إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٤

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي

إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٤

المؤلف:

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي


المحقق: محمّد كمال
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٦٤

ونقلت من تاريخ جمعه أبو غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب المعري التنوخي وسيره إلى بعض الأشراف بحلب : سنة ثلاث وستين وثلاثمائة فيها ولد الشيخ أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري التنوخي يوم الجمعة لثلاث بين من شهر ربيع الأول.

وأخبرني القاضي شهاب الدين أبو المعالي أحمد بن مدرك بن سليمان قاضي معرة النعمان أنه نقل من جزء في أخبار سلفه بني سليمان وسير إليّ نسخته بخطه ، وفيه في ذكر أبي العلاء بن سليمان : ولد يوم الجمعة قبل مغيب الشمس لسبع وعشرين ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة ، واعتل علة الجدري التي ذهب بصره فيها في جمادى الأولى سنة سبع وستين وثلاثمائة.

ونقلت بخط أبي محمد الحسن بن الفرج الجندي الأديب في آخر سقط الزند بروايته عن الخطيب أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي وخط التبريزي عليه : مولده يعني أبا العلاء مغيب الشمس لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة ، وعمي من الجدري وجدر في أول سنة سبع أو آخر سنة ست وستين وثلاثمائة فغشّى يمنى حدقتيه بياض وأذهب اليسرى جملة.

أخبرني أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي الإمام عن أبي جعفر محمد بن مؤيد بن حواري قال : أخبرني جدي أبو اليقظان قال : كان مولد الشيخ أبي العلاء بن سليمان بمعرة النعمان يوم الجمعة مغيب الشمس لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة ، وجدر في أول سنة سبع وستين وثلاثمائة فعمي من الجدري وغشّى يمنى حدقتيه بياض وأذهب اليسرى جملة.

أخبرنا أبو القاسم الحسين بن عبد الله بن رواحة الحموي قال : أخبرنا أبو طاهر أحمد ابن محمد الحافظ إجازة إن لم يكن سماعا قال : سمعته يعني أبا محمد عبد الله بن الوليد ابن عريب (١) الإيادي المعري يقول : دخلت على أبي العلاء وأنا صبي مع عمي أبي طاهر نزوره ، فرأيته قاعدا على سجادة لبد وهو يسبّح ، فدعا ومسح على رأسي ، وكأني أنظر إليه الساعة وإلى عينيه إحداهما بارزة والأخرى غايرة جدا ، وهو مجدّر الوجه نحيف الجسم.

__________________

(١) أشارت الطبعة المصرية إلى أنه غريب (بالغين).

١٠١

وقد نقل بعض أهل الأدب في حكاية ذكرها عن ابن منقذ أنه رأى أبا العلاء وهو صبي دون البلوغ وأنه وصفه فقال :

وهو صبي دميم الخلقة مجدور الوجه على عينيه بياض من أثر الجدري كأنه ينظر بإحدى عينيه قليلا. وإن صحت هذه الحكاية فإن منقذا هذا والله أعلم هو أبو المتوج مقلد بن نصر بن منقذ ، وكان صاحب كفر طاب.

فصل

(في ذكر اشتغاله بالعلم وذكر شيوخه الذين أخذ عنهم)

قرأ القرآن بالروايات على جماعة من الشيوخ. وقد ذكر الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي فيما أخبرنا به أبو القاسم عبد الله بن الحسين الأنصاري عنه قال : وقد قرأ القرآن بكثير من الروايات على شيوخ يشار إليهم في القراءات. ذكر الحافظ ذلك بعد أن ذكر أن جماعة أدركهم من أصحابه ، وقرأ اللغة والنحو بمعرة النعمان على والده أبي محمد عبد الله بن سليمان بن محمد وأبي بكر محمد بن مسعود بن محمد بن يحيى بن الفرج النحوي ، ودخل وهو صبي إلى حلب فقرأ بها على محمد بن عبد الله بن سعد النحوي راوية أبي الطيب المتنبي.

وقرأت بخط بعض أهل الأدب وأظنه محمد بن الخضر بن أبي مهزول والمعروف بالسابق قال : وكان ابن سعد يروي في ديوانه يعني ديوان المتنبي في قصيدته التي مطلعها :

أزائر يا خيال أم عائد

وذلك أنها لم تكن مما قرأه على المتنبي وهي مما أنفذه إليه :

أو موضعا في فناء ناحية

تحمل في التاج هامة العاقد

فرد عليه أبو العلاء وقد اجتمع معه بحلب وهو صبي :

أو موضعا في فتان ناجية (١)

__________________

(١) الموضع : المسرع في السير ، والفتان : غشاء من أدم يغشى به الرحل ، والناجية : الناقة السريعة.

١٠٢

فلم يقبل ذلك ابن سعد ، ومضى إلى نسخة عراقية صعدت مع أبي علي بن أريس من العراق فوجد القول ما قاله أبو العلاء.

وسافر أبو العلاء إلى بغداد في سنة تسع وتسعين للاستكثار من العلم فأخذ بها عن أبي الحسن علي بن عيسى الربعي وأبي أحمد عبد السلام بن الحسين البصري المعروف بالواجكا وأبي علي عبد الكريم بن الحسن بن حكيم السكري النحوي اللغوي.

وذكر أبو البركات علي بن أحمد بن محمد بن أبي سعيد الأنباري (١) في طبقات الأدباء له قال : وذكر أنه يعني أبا العلاء لما قدم بغداد دخل على علي بن عيسى الربعي ليقرأ عليه شيئا من النحو فقال له الربعي : ليصعد الإصطبل ، فخرج من عنده مغضبا فلم يعد إليه (٢).

وأخبرنا أبو الحسن أحمد بن علي عن محمد بن مؤيد المعري قال : أخبرني جدي أبو المفضال أحمد بن حواري قال : ورحل يعني أبا العلاء إلى بغداد سنة ثمان وتسعين ودخلها سنة تسع وتسعين ، وأقام بها سنة وسبعة أشهر. وبلغني أنه إنما دخل إلى بغداد لتعرض عليه الكتب التي في خزائن بغداد لما وصف له من كثرتها ، ولم تكن رحلته لطلب دنيا. وقد ذكر في بعض كلامه وسنورده بتمامه :

«وأحلف ما سافرت أستكثر من النشب ولا أتكثر بلقاء الرجال ، ولكن آثرت الإقامة بدار العلم فشاهدت أنفس ما كان لم يسعف الزمن بإقامتي فيه».

