٣١١ ـ الحافظ عمر بن حسن بن حبيب المتوفى سنة ٧٢٦

عمر بن الحسن بن عمر بن حبيب بن عمر بن شونج أبو القاسم الدمشقي نزيل حلب الإمام العالم الحافظ زين الدين الشافعي. ولد تقريبا سنة ثلاث وستين وستماية ، وسمع من الفخر أحمد وابن شيبان وبنت مكي وطبقتهم ، وبمصر ابن حمدان وخلقا ، وقدم حلب صحبة القاضي زين الدين الخليلي الشافعي بعد سنة سبعمائة بقليل وأقام بها ، وسمع بها من شرف الدين أبي محمد يعقوب ابن الصابوني وأبي إسحق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم المقدسي وعبد الله بن عمر بن سعيد وسنقر بن عبد الله ومحمد بن علي البالسي قدم حلب ، وعبد العزيز بن عمر بن أبي بكر بن الأزدي الغساني الحموي قدم حلب ، وبيبرس العديمي وإبراهيم بن أبي بكر بن عبد الرحمن الشيرازي قدم حلب ، ورشيد بن كامل بن رشيد الرقي ومحمد بن أحمد بن محمد النصيبي وغيرهم من أهلها والقادمين عليها. وكتب وعني بالحديث وتميز. وأول سماعه في سنة خمس وسبعين. وكان إماما عالما حافظا ، وخرج له أبو عبد الله الذهبي الحافظ مشيخة فيها أكثر من خمسمائة شيخ ، وحدث سمع منه أولاده الإمام بدر الدين الحسن وشرف الدين حسين وكمال الدين محمد وغيرهم. وذكره ولده الإمام بدر الدين الحسن في تاريخه وقال فيه : إمام علي المقام ، ومحدث عن خير الأنام ، وعالم لا يغفل عن الاحتراز ، وعامل يقابل فرص الفوائد بالانتهاز. كان حسن الأخلاق غزير الأرفاد والأرفاق ، محبا للفقراء وأهل الخير ، معينا لمن ورد عليه بما لديه من المير ، متمسكا بأفنان الفنون ، خبيرا بعلل المسانيد والمتون ، رحل وطلب ، وألف وكتب ، وسمع الكثير ، وروى عن الجم الغفير ، وسار إلى لقاء المرشدين ، وقرأ بمصر والشام على الحفاظ المسندين. ثم أقام بحلب ملازما خدمه السنة النبوية ، وباشر بها نظر الحسبة ومشيخة الحديث وعدة من الوظائف الدينية. خرج له الحافظ أبو عبد الله الذهبي معجما وكتبه بخطه ، يشتمل على أكثر من خمسمائة شيخ قيدهم بتحريره وضبطه. سمعت منه وقرأت عليه جملة مما يرويه عن الحفاظ ، وأفادني كثيرا من تنقيح المعاني وتصحيح الألفاظ. وهو القائل في مرضه المتصل بموته من أبيات :

٥١٢

أبعد ثلاثين انقضت لي ومثلها

وخمس أرجّي صحة وشفاء

على العيش مني والغواني تحية

وأوقات لذات ذهبن جفاء

انتهى. ومن نظمه أيضا من قصيدة :

ما ضرهم لو سامحوا بخيالهم

إن كان عزّ على البعاد لقاهم

وأظنهم سمحوا ولكن طيفهم

منع الزيارة خائنا حاشاهم

أنشدني الإمام أبو الوفا إبراهيم بن محمد الحلبي قال : أنشدني شيخنا الإمام المحدث المخرج شرف الدين الحسين بن الحافظ أبي القاسم عمر بن حبيب الشافعي الدمشقي ثم الحلبي قال : أنشدنا والدي أبو القاسم عمر قراءة عليه وأنا أسمع سنة ست عشرة وسبعماية قال : أنشدنا الشيخ الأجل الفاضل الأديب سراج الدين أبو حفص عمر بن عبد النصير ابن محمد بن هاشم بن عز العرب القرشي السهمي عرف بالزاهد القوصي الحريري لنفسه بالقاهرة رابع عشر صفر سنة ثلاث وتسعين وستماية بدار الحديث الكاملية :

