إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٤

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي

إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٤

المؤلف:

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي


المحقق: محمّد كمال
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٦٤

ولم أوفّك ما استوجبت من قدع

ولست أجمع سوء الكيل والحشف

وما أردت بهذا الغضّ من رجل

بمثله خلف من غابر السلف

ما كان هجوي له إلا ليقلع عن

تكفير أهل الهوى والدين والصلف

وإن عتبت عليه وهو يسمعني

لقد بكيت عليه وهو في الجذف

ومنها :

فإن حملتم على ما قلته غرضي

لقد لجأتم من الحسنى إلى كنف

وإن ظننتم بي السوءى فلست إذا

رضيت حيدرة الهادي بذي أسف

قلت : اختلف في مكان قبر علي رضي‌الله‌عنه. وقال سفيان الثوري : أعز الخلق خمسة أنفس : عالم زاهد ، وفقيه صوفي ، وغني متواضع ، وفقير شاكر ، وشريف سني ا ه.

٢٦١ ـ أحمد بن عمر بن أحمد بن العديم المتوفى في هذا العقد ظنا

أحمد بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة ولد الصاحب كمال الدين بن العديم. قال والده في «الأخبار المستفادة في مناقب بني جرادة» : ولد قبل صلاة الصبح من يوم الأربعاء لأربع بقين من جمادى الأولى من سنة اثنتي عشرة وستماية في حياة والدي وسماه باسمه ا ه. (ط ح ق).

وهو أخو عبد الرحمن المتقدم قبل هذا وأكبر منه بسنتين ، ولم يذكر القرشي تاريخ وفاته ، وسيأتي ذكر أخيهما محمد بن عمر المتوفى سنة ستماية وخمس وتسعين.

٢٦٢ ـ عبد الحليم بن تيميّة الحرّاني المتوفى سنة ٦٨٢

عبد الحليم بن عبد السلام بن تيميّة أبو محمد ، وقيل أبو المحاسن الحراني الحنبلي أحد علماء الحنابلة. ولد في حران في ثاني عشر شوال سنة سبع وعشرين وستماية ، وسمع من عمار بن منيع وسرايا بن معالي وأسعد بن أبي الفهم وإبراهيم بن الزيات وعبد الرزاق بن أحمد بن أبي الوفا والمرجي بن شقيرة وعلوان بن جميع وصدقة بن الطواجهيلي وأحمد بن

٤٨١

سلامة النجار وجماعة غيرهم ، وسمع من والده وابن اللتي وابن الأميري القزويني وابن رواحة وابن خليل ، وسماعه من ابن اللتي بحلب ، وتفقه وبرع في الفقه وتميز في عدة فنون من الفضائل ، ودرس ببلده وأفتى وخطب ووعظ وفسر ، وولي هذه المناصب عقيب موت والده وعمره خمس وعشرون سنة ، إلى أن نزع عن البلد وهاجر إلى دمشق واستوطنها بعد استيلاء التتر على حران. وكان أبوه مجد الدين من العلماء الأعلام ، وهو والد الشيخ الإمام العلامة تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيميّة الإمام المشهور. ولعبد الحليم هذا إجازة من ابن الزبيدي والسهروردي وعمر بن كرم وعبد اللطيف ابن الطبري وعز الدين ابن الأثير وابن الأنجب الحمامي وأبي صالح نصر بن الجيلي ، وأجازه الموفق عبد اللطيف البغدادي سنة ثمان وعشرين وستمائة (هكذا وهو سهو لأن مولده سنة ٦٢٧ فليحرر). ومن ابن العماد وعيسى من الإسكندرية ومن جماعة من ديار مصر ودمشق وحلب. مات ليلة الأحد سلخ ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وستمائة ودفن بمقابر الصوفية بدمشق رحمه‌الله تعالى ا ه. (المنهل الصافي).

٢٦٣ ـ عيسى بن مهنا أمير العرب المتوفى سنة ٦٨٣

عيسى بن مهنا بن مانع بن حديثة بن غضيّة بن فضل بن ربيعة الأمير شرف الدين أمير آل فضل. قال ابن خطيب الناصرية : كان ملك العرب في وقته والمشار إليه منهم ، وكان له منزلة عظيمة عند الملك الظاهر بيبرس ، ثم تضاعفت عند الملك المنصور قلاوون بحيث ضاعف حرمته وإقطاعه وملكه مدينة تدمر بعقد البيع والشراء وأورد عنه ثمنها لبيت المال المعمور ليأمن غائلة ذلك. وكان عيسى المذكور كريم الأخلاق حسن الجوار مكفوف الشر مبذول الخير ، ولم يكن في العرب وملوكها من يضاهيه ، وعنده ديانة وصدق لهجة ، ولا يسلك مسالك العرب في النهب وغيره. وكان به نفع للمسلمين ، منها أنه كان يكف العدو عن حلب ومعاملتها ، ومنها في وقعة الملك المنصور قلاوون مع التتار بحمص سنة ثمانين وستمائة فإنه جاء وقت الوقعة واعترض التتار من خلفهم فتمت هزيمة التتار به. وكانت البلاد في زمانه في غاية الأمن إلى أن توفي سنة ثلاث وثمانين وستمائة وولي بعده ولده حسام الدين مهنا رحمه‌الله تعالى ا ه. (المنهل الصافي).

٤٨٢

٢٦٤ ـ محمد بن عبد الله بن الخضر المتوفى سنة ٦٨٤

محمد بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن الخضر بن عبد الله الحلبي قطب الدين حفيد أبي عبد الله محمد بن يوسف قاضي العسكر ، وهو أخو قاضي القضاة مجد الدين ابن العديم. ولد سنة تسع وأربعين وستماية ، وكان فقيها فاضلا ذا فنون ، ودرس ومات سنة أربع وثمانين وستماية ا ه (ط ح ق). هكذا ويظهر أن بعض النساخ خلط ترجمة بأخرى.