وأخذ الحديث عن أبيه أبي محمد المذكور ، وجده سليمان بن محمد ، وأخيه أبي المجد محمد بن عبد الله بن سليمان ، وجدته أم سلمة بنت الحسن بن إسحاق بن بلبل ، وأبي زكريا يحيى بن مسعر بن محمد بن يحيى بن الفرج ، وأبي الفتح محمد بن الحسن بن روح المعريين ، وأبي الفرج عبد الصمد بن أحمد بن عبد الرحمن الضرير الحمصي ، وأبي بكر محمد ابن عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الرحمن الرحبي ، وأبي عبد الله محمد بن يوسف بن كراكير الدقي ، والقاضي أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي قاضي معرة النعمان.

__________________

(١) في الطبعة المصرية : أبو البركات عبد الرحمن بن محمد بن [عبيد الله بن] أبي سعيد الأنباري ، وأشارت الطبعة إلى أن هذا هو الصواب.

(٢) قال ياقوت بعد ذلك. والإصطبل في لغة أهل الشام الأعمى ، ولعلها معربة.

١٠٣

وروى عن هؤلاء وعن أخيه أبي الهيثم عبد الواحد بن عبد الله بن سليمان شيئا من شعره ، وخرج من حديثه سبعة أجزاء رويت عنه ، وهي عندي بخط أبي الحسن علي بن عبد الله ابن محمد ابن أبي جرادة رواها عن أحمد بن علي بن عبد اللطيف بن زريق المعري عنه.

فصل

(في ذكر من قرأ على أبي العلاء أو روى عنه من العلماء والأدباء)

(والمحدّثين من أهل المعرة وغيرهم من الغرباء)

فممن قرأ عليه من أهل بلده ومن الشاميين وروى عنه ابنا أخيه القاضيان أبو محمد عبد الله وأبو الحسن علي ابنا أبي المجد محمد بن عبد الله ، وقد ذكرناهما في بني سليمان ، وابن ابن أخيه أبو المجد محمد بن عبد الله بن محمد ، والشيخ أبو صالح محمد بن المهذب ابن علي ابن المهذب ، وأبو غالب همام بن الفضل بن جعفر بن المهذب ، والشيخ أبو الحسين علي ابن محمد بن عبد اللطيف المعروف بابن زريق ، وابناه أبو الفضل أحمد وأبو الحسن يحيى ابنا علي بن محمد ، والقاضي أبو القاسم المحسن بن عمرو ، والقاضيان أبو سعد عبد الغالب وأبو يعلى عبد الباقي ابنا أبي حصين عبد الله بن أبي القاسم المحسن بن عمرو بن سعيد بن عبد المحسن بن سعيد بن عمرو التنوخيون ، وأبو الفضل بن صالح ، وجعفر بن أحمد بن صالح ، وأبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي هاشم ، وإبراهيم بن علي بن إبراهيم الخطيب ، وأبو العباس أحمد بن خلف الممتع ، وابن أخت الممتع إبراهيم بن الحسن البليغ ، وأبو اليمن محمد بن الخضر بن أبي مهزول الملقب بالسابق ، وأبو اليقظان أحمد بن محمد ابن حواري المعريون ، وجد جدي أبو الفضل هبة الله بن أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة القاضي ، والشيخ أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي ، وأبو القاسم علي بن أحمد المقري الحلبيون ، وأبو الحسن رشأ بن لطيف بن ماشا الله المقري ، وأبو الحسن علي بن غنائم الرخيمي الكفر طابي المقري ، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن حسنون بن بازل. ومن الأندلسيين أبو تمام (١) غالب بن عيسى بن أبي يوسف الأنصاري ،

__________________

(١) في الأصل : أبو الهام.

١٠٤

وأبو الخطاب العلاء بن حزم ، وأبو الخطاب أحمد بن أبي المغيرة ، وعثمان بن أبي بكر السفاقسي ، وأبو القاسم نصر بن صدقة القابسي النحوي الأندلسيون ، والشيخ أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب ، وأبو الفرج محمد بن أحمد بن الحسن التبريزيان ، وأبو المكارم عبد الوارث بن محمد بن عبد المنعم الأبهري ، وأبو نصر محمد بن محمد بن هميماه السالّار ، ومحمد بن محمد بن عبد الله الأصبهاني أبو عبد الله ، وأبو محمد الحسن بن علي بن عمر المعروف بقحف العلم ، والقاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي ، والقاضي أبو الفتح بن أحمد بن أبي الروس السروجي ، والخليل بن عبد الجبار بن عبد الله التميمي القرّائي ، وأبو القاسم عبيد الله بن علي بن عبد الله الرقي الأديب ، وأبو المظفر إبراهيم بن أحمد بن الليث الأذري ، وأبو الفرج محمد بن أحمد بن الحسن الكاتب الوزير ، وشيخ الإسلام أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف الهكاري الزاهد ، وأبو المنصور عبد المحسن بن محمد بن علي الصوري البغدادي ، وأبو عبد الله الحسن بن إبراهيم بن محمد الحاجي ، وأبو الحسن الدلفي الشاعر المصّيصي ، والحافظ أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني النيسابوري ، والشيخ الزاهد أبو سعد بن إسماعيل بن علي بن الحسين السمان ، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر الخطيب الأنباري.

فهؤلاء كلهم أئمة وقضاة وعلماء أثبات وأدباء رواة وحفاظ ثقات ، رووا عن أبي العلاء وكتبوا عنه وأخذوا العلم واستفادوا منه ، لم يذكره أحد منهم بطعن ، ولم ينسب حديثه إلى ضعف ولا وهن.

وقد أنبأنا علي بن الفضل بن علي المقدسي قال : أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد قال : قال لي مزيد بن نبهان ابن أخيه يعني أخا أبي المكارم الأبهري : بقي عمي يعني الرئيس أبا المكارم الأبهري عند أبي العلاء أربع سنين يقرأ عليه. وكان الحافظ يثني على أبي المكارم الأبهري كثيرا ، وقال : سألت مهدي بن محمد بن هادي الزيدي نقيب العلوية بأبهران أن ينشدني شيئا من الشعر ، فأنشدني من شعر أبي المكارم الأبهري أبياتا ، فقلت له : أبو المكارم في الأحياء ، فأنشدني مما كتبته عن المتقدمين أو من شعرك فقال (١) : كيف أنشد

__________________

(١) في الأصل : فقلت.