أحاديث عشقي بين أهل الهوى تروى

يعنعنها عني التأوه والشكوى

مسلسلها وجدي وصبري غريبها

وأحسنها ذلي لعز الذي أهوى

ومرفوعها عن مقلتي سنة الكرى

وموقوفها لهفي على ساكني حزوى

ومتروكها ذكر السلوّ لخاطري

ومقطوعها وصلي من الرشأ الأحوى

وأما أحاديث الوشاة بأسرها

فموضوعة لا حكم فيها ولا فتوى

خذوا متنها عني فإن شروحها

تطول ببعدي في الهوى عن حمى علوى

وإن كنت أبدي في دنوي تجلدا

فإني عليه في التباعد لا أقوى

وخلّ لما ألقاه من ألم النوى

ضلوعي على مبسوط نار الجوى تطوى

على أن من أهوى تجنّيه لم يزل

ألذّ على قلبي من المنّ والسلوى

قال ولده شيخنا أبو محمد بن حبيب في تاريخه : وقال يعني والده أبا القاسم وأنشدنا أبو حفص عمر بن إبراهيم بن الحسين الغنيمي لنفسه أبياتا منها :

تبدّي بإكليل على نور وجهه

فحلّ محل البدر في القلب والطرف

تود الدراري أن تكون نطاقه

وترجو الثريا أنها موضع الشنف

٥١٣

نصبت على التمييز إنسان مقلتي

أشاهد قدا منه نصبا على الظرف

أأخشى لديه فرقة وقساوة

وقد جاء واو الصدغ للجمع والعطف

توفي سنة ست وعشرين وسبعمائة بمراغة حيث رحل إليها لأمر عرض له. وقال فيه ولده أبو محمد الحسن :

لوالدي قلت حين ولّى

مفارقا نفسه العفيفه

أبشر من المصطفى بخير

يا خادم السنة الشريفه

ا ه (الدر المنتخب).

وترجمه في الدرر الكامنة ببعض ما تقدم وقال : ثم رحل إلى الروم وعمل لنفسه فهرست مروياته في مجلد وقفت عليها ، ثم وصل إلى مراغة فمات بها في شهور سنة ٧٢٦. ومن شعره :

كتمت الهوى صونا لكم فوشت به

مدامع لا تدري بمن أنا مغرم

٣١٢ ـ محمد بن إسحق بن صقر المتوفى سنة ٧٢٦

محمد بن إسحق بن محمد بن محمد بن نصر بن صقر الحلبي شمس الدين ناظر الأوقاف. ولد سنة ٦٣٣ ، وكان يذكر أنه سمع من أبيه الضيا صقر ومن يوسف بن خليل وغيرهما ، ولم يوجد له إلا عن النجيب عبد اللطيف سمع منه بالقاهرة مشيخة ابن كليب. وكان شيخا أبيض أحمر الوجه تقي الشيبة نظيف الثياب ، وكان يلبس لبس الفقراء وهمته همة الأمراء ، يقوم بحقوق الواردين إلى حلب ، ويمدحه الشعراء فيجيزهم أحسن الجوائز ، وكان يأخذ القصيدة من ناظمها فيكتب فيها اسم شاعرها وتاريخ وصولها إليه ومقدار الجائزة ، فإذا تقدم ذلك الشاعر أو صارت له دولة أو صورة أخرج تلك الورقة وكان أهل حلب يشكون في شهاداته. مات في شعبان سنة ٧٢٦ وقد جاوز التسعين.

ثم رأيت ترجمته في الدر المنتخب ومما قاله فيه : أنه كان رئيسا كبيرا ممدوحا ، باشر نظر الأوقاف بحلب وكانت له هبات ولبسه لبس الفقراء ، وكان فيه كرم وسماحة وقيام بحقوق الواردين ، والناس يقصدونه. وكان سافر مع قرا سنقر إلى دمشق وأقام بها مدة ،

٥١٤

وكان يقول : ما يحملني إلا تلك الخربة يعني حلب ، ثم عاد إلى حلب واستمر بها. وفيه يقول الإمام جمال الدين أبو بكر محمد بن نباتة المصري :

يا سائلي عن حلب لا تطل

والله لو لا شمسها المجتبى

لم يلق راجي حلب زبدة

ولم يصادف لبنا طيّبا

وقوله فيه :

أقول لساكني حلب جميعا

نعم وبني دمشق وأهل مصر

دعوا صيد المحامد والمعالي

فقد صاد الجميع ندى ابن صقر

وقال فيه وقد أسن :

حمى الله شمس المكرمات من الأذى

ولا نظرت عيناي يوم مغيبه

لقد أبقت الأيام منه لأهلها

بقية ما في المزن غير مشوبه

كأن سجاياه اللطيفة قهوة

حباب حمياها بياض مشيبه

توفي في شعبان سنة ست وعشرين وسبعماية بحلب تغمده الله برحمته ا ه.