٢٦٥ ـ محمد بن إبراهيم بن شدّاد المتوفى سنة ٦٨٤

محمد بن إبراهيم ، وقيل محمد بن علي بن إبراهيم بن شدّاد عز الدين أبو عبد الله الحلبي. ولد بحلب سادس ذي الحجة سنة ثلاث عشرة وستماية ، وتوفي سنة أربع وثمانين ودفن من الغد بسفح المقطّم. كان رئيسا حسن المحاضرة ، صنف تاريخا لحلب وسيره للملك الظاهر قبل قدومه إلى الديار المصرية ، وكان من خواص الملك الناصر ، وترسل عند هولاكو وغيره من الملوك ، واستوطن الديار المصرية بعد أخذ التتار حلب. وكانت له مكانة عند الملك الظاهر بيبرس والملك المنصور قلاوون ، وحرمته وافرة ، وله توصل ومداخلة وعنده بشر كثير ومسارعة إلى قضاء حوائج من يقصده ا ه. (الوافي بالوفيات).

وترجمه ابن خطيب الناصرية بنحو ما تقدم وقال : إنه صنف تاريخا لحلب وسيرة الملك الظاهر وتاريخا سماه «الدرة الخطيرة في أمراء الشام والجزيرة». فعلى هذا تكون مؤلفاته التاريخية ثلاثة منها تاريخ لحلب خاصة ، وقد اقتصرنا في المقدمة (ص ٦٢) على ذكر الدرة الخطيرة الذي يسمي «الأعلاق الخطيرة» أيضا ، وفاتنا ثمة ذكر هذين التاريخين.

٢٦٦ ـ محمد بن يعقوب الأسدي المتوفى سنة ٦٨٥

محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن هبة الله بن طارق بن سالم الإمام العلامة محيي الدين أبو عبد الله ابن القاضي الإمام بدر الدين بن النحاس الأسدي الحلبي الحنفي. ولد بحلب سنة أربع عشرة ، وسمع من ابن شداد وجده لأمه موفق الدين يعيش شيئا يسيرا ، وكأنه كان مكبا على الفقه والاشتغال. قال الشيخ شمس الدين : لم أجده سمع من ابن روزبة ولا من الموفق عبد اللطيف ولا هذه الطبقة ، واشتغل ببغداد وجالس بها العلماء وناظر

٤٨٣

وبان فضله ، وسمع من أبي إسحق الكاشغري وأبي بكر بن الخازن. وكان صدرا معظما متبحرا في المذهب وغوامضه موصوفا بالذكاء وحسن المناظرة ، انتهت إليه رياسة المذهب بدمشق ، ودرس بالريحانية والظاهرية ، وولي نظر الدواوين ، وولي نظر الأوقاف. وكان معمارا مهندسا كاتبا موصوفا بحسن الإنصاف في البحث. وكان يقول : أنا على مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع ومذهب الإمام أحمد في الأصول. وكان يحب الحديث والسنة. سمع منه ابن الخباز وابن العطار والفرضي والمزي والبرزالي وابن تيميّة وابن حبيب والمقاتلي وأبو بكر الرحبي وابن النابلسي. وتوفي سنة خمس وثمانين وستماية ودفن بتربته بالمزة ، وحضر جنازته نائب السلطنة والقضاة والأعيان. وفيه يقول علاء الدين الوداعي وقد قرر قواعد مذهب أبي حنيفة رضي‌الله‌عنه ويعرض بذكر ولده شهاب الدين يوسف ومن خطه نقلت :

ومن مثل محيي الدين دامت حياته

إلى مذهب الدين الحنيفيّ يرشد

لقد أشبه النعمان وهو حقيقة

أبو يوسف في علمه ومحمد

ا ه (الوافي بالوفيات).

وذكره القرشي في طبقات الحنفية وقال : إنه ولي قضاء حلب ، لكن قال : إن وفاته ليلة سلخ ذي الحجة مستهل الحرم سنة ست وتسعين وستمائة. ولا أدري أيهما أصح ، ما قاله القرشي أو ما قاله الصلاح الصفدي.

وقال القرشي : مات له ولد فرثاه بأبيات ثلاثة وهي :

الله يعلم ما في القلب من أسف

على فراقك يا سمعي ويا بصري

إذا تذكرت شملا كان مشتملا

فإن نفسي في الدنيا على خطر

وإن حللت محلا كنت مؤنسه

ناديت لا أوحش الرحمن من عمر

٢٦٧ ـ محمد بن عبد السلام بن أبي عصرون المتوفى سنة ٦٨٥

محمد بن عبد السلام بن المطهر بن أبي عصرون الفقيه المسند أبو عبد الله التميمي الشافعي. ولد سنة عشر وستماية بحلب ، وسمع بها من أبي الحسن بن روزبه ومكرم بن

٤٨٤

أبي الصقر والمعلم ابن الصابوني ووالده القاضي شهاب الدين والعز بن رواحة وعبد الرحمن ابن أبي القاسم الصوري. وأجاز له المؤيد الطوسي وعبد العزيز الهروي وسعد بن الرزاز وأحمد بن سليمان بن الأصفر وطائفة. وكان فقيها فاضلا مدرسا. توفي سنة خمس وثمانين وستماية رحمه‌الله تعالى ا ه. (المنهل الصافي).

٢٦٨ ـ أحمد بن الزبير المتوفى سنة ٦٩٠

قال في المنهل الصافي : أحمد بن عبد الله بن الزبير الإمام المقري المجود شمس الدين الحلبي الخابوري. مولده بالخابور سنة ستماية. خطيب حلب. كان إماما فاضلا ماهرا في القراءات ووجوهها وعللها ، وكان مليح الشكل قوي الكتابة. قرأ القراءات على السخاوي وغيره ، وسمع بحران من الخطيب فخر الدين بن تيميّة ، وبحلب من أبي محمد ابن الأستاذ ويحيى الدامغاني وابن روزبه ، وببغداد من عبد السلام الداهري ، وبدمشق من أبي صادق بن صباح. وأسند عنه القراءات والشاطبية الشيخ يحيى المنبجي ورواها سنة أربع وستين وستماية وذلك قبل موته بدهر. وسمع منه الحافظ جمال الدين المزي وابن الظاهري وولده أبو عمرو والبرزالي وابن شامة وغيرهم.