١٠٥

شعري وقد بقي في أيامنا شمس المشرق والمغرب في اللغة والشعر يعني أبا المكارم. ثم أنشدني أبياتا من شعر نفسه : نسبوا إلي.

وكتب إلينا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز من الإسكندرية أنه سمع أحمد بن محمد الأصبهاني الحافظ يقول : وهذان الإمامان يعني أبا زكريا التبريزي وأبا المكارم الأبهري فمن أجلاء من رأيته من أهل الأدب والمتبحرين في علوم العرب ، وإلى أبي العلاء انتماؤهما وفي العربية اعتزاؤهما ، وقد أقاما عنده برهة من الزمن للقراءة والأخذ عنه والاستفادة. وقد أدركت سواهما جماعة من أصحابه الناقلين عنه بمكة والعراق والجبل والشام وديار مصر وأنشدوني عنه ما أنشدهم وحدثهم ، ومن جملتهم أبو إبراهيم الخليل بن عبد الجبار القرائي ، رأيته بقزوين وروى لي عنه حديثا واحدا مسندا يرويه عن أصحاب خيثمة بن سليمان القرشي الطرابلسي ، وأقام أبو زكريا التبريزي أكثر من سنتين يقرأ عليه.

فصل

(في ذكر شيء مما وقع إلينا من حديث أبي العلاء المعري رحمه‌الله مسندا)

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البنّا بدمشق وأبو سعد ثابت بن مشرف ابن أبي السعد البنّا بحلب البغداديان قالا : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر الزاغوني ، حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر الخطيب الأنباري من لفظه ، أخبرنا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي بقراءتي عليه في داره بمعرة النعمان ، حدثني أبو زكريا يحيى بن مسعر التنوخي المعري ، حدثنا أبو عروبة بن أبي مشعر الحراني ، حدثنا هوبر (١) ، حدثنا مخلد بن عيسى الخياط عن أبي الزناد عن أنس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان يقول : (إن الحسد ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ، وإن الصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار ، فالصلاة نور المؤمن والصيام جنة من النار).

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي إذنا قال : أخبرنا علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة كتابة ، حدثني أحمد بن علي بن عبد اللطيف ، حدثني أبو العلاء أحمد

__________________

(١) في الأصل : هوير.

١٠٦

ابن عبد الله بن سليمان ، حدثنا جدي أبو الحسن ، حدثنا أبو سعيد الصقر بن أحمد ، حدثنا أبو يعقوب يوسف بن إسحق القاضي ، حدثنا عمرو بن مرزوق ، حدثنا شعبة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (اليمين الفاجرة تنفق السلعة وتمحق البركة).

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الأنصاري قال : أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي إجازة إن لم يكن سماعا ، وأخبرنا أبو القاسم عيسى ابن عبد العزيز اللخمي في كتابه إلينا قال : أخبرنا الحافظ أبو طاهر قال : أخبرنا أبو إبراهيم الخليل بن عبد الجبار بن عبد الله القرّائي بقزوين وكان ثقة ، حدثنا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان اللغوي بالمعرة ، حدثنا أبو الفتح محمد بن الحسين بن روح ، حدثنا خيثمة ابن سليمان القرشي ، حدثنا أبو عتبة الحمصي ، حدثنا بشير بن زاذان عن أبي علقمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (لو علم الناس رحمة الله بالمسافر لأصبح الناس وهم على سفر ، وإن المسافر ورحله على قلت إلا ما وقى الله تعالى).

قال الخليل : لم أسمع من أبي العلاء غير هذا الحديث. قال السلفي ولم يرو لي أنا عنه حديثا سوى الخليل ، والقلت : الهلاك.

أنبأنا المؤيد بن محمد النيسابوري عن أبي الحسن بن أبي المجد بن محمد الحلبي ، حدثني أبو (١) الفضل بن أبي الحسين بن محمد المعري ، حدثني أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان قال : حدثنا أبي أبو محمد عبد الله بن سليمان بن محمد ، أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن محمد ابن يوسف بن الحجاج بن حبيبة الأنطاكي ، حدثنا عثمان بن خرّزاذ ، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح ، حدثنا النصر بن منصور عن أبي الجنوب قال : رأيت علي بن أبي طالب عليه‌السلام يستقي ماء لوضوئه ، فبادرته لأستقي له فقال : مه يا أبا الجنوب ، فإني رأيت عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه يستقي ماء لوضوئه فبادرته لأستقي له فقال : مه يا أبا الحسن ، فإني رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يستقي ماء لوضوئه من زمزم في ركوة فبادرته أستقي له فقال : (يا بن الخطاب ، مه ، فإني لا أريد أن يعينني على صلاتي أحد) ا ه.

__________________

(١) في الأصل أبي.

١٠٧

أخبرتنا الحرة زينب بنت عبد الرحمن الشعرية في كتابها قالت : كتب إلينا الإمام أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري أن الأستاذ أبا الحسن علي بن الحسين بن مردك حدثه قال : أنبأنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسين بن محمد بن الحسن الرازي السمان إجازة قال : حدثنا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد ابن سليمان التنوخي الأديب الضرير بقراءتي عليه بمعرة النعمان قال : حدثنا أبو زكريا يحيى بن مسعر بن محمد بن يحيى بن أبي الفرج التنوخي قال : أخبرنا أبو بدر أحمد بن خالد بن عبد الملك الحراني ، حدثنا عمي أبو وهب الوليد بن عبد الملك ، حدثنا أبو يوسف عن الكلبي عن أبي (١) صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (لأن يمتلىء جوف أحدكم كذا خير له من أن يمتلىء شعرا). فقالت عائشة : لم يحفظ الحديث ، إنما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا ودما خير له من أن يمتلىء شعرا هجيت به) ا ه.

فصل

(في ذكر كتّاب أبي العلاء الذين كانوا يكتبون له ما ينشئه من)

(النثر والنظم والتصنيف والإملاء)

بلغني أن أبا العلاء رحمه‌الله كان له أربعة من رجال من الكتاب الموجودين في جرايته وجاريه يكتبون عنه ما يكتب إلى الناس وما يمليه من النظم والنثر والتصانيف ، وقد كتب له جماعة من أهل معرة النعمان ، فأخص كتّابه به منهم : ابن أخيه أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليمان ، فإنه كان ملازما لخدمته ويكتب له تصانيفه ، ويكتب له الإجازة والسماع لمن يسمع منه ومستجيزه ، وكتب تصانيفه بخطه ، ويقع بخطه من المصنف الواحد نسختان وأكثر ، وكان برا بعمه مشفقا عليه ، وتولى قضاء المعرة ، وقد ذكرنا ترجمته فيما قبل ، وذكرنا لأبي العلاء فيه شعرا يمدحه ويشكره على ما فعله.