وفي ديوان ابن نباته : ومما كتبه إلى ابن صقر الحلبي :

أما والله قد شرّفت شعري

فأصبح كل بيت مثل قصر

وقد لاقيت من علياك بحرا

يلذ مديحه في كل بحر

وصدرا فيه للرحمن سرّ

كذاك الصدر موطن كل سرّ

ولم أر فيك عيبا غير نعمى

بها استعبدت منا كل حرّ

وبرا إن تقاصر عنه شكري

فأقسم ما تقاصر عنه أجري

أقول لساكني حلب جميعا

مقالة مجتلي خبر وخبر

دعوا صيد المحامد والمعالي

فقد صادتهما همم ابن صقر

والبيتان الأخيران تقدما وفيهما مغايرة لما هنا.

٥١٥

٣١٣ ـ طلحة النحوي المقري المتوفى سنة ٧٢٦

طلحة الشيخ الإمام الحلبي النحوي المقري الشافعي. كان أصله مملوكا يدعى سنجر فغيره بذلك. وكان إماما في النحو يعرف الحاجبية جيدا ومختصر ابن الحاجب والتعجيز. قال ابن أيبك : قرأت عليه بحلب مدة إقامتي بها قطعة جيدة من كتاب البيوع من التعجيز ، وكان يراعي الإعراب في كلامه وبحثه. وكان شيخا طوالا حسن القراءة جيد الصوت طيبه يعرف القراءات جيدا ، سافر إلى الشيخ برهان الجعبري وأخذ التعجيز عنه. وتوفي سنة ست وعشرين وسبعماية رحمه‌الله تعالى ا ه (المنهل الصافي).

٣١٤ ـ علي بن أحمد الحداد الشاعر المتوفى سنة ٧٢٦

علي بن أحمد بن حسن بن علي أبو الحسن الحداد المؤذن المنشد. مولده سنة خمس وخمسين بحلب تقريبا ، وله شعر حسن ذكره الذهبي في معجمه وقال : أنشدنا الشيخ علي الحداد لنفسه أبياتا مدح بها أمين الدين الرئيس ووالده مطلعها :

هوّن الله كلّ صعب شديد

وطوى شقّة القفار البيد

للمطايا إذا طلبن حمى سلع وجدّت بكل جهد جهيد

بارك الله للمطايا إذا ما

جزن أعلام حاجر وزرود

ورأت بانة العقيق وربعا

حل فيه كل الندى والجود

خاتم المرسلين أكرم خلق الله من والد ومن مولود

وذكره ابن رافع في معجمه. توفي سنة ست وعشرين وسبعماية تغمده الله برحمته ا ه. (الدر المنتخب).

٣١٥ ـ يعقوب بن عبد الكريم ناظر الجيش المتوفى سنة ٧٢٩

يعقوب بن عبد الكريم بن أبي المعالي الحلبي شرف الدين ناظر الجيش بحلب ثم طرابلس. تنقل في هاتين الولايتين مرارا عديدة ، ثم قدر أن مات بحماة. وكان رئيسا نبيلا جوادا يحب الفضلاء ويرعاهم ، متجملا في زيه وملبسه ، وهو والد الرئيس ناصر الدين محمد

٥١٦

ابن يعقوب الذي كان ولي كتابة السر بحلب وبدمشق (سيأتي ذكره في وفيات سنة ٧٦٣).

وقال ابن كثير : كان محبا لأهل الخير وفيه كرم وإحسان. مات بحماة في جمادى سنة ٧٢٩.