وكان له محاسن وظرف ونوادر وخلاعة ، وله في ذلك حكايات لطيفة ، منها أنه كان في أيام قراسنقر نائب حلب مستوفي على الأوقاف يهودي ، فضايق الفقهاء وأهل الأوقاف وشدد عليهم ، فشكوه إلى قراسنقر فعزله ، ثم إنه سعى وبرطل وولي وعاملهم أشد من الأول ، فشكوه فعزله ، ثم سعى وتولى فاجتمع الفقهاء وقالوا : ما لنا في الخلاص منه إلا الخطيب فجاؤوا إليه فقال : ما أصنع به؟ فقالوا : ما له غيرك ، فقال : يدبر الله ، وأمر غلامه أن يأخذ سجادته ودواة وأقلاما وورقا ومصحفا على كرسي وقال له : توجه بهذا إلى كنيسة اليهود وافرش السجادة ، وكان ذلك بعد عصر الجمعة ، فحضر الشيخ إلى الكنيسة وجلس على السجادة وفتح المصحف من أوله وأخذ يكتب ، فجاءه اليهود ورأوه وما أمكنهم يقولون له شيئا لأنه خطيب البلد وهو ذو وجاهة ، وضاق عليهم الوقت وأرادوا الدخول في السبت وانحصروا فقالوا له : يا سيدي قد قرب أذان المغرب ونريد نغلق الكنيسة ، فقال : أبيت فيها لأني نذرت أن أنسخ هذا المصحف هنا ، فضاقوا وضجوا وقالوا : يا سيدي والله ما نطيق هذا وغدا السبت ، فقال : كذا اتفق ولابد من المقام هنا

٤٨٥

إلى أن يفرغ هذا المصحف ، فدخلوا عليه وقبلوا أقدامه وأقسموا عليه فقال : ولابد؟ قالوا : نعم ، قال : التزموا لي بأن تحرموا هذا المستوفي حتى لا يعود يباشر الأوقاف ، فالتزموا له بذلك واستراح المسلمون منه. وكان له من هذا النمط أشياء لطيفة. توفي بحلب سنة تسعين وستماية.

٢٦٩ ـ إبراهيم بن عبد المنعم بن أمين الدولة المتوفى سنة ٦٩١

إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن أمين الدولة الحلبي أبو إسحق. مولده بحلب سنة عشرين وستمائة. ذكره البرزالي في معجم شيوخه وقال : سمع من ابن خليل ، ودخل بغداد وسمع من الكاشغري ودرس بالحلاوية بحلب. قال : وكان شيخا حسنا فقيها على مذهب أبي حنيفة من بيت الرياسة والتقدم. مات بالقاهرة سنة إحدى وتسعين وستمائة وصلي عليه بجامع الحاكم ودفن بباب النصر ا ه. (ط ح للقرشي).

وقال في المنهل الصافي بعد ذكر ما قدمناه : قال الحافظ تقي الدين ابن رافع في التذييل : كان إماما بارعا في الفقه ، رحل إلى بغداد وسمع من الكاشغري الثلاثيات في سنة اثنتين وأربعين وستماية ، ومن فضل الله بن عبد الرزاق وموهوب الجواليقي وغيرهم ، وبحلب من أبي الحجاج يوسف بن خليل وكتب عنه ، وأبي القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة ومن الشيخ موفق الدين بن علي النحوي ، وذكر أيضا جماعة كثيرة إلى أن ساق وفاته في التاريخ المذكور انتهى. قلت : وأثنى على الشيخ أبي إسحق المذكور جماعة من العلماء الحنفية والمشايخ ، وعلمه مشهور وفضله مأثور رحمه‌الله تعالى ا ه.

٢٧٠ ـ محمد بن يوسف أبو الفضل المتوفى سنة ٦٩٢

محمد بن يوسف بن أحمد بن يوسف بن عبد الواحد الشيخ أبو الفضل الحلبي الحنفي. كان جده شيخ الحنفية في زمانه. مولده بحلب سنة تسع وثلاثين وستمائة ، وبها تفقه وسمع من ابن رواحة وابن خليل وغيرهما ، وبرع في الفقه وغيره. قال البرزالي : سمعت عليه بحلب جزء المخرمي والمروزي والسابع من الثقفيات. وكان شيخا جليلا رئيسا أصيلا فاضلا فقيها حنفيا ، ومات رحمه‌الله سنة اثنتين وتسعين وستمائة.

٤٨٦

قلت : وهو غير محمد بن يوسف بن الخضر الحلبي القائل في فقهاء المدينة البيتين :

ألا كل من لا يقتدي بأئمة

فقسمته ضيزى عن الحق خارجه

فخذهم عبيد الله عروة قاسم

سعيد أبو بكر سليمان خارجه

(ا ه منهل).

٢٧١ ـ إسماعيل بن هبة الله بن العديم المتوفى سنة ٦٩٤

إسماعيل بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن يحيى بن زهير بن هرون بن موسى بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عامر بن أبي جرادة أبو صالح ، عرف بابن العديم الحنفي الحلبي ، من بيت كبير مشهور. مولده سنة عشر وستماية بحلب. وسمع بها من جده أبي غانم محمد ، وقدم مصر وحدث بها بجزء أبي علي الكندي بسماعه من الحسين بن صصري. مات في المحرم سنة أربع وتسعين وستماية ا ه. (ط ح ق).

٢٧٢ ـ عبد الملك بن عبد الله بن العجمي المتوفى سنة ٦٩٤

عبد الملك بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن أبو المظفر بن أبي حامد الحلبي ، هو ابن العجمي. سمع من عبد المطلب بن الفضل الهاشمي.