__________________

(١) في الأصل : ابن ، وهو تحريف.

١٠٨

ومنهم ابن أخيه الآخر أخو المقدم ذكره ، تولى قضاء المعرة أيضا ، ونسخ كتبه بخطه جميع أمالي عمه ، وسمع منه ، وقد تقدم ذكره أيضا.

ومن كتّابه أيضا جعفر بن صالح (١) بن جعفر بن سليمان بن داود بن المطهر ، ويجتمع نسبه مع أبي العلاء في سليمان بن داود ، وكان من أعيان كتّابه ، وكتب الكثير عنه ، وقرأ عليه كثيرا من كتب الأدب وروى عنه ، وخطه على غاية من الصحة والضبط.

ومن كتّابه أيضا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي هاشم المعري ، وكان يتولى أوقاف الجامع بمعرة النعمان ، وكان من العدول الأمناء الفضلاء ، ولزم الشيخ أبا العلاء وكتب كتبه بأسرها ، وكتب من المصنف الواحد عدة نسخ ، وكان خطه مورقا حسن الضبط والإتقان ، ووقفت على فصل في ذكره للشيخ أبي العلاء قال فيه :

«لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة واجتهدت أن أتوفر على تسبيح الله وتمجيده ، إلا أن أضطر إلى غير ذلك ، فأمليت أشياء وتولى نسخها الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي هاشم أحسن الله معونته ، فألزمني بذلك حقوقا جمة وأيادي بيضاء ، لأنه أفنى فيّ زمنه ولم يأخذ عما صنع ثمنه ، والله يحسن له الجزاء ويكفيه حوادث الزمن والأرزاء» ا ه.

ومن كتّابه أيضا ولد المتقدم ، ذكره أبو الفتح محمد بن علي بن عبد الله بن أبي هاشم ، كتب له أيضا من تصنيفه ووضع له الشيخ أبو العلاء كتابا لقبه «المختصر الفتحي» ، وكتابا يعرف ب «عون الجمل» في شرح شيء من كتاب الجمل. وكان أبو الفتح هذا فاضلا وقفت له على رسالة كتبها إلى الوزير أبي نصر بن النحاس يتضور إليه قال فيها : وإنما حمل ملوكها على الإقدام والتهجم بخطاب وكلام ، تمسكه بحبل الولاء وما يرجوه من عفوها عن الشدة ووقوع البلاء ، فالحمد لله الذي جعلها غياثا لمن استغاث بها والتجأ إليها وعول في دفع النوب عليها ، وملوكها من قوم أحرار ليسوا بالسالكين طرق الأشرار ، يكتبون العلم وينقلونه ويكرهون المأثم ويستثقلونه. وكان هو ووالده خادمين للشيخ أبي العلاء الذي اشتهر فضله بين الأملاء يكتبان ما يلقيه إليهما ويعول في نسخ ما يؤلف من العلم عليهما ، فغبرا معه مدة تحسب من أهنأ الأعمار ، يجنيان منه أعذب الثمار ، ويقطعان الوقت من العيش بعفّة ويلمان بأهل الورع والعفّة ، فلما نقل إلى دار الرحمة قلّ الطالب وزهد

__________________

(١) في الطبعة المصرية : جعفر بن أحمد بن صالح.

١٠٩

في العلم الراغب ، وكسدت سوقه وأظلمت بعد الإشراق بروقه ، ووهت بعد الإحكام عقوده ومال عما يعهد عموده ، وذكر الرسالة إلى آخرها.

ومن كتّابه جماعة من بني أبي هاشم لا أتحقق أسماءهم ، فإنني وقفت على رسالة لأبي العلاء تعرف ب «رسالة الضبعين» كتبها إلى معز الدولة ثمال بن صالح يشكو إليه رجلين أحدهما الشريف بن المحبرة الحلبي كانا يؤلبان عليه وينسبانه إلى الكفر والإلحاد ، وقد حرّفا بيتا من لزوم ما لا يلزم عن موضعه ليثبتا عليه الكفر بذلك ، قال فيها :

«وفي حلب حماها الله نسخ من هذا الكتاب بخطوط قوم ثقات يعرفون ببني أبي هاشم ، أحرار نسكة أيديهم بحبل الورع متمسكة ، جرت عادتهم أن ينسخوا ما أمليه وأن أحضرت ظهرت الحجة بما قلت فيه».

ومن كتّابه إبراهيم الخطيب (١) ، وهو كاتب حسن صحيح الخط متقن في الضبط كتب معظم كتبه وتصانيفه بخطه ، وكتب عنه في السماع عليه والإجازة منه وقرأ عليه ا ه.

فصل

(في ذكر تصانيفه ومجموعاته وتآليفه وأشعاره المدونة ورسائله المفننة)

فأول ما ألف بعد انقطاعه في منزله بعد رجوعه من بغداد الكتاب المعروف ب «الفصول والغايات» (٢) في تمجيد الله تعالى والعظات ، وهو موضوع على حروف المعجم ، وأراد بالغايات القوافي لأن القافية غاية البيت ، وفيه قواف تجيء على نسق واحد وليس الملقبة

__________________

(١) في الطبعة المصرية : إبراهيم بن علي بن إبراهيم الخطيب.

(٢) قال ياقوت في معجم الأدباء : وهو كتاب موضوع على حروف المعجم ما خلا الألف لأن فواصله مبنية على أن يكون ما قبل الحرف المعتمد فيها ألف ومن المحال أن يجمع بين ألفين ولكن يجيء الهمزة وقبلها ألف مثل العطاء والكساء وكذلك الشراب والسراب في الباء ثم على الترتيب ، ولم يعتمد فيه أن تكون الحروف التي يبنى عليها مستوية الإعراب بل تجيء مختلفة. وفي الكتاب قواف تجيء على نسق واحد وليست المطلقة بالغايات ومجيئها على قرى (يعني قرء) مثل أن يقول عمامها وغلامها وغمامها وأمرا وتمرا وما أشبهه. وفيه فنون كثيرة من هذا النوع. وقيل إنه بدأ بهذا الكتاب قبل رحلته إلى بغداد وأتمه بعد عوده إلى معرة النعمان وهو سبعة أجزاء ، وفي نسخة مقداره مائة كراسة ا ه.