٣١٦ ـ إبراهيم بن صالح بن العجمي المتوفى ٧٣١

إبراهيم بن صالح بن هاشم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن العجمي الحلبي عز الدين. ولد بعد الأربعين ، وكتب بخطه سنة أربعين وأرخه غيره سنة اثنتين وقيل ثلاث (أي وأربعين). وسمع من يوسف بن خليل ثلاثة أجزاء منها عشرة الحداد ومنتقي الحرث وتفرد بها بالسماع منه. وسمع من خطيب بردي وابن عبد الدايم ونصر الله بن أبي العز وابن (السعسعة) لكن لم يكثر. وكان من بيت العلم والرياسة والوجاهة.

قال ابن رافع : كان جنديا أولا ، ثم ترك ذلك وجلس مع الشهود. وكان سهلا في التحديث بشوشا سريع الدمعة. ورحل الناس إليه. ومات في ١٦ جمادى الآخرة سنة ٧٣١ ، وهو آخر من حدث عن يوسف بن خليل. وسمع منه البرزالي والذهبي وابن حبيب وأولاده ا ه.

٣١٧ ـ يوسف بن محمد النصيبي المتوفى سنة ٧٣١

يوسف بن محمد بن محمد بن عبد القاهر بن هبة الله بن عبد القاهر بن عبد الواحد ابن هبة الله بن طاهر بن يوسف بن العز أبو بكر ابن النصيبي الحلبي. ولد في رمضان سنة ٤٥ بها ، وسمع من شيخ الشيوخ بحماة مسند العشرة من مسند أحمد وحدث سمع منه عبد القادر المقريزي وعبد الرحمن بن محمد البعلي وابن رافع. ومات في ربيع الآخر سنة ٧٣١.

٥١٧

٣١٨ ـ محمد بن ناهض المتوفى سنة ٧٣١

بدر الدين محمد بن ناهض إمام الفردوس بحلب. سمع عوالي الغيلانيات الكبير على القطب ابن عصرون وحدث ، وله نظم. مات تاسع عشري ربيع الآخر سنة سبعمائة وإحدى وثلاثين ا ه (أبو الفدا).

قال في الكشف : «بستان الناظر وأنس الخاطر» للشيخ محمد بن ناهض ، ولم يذكر تاريخ وفاته فلا أدري هو لهذا أو لحفيده محمد بن ناهض المتوفى سنة ٨٤١.

٣١٩ ـ الشريف حسن بن محمد بن زهرة المتوفى سنة ٧٣٢

حسن بن محمد بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي بدر الدين نقيب الأشراف بحلب وناظر المارستان بها. قتل غيلة في المحرم سنة ٧٣٢.

٣٢٠ ـ محمد بن أبي حامد الطبيب المتوفى سنة ٧٣٢

محمد بن أبي حامد بن هاشم بن نصار الحلبي الحكيم بدر الدين. كان فائقا في فنه. أثنى عليه ابن حبيب فقال : كان قدوة الأطباء في معالجة الأبدان ، ورحلة الألباء المعروفين بالعرفان. مات بحلب سنة ٧٣٢ عن نيف وثمانين سنة.

٣٢١ ـ عبد الرحمن سبط الأبهري المتوفى سنة ٧٣٣

عبد الرحمن الفقيه الشافعي المواقيتي سبط الأبهري الملقب أمين الدين. كان له يد طولى في الرياضي والوقت والعمليات ومشاركة في فنون. وكان عنده لعب فنفق عند الملك المؤيد بحماة وتقدم ، ثم بعده تأخر وتحول إلى حلب ومات بها ، وأهل حماة يطعنون في عقيدته. ويعجبني بيتان الثاني منهما مضمن لا لكونهما فيه ، فإن سريرته عند الله ، بل لحسن صناعتهما ، وهما :

إلى حلب خذ عن حماة رسالة

أراك قبلت الأبهري المنجما

فقولي له ارحل لا تقيمن عندنا

وإلا فكن في السر والجهر مسلما

٥١٨

ا ه (ابن الوردي في ذيل تاريخ أبي الفدا من حوادث سنة ٧٣٣).