أنشدنا الشيخ الإمام الرحلة شهاب الدين أحمد بن المرحل الحراني إجازة عن الحافظ أبي محمد الدمياطي إجازة إن لم يكن سماعا ، أنشدنا عبد الملك بن عبد الله لنفسه بدمشق :

تجلت كالهلال لناظريها

وغصن قوامها غضّ نضير

وألقت بالنقاب فعاد بدرا

منيرا ما له أبدا نظير

لعيني لاح ظاهره جليا

فعاد عليه من قلبي الضمير

ومنه قال : أنشدني أيضا لنفسه :

وهيفاء مثل البدر يزهر وجهها

وقد تبدت (١) من خدرها للنواظر

__________________

(١) هكذا في الأصل.

٤٨٧

تغنّى لها خلخالها حين أوقفت

بمشيتها تيها لرقص الضفاير

مولده منتصف ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وخمسمائة بحلب ، وتوفي بالقاهرة سنة أربع وتسعين وستمائة في ذي القعدة ودفن بسفح المقطّم قريبا من ضريح الشافعي رحمه‌الله تعالى ا ه (الدر المنتخب).

٢٧٣ ـ محمد بن عمر بن العديم ابن صاحب التاريخ المتوفى سنة ٦٩٥

محمد بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة الصاحب العالم البارع جمال الدين غانم بن الصاحب كمال الدين بن العديم العقيلي الحلبي الحنفي الكاتب. حضر على الحافظ أبي عبد الله البرزالي وسمع من ابن رواحة وابن قميرة وابن خليل وجماعة بحلب ، ورحل به والده قبل الخمسين مع الدمياطي إلى بغداد وأسمعه من شيوخها ، وطلع من أذكياء العالم وتأدب وشارك في الفضائل ، وبرغ في كتابة المنسوب. وسكن حماة وحدث بها. ومشى الملك المظفر ومن دونه في جنازته. وهو والد القاضي نجم الدين عمر ، ودفن بتربته بقبة بقيرين سنة خمس وتسعين وستماية ا ه (الوافي بالوفيات). وذكره القرشي في طبقات الحنفية ولم يذكر تاريخ وفاته ، بل ذكر ولادته وقال : إنها كانت سنة خمس وثلاثين وستمائة. ومن مؤلفاته «الرائض في علم الفرائض» ذكره في الكشف.

٢٧٤ ـ الحافظ أحمد بن محمد الظاهري المتوفى سنة ٦٩٦

الإمام المحدث الحافظ الزاهد مفيد الطلبة جمال الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله الحلبي مولى الملك الظاهر غازي بن يوسف. ولد في شوال سنة ست وعشرين وستمائة بحلب ، وسمع من ابن اللتي والإربلي وكريمة وابن رواحة وابن يعيش وصفية الحموية والشيخ الضيا وشعيب الزعفراني ويوسف الساوي والنّشتبري وخلق بحلب ودمشق ومصر والحرمين وماردين وحران والإسكندرية وحمص. وشيوخه سبعمائة شيخ وجمع أربعين البلدان ، وكتب الكثير وخرج لخلق. وكان حسن الانتخاب خبيرا بالموافقات والمصافحات صدوقا دينا خيرا سهل العارية ذا كرم وحياء وتعفف. تفقه على مذهب أبي حنيفة

٤٨٨

وتلا بالسبع وأخذ عنه الحفاظ المزي والذهبي والبرزالي والحلبي واليعمري وغيرهم. وتوفي في ربيع الأول سنة ست وتسعين وستمائة ، وكان قد جاءته ضربة سيف على عنقه في كائنة حلب ووقع بين القتلى ثم سلم ، فكان في عنقه ميلة منها رحمه‌الله ا ه. (مختصر طبقات الحفاظ لمحمد بن عبد الهادي الحنبلي).

٢٧٥ ـ فاخرة بنت عبد الله العجمي المتوفاة سنة ٦٩٧

فاخرة بنت عبد الله بن عمر بن عبد الرحيم بن العجمي أم الفضل الحلبية. روت عن أبي القاسم بن رواحة. أجازت للذهبي وذكرها في معجمه. توفيت بشيزر سنة سبع وتسعين وستمائة ا ه. (الدر المنتخب).

٢٧٦ ـ علاء الدين أيدكين الشهابي

المتوفى سنة ٦٩٧ ومتولي حلب سنة ٦٦٠

قال في المنهل الصافي : أيدكين بن عبد الله الشهابي الأمير علاء الدين نائب حلب ، نسبته بالشهابي إلى أستاذه الأمير الطواشي شهاب الدين رشيد النجمي الصالحي. تنقل بعد موت أستاذه المذكور حتى صار من جملة أمراء دمشق ، ثم ولي نيابة حلب في شهر شوال سنة ستين وستمائة فباشر نيابة حلب بحرمة وعدل في الرعية ، وغزا بلاد سيس وغيرها غير مرة ، وتكرر منه ذلك وهو ينتصر ويغنم منهم ويعود بالأسرى والسبايا. ولم يزل على ذلك إلى أن عزل عن نيابة حلب ثم تعطل مدة ، ثم ولي بعد ذلك عدة ولايات إلى أن توفي سنة سبع وتسعين وستمائة. وكان من خيار الأمراء عزما وحزما وخيرا ودينا ، وكان له محبة في أهل العلم والدين والصلاح والخير وله فيهم حسن ظن. وهو صاحب الخانقاه داخل باب الفرج بدمشق ووقف عليها أوقافا جيدة رحمه‌الله تعالى وعفا عنه.