١١٠

بالغايات. وهو الكتاب الذي افتري عليه بسببه ، وقيل إنه عارض به السور والآيات تعديا عليه وظلما وإفكا به أقدموا عليه وإثما. فإن الكتاب ليس من باب المعارضة في شيء ، ومقداره مائة كراسة.

وكتاب «الشادن» (١) وضعه في ذكر غريب هذا الكتاب وما فيه من اللغة ، ومقداره عشرون كراسة.

وكتاب «إقليد الغايات» وهو مشتمل على تفسير اللغز ، ومقداره عشر كراريس. ثم ألف الكتاب المعروف ب «الأيك والغصون» وهو كتاب كبير ويعرف بكتاب «الهمز والردف» بني على إحدى عشرة حالة من الحالات : الهمزة في حال انفرادها وإضافتها ، ومثل ذلك السماء بالرفع والسماء بالنصب والسماء بالخفض سماء يتبع الهمزة التنوين ، سماؤه مرفوع مضاف ، سماءه منصوب مضاف ، سمائه مخفوض مضاف ، ثم يجي سماؤها وسماءها وسمائها على التأنيث ، ثم همزة بعدها هاء ساكنة مثل عباءة وملاءة ، فإذا ضربت أحد عشر في حروف المعجم الثمانية والعشرين خرج من ذلك ثلاثمائة فصل وثمانية فصول ، وهي مستوفاة في كتاب الهمزة والردف. وذكرت فيه الأرداف الأربعة بعد ذكر الألف ، وهي الواو المضموم ما قبلها والواو التي قبلها فتحة والياء (٢) المكسور ما قبلها والياء التي قبلها فتحة ، ويذكر لكل جنس من هذه أحد عشر وجها ، كما ذكر للألف. ومقدار هذا الكتاب ألف ومائتا كراسة. وهذا الكتاب قليل الوجود لكبره ، ولم أقف إلا على جزء واحد منه ، وبعضه موقوف في خزانة كتب النظامية ببغداد ، وبالديار المصرية منه نسخة كانت في خزائن المصريين صارت إلى القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني ، وانتقلت إلى ولده القاضي الأشرف بعده ، ثم صارت في جملة كتبه إلى خزانة الملك الصالح أيوب بن محمد بن أبي بكر بن أيوب ، وأظنها في ستين مجلدا.

و «كتاب في تفسير الهمزة والردف» جزء واحد.

والكتاب المعروف ب «تضمين الآي» يتضمن العظات والحث على تقوى الله تعالى. ألف هذا الكتاب لبعض الأمراء ، وقد سأله أن يؤلف كتابا برسمه فعمل هذا الكتاب يعظه

__________________

(١) هكذا في الأصل. والصواب «السادن».

(٢) في الأصل : وأما.

١١١

فيه ويحثه على تقوى الله ، وأتى فيه عند انقضاء كل فصل بآية من القرآن ، وربما اقتصر على بعض الآية أو جاء بآيتين وأكثر إذا كانت من ذوات القصر كآيات عبس ونحوها. فمنه ما هو على حروف المعجم وقبل الحرف المعتمد ألف مثل أن يقال في الهمز يساء ويباء ، وفي الباء يباب وعباب ، هكذا إلى آخر الحروف ، ويضمنه في آخر الفصل بآية. ومنه فصول على فاعلين مثل باسطين وقاسطين ، وعلى فاعلون مثل حامدون وعابدون ، ومنه ما هو على غير هذا الفن. ومقدار هذا الكتاب أربعمائة كراسة.

والكتاب المعروف ب «تاج الحرّة» وهو في عظات النساء خاصة ، وتختلف فصوله ، فمنها ما يجيء بعد حرفه الذي يثبت ثبات الروي ياء التأنيث كقولك شائي وتسائي وهابي وترابي. ومنها ما هو مبني على الكاف نحو غلامك وكلامك ، ومنها ما يجيء تفعلين مثل ترغبين وتذهبين ونحو ذلك ، وأنواعه كثيرة. وهو كتاب لبعض الجليلات من النساء ، ويغلب على ظني أنها طرود زوج بن مرداس. ومقداره أربعمائة كراسة.

والكتاب المعروف ب «سيف الخطبة» يشتمل على خطب السنة فيه خطب للجمع والعيدين والخسوف والكسوف والاستسقاء وعقد النكاح ، وهو مؤلف على حروف المعجم ، فيها خطب عمادها الهمزة وخطب بنيت على الباء وخطب على التاء وعلى الذال وعلى الراء وعلى اللام والميم والنون ، وتركت الجيم والحاء وما جرى مجراهما لأن الكلام المقول في الجماعات ينبغي أن يكون سجيحا سهلا. ومقداره أربعون كراسة. وذكر أنه كان سأله في هذا الكتاب رجل من المتظاهرين بالديانة ، وظفرت له بجزء فيه خطب لختم القرآن العزيز فيه عدة خطب لذلك ، مقداره خمس كراريس.

والكتاب المعروف ب «خطب الخيل» يتكلم فيها على ألسنة الخيل ، ويذكر على لسان كل فرس خطبة يحمد الله تعالى فيها ويعظمه ، ويقول في أول كل خطبة : إن الله قادر على أن ينطق فرسا صورته كذا وكذا فيقول الحمد لله الذي خلقني كذا وكذا. ومقداره عشر كراريس.

والكتاب المعروف ب «خطبة الفصيح» يذكر فيه الألفاظ التي تروى عن ثعلب في كتاب «الفصيح» في ضمن كلام فصيح منثور في كل باب من أبواب الفصيح. ومقداره خمس عشرة كراسة.

١١٢

وكتاب شرح فيه ما جاء في هذا الكتاب من الغريب يعرف ب «تفسير خطبة الفصيح» لا أعلم مقداره ولم أقف عليه.

وكتاب يعرف ب «رسيل الراموز» مقداره ثلاثون كراسة.

ومن الكتب الصغار كتاب يعرف ب «خماسية الراح» في ذم الخمر خاصة على حروف المعجم ، ومعنى هذا الاسم أن كل حرف من حروف المعجم ما خلا الألف يذكر فيه خمس سجعات مضمومة وخمس مفتوحة وخمس مكسورة وخمس موقوفة. ومقداره عشر كراريس.