٣٢٢ ـ أحمد بن يحيى بن جهبل المتوفى سنة ٧٣٣

أحمد بن يحيى بن إسماعيل الشيخ شهاب الدين بن جهبل الكلّابي الحلبي الأصل. سمع من أبي الفرج عبد الرحمن بن الزيني المقدسي وأبي الحسن بن النجاري وعمر بن عبد المنعم ابن القواس وأحمد بن هبة الله بن عساكر وغيرهم. ودرس وأفتى وشغل بالعلم مدة بالقدس ودمشق ، وولي تدريس البادرانية بدمشق ، وحدث وسمع منه الحافظ علم الدين القاسم ابن محمد بن البرزالي. مات سنة ثلاث وثلاثين وسبعماية ا ه. (الطبقات الكبرى للسبكي). ثم قال : ووقفت له على تصنيف في خبر الجهة ردا على ابن تيميّة وهو هذا ، وساقه بتمامه وهو في ثلاثين صحيفة.

وذكره ابن الوردي في ذيل تاريخ حماة فيمن توفي في هذه السنة وقال : إن وفاته بدمشق.

٣٢٣ ـ شرف الدين عبد الرحمن العجمي المتوفى سنة ٧٣٤

شرف الدين أبو طالب عبد الرحمن ابن القاضي عماد الدين بن العجمي. سمع الشمائل على والده ، وحدث وأقام مع والده بمكة في صباه أربع سنين. وكان شيخا محترما من أعيان العدول وعنده سلامة صدر. توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وسبعماية ا ه (ذيل الوردي).

٣٢٤ ـ عمر بن محمد بن العديم المتوفى سنة ٧٣٤

عمر بن محمد بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة العقيلي الحلبي الحنفي نجم الدين بن جمال الدين بن الصاحب كمال الدين بن العديم. ولد بحلب سنة ٦٨٩ ، وسمع من الأبرقوهي وحدث عنه وتفقه ، وولي عدة تداريس ، ثم ولي القضاء في حماة سنة ٧٢١ إلى أن مات بحماة في صفر سنة ٧٣٤. ولا يحفظ أنه سب أحدا طول ولايته. وكان المؤيد يثني عليه وعلى فضائله. ومن نظمه :

٥١٩

كأنما النهر وقد حفت به

أشجاره فصافحته الأغصن

مرآة غيد قد وقفن حولها

ينظرن فيها أيّهن أحسن

ورثاه ابن الوردي بقوله :

قد كان نجم الدين شمسا أشرقت

بحماة للداني بها والقاصي

عدمت ضياء ابن العديم فأنشدت

مات المطيع فيا هلاك العاصي

ومن نظمه كما في مجموعة الشيخ محمد العرضي وفي ترجمته في الدر المنتخب :

من بعد بعدك يا من كان يؤنسني

ما أبصرت حسنا عيني ولا رمقت

سواك ما مرّ في بالي ولا شفتي

بغير ذكرك يا أقصى المنى نطقت

أشكو إليك غراما فيك أقلقني

فدتك نفسي على طول المدى ووقت

وفرط شوق ووجد ناره وقدت

بين الأضالع والأحشاء فاحترقت

أستودع الله وجها مشرقا بهجا

كأن منه بدور التمّ قد خلقت

مهلا فإن الليالي ربما قبضت

بنانها والأماني ربما صدقت

وذكره صديقنا الشيخ أحمد الصابوني رحمه‌الله في تاريخ حماة فقال : كان علامة زمانه وزينة دهره ، مجيدا في أكثر العلوم ، عنده من الفنون وعلوم الأدب ما قل أن يكون لغيره ، وكان جيد الخط والشعر ، ذا مروءة طبيعية وتحفظ عجيب بحيث لم يحفظ عنه أنه شتم أحدا مدة ولايته. وكان قاضي حماة معتبرا عند الملوك ذا مكانة عظيمة مشي أهل البلد كلهم في جنازته ، وقد آثر صاحب حماة بعد وفاة ابن العديم أن لا ينقطع أمر تولية القضاء من هذا البيت لأهل حماة فولى بعده ابنه جمال الدين عبد الله وهو شاب أمرد لا نبات بعارضيه ا ه.

وله من المؤلفات «منهاج على مذهب الحنفية» وهو مشتمل على أصول وفروع جمع فيه بين الجامع الصغير وبين الطحاوي والقدوري بأوجز لفظ وأحسن بيان ، قاله في الكشف.

٥٢٠