٢٧٧ ـ عبد اللطيف بن نصر الميهني المتوفى سنة ٦٩٧

عبد اللطيف بن نصر بن سعيد بن سعيد بن محمد بن ناصر بن أبي سعيد الشيخ نجم الدين أبو محمد بن شهاب الدين أبو الفتوح الشيخي الميهني الشافعي الكلابي الصوفي شيخ

٤٨٩

الشيوخ بحلب. سمع من جده لأمه حامد القزويني ومن ابن روزنة ويحيى بن الدامغاني وعبد الحميد بن نعيمان سبط الحافظ أبي العلاء الهمداني. وحج سنة سبع وثلاثين وستماية ، وسمع بالمدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام على الحسن بن سلام بقراءة الضياء السبتي. مولده سنة تسع وستماية بمدينة حمص ، ومات أوائل سنة سبع وتسعين وستمائة بحلب فجأة من غصة بلقمة. سمع من البرزالي وذكره في معجمه ، وذكره شيخنا الإمام بدر الدين أبو محمد بن حبيب في تاريخه وقال فيه : كان دينا خيرا لا مبدلا ولا مغيرا ، مشمولا بالبركة مقبولا في السكون والحركة ، مقيما بخانقاه البلاط ، مسموعا قوله عند من سكن الزاوية وحل الرباط. بيته في المشيخة عريق ، وعقده بين الفقراء وثيق ، سمع وحدث وورى ، واستمر بين أهل التصوف إلى أن ثوى. وكانت وفاته بحلب عن ثمان وثمانين سنة ا ه (الدر المنتخب).

٢٧٨ ـ محمد بن إبراهيم بن النحاس المتوفى سنة ٦٩٨

محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نصر الإمام أبو عبد الله بهاء الدين بن النحاس الحلبي النحوي شيخ الديار المصرية في علم اللسان. ولد في سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وستماية ، وأخذ العربية عن الجمال بن عمرون والقراءات عن الكمال الضرير ، وسمع الحديث من ابن اللتي وابن يعيش وأبي القاسم بن رواحة وابن خليل وطائفة. ودخل مصر وأخذ عن بقايا شيوخها ، ثم جلس للإفادة وتخرج به جماعة من الأئمة وفضلاء الأدب. وكان من الأذكياء وله خبرة بالمنطق وإقليدس ، وكتب الخط المنسوب. وهو مشهور بالدين والصدق والعدالة مع إطراح الكلفة وصغر العمامة ، حسن الأخلاق فيه ظرف النحاة وانبساطهم ، وله صورة كبيرة في صدور الناس. وكان بعض القضاة إذا انفرد بشهادة حكّمه فيها وثوقا بدينه (١). وكان معروفا بحل المشكلات والمعضلات ، وله أوراد من العبادة والتلاوة والذكر والصلاة ، ثقة حجة يسعى في مصالح الناس ، واقتنى كتبا نفيسة ولم يتزوج ولم يأكل العنب قط. قال : لأني أحبه فآثرت أن يكون نصيبي في الجنة. ولما كملت المنصورية بين القصرين فوض إليه تدريس التفسير بها.

__________________

(١) وترجمه ابن الخطيب بنحو ما هنا ومما قاله : وكان إذا انفرد بشهادة حكم القاضي في تلك القضية وثوقا بدينه ، وله خبرة بالمنطق وإقليدس.

٤٩٠

قال أثير الدين أبو حيان وهو من تلامذته : كان هو والشيخ محيي الدين المازوتي شيخي الديار المصرية ولم ألق أحدا أكثر سماعا منه لكتاب الأدب ، وتفرد بسماع صحاح الجوهري ، وكان لا يأكل شيئا وحده ، وينهى عن الخوض في العقائد. ولي تدريس التفسير بالجامع الطولوني ولم يصنف شيئا إلا ما أملاه شرحا لكتاب المقرب (١). مات يوم الثلاثاء سابع جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وستماية. وله :

اليوم شيء وغدا مثله

من نخب العلم التي تلتقط

يحصّل المرء بها حكمة

وإنما السيل اجتماع النقط

نقلنا عنه في أول جمع الجوامع قوله : إن الحرف معناه في نفسه على خلاف قول النحاة قاطبة إن معناه في غيره ا ه. (بغية الوعاة للجلال السيوطي).

وترجمه ابن شاكر في فوات الوفيات بنحو ما هنا وقال : دخل مصر لما خربت حلب ولم يصنف شيئا إلا إملاء على كتاب «المقرّب» لابن عصفور من أول الكتاب إلى باب الوقف. قال الشيخ أثير الدين أبو حيان : كنت أنا وإياه نمشي بين القصرين ، فعبر علينا صبي يسمى بجمال وكان مصارعا ، فقال الشيخ بهاء الدين : من ينظم منا في هذا المصارع؟ فنظم الشيخ بهاء الدين رحمه‌الله :

مصارع تصرع الآساد سمرته

تيها فكل مليح دونه همج

لما غدا راجحا في الحسن قلت لهم

عن حسنه حدثوا عنه ولا حرج

وقلت :

سباني جمال من مليح مصارع

عليه دليل للملاحة واضح

لئن عزّ منه المثل فالكل دونه

وإن خف منه الخصر فالردف راجح

وأنشدني لنفسه :

__________________

(١) ذكر له في الكشف من المؤلفات شرح قصيدة المحاسن يوسف بن إسماعيل المعروف بالشواء الحلبي المتوفى سنة ٦٣٥ فيما يقال بالياء والواو وسماه «هدي أمهات المؤمنين» يوجد منه نسخة في مكتبة كوبريلي محمد باشا ورقمها ١٤٩٩.

وشرح مقدمة أبي العباس المبرد في النحو. قال في الكشف : شرحها إملاء.

٤٩١

إني تركت لذي الورى دنياهم

وظللت أنتظر الممات وأرقب

وقطعت في الدنيا العلائق ليس لي

ولد يموت ولا عقار يخرب

ثم قال : وقرأ عليه شمس الدين الذهبي ، وكان يحفظ ثلث صحاح الجوهري رحمه‌الله ا ه.