وكتاب يعرف ب «المواعظ الست» سأله فيه بعض الوعاظ ، ومعنى هذا اللقب أن الفصل الأول منه في خطاب رجل والثاني في خطاب اثنين والثالث في خطاب جماعة والرابع في خطاب امرأة موحدة والخامس في خطاب امرأتين والسادس في خطاب نسوة. ومقداره خمس عشرة كراسة.

وكتاب يعرف ب «وقفة الواعظ». وكتاب يعرف ب «دعاء ساعة» وهما مختصران ولا أعلم مقدار حجمهما.

وكتاب «دعاء الأيام السبعة» لا أعلم مقداره.

وكتاب «حرز الخيل» لا أعلم مقداره. وجزء فيه حرز وتعويذ لا أعلم مقداره.

وكتاب يعرف ب «سجع الحمايم» يتكلم فيه على ألسن حمايم أربع ، وكان بعض الرؤساء سأله أن يصنف له تصنيفا يذكره فيه ، فأنشأ هذا الكتاب وجعل ما يقول له على لسان الحمامة في العظة والحث على الزهد. ومقداره ثلاثون كراسة.

وكتاب يعرف ب «تظلّم السور» يتكلم فيه على لسان سور القرآن وتتظلم كل سورة ممن قرأها بالشواذ ، ويتعرض لوجه الشاذ. مقداره ست كراريس.

وكتاب يعرف ب «عظات السور» يشتمل على مواعظ لا أعلم مقداره.

وكتاب يعرف ب «الجلّي والجلّى» سأله فيه رجل من أكابر الحلبيين يقال له أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل الجلي (الحلبي) (١) وهو رجل فاضل من أكابر الحلبيين وأعيانهم

__________________

(١) إضافة من الطبعة المصرية.

١١٣

وأرباب النعمة منهم ، له مصنفات ورواية الأحاديث النبوية. سمع منه الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي وأبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي وغيرهما. مقدار هذا الكتاب عشرون كراسة.

وكتاب يعرف ب «رسالة الصاهل والشاحج» يتكلم فيه على لسان فرس وبغل ، وهو كتاب حسن صنفه للأمير عزيز الدولة أبي شجاع فاتك بن عبد الله الرومي مولى منجوتكين العزيزي ، وكان أبو شجاع هذا والي حلب من قبل المصريين في أيام الحاكم وبعض أيام الظاهر ، وكان سبب تصنيفه أنه رفع إلى فاتك أن حقا يجب له على بعض أقرباء أبي العلاء وجب على أبي العلاء سؤاله فيه. مقداره أربعون كراسة.

وكتاب لطيف في تفسير الصاهل والشاحج يعرف ب «لسان الصاهل والشاحج» عمله أيضا لعزيز الدولة المذكور. ومقداره ثمان عشرة كراسة. وبعض الجهال يقول إنه عمله لأبي الدوام ثابت بن ثمال بن نصر بن صالح ، وكان يلقب عزيز الدولة ، وهو غير صحيح ، بل الذي عمله لأبي الدوام اللامع العزيزي وسيأتي ذكره.

والكتاب المعروف ب «القايف» يذكر فيه أمثال على معنى كليلة ودمنة ، عمله لعزيز الدولة أبي شجاع المذكور أيضا ، ألف منه أربعة أجزاء ثم قطع تأليفه لموت الذي أمر بإنشائه وهو أبو شجاع فاتك ، فإنه قتل بالمركز بقلعة حلب ، قتله مملوك له هندي يقال له توذون سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. ومقداره ستون كراسة.

وكتاب يعرف ب «منار العايف» (١) في تفسير ما جاء في القائف من اللغز والغريب. مقداره عشر كراريس.

وكتاب يعرف ب «شرف السيف» عمله لأمير الجيوش أنوشتكين الدزبري والي دمشق وحلب ، وكان بلغه عنه كلام جميل ويوجه إليه بالسلام ويخفي المسألة عنه ، فأراد جزاءه على ما فعل.

وكتاب يعرف ب «السجع السلطاني» يشتمل على مخاطبات الجنود والوزراء والولاة وغيرهم ، عمله لبعض الكتاب القليلي الصناعة ليستعين به على الكتابة. مقداره ثمانون كراسة.

__________________

(١) في الطبعة المصرية : منار القائف.

١١٤

وكتاب يعرف ب «سجع الفقيه». مقداره ثلاثون كراسة.

وكتاب يعرف ب «سجع المضطرين» وهو كتاب لطيف عمله لرجل مسافر يستعين به على شؤون دنياه ، لا أعلم مقداره.

وكتاب «ديوان الرسائل» وهو ثلاثة أقسام منها طوال ك «رسالة الملائكة» و «رسالة الغفران» وكتبها إلى علي بن منصور الحلبي (١) المعروف بدوخلة جوابا عن رسالة كتبها إليه يعتب عليه علي بن منصور في أنه بلغه عنه أنه ذكر له فقال : هو الذي هجا أبا القاسم ابن المغربي ، فكتب إليه رسالة الغفران جوابا عنها. و «الرسالة السندية» كتبها إلى سند الدولة ابن ثعبان الكتامي والي حلب من قبل المصريين في معنى خراج على ملكه بمعرة النعمان. و «رسالة العرض» ونحو ذلك.

والثاني دون هذه في الطول مثل «رسالة المنيح» و «رسالة الإغريض».

والثالث رسائل قصار كنجوما يجري به العالم في المكاتبات. ومقداره ثمانمائة كراسة.

وكتاب يعرف ب «خادم الرسائل» فيه تفسير بعض ما جاء في رسائله هذه من الغريب لا أعلم مقداره.

وكتاب «تفسير رسالة الغفران» لا أعلم مقداره.

وكتاب «تفسير رسالة الإغريض» وهي التي كتبها إلى أبي القاسم الحسين بن علي المغربي وقد سير إليه كتابه الذي اختصر فيه إصلاح المنطق ، فكتب إليه برسالة الإغريض يقرّظه ويصف اختصاره للإصلاح. ومقداره خمس كراريس.

وكتاب يعرف ب «رسائل المعونة» وهي ما كتبت عن ألسن قوم. لا أعلم مقداره.

والرسالة المعروفة ب «الحصينة» (٢). لا أعلم مقدارها.

ورسالة عملها على لسان ملك الموت عليه‌السلام مقدارها عشر كراريس.

والرسالة المعروفة ب «أدب العصفورين». لا أعلم مقدارها.