قال صاحب المنهل الصافي بعد أن ترجمه بنحو ما تقدم : وله نظم ونثر ، ومن شعره في مليح شرط :

قلت لما شرطوه وجرى

دمه القاني على الخدّ اليقق

ليس بدعا ما أتوا في فعله

هو بدر ستروه بالشفق

٢٧٩ ـ أحمد بن إسماعيل التبلي المتوفى سنة ٦٩٨

أحمد بن إسماعيل بن منصور الشيخ المحدث نجم الدين الحلبي المعروف بابن التبلي وبابن الجلال. ولد بحلب سنة إحدى وثلاثين وستمائة ، وسمع من ابن رواحة وابن خليل وجماعة أخر ، ولازم السماع مع الدمياطي فأكثر ، وكتب الطباق وقرأ بنفسه ودأب وحصل. قرأ عليه علم الدين البرزالي جزء ابن حرب رواية العباداني. توفي سنة ثمان وتسعين وستمائة رحمه‌الله ا ه. (المنهل الصافي).

٢٨٠ ـ أيوب بن أبي بكر بن النحاس المتوفى سنة ٦٩٩

أيوب بن أبي بكر بن إبراهيم بن هبة الله بن طارق بن سالم بن النحاس الحلبي الإمام العلامة بهاء الدين أبو صابر. مولده بحلب سنة سبع عشرة وستمائة. سمع بمكة من ابن الحميدي ، وبالقاهرة من يوسف الساوي ، وببغداد من ابن الخازن. درس وأفتى وحدث. ومات في ليلة ثاني شوال سنة تسع وتسعين وستمائة. ويأتي ابن عمه محمد بن يعقوب (تقدم آنفا) ابن إبراهيم الإمام محيي الدين بن النحاس ا ه (ح ق ط).

٢٨١ ـ إسماعيل بن أحمد بن الأثير المتوفى سنة ٦٩٩

إسماعيل بن أحمد بن سعيد بن محمد بن سعيد عماد الدين أبو الفداء ابن الرئيس تاج

٤٩٢

الدين أبي العباس ابن الأثير الحلبي. ولي صحابة ديوان الإنشاء بالديار المصرية من قبل السلطان الملك الأشرف خليل بن قلاوون سنة إحدى وتسعين عن والده بعد موته ، ثم تركها تدينا وتورعا. وكان رئيسا فاضلا كثير الفضائل ينظم الشعر وينشيء الرسائل والخطب ، كاتبا مجيدا دينا. وفيه يقول السراج الوراق وفي مخدومه الأشرف خليل :

وكان لأملاك الزمان ذخيرة

كما اذخر السيف المهند في الغمد

فما زال يوليه الخليل محبة

ولا زال إسماعيل يفدى ولا يفدي

وهو الذي كتب شرح «العمدة في الأحكام» عن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد ، وعليه أملاه المشار إليه لما قرأ العمدة عليه. مات بالقاهرة سنة تسع وتسعين وستمائة ا ه. (من مختصر الدر المنتخب لأحمد بن الملا ومن خطه نقلت).

قال في كشف الظنون في الكلام على «عمدة الأحكام» لتقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد الجماعيلي المقدسي : وممن شرحه الشيخ إسماعيل بن أحمد بن الأثير الحلبي الشافعي ، ذكر فيه أنه حفظ العمدة التي رتبها على أبواب الفقه وفيها خمسمائة حديث ، فقرأه على الشيخ ابن دقيق العيد ثم شرحه إملاء وسماه «إحكام الأحكام في شرح حديث سيد الأنام» ا ه.

وترجمه صاحب المنهل الصافي ومما قاله فيه : أنه كان فاضلا من بيت كتابة ونظم ونثر ، وله خطب مدونة ، وشرح قصيدة ابن عبدون الرائية التي رثى بها بني الأفطس. عدم المذكور في وقعة التتار سنة تسع وتسعين وستماية ا ه. وأول القصيدة :

الدهر يفجع بعد العين بالأثر

فما البكاء على الأشباح والصور

ومن مؤلفاته «عبرة أولي الأبصار في ملوك الأمصار» في مجلدين ، انظر ما كتبناه في الجزء الأول (ص ٦٥) و «كنز البلاغة» في مجلد وقد اختصره ولده ، ذكره في الكشف. قال أحمد تيمور باشا في مقالته نوادر المخطوطات : «جواهر الكنز» مختصر «كنز البراعة في آداب ذوي اليراعة» لابن الأثير الحلبي اختصار ولد المؤلف بخزانة عارف بك وعندنا ، ويقال إن الأصل موجود في مجلدين بإحدى خزائن الشام.

٤٩٣

٢٨٢ ـ محمد بن منصور الحاضري المتوفى سنة ٧٠٠

محمد بن منصور بن موسى الشيخ شمس الدين أبو عبد الله الحاضري الحلبي المقري النحوي. قرأ القراءات على الكمال والضرير والشيخ علي الدهان ، والعربية على ابن مالك جمال الدين. وله تصدير في الجامع متوسطا في النحو والقراءات. توفي سنة سبعمائة. والحاضري بالحاء المهملة وبين الألف والراء ضاد معجمة. (الوافي بالوفيات).

* * *

٤٩٤

(أعيان القرن الثامن)

٢٨٣ ـ عبد الله بن محمد القيسراني المتوفى سنة ٧٠٣ (١)

عبد الله بن محمد بن أحمد بن خالد بن محمد بن نصر بن صغير القيسراني الحلبي الصاحب فخر الدين. ولد سنة ٢٣ وسمع الكثير من ابن الجميزي ويوسف الساوي ويوسف بن خليل وأبي القاسم بن رواحة وغيرهم ، وحدث واشتغل وتعانى الأدب وكتب الخط الحسن ، وعمل كتابا في الصحابة (٢) وخرج من أحاديثه عنهم بأسانيده. وكان حسن المذاكرة وخرج لنفسه أربعين حديثا. روى عنه الحافظ الدمياطي من نظمه ، وكان قد ولي الوزارة بدمشق في أيام السعيد بن الظاهر ستة أشهر ، وكان القضاة يركبون في خدمته وفي أيام كتبغا أيضا. وله نظم حسن ، فمنه :

بوجه معذبي آيات حسن

فقل ما شئت فيه ولا تحاشي

ونسخة حسنة قرئت وصحّت

وها خط الكمال على الحواشي

وله من أبيات كتبها إلى محيي الدين بن عبد الظاهر :

يا ذا الذي أوتي الكتاب بقوة

فأتي به وهو الأخير الأول

لا فاضل ساواه فيه ولا مشى

في مثل منطقة البديع الأفضل

مات في ربيع الآخر سنة ٧٠٣.

__________________

(١) تنبيه : ما نذكره في هذا القرن بدون عزو فهو منقول من «الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة» للحافظ ابن حجر ، وهو مخطوط قديم بخط الحافظ الشيخ إبراهيم البقاعي محرر سنة ٨٥٥ أعني بعد وفاة المؤلف بثلاث سنين ، ظفرت به بدمشق عند الشيخ حمدي الحلبي متولي الجامع الأموي وهو سبط الشيخ سعيد الحلبي شيخ العلامة ابن عابدين الذي ذكره في أول حاشيته على الدر المختار ، ثم أهدى هذه النسخة إلى مكتبة المجمع العلمي العربي بدمشق ، لكنها سقيمة الخط وأكثر الكلام فيها بدون إعجام ، لذا عانيت كثيرا في تحرير ما نقلته عنها.

(٢) قال في الكشف : هو في مجلدات وفيه أحاديث تكلم عليها الذهبي.

٤٩٥

٢٨٤ ـ عبد المحسن بن محمد بن العديم المتوفى سنة ٧٠٤

عبد المحسن بن محمد بن أحمد بن هبة الله العقيلي الحنفي الشهير بابن العديم الحلبي.

مولده سنة اثنتين وثلاثين وستماية. واشتغل وصحب الفقراء.

قال الذهبي في معجمه : وكان ينعت بذكاء مفرط : لكنه ما استعمل ذهنه. سمع ابن خليل وأخويه يونس وإبراهيم وهدية بنت خميس ، وحدث بمصر والشام. وكان يدخل في ترهات الصوفية.

وذكره البرزالي في معجمه وقال : إنه سمع من صقر أيضا وإن مولده سنة اثنتين وثلاثين وستمائة بحلب. قال : وأنفق ماله على خدمة الفقراء وسافر معهم وعنده فهم في كلامهم.

وذكره شيخنا ابن حبيب في تاريخه وقال فيه : إمام جمع بين العلم والعمل وبلغ من صحبة الفقراء غاية الأمل ، وأعرض عن المناصب ولم يلتفت إلى أرباب المراتب. كان حسن الشكل والخلق سالكا من الزهد والورع أوضح الطرق ، لابسا زي القوم ملازما حلية أهل الصلاة والصوم ، أنس به الراحل من الطلبة والمقيم ، وأضاء بنور تقاه بيت بني العديم. سمع وحفظ وروى ، واستمر يقيد ويتلطف بالمريد إلى أن ثوى ، وكانت وفاته بالرباط العديمي ظاهر القاهرة وتوفي رحمه‌الله تعالى في يوم الخميس ثاني عشري رجب سنة أربع وسبعمائة ، وكانت جنازته مشهودة رحمه‌الله تعالى ا ه. (الدر المنتخب).

٢٨٥ ـ محمد بن الحسين التيتي المتوفى سنة ٧٠٤

محمد بن الحسين الأمير شمس الدين المعروف بابن التيتي الآمدي الحنبلي. قال ابن الخطيب : شيخ فاضل يحفظ فوائد حسنة من اللغة والحديث والأسماء ، وله معرفة بالعربية وينظم الشعر الجيد. والظاهر أنه قدم حلب (إلى أن قال) : ومن نظمه :

سقى حلبا ومن فيها سحاب

كدمعي حين يهمي بانسجام

فإن بها وإن شطّت مغاني

أحباء على قلبي كرام

سلام كلما هبت قبول

عليهم من محبّ ذي ذمام

سلام متيم صب كئيب

معنىّ مدنف حلف السقام

٤٩٦

وله :

سقى الله وادي بانقوسا من الحيا

سماء تروّي تربه وتصيب

وحيّ به قوما كراما أعزة

عليّ وذكراهم إليّ حبيب

صحبتهم والفود أسود حالك

وغصن التصابي والشباب رطيب

إذ العيش غضّ والزمان مساعد

وقد غاب عنا حاسد ورقيب

توفي بالقاهرة سنة أربع وسبعمائة ودفن بالقاهرة ا ه. (الدر المنتخب).

أقول : وقد ذكرت ترجمته للأبيات المتقدمة.

٢٨٦ ـ إبراهيم بن علي بن خشنام المتوفى سنة ٧٠٥

إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن خشنام بن أحمد الكردي الحميدي الحنفي شمس الدين. ولد في رجب سنة ٦٢٩ وتفقه ، وسمع من أبي البقا يعيش النحوي وابن رواحة ومكي ابن علان ويوسف بن خليل والعماد بن النحاس وغيرهم في صحبة ابن العديم. ثم ولي قضاء حمص ثم إمامة الجامع بها ، ونظر المشهد الخالدي. وكان شهما شجاعا جريئا ، فلما وصل التتار إلى حمص دخل غازان وولي عنه قضاء حمص وحكم وظلم ، ثم سافر مع التتار فولوه قضاء خلاط ، فأقام بها ست سنين ، ومات سنة خمس وسبعمائة ، ذكر ذلك البرزالي.

٢٨٧ ـ محمد بن أيوب بن عبد القاهر التادفي المتوفى سنة ٧٠٥

محمد بن أيوب بن عبد القاهر التادفي الحنفي الحلبي. ولد سنة ٦٢٨ وسمع من ابن علان وابن العديم وتلا على الفاسي وتقدم في القراءات وأقرأ بالروايات وكان عارفا بها حسن المناظرة والبحث ، وأقرأ الناس زمانا بدمشق وأعاد بمدارس الحنفية ، وأقرأ بالعربية ، وشرح قصيدة الصرصري الطويلة في مجلدات. وكان ينسخ المصاحف على الرسم. مات في حماة سنة خمس وسبعمائة ا ه.