وكتاب لطيف يعرف ب «السجعات العشر» موضوع على كل حرف من حروف

__________________

(١) هو ابن القارح.

(٢) رسمت في طبعة مصر «الحضية».

١١٥

المعجم عشر سجعات في الوعظ. لا أعلم مقداره.

ومن الأشعار التي نظمها : ديوانه المعروف ب «سقط الزند» وهو ما قاله في أيام الصبا في أول عمره ، وهو من أحسن أشعاره ، وقد اعتنى به العلماء وشرحوه. مقداره خمس عشرة كراسة تزيد أبياته المنظومة على ثلاثة آلاف بيت ، شرحه الخطيب التبريزي وشرحه ابن السيد البطليوسي وأحسن في شرحه.

وكتاب يعرف ب «ضوء السقط» يشتمل على تفسير ما جاء في سقط الزند من الغريب. مقداره عشرون كراسة. وضع هذا الكتاب لتلميذه أبي عبد الله محمد بن محمد ابن عبد الله الأصبهاني ، وكان رجلا فاضلا قصده إلى معرة النعمان ولازمه مدة حياته يقرأ عليه بعد أن استعفى من ذلك ، ثم أجابه فقرأ عليه الكتب إلى أن مات. وقد أشار إلى ذلك في مقدمة ضوء السقط. وأقام أبو عبد الله الأصبهاني بحلب وروى عن أبي العلاء كتبا متعددة من تصانيفه ، وهو الذي سأله أبو العلاء أن يشرح له سقط الزند فشرحه ووسمه بضوء السقط. وقد روى أبو عبد الله عنه وعن أبي صالح محمد بن المهذب المعري ، وكان من الأعيان العلماء. روى عنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة ، والشريف الزاهد سعيد بن عبد الله بن محاسن الهاشمي ، وأبو الفرج عبد القاهر النحوي المعروف بالوأواء ، وأبو المجد عبد الرحمن بن محمد بن الخضر الحلبيون. وتوفي سنة ست وتسعين وأربعمائة. وقد أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن الدمشقي بها عن أبي عبد الله محمد بن حمزة بن أبي الصقر قال : أنشدني الشريف الزاهد سعيد بن عبد الله بن محاسن الهاشمي أبو منصور بحلب قال : أنشدني أبو عبد الله محمد الأصبهاني قال : أنشدني أبو العلاء يعني يخاطبه :

يا أصبهانيّ وما غيره

ماذا ترجّي من دخول إليّ

لا مال عندي ترتجي نفعه

اذهب حميدا وتفضّل عليّ

وكتاب يعرف ب «لزوم ما لا يلزم» وهو في المنظوم ، بني على حروف المعجم ، ويذكر فيه كل حرف سوى الألف بوجوهه الأربعة ، وهو الضم والفتح والكسر والوقف منظوما. ومعنى لزوم مالا يلزم أن القافية يردد فيها حرف لو غيّر لم يكن ذلك مخلا بالنظم ، لكنه التزمه في كل بيت كما قال كثيّر :

خليلي هذا ربع عزة فاعقلا

قلوصيكما ثم انزلا حيث حلّت

١١٦

فالتزم اللام قبل التاء في أبياته ولم يفعل كما فعل الشنفرى في قصيدته التي على التاء حيث خالف بين الحروف التي قبل الروي فقال :

أرى أم عمرو أزمعت فاستقلت

وما ودّعت جيرانها يوم ولّت

وقال فيها :

بريحانة من نبت حلية نوّرت

لها أرج ما حولها غير مسنت

وقال فيها :

لها وقفة منها ثلاثون سيحفا

إذا آنست أولى العديّ اقشعرّت

ومقدار هذا الكتاب أربعة أجزاء مائة وعشرون كراسة.

وكتاب يتعلق بهذا الكتاب يقال له «زجر النابح» يرد فيه على من طعن عليه في أبيات من هذا الكتاب ونسبه إلى الكفر فيها ، فبين وجوهها ومعانيها. مقداره أربعون كراسة.

وكتاب يتعلق بلزوم ما لا يلزم أيضا سماه «نجر الزجر» يعني أصل الزجر وضعه بعد هذا الكتاب الأول يرد فيه أيضا على من طعن عليه في أبيات غير الأبيات المذكورة في زجر النابح ، وبعضها محرفة عن مواضعها ، فبيّن التحريف وبيّن وجوه تلك الأبيات ومعانيها. مقداره ثلاثون كراسة.

وكتاب يعرف ب «راحة اللزوم» شرح فيه ما في كتاب لزوم ما لا يلزم من الغريب. مقداره مائة كراسة.

وكتاب يعرف ب «جامع الأوزان» فيه شعر منظوم على معنى اللغز يعم به الأوزان الخمسة عشر التي ذكرها الخليل بجميع ضروبها ويذكر قوافي كل ضرب. مثال ذلك أن يقال : للضرب الأول من الطويل أربع قواف : المطلقة المجردة مثل قول القائل (١) :

الا يا اسلمي يا هند هند بني بدر

وإن كان حيّانا عدى آخر الدهر

والقافية المردفة ، مثل قول امرىء القيس :

ألا انعم صباحا أيها الطلل البالي

__________________

(١) هو الأخطل.

١١٧

والمقيدة المجردة ، وذلك مفقود في الشعر القديم والمحدث ، وربما جاء به المحدثون على النحو الذي يسمى مقصودا ، كما قال بعض الناس وهو في السجن وهو صالح بن عبد القدوس :

خرجنا من الدنيا ونحن من اهلها

فما نحن بالأحياء فيها ولا الموتى (١)

إذا ما أتانا مخبر عن حديثها

فرحنا وقلنا جاء هذا من الدنيا (٢)

والقافية المقيدة المؤسسة مثل أن يكون العاذل والقائل ، وذلك مرفوض متروك ، ثم على هذا النحو إلى آخر الكتاب على حروف المعجم. ومقداره ستون كراسة ، وعدد أبياته نحو من تسعة آلاف بيت من الشعر.

وكتاب «استغفر واستغفري» في العظمة والزهد والاستغفار ، أول كل أبيات فيه : استغفر الله. ومقداره مائة وعشرون كراسة ، ويشتمل على نحو من عشرة آلاف بيت.

وكتاب «ملقى السبيل» وهو كتاب وعظ يشتمل على نثر ونظم على حروف المعجم على كل قافية فصل نثر ، وأبيات شعر. مقداره كراستان. أخبرنا به أبو إسحق إبراهيم ابن عثمان الكامري قال : أخبرنا قحف العلم قال : أخبرنا أبو العلاء.