وذكر له في الكشف من المؤلفات «مختصر الراشف من زلال الكاشف» من التفاسير

٤٩٧

اختصره من الكشاف مع المحاكمات من فوائد أبي العباس أحمد المهدوي ومن كتاب أبي الليث السمرقندي ومن الكشف والبيان للثعلبي ا ه.

٢٨٨ ـ سنقر الزيني المتوفى سنة ٧٠٦

سنقر بن عبد الله الزيني علاء الدين أبو سعيد الأرمني القضائي الحلبي. اشتراه قاضي حلب زين الدين ابن الأستاذ سنة ٦٢٤ وسمعه مع أولاده من الموفق عبد اللطيف وعز الدين بن الأثير وابن شداد وابن روزنه وابن الزبيدي والأنجب الحمامي وعبد اللطيف بن القبيطي وعبد الرحيم بن الطفيل ويوسف بن خليل وغيرهم بدمشق وحلب ومصر والإسكندرية ، وحدث بالكثير ، وتفرد بأشياء.

قال الذهبي : كان طويل الروح فيه سكون وحياء ومروءة ، وكانوا يثنون عليه ، وخرجت له مشيخة ومات في شوال سنة ست وسبعمائة ا ه.

٢٨٩ ـ محمد بن عبد الله بن القيسراني المتوفي سنة ٧٠٧

محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن خالد بن محمد بن نصر المخزومي الحلبي الأصل المعروف بابن القيسراني شرف الدين ابن الصاحب فتح الدين المخزومي. ولد بحلب سنة ٤٨ ، وسمع من ابن عبد الدايم وإبراهيم بن خليل والفقيه اليونيني وغيرهم ، وتعانى الكتابة ، وولي كتابة السر بحلب. وكان كثير التلاوة حسن النظم والنثر.

قال الذهبي : كان رئيسا دينا متواضعا كيّسا كثير المحاسن. مات في رمضان سنة سبع وسبعمائة.

وذكر الصفدي عن ابن سيد الناس أن ابن القيسراني توجه مع السلطان في وقعة غازان أو غيرها ، قال : فرأيته في المنام كأنه منصرف عن الوقعة وقد انتصر فأخبرني بالفتح فنظمت بيتين فاستيقظت وأنا أحفظهما :

الحمد لله جاء النصر والظفر

واستبشر النيران الشمس والقمر

(لم يذكر البيت الثاني) وكتبت إليه أعلمه بذلك ، فكتب لي جوابا منه :

٤٩٨

له آمر بالرشد في يقظاته

وفي النوم تهديه لخير الحقايق

فإن قام لم يدأب لغير فضيلة

وإن نام لم يحلم بغير الحقائق

٢٩٠ ـ شهدة بنت الصاحب بن العديم المتوفاة سنة ٧٠٩

شهدة بنت الصاحب كمال الدين عمر بن العديم. ولدت يوم عاشوراء سنة ٦٢١ وسمعت من الكاشغري ، وأجاز لها ثابت بن مشرف ، وسمعت أيضا من عمر بن بدر بن سعيد الموصلي حضورا وتفردت عنه. وكانت قد تزهدت وتركت اللباس الفاخر بعد وفاة أخيها مجد الدين. وماتت في حلب سنة تسع وسبعمائة.

٢٩١ ـ حسن بن علي بن زهرة المتوفى سنة ٧١١

حسن بن علي بن الحسن بن زهرة الحلبي نقيب الأشراف بحلب. أثنى عليه ابن حبيب. مات سنة ٧١١ وقد جاوز السبعين ، وهو أخو حمزة والد علاء الدين الآتي ذكره.

٢٩٢ ـ حسين بن علي بن زهرة المتوفى سنة ٧١١

حسين بن علي بن الحسن بن زهرة الحلبي الشريف شمس الدين نقيب الأشراف بحلب.

مات بعد عوده من الحج في المحرم سنة ٧١١.

٢٩٣ ـ عبد العزيز ابن العديم المتوفى سنة ٧١١

عبد العزيز بن محمد ابن قاضي القضاة أبي الحسن أحمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أبي جرادة المعروف بابن العديم ، الإمام عز الدين قاضي القضاة بحماة. مولده سنة ثلاث وثلاثين وستمائة. ومات ثاني ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وسبعمائة بحماة. سمع من ابن خليل وحدث ، وكان له معرفة بالكشاف ا ه. (ط ح ق).

٤٩٩

٢٩٤ ـ عمر بن مسعود الكتاني الشاعر المتوفى سنة ٧١١

عمر بن مسعود الأديب سراج الدين أبو الخطاب الحلبي الكتاني المختار الشاعر المشهور. سكن حماة واختص بمدائح أهل البيت التقوي المنصور والمظفر والأفضل وابنه المؤيد وأخيه حسن. ولما كان الملك المظفر محمود بحلب وفد عليه سراج الدين المختار المذكور ومدحه بقصيدة وأنشده إياها بحلب وتوجه معه إلى العمق ، وستأتي القصيدة في ترجمة المظفر محمود.

ومن نظم السراج المختار من قصيدة :

يا راكبا يطوي الفلا

بين المهامه والخروم

والمقتفي أثر الفضايل والفواضل والعلوم

من فوق جائلة النسو

ع أخف سعيا من ظليم

بالله إن شاهدت جلّق

موطن العز المقيم

وبدت لك الأنوار من

ديوان واديها الوسيم

فقل السلام عليك يا

دار الكرامة للكريم

وله في قصيدة في الملك المظفر في وصف سيف :

مجيد طريق النظم والنثر والوغى

إذا طابق الأقران بالسمر والقضب

يفرّق ما بين الأخادع والطلى

ويجمع ما بين الترائب والترب

ومن نظمه في قنديل من أبيات :

أضاء كالكوكب الدرّيّ متقدا

فراق باطنه نورا وظاهره

يزيده ظلمة الليل البهيم سفا

كأنما الليل طرف وهو باصره

وقال وأحسن :

انظر إلى النهر في تطرده

وصغره قد وشى على السمك

توهم الريح صيدها فغدا

ينسج متن الغدير كالشبك

وله :

٥٠٠