وما عمله في النحو والغريب ككتاب «الحقير النافع» وهو مختصر في النحو. مقداره خمس كراريس.

وكتاب يتصل بالحقير النافع يعرف ب «الظل الطاهري» عمله لرجل من أهل حلب يكنى أبا طاهر ، وهو أبو طاهر المسلّم بن علي بن تغلب الملقب مؤتمن الدولة ، وكان من أكابر الحلبيين وعلمائهم ، وكان وجيها عند معز الدولة ثمال بن صالح ، وسيره رسولا إلى مصر إلى المستنصر سنة ثلاث وستين وأربعمائة ، فمات بها وأودع تركته عند المؤيد في الدين ليوصلها إلى ورثته ، وهذا الذي عناه أبو محمد الخفاجي بقوله في قصيده الرائية :

__________________

(١) قيل هذا البيت كما في معجم الأدباء لياقوت :

إلى الله أشكو إنه موضع الشكوى

وفي يده كشف المصيبة والبلوى

(٢) بعد هذا البيت :

وتعجبنا الرؤيا فجل حديثنا

إذا نحن أصبحنا الحديث عن الرؤيا

فإن حسنت لم تأت عجلى وأبطأت

وإن قبحت لم تحتبس وأتت عجلى

١١٨

إن في جانب المقطّم مهجورا ومن أجله تزار القبور

ورثاه أبو محمد بما أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الواحد بن هاشم خطيب حلب قال : أنشدنا أبي هاشم قال : أنشدنا أبي (١) قال : أنشدنا أبو محمد الخفاجي لنفسه :

أتاني وعرض الرمل بيني وبينه

حديث لأسرار الدموع مذيع

تصاممت عن راويه حتى أريته

وإني على ما غالني لسميع

وقال ربيع مات فيه مسلّم

فقلت له بل مات فيه ربيع

وهذا الكتاب قريب من الأول في الحجم ، وقد يخلط بالكتاب الأول ويجعل كتابا واحدا.

وكتاب يعرف ب «المختصر الفتحي» يتصل بمختصر محمد بن سعدان ، عمله لولد كاتبه أبي الفتح محمد بن الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي هاشم.

وكتاب يعرف ب «عون الجمل» عمله لأبي الفتح بن أبي هاشم المذكور شرح فيه شيئا من كتاب الجمل لا أعلم مقدارهما ، وهو آخر كتاب أملاه. وكان أبوه يتولى إثبات ما ألفه من هذه الكتب فألزمه حقوقا جمة وأيادي بيضا ، فوضع هذين الكتابين لابنه.

وكتاب يعرف ب «تعليق الخلس» مما يتصل بكتاب أبي القاسم عبد الرحمن بن إسحق الزجاجي المعروف بالجمل. لا أعلم مقداره.

وكتاب يتعلق بهذا الكتاب أيضا يعرف ب «إسعاف الصديق». لا أعلم مقداره.

وكتاب يتعلق بالكافي الذي ألفه أبو جعفر أحمد بن محمد النحاس لقبه «قاضي الحق». لا أعلم مقداره.

وإملاء في النحو يتصل بالكتاب المعروف بالعضدي لقبه «ظهير العضدي» لا أعلم مقداره.

وكتاب شرح فيه كتاب سيبويه لم يتمه ، مقداره خمسون كراسة.

وكتاب «تفسير أمثلة سيبويه وغريبها» عريت من الكتاب. لا أعلم مقداره ، وهو في مجلد.

__________________

(١) في طبعة مصر : أنشدنا أبي قال : أنشدنا أبي هاشم قال.

١١٩

وكتاب شرح فيه خطبة أدب الكاتب عمله لأبي الرضى سالم بن الحسن بن علي الحلبي ، وهو ابن اخت الوزير أبي نصر محمد بن النحاس الحلبي ، وكان من الفضلاء الأدباء الشعراء. لا أعلم مقداره

وكتاب في العروض يعرف ب «مثقال النظم». لا أعرف مقداره ، وهو في مجلد.

وكتاب في القوافي مجلد.

وكتاب «اللامع العزيزي» في تفسير شعر المتنبي ، ويقال «الثابت العزيزي» عمله للأمير عزيز الدولة أبي الدوام ثابت بن ثمال بن صالح بن مرداس بن إدريس بن نصر بن حميد الكلابي ، وبعض الناس يغلط ويقول إنه وضعه لعزيز الدولة أبي شجاع فاتك العزيزي ، وليس الأمر كذلك. ومقداره مائة وعشرون كراسة.

وكتاب في معاني شعر المتنبي. مقداره ست كراريس.

وكتاب يعرف ب «ذكرى حبيب» في تفسير شعر أبي تمام حبيب بن أوس الطائي. مقداره ستون كراسة.

وكتاب يتعلق بشعر أبي عبادة البحتري يعرف ب «عبث الوليد» (١). وكان سبب وضعه أن بعض الرؤساء وهو أبو اليمن المسلم بن الحسن بن غياث الكاتب الحلبي النصراني ، وكان صاحب الديوان بحلب ، أنفذ إليه نسخة من شعر أبي عبادة البحتري ليقابل له بها ، فأثبت ما جرى من الغلط ليعرض ذلك عليه ، وبعض الغلط من الناسخ وبعضه من البحتري. ومقداره عشرون كراسة.

وكتاب يعرف ب «الرياشي المصطنعي» في شرح مواضع من الحماسة الرياشية ، عمله لرجل من الأمراء يلقب مصطنع الدولة وهو أبو غالب كليب بن علي فسّر فيه ما لم يفسره أبو رياش ، وكان قد أنفذ إليه نسخة من الحماسة وسأله أن يخرج في حواشيها ما لم يفسره أبو رياش ، فجعله كتابا مفردا لخوفه من أن تضيق الحواشي عنه. مقداره أربعون كراسة.

وكتاب جمع فيه فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام. لا أعلم مقداره.

__________________

(١) يوجد في المكتبة السلطانية بمصر قال في فهرستها : ذكر في هذا الكتاب ما في ديوان البحتري مما أصلح من الغلط الذي وجد في النسخة المكتوب في آخرها إنها بخط ظفر بن عبد الله العجلي نسخة في مجلد بقلم تعليق ن خ ٣٩٤ ن ع ١٥٨٢٧.

١٢